ما معنى السبق؟
والسبق : تجاوز السائر من يسير معه ووصوله إلى المكان المسير إليه قبله . ويطلق السبق على سرعة الوصول من دون وجود سائر مع السابق ، قال تعالى : فاستبقوا الخيرات وقال : (أولئك الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ).*
ويطلق السبق على الغلب والقهر ، ومنه قوله تعالى : (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن *يسبقونا)
*ما الاقوال في معنى السابقات؟
"قوله عزّ وجلّ: فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً فيه خمسة أقوال: أحدها: أنها الملائكة. ثم في معنى الكلام ثلاثة أقوال: أحدها: أنها تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء، قاله عليّ ومسروق.
*والثاني:أنها تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة، قاله مجاهد، وأبو روق.
والثالث: سبقت بني آدم الى إلإيمان، قاله الحسن.
والقول الثاني: أنها أنفس المؤمنين تسبق الملائكة شوقاً إلى لقاء الله، فيقبضونها وقد عاينت السرور، قاله ابن مسعود.
والثالث: أنه الموت يسبق إلى النفوس، روي عن مجاهد أيضاً.*
والرابع:أنها الخيل، قاله عطاء.
والخامس: أنها النجوم يسبق بعضه بعضا في السّير، قاله قتادة.
فقوله تعالى : (فالسابقات سبقا) يصلح للحمل على هذه المعاني على اختلاف محامل وصف السابحات بما يناسب كل احتمال على حياله ؛ بأن يراد السائرات سيرا سريعا فيما تعلمه ، أو المبادرات . وإذا كان ( السابحات ) بمعنى الخيل كان ( السابقات ) إن حمل على معنى المسرعات كناية عن عدم مبالاة الفرسان بعدوهم وحرصهم على الوصول إلى أرض العدو ، أو على معنى غلبهم أعداءهم .*
لماذا أكد بالمصدر ؟
وأكد بالمصدر المرادف لمعناه وهو ( سبقا ) للتأكيد ولدلالة التنكير على عظم ذلك السبق .*
ماهي المدبرات؟
والمدبرات : الموصوفة بالتدبير .*
ما معنى التدبير؟
*التدبير : جولان الفكر في عواقب الأشياء ، وبإجراء الأعمال على ما يليق بما توجد له ، فإن كانت السابحات جماعات الملائكة ، فمعنى تدبيرها تنفيذ ما نيط بعهدتها على أكمل ما أذنت به فعبر عن ذلك بالتدبير للأمور لأنه يشبه فعل المدبر المتثبت .*
وإن كانت السابحات خيل الغزاة فالمراد بالتدبير : تدبير مكائد الحرب من كر ، وفر ، وغارة ، وقتل ، وأسر ، ولحاق للفارين ، أو ثبات بالمكان .*
وفي هذا إيماء إلى حذق الخيل وسرعة فهمها مقاصد فرسانها حتى كأنها هي المدبرة لما دبره فرسانها .*
ما هي خلاصة هذه الصفات؟
وينتظم من مجموع صفات ( النازعات ، والناشطات ، والسابحات ) إذا فهم منها جماعات الرماة والجمالة والفرسان أن يكون إشارة إلى أصناف المقاتلين من مشاة وهم الرماة بالقسي ، وفرسان على الخيل ، وكانت الرماة تمشي قدام الفرسان تنضح عنهم بالنبال حتى يبلغوا إلى مكان الملحمة . قال أنيف بن زبان الطائي :*
وتحت نحور الخيل حرشف رجلة * * تتاح لغرات القلوب نبالها*
على هذه الاحتمالات يكون في الايات تعريض ماهو ؟*
لتحمل الآية لهذه الاحتمالات كانت تعريضا بتهديد المشركين بحرب تشن عليهم وهي غزوة فتح مكة أو غزوة بدر مثل سورة ( والعاديات ) وأضرابها ، وهي من دلائل نبوءة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، إذ كانت هذه التهديدات صريحها وتعريضها في مدة مقامه - صلى الله عليه وسلم - بمكة والمسلمون في ضعف ، فحصل من هذا القسم تعريض بعذاب في الدنيا .*
*
تفسير قوله تعالى:(يوم ترجف الراجفة . تتبعها الرادفة . قلوب يومئذ واجفة . أبصارها خاشعة . يقولون:أإنا لمردودون في الحافرة ? أإذا كنا عظاما نخرة ? قالوا:تلك إذن كرة خاسرة ! . . فإنما هي زجرة واحدة . فإذا هم بالساهرة .) .*
ماهي الراجفة وماهي الرادفة؟
الراجفة ورد أنها الأرض استنادا إلى قوله تعالى في سورة أخرى: (يوم ترجف الأرض والجبال). .*
والرادفة:ورد أنها السماء . أي أنها تردف الأرض وتتبعها في الانقلاب حيث تنشق وتتناثر كواكبها . .*
كذلك ورد أن الراجفة هي الصيحة الأولى , التي ترجف لها الأرض والجبال والأحياء جميعا , ويصعق لها*من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله *والرادفة هي النفخة الثانية التي يصحون عليها ويحشرون [ كما جاء في سورة الزمر آية 68 ] . .*
**
ماهو جواب القسم ؟
قيل :جملة يوم ترجف الراجفة إلى ( خاشعة ) جواب القسم
ما المقصود منه؟
. والمقصود منه لازمه وهو وقوع البعث ; لأن القلوب لا تكون إلا في أجسام . وقد علم أن المراد بـ يوم ترجف الراجفة هو يوم القيامة ; لأنه قد عرف بمثل هذه الأحوال في آيات كثيرة مما سبق نزوله ، مثل قوله : (إذا رجت الأرض) فكان في هذا الجواب تهويل ليوم البعث وفي طيه تحقيق وقوعه فحصل إيجاز في الكلام جامع بين الإنذار بوقوعه والتحذير مما يجري فيه .*
ما معنى (نخرة)في قوله تعالى:{أَئِذا كْنَا عِظاماً نَخِرةً }*
فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : بالية ، قاله السدي .
الثاني : عفنة ، قاله ابن شجرة .
الثالث : خالية مجوفة تدخلها الرياح فتنخر ، أي تصوّت ، قاله عطاء والكلبي .
ومن قرأ « ناخرة » فإن الناخرة البالية ، والنخرة التي تنخر الريح فيها .
"وناخرة على معنى: عظاما فارغة، يجيء فيها من هبوب الرياح كالنّخير"
*يقال : رجع فلان في حافرته , وعلى حافرته , أي رجع من حيث جاء ; قاله قتادة . وأنشد ابن الأعرابي : أحافرة على صلع وشيب معاذ الله من سفه وعار يقول : أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي من الغزل والصبا بعد أن شبت وصلعت !
ويقال : رجع على حافرته : أي الطريق الذي جاء منه . وقولهم في المثل : النقد عند الحافرة . قال يعقوب : أي عند أول كلمة .
ويقال : التقى القوم فاقتتلوا عند الحافرة . أي عند أول ما التقوا 0
وقيل : الحافرة العاجلة ; أي أإنا لمردودون إلى الدنيا فنصير أحياء كما كنا ؟ قال الشاعر : آليت لا أنساكم فاعلموا حتى يرد الناس في الحافرة 0
وقيل : الحافرة : الأرض التي تحفر فيها قبورهم , فهي بمعنى المحفورة ; كقوله تعالى : " ماء دافق " و " عيشة راضية " . والمعنى أإنا لمردودون في قبورنا أحياء . قاله مجاهد والخليل والفراء .
*وقال ابن زيد : الحافرة : النار , وقرأ " تلك إذا كرة خاسرة " .
وقال مقاتل وزيد بن أسلم : هي اسم من أسماء النار . وقال ابن عباس : الحافرة في كلام العرب : الدنيا . وقرأ أبو حيوة : " الحفرة " بغير ألف , مقصور من الحافر .
وقيل : الحفرة : الأرض المنتنة بأجساد موتاها ; من قولهم : حفرت أسنانه , إذا ركبها الوسخ من ظاهرها وباطنها . يقال : في أسنانه حفر , وقد حفرت تحفر حفرا , مثل كسر يكسر كسرا إذا فسدت أصولها . وبنو أسد يقولون : في أسنانه حفر بالتحريك . وقد حفرت مثال تعب تعبا , وهي أردأ اللغتين قاله في الصحاح .
لماذا سميت الأرض حافرة؟
قيل : سميت الأرض الحافرة ; لأنها مستقر الحوافر , كما سميت القدم أرضا ; لأنها على الأرض . والمعنى أإنا لراجعون بعد الموت إلى الأرض فنمشي على أقدامنا .
*ما معنى الآية ؟
أي يقول هؤلاء المكذبون المنكرون للبعث , إذا قيل لهم إنكم تبعثون , قالوا منكرين متعجبين : أنرد بعد موتنا إلى أول الأمر , فنعود أحياء كما كنا قبل الموت ؟ وهو كقولهم : " أإنا لمبعوثون خلقا جديدا "
{فإنما هي زجرة واحدة. فإذا هم بالساهرة}
ما معنى ( زجرة واحدة )؟
زجرة من الله عز وجل يزجرون ويصاح بهم فيقومون من قبورهم قيام رجل واحد على ظهر الأرض بعد أن كانوا في بطنها قال الله تبارك وتعالى: {إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون} [يس: 53]. كل الخلق في هذه الكلمة الواحدة يخرجون من قبورهم أحياء، ثم يحضرون إلى الله عز وجل ليجازيهم، ولهذا قال: {فإنما هي زجرة واحدة. فإذا هم بالساهرة} وهذا كقوله تعالى: {وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر} [القمر: 50]. يعني أنَّ الله إذا أراد شيئاً إنما يقول له: (كن) مرة واحدة فقط فيكون ولا يتأخر هذا عن قول الله لحظة {إلا واحدة كلمح بالبصر}*
الله عز وجل لا يعجزه شيء، فإذا كان الخلق كلهم يقومون من قبورهم لله عز وجل بكلمة واحدة *فعلى ماذا يدل هذا ؟
فهذا أدل دليل على أن الله تعالى على كل شيء قدير، وأن الله لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض كما قال تعالى: {وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً} {فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة}.*
عبر - سبحانه - عن اجتماعهم بأرض المحشر بإذا الفجائية فقال : ( فَإِذَا هُم بالساهرة ) لماذا ؟
للإيذان بأن اجتماعهم هذا سيكون فى نهاية السرعة والخفة ، وأنه سيتحقق فى أعقاب الزجرة بدون أقل تأخير .
وصف - سبحانه - الزجرة بأنها واحدة لماذا ؟ وما المراد بها ؟
*لتأكيد ما فى صيغة المرة من معنى الوحدة ، أى : أن الأمر لا يقتضى سوى الإِذن منا بصيحة واحدة لا أكثر ، تنهضون بعدها من قبوركم للحساب والجزاء ، نهوضا لا تملكون معه التأخر أو التردد ...
*والمراد بها : النفخة الثانية .
لما قال - سبحانه - ( فَإِذَا هُم ) بضمير الغيبة ؟
*إهمالا لشأنهم ، وتحقيرا لهم عن استحقاق الخطاب .
وشبيه بهاتين الآيتين قوله - تعالى - : ( وَنُفِخَ فِي الصور فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض إِلاَّ مَن شَآءَ الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ ) وإلى هنا نجد السورة الكريمة قد حثتنا حديثا بليغا مؤثرا عن أهوال يوم القيامة ، وعن أحوال المجرمين فى هذا اليوم العسير .
*
"(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)ما المقصود من هذه الآيات ؟
تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يعاني من تكذيب قومه له ولما جاء به من التوحيد والشرع فقص تعالى عليه طرفا من قصة موسى مع فرعون تخفيفا عليه، وتهديداً لقومه بعقوبة تنزل بهم كعقوبة فرعون الذي كان أشد منهم بطشاً وقد أهلكه الله فأغرقه وجنده..*
فبعد*أن حكى عن كفار مكة إصرارهم على إنكارهم البعث وتماديهم فى العتو والطغيان واستهزاءهم بالرسول صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك يشق عليه، ويصعب على نفسه، ذكر له قصص موسى مع فرعون طاغية مصر، وبين له أنه قد بلغ فى الجبروت حدّا لم يبلغه قومك، فقد ادعى الألوهية وألبّ قومه على موسى، وكان موسى مع هذا كله يحتمل المشاق العظام فى دعوته إلى الإيمان- ليكون ذلك تسلية لرسوله عما لاقيه من قومه من شديد العناد وعظيم الإعراض، يرشد إلى ذلك قوله: «فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ» .
وفى ذلك عبرة أخرى لقومه- وهى أن فرعون مع أنه كان أقوى منهم شكيمة أشد شوكة وأعظم سلطانا، لما تمرد على موسى وعصا أمر ربه أخذه الله نكال لآخرة والأولى، ولم يعجزه أن يهلكه ويجعله لمن خلفه آية، فأنتم أيها القوم مهما عظمت حالكم وقوى سلطانكم لم تبلغوا مبلغ فرعون، فأخذكم أهون على الله منه.
وفى هذا تهديد لهم وإنذار بأنهم إن لم يؤمنوا بالله ورسوله، فسيصيبهم مثل ما أصاب فرعون وقومه كما قال فى آية أخرى: «فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ. إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ» ."
"(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)
ما معنى ( هل أتاك حديث موسى)؟
أي ألم يبلغك حديث موسى مع فرعون وقومه، وقد أمره الله بالتلطف فى القول، واللين فى الدعوة إلى الحق إقامة للحجة والوصول من أقرب محجة كما جاء فى سورة طه «فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى» .
فاتبع نهجه واسلك سبيله يكن ذلك أقرب للفوز ببغيتك وبلوغ مطلبك كما فاز موسى وانتصر.
أين ناده ربه؟
كان ذلك حين ناداه ربه بالوادي المطهر المبارك من طور سيناء من برّية الشام بعد مضى وقت من الليل.
ثم فصل هذه المناجاة بقوله:
(اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى)"
هذه الآيات جزء من قصة موسى بينت أمراً مهما ماهو ؟
في هذه السورة بيان لمنهج الدعوة وما ينبغي أن يكون عليه نبي الله موسى عليه السلام مع عدوه فرعون واسلوب العرض*«هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى» ثم تقديم الآية الكبرى ودليل صحة دعواه مما يلزم كل داعية اليوم أن يقف هذا الموقف حيث لا يوجد اليوم أكثر من فرعون ولا أشد طغياناً منه *حيث إدعى الربوبية والالوهية معاً فقال :(*أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)، وَقَالَ: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي )
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت استغفرك واتوب اليك
ملاحظة : لقد تم أخذ الإذن من الشيخ المشرف بتنزيل الدرس بطريقة السؤال والجواب .
المادة المدونه من عدة كتب تفاسير وليس فقط من الثلاثة المقرره كانت معدة من قبل فاحببت تنزيلها ليستفاد منها . نفع الله بها