سعيد بن جبير
مقدمة:
التابعي وهو: كل من رأى الصحابي مؤمناً بالنبي ، وتابع التابعين هو: من رأى التابعي مؤمناً بالنبي صلى الله عليه وسلم
فالتابعون هم أفضل الخلق بعد النبيين والصحابة ,وقد أثنى الله عليهم في كتابه الكريم فقال:
-قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100]
-وقال:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة:3]
-وقال:{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا} [الحشر:10]
وفي السنة:
-في الصحيحين : عن (عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ – رضى الله عنهما – يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « خَيْرُ أُمَّتِى قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ » .
-إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين " . رواه البيهقي "
فالتابعون وأتباعهم قد اختارهم الله تبارك وتعالى بعد الصحابة رضوان الله عليهم على علم لإقامة دينه، ونشر هدي النبي ونعليم الناس , فكان لهم الفضل على سائرالأمة إلى يوم الدين.
ومن أشهر هؤلاء التابعين وأعمقهم أثراً وأحرصهم على نشرالعلم.... سعيد بن جبير.
*فلم يمنعه تخفيه من بطش الحجاج بن يوسف أن يفتي ويحدث وينشر العلم ثنتي عشر سنة حتى وشى به واشٍ إلى الحجاج فقتله رضوان الله عليه
اسمه: أبو محمد سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي مولاهم
حياته: هو عالم فقيه ,مفتي أهل الكوفة ,ولد سنة 46هـ، وكان من موالي بني أسد
لزم ابن عباس عباس وغيره من الصحابة ,وكان حافظا فهما ,وحصل علما كثيراً
حرصه على طلب العلم ونشره:
-كان يكتب ما كل يتعلمه في صحف له,وكان يتتبع سؤالات أصحاب ابن عباس ويتفهمها ويحفظها فتجمع له علما غزيرا
-وكان يقول إن بذل العلم أحب إليه من أن يذهب به معه إلى قبره
-وقال عبد الواحد بن زياد: حدثنا أبو شهاب، قال: «كان سعيد بن جبير يقص لنا كل يوم مرتين بعد صلاة الفجر وبعد العصر» رواه ابن سعد
-وقال عبد الواحد بن زياد: حدثنا أبو شهاب، قال: «كان سعيد بن جبير يقص لنا كل يوم مرتين بعد صلاة الفجر وبعد العصر» رواه ابن سعد
تزكية العلماء له:
-زكاه ابن عباس نفسه
فعن مجاهد أن ابن عباس أمره بالفتوى والتحديث وهو شاب فقال متعجباً :أحدث وأنت هنا ,فأجابه ابن عباس أن ذلك أفضل فإن أصاب فخير وإن أخطأ علمه(رواه ابن سعد وابن أبي حاتم)
-وقال: جعفر بن أبي المغيرة: (كان ابن عباس بعدما عَمِي إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه قال: تسألوني وفيكم بن أم دهماء) يعني سعيد بن جبير
-وقال إبراهيم النخعي: (ما خلف سعيد بن جبير بعده مثله)
وزكاه أهل الجرح والتعديل له
فقال أشعث بن إسحاق: (كان يقال: سعيد بن جبير جهبذ العلماء). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل
الجهبذ هو الناقد البصير؛ الذي يميّز الصحيح من غيره
حرصه على علو السند وألا يتكلم بغير علم:
-قال وُهَيب: حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير قال: (كنا إذا اختلفنا بالكوفة في شيء كتبته عندي حتى ألقى ابن عمر فأسأله عنه). رواه ابن سعد
عبادته:
روي من طرق عنه أنه كان يختم كلّ ليلتين من بعد مقتل الحسين إلا أن يكون مريضاً أو مسافراً
مقتله:
خرج مع ابن الأشعث على الحجاج بن يوسف، ولما هزموا في وقعة الجماجم سنة 83هـ هرب إلى مكة، وتخفّى ثنتي عشرة سنة،
ولم يمنعه تخفيه من نشر العلم فكان يحدث ويفتي إلى أن وشى به رجل إلى الحجاج؛ فقتله سنة 95هـ
من مروياته في التفسير:
-قيس، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في هذه الآية {كونوا ربانيين} قال: (هم الفقهاء المعلمون). رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم
مما يستفاد من سيرته:
1-الحرص على تقييد العلم بالكتابة:
إن لم يستفد من سيرة هذا التابعي الجليل إلا ذاك لكفى فقد كان رضوان الله عليه يقيد كل ما تعلمه من ابن عباس حتى تحصل لديه علما غزيراً
*وقال بعضهم: العلم صيد والكتابة قيد, فقيد صيودك بالحبال الواثقة ,فمن الحماقة أن تصيد غزالة ,وتتركها بين الخلائق طالقه
2-الحرص على علو السند:
كان رضوان الله عليه حريصاً ألا يتكلم بغير علم فإن سُئل عن أمرٍ لا يعلمه قيده حتى يسأل عنه أحد الصحابة
3-العلم يعلي شأن أهله:
فقد زكاه غير واحد من العلماء وما ذلك إلا لسعة علمة وكثرة مداركه
4-حرصه على بذل العلم:
-فكان رضوان الله عليه يقول لبذل العلم أحب إلي من أن أذهب به إلى قبري.
-فظل يبذله رضوان الله عليه رغم تخفيه من الحجاج حتى وشى به واشٍ إلى الحجاج فقتله.
خاتمة:
ثناء الله تعالى ونبيه الكريم على الصحابة ومن بعدهم التابعين ليس من فراغ ,وإنما لأنهم حملوا الأمانة فأدوها وبلغوها فما وهنوا وما ضعفوا وما استكانوا بل بذلوا في سبيلها المهج والأرواح ,فكان لهم السبق والفضل على سائر الأمة من بعدهم
,رضوان الله عليهم أجمعين.