المجلس التاسع: مجلس مذاكرة القسم الثالث من تفسير سورة الفاتحة
مجلس مذاكرة القسم الثالث من تفسير الفاتحة اختر مجموعة من المجموعات التالية ، وأجب على أسئلتها إجابة وافية. المجموعة الأولى: س1: بيّن ما يشمله الدعاء بقول: {اهدنا الصراط المستقيم}. س2: بيّن معنى الصراط لغة. س3: ما الحكمة من حذف متعلّق الإنعام في قوله تعالى: {أنعمت عليهم}؟ س4: ما الحكمة من تكرار ذكر الصراط؟ س5: ما سبب توافق السلف في تفسير المراد بالمغضوب عليهم والضالين؟ س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. المجموعة الثانية: س1: بيّن أوجه تفاضل السائلين في سؤال الهداية. س2: بيّن المراد بالصراط المستقيم س3: ما الحكمة من إضافة الصراط إلى الذين أنعم الله عليهم دون تسميتهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين؟ س4: ما الحكمة من تقديم {المغضوب عليهم} على {الضالين}؟ س5: ما الحكمة من إبهام ذكر الغاضب في قوله تعالى: {المغضوب عليهم}؟ س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. المجموعة الثالثة: س1: ما الحكمة من سؤال المسلم الهداية إلى الصراط المستقيم وقد هداه الله إلى الإسلام؟ س2: ما هي أقوال السلف في معنى الصراط المستقيم؟ وما الموقف منها؟ س3: بيّن معاني الإنعام في القرآن. س4: ما الحكمة من إسناد الإنعام في قوله تعالى: {أنعمتَ عليهم} إلى الله تعالى وعدم إسناد الغضب إليه جلّ وعلا في قوله: {المغضوب عليهم}؟ س5: ما المراد بالمغضوب عليهم وبالضالين؟ س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. المجموعة الرابعة: س1: ما معنى ضمير الجمع في قوله: {اهدنا} س2: بيّن معنى التعريف في "الصراط". س3: ما الموقف من اختلاف عبارات السلف في بيان المراد بالذين أنعم الله عليهم. س4: بيّن مراتب الهداية ودرجات المهتدين، وبيّن أثر معرفتها على استحضار معنى سؤال الهداية. س5: إذا كان كل من اليهود والنصاري مغضوب عليهم وضالّون فما الحكمة من تخصيص كلّ طائفة بوصف؟ س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. المجموعة الخامسة: س1: ما الحكمة من تعدية فعل الهداية بنفسه في آية {اهدنا الصراط المستقيم} س2: ما فائدة وصف الصراط بأنّه مستقيم؛ إذا كان الصراط في اللغة لا يسمّى صراط حتى يكون مستقيماً؟ س3: ما المراد بالإنعام في قوله تعالى: {الذين أنعمت عليهم} س4: هل يقتضي تفسير المغضوب عليهم والضالين باليهود والنصارى حصر المراد عليهم؟ وضّح إجابتك. س5: ما معنى "لا" في قوله تعالى: {ولا الضالين}؟ س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. تعليمات: - ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته. - يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة. - يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق. - تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب. تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة: أ+ = 5 / 5 أ = 4.5 / 5 ب+ = 4.25 / 5 ب = 4 / 5 ج+ = 3.75 / 5 ج = 3.5 / 5 د+ = 3.25 / 5 د = 3 هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة. معايير التقويم: 1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ] 2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص] 3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد] 4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية. 5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض. نشر التقويم: - يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب. - تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها. - نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم. _________________ وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم |
المجموعة الأولى:
س1: بيّن ما يشمله الدعاء بقول: {اهدنا الصراط المستقيم}. في هذه الآية دعاء ومسألة لله سبحانه وتعالى .. وفيها توسل وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى ، والبراءة من الشرك وأهله . وفيها توسل واستعانة بالله وحده ، وأنه لاحول ولاقوة إلا به وحده سبحانه . بيان مراتب الهداية ،ولا تتحقّق الهداية إلا بالجمع بين المعنيين؛ وهو مقتضى الجمع بين العلم والعمل. أختصت بها أمة محمد ، وفرضه الله عليها ، وهي من أعظم الدعاء وأنفعه ، ووعدها بالإجابة والقبول ، فبحصول الهداية يتم المقصود ، والعواقب الحسنة ، والفوز بخيري الدنيا والآخرة . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (أنفع الدعاء، وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}؛ فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته وترك معصيته، فلم يصبه شر، لا في الدنيا ولا في الآخرة، لكن الذنوب هي من لوازم نفس الإنسان، وهو محتاج إلى الهدى في كل لحظة، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب)ا.هـ.س2: بيّن معنى الصراط لغة. معنى الصراط لغة :- الطريق الواضح السهل المستقيم الموصل للمطلوب . قال ابن جرير: ( أجمعت الحجة من أهل التّأويل جميعًا على أنّ الصّراط المستقيم هو الطّريق الواضح الّذي لا اعوجاج فيه. وكذلك ذلك في لغة جميع العرب؛ فمن ذلك قول جرير بن عطيّة بن الخطفى: أمير المؤمنين على صراطٍ.......إذا اعوجّ الموارد مستقيم)ا.هـ. وقال ابن القيّم رحمه الله: (الصراط ما جمع خمسة أوصاف: أن يكون طريقاً مستقيماً سهلاً مسلوكاً واسعاً موصلاً إلى المقصود؛ فلا تسمّي العربُ الطريقَ المعوجَّ صراطاً ولا الصعب المُشِقّ ولا المسدودَ غير الموصول). س3: ما الحكمة من حذف متعلّق الإنعام في قوله تعالى: {أنعمت عليهم}؟ الحكمة من حذف متعلق الإنعام : لدلالة العموم في كل مامن شأنه لحصول تمام الهداية . فالعبد المؤمن يحتاج من النعم العظيمة لتحصل له نعمة الهداية ، فهو يحتاج لهدايات كثيرة في كل شأن من شؤونه ، فحصول الهداية هي تقرب لله سبحانه وتعالى ، ونفع من الله ، ويتحقق بها النجاة والسلامة . س4: ما الحكمة من تكرار ذكر الصراط؟ ذكر الصراط معرفاً باللام ، فالسائل يحتاج إلى أن يهدى إلى الطريق الصحيح المستقيم ، الموصل إلى العواقب الحسنة ، وهو طريق واحد لاشك فيه . ثم ذكر معرفاً بالإضافة ، فبهداية العبد الطريق المستقيم ، يحتاج إلى الأتباع ليستأنس بهم ، ويقتفي أثرهم ، وليوقن بأنه صراط آمن ، سلكه من قبله ممن أنعم الله عليهم ، وخصهم بذلك . قال ابن القيّم رحمه الله: (وهذا كما إذا دللت رجلا على طريق لا يعرفها وأردت توكيد الدلالة وتحريضه على لزومها وأن لا يفارقها؛ فأنت تقول: (هذه الطريق الموصلة إلى مقصودك)، ثم تزيد ذلك عنده توكيدا وتقوية فتقول: (وهي الطريق التي سلكها الناس والمسافرون وأهل النجاة)، أفلا ترى كيف أفاد وصفك لها بأنها طريق السالكين الناجين قدرا زائدا على وصفك لها بأنها طريق موصلة وقريبة سهلة مستقيمة فإن النفوس مجبولة على التأسّي والمتابعة فإذا ذُكِرَ لها من تتأسّى به في سلوكها أَنِسْتَ واقتحمتها، فتأمّله) .. ةس5: ما سبب توافق السلف في تفسير المراد بالمغضوب عليهم والضالين؟ لأنه مماصح عن النبي الكريم وصف اليهود بالمغضوب عليهم ، والضالين هم النصارى ، لحديث عديّ بن حاتم الطائي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضلال)). رواه أحمد والترمذي وابن جرير .. -وحديث بديل بن ميسرة العقيلي، قال: أخبرني عبد الله بن شقيق، أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى، وهو على فرسه، وسأله رجل من بلقين، فقال: يا رسول الله، من هؤلاء؟ قال: ((هؤلاء المغضوب عليهم))، وأشار إلى اليهود. قال: فمن هؤلاء؟ قال: ((هؤلاء الضالون)) يعني النصارى. فتكرر الروايات عن السلف الصالح ، وكلها تحتمل المعنى ، كابن عباس ومجاهد وغيرهم . ولذلك توافقت تفسير السلف بذلك ، وهذا لايقتصر عليهم فقط بل من ينهج نهجهم ، ويتبع أثرهم ، فيلحقه مثل جزائهم . س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. - هذه دورة عظيمة ومفيدة ، سهلت لنا فهم وإدراك هذه السورة العظيمة ، ومعرفة مافيها من تفاسير ومعاني ، وأسرار . - معرفة مافيها من الأصول ومن الأحكام ، ليسهل فهمها وإدراكها . - معرفة ماذكر من الروايات والشواهد ، ماصح منها وماشذ ، فيؤخذ بالصحيح منها وماتواتر منه ، ويجنب الشاذ منها . - معرفة إجتهاد السلف في فهمها ، ومن تبعهم ، ومن جاء من بعدهم ، في الفهم والإستنباط ، وتقرير المسائل التفسيرية منها ، وما أوتينا من العلم إلا قليلاً . - هذه السورة شاملة ونافعة ، أختصت بها هذه الأمة ، ففيها من علوم العقيدة والشريعة الشيء الكثير ، وفيها من اسماء الله الحسنى وصفاته ، وهي من أبلغ الدعاء وأنفعه . |
المجموعة الأولى:
س1: بيّن ما يشمله الدعاء بقول: {اهدنا الصراط المستقيم}. هو معنى جامع للبيان والدلالة والإلهام والتوفيق والتهيئة. قال ابن القيّم رحمه الله: (فالقائل إذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} هو طالبٌ من الله أن يُعرِّفَه إيَّاه ويبّينه له ويلهمه إياه ويقدره عليه؛ فيجعل في قلبه علمَه وإرادتَه والقدرةَ عليه؛ فجَرَّدَ الفعلَ من الحرف، وأتى به مجرَّدا معدىً بنفسه ليتضمَّن هذه المراتب كلَّها، ولو عُدِّيَ بحرفٍ تعيَّن معناه وتخصَّص بحسب معنى الحرف؛ فتأمَّله فإنه من دقائق اللغة وأسرارها)ا.هـ. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (أنفع الدعاء، وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}؛ فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته وترك معصيته، فلم يصبه شر، لا في الدنيا ولا في الآخرة، لكن الذنوب هي من لوازم نفس الإنسان، وهو محتاج إلى الهدى في كل لحظة، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب)ا.هـ. وإذا حصلت الهداية حصل ما يترتب عليها من النصر والرزق والتوفيق وأنواع الفضائل والبركات، وما تطلبه النفس من أحوال السعادة، ومن العاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة. س2: بيّن معنى الصراط لغة. الصراط في لغة العرب: الطريق الواضح الواسع السهل المستقيم الموصل للمطلوب. قال ابن جرير: ( أجمعت الحجة من أهل التّأويل جميعًا على أنّ الصّراط المستقيم هو الطّريق الواضح الّذي لا اعوجاج فيه. وكذلك ذلك في لغة جميع العرب؛ فمن ذلك قول جرير بن عطيّة بن الخطفى: أمير المؤمنين على صراطٍ.......إذا اعوجّ الموارد مستقيم)ا.هـ. وقال ابن القيّم رحمه الله: (الصراط ما جمع خمسة أوصاف: أن يكون طريقاً مستقيماً سهلاً مسلوكاً واسعاً موصلاً إلى المقصود؛ فلا تسمّي العربُ الطريقَ المعوجَّ صراطاً ولا الصعب المُشِقّ ولا المسدودَ غير الموصول). قال: (وبنوا "الصراط" على زِنَةِ فِعَال لأنَّه مُشْتَمِلٌ على سالكِهِ اشتمالَ الحلقِ على الشيءِ المسرُوط)ا.هـ. س3: ما الحكمة من حذف متعلّق الإنعام في قوله تعالى: {أنعمت عليهم}؟ الأظهر أنَّ الحذف للدلالة على العموم في كلّ ما من شأنه حصول تمام الهداية، وذلك يحتاجه العبد من النعم العظيمة لتتمّ له نعمة الهداية. ولما يحتاجه العبد من الهدايات الكثيرة في كلّ شأن من شؤونه. س4: ما الحكمة من تكرار ذكر الصراط؟ في كل موضع له حكمة : ففي الموضع الأول :كان الأهمّ للسائل أن يُهدى إلى الصراط المستقيم، وهو الطريق الصحيح السهل المفضي إلى العاقبة الحسنة، وأنه طريق واحد كما دلّ عليه معنى التعريف والعهد الذهني. وفي الموضع الثاني: أتى ذكر الصراط معرّفاً بالإضافة إلى الذين يُستأنس باتّباعهم واقتفاء آثارهم وليفيد بأنَّه صراط آمن مسلوك قد سلكه الذين أنعم الله عليهم ففازوا بفضل الله ورحمته وحسن ثوابه. قال ابن القيّم رحمه الله: (وهذا كما إذا دللت رجلا على طريق لا يعرفها وأردت توكيد الدلالة وتحريضه على لزومها وأن لا يفارقها؛ فأنت تقول: (هذه الطريق الموصلة إلى مقصودك)، ثم تزيد ذلك عنده توكيدا وتقوية فتقول: (وهي الطريق التي سلكها الناس والمسافرون وأهل النجاة)، أفلا ترى كيف أفاد وصفك لها بأنها طريق السالكين الناجين قدرا زائدا على وصفك لها بأنها طريق موصلة وقريبة سهلة مستقيمة فإن النفوس مجبولة على التأسّي والمتابعة فإذا ذُكِرَ لها من تتأسّى به في سلوكها أَنِسْتَ واقتحمتها، فتأمّله)ا.هـ. وذكر ابن عاشور أن فيه تفصيلا بعد إجمال مفيد؛ ليتمكّن الوصف الأوّل من النفوس، ثمّ يعقب بالتفصيل المبيّن لحدود الصراط وعلاماته وأحوال السالكين وأحكامهم. س5: ما سبب توافق السلف في تفسير المراد بالمغضوب عليهم والضالين؟ ذلك للآثار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم : 1-الحديث الأوَّل: حديث عديّ بن حاتم الطائي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضلال)). رواه أحمد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن خزيمة في التوحيد، وابن حبان والطبراني في الكبير من طرق عن سماك بن حرب، عن عباد بن حبيش، عن عدي به، وعباد بن حبيش مجهول. والحديث الثاني: حديث بديل بن ميسرة العقيلي، قال: أخبرني عبد الله بن شقيق، أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى، وهو على فرسه، وسأله رجل من بلقين، فقال: يا رسول الله، من هؤلاء؟ قال: ((هؤلاء المغضوب عليهم))، وأشار إلى اليهود. قال: فمن هؤلاء؟ قال: ((هؤلاء الضالون)) يعني النصارى. قال: وجاءه رجل، فقال: استشهد مولاك، أو قال: غلامك فلان، قال: ((بل يجر إلى النار في عباءة غلها)) رواه عبد الرزاق وأحمد ومحمد بن نصر، وأبو يعلى. ورواه ابن مردويه في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير - من طريق إبراهيم بن طهمان، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم، قال: ((اليهود)) ، قلت: الضالين؟ قال: ((النصارى)). 2والحديث الثالث: حديث سليمان بن أرقم البصري عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب، ثم قال: «قال ربكم: ابنَ آدم، أنزلت عليك سبع آيات، ثلاث لي، وثلاث لك، وواحدة بيني وبينك، فأما التي لي: فـ{الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين}، والتي بيني وبينك: {إياك نعبد وإياك نستعين} منك العبادة، وعليَّ العون لك، وأما التي لك: فـ{اهدنا الصراط المستقيم}هذه لك: {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم}: اليهود، {ولا الضالين}: النصارى»رواه الطبراني في الأوسط. وسليمان بن أرقم متروك الحديث، قال فيه أحمد: (لا يسوى حديثه شيئاً) ، وقال يحيى بن معين:(ليس بشيء، ليس يسوى فلساً). وأبو سلمة لم يسمع من أبيّ بن كعب، إنما ولد أبو سلمة عام 22هـ. ودل على ذلك قول الله سبحانه: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ}، والضمير عائد إلى اليهود، والخطاب معهم كما دل عليه سياق الكلام. وقال في النصارى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} إلى قوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}. س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. استفدت أن لكل كلمة وفعل وحرف في القران الكريم حكمة وغاية ومقصد ، وأن هذا القرآن معجز في غاية الإعجاز ، وأنه لا يمكن أن يكون كلام بشر، وأنه لا يوجد لغة في العالم يمكنها التعبير عن بلاغة القرآن وإعجازه مثل اللغة العربية فهي لغة عظيمة ،يجب علينا المحافظة عليها والاهتمام بها ، وأن أسرار الفاتحة لا نهاية لها ، وأنها تستحق أن تكون أم الكتاب لما فيها من الخير العميم ، وحري بِنَا التمسك بما جاء فيها من الهدايات والخير الكثير . |
المجموعة الثالثة:
س1: ما الحكمة من سؤال المسلم الهداية إلى الصراط المستقيم وقد هداه الله إلى الإسلام؟ الحكمة من سؤال المسلم الهداية إلى الصراط هي: 1-طلب الثبات على الهدى. قاله ابن جرير وأبو إسحاق وأبو جعفر النحاس وجماعة من اللغويين وأضاف الزجاج: كما تقول للرجل القائم: قم لي حتى أعود إليك. أي اثبُتْ لي على ما أنت عليه. وأضاف ابن تيمية:- كما يقول بعضهم: أَلْزِم قلوبنا الهدى؛ فحذف الملزوم. ويقول بعضهم: زدني هدى. وقال أن المراد بالصراط المستقيم هو العمل بما أمر الله به، وترك ما نهى الله عنه في جميع الأمور. وقال الشيخ الداخل :أن القلب يتقلّب، وحاجة المرء إلى سؤال الله تعالى التثبيت والهداية دائمة متجددة. ولا بد من طلب الإعانة على الطاعة، والعصمة من الضلالة في كلّ أمرٍ من أموره. 2-أن دخول المسلم في الإسلام هو أصل الهداية؛ لكنّه يحتاج إلى هدايات كثيرة متنوّعة ومتجددة، وتعليمه بما جاء به الرسول مفصلاً ، وبما يدخل في أوامره الكليات.وإلهام العمل بعلمه؛ فلا بد من العمل بالعلم ليحصل به الاهتداء.قاله الشيخ الداخل. 3-أن الفتن التي تعترض المؤمن في يومه وليلته كثيرة متنوّعة ومن لم يهده الله ضلّ بها، وكم أصابت الإنسان المقصّر من فتنة تضرر بها وبعقوباتها ولو أنَّه أحسن الاستعاذة بالله منها وسؤاله الهداية لَسَلِم من شرّ كثير. قاله الشيخ الداخل 4-أنّ لكل عبد حاجات خاصّة للهداية، بما يناسب حاله، فهو محتاج إلى أن يمدّه الله بتلك الهدايات، وإن لم يهده الله لم يهتد.قاله الشيخ الداخل س2: ما هي أقوال السلف في معنى الصراط المستقيم؟ وما الموقف منها؟ الصراط في لغة العرب: الطريق الذي جمع خمسة أوصاف: أن يكون مستقيماً سهلاً مسلوكاً واسعاً موصلاً إلى المقصود؛ فلا تسمّي العربُ الطريقَ المعوجَّ صراطاً ولا الصعب المُشِقّ ولا المسدودَ غير الموصول. قاله ابن القيّم تنوعت عبارات السلف في التعريف بالصراط المستقيم بعبارات لا اختلاف في مدلولها، وإن اختلفت مسالكهم في الدلالة على هذا الصراط، والمحفوظ عن الصحابة والتابعين في هذه المسألة خمسة أقوال: 1-دين الإسلام، وهو قول جابر بن عبد الله، ورواية الضحاك عن ابن عباس، وهو قول محمّد بن الحنفية وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ورواية عن أبي العالية الرياحي، وهو قول جمهور المفسّرين. دليل هذا القول:حديث النوَّاس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:((ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعا، ولا تتعرجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد يفتح شيئا من تلك الأبواب، قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، والصراط الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي من فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم)). رواه أحمد وابن نصر المروزي وابن أبي عاصم والطحاوي والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم من طريق معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس بن سمعان الأنصاري مرفوعاً، ولهذا الحديث طرق أخرى بألفاظ مقاربة. 2-هو كتاب الله تعالى. دليلهم:ما رواه الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حديث وصف القرآن المشهور وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم). رواه ابن أبي شيبة والدارمي والترمذي وغيرهم من طريق أبي المختار الطائي عن ابن أخي الحارث الأعور عن الحارث عن عليّ مرفوعا، ورواه الدارمي أيضاً من طريق عمرو بن مرة عن أبي البختري عن الحارث به، 3-هو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، الدليل :ما رواه الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: «الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان، ولفظه: (الصراط المستقيم تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على طرفه، والطرف الآخر الجنة). - وروى ابن وهب في جامعه من طريق أبان بن أبي عياش عن مسلم ابن أبي عمران، عن عبيد الله بن عمر بن الخطاب أنه أتى ابنَ مسعود عشيةً خميس وهو يذكّر أصحابه، قال: فقلت يا أبا عبد الرحمن، ما الصراط المستقيم؟ قال: يا ابن أخي، تركَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أدناه، وطرفه في الجنة، وعن يمينه جوادٌّ، وعن شماله جوادٌّ، وعلى كلِّ جوادٍّ رجالٌ يدعون كلَّ من مرَّ بهم: هَلُمَّ لك، هَلُمَّ لك، فمن أخذ معهم وردوا به النار، ومن لزم الطريق الأعظم وردوا به الجنة). وأبان ضعيف الحديث، لكن يشهد له ما قبله. 4-هو النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما بعد مقتل عثمان وظهور الفرق، ورواية عن أبي العالية الرياحي والحسن البصري. - عن عاصم الأحول، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى {الصراط المستقيم} قال: «هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه» قال: فذكرنا ذلك للحسن فقال: «صدق والله ونصح، والله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما». رواه الحاكم موقوفاً على ابن عباس وصححه، ورواه محمد بن نصر المروزي في السنة مقطوعاً على أبي العالية. اشتهر هذا القول عن أبي العالية مع تصريحه بأنّ الصراط المستقيم هو الإسلام. 5-هو الحقّ ، وهو قول مجاهد بن جبر رواه ابن أبي حاتم. وهذا القول حقيقته بيان وصف هذا الصراط المستقيم بأنَّه الحقّ، لأنّ كلَّ ما اتّبع سواه فهو باطل. فهذه الأقوال الخمسة هي المأثورة عن الصحابة والتابعين في بيان المراد بالصراط المستقيم. قال ابن كثير: (وكلّ هذه الأقوال صحيحةٌ، وهي متلازمةٌ، فإنّ من اتّبع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، واقتدى باللّذين من بعده أبي بكرٍ وعمر، فقد اتّبع الحقّ، ومن اتّبع الحقّ فقد اتّبع الإسلام، ومن اتّبع الإسلام فقد اتّبع القرآن، وهو كتاب اللّه وحبله المتين، وصراطه المستقيم، فكلّها صحيحةٌ يصدّق بعضها بعضًا، وللّه الحمد)ا.هـ. الموقف منها : أن هناك أقوال لا تصح لم يذكرها الشيخ لأن الأمانة في نقل الأقوال تقتضي الإتيان بنصّها أو التعبير عنها بما لا يخلّ بالمعنى. وقد نصح الشيخ الداخل حفظه الله طالب علم التفسير مرحلة المتوسط بالرجوع للمصادر الأصلية فيأخذ العبارة بنصها ولا يكتفي بما يُنقل من أقوال السلف في التفاسير المتأخرّة وأن يميّز ما يصحّ مما لا يصحّ؛ فتندفع عنه بذلك إشكالات كثيرة سببها النقل المخلّ، وحذف الأسانيد، والتوسّع في استخراج الروايات. س3:بين معاني الإنعام في القرآن؟ الإنعام يأتي في القرآن على معنيين: 1- إنعام عامّ :أن ينعم الله ليبتلي ويختبر الإنسان كيف يتصرف إزاء النعمة ، كما في قول الله تعالى: ﴿فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ...﴾، وقوله: ﴿فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. وهو عام للمؤمنين والكافرين كما قال تعالى: ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾وهذا الإنعام طريق للإهتداء الى الله وتوحيده وشكره وهو حجة على العباد ،كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾. 2- الإنعام الخاص، بالهداية والتوفيق والإجتباء والإعانة وصرف المعوّقات والوقاية من الفتن وكيد الشيطان وشرّ النفس. وهو كما في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾، وقوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾. س4: ما الحكمة من إسنادالإنعام في قوله تعالى: {أنعمتَ عليهم} إلى الله تعالى وعدم إسناد الغضب إليه جلّ وعلا في قوله: {المغضوب عليهم}؟ الحكمة من ذلك هي : 1-فيه بيان لتوحيد الله وإنعامه وحده جلّ وعلا الذي لولاه لما اهتدى أحد 2-فيه طلب وتوسل بنعمه سبحانه على خلقه بأن ينعم عليه كما أنعم عليهم وأن ييسر له الأسباب للإرتقاء مثلهم .كما قال ابن عاشور 3- أن هذا اللفظ أنسب للمناجاة والدعاء والتقرب إلى الله تعالى والتضرّع إليه. 4-يتضمن شكر النعمة لما فيه من التصريح بذكر المنعِم ونسبة النعمة إليه. قال ابن القيّم رحمه الله: (الإنعام بالهداية يستوجب شكر المنعِم بها، وأصل الشكر ذكرُ المنعِم والعمل بطاعته، وكان من شكره إبراز الضمير المتضمّن لذكره تعالى الذي هو أساس الشكر وكان في قوله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} من ذكره وإضافة النعمة إليه ما ليس في ذكر "المنعَم عليهم" لو قاله فضمّن هذا اللفظ الأصلين وهما الشكر والذكر المذكوران في قوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ})ا.هـ. س5: ما المراد بالمغضوب عليهم وبالضالين؟ صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه وصف اليهود بأنَّهم مغضوب عليهم، ووصف النصارى بأنّهم ضالون. ولذلك توافقت أقوال السلف على تفسير المغضوب عليهم باليهود، وتفسير الضالين بالنصارى وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس .قال ابن تيمية رحمه الله: (روى الترمذي وغيره عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون)) قال الترمذي حديث صحيح. وفي تفسير صح عن مجاهد بن جبر وهو من خاصة أصحاب ابن عباس ومن أعلمهم بالتفسير«يقول: فألهمنا دينك الحقّ، وهو لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، حتّى لا تغضب علينا كما غضبت على اليهود، ولا تضلّنا كما أضللت النّصارى؛ فتعذّبنا بما تعذّبهم به. يقول: امنعنا من ذلك برفقك ورحمتك وقدرتك». وسبب هذه التسمية أن اليهود علموا كيف يعبدون الله ولم يعملوا بعلمهم والنصارى عبدوا الله بدون علم فابتدعوا وضلوا .وهذا الوصف لا يقتصر عليهم لأنه له سبب فكل من كان بصفتهم لقي جزائهم س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. -الاستعانة بالله واستخارته والتضرع اليه في النفع والقبول -تنظيم استخراج المسائل ووضع تمهيد بين يدي السورة -الدقة والتحري في استخراج السند -الواقعية والبساطة وعدم التعقيد في اسلوب الكتابة فأسلوب الشيخ حفظه الله قريب من القلب يلامس حاجيات ضرورية في النفس -الاهتمام الكبير بأدلة القرآن والسنة -أن الناقل للتفسير لابد أن يكون له رأي كما الشيخ حفظه الله كان يضع آراءه المبنية على علم ودراسة في كل مسألة ولا يبخل بنصائحه الثمينة -وضع المهم وتجنب الاستطرادات -بحث مسائل تهم جميع مستويات طلاب العلم -تعلمت من الشيخ حفظه الله المثابرة وبذل الجهد في طلب مسائل العلم بالإضافة الى أمور كثيرة عجزت عن ترتيب الكلمات فيها أسأل الله أن يجازي شيخنا وكل القائمين على هذا العلم في المعهد الفردوس الأعلى آمين آمين |
المجموعة الثالثة:
س1: ما الحكمة من سؤال المسلم الهداية إلى الصراط المستقيم وقد هداه الله إلى الإسلام؟ المراد بذلك ثبتنا على الهدى كما تقول العرب للقائم قم حتى آتيك أ و أم المعنى ألزم قلوبنا الهدى فحذف الملزوم وقال بعضهم زدني هدى وأن دخول المسلم في الاسلام هو أصل الهداية لكنه يحتاج الى هدايات اخرى متنوعة ومتجددة وبيان ذلك من وجوه : 1 أن الهداية قائمة على العلم والعمل وهما يتفاضلان فيحتاج المؤمن الى البصيرة في الدين والاعانة على طاعة الله والعصمة من الضلالة في كل من أموره. 2 أن الهداية الأجمالية لا تغني عن الهداية التفصيلية. 3 أن القلب يتقلب وحاجة المرء الى سؤال الله التثبيت والهداية دائمة متجددة. 4 أن الفتن التي تعترض المؤمن في يومه وليلته كثيرة ومتنوعة ومن لم يهده الله ضل بها وكم أصابت المقصر من فتن ضرت به ولو أحسن الاستعاذة بالله وسؤاله الهداية لنجا من الشرور. 5 أن لكل عبد حاجات خاصة للهداية بما يناسب حاله فهو بحاجة الى أن يمده الله بتلك الهدايات وان لم يهده الله فلن يهتد. س2: ما هي أقوال السلف في معنى الصراط المستقيم؟ وما الموقف منها؟ المحفوظ عن السلف 5 أقوال: 1 دين الاسلام وهو قول جابر بن بعبد الله ورواية عن الضحاك وابن عباس وهو قول جمهور المفسرين وأشهر الأقوال. 2 هو كتاب الله وهو رواية صحيحة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. 3 هو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه روي هذا أيضا عن ابن مسعود. 4 هو النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما ورواية عن أبي العالية والرياحي والحسن البصري. 5 الحق وهو قول مجاهد بن جبر ورواه بن أبي حاتم. س3: بيّن معاني الإنعام في القرآن. 1 انعام عام وهو انعام فتنة وابتلاء ومنه قوله تعالى "فأما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن." وقوله "فاذا مس الانسان ضر دعانا ثم اذا خولناه نعمة منا قال انما اوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون." وهذا الانعام عام للمؤمنين والكافرين كما قال تعالى "كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك." وهذا الانعام حجة على العباد ودليل على المنعم ليخلصوا له العبادة ليشكروه على نعمه. 2 انعام خاص وهو انعام منة واجتباء وهو انعام هداية الى ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال وما يمن به على بعض عباده من أسباب فضله ورحمته. س4: ما الحكمة من إسناد الإنعام في قوله تعالى: {أنعمتَ عليهم} إلى الله تعالى وعدم إسناد الغضب إليه جلّ وعلا في قوله: {المغضوب عليهم}؟ التأدب مع الله تعالى في نسبة الخير اليه وعدم نسبة الشر اليه. س5: ما المراد بالمغضوب عليهم وبالضالين؟ روي عن ابن عباس وابن مسعود تفسير تفسير المغضوب عليهم بأنهم اليهود والضالين النصارى. وروي عن ابن عباس المغضوب عليهم اليهود الذين غضب الله عليهم ولا الضالين النصارى الذين أضلهم اللله بفريتهم عليه. وبين السلف - أنَّ سبب الغضب على اليهود أنَّهم لم يعملوا بما علموا؛ فهم يعرفون الحقّ كما يعرفون أبناءهم، لكنَّهم أهل عناد وشقاق وكِبْرٍ وحَسَد؛ وقسوة قلب، يكتمون الحقَّ، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويعادون أولياء الله؛ فاستحقّوا غضب الله. - وأنَّ النصارى ضلوا لأنّهم عبدوا الله على جهل، متبّعين في عباداتهم أهواءهم، مبتدعين في دينهم ما لم يأذن الله به، قائلين على ربّهم ما ليس لهم به علم؛ فكانوا ضُلّالاً لأنَّهم ضيّعوا ما أنزل الله إليهم من العلم، ولم يسترشدوا به، وعبدوا الله بأهوائهم، وغلوا في دينهم، واتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله؛ بطاعتهم فيما يشرّعون لهم من العبادات، وفي تحريم ما أحلّ الله، وتحليل ما حرّم الله؛ فضلّوا بذلك ضلالاً بعيداً. س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. 1 تعلق القلب بالله لا شريك له . 2 في زمن الفتن فان الناس بحاجة ماسة الى الهداية. 3 تربية الله لعباده بنعمه وتفضله عليهم بها. 4 الحذر من سلوك منهج اليهود والنصارى الذين تعلموا العلم فلم ينتفعوا به ولم يعملوا به. وقد استفدت من هذه الدورة القيمة شمول مسائل السورة وتنوع الموضوعات والاهتمام بها جميعا التعرف على الأحاديث الصحيحة والضعيفة في موضوعات شتى من السورة. الاطلاع الواسع على أكثر من كتاب في التفسير. تنوع طرق وأساليب التفسير من تفسير للصحابة والتابعين وسائر أقوال العلماء. التعرف على مقاصد الآيات وربطها بالواقع. |
مجلس مذاكرة القسم الثالث من تفسير الفاتحة المجموعة الثانية: س1: بيّن أوجه تفاضل السائلين في سؤال الهداية. يتفاضل السائلين في سؤال الله الهداية من وجوة: أحدها: حضور القلب عند الدعاء؛ فليس دعاء الغافل كدعاء حاضر القلب المقبل على ربه. والوجه الثاني: الإحسان في الدعاء؛ فليس من يدعو الله تعالى بتضرّعٍ وتقرّبٍ خوفاً وطمعاً؛ ويشهد اضطراره لإجابة الله دعاءه كمن هو دون ذلك. قال تعالى : {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء } فمن كان من أهل الإحسان في الدعاء كان نصيبه من الإجابة أعظم وأكمل، ومن كان دونه كان نصيبه بقدره. والوجه الثالث: مقصد الداعي من سؤال الهداية، فإنما الأعمال بالنيات، ولكلّ امرئ ما نوى، والله يعلم ما في قلب كل داعي وكل سائل ، ولذلك فإنَّ الأكمل للإنسان أن يقصد بسؤاله الهداية التامة التي يبصر بها الحقّ، ويتّبع بها الهدى، وأن يهديه بما هدى به عباده المحسنين. س2: بيّن المراد بالصراط المستقيم المراد بالصراط المستقيم ،هو وصف جامع لكل ما يوصل إلى رضوان الله وجنّته، وينجّي من سخط الله وعقوبته. فسُمّي الصراط صراطاً لوضوحه واستقامته ويسره وسعته، فإنّ الله تعالى يسّر الدين على عباده فلم يجعل عليهم فيه من حرج، وجعله شريعته سمحة بيّنة مستقيمة لا اعوجاج فيها، ولا تناقض ولا اختلاف؛ فمن أطاع الله ورسوله فقد سلك الصراط المستقيم؛ فهو صراط يُسار فيه بالإيمان والأعمال الصالحة. وللسلف خمس أقوال في المراد بالصراط المستقيم: القول الأول : هو دين الإسلام ،قاله جابر بن عبد الله ،والضحاك عن ابن عباس ، محمد بن الحنيفية ،وعبد الرحمن بن زيد ابن أسلم ،وأبوالعاليةوهو قول جمهور المفسرين ،وهذا أشهر الأقوال وأصلها . والدليل:حديث النوَّاس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعا، ولا تتعرجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد يفتح شيئا من تلك الأبواب، قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، والصراط الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي من فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم)). رواه أحمد وابن نصر المروزي وابن أبي عاصم والطحاوي والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان. القول الثاني: هو كتاب الله، قاله عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه. والدليل:عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (إن هذا الصراط محتضَرٌ تحضره الشياطين يقولون: يا عباد الله هذا الطريق فاعتصموا بحبل الله فإنَّ الصراط المستقيم كتاب الله). رواه الطبراني في الكبير، وابن نصر المروزي في السنة، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في شعب الإيمان، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. القول الثالث:هو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ،قاله أيضاً ابن مسعود . والدليل: عن عبد الله قال: «الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان، ولفظه: (الصراط المستقيم تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على طرفه، والطرف الآخر الجنة). القول الرابع:هو النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر، قاله ابن عباس رضي الله عنهما، وأبي العالية الرياحي والحسن البصري. والدليل : عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى {الصراط المستقيم} قال: «هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه» قال: فذكرنا ذلك للحسن فقال: «صدق والله ونصح، والله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما». رواه الحاكم موقوفاً على ابن عباس وصححه. القول الخامس: هو الحقّ ، قاله مجاهد بن جبر، رواه ابن أبي حاتم. وهذا القول حقيقته بيان وصف هذا الصراط المستقيم بأنَّه الحقّ، لأنّ كلَّ ما اتّبع سواه فهو باطل. قال ابن كثير: (وكلّ هذه الأقوال صحيحةٌ، وهي متلازمةٌ، فإنّ من اتّبع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، واقتدى باللّذين من بعده أبي بكرٍ وعمر، فقد اتّبع الحقّ، ومن اتّبع الحقّ فقد اتّبع الإسلام، ومن اتّبع الإسلام فقد اتّبع القرآن، وهو كتاب اللّه وحبله المتين، وصراطه المستقيم، فكلّها صحيحةٌ يصدّق بعضها بعضًا، وللّه الحمد)ا.هـ. س3: ما الحكمة من إضافة الصراط إلى الذين أنعم الله عليهم دون تسميتهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين؟ الحكمة من إضافة الصراط إلى الذين أنعم الله عليهم دون تسميتهم : 1-للتنبية على سبب كونهم من المنعم عليهم ،وهو هداية الله عزوجل لهم ،فهومحض فضل ومنه من الله وحده. 2-قطع التعلق بالأشخاص ،واستشعار العلم بأن اتباع من أمرنا باتباعهم امتثالاً لأمر الله وطاعتة له سبحانه. 3- أن الآية عامّة في جميع طبقات المنعَم عليهم؛ وأنه تعالى هو الذي هدى إلى جميع تفاصيل الطريق التي سلكها كلّ من أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. فكان ذكرهم بالوصف الجامع أوجز وأبلغ وأعمّ فائدة. س4: ما الحكمة من تقديم {المغضوب عليهم} على {الضالين}؟ اجتهدالمفسرون من أهل العلم في معرفة الحكمة من تقديم {المغضوب عليهم} على {الضالين}،فقالوا: 1- أن ذلك لمراعاة فواصل الآيات، ذكره ابن عاشور. 2-لأنَّ اليهود متقدمون في الزمان على النصارى، ذكره ابن القيّم. 3-لأن اليهود كانوا مجاورين للنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، بخلاف النصارى؛ فقدّمهم لقربهم، ذكره ابن القيّم أيضاً، ويشكل عليه أنَّ سورة الفاتحة مكية إلا إذا كان المراد أنَّ منازل اليهود في يثرب أقرب من منازل النصارى في نجران والشام؛ وفيه بعد. 4-أن اليهود أغلظ كفراً من النصارى؛ فبدأ بهم، ذكره ابن القيّم رحمه الله، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله. 5-لإفادة الترتيب في التعوّذ؛ لأن الدعاء كان بسؤال النفي؛ فالتدرّج فيه يحصل بنفي الأضعف بعد نفي الأقوى مع رعاية الفواصل، وهو قريب من الوجه السابق،ذكره ابن عاشور. 6-لأن الغضب يقابل الإنعام، فتقديم ذكر المغضوب عليهم أحسن مقابلة من تقديم ذكر الضالين، ذكره أبي حيان الأندلسي في البحر المحيط، وذكر ابن القيّم أنّه أحسن الوجوه. وهو وجه حسن، وأعمّ منه أن يقال: إن تقديم المغضوب عليهم على الضالين فيه تحقيق المقابلتين: المقابلة الخاصة والمقابلة العامة: - فالخاصة بين العمل وتركه. - والعامة بين العلم وعدمه. 7-لأنَّ أوّل ذنب عصي الله به هو من جنس ذنوب المغضوب عليهم؛ لأنَّه عصيان عن علم ومعرفة، وهو إباء إبليس السجود لآدم؛ فناسب تقديم المغضوب عليهم ،ذكره د.فاضل السامرائي. س5: ما الحكمة من إبهام ذكر الغاضب في قوله تعالى: {المغضوب عليهم}؟ لعل الحكمة من إبهام ذكر الغاضب في قوله تعالى: {المغضوب عليهم}: 1- أنَّ ذلك يفيد تعظيم شأن غضب الله عليهم، وأنه غضب الملك الجبّارمالك الملك، الذي يغضب لغضبه جنوده في السماوات وفي الأرض، فيجد آثار ذلك الغضب في كلّ حال من أحواله،فهو يفيد عموم الغاضبين وكثرتهم. والدليل: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، قال فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض).رواه مسلم في صحيحه 2- تأدّباً مع الله جلّ وعلا، أن أفعال العدل والجزاء والعقوبة يُحذف ذكر الفاعل فيها أو يسند الفعل إلى من كان له سبب فيه؛ ولئلا يقع في بعض النفوس ما لا يصحّ من المعاني التي يُنزّه الله عنها،وأما أفعال الجود والرحمة والإحسان تضاف إلى الله ،وهذه هو المعهود في الخطاب القرآني. 3- أنّ ذلك أبلغ في تبكيتهم والإعراض عنهم وتعدم الالتفات إليهم؛ بخلاف المنعم عليهم ففي إسناد فعل الإنعام إلى الله تعالى في قوله {أنعمت عليهم} ما يفيد عنايته بهم وتشريفهم وتكريمهم. س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. ما يستفاد من دراستنا لدورة تفسير سورة الفاتحة: 1-بيان طريقة تتبع أقوال المفسرين من كتبهم. 2-كيفية استخلاص المسائل التفسيرية،ودقتها. 3-الحرص على عزو الأقوال إلى أصحابها ،للأمانة العلمية. 4-الحرص على صحة الأسانيد ،وتخريج الأحاديث. 5-كثرة الاستدلال بالقرآن والسنة وأقوال السلف،تعزيزاً للأراء. 6- ظهور شخصية(الباحث) شيخنا الفاضل ورآيه في المسائل التفسيرية. 7- بيان مقصد كل آية من آيات هذه السورة العظيمة على حدا قبل استخراج مسائلها التفسيرية،فضلاً عن مقصد السورة العام ،وذلك يعين على فهم السورة وتدبرها ومن ثم العمل بها. 8-محاولة استخراج الحكم المستفادة من الآيات ،واستنباط الأحكام. 9- سهولة العبارات ،ودقة الألفاظ ،ووضوح المعنى ،وعدم التعقيد. فجزى الله الشيخ حفظه الله عنا خير الجزاء. |
المجموعة الثانية:
س1: بيّن أوجه تفاضل السائلين في سؤال الهداية. إن السائلين تختلف أحوالهم عند سؤال الهداية فلا يستوي سؤال المحسن وسؤال المسئ والمقصر بل يتفاضلون فيه من عدة وجوه: 1-حضور القلب وجمعه عند الدعاء ، فليس دعاء الحاضر القلب المدرك كدعاء الغافل اللاهي . 2-الإحسان في الدعاء ، فالدعاء بإخبات وتضرع وإنكسار بين يدي الله وهو في حالة اضطرار وبين خوفا وطمعا ليس كدعاء من هو دون ذلك فكلا بحسبه وكلا له نصيب في إجابة دعائه بقدر إحسانه . 3- مقصد الداعي من طلبه الهداية فالله يعلم ما تكن الصدور و نوي العبد بطلب الهداية فمن قصد بسؤاله الهداية التامة التي بها يبصر الحق ويستنير بها دربه فيتبع بها الهدى فلا شك أنه الأكمل . س2: بيّن المراد بالصراط المستقيم المراد بالصراط المستقيم هو ما فسرته الآية التي بعدها ( صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) فهذا وصف جامع مانع ، لما يوصل من سلكه إلى رضوان الله وجنته ، وينجيه من سخطه وعقابه . فسمي صراط لاستقامته ووضوحه واتساعه ويسره . فالدين قد يسره الله على عباده ووسعه عليهم فلا يشاد أحد الدين إلا غلبه ، وما جعل عليهم فيه من حرج وجعله شريعة سمحة مستقيمة لا عوج فيها ولا نقص ، ولا تعارض ولا اختلاف ، مبنية على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فمن اتبع هداه لا يضل ولا يشقى،كلما عمل حسنة ازداد بها قرباً إلى الله واستقامة وثباتاً على هذا الصراط . تنوعت عبارات السلف بالمراد بالصراط على خمسة أقوال لا اختلاف في مدلولها: 1- أنه دين الإسلام ، قاله جابر بن عبدالله وابن عباس ومحمد بن الحنيفية وعبدالرحمن بنزيد بن اسلم ورواية عن أبي العالية وهو قول جمهور المفسرين . واستدل بعض المفسرين على هذا القول بحديث النواس بن سمعان رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:((ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة.....) إلى أن قال:(، والصراط الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، ...)). الحديث رواه أحمد وابن نصر المروزي وابن أبي عاصم والطحاوي والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم من طريق معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس بن سمعان الأنصاري مرفوعاً، ولهذا الحديث طرق أخرى بألفاظ مقاربة. ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم مختصراً. والشاهد فيه قوله: (والصراط الإسلام). وهذه اللفظ تفرّد بروايتها معاوية بن صالح الليثي. - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: « {الصراط المستقيم} هو الإسلام، وهو أوسع ما بين السماء والأرض» رواه الحاكم وصححه. - وقال عاصم الأحول: قال أبو العالية: «تعلَّموا الإسلام؛ فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم؛ فإنه الإسلام، ولا تحرفوا الصراط شمالا ولا يمينا». رواه عبد الرزاق في مصنّفه وابن نصر المروزي في السنة، وابن وضاح في البدع، والآجرّي في الشريعة. 2-كتاب الله تعالى وهو رواية عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه - روى منصور بن المعتمر عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (إن هذا الصراط محتضَرٌ تحضره الشياطين يقولون: يا عباد الله هذا الطريق فاعتصموا بحبل الله فإنَّ الصراط المستقيم كتاب الله). رواه الطبراني في الكبير، وابن نصر المروزي في السنة، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في شعب الإيمان، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. واستدلّ بعض المفسّرين لهذا القول بما رواي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حديث وصف القرآن المشهور وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم ....) إلى ان قال :( وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم). رواه ابن أبي شيبة والدارمي والترمذي وغيرهم من طريق أبي المختار الطائي عن ابن أخي الحارث الأعور عن الحارث عن عليّ مرفوعا، ورواه الدارمي أيضاً من طريق عمرو بن مرة عن أبي البختري عن الحارث به، والحارث هو الأعور الهمداني متروك الحديث، وكان من كبار أصحاب عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، لكنَّه تغيّر بعده، وأحدث ما أحدث فترك أهل العلم حديثه، ومنهم من انتقى بعض حديثه مما لا نكارة فيه؛ كهذا الحديث ونحوه. وهذا القول صحيح في نفسه باعتبار أنَّ من اتّبع القرآن فقد اهتدى إلى الصراط المستقيم. 3-ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ، روي عن ابن مسعود ، روى الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: «الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان، ولفظه: (الصراط المستقيم تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على طرفه، والطرف الآخر الجنة). - وروى ابن وهب في جامعه من طريق أبان بن أبي عياش عن مسلم ابن أبي عمران، عن عبيد الله بن عمر بن الخطاب أنه أتى ابنَ مسعود عشيةً خميس وهو يذكّر أصحابه، قال: فقلت يا أبا عبد الرحمن، ما الصراط المستقيم؟ قال: يا ابن أخي، تركَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أدناه، وطرفه في الجنة، وعن يمينه جوادٌّ، وعن شماله جوادٌّ، وعلى كلِّ جوادٍّ رجالٌ يدعون كلَّ من مرَّ بهم: هَلُمَّ لك، هَلُمَّ لك، فمن أخذ معهم وردوا به النار، ومن لزم الطريق الأعظم وردوا به الجنة). وأبان ضعيف الحديث، لكن يشهد له ما قبله. 4-هو النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وصاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، قاله ابن عباس رضي الله عنهما ورواية عن أبي العالية والحسن البصري. - عن عاصم الأحول، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى {الصراط المستقيم} قال: «هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه» قال: فذكرنا ذلك للحسن فقال: «صدق والله ونصح، والله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما». رواه الحاكم موقوفاً على ابن عباس وصححه، ورواه محمد بن نصر المروزي في السنة مقطوعاً على أبي العالية. وهذا القول له سبب، وإنما قاله ابن عباس وأبو العالية الرياحي بعد مقتل عثمان وظهور الفرق؛ فأرادا أن يبيّنا للناس أن الصراط المستقيم ما كانت الأمة مجتمعة عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ليحذرا بذلك مما أُحدثَ بعده؛ فإنَّ كلّ تلك الفرق كانت تقول بالانتساب إلى الإسلام. 5- هو الحق ، قاله مجاهد بن جبر رواه ابن أبي حاتم. وحقيقة هذا القول أنه وصف للصراط المستقيم بأنه الحق، لأن كل من اتبع سواه فهو باطل . فهذه الأقوال الخمسة هي المأثورة عن الصحابة والتابعين في بيان المراد بالصراط المستقيم. قال ابن كثير: (وكلّ هذه الأقوال صحيحةٌ، وهي متلازمةٌ، فإنّ من اتّبع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، واقتدى باللّذين من بعده أبي بكرٍ وعمر، فقد اتّبع الحقّ، ومن اتّبع الحقّ فقد اتّبع الإسلام، ومن اتّبع الإسلام فقد اتّبع القرآن، وهو كتاب اللّه وحبله المتين، وصراطه المستقيم، فكلّها صحيحةٌ يصدّق بعضها بعضًا، وللّه الحمد)ا.هـ. س3: ما الحكمة من إضافة الصراط إلى الذين أنعم الله عليهم دون تسميتهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين؟ أجاب ابن القيم على هذا السؤال بعد أن أثاره بجواب حسن : -للتنبيه على سبب كونهم من المنعم عليهم وهي هدايتهم للصراط المستقيم فبهداية الله لهم كانوا من المنعم عليهم. -قطع التعلق بالأشخاص ، ونفي التقليد المجرد عن القلب ، واستشعار أن الاتباع إنما هو بامتثال أمر الله باتباع من أمرنا باتباعه ،وليس من الأجل الاشخاص. -أن الآية عامة في جميع طبقات واصناف المنعم عليهم وأن الله هو الذي هدى إلى جميع تفاصيل الطريق التي سلكها كل من أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، فكان ذكرهم بالوصف الجامع أوجز وأبلغ وأعم فائدة. * وربما والله أعلم ليبين أن الطريق التي سلكوه واحد بجميع تفاصيله وأن كل من سلكه فهو منعم الله عليه وأما اختلاف طبقاتهم سببه اختلافهم في قوة تمسكهم بهذا الطريق . س4: ما الحكمة من تقديم {المغضوب عليهم} على {الضالين}؟ اعتنى المفسرون بذكر الحكمة من ذكر فمن أقوالهم: -مراعاة الفواصل ، وهذا وإن كان صحيحا لكن يكفي بنفسه فلابد من ذكر الحكمة مع مراعاة الفواصل ، ذكره ابن عاشور وجها. -اليهودمتقدمون زمناً على النصارى ، ذكره ابن القيّم وجها. -لأن اليهود مجاورين للرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة بخلاف النصارى ، ذكره ابن القيّم وجها . ولكن السورة نزلت بمكة فيمكن ان يقال أن منازلهم أقرب من النصارى الذين كانوا بنجران والشام. -اليهود أغلظ كفراً من النصارى فبدأ بهم ، ذكره ابن القيّم وهو جواب شيخنا ابن عثيمين رحمه الله، قال: (قدم المغضوب عليهم على الضالين؛ لأنهم أشد مخالفة للحق من الضالين؛ فإن المخالف عن علم يصعب رجوعه بخلاف المخالف عن جهل)ا.هـ. -لإفادة الترتيب في التعوّذ؛ لأن الدعاء كان بسؤال النفي؛ فالتدرّج فيه يحصل بنفي الأضعف بعد نفي الأقوى مع رعاية الفواصل، وهذا حاصل جواب ابن عاشور، وهو قريب من الوجه السابق. -لأن الغضب يقابل الإنعام ،فتقديم المغضوب عليهم احسن مقابلة من تقديم الضالين .وهذا خلاصة جواب ابن حيان في البحر المحيط ذكر ابن القيّم أنّه أحسن الوجوه: قال: (فقولك: الناس منعم عليه ومغضوب عليه؛ فكن من المنعم عليهم أحسن من قولك: منعم عليه وضال)ا.هـ. -لأن أول ذنب عصي الله به من جنس ذنب المغضوب عليهم لأنه عصيان عن علم .هذا قول فاضل السامرائي . س5: ما الحكمة من إبهام ذكر الغاضب في قوله تعالى: {المغضوب عليهم}؟ الأظهر والله أعلم لبيان عظم شأن غضب الرب سبحانه وبحمده فإذا غضب الجبار غضب لغضبه جنوده في السموات والأرض ، فيجد آثار ذلك الغضب في كل حال من أحواله . وهذا نظير بغض الله تعالى لمن يبغض من عباده، كما في صحيح مسلم : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، قال فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض). وكما في صحيح ابن حبان ، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس». والمقصود أنَّ إبهام ذكر الغاضب هنا من فوائده عموم الغاضبين وكثرتهم. س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. الحمدلله أولاً حمدا كثيرا على تفضله لنا بهدايتنا للدراسة بهذا المعهد والشكر ثانياً لشيخنا نفع الله به وبارك له في أهله وعلمه وعمله. فقد استفدت كثيرا من دراسة مسائل التفسير وخاصة مسائل سورة الفاتحة ومن هذه الفوائد 1- فوائد حديثية منها معرفة أنواع المرويات الضعيفة وحكم الاستشهاد بها.وأيضا تذييل الروايات بتخريجها والحكم عليها.مما أعطى تفسير السورة قوة علمية . 2-جميع أقوال المفسرين وترتيبها والترجيح . 3-استفدت كثيرا من ابراز الحكمة في بعض الآيات مما فتح لي باب التدبر فيها. 4-استقصاء مسائل الآيات وجمعها من كتب التفسير ، وهذا يعلمنا طريقة بحث تفسير آية أن لا أقتصر على مرجعين أو ثلاثة. 5-ألا نكتفي بجميع الأقوال في معنى آية او الحكمة فيها او المناسبة ، بل اتدبر واعيد النظر مرة بعد مرة واستعين بالله واسأله من فضله ليمنّ علي بفهم كلامه واحاول استخرج فوائد او حكم ، واعرضها على أهل العلم للتأكد من صحة ما فتح الله به علي. فقد وجدنا وقفات وفوائد اضافها الشيخ حفظه الله وفتح عليه . 6-احث اخواني وأخواتي على مدراسة هذه السورة من زاد المفسر في رمضان في حلق القرآن في المساجد وتعليمها وبين أهلنا فهي زاد وخير زاد. 7- شعرت بضعف معرفتي بالتخريج حيث لمست أهميته وجماله عند تذييل الرواية به وما فيه من توثيق ودلالة على العلم ، فاتمنى إن كان في المعهد دورة عن التخريج تزويدي بها لشعوري بالحاجة لها لعل الله ييسر لي الإلتحاق بها ويرزقنا الفهم والعمل . سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك |
مجلس مذاكرة القسم الثالث من تفسير الفاتحة
المجموعة الخامسة: س1: ما الحكمة من تعدية فعل الهداية بنفسه في آية {اهدنا الصراط المستقيم} يتعدى فعل الهداية في القرآن بإلى وباللام وبنفسه، وفي أحوال هذه التعدية لابد من مراعاة معاني الحروف ، وما يحتمله السياقُ من المعاني المضمَّنة بالتعدية، وما يناسب مقاصد الآيات، وهذا يختلف من موضع لآخر. فعندما يأتي معدّى بإلى كما في قوله تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}: نجد أن فعل الهداية تضمّن معنى الدعوة فكان للتعدية في هذا الموضع بالاضافة لاختصار اللفظ وحسن سبكه فوائد منها: الحكم بأنّك على الهدى ، و بأنّ دعوتك دعوة هداية ،و بأنك تدعوهم إلى صراط مستقيم لا إلى غيره -- ويأتي معدّى باللام كما في قوله تعالى عن أهل الجنة: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} فهو لتحقيق ثمرة الهداية وبيان اختصاصها بالمهتدي - ويأتي معدّى بنفسه كما في هذه الآية {اهدنا الصراط المستقيم} فتجريد الفعل من الحرف وتعديته لنفسه تضمن معنى جامع لمعاني البيان والدلالة والإلهام والتوفيق والتهيئة فهو يطلب من الله أن يعرفه الصراط المستقيم ويبينه له ويوفقه فيه ويثبته عليه س2: ما فائدة وصف الصراط بأنّه مستقيم؛ إذا كان الصراط في اللغة لا يسمّى صراط حتى يكون مستقيماً؟ للعلماء في هذا ثلاث أقوال : 1- وصفه بأنَّه مستقيم وصف كاشف للتأكيد على استقامته، وانتفاء العوج فيه 2- وقيل: إن وصف الصراط بالاستقامة معنى زائد ، لأن ال في الصراط للعهد الذهني وهو منصرف إلى صراط معروف باستقامته فيستفاد من الوصف التوكيد 3- هذا الوصف يفيد بأنَّ هذا الصراط صوابٌ كلّه لا خطأ فيه ولا ضلال، وأنَّ من هُدي إليه فقد هدي للحقّ والدين القيّم، س3: ما المراد بالإنعام في قوله تعالى: {الذين أنعمت عليهم} الإنعام يأتي في القرآن على معنيين: المعنى الأوَّل: إنعام عامّ، وهو إنعام فتنة وابتلاء، وهذا الإنعام عام للمؤمنين والكافرين كما قال تعالى: ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾.وهو حجة على العباد ودليل على المنعم جل وعلا ليخلصوا له العبادة ويشكروه على نِعَمِه والنوع الثاني: الإنعام الخاص، وهو إنعام منَّة واجتباء، وهو خاص بالمؤمنين وهو الإنعام الخاص بالهداية والتوفيق والاجتباء والإعانة وصرف المعوّقات والوقاية من الفتن وكيد الشيطان وشرّ النفس. وهو المقصود هنا ،كما في قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾. فإنعام الله تعالى على عبده في هدايته إلى صراطه المستقيم يشمل : إنعام يعرّفه بسبيل الهدى ويبصّره به، وإنعام لإرادة اتّباع الهدى، وإنعام لإعانته على سلوك سبيله وصرف القواطع والمعوّقات عنه، وإنعام بتثبيته وتأييده حتى يجد ثمرة هدايته، وإنعام بتوفيقه للمداومة على سلوك هذا الصراط حتى يلقى ربَّه جلَّ علا وهو راضٍ عنه. وغير ذلك مما لايحيط به العبد علماً س4: هل يقتضي تفسير المغضوب عليهم والضالين باليهود والنصارى حصر المراد عليهم؟ وضّح إجابتك. جاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال عن السلف بوصف اليهود بأنَّهم مغضوب عليهم، ووصف النصارى بأنّهم ضالون ، وكان هذا الوصف ناتج عن سبب لذلك فهذا القول يشمل من فعل فعلتهم وكان على طريقهم فسوف يلقى نفس الجزاء وسبب وصف اليهود بالمغضوب عليهم : أنَّهم لم يعملوا بما علموا؛ فهم يعرفون الحقّ كما يعرفون أبناءهم، لكنَّهم أهل عناد وشقاق وكِبْرٍ وحَسَد؛ وقسوة قلب، يكتمون الحقَّ، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويعادون أولياء الله؛ فاستحقّوا غضب الله وسبب وصف النصارى بالضالين لأن : النصارى ضلوا لأنّهم عبدوا الله على جهل، متبّعين في عباداتهم أهواءهم، مبتدعين في دينهم ما لم يأذن الله به، قائلين على ربّهم ما ليس لهم به علم؛ فكانوا ضُلّالاً لأنَّهم ضيّعوا ما أنزل الله إليهم من العلم، ولم يسترشدوا به، وعبدوا الله بأهوائهم، وغلوا في دينهم، واتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله؛ بطاعتهم فيما يشرّعون لهم من العبادات، وفي تحريم ما أحلّ الله، وتحليل ما حرّم الله؛ فضلّوا بذلك ضلالاً بعيداً. س5: ما معنى "لا" في قوله تعالى: {ولا الضالين}؟ لعلماء اللغة أقوال في معنى "لا " في قوله تعالى: {ولا الضالين}. 1- هي زائدة ، وهو قول معمر بن المثنى ، وردّه الفراء وابن جرير. 2- بمعنى "غير" ، والإتيان بها هنا للتنويع بين الحروف، وهذا معنى قول الفراء. واستدل بها بقراءة صحيحة الإسناد ولكنها تركت بإجماع الصحابة لأنها مخالفة للمصحف الإمام وهي قراءة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: {غير المغضوب عليهم . وغير الضالين} 3- ادخال لا لحسم وهم قد يقع بأن "الضالين عطف على الذين" وهذا قول مكي بن أبي طالب في الهداية وقول الواحدي في البسيط. 4- مؤكدة للنفي الذي تضمنه معنى "غير"، وهذا القول ذكره مكي بن أبي طالب وابن القيّم. 5-لإفادة المغايرة الواقعة بين النوعين وبين كلّ نوع بمفرده، أي لئلا يفهم أنّ الصراط الآخر مشترك بين النوعين الآخرين، فدخلت "لا" للتصريح بأنّ المراد صراط غير هؤلاء وغير هؤلاء، فالمراد بالضالين طائفة غير الطائفة المعطوفة عليها ، وهذا القول ذكره ابن القيّم رحمه وهذا هو القول الأحسن في هذه المسألة س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. كما عهدنا بشيخنا الفاضل يفتح لنا أبواب من التدبر لم نعرفها من قبل ، وكأنني أقرأ تفسير معان للفاتحة لم أقرأها من قبل و هذا أن دل فأنما يدل على أن القرآن لا ينتهي أعجازه وأسراره فكلما تعمقنا في تفسيره وقراءة أقوال العلماء كلما فتح لنا أبواب من الفهم والتدبر لم نكن لندركها كان واضحا جليا أسلوب شيخنا في تثبيت ماعلمنا إياه خلال هذا البرنامج من عزو الأقوال إلى قائليها والطريقة الرائعة في جمع أقوال العلماء في كل مسائلة ثم ترجيح الأحسن والأرجح جزى الله شيخنا الفاضل وأعانه الله على أن يتم مشواره في سور القرآن كاملة تفسيرا وتدبرا بمنهجيته المتميزة وجزاكم الله خيرا |
المجموعة الرابعة:
س1: ما معنى ضمير الجمع في قوله: {اهدنا} القول الأول: هي دعاء العبد عن كل عضو من أعضاء الجسم وكل حاسة ظاهرة وباطنة، ولذلك فإن صيغة الجمع تعود على الأعضاء والحواس، و هو قول ضيعيف، وقد استضعف شيخ الإسلام ابن تيمية هذا القول لأن الإنسان اسم للجملة لا لكل جزء من أجزائه. القول الثاني: هو طلب الدعاء بالهداية للمصلي وإخوانه من المسلمين، فيكون له أجر الدعاء لنفسه ولإخوته، وقد ذكر معنى هذا القول ابن كثير في تفسيره. وهذا القول صحيح في نفسه لكن لا يُحمل عليه معنى الآية وحده. القول الثالث: وقد أجاب ابن القيم عن هذا اجابة وافية فقال: (الصواب أن يقال هذا مطابق لقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} والإتيان بضمير الجمع في الموضعين أحسن وأفخم فإن المقام مقام عبودية وافتقار إلى الرب تعالى وإقرار بالفاقة إلى عبوديته واستعانته وهدايته؛ فأتى به بصيغة ضمير الجمع أي نحن معاشر عبيدك مقرون لك بالعبودية، وهذا كما يقول العبد للملك المعظم شأنه: نحن عبيدك ومماليكك وتحت طاعتك ولا نخالف أمرك فيكون هذا أحسن وأعظم موقعاً عند الملك من أن يقول أنا عبدك ومملوكك، ولهذا لو قال: أنا وحدي مملوكك استدعى مقته؛ فإذا قال: أنا وكل من في البلد مماليكك وعبيدك وجند لك كان أعظم وأفخم؛ لأن ذلك يتضمن أن عبيدك كثيرٌ جداً، وأنا واحدٌ منهم وكلنا مشتركون في عبوديتك والاستعانة بك وطلب الهداية منك فقد تضمن ذلك من الثناء على الرب بسعة مجده وكثرة عبيده وكثرة سائليه الهداية ما لا يتضمنه لفظ الإفراد فتأمله وإذا تأملت أدعية القرآن رأيت عامتها على هذا النمط نحو: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ونحو دعاء آخر البقرة وآخر آل عمران وأولها وهو أكثر أدعية القرآن الكريم) أ.ه، فهو مقام تعظيم لله تعالى نظير إياك نعبد وإياك نستعين. ويمكن جمع القولين الثاني والثالث ورد الأول لأنه ضعيف، والله أعلى وأعلم. س2: بيّن معنى التعريف في "الصراط". ال التعريف للعهد الذهني، فهو يفيد صراط واحد لا غير، ومع افادته الحصر فهو يفيد التشريف والكمال والتفضيل س3: ما الموقف من اختلاف عبارات السلف في بيان المراد بالذين أنعم الله عليهم. تنوعت عبارات السلف في بيان معنى المراد بـ ( الذين أنعمت عليهم) إلا أن هذه الأقوال لا تعارض بينها، وهي من باب التفسير بالمثال بما يوضح المعنى للسائل وحسب ما تقتضيه الحاجة . فقولهم الذين أنعمت عليهم : الأنبياء، المؤمنون، النبي- صلى الله عليه وسلم - ومن معه، المسلمون، ...فكلها من باب المثال. س4: بيّن مراتب الهداية ودرجات المهتدين، وبيّن أثر معرفتها على استحضار معنى سؤال الهداية. مراتب الهداية: 1-هداية الدلالة والارشاد، وهي الهداية العلمية و التي تكون ثمرتها تبين الحق من الشر والهدى من الضلال. 2-هداية التوفيق والإلهام: وهي الهداية العملية والتي تكون ثمنؤتها تحري الحق والعمل به. فالهداية الحقيقية هي الجمع بين الهدايتين. والمهتدون على درجات: الدرجة الأولى: من كان عنده أصل الهداية وهو الاسلام اعتقادا وقولا وعملا، ولكن ارتكبوا بعض الكبائر وفرضوا مع بعض الواجبات، فهؤلاء لهم نصيب من الهداية بحسب ما معهم من الإيمان، ولكنهم ظلموا أنفسهم بما ارتكبوا من الذنوب. الدرجة الثانية: المتقون، فقد هداهم الله لفعل الواجبات وترك المحرمات فنجوا من العذاب واستحقوا الثواب. الدرجة الثالثة: المحسنون، وأهل هذه الدرجة أكمل المراتب، فقد عبدوا الله كأنهم يرونه، وفاجتهدوا بالتقرب إليه بما يحب ويرضى. وعلى هذا فإن على العبد عند سؤال الله الهداية أن يستحضر في قلبه: -دلالة الهداية والارشاد وأن يكون له بصيرة ومعرفة بالحق وعلاماته، ويبصر الباطل ويعرفه ويعرف علاماته، ويميز بينه وبين الحق. وهذ الهداية وما تستلزمه من تمييز الحق عن الباطل يتفاوت فيها المعتدون كثيرا، وكلما عظمت في القلب استطاع المسلم - بفضل الله- أن ينجو من فتن الشبهات والشهوات وكان أكثر بصيرة وهى، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم الأنفال -ويسأل الله تعالى هداية التوفيق والإلهام ، والتي هي نتيجة للهداية الأولى وهي أصل الفلاح والفوز، لأنها امتثال أمر الله واجتناب نهيه والفوز بمرضاته وطاعته. س5: إذا كان كل من اليهود والنصاري مغضوب عليهم وضالّون فما الحكمة من تخصيص كلّ طائفة بوصف؟ في ذلك أقوال: 1-إن الله تعالى وصف كل طائفة بما تًعرف به حتى صار ذلك علامة عليها.- وهو حاصل قول ابن جرير- 2-أن أفاعيل اليهود من التكبر ومعاندة الأنبياء وقتلهم أوجب لهم الغضب خاصة، أما النصارى فقد ضلوا من أول كفرهم ولم يقع منهم ما حصل من اليهود- وهو هاصل قول ابن عطية- 3-اليهود أمة تميزت بمعاندة أنبيائها فهم أخص بالغضب، والنصارى أمة جهل فهم أخص بالضلال- وهو رأي ابن القيم وتبعه ابن كثير- وقال ابن القيم: ( الشقاء والكفر ينشأ عنهم عدم معرفة الحق تارة وعدم ارادته تارة والعمل به أخرى، فكفر اليهود نشأ من عدم غرادة الحق والعمل به وإيثار غيره عليه بعد معرفته فلم يكن ضلالا محضا، وكفر النصارى نشأ من جهل بالحق وضلالهم فيه، فلو تبين لهم وآثروا الضلال عليه فهم أشبه باليهود....) وفي هذا التمييز لليهود والنصارى يتبين سبب سلب نعمة الهداية س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. لقد منّ الله علينا بهذه الدورة المباركة التي أعطتني صورة واضحة جدا عن دراسة المسائل التفسيرية، وكنت - سبحان الله- وأنا أقرأ مادة الدورة أشعر كمن يقف في نقطة ينظر فيمن حوله ، وكلما انتقلت إلى نقطة جديدة في التفسير أشعر كمن امتد بصره فأدرك ما هو أبعد، بل هذه الدورة أعطتني طريقة علمية في كتابة الخطط البحثية وتناول الموضوع من كل جوانبه، وعلمتني أن كلام الله تعالى لا ينفد عطاؤه، وكلما تأملت في الآية أو حتى الكلمة القرآنية فإنني سأجد الكثير مما أنتفع به من كلام، مع علمي بعدم القدرة على الإحاطة. وتعلمت أن أجمع الأقوال وأحاول أن أقارب بينها بما يتفق وأصول التفسير التي تعلمناها، وأن التعرض للأقوال الضعيفة هو من باب التنبيه والتحذير فجزاكم الله خيرا ونفع بكم |
المجموعة الثانية س1: بيّن أوجه تفاضل السائلين في سؤال الهداية.يتفاضل السائلون في سؤال الهداية إلى وجوه: أولا: حضور القلب عند الدعاء؛ فليس دعاء الغافل اللاهي كدعاء المدرك الواعي. ثانيا: الإحسان في الدعاء؛ فمن يتضرع إلى الله ويتقرب إليه ويدعوه خوفا وطمعا ليس كمن يدعوه بما دون ذلك ، فكلٌ نصيبه من الإجابة بقدر نصيبه من الإحسان في الدعاء . ثالثا : مقاصد الداعي من السؤال ، والله سبحانه يعلم مقصد كل سائل ، فالأكمل أن يقصد بسؤاله الهداية التامة من جميع الوجوه . س2: بيّن المراد بالصراط المستقيم معنى الصراط لغة: الطريق الواضح الواسع السهل المستقيم الموصل للمطلوب. المراد بالصراط المستقيم: وقد فسره الله سبحانه بقوله : (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) . وهو وصف جامع مانع لما يوصل إلى رضوان الله وجنّته، وينجّي من سخط الله وعقوبته ، فهو واضح مستقيم ميسر فلم يجعل الله على عباده حرج في الدين ولا تناقض ولا اختلاف؛ فمن أطاع الله ورسوله فقد اتّبع الهدى وسلك الصراط المستقيم . وقد تنوعت عبارات السلف في وصف المراد بالصراط المستقيم ، ومن ذلك : 1- دين الإسلام، وهو قول جابر بن عبد الله، ورواية الضحاك عن ابن عباس، وهو قول محمّد بن الحنفية وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ورواية عن أبي العالية الرياحي، وهو قول جمهور المفسّرين. 2- كتاب الله تعالى، وهو رواية صحيحة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. 3- ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهذا القول رواية عن ابن مسعود. 4- النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما، ورواية عن أبي العالية الرياحي والحسن البصري. 5- هو الحقّ ، وهو قول مجاهد بن جبر رواه ابن أبي حاتم. قال ابن كثير: (وكلّ هذه الأقوال صحيحةٌ، وهي متلازمةٌ، فإنّ من اتّبع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، واقتدى باللّذين من بعده أبي بكرٍ وعمر، فقد اتّبع الحقّ، ومن اتّبع الحقّ فقد اتّبع الإسلام، ومن اتّبع الإسلام فقد اتّبع القرآن، وهو كتاب اللّه وحبله المتين، وصراطه المستقيم، فكلّها صحيحةٌ يصدّق بعضها بعضًا، وللّه الحمد) س3: ما الحكمة من إضافة الصراط إلى الذين أنعم الله عليهم دون تسميتهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين؟ هناك عدة وجوه من إضافة الصراط إلى ضمير الصلة ، أجاب بها ابن القيم رحمه الله ، ومنها : أولا : توضيح أن الهداية بيده سبحانه ، وأنه لو لم ينعم عليهم بالهداية لما كانوا من المنعم عليهم . ثانيا : قطع تعلق القلب بالأشخاص ، وأننا أمرنا باتباعهم امتثالا لأمر الله سبحانه لا لمجرد أشخاصهم . ثالثا : توضيح أن الآية عامة لجميع من أنعم الله عليهم وأنه سبحانه أوضح طريق الهداية فمن سلكه أنعم الله عليه وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . س4: ما الحكمة من تقديم {المغضوب عليهم} على {الضالين}؟ ذكر المفسرون عدة أوجه لإجابة هذه المسألة ، منها : أولا : أن ذلك لمراعاة فواصل الآيات، وقد ذكره ابن عاشور وجهاً. ثانيا : لأنَّ اليهود متقدمون في الزمان على النصارى، ذكره ابن القيّم وجها . ثالثا : لأن اليهود كانوا مجاورين للنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، بخلاف النصارى؛ فقدّمهم لقربهم، وهذا الجواب ذكره ابن القيّم أيضاً. وهنا إشكال : إذ أنَّ سورة الفاتحة مكية ، إلا إذا كان المراد أنَّ منازل اليهود في يثرب أقرب من منازل النصارى في نجران والشام؛ وفيه بعد. رابعا : أن اليهود أغلظ كفراً من النصارى؛ فبدأ بهم، وهذا الجواب ذكره ابن القيّم رحمه الله، وهو جواب ابن عثيمين رحمه الله ، قال:(قدم المغضوب عليهم على الضالين؛ لأنهم أشد مخالفة للحق من الضالين؛ فإن المخالف عن علم يصعب رجوعه بخلاف المخالف عن جهل)ا.هـ. خامسا : لإفادة الترتيب في التعوّذ؛ لأن الدعاء كان بسؤال النفي؛ فالتدرّج فيه يحصل بنفي الأضعف بعد نفي الأقوى مع رعاية الفواصل، وهذا حاصل جواب ابن عاشور، وهو قريب من الوجه السابق. سادسا : لأن الغضب يقابل الإنعام، فتقديم ذكر المغضوب عليهم أحسن مقابلة من تقديم ذكر الضالين، وهذا خلاصة جواب أبي حيان الأندلسي في البحر المحيط، وذكر ابن القيّم أنّه أحسن الوجوه. قال الشيخ عبد العزيز الداخل : وهو وجه حسن، وأعمّ منه أن يقال: إن تقديم المغضوب عليهم على الضالين فيه تحقيق المقابلتين: المقابلة الخاصة والمقابلة العامة: - فالخاصة بين العمل وتركه. - والعامة بين العلم وعدمه. سابعا : لأنَّ أوّل ذنب عصي الله به هو من جنس ذنوب المغضوب عليهم؛ لأنَّه عصيان عن علم ومعرفة، وهو إباء إبليس السجود لآدم؛ فناسب تقديم المغضوب عليهم، وهذا الوجه زاده د.فاضل السامرائي على الوجوه المتقدّمة. س5: ما الحكمة من إبهام ذكر الغاضب في قوله تعالى: {المغضوب عليهم}؟ ذكر المفسرون عدة أجوبة على هذه المسألة منها : أنَّ ذلك لإفادة عظم شأن غضب الله عليهم، وأنه غضب الملك الجبّار الذي يغضب لغضبه جنوده في السماوات وفي الأرض، فيجد آثار ذلك الغضب في كلّ حال من أحواله. وقد ذكر ابن القيّم رحمه الله تعالى وجهين آخرين: أحدهما: تأدبا مع الله سبحانه وتعالى على طريقة القرآن في نسبة أفعال الإحسان والرحمة لله ، وأفعال العدل والعقوبة والجزاء يُحذف الفاعل فيها ، ولئلا يقع في بعض النفوس ما لا يصحّ من المعاني التي يُنزّه الله عنها، كما في قول الله تعالى فيما حكاه عن الجنّ {وأنا لا ندري أشرّ أُريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربّهم رشداً} ومنها: أنّ ذلك أبلغ في تبكيتهم والإعراض عنهم وترك الالتفات إليهم؛ بخلاف المنعم عليهم ففي إسناد فعل الإنعام إلى الله تعالى في قوله {أنعمت عليهم} ما يفيد عنايته بهم وتشريفهم وتكريمهم. س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. يتضح من دراسة دورة تفسير سورة الفاتحة وضوح مراحل استخلاص مسائل التفسير ، ومن ذلك : 1- تصنيف المسائل ، فكل مسألة لها عنوان محدد واضح مناسب للمسألة . 2- استخلاص أقوال السلف في المسائل ، وذكر أقوال المفسرين والعلماء كأقوال ابن تيمية وابن القيم . 3- ذكر الأدلة على المسألة من آيات وأحاديث وأقوال السلف ، ومحاولة الجمع بينها أو الترجيح . 4- تحرير المسائل بأسلوب واضح مفهوم . 5- وضوح التنظيم وحسن العرض ووضع الموضوع في فقرات لها عناوين مناسبة . |
المجموعة الأولى:
س1: بيّن ما يشمله الدعاء بقول: {اهدنا الصراط المستقيم}. بعد ماتقدم من الحمدلله والثناء عليه والتوسّل له بإخلاص العبادة والاستعانة به أتت هذه الآية الجليلة التي هيّ دعاء ومسألة كماورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربّه تبارك وتعالى: (فإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوبعليهم ولا الضالين} قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل). فنجد في هذه الآية العظيمة دعاءٌ وسؤال وتوسلٌ واخلاص،واستعانة وتجرد وبراءة من الشرك وأهله ودعاءٌ للمسلمين بنواله . قال ابن القيّم رحمه الله: (فالقائل إذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} هو طالبٌ من الله أن يُعرِّفَه إيَّاه ويبّينه له ويلهمه إياه ويقدره عليه؛ فيجعل في قلبه علمَه وإرادتَه والقدرةَ عليه؛ فجَرَّدَ الفعلَ من الحرف، وأتى به مجرَّدا معدىً بنفسه ليتضمَّن هذه المراتب كلَّها، ولو عُدِّيَ بحرفٍ تعيَّن معناه وتخصَّص بحسب معنى الحرف؛ فتأمَّله فإنه من دقائق اللغة وأسرارها). س2: بيّن معنى الصراط لغة. الصراط لغة : هو الطريق الواضح الواسع السهل المستقيم الموصل للمطلوب. ومن ذلك قول جرير بن عطيّة بن الخطفى:أمير المؤمنين على صراطٍ.......إذا اعوجّ الموارد مستقيم) والأصل في والمقصود أنَّ الأصل هو السين، وقد نَقَل أبو منصور الأزهري عن بعض أهل اللغة أنَّ السِّرَاط إنما سُمّي سِراطاً؛ لأنه يسترط المارّة، أي يسعهم. وذكر ابن جرير: أنّ أهل الحجة من أهل التّأويل قد أجمعو على إن الصّراط المستقيم هو الطّريق الواضح الّذي لا اعوجاج فيه. وكذلك ذلك في لغة جميع العرب؛ فمن ذلك قول جرير بن عطيّة بن الخطفى: أمير المؤمنين على صراطٍ.......إذا اعوجّ الموارد مستقيم)ا.هـ. قال ابن القيم : (وبنوا "الصراط" على زِنَةِ فِعَال لأنَّه مُشْتَمِلٌ على سالكِهِ اشتمالَ الحلقِ على الشيءِ المسرُوط). وأصل الصاد في الصراط منقلبة عن السين، وقد نَقَل أبو منصور الأزهري عن بعض أهل اللغة أنَّ السِّرَاط إنما سُمّي سِراطاً؛ لأنه يسترط المارّة، أي يسعهم،وورد في قراءة ابن كثير (السِّراط) بالسين، وفي قراءةٍ لأبي عمرو (الزِّرَاط) بالزّاي الخالصة، ومن القُرّاء من يشمّ الزاي بالصاد، وذلك كما قال ابن الجزري: (لأن حروف الصفير يبدل بعضها من بعض). وهيّ جميعاً متفقة في المعنى، وإنما اختلف النطق بها لاختلاف لغات العرب، ورُسمت في المصحف صاداً خلاف الأصل لتحتمل الأوجه كلها. س3: ما الحكمة من حذف متعلّق الإنعام في قوله تعالى: {أنعمت عليهم}؟ كلّ حذف في القرآن له حكمة،وهذا من بلاغة هذا الكتاب العظيم، والحكمة من حذف متعلق الإنعام في قوله تعالى (أنعمت عليهم ) أنه للدلالة على العموم وذلك لما يحتاجه العبد من الهدايات الكثيرة في كلّ شأن من شؤونه. س4: ما الحكمة من تكرار ذكر الصراط؟ من نظر في كتاب الله متأملاً لكلماته وحروفه وجد أن لكلّ حرف معنى ولكلّ لفظة مغزى منزلٌ، من لدن حكيمٌ عليم ،والحكمة التي تظهر من تكرار ذكر الصراط كما ذكر المفسرون، أن لكلّ موضع حكمة ومناسبة وفائدة لا تتحقق في غيره،ففي الأولى أتى الصراط معرفاً باللام، لأن الأهمّ للسائل أن يُهدى إلى الصراط المستقيم، وهو الطريق الصحيح السهل المفضي إلى العاقبة الحسنة، وفي الموضع الثاني: أتى معرّفاً بالإضافة ليفيد بأنَّه صراط آمن مسلوك قد سلكه الذين أنعم الله عليهم ففازوا بفضل الله ورحمته وحسن ثوابه. وقال ابن عاشور في تفسير هذه الآية ما خلاصته أن فيه تفصيلاً بعد إجمال مفيد؛ ليتمكّن الوصف الأوّل من النفوس، ثمّ يعقب بالتفصيل المبيّن لحدود الصراط وعلاماته وأحوال السالكين وأحكامهم. وقال ابن القيّم رحمه الله: (وهذا كما إذا دللت رجلا على طريق لا يعرفها وأردت توكيد الدلالة وتحريضه على لزومها وأن لا يفارقها؛ فأنت تقول: (هذه الطريق الموصلة إلى مقصودك)، ثم تزيد ذلك عنده توكيدا وتقوية فتقول: (وهي الطريق التي سلكها الناس والمسافرون وأهل النجاة)، أفلا ترى كيف أفاد وصفك لها بأنها طريق السالكين الناجين قدرا زائدا على وصفك لها بأنها طريق موصلة وقريبة سهلة مستقيمة فإن النفوس مجبولة على التأسّي والمتابعة فإذا ذُكِرَ لها من تتأسّى به في سلوكها أَنِسْتَ واقتحمتها، فتأمّله)ا.هـ. س5: ما سبب توافق السلف في تفسير المراد بالمغضوب عليهم والضالين؟ سبب توافق السلف في تفسيرالمراد بالمغضوب عليهم والضالين،ماورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث صحيح صححه جماعة من أهل العلم، واستشهد لصحة معناه من القرآن جماعة من أهل العلم، وهو حديث عديّ بن حاتم رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضلال)). رواه أحمد والترمذي وابن جرير وغيرهم ، ومن الذين استشهد لصحة معناه من القرآن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ إذ قال: (وقد دل كتاب الله على معنى هذا الحديث، قال الله سبحانه: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ}، والضمير عائد إلى اليهود، والخطاب معهم كما دل عليه سياق الكلام. وقال تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} وذكر في آل عمران قوله تعالى: {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} وهذا بيان أن اليهود مغضوب عليهم. وقال في النصارى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} إلى قوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}. وهذا خطاب للنصارى كما دل عليه السياق، ولهذا نهاهم عن الغلو، وهو مجاوزة الحد، كما نهاهم عنه في قوله: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} {وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ} الآية. واليهود مقصرون عن الحق، والنصارى غالون فيه) . وصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حذر أمّته من التشبّه باليهود والنصاري، وأخبر أنَّ من هذه الأمّة من سيتبع سننهم؛ كما في الصحيحين أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبرا شبرا وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم»، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فمن». وورد مسند الإمام أحمد وسنن أبي داوود عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم». س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. نحمد الله تعالى أن منّ علينا بمثل هذه الدورة المباركة المؤصّلة التي استفدنا منها استفادة عظيمة اسأل الله الكريم أن يرزقنا العمل بما علمنا وأن يزيدناعلماً وفهماً،ومن هذه الفوائد : 1- تعظيم كتاب الله والإجتهاد في فهمه وتعلمه وتعليمه للناس . 2- الحرص على ماورد عن النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح والتماس بركة علمهم والسير على نهجهم والتأمل في ماورد عنهم . 3- تعظيم ماورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بتتبع رواته ومعرفة صحيحه من ضعيفه . 4- الأمانة العلميه،بعزو الأقوال إلى اصحابها، وإيضاح المبهم منها،والتماس العذر للمخطئ . 5- الإعتناء بطلاب العلم الشرعي وإحسان توجيههم والصبر على تقصيرهم وقلة بضاعتهم . 6- الإهتمام بكثرة المراجع لتثري البحث وتتضح جوانب مسائله،وغير هذا من الفوائد العامة والخاصة التي وجدت أثرها في نفسي ومن حولي ،اسأل الله أن يبارك في الجهود وأن يعمّ بنفعها الإسلام والمسلمين . |
المجموعة الثالثة:
س1: ما الحكمة من سؤال المسلم الهداية إلى الصراط المستقيم وقد هداه الله إلى الإسلام؟ إن المسلم يحتاج في كل خطوة من خطوات حياته إلى هداية الله تعالى له لإن الهداية هي البصيرة ومعرفة الحق من الباطل ومعرفة عواقب الأمور وما يرضي الله تعالى مما يغضبه من الأقوال والأفعال فيقف عند نواهيه ويؤدي حقوقه وكل هذا لا يكون له إلا بحصول نوعي الهداية له هداية الدلالة والإرشاد وهي هداية العلم الذي يعرف به حقائق الأمور الطيب من الخبيث والحق من الباطل ويختلفون الناس في ذلك اختلافا كبيرا , فمن الناس يحصل له بالهداية من اليقين ما يفرق به بين الحق والباطل ويكون له من النور, وعلى قدر ما قام بقلبه ,من معاني العبودية, من المحبة, والخضوع, والخوف ,يكون حظه ,ونصيبه من الهداية, فييسر الله بذلك فعل الأوامر, ويبعد عنهم الشرور, ويحصل لهم ما يريدون من النصرة ,والرزق, وصلاح الأولاد, وسعادة الدارين, فيحصل له بذلك هداية العلم وهداية العمل. ومن الناس من يكون له من الهداية ما يفرق به بين الإسلام والكفر ويكون معه أصل الهداية فقط . ولخص أهل العلم الحكمة من طلب الهداية مع إننا مسلمين في أمرين فذهب ابن جرير وأبو إسحاق الزجاج وأبو جعفر النحاس وشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من اللغويين - إلى أنّ المراد :ثبّتنا على الهدى. - وقيل : زدني هدى. س2: ما هي أقوال السلف في معنى الصراط المستقيم؟ وما الموقف منها؟ تنوعت عبارات السلف في التعريف بالصراط المستقيم وهذه وإن اختلفت في ألفاظها لكنها لا تختلف في مدلولاتها ومما أثر عن الصحابة والتابعين في ذلك خمسة أقوال : - دين الإسلام : وهو قول جابر بن عبد الله، و الضحاك عن ابن عباس، وهو قول محمّد بن الحنفية وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ورواية عن أبي العالية الرياحي، وهو قول جمهور المفسّرين. وهو أعم الأقوال وأشملها وأصحها فكل ما يفعله العبد من العبادات داخل في معنى الإسلام , واستدلوا عليه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه النواس بن سمعان ا لكلابي رضي الله عنه أنه قال: ((ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعا، ولا تتعرجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد يفتح شيئا من تلك الأبواب، قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، والصراط الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي من فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم)). رواه أحمد وابن نصر المروزي وابن أبي عاصم والطحاوي والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم من طريق معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس بن سمعان الأنصاري مرفوعاً، ولهذا الحديث طرق أخرى بألفاظ مقاربة. - وقيل هو كتاب الله تعالى : وهو رواية صحيحة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه, ودليله ما روى منصور بن المعتمر عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (إن هذا الصراط محتضَرٌ تحضره الشياطين يقولون: يا عباد الله هذا الطريق فاعتصموا بحبل الله فإنَّ الصراط المستقيم كتاب الله). رواه الطبراني في الكبير، وابن نصر المروزي في السنة، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في شعب الإيمان، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. - وقيل هو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه : وهو رواية عن ابن مسعود فيما رواه الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: «الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان، ولفظه: (الصراط المستقيم تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على طرفه، والطرف الآخر الجنة). وقيل هو النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما، ورواية عن أبي العالية الرياحي والحسن البصري, فيما روي عن عاصم الأحول، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى {الصراط المستقيم} قال: «هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه» قال: فذكرنا ذلك للحسن فقال: «صدق والله ونصح، والله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما». رواه الحاكم موقوفاً على ابن عباس وصححه، ورواه محمد بن نصر المروزي في السنة مقطوعاً على أبي العالية, لكن هذا اذا عرفنا زمن هذا القول عرفنا سببه وهو إنما قاله ابن عباس وأبو العالية الرياحي بعد مقتل عثمان وظهور الفرق؛ فأرادا أن يبيّنا للناس أن الصراط المستقيم ما كانت الأمة مجتمعة عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ليحذرا بذلك مما أُحدثَ بعده؛ فإنَّ كلّ تلك الفرق كانت تقول بالانتساب إلى الإسلام. - وقيل هو الحقّ : وهو قول مجاهد بن جبر فيما رواه عنه ابن أبي حاتم. وهو عباره عن وصف لحقيقة الصراط في كونه اتباع لما أنزل الله ، ولأنّ كلَّ ما اتّبع سواه فهو باطل. وهذه الأقوال جمع بينها ابن كثير فقال: (وكلّ هذه الأقوال صحيحةٌ، وهي متلازمةٌ، فإنّ من اتّبع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، واقتدى باللّذين من بعده أبي بكرٍ وعمر، فقد اتّبع الحقّ، ومن اتّبع الحقّ فقد اتّبع الإسلام، ومن اتّبع الإسلام فقد اتّبع القرآن، وهو كتاب اللّه وحبله المتين، وصراطه المستقيم، فكلّها صحيحةٌ يصدّق بعضها بعضًا، وللّه الحمد)ا.هـ. س3: بيّن معاني الإنعام في القرآن. إنعام عام : ويشمل المؤمن , والكافر, ويشمل كل نعمه أنعم الله بها على الإنسان, من مال, وولد, وصحة ,وجاه ,وهي اختبار من الله عز وجل لعباده ليعلم هل يشكروه ,ويعبدوه أم يكفروه, وقد دل القرآن عليها بقوله تعالى ﴿فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ...﴾ وقوله ﴿فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ إنعام خاص : والمقصود به إنعام الله على من يشاء من عباده بالهداية لما يحب ويرضى من القول ,والعمل, وهذه نعمة اصطفاء خاصة بالمؤمنين بهدايتهم, وتوفيقهم ,وهو مايدل عليه قوله تعالى ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾، وقوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾. س4: ما الحكمة من إسناد الإنعام في قوله تعالى: {أنعمتَ عليهم} إلى الله تعالى وعدم إسناد الغضب إليه جلّ وعلا في قوله: {المغضوب عليهم}؟ - لإن في ذكر الضمير دلالة قوية على توحيد الله عز وجل وذكر فضله وإنعامه عليه بهدايته وتوحيده, وأنه لولا إنعامه لما اهتدى إلى ذلك . - التوسل إلى الله والثناء عليه بما أنعم على عباده الصالحين من الصديقين, والنبيين ,وأنه لولا انعامه عليهم ما حصل لهم هذا الإنعام فيتوسل ليحصل له ما حصل لهم من الإنعام بالهداية . - أن هذا اللفظ يلائم مناجاة الله عز وجل ,والتقرب ,والتضرع إليه . - إن من شكر النعمة التصريح بذكر المنعم, والاعتراف بفضله ,وإنعامه . س5: ما المراد بالمغضوب عليهم وبالضالين؟ وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث عدة تبين معنى المغضوب عليهم بأنهم اليهود ومعنى الضالين أنهم النصارى ومن هذه الأحاديث : حديث عديّ بن حاتم الطائي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضلال)). رواه أحمد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن خزيمة. وهو العمدة في هذه الأحاديث فقد صححه جماعة من أهل العلم، واستشهد لصحة معناه من القرآن جماعة من أهل العلم، وقال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (وقد دل كتاب الله على معنى هذا الحديث، قال الله سبحانه: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ}، والضمير عائد إلى اليهود، والخطاب معهم كما دل عليه سياق الكلام, قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ} وهم المنافقون الذين تولوا اليهود باتفاق أهل التفسير، وسياق الآية يدل عليه. وقال تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} وذكر في آل عمران قوله تعالى: {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} وهذا بيان أن اليهود مغضوب عليهم. وقال في النصارى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} إلى قوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}. وهذا خطاب للنصارى كما دل عليه السياق، ولهذا نهاهم عن الغلو، وهو مجاوزة الحد، كما نهاهم عنه في قوله: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} {وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ} الآية. واليهود مقصرون عن الحق، والنصارى غالون فيه)ا.ه ولا يقتصر معنى المغضوب عليهم على اليهود فقط, وإنما يشمل كل من اتصف بصفاتهم, من الحسد, والكبر ,وقسوة القلب ,وتحريف كلام الله ,وتبديل شرائعه ,واتباع غير مرضاته, ومخالفة ما يعلمون . وكذلك معنى الضالين لا يقتصر على النصارى فقط, وإنما يشمل كل من اتصف بصفاتهم, من العمل بالهوى, وضياع العلم الذي أنزل إليهم في كتبهم, وتحريم ما أحل الله, وتحليل ما حرم الله, واتباع في ذلك علمائهم, وأمرائهم نسأل الله السلامة والعافية . س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. تعلمت والحمد لله أن أول ما أبدأ به عند تفسير السورة ما يلي : - التمهيد الذي يشمل فضائل السورة فنذكر ما يدل على ذلك من الأحاديث الصحيحة مع التوثق من ذلك من المصادر الأصيلة وإن كان هناك أحاديث ضعيفة نبين ذلك وإذا ذكر من طرق أخرى يعضد بعضها بعض من حيث المعنى ولا نكارة فيه فإنه يقبل ويستشهد به مع التوضيح للطرق التي ذكرت منها . - ثم بعد ذلك ننظر في نزول السورة هل هي مكية أم مدنية وهل هي نزلت كاملة أم لا وإيراد أقوال الصحابة على ذلك وإذا كان هناك اختلاف في الأقوال نرجح أو نجمع إذا أمكن الجمع . - ثم إذا كان هناك قراءات نبينها وإذا كان هناك اختلاف في المعنى نبينه كذلك . - ثم إذا شرعت في تفسير الآيات بينت أولا مقصد الآية ثم بيان معنى مفردات الآية وتوضيح الفوارق إذا وجد من حيث المعنى اللغوي والاستشهاد على ذلك من القرآن أو السنة أو الشعر العربي ,ثم بيان المعنى في القرآن , والبحث في الفوائد التي ممكن أن نضيفها للمعنى سواء كانت بلاغية أو نحوية . هذا ما تيسر لي والفضل في ذلك لله وحده أسأل الله أن يزيدنا من علمه وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا هو ولي ذلك والقادر عليه . |
المجموعة الرابعة:
س1: ما معنى ضمير الجمع في قوله: {اهدنا} فيه ثلاثة أقوال : 1) أتى بصيغة الجمع لبيان أن لكل عضو من أعضاء العبد وحاسته الظاهرة والباطنة مفتقرة إلى الله ، فأتى بصيغة الجمع تنزيلا لكل عضو من أعضائه منزلة المسترشد الطالب لهداه ، وهذا القول قاله أيضا ابن القيم وهو قول ضعيف . 2) ليتضمن دعاؤه الدعاء لإخوانه المسلمين بالهداية ، وليحظى لدعوة الملك له بالمثل كما دعا لإخوانه ، وهذا القول ذكره ابن كثير ، وهذا القول وإن كان صحيحا فلا يستقل بالجواب . 3) الجمعُ هنا نظير الجمع في قوله تعالى: {إيّاك نعبد وإيّاك نستعين}، ومطابق لهما، وهذا جواب ابن القيم في بدائع الفوائد ، وقد أحسن فيه وأجاد . فقال: (الصواب أن يقال هذا مطابق لقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} والإتيان بضمير الجمع في الموضعين أحسن وأفخم فإن المقام مقام عبودية وافتقار إلى الرب تعالى وإقرار بالفاقة إلى عبوديته واستعانته وهدايته؛ فأتى به بصيغة ضمير الجمع أي نحن معاشر عبيدك مقرون لك بالعبودية، وهذا كما يقول العبد للملك المعظم شأنه: نحن عبيدك ومماليكك وتحت طاعتك ولا نخالف أمرك فيكون هذا أحسن وأعظم موقعاً عند الملك من أن يقول أنا عبدك ومملوكك..) س2: بيّن معنى التعريف في "الصراط". التعريف في الصراط للعهد الذهني الذي يفيد الحصر،وهو يفيد معنى التشريف والتفضيل والكمال. س3: ما الموقف من اختلاف عبارات السلف في بيان المراد بالذين أنعم الله عليهم. أقوال السلف لا تعارض فيها ،وهي من باب التفسير بالمثال لتوضيح المعنى للسائل والمستمع، فيقع الاختلاف في اللفظ بحسب سؤال السائل ومقتضى الخطاب والحاجة إلى البيان،فيذكر المفسّر بعض معنى الآية بما يفيد السائل والمستمع، لا على أنَّ الآية لا تحتمل من المعنى إلا ما ذكر. وكل هؤلاء ممن ذكر الله عنهم في سورة النساء . س4: بيّن مراتب الهداية ودرجات المهتدين، وبيّن أثر معرفتها على استحضار معنى سؤال الهداية. مراتب الهداية : 1) هداية الدلالة والإرشاد، وهي هداية علمية، وثمرته : العلم بالحقّ، والبصيرة في الدين. 2) هداية التوفيق والإلهام، وهي هداية عملية،وثمرته : ثمرتها: إرادة الحقّ والعمل به. أثرها : ولا تتحقّق الهداية إلا بالجمع بين المعنيين؛ وهو مقتضى الجمع بين العلم والعمل. ولذلك فإن من لم يعرف الحق لا يهتدي إليه، ومن عرفه لكن لم تكن في قلبه إرادة صحيحة له فهو غير مهتد. درجات المهتدون : والمهتدون على ثلاث درجات: الدرجة الأولى: الذين تحقق لهم أصل الهداية، وهم الذين هداهم الله لأصل الإسلام اعتقاداً وقولاً وعملاً، فأدوا ما صحّ به إسلامهم، واجتنبوا نواقض الإسلام، مع اقترافهم لبعض الكبائر وتفريطهم في بعض الواجبات؛ فأصحاب هذه الدرجة مسلمون، لهم نصيب من الهداية بحسب ما معهم من الإيمان علماً وعملاً، لكنَّهم ظالمون لأنفسهم بسبب ما ارتكبوا من المعاصي. وهؤلاء وإن كانوا موعودين بدخول الجنّة إلا أنّهم مستحقون للعقاب والعذاب الأليم على بعض ما اقترفوا من المحرّمات وما فرّطوا فيه من الواجبات؛ فمنهم من يُعذّب في الدنيا بأنواع من العذاب، ومنهم من يعذّب في قبره، ومنهم من يعذّب في عرصات يوم القيامة، حتى يكون منهم من يعذّب في النار حتى يُطهّر من ذنوبه فلا يدخل الجنّة إلا هو طيّب قد ذهب عنه خَبَثُه، ويعفو الله عمن يشاء. والدرجة الثانية: المتقّون، وهم الذين هداهم الله لفعل الواجبات وترك المحرمات؛ فنجوا بذلك من العذاب، وفازوا بكريم الثواب. والدرجة الثالثة: المحسنون، وهم أكمل الناس هداية، وأحسنهم عملاً، وهم الذين هداهم الله لأن يعبدوه كأنّهم يرونه، فاجتهدوا في إحسان أداء الواجبات، والكفّ عن المحرّمات، وأحسنوا التقرّب إلى الله تعالى بالنوافل حتى أحبّهم. س5: إذا كان كل من اليهود والنصاري مغضوب عليهم وضالّون فما الحكمة من تخصيص كلّ طائفة بوصف؟ بجمع وتتبع أقوال المفسرين يكون تلخيص الإجابة كالتالي : 1. أن الله تعالى وَسَم كلَّ طائفة بما تُعرفُ به، حتى صارت كل صفة كالعلامة التي تعرف بها تلك الطائفة، وهذا حاصل جواب ابن جرير. 2. أن أفاعيل اليهود من الاعتداء والتعنت وقتل الأنبياء وغيرها أوجبت لهم غضباً خاصّا، والنصارى ضلوا من أول كفرهم دون أن يقع منهم ما وقع من اليهود، وهذا حاصل جواب ابن عطية. 3. اليهود أخص بالغضب لأنهم أمة عناد، والنصارى أخص بالضلال لأنهم أمة جهل، وهذا جواب ابن القيم وتبعه تلميذه ابنُ كثير رحمهما الله. فقال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد : (الشقاء والكفر ينشأ من عدم معرفة الحق تارة، ومن عدم إرادته والعمل به أخرى.. فكفر اليهود نشأ من عدم إرادة الحق والعمل به، وإيثار غير عليه بعد معرفته؛ فلم يكن ضلالا محضاً.. وكفر النصارى نشأ من جهلهم بالحق وضلالهم فيه؛ فإذا تبين لهم وآثروا الباطل عليه أشبهوا الأمة الغضبية وبقوا مغضوباً عليهم ضالين.......) . 4. وظهر للشيخ عبد العزيز الداخل وجه آخر، وهو التنبيه على سببي سلبِ نعمة الهداية: - فمن ترك العمل بالعلم استحقّ سلب نعمة الهداية؛ لمقابلته نعمة الله تعالى بما يُغضب الله إذ لم يتّبع الهدى بعد معرفته به؛ كما فعلت اليهود. - ومن أعرض عن العلم الذي جاء من عند الله ضلَّ عن الصراط المستقيم، وابتدع في دين الله ما لم يأذن به الله؛ كما فعلت النصارى. س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. -أهمية استخلاص الفوائد من الكلمة فكل كلمة تحوي فوائد جمة . -تلخيص أقوال أهل العلم بالمسائل المتعلقة بالتفسير . - بيان المرويات الضعيفة في التفسير . -البحث عن المشكل بالرجوع إلى أهل العلم لإزالة الإشكال . -ضرورة ذكر الخلاف ثم ذكر الراجح بينها . - ضرورة ترتيب الأوليات في استخلاص المسائل . - الناحية اللغوية والبلاغية معينة في التفسير . |
بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الثالثة : س1: ما الحكمة من سؤال المسلم الهداية إلى الصراط المستقيم وقد هداه الله إلى الإسلام؟ أقوال العلماء : 1- قال ابن جرير والزجاج والنحاس وجماعة من اللغويين أن معنى اهدنا هنا أي ثبتنا على الهدى . 2-ابن تيمية : يقول بأن الحكمة في طلب الهداية بعد الإسلام : 1- هي الهداية للعلم بماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بالتفاصيل . 2- العلم بكليات الدين التي قد يجهلها كثير من المسلمين . 3-الهداية للعمل بالأوامر والانتهاء عن المحرمات . والحكمة تتضح من عدة أوجه : 1-الهداية العامة لا تستلزم الهداية الخاصة . 2-ترتكز الهداية على العلم والعمل ، وذلك من خلال التبصر بالدين والإعانة على الطاعة والعصمة من المعاصي . 3-ثبات القلب ،لأن القلوب تتقلب . 4-الحماية من الفتن التي تظهر للمسلم في حياته . 5-الهداية الخاصة لكل مسلم بما يناسب احتياجه ، فالمسلم بحاجة مستمرة للهداية في كل شؤونه . س2: ما هي أقوال السلف في معنى الصراط المستقيم؟ وما الموقف منها؟ أقوال السلف : 1- دين الإسلام وهو قول الجمهور ،وأصل الأقوال وأشهرها . الأدلة : 1- حديث النوَّاس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، ( حتى قال ) والصراط الإسلام )) رواه أحمد وجماعة. 2-- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: « {الصراط المستقيم} هو الإسلام، وهو أوسع ما بين السماء والأرض» رواه الحاكم وصححه. 3-: قال أبو العالية: «تعلَّموا الإسلام؛ فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم؛ فإنه الإسلام، ولا تحرفوا الصراط شمالا ولا يمينا». رواه عبد الرزاق في مصنّفه . 2/ كتاب الله وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه ، وأدلتهم : 1-ن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (إن هذا الصراط محتضَرٌ تحضره الشياطين يقولون: يا عباد الله هذا الطريق فاعتصموا بحبل الله فإنَّ الصراط المستقيم كتاب الله). رواه الطبراني وجماعة . 2- روى الحارث بن الأعور عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم)، رواه ابن أبي شيبة وجماعة ، إلى أن أهل العلم ضعفوا الحارث بن الأعور . ومعنى الحديث صحيح . 3/ ماكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ،ودليلهم : 1- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم» 4/ النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما ، وأدلتهم : 1 عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى {الصراط المستقيم} قال: «هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه» قال: فذكرنا ذلك للحسن فقال: «صدق والله ونصح، والله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما».رواه الحاكم موقوفاً على ابن عباس وصححه . 5- الحق وهو قول مجاهد بن جبر . وقد صحح ابن كثير رحمه الله الأقوال الخمسة كلها ،وذكر أنها تدل على بعضها ولا تضاد بينهما ،بل كل يدل على الآخر . س3: بيّن معاني الإنعام في القرآن . الإنعام في القرآن نوعان : 1- إنعام عام : وهي تشمل النعم التي أنعمها الله على خلقه،وهو إنعام فتنة وابتلاء ، ويشمل كل الخلق البر والفاجر ،قال تعالى :(كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾ ، وبه يختبر الله العباد فبعضهم يفتتن ويجحد وبعضهم يحمد الله ويشكره ، قال تعالى :( فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. والمطلوب من المسلم إخلاص العبادة لله وشكر المنعم بتوحيده ، قال تعالى :﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾. والمإنعام خاص : وهو إنعام خاص للمؤمنين بالهداية والرشاد ،وهو إنعام اصطفاء وامتنان من الله يختص به من يشاء من عباده برحمته وفضله ، قال تعالى : ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ س4: ما الحكمة من إسناد الإنعام في قوله تعالى: {أنعمتَ عليهم} إلى الله تعالى أولهاللعلماء في الحكمة من إسناد الإنعام أقوال : 1- توحيد الله ، وذكر الضمير يدل على إفراد الله بالإنعام ،وأنه وحده الذي يملك الهداية وهو الذي ينعم بها على من يشاء . 2-في ذكر الضمير توسل إلى الله وإظهار للثناء عليه ، والمعنى أن العبد يتوسل إلى الله بما أنعم الله به من هداية لكل من اهتدى من الخلق ، أن يشمله معهم في الهداية والإنعام . 3ان ذلك أنسب في مقام الدعاء والتضرع والافتقار لله عز وجل . 4- أن ذكر الضمير والتصريح به يوافق حال شكر المنعم على إنعامه ونسبة النعم إليه وحده . وع إسناد الغضب إليه جلّ وعلا في قوله: {المغضوب عليهم}؟ أقوال العلماء في ذلك : 1- أن ذلك يدل على عظم غضب الرب عز وجل عليهم ،وأن من آثار غضبه أن جنود السماوات والأرض تغضب لغضبه ،ويدل على كثرة الغاضبين عليهم أيضاً . واستدل العلماء بحديث بغض الله لبعض خلقه ،كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، قال فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض. التعبير بالاسم دل على أن غضب الله ملاصق لهم وله صفة الديمومة . 3- جرت العادة في القرآن على أن ينسب الخير والفضل لله ، ولا تنسب إليه أفعال العقوبة والجزاء تأدباً مع الله عز وجل ، ومثال ذلك قول إبراهيم عليه السلام : {الذي خلقني فهو يهدين . والذي هو يطعمني ويسقين . وإذا مرضت فهو يشفين}. وفي سورة الفاتحة قال تعالى : {الذين أنعمت عليهم} ذكر الضمير هنا للدلالة على أن المنعم هو الله عز وجل ، وقوله: {المغضوب عليهم} لم ينسب لله تأدباً معه، وقوله: {الضالين} نسب الفعل للفاعل للتأكيد على ضلالهم ، ولم يعبر بالفعل هنا (الذين أضللتهم) حتى لا يظن ظان أن الله هو الذي أضلهم ، ولبيان أن ذلك بسبب كسبهم وفعلهم ،وذلك لا يتناقض مع قضاء الله وقدره. 4- أن في ذلك اهانة لهم وتوبيخاً لهم بعدم ذكرهم ، على نقيض المؤمنين الذين قال الله فيهم ( أنعمت عليهم ) فشرفهم الله وأكرمهم بنسبة الإنعام إلى نفسه . والقولان الأخيران هما لابن القيم رحمه الله . س5: ما المراد بالمغضوب عليهم وبالضالين؟ أجمع السلف على أن اليهود هم المغضوب عليهم ، وأن النصارى هم الضالين ،وفي ذلك أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وذم الله لهم إنما كان بسبب أفعالهم : 1- فاليهود استحقوا غضب الله بسبب عنادهم وتعنتهم وكفرهم وقتلهم لأنبيائهم وتكذيبهم وتمردهم على أحكام الله تعالى . 2- والنصارى اختاروا الضلال على طريق الهداية ،وابتدعوا في دينهم ماليس فيه وغلوا في نبيهم حتى عبدوه واتخذوه إلهاً ،تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً . واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله . والآية تدل على التحذير من فعل أفعال اليهود والنصارى ،فمن فعل مثلهم شملته العقوبة والغضب والضلال والعياذ بالله . س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. اتفدت من دراستي لهذه الدورة المباركة عدة أمور : 1- التقصي والتحري الدقيق في كتب التفسير ،وعدم أخذ الأقوال بدون النظر إلى أصولها والتأكد من صحة نسبتها . 2- الاهتمام بالجانب اللغوي يضفي قوة ووضوحاًوجمالاً للمعاني واستشعاراً لبلاغة القرآن وإعجازه . 3- الاهتمام بكل أجزاء الكلمة حتى الحرف له معنى ،مثلاً حرف ( ولا ) له دلالة مختلفة عن ( غير ) . 4- والنظر في تراكيب الآيات ،مثل قوله تعالى :( المغضوب عليهم ) والمسائل العديدة التي استنتجها العلماء من التغيير في نسبة الفعل للفاعل . 5-تعلمت أن لابد للمفسر من طول نفس وصبر حتى يعطي قدر استطاعته أفضل مالديه وهو يفسر كلام الرب عز وجل . 6-الاستشهاد بابن القيم دليل على انه من الكتب التي لابد من الرجوع إليها حال التفسير . ولأني أحب كتاب ( الفوائد لابن القيم ) فقد حمدت الله أن هذا الكتاب يعتبر أصلاً يستند إليه في التفسير . 7- تقسيم الآية إلى كلمات وجمل وتراكيب ،ثم تفسيرها بعد ذلك . والله أعلم استغفر الله العلي العظيم وأتوب إليه |
تقويم مجلس مذاكرة القسم الثالث من تفسير سورة الفاتحة : تعليق عام : - شاع بينكم النسخ من المقرر حتى ظهر عند البعض عدم التناسق بين جمل الإجابة على السؤال الواحد ، وأرجو أن نجتهد في صياغة الإجابة بأسلوبنا وقد يتساهل في نسخ الآيات والأحاديث والآثار في إجابة مجالس المذاكرة ، لكنه ممنوع في إجابة الاختبارات بالطبع. - المقصود بالسؤال الأخير ، الفوائد المنهجية في دراسة مسائل التفسير ، مثلا ما استفدتموه من طرق استخلاص المسائل ، وصياغتها ، تحرير المسائل الخلافية ، كيفية معرفة القول الراجح ، وكيفية الجمع بين الأقوال المتشابهة ، وكيفية إثبات نسبة الأقوال لقائليها ... وغير ذلك من الفوائد المنهجية. المجموعة الأولى : 1: بدرية صالح : أ س1: من المهم أن يتبين في إجابتكِ أن الدعاء بالهداية يشمل نوعي الهداية ، مع بيان هذين النوعين ، وبيان ثمرة كل نوع. وقولك : " بيان مراتب الهداية ،ولا تتحقّق الهداية إلا بالجمع بين المعنيين " لم يتضح فيه ما هما المعنيين فكأنما هو مقتص من جملة كلام قبله. س5: فصّل الشيخ عبد العزيز الداخل في بيان صحة نسبة هذا القول عن ابن عباس ؛ فيرجع للدرس للتفصيل. 2: فاطمة الزهراء : أ+ س5: حديث عدي بن حاتم هو أصحها وقد ورد بطرق أخرى أصح مما ذكرتِ في إجابتكِ. س6 : أرجو مراجعة التعليق العام. منيرة محمد : أ+ المجموعة الثانية : 1: مها شتا : أ س1: أحسنتِ الاستدلال للنقطة الثانية ، ولو استدللتِ كذلك للنقطة الأولى والثالثة مما فصله الشيخ في أول الدرس لكان ذلك أفضل. س3: ويُضاف : " وهذا ملخص ما ذكره ابن القيم في بيانه لهذه المسألة ، لخصه من كلامه الشيخ عبد العزيز الداخل " س5: الوجه الرابع : أن في ذلك بيان لأن صفة الغضب صفة لازمة لهم ، لكن لو قال : " غضبت عليهم " ربما توهم أن ذلك مرة واحدة ، ذكره الشيخ عبد العزيز الداخل. س6: أحسنتِ استخلاص الفوائد المنهجية. 2: مضاوي الهطلاني : أ س1: هذا ملخص لتفصيل سابق ذكره الشيخ عبد العزيز الداخل ، ومن المهم أن نستدل لكل نقطة مما فصله الشيخ مسبقًا. س3: ملحوظة حسنة ، بارك الله فيكِ. س5: هذا أحد الأوجه فقط ، فأين باقي الأوجه فبها يتكامل المعنى. 3: هناء هلال محمد : أ س1: نفس الملحوظة على الأخوات أعلاه. س5: وجه رابع ذكره الشيخ عبد العزيز الداخل : أنه بيان لأن صفة الغضب لازمة لهم ، أما إذا قال : " غضبت عليهم " قد يُتوهم منه أنه غضب عليهم مرة واحدة. المجموعة الثالثة : ميسر ياسين : ب+ س2: الحارث الأعور الهمداني متروك الحديث ، ولسبب تركه تفصيل ذكره الشيخ عبد العزيز الداخل فيرجع للدرس. - وكذلك الموقف مما ذكرتِ هو الجمع بينها وبيان أنها من اختلاف التنوع. س4: ما ذكرتِ هو فائدة إسناد الإنعام إلى ضمير الخطاب وهو صحيح فيما يتعلق بقوله تعالى :{ أنعمت عليهم } لكن المطلوب بيان وجه المقارنة بين قوله تعالى { أنعمت عليهم } إذ أسند الفعل إلى الله ، وقوله { المغضوب عليهم } إذ لم يسنده إلى الله عز وجل. 2: شيماء طه : ج س1: ينقصكِ نسبة الأقوال إلى قائليها. س2: تحرير الخلاف ينقصه بيان دليل كل قول ، ثم الأهم بيان أن هذا من خلاف التنوع وبيان سبيل الجمع بين الأقوال. فاتكِ ذكر الموقف من هذه الأقوال. س4: هذا أحد الأوجه وبقي بيان باقي الوجوه. س5: ينقصكِ بيان أن تفسير الآية لا يقتصر على القول بأن المغضوب عليهم اليهود ، والضالين النصارى ، وإنما هذا من باب التفسير بالمثال ، ثم بيان المعنى العام للآية في ضوء ما بينتِ من سبب صفة كل فريق بما وُصف به. 3: عابدة المحمدي : ب س1: ولخص الشيخ عبد العزيز الداخل من كلام أهل العلم خمسة أوجه ذكرها في نهاية هذه المسألة فأرجو الرجوع إليه. س4: نفس الملحوظة على الأخت ميسر. 4: ريم الحمدان : أ س1: ما نسبتيه لابن تيمية ليس هو نص كلامه وفي بعضه صياغة بالمعنى مخالفة لمقصوده. س2: فاتكِ بيان الموقف من تعدد هذه الأقوال. ونفرق بين الدليل على القول من الكتاب والسنة ، وما روي في إثبات القول لقائله. يُتبع بإذن الله. |
المجموعة الرابعة :
كوثر التايه : أ+ أحسنتِ ، بارك الله فيكِ ، مع التنبيه على وجود كثير من الأخطاء الإملائية ، يظهر أنها نشأت من سرعة الكتابة. هيا أبو داهوم : أ+ المجموعة الخامسة : نبيلة الصفدي : أ+ س3: الإجابة في قول الشيخ : " هو المقصود هنا ..." عند توضيح الإنعام الخاص. فعند إجابة هذا السؤال نقول: المقصود بالإنعام في هذه الآية هو الإنعام الخاص وهو ... ونذكر تعريفه ، ثم إن شئتِ فصلتِ بذكر نوعي الإنعام. ليتضح فهمكِ للمطلوب. وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى. |
المجموعة الخامسة:
س1: ما الحكمة من تعدية فعل الهداية بنفسه في آية {اهدنا الصراط المستقيم} من الحكمة فى تعدية لفظ الهداياة بنفسه فى قوله تعالى هنا : {اهدنا الصراط المستقيم} أن يجمع معانى البيان والدلالة والإلهام والتوفيق والتهيئة. قال ابن القيّم رحمه الله: (فالقائل إذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} هو طالبٌ من الله أن يُعرِّفَه إيَّاه ويبّينه له ويلهمه إياه ويقدره عليه؛ فيجعل في قلبه علمَه وإرادتَه والقدرةَ عليه؛ فجَرَّدَ الفعلَ من الحرف، وأتى به مجرَّدا معدىً بنفسه ليتضمَّن هذه المراتب كلَّها، ولو عُدِّيَ بحرفٍ تعيَّن معناه وتخصَّص بحسب معنى الحرف؛ فتأمَّله فإنه من دقائق اللغة وأسرارها)ا.هـ. س2: ما فائدة وصف الصراط بأنّه مستقيم؛ إذا كان الصراط في اللغة لا يسمّى صراط حتى يكون مستقيماً؟ الفائدة من وصف الصراط بالمستقم التأكيد لأن لفظ الصراط معرف بال وهو للعهد الذهنى وهو منصرف إلى صراط معروف باستقامته؛ فالنصّ على وصفه بالاستقامة تستفاد منه التوكيد. وهذا كما يؤكَّد وصف الاستقامة بانتفاء العوج؛ فتقول: طريق مستقيم غير معوجّ، فنفي العوج وصف مؤكّد للاستقامة، هذا قوله تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا . قيّما} س3: ما المراد بالإنعام في قوله تعالى: {الذين أنعمت عليهم} المراد بالإنعام في هذه الآية الإنعام الخاصّ بالهداية الخاصة والتوفيق والاجتباء والإعانة وصرف المعوّقات والوقاية من الفتن وكيد الشيطان وشرّ النفسشامل لأسباب الهداية وأحوالها وثمراتها؛ فإنَّ العبد يحتاج إلى إنعام يعرّفه بسبيل الهدى ويبصّره به، وإنعام لإرادة اتّباع الهدى، وإنعام لإعانته على سلوك سبيله وصرف القواطع والمعوّقات عنه، وإنعام بتثبيته وتأييده حتى يجد ثمرة هدايته، وإنعام بتوفيقه للمداومة على سلوك هذا الصراط حتى يلقى ربَّه جلَّ علا وهو راضٍ عنه. س4: هل يقتضي تفسير المغضوب عليهم والضالين باليهود والنصارى حصر المراد عليهم؟ وضّح إجابتك. صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه وصف اليهود بأنَّهم مغضوب عليهم، ووصف النصارى بأنّهم ضالون. وهذا لا يقتضي قصر هذا الوصف عليهم؛ لأنه وصف له سبب؛ فمن فعل فعلهم لقي مثل جزائهم. فمن فعل افعال اليهود فهو مثلهم فهم كانوا يعرفون الحقّ كما يعرفون أبناءهم، لكنَّهم أهل عناد وشقاق وكِبْرٍ وحَسَد؛ وقسوة قلب، يكتمون الحقَّ، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويعادون أولياء الله؛ فاستحقّوا غضب الله. ومن يفعل افعال النصارى فهو مثلهم لأنّهم عبدوا الله على جهل، متبّعين في عباداتهم أهواءهم، مبتدعين في دينهم ما لم يأذن الله به، قائلين على ربّهم ما ليس لهم به علم؛ فضلوا ضلال بعيدا س5: ما معنى "لا" في قوله تعالى: {ولا الضالين}؟ القول الأول: هي زائدة ، وهو قول معمر بن المثنى ، وردّه الفراء وابن جرير. والقول الثاني: بمعنى "غير" ، والإتيان بها هنا للتنويع بين الحروف، وهذا معنى قول الفراء. ومن أدلة هذا القول قراءة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: {غير المغضوب عليهم . وغير الضالين} وهي قراءة صحيحة الإسناد عنه، لكن أجمع القراء على تركها لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ترك القراءة بما خالف المصحف الإمام. والقول الثالث: لئلا يتوّهم أن "الضالين عطف على الذين" وهذا قول مكي بن أبي طالب في الهداية وقول الواحدي في البسيط. والقول الرابع: هي مؤكدة للنفي الذي تضمنه معنى "غير"، وهذا القول ذكره مكي بن أبي طالب وابن القيّم. والقول الخامس: لا" للتأكيد على أنه المراد بالضالين طائفة غير الطائفة المعطوفة عليها أي لئلا يفهم أنّ الصراط الآخر مشترك بين النوعين الآخرين، فدخلت "لا" للتصريح بأنّ المراد صراط غير هؤلاء وغير هؤلاء، وهذا القول ذكره ابن القيّم رحمه الله وجهاً. وهذا القول أحسن ما قيل في هذه المسألة س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله وجزى الله شيخنا خير الجزاء - استفدت من دراستى لهذه الدورة مراجعة لجميع مراحل دورة التلخيص التى تلقيناها بمعهدنا المبارك - وقد استفدت من طريقة صياغة مسأل الايات فى معرفة اسلوب الصياغة الأمثل للمسائل - وايضا تعلمت من هذه الدورة ما المسائل التى يمكن ان تجمع فى مسأله واحده وما المسائل التى لابد من التفصيل فيها - وقد استفدت طريقة تلخيص الأقوال واختصار اقوال المفسرين بأوجز عبارة - وكيفية وصل القول لأصل قائله - وترتيب الاقول فى المسائل وايضا اسلوب صياغة الترجيح - كما استفدت ايضا أنه فى بعض المسائل التى يحتاج فيها للتفصيل كيف يكون التفصيل باستعمال الأسلوب الوعظى داخل بعض المسائل مع أن الرساله بالأسلوب العلمى - كما تعلمت أن تعدد التفاسير التى نطلع عليها أثناء اعداد الرساله له أثر بالغ فى شمولها وعظيم اثرها وأسأل الله أن يذيد فضيلة شيخنا علماُ ويبارك فى علمه ويرزقنى وأإخوانى وأخواتى تالعمل بما تعلمنا |
اقتباس:
التقويم : أ أحسنتِ ، بارك الله فيكِ والخصم للتأخير. |
المجموعة الأولى:
س1: بيّن ما يشمله الدعاء بقول: {اهدنا الصراط المستقيم}. هذا الدعاء من جوامع الكلم فهو يشمل الهداية لكل خير في الدنيا والآخرة كما يشمل طلب الثبات عليها والزيادة منها والترقي في مراتبها ، قال ابن القيّم رحمه الله: (فالقائل إذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} هو طالبٌ من الله أن يُعرِّفَه إيَّاه ويبّينه له ويلهمه إياه ويقدره عليه؛ فيجعل في قلبه علمَه وإرادتَه والقدرةَ عليه؛ فجَرَّدَ الفعلَ من الحرف، وأتى به مجرَّدا معدىً بنفسه ليتضمَّن هذه المراتب كلَّها، ولو عُدِّيَ بحرفٍ تعيَّن معناه وتخصَّص بحسب معنى الحرف؛ فتأمَّله فإنه من دقائق اللغة وأسرارها) س2: بيّن معنى الصراط لغة. الصراط في لغة العرب: الطريق الواضح الواسع السهل المستقيم الموصل للمطلوب. س3: ما الحكمة من حذف متعلّق الإنعام في قوله تعالى: {أنعمت عليهم}؟ للدلالة على العموم في كلّ ما من شأنه حصول تمام الهداية، وقد تقدّم بيان ما يحتاجه العبد من النعم العظيمة لتتمّ له نعمة الهداية. س4: ما الحكمة من تكرار ذكر الصراط؟ ذكره في كل موضع يتعلق بحكمة مختلفة: ففي الموضع الأول كان الأهمّ للسائل أن يُهدى إلى الصراط المستقيم، وهو الطريق الصحيح السهل المفضي إلى العاقبة الحسنة، وأنه طريق واحد كما دلّ عليه معنى التعريف والعهد الذهني. وفي الموضع الثاني: أتى ذكر الصراط معرّفاً بالإضافة إلى الذين يُستأنس باتّباعهم واقتفاء آثارهم وليفيد بأنَّه صراط آمن مسلوك قد سلكه الذين أنعم الله عليهم ففازوا بفضل الله ورحمته وحسن ثوابه. س5: ما سبب توافق السلف في تفسير المراد بالمغضوب عليهم والضالين؟ لأن هذا التفسير قد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه وصف اليهود بأنَّهم مغضوب عليهم، ووصف النصارى بأنّهم ضالون، وصحت روايته عنه ﷺ. س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. -طول تفسير هذه السورة العظيمة ومعرفة بعض ما فيها من الكنوز والمعاني الجامعة. -استشعار كل آية ومعناها عند قراءتها. -تعظيم شأن هذه السورة العظيمة ومعرفة كيفية نزولها فقد غاب عن بالي كيفية نزول هذه السورة العظيمة وبعد هذه الدورة استشعرت اكثر عظمتها وعظمة شأنها. -زيادة الإيمان ببلاغة هذا القران العظيم وأن لكل كلمة وحرف حكمة وبلاغة وسبب في ذكره في موضعه. |
المجموعة الثانية:
س1: بيّن أوجه تفاضل السائلين في سؤال الهداية. أولًا:حضور القلب عند الدعاء؛ فليس دعاء الغافل اللاهي كدعاء المدرك الواعي. ثانيًا: الإحسان في الدعاء؛ فليس من يدعو الله تعالى بتضرّعٍ وتقرّبٍ خوفاً وطمعاً؛ ويشهد اضطراره لإجابة الله دعاءه كمن هو دون ذلك. ثالثًا: مقاصد الداعي من سؤال الهداية، فإنما الأعمال بالنيات، ولكلّ امرئ ما نوى، والله يعلم قصد كلّ سائل من سؤاله، ولذلك فإنَّ الأكمل للإنسان أن يقصد بسؤاله الهداية التامة التي يبصر بها الحقّ، ويتّبع بها الهدى، وأن يهديه بما هدى به عباده المحسنين. س2: بيّن المراد بالصراط المستقيم الصراط المستقيم هو وصف جامع مانع لما يوصل إلى رضوان الله وجنّته، وينجّي من سخط الله وعقوبته وقد روي عن السلف عدة تعريفات له منها: - أنه الإسلام. قول جابر بن عبد الله وغيره من السلف وهو قول جمهور المفسرين واستدلوا على ذلك بحديث النواس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ضرب الله مثلًا صراطًا مستقيما......والشاهد :( والصراط الإسلام ) إلى آخر الحديث. - أنه كتاب الله تعالى. وهو قول صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه وقول بعض المفسرين واسدلوا على ذلك بحديث وصف القرآن المشهور وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم.... والشاهد ( وهو الصراط المستقيم). - هو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، روى الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: «الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه الطبراني. - هو النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. قول ابن عباس رضي الله عنه، وهذا القول له سبب وهو ظهور الفرق بعد مقتل عثمان رضي الله عنه فأراد ابن عباس أن يبين للناس أن الصراط ما كانت الأمة مجتمعة عليه في ذلك العهد. - هو الحق. قول مجاهد بن جبر رواه ابن أبي حاتم. وكل هذه الأقوال متلازمة وصحيحة ويفضي بعضها إلى بعض كما قال ابن كثير رحمه الله: فإنّ من اتّبع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، واقتدى باللّذين من بعده أبي بكرٍ وعمر، فقد اتّبع الحقّ، ومن اتّبع الحقّ فقد اتّبع الإسلام، ومن اتّبع الإسلام فقد اتّبع القرآن، وهو كتاب اللّه وحبله المتين، وصراطه المستقيم. س3: ما الحكمة من إضافة الصراط إلى الذين أنعم الله عليهم دون تسميتهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين؟ ذكر ابن القيم رحمه الله ثلاث فوائد حسنة في ذلك: 1- إفادة عموم جميع الطبقات المنعم عليهم فذكر وصفهم أعم وأبلغ وأوجز من ذكر أصنافهم وأسمائهم. 2- قطع التعلق بالأشخاص ونفي التقليد الأعمى. 3- التنبيه على علة كونهم من المنعم عليهم بهداية الله تعالى لهم فهي أولى بالاشارة إليها. س4: ما الحكمة من تقديم {المغضوب عليهم} على {الضالين}؟ هناك أكثر من وجه ذكره العلماء ومن ذلك: 1-أنذلك لمراعاة فواصل الآيات. ذكره ابن عاشور ،وهذا الجواب وإن كان صحيحاً في نفسه إلا أنّهلا يستقلّ بالجواب. 2- لأنَّ اليهود متقدمون في الزمان على النصارى. ذكره ابن القيّم. 3- لأن اليهود كانوا مجاورين للنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، بخلاف النصارى؛ فقدّمهم لقربهم.ذكره ابن القيم، ويشكل عليه أنَّ سورة الفاتحة مكية إلا إذا كان المراد أنَّ منازل اليهود في يثرب أقرب من منازل النصارى في نجران والشام؛ وفيه بعد. 4-أن اليهود أغلظ كفراً من النصارى؛ فبدأ بهم.ذكره ابن القيّم رحمه الله، وهو جواب الشيخ ابن عثيمين كذلك فقال: (قدم المغضوب عليهم على الضالين؛ لأنهم أشد مخالفة للحق من الضالين؛ فإن المخالف عن علم يصعب رجوعه بخلاف المخالف عن جهل) 5- إفادة الترتيب في التعوّذ؛ لأن الدعاء كان بسؤال النفي؛ فالتدرّج فيه يحصل بنفي الأضعف بعد نفي الأقوى مع رعاية الفواصل. حاصل جواب ابن عاشور. 6- لأن أول ذنب عصي الله به من امتناع إبليس عن السجود هو منجنس ذنوب المغضوب عليهم؛ لأنَّه عصيان عن علم ومعرفة فناسب تقديمه. ذكره فاضل السمرائي. 7- أن الغضب يقابل الإنعام، فتقديم ذكر المغضوب عليهم أحسن مقابلة من تقديم ذكر الضالين، وهذا خلاصة جواب أبي حيان الأندلسي في البحر المحيط، وذكر ابن القيّم أنّه أحسن الوجوه: قال: (فقولك: الناس منعم عليه ومغضوب عليه؛ فكن من المنعم عليهم أحسن من قولك: منعم عليه وضال. قال عبد العزيز الداخل حفظه الله: وهو أحسن الوجوه وأعم منه أن يقال أن في ذلك مقابلة خاصة بين العمل وتركه ومقابلة عامة بين العلم وعدمه فناسب تقديم الخاص على العام. س5: ما الحكمة من إبهام ذكر الغاضب في قوله تعالى: {المغضوب عليهم}؟ تكلم العلماء في ذلك والأظهر أن الحكمة في ذلك من وجهين: الأول: إفادة عظم شأن غضب الله عليهم. الثاني: عموم الغاضبين وكثرتهم وذلك لأن من توابع غضب الملك الجبار عليهم غضب كل جنوده مما خلق في السماوات والأرض. ومن دلائل ذلك: - حديث سهيل كما في صحيح مسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، قال فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض). - وحديث عثمان بن واقد كما في صحيح ابن حبان: عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس». س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. جزى الله عنا الشيخ خير الجزاء - تفصيل المسائل رائع ويزيد المرء فهمًا وتدبرا لمعاني تلك السورة العظيمة. - بين أهمية الدراسة المنهجية وكيف يستخرج بها عظيم الفوائد وكيف ينبغي للمقبل على هذا العلم الجليل أن ينظر لطرق العناية ببيان معاني كلام ربه. - جمع كل ما قيل في مسائل السور في موضع واحد بتفصيل غير ممل وتلخيص غير مخل مع التعليق بالصحة أو بيان العلل ومع الإضافة القيمة بالتدبر وربط العلم بالعمل ، حفظ الله الشيخ وأتم عليه كتابه ونفع به الأمة اللهم آمين. |
المجموعة الثالثة:
س1: ما الحكمة من سؤال المسلم الهداية إلى الصراط المستقيم وقد هداه الله إلى الإسلام؟ هذا السؤال لم يرد عند السلف من الصحابة رضوان الله عليهم ولكن وروده يقتضي الجواب عنه وقد اجتهد العلماء في الإجابة عن هذا السؤال وبيان الحكمة من سؤال المسلم الهداية وقد هداه الله : -فقيل المراد :ثبتنا على الهداية ،قال به ابن جرير والزجاج كما تقول للرجل القائم: قم لي حتى أعود إليك. تعني: اثبُتْ لي على ما أنت عليه وقد أجاب شيخ الإسلام عن هذا السؤال في مواضع من كتبه فقال وقيل معناه ألزم قلوبنا الهدى وقيل زدنى هدى -ثم ذكر أن السبب في إيراد هذا السؤال هو عدم تصور حقيقة الصراط المستقيم وأنه الطريق الموصل لمرضات رب العالمين بفعل أوامره واجتناب نواهيه وهذا الأمر يتطلب العلم بكل ما أمر الله ونهى عنه إجمالا وتفصيلا ليعمل به وأن المسلم وإن كان أقر بأنه لاإله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن القرآن حق إلا أنه يحتاج إلى معارف تفصيلية بكل ما جاء في القرآن وكذلك السنة فهى شارحة للقرآن ومفصلة له وكل ذلك يحتاج إلى هداية وملخص ذلك: أن الهداية لها ركنان رئيسان :العلم والعمل فهو يحتاج أن يرشد إلى العلم النافع ويحتاج أن يوفق إلى العمل الصالح في كل وقت وذلك لأن القلب يتقلب وحاجة المرء إلى التثبيت أشد من حاجته إلى الطعام والشراب وأن كل إنسان لابد وأن يعرض له فتن كثيرة في يومه وليلته فيحتاج إلى الهداية للحق فلايضل في الفتن وتزل قدم بعد ثبوتها وأن لكل إنسان حاجته للهداية تخصه وتناسب حاله وما قدر له ومن لم يهده الله فلا هادى له ومن يضلل الله فلن تجد له وليا مرشدا س2: ما هي أقوال السلف في معنى الصراط المستقيم؟ وما الموقف منها؟ القول الأول :دين الإسلام قال به جابر بن عبد الله، ورواية الضحاك عن ابن عباس، وهو قول محمّد بن الحنفية وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ورواية عن أبي العالية الرياحي، وهو قول جمهور المفسّرين ودليله: ديث النوَّاس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعا، ولا تتعرجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد يفتح شيئا من تلك الأبواب، قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، والصراط الإسلام، والسوران: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي من فوق الصراط: واعظ الله في قلب كل مسلم)). رواه أحمد وابن نصر المروزي وابن أبي عاصم والطحاوي والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم من طريق معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس بن سمعان الأنصاري مرفوعاً، ولهذا الحديث طرق أخرى بألفاظ مقاربة. ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم مختصراً. والشاهد فيه قوله: (والصراط الإسلام). وهذه اللفظ تفرّد بروايتها معاوية بن صالح الليثي القول الثانى:كتاب الله تعالى ،قول ابن مسعود . : (إن هذا الصراط محتضَرٌ تحضره الشياطين يقولون: يا عباد الله هذا الطريق فاعتصموا بحبل الله فإنَّ الصراط المستقيم كتاب الله). رواه الطبراني في الكبير، وابن نصر المروزي في السنة، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في شعب الإيمان، وإسناده صحيح على شرط الشيخين واستدل لهذا القول بحديث لعلى بن أبي طالب رضى الله عنه لكن في سنده ضعف ومعناه صحيح قال (كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم) القول الثالث:ماكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ،وهذا القول رواية عن ابن مسعود روى الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: «الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان، ولفظه: (الصراط المستقيم تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على طرفه، والطرف الآخر الجنة). القول الرابع:النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبوبكر وعمر ،قول ابن عباس ورواية عن أبي العالية والحسن وهذا القول له سبب، وإنما قاله ابن عباس وأبو العالية الرياحي بعد مقتل عثمان وظهور الفرق؛ فأرادا أن يبيّنا للناس أن الصراط المستقيم ما كانت الأمة مجتمعة عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ليحذرا بذلك مما أُحدثَ بعده؛ فإنَّ كلّ تلك الفرق كانت تقول بالانتساب إلى الإسلام. عن عاصم الأحول، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى {الصراط المستقيم} قال: «هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه» قال: فذكرنا ذلك للحسن فقال: «صدق والله ونصح، والله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما». رواه الحاكم موقوفاً على ابن عباس وصححه، ورواه محمد بن نصر المروزي في السنة مقطوعاً على أبي العالية. القول الخامس :الحق وهو قول مجاهد بن جبر رواه ابن أبي حاتم. وهذا القول حقيقته بيان وصف هذا الصراط المستقيم بأنَّه الحقّ، لأنّ كلَّ ما اتّبع سواه فهو باطل . س3: بيّن معاني الإنعام في القرآن للإنعام في القرآن معنيان: الأول:إنعام عام على المؤمنين والكافرين، وهو إنعام فتنة وابتلاء ويدل له قوله تعالى ﴿فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ...﴾، وقوله: ﴿فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ وهذا النوع من النعم حجة من الله على عباده ليشكروه ويخلصوا له العبادة وحده لاشريك له -الثانى :الإنعام الخاص بالمؤمنين :ينعم عليهم بالهداية والتوفيق للطاعات ومايحبه من الأقوال والأعمال ودليله﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾، وقوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾... س4: ما الحكمة من إسناد الإنعام في قوله تعالى: {أنعمتَ عليهم} إلى الله تعالى وعدم إسناد الغضب إليه جلّ وعلا في قوله: {المغضوب عليهم}؟ تنوع كلام أهل العلم في بيان الحكمة من إسناد الإنعام إلى الله تعالى ومن ذلك: -إبراز مكانة التوحيد :بتفرده بالإنعام وحده لاشريك له وأنه لولا إنعامه بالهداية ما حصلت لأحد -أنه أبلغ في التوسل إلى الله بأن ينعم على السائل بالهداية إلى الصراط المستقيم كما أنعم على غيره ممن أنعم عليهم فيلحقه بهم -أنه مناسب للدعاء بالتضرع والمناجاة لله تعالى -أن مقتضى شكر النعمة نسبة النعمة إلى المنعم الحقيقي والتصريح بذلك -وفيه مايوحى بعناية الله بهم وتشريفهم وتكريمهم وأما الحكمة من عدم إسناد الغضب إليه تعالى : -لتعظيم شأن غضب الله تعالى وأنه لغضبه تعالى يغضب جنوده في السماوات والأرض فإن الله تعالى إذا أبغض أحدا نادى جبريل كما فيالحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرةوفيه{وإذا أبغض عبدا قال: إنى أبغض فلانا فأبغضه فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض) -ومنها :لئلا يتوهم منها مالايليق بكمال الله وجلاله إذا قيل {غضبت عليهم وأضللتهم}فيتوهم أن ضلالهم فيه نوع عذر لهم -ومنها :أن في ذلك الإبهام تأدبا مع الله تعالى بعدم نسبة الشر إليه -وأن في ذلك تبكيتهم والإعراض عنهم وترك الإلتفات إليهم س5: ما المراد بالمغضوب عليهم وبالضالين؟ المراد بالمغضوب عليهم:اليهود ،والضالين :النصارى وهذا هو التفسير النبوى ولكن لايقتصر هذا الوصف عليهم لأنه وصف له سبب فكل من أتى بسبب هذا الوصف كان في حكمه فسبب الغضب :ترك العمل بالعلم وسبب الضلال ترك العلم واتباع الهوى فكل من ترك العلم وأعرض عن العمل بماعلم كبرا وحسدا كان فيه شبه من المغضوب عليهم وكل من ترك العلم واتبع هواه وغلا في دينه ففيه شبه من النصارى س6: بيّن ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة من المنهجية في دراسة مسائل التفسير. -استفدت من طريقة عرض مسائل التفسير ببيان أقوال السلف في الآية ونسبتها وتوجيه هذه الأقوال خاصة من كلام المحققين أمثال ابن تيمية وابن القيم -ربط كل جملة بماقبلها ومابعدها وبيان دقائق المسائل فيها -ذكر الأسئلة التى قد ترد على ذهن القارىء عند قراءته لكلام أهل العلم والجواب عليها جوابا شافيا -ذكر الفوائد السلوكية المتعلقة بالآيات |
اقتباس:
- خصمت نصف درجة على التأخير. التقويم: ب+ |
الساعة الآن 01:58 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir