المجموعة الأولى:
(عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, نبينا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن الشريعة الإسلامية شريعة سمحة كلها يسر وتخفيف على العباد ما يشق عليهم من العبادات والمعاملات, ومن الأمور التي جاء الدين الإسلامي بالتيسير فيها أمر الطلاق, فالطلاق في الجاهلية كان أمر شاق على المرأة, وكانت المرأة في الجاهلية عبارة عن سلعة يتحكم فيها أوليائها, ويتحكم فيها زوجها ؛ فقد كان يحلف أحدهم على زوجته أن لا يقربها, فكان يتركها هملا لا هو زوج لها ولا هو طلقها فتأخذ حريتها؛ فجاء الإسلام بتنظيم أمر هذا الحلف وضرب له مدة محددة فإما أن يطلق, وإما أن يراجع زوجته بإحسان, قال تعالى: (لّذين يؤلون من نسائهم تربّص أربعة أشهر فإن فاءوا فإنّ اللّه غفور رحيم). وأيضا من يسر الشريعة في أمر الطلاق أن جعل للطلق عدد ثلاث طلقات فيستطيع الرجل أن يرجع إلى زوجته إن طلقها مرة أو طلقها مرتين؛ وذلك للحفاظ على كيان الأسرة من الهدم, ومن أجل الحفاظ على الأولاد من الضياع, فإن طلق الرجل المرة الثالثة فلا يحل له أن يرجع لزوجته مرة أخرى, وسبب أن جعل الطلاق بهذا العدد لكي لا يستطيع الرجل أن يتحكم في المرأة فيطلقها وحينما تقترب عدتها من الانتهاء يردها ويفعل اعتداء عليها ومضارة لها, فأتى الشرع الحكيم بمنع هذا الأمر وجعل عدد الطلاق ثلاث طلقات زجرا للرجل من أن يتحكم في المرأة بغير حق ومضارة لها, وأيضا لكي تحافظ المرأة على بيتها, ومن يسر الشريعة أيضا في أمور الطلاق أن الشريعة جاءت بمنع ولي المرأة من عضلها ومنعها من أن ترجع إلى زوجها مرة أخرى؛ لما في ذلك من الحفاظ على المودة التي بينهما, والحفاظ على قوام الأسرة من التفرق والتشتت. فهذه بعض الأشياء التي جاء بها الشرع تيسيرا على الأمة في أمر الطلاق.
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.
سبب نزول الآية ما أخرجه الإمام أحمد عن عن أبي ميسرة، عن عمر أنّه قال: لمّا نزل تحريم الخمر قال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت هذه الآية التي في البقرة: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ [ومنافع للنّاس]} فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في النّساء: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى} [النّساء: 43]، فكان منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أقام الصّلاة نادى: ألّا يقربنّ الصّلاة سكران. فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في المائدة. فدعي عمر، فقرئت عليه، فلمّا بلغ: {فهل أنتم منتهون} [المائدة: 91]؟ قال عمر: انتهينا، انتهينا.
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ: والخمر : هو كل ما ستر العقل, يقال لكل ما ستر الإنسان من شجر وغيره خمر؛ فكل مسكر خمر, وكل مسكر مخالط للعقل ومغط عليه. والميسر: هو القمار.
والخمر تكون من الحبوب والشعير والعنب والعسل والزبيب والتمر.
وحد الخمر أربعين جلدة كما حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم, وكما في خلافة ابي بكر, وصدرا من خلافة عمر ثم لما تهافت عليها الناس شدد فيها فجعلها ثمانين جلدة, وضرب الخمر غير شديد عند جماعة من العلماء لا يبدو إبط الضارب, ويجتنب من المضروب الوجه والفرج والقلب والدماغ والخواصر بإجماع.
قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ: وقرأ حمزة والكسائي " كثير " وحجتها أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر ولعن معها عشرة: بائعها، ومبتاعها، والمشتراة له، وعاصرها، والمعصورة له، وساقيها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، فهذه آثام كثيرة, وقرأ باقي القراء وجمهور الناس «كبير» بالباء بواحدة، وحجتها أن الذنب في القمار وشرب الخمر من الكبائر فوصفه بالكبير أليق.
وإثمهما يكون في الدين, ونفعهما يكون في الدنيا, من حيث تهضيم الطعام, وإخراج الفضلات, وشحذ بعض الأذهان, وبيعها والانتفاع بثمنها, وما كان يقمّشه بعضهم من الميسر فينفقه على نفسه أو عياله.
قال قتادة: ذم الله الخمر بهذه الآية ولم يحرمها.
وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا: وذلك لأن الخمر توقع العداوة والبغضاء وتحول بين المرء وعقله الذي يميز به ويعرف ما يجب لخالقه, والميسر يورث العداوة والبغضاء وإن مال الإنسان يصير إلى غيره بغير جزاء يؤخذ عليه.
ولما ذكر الله تعالى أن فيهما إثم ومنافع, بين أن هذه المصالح لا توازي مضرّته ومفسدته الرّاجحة، لتعلّقها بالعقل والدّين؛ ولهذا كانت هذه الآية ممهّدةً لتحريم الخمر على البتات، ولم تكن مصرّحةً بل معرّضةً.
قال ابن عمر، والشّعبيّ، ومجاهدٌ، وقتادة، والرّبيع بن أنسٍ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: هذه أوّل آيةٍ نزلت في الخمر: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ [ومنافع للنّاس]} ثمّ نزلت الآية التي في سورة النّساء، ثمّ التي في المائدة، فحرّمت الخمر.
2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.
اختلف أهل العلم في المراد بالقرء إلى قولين:
الأول: القرء: هو الحيض. وهو قول أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عباس والضحاك ومجاهد والربيع وقتادة ومقاتل والشعبي والسدي وأصحاب الرأي وجماعة كبيرة من أهل العلم. ذكره ابن عطية وابن كثير.
الثاني: القرء: هو الطهر. وهو قول عائشة وابن عمر وجماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم منهم سليمان بن يسار ومالك. ذكره ابن عطية وابن كثير.
الدراسة:
اختلف أهل العلم في المراد بالقرء على قولين وذلك لاختلافهم في معناه في اللغة, فهو في اللغة الوقت المعتاد تردده، وقرء النجم وقت طلوعه، وكذلك وقت أفوله وقرء الريح وقت هبوبها, والقرء مأخوذ من قرء الماء في الحوض، وهو جمعه، فكأن الرحم تجمع الدم وقت الحيض والجسم يجمعه وقت الطهر. وعلى هذا يكون لفظ القرء من المشتركات اللفظية التي يحمل تكون للفظ وعكسه؛ قال أبو عبيدة: إن القرء يصلح للحيض والطهر، قال وأظنه من أقرأت النجوم إذا غابت، وأخبرني من أثق به يدفعه إلى يونس أن الإقراء عنده يصلح للحيض والطهر، وذكر أبو عمرو بن العلاء أن القرء - الوقت، وهو يصلح للحيض ويصلح للطهر, وقال الشّيخ أبو عمر بن عبد البرّ: لا يختلف أهل العلم بلسان العرب والفقهاء أنّ القرء يراد به الحيض ويراد به الطّهر، وإنّما اختلفوا في المراد من الآية ما هو على قولين.
فمن قال: أن القرء هو الحيض دليلهم حديث أم سلمة إنها استفتت لفاطمة بنت أبي حبيش وكانت مستحاضة فقال - صلى الله عليه وسلم - ((تنتظر أيام أقرائها وتغتسل فيما سوى ذلك)) فهذا يعني أنّها تحبس عن الصلاة أيام حيضها ثم تغتسل فيما سوى أيام الحيض.
ومن قال أن القرء هو الطهر دليلهم حديث عائشة أنّها قالت: انتقلت حفصة بنت عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ، حين دخلت في الدّم من الحيضة الثّالثة، قال الزّهريّ: فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرّحمن، فقالت: صدق عروة. وقد جادلها في ذلك ناسٌ فقالوا: إنّ اللّه تعالى يقول في كتابه: " ثلاثة قروءٍ " فقالت عائشة: صدقتم، وتدرون ما الأقراء؟ إنّما الأقراء: الأطهار.
ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}، والحكمة من النهي عن كتمه.
ذكر في المراد بالآية أقوال:
الأول: الحبل. وهو قول عمر وابن عباس قتادة والسدي . ذكره ابن عطية, وحكاه الزجاج بدون نسبة.
الثاني: الحيض. وهو قول إبراهيم النخعي وعكرمة. ذكره ابن عطية, وحكاه الزجاج بدون نسبة.
الثالث: الحيض والحبل جميعا. وهو قول ابن عبّاسٍ، وابن عمر، ومجاهدٌ، والشّعبيّ، والحكم بن عيينة والرّبيع بن أنسٍ، والضّحّاك، وغير واحدٍ.. ذكره ابن عطية وابن كثير.
الدراسة: اختلف أهل العلم في المراد بالآية على ثلاثة أقوال فمنهم من قال أنه الولد, ومنهم من قال الحيض ومنهم من قال أنه الحيض والولد جميعا, والمعاني متقاربة ويصح حمل الآية عليها, وقد رجح الزجاج أن المراد هو الولد فقال: وهو بالولد أشبه لأن ما خلق الله في أرحامهن أدل على الولد، لأن اللّه جلّ وعزّ قال: {هو الّذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء}.
الحكمة من النهي عن كتمه: ذلك لكي لا يكون هناك إضرار بالزوج في حقه من إرجاع زوجته, وإلزامه بنفقة لا تستحق عليه.
والله أعلم