فصل في تحسين الاستعارة
فَصْلٌ فِي تَحْسِينِ الاسْتِعَارَةِ مُحَسِّنُ اسْتِعَارَةٍ تَدْرِيهِ = يُدْعَى بِوَجْهِ الْحُسْنِ لِلتَّشْبِيهِ وَالْبُعْدُ عَنْ رَائِحَةِ التَّشْبِيهِ فِي = لَفْظٍ وَلَيْسَ الْوَجْهُ أَلْغَازاً قُفِي |
حلية اللب المصون للشيخ: أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري
قال: (فَصْلٌ فِي تَحْسِينِ الاسْتِعَارَةِ) مُحَسِّنُ اسْتِعَارَةٍ تَدْرِيهِ = يُدْعَى بِوَجْهِ الْحُسْنِ لِلتَّشْبِيهِ وَالْبُعْدُ عَنْ رَائِحَةِ التَّشْبِيهِ فِي = لَفْظٍ وَلَيْسَ الْوَجْهُ أَلْغَازاً قُفِي |
حاشية المنياوي على حلية اللب المصون للشيخ: مخلوف بن محمد البدوي المنياوي
قال: (فَصْلٌ فِي تَحْسِينِ الاسْتِعَارَةِ) مُحَسِّنُ اسْتِعَارَةٍ تَدْرِيهِ = يُدْعَى بِوَجْهِ الْحُسْنِ لِلتَّشْبِيهِ وَالْبُعْدُ عَنْ رَائِحَةِ التَّشْبِيهِ فِي = لَفْظٍ وَلَيْسَ الْوَجْهُ أَلْغَازاً قُفِي [فصل في تحسين الاستعارة]: أي في شرائط حسنها. قوله: (محسن) الظاهر أنه بفتح السين، أي الاستعارة المحسنة، أي التي حسنها المتكلم بدليل الياء في يرعى، إذ الذي يدري بالرعي إنما هو مفتوح السين لا مكسورها، إذ هو نفس الرعي وما بعده اللهم إلا أن يقال إن المراد تدريه بهذا اللفظ الدال عليه، وفيه من البعد ما لا يطاق تأمل. قوله: (للتشبيه) حال من وجه. قوله: (وليس لوجه.. إلخ) معطوف باعتبار معناه على رعي، أي وعدم كون الوجه ألغازًا وغير هذا بعيد. قوله: (قفي) أي اتبع ذلك الشرط وعمل بمقتضاه ع ق. قوله: (بأن يكون) الظاهر أن الباء بمعنى الكاف، وهو كثير في عبارة غيره إذ ما ذكره ليس جميع الجهات. وقوله: (شاملا.. إلخ) أي ظاهر الشمول أو شاملا تحقيقا، وإلا فشمول وجه الشبه، ولو ادعاء مما يتوقف عليه أصل التشبيه لا حسنه أفاده الصبان عن الأطول. قوه: (والتشبيه) أي الذي انبنت عليه الاستعارة. قوله: (من الغرض) أي الغرض من التشبيه كتقرير حال المشبه، فإذا قلت مثلا رأيت راقما على الماء بالسوق تعني إنسانا لا يحصل من سعيه على طائل حسنت هذه الاستعارة لوفاء التشبيه المبنية هي عليه بالغرض، وهو تقرير حال المشبه لكون وجه الشبه في المشبه به أظهر وأقوى، ولو قلت رأيت راسما في قرطاس مبتل في السوق، ونصبت القرينة على أنك تريد إنسانا لا يحصل على طائل من سعيه لم يحسن لعدم إفادة التشبيه المبني على الاستعارة الغرض على وجه الكمال، إذ ليس وجه الشبه أتم في المشبه به ولا أظهر أفاده ع ق. قوله: (وبأن لا يشم.. إلخ) بأن يذكر في التركيب الذي وقعت فيه الاستعارة لفظ يدل على التشبيه، كأن يذكر المشبه لأعلى وجه ينبئ عن التشبيه فقوله: لا تعجبوا من بلا غلالته = قد زر أزراره على القمر
استعارة انتفي فيها الحسن، لأنه استعار القمر لإنسان كالقمر، وقد أشم رائحة التشبيه بذكر ضمير المشبه على وجه لا ينبئ عن التشبيه، وكذلك قولك زيد أسد بناء على أنه استعارة أيضًا، فإنه لا حسن فيهما لاشتمام الرائحة في الأولى بذكر المشبه وفي الثانية بذكر وجه الشبه، وأما إن قلنا إنهما من باب التشبيه، فليس ما فيهما من الإشمام المحترز عنه لأنهما ليسا باستعارة حتى يوصفا بحسن أو قبح.وقوله: (لفظا) أي من جهة اللفظ أي لفظ المشبه أو الوجه، وأما ذكر الأداة فالكلام معه تشبيه، فليس بما نحن فيه وخرج به ما إذا كان الإشمام من جهة القرينة الدالة على وجه الشبه، وأنه بسببه استعير لفظ المشبه به للمشبه، فإن ذلك لا ينافي الحسن، وإلا لم توجد استعارة حسنة لأنها لا تخلو من إشمام رائحة التشبيه بالقرينة ا هـ من ع ق. قوله: (لأن ذلك يبطل الغرض.. إلخ) لما في التشبيه من الدلالة على أن المشبه به أقوى في وجه الشبه، فلا يتأتى ادعاء ما ذكر قال الصبان نقلا عن سم إبطاله ينافي أنه من شرائط الحسن لا من شرائط الصحة، فلعل المراد كمال الغرض ا هـ. قوله: (ولذلك) أي ولاشتراط أن لا يشك رائحة التشبيه لفظا في حسن الاستعارة. قوله: (جليا) أي بنفسه أو بوائطة عرف عام أو خاص. قوله: (لئلا تصير.. إلخ) أي بانضام خفاء الوجه إلى خفاء التشبيه الذي تضمنته الاستعارة لعدم وجود ما يدل عليه في لفظها. وحاصل وجه ترتب اشتراط جلاء الوجه في الحسن على ما قبله أنه إذا لم يكن في اللفظ ما يدل على التشبيه. كان التشبيه خفيا، فإذا انضم إلى خفائه خفاء وجه الشبه زاد الخفاء واشتد، فتصير الاستعارة ألغازًا بخلاف ما إذا كان وجه الشبه جليا، إذ ليس فيه من الخفاء ما في ذاك أفاده الصبان عن سم، ثم إن عبارة المصنف لا تفيد ترتب الشرط الأخير على ما قبله كما تفيده عبارة لأصل مع كونه ينبغي التنبيه عليه ولذا تعرض له الشارح ولو قال: محسن رعى جهات الحسن في = أصل ونفى شمه لفظا ففي ولاشتراطه يوصي بالجلا = في أوجه إذ بدونه لن تقبلا قوله: (فظهر) أي باشتراط جلاء الوجه في حسن الاستعارة. قوله: (أعم مجلا) تبع الشارح الأصل قال الصبان نقلا عن الأطول الأعم إذا أطلق ينصرف إلى الأعم المطلق، ولم يظهر مما سبق إلا افتراق التشبيه عن الاستعارة، ولا يظهر به مع ضميمة ما هو ظاهر من اجتماع التشبيه والاستعارة أنه أعم من الاستعارة ما لم يظهر أن الاستعارة لا تفارق التشبيه، وهو لم يعلم بل سيعلم خلافه من أنه قد تتعين الاستعارة ولا يصلح التشبيه، فيكون بينهما عموم من وجه وليس لك أن تحمل العموم عليه لأنه خلاف العبارة، ومع ذلك لم يظهر مما سبق ولما في عبارته هذه من الخلل غيرها في الإيضاح إلى قوله، وبهذا ظهر أنهما لا يجيئان في كل ما يجيء فيه التشبيه ا هـ. وقوله: (لا يجيئان) أي التشبيه والاستعارة. قوله: (إذ كل ما يتأتى فيه الاستعارة.. إلخ) اعترض بأنه أراد بالثاني على وجه الحسن لم يكن كل ما تأتي فيه الاستعارة بأتي فيه التشبيه لجواز أن يكون التشبيه بين الطرفين قويا حتى اتحدا، وإن أراد مجرد الثاني على وجه الحسن أولا، فلا نعلم أنه ليس كل ما يتأتى.. إلخ، فإنه إذا كان وجه الشبه خفيا يتأتى فيه الاستعارة أيضًا لكن على وجه الحسن نقله الصبان عن سم. |
الشرح الصوتي للجوهر المكنون للشيخ: عصام البشير المراكشي
فَصْلٌ فِي تَحْسِينِ الاسْتِعَارَةِ مُحَسِّنُ اسْتِعَارَةٍ تَدْرِيهِ = يُدْعَى بِوَجْهِ الْحُسْنِ لِلتَّشْبِيهِ وَالْبُعْدُ عَنْ رَائِحَةِ التَّشْبِيهِ فِي = لَفْظٍ وَلَيْسَ الْوَجْهُ أَلْغَازاً قُفِي |
الساعة الآن 04:48 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir