قصة موسى عليه السلام مع ملك الموت
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَلَكَ المَوْتِ عليه السلام لمَّا جَاءَ إِلى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ لَطَمَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ إِلى رَبِّهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ عَيْنَهُ.
|
شرح الشيخ ابن عثيمين
(3)
الأمرُ الثاني: مَجِيءُ مَلَكِ المَوْتِ إلى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. جاءَ مَلَكُ الموْتِ بصُورَةِ إنْسانٍ إلى نبيِّ اللهِ مُوسَى عليهِ الصلاةُ والسلامُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، فلَطَمَهُ مُوسى فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجِعَ المَلَكُ إلى اللهِ وقالَ: أَرْسَلْتَنِي إلى عَبْدٍ لا يُرِيدُ الموتَ، فَرَدَّ اللهُ عليهِ عَيْنَهُ وقالَ: ارْجِعْ إليهِ وقُلْ لهُ يَضَعُ يَدَهُ على مَتْنِ ثَوْرٍ فلَهُ بما غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ. فقالَ مُوسى: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثمَّ الموتُ، قالَ: فَالآنَ. فسألَ اللهَ أنْ يُدْنِيَهُ مِن الأرضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةَ حَجَرٍ، قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأََرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ))، وهذا الحديثُ ثابِتٌ في (الصحيحيْنِ)، وإنما أثْبَتَهُ المُؤلِّفُ في العَقِيدَةِ؛ لأنَّ بعْضَ المُبْتَدِعَةِ أَنْكَرَهُ مُعَلِّلاً ذلكَ بأنَّهُ يَمْتَنِعُ أنَّ موسى يَلْطِمُ المَلَكَ. وَنَرُدُّ عليهم : بأنَّ المَلَكَ أَتَى مُوسى بصُورَةِ إنْسانٍ لا يَعْرِفُ مُوسَى مَنْ هوَ، يَطْلُبُ مِنهُ نَفْسَهُ، فمُقْتَضَى الطَّبِيعَةِ البشرِيَّةِ أنْ يُدَافِعَ المَطْلُوبُ عنْ نفسِهِ، ولوْ عَلِمَ مُوسَى أنَّهُ مَلَكٌ لمْ يَلْطِمْهُ؛ ولذلكَ اسْتَسْلَمَ لهُ في المرَّةِ الثانيَةِ حينَ جاءَ بما يَدُلُّ على أنَّهُ مِنْ عندِ اللهِ، وهوَ إعْطَاؤُهُ مُهْلَةً مِن السِنِينَ بقَدْرِ مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ شَعْرِ ثَوْرٍ. ----------------------------- حاشية الشيخ صالح العصيمي .................. |
شرح الشيخ ابن جبرين
(3)
ومِنْ ذلكَ: لمَّا جاءَ مَلَكُ الموتِ إلى مُوسَىعليهِ السَّلامُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، لَطَمَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فرَجَعَ مَلَكُ الموتِ إلى ربِّهِ تَعالى ورَدَّ عليهِ عَيْنَهُ. هذا حديثٌ صحيحٌ فلا طَعْنَ فيهِ، وقد اسْتَبْعَدَهُ مَن اسْتَبْعَدَهُ؛ كَبعضِ الفلاسفةِ وبعضِ المعتزلةِ، وقالوا: هذا خبرُ آحادٍ، ولوْ كانَ صَحِيحًا فلا نَقْبَلُهُ، وقالُوا: أوَّلاً: إنَّ المَلَكَ ليسَ مِنْ جِنْسِ البَشَرِ، فكيفَ معَ ذلكَ تُفْقَأُ عَيْنُهُ؟ وثانيًا: إنَّ الملائكةَ أرواحٌ، فكيفَ يُتَصَوُّرُ أنَّهم مِثلُ الآدَمِيِّ؟ وأيضًا: فإنَّ مُوسَى نَبيٌّ مِنْ أَشْرِفِ الأنبياءِ، ومِنْ أُولِي العَزْمِ، فكيفَ يَجْرُؤُ على مَلَكِ الموتِ ويَلْطِمُهُ بهذهِ اللَّطْمةِ إلى أنْ يَفْقَأَ عَيْنَهُ؟ إلى آخِرِ ذلكَ مِن الاعْتِراضاتِ. قالَ أَحْمَد شَاكِر في تَعْلِيقِهِ على (المُسْنَدِ) وغيرِهِ: إنَّ مُوسَى رَآهُ داخِلاً بيتَهُ بدونِ إذْنِهِ في صورةِ إنسانٍ، فعندَ ذلكَ لَطَمَهُ ظَنًّا مِنهُ أنَّهُ مُتَلَصِّصٌ، أوْ أنَّهُ داخِلٌ لِيَنْظُرَ ويَتَطَلَّعَ على داخِلِ بيتِهِ. وهذا جائِزٌ في شَرْعِنا، قدْ ثَبَتَ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قالَ: ((لَوْ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَأُوا عَيْنَهُ)). وثَبَتَ أنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ في جُحْرٍ في بابِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعَ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرَى يَحُكُّ بهِ رَأْسَهُ، فلَمَّا رَآهُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُنِي لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ)) الحديثَ. فيَقولُ: إنَّ هذا المَلَكَ تَصَوَّرَ بصورةِ إنسانٍ، ودَخَلَ على مُوسَى، فظَنَّهُ مُوسَى مِن المُتَلَصِّصِينَ، فعندَ ذلكَ فَقَأَ عَيْنَهُ، ولا غَرَابةَ في أنَّ مُوسَى غَضِبَ لمَّا أَخْبَرَهُ بأنَّهُ جاءَ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ فَلَطَمَهُ ففَقَأَ عينَهُ، فرَدَّ اللهُ تعالى عينَ مَلَكِ الموتِ عليهِ... إلى تَمامِ الحديثِ. وفي بعضِ الرِّواياتِ أنَّهُ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قَالَ: أَيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ، قَالَ: فَالآنَ))، يَعْنِي: ما دامَ الموتُ لا بُدَّ مِنهُ ولوْ بعدَ مِئاتِ السِّنِينَ، فالآنَ. قالَ: ((فَسَأَلَ اللهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ))، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأََرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ)). فبِكُلِّ حالٍ؛ نُصَدِّقُ بهذا، ولا غَرَابةَ في ذلكَ. |
شرح الشيخ صالح آل الشيخ
----------------------
|
شرح الشيخ:صالح الفوزان .حفظه الله (مفرغ)
المتن: ومن ذلك: أن ملك الموت لما جاء إلى موسى... الشرح: ومن الأخبار التي يجب التصديق بها قصة موسى مع ملك الموت,موسى بن عمران عليه السلام كليم الله,جاءه ملك الموت في صورة رجل؛ابتلاء وامتحانا, فأخبره أنه سيقبض روحه,وهو في صورة رجل,فلطمه موسى؛لأن موسى عليه السلام كان غيوراً عليه الصلاة والسلام, ذا غيرة شديدة,فلطمه,يعني: ضربه على وجهه,ففقأ عينه , فذهب ملك الموت إلى ربه، وقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت. فرد الله عليه عينه, ثم قال له: اذهب إليه، فقل له: ليضع يده على جلد ثور,فما أصابت من جلد الثور فله بكل شعرة سنة يعيشها.فجاء إلى موسى مرة ثانية، وأخبره بما قال الله جل وعلا، فقال: وبعد ذلك؟ قال: الموت. قال: إذًا الآن يا رب.يعني: مادام أنه لابد من الموت فمن الآن يا رب. قبض روحه عليه الصلاة والسلام لما علم أنه ملك الموت,وأنه رسول الله إليه,واستسلم عليه الصلاة والسلام. أما في المرة الأولى فما درى أنه ملك الموت,ولا درى أنه مرسل من الله, فقد جاءه على صورة رجل فقط, وكان غيوراً _ عليه الصلاة والسلام _فضربه. وهذه قصة من أخبار الغيب,نؤمن بها كما جاءت,ولا نقول: كيف؟ وكيف؟. |
تيسير لمعة الاعتقاد للشيخ :عبد الرحمن بن صالح المحمود .حفظه الله ( مفرغ )
ثم قال الشيخ : (( ومن ذلك)) أي من الأخبار الغيبية التي نصدق بها (( أن ملك الموت لما جاء إلى موسى عليه السلام ليقبض روحه لطمه ففقأ عينه فرجع إلى ربه فردَّ عيه عينه )) .(1) وهذه أيضاً حادثة كانت مثار اعتراض من بعض المتقدمين حيث قالوا : كيف يفقأ موسى عين ملك الموت وهو ملك ؟ وكيف يليق هذا بموسى رسول الله وكليمه ؟ وفي العصر الحديث أيضاً وجد من المستشرقين والملاحدة ومن أذنابهم ممن ينتسب إلى المسلمين من يعترض بنفس الاعتراض ويقول : كيف يقع هذا من موسى , ثم يرد هذا الحديث ويكذب به لأجل ذلك , بينما هذا الحديث حديث ثابت متفق عليه رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد بأسانيد صحيحة لا شك فيها, ولذلك لم يتكلم أحد برد هذا الحديث من جهة إسناده ورواته , وإنما اعترض عليه من يعترض على خبر الرسول صلى الله عليه وسلم بعقله ورأيه القاصر, وأهل السنة والجماعة يؤمنون بهذا الحديث , ويصدقون بما جاء به, وهو أن ملك الموت لما جاء إلى موسى ليقبض روحه فقأ موسى عينه, ثم إن الله سبحانه وتعالى ردَّ على ملك الموت عينه , وجاء إلى موسى مرة اخرى كما هو معروف في بقية الحديث وقال : (( إن الله يقول لك : تعال إلى ثور وامسح على جلده , فلك بكل شعرة من جلده سنة من عمرك , فقال موسى : وبعد ذلك؟ قال : الموت قال : الآن إذن)) . فأهل السنة والجماعة يصدقون بذلك , أما الكيفية فعلم ذلك عند الله سبحانه وتعالى , وعندنا على ذلك شواهد من السنة , فقد كان جبريل يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة بشر, وكان يأتيه أحياناً في صورة دحية الكلبي ؛ الرجل المشهور , حتى إنه كان يدخل على الرسول فيقول الصحابة لبعضهم : دخل عليه دحية بينما هو جبريل . وكذلك جاء جبريل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم على صورة رجل غير معروف لدى الصحابة قال عمر - رضي الله عنه - : (( بينما نحن جلوس عند رسول الله إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب, شديد سواد الشعر, لا يرى عليه اثر السفر, ولا يعرفه منا أحد)) , وفي بعض الروايات أن الرسول لم يعلم أنه جبريل إلا بعد نهاية الأسئلة, وفي كتاب الله تعالى خبر دخول الملائكة على إبراهيم - عليه السلام ولم يعرفهم فأوجس منهم خيفة, وكذا دخولهم على نبي الله لوط عليه السلام - . فالشاهد أن جبريل كان يأت يفي صورة بشر فما الذي يمنع أن يكون ملك الموت أتى موسى عليه السلام في صورة بشر ففقأ عينه , هذا أولاً . وثانياً : لما دخل على موسى ألا يحتمل أن يكون موسى نظر فإذا ببيته رجل غريب , ونحن نعلم أن من طلع على بيت أحد ففقأ عينه- كما في الحديث- فعينه هدر(2) , أي لا شيء عليه , فإذا وجد إنسان رجلاً غريباً في بيته؟ الا يغضب لمحارمه ويهجم عليه بما يستطيع؟ فإذا كان الملك أتى على صورة بشر فيكون فقأ عينه لهذا السبب أو لغيره , فلما جاءه في المرة الثانية, وقال لـه: أنا ملك الموت استمع إليه واختار أن يقبض روحه عاجلاً . فالحاصل أن الخبر إذا ورد بالأسانيد الصحيحة فنحن نؤمن به ونصدق ولا نعترض عليه ولا نقيم الشبهات لرده بل نقبل ونسلم ونقول : (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) (آل عمران: من الآية7) . ___________________ (1) اخرجه البخاري رقم (3407) كتاب احاديث الأنبياء ومسلم رقم (2372) كتاب الفضائل (2) إشارة إلى حديث ابي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: (( لو أن رجلا اطلع عليك يغير غذن فخذفته بحصاة ففقات عينه ما كان عليك من جناح )) ، اخرجه البخاري كتاب الديات ، ومسلم كتاب الآداب وفي لفظ المسلم :: (من اطلع في بيت قوم بغير غذنهم فقد حل لهم أن يفقؤوا عينه) . |
شرح لمعة الاعتقاد,الشيخ الغفيص
قال الموفق رحمه الله: [ومن ذلك أن ملك الموت لما جاء إلى موسى عليه السلام ليقبض روحه لطمه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه فرد عليه عينه] . هذا الحديث ثابت في الصحيح، وهنا أراد المصنف أنه يؤمن به على ظاهره، ولا يجوز أن يتكلف فيه بتأويل، كأن يقال: إن هذا كان مناماً، كما فسره بعض المتأخرين من أهل البدع، والصواب: أنه على حقيقته. |
العناصر ذكر حادثة لطم موسى عليه السلام لملك الموت |
الأسئلة س1: مما يؤمن به أهل السنة والجماعة ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من خبر لطم موسى عليه السلام لملك الموت، ما سبب إيراد المؤلف لهذه الحادثة في هذه الرسالة؟ |
الساعة الآن 01:52 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir