بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
وصَلَّى اللهُ على سَيِّدِنَا محمَّدٍ وآلِه وسَلَّمَ، الحمْدُ للهِ الذي وَصَلَ مَن انْقَطَعَ إليه بدِينِه القويمِ، ورَفَعَ مَن أسْنَدَ أمْرَه إليه باتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ الكريمِ، وهَدَى مَن وَفَّقَه إلى طريقٍ مُستقيمٍ.
أَحْمَدُه على آلائِه، وأَشْكُرُه على نَعمائِه، وأَشْهَدُ أن لاَّ إلَهَ إلاَّ اللهُ الواحدُ القَهَّارُ، الكريمُ الحليمُ الستَّارُ، وأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا محمَّدًا عبدُه ورَسولُه، وصَفِيُّهُ، وحبيبُه، وخليلُه صَلَّى اللهُ وسَلَّمَ عليه، وعلى إخوانِه النَّبِيِّينَ، وعلى آلِ كلٍّ، وسائرِ الصالحينَ.
وبعدُ:
فإنَّ أَلْفِيَّةَ علْمِ الحديثِ الْمُسَمَّاةَ بـ(التَّبْصِرَةِ والتَّذْكِرَةِ) للشيخِ الإمامِ، الحافظِ، شيخِ الإسلامِ، أبي الفضْلِ عبدِ الرَّحيمِ زَيْنِ الدِّينِ بنِ الحسينِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي بكرِ بنِ إبراهيمَ العِراقيِّ لَمَّا اشْتَمَلَتْ على نُقولٍ عَجيبةٍ، ومَسائلَ غَريبةٍ، وحُدودٍ مَنيعةٍ، ومَوضوعاتٍ بَديعةٍ، مع كَثرةِ عِلْمِها، ووَجازةِ نَظْمِها، طَلَبَ مِنِّي بعضُ الأَعِزَّةِ عَلَيَّ، مِن الفُضلاءِ الْمُتَرَدِّدِينَ إليَّ، أنْ أضَعَ عليها شَرْحًا يَحِلُّ ألفاظَها، ويُبْرِزُ دَقائقَها، ويُحَقِّقُ مَسائلَها، ويُحَرِّرُ دلائلَها.
فأَجَبْتُه إلى ذلك، بعوْنِ القادرِ المالِكِ، ضامًّا إليه مِن الفوائدِ الْمُسْتَجَادَاتِ، ما تَقَرُّ به أَعْيُنُ أُولِي الرَّغَبَاتِ، رَاجيًا بذلك جَزيلَ الأجْرِ والثوابِ، مِن فَيْضِ مَولانا الكريمِ الوَهَّابِ، وسَمَّيْتُه (فتْحَ الباقي بشرْحِ أَلْفِيَّةِ العِراقي).
واللهَ أَسألُ أنْ يَنفعَ به ويَجْعَلَه خالِصًا لوَجْهِه الكريمِ.
وأَرْوِيهَا وشَرْحَها دِرايةً ورِوايةً عن مَشايخِ الإسلامِ: الشِّهابِ أحمدَ بنِ عليِّ بنِ حَجَرٍ العَسقلانيِّ، والشمْسِ محمَّدِ بنِ عليٍّ القاياتيِّ الشافِعِيَّيْنِ، والكمالِ محمَّدِ بنِ الْهُمامِ الْحَنفيِّ،
برِوايةِ الأوَّلِ لهما عن مُؤَلِّفِهما، والثاني عن ابنِ مُؤَلِّفِهما شيخِ الإسلامِ أبي زُرعةَ وَلِيِّ الدِّينِ، والثالثِ عنه وعن الإمامِ السِّراجِ قارِئِ (الهدايةُ) عن مُؤَلِّفِهما، وحيثُ أَطْلَقْتُ (شَيْخَنَا) فمُرادِي به الأُولَى.