معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   التحبير في علم التفسير (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=189)
-   -   النوع التسعون : آداب المفسر (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=6516)

ساجدة فاروق 1 جمادى الأولى 1431هـ/14-04-2010م 06:26 PM

النوع التسعون : آداب المفسر
 

النوع التسعون: آداب المفسر
هذا النوع من زيادتي ـ قال العلماء: من أراد تفسير الكتاب العزيز طلبه أولاً من القرآن ـ فإن ما أُجمل في مكان قد فسر في مكان آخر، فإن أعياه ذلك طلبه في السنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له.
وقد قال الإمام الشافعي: كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن ـ قال تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله..} في آيات آخر، وفي الحديث ((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)) يعني السنة ـ وفيه: كان ينزل جبريل بالسنة كما ينزل بالقرآن ـ وأما حديث عائشة الذي رواه البزار وابن جرير: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر شيئاً من القرآن إلا آيات بعدد علمه إياهن جبريل) فهو حديث منكر وإن أوله ابن جرير.
فإن لم يجده في السنة راجع أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرائن والأحوال عند نزوله ـ ولما اختصوا به من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح، فإن لم يجد عن أحد من الصحابة رجع إلى أقوال التابعين، وربما وقع في عباراتهم تباين في الألفاظ فحسبها بعض من لا فطنة له اختلافاً فيحكيها أقوالاً وليس كذلك، فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو بنظيره، ومنهم من ينص على الشيء بعينه، والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن فليتفطن اللبيب لذلك.
وأما قول سعيد بن الحجاج: أقوال التابعين في الفروع غير حجة فكيف تكون حجة في التفسير؟ فمعناه أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم وهو صحيح. أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا لم يكن قول بعضهم حجة على بعضهم ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب أو أقوال الصحابة.
وعليه أن يستحضر الحديث الذي رواه ابن جرير عن ابن عباس مرفوعاً قال: التفسير أربعة أوجه وجه تعرفه العرب من كلامها -وتفسير لا يُعذر أحد بجهالته- وتفسير يعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله ثم رواه مرفوعا بسند ضعيف بلفظ: أنزل القرآن على أربعة أحرف: حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته- وتفسير تفسره العرب ـ وتفسير تفسره العلماء ـ ومتشابه لا يعلمه إلا الله ـ ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب.
وعليه أن لا يكثر من الأقوال المحتملة البعيدة والتفاسير الغريبة، وألا يتكلف في حمل الآية على مذهبه إذا كان ظاهرها يخالفه، ففي الحديث (مراقي القرآن كفر) وأن يرجح من الأقوال ما وافق قراءة أخرى كقوله تعالى: {أو لامستم النساء..} فتفسير الملامسة بالمس باليد أولى من الجماع لموافقته للقراءة الأخرى: (أو لمستم) ويحرم تحريماً غليظاً أن يفسر القرآن بما لا يقتضيه جوهر اللفظ كما فعل (ابن عربي) المبتدع الذي ينسب إليه كتاب "الفصوص" الذي هو كفر كله.
وكما يحكى عن بعض الملحدة أنه قال في قوله تعالى: {من ذا الذي يشفع} إن معناه: من ذل ـ أي من الذل ـ "ذي" إشارة للنفس ـ "يشف" جواب "من" من الشفاء "عِ" فعل أمر من الوعي.
ويحرم أن يخرج القرآن على القواعد المنطقية، وقد اتفق أهل عصرنا ممن يبيح المنطق منهم ومن يحرمه على التغليظ على بعض العجم، وقد خرج بعض آيات القرآن عليه وأفتوا بتعزيره وزجره وأنه أتى باباً من العظائم ـ وإذا أعرب آية أعربها على أظهر محتملاتها وأرجحها، ولا يذكر كل ما تحتمله وإن كان بعيداً جائزاً إلا لقصد التمرين، ولا يذكر الأقاصيص التي لا يدري صحتها خصوصاً الإسرائيليات، وليقتصر منها على ما تدعو إليه الضرورة إذا كان في الآية إشارة إليه متحرياً أصح ما ورد وسيأتي حكم التفسير بالرأي.


الساعة الآن 02:06 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir