معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   كتاب النكاح (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=202)
-   -   أحكام تملك الصداق والتصرف فيه ونمائه وزكاته... (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=7733)

عبد العزيز الداخل 25 جمادى الأولى 1431هـ/8-05-2010م 01:36 AM

أحكام تملك الصداق والتصرف فيه ونمائه وزكاته...
 
( فصلٌ ) وَتَمْلِكُ المرأةُ صَدَاقَها بالْعَقْدِ، ولها نَماءُ الْمُعَيَّنِ قبلَ القَبْضِ وضِدُّه بضِدِّه، وإن أَتْلَفَ فمِن ضَمَانِها إلا أن يَمْنَعَها زوجُها قَبْضَه فيَضْمَنَه، ولها التصَرُّفُ فيه وعليها زَكاتُه ، وإن طَلَّقَ قبلَ الدخولِ أو الْخَلوةِ فله نصفُه حُكْمًا دونَ نَمائِه الْمُنْفَصِلِ، وفي الْمُتَّصِلِ له نصفُ قِيمتِه بدونِ نَمَائِه، وإن اخْتَلِفَ الزوجانِ أو وَرَثَتُهما في قَدْرِ الصداقِ أو عينِه أو فيما يَسْتَقِرُّ به فقولُه، وفي قَبْضِه فقولُها.

محمد أبو زيد 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م 11:51 AM

المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي
 
.....................

محمد أبو زيد 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م 11:52 AM

الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي
 
فصلٌ

(وتَمْلِكُ المرأةُ) جَمِيعَ (صَدَاقِها بالعقدِ)؛ كالبيعِ، وسُقُوطُ نِصْفِه بالطلاقِ لا يَمْنَعُ وُجُوبَ جميعِه بالعقدِ، (ولها)- أي: للمرأةِ- (نَمَاءُ) المهرِ (المُعَيَّنِ) مِن كَسْبٍ وثَمَرَةٍ ووَلَدٍ ونَحْوِها، ولو حَصَلَ (قبلَ القَبْضِ)؛ لأنَّه نَمَاءُ مِلْكِها، (وضِدُّهُ بِضِدِّهِ)؛ أي: ضِدُّ المُعَيَّنِ؛ كقَفِيزٍ مِن صُبْرَةٍ، ورَطْلٍ مِن زُبْدَةٍ، بضِدِّ المعيَّنِ في الحكمِ، فنَمَاؤُه له، وضَمَانُه عليه، ولا تَمْلِكُ تَصَرُّفاً فيهِ قبلَ قبضِهِ؛ كمَبِيعٍ، (وإنْ تَلِفَ) المهرُ المعيَّنُ قبلَ قَبْضِهِ (فمِن ضَمَانِها)، فيَفوتُ عليها، (إلاَّ أنْ يَمْنَعَهَا زَوْجُها قَبْضَه، فيَضْمَنُه)؛ لأنَّه بمنزلةِ الغاصِبِ إذن، (ولها التصرُّفُ فيه)؛ أي: في المهرِ المعيَّنِ؛ لأنَّه مِلْكُها، إلاَّ أنْ يَحْتَاجَ لِكَيْلٍ أو وَزْنٍ أو عَدٍّ أو ذَرْعٍ، فلا يَصِحُّ تَصَرُّفُها فيهِ قبلَ قبضِهِ؛ كمَبِيعٍ بذلكَ، (وعليها زَكَاتُهُ)؛م أي: زكاةُ المُعَيَّنِ إذا حالَ عليه الحَوْلُ مِن العقدِ، وحولُ المُبْهَمِ مِن تَعْيِينٍ. (وإنْ طَلَّقَ) مَن أَقْبَضَهَا الصَّدَاقَ (قبلَ الدخولِ أو الخَلْوَةِ، فله نِصْفُه)؛ أي: نِصْفُ الصَّدَاقِ (حُكْماً)؛ أي: قَهْراً؛ كالميراثِ؛ لقولِهِ تعالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}. (دونَ نَمَائِهِ)؛ أي: نَمَاءِ المَهْرِ (المُنْفَصِلِ) قبلَ الطلاقِ، فتَخْتَصُّ بهِ؛ لأنَّه نَمَاءُ مِلْكِها، والنماءُ بعدَ الطلاقِ لهما، (وفي) النماءِ (المُتَّصِلِ)؛ كسِمَنِ عَبْدٍ أَمْهَرَهَا إيَّاه، وتَعَلُّمِهِ صَنْعَةً، إذا طَلَّقَ قبلَ الدخولِ والخَلْوَةِ (له نِصْفُ قِيمَتِهِ)؛ أي: قيمةِ العبدِ (بدونِ نَمَائِهِ) المُتَّصِلِ؛ لأنَّه نَمَاءُ مِلْكِها، فلا حقَّ له فيه، وإنِ اخْتَارَتْ رَشِيدَةٌ دَفْعَ نِصْفِه زائداً، لَزِمَه قَبُولُه، وإنْ نَقَصَ بنحوِ هُزَالٍ، خُيِّرَ رشيدٌ بينَ أخذِ نِصْفِهِ بلا أَرْشٍ، وبينَ نصفِ قِيمَتِهِ، وإنْ بَاعَتْهُ أو وَهَبَتْهُ وأُقْبِضَتْ، أو رَهَنَتْهُ أو أَعْتَقَتْهُ، تَعَيَّنَ له نصفُ القيمةِ، وأَيُّهما عَفَا لِصَاحبِه عمَّا وَجَبَ له، وهو جائزُ التصرُّفِ، صَحَّ عَفْوُهُ، وليسَ لِوَلِيٍّ العفوُ عَمَّا وَجَبَ لِمَوْلاَهُ؛ ذَكَراً كانَ أو أُنْثَى.
(وإنِ اخْتَلَفَ الزوجانِ) أو وَلِيُّهُمَا (أو وَرَثَتُهُما)، أو أَحَدُهما ووَلِيُّ الآخرِ أو وَرَثَتُهُ (في قَدْرِ الصَّدَاقِ أو عَيْنِهِ أو فيما يَسْتَقِرُّ به) مِن دُخُولٍ أو خَلْوَةٍ أو نحوِهما، (فقولُه)؛ أي: قولُ الزوجِ أو وَلِيِّه أو وَارِثِهِ بِيَمِينِه؛ لأنَّه مُنْكِرٌ، والأصلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وكذا لو اخْتَلَفَا في جِنْسِ الصَّدَاقِ أو صِفَتِهِ، (و) إنِ اخْتَلَفَا (في قَبْضِهِ فـ) القولُ قَوْلُها، أو قولُ وَلِيِّها أو وَارِثِها معَ اليَمينِ، حيثُ لا بَيِّنَةَ له؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ القبضِ، وإنْ تَزَوَّجَهَا على صَدَاقَيْنِ؛ سِرٍّ وعلانِيَةٍ، أَخَذَ بالزائدِ مُطلقاً. وهَدِيَّةُ زوجٍ ليسَتْ مِن المهرِ، فما قبلَ عقدٍ إنْ وَعَدُوه ولم يَفُوا، رَجَعَ بها.

محمد أبو زيد 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م 11:54 AM

حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم
 

فصل([1])

(وتملك المرأة) جميع (صداقها بالعقد) كالبيع([2]) وسقوط نصفه بالطلاق لا يمنع وجوب جميعه بالعقد([3]) (ولها) أي للمرأة (نماء) المهر (المعين) ([4]).

من كسب، وثمرة، وولد، ونحوها([5]) ولو حصل (قبل القبض) لأنه نماء ملكها([6]) (وضده بضده) أي ضد المعين كقفيز من صيرة، ورطل من زبرة([7]) بضد المعين في الحكم([8]) فنماؤه له، وضمانه عليه، ولا تملك تصرفًا فيه قبل قبضه كمبيع([9]) (وإن تلف) المهر المعين قبل قبضه (فمن ضمانها) ([10]).

فيفوت عليها([11]) (إلا أن يمنعها زوجها قبضه فيضمنه) ([12]) لأنه بمنزلة الغاصب إذًا([13]) (ولها التصرف فيه) أي في المهر المعين([14]) لأنه ملكها، إلا أن يحتاج لكيل، أو وزن، أو عد، أو ذرع، فلا يصح تصرفها فيه قبل قبضه، كمبيع بذلك([15]) (وعليها زكاته) أي زكاة المعين، إذا حال عليه الحول من العقد([16]).
وحول المبهم من تعيين([17]) (وإن طلق) من أَقبضها الصداق (قبل الدخول أو الخلوة فله نصفه) أي نصف الصداق([18]) (حكما) أي قهرا كالميراث([19]) لقوله تعالى{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}([20]) (دون نمائه) أي نماء المهر (المنفصل) قبل الطلاق([21]) فتختص به، لأنه نماء ملكها([22]) والنماء بعد الطلاق لها([23]).
(وفي) النماء (المتصل) كسمن عبد، أَمهرها إياه([24]) وتعلم صنعة، إذا طلق قبل الدخول والخلوة (له نصف قيمته) أي قيمة العبد (بدون نمائه) المتصل([25]) لأنه نماء ملكها، فلا حق له فيه([26]) وإن اختارت رشيدة دفع نصفه زائدا، لزمه قبوله([27]) وإن نقص بنحو هزال([28]) خير رشيد بين أخذ نصفه بلا أرش، وبين نصف قيمته([29]) وإن باعته([30]) أو وهبته وأقبضته، أو رهنته([31]).
أو أعتقته، تعين له نصف القيمة([32]) وأيهما عفا لصاحبه عما وجب له، وهو جائز التصرف، صح عفوه([33]) وليس لولي العفو عما وجب لمولاه، ذكرا كان أو أُنثى([34]) (وإن اختلف الزوجان) أو ولياهما (أو ورثتهما) أو أحدهما، وولي الآخر أو ورثته (في قدر الصداق([35]) أو عينه([36]) أو فيما يستقر به) من دخول أو خلوة، أو نحوهما([37]).
(فقوله) أي قول الزوج أو وليه أو وارثه([38]) بيمينه، لأنه منكر، والأصل براءة ذمته([39]) وكذا لو اختلفا في جنس الصداق، أو صفته([40]) (و) إن اختلفا (في قبضه فـ) ـالقول (قولها)، أو قول وليها، أو وارثها مع اليمين، حيث لا بينة له، لأن الأصل عدم القبض([41]).
وإن تزوجها على صداقين، سر وعلانية([42]) أخذ بالزائد مطلقا([43]) وهدية زوج ليست من المهر([44]) فما قبل عقد إن وعدُوه ولم يفوا، رجع بها([45]).


([1])أي في قبض المرأة الصداق، وما يتعلق به.
([2])أي تملك المرأة الحرة – وكذا سيد الأمة – جميع الصداق بالعقد، كما يملك البيع، لحديث ((إن أعطيتها إزارك، جلست ولا إزار لك)) وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، ولأن النكاح عقد يملك فيه المعوض بالعقد، فملك به العوض كاملا، حالا كان أو مؤجلا.
([3])فلو ارتدت سقط جميعه، وإن كانت قد ملكت نصفه، وعنه: لا تملك إلا نصفه، وحكي عن مالك. وقال ابن عبد البر: اختلف فيه السلف والآثار، وأما الفقهاء اليوم فعلى أنها تملكه، وقال ابن رشد: اتفق العلماء على أن الصداق يجب كله بالدخول أو بالموت، أما وجوبه كله بالدخول فلقوله تعالى {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} الآية، وأما وجوبه بالموت فلانعقاد الإجماع على ذلك. اهـ.
ويتقرر المسمى للحرة والأمة بالموت، ولو بقتل نفسه أو غيره، وبوطئه في فرج، وبالخلوة ولو ادعى عدم العلم، لأن العادة أنه لا يخفى عليه ذلك، قاله شيخ الإسلام، لا بلمس ونحوه، ونظر، أو تحمل بماء الزوج، وصوبه في تصحيح الفروع.
([4])أي نماء المهر المتصل والمنفصل، المعين، المتميز، لا المتعين، الصادق بعبد من عبيده، فإنه كقفيز من صبرة.
([5])أي ككسب عبد معين، وكثمرة شجرة معينة، وكولد جارية معينة، ونحوها كمنفعة دار.
([6])فكان لها ذلك، كسائر أملاكها.
([7])حديد ونحوه، ودن زيت ونحوه، ومائة من هذه الغنم ونحوها.
([8])لا يدخل في ضمانها إلا بقبضه، وتملكه بالعقد، وإن لم يدخل بها، ولا تملك تصرفا فيه إلا بقبضه.
([9])أي كما لو باع قفيزًا من صبرة ونحوه، فإنه لا يدخل في ضمان مشتر، ولا يملك تصرفا فيه إلا بقبضه، وتقدم ما لا يجوز التصرف فيه في البيع، وقال الموفق: قياس المذهب أن ما جاز لها التصرف فيه فهو من ضمانها إن تلف أو نقص وما لا تصرف لها فيه فهو من ضمانه، إلا أن يمنعها من قبضه، فمن ضمانه بكل حال، كالغاصب، وذكر القاضي أن ما لم ينتقض العقد بهلاكه كالمهر، وعوض الخلع، يجوز التصرف فيه قبل قبضه، كالوصية، والميراث.
([10])أي وإن تلف المهر المعين أو نقص، كالعبد والدار، والماشية المعينة قبل قبضها أو بعده، فمن ضمانها، لتمام ملكها عليه.
([11])لأنه ملكها بالعقد، لها التصرف فيه، ونماؤه.
([12])إن تلف بغير فعلها، وعليه نقصه إن تعيب أو نقص، والزيادة لها.
([13])فيضمنه ضمان غصب كما تقدم، وكل موضع الضمان فيه على الزوج إذا تلف، لا يبطل الصداق بتلفه، بل يضمنه بمثله، أو قيمته، وهو قول أبي حنيفة، والقديم من قولي الشافعي، والجديد: يرجع إلى مهر المثل، فالتالف في يد الزوج لا يخلو من أربعة أحدها: بفعل الله، فعلى ما مر، أو بفعلها فضمانه عليها أو بفعله فعليه ضمانه، أو بفعل أجنبي فلها الخيار في الرجوع على الأجنبي أو الزوج، ويتنصف قبل تقرره بكل فرقة جاءت من أجنبي أو منه، كخلع، وتعليق طلاقها على فعلها، وتوكيلها، ويسقط بفسخه لعيب، أو شرط، أو حرمة جمع، أو تخيير بسؤالها، صححه في تصحيح الفروع، أو اشترته في الأصح، وقيل: يتنصف، وقواه، وكذا من اشتراها أو تخالعا.
([14])من بيع ونحوه.
([15])أي بالكيل، أو الوزن، أو العد، أو الذرع، وتقدم.
([16])وترجع بها عليه، إن منعها قبضه.
([17])تستقبل به حولا بشرطه.
([18])أي نصف عينه، إن كان باقيا بحاله لم يتغير، ولم يتعلق به حق غيره، بغير خلاف، للآية، والمحجور عليها، لا تعطيه إلا نصف القيمة، حال عقد.
([19])ولو لم يختر تملكه، فما يحدث من نمائه بعد طلاقه. فبينهما، فلو أصدقها صيدا ثم طلق وهو محرم، دخل في يده ضرورة، فله إمساكه.
([20])أي لكم أو لهن، فاقتضى أن النصف له، والنصف لها بمجرد الطلاق، إن بقي بصفته، ولو النصف، فقط، مشاعا كان، أو معينا، ولو طلقها على أن المهر كله لها لم يصح الشرط، وإن طلق ثم عفا صح.
([21])كحمل بهائم عندها، وولادتها.
([22])فيرجع في نصف الأمات، والزيادة لها، ولو ولد أمة، لأن الولد زيادة منفصلة.
([23])فما حصل من نمائه كله بعد دخول نصفه في ملكه، فبينهما نصفين، لأن النماء تابع للأصل، ويفارق نماء المبيع المعيب، لأن سبب الفسخ العيب، وهو سابق على الزيادة، وسبب تنصيف الصداق الطلاق، وهو حادث بعدها.
([24])وكبره، له نصف قيمته، دون نمائه.
([25])أي السمن، وتعلم الصنعة ونحوهما.
([26])وإنما صير إلى نصف القيمة، لأن الزيادة لها، ولا يلزمها بذلها، ولا يمكنها دفع الأصل بدون زيادته.
([27])أي مع نمائه، والمحجور عليها لا تعطيه إلا نصف القيمة حال العقد، إن كان متميزًا، لأنه لا يصح تبرعها، وإلا فيوم الفرقة.
([28])كعبد عمي، أو نسي صنعة، أو طلعت لحيته.
([29])يوم عقد إن كان متميزًا، وغيره يوم الفرقة على أدنى صفة من عقد إلى قبض، وإنما اعتبرت قيمة المتميز يوم العقد لأنه يدخل في ضمانها بمجرد العقد، وإن نقص من وجه، وزاد من وجه، فلكل الخيار، وإن كان تالفًا، أو مستحقًا بدين، أو شفعة فله قيمته، وفي المثلي نصفه.
([30])أي ولو مع خيارها.
([31])والمراد الرهن المقبوض، كما صرح به في شرح المنتهى وغيره.
([32])لتصرفها في عين الصداق بما ينقل الملك، فتعين له نصف القيمة إن لم يكن مثليا، فيأخذ نصف قيمة المتقوم، أو نصف قيمة المثل في المثلي، لا بإجارة، وتدبير، وتزوج رقيق، لأنها لا تنقل الملك لكن يخير.
([33])بغير خلاف، وبريء منه صاحبه، سواء كان المعفو عنه عينا أو دينا، لقوله تعالى {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}.
([34])ولو كان الأب، لقوله تعالى{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} والذي بيده عقدة النكاح الزوج، وهو مذهب أبي حنيفة، وجماعة، لحديث عمرو بن شعيب «ولي العقد الزوج» ولتمكنه من قطعه وإمساكه، وليس إلى الولي منه شيء، ولقوله {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} أي عفو الزوج عن حقه، وعفو الولي ليس أقرب للتقوى، وعنه: الأب. اختاره الشيخ، وهو مذهب مالك، وأحد القولين في مذهب الشافعي وقول طائفة، وقيل: رجع أحمد من قوله بجواز عفو الأب.
([35])بأن قال: تزوجتك على عشرة. فتقول: على ثلاثين.
([36])بأن قال: على هذا العبد. فتقول: بل على هذه الأمة.
([37])كلمس، أو نظر إلى فرجها بشهوة، أو تقبيلها بحضرة الناس، وغير ذلك مما يأتي.
([38])وعنه: القول قول من يدعي مهر المثل منهما، جزم به الخرقي وجماعة، واختاره عامة الأصحاب، وهو مذهب أبي حنيفة.
([39])لحديث ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) وعلى القول الثاني لو ادعى أقل، وادعت أكثر من مهر المثل، رد إليه بلا يمين، في الأحوال كلها عند القاضي، وتجب اليمين عند أبي الخطاب، وصوبه في تصحيح الفروع، ومن حلف من الورثة على الإثبات يحلف على البت، ومن يحلف على النفي فعلى نفي العلم، لأنه على نفي فعل الغير، وإن كان حاضرا تلك الحال فعلى البت، ومن حلف على فعل نفسه، من الزوجين والولي، حلف على البت، وعلى فعل غيره على نفي العلم، كالورثة.
([40])بأن قال: على فضة: فتقول: على ذهب. أو قال: على زنجي. فقالت: بل أبيض، فالقول قول الزوج، أو وليه، أو وارثه.
([41])وفي تسمية مهر مثل فقوله بيمينه، جزم به في الإقناع، وصوبه في تصحيح الفروع، وعنه: قولها. جزم به في المنتهى، وعلى كلا الروايتين لها مهر المثل إن وجد ما يقرره، وإلا فعلى ما في الإقناع، لها المتعة وإلا فنصف مهر المثل، وإن أنكر أن يكون لها عليه صداق فقولها، فيما يوافق مهر مثلها.
([42])بأن عقدا سرا على صداق، وعلانية على صداق.
([43])سواء كان الزائد صداق السر أو العلانية، وإن اتفقا قبل عقد على مائة، وعقداه بأكثر تجملا، فالمهر على ما عقداه، قال أحمد: تفي بما وعدته وجوبا. وصوبه في الإنصاف، وقال الشيخ: لا يحل أن تغدر به، بل يجب الوفاء بالشرط.
وقال ابن القيم: والمقصود أن المتعاقدين وإن أظهرا خلاف ما اتفقا عليه في الباطن، فالعبرة بما أسراه، واتفقا عليه، وقصداه بالعقد، وقد أشهدا الله على ما في قلوبهما، فلا ينفعهما ترك التكلم به حالة العقد، وهو مطلوبهما، ومقصودهما، فالقصد روح العقد، ومصححه، ومبطله، فاعتبار القصود في العقود أولى من اعتبار الألفاظ.
([44])وتثبت الهدية لها مع تقرر للمهر أو لنصفه، وترد في كل فرقة اختيارية مسقطة للمهر، كفسخ لعيب ونحوه، وكذا في فرقة قهرية، كفسخ لفقد كفاءة قبل الدخول.
([45])فما أهداه زوج قبل عقد، إن وعدوه ولم يفوا – بأن زوجوها غيره – رجع بها، قاله الشيخ وغيره، وقال: إذا اتفقوا على النكاح من غير عقد، فأعطى أباها لأجل ذلك شيئًا، فماتت قبل العقد، ليس له استرجاع ما أعطاهم،
وإن كان الإعراض منه فلا رجوع أيضًا، وقال: ما قبض بسبب نكاح ككسوة لأبيها أو أخيها فكمهر، وسبب العقد، كدلال يرده عند فسخ لفقد كفاءة، أو عيب، لا لردة، ورضاع، ومخالعة.

وقال: كتبت عن أحمد: إذا أهدى لها هدية بعد العقد فإنما ترد ذلك إليه، إذا زال العقد الفاسد، فهذا يقتضي أن ما وهبه لها سببه النكاح، فإنه يبطل إذا زال النكاح، وهذا المنصوص جار على أصول المذهب، لموافقته أصول الشرع وهو أن كل من أهدي أو وهب له شيء بسبب، يثبت بثبوته، ويزول بزواله، ويحرم بحرمته.

ساجدة فاروق 23 ربيع الثاني 1432هـ/28-03-2011م 03:41 PM

الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
 
فَصْلٌ


وَتَمْلِكُ الَمْرأَةُ صَدَاقَهَا بِالعَقْدِ، وَلَهَا نَمَاءُ المُعَيَّنِ قَبْلَ القَبْضِ، وَضِدُّهُ بِضِدِّهِ،
قوله: «وتملك المرأة صداقها بالعقد» ، من المعلوم أن المرأة إذا أصدقت شيئاً، فإما أن يكون معيناً، أو يكون غير معين، فالمعين مثل أن يقول: زوجتك ابنتي على هذه السيارة، أو هذه الدراهم، أو هذا البيت، أو الثوب، وغير المعين أن يقول: زوجتك ابنتي على عشرة آلاف ريال، يقول المؤلف: تملك صداقها بالعقد، سواء كان معيناً أو غير معين، فإذا كان معيناً فالأمر ظاهر، وإذا كان غير معين فما الفائدة؟ الفائدة أنه يكون لها في ذمة الزوج ديناً.
وقوله: «بالعقد» فإذا قال: زوجني ابنتك بهذا البيت، وتأخر العقد عشرة أيام، فالبيت قبل العقد ليس لها، وإنما يكون للزوج.
قوله: «ولها نماء المعين قبل القبض» ، فالشيء المعين لها نماؤه بمجرد العقد، وإن لم تقبضه، فهذا البيت مثلاً عيَّنه، وعقد له عليها به، وتأخر الدخول لمدة سنة، فحصل في هذه السنة من أجرة البيت عشرة آلاف ريال، فهذه الأجرة تكون للزوجة.
كذلك لو كان المهر حيواناً كشاة مثلاً، وولدت قبل الدخول، فالأولاد للزوجة.
فإذا قال قائل: أليس من الممكن أن يطلقها الزوج؟
فالجواب: بلى، وإذا طلقها لم يكن لها إلا نصفه، ويرجع عليها بنصف المهر.
لكن هل يرجع عليها بنصف الأجرة التي أخذتها قبل الطلاق؟
الجواب: لا يرجع؛ لأنها ملكت الصداق، والأجرة نماء منفصل ملكتها بقبضها.
ولو أصدقها بقرة وعيَّنها، ثم إن المرأة جعلت تحلبها وتبيع الحليب، ثم طلقها قبل الدخول، فالذي يرجع عليه نصف البقرة، ولها اللبن الذي كانت تبيعه؛ لأنه نماء منفصل من عين تملكها كلها.
وقوله: «قبل القبض» فبعد القبض من باب أولى، فالمفهوم هنا مفهوم أولوي، ومعلوم أن المفهوم ثلاثة أقسام: مفهوم موافقة مساوٍ، ومفهوم موافقة أولوي، ومفهوم مخالفة.
فمثلاً: أكل مال اليتيم محرم، وإحراقه أولى؛ لأن الأكل فيه نوع انتفاع، أما هذا ففيه إتلاف وإضاعة مال، فلا انتفع به اليتيم، ولا الذي أحرقه.
وقوله تعالى: {{فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا}} [الإسراء: 23] ، لو قال شخص: ما أثقلكما عليّ وما أشدكما علي ، وأنا متضجر منكما غاية التضجر وضربهما، فهذا حرام، وهو مفهوم موافقة أولوي.
وقد زعموا أن الظاهرية لا يرون تحريم ضرب الوالدين، قالوا: لأن الله يقول: {{فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}} وهذا الذي ضربهما وما تكلم؛ فلا شيء عليه؛ لأنه ما قال: أفٍ!!
ولكن هذا غير صحيح؛ لأنهم وإن كانوا لا يحرمونه من جهة الخطاب، إلا أنهم يحرمونه من جهة أخرى وهي العقوق، وهذا من أعظم العقوق، وأما أن يشوَّه هؤلاء بأنهم يبيحون للإنسان أن يضرب والديه، فهذا القول غير صحيح ولا يجوز؛ لأنه تهمة لهم، وبعض الناس يأتي بمثل هذا على سبيل التندر والتنفير عن قولهم، وهذا لا يجوز؛ لأنهم علماء وبعضهم يريد الحق، ولكن ما كل من أراد الحق وفق له.
ومثال مفهوم المخالفة قول ـ النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ: ((في كل سائمة إبل)) [(1)] ، فمفهوم قوله: ((سائمة)) أن غير السائمة ليس فيها شيء.
قوله: «وضده بضده» يعني أن غير المعين ليس لها نماؤه، وغير المعين يشمل أمرين: ما كان دَيناً في الذمة، وما كان مبهماً في أشياء، فالمبهم في أشياء، مثل شاة من قطيع، أو بعير من إبل، أو قفيز من صبرة طعام، والدين في الذمة مثل عشرة آلاف ريال وله مائة ألف، فلو كسب قبل أن يقبضها العشرة، فليس لها شيء من الكسب والربح، وليس عليها زكاته.

وَإِنْ تَلِفَ فَمِنْ ضَمَانِهَا، إِلاَّ أَنْ يَمْنَعَهَا زَوْجُهَا قَبْضَهُ فَيَضْمَنُهُ، وَلَهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ، وَعَلَيْهَا زَكَاتُهُ،.......
قوله: «وإن تلف» أي: قبل القبض.
قوله: «فمن ضمانها» ، أي: إن تلف المعين قبل قبضها، مثل أن يعين لها بعيراً، فيقول: مهرك هذا البعير، ثم إن البعير مات قبل القبض، فالذي يضمنه هي، ولا شيء على الزوج؛ لأن المهر معين وتلف على ملكها.
قوله: «إلا أن يمنعها زوجها قبضه فيضمنه» يعني إذا منعها زوجها قبضه، مثل أن يصدقها بعيراً، فقالت: أعطني إياه، فقال: لا، انتظري، وأبى، ثم تلف فإنه يكون من ضمانه؛ لأنه هو الذي حال بينها وبين قبضه، فصار كالغاصب، وإذا كان غاصباً فعليه ضمانه، ثم عليه ـ أيضاً ـ ضمان كسبه في هذه المدة، فلو فرض أن البعير يؤجر، فعليه مع ضمانه إذا تلف ضمان كسبه؛ لأن لها نماء المعين كما سبق.
وإذا أمهرها ثمر بستانه، فإن كان ظاهراً، فيجوز أن يكون مهراً وإن لم يبد صلاحه، وليس كالبيع؛ لأن البيع عقد معاوضة صرفة، فلا يجوز؛ لنهي النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ عنه[(2)]، أما هذا فيصح، مثل ما قالوا بجواز رهنه، ووقفه، والوصية به، فإن تلف فلها قيمته.
وقوله: «فيضمنُهُ» المتعين فيها الرفع، ولا يجوز النصب؛ لأننا لو قلنا: إنه معطوف على ما سبق صار التقدير إلا أن يمنعها زوجها قبضه، إلا أن يضمنه، وهذا لا يستقيم، وهذه ترد كثيراً في كلام العرب، والحديث، وفي كلام الناس، فإذا كان ما بعد الفاء جواباً لما سبق، أو بياناً لحكمه فإنه لا يكون تبعاً له في الإعراب، بل يكون مرفوعاً على الاستئناف.
قوله: «ولها التصرف فيه» الضمير في قوله: «لها» يعود على المهر المعين، فلها أن تتصرف فيه؛ لأنها ملكته، وتتصرف فيه بكل أنواع التصرفات، ببيع، أو تأجير، أو رهن، أو وقف، أو هبة.
قوله: «وعليها زكاته» أي: إذا كان مالاً زكوياً، مثل أن يكون ذهباً أو فضة فإن عليها زكاته من حين العقد؛ لأنه معين، وهنا إشكال؛ لأنه من المعروف أن من شرط وجوب الزكاة استقرار الملك، وملك الزوجة على جميع الصداق ليس مستقراً؛ لأنه عرضة للسقوط، أو سقوط نصفه؛ لأنه إذا طلقها قبل الدخول والخلوة فليس لها إلا نصف المهر، فكيف تلزم بزكاة المهر كاملاً؟!
المذهب يقولون: الطلاق عارض، والأصل بقاء العقد، والطلاق الذي يسقط النصف أمر نادر، فلا عبرة به، ومن ثم ذهب الأصحاب ـ رحمهم الله ـ إلى أن الزوجة لا تملك إلا نصفه فقط، والباقي يكون مراعى، فإن ثبت ما يقرر المهر تبين أنها ملكته جميعه، وإلا فالنصف هو المتيقن، وهذا القول له وجهة نظر قوية؛ لأنه وإن كان الطلاق قبل الدخول نادراً لكنه واقع، فما دام عرضة للسقوط ففي إيجاب الزكاة فيه نظر، وعلى هذا فالمسألة فيها قولان:
الأول: أنها تملك جميعه، ولها أن تتصرف فيه، وعليها زكاته.
الثاني: أنها لا تملك إلا نصفه، فتثبت هذه الأحكام في النصف، وتنتفي في النصف الثاني حتى يتبين استقرار المهر، فإذا تبين استقراره فعلى ما استقر.
مثال ذلك: رجل أصدق امرأة عشرة آلاف ريال معينة، ثم مضى عليها حول كامل ولم يدخل عليها، فالمذهب تزكي عشرة آلاف الريال كلها، يعني مائتين وخمسين ريالاً.
والقول الثاني : إن دخل عليها استقر المهر، فعليها الزكاة كاملة، وإلا فلو طلق فعليها نصف الزكاة، والنصف الثاني على الزوج؛ لأنه تبين أنها لا تملك إلا النصف.
وعلى المذهب إذا طلق قبل الدخول وقد أخرجت الزكاة، وبقي عندها تسعة آلاف وسبعمائة وخمسون ريالاً، تعطي الزوج خمسة آلاف كاملة، ويكون نقص الزكاة عليها.

وَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوِ الخَلْوَةِ فَلَهُ نِصْفُهُ حُكْماً دُونَ نَمَائِهِ المُنْفَصِلِ، وَفِي المُتَّصِلِ لَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ بِدُونِ نَمَائِهِ،..........
قوله: «وإن طلق قبل الدخول أو الخلوة فله نصفه حكماً» ، هذه المسألة فيما ينصف الصداق، والمراد بالدخول هنا الجماع، فإذا طلقها قبل الدخول فلها النصف.
وقوله: «أو الخلوة» ، أي: أو قبل الخلوة فلها النصف كذلك، والمراد بالخلوة انفراده بها عن مميز، بمعنى أن يخلو بها في مكان ليس عندهما من يميز ويعرف؛ لأنه في هذه الحال يستطيع أن يقبلها، وأن يجامعها، وإذا كان عندها صبي في المهد فوجوده كعدمه؛ لأنه لو فعلا ما فعلا لا يدري، لكن لو كان عندهما صبي مميز وذكي ونبيه، فهذه ليست خلوة؛ لأن الزوج لا يستطيع أن يفعل شيئاً؛ إذ إن هنا عيناً عليه، أي: جاسوساً.
وقال بعض أهل العلم: إذا اتفق الزوجان على عدم حصول الجماع فإن الخلوة لا توجب المهر؛ لأن الأصل في أن الخلوة أوجبت المهر أنها مظنة الوطء، ولهذا اشترطنا أن لا يكون عندهما مميز، وهذا القول هو ظاهر القرآن، قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ: {{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}} [البقرة: 237] ، فظاهر قوله: {{مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ}} أنه لو خلا بها بدون مس فلا شيء لها.
وقوله: «حكماً» أي أنه يدخل في ملكه شاء أم أبى، فهو ضد الاختيار، يعني له نصفه اختار أم لم يختر، مثل الميراث إذا مات الإنسان عن أخته الشقيقة مثلاً، فلها نصف المال رضيت أم أبت، فهذا كذلك إذا طلق فله نصفه حكماً ـ أي: قهراً ـ والدليل قوله تعالى: {{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}} [البقرة: 237] ، فقوله: {{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}} لكم أو عليكم لهن، إلا {{أَنْ يَعْفُونَ}} أي النساء، والنون ضمير النسوة، ولهذا يلغز بهذه المسألة على المبتدئين في النحو، ولو كان من الأفعال الخمسة لقال: إلا أن يعفوا.
وقوله تعالى: {{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}} قيل: الولي، وقيل: الزوج، والصحيح أنه الزوج، فهو الذي بيده عقدة النكاح، إذا شاء حلها، ويكون المعنى إلا أن يعفو الزوجات أو يعفو الأزواج، فإن عفا الزوج صار الكل للزوجة، وإن عفت الزوجة صار الكل للزوج.
إذاً قوله تعالى: {{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}} يصلح لكم وعليكم، وهذا من بلاغة القرآن، لأن المهر قد يكون مقبوضاً، وقد يكون غير مقبوض، فإن كانت قبضته فَقَدِّرْ: «فنصف ما فرضتم لكم» حتى يأخذه، وإن كانت لم تقبضه فقدر: «فنصف ما فرضتم عليكم» لأجل أن تأخذه.
وقوله تعالى: {{مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ}} أي: تجامعوهن، فعلق الله ـ سبحانه وتعالى ـ الحكم بالجماع، ونحن نقول: قبل الدخول والخلوة، ومعنى ذلك أنه إذا خلا بها ولم يجامع فلها النصف.
فإذا قال قائل: كيف يكون لها النصف، والآية علقت الحكم بالجماع؟ ولا شك أن هناك فرقاً ظاهراً بين الجماع والخلوة، فالجماع تلذذ بها، واستمتع بها، واستحل فرجها، فاستحقت المهر، لكن مجرد الخلوة لم يحصل له بها العوض كاملاً، فكيف تكون موجبة؟!
نقول: إن أكثر أهل العلم على هذا الرأي، وحكي إجماع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على ذلك، أنه إذا خلا بها فلها المهر كاملاً، فجعلوا الخلوة كالجماع، وقد ذكر عن الإمام أحمد رواية ينبغي أن تكون قاعدة، قال: لأنه استحل منها ما لا يحل لغيره، ولهذا قالوا: لو مسَّها بشهوة، أو نظر إلى شيء لا ينظر إليه إلا الزوج كالفرج، فإنها تستحق المهر كاملاً؛ لأنه استحل منها ما لا يحل لغيره، وهذه الرواية هي المذهب، وهي أنه إذا استحل الزوج من امرأته ما لا يحل لغيره من جماع، أو خلوة، أو لمس، أو تقبيل، أو نظر إلى ما لا ينظر إليه سواه، كالفرج، فإن المهر يتقرر كاملاً.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المهر يتقرر كاملاً بالجماع فقط، وقال: إن هذا ظاهر القرآن فلنأخذ به، ولكن في النفس من هذا شيء؛ لأن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أعلم منا بمقاصد القرآن، لا سيما في الأحكام الشرعية؛ لأن القرآن نزل في وقتهم وبلغتهم، وفهموه على ما يذهبون إليه، وهذا قول جمهور أهل العلم أن الخلوة تلحق بالجماع.
وقوله: «حكماً» أي: قهراً، وقال بعض العلماء: إنه يدخل في ملكه اختياراً، إن شاء أخذ، وإن شاء لم يأخذ، واستدل بالآية: {{إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ}}.
والذين قالوا: إنه يدخل في ملكه قهراً استدلوا بالآية، وقالوا: لا عفو إلا عن واجب، فإذا وجب فنعفو، أما إذا لم يدخل مُلْكَنَا فكيف نعفو؟! وهذا أقرب، فإذا وجب لي على المرأة النصف عفوت، وإذا وجب لها النصف عليَّ عفت.
يبقى النظر إذا عفا الإنسان عن حقه الواجب، فهل يسقط عن المعفو عنه، رضي أو لم يرضَ، أو لا بد من القبول؟
مثال ذلك: رجل يطلب شخصاً مائة ريال، فقال له: قد عفوت عنك وأبرأتك، فقال المعفو عنه: لا أقبل، فهل يلزمه أو لا؟ المذهب يلزم، فإذا أبرأ غريمه من ذمته لزمه، قَبِل أم لم يقبل؛ لأن هذا هبة أوصاف، كما لو كنت أطلبك مائة صاع بر وسط، وأتيتني بمائة صاع بُرٍّ طيب، فهل يلزمني أن أقبل؟ المذهب يلزمني أن أقبل، والقول الثاني: أنه لا يلزم خشية المنة.
المهم أن هذه المسألة وهي هبة الأوصاف، المذهب لا يشترط فيها القبول، وهي مسألتنا هذه، والقول الثاني: أنه لا بد من القبول؛ لأنه لا يمكن أن يدخل شيء ملك أحد ما لم يقبل، أو يسقط عن أحد ما لا يقبل إسقاطه.
والحقيقة أن هذه يمكن أن تكون مفتاحاً للمنة على الموهوب له، وللمنة على المُبرَأ، فالقول بأنه لا يدخل ملكه إلا برضاه أقرب للصواب.
والخلاصة : أن المهر ينتصف بكل فرقة من قبل الزوج قبل الدخول والخلوة، أو المس لشهوة، أو النظر لما لا ينظر إليه إلا الزوج.
قوله: «دون نمائه المنفصل» أي: أن النماء المنفصل يكون للزوجة، مثال ذلك: امرأة أمهرها زوجها بعيراً فولدت البعير ولداً، فإنه يكون للزوجة خاصة؛ لأنه نماء منفصل، وكذلك لو كان بيتاً أجر، وحصل منه أجرة بين العقد والدخول، فالأجرة تكون للزوجة.
وقوله: «دون نمائه المنفصل» من متى؟ من العقد إلى الطلاق، وأما ما كان بعد الطلاق فهو بينهما جميعاً.
مثال ذلك: رجل أصدق زوجته شاة، وولدت الشاة قبل أن يطلق، فالولد واللبن للزوجة، فإذا طلق فإن اللبن الناتج بعد الطلاق يكون بينهما أنصافاً؛ لأنه نماء لملكهما جميعاً، ومثله البيت إذا أصدقه امرأة، وأُجِّر، فالأجرة بعد العقد للزوجة، ثم إذا طلق تكون الأجرة بينهما نصفين.
قوله: «وفي المتصل له نصف قيمته بدون نمائه» مثال ذلك: أصدقها عبداً مملوكاً لا يقرأ ولا يكتب، ثم إنه تعلم وصار يقرأ ويكتب، ثم طلق، وتعلم هذه الأمور من النماء المتصل، فيكون للزوج بعد الطلاق نصف قيمة العبد بدون نمائه، فينظر إلى نصف قيمته يوم العقد قبل أن يتعلم، فمثلاً يوم دفعه للمرأة كان يساوي عشرة آلاف ريال، ثم صار يساوي مائة ألف ريال، فيكون للزوج خمسة آلاف ريال، ومثل لو أصدقها شاة هزيلة، ثم سمنت، ثم طلق، فينظر إلى قيمتها وقت العقد ويعطى الزوج نصفها، ومثله الحمل ما دام لم يخرج.
فالقاعدة: أن النماء المتصل والمنفصل كله للزوجة، لكن المنفصل تأخذه، ويبقى الأصل بينها وبين الزوج، والمتصل يُقَوَّم المهر غير زائد وذلك بقيمته وقت العقد، ويعطى الزوج نصف هذه القيمة.

وَإِنِ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ، أَوْ وَرَثَتُهُمَا فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ، أَوْ عَيْنِهِ، أَوْ فِيمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ فَقَوْلُهُ، وفِي قَبْضِهِ فَقَوْلُهَا.
قوله: «وإن اختلف الزوجان أو ورثتهما في قدر الصداق» ، هذه مسائل الخلاف، ويجب أن نعلم أن مسائل الخلاف يقبل فيها قول مَنْ الأصل معه، إلا أن يكون الظاهر أقوى من الأصل فيغلَّب الظاهر، وهذا هو الضابط.
فالأصل في جميع الاختلافات، سواء في البيع، أو الإجارة، أو الصداق، أو الرهن، أو غيرها، أن يقبل قول مَنْ الأصل معه، إلا أن يكون هناك ظاهر يغلب على الأصل فيغلب الظاهر.
ثم إذا قلنا: القول قوله فلا بد من اليمين، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((اليمين على من أنكر)) [(2)]، فاعرف هذا الضابط، ونزِّل عليه جميع مسائل الاختلاف، ثم إن شذَّ شيء عن هذا الضابط فلا بد أن يكون له سبب، فإن لم يكن له سبب يخرجه عن هذا الضابط فلا تخرجه، ودليل هذا الضابط قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((البينة على المدعي واليمين على من أنكر)) [(3)]، لأن الذي أنكر معه الأصل، وهو براءة ذمته، فإن اختلف الزوجان أو ورثتهما بعد موتهما، مثل أن يقول الزوج: أصدقتك مائة، فتقول الزوجة: بل مائتين، فالقول قول الزوج أو ورثته؛ لأنهما اتفقا على المائة واختلفا في الزائد، فمن ادعاه فعليه البينة، ومن أنكره فعليه اليمين.
والدليل من العقل أن الزوج غارم، فالقول قوله في نفي ما يستلزم الغرم إلا ببينة، فنقول للمرأة: هات بينة على أن الصداق مائتان، وإلا فالزوج يحلف ويعطيك مائة.
مثال آخر: قال الزوج: أصدقتك مائتين، وقالت الزوجة: بل مائة، فإذا قلنا: القول قول الزوج، ألزمنا الزوجة بقبول المائة، والصواب أننا لا نلزم الزوجة بالزيادة إلا إذا أتى بدليل، وهذا مثل ما لو قال شخص لآخر: عليَّ لك مائة، فقال الدائن: بل خمسون، فلا نلزمه بقبول المائة.
وهذه الدعوى في الحقيقة نادرة، أن يدعي الزوج أكثر مما تقر به الزوجة، فإن وقعت فالقول قول الزوجة؛ لأن الأصل عدم صحة ما يدعيه إلا ببينة.
قوله: «أو عينه» أي: اختلف الزوجان أو ورثتهما في عين الصداق، يعني قالت: أصدقتني هذه البعير، فقال: بل هذه البعير، قالت: أصدقتني هذا البيت، قال: بل هذا البيت (لبيت آخر) فالقول قول الزوج، وعلى هذا فنلزمها بما قال؛ لأن الأصل عدم صحة ما تدعيه، هكذا قال الفقهاء، وهذه المسألة غير الأولى، الأولى اختلفا في القدر، فيكونان قد اتفقا على الأقل، وأما هنا فلم يتفقا على شيء، كل واحد منهما يقول قولاً غير قول الآخر، ومع ذلك يقولون: القول قول الزوج فيحلف، وليس لها سوى ما قال، ولكن ينبغي أن يقال: إنه يقبل قوله ما لم يدع شيئاً دون مهر المثل، فإنه لا ينبغي أن يقبل، يعني لو عينت شيئاً يمكن أن يكون مهر مثلها، وعيَّن هو شيئاً دون مهر مثلها فلا شك أن القول قولها.
فهذه المرأة مثلاً مهر مثلها خمسون ألفاً، وقالت: إنك أصدقتني هذا البيت وقيمته خمسون ألفاً أو قريباً منها، وقال: بل أصدقتك هذا البيت وهو لا يساوي إلا عشرين ألفاً، فالأقرب للصواب قولها هي، فينبغي أن يقال: إن كلام المؤلف على إطلاقه فيه نظر، فينظر إلى ما هو أقرب إلى مهر المثل؛ لأن القرينة ـ إذا لم تكن بينة ـ حجة شرعية، فسليمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما تحكامت إليه المرأتان في الولد، قال: أشقه بينكما نصفين، فالكبرى قالت: نعم، والصغرى قالت: لا، فقضى به للصغرى بدون بينة[(4)].
قوله: «أو فيما يستقر به فقوله» تقدم لنا أن المهر يستقر بالوطء، والخلوة، والتقبيل، واللمس لشهوة، والنظر، يعني استباحة ما لا يحل إلا للزوج، والموت كما سيأتي.
فإذا قالت الزوجة: إنك خلوت بي، وقال الزوج: لم أخلُ، فالصداق ثابت، فالزوجة تقول: إنه خلا حتى تأخذ المهر كاملاً، وهو يقول: لم أخلُ حتى تأخذ النصف، فالقول قول الزوج؛ لأن الأصل عدم الدخول والخلوة، فإن وجدت قرينة على الدخول كإقامة حفل الزواج، ثم ادعى أنه ما دخل، فالقول قول الزوجة بالقرينة، وهذا ذكره ابن رجب في القواعد، قال: إذا تعارض الأصل والظاهر فأيهما يقدم؟
قال: إن كان الظاهر حجة شرعية قدم الظاهر، وإن لم يكن حجة شرعية فينظر أيهما أقوى.
قوله: «وفي قبضِهِ فقولُها» أي اختلفا في قبض المهر بأن قال الزوج: قد أقبضتك المهر، وقالت الزوجة: لا، لم تقبضني شيئاً، فالقول قولها؛ لأن الأصل عدم القبض، ويقال للزوج: إيت بشهود على أنك أقبضتها.
وهذا ـ أيضاً ـ ينظر فيه إلى القرائن، فعندنا ـ مثلاً ـ هنا في نَجْدٍ المهر مقدم، فلو أنها طالبته بعد الدخول، وقالت: أعطني المهر، فقال: قد سلَّمته لك قبل الدخول، فالقول قول الزوج؛ لأن هذا هو الظاهر، فالأصل ليس مقدماً دائماً، فلو أن امرأة عند زوجها في بيته، ويوم طلقها قالت: أريد منك النفقة، أنا لي معك عشر سنوات، وأنت لا تنفق علي، أنا كنت أنفق من مالي، أو أهلي ينفقون علي، فالأصل عدم النفقة، ولكن عندنا ظاهر أقوى من هذا الأصل، ولهذا شُدِّد الإنكار على من قال من أهل العلم: إنها إذا ادعت أنه لا ينفق أنه يلزم بالنفقة لما مضى، وقالوا: إن هذا القول لا يقبله العرف، ولا يقره الشرع، فهل من العادة أن المرأة تبقى مدة طويلة عند زوجها، ثم تأتي وتقول: إنك لم تنفق علي؟! فهذا بعيد.
ولهذا يجب أن يعرف طالب العلم أن الأصل ليس مقدماً دائماً، فقد يكون هناك ظاهر أقوى من الأصل فيقدم عليه، سواء فيما ذكره المؤلف هنا، أو ما سيذكره في باب الدعاوى.



[1] أخرجه أحمد (5/2، 4)؛ وأبو داود في الزكاة/ باب في زكاة السائمة (1575)؛ والنسائي في الزكاة/ باب عقوبة مانع الزكاة (5/15)؛ وصححه ابن خزيمة (2266)؛ والحاكم (1/397)، ووافقه الذهبي، انظر: التلخيص (829).
[2] أخرجه البخاري في الزكاة/ باب من باع ثماره أو نخله أو أرضه... (1486)؛ ومسلم في البيوع/ باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها... (1534) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
[3] سبق تخريجه ص(204).
[4] سبق تخريجه ص(204).
[5] أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء/ باب {{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ}} (3427)؛ ومسلم في الأقضية/ باب اختلاف المجتهدين (1720) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.


الساعة الآن 02:17 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir