معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   منتدى الامتياز (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=1031)
-   -   مجلس مذاكرة القسم الخامس من تفسير سورة النساء (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=45982)

هيئة الإشراف 27 شوال 1444هـ/17-05-2023م 10:20 PM

مجلس مذاكرة القسم الخامس من تفسير سورة النساء
 
مجلس مذاكرة القسم الخامس من تفسير سورة النساء
(من الآية 44 إلى الآية 57)


اختر مجموعة واحدة من المجموعتين التاليتين:

المجموعة الأولى:
س1. حرر الخلاف في معنى قول الله تعالى: {مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا}
س2. اذكر دلالة الصيغة الصرفية لكلمة (مُسمَع) في قوله تعالى:
{مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَع}
س3. بيّن مقاصد قول الله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44) وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا (45)}



المجموعة الثانية:
س1: حرر الخلاف في المراد بالتزكية في قول الله تعالى:{ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم}
س2. بيّن معنى الباء ودلالتها في قوله تعالى: {وكفى بالله وليًا وكفى بالله نصيرًا}
س3: من خلال دراستك لقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)}، كيف ترد على المبتدعة في باب الوعيد؟


تنبيهات:
- دراسة تفسير سورة النساء ستكون من خلال مجالس المذاكرة، وليست مقررة للاختبار.
- مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق المهارات التي تعلمها الطالب سابقا؛ المهارات المتقدمة في التفسير، أصول التفسير البياني، أصول تدبر القرآن.
- لا يقتصر بحث المسائل على التفاسير الثلاثة الموجودة في الدروس.
- يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها.


وفقكم الله

صلاح الدين محمد 26 محرم 1445هـ/12-08-2023م 10:56 PM

مجلس مذاكرة القسم الخامس من تفسير سورة النساء
المجموعة الثانية:
س1: حرر الخلاف في المراد بالتزكية في قول الله تعالى:{ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم}
اختلف أهل العلم من المفسرين في المراد بالتزكية إلى أقوال:
الأول:أن اليهود كانت تزكي أنفسها بقولهم: "نحن أبناء الله وأحباؤه". وهو قول قتادة, والحسن, وابن زيد. وذكره ابن عطية, وابن كثير.
- أما قول قتادة فقد أخرجه ابن جرير في تفسيره, عن قتادة قتادة، قوله: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل اللّه يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً} وهم أعداء اللّه اليهود زكّوا أنفسهم بأمرٍ لم يبلغوه، فقالوا: نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه، وقالوا: لا ذنوب لنا.
- وقول الحسن أخرجه عبد الرزاق في تفسيره, وابن جرير في تفسيره, وابن أبي حاتم في تفسيره, عن الحسن في قوله: ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم قال: هم اليهود والنّصارى قالوا: نحن أبناء اللّه وأحباؤه، وقالوا: لن يدخل الجنّة إلّا من كان هودًا أو نصارى.
- وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره عن ابن زيدٍ في قوله: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} قال: قال أهل الكتاب: {لن يدخل الجنّة إلاّ من كان هودًا أو نصارى} وقالوا: {نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه} وقالوا: نحن على الّذي يحبّ اللّه.
الثاني: أنهم كانوا يقدمون أبنائهم في الصلاة ويزعمون أنهم لا ذنوب لهم. وهو قول مجاهد, وأبي مالك, وعكرمة, والضحاك. وذكره ابن عطية, وابن كثير.
- قول مجاهد أخرجه أحمد بن نصر الرملي, وابن جرير في تفسيره, وابن المنذر في تفسيره عن مجاهد في قوله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} قال: يعني يهود كانوا يقدمون صبيانا لهم أمامهم في الصلاة فيؤمونهم يزعمون أنهم لا ذنوب لهم قال: فتلك التزكية.
- وقول أبي مالك أخرجه ابن جرير في تفسيره عن أبي مالك في قوله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} قال: نزلت في اليهود كانوا يقدمون صبيانهم يقولون: ليست لهم ذنوب.
- وقول عكرمة أخرجه ابن جرير في تفسيره عن عكرمة، في قوله: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} قال: كان أهل الكتاب يقدّمون الغلمان الّذين لم يبلغوا الحنث يصلّون بهم، يقولون ليس لهم ذنوبٌ، فأنزل اللّه: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} الآية.
- وقول الضحاك أخرجه ابن جرير في تفسيره, وابن أبي حاتم في تفسيره عن الضّحّاك، قال: قالت يهود: ليست لنا ذنوبٌ إلاّ كذنوب أولادنا يوم يولدون، فإن كانت لهم ذنوبٌ، فإنّ لنا ذنوبًا، فإنّما نحن مثلهم قال اللّه تعالى ذكره: {انظر كيف يفترون على اللّه الكذب وكفى به إثمًا مبينًا}.
الثالث: أنهم كانوا يقولون: إن أبناءنا سيشفعون لنا ويزكوننا. وهو قول ابن عباس. وذكره ابن عطية, وابن كثير.
- قول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} وذلك أنّ اليهود قالوا: إنّ أبناءنا توفّوا وهم لنا قربةٌ عند اللّه، ويستشفعون لنا ويزكّوننا. فقال اللّه لمحمّدٍ: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} إلى {ولا يظلمون فتيلا}.
- وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عبّاسٍ قال: كانت اليهود يقدّمون صبيانهم يصلّون بهم، ويقرّبون قربانهم، ويزعمون أنّهم لا خطايا لهم ولا ذنوب، وكذبوا قال اللّه إنّي لا أطهّر ذا ذنبٍ بآخر لا ذنب له، ثمّ أنزل اللّه تعالى: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم}.
الرابع: أنهم كانوا يزكي بعضهم بعضا.وهو قول عبد الله بن مسعود. وذكره ابن عطية.
- قول ابن مسعود أخرجه ابن جرير في تفسيره قال عبد اللّه: إنّ الرّجل ليغدو بدينه، ثمّ يرجع وما معه منه شيءٌ. يلقى الرّجل ليس يملك له نفعًا ولا ضرًّا، فيقول: واللّه إنّك لذيت وذيت، فلعلّه أن يرجع، ولم يحلّ عن حاجته بشيءٍ، وقد أسخط اللّه عليه. ثمّ قرأ: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} الآية.
الدراسة:
اختلف أهل العلم من المفسرين في المراد بالتزكية في الآية وكيفية تزكية اليهود لأنفسهم إلى أقوال: فمنهم من قال: أن تزكيتهم لأنفسهم بقولهم "نحن أبناء الله وأحباؤه" وهذا القول هو الذي رجحه ابن جرير في تفسيره بدلالة القرآن في قولهم: {نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه} وقولهم: {لن يدخل الجنّة إلاّ من كان هودًا أو نصارى}, فقال: وأولى هذه الأقوال بالصّواب قول من قال: معنى تزكية القوم الّذين وصفهم اللّه بأنّهم يزكّون أنفسهم ووصفهم إيّاها بأنّها لا ذنوب لها ولا خطايا، وأنّهم للّه أبناءٌ وأحبّاءٌ، كما أخبر اللّه عنهم أنّهم كانوا يقولونه، لأنّ ذلك هو أظهر معانيه لإخبار اللّه عنهم أنّها إنّما كانوا يزكّون أنفسهم دون غيرها.ورجحه أيضا ابن عطية بدلالة سياق الآية وتناسبها بما بعدها, فقال: وقوله تعالى: {انظر كيف يفترون} الآية، يبين أن تزكيتهم أنفسهم كانت بالباطل والكذب، ويقوي أن التزكية كانت بقولهم نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه إذ الافتراء في هذه المقالة أمكن.
ومنهم من قال: تقديمهم أبنائهم في الصلاة لأنهم لا ذنوب لهم, ورد ابن جرير هذا القول لعدم ورود خبر بهذا القول فقال: وأمّا الّذين قالوا: معنى ذلك: تقديمهم أطفالهم للصّلاة، فتأويلٌ لا تدرك صحّته إلاّ بخبرٍ حجّةٍ يوجب العلم. واستبعد ابن عطية هذا القول؛ لبعده عن مقصد الآية فقال: وهذا يبعد من مقصد الآية.
ومنهم من قال: أنهم كانو يزكون أنفسهم؛ بأن أبنائهم سيشفعون لهم, ويزكونهم. واستدلوا لذلك بسبب نزول الآية.
ومنهم من قال: أنهم كانوا يزكي بعضهم بعضا, وذكر ابن عطية أن المزكى هو من زكاه الله تعالى, أما من يزكي نفسه فقد غض من نفسه فقال: فتقتضي هذه الآية الغض من المزكي لنفسه بلسانه، والإعلام بأن الزاكي المزكى من حسنت أفعاله وزكاه الله عز وجل.
قال السعدي: هذا تعجيب من الله لعباده، وتوبيخ للذين يزكون أنفسهم من اليهود والنصارى، ومن نحا نحوهم من كل من زكى نفسه بأمر ليس فيه. وذلك أن اليهود والنصارى يقولون: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ ويقولون: ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ وهذا مجرد دعوى لا برهان عليها، وإنما البرهان ما أخبر به في القرآن في قوله: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ فهؤلاء هم الذين زكاهم الله ولهذا قال هنا: ﴿بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ﴾ أي: بالإيمان والعمل الصالح بالتخلي عن الأخلاق الرذيلة، والتحلي بالصفات الجميلة. وأما هؤلاء فهم -وإن زكوا أنفسهم بزعمهم أنهم على شيء، وأن الثواب لهم وحدهم- فإنهم كذبة في ذلك، ليس لهم من خصال الزاكين نصيب، بسبب ظلمهم وكفرهم لا بظلم من الله لهم، ولهذا قال: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ وهذا لتحقيق العموم أي: لا يظلمون شيئا ولا مقدار الفتيل الذي في شق النواة أو الذي يفتل من وسخ اليد وغيرها.

س2. بيّن معنى الباء ودلالتها في قوله تعالى: {وكفى بالله وليًا وكفى بالله نصيرًا}
جاءت الباء في الآية لتوكيد الكفاية, فهي باء زائدة دلت على الاكتفاء بالله تعالى وليا, والاكتفاء به سبحانه نصيرا, قال ابن عاشور: هي باءٌ زائِدَةٌ لِتَوْكِيدِ الكِفايَةِ، بِحَيْثُ يَحْصُلُ إبْهامٌ يُشَوِّقُ السّامِعَ إلى مَعْرِفَةِ تَفْصِيلِهِ، فَيَأْتُونَ بِاسْمٍ يُمَيِّزُ نَوْعَ تِلْكَ النِّسْبَةِ لِيَتَمَكَّنَ المَعْنى في ذِهْنِ السّامِعِ.
وقال الزجاج: ومعنى الباء: التوكيد. المعنى وكفى الله وليا وكفى اللّه نصيرا، إلا أن الباء دخلت في اسم الفاعل، لأن معنى الكلام الأمر، المعنى: اكتفوا بالله).
وقال النحاس في معنى الباء: قال أبو إسحاق: إنما دخلت الباء في {وكفى بالله} لأن في الكلام معنى الأمر، والمعنى: اكتفوا بالله وليا واكتفوا بالله نصيرا.

س3: من خلال دراستك لقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)}، كيف ترد على المبتدعة في باب الوعيد؟
اختلف الناس في باب الوعد والوعيد, فيقسم الناس إلى أصناف: الأول:الكافر الذي يموت على الكفر؛ فهذا خالد مخلد في النار بإجماع, الثاني: المؤمن الذي لم يذنب قط فهذا إلى الجنة بإجماع, الثالث: المؤمن المذنب الذي يموت بعد توبته من الذنوب؛ فأهل السنة يقولون: أنه يلحق بالصنف الثاني من المؤمنين المحسنين, والمتكلمين على أنه تحت المشيئة كما ذكر ذلك ابن عطية, الرابع: المؤمن الذي يموت على الذنب ولم يتب منه, فهذا الذ يدور حوله الخلاف بين أهل السنة والفرق, فقالت المرجئة: أنه في الجنة ولا تضره المعصية, واستدلوا بآيات الوعد, ولم ينظروا لآيات الوعيد, وقالت المعتزلة: أنه في الدنيا في منزلة بين المنزلتين, وفي الآخرة مخلد في النار, وقالت الخوارج: أنه في الدنيا كافر, وفي الآخرة مخلد في النار, واستدل الخوارج والمعتزلة بنصوص الوعيد فقط, ولم ينظروا إلى آيات الوعد, أما أهل السنة فهم أسعد الناس بالنصوص فقد جمعوا بين آيات الوعد وآيات الوعيد في هذا الباب, فقالوا: أن المؤمن الذي مات قبل توبته من الذنب هو تحت المشيئة, إن شاء الله عفى عنه وأدخله الجنة ابتداء, وإما عذبه بذنبه ثم مآله إلى الجنة, فنقول لأهل البدع والأهواء لابد من الجمع بين الآيات والأخذ بها جميعا فلا نأخذ بآيات الوعد ونترك آيات الوعيد, ولا نأخذ بآيات الوعيد ونترك آيات الوعد, فالواجب الجمع بين نصوص الكتاب والسنة إذ كل من عند الله تعالى, ولا يمكن أن يتعارض كلام الله تعالى بحال من الأحوال, وقد دلت هذه الآية بأن الله تعالى يغفر جميع الذنوب ما عدا الشرك به سبحانه وتعالى, فكل ذنب يقترفه العبد فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء غفره ابتداء, وإن شاء عذب بالذنب ثم مآل صاحبه إلى الجنة, فأهل السنة هم أسعد الناس بنصوص الكتاب والسنة, فهم يعملون جميع النصوص ولا يجدون بينها تعارض طالما أن هذه الأدلة صحيحة.
والله أعلم

هيئة التصحيح 11 29 محرم 1445هـ/15-08-2023م 07:05 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح الدين محمد (المشاركة 415270)
مجلس مذاكرة القسم الخامس من تفسير سورة النساء
المجموعة الثانية:
س1: حرر الخلاف في المراد بالتزكية في قول الله تعالى:{ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم}
اختلف أهل العلم من المفسرين في المراد بالتزكية إلى أقوال:
الأول:أن اليهود كانت تزكي أنفسها بقولهم: "نحن أبناء الله وأحباؤه". وهو قول قتادة, والحسن, وابن زيد. وذكره ابن عطية, وابن كثير.
- أما قول قتادة فقد أخرجه ابن جرير في تفسيره, عن قتادة قتادة، قوله: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل اللّه يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً} وهم أعداء اللّه اليهود زكّوا أنفسهم بأمرٍ لم يبلغوه، فقالوا: نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه، وقالوا: لا ذنوب لنا.
- وقول الحسن أخرجه عبد الرزاق في تفسيره, وابن جرير في تفسيره, وابن أبي حاتم في تفسيره, عن الحسن في قوله: ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم قال: هم اليهود والنّصارى قالوا: نحن أبناء اللّه وأحباؤه، وقالوا: لن يدخل الجنّة إلّا من كان هودًا أو نصارى.
- وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره عن ابن زيدٍ في قوله: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} قال: قال أهل الكتاب: {لن يدخل الجنّة إلاّ من كان هودًا أو نصارى} وقالوا: {نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه} وقالوا: نحن على الّذي يحبّ اللّه.
الثاني: أنهم كانوا يقدمون أبنائهم [أبناءهم] في الصلاة ويزعمون أنهم لا ذنوب لهم. وهو قول مجاهد, وأبي مالك, وعكرمة, والضحاك. وذكره ابن عطية, وابن كثير.
- قول مجاهد أخرجه أحمد بن نصر الرملي, وابن جرير في تفسيره, وابن المنذر في تفسيره عن مجاهد في قوله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} قال: يعني يهود كانوا يقدمون صبيانا لهم أمامهم في الصلاة فيؤمونهم يزعمون أنهم لا ذنوب لهم قال: فتلك التزكية.
- وقول أبي مالك أخرجه ابن جرير في تفسيره عن أبي مالك في قوله {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} قال: نزلت في اليهود كانوا يقدمون صبيانهم يقولون: ليست لهم ذنوب.
- وقول عكرمة أخرجه ابن جرير في تفسيره عن عكرمة، في قوله: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} قال: كان أهل الكتاب يقدّمون الغلمان الّذين لم يبلغوا الحنث يصلّون بهم، يقولون ليس لهم ذنوبٌ، فأنزل اللّه: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} الآية.
- وقول الضحاك أخرجه ابن جرير في تفسيره, وابن أبي حاتم في تفسيره عن الضّحّاك، قال: قالت يهود: ليست لنا ذنوبٌ إلاّ كذنوب أولادنا يوم يولدون، فإن كانت لهم ذنوبٌ، فإنّ لنا ذنوبًا، فإنّما نحن مثلهم قال اللّه تعالى ذكره: {انظر كيف يفترون على اللّه الكذب وكفى به إثمًا مبينًا}.
الثالث: أنهم كانوا يقولون: إن أبناءنا سيشفعون لنا ويزكوننا. وهو قول ابن عباس. وذكره ابن عطية, وابن كثير.
- قول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} وذلك أنّ اليهود قالوا: إنّ أبناءنا توفّوا وهم لنا قربةٌ عند اللّه، ويستشفعون لنا ويزكّوننا. فقال اللّه لمحمّدٍ: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} إلى {ولا يظلمون فتيلا}.
- وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عبّاسٍ قال: كانت اليهود يقدّمون صبيانهم يصلّون بهم، ويقرّبون قربانهم، ويزعمون أنّهم لا خطايا لهم ولا ذنوب، وكذبوا قال اللّه إنّي لا أطهّر ذا ذنبٍ بآخر لا ذنب له، ثمّ أنزل اللّه تعالى: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم}. [هذا القول تابع للقول الثاني مما ذكرت]
الرابع: أنهم كانوا يزكي بعضهم بعضا.وهو قول عبد الله بن مسعود. وذكره ابن عطية.
- قول ابن مسعود أخرجه ابن جرير في تفسيره قال عبد اللّه: إنّ الرّجل ليغدو بدينه، ثمّ يرجع وما معه منه شيءٌ. يلقى الرّجل ليس يملك له نفعًا ولا ضرًّا، فيقول: واللّه إنّك لذيت وذيت، فلعلّه أن يرجع، ولم يحلّ عن حاجته بشيءٍ، وقد أسخط اللّه عليه. ثمّ قرأ: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} الآية.
الدراسة:
اختلف أهل العلم من المفسرين في المراد بالتزكية في الآية وكيفية تزكية اليهود لأنفسهم إلى أقوال: فمنهم من قال: أن تزكيتهم لأنفسهم بقولهم "نحن أبناء الله وأحباؤه" وهذا القول هو الذي رجحه ابن جرير في تفسيره بدلالة القرآن في قولهم: {نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه} وقولهم: {لن يدخل الجنّة إلاّ من كان هودًا أو نصارى}, فقال: وأولى هذه الأقوال بالصّواب قول من قال: معنى تزكية القوم الّذين وصفهم اللّه بأنّهم يزكّون أنفسهم ووصفهم إيّاها بأنّها لا ذنوب لها ولا خطايا، وأنّهم للّه أبناءٌ وأحبّاءٌ، كما أخبر اللّه عنهم أنّهم كانوا يقولونه، لأنّ ذلك هو أظهر معانيه لإخبار اللّه عنهم أنّها إنّما كانوا يزكّون أنفسهم دون غيرها.ورجحه أيضا ابن عطية بدلالة سياق الآية وتناسبها بما بعدها, فقال: وقوله تعالى: {انظر كيف يفترون} الآية، يبين أن تزكيتهم أنفسهم كانت بالباطل والكذب، ويقوي أن التزكية كانت بقولهم نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه إذ الافتراء في هذه المقالة أمكن.
ومنهم من قال: تقديمهم أبنائهم في الصلاة لأنهم لا ذنوب لهم, ورد ابن جرير هذا القول لعدم ورود خبر بهذا القول فقال: وأمّا الّذين قالوا: معنى ذلك: تقديمهم أطفالهم للصّلاة، فتأويلٌ لا تدرك صحّته إلاّ بخبرٍ حجّةٍ يوجب العلم. واستبعد ابن عطية هذا القول؛ لبعده عن مقصد الآية فقال: وهذا يبعد من مقصد الآية.
ومنهم من قال: أنهم كانو يزكون أنفسهم؛ بأن أبنائهم [أبناءهم] سيشفعون لهم, ويزكونهم. واستدلوا لذلك بسبب نزول الآية.
ومنهم من قال: أنهم كانوا يزكي بعضهم بعضا, وذكر ابن عطية أن المزكى هو من زكاه الله تعالى, أما من يزكي نفسه فقد غض من نفسه فقال: فتقتضي هذه الآية الغض من المزكي لنفسه بلسانه، والإعلام بأن الزاكي المزكى من حسنت أفعاله وزكاه الله عز وجل.
قال السعدي: هذا تعجيب من الله لعباده، وتوبيخ للذين يزكون أنفسهم من اليهود والنصارى، ومن نحا نحوهم من كل من زكى نفسه بأمر ليس فيه. وذلك أن اليهود والنصارى يقولون: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ ويقولون: ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ وهذا مجرد دعوى لا برهان عليها، وإنما البرهان ما أخبر به في القرآن في قوله: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ فهؤلاء هم الذين زكاهم الله ولهذا قال هنا: ﴿بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ﴾ أي: بالإيمان والعمل الصالح بالتخلي عن الأخلاق الرذيلة، والتحلي بالصفات الجميلة. وأما هؤلاء فهم -وإن زكوا أنفسهم بزعمهم أنهم على شيء، وأن الثواب لهم وحدهم- فإنهم كذبة في ذلك، ليس لهم من خصال الزاكين نصيب، بسبب ظلمهم وكفرهم لا بظلم من الله لهم، ولهذا قال: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ وهذا لتحقيق العموم أي: لا يظلمون شيئا ولا مقدار الفتيل الذي في شق النواة أو الذي يفتل من وسخ اليد وغيرها.

[أحسنت استيعاب الأقوال، وترتيب العرض، ويمكنك وضع توجيه كل قول تحته، وفي الدراسة تبين وجه الجمع بين الأقوال أو الترجيح بينها؛ فلا تطول الدراسة بإعادة ذكر الأقوال.

- التخريج ناقص.
- إذا استندت إلى سبب النزول في توجيه قول فينبغي ذكر تخريج إسناده، وصحته أو ضعفه.

-محمد بن أحمد بن نصر الرملي راوي كتب؛ فينظر لصاحب الكتاب الذي رواه وينسب التخريج إليه، مثلا: أخرجه مسلم بن خالد الزنجي، أو آدم بن أبي إياس ...

- لم يظهر من كلامك ما رجحته من هذه الأقوال أو وجه الجمع بينها.



س2. بيّن معنى الباء ودلالتها في قوله تعالى: {وكفى بالله وليًا وكفى بالله نصيرًا}
جاءت الباء في الآية لتوكيد الكفاية, فهي باء زائدة دلت على الاكتفاء بالله تعالى وليا, والاكتفاء به سبحانه نصيرا, قال ابن عاشور: هي باءٌ زائِدَةٌ لِتَوْكِيدِ الكِفايَةِ، بِحَيْثُ يَحْصُلُ إبْهامٌ يُشَوِّقُ السّامِعَ إلى مَعْرِفَةِ تَفْصِيلِهِ، فَيَأْتُونَ بِاسْمٍ يُمَيِّزُ نَوْعَ تِلْكَ النِّسْبَةِ لِيَتَمَكَّنَ المَعْنى في ذِهْنِ السّامِعِ.
وقال الزجاج: ومعنى الباء: التوكيد. المعنى وكفى الله وليا وكفى اللّه نصيرا، إلا أن الباء دخلت في اسم الفاعل، لأن معنى الكلام الأمر، المعنى: اكتفوا بالله).
وقال النحاس في معنى الباء: قال أبو إسحاق: إنما دخلت الباء في {وكفى بالله} لأن في الكلام معنى الأمر، والمعنى: اكتفوا بالله وليا واكتفوا بالله نصيرا.

س3: من خلال دراستك لقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)}، كيف ترد على المبتدعة في باب الوعيد؟
اختلف الناس في باب الوعد والوعيد, فيقسم الناس إلى أصناف: الأول:الكافر الذي يموت على الكفر؛ فهذا خالد مخلد في النار بإجماع, الثاني: المؤمن الذي لم يذنب قط فهذا إلى الجنة بإجماع, الثالث: المؤمن المذنب الذي يموت بعد توبته من الذنوب؛ فأهل السنة يقولون: أنه يلحق بالصنف الثاني من المؤمنين المحسنين, والمتكلمين على أنه تحت المشيئة كما ذكر ذلك ابن عطية, الرابع: المؤمن الذي يموت على الذنب ولم يتب منه, فهذا الذ يدور حوله الخلاف بين أهل السنة والفرق, فقالت المرجئة: أنه في الجنة ولا تضره المعصية, واستدلوا بآيات الوعد, ولم ينظروا لآيات الوعيد, وقالت المعتزلة: أنه في الدنيا في منزلة بين المنزلتين, وفي الآخرة مخلد في النار, وقالت الخوارج: أنه في الدنيا كافر, وفي الآخرة مخلد في النار, واستدل الخوارج والمعتزلة بنصوص الوعيد فقط, ولم ينظروا إلى آيات الوعد, أما أهل السنة فهم أسعد الناس بالنصوص فقد جمعوا بين آيات الوعد وآيات الوعيد في هذا الباب, فقالوا: أن المؤمن الذي مات قبل توبته من الذنب هو تحت المشيئة, إن شاء الله عفى عنه وأدخله الجنة ابتداء, وإما عذبه بذنبه ثم مآله إلى الجنة, فنقول لأهل البدع والأهواء لابد من الجمع بين الآيات والأخذ بها جميعا فلا نأخذ بآيات الوعد ونترك آيات الوعيد, ولا نأخذ بآيات الوعيد ونترك آيات الوعد, فالواجب الجمع بين نصوص الكتاب والسنة إذ كل من عند الله تعالى, ولا يمكن أن يتعارض كلام الله تعالى بحال من الأحوال, وقد دلت هذه الآية بأن الله تعالى يغفر جميع الذنوب ما عدا الشرك به سبحانه وتعالى, فكل ذنب يقترفه العبد فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء غفره ابتداء, وإن شاء عذب بالذنب ثم مآل صاحبه إلى الجنة, فأهل السنة هم أسعد الناس بنصوص الكتاب والسنة, فهم يعملون جميع النصوص ولا يجدون بينها تعارض طالما أن هذه الأدلة صحيحة.
والله أعلم



[الإجابة ناقصة جدًا، وأكثر التركيز على بيان مذاهب الفرق في الوعد والوعيد وليس هو المقصود المباشر من السؤال، ولكن المقصود الاحتجاج بالآية للرد على هذه الفرق بنحو ما تعلمت في أساليب التفسير خاصة (أسلوب الحجاج)]



التقويم: ج

وفقك الله وسددك.


الساعة الآن 01:56 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir