الدرس الثالث : أمثلة وتطبيقات على التحرير العلمي لأقوال العلماء
الدرس الثالث : أمثلة وتطبيقات على التحرير العلمي لأقوال العلماء بسم الله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، محمد صلى الله عليه وسلم ، أما بعد : في الدرس الثامن تعلمنا كيف نستخلص عناصر الدروس العلمية وما يمكن أن نجمعه تحتها من مسائل ، وفي هذا الدرس سنطبق الخطوة الثالثة من خطوات تلخيص الدروس العلمية وهي : التحرير العلمي ، وقبل أن نبدأ بالأمثلة والتطبيقات ؛ أذكركم بالخطوات المؤدية إلى التحرير العلمي الجيد ، كما ذكرها الشيخ عبد العزيز الداخل - حفظه الله - في الدرس الثالث من دروس هذه الدورة ، حيث قال : اقتباس:
وتعتمد فكرة التحرير العلمي لمسائل الدرس على فهم مفاصل الكلام في المسألة، والتمكن من تمييز كل مفصل والتعبير عنه بعبارة تدلّ عليه. مسائل الدروس العلمية لا تخلو من كونها مسائل اتفاق أو مسائل اختلاف، ولذلك سنبيّن فكرة التحرير العلمي بثلاثة أمثلة لمسائل ليس فيها خلاف، وثلاثة أمثلة لمسائل مختلف فيها، ونرجو أن تسهّل هذه الطريقة على طالب العلم دراسة المسائل العلمية، وقد يبدو للناظر في بعض الدروس العلمية أنها لا تقتضي التلخيص والتحرير لتيسّر فهم مسائلها من أوّل قراءة، وهذا الحكم المتعجّل قد يحرم بعض الطلاب من الفهم العميق للمسائل العلمية؛ لأنّه يقرأ الدرس قراءة من يريد فهم مدلول الألفاظ فقط؛ وهذا فيه خلل وقصور يتبيّنه الطالب إذا أوردت عليه بعض الأسئلة والإشكالات والاعتراضات على بعض ما ذكر في الدرس؛ فيقف الطالب حائراً لا جواب لديه. وهذا يدلّ على أنّ الطالب بحاجة إلى بناء مَلَكة علمية يتمكّن بها - بإذن الله - من الفهم العميق لمسائل الدرس ، وتوقّع الأسئلة والإشكالات قبل وقوعها، ومحاولة التعرّف على جوابها عند قراءته للدرس. وسبيل بناء هذه الملكة هو التدرّب على تمييز مفاصل كلام العلماء في كلّ مسألة، ثم تنمية هذه الملكة بكثرة الأمثلة والتطبيقات؛ حتى تتضح له أنواع تلك المفاصل من كثرة ما ترد عليه، فإذا تمرّس في ذلك، عرف أن الكلام في كلّ مسألة علمية لا بدّ أن يكون له متطلّبات يتمكّن من توقّع كثير منها بمجرّد معرفة اسم المسألة؛ فإذا قرأ درساً من الدروس كان نظره متّجها إلى تمييز المسائل ومفاصلها؛ فإذا طوي شيء منها في الدرس علم أنّ ثمّت أمر مهمّ ينبغي ذكره لم يُذكر، وأثار ذلك سؤالاً لديه، يحتاج إلى البحث عن جوابه؛ فيقوده البحث إلى معرفة الجواب، واكتساب فوائد أخرى في معرفة أدوات البحث وحلّ الإشكالات، فإذا تكرر ذلك كثيراً من طالب العلم كان من أهل العلم المحقّقين الذين يُرجع إليهم في حلّ الإشكالات، وبيان المعضلات. وسنعود الآن إلى بيان أوّل ما تُبنى به هذه الملَكة بأمثلة يسيرة إن شاء الله تعالى. الأمثلة المثال الأول :أنواع الالتفات : قال الشيخ ابن عثيمين في " أصول في التفسير " : اقتباس:
سنركز على عنصر " أنواع الالتفات " : ونذكر تحته كل نوع ، وتحت كل نوع عدد من المسائل ، فيكون التلخيص كالآتي : أنواع الالتفات: للالتفات أنواع عديدة منها : 1: الالتفات من الغيبة إلى الخطاب مثال : قوله تعالى:{الحمد للّه ربّ العالمين*الرّحمن الرّحيم*مالك يوم الدّين* إيّاك نعبد وإيّاك نستعين} [الفاتحة] موضع الالتفات : { إياك } 2: الالتفات من الخطاب إلى الغيبة مثال : قوله تعالى:{حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم} [يونس: 22] موضع الالتفات : { وجرين بهم } 3: الالتفات من الغيبة إلى التكلم مثال : قوله تعالى:{ولقد أخذ اللّه ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً} موضع الالتفات : { وبعثنا } 4: الالتفات من التكلم إلى الغيبة مثال : قوله تعالى:{إنّا أعطيناك الكوثر (1) فصلّ لربّك} [ الكوثر: 1،2] موضع الالتفات : { لِربك } ولعل هذا المثال قد وضّح لكم مفاصل الكلام في المسألة، وحصل بذلك تقريب للمادة العلمية وتيسير لدراستها ومراجعتها بعد ذلك. المثال الثاني : أنواع المشترك : هذا هو العنصر الذي استخرجناه من شرح الشيخ عبد الكريم الخضير وشرح الشيخ محسن المساوي لدرس المشترك من منظومة الزمزمي. ونريد أن نطبق المراحل التي سبق ذكرها أعلاه : 1: نجمع ما قيل فيه ونحدد مسائله. قال الشيخ عبد الكريم الخضير : اقتباس:
اقتباس:
2: من الملاحظ أن أقوالهما متفقة ولكن لدى كلّ واحد منهما قدر زائد تفرّد به عن الآخر ، ومهمتنا في التلخيص أن نعيد ترتيب المسائل، ونتعرّف على مفاصل الكلام فيها، لنتمكّن من تحرير الأقوال وإحسان صياغتها والتعبير عنها بتعبير جامع بأسلوبنا. وهذا أنموذج للتلخيص: أنواع المشترك : 1: المشترك اللفظي : تعريفه : هو ما تعدد فيه الوضع والمعنى دون اللفظ. مثاله : لفظ "العين" يراد بها: الذهب، والعين الباصرة، والعين الجارية. توضيح المثال : اتحد اللفظ وهو " العين " واختلف معناه باختلاف المراد به. 2: المشترك المعنوي : تعريفه : هو ما اتحد فيه الوضع والمعنى واللفظ، لكنه يشمل أفراداً تدخل في مسمّاه، فهو المراد بالمعنى الكلي. مثال: الإنسان : اتحد لفظه ووضعه ومعناه، ولكنه يشمل زيدًا وعمرًا وغيرهما ممن يشتركون في الإنسانية. توضيح المثال : اتحد اللفظ وهو " الإنسان " واتّحد معناه وموضوعه، ولكن اختلف ما يشمله هذا اللفظ من الأفراد؛ فزيد إنسان، وعمرو إنسان؛ فلفظ الإنسان مما يشترك فيه زيد وعمرو وغيرهما من الناس. مثال آخر: "العين الباصرة": اتحد لفظها ووضعها ومعناها، ولكنها تشمل عين زيد وعين عمرو وأعين غيرهما. المثال الثالث : أهمية علم الغريب لطالب العلم : قال الزمزمي اقتباس:
اقتباس:
قال الشيخ عبد الكريم الخضير ( مفرّغٌ من شرح صوتي): اقتباس:
قال الشيخ محسن المساوي - رحمه الله- : اقتباس:
هذه نقول مختارة من درس علم الغريب، وقد تحدّث العلماء فيها عن عدد من العناصر، وهذا تلخيص لما ورد في أقوالهم بطريقة الجمع والمكاملة بين الشروح: أ: معنى علم الغريب - علم الغريب هو العلم الذي يُعنى بمعاني الألفاظ التي يحتاج إلى البحث عنها في كتب اللغة. ب: المرجع في علم الغريب: - مرجعه النقل، والكتب المصنّفة فيه. ج: الكتب المصنّفة في علم الغريب - المؤلفات في علم الغريب كثيرة. - من أشهر الكتب المؤلفة فيه: كتاب لأبي عبيدة وآخر لابن دريد، وغريب العزيزي، والمفردات للراغب وكتاب أبي حيان. - أقام العزيزي في تأليف كتابه في الغريب خمس عشرة سنة؛ فحرّره هو وشيخه أبو بكر ابن الأنباري. د: أوجه أهمية علم الغريب : 1: علم الغريب يعين على فهم النصوص؛ فمن لا يعرف معاني الألفاظ الغريبة فيها لا يمكنه فهم النص الذي وردت فيه تلك الألفاظ. 2: حصول الانتفاع بقراءة القرآن وتدبّره. 3: تجنب القول على الله بغير علم. هـ: الحثّ على الاعتناء بعلم الغريب : 1: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه " أخرجه البيهقي. - المراد بإعراب القرآن هنا معرفة معاني الألفاظ وليس الإعراب المصطلح عليه عند النحاة. 2: قال أهل العلم: (هذا العلم جدير بالتحرّي حريّ بالتوقّي)؛ أي ينبغي أن يهتمّ به ويحتاط فيه. 3: لمّا سئل الإمام أحمد عن مسألة في الغريب قال: (سلوا أهل الغريب). و: تورّع السلف عن القول في الغريب بلا علم - كان الإمام أحمد ربّما سئل عن معنى كلمة في الحديث فيأبى القول فيها ويحيل على أهل الغريب. - لما سئل الأصمعي عن السقب في حديث ((الجار أحق بسقبه)) قال: (أنا لا أفسر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن العرب تزعم أن السقب هو : اللزيق) يعني الجار الملاصق. ه: خطر القول في غريب القرآن بلا علم - من تكلّم في معنى كلمة في القرآن من غير مستند صحيح فقد قال على الله بغير علم. ز: شروط الكلام في غريب القرآن وعلى الخائض في هذا العلم: 1: التثبت. 2: الرجوع إلى كتب التفسير وغريب القرآن. 3: عدم الخوض في هذا العلم بالظن والتخرّص. وصيّة: يوصى الطالب بأن يتدرّب على تنظيم ملخّصه وترتيب عناصره واستخلاص ما يتعلّق بكل عنصر من أقوال العلماء باعتماد مراجع قليلة حتى يتقن طريقة التلخيص ، وتحصل له فيها ملكة ومهارة جيّدة؛ ثمّ يتوسّع قليلاً في المراجع مع تحصيل مهارات علمية أخرى؛ وسيجد نفع هذه الطريقة كبيراً بإذن الله تعالى. تنبيه: ما مضى كان أمثلة على تلخيص المسائل غير الخلافية بطريقة الجمع والمكاملة بين الشروح؛ لينتج لنا ملخّص مكتمل مرتّب منظم العناصر، وسنعرض في المشاركة التالية أمثلة لتلخيص المسائل الخلافية بعون الله تعالى وتوفيقه. للدرس بقية |
أمثلة على المسائل الخلافية المثال الأول: الخلاف في أول ما نزل من القرآن : قال الزمزمي: اقتباس:
قال السيوطي في إتمام الدراية : اقتباس:
اقتباس:
قال الشيخ محسن المساوي رحمه الله : اقتباس:
سنُركّز على مسألة الخلاف في أول ما أُنزل من القرآن الكريم ونتجاوز الحديث عما لا يتعلّق بهذه المسألة لأن المراد من المثال توضيح خطوات التحرير العلمي للمسائل الخلافية باعتماد النقول المختارة فقط: فنقول: اختلف العلماء في أول ما نزل من القرآن على قولين : [هذا الجزء هو رأس المسألة] القول الأول : الآيات الأولى من سورة اقرأ، وهو قول جمهور العلماء، وهو القول الصحيح، كما ذكر ذلك السيوطي والمساوي والخضير. الدليل : قصة بدء الوحي الشهيرة المـُخرجة في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أوّل ما بُديء به من الوحي الرؤيا الصادقة..) الحديثَ، وفيه: أنه (كان يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد؛ فبينا هو كذلك إذ نزل عليه الملكُ فقال له: اقرأ، فقال: (( ما أنا بقاريء)) ، ثمّ قال له: اقرأ، فقال:((ما أنا بقاريء))، ثمّ قال له:((اقرأ باسم ربك الذي خلق)). الحديثَ. القول الثاني : الآيات الأولى من سورة المدثر، وهذا قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. الدليل : حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سألت جابر بن عبد الله: أي القرآن أنزل قبل؟ قال: {يا أيها المدثر}. قلت: أو {اقرأ باسم ربك}؟ قال: أحدثكم بما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني جاورت بحراء فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي، فنوديت، فنظرت أمامي وخلفي، وعن يميني وعن شمالي، ثم نظرت إلى السماء، فإذا هو (يعني جبريل) فأخذتني رجفة، فأتيت خديجة، فأمرتهم فدثروني، فأنزل الله تعالى: {يا أيها المدثر * قم فأنذر} )) الترجيح: الراجح هو القول الأول، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر المتقدّم: ((فإذا الملك الذي جاءني بحراء)) يدلّ على أن هذه القصة متأخرة عن قصة حراء التي نزل فيها "اقرأ باسم ربك". الجمع بين القولين: - ذهب بعض أهل العلم إلى أن القول الأوّل هو القول الصحيح، وذهب بعضهم إلى محاولة الجمع بين القولين، واختلفوا في هذا الجمع على وجهين: الوجه الأول: أن أولية نزول صدر سورة اقرأ أولويّة مطلقة، وأوّلية نزول صدر سورة المدثر أولية نسبية؛ بمعنى أنّها أوّل ما نزل بعد فترة الوحي، أو أنّها أوّل ما نزل في التبليغ والإرسال، وقد ذكر هذا الوجه الخضير في شرحه على منظومة الزمزمي. الوجه الثاني: أن السؤال في حديث جابر بن عبد الله كان عن بقية اقرأ والمدثر، فيكون المراد أن الآيات الأولى من سورة المدثر نزلت قبل بقية سورة اقرأ، وهذا الوجه ذكره السيوطي عن البلقيني، ويردّه أن أبا سلمة في الحديث أورد على جابر رضي الله عنه السؤال عن صدر سورة اقرأ. المثال الثاني: الخلاف في وجود المعرَّب في القرآن الكريم : قال الزمزمي رحمه الله: اقتباس:
قال السيوطي - رحمه الله - في إتمام الدراية: اقتباس:
وقال الشيخ محسن المساوي رحمه الله: اقتباس:
وقال الشيخ عبد الكريم الخضير ( في شرحه المفرّغ على منظومة الزمزمي): اقتباس:
هذا القدر من الدرس تضمّن مسائل عدّة، لكننا سنقتصر على مسألة واحدة؛ للتمثيل لطريقة التحرير العلمي وخطواته، وهي مسألة الخلاف في جود المعرّب في القرآن الكريم. فنقول: تحرير محلّ النزاع: - أجمع أهل العلم على أن القرآن ليس فيه جمل ولا تراكيب أعجمية. - وأجمعوا أيضاً على وجود أعلام أعجمية في القرآن؛ كأسماء الأنبياء من غير العرب. - واختلفوا في وجود ألفاظ معرّبة ليست بتراكيب ولا أعلام على ثلاثة أقوال: القول الأول: في القرآن ألفاظ معرّبة. ومثّلوا لذلك: بالمشكاة للكوَّة بالحبشية، والكفل للضعف بها، والأوَّاه: الرحيم بها، والسجيل: الطين المشوي بالفارسية، والقسطاس: العدل بالرومية. - وقد جمع السيوطي نحو ستين لفظا مما قيل بأنّه معرّب ونظمها في أبيات، وذكر منها:الإستبرق والسندس والسلسبيل وكافور وناشية الليل وغيرها. - وقالوا: إن هذه الألفاظ القليلة لا تخرجه عن كونه عربيا؛ فالقصيدة العربية التي فيها كلمة فارسية لا تخرج بها عن كونها عربية، فالقرآن عربيّ ولو وجدت فيه ألفاظ معرّبة. القول الثاني: لا وجودَ للمعرّب في القرآن، بل كل ألفاظ القرآن عربية. - وهذا القول قال به جمهور العلماء منهم: الشافعي وأبو عبيدة وابن جرير والقاضي أبو بكر وابن فارس، وغيرهم. - وشدّد الشافعي في الرّسالة على من قال بوجود المعرّب في القرآن. واستدلّوا بقوله تعالى : {قرآناً عربياً}، وقوله تعالى: {ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته * أأعجمي وعربي}. وأجابوا عن الأمثلة التي أوردها القائلين بوجود بالمعرّب بأنّها من باب التوافق بين اللغات، أي ما تشترك فيه اللغة العربية وغيرها. القول الثالث: هذه الألفاظ أصولها أعجمية، ولكنها وقعت للعرب فعرَّبتها بلسانها. - وهذا هو قول أبي عبيد القاسم بن سلام، ورجّحه الجواليقي وابن الجوزي. - المراد بتعريب الألفاظ في هذه القول أن العرب أخذت تلك الألفاظ الأعجمية ونطقتها على طريقة العرب وأوزان كلامهم، فتحوّلت من ألفاظ العجم إلى ألفاظ العرب، فصارت بذلك ألفاظاً عربية وإن كان أصلها أعجمياً. - ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب؛ فمن قال إنها عربية فهو صادق باعتبار ما آلت إليه، ومن قال إنها أعجمية فهو صادق باعتبار أصلها. المثال الثالث: هل في القرآن فاضل ومفضول ؟ قال الزمزمي: اقتباس:
اقتباس:
قال الشيخ محسن المساوي - رحمه الله - : اقتباس:
قال الشيخ عبد الكريم الخضير ( في شرحه المفرّغ على منظومة الزمزمي): اقتباس:
اقتباس:
ورد في هذا الشرح مسائل متعددة لكننا سنركز على مسألة واحدة هي: هل في القرآن فاضل ومفضول ؟ فنقول: اختلف العلماء في تفضيل بعض سور القرآن وآياته على بعض على قولين : القول الأول: يوجد في القرآن فاضل ومفضول، وهذا القول ذكره السيوطي عن إسحاق ابن راهويه والحليمي والبيهقي وابن العربي والعزّ بن عبد السلام. وقال القرطبي: إنه الحق الذي عليه جماعة من العلماء والمتكلمين. وقال أبو الحسن بن الحصار: العجب ممن يذكر الاختلاف في ذلك مع النصوص الواردة بالتفضيل. الأدلّة: الأحاديث التي ذُكر فيها فضل بعض الآيات والسور مثل: 1: قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ((أعظم سورة في القرآن الفاتحة)) رواه البخاري. 2: قول الرسول صلى الله عليه وسلم بأن سورة { قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن. 3: وقوله صلى الله عليه وسلم:((أعظم آية في القرآن آية الكرسي)) رواه مسلم. 4: وقوله صلى الله عليه وسلم :((سيدة آي القرآن آية الكرسي، وسنام القرآن: البقرة)) رواهُ الترمذي. القول الثاني: لا يوجد في القرآن فاضل ومفضول، وهذا القول ذكره السيوطي عن بعض أهل العلم ولم يسمّهم. حجّتهم: أن القول بتفضيل بعض السور والآيات على بعض يوهم نقص المفضول، ولا يجوز تنقّص شيء من القرآن. الترجيح: الراجح هو القول الأول لـما يلي: 1: ثبوت الأحاديث الصحيحة في تفضيل بعض سور القرآن وآياته. 2: القول بأن التفضيل يوهم نقص المفضل عليه لا يصح؛ لأنّ المتكلم بالجميع هو الله عز وجل؛ فيصحّ تفاضل الكلام من غير نقص ولا ضعف في المفضول. 3: قاس الشيخ عبد الكريم الخضير مسألة تفاضل الآيات على تفاضل الأنبياء، وقد قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}. تنبيه: التفضيل الذي يفهم منه التنقّص يُنهى عنه بخصوصه؛ وأمّا التفاضل الذي يكون معه إقرار بكمال الآيات كلّها وأنه لا نقص فيها ولا اختلاف؛ فهذا هو الذي دلّت عليه الأحاديث الصحيحة. - حُمل النهي عن التفضيل في قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في أحاديث: (( لا تفضلوا بين الأنبياء))، ((لا تفضلوني على موسى))، ((لا تخيروا بين الأنبياء))، ((لا تفضلوني على يونس بن متى )) على النهي عن التفضيل الذي يؤدي إلى انتقاص المفضول. |
أخطاء شائعة في تحرير الأقوال 1: النسخ الحرفي لكلام العلماء:من المهمّ للطالب أن يجتنب الأخطاء الشائعة في تلخيص أقوال العلماء وتحريرها، وذلك مثل: وقد يكون فيه إطالة خاصة إن كان شرحًا لأحد العلماء على متن ، ومقام التلخيص الاختصار بينما مقام الشرح الإطناب. 2: تكرار الأقوال المتوافقة كأن يقول في مسألة " الخلاف في وجود المعرب في القرآن " : اقتباس:
3: إغفال بعض الأقوال المهمّة، ومن الملاحظ في الشروح أنّ بعض الأقوال التي يذكرها العلماء قد لا تكون مصدّرة بالنصّ على أنّها قول في المسألة، وإنما يستخرجها الطالب من كلام الشارح. مثال ذلك: اقتباس:
فقوله: (ومن ذهب إلى المنع قال...) إلخ ؛ فيه ذكر للقول الثاني وحجّته. فإذا لم يتفطّن لذلك الطالب فاته ذكر القول الثاني في هذه المسألة. 4: إغفال نسبة الأقوال لقائليها في المسائل الخلافية. نسبة الأقوال لقائليها في المسائل الخلافية مهمّة جداً لطالب العلم، وتدرّبه عليها من أوّل الأمر يفيده في اكتساب مهارات التعرّف على الأقوال ونشأتها وعللها فيما بعد. وإذا لم يذكر الشراح نسبة القول لقائله في بعض المسائل فيفضّل أن ينصّ الطالب على من ذكره بغير نسبة كما في المثال الثالث من المسائل الخلافية في هذا الدرس. وأمّا المسائل التي ليس فيها خلاف فالأفضل أن يكامل الطالب بين أقوال العلماء وأدلتهم وتعبيرهم عنها ليكون الكلام في الملخّص وافياً بما ذكروه، وهذا يصعب معه أن ينصّ في كلّ موضع على مصدره، فلذلك كان الأفضل في مثل هذه المسائل أن تلخّص بطريقة المكاملة بين الشروح. 5: إبهام عرض الأقوال: من الأخطاء الشائعة أن تكون الأقوال في الملخّص غير ظاهرة؛ وهذا يضعف لدى الطالب ملكة تمييز الأقوال ومعرفة ما يتعلّق بها. ومن الأفضل أن يسير الطالب على هذا التسلسل ما أمكن: 1: البدء بتحرير محلّ النزاع أو برأس المسألة. 2: سرد الأقوال التي قيلت في تلك المسألة. 3: نسبة كلّ قول إلى قائله. 4: ذكر حجّة كلّ قول أمامه. 5: الجمع أو الترجيح بين الأقوال؛ مع ذكر وجه الترجيح وعلّة القول المرجوح - إن أمكن -. فيقترح أن تكون طريقة عرض المسائل الخلافية هكذا : اختلف العلماء في مسألة [كذا وكذا ] ... على # أقوال: القول الأول : ....... ، قال به فلان وفلان. وحجته: القول الثاني : ....... ، قال به فلان وفلان. وحجته: القول الثالث : ...... ، قال به فلان. وحجّته: الترجيح: - والراجح هو كذا وكذا لـلمرجّحات التالية: [ثمّ يذكرها] 6: ضعف التنسيق: - ينبغي لطالب العلم أن يعتاد تنسيق ملخّصه بما يعينه على حسن الفهم وسرعة القراءة، وحسن تصوّر ما تضمّنه ملخّصه، وتمييز مفاصل الكلام في كلّ مسألة بالنظر السريع، ولذلك فوائد جمّة ينتفع بها الطالب كثيراً بإذن الله. - وإذا أغفل الطالب تنسيق تلخيصه ضعف لديه تمييز مفاصل الكلام في كلّ مسألة، ولم يمكنه ذلك إلا بجهد وتدقيق وتركيز عال. - ولأجل ذلك نوصي الطالب باستخدام الألوان المناسبة وأحجام الخطوط المتفاوتة بين العناوين والتفصيلات، وأن يوحّد منهجه في التنسيق ما أمكن ذلك. |
التطبيقات التطبيق الأول: حرِّر الخلاف في مسألة " اعتبار آية تحويل القبلة مما نزل ليلا ؟ " : من درس " الليلي والنهاري من منظومة الزمزمي ": قال الزمزمي - رحمه الله - : اقتباس:
اقتباس:
قال الشيخ عبد الكريم الخضير : اقتباس:
اقتباس:
التطبيق الثاني : حرّر الخلاف في مسألة تخصيص الكتاب بالسنة : من درس العام والخاص من منظومة الزمزمي : قال الزمزمي - رحمه الله - : اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
التطبيق الثالث : استخرج المسائل الواردة في النقول الآتية ، مع تلخيص الأقوال تحت كل مسألة : من درس تفسير القرآن بالسنة من مقدمة التفسير : قال ابن تيمية - رحمه الله - : اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
|
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكر الله لكم رابط التطبيق الأول: http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...024#post193024 |
|
أديت التطبيق الأول بفضل الله في صفحتي
|
السلام عليكم
تم بفضل الله التطبيق الأول هذا هو الرابط http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...3673#post19367 وجزاكم الله خيراً |
رابط التطبيق اﻷول على الدرس التاسع
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...1&postcount=26 |
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكر الله لكم هذا رابط التطبيق الثاني من الدرس التاسع http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...269#post195269 |
السلام عليكم
أديت التطبيق الثاني على صفحتي بفضل الله وتوفيقه |
|
هل علينا حل التلخيصات هذه ؟
|
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...4&postcount=50
تم اداء التطبيق الأول وأشرع في الثاني والثالث |
رابط إجابة التطبيق الأول
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...t=26921&page=2 |
التطبيق الأول: على الدرس التاسع
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...009#post201009 |
الطالب ماهر غازي القسي التطبيق الأول من الدرس التاسع
|
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا هو التطبيق الثاني :من الدرس التاسع وهذا رابط التطبيق http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...d=1#post202703 |
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...7&postcount=54
تم أداء التطبيق الثاني من الدرس الثاني |
الخلاف في مسألة تخصيص الكتاب بالسنة : تحرير محلّ النزاع: أجمع أهل العلم على عدم نسخ الكتاب بالسنة جمهور أهل العلم يرون عدم نسخ الكتاب بالسنة ، لأن النسخ رفع كلي ، فالسنة لا تنسخ الكتاب اختلف أهل العلم في تخصيص الكتاب بالسنة على قولين : القول الأول : الجواز جمهور أهل العلم على أنه لا بأس من تخصيص الكتاب بالسنة ، لأن التخصيص رفع جزئي وليس كليا ، وقال بعض أهل التحقيق إن كلا منهما وحي. ذكر ذلك السيوطي والخضير والمساوي حجتهم كتخصيص قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم} بحديث ((أحلت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد، والكبد والطحال)) رواه الحاكم وابن ماجه، من حديث ابن عمر مرفوعاً، وكتخصيص آيات المواريث بغير القاتل، والمخالف في الدين، المأخوذ من الأحاديث الصحيحة. القول الثاني : المنع ومنهم من منع تخيصيص الكتاب بالسنة كابي حنيفة وعدّه بابا واحدا ، وإن كان النسخ رفعا كليا ، والتخصيص رفع جزئي ، إلا أنه على قولهم فيه رفع لبعض الأفراد ، ولا يكون الرفع إلا بما يقوم المرفوع في القوة ، والسنة لا تقوم الكتاب في القوة . ذكر ذلك الخضير المساوي حجتهم بأن الكتاب قطعي، والسنة ظنية، والقطعي لا يخصص بالظني، كما أنه لا ينسخ به، إذ التخصيص نسخ الحكم عن بعض الأفراد، ويجاب بأن النسخ أشد من التخصيص، إذ هو رفع الحكم عن المحكوم به، رأساً، بخلاف التخصيص، فإنه قصر الحكم على البعض، وبأن محل التخصيص إنما هو دلالته لا متنه وثبوته، ودلالة العام على كل فرد بخصوصه ظنية، بخلاف ثبوت ذلك العام ومتنه في القرآن، فإنه قطعي، وليس الكلام فيه. الترجيح جمهور أهل العلم على أنه لا بأس من تخصيص الكتاب بالسنة ، لأن التخصيص رفع جزئي وليس كليا . |
|
|
الساعة الآن 10:30 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir