معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   منتدى المستوى الثامن (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=1018)
-   -   المجلس التاسع: مجلس مذاكرة دورة مسائل الإيمان بالقرآن (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=32395)

هيئة الإدارة 1 جمادى الآخرة 1437هـ/10-03-2016م 02:44 AM

المجلس التاسع: مجلس مذاكرة دورة مسائل الإيمان بالقرآن
 
مجلس مذاكرة مسائل الإيمان بالقرآن

اختر مجموعة من المجموعات التالية وأجب عن أسئلتها إجابة وافية:
المجموعة الأولى:
س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى.
س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.
س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.
س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟

المجموعة الثانية:
س1: بم يتحقق الإيمان بالقرآن؟
س2: بيّن فضل الإيمان بالقرآن.
س3: بيّن الفرق بين قول المعتزلة وقول الأشاعرة في القرآن.
س4: بيّن خطر فتنة اللفظية.
س5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟


المجموعة الثالثة:
س1: بيّن أهميّة معرفة مسائل الإيمان بالقرآن، وكيف يحقق طالب العلم هذه المعرفة؟
س2: لخّص عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن.
س3: عدد مما درست من امتحن من أهل الحديث في مسألة الخلق بالقرآن مبيّنا أنواع الأذى الذي لحق بهم.
س4: ما حكم من وقف في القرآن؟
س5: بيّن سبب اختلاف الأفهام في مسألة اللفظ.

المجموعة الرابعة:
س1: كيف يكون الاهتداء بالقرآن؟
س2: ما سبب تصريح أهل السنة بأنّ القرآن غير مخلوق؟
س3: ما سبب إصرار الإمام أحمد على عدم الترخّص بعذر الإكراه في محنة القول بخلق القرآن.
س4: ما معنى الوقف في القرآن؟ وما سبب وقوف بعض أهل الحديث؟
س5: ما سبب محنة الإمام البخاري رحمه الله؟ وبيّن موقفه من مسألة اللفظ.

المجموعة الخامسة:
س1: بيّن وجوب الإيمان بالقرآن
س2: اعرض بإيجاز أقوال الفرق المخالفة لأهل السنة في القرآن.
س3: بيّن ما استفدّته من خبر محنة الإمام أحمد.
س4: بيّن سبب نشأة فتنة اللفظية.
س5: لخّص بيان الإمام أحمد والبخاري للحق في مسألة اللفظ.



تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

إشراقة جيلي محمد 1 جمادى الآخرة 1437هـ/10-03-2016م 06:36 AM

المجموعة الأولى:
س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
مسائل الإيمان في القرآن على نوعين:
• النوع الأول: مسائل اعتقادية:وأصلها الإيمان بأن القرآن كلام الله عز وجل منه بدأ وإليه يعود ؛منزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ؛مهيمن على ما قبله من الكتب وناسخ لها .
والمسائل الإعتقادية تنقسم إلى قسمين:
1. أحكام: والمقصود بالأحكام هل هو واجب أو بدعة وما حكم مخالفه.
2. آداب: والآداب تشمل آداب بحث مسائل الاعتقاد المتعلقة بالقرآن؛ والقول بما دلّت عليه نصوص الكتاب والسنة، وما أُثر عن السلف الصالح.
ما يحتاجه طالب العلم في المسائل الإعتقادية:
1. معرفة القول الحق في مسائل الاعتقاد في القرآن، بما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وما أجمع عليه سلف الأمة رحمهم الله، وذلك حتى يصحح عقيدته في القرآن.
2. تقرير الاستدلال لهذه المسائل ؛بأن يعرف أدلتها ومآخذ الاستدلال، ويعرف ما تحسن به معرفته من الأدلة والآثار؛ حتى يمكنه أن يدعو إلى الحق في هذه المسائل متى احتيج إليه في ذلك.
3. معرفة أقوال المخالفين لأهل السنة في مسائل الاعتقاد في القرآن، ويعرف مراتبهم ودرجات مخالفاتهم، ويعرف أصول شبهاتهم؛ ويعرف حجج أهل السنة في الردّ عليهم، ومنهجهم في معاملتهم.

• النوع الثاني: المسائل السلوكية
وهي المسائل التي يعنى فيها بمواعظ القرآن والانتفاع بها ،والعمل بها يعني الجانب العلمي والعملي.
 وعلم السلوك يُعنى بأصلين مهمين:
فالأصل الأول وهو البصائر والبينات قائمة على العلم، وتثمر اليقين.قال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)}
[COLOR="DarkOrange"]والأصل الثاني :وهو اتباع الهدى قائم على الإرادة والعزيمة ومثمر للاستقامة والتقوى.قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)}

***********************************************************************************************************************

س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى.
عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله يتكلم بكلام حقيقي متى وكيف شاء بما شاء بحرف وصوت لا يُمَاثِلُ أصوات المخلوقين ، والدليل على أنه لا يُمَاثِل أصْوَاتَ المَخْلُوقين ، قوله تعالى : ( ليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهو السَمِيعُ البَصِير ) الشورى/11 ، فَعُرِفَ ابْتِداءً أن هذه العقيدة هي عقيدة أهل السنة والجماعة ، وأهل السنة والجماعة يَعْتَقِدون أن القرآن كلام الله ، ومن الأدلة على هذا الاعتقاد قول الله تعالى : ( وإنْ أحَدٌ من المشْرِكين استجارك فأجِرْه حتى يَسْمَع كلام الله ) التوبة /6 والمراد القرآن بالاتفاق ، وأضاف الكلام إلى نفسه فدل على أن القرآن كلامه .
-ومن أدلة السنة وهي كثيرة : قول عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك: « ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمر يتلى » متفق عليه.

***************************************************************************************************************************
س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.
أوّل من أحدث بدعة القول بخلق القرآن هو الجعد بن درهم، وقد قتله أمير العراق في زمانه خالد بن عبد الله القسري عام 124 هــ، يوم الأضحى؛ثم أخذ مقالته الجهم بن صفوان ؛واشتهرت عنه؛ وكان من أعظم ما أدخله على الأمّة إنكار الأسماء والصفات، وإنكار علوّ الله، والقول بخلق القرآن، والجبر، والإرجاء الغاليان، وقد كفّره العلماء في عصره؛ فقتله الأمير سلم بن الأحوثم ظهر بعدهما بمدّة بشر بن غياث المريسي، وكان في أوّل أمره مشتغلا بالفقه حتى عدّه بعضهم من كبار الفقهاء؛ أخذ عن القاضي أبي يوسف، وروى عن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة، وناظر الشافعيّ في مسائل، وكان مع أخذه عن هؤلاء العلماء يسيء الأدب ويشغّب، وأقبل على علم الكلام، وافتتن به، وكان خطيباً مفوَّها، ومجادلاً مشاغباً.كان متخفياً في زمان هارون الرشيد لما بلغه وعيده بقتله؛ ثم أظهر مقالته ودعا إلى ضلالته بعد موت الرشيد سنة 193هـ.وذكر البخاري عن يزيد بن هارون الواسطي أنه قال: «لقد حرضت أهل بغداد على قتله جهدي، ولقد أُخبرت من كلامه بشيء مرة وجدت وجعه في صلبي بعد ثلاث».
فكان تحذير أئمة أهل السنة من بشر المريسي وأصحابه ظاهراً مستفيضاً؛ فقد حذر منه يزيد بن هارون الواسطي،وعلي بن المدينيى وغيرهم حتى حذرهم طلاب العلم
لكنّهم تسللوا إلى الحكّام والولاة بما لهم من العناية بالكتابة والأدب، والتفنن في صياغة المكاتبات.

******************************************************************************************************
س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.

س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟

إشراقة جيلي محمد 1 جمادى الآخرة 1437هـ/10-03-2016م 07:46 AM

س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.

الموقف الأول: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ، وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف.
الموقف الثاني: موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية، وعلى رأس هؤلاء رجل من أهل الشام يقال له: الشرّاك؛ قال: إن القرآن كلام الله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق.
الموقف الثالث: موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري (ت:270هـ) رأس أهل الظاهر وإمامهم، وكان رجلاً قد أوتي ذكاءً حادّاً وقوّة بيان وتصرّفاً في الاستدلال، وكان مولعاً بكتب الشافعيّ في أوّل عمره؛ معتنيا بجمع الأقوال ومعرفة الخلاف حتى حصّل علماً كثيراً، ثم ردّ القياس وادّعى الاستغناء عنه بالظاهر، وصنّف كتباً كثيرة.
قال أبو زرعة الرازي: ( لو اقتصر على ما يقتصر عليه أهل العلم لظننت أنه يكمد أهل البدع بما عنده من البيان والآلة، ولكنه تعدَّى).
وهو من أصحاب حسين الكرابيسي، وعنه أخذ مقالته في اللفظ، لكنّه تأوّلها على مذهبه في القرآن؛ فإنّ له قولاً في القرآن لم يسبق إليه: قال: (أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق).
قال الذهبي: (هذه التفرقة والتفصيل ما قالها أحد قبله فيما علمت).

الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة.
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.
واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن، وقد جرى من المحنة في القول بخلق القرآن ما جرى فكانوا شديدي الحذر من حيل الجهمية وتلبيسهم.
وبيّنوا أنّ أفعال العباد مخلوقة.

الموقف الخامس: موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق، وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة.
وحصل في الأمر التباس عليهم؛ حتى إنّ منهم من نسب ذلك إلى الإمام أحمد كما تقدّم عن أبي طالب وأنّ الإمام أحمد أنكر عليه وتغيّظ عليه وأنّه رجع عن ذلك؛ لكن بقي على ذلك بعض أصحاب الإمام أحمد، ثم قال بهذا القول بعض أتباعهم.

الموقف السادس: موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه ومن تأثر بطريقته كأبي بكر بن الطيب الباقلاني، والقاضي أبي يعلى.
وهؤلاء فهموا من مسألة اللفظ معنى آخر ؛ وقالوا إنّ الإمام أحمد إنما كره الكلام في اللفظ؛ لأنّ معنى اللفظ الطرح والرمي، وهذا غير لائق أن يقال في حق القرآن.

الموقف السابع: موقف طوائف زعمت أنّ ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة؛ وزعموا أن سماعهم لقراءة القارئ هي سماع مباشر من الله، وأنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ كما سمعه موسى بن عمران.
واختلفوا في تفصيل ذلك على أقوال:
فقال بعضهم: إن صوت الربّ حلّ في العبد.
وقال آخرون: ظهر فيه ولم يحلّ فيه.
وقال آخرون: لا نقول ظهر ولا حلّ.
وقال آخرون: الصوت المسموع قديم غير مخلوق.
وقال آخرون: يسمع منه صوتان مخلوق وغير مخلوق.
وهذه الأقوال حكاها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن بعض الطوائف، وحكى أقوالاً أخرى نحوها في البطلان؛ ثم قال: (وهذه الأقوال كلها مبتدعة، لم يقل السلف شيئا منها، وكلها باطلة شرعا وعقلا.

**************************************************************************************************************************************************
س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟
سبب ظهور بدعة ابن كلاب أنه أراد الرد على المعتزلة بالحجج المنطقية والطرق الكلامية فأداه ذلك إلى التسليم ببعض أصولهم الفاسدة وبذلك خرج بقول بين قول أهل السنة وقول المعتزلة، وأحدث أقوالاً لم تكن تعرف في الأمّة.
وقد أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وما أحدث من الأقوال، وحذّروا منه ومن طريقته.
قال ابن خزيمة: (كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره).

مها الحربي 1 جمادى الآخرة 1437هـ/10-03-2016م 11:11 PM

المجموعة الثانية:

س1: بم يتحقق الإيمان بالقرآن؟
الإيمان بالقرآن يتحقق ب:الإعتقاد والقول والعمل
الإيمان الإعتقادي :أنه يصدق بأنه كلام الله تعالى ،المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ،وأن كل مافيه حق لايأتيه الباطل ،محفوظ ،قيم ،يهدي إلى الصراط المستقيم .
الإيمان القولي :أن يقول مايدل على إيمانه به ،وتصديقه بما أنزل الله ، ومن ذلك تلاوة القرآن تصديقا وتعبدا
الإيمان العملي :هو اتباع هدى القرآن ،بفعل أوامره واجتناب نواهيه
فمن جمع هذه الثلاثه فهو مؤمن بالقرآن أعد الله له أجرا عظيما قال تعالى :(إن هذاء القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كريما )


س2: بيّن فضل الإيمان بالقرآن.
1/أعظم هاد للمؤمن بربه عز وجل ،يرشده ،ويعرفه بأسمائه وصفاته ،ويعرفه بوعده ووعيده ،وحكمته بخلقه وتشريعه ،وكيف يتقرب لله وينجو من سخطه
2/يهدي المؤمن في جميع شؤؤنه للتي هي أقوم ،فما من حاله من أحوال المؤمن إلا ولها هدي قال تعالى :(وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين )
3/أنها تحمل المؤمن على التعبد لله بتلاوته والتفكر والتدبر ،وكثرة تلاوته تخلصه من كيد الشيطان وتقربه للرحمن قال تعالى :(وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ولايزيد الظالمين إلا خسارا )
4/تزيد يقينا وبصيره وعلما ومعرفه في الجانب العلمي
5/يورثه الاستقامه والتقوى وصلاح الباطن في الجانب العملي


س3: بيّن الفرق بين قول المعتزلة وقول الأشاعرة في القرآن.
المعتزله :كلام الله تعالى لكنه مخلوق
الأشاعره :ليس مخلوق ،وليس كلام الله ،وإنما هو عباره عبر عنها جبريل عليه السلام عن المعنى النفسي القائم بالله تعالى
وكلا القولين باطل وإنما القرآن العربي تكلم الله به ،بكلام سمعه منه جبريل عليه السلام ، فبلغه بحروفه للنبي صلى الله عليه وسلم


س4: بيّن خطر فتنة اللفظية.
أن هذه الفتنه ظهرت بعد فتنة الوقف بالقرآن ،فإن الناس كانوا بحاجه إلى توضيح لازيادة تلبيس وتوهيم .
و لأن هذه الكلمة تحتمل عدة وجوه ،وكل فرقه تتأولها على ماتريد.
فكانوا الجهميه والفرق المخالفه يتسترون بها لأن كانت أخف على العامه وفرحوا بها فرحا شديدا .


س5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟
أنه كان معتزليا حتى الأربعين من عمره ، ثم أعلن توبته منه والتزامه مذهب السنه ، كان متبحرا في علم الكلام ولقربه من علم الكلام انتهج نهج ابن كلاب ،كان بصيرا بأقوال المعتزله وتناقضتهم ،واجتهد في الرد على المعتزله ومناظرتهم وإفحامه لكبرائهم بالطرق الكلاميه والحجج العقليه .
موقف أهل السنه منه :
اختلفوا فيه فمنهم من قال أنه رجع رجوعا صحيحا إلى أهل السنه ،ومنهم من قال أن رجوعه كان رجوعا مجملا ولم يكن في تفاصيل الإعتقاد .


ولاء محمدعثمان 2 جمادى الآخرة 1437هـ/11-03-2016م 01:17 PM

إجابة أسئلة المجموعة الرابعة:

ج1: يكون الاهتداء بالقرآن بتصديق أخباره،وعقل أمثاله ،وامتثال أوامره،واجتناب نواهيه.
1-تصديق أخباره:فإنه يورث قلب المؤمن يقينا يزداد به علما وهدى ،وكلما حسن تصديق العبد،كان اهتداؤه بالقرآن أرجى وأحسن.
والتصديق الحسن : هو الذى لايكون معه شك ولاتردد.
ومن ثمراته:
-اليقين وصدق الرغبة والرهبة.
-يبلغ بصاحبه مرتبة الاحسان .
قال تعالى (والذى جاءبالصدق وصدق به أولئك هم المتقون .لهم مايشاءون عند ربهم وذلك جزاء المحسنين .ليكفر الله عنهم أسوأ الذى عملوا ويجزيهم اجرهم باحسن الذى كانوا يعملون ) فتوضح الآية ان التصديق الحسن يبلغ بصاحبه مرتبة الإحسان ؛وإنماينال مرتبة الإحسان من وجهين:
الأول :أن الله تعالى سماه محسنا كما قال تعالى (ذلك جزاء المحسنين).
الثانى :أن الله يكفر عنه سيئاته ،فيأتى يوم القيامة ليس معه إلا الحسنات ،فيكون بذلك من اهل الإحسان لأن سيئاته قد كفرت عنه.
-أن الله تعالى يكفى به عبده. فالله تعالى قال بعد أية (والذى جاء بالصدق) ذكر بعدها (أليس الله بكاف عبده)
ويحصل بالتصديق الحسن من البصائر والبينات ماترتفع به درجة العبد،ويزداد علمه ،ويحصل له من اتباع الهدى بسبب صدق الرغبة والرهبة فيكمل أصلى علم السلوك المتعلق بالإيمان بالقرآن، وبذلك يصلح القلب .
2- عقل الأمثال :
فمن وعى الأمثال التى ضربها الله فى القرآن ،وفقه مقاصدها ، وعرف المراد منها فاعتبر به، وفعل ماأرشدت إليه ، فقد عقل هذه الأمثال ، واهتدى بها .أما مجرد فهم الأمثال فلا يعتبر عقلا لها .
والأمثال فى القرآن على قسمين :
-أمثال صريحة:هى التى يصرح فيها بلفظ المثل (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية )
-أمثال كامنة : التى تفيد معنى المثل من غير تصريح بلفظه.فإذا ذكر الله قصة من القصص احتوت على مقصد وعمل وجزاء فإنها تعتبر مثلا .
3- : فعل الأوامر.
4- اجتناب النواهى.
فمن أطاع الله بأن امتثل ماأمر الله به فى كتابه ، واجتنب مانهى عنه ؛فإنه يهدى بطاعته وإيمانه ،ولا يزال يزداد من الهداية كلما ازداد طاعة لله تعالى وإيمانا به حتى يكتبه الله من المهتدين .قال تعالى ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ).
وهذه الطاعة لله تعالى من أعظم أسباب وقاية العذاب والسلامة من الضلال ؛قال تعالى (وماكان الله ليضل قوما بعدإذ هداهم حتى يبين لهم مايتقون)
وقال تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أويصيبهم عذاب أليم ).



ج2: سبب تصريح أهل السنة بأنّ القرآن غير مخلوق:
كان العلماء قبل حدوث فتنة خلق القرآن يقولون: إن القرآن كلام الله؛ - قال سفيان بن عيينة: سمعت عمرو بن دينارٍ يقول: (أدركت مشايخنا والنّاس منذ سبعين سنةً يقولون: القرآن كلام اللّه، منه بدأ وإليه يعود).يقصد بذلك الصحابة من عهد النبى صلى الله عليه وسلم
فلمّا حدثت فتنة القول بخلق القرآن صرّحوا ببيان أنه غير مخلوق، وذلك ردا على الشبهة التى ظهرت وقتها بأن القرآن مخلوق فلم يعد يسعهم السكوت كما كان قبل ذلك.
ومن توقّف في القرآن هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟ سموه واقفيٌّ شاكّاً في حقيقة القرآن، وهو في حقيقة الأمر لم يصدق أن القرآن كلام الله؛ لأنه يجب الاعتقاد أن القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفاته وصفات الله لا تكون مخلوقة.
قال أبو داود السجستاني: سمعت أحمد يُسأل: هل لهم رخصة أن يقول الرجل: القرآن كلام الله، ثم يسكت
فقال: ولم يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأي شيء لا يتكلمون؟!!، أي: حيث تكلم أهل الأهواء وقالوا: إن القرآن مخلوق وفتنوا العامة بذلك وفتنوا بعض الولاة والقضاة بذلك فوجب التصريح بأن القرآن كلام الله غير مخلوق.
قال ابن تيمية رحمه الله: (لم يَقُلْ أحدٌ مِن السَّلَفِ: إنَّ القرآنَ مخلوقٌ أو قديمٌ، بل الآثارُ متواتِرةٌ عنهم بأنَّهم يقولون: القرآنُ كلامُ اللَّهِ، ولمَّا ظَهَرَ مَن قال: إنَّه مخلوقٌ، قالوا رداًّ لكلامِه: إنَّه غيرُ مخلوقٍ).


ج3: سبب إصرار الإمام أحمد على عدم الترخّص بعذر الإكراه في محنة القول بخلق القرآن:
فى عهد المأمون بدأت المحنة فى القول بخلق القرآن وكان يدعوا العلماء ويختبرهم فى ذلك فمن اجاب ترك ,من لم يجب حبس وكان
ممن بقي فى الحبس أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح في الحبس؛ فمكثا أياماً؛ ثم ورد كتاب المأمون من طرسوس بأن يحملا إليه؛ فحملا مقيّدين زميلين؛
وقال أبو بكر الأحول لأحمد بن حنبل: إن عرضت على السيف تجيب؟ قال: لا.
فلمّا وصلا إلى الرقّة حبسا فيها؛ حتى يقدم المأمون،
ودخل عليه في حبسه في الرقّة أبو العبّاس الرقي - وكان من حفّاظ أهل الحديث- في ذلك البلد، ومعه بعض أهل الحديث؛ فجعلوا يذكّرونه ما يُروى في التقية من الأحاديث؛ فقال أحمد: (وكيف تصنعون بحديث خبّاب: "إنّ من كان قبلكم كان يُنشر أحدهم بالمنشار، ثمّ لا يصدّه ذلك عن دينه) فكان يرى أنه لابد أن ينصر الدين وأن يقف فى وجه المبتدعة لأنه لو أخذ كل إنسان بالتقية وخاف على نفسه فمن ينصر الدين والسنة ومن يقف فى وجه البدعة ،فلابد للدين من أناس يقدمون حب الله ورسوله على أنفسهم ويخافون على القرآن والسنة أكثر من خوفهم على انفسهم وأبنائهم ،ولأن عامة الناس ينظرون الى العلماء ويقتدون بهم ويقولون بقولهم فلو لم يثبت وأخذ الجميع بالتقية لاحتار الناس فى أمرهم ولترخصوا مثلهم ولقالوا بالبدعة تقية ايضا فيكون بذلك ضياع للسنة وللدين ،ولكن شاء الله أن ينصر به الاسلام كما نصره بأبى بكر الصديق يوم الردة بعد موت النبى صلى الله عليه وسلم .
قال عليّ بن المديني: (إنّ الله عزّ وجلّ أعزّ هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث: أبو بكر الصديق يوم الردّة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة)
وهو مع ذلك كان يلتمس العذر للكثير من العلماء الذين امتحنوا وعذبوا فأجابوا تقية وخوفا على أنفسهم، وكان يقول حبسوا وعذبوا ويلتمس لهم الأعذار.

ج4: معنى الوقف في القرآن:
الوقف فى القرآن يعنى: القول بأن القرآن كلام الله وتسكت، فلا تقول مخلوق أو غير مخلوق .

وما سبب وقوف بعض أهل الحديث؟
قالت طائفة من أهل الحديث بالوقف، ومنهم من دعا إلى القول بالوقف ، وهم ينكرون على من يقول: إنّ القرآن مخلوق، ولا يعتقدون أنّ كلام الله مخلوق.
واحتجوا لذلك بأن: القول بخلق القرآن قول محدث، فنحن لا نقول إنّه مخلوق، ولا نقول إنّه غير مخلوق، بل نبقى على ما كان عليه السلف قبل إحداث القول بخلق القرآن؛ فنقول: القرآن كلام الله ، ونسكت.
وذلك ظنا منهم أنّ الكلام في هذه المسألة كلَّه من الخوض المنهي، وليس الأمر كما ظنّوا ، لأنّهم بقولهم هذا يوطّؤون الطريق لأصحاب الأهواء، ويشكّكون العامّة في كلام الله، وإذا أثيرت الشبهة وعمّت الفتنة وجب التصريح بالبيان الذي يزيل الشبهة ويكشف اللبس
وإنما كان يسعهم السكوت قبل ظهورالمحنة والقول بخلق القرآن ،أما بعد ظهور المحنة فلابد من بيان الأمر، كما قال الامام أحمد لما سئل عن ذلك : قال أبو داوود: سمعتُ أحمد يُسأل: هل لهم رخصة أن يقول الرجل: القرآن كلام الله، ثم يسكت؟ فقال: ولم يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأي شيء لا يتكلمون؟)
وكان الإمام أحمد شديداً على من يقول بالوقف من المحدّثين، ويأمر بهجرهم.


س5: سبب محنة الإمام البخاري رحمه الله: هى فتنة اللفظية الذين قالوا : لفظنا بالقرآن مخلوق .
وكان قد رأى ما نال الإمام أحمد في مسألة اللفظ وهو ببغداد فجعل على نفسه أن لا يتكلم في هذه المسألة، ورأى أنها مسألة مشؤومة،ولهذا أخذ فى الانتقال من بلد لأخرى ، وقد أوذي البخاري رحمه الله في هذه المحنة كثيراً ؛ حتى كفّره بعضهم، وهو صابر محتسب ثابت على قول الحق؛ مجتنب للألفاظ الملتبسة.

وأما موقفه من مسألة اللفظ: فكان يقول أفعال العباد مخلوقة ،أما القرآن كلام الله غير مخلوق.
وكان موقفه كموقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم ، فقد منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق
واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن، وقد جرى من المحنة في القول بخلق القرآن ما جرى فكانوا شديدي الحذر من حيل الجهمية وتلبيسهم ، وبيّنوا أنّ أفعال العباد مخلوقة.
قال البخاري في كتاب خلق أفعال العباد: (حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق، قال الله عز وجل: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم)).
وقال البخاري أيضاً: (جميع القرآن هو قوله [تعالى]، والقول صفة القائل موصوف به فالقرآن قول الله عز وجل، والقراءة والكتابة والحفظ للقرآن هو فعل الخلق لقوله: {فاقرءوا ما تيسر منه} والقراءة فعل الخلق.)

حليمة محمد أحمد 2 جمادى الآخرة 1437هـ/11-03-2016م 01:33 PM

أجوبة المجلس التاسع
 
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى .
وبعد : فهذه أجوبة المجموعة الثانية من المجلس التاسع:

س1: بم يتحقق الإيمان بالقرآن؟
يتحقق بعدة أمور هي :
أولًا : الاعتقاد:
- بأن يصدق أنه كلام الله حقيقة، تكلم به بحرف وصوت، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود ، محفوظ بأمره لا اختلاف فيه ولاعوج.
- والتصديق بأن خبره صدق وحكمه عدل.
ثانيًا : القول:
بأن - يقول قولًا يوافق اعتقاده في القرءان الكريم.
- ويتلوه تصديقا بذلك وتعبدا لله بتلاوته.
ثالثًا:العمل:
أي اتباع هداه، بامتثال أمره واجتناب نهيه.
والقائم بهذه الثلاث هو المؤمن بالقرءان الموعود بالفضل والجزاء الوفير.
كما قال الله جل وعز:( إن هذا القرءان يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم فضلًا كبيرًا)

س2: بيّن فضل الإيمان بالقرآن.
للإيمان بالقرءان الكريم فضائل كثيرة، وحظ العبد منها موقوفٌ على قدر إيمانه بالقرءان:
- من أعظمها وأجلها أنه يعرف العبد بربه، ويدله على سبيله، ويبصره بحكمته في خلقه وشرعه، ويبين طريق الفوز بمحبته والنجاة من سخطه.
- يهديه للتي هي أقوم وأصلح في جميع شأنه.
- الإيمان بالقرءان يدفع العبد إلى كثرة التعبد بتلاوته ، وهذا مما يورث العبد اليقين ويحصنه ويحميه من حبائل الشيطان وطرائقه، ويلقي عليه بظلال السكينة والطمأنينة قال تعالى:(ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
- أنه شرط للانتفاع بالقرءان؛ لأن الله تعالى يقول: (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى..)وقال: ( وننزل من القرءان ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا)

س3: بيّن الفرق بين قول المعتزلة وقول الأشاعرة في القرآن.
التفريق بين قول المعتزلة والأشاعرة في القرءان كالتالي:
المعتزلة :
من جهة النسبة : القرءان ليس كلام الله.
من جهة الخلق : مخلوق ,
البيان: مخلوق منفصل عن الله تعالى يخلقه في بعض الأجسام ليسمعه من يشاء من خلقه .
الأشاعرة:
من جهة النسبة: القرءان كلام الله:
من جهة الخلق : ليس بمخلوق.
البيان:هو المعنى النفسي القائم بالله – ليس بحرف ولا صوت -عبر عنه جبريل بعبارته.

وكلاهما قول باطل مردود، دلت النصوص على خلافه قال الله جل وعلا: (وإذ نادى ربك موسى ) والنداء لا يكون إلا بصوت يسمع، و لأن الله تعالى قد أثبت لنفسه كلامًا حقيقًا، فقال : ( وكلم الله موسى تكليمًا) وبما أن الكلام صفة لذاته غير المخلوقة فهو إذن – أي الكلام - غير مخلوق؛ لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات .

س4: بيّن خطر فتنة اللفظية.
يكمن خطر هذه اللفظة في كونها نها حمالة وجوه، فهي لفظة مجملة يلتبس فيها الحق بالباطل، ولا يعلم المراد منها إلا بعد الاستفصال ؛ ولذلك فقد منع الإئمة الكبار من القول بها وبما يماثلها من الألفاظ المجملة يقول شيخ الإسلام:" (الأئمة الكبار كانوا يمنعون من إطلاق الألفاظ المبتدعة المجملة المشتبهة، لما فيه من لبس الحق بالباطل، مع ما توقعه من الاشتباه والاختلاف والفتنة، بخلاف الألفاظ المأثورة والألفاظ التي بينت معانيها، فإن ما كان مأثوراً حصلت له الألفة، وما كان معروفا حصلت به المعرفة" أ.هـ
أيضًا خطورتها في أنها أتت بعد القول بخلق القرءان حيث وافقت حيرة وتشوفًا وحاجة من الناس إلى البيان فزادتهم التباسًا واضطرابًا وفتنة .

س5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟
سبب شهرته أنه نقل عنه القولان: موافقة السلف، وموافقة المعتزلة . ونقلت عنه الأقوال في المذهبين، فقد بقي على مذهب الاعتزال أربعين سنة ، حيث تبحر في علم الكلام وبرع فيه حتى عدوه من أئمته إلى أن أعلن انتقاله عنه على منبر جامع البصرة وبين التزامه بمذهب أهل السنة ، وانتصاره لأقوالهم. وألف في ذلك كتابه الإبانة .
ومن أسباب شهرته أيضًا أنه أحدث أقوالاً في مسائل الدين وأصوله لم تكن تعرف من قبل. كمقالته المحدثة في القرءان بأنه عبارة عن كلام لله .
أما الموقف منه عند أهل السنة فمختلف :
- فمنهم من قال : إنه رجع رجوعاً صحيحاً إلى مذهب أهل السنة.
- ومنهم من ذهب إلى أنّ رجوعه كان رجوعاً مجملاً لم يظهر فيه خلوًا كاملًا من الأخطاء في بعض التفاصيل في مسائل الاعتقاد.

منى عبدالله حسن بن حسن 2 جمادى الآخرة 1437هـ/11-03-2016م 08:42 PM

المجموعة الأولى:
س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
مسائل الإيمان بالقرآن نوعين
النوع الأول: مسائل اعتقادية.
النوع الثاني: المسائل السلوكية (المتعلقة بالإيمان بالقرآن)
[color="rgb(46, 139, 87)"]س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى[/color]
أن نعتقد أن كلام الله تعالى صفة من صفاته ولم يزل متكلّما كيف شاء , بما شاء وكلام الله تعالى لا يشبه كلام المخلوقين، وكلماته لا يحيط بها أحد من خلقه، ولا تنفد ولا تنقضي
[color="rgb(46, 139, 87)"]س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.[/color]
أوّل من أحدث بدعة القول بخلق القرآن هو الجعد بن درهم قال أبو القاسم اللالكائي: (لا خلاف بين الأمّة أنّ أوّل من قال: القرآن مخلوقٌ جعد بن درهم).
ثم أخذ هذه المقالة: الجهم بن صفوان، واشتهرت عنه، ولم يكن له أتباع لهم شأن في زمانه، وإنما بقيت مقالاته حتى تلقّفها بعض أهل الكلام ففتحوا بها على الأمّة أبواباً من الفتن العظيمة، ولم يكن الجهمُ من أهل العلم ، ولم تكن له عناية بالأحاديث والآثار، وإنما كان رجلاً قد أوتي ذكاء ولساناً بارعاً ، وجدلاً ومراءً، وكان كاتباً لبعض الأمراء في عصره؛ فانتشرت مقالاته، وكان من أعظم ما أدخله على الأمّة (القول بخلق القرآن) وقد كفّره العلماء في عصره؛ فقتله الأمير سلم بن الأحوز المازني سنة 128هـ. .
ثم ظهر بعدهما بمدّة بشر بن غياث المريسي، وكان في أوّل أمره مشتغلا بالفقه حتى عدّه بعضهم من كبار الفقهاء؛ لكنّه أقبل على علم الكلام، وافتتن به، وكان خطيباً مفوَّها، ومجادلاً مشاغباً.
وكان متخفياً في زمان هارون الرشيد لما بلغه وعيده بقتله؛ ثم أظهر مقالته ودعا إلى ضلالته بعد موت الرشيد سنة 193هـ.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: «لو أن جهميا بيني وبينه قرابة ما استحللت من ميراثه شيئا» ذكره البخاري في كتاب خلق أفعال العباد.
وقال أيضاً: «من زعم إن الله لم يكلم موسى فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل».
فكان تحذير أئمة أهل السنة من بشر المريسي وأصحابه ظاهراً مستفيضاً؛ حتى حذرهم طلاب العلم. لكنّهم تسللوا إلى الحكّام والولاة بما لهم من العناية بالكتابة والأدب، والتفنن في صياغة المكاتبات.
[color="rgb(46, 139, 87)"]س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ[/color]
. الموقف الأول: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ، وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف.
وقد فرحوا بهذه المقالة؛ لأنها أخف شناعة عليهم عند العامّة، ولأنّها أقرب إلى قبول الناس لها؛ فإذا قبلوها كانوا أقرب إلى قبول التصريح بخلق القرآن.
وهؤلاء كانوا من أكثر من أشاع مسألة اللفظ؛ وكثرت الروايات عن الإمام أحمد في التحذير من اللفظية وتسميتهم بالجهمية؛ يقصد بهم من يقول بخلق القرآن، ويتستّر باللفظ.
الموقف الثاني: موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية،قالوا: إن القرآن كلام الله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق.
الموقف الثالث: موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري (ت:270هـ) وهو من أصحاب حسين الكرابيسي، قال: (أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق).
قال الذهبي: (هذه التفرقة والتفصيل ما قالها أحد قبله فيما علمت).وقد واشتهر عنه أنه قال: (القرآن مُحدث) وكلمة الإحداث عند المعتزلة تعني الخلق؛ لأنّ المحدث هو ما كان بعد أن لم يكن؛ ويقولون بأن كلّ ما كان بعد أن لم يكن فهومخلوق.ولذلك نفوا صفة الكلام عن الله جل وعلا
الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة.
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.
واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن.
الموقف الخامس: موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ، وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة, وممن نُسب إليه التصريح بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق: محمد بن يحيى الذهلي شيخ البخاري وقاضي نيسابور في زمانه، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن داوود المصيصي قاضي أهل الثغر وهو شيخ أبي داوود السجستاني صاحب السنن، وابن منده ، وأبو نصر السجزي، وأبو إسماعيل الأنصاري، وأبو العلاء الهمذاني.
[color="rgb(46, 139, 87)"]س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟ [/color]
كان أئمة أهل السنة يردّون على المعتزلة وغيرهم بالكتاب والسنة، ولا يتعاطون علم الكلام في الرد عليهم، ولا يتشاغلون به؛ فسلموا بذلك من فتن كثيرة. ثم أتى أقوام يستعملون الطرق الكلامية في الرد على المعتزلة فوقعوا في بدع أخرى ، وخرجوا بأقوال محدثة مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة.
ومن هؤلادء (أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري) وبطريقته خرج ابن كلاب بقول محدث في القرآن، وهو أنّه القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالله تعالى، وأنّه ليس بحرف ولا صوت، ولا يتجزأ ولا يتباعض، ولا يتفاضل إلى آخر ما قال.
فأحدث ابن كلاب القول بأنه كلام قائم بذات الرب بلا قدرة ولا مشيئة. فهذا لم يكن يتصوره عاقل، ولا خطر ببال الجمهور، حتى أحدث القول به ابن كلاب وظنّ بعض الجهلة أن ابن كُلاب قد انتصر لأهل السنة لمّا بيّن بعض باطل المعتزلة وتناقضهم
وقد أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وما أحدث من الأقوال، وحذّروا منه ومن طريقته.

رقية عبدالله 2 جمادى الآخرة 1437هـ/11-03-2016م 09:34 PM

اجابة السؤال الأول :
أنواع مسائل الإيمان بالقرآن :
1- مسائل اعتقادية تعنى بجانب العقيدة وهي نوعان أحكام وآداب
2- مسائل سلوكية في الجانب الاعتقادي للقرآن .
ج2\
عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام : انها صفة لازمة لذات الله وانه لم يزل متكلم بها متى يشاء بصوت وحروف كما يليق بجلاله .
ج3/
اول من احدث القول بأن القرآن مخلوق هو الجعد بن درهم وقد قتله امير العراق خالد القسري ، ثم إخذ هذه المقالة الجهم بن صفوان واشتهرت عنه ؛وقد ادخل على الامة القول بنفي الصفات وانكار العلو لله وقتل .
أتى بعدهما بشر المريسي وكان متخفيا ً ايام هارون الرشيد ثم ظهر بعد ذلك لان الخليفة كان يتوعد بقتله لانه قال بخلق القرآن .
ج4/
1 - موقف الجهمية المتسترة باللفظ وهم الذين يقولون بخلق القرآن ويتسترون باللفظ .وهؤلاء فرحوا بهذه المقالة لانها اقرب لتقبل الناس لها .وهم اكثر من أشاع هذه المسألة وكان الإمام احمد يحذر منهم .
2- موقف طائفة تأثرت بعلم الكلام وببعض قول الجهمية وعلى رأسهم رجل يقال له الشراك قال: القرآن كلام الله فإذا تلفظنا به صار مخلوق . ذكر الامام احمد ان هذا القول بدعة .
3- موقف داود الظاهري (أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق).
‎قال الذهبي: (هذه التفرقة والتفصيل ما قالها أحد قبله فيما علمت).
‎واشتهر عنه أنه قال: (القرآن مُحدث) وكلمة الإحداث عند المعتزلة تعني الخلق؛ لأنّ المحدث هو ما كان بعد أن لم يكن.
ج5/
سبب بدعة ابن كلاب انه اراد الرد على المعتزلة عن طريق مذهبهم الكلامي وقد نجح في افحام كبراءهم ولكن على غير طريقة اهل السنة ولهذا ضل .
موقف اهل السنة والجماعة :
‎قال الإمام أحمد: (لا تجالس صاحب كلام وإن
‎ذب عن السنة فإنه لا يؤول أمره إلى خير
فقد أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وما أحدث من الأقوال، وحذّروا منه ومن طريقته.
‎قال ابن خزيمة: (كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث

محمد عبد الرازق جمعة 3 جمادى الآخرة 1437هـ/12-03-2016م 11:44 AM

المجلس التاسع: مجلس مذاكرة دورة مسائل الإيمان بالقرآن
 
مجلس مذاكرة مسائل الإيمان بالقرآن
المجموعة الأولى:
س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
مسائل الإيمان بالقرآن على نوعين:
النوع الأول: مسائل اعتقادية المتعلقة بالإيمان بالقرآن:
وهي المسائل التي تبحث في كتب الاعتقاد وتعنى بما يجب اعتقاده في القرآن
ومسائل الإعتقاد يمكن تقسيمها إلى قسمين: أحكام وآداب
والمقصود بالأحكام هنا الأحكام العقدية المتعلقة بالقرآن
والآداب تشمل آداب بحث مسائل الاعتقاد المتعلقة بالقرآن
وطلاب علم التفسير يحتاجون في مسائل الاعتقاد في القرآن إلى ثلاثة أمور:
1. معرفة القول الحق في مسائل الاعتقاد في القرآن بما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة رحمهم الله
2. تقرير الاستدلال لهذه المسائل
3. معرفة أقوال المخالفين لأهل السنة في مسائل الاعتقاد في القرآن ويعرف حجج أهل السنة في الردّ عليهم
النوع الثاني: المسائل السلوكية المتعلقة بالإيمان بالقرآن:
وهي المسائل التي يُعنى فيها بالتالى:
الانتفاع بمواعظ القرآن
حسن الاستجابة لله تعالى
الاهتداء بما بين الله عز وجل في القرآن من الهدى
عقل أمثاله والتبصّر بها والتذكر والتفكر فيها
التدبر وفعل ما أرشد الله إليه واجتناب ما نهى الله عنه.
وعلم السلوك يعنى بأصلين مهمين:
الأصل الأول: البصائر والبينات وهى قائمة على العلم وتثمر اليقين قال الله تعالى: (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ)
والأصل الثاني: وهو اتباع الهدى وهو قائم على الإرادة والعزيمة ومثمر للاستقامة والتقوى ويعنى بالجانب العملي وهو الطاعة والامتثال فيأتي ما يؤمر به ويجتنب ما ينهى عنه ويفعل ما يوعظ به.
قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)

س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى.
حاصل قول أهل السنّة والجماعة في القرآن:
1. أن القرآن كلام الله تعالى حقيقة لا كلام غيره.
2. منه بدأ وإليه يعود ومعنى قولهم: (منه بدأ) أي نزل من الله ومعنى قولهم: (وإليه يعود) إشارة إلى رفعه في آخر الزمان.
3. وأنّ القرآن حروفه ومعانيه من الله تعالى.
4. وأن القرآن ليس بمخلوق لأنه كلام الله.
5. وأن من زعم أنّ القرآن مخلوق فهو كافر.
6. وأنّ جبريل سمع القرآن من الله تعالى وأن النبي صلّى الله عليه وسلم سمعه من جبريل والصحابة سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نقل إلينا متواتراً.
7. وأنّ هذا الذي بين الدفتين –في المصاحف- هو القرآن محفوظ في السطور وفي الصدور.
8. وأنّ كل حرف منه قد تكلّم الله به حقيقة.
9. وأنه بلسان عربي مبين تكلم الله به باللسان العربي.
10. وأنّ من ادّعى وجود قرآن غيره فهو كافر بالله تعالى.

س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.
أوّل من أحدث بدعة القول بخلق القرآن هو الجعد بن درهم وقد ضحى به أمير العراق في زمانه خالد بن عبد الله القسري عام 124 هــ.
ثم أخذ هذه المقالة:الجهم بن صفوان واشتهرت عنه وقد كفّره العلماء في عصره فقتله الأمير سلم بن الأحوز المازني سنة 128هـ.
ثم ظهر بعدهما بمدّة بشر بن غياث المريسي وكان في أوّل أمره مشتغلا بالفقه حتى عدّه بعضهم من كبار الفقهاء
فكان تحذير أئمة أهل السنة من بشر المريسي وأصحابه ظاهراً مستفيضاً حتى حذرهم طلاب العلم.
لكنّهم تسللوا إلى الحكّام والولاة بما لهم من العناية بالكتابة والأدب والتفنن في صياغة المكاتبات.

س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.
اختلاف المواقف من مسألة اللفظ:
الموقف الأول: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ وهم الذين يقولون بخلق القرآن ويتستَّرون باللفظ وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف.
وقال أيضاً: سمعت أبي يقول: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو كافر.
وقال: " هذا هو قول جهمٍ وعظّم الأمر عنده في هذا وقال: قال اللّه عزّ وجلّ (وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه) وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: حتّى أبلّغ كلام ربّي وقال صلّى اللّه عليه وسلّم:إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام النّاس فمن قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ فهو جهميٌّ "

الموقف الثاني: موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية وعلى رأس هؤلاء رجل من أهل الشام يقال له: الشرّاك قال: إن القرآن كلام الله فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق.
قال أبو طالبٍ للإمام أحمد: كُتب إليّ من طرسوس أنّ الشّرّاك يزعم أنّ القرآن كلام اللّه فإذا تلوته فتلاوته مخلوقةٌ.
قال: قاتله اللّه هذا كلام جهمٍ بعينه.

الموقف الثالث: موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري (ت:270هـ) رأس أهل الظاهر وإمامهم
وهو من أصحاب حسين الكرابيسي وعنه أخذ مقالته في اللفظ لكنّه تأوّلها على مذهبه في القرآن فإنّ له قولاً في القرآن لم يسبق إليه: قال: أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق.
قال الذهبي: هذه التفرقة والتفصيل ما قالها أحد قبله فيما علمت.
داوود بن علي الظاهري كان مما تكلّم باللفظ لكنّه تأوّله على مذهبه في القرآن.
فهجره الإمام أحمد وأمر بهجره.

الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة.
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.
واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن وقد جرى من المحنة في القول بخلق القرآن ما جرى فكانوا شديدي الحذر من حيل الجهمية وتلبيسهم.
وبيّنوا أنّ أفعال العباد مخلوقة.
وقال أبو إسحاق الهاشميّ: سألت أبا عبد اللّه أحمد بن حنبلٍ فقلت: إذا قالوا لنا: القرآن بألفاظنا مخلوقٌ نقول لهم: ليس هو بمخلوقٍ بألفاظنا أو نسكت؟
فقال: " اسمع ما أقول لك: القرآن في جميع الوجوه ليس بمخلوقٍ ".
ثمّ قال أبو عبد اللّه: جبريل حين قاله للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان منه مخلوقًا؟ والنّبيّ حين قاله كان منه مخلوقًا؟ هذا من أخبث قولٍ وأشرّه ثمّ قال أبو عبد اللّه: بلغني عن جهمٍ أنّه قال بهذا في بدء أمره.

الموقف الخامس: موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة.
وحصل في الأمر التباس عليهم حتى إنّ منهم من نسب ذلك إلى الإمام أحمد كما تقدّم عن أبي طالب وأنّ الإمام أحمد أنكر عليه وتغيّظ عليه وأنّه رجع عن ذلك لكن بقي على ذلك بعض أصحاب الإمام أحمد ثم قال بهذا القول بعض أتباعهم.
وقد ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية.
وهؤلاء:
· يقولون إن القرآن غير مخلوق.
· وإن أفعال العباد مخلوقة.
لكنّهم أخطؤوا في إطلاق القول بأن اللفظ بالقرآن غير مخلوق.
وظنوا أنّهم بقولهم: (ألفاظنا بالقرآن غير مخلوقة) يقطعون الطريق على الجهمية الذين يريدون التحيّل باللفظ للقول بخلق القرآن.

س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟

سبب ظهور بدعة ابن كلاب:
أراد ابن كُلاب أن يرد على المعتزلة وينتصر لأهل السنة لكنه سلك طريقة فاسدة في الانتصار وإثبات أن القرآن غير مخلوق فقاده ذلك إلى الخروج بقول ليس هو قول المعتزلة ولا قول أهل السنة فخرج بقول مخلوط بينهما فيه باطل وتعارض فزعم أن الكلام الذي يتلى هو حكاية عن كلام الله وكلام الله معنى نفسي ليس فيه حروف ولا أصوات وأن جبريل يحكي ما نفس الله تعالى ويسمعه النبي صلى الله عليه وسلم ولا شك أن هذا القول ضلال وقول باطل.
موقف أئمة أهل السنة منه:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولا يجوز إطلاق القول: بأنه حكاية عن كلام الله أو عبارة عنه).
بل إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله حقيقة فإن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئاً لا إلى من قاله مبلغا مؤديا.وهو كلام الله حروفه ومعانيه ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف)

عبيد خميس عبيد 3 جمادى الآخرة 1437هـ/12-03-2016م 01:18 PM

لمجموعة الأولى:
س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
النوع الاول مسائل الاعتقاديه :هي المسائل التي تبحث في كتب الاعتقاد أن القرآن كلام الله منزل على رسوله عن طريق الوحي،و نحل ما أحله الله في كتابه و نحرم ما حرمه ونرد متشابه الى محكمه
النوع الثاني مسائل السلوكيه :وهي المسائل التي يُعنى فيها بالانتفاع بمواعظ القرآن وحسن الاستجابة لله تعالى والاهتداء بما بين الله عز وجل في القرآن من الهدى، وعقل أمثاله، والتبصّر بها والتذكر، والتفكر فيها والتدبر، وفعل ما أرشد الله إليه، واجتناب ما نهى الله عنه.

س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (قال أئمة السنة: لم يزل الله متكلماً كيف شاء وبما شاء) انتهى كلامه رحمه الله.
وكلامه تعالى لا يشبه كلام المخلوقين، وكلماته لا يحيط بها أحد من خلقه، ولا تنفد ولا تنقضي ؛كما قال الله تعالى: { قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)}
وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)}
وصفة الكلام –لله تعالى- صفة ذاتية باعتبار نوعها، وصفة فعلية باعتبار آحاد كلامه جلّ وعلا.
و في الحديث حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: « إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان، فيخرون سجدا، ثم يرفعون رؤوسهم فيقولون: {ماذا قال ربكم}؟ فيقال: قال {الحق وهو العلي الكبير} » وهذا الحديث علقه البخاري في صحيحه، ووصله في كتاب خلق أفعال العباد، ورواه أيضاً أبو داوود وأبو سعيد الدارمي ومحمد بن نصر المروزي وغيرهم بإسناد صحيح.
س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.


نشأة القول بخلق القرآن:
أوّل من أحدث بدعة القول بخلق القرآن هو الجعد بن درهم، وقد قتله أمير العراق في زمانه خالد بن عبد الله القسري عام 124 هــ، يوم الأضحى.
قال أبو القاسم اللالكائي: (لا خلاف بين الأمّة أنّ أوّل من قال: القرآن مخلوقٌ جعد بن درهم).
ثم أخذ هذه المقالة: الجهم بن صفوان، واشتهرت عنه، ولم يكن له أتباع لهم شأن في زمانه، وإنما بقيت مقالاته حتى تلقّفها بعض أهل الكلام فطاروا بها وفتحوا بها على الأمّة أبواباً من الفتن العظيمة، ولم يكن الجهمُ من أهل العلم ، ولم تكن له عناية بالأحاديث والآثار، وإنما كان رجلاً قد أوتي ذكاء ولساناً بارعاً وتفننا في الكلام، وجدلاً ومراءً، وكان كاتباً لبعض الأمراء في عصره؛ فانتشرت مقالاته، وكان من أعظم ما أدخله على الأمّة إنكار الأسماء والصفات، وإنكار علوّ الله، والقول بخلق القرآن، والجبر، والإرجاء الغاليان، وقد كفّره العلماء في عصره؛ فقتله الأمير سلم بن الأحوز المازني سنة 128هـ.
قال بكير بن معروف: (رأيت سلم بن الأحوز حين ضرب عنق الجهم فاسودّ وجهه). رواه اللالكائي.
ثم ظهر بعدهما بمدّة بشر بن غياث المريسي، وكان في أوّل أمره مشتغلا بالفقه حتى عدّه بعضهم من كبار الفقهاء؛ أخذ عن القاضي أبي يوسف، وروى عن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة، وناظر الشافعيّ في مسائل، وكان مع أخذه عن هؤلاء العلماء يسيء الأدب ويشغّب، وأقبل على علم الكلام، وافتتن به، وكان خطيباً مفوَّها، ومجادلاً مشاغباً.
وقال الذهبي: (نظر في الكلام فغلب عليه، وانسلخ من الورع والتّقوى، وجرّد القول بخلق القرآن، ودعا إليه، حتّى كان عين الجهميّة في عصره وعالمهم، فمقته أهل العلم، وكفّره عدّةٌ، ولم يدرك جهمَ بن صفوان، بل تلقّف مقالاته من أتباعه
وذكر البخاري عن يزيد بن هارون الواسطي أنه قال: «لقد حرضت أهل بغداد على قتله جهدي، ولقد أُخبرت من كلامه بشيء مرة وجدت وجعه في صلبي بعد ثلاث».
س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.
اختلاف المواقف في مسألة اللفظ:
مسألة اللفظ أختلفت على مواقف على مر العصور و هي كالتالي على سبع مواقف :
الموقف الأول: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ، وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف.
الموقف الثاني: موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية، وعلى رأس هؤلاء رجل من أهل الشام يقال له: الشرّاك؛ قال: إن القرآن كلام الله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق.
لموقف الثالث: موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري (ت:270هـ) رأس أهل الظاهر وإمامهم، وكان رجلاً قد أوتي ذكاءً حادّاً وقوّة بيان وتصرّفاً في الاستدلال، وكان مولعاً بكتب الشافعيّ في أوّل عمره؛ معتنيا بجمع الأقوال ومعرفة الخلاف حتى حصّل علماً كثيراً، ثم ردّ القياس وادّعى الاستغناء عنه بالظاهر، وصنّف كتباً كثيرة.
قال أبو زرعة الرازي: ( لو اقتصر على ما يقتصر عليه أهل العلم لظننت أنه يكمد أهل البدع بما عنده من البيان والآلة، ولكنه تعدَّى).
وهو من أصحاب حسين الكرابيسي، وعنه أخذ مقالته في اللفظ، لكنّه تأوّلها على مذهبه في القرآن؛ فإنّ له قولاً في القرآن لم يسبق إليه: قال: (أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق).
الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة.
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.
واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن، وقد جرى من المحنة في القول بخلق القرآن ما جرى فكانوا شديدي الحذر من حيل الجهمية وتلبيسهم.

الموقف الخامس: موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق، وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة.
وقد ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية.
وهؤلاء :
1. يقولون إن القرآن غير مخلوق.
2. وإن أفعال العباد مخلوقة.
لكنّهم أخطؤوا في إطلاق القول بأن اللفظ بالقرآن غير مخلوق.
وظنوا أنّهم بقولهم: (ألفاظنا بالقرآن غير مخلوقة) يقطعون الطريق على الجهمية الذين يريدون التحيّل باللفظ للقول بخلق القرآن.
الموقف السادس: موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه ومن تأثر بطريقته كأبي بكر بن الطيب الباقلاني، والقاضي أبي يعلى.
وهؤلاء فهموا من مسألة اللفظ معنى آخر ؛ وقالوا إنّ الإمام أحمد إنما كره الكلام في اللفظ؛ لأنّ معنى اللفظ الطرح والرمي، وهذا غير لائق أن يقال في حق القرآن.
الموقف السابع: موقف طوائف زعمت أنّ ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة؛ وزعموا أن سماعهم لقراءة القارئ هي سماع مباشر من الله، وأنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ كما سمعه موسى بن عمران.
س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟
أن السبب أراد الرد على المعتزله والجهميه بحججهم المنطقيه و العقلانيه فأده ذلك الى أن وافقهم في بعض أصولهم الفاسده و من ذلك قوله المحدث الذي قاله بأن كلام قائم بذات الرب بلا قدرة ولا مشيئة. فهذا لم يكن يتصوره عاقل ذكره أبن تيميه عنه
و كان كوقف أهل السنه والجماعه أن حذروا على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وما أحدث من الأقوال، وحذّروا منه ومن طريقته.
قال ابن خزيمة: (كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره)
و كان إمام الأئمّة ابن خزيمة (ت:311هـ) من أشدّ العلماء على الكلابية، وأكثرهم تحذيراً منهم، وردّا عليهم.

زينب الجريدي 3 جمادى الآخرة 1437هـ/12-03-2016م 03:03 PM

المجموعة الأولى:
س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
تنقسم مسائل القرآن إلى نوعين:
مسائل اعتقادية و مسائل سلوكية.
1-مسائل اعتقادية و هي مسائل تعتني بعقيدة الإنسان تجاه القرآن و أصل ذلك الإيمان بأن القرآن كلام الله غير مخلوق أنزله الله على نبيه محمد ص الله عليه و سلم بواسطة امين الوحي جبريل..إل غير ذلك من المسا
ئل.
و تنقسم المسائل الاعتقادية بدورها إلى نوعين:أحكام و سلوك.
أ-أحكام: وهي الاحكام المتعلقة بالقول في القرآن من حيث الوجوب او الكفر او البدعة.
ب-آداب: وهي الآداب التي يجب أن يتحلى بها من يبحث في مسائل الإعتقاد المتعلقة بالقرآن مثل أن يقول بما جاء به القران و السنة، و أن يفهم القرآن كما فهمه السلف الصالح، و أن لا يتكلف ما لا يعرف... إلى غير ذلك من الآداب.

2/المسائل السلوكية: و هي المسائل التي تعتني بكيفية الإنتفاع بما جاء به القرآن من مواعظ و أحكام و آداب و قصص و غير ذلك.
و تبحث مسائل السلوك أصلين مهمين و هما:
-البصائر و البينات:هي المعارف و الحقائق و هي قائمة على العلم و تورث اليقين.
-اتباع الهدى وهي العمل بما جاء في القرآن وهو قائم على الإرادة و يورث التقوى.

س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى.
أن القرآن كلام الله حقيقة -حروفه و معانيه من الله-وهو ليس بمخلوق،منه جاء و اليه يعود، سمعه جبريل من الله تعالى و سمعه الرسول صلى الله عليه و سلم من جبريل عليه السلام و سمعه الصحابة من الرسول صلى الله عليه و سلم و نقل إلينا بالتواتر، و أن القران نزل بلسان عربي و هو محفوظ في الصدور و في السطور. و من غير هذا القول في القرآن فهو كافر.

س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.
أول من أحدث هذه الفتنة هو"الجعد بن درهم"،و قد قتله أمير العراق يوم الإضحى.
ثم أخذ مقالته "الجهم بن صفوان" و اشتهرت عنه بين المتكلمين، و لم يكن "الجهم "من أهل العلم بل كان رجلا ذا ذكاء وذا لسان بارع في الكلام و الجدال ،فقرب بذلك إلى السلطان و كان كاتبا عند بعض الأمراء، و انتشرت عنه مقالات بدعية و كفرية اخرى كإنكار الأسماء و الصفات، و مسائل في القدر الى غير ذلك من المسائل المحدثة، و كفره علماء عصره فقتله الأمير سلم بن الاحوز.
ثم ظهر "بشر بن غياث المريسي" و كان في اول أمره مشتغلا بالفقه الى أن أعده بعض أهل العلم من أكابر الفقهاء، لكنه أقبل على علم الكلام و افتتن به، فمقته أهل العلم و قالوا فيه كلاما كبيرا كثيرا و من قولهم ما رو
ي عن أحمد بن خالد الخلال: أنه قال: سمعت يزيد بن هارون وذَكَر أبا بكر الأصم، والمريسي فقال: «هما والله زنديقان كافران بالرحمن، حلال الدم».
و كان "بشر"متخفيا زمن الرشيد لما بلغه وعيده بقتله، ثم دعا إلىالضلالة بعد موته.

س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.
اختلفت المواقف كثيرا في مسألة اللفظ:
الموقف الأول: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن.
وقال عبّاسٌ الدّوريّ: كان أحمد بن حنبلٍ يقول: «الواقفة واللّفظيّة جهميّةٌ»

الموقف الثاني: موقف أهل الكلام المتأثر ببعض قول الجهمية ، وإمامهم رجل من أهل الشام يقال له: " الشرّاك"؛ قال: إن القرآن كلام الله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية.

الموقف الثالث: وهو موقف اهل الظاهر و امامهم " داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري "، وكان رجلاً قد أوتي ذكاءً حادّاً وقوّة بيان ذو علم كثير، ثم ردّ القياس وادّعى الاستغناء عنه بالظاهر، وصنّف كتباً كثيرة.
واشتهر عنه أنه قال: (القرآن مُحدث) وكلمة الإحداث عند المعتزلة تعني الخلق؛ لأنّ المحدث هو ما كان بعد أن لم يكن؛ ويقولون بأن كلّ ما كان بعد أن لم يكن فهو مخلوق.
ولمّا حدثت فتنة اللفظ كان ممن تكلّم بها داوود الظاهري؛ وقال: (لفظي بالقرآن مخلوق).
قال: محمد بن الحسين بن صبيح: سمعت داوود الأصبهاني يقول: القرآن مُحدَث، ولفظي بالقرآن مخلوق). رواه الخلال.
وقد أنكر عليه إسحاق بن راهويه، وشهد على داوود أنه قال: (القرآن محدث) بعض من حضره، فكتب قاضي نيسابور محمد بن يحيى الذهلي إلى الإمام أحمد ببغداد أنّ داوود بن علي قال: (القرآن محدث) فأمر الإمام أحمد بهجره ومجانبته.


الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة.
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً ؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.
واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية الوصول إلى القول بأن القرآن مخلوق.
وبيّنوا أنّ أفعال العباد مخلوقة.
قال إسحاق بن حنبلٍ: (من قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ، ومن زعم أنّ لفظه بالقرآن غير مخلوقٍ، فقد ابتدع، فقد نهى أبو عبد اللّه عن هذا، وغضب منه، وقال: (ما سمعت عالمًا قال هذا! أدركت العلماء مثل: هشيمٍ، وأبي بكر بن عيّاشٍ، وسفيان بن عيينة، فما سمعتهم قالوا هذا).
الموقف الخامس: موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق، وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة.
وحصل في الأمر التباس عليهم؛ حتى إنّ منهم من نسب ذلك إلى الإمام أحمد و هذا غير صحيح؛ لكن بقي على ذلك بعض أصحاب الإمام أحمد، ثم قال بهذا القول بعض أتباعهم.

الموقف السادس: موقف الأشاعرة و إمامهم أبو الحسن الأشعري.
وهؤلاء فهموا من مسألة اللفظ انه الطرح و الرمي ؛ وقالوا هذا سبب كراهة الإمام أحمد لها.
و الشاهد قول ابن تيمية: (والمنتصرون للسنة من أهل الكلام والفقه: كالأشعري والقاضي أبي بكر بن الطيب والقاضي أبي يعلى وغيرهم يوافقون أحمد على الإنكار على الطائفتين على من يقول: لفظي بالقرآن مخلوق وعلى من يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، ولكن يجعلون سبب الكراهة كون القرآن لا يلفظ؛ لأن اللفظ الطرح والرمي. ثم هؤلاء منهم من ينكر تكلم الله بالصوت. ومنهم من يقر بذلك).

الموقف السابع: موقف طوائف زعمت أنّ ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة؛ وزعموا أن سماعهم لقراءة القارئ هي سماع مباشر من الله، وأنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ كما سمعه موسى بن عمران.
واختلفوا في تفصيل ذلك على أقوال.
وقال أيضا: (فمن قال إن لفظه بالقرآن غير مخلوق أو صوته أو فعله أو شيئا من ذلك فهو مبتدع.

الموقف الثامن:طائفة زعمت أن كلام الله بعينه في المصحف؛

س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟
سبب ظهور بدعة بن كلاب هو خوضه في علم الكلام و إفتتانه به و موافقته لبعض أصول المعتزلة.
وأنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وحذّروا منه ومن طريقته.
و قال ابن خزيمة: (كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره).


عباز محمد 3 جمادى الآخرة 1437هـ/12-03-2016م 04:12 PM

بسم الله. جواب الطالب عباز محمد على المجموعة الرابعة:
الجواب الأول:
الاهتداء بالقرآن يكون بأربعة أمور: بتصديق أخباره، وعقل أمثاله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه.
1- تصديق الأخبار: قال الله تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فمن أصولِ الإيمان التّصديقُ بكلامِ الله تعالى و بأخباره من دون أيِّ شكّ، فأهلُ الإيمان هم أحقُّ النّاس بهداية الله عز وجل، ومن درس القرآن وتدبَّره لابدَّ أنْ يُوقنَ بأنَّه كلام الله الحقّ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا مِن خلفه، و هذا التَّصديق يُثمر له اليقين الّذي هو أجلُّ نعمة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سلوا الله العفو والعافية فإن الناس لم يعطوا بعد اليقين شيئاً خيراً من العافية»، فقدّم نعمة اليقينِ على نعمة العافية.
والتصديق بكلام الله يرفعُ صاحبه إلى درجةِ الإحسان، و يزيدهُ الله من فضله فيكفِّرُ عنه سيئاته، و ليس هذا فحسب بل إنَّ الله تعالى كافِيه؛ ومن كُفِيَ فقد هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيم، كما قال تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37)}.
2- عقل الأمثال: عقلُ الأمثال من أعظم أسباب الاهتداء بالقرآن، إذ إنَّ المثلَ يقرّبُ المراد، والفكرةَ التي يراد لها أن تغزوَ العقلَ والقلبَ بأسلوبٍ كأنَّه محسُوس، و يصوِّر الغائبَ كأنّه مشاهَد، قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}، فلم يقل سبحانه يفهمها بل يعقلها، فلن ينتفع بهذه الأمثال إلّا الذي عقلَ مُرادَ الله من ضرب المثل و اتَّبع الهدى الذي أرشد الله عز وجل به، قال الله تعالى: {واضرب لهم مثل الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين . ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض واتّبع هواه}. فالمراد كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى: (وقد أخبر اللّه سبحانه أنّه ضرب الأمثال لعباده في غير موضعٍ من كتابه، وأمر باستماع أمثاله، ودعا عباده إلى تعقّلها، والتّفكر فيها، والاعتبار بها، وهذا هو المقصود بها). وتنقسم الأمثال إلى قسمين:
- المثل الصريح : هو الظاهر والمصرح به بلفظ "المثل" مثل قوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا...} الآية.
- المثل الكامن: وهو الذي لا يَذكُرُ في النَّصِ لفظ المثل وإنما يُؤخذ من دلالة النص. كقوله تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
و الغاية من تنوُّع الأمثال بطرقٍ وأساليب عديدة هو تقريبُ الصُّورة وجلب الانتباه، فيتبيَّن للنّاس الحق الذي لا لبس فيه، فلا يبقى لأحدٍ حجَّةٌ في معرفة التوحيد وبطلان الشرك، ومعرفة الخير من الشرّ.
فضربُ الأمثالِ وسيلة للتذكُّر، والتذكُّر يؤدِّي إلى المعرفة، والمعرفةُ توصل إلى الله تعالى، فتُثمرُ في قلبه التصديق الحَسَن والخشية والإنابة والرغبة والرهبة واليقين؛ فتزْكُوا نفسُه و و يصلُح قلبُه.
3- فعل الأوامر واجتناب النواهي: و هذا الجانب له علاقة وطيدة بما سبق ذكره، فالتصديق بالأخبار و عقل الأمثال يورثُ صلاح القلب، و بصلاحه يصلح سائر الجسد، فينقاد العبد خاضعا مستسلمًا لطاعة ربه، و طاعتُه لربِّه تُثمِر له مزيد هداية فقد قال تعالى: { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ }. لذلك يَكثُرُ في القرآن اقتِران الإيمان بالعمل الصالح كما قال تعالى: {الذين آمنوا وعملوا الصالحات} الآية.
الجواب الثاني:
"القرآن كلام الله": كان هذا قول السَّلف قبل حدوث فتنة خلق القرآن؛ فلمّا وقعت فتنة القول بخلق القرآن وفُتِن فيها النّاس، وجَب التَّصريح بأنَّ القرآن كلام الله غير مخلوق.
قال ابن تيمية رحمه الله: (لم يَقُلْ أحدٌ مِن السَّلَفِ: إنَّ القرآنَ مخلوقٌ أو قديمٌ، بل الآثارُ متواتِرةٌ عنهم بأنَّهم يقولون: القرآنُ كلامُ اللَّهِ، ولمَّا ظَهَرَ مَن قال: إنَّه مخلوقٌ، قالوا رداًّ لكلامِه: إنَّه غيرُ مخلوقٍ).
الجواب الثالث:
ما ثبتَ في محنةِ القولِ بخلق القرآن إلاّ القليل، و من هؤلاء القلة الإمامُ أحمد، و هذا الأخير قد تَسلَّط عليه ثلاثة خلفاء بأنواعٍ من العذاب، وهو مع ذلك لا يُجيبهم إلى القولِ بأنَّ القرآن مخلوق، بل قد أظهر من كتابِ الله و سنّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قَمعَ به البدعة، ورَفضَ كلَّ المحاولات التي بذلها معهُ قرناؤه العلماء في إقناعه بقَبولِ التقيّة و الترخّصِ بعذْرِ الإكراه.
و سببُ رفضهِ أنَّه كان يرى نفسه بموضعِ القُدوة للنّاس، مسئولاً عن إخماد هذه الفتنة و الصُّمود أمامها مهما تكن العواقب، لاسيما أنَّه لم يبقَ أحدٌ سواهُ أمامها، ولو أَخذ بالتقية والرُّخصة لاستساغَ النّاس الرُّخصة ولضلّوا من وراءها، ولذلك كان الإمام أحمد هو إمام أهل السنة و جبل الحق يوم أن حكمت البدعة، وثباته بإذن الله عز وجل كان ثباتًا للدين والسنة.
الجواب الرابع:
الوقفُ في القرآن بأنْ يقولَ الإنسان: القرآن كلام الله ويقفْ، بدون أن يصرِّح بأنَّه مخلوق أو غير مخلوق.
و قد قال بالوقف بعض أهل الحديث الذين لا يقولون بخلق القرآن، و حُجَّتهم أنَّ زيادة القائل قول "غير مخلوق" هو أمرٌ محدث لم يُنقل عن السلف. وقد أخطؤوا في ذلك، لأنّهم كانوا عوناً للواقفة من الجهمية والشاكّة على التشكيك في كلام الله و اغترار العوام بهم.
الجواب الخامس:
سبب محنة الإمام البخاري الغيرة والحسد بين الأقران. وهذه هي فصول المحنة:
لمّا قَدُمَ البخاريُ إلى نيسابور اجتمع النَّاس عليه، فحسدهُ بعض مشايخها لمّا رأوا احتِفاءَ الناس به، فأثاروا حوله الشائعات ورمَوْهُ بتهمةٍ هو بريءٌ منها؛هذه التهمة هي تهمة اللفظية، وهي تعني قوْلَ القائل: أنّ لفظي بالقرآن مخلوق، فامتحنوه و سُئل في الأمر، فقال:القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، والامتحان بدعة، فشغب عليه الناس وتفرقوا عنه و اعتزلوه، فاضطر البخاري إلى لزوم بيته.
وكان البخاري يؤكد دائما أنّه لم يقل إنّ لفظه بالقرآن مخلوق، وقد بيّن الحقَّ في هذه المسألة في كتابه "خلق أفعال العباد" بياناً شافياً. وعندما سأله الحافظ أبو عمرو الخفاق عن هذه المسألة أجابه قائلا: يا أبا عمرو احفظ ما أقول لك: (من زعم من أهل نيسابور وقوس والري وهمذان وحلوان وبغداد والكوفة والبصرة ومكة والمدينة أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذَّاب فإنِّي لم أقله، إلا إني قلت: أفعال العباد مخلوقة).
و كما قال الذهبي رحمه الله: (كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به لاسيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد وما ينجو منه إلا من عصم الله، وما علمت أن عصرًا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين).

عبدالكريم العتيبي 3 جمادى الآخرة 1437هـ/12-03-2016م 04:55 PM

المجموعة الثانية:
س1: بم يتحققالإيمان بالقرآن؟
الايمان بالقرآن يكون بالاعتقاد والقول والعمل، فمن جمع هذه الثلاث يكون مؤمناً بالقرآن.
· فالإيمان الاعتقادي بالقران: يكون بالتصديق بأنه كلام الله سبحانه أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وانه حق وانه محفوظ الى ان ياتي امر الله، وانه لا يستطيع البشر ان يأتوا بمثله، وأن يصدق بكل ما أخبر الله به في القران، وان يمتثل لما أمر الله به في كتابه وان يجتنب ما نهى عنه ايمانا وتصديقاً.
· والايمان القولي: هو ان يقول ما يدل على انه مؤمن ومصدق بانه كتاب الله الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك تلاوته تعبدا لله.
· والايمان العملي: أن تكون أعماله شاهدة على ايمانه بالقران وذلك عن طريق اتباع اوامر الله واجتناب ما نهى عنه في كتابه العزيز.

س2: بيّن فضلالإيمان بالقرآن.
فضائل الإيمان بالقرآن عظيمة، ولهذا الإيمان أثر عظيم على النفس المؤمنة، وكلما زاد هذا الايمان زاد الانتفاع وكثرت البركات وزاد نصيبه مما في القرآن من الرحمات والبشارات والهدايات، لأنه كلما زاد ايمانه بالقرآن زادت تلاوته وتأثره بما فيه من الايات والذكر فيزاد تدبراً لما فيه من الأمثال والمواعظ والهدايات والحكمة والنور فالطريق الى الله بالنسبة اليه شديد الوضوح وليس للشيطان عليه سبيل، فهو في حفظ الله بسبب كثرة تلاوته للقرآن، فتجد قلبه عامرا بالإيمان، وتتنزل عليه السكينة والطمأنينة، وأصبحت نفسه زكية بسبب كثرة ذكره لله.

س3: بيّن الفرق بينقول المعتزلة وقول الأشاعرة في القرآن.
- المعتزلة يقولون إن القرآن كلام الله ولكنه مخلوق.
- وأما الأشاعرة يقولون ان القرآن غير مخلوق، وانه ليس كلام الله حقيقة، انما هو عبارة عبر بها جبريل عن المعنى النفسي القائم بالله تعالى.
وكلا القولين باطل وضلال مبين، بل هو كلام الله سمعه من جبريل، وسمعه محمد صلى الله عليه وسلم من جبريل، وسمعه الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم.

س4: بيّن خطر فتنة اللفظية.
يكمن خطر فتنة اللفظية أنها أقرب لقبول الناس لها، فإذا قبلوها أصبح من السهل جداً لقبولهم التصريح بالقول بخلق القرآن، وهذا هو سر فرح الجهمية المستترين باللفظ لأنها وبسبب خفة شناعتها سوف تختصر لهم الطريق لاقناع الناس بخلق القران. ولذلك اجتهد الامام احمد في التحذير منهم وسماهم بالجهمية لبيان امرهم وكشف خطرهم ليحذر الناس منهم.

س5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟
بعد اعلان أبي الحسن الأشعري توبته عن الاعتزال في جامع البصرة، وعزمه على الانتصار للسنة والرد على المعتزلة، أعجبته طريقة ابن كلاب لقربها من فهمه وادراكه لانه كان متبحرا في علم الكلام، فانتهج طريقته واستدرك عليها وزاد فيها، واجتهد في مناظرة المعتزلة والرد عليهم حتى اشتهر بسبب افحامه لكبرائهم بالطرق الكلامية والحجج العقلية المنطقية.
وعلماء السنة يرون انه وبالرغم من رجوعه عن الاعتزال حتى اصبح اقرب للسنة من المعتزلة، إلا انه خالف اهل السنة وطريقتهم وانه احدث اقوالاً في مسائل الدين لم يسبقه اليها احد.
وفي آخر حياته رجع عن الطريقة الكلامية والتزم قول اهل الحديث والف كتابه " الإبانة " بين فيه عقيدته بما يخالف ابن كلاب في مسائل الصفات والكلام والقرآن، وأخطأ في مسائل أخرى خالف فيها اهل السنة. ولذلك اختلف العلماء في شأنه، فمنهم من قال انه رجع رجوعا صحيحا، ومنهم من قال ان رجوعه ليس بكامل لما فيه من اخطاء في بعض مسائل الاعتقاد.



فداء حسين 3 جمادى الآخرة 1437هـ/12-03-2016م 05:42 PM

المجموعة الأولى:
س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
مسائل الإيمان بالقرآن الكريم، تنقسم إلى قسمين:
مسائل إعتقادية.
مسائل سلوكية.
أما المسائل الإعتقادية ، فهي أهم ما يجب إعتقاده في هذا الباب، وأهمها إن القرآن كلام الله، تكلم به سبحانه بحرف وصوت، وسمعه منه جبريل عليه السلام، و أنزله على نبيه محمد، صلى الله عليه وسلم، غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وهو آخر الكتب المنزلة من عند الله، ومهيمنا على ما نزل قبله من الكتب، أنزله الله لهداية الناس ولإخراجهم من الظلمات إلى النور.
كما يجب الإيمان بما أخبر الله به عن القرآ، وأخبر به نبيه عليه الصلاة والسلام،.
وإذا لزم الإيمان به، لزم العمل بما فيه، فيحل حلاله ويحرم حرامه، ويعمل بالمحكم، ويرد المتشابه إلى المحكم، ولا يضرب كتاب الله بعضه ببعضا.
وهذه المسائل تقع تحت أحد قسمي المسائل المتعلقة بالإيمان بالقرآن في أبواب الإعتقاد، فهي إما أحكام أو آداب.
ويحتاج طالب العلم، خاصة علم التفسير، إلى ثلاثة أمور:
1-معرفة عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن.
2- معرفة الأدلة على هذا القول، لتقوى بها حجته.
3- معرفة أقوال المخالفين، ليتمكن من تصور شبهاتهم ومنشأها، وكيفية الرد عليها.

النوع الثاني من المسائل المتعلقة بالإيمان بالقرآن، المسائل السلوكية:
ويندرج تحتها الإهتمام بما في القرآن من مواعظ، وعقل أمثاله، والأستجابة والأهتداء والتعقل والتفكر والتدبر، والعمل بأوامره واجتناب نواهيه.
فعلم السلوك يعنى بأصلين مهمين:
الأول: البصائر والبينات، قال تعالى:(هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون).
الثاني: يعنى بالجانب العملي، وهو اتباع الهدى ، ويقوم على الإرادة ويثمر التقوى والإستقامة.

س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى.
عقيدة أهل السنة والجماعة في كلام الله، إنه سبحانه وتعالى يتكلم بصوت وحرف كما يليق به سبحانه، يسمعه من يشاء، وقد كلم آدم عليه السلام، وكلم موسى عليه السلام، وكلم النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
وكلامه سبحانه صفة من صفاته، وليس بمخلوق، لأن صفات الله غير مخلوقة، فهو سبحانه لم يزل متصفا بهذه الصفة، فهي صفة ذاتية من حيث الأصل لا تنفك عنه، وصفة فعلية متعلقة بالمشيئة، من حيث آحادها، فهو يتكلم بما شاء وقتما شاء.
وأدلة معتقد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة، كثيرة لا تحصى، وهذا معتقد الصحابة ومن تبعهم بإحسان.
ومن الأدلة قوله تعالى:" تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله".
وقوله تعالى:" وكلم الله موسى تكليما".
وقوله تعالى:" ومن أصدق من الله قيلا"' وغيرها من الآيات.
ومن السنة، قوله عليه الصلاة والسلام:" ما منكم إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمانولا حجاب يحجبه".
ومنها: قول عائشة رضي الله عنها، لما نزلت آيات سورة النور في تبرئتها:" ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيٓ بأمر يتلى"، وغيرها من الأحاديث الصحيحة الصريحة في اثبات صفة الكلام لله تعالى.

س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.
لا خلاف بين الأمة في إن أول من قال بخلق القرآن هو الجعد بن درهم، الذي ضحى به خالد القسري، بعد ان كفره العلماء لأنه قال إن الله لم يتخذ ابراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليما، نقل هذا الإجماع اللالكائي، وقد تلقف هذا القول منه الجهم بن صفوان، وكان يأخذ عن الجعد، وإليه تنسب الجهمية، وهو صاحب المقالات الفاسدة في إنكار الأسماء والصفات، وإنكار العلو، والغلو في الجبر والإرجاء، وقال بحلول الله في المخلوقات، وقد قتله الأمير سلم المازني بعد تكفير العلماء له.
واشتهرت هذه المقالة عنه، إلى أن تلقفها بعض أهل الكلام، وكان أول من دعا إلى هذا القول بشر المريسي، وقد كان مشتغلا بعلم الفقه، فتحول عنه واشتغل بعلم الكلام، فضل وانحرف عن طريق السلف، وقد قال عنه الإمام أحمد:"ما كان صاحب حجج، بل كان صاحب خطب".
وأخفى المريسي معتقده بخلق القرآن، ولم يجرؤ على إظهاره في زمن هارون الرشيد، لما بلغه عنه إنه توعد بقتله، فلما مات الرشيد، وخلفه المأمون في سنة 198، وقد كان المأمون صاحب علم، مفتونا بعلم الكلام وأهله، فجالسهم وقربهم، وكان منهم بشر المريسي.
وعظم الإنحراف بترجمة كتب الفلاسفة والمنطق من اليونان والهند، إلى أن زين للمأمون من قربهم من رؤوس المعتزلة القول بخلق القرآن، وكان قولا يعتقده هو، لكن خاف من إظهاره تخوفا من يزيد بن هارون، وهو أحد علماء زمانه، فكان يقول: لولا مكان يزيد بن هارون لأظهرت أن القرآن مخلوق"، فكان يتخوف من اختلاف الناس عليه، فلما مات يزيد بن هارون، تجاسر المأمون على إظهار القول بخلق القرآن، وكان هذا في سنة 206، فكان يدعو إليه ويقرب من يعتنقه، حتى كثر المعتزلة من حوله وصارت لهم الكلمة.
وفي سنة 218 عقد المأمون العزم على امتحان العلماء في القول بخلق القرآن، وابتدأت المحنة، فكتب إلى ولاته بهذا، وكان من يأبى يعزل أو يحبس أو يقتل.
وكان أو من امتحن في هذه المحنة عفان بن مسلم الصفار، شيخ الإمام أحمد، فثبته الله وربط على قلبه، فتركوه.
ثم توالت بعدها الإمتحانات للعلماء، فثبت من ثبته الله، وأكره البعض على الموافقة وقلبه مطمئن بالإيمان، وقتل في هذه المحنة علماء صبروا وجادوا بأرواحهم حتى لا يضل الناس من بعدهم ويضيع الحق بموافقتهم لأهل الباطل، فرحمهم الله ورضي عنهم، وكان من أشهر من ثبته الله في هذه المحنة، الأمام أحمد، فكان لثباته أعظم الأثر، رفع الله به السنة وأظهرها، وقمع أهل البدعة ورد قولهم، مع إنه سجن وعذب وجلد وعزل عن تحديث الناس، وكان شيخا في الخمسين من عمره، لكنه صبر وثبت حرصاً على بقاء الحق وظهوره، فكان كما قال المديني:" إن الله عز وجل أعز هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث، أبوبكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة".
واستمرت المحنة في زمن المأمون وبعده المعتصم وبعده الواثق، إلى أن تولى المتوكل الخلافة، وكان شابا في السادسة والعشرين، كارها لأمر المحنة، فرفع المحنة رفعا تاما في سنة 233، ومنع القضاة من امتحان الماس، وأظهر السنة وعادت مجالس الحديث، وانكشفت الغمة بفضل من الله ورحمته.

س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.
أول من أشعل فتنة اللفظية حسين بن علي الكرابيسي، ولما بلغت مقالته الإمام أحمد، وإنه يقول:"القرآن كلام الله، غير مخلوق من كل الجهات، إلا إن لفظي بالقرآن مخلوق، ومن لم يقل بهذا فهو كافر"، فقال الإمام أحمد:"بل هو الكافر قاتله الله، وأي شيئ قالت الجهمية إلا هذا، وما ينفعه وقد نقض كلامه الأخير كلامه الأول".
واختلفت مواقف الناس اختلافا كثيرا في مسألة اللفظ، كل يفهمها بفهم ويتأولها بتأول، ثم يبني موقفه بحسب ما فهم وتأول:
الموقف الأول: الجهمية المستترة باللفظ، فبعد أن شدد عليهم في مسألة القول بخلق القرآن، بدا لهم إن مسألة اللفظ أخف وطئا على الناس، فأخذوها ستارا لإمرار عقيدتهم بخلق القرآن، كما فعلت الجهمية المستررة بالتوقف.
ولعظم خطورة قولهم، وسهل إلتباسه على العامة، حذر منهم العلماء تحذيرا شديدا، حتى قال الإمام أحمد:" من قال لفظي بالقرآن مخلوق، يريد به القرآن ، فهو كافر"، وقال:" هم جهمية وشر ممن يقف".

الموقف الثاني: قول طائفة ممن خاض في علم الكلام، وتأثر بكلام الجهمية، وإن كان كلامهم ليس على أصول الجهمية، لكن مرده إلى قولهم، فقالوا:" إن القرآن كلام الله، فإذا تلفظنا به صار مخلوقا"، وكان على رأس القائلين الشراك، وقد قال عنه الإمام أحمد لما سمع مقالته:"قاتله الله، هذا كلام جهم بعينه"، وقال:" من قال بهذا فقد أتى بالأمر كله"، وقال الطوسي:"إن من قال: إن القرآن يكون مخلوقا بالألفاظ، فقد زعم أن القرآن مخلوق".

الموقف الثالث: موقف داوود الظاهري، رأس أهل الظاهر وإمامهم، وقد أخذ مقالته في اللفظ عن الكرابيسي وقد كان صاحبه، فقال:"لفظي بالقرآن مخلوق"، وكان قد أتى بقول لم يسبقه إليه أحد في القرآن، فقال:"الذي في اللوح المحفوظ غير مخلوق، والذي بين الناس مخلوق"، وقال أيضا:" القرآن محدث"، وهي تعني عند المعتزلة(الخلق)، وقد تأول مقالة اللفظ على مذهبه هذا في القرآن.
ومعنى محدث في الآية:"وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث"، أي جديدا عند إنزاله أو وقوعه.
وقد أمر الإمام أحمد بهجره بعد أن هجره هو، ولم يقبل مقابلته.

الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث، مثل الإمام أحمد والبخاري وابن راهويه، فقد منعوا الكلام في اللفظ، لأنه قول مبتدع ليس له أصل ولم يقل به السلف، ولإلتباسه على العامة، فقالو إن من قال:"لفظي بالقرآن مخلوق"، ومن قال:"لفظي بالقرآن غير مخلوق"، مبتدع، وبينوا مع هذا إن أفعال العباد مخلوقة.
قال ااسحاق بن حنبل:" من قال لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي، ومن زعم أن لفظه بالقرآن غير مخلوق، فقد ابتدع".
وكان الإمام أحمد يكره أن يتكلم باللفظ بشيئ، وهذا حرصا منهم على إلتزام المأثور والبعد عن الإبتداع.

الموقف الخامس: موقف طائفة من أهل الحديث قالوا بأن اللفظ بالقرآن غير مخلوق، مع إرادتهم أن القرآن غير مخلوق، وإن أفعال العباد غير مخلوقة، وكان خطأهم في استعمال هذا العبارة، وذلك لأنهم ظنوا أن قول:"ألفاظنا بالقرآن غير مخلوقة"، يقطع الطريق على الجهمية الذين أرادوا التحيل بمسألة اللفظ، للقول بخلق القرآن.
وقد افترق أهل الحديث، فمنهم من أدخل صوت العبد أو فعله في العبارة، فرد عليهم الأئمة مثل البخاري بالقول إن أفعال العباد مخلوقة، وحصل إلتباس في الأمر حتى نسبوا القول باللفظ إلى الإمام أحمد، فقال به بعض أصحابه، مع إنكار الإمام أحمد وتغليظه على من نسب له هذا، وسبب كثرة الخوض في المسألة نوع من الفرقة والفتنة، مع كون الجميع من أهل العلم أصحاب أحمد، ولهذا قال ابن قتيبة:" لم يختلف أهل السنة في شيئ من أقوالهم إلا في مسألة اللفظ"، وكان هذا بسبب اختلاف أفهمامهم وتأولهم، ولأن لفظ التلاوة والقراءة، واللفظ مجمل مشترك، يراد به المصدر ويراد به المفعول، كما قال شيخ الإسلام.

الموقف السادس: موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه، وقد فهموا من مسألة اللفظ معنى آخر، فقالوا إنما كره الإمام أحمد مسألة اللفظ، لأن اللفظ يعني الطرح والرمي، وهذا لا يليق أن يقال في حق القرآن، ومنهم من ينكر تكلم الله بصوت، ومنهم من يقر بهذا، كما قال شيخ الإسلام.

الموقف السابع: طوائف زعمت أن ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة، وزعموا أن سماعهم القرآن مباشرة من أفواه القراء، هو سماع مباشر من الله، وإنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ، كما سمعه موسى عليه السلام، واختلفوا في تفصيل الأمر، فمنهم من قال إن صوت الرب حل في العبد، ومنهم من قال ظهر فيه ولم يحل، ومنهم من نفى الأمرين معا، وقال آخرون: الصوت المسموع قديم غير مخلوق، وقال بعضهم: يسمع منه صوتان: مخلوق وغير مخلوق.

وقد رد شيخ الإسلام هذه الأقوال، وقال إنها مبتدعة، وقرر عقيدة السلف في القرآن، في إنه كلام الله حيث تصرف، غير مخلوق، ولم يقل أحد من السلف إن أصوات العباد بالقرآن غير مخلوقة أو قديمة، ولا قالوا إن المداد الذي يكتب به القرآن قديم أو غير مخلوق، فمن قال إن شيئا من أصوات العباد أو أفعالهم أو مدادهم أو حركاتهم: قديم أو غير مخلوق، فهو مبتدع ضال مخالف لإجماع السلف والأئمة.


س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟
كان العلماء يردون على الجهمية بأدلة من الكتاب والسنة، ورفضوا الخوض في فيما خاض فيه الجهمية خوفا من الفتنة في الدين، ويقينا بأن ما من بدعة إلا في كتاب الله ردا عليها.
ثم ظهر من أراد الرد على الجهمية بطريقتهم، ومنهم عبدالله بن سعيد بن كلاب البصري، وكان معاصرا للإمام أحمد، فأراد الرد على المعتزلة بأصولهم المنطقية وحججهم الكلامية، فلم يسلم بسبب هذا، فوقع في بعض ما وقعوا فيه، وسلم لهم ببعض أصولهم الفاسدة، وهذه حال كل من لم يقنع بالنصوص وقدم العقل عليها، خاصة مع ما كان عليه من الضعف بالنسبة للسنة وعلوم أهلها، فسلك طريقة أهل الكلام، فخرج بقول وسط بين قول أهل السنة وقول المعتزلة، وأحدث أقوالاً لم يسبقه إليها أحد.
وقد تمكن من إفحام المعتزلة ورد قولهم، واجتهد في هذا اجتهادا كبيرا، وألف الكتب في الرد عليهم، وذاع صيته، وعلت مكانته بين الناس.
لكن كونه لم يهتد لفساد أصل الكلام المحدث الذي ابتدعوه، وموافقته على بعض أصولهم الفاسدة، مثل موافقتهم على امتناع حلول الحوادث بالله، المبدأ الذي نفوا به صفات الله الفعلية المتعلقة بالمشيئة، فأداه هذا إلى القول بأن القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالله، ونفى كون الله تعالى تكلم به بحرف وصوت كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، وقال إنه لا يجزأ ولا يتبعض، بل جاء بقول معلوم الفساد لم يسبقه إليه أحد، فقال:" إن كلام الله قائم بذاته سبحانه، بلا قدرة ولا مشيئة".
ولعظم وخطورة ما جاء به من أقوال فاسدة، وقد أنكر أهل السنة والجماعة على ابن كلاب وطريقته المبتدعة، وحذروا منه ومن طريقته، وقد كان الإمام أحمد من أشد الناس عليه وعلى أصحابه، وقد أمر بهجرهم، وكذلك كان ابن خزيمة، فهجروهم وهجروا مجالسهم، حتى إنه لما مات الحارث المحاسبي، وكان ممن تبع ابن كلاب على في طريقته، لم يشهد جنازته سوى أربعة نفر.

مروة كامل 3 جمادى الآخرة 1437هـ/12-03-2016م 07:00 PM

إجابة المجموعة الثالثة
السؤال الأول : بين أهمية معرفة مسائل الايمان بالقرآن وكيف يحقق طالب العلم هذه المعرفة.

لابد من معرفة مسائل الإيمان بالقرآن وخاصة لطالب العلم حتى يتبين له ما يحقق به الإيمان بالقرآن وما يقدح فى ذلك فيكون على بينة وبصيرة . ويحقق طالب العلم هذه المعرفة بأن يعلم أن مسائل الإيمان بالقرآن تنقسم لمسائل اعتقادية تعتنى بما يجب أن يعتقده فى القرآن . كأن يعتقد ويوقن أنه كلام الله تعالى حقا , وأنه نزله على نبيه صلى الله عليه وسلم , وأنه ناسخ لما قبله من الكتب , وأيضا يعلم عقيدة أهل السنة والجماعة فى القرآن . لابد أيضا أن يعلم أن المسائل الاعتقادية تشمل أحكام وأداب .
مسائل الإيمان بالقرآن تشمل أيضا مسائل سلوكية تعتنى بالانتفاع بالقرآن وفهم مواعظه وعقل أمثاله وتدبره وهى تقوم على أصلين مهمين .
الأصل الأول : البصائر والبينات وهى تقوم على المعرفة والعلم وتثمر اليقين. قال تعالى " قد جاءكم بصائر من ربكم"
الأصل الثانى : اتباع الهدى وهو يقوم على الإرادة والعزيمة ويثمر التقوى والاستقامة.
وينبغى لطالب العلم خاصة أن يجمع بين المسائل الاعتقادية والسلوكية حتى يحقق الإيمان بالقرآن بشكل صائب متبع لنهج أهل السنة والجماعة بعيدا عن الابتداع .
يجدر أيضا بطالب العلم كى يحقق المعرفة بمسائل الإيمان بالقرآن أن يعرف المخالفين فى ذلك وأقوالهم وابتداعهم ورد أهل السنة والجماعة عليهم وموقفهم ممن ابتدع وحاد حتى يكون على بينة وبصيرة من الحق.

السؤال الثانى: لخص عقيدة أهل السنة والجماعة فى القرآن.

ملخص عقيدة أهل السنة والجماعة فى القرآن هى كالآتى:
1- اعتقاد أن القرآن كلام الله عز وجل لا كلام غيره وأنه سبحانه تكلم بكل حرف منه.
2- أن جبريل عليه السلام سمع القرآن من رب العزة جل جلاله, ثم سمعه من جبريل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم سمعه الصحابة رضوان الله عليهم من سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام , ثم نقل إلينا متواترا.
3- أن ما بين الدفتين فى المصحف هو قرآن كريم كلام رب العالمين منه سبحانه بدأ أى جل جلاله الذى أنزله , وإليه يعود أى يرفع فى آخر الزمان.
4- أن القرآن الكريم كلام الله تعالى غير مخلوق, ومن اعتقد أن القرآن مخلوق فهو كافر.
5- أن القرآن الكريم كلام الله تعالى أنزله تعالى بلسان عربى مبين واضح .
6- أن القرآن ناسخ لما قبله من الكتب السماوية.

السؤال الثالث: عدد مما درست من امتحن من أهل الحديث فى مسألة الخلق بالقرآن مبينا أنواع الأذى الذى لحق بهم.

أول من امتحن فى مسألة الخلق بالقرآن هو (عفان بن مسلم الصفار) شيخ الإمام أحمد وأبى أن يجيب بخلق القرآن فقطع عنه ما كان يجرى عليه من بيت المال وكان رجلا فقيرا وفى داره نحو أربعين إنسانا.
أيضا امتحن جماعة من أهل الحديث ومنهم ( يحيى بن معين - إسماعيل الجوزى - ابن أبى مسعود- محمد بن سعد كاتب الواقدى ) وهؤلاء هابوا المأمون وخافوا أن يعارضوه فأجابوه وأطلقوا.
أيضا امتحن بعض المحدثين من الشام منهم( عبد الله بن ذكوان - هشام بن عماد - أحمد بن عبد الله الحوارى).
امتحن أيضا ( الإمام أحمد بن حنبل - محمد بن نوح العجلى - عبد الله القواريرى ) وغيرهم.
من أجاب المأمون أطلقه . ومن أبى يلحق به أنواع من الأذى ومنها:
1- القيد .
2- السوط.
3- يمنع من الإفتاء إن كان مفتيا.
4- يمنع ما يجرى عليه من بيت المال .
5- يعزل من منصبه ووظيفته.
وغير ذلك من أنواع الأذى.


السؤال الرابع: ما حكم من وقف فى القرآن ؟


من وقف فى القرآن يسمى واقفى شاكى لأنه أساسا يشك فى اثبات صفة الكلام لله تعالى والعياذ بالله.
من وقف فى القرآن من المحدثين يهجر ويحذر منه حتى يرجع عن قوله كما فعل الإمام أحمد رحمه الله مع من قال هذا فى زمانه , وذلك لأنهم يلبسون على العامة ولأن الفتنة حدثت وتحتاج لبيان.
والجاهل يعذر .
ومن وقف فى القرآن هو جهمى شاك , لأن الجهمية وغيرهم فرحوا بهذا الأمر لأنه أخف من القول بخلق القرآن ويتخذوه ذريعة حتى يرضى به الناس وبعدها يقنعوهم بخلق القرآن فلا بد من بيان الحق والتحذير ممن يقف فى القرآن.


السؤال الخامس : بين سبب اختلاف الأفهام فى مسألة اللفظ.

سبب اختلاف الأفهام فى مسألة اللفظ أن لفظ القراءة أو التلاوة أو اللفظ هو مجمل مشترك أى أن اطلاقه يحمل أكثر من معنى فقد يحمل المصدر أو المفعول.
بمعنى لو أن قائلا قال : اللفظ هو الملفوظ فإنما أراد بكلامه الكلام المسموع .
ولو أن قائلا قال : اللفظ ليس هو الملفوظ فإنما أراد بكلامه الحركه والفعل وليس الكلام نفسه .
وعليه ,, إذا قيل :( لفظى بالقرآن مخلوق) فيدخل فى معناها الكلام المسموع والذى هو كلام الله عز وجل وهو غير مخلوق وقد يراد بها الحركة والصوت . لذلك اختلفت الأفهام فى مسألة اللفظ لاحتماله أكثر من معنى مما يسبب التباس وفتنة كبيرة.

سميرة بيبي سال 3 جمادى الآخرة 1437هـ/12-03-2016م 07:09 PM

المجلس التاسع: مجلس مذاكرة دورة مسائل الإيمان بالقرآن
 
بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الثانية:
س1: بم يتحقق الإيمان بالقرآن؟
إن الإيمان بالقرآن لا يتحقق إلا بثلاثة الأمور وهم:
الأول: الإيمان الاعتقاد بالقرآن.
فالإيمان الاعتقاد بالقرآن يكون:
1. بتصديق أنه كلام الله المنزلة على رسوله صلى الله عليه وسلم.
2. بتصديق أنه أنزل لهداية الناس وليخرجهم من الظلمات إلى النور ومن الضلال إلى صراط المستقيم.
3. بتصديف أخباره وامتثال أوامره واجتناب نواهيه ولا طاعة لما خالفه.
4. بتصديق أن كل ما أنزل الله فيه فإنه حق وقيم والهداية إلى الحق ولا يوجد فيه اختلاف.
5. بتصديق أنه محفوظ بأمر الله على أن يأتي وعد الله ولا أحد يستطيع أن يأتي بمثله.
الثاني: الإيمان القولي.
فالإيمان القولي بالقرآن يكون بكلام العبد الذي يدل على إيمانه بالقرآن وبكلامه الذي يدل على تصديقه بما أنزل الله فيه وذلك لا يتحقق إلا بتلاوة القرآن تصديقا وتعبدا. وتلاوة القرآن من أعظم أسباب صلاح القلب وتزكية للنفس وذهاب الهم والغم.
الثالث: الإيمان العمليى.
وهو اتباع هدى القرآن بامتثال أوامر الله واجتناب ما نهى الله عنه.
فمن جمع بين هذه الثلاثة الأمور فهو مؤمن بالقرآن ووعد الله له فضلا كبيرا وأجرا عظيما قال الله تعالى {:وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } وقال الله تعالى :{إن هذاالقرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا}

س2: بيّن فضل الإيمان بالقرآن
.
1. إنه أعظم هاد للمؤمنين إلى ربه.
2. إنه يرشد العبد إلى سبيل الحق.
3. يعرف العبد بوعد الله ووعيده فيه.
4. يتعلم العبد حكمة الله في خلقه وتشريعه.
5. فيه بيان كيف يتقرب العبد إلى ربه.
6. فيه بيان كيف ينجو من سخط الله ومن عقابه وكيف يفوز بمحبة الله وثوابه.
7. إنه هداية للمؤمنين في جميع شؤونه ورحمة لهم.
8. إنه يرفع الجهل عن الناس.
9. إن العبد يعرف الله بأسمائه وصفاته .
10. يتعلم العبد فيه أثار اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه.
11. فيه بيان من لازم نتبع من المخلوقات ومن لا .
12. إنه يحمل المؤمن على طاعة الله.
13. يتعلم العبد كيف ينجو من كيد الشيطان وحبائله.
14. إنه شفاء لما في الصدور من القلق والغيرة والتكبر.
والخلاصة ما نرى أن الإيمان بالقرآن يفتح للمؤمن أبوابا كثيرا فمن جانب العلمي فإنه يفتح أبوابا من أبواب اليقين والعلوم والبصائر والبينات وأما في الجانب العملي فإنه هداية للتي هي أقوم ويورثه الاستقامة والتقوى وصدق الرغبة والرهبة وصلاح الباطن والظاهر, ونرى أن السعادة المؤمن يكون على قدر إيمانه بالقرآن وتبصره به واتباعه لهداه.

س3: بيّن الفرق بين قول المعتزلة وقول الأشاعرة في القرآن.
إن المعتزلة يقولون أن القرآن كلام الله ولكنه مخلوق منفصل عنه والسبب الذي دعاهم إلى ذلك القول أنهم لا يثبتون لله من صفاته شيئا.
أما قول الأشاعرة في القرآن على القولين:
القول الأول: إن القرآن غير مخلوق ولكن أنه ليس كلام الله الحقيقة بل هو عبارة عن كلام الله الذي عبر به جبريل عليه السلام عن المعنى النفسي القائم بالله.
القول الثاني: ومنهم من يقول أن القرىن كلام الله مجاز لا حقيقة بل هو حكاية عن كلام الله.
فنرى أن كلا قول المعتزلة والأشاعرة باطل وضلال وأنه يخالف قول أهل السنة والجماعة الذي هو أن القرآن كلام الله الحق المنزلة على رسوله صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام.

س4: بيّن خطر فتنة اللفظية.
كان أوّل من أشعل فتنة اللفظية:حسين بن علي الكرابيسي ,وهذه الفتنة هى قوله لفظي بالقرآن مخلوق. فهذه الكلمة آثارت فتنة عظيمة على الأمة. ذكر الإمام أحمد أن الكرابيسي قال: أقول: إنّ القرآن كلام الله غير مخلوقٍ من كلّ الجهات إلاّ أنّ لفظي به مخلوقٌ، ومن لم يقل: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو كافرٌ .فقال الإمام أحمد: بل هو الكافر - قاتله الله - وأيّ شيءٍ قالت الجهميّة إلاّ هذا؟ وما ينفعه، وقد نقض كلامُه الأخير ُكلامَه الأوَّل؟!
ظهرت فتنة اللفظية فكانت فتنتها أعظم وأطول مدى من فتنة الوقف فإنّها استمرّت قروناً من الزمان وجرى بسببها مِحَن يطول وصفها
ومما يبين عظم فتنة اللفظ:
أولا : أن فيها التلبيس والتوهيم. فمسألة اللفظ للتلبيس لقول القائل :لفظي بالقرآن مخلوق بين الأمرين:
الأمر الأول:قد يريد به ملفوظه وهو كلام الله الذي تلفّظ به فهذا يوفق قول الجهيمة الذين يقولون بخلق القرآن.
الأمر الثاني: وقد يريد به فعلَ العبد الذي هو القراءة والتلفّظ بالقرآن
فهذا قول "لفظي بالقرآن" سبب اختلاف الناس من قول إلى عدة أقوال وسبب لوقع فتنة بين أصحاب الإمام أحمد والإمام البخاري والناس كانوا بشدة الحاجة إلى البيان والتوضيح بأن القرآن كلام الله غير مخلوق وليس بحاجة إلى أكثر تلبيس الذي يفتن العامة ولا يبين للناس الحق.
الثاني: إنه كان يدخلون على الناس الشبهات وزخرف القول.
كان الإمام أحمد يحذر الناس حذرا شديدا على حيل الجهمية وما يدخلون عليهم من الشبه وزخرف القول ونهاهم عن الدخول في علم الكلام لأن الناس الذي يدخل غي علم الكلام للرد عليهم ينهى عن استعمال عباراتهم لأنهم يلبسون بالألفاظ مجملة أو يخطؤون في استعمال عبارة "أن اللفظ بالقرآن غير مخلوق" فغلب عليهم المراد به.
ثالثا: أن هذه الفتة كانت طريقا يتستر بها الجهمية والمعتزلة وأتباعهم.
فإن فرحت طائفة من الجهمية بهذه المقالة؛ فقالوا: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، ومنهم من قال: القرآن بألفاظنا مخلوق لأنها أخف شناعة عند العامة وأقرب إلى قبول العامّة من التصريح بقولهم بإن القرآن مخلوق.
رابعا: إنه سبب الكفر بين الأمة.
لقد اشتد تحذير العلماء من هذه الفتة إلى أن قال الإمام أحمد: "من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو كافر".
وقال عبد الله بن الإمام أحمد أنه سأل أبوه فقال: إن قوما يقولون: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة؟ فقال له: هم جهمية وهم شر ممن يقف".
خامسا: فيه إنكار على الوحي من الله المنزلة على رسوله صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام.
فالذين يقولون أن القرآن مخلوق فإنهم يزعمون أن جبريل تكلم بمخلوق وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمخلوق. فإنهم ينكرون الوحي من الله, فعقابهم سوف يكون شديدة.
سادسا: الفتنة كان لها ذيوع وانتشار كثير في عصر الإمام أحمد وبعده بقرون، وقد اختلفت مواقف الناس اختلافاً كثيراً كلٌّ يفهمها بفهم ويتأوّلها بتأوّل ويبني موقفه على ما فهم وتأوّل. و بلأسف كلههم يظنون أنهم على الصحيح.
كقول الشراك أنه قال: إن القرآن كلام الله فإذا تلفظنا به صار مخلوقا. فهذا الكلام يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق.
وكما قول الرجل الذي قال في القرأن: كلام الله ليس بمخلوق ولكن لفظي هذا به مخلوق؟

و الخلاصة ما نرى أنه سبب وقع الناس في البدع, وخالفوا منهج أهل السنة والجماعة, واختلاف بين أصحاب, وسبب الغلط على بعض أهل الحديث وسبب للشر العظيم في الأمة وسبب وقع كثيرا من الناس في الكفر.

س5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟
أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري أنه كان معتزليا حتى بلغ الأربعين من عمره. لقد تعلم علم الكلام من زوج أمه أبي علي الجبائي رؤوس المعنزلة في زمانه. لقد نشأ شبابه مع المعتزلة إلى أن بدأ أن يقع في نفسه سؤالا ولا يجد أحد أن يجيب عليه ثم أعلن للناس توبته من الاعتزال والتزامه قول أهل السنة. فسبب شهرته أنه كان ممن انبرى للرد على المعتزلة وبيان فساد معتقدهم وكشف ضلالهم وأنه أعلن توبته من الاعتزال أمام الناس وصرح بالتزامه بالسنة والدفاع عنها ولكن أنه كان متبحرا في علم الكلام وقليل البضاعة في علوم السنة فانتهج طريقة ابن كلاب ويرى أنه من أهل السنة. وسبب آخر أنه اجتهد في الرد على المعتزلة ومناظرتهم حتى اشتهرت أخبار مناظراته وردوده، وأيضا كان بعض الناس يتجنب مجالسه بسبب افحامه لعدد من أكابرهم بالطرق الكلامية والحجج العقلية المنطقية حتى أحرجهم. وسبب آخر أنه أحدث أقوالا في مسائل الدين وأصوله لم تكن تعرف من قبل. وأيضا لقد اشتهر عند ألف كتابه "الإنابة" الذي رحع فيه عن الطريقة الكلامية.

لقد اختلف أهل السنة في شأن أبي الحسن على قولين بسبب الكتاب الذي ألفه في آخر حياته وسماه "الإنابة" وفيه بيان أنه رجع عن الطريقة الكلامية.
فالقول الأول: من أهل السنة من قال إنه رجع رجوعاً صحيحاً إلى مذهب أهل السنة.
والقول الثاني: من أهل السنة من قال أنّ رجوعه كان رجوعاً مجملاً لم يخل من أخطاء في تفاصيل مسائل الاعتقاد.
ولكن كما قال أهل العلم أن أتباعه بقوا على طريقة الكلامية وأنتج أنواعا من الأقوال الفاسدة المحدثة ووقع فتن العظيمة بسببهم.
قال ابن تيمية: (ويوجد في كلام أبي الحسن من النفي الذي أخذه من المعتزلة ما لا يوجد في كلام أبي محمد بن كلاب الذي أخذ أبو الحسن طريقَه، ويوجد في كلام ابن كلاب من النفي الذي قارب فيه المعتزلة ما لا يوجد في كلام أهل الحديث والسنة والسلف والأئمة، وإذا كان الغلط شبراً صار في الأتباع ذراعاً ثم باعاً حتى آل هذا المآل؛ فالسعيد من لزم السنة)


نايف النجم 3 جمادى الآخرة 1437هـ/12-03-2016م 09:24 PM


س1: بم يتحقق الإيمان بالقرآن؟
يتحقق الإيمان بالقرآن بثلاثة أمور:
1-أن يكون الايمان بالقرآن اعتقادا بعدة أمور :
·- أن يصدق بأنه كلام الله أنزله على رسوله بالحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط مستقيم .
·- ويصدّق بأن الله أنزل القرآن وهو محفوظ. "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ".
·- ويصدّق بأن كل ما أنزله الله فهو حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه كما قال الله تعالى " لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ".
·- ويصدّق بأن كل ما أخبر الله به في كتابه فهو حق.
·- أن يعتقد وجوب ما أوجبه الله فيه ويعتقد تحريم ما حرّم الله وأن لا طاعة لمن خالفه.
2- الإيمان القولي :
·- بأن يقول ما يدل على إيمانه بالقرآن ، وتصديق ما أنزل الله فيه.
·- أيضا تلاوة القرآن تصديقا وتعبدا.
3-الإيمان العملي :
·- بأن يتبع هدي القرآن بامتثال ما أمر الله في كتابه.
·- وكذلك اجتناب ما نهى الله عنه في كتابه.
فمن جمع هذه الثلاث فهو مؤمن بالقرآن، ووعده الله فضلا كبيرا وأجرا عظيما. كما قال الله تعالى :
"وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ "
وقوله تعالى : " إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا " .
س2: بيّن فضل الإيمان بالقرآن؟
للإيمان بالقرآن فضائل عظيمة ومن هذه الفضائل:
- أنه أعظم هادٍ للمؤمن إلى ربه يرشده إلى سبيله ، ويعرفه بأسمائه وصفاته وآثارها في أوامره ومخلوقاته.
- يعرّفه بوعد الله ووعيده ، وحكمته في خلقه وتشريعه.
- يعرّفه كيف يفوز بثواب ربهوكيف يتجنب عذاب الله وسخطه.
- يهدي المؤمن ما فيه مصلحة في الدنيا والآخرة. قال تعالى : (وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) ، وقال : (تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ). فكلما زاد المؤمن هداية بالقرآن زاده الله من فضله.
- يحمل المؤمن على تلاوة القرآن، فتكون تلاوته ذكر الله وعبادة يثاب عليها.
- لا ينتفع قارئ القرآن إلا إذا كان مؤمنا به. فعلى قدر إيمان العبد بالقرآن يكون نصيبه من الانتفاع. قال الله تعالى "وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ " وقال تعالى "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ" وقال " وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا".
فهذه من فضائل الإيمان بالقرآن.
س3: بيّن الفرق بين قول المعتزلة وقول الأشاعرة في القرآن؟
قبل أن نذكر الفرق لابد أن نبيّن تعريف كلا الفريقين للقرآن:
فالمعتزلة قالوا: القرآن كلام الله مخلوق منفصل عنه وأنه إذا شاء أن يتكلم خلق كلاماً في بعض الأجسام يسمعه من يشاء.
والأشاعرة قالوا: القرآن عبارة عن كلام الله عبر به جبريل عن المعنى النفسي القائم بالله.
فالفرق بينهما أن :
1- المعتزلة / قالوا القرآن كلام الله لكنه مخلوق .
2- الأشاعرة / قالوا القرآن غير مخلوق ،وليس هو كلام الله حقيقة ،وإنما عباره عبر عنها جبريل عن المعنى النفسي القائم بالله.
وكلا القولين باطل، بل القرآن تكلم به الله بكلام سمعه جبريل من الله، فبلغه بحروفه للنبي.
س4: بيّن خطر فتنة اللفظية.
بعد فتنة القول بخلق القرآن، ظهر من قال بالوقف، وظهر بذلك فتنة عظيمة حتى قال بالوقف بعض أهل الحديث الذين لا يقولون بخلق القرآن ثم ظهرت فتنة اللفظية في زمان الخليفة الواثق بن المعتصم ، فكانت أعظم وأطول من فتنة الوقف وكان أول من أشعل هذه الفتنة (حسين بن علي الكرابيسي، سنة 234) وقد حذّر منه الامام أحمد ونهى عن الأخذ عنه ، فبلغ ذلك الكرابيسي فغضب وجعل يقول مقالة ، يخالفها الامام أحمد، فيكفّر بها الامام . فقال (لفظي بالقرآن مخلوق) ثم ثارت فتنة عظيمة على الأمة ، وقد نقل أبو بكر المرّوذي وهو من أصحاب الامام أحمد مقالة الكرابيسي للامام أحمد، حيث ذكر أن الكرابيسي قال (أقول: إن القرآن كلام الله غير مخلوق من كل الجهات إلا أن لفظي به مخلوق، ومن لم يقل: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو كافر)
. ورد الامام أحمد (بل هو الكافر - قاتله الله - وأي شيء قالت الجهمية إلا هذا؟ وما ينفعه، وقد نقض كلامه الأخير كلامه الأول؟!).
ثم قال الإمام للمروذي: أيش خبر أبي ثور، أوافقه على هذا؟
فرد المروذي: قلت: قد هجره.
قال: (أحسن، لن يفلح أصحاب الكلام).
ثم قال الإمام أحمد: (ما كان الله ليدعه وهو يقصد إلى التابعين مثل سليمان الأعمش، وغيره، يتكلم فيهم).
وقال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله، عن الكرابيسي، وما أظهر، فكلح وجهه ثم أطرق، ثم قال: هذا قد أظهر رأي جهم.
قال الله تعالى" وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ " ، فممن يسمع؟ إنما جاء بلاؤهم من هذه الكتب التي وضعوها. تركوا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأقبلوا على هذه الكتب).
·من المهم معرفة أمرين مهمين قبل معرفة خطر هذه المقولة :
1-فالأمر الأول : أن القرآن كلام الله وهو غير مخلوق . فقارئ القرآن وكاتبه ، لا يخرج بذلك عن كونه كلام الله ، فالكلام يُنسب لمن قاله ابتداءً .
2-الأمر الثاني : أن أفعال العباد مخلوقة ، وكل ما يصدر منهم مخلوق كما قال الله " وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ" .
ومن زعم أن الله لم يخلق أفعال العباد وأن العباد يخلقون أفعال أنفسهم فقد أثبت خالقا غير الله . ولذا كفّر العلماء القدرية الذين ذهبوا الى هذا القول .فيقال في تلخيص هذين الأمرين : القرآن كلام الله غير مخلوق ، وأفعال العباد مخلوقة .
ومن ثَم جاءت لفظة التلبيس بين الأمرين ، فقول القائل : لفظي بالقرآن مخلوق ؛ قد يريد به ملفوظه وهو كلام الله الذي تلفظ به فيكون موافقا للجهمية الذين يقولون بخلق القرآن . وقد يراد به فعل العبد الذي هو القراءة والتلفظ بالقرآن . وعلى العموم هي كلمة مجملة تحتمل عدة وجوه . ولذا حصل التلبيس والتأويل .

وقد ورد عن الامام أحمد روايات أخرى تفيد بأن اللفظية جهمية محمولة على من قال بخلق القرآن وتستّر باللفظ .
وقال البخاري في كتاب خلق أفعال العباد: " حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق، قال الله عز وجل:" بَلْ هُوَ آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم " . وقال أيضا : " جميع القرآن هو قوله تعالى، والقول صفة القائل موصوف به فالقرآن قول الله عز وجل، والقراءة والكتابة والحفظ للقرآن هو فعل الخلق لقوله: " فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ " والقراءة فعل الخلق.
وقال عبد الله بن أحمد: سئل أبي، وأنا أسمع عن اللفظية والواقفة، فقال: من كان منهم يحسن الكلام، فهو جهمي
.
وكان الامام أحمد يأخذ اللفظية بداية الأمر على هذا المحمل ، لأن أهل السنة ليسوا بحاجة للتلبيس فهم يصرحون بأن القرآن غير مخلوق، وأنّ أفعال العباد مخلوقة ، وكان شديد الحذر من حيل الجهمية، وينهى عن الدخول في علم الكلام للرد عليهم، وينهى عن استعمال عباراتهم
.
قال جعفر بن أحمد: سمعت أحمد بن حنبل يقول
: "اللفظية والواقفة زنادقة عتق".
وقال عباس الدوري: كان أحمد بن حنبل يقول: "الواقفة واللفظية جهمية"
ولقد حذّر العلماء من هذه الفتنة تحذيرا شديدا حيث أنها فتنة عظيمة ، مما يدل علي انتشارها ما رواه الخطيب البغدادي عن محمد بن الحسن بن هارون الموصلي أنه قال: سألت أبا عبد اللَّه أَحمد بن محمد بن حنبل، فقلت: يا أبا عبد اللَّه أنا رجل من أهل الموصل والغالب على أهل بلدنا الجهمية، وفيهم أهل سنة نفر يسير يحبونك، وقد وقعت مسألة الكرابيسي نطقي بالقرآن مخلوق؟

فقال لى أبو عبد الله: (إياك إياك وهذا الكرابيسي، لا تكلمه ولا تكلم من يكلمه) أربع مرات أو خمس مرات.
قلت: يا أبا عبد الله ، فهذا القول عندك فما تشاغب منه يرجع إلى قول جهم؟
قال: (هذا كله من قول جهم).
وجعل البخاري على نفسه أن لا يتكلم في هذه المسألة حينما رأى ما نال الإمام أحمد في مسألة اللفظ ، ورأى أنها مسألة مشؤومة، وفطن لذلك بعض أهل بغداد.
ولمّا توجّه البخاري إلى خراسان في آخر حياته ؛ وجد في بلده بخارى كثرة المخالفين له؛ فعزم على الإقامة في نيسابور، فبلغ ذلك أهل نيسابور، فاحتفوا بمقدمه احتفاء بالغا حيث خرج إليه العلماء والوجهاء والعامة يستقبلونه. وكان ممن احتفى بمقدمه قاضي نيسابور محمد بن يحيى الذهلي وكان رجلا مسموع الكلمة في نيسابور ومحدثا من كبار المحدثين.
قال مسلم بن الحجاج النيسابوري : لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيت واليا ولا عالما فَعل به أهل نيسابور ما فعلوا به استقبلوه مرحلتين وثلاثة
.
فقال محمد بن يحيى في مجلسه: من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غدا فليستقبله فاستقبله محمد بن يحيى، وعامة العلماء فنزل دار البخاريين فقال لنا محمد بن يحيى: لا تسألوه عن شيء من الكلام فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه، وقع بيننا وبينه ثم شمت بنا كل حروري وكل رافضي، وكل جهمي وكل مرجئ بخراسان.
قال الإمام مسلم: فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل حتى امتلأ السطح والدار فلما كان اليوم الثاني، أو الثالث قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن.فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا فوقع بينهم اختلاف.
فقال بعض الناس: قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وقال بعضهم: لم يقل حتى تواثبوا؛ فاجتمع أهل الدار وأخرجوهم). ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء.
وقال ابن عدي: ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور اجتمع الناس عليه فحسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوا إقبال الناس إليه، واجتماعهم عليه؛ فقال لأصحاب الحديث: إن محمد بن إسماعيل يقول: اللفظ بالقرآن مخلوق فامتحنوه في المجلس فلما حضر الناس مجلس البخاري قام إليه رجل فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أم غير مخلوق؟
فأعرض عنه البخاري، ولم يجبه فقال الرجل: يا أبا عبد الله فأعاد عليه القول فأعرض عنه ثم قال في الثالثة فالتفت إليه البخاري، وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة فشغب الرجل وشغب الناس وتفرقوا عنه وقعد البخاري في منزله
.
ونقلت مقالته على غير وجهها إلى قاضي نيسابور محمد بن يحيى الذهلي؛ فقال في مجلسه فيما قال: (من زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق فهذا مبتدع لا يجالس ولا يكلم، ومن ذهب بعد مجلسنا هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه، فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه).
وروى الحاكم بإسناده عن ابن علي المخلدي أنه قال: (سمعت محمد بن يحيى يقول: قد أظهر هذا البخاري قول اللفظية، واللفظية عندي شر من الجهمية(.وقد أوذي البخاري في هذه المحنة كثيرا ؛ حتى كفّره بعضهم، وهو صابر محتسب؛ مجتنب للألفاظ الملتبسة.
قال محمد بن أبي حاتم: أتى رجل عبد الله البخاري فقال: يا أبا عبد الله إن فلانا يكفرك فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء به أحدهما".
وكان كثير من أصحابه يقولون له: إن بعض الناس يقع فيك فيقول:" إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً "، ويتلو أيضا: " وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ"
فقال له عبد المجيد بن إبراهيم: كيف لا تدعو الله على هؤلاء الذين يظلمونك، ويتناولونك ويبهتونك؟
فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "اصبروا حتى تلقوني على الحوض"، وقال صلى الله عليه وسلم "من دعا على ظالمه فقد انتصر".ولما رأى الوحشة في نيسابور خرج إلى بخارى ، مع كراهيته للإقامة هناك لكثرة مخالفيه فيها ، حيث قال أحمد بن منصور الشيرازي قال: سمعت بعض أصحابنا يقول: لما قدم أبو عبد الله بخارى نصب له القباب على فرسخ من البلد، واستقبله عامة أهل البلد حتى لم يبق مذكور إلا استقبله، ونثر عليه الدنانير والدراهم والسكر الكثير فبقي أياما.
قال: فكتب بعد ذلك محمد بن يحيى الذهلي إلى خالد بن أحمد أمير بخارى: إن هذا الرجل قد أظهر خلاف السنة فقرأ كتابه على أهل بخارى فقالوا: لا نفارقه فأمره الأمير بالخروج من البلد فخرج.
وقال أحمد بن منصور: فحكى لي بعض أصحابنا عن إبراهيم بن معقل النسفي قال: رأيت محمد بن إسماعيل في اليوم الذي أخرج فيه من بخارى فتقدمت إليه فقلت: يا أبا عبد الله، كيف ترى هذا اليوم من اليوم الذي نثر عليك فيه ما نثر؟
فقال: لا أبالي إذا سلم ديني.
وهذا باختصار خطر اللفظية وكلام بعض العلماء فيهم .
س5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟
فأما أبو الحسن الأشعري فكان معتزلياً وأخذ علم الكلام حتى صار إماماً من أئمة المعتزلة. وكان قد تلقف هذا العلم عن زوج أمه أبي عليالجبائيوقد نشأ في كنفه.
وقد تبين للأشعري فساد هذه الفرقة. ثم أعلن توبته من الاعتزال غيظاً منهم بسبب تضليلهم على الناس، وكان بصيراً بعلل أقوال المعتزلة وتناقضهم، وقد أعجبته طريقة ابن كلاب لقربها من فهمه وإدراكه وكان يراه متكلم أهل السنة. فانتهج طريقته واستدرك عليه فيها وزاد فيها.
واجتهد في الرد على المعتزلة ومناظرتهم حتى اشتهرت أخبار مناظراته وردوده وصاروا يتجنبون مجالسه، وعدّه بعض الناس منافحاً عن السنة.
وهو يظن أنه ينصر السنة ، وهو قد خالف أهل السنة وطريقتهم وقد ألف آخر حياته كتابه (الإبانه) الذي رجع فيه عن الطريقة الكلامية وكان من ضمن كلامه رجوع عام مجمل إلى قول أهل السنة.
·وأما موقف أهل السنة منه:- فقد اختلفوا في شأنه، فمنهم من قال أنه رجع رجوعاً صحيحاً إلى مذهب أهل السنة، ومنهم من ذهب إلى أن رجوعه مجملاً وفيه بعض الأخطاء في مسائل الاعتقاد.
قال ابن تيمية : ويوجد في كلام أبي الحسن من النفي الذي أخذه من المعتزلة ما لا يوجد في كلام أبي محمد بن كلاب الذي أخذ أبو الحسن طريقَه، ويوجد في كلام ابن كلاب من النفي الذي قارب فيه المعتزلة ما لا يوجد في كلام أهل السنة والسلف والأئمة، وإذا كان الغلط شبراً صار في الأتباع ذراعاً ثم باعاً حتى آل هذا المآل؛ فالسعيد من لزم السنة.
فقد دخل أبو الحسن على شيخ الحنابله في زمانه الامام البربهاري وقد عرض أبو الحسن على البربهاري ردوده على المعتزلة فأنكر عليه أبو محمد البربهاري طريقته.
وهذا باختصار سبب شهرة أبي الحسن وموقف أهل السنة منه .

هيا الناصر 3 جمادى الآخرة 1437هـ/12-03-2016م 09:25 PM

المجموعة الأولى:
س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
النوع الأول / مسائل اعتقادية تبحث كتب الاعتقاد وما يجب اعتقاده في القرآن.
النوع الثاني / مسائل سلوكية تبحث الإيمان بالقرآن وما ورد فيه والتأثر بمواعظه وقصصه وأمثاله.

س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى.
كلام الله صفة من صفاته وكلامه لا يشبه كلام المخلوقين وكلامه صفة ذاتية من حيث الأصل لا تنفك عنه، وصفة فعلية متعلقة بالمشيئة ومن أدلة ذلك قوله تعالى(وكلم الله موسى تكليما).

س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.
1 / أول من أحدث هذه الفتنة هو"الجعد بن درهم" و قد قتله أمير العراق يوم الأضحى.
2 / أخذ مقالته "الجهم بن صفوان".
3 / لم يكن له أتباع في زمانه، وبقيت مقالاته حتى تلقّفها بعض أهل الكلام.
4 / ظهر بعدهم بمدّة بشر بن غياث المريسي.
5 / بعدها تسللوا إلى الحكّام والولاة.


س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.
1/موقف الجهمية المتستّرة باللفظ وهم الذين يقولون بخلق القرآن ويتستَّرون باللفظ وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف.
2/موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية.

3/موقف داود الظاهري بقوله ( الذي في اللوح المحفوظ غير مخلوق، والذي بين الناس مخلوق).
4/موقف جمهور أهل الحديث منعوا الكلام في اللفظ تماما لالتباسه.
5/موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق، وأخطؤوا في استعمال العبارة.

س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟
ظهر عبدالله بن سعيد بن كلاب البصري وأراد الرد على الجهمية بطريقتهم، غي زمن الإمام أحمد، فأراد الرد على المعتزلة بأصولهم المنطقية وحججهم الكلامية، فلم يسلم بسبب هذا، فوقع في بعض ما وقعوا فيه، وسلم لهم ببعض أصولهم الفاسدة.
وقد أنكر أهل السنة والجماعة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وحذروا منه.

أفراح محسن العرابي 3 جمادى الآخرة 1437هـ/12-03-2016م 10:42 PM

المجموعة الثانية:
س1: بم يتحققالإيمان بالقرآن؟
1/ الاعتقاد: بأن يصدق بكل ما أنزل الله في كتبه وأنه حق لا يأتيه الباطل محفوظ بأمر الله وأنه يهدى إلى الصراط المستقيم .
2/ القول : تلاوة القرآن تصديقاً به وتعبداً لله تعالى .
3/ العمل :بامتثال ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه .
فمن جمع هذه الثلاث فقد آمن بالقرآن وفاز بما وعد الله به قال تعالى: ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُوَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْأَجْرًا كَبِيرًا ).

س2: بيّن فضلالإيمان بالقرآن.
يهدى للتي هي أقوم قال تعالى : (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).
وهو سبب ليحفظ الله للعبد وعلى قدر تلاوته وتدبره يرزق العمل به .
وهو شفاء لما في الصدور والأبدان قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ).

س3: بيّن الفرق بينقول المعتزلة وقول الأشاعرة في القرآن.
المعتزلة : اتفقوا مع أهل السنة بقولهم الكلام لله حقيقة واختلفوا بقولهم أنه مخلوق.
أرادوا بقولهم مخلوق أي منفصل عنه وإذا أراد أن يتكلم يخلقه في أجسام كي يسمعه من يشاء من عباده.
الأشاعرة : اختلفوا مع أهل السنة في أن كلام الله تعالى ليس حقيقة واتفقوا بقولهم أنه ليس مخلوق .
أرادوا بقولهم ليس حقيقة كلام الله أن جبريل هو من عبر عنه .
وكلهما قول باطل مردود بل هو كلام الله حقيقة تكلم به وسمعه جبريل فبلغه بحروفه للنبي صلى الله عليه وسلم .
س4: بيّن خطر فتنة اللفظية.
لأنهاكلمة مجملة حمّالة لوجوه، وأتت بعد فتنة القول بخلق القرآن والناس كانوا أحوج إلى التصريح بأن القرآن كلام الله غيرمخلوق , فتأولتها كل فرقة على ما تريد ومرادهم بذلك أن القرآن مخلوق فستتروا باللفظ لأنه أخف وأقرب لقبول العامة من التصريح.

س5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟
أنه سلك مسلكين :
الأول : مسلك المعتزلة في شبابه حتى بلغ الأربعين من عمره.
الثاني : مسلك أهل السنة وعزم على الانتصار لها، والرد على المعتزلة و لكنّه كان متبحّراً في علم الكلام، قليل البضاعة بعلوم السنة فأعجبه طريقة ابن كلاب ولقربه من فهمه فرأى أنه متكلم أهل السنة فسار على طريقته وزاد عليها الطرق الكلامية والحجج العقلية المنطقية؛ وأحدث أقوالاً في مسائل الدين وأصوله لم تكن تعرف من قبل,وكان يظن أنه على الطريق الصواب ثم في آخر حياته رجع عن الطريقة الكلامية والتزم طريق أهل السنة فألف كتاب (الإبانة )وبين فيه أنه رجوعه لكنه أخطأ في مسائل ظنّ أنه وافق فيها أهل السنة، وهو مخالف لهم.
لذلك أختلف فيه أهل السنة على قولين :
القول الأول : رجع إلى قول أهل السنة رجوع صحيح .
القول الثاني : أنه رجع رجوع مجمل وخطئه لم يخل في تفاصيل مسائل الاعتقاد.
قال ابن تيمية: (ويوجد في كلام أبيالحسن من النفي الذي أخذه من المعتزلة ما لا يوجد في كلام أبي محمد بن كلاب الذيأخذ أبو الحسن طريقَه، ويوجد في كلام ابن كلاب من النفي الذي قارب فيه المعتزلة مالا يوجد في كلام أهل الحديث والسنة والسلف والأئمة، وإذا كان الغلط شبراً صار فيالأتباع ذراعاً ثم باعاً حتى آل هذا المآل؛ فالسعيد من لزمالسنة (
لكن أتباعه بقوا على طريقته وزادوا فيها أقوال فاسدة ما أحدث ذلك فتن عظيمة
قال الإمام أحمد: (لا تجالس صاحب كلام وإن ذب عن السنةفإنه لا يؤول أمره إلى خير).

هبة سيد 3 جمادى الآخرة 1437هـ/12-03-2016م 10:57 PM

المجموعة الأولى:

س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
مسائل الإيمان بالقرآن على نوعين:
1- مسائل اعتقاديه
2- مسائل سلوكية
أولا: المسائل الاعتقادية:
وهي المسائل المعنية بعقيدة المسلم في القرآن من حيث كونه كلام الله عز وجل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وأنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم هدى للناس، وأنه منزه عن كل باطل محفوظ من التحريف والتبديل والتغيير، مهيمن على الكتب السابقة وناسخ لها وغيرها من المسائل تتناولها كتب الاعتقاد ..
وهذه المسائل تنقسم إلى قسمين:
1-أحكام : وهي ما تتعلق بالأحكام العقدية وتقرير ما له حكم الوجوب من ناحية الاعتقاد، أو ما كان بدعة، أو حكم من اعتقد كذا من الأقوال المخالفة هل يكفر أو يعذر وغير ذلك.
2-الآداب: وهي ما تتعلق بآداب البحث في مسائل الاعتقاد، فتتناول ضرورة الاستدلال بالكتاب والسنة في هذه المسائل، والتحذير من القول بغير علم، وذم المراء في القرآن والجدال فيه وغير ذلك.
وهذا القسم مهم جدا لطالب العلم من وجوه:
1- تصحيح المعتقد في القرآن من خلال معرفة القول الحق في مسائل الاعتقاد فيه بدلالة الكتاب والسنة وإجماع السلف.
2- تقرير الاستدلال في هذه المسائل فيحاج به المخالف ويقيم عليه الحجة ويدعو إلى الحق بدليله.
3- معرفة أقوال المخالفين لأهل السنة في اعتقادهم في القرآن ومعرفة مراتبهم ودرجاتهم ومعرفة ردود أهل السنة عليهم واستدلالاتهم فيها ومنهج معاملتهم.
ثانيا: المسائل السلوكية:
وهي ما يتعلق بالانتفاع بالقرآن والعمل به والتأثر بترغيبه وترهيبه وتدبره وحسن الاهتداء به، وهي مسائل تدخل تحت الإيمان بالقرآن لأن الإيمان بالقرآن اعتقاد وقول وعمل ..وهي تنقسم إلى أصلين:
الأول: البصائر والبينات أو ما يعرف في كتب علم السلوك بالمعارف والحقائق، وهي ثمرة العلم بالقرآن وفقهه وتصديق أخباره وعقل أمثاله والتدبر في معانيه. وقد أرشدنا إليها القرآن في أكثر من آية:
قال تعالى: "قد جائكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها "
وقال تعالى: "هذا بصائر للناس وهدى ورحمة للمؤمنين"
الأصل الثاني: إتباع الهدي وهو يعني بالجانب العملي من إتباع أوامر القرآن واجتناب نواهيه، وهذا يحتاج من العبد قوة إرادة وعزيمة وصبر على التكاليف.

والجمع بين الأصلين ضروري لقلب العبد إذ يكمل منهما الآخر، فالأول يثمر في القلب اليقين في الله وكتابه، والثاني يثمر له الاستقامة والتقوى.
قال تعالى: "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون"


س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى.
1-إثبات صفة الكلام لله تعالى بدلالة الكتاب والسنة.
2-صفة الكلام صفة ذاتيه باعتبار نوعها وصفة فعليه باعتبار آحاد الكلام.
3-كلام الله لا يشبه كلام المخلوقين.
4-كلام الله لا يحيط به أحد ولا ينفد ولا ينقضي، قال تعالى: "قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا"
5-لم يزل الله متكلما إذا شاء وكيف شاء.
6- يتكلم الله عز وجل بحرف وصوت ويسمع كلامه لمن شاء.
7-القرآن والتوراة والإنجيل من كلام الله.

س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.

- أول من أحدث بدعة القول بخلق القرآن هو الجعد بن درهم وقد قتله أمير العراق خالد بن عبد الله القسري عام 124ه.
قال أبو القاسم اللكائي: "لا خلاف بين الأمة أن أول من قال القرآن مخلوق:جعد بن درهم"
- تلقف مقالات الجعد الجهم بن صفوان واشتهرت عنه، وقيل أن الجعد جده، ذكره ابن بطة عن يوسف القطان.
ولم يكن الجهم من أهل العلم و لم تكن له عناية بالحديث والأثر، وإنما كان رجلا فصيحا ذكيا، متفننا في الكلام، أوتي جدلا ومراءا، ولم يكن له أتباع في زمانه وإنما تلقف مقالاته أهل الكلام من بعده وفتحوا بها على الأمة الفتن.
- سار على دربهما من بعدهما بشر بن غياث المريسي، تلقى مقالاتهما فجرد القول بها ودعا إليها. وكان في أول أمره مشتغلا بالفقه وتتلمذ على يد نخبة من علماء زمانه كالشافعي وحماد بن سلمة، ولكنه كان مع ذلك يسيء الأدب ويشغب على العلماء حتى أقبل على علم الكلام فافتتن به، وتبنى مقالة الجهم فتركه أهل العلم وحذروا منه. توعد هارون الرشيد بقتله فتخفي في زمانه حتى مات فظهر وأظهر مقالته ودعا إليها.
وروي عن هارون أنه قال: "بلغني أن بشر بن غياث يقول القرآن مخلوق، لله علي لئن أظفرني به لأقتلنه"
-ثم لما تولى المأمون الخلافة اعتقد القول بخلق القرآن وامتحن الناس عليه.

س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.

اختلف الناس في مسألة اللفظ اختلافا كبيرا كل يفهمها بفهمه ويتأول فيها وفق ما فهم وذلك كالآتي:
الموقف الأول: موقف الجهمية ممن تستروا باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن. فرحوا بمقالة اللفظ وتبنوها ودعوا إليها لأنها أقرب لقبول الناس من مقالتهم فأشاعوها بينهم, وقد ورد عن الإمام أحمد التحذير منهم ومن اللفظية وتسميتهم بالجهمية.
قال عبد الله بن الإمام أحمد: سمعت أبي يقول: " كل من يقصد إلى القرآن بلفظ أو غير ذلك يريد به مخلوق فهو جهمي"

الموقف الثاني:
موقف طائفة ممن خاضوا في علم الكلام وتأثروا بكلام الجهمية وإن لم يكونوا يعتقدوا في أصولهم.
ومنهم رجل يقال له الشرّاك كان يقول: "القرآن كلام الله فإذا تلفظنا به صار مخلوقا"
قال أبو طالب للإمام أحمد: "كتب إلي من طرسوس أن الشراك يزعم أن القرآن كلام الله فإذا تلوته فتلاوته مخلوقة". قال: "قاتله الله هذا كلام جهم بعينه"

الموقف الثالث:
موقف داوود بن علي بن خلف الأصبهاني الظاهري ، كان مهمتا بكتب الشافعي معتنيا بجمع الأقوال ومعرفة الخلاف، وقد أوتي ذكاء حادا وقوة بيان ولكنه رد القياس وأخذ بالظاهر.
وكان من أصحاب الكرابيسي وعنه أخذ مقالته باللفظ ولكنه تأولها على مذهبه هو في القرآن إذ كان يقول:"الذي في اللوح المحفوظ ليس بمخلوق وأما الذي بين الناس فمخلوق" وهو قول لم يقله أحد من قبل. وكان يقول : القرآن محدث ولفظي بالقرآن مخلوق.

الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد والبخاري وأبي ثور ،
هؤلاء بدعوا من قال لفظي بالقرآن مخلوق ولفظي بالقرآن غير مخلوق وكانوا يمنعون الكلام في اللفظ مطلقا لما فيه من التلبيس على العامة، واشتدوا في ذلك مع بيانهم أن أفعال العباد مخلوقة.
قال إسحاق بن جنبل: "من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، ومن زعم أن لفظه بالقرآن غير مخلوق فقد ابتدع، فقد نهى أبو عبد الله عن هذا وغضب منه وقال: ما سمعت عالما قال هذا"

الموقف الخامس: طائفة من أهل الحديث قالوا أن اللفظ بالقرآن غير مخلوق ومقصدهم في ذلك: أن القرآن غير مخلوق وأن أفعال العباد مخلوقة، ولكنهم أخطئوا في إطلاق مقالتهم والتبس الأمر عليهم . منهم محمد بن يحي الذهلي شيخ البخاري، وأبو حاتم الرازي وابن منده وغيرهم

الموقف السادس:
موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه، وهؤلاء يوافقون الإمام أحمد في الإنكار على من قال بالقولين لفظي بالقرآن مخلوق ولفظي بالقرآن غير مخلوق ولكنهم يعزون هذا الإنكار إلى المعنى اللغوي للفظ وهو الطرح والرمي، فقالوا أن الإمام أحمد إنما أنكر لأن هذا لا يليق أن يقال في القرآن.

الموقف السابع: طوائف زعمت أن ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة، وأنهم بسماعهم قراءة القارئ يسمعون من الله مباشرة كما سمع موسى بن عمران. وقد ذكر شيخ الإسلام أن هذه الطائفة أقوالها مبتدعة باطلة شرعا وعقلا .

س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟
سببها أنه أراد الرد على المعتزلة بأصولهم وحججهم فانتهج طريقة المتكلمين في ذلك، وسلم للمعتزلة في بعض أصولهم وبنى عليها، مع تقصيره في معرفة السنة وعلومها. فوقع بذلك في قول محدث في القرآن وهو أن القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالله تعالى وأنه ليس بحرف ولا صوت ولا يتجزأ ولا يتباعض ولا يتفاضل.
وقد أنكر أئمة أهل السنة عليه ذلك وحذروا منه ومن منهجه، منهم الإمام ابن خزيمة رحمه الله وقد قال: "كان أحمد من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره"

رقية إبراهيم عبد البديع 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 12:27 AM

المجموعة الرابعة:
 
المجموعة الرابعة:
س1: كيف يكون الاهتداء بالقرآن؟

الاهتداء بالقرآن يكون بتصديق أخباره ، وعقل أمثاله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
فأما تصديق الأخبار فإنه يورث قلب المؤمن يقيناً يزداد به علماً وهدى؛ وكلما كان العبد أحسن تصديقاً؛ كان اهتداؤه بالقرآن أرجى وأحسن؛ كما قال الله تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ....}
فالتصديق الحسن يبلغ بصاحبه مرتبة الإحسان؛ من وجهين: الأول: أنّ الله تعالى سمّاه محسناً كما قال الله تعالى: {ذلك جزاء المحسنين}.
الثاني: أنّ الله يكفّر عنه سيئاته؛ فمن كفّر الله عنه سيئاته قدم يوم القيامة ليس معه إلا الحسنات؛ فيكون بذلك من أهل الإحسان لأنه سيئاته قد كُفّرت عنه.
وقد قال مجاهد رحمه الله في تفسير قول الله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} قال: هم أهل القرآن يجيئون به يوم القيامة يقولون: هذا الذي أعطيتمونا، فاتبعنا ما فيه). رواه ابن جرير.
ومن أوتي التصديق الحسن المثمر لليقين ؛ فإنّه قد أوتي أعظم نعمة أنعم الله بها على خلقه –هي نعمة اليقين-؛ كما روى الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وغيرهما من طرق أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قام خطيباً على المنبر بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم بسَنة؛ فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي هذا عامَ الأوَّل –أي قبل سنة- ثم بكى أبو بكر.
ثم قال: «سلوا الله العفو والعافية فإن الناس لم يعطوا بعد اليقين شيئاً خيراً من العافية».
فقدّم نعمة اليقين على نعمة العافية.

والأصل الثاني: هو عقل الأمثال؛ فإنّ الله تعالى قد ضرب للناس في هذا القرآن من كلّ مثل؛ فمن وعى هذه الأمثال، وفقه مقاصدها، وعرف ما يراد منها ، فاعتبر بها؛ وفعل ما أرشدت إليه؛ فقد عقل هذه الأمثال، واهتدى بها، وحسنت عاقبته.
وبهذا تعرف أنّ عقل الأمثال أوسع من مجرّد فهمها؛ فإنّ الفهم المجرّد لمعاني مفردات الأمثال إذا لم يكن معه فقه للمقاصد وتفطن لما أرشد الله إليه لا يعدّ عقلاً للأمثال.
فليس كل من يعرف الأمثال يعقلها؛ لا بد من أن يتبع الهدى الذي بينه الله عز وجل بهذه الأمثال.
قال الله تعالى: {واضرب لهم مثل الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين . ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض واتّبع هواه}.
وهذا مما يدلّك على أنّ عقل الأمثال ليس مجرّد معرفتها، ولو قرأ في تفسيرها ما قرأ، ولو عرف من معناها ما عرف، فإنه إذا لم يفقه مقاصد هذه الأمثال ولم يتبع الهدى الذي أرشد الله عز وجل به فإنه لا يكون قد عقلها {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (وقد أخبر اللّه سبحانه أنّه ضرب الأمثال لعباده في غير موضعٍ من كتابه، وأمر باستماع أمثاله، ودعا عباده إلى تعقّلها، والتّفكر فيها، والاعتبار بها، وهذا هو المقصود بها).
وقد قسّم أهل العلم أمثال القرآن إلى أمثال صريحة وأمثال كامنة : فالأمثال الصريحة هي التي يصرّح فيها بلفظ المثل ، والأمثال الكامنة هي التي تفيد معنى المثل من غير تصريح بلفظه.

وأمثال القرآن تفيد المؤمن من المعارف والأحوال والتنبيه على العلل والنظائر، والإرشاد إلى أحسن السبل وأيسرها؛ والتبصير بالعواقب والمآلات ما لا تفيده كثير من وسائل التعليم؛ فإنّ الأمثال تقرّب المعاني الكثيرة بألفاظ موجزة يسهل تصوّرها ويسهل اعتبارها؛ فتبرز المعاني الخفية بالتأمّل والاعتبار؛ وتظهر كثيراً من حِكَم الأمرِ والتقدير؛ ويتبصّر بها المؤمن فيفقه مقاصدها؛ ويعرف إرشادها؛ فتثمر في قلبه ما تثمر من المعرفة الحسنة والتصديق الحسن والخشية والإنابة والرغبة والرهبة واليقين؛ وكل ذلك يورثه زكاة نفسه وطهارة قلبه وصلاح عمله وحسن عاقبته بإذن الله تعالى.
الأصل الثالث والرابع فهو فعل الأوامر واجتناب النواهي فإنّ الله تعالى قد أمر بما فيه الخير والصلاح ، ونهى عمّا فيه الشر والفساد؛ فمن أطاع الله بأن امتثل ما أمر الله به في كتابه واجتنب ما نهى عنه؛ فإنّه يُهدى بطاعته وإيمانه؛ ولا يزال يزداد من الهداية كلما ازداد طاعة لله تعالى وإيماناً به حتى يكتبه الله من المهتدين.
كما قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم}
وكثيراً ما يقرن الله تعالى الإيمان بعمل الصالحات في القرآن الكريم؛{الذين آمنوا وعملوا الصالحات} والطاعة تشمل فعل المأمور به وترك المنهي عنه، والكفّ عن المحرّمات من أعظم أسباب وقاية العذاب والسلامة من الضلال؛ كما قال الله تعالى: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون } ، قال تعالى: { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }

س2: ما سبب تصريح أهل السنة بأنّ القرآن غير مخلوق؟

كان العلماء قبل حدوث فتنة خلق القرآن يقولون: إن القرآن كلام الله؛ فلمّا حدثت فتنة القول بخلق القرآن صرّحوا ببيان أنه غير مخلوق.
ومن توقّف في القرآن هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟ سموه واقفيٌّ شاك في حقيقة القرآن، لأنه يجب الاعتقاد أن القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفاته وصفات الله لا تكون مخلوقة.
قال أبو داود السجستاني: سمعت أحمد يُسأل: هل لهم رخصة أن يقول الرجل: القرآن كلام الله، ثم يسكت؟ فقال: ولم يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأي شيء لا يتكلمون؟!!، أي: حيث تكلم أهل الأهواء وقالوا: إن القرآن مخلوق وفتنوا العامة بذلك وفتنوا بعض الولاة والقضاة بذلك فوجب التصريح بأن القرآن كلام الله غير مخلوق.
وقال ابن تيمية رحمه الله: (لم يَقُلْ أحد من السَّلف: إنَّ القرآنَ مخلوق أو قديم، بل الآثار متواترة عنهم بأنَّهم يقولون: القرآن كلام اللَّهِ، ولما ظَهَر من قال: إنه مخلوق، قالوا ردا لكلامه: إنه غير مخلوق)


س3: ما سبب إصرار الإمام أحمد على عدم الترخّص بعذر الإكراه في محنة القول بخلق القرآن.
السبب هو أنه رأس وقدوة للناس وإمام في الحديث ، فلو أجابهم لاتبعه الناس وفسد دينهم ، وكما قال حينما ألحوا عليه في ذلك: إذا أجاب العالِم تقيّةً والجاهل يجهل فمتى يتبيّن الحق؟

س4: ما معنى الوقف في القرآن؟ وما سبب وقوف بعض أهل الحديث؟
الواقفة هم الذين يقولون: القرآن كلام الله ويقفون، فلا يقولون: مخلوق ولا غير مخلوق.
سبب وقوف بعض أهل الحديث؛ أنهم كانوا يقولون: إن القول بخلق القرآن قول محدث، فنحن لا نقول إنّه مخلوق، ولا نقول إنّه غير مخلوق، بل نبقى على ما كان عليه السلف قبل إحداث القول بخلق القرآن؛ فنقول: القرآن كلام الله ، ونسكت.
قال أبو داوود: سمعت أحمد يسأل: هل لهم رخصة أن يقول الرجل: القرآن كلام الله، ثم يسكت؟ فقال: ولم يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأي شيء لا يتكلمون؟ ).

س5: ما سبب محنة الإمام البخاري رحمه الله؟ وبيّن موقفه من مسألة اللفظ.
كان البخاري قد رأى ما نال الإمام أحمد في مسألة اللفظ وهو ببغداد فجعل على نفسه أن لا يتكلم في هذه المسألة، ورأى أنها مسألة مشؤومة،
و سبب محنته هو قوله بأن القرآن كلام الله غير مخلوق أما أفعال العباد فمخلوقة ، وألفاظنا من أفعالنا ؛ فالتبس الأمر على كثيرين لاحتياج الأمر إلى دقة في الفهم ومعرفة الفرق بين اللفظ والملفوظ ، فزعموا أن يقول بخلق القرآن وكفره بعضهم ، وهو صابر محتسب ، حتى أوذي وأخرج من نيسابور و بخارى - وحسدا وبغيا من أحد العلماء وبعض الولاة - ، وضاقت عليه الأرض بما رحبت حتى دعا الله أن يقبضه إليه.

قال أبو عمرو الخفاف [وهو أحمد بن نصر النيسابوري]: (كنا يوما عند أبي إسحاق القيسي ومعنا محمد بن نصر المروزي، فجرى ذكر محمد بن إسماعيل البخاري، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله.
قال: فقلت له: يا أبا عبد الله قد خاض الناس في هذا وأكثروا فيه.
فقال: ليس إلا ما أقول وأحكي لك عنه.قال أبو عمرو الخفاف: فأتيت محمد بن إسماعيل فناظرته في شيء من الأحاديث حتى طابت نفسه فقلت: يا أبا عبد الله هاهنا أحد يحكى عنك أنك قلت هذه المقالة.
فقال: يا أبا عمرو احفظ ما أقول لك: من زعم من أهل نيسابور، وقومس، والري، وهمذان، وحلوان، وبغداد، والكوفة، والمدينة، ومكة، والبصرة، أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقل هذه المقالة إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.

أما موقفه من مسألة اللفظ : فهو يرى أن القرآن كلام الله غير مخلوق ، أما لفظنا به فهو من أفعالنا وأفعال العباد مخلوقة ، فهو يرى الرأي الصحيح عند علماء السلف وإنما دق فهمه على البعض فذهبت طائفة إلى القول بأن ألفاظنا به غير مخلوقة ، وفهمت طائفة عكس ذلك.
وقد ردّ البخاري على الطائفتين، وبيّن الحقّ في هذه المسألة في كتابه "خلق أفعال العباد" بياناً شافياً.
وكان فيما قال: (فأما ما احتج به الفريقان لمذهب أحمد ويدعيه كل لنفسه، فليس بثابت كثير من أخبارهم، وربما لم يفهموا دقة مذهبه، بل المعروف عن أحمد وأهل العلم أن كلام الله غير مخلوق، وما سواه مخلوق، وأنهم كرهوا البحث والتنقيب عن الأشياء الغامضة، وتجنبوا أهل الكلام والخوض والتنازع إلا فيما جاء فيه العلم وبيَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم "
ثم قال: (حدثنا إسحاق، أنبأ عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن الزهري، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوما يتدارءون فقال: «إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا، فلا تضربوا بعضه بعضا، ما علمتم منه فقولوا، وما لا، فكلوه إلى عالمه» قال أبو عبد الله: «وكل من اشتبه عليه شيء فأولى أن يكله إلى عالمه »




محمد شمس الدين فريد 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 12:53 AM

المجموعة الخامسة:
س1: بيّن وجوب الإيمان بالقرآن
س2: اعرض بإيجاز أقوال الفرق المخالفة لأهل السنة في القرآن.
س3: بيّن ما استفدّته من خبر محنة الإمام أحمد.
س4: بيّن سبب نشأة فتنة اللفظية.
س5: لخّص بيان الإمام أحمد والبخاري للحق في مسألة اللفظ.

إجابة السؤال الأول:
بيان وجوب الإيمان بالقرآن:
يتجلى وجوب الإيمان بالقرآن من خلال النظر في أدلة الشرع الحنيف عند من آمن به وصدَّقَ بكونه شرعًا مُنزَّلًا من عند الله تعالى، وصدَّق بالرُّسل، والتزمَ ما أرسلهم الله تعالى به، وذلك من جهات ثلاث:
أولا: حكم الإيمان بالقرآن الكريم:
وهو واجبٌ قطعًا؛ فقد دلَّت عليه نصوص الشرع قطعيةُ الثبوت قطعيةُ الَّدلالة من القرآن و السنة.
فمن القرآن ما يلي:
1- قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ"، فالكتب الذي نزل على رسوله هو القرآن الكريم.
2- قوله تعالى: "فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا"، و النور: هو القرآن كما فسره ابن جرير و غيره.
3- قوله تعالى: "وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ"، وما أنزل الله من كتاب يدخل فيه القرآن دخولًا أوليًّا.
4- قوله سبحانه: "قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"، ويدخل القرآن أيضا فيما أوتي النبيون من ربهم دخولًا أوليًا.
5- قوله سبحانه: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله"، فالإيمانُ بالكتب المنزلة و أفضلها القرآن العظيم= أصلٌ من أصول الإيمان ينتقض الإيمان بدونه.
ومن السنة:
ما ورد في حديث جبريل الطويل أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" رواه مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وجه الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم عدَّ الإيمان بالكتب المنزلة و أفضلها القرآن العظيم= أصلا من أصول الإيمان لا يتحقق بدونه.
ثانيًا: ثمرة الإيمان بالقرآن الكريم:
أن الإيمان بالقرآن تحصل به الهداية وتتحقق به؛ لأنه إيمان مبني على اعتقاد وقول وعمل يعنى بالجانب الاعتقادي والجانب السلوكي، و الدليل قوله تعالى: "َإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا".
ثالثًا: حكم من لم يؤمن بالقرآن الكريم أو شكَّ فيه، وعاقبته:
كافرٌ مُبطِلٌ ظالمٌ فاسقٌ، عاقبته أنه مُتَوَعَّدٌ بالعذاب الشديد الذي يخلد فيه مهانًا مالم يتب و يؤمن، و الأدلة على ذلك كثيرة، منها:
1- قوله تعالى: "وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ"، وجه الدَّلالة أن الجاحد المنكر للقرآن كافرٌ.
2- قوله سبحانه: " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ "، وجه الدَّلالة أن الذي يرتاب في القرآن مُبطلٌ.
3- قوله عز وجلَّ: "بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ".
4- قوله تعالى: " وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ".
5- قوله سبحانه: " وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ"، وجه الدَّلالة أن الذين يكفرون بآيات الله تعالى التي منها القرآن العظيم= كفار مستحقون للعذاب المهين.
6- أن الله توعد اليهود والنصارى باللعن و الغضب جزاء عدم إيمانهم بالقرآن بعد معرفتهم بما أنزل الله من قبل؛ فقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا"، وكذلك قوله تعالى: "بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ".
7- قوله تعالى: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ "، فسمى الممتنعين عن الإيمان بالقرآن كفارا، وأخبر عن عاقبتهم وهي الوقوف بين يدي الله تعالى متلاوِمين صاغرين، و من ذلك قوله تعالى: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ؛ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ، ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ"، فسماهم الله عز وجل كافرين وتوعدهم بالوعيد الشديد وعدَّهم أعداء له.
8- قوله تعالى: "بل هم في شكّ من ذكري بل لمّا يذوقوا عذاب"، وجه الدَّلالة أن الشك في القرآن يوجب العذاب.

إجابة السؤال الثاني:
أقوال الفرق المخالفة لأهل السنة في القرآن:
عند أهل السنة و الجماعة: القرآن هو كلام الله تعالى الذي هو صفته سبحانه، وذلك على الحقيقة، وأنه مُنَزَّلٌ غيرُ مخلوقٍ.
وقد خالفت أهلَ السنة في معتقدهم تجاه القرآن العظيم طوائفُ متعددةٌ، قالوا بأقولٍ باطلة إيجازها فيما يلي:
أولًا: الرَّافضةُ: اختلفت طوائفه في القرآن؛ فمنهم من غلا جدًا وادَّعى تحريفَ القرآن وهم الاثناعشرية من الإمامية، ومنهم من ادَّعى أن الشائع بين المسلمين ليس هو كلَّ القرآن و أن مصحف فاطمة الذي جمعه عليٌّ رضي الله عنهما مُختفٍ، ومنهم باطنية يدَّعون أن معانيَ القرآنِ الظاهرةِ مخالفةٌ لمعانيه الباطنة التي لا يعلمها إلا أئمتُهم، وكلُّ هذه الأقوال= كفرٌ صريح.
ثانيًا: الجهميةُ الأوائل ــــ أتباع الجهم بن صفوان ـــــ و هؤلاء قالوا: إنَّ القرآن مخلوقٌ؛ لتعطيلهم صفة الكلام لله تعالى.
ثالثًا: المعتزلة: يقولون: إن القرآن مخلوق؛ لأنهم يعطلون الله عن صفاته، و أنه تعالى إن أراد أن يتكلم= خلقَ كلامًا في جسم من الاجسام يُسمِعه من يشاء من عباده.
رابعًا: الكُلَّابيةُ: يقولون بأن القرآن هو حكاية عن كلام الله تعالى الذي هو المعنى النفسي القائم بذات الله تعالى القديم بقدمه سبحانه. أي إن جبريل عليها السلام حكى
ذلك المعنى لرسول الله صلى الله عليه و سلم.
خامسًا: الأشاعرةُ: يقولون بأن القرآن هو عبارةٌ عن كلام الله تعالى الذي هو المعنى النفسي القائم بذات الله تعالى القديم بقدمه سبحانه. أي إن جبريل عليه السلام عبَّر عن المعنى النفسي القديم بالألفاظ العربية لرسول الله صلى الله عليه و سلم.
إجابة السؤال الثالث:
فوائد من خبر محنة الإمام أحمد:
أولا: المبتدعة يتربصون موت العالم المقدَّمِ قويِّ الحجة حتى يظهروا مقالاتهم الشنيعة؛ لذلك انتظر المامون موت يزيد بن هارون.
ثانيًا: وقوف العلماءِ الكبارِ صفًّا واحدًا متحدين في وجه الظالم= مظنَّةُ انقطاع الباطل و اندحاره؛ فإذا انكسروا و انصاعوا للمبطل تجرَّأ على غيرهم و تمادى في نشر باطله.
ثالثًا: النُّطق بكلمة الكفر مع اطمئنان القلب بالإيمان= مفسدةٌ، و إهلاك النفس مفسدةٌ اعتبرها الشارع أعظم من مفسدة النطقِ المجرد بكلمة الكفر؛ لذلك فقد رخَّصَ في دفع أعلى المفسدتين بارتكاب أدناهما، فكانت رخصةً لمن أكره على النطق بكلمة الكفر أن ينطقها بلسانه فقط مع اطمئنان قلبه دفعا للمفسدة العظمى التي هي إهلاك النفس، لكن إذا انضمَّت إلى مفسدة النطق بكلمة الكفر مفسدةُ خذلان الحقِّ و أهله، و مفسدةُ إعلاء الباطل ومَظنَّة اندثار الحقِّ وانحساره= صارت مفسدةً كبرى لا يجوز ارتكابها لحفظ النفس، وهذا المعنى الدقيق هو الذي حمل الإمامَ أحمد رحمه الله تعالى على الصبر وعدم الترخُّص، وهذا لا يكون إلا في حقِّ العالم الإمام الذي يحتج الناس بقوله و يقتدون به.
رابعًا: صاحبُ الحقِّ قويٌّ غير هيَّاب، لا تروعه التهديدات، ولا تثنيه التَّرهيبات.
خامسًا: قوة اليقين إذا انضاف إليها الصبر بلغ العبدُ رتبةَ الإمامة في الدين، وهذا ما حصل مع الإمام أحمد حتى اقترن اسمه باسم الصديق أبي بكر رضي الله عنه؛ وأصبح الناس يعدُّونه ناصر السنة وحاميَ حياضها بثباته في الفتنة، كما نصر الصديق الإسلام و حمى حياضَه بانتصاره في حروب الرِّدَّة.
سادسًا: استجابة دعوة المظلوم تكون بإهلاك الظالم في الحال، كما تكون بالفوز في المآل، وقد حصل كلاهما للإمام أحمد رحمه الله؛ فأهلك الله المأمون في الحال حين دعا عليه الإمام، ونصره الله تعالى و أعلى ذكره في العالمين إلى يومنا هذا حتى أصبح يلقب بإمام أهل السنة بلا منازع.
سابعًا: الظالم ضعيفٌ قلبُه مهما ظهرت للناس شراسته، بخلاف الحق الذي يكون عزيزا قويا مهما ظلم أهلُه و أضعفت أجسامهم؛ فإن القوة على الحقيقة هي قوة القلب لا قوة الجسم.
ثامنًا: الخروج على الحاكم مهما كانت درجة ظلمه و فجوره ولو ارتكب ما يُجمع العلماءُ على كفر صاحبه= فتنة عامَّة و مفسدة طامَّةٌ لا يقصد الشرع الحكيم إليها.
تاسعًا: القدرة مناط التكليف، وعدمُ القدرة على رفع الظلم أو دفعه بأي صورة= توجب الصبر و الكفَّ والانشغال بالمستطاع، وكما قيل: إذا لم تستطع شيئا فدعه، وجاوزه إلى ما تستطيع.
عاشرًا: نصرُ الدين وإعلاء الحق لا يستلزم نصرًا سياسيًا أو سعيًا خلف سلطة؛ فها هو الإمام أحمد نصر الله به السنة وقمع البدعة، ولم يسعَ إلى انتزاع السلطة ممن قال هو نفسه بتكفير النوع القائل بقولهم.
حادي عشر: الإمام الحقُّ يقدم مصلحة الأمة على مصلحته الشخصية؛ فلا يكون تعرضه للظلم و الإيذاء مبررًا عنده لتأليب العامَّة ضد الحاكم الظالم؛ لأن الفتنة في حقه خاصَّةٌ، فإذا وقع السيف في الأمة صارت عامَّة تأتي على الأخضر و اليابس.
ثاني عشر: البلاء ينزل بقدر الله ويرتفع بقدر الله تعالى في الوقت الذي يشاؤه الله و يُقَدِّره.
إجابة السؤال الرابع:
سبب نشأة فتنة اللفظية:
أول من أطلق هذا اللفظ كان هو: حسين بن علي الكرابيسيُّ، وكان ذلك منه على سبيل الانتصار لنفسه حين بلغه أن الإمام أحمد قد حذّرَ من بعض ما كتبه ينتصر فيه للحسن بن صالح بن حيٍّ الذي كان يرى السيف، وكذلك كلامه في بعض الصحابة رضي الله عنهم و بعض أئمة التابعين كالأعمش، وإتيانه ببعض ما يقوي آراء الرافضة؛ فلما استنكر الإمام أحمد تلك الكتاب دون أن يعرف كاتبها= غضب الكرابيسي و قال كلمته: "لفظي بالقرآن مخلوق" استثارةً للإمام أحمد و محاولة منه للتشغيب عليه، وكان هذا منه ضعفَ إدراكٍ لمقاصد الشرع الذي يدعو للائتلاف و ينهى عن التفرق و الاختلاف، ولأن هذه الكلمة كان فيها التباس كبير، حيث إنها تعدُّ من قبيل المشترك اللفظي، وهو اللفظ الذي يؤدي معانيَ متعددةً لا يُحمل على أحدها خاصة إلا بقرينة، وذلك لأن: "لفظي" تدل على المصدر بمعنى التَلَفُّظ من حيث هو فعل للعبد، وتدلُّ على اسم المفعول أي: الملفوظ و هو كلام الله تعالى؛ لذلك كان هذا القولُ مشكلًا ترتب على إطلاقه اختلاف وافتراق، وحصلت بسببه فتن كبيرة، وذلك لأن الجهمية قد وجدوها فرصة جيدة أن يستخدموا هذا الإطلاق بديلا عن التصريح بخلق القرآن؛ كي يمرِّروا قولهم و يموِّهوا باطلهم فينطلي على العامَّة، لكن الإمام أحمد انتبه لتلك الحيلة و انبرى و معه ثلَّة من أهل الحديث ليحاربوا هذا الإطلاق الموهم الذي يرَوِّج لهذه البدعة بمكر ودهاء، ولقد قال الإمام أحمد رحمه الله: "افترقت الجهمية على ثلاث فرق: فرقة قالوا: القرآن مخلوق، وفرقة قالوا :كلام الله،وتسكت، وفرقة قالوا: لفظنا بالقرآن مخلوق"
فالفرقة الأولى هم جمهور المعتزلة الذين قالوا بخلق القرآن، وأظهروا هذا القول وأشهروه ودعوا إليه، والفرقة الثانيةهم الذين سُمّوا بالواقفة. والفرقة الثالثة هم اللفظية. فالإمام أحمد منع من استخدام هذا الإطلاق بالكلية فلا يقال: لفظي بالقرآن مخلوق و لا يقال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.
إجابة السؤال الخامس:
بيان الإمام أحمد والبخاري للحق في مسألة اللفظ:
خلاصة قول الإمام أحمد و الإمام البخاري رحمهما الله في هذه مسألة اللفظ يرجع لما يأتي:
أن (اللفظ) في قولهم: "لفظي بالقرآن مخلوق" من قبيل المشترك اللفظي الذي يدلُّ على معنيين:
أحدهما: أنه يدلُّ على المصدر و هو التلَفُّظ من حيث إنه فعل للقارئ، وهذا المعنى يندرج تحت مسألة (أفعال العباد) و الصحيح عند أهل السنة قاطبة و على رأسهم الإمام أحمد و الإمام البخاري أنَّ أفعالَ العبادِ مخلوقةٌ، وعلى هذا تُحملُ الروايات عن أحمد التي ينفي فيها التَجَهُّمَ عن القائلين باللفظ، ومن ذلك قول فوران صاحب الإمام أحمد: سألني الأثرم وأبو عبد الله المعيطيّ أن أطلب من أبي عبدالله خلوةً، فأسأله فيها عن أصحابنا الذين يفرّقون بين اللّفظوالمحكيّ، فسألته، فقال: القرآن كيف تصرّف في أقواله وأفعاله، فغيرمخلوقٍ؛ فأمّا أفعالنا فمخلوقةٌ، قلت: فاللّفظيّة تعدّهم يا أبا عبد الله في جملةالجهميّة؟
فقال: لا، الجهميّة الّذين قالوا: القرآن مخلوقٌ.
كذلك ما ورد عن الإمام البخاريفي كتاب خلق أفعال العباد: "حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة"، و قوله: "والقراءة والكتابة والحفظ للقرآن هو فعل الخلق لقوله: "فاقرءوا ما تيسر منه"والقراءة فعل الخلق".
المعنى الثاني: أنه يدُلُّ على اسم المفعول أي (الملفُوظ) وهو كلام الله جلَّ و علا، وهذا مُنَزَّلٌ غيرُ مخلوق قولا واحدا عند أهل السنة و الجماعة و على رأسهم الأمامان أحمد و البخاري، وقد بيَّنَا هذا فيما تواتر عنهما، وعليه يحمل نعت الإمام أحمد للفظية بالتجهُّم حيث أراد به أولئك الذين تستَّروا وموَّهوا بالقول باللفظ قاصدين القول بخلق القرآن.
أما الإمام البخاري فقد وردت عنه أقوالٌ في كتابه"خلق أفعال العباد" منها قوله: "فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق، قال الله عز وجل: "بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم"."، وكذلك قوله رحمه الله تعالى: "جميع القرآن هو قوله تعالى، والقول صفة القائل موصوف به فالقرآن قول الله عز وجل".
و بسبب هذا الاشتراك الموهم منع الإمام أحمد والإمام البخاري و غيرهم من أئمة الحديث و السنة من إطلاق هذا اللفظ إيجابا أو سلبا؛ فلا يقال إن اللفظ بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق، قال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى: "فلقد أحسن الإمام أبو عبد الله حيث منع من الخوض في المسألة من الطّرفين، إذ كلّ واحدٍ من إطلاق الخلقيّة وعدمها على اللّفظ موهمٌ، ولم يأت به كتابٌ ولا سنّةٌ، بل الّذي لا نرتاب فيه أنّ القرآن كلام الله منزلٌ غير مخلوقٍ - والله أعلم".
و الحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحاتُ.

غيمصوري جواهر الحسن مختار 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 01:15 AM

المجموعة الثانية

س-1- بين أهمية معرفة مسائل الإيمان بالقرآن وكيف يحقق طالب العلم هذه المعرفة ؟

ج – 1 - تأتي أهمية معرفة مسائل الإيمان بالقرآن لان به يتبين لطالب العلم ما يتحقق به الإيمان بالقرآن وما يقدح في ذالك وبه يعرف المسائل التي يبحثه العماء في هذا الباب وبه يعرف مراتب المخالفة في هذه المسألة وأحكام المخالفين ودرجاتهم
ويحقق طالب العلم هذه المعرفة بدراسة أحكامه وآدابه والمراد بالأحكام هي الأحكام العقدية بأن يعلم هل هذا القول في مسائل القرآن واجب الإعتقاد أم بدعة وهل البدعة مفسقة أو مكفّرة والآداب تشمل معرفة الطالب مسائل الاعتقاد المتعلقة بالقرآن بما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وبما أثر من السلف الصالح ويدرسها على منهج أهل السنة والجماعة في التلقي والاستدلال ويحذر من طرق أهل البدع في دراستها وتقريرها وأن يكف عن المراء في القرآن والتنازع فيه وضرب بعضه ببعض وأن لا يتكلّف ما لا يحسن وألا يقول ما ليس له به علم , إلى غيرها من الآداب في مسائل الإعتقاد .

س-2 – لخص عقيدة أهل السنّة والجماعة في القرآن ؟
ج-2 – حاصل ما قاله أهل السنة والجماعة في مسائل الإيمان بالقرآن على النحو الآتي
1- أن القرآن الكريم كلام الله تعالى حقيقة لا كلام غيره
2- منه بدأ وإليه يعود
3- أنّ القرآن حروفه ومعانيه من الله تعالى
4- أنه أي القرآن ليس بمخلوق ‘ لأنّه كلام الله
5- أنّ من زعم أنّه مخلوق فهو كافر
6- أنّ جبريل سمع القرآن من الله تعالى وأنّ النبي صلى الله عليه وسلّم سمعه من جبريل والصّحابة سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثمّ نقل إلينا متواترا
7- وأنّهذا الذي بين – دفتي المصحف – هو القرآن الكريم محفوظ في السطور وفي الصّدور .
8- وأنّ كل حرف منه قد تكلّم الله به حقيقة
9- وأنّه بلسان عربي مبين ‘ تكلّم الله به بلسان عربي
10- وأنّ من ادّعى وجود قرآن غيره فهو كافر بالله تعالى
فهذا ملخص ما يجب اعتقاده في القرآن الكريم على منهج أهل السنة والجماعة .

س-3- عدد مما درست من امتحن من أهل الحديث في مسائلة القول بخلق القرآن مبينا أنواع الأذى الذي لحق بهم .

ج- 2- اشتد فتة القول بخلق القرآن في عهد المأمون وبدأ في امتحان العلماء وحملهم على القول بخلق القرآن وكان من علماء الحديث الذين امتحنوا على النحوالتالي
أمر المأموم بإحضر كل من يحيى بن معين وأبو خيثمة زهير بن حرب ‘وأحمد بن إبراهيم الدورقي ‘ وإسماعيل الجوزي ‘ ومحمد بن سعد كاتب الواقدي ‘ وأبو مسلم عبد الرحمن بن يوسف المستملي‘ وابن أبي مسعود. كلهم من أهل الحديث أحضروا إلى الرقة عند المأمون لامتحانهم ‘ فامتحنوا بعيدين عن بلدانهم رغبة في تخويفهم ‘ فهابوه وخافوا معارضته فأجابوا وأطلقوا . فعلق الإمام أحمد على فعلهم هذا بقوله ( لو كانوا صبروا وقاموا لله عز وجلّ لكان الأمر قد انقطع ‘ .......ولكن لما أجابوا وهم عين البلد اجترأ على غيرهم ) وكان إذا ذكرهم اغتم وقال ( هم أوّل من ثلم هذه الثلمة وأفسد هذا الأمر)
وفي الدمش أمر المأمون واليه يحيى بن معاذ أن يمتحن المحدثين بها فأحضر الأمير كل ّ من هشام بن عمار ‘ وسليمان بن عبد الرّحمن ‘ وعبد الله بن ذكوان ‘ وأحمد بن أبي الحواري كلهم من أهل الحديث وكان الوالي يجلّهم ويحترمهم لكنه لا يقوى على مخالفة أمر الخليفة فامتحنهم إمتحانا ليس بشديد فأجابوه إلا عبد أحمد بن أبي الحواري الناسك العابد كان من أهل الحديث وكان معروفا بصلاحه حتى قال يحيى بن معين ( أظنّ أهل الشام يسقيهم الله به الغيث) فكان أمير دمشق يحبه ويجلّه ‘ فجعل يرفق به في المحنة ويقول : أليس السماوات مخلوقة ؟ أليس الأرض مخلوقة ؟ وأحمد يأبى أن يطيعه . فسجنه في دار الحجارة وسعى الوالي إلى أن يحمله إلى القول به ولو تأويلا وعمل كل الحيل حتى استجاب إلى التأويل فكتب بإجابته إلى الخليفة ,
وامتحن كذالك أبومسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني قاضي دمشق وهومن شيوخ الإمام أحمد ووصل به الأمر إلى أن يحضر إلى الخليفة فدار بينه وبين الخليفة نقاش حول خلق القرآن أنتهى إلى تهديده بالقتل إن لم يرجع عن رأيه فرأى الشيخ أخيرا أن يرجع عن رأيه فرجع عنه ولم يسلم مع ذالك من المحنة إذ لم يطلقه الخليفة وإنما أمر بحبسه في الغداد عند اسحاق بن إبراهيم في شهر بيع الآخر سنة ثماني عشرة ومائتين ولم يلبث إلاّ يسيرا حتى مات في سجنه في شهر رجب من العام نفسه .

س-4- ما حكم من وقف في القرآن ؟
الحكم في مسألة الوقف يختلف باختلاف القائل وذالك أنّ القائلون بالوقف على أصنافق ثلاثة يختلف حكم كلّ صنف عن الآخر بحسب إعتقاده وحاله كالآتي :
الصنف الأوّل هم : طائفة من الجهمية تستروا بالوقف وحقيقتهم أنّهم يقولون بخلق القرآن وينكرون على من يقول أن القرآن غير مخلوق فأهل هذا الصنف هم جهمية مخادعون وفتنتهم على العامة أشدّ من فتنة الجهمية لأنّهم يستدرجونهم بذالك ثمّ يشكّكونهم في كلام الله تعالى فلا يدرون أمخلوق هو أم غير مخلوق وإذابتلي المرء بالشك وقع في الفتنة ‘ وكان أقرب إلى التزام قولهم
ولذا اشتدّ إنكار الإمام أحمد على هؤلاء الواقفة و كثرت الرّوايات عنه في تكفيرهم والتحذير منهم.
الصنف الثاني : صنف سلكوا في الوقف مسلك الشك والتردد ‘ فلا يقولون أن القرآن مخلوق ولا غير مخلوق لشكّهم في ذالك : فهؤلاء لم يؤمنوا حقيقة بكلام الله تعالى لأن الإيمان يقتضي التصديق والشك مناف للتصديق الواجب فالشاك غير مؤمن ‘ إلا أنّ الجاهل منهم قد يعذر بسسب جهله وكذا صاحب الشبهة بسبب شبهته حتى تقام عليه الحجة قال عبد الله ابن الإمام أحمد سئل أبي رحمه الله وأنا أسمع عن اللفظية والواقفة فقال من كان منهم جاهلا ليس بعالم ‘ فليسأل وليتعلّم ) وقال أيضا : وسمعت أبي رحمه الله مرة أخرى وسئل عن اللفظية والواقفة فقال ( من كان منهم يحسن الكلام فهو جهمي ) وهذا بين في تفريه رحمه الله بين الواقف الجهمي والواقف العامي .
الصنف الثالث هم طائفة من أهل الحديث قالوا بالوقف وأخطئوا في ذالك ‘ومنهم من دعا إلى الوقف بالقول وهؤلاء ينكرون على من يقول بخلق القرآن ولا يعتقدون أنّ كلام الله مخلوق لكنهم قالوا : إنّ القول بخلق القرآن قول محدث فنحن لا نقول إنه مخلوق ولا نقول إنّه غير مخلوق بل نبقى على ما كان عيه السلف قبل احداث القول بخلق القرآن فقول القرآن كلام الله ونسكت .
قال أبوا دود : سمعت أحمد يسأل هل لهم رخصة أن يقول الرجل : القرآن كلام الله ثم يسكت؟ فقال ولم يسكت ؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت ‘ ولكن حيث تكلّموا فيما تكلموا لاي شيئ يسكت ؟ كان الإمام أحمد شديدا على من يقول بالوقف من أهل الحديث ويأمر بهجرهم ‘ لأنهم يوطّؤون الطريق لأهل الأهواء ‘ ويشكّكون العامة في كلام الله .

س-5 بين سبب اختلاف الأفهام في مسألة اللفظ ؟


ج-5- مسألة اللفظ من المسائل الغامضة لتوقفها على مراد القائل ودخول التأويل فيها قال ابن تيمية : 0 الأئمة الكبار كانوا يمتنعون من إطلاق الألفاظ المبتدعة المجملة المشتبهة لما فيه من لبس الحق بالباطل ‘ مع ما توقعه من الإشتباه والإختلاف والفتنة بخلاف الألفاظ المأثورة والألفاظ التي بينت معانيها كما يروى عن مالك ( إذا قلّ العلم ظهر الجفاء وإذا قلّت الآثار كثرت الأهواء )
فالظاهر من خلال ما سبق والله أعلم أن سبب الخلاف هو بسسب الغموض في معنى اللفظ نفسه لاحتماله أكثر من معنى .

مها محمد 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 01:21 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة االرابعة:
إجابة السؤال الأول:
الاهتداءبالقرآن الكريم يكون بتصديق أخباره، وعقل أمثاله، وامتثال أوامره ،واجتناب نواهيه.
1- تصديق الأخبار:
تصديق الأخبار يورث قلب المؤمن اليقين ،والتصديق الحسن هو الذي لا يكون معه شكّ ولا تردد، ويثمر في قلب صاحبه اليقين وصدق الرغبة والرهبة.
وكلما كان العبد أحسن تصديقاً بالقرآن كلما كان اهتداؤه بالقرآن أرجى وأحسن ، والتصديق الحسن يبلغ بصاحبه مرتبة الإحسان والدليل على ذلك قوله تعالى:(وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)33(لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ)34(لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ)35 الزمر.
ووجه الدلالة من الآيات على ذلك من وجهين :
الأول: أن الله عز وجل سماه محسناً؛ قال تعالى:( ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ).
الثاني: أن الله عز وجل يكفر عنه سيئاته؛ فيقدم يوم القيامة ليس معه إلا الحسنات فيكون بذلك من أهل الإحسان.

ومن أوتي التصديق الحسن المثمر لليقين ؛ فإنّه قد أوتي أعظم نعمة أنعم الله بها على خلقه –هي نعمة اليقين-؛ ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وغيرهما من طرق أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قام خطيباً على المنبر بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم بسَنة؛ فقال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي هذا عامَ الأوَّل –أي قبل سنة- ثم بكى أبو بكر ثم قال: {سلوا الله العفو والعافية فإن الناس لم يعطوا بعد اليقين شيئاً خيراً من العافية.{
فقدّم نعمة اليقين على نعمة العافية.
2- عقل الأمثال:
الله عز وجل قد ضرب للناس في هذا القرآن من كل مثل؛ وليس المقصود مجرد فهم الأمثال ، ولكن كما قال تعالى : {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}، فالمقصود عقل هذه الأمثال ؛ومعرفة ما يراد منها والاعتبار بها ؛ وفعل ما ترشد إليه ؛ واتباع هديها، فليس كل من يعرف الأمثال يعقلها؛ بل لا بد من أن يتبع الهدى الذي بينه الله عز وجل بهذه الأمثال.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (وقد أخبر اللّه سبحانه أنّه ضرب الأمثال لعباده في غير موضعٍ من كتابه، وأمر باستماع أمثاله، ودعا عباده إلى تعقّلها، والتّفكر فيها، والاعتبار بها، وهذا هو المقصود بها).
وأمثال القرآن تنقسم إلى أمثال صريحة وأمثال كامنة.
- فالأمثال الصريحة هي التي يصرّح فيها بلفظ المثل، ومثاله؛ قوله تعالى:{واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون} هذا صرح فيه بلفظ المثل؟ إذاً هو مثل صريح.
- والأمثال الكامنة هي التي تفيد معنى المثل من غير تصريح بلفظه.
فإذا ذكر الله عز وجل قصة من القصص احتوت على مقصد وعمل وجزاء فإن هذا مثل، فمن فعَل فعْل أولئك فإنه ينال مثل جزاءهم إن كان حسنا وإن كان سيئا، ولو لم يصرح بأنه مثل.
وقد أفاض في ذكر الأمثال الكامنة الزركشي في «البرهان في علوم القرآن» والمهم أن ضابط الأمثال الكامنة هي ما يدل على معنى المثل أو ما يفيد معنى المثل من غير تصريح بلفظه؛ فإذا ذُكر فعل وجزاؤه فهذا مثل.
الأمثال تقرّب المعاني الكثيرة بألفاظ موجزة يسهل تصوّرها ويسهل اعتبارها؛ فتبرز المعاني الخفية بالتأمّل والاعتبار؛ وتظهر كثيراً من حِكَم الأمرِ والتقدير؛ ويتبصّر بها المؤمن فيفقه مقاصدها؛ ويعرف إرشادها؛ فتثمر في قلبه ما تثمر من المعرفة الحسنة والتصديق الحسن والخشية والإنابة والرغبة والرهبة واليقين؛ وكل ذلك يورثه زكاة نفسه وطهارة قلبه وصلاح عمله وحسن عاقبته بإذن الله تعالى.
قال أحد السلف :( الأمثال سُرج القرآن) فقد شبهها رحمه الله بالمصابيح التي تنير له الظلمة، لأنها لمن عقلها، واعتبر بها، وعمل بهديها ،نور يبصره بالعواقب والمآلات في الطريق إلى الله؛ فإذا تأملها المؤمن حق التأمل وأعاد التفكر فيها والتذكر والتبصر بها فإنها تفتح له من أبواب اليقين شيئا عظيما يكون له أثر حسن في قلبه وتثمر فيه الإخلاص لله عز وجل.
3-4- امتثال أوامره واجتناب نواهيه:
إذا حصل للعبد التصديق بأخبار القرآن ؛وعقل الأمثال ؛ ظهر ذلك على جوارحه باتباع الأوامر واجتناب النواهي، فالله عز وجل لم يأمر إلا بما فيه الخير والصلاح ، ونهى عما فيه الشر والفساد . ولا يزال العبد يزداد من الطاعة فيزيده الله إيماناً حتى يكتب عند الله من المؤمنين المهتدين.
وكثيراً ما يقرن الله تعالى الإيمان بعمل الصالحات في القرآن الكريم؛{ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات}فعمل الصالحات يشمل فعل المأمور به ، وترك المنهيّ عنه ، ففعل الطاعات والكفّ عن المحرّمات من أعظم أسباب وقاية العذاب والسلامة من الضلال؛ كما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ }
وقال تعالى: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
-------------------------------
إجابة السؤال الثاني:
سبب تصريح أهل السنة بأن القرآن غير مخلوق:
( القرآن كلام الله )هكذا كان قول السلف قبل حدوث فتنة خلق القرآن ، فلمّا حدثت فتنة القول بخلق القرآن صرّحوا ببيان أنه غير مخلوق.
ومن توقّف في القرآن هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟ سموه واقفيٌّ شاكّاً في حقيقة القرآن، وكلام الله صفة من صفاته وصفات الله لا تكون مخلوقة.
قال ابن تيمية رحمه الله: (لم يَقُلْ أحدٌ مِن السَّلَفِ: إنَّ القرآنَ مخلوقٌ أو قديمٌ، بل الآثارُ متواتِرةٌ عنهم بأنَّهم يقولون: القرآنُ كلامُ اللَّهِ، ولمَّا ظَهَرَ مَن قال: إنَّه مخلوقٌ، قالوا رداًّ لكلامِه: إنَّه غيرُ مخلوقٍ).
----------------------------------
سبب إصرار الإمامأحمد على عدم الترخص بعذر الإكراه في محنة خلق القرآن:
كما قال رحمه الله لعمه { ياعمّ! إذا أجاب العالِم تقيّةً والجاهل يجهل فمتى يتبيّن الحق؟!!}
وقد امتحن رحمه الله امتحاناً شديداً ؛ على يد ثلاثة من الخلفاء، ولكنه ثبت أمام الضرب والتعذيب ، حتى تنتهي هذه البدعةويتبين الحق، وقد كان الإمام أحمد قدوة ؛ ينتظر قوله في هذه المحنة خلق كثير ، فلولا ثباته لضل الكثيرين.
لذلك قال عليّ بن المديني: (إن الله عزّ وجلّ أعزّ هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث: أبو بكر الصديق يوم الردّة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة.(
----------------------------------
إجابة السؤال الرابع:
معنى الوقف في القرآن:
الوقف معناه : أن يقول : القرآن كلام الله، ويقفْ ، فلا يقول مخلوق ولا غير مخلوق .
والواقفة ثلاثة أقسام :
الأول : طائفة من الجهمية يستترون بالوقف، وهم في حقيقة الأمر يقولون بخلق القرآن.
وحكمهم أنهم كفار، قال ابن تيمية: (وكانت الواقفة الذين يعتقدون أن القرآن مخلوق ويظهرون الوقف، فلا يقولون مخلوق ولا غير مخلوق، ويقولون: إنه محدث، ومقصودهم مقصود الذين قالوا هو مخلوق فيوافقونهم في المعنى ويستترون بهذا اللفظ).

الثاني: الذين يقفون شكّاً وتردداً؛ فلا يقولون هو مخلوق ولا غير مخلوق لشكّهم في ذلك. وحكمهم أنهم كفار أيضاً لأن الشك كفر.
وكان الإمام أحمد يفرق بين العامي الجاهل وغيره من أصحاب الكلام ؛ يقول عن العامي فليسأل وليتعلم ،فإن قبل واتّبع الحقّ قُبل منه، وإن أبى واستكبر أو بقي شاكّاً مرتاباً في كلام الله تعالى بعد إقامة الحجّة عليه؛ حُكم بكفره
الثالث: طائفة من أهل الحديث؛ قالوا بالوقف، وأخطؤوا في ذلك؛ ومنهم من دعا إلى القول بالوقف.
هؤلاء لا يعتقدون أن القرآن مخلوق ؛بل وينكرون على من يقول: إنّ القرآن مخلوق.
لكنّهم قالوا: إن القول بخلق القرآن قول محدث، فنحن لا نقول إنّه مخلوق، ولا نقول إنّه غير مخلوق، بل نبقى على ما كان عليه السلف قبل إحداث القول بخلق القرآن؛ فنقول: القرآن كلام الله ، ونسكت.
كان هذا اجتهاد منهم أخطؤوا فيه رحمهم الله؛ فإنّ كلام الله تعالى صفة من صفاته، وصفات الله ليست مخلوقة، ولو كانت المسألة لم يُتكلّم فيها بالباطل ويُمتحن الناسُ فيها لكان يسعهم السكوت؛ فأمّا بعد ما حصل من الفتنة وحاجة الناس إلى البيان، وكثرة تلبيس الجهمية؛ فلا بدّ من التصريح بردّ باطلهم، حتى لا يترك الناس في عماية.
-------------------------
إجابة السؤال الخامس :
سبب فتنة البخاري رحمه الله كانت الحسد بين الأقران .
وتفاصيل ذلك كما يلي:
لما توجه البخاري في آخر حياته إلى خرسان ؛ وعزم على الإقامة في نيسابور ؛ فبلغ ذلك أهل نيسابور فاحتفوا بمقدمه احتفاءً شديدًا ، وخرج إليه العلماء والوجهاء والعامة في مسيرة ليلتين أو ثلاثة يستقبلونه.
ولما اجتمع عليه الناس؛ حسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور، ورموه باتهام خطير ؛ أنه يقول باللفظ في القرآن ، وقد كان البخاري رحمه الله ينأى عن الحديث عن الكلام في هذه المسألة ؛ لالتباسها ودقّة أفهام كثير من الناس عنها وللأذى فيها لكن قدّر الله تعالى أن يبتلى بها.
لأنه لما سئل عنها قال :القرآن كلام الله وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة.
لكنهم شغبوا عليه ؛ ونقلوا مقالته على غير وجهها إلى قاضي نيسابور محمد بن يحيى الذهلي؛ فقال في مجلسه فيما قال: (من زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق فهذا مبتدع لا يجالس ولا يكلم، ومن ذهب بعد مجلسنا هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه، فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه).
وكان البخاري رحمه الله يقول في ذلك : كم يعتري محمد بن يحيى الحسد في العلم، والعلم رزق الله يعطيه من يشاء.
ومُنع الناس من الاختلاف إليه حتى هُجر، وخرج من نيسابور في تلك المحنة،و قطعه أكثر الناس غير الإمام مسلم، فإنه لم يتخلف عن زيارته، وقد أوذي البخاري رحمه الله في هذه المحنة كثيراًحتى كفّره بعضهم، وهو صابر محتسب ثابت على قول الحق؛ مجتنب للألفاظ الملتبسة.
وقد كان البخاري يقول : (من زعم من أهل نيسابور، وقومس، والري، وهمذان، وحلوان، وبغداد، والكوفة، والمدينة، ومكة، والبصرة، أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقل هذه المقالة إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.)
وقد وبيّن الحقّ في هذه المسألة في كتابه "خلق أفعال العباد" بياناً شافياً.
----------------------

منال انور محمود 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 01:40 AM

مجلس مذاكرة مسائل الإيمان بالقرآن
المجموعة الأولى
السؤال الأول: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
*مسائل الإيمان بالقرآن نوعين:
النوع الأول: مسائل اعتقادية وهى:-
المسائل التى تبحث فى كتب الأعتقاد أى مايجب اعتقاده فى القرآن وهو:
- الإيمان بأن القرآن كلام الله تعالى منزل غير مخلوق أنزله على نبيه محمد "صل الله عليه وسلم" ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
- أنه مهيمن على ما قبله من الكتب وناسخ لها.
- أن القرآن بدأ من الله عزوجل وإليه يعود.
- أن يؤمن بما أخبر الله به عن القرآن وما أخبر به رسول الله"صل الله عليه وسلم".
- أن يعتقد وجوب الإيمان بالقرآن ويحل حلاله ويحرم حرامه ويعمل بمحكمه ويرد متشابهه إلى محكمه.
* المسائل فى أبواب الإيمان بالقرآن فى كتب الإعتقاد يقسم إلى:-
-أحكام وآداب.
والمقصود بالأحكام:- الأحكام العقدية واجب الاعتقاد؟ أو بدعة وما حكم مخالفه هل هى بدعة مفسقة أو بدعة مكفرة.
الآداب تشمل:- أن يقول بما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وما أُثر عن السلف الصالح وأن يدرس تلك المسائل على منهج أهل السنة.
النوع الثانى:- المسائل السلوكية.
* وهى المسائل التى يكون بها الأنتفاع بمواعظ القرآن والأهتداء بما بين الله فيه وعقل امثاله فالإيمان قول وعمل وأعتقاد وكذلك المسائل السلوكية.
* وعلم السلوك يُعنى بأصلين مهمين:-
1- البصائر والبينات وهى قائمة على العلم وتثمر اليقين.
2- اتباع الهدى قائم على الإيرادة والعزيمة ومثمر للآستقامة والتقوى.
* وقد جمعت الآية الكريمة أصلى علم السلوك البينات والهدى"إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴿159﴾.
والاصل الأول (البينات) حجة على من خالف الأصل الثانى وهو (الهدى).
السؤال الثانى:بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى؟
* من أهم مسائل الأعتقاد المتعلقة بالإيمان بالقرآن هو إثبات صفة الكلام لله تعالى لأن القرآن كلام الله وهذا إعتقاد أهل السنه والجماعة والأدلة على ذلك:
- من القرآن (وكلم الله موسى تكليما).

وفي السنة أدلّة كثيرة على تكلم الله تعالى:
- منها: حديث عديّ بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة(متفق عليه).
وقد دلت النصوص على أن الله تعالى يتكلم بحرف يُسمعه من يشاء وهو تعالى المتكلم بالتوراة و الإنجيل والقرآن، وكلام الله صفة من صفاته لم يزل الله متكلماً إذا شاء يتكلم بمشيئته وقدرته متى شاء وكيف شاء، وكلامه تعالى لايشبه كلام المخلوقين ولايحيط به أحد من خلقه ولا تنفد ولاتنقضى والدليل:
قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدا(109).
* وصفة الكلام لله تعالى ذاتية بأعتبار نوعها أى أن الله تعالى لايزال متكلماً إذا شاء.
*صفة فعلية إذا تكلم.
س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.
المرحلة الأولى : أول من أحدث بدعة القول بخلق القرآن هو الجعد بن درهم و قد قتله أمير العراق خالد بن عبدالله القصري عام 124 ه يوم الأضحى .
المرحلة الثانية : الجهم بن صفوان أخذ هذه المقولة و لم يكن له أتباع لهم شأن في زمانه و لم يكن من أهل العلم و لم تكم له عناية بالأحاديث و الآثار و لكن أوتي ذكاءً و لسانا ً بارعاً و جدلاً و قد كفره العلماء في عصره و قتله الأمير سلم بن الأحوز المازني سنة 128 ه .
المرحلة الثالثة : ثم ظهر بعدهما بمدة بشر بن غياث المريسي و كان في أول أمره و كان مع ذلك يسئ الأدب و يشغب و أقبل على علم الكلام و افتتن به .
س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.
أختلفت مواقف الناس في مسألة اللفظ إلى .
الموقف الأول : موقف الجهمية المتسترة باللفظ و هم الذين يقولون بخلق القرآن و يتسترون باللفظ .
الموقف الثاني : موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام و تأثر ببعض الجهمية و على رأسهم رجل يقال له الشرّاك قال إن القرآن كلام الله فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً .
الموقف الثالث : موقف داود بن علي الأصبهاني الظاهري رأس أهل الظاهر و إمامهم قوله في القرآن (( أما الذي في اللوح المحفوظ فغير مخلوق أما الذي بين الناس فمخلوق وقال لفظ بالقرآن مخلوق .
الموقف الرابع : موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد و إسحاق بن راهويه و البخاري فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقا لالتباسه و بدّعوا الفريقين .
الموقف الخامس : موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأن اللفظ بالقرآن غير مخلوق و هم يريدون أن القرآن غير مخلوق و أخطئوا باستعمال هذه العبارة .
الموقف السادس : موقف أبي الحسن الأشعري و بعض أتباعه قالوا إن الإمام أحمد إنما كره الكلام في اللفظ لأن معنى اللفظ الطرح و الرمي غير لائق أن يقال في حق القرآن .
الموقف السابع : موقف طوائف زعمت أن ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة و زعموا أن سماعهم للقراءة هي سماع مباشر من الله و أنهم يسمعون كلام الله من الله و اختلفوا في تفصيل ذلك على أقوال :
قال بعضهم : أن صوت الرب حل في العبد .
و قال أخرون ظهر فيه و لم يحل فيه و أخرون قالوا لا نقول ظهر و لا حل
و قال أخرون الصوت المسموع قديم غير مخلوق .
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية هذه الأقوال كلها مبتدعة و كلها باطلة شرعا و عقلا .
س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟
ظهر أقوام أرادوا الرد على المعتزلة و الانتصار لأهل السنة بالحجج المنطقية و الطرق الكلامية فخاضوا فيما نهاهم عنه أهل العلم و خرجوا بأقوال تخالف أهل السنة و الجماعة منهم أبا محمد عبدالله بن سعيد بن كلاب البصري و كان معاصرا للإمام أحمد بن حنبل أراد الرد على المعتزلة بطريقتهم فأدى ذلك إلى التسليم لهم ببعض أصولهم الفاسدة و تمكن من رد بعضهم فغره ذلك و ظنوا أنه انتصر للسنة و كان بسبب تقصيره في عرفة السنة و علوم أهلها و سلوك و طريق المتكلمين خرج بقول بين قول أهل السنة و قول المعتزلة . و قد أنكر أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة و ما أحدث من الاقوال و حذروا منه و من طريقته قال ابن خزيمة كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبدالله بن سعيد بن كلاب و على أصحابه مثل الحارث و غيره .

عطية الامير حسين 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 01:43 AM

المجموعة الأولى:
ج1: أنواع مسائل الإيمان بالقرآن:-
1-مسائل اعتقادية :وهى مايجب اعتقاده فى القران ،وأصل ذلك ما يجب اعتقاده بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق ،أنزله على نبيه صلى الله عليه وسلم ،ومسائل الاعتقاد فى القرآن ثلاثة أمور:
1-معرفة القول الحق فى مسائل الاعتقاد فى القرآن،بما دلت عليه نصوص الكتاب واسنة وإجماع السلف الصالح.
2-تقرير الاستدال لهذه المسائل .
3-معرفة أقوال المخالفين لأهل السنة فى مسائل اعتقاد فى القرآن

2- المسائل السلوكية (المتعلقة بالإيمان بالقرآن):وهى التى تعتنى بالمواعظ القرآنية وحسن الاستجابة لله تعالى ،والاهتداء بما بين الله عزوجل فى القرآن من الهدىنوعلم السلوك يعنى بأصلين :
الاصل الاول :البصائر والبينات ،قال تعالى (قد جائكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها وما أنا عليكم بحفيظ)
الاصل الثانى :اتباع الهوى قال تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب أولئك يلعنهك الله ويعلنهم اللاعنون)
ج 2:عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى:
1-أن القرآن كلام الله حقيقة لاكلام غيره.
2-منه بدأ واليه بعود,
3-القروآن حروفه ومعانيه من الله تعالى.
4-القرآن ليس بمخلوق لانه كلام الله ،ومن زعم بأنه مخلوق فهو كافر.
5-أن جبريل سمع القرآن من الله ،والنبى سمعه من جبريل ،والصحابه سمعوه من النبى صلى الله عليه وسلم.
6- كل حرف منه قد تكلم الله به باللسان العربى .
7- من ادعى قرآن غيره فهو كافر بالله تعالى.
8-أن الذى بين الدفتين فى المصاحف هو القرآن محفوظ فى السطر وفى الصدور.

ج 3:نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.
أول من أحدث القول بخلق القرآن هو الجعد بن درهم ،وقد قتله خالد القسرى عام124ه يوم الاضحىنثم أخذ المقالة الجهم بن صفوان واشتهرت عنه ولم يكن له أتباع لهم شأن فى زمانه ،وانما بقيت مقالاته حتى تلقفها بعض أهل الكلام وانتشر وسط الناس ،وكان من أعظم من أدخله على الامه إنكار الاسماء والصفات ،وانكار علو الله ،والقول بخلق القرآن ،والجبر ،والارجاء الغاليان ،وقد كفره العلماء فى عصره ،فقتله الأمير سلم بن الاحوز المازنى سنة 128،ثم ظهر بعدها بشر بن غياث المريسى كان منشغلا بالفقه وأقبل على علم الكلام وافتتن به ،ثم لما آلت الى المأمون الخلافه سنة 198ه افتتن بعلم الكلام وفى سنة 218ه عزم المأمون على امتحان العلماء فى القول بخلق القرآن .

ج4 :اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.
الموقف الأول:موقف الجهمية المتسترة باللفظ وهم الذين يقولون بخلق القرآن،ويتسترون باللفظ ،وهم نظيرة الجهمية المتسترة بالوقف.قال عبدالله بن الإمام أحمد سمعت أبى يقول :(كل من يقصد إلى القرآن بلفظ أو غير ذلك يريد به مخلوق فهو جهمى )
الموقف الثانى:قال الشراك إن القرآن كلام الله فإذا تلفظنا به صار مخلوقا وهذا يعود الى صريح قول الجهمية.
الموقف الثالث:موقف داوود بن على خلف الأصبهانى الظاهرى رد القياس وادعى الاستغناء عنه بالظاهر واشتهر عنه أنه قال القرآن محدث وكلمة الاحداث عند المعتزلة تعنى الخلق .
الموقف الرابع:موقف الجمهور أهل الحديث كالامام احمد واسحاق والبخارى فهولاء منعو الكلام فى اللفظ مطلقا لالتباسه وبدعو الفريقين :من قال :لفظى بالقرآن مخلوق ،ومن قال :لفظى بالقرآن غير مخلوق وبينو أن أفعال العباد مخلوقة .
ج5:سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟
أنه أراد الرد على المعتزلة بمقارعتهم بأصولهم المنطقية وحججهم الكلامية ،فأداه ذلك إلى التسليم لهم ببعض أصولهم الفاسدة ،وتمكن من رد بعض قولهم وبيان فساده وإفحام بعض كبرائهم فغره ذلك ،وصنف الكتب فى الرد على المعتزلة ،واشتهرت ردوده على المعتزلة ،فظن أنه نصر السنة ،وتبعه على طريقتة بعض الناس وسلك طريقة المتكلمين وسلم للمعتزلة فى بعض اصولهم الفاسدة قال ابن تيمية (وابن كلاب لما رد على الجهمية لم يهتد لفساد أصل الكلام المحث الذى ابتدعوه فى دين الاسلام بل وافقهم عليه)وافقهم على مبدأ امتناع حلول الحوادث به جل وعلاوتفسيرهم لهم بقتضى نفى كلام الله تعالى .

ما موقف أئمة أهل السنة منه؟
أنكر أئمة ابن كلاب طريقته المبتدعة ،وما أحدث من الاقوال ،وحذروا منه ومن طريقته.قال ابن خزيمة (كان احمد بن حنبل من أشد الناس على بن كلاب وعلى اصحابه مثل الحارث وغيره)وكان ابن خزيمة من أشد العلماء على الكلابية ،واكثرهم تحذيرا وردا عليهم .

زياد نور الدين السديري 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 01:51 AM

مجلس المذاكرة التّاسع: مسائل الإيمان بالقرآن
 
بسم الله الرّحمان الرّحيم.

المجموعة الأولى:

س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
تنقسم مسائل الإيمان بالقرآن إلى نوعين أساسيّين لا يسع طالب العلم جهلها، مسائل إعتقاديّة و أخرى سلوكيّة.
فأمّا المسائل الإعتقاديّة فهي التي تهتمّ بما يجب على المسلم اعتقاده في القرآن. فهو كلام الله نطق به حقيقة و ما هو بمخلوق. أنزله الله على عبده و نبيّه محمّد صلّى الله عليه و سلّم ليخرج به النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذنه، و مصدّقا لما قبله من الكتب و ناسخا لها ومهيمنا عليها، فقد قال سبحانه: "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ" المائدة 48. هذا ويجب على المسلم أن يعتقد أنّ الإيمان بالقرآن واجب، وأنّه بدأ من الله و إليه يرفع و يعود. و عليه أن يحلّ حلاله و يحرّم حرامه و يعمل بمحكمه و يؤمن بمتشابهه و يردّه إلى المحكم منه و ألاّ يقول فيه بغير علم. كما يجب عليه التّصديق بكلّ ما أخبر به الله عزّ و جلّ و نبيُّه صلّى الله عليه و سلّم عن القرآن. وهذه المسائل الاعتقادية لا تعدو أن تكون أحد أمرين، إمّا أحكام، و نقصد بذلك الحكم على القول بالوجوب و التّحريم و البدعة و ما إلى ذلك، و إمّا آداب، أي آداب بحث المسائل الاعتقادية، و منها ذكرا لا حصرا عدم مخالفة النّصوص و اتباع منهج السّلف في الاستدلال. هذا وتجدر الإشارة إلى أنّه على طالب العلم معرفة ثلاثة أمور في بحثه لهذه المسائل، ألا وهي معرفة القول الحقّ و معرفة أدلّته و معرفة أقوال المخالفين حتّى يتسنّى له الرد عليهم و معرفة كيفية معاملتهم.
و أمّا المسائل السّلوكية فهي المسائل التي يعنى فيها بالإنتفاع بمواعظ القرآن الكريم والإمتثال لما أمر الله به و الانتهاء عمّا نهى عنه. و تنقسم المسائل السّلوكية بدورها إلى ثلاثة أنواع، مسائل سلوكيّة اعتقاديّة و مسائل قوليّة و مسائل فعليّة. و لا بد للباحث في المسائل السّلوكية من معرفة أصول علم السّلوك، و له أصلان، أوّلهما البصائر و البيّنات لقوله تعالى:"هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" وقوله "أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ".أمّا الأصل الثّاني فهو اتباع الهدى أي الطّاعة و الإمتثال. و هذان الأصلان متكاملان لا ينفصلان، فالبصائر و البينات ثمرة التفكّر في كتاب الله و الامتثال يورّث اكتمال السلوك بالعلم والعمل.

س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة كلام الله تعالى.
قد تواترت الأدلّة القاطعة و البراهين السّاطعة من القرآن و السّنة في إثبات صفة الكلام لله عزّ و جلّ. فقد قال تعالى "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ" وقال تعالى" وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا" وقال تعالى "وَ لَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ". و هذه أدلّة صريحة من القرآن على تكلّم الله سبحانه. ومن السّنّة أدلّة كثيرة كذلك نذكر منها ما أخرجه البخاريّ و مسلم عن عديّ بن حاتم رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "ما منكم من أحد إلا سيكلّمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلّا ما قدّم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلّا ما قدّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلّا النّار تلقاء وجهه، فاتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة"، وفي رواية في صحيح البخاريّ، "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان، ولا حجاب يحجبه". و نذكر كذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث قال :"إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان، فيخرون سجدا، ثم يرفعون رؤوسهم فيقولون: ماذا قال ربكم؟ فيقال: قال "الحق وهو العلي الكبير". وهذا الحديث علقه البخاري في صحيحه، ووصله في كتاب خلق أفعال العباد، ورواه أيضاً أبو داوود وأبو سعيد الدارمي ومحمد بن نصر المروزي وغيرهم بإسناد صحيح.
وفي كلّ ماتقدّم من الأدلّة ما يكفي لاقتناع العاقل بإثبات صفة الكلام لله عزّ وجلّ. وهي صفة ذاتيّة في الأصل و فعليّة في آحاد الكلام. والقرآن كلام الله نطق به حقيقة بلسان عربيّ مبين و هو غير مخلوق لأنه كلامه وصفته سبحانه وصفاة الله إنّما هي أزليّة غير مخلوقة.

س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.
بدأت فتنة القول بخلق القرآن مع شخص يدعى الجعد بن درهم. فهو أوّل من قال أنّ القرآن مخلوق وأنكر أنّ الله اتّخذ إبراهيم خليلا و أنّه كلّم موسى تكليما، سبحان الله عمّا قال هذا الجاهل علوّا كبيرا. وقد قُتل غير مأسوف عليه سنة 124ه، إذ نحره حاكم العراق في زمانه خالد بن عبد الله القسريّ يوم الأضحى. فقد روى البخاريّ و أبو سعيد الدّارميّ و اللّالكائي وغيرهم عن حبيب بن أبي حبيب قال: "شهدت خالد بن عبد الله القسري بواسط، في يوم أضحى، وقال: ارجعوا فضحّوا تقبّل الله منكم، فإنّي مضحّ بالجعد بن درهم، زعم أن الله لم يتّخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلّم موسى تكليما، تعالى الله عمّا يقول الجعد بن درهم علوّا كبيرا، ثم نزل فذبحه". ثمّ أخذ مقالته من بعده الجهم بن صفوان واشتهر بها و أنكر الأسماء و الصّفاة كان صاحب بدع كفّره العلماء في عصره بسببها و لم يكن له أتباع يذكرون إلّا أن مقالته لاقت صدى عند المتكلّمين. قتله الأمير سلم بن الأحوز المازني سنة 128ه. بعد فترة من الزّمن ظهر بشر بن غياث المريسيّ و كان خطيبا مفوّها و كان مفتتنا بعلم الكلام، فوقع في قلبه القول بخلق القرآن فدعا إليه، فتوعّده الخليفة هارون الرّشيد بالقتل فتوارى عن الأنظار حتى مات الرشيد سنة 193ه رحمه الله فظهر بعدها و استأنف دعوته الخبيثة، فحذّر منه العلماء و طلبة العلم إلاّ أنّهم اعتمدوا على عنايتهم بالأدب و الكتابة و لباقة اللّسان فتسلّلوا بذلك إلى مجالس الأمراء وبدأت المحنة إذّاك مع تولّي المأمون للخلافة سنة 198ه و لا حول ولا قوّة إلّا بالله.

س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ:
اختلفت مواقف النّاس في مسألة اللّفظ إختلافا كثيرا، و فيما يلي أبرزها:
الموقف الأوّل: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ. وهؤلاء لبّسوا على العامّة لأنّ مقالتهم أقلّ شناعة من غيرها و أقرب إلى قبول النّاس لها فإذا قبلوها كانوا أقرب إلى قبول التصريح بخلق القرآن. وهؤلاء كانوا من أكثر من أشاع مسألة اللفظ، و قد روي عن الإمام أحمد أنّه حذّر من اللّفظية و عدّهم من الجهمية. وأبرز هؤلاء بشر بن غياث المرّيسي ثمّ خَلَفَهُ حسين الكرابيسيّ و كلاهما شرّ من الآخر.
الموقف الثاني: موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية. وعلى رأس هؤلاء رجل من أهل الشّام يقال له الشرّاك زعم أنّ القرآن كلام الله، فإذا تلفّظنا به صار مخلوقاً، وهذا قول الجهمية. و من أبرزهم أيضا عبد الكريم الصّوفي المسمّى "عبدك" وهو من أهل العراق وكان صاحب بدعة.
الموقف الثالث: موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني (ت 270هـ)، و هو رأس أهل الظّاهر وإمامهم، أخذ مقالته في اللّفظ عن الكرابيسي، لكنّه تأوّلها على مذهبه في القرآن، ذلك أنّ له في القرآن قولا لم يسبقه إليه أحد، فقال: أمّا الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق. تعالى الله عمّا قال علوّا كبيرا. وقد هجره الإمام أحمد رحمه الله و حذّر النّاس منه ومن قوله.
الموقف الرّابع: موقف طوائف زعمت أنّ ألفاظ القرّاء بالقرآن غير مخلوقة؛ وزعموا أن سماعهم لقراءة القارئ هي سماع مباشر من الله، وأنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ كما سمعه موسى بن عمران. وكلّ أقوالهم باطلة.
الموقف الخامس: موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه ومن تأثّر بطريقته كأبي بكر الباقلاني، والقاضي أبي يعلى.
وهؤلاء قالوا إنّ معنى اللّفظ الطّرحُ والرّميُ، وهذا غير لائق أن يقال في حق القرآن. قال ابن تيمية رحمه الله: والمنتصرون للسّنة من أهل الكلام والفقه كالأشعري والقاضي أبي بكر و القاضي أبي يعلى وغيرهم يوافقون أحمد على الإنكار على الطائفتين على من يقول لفظي بالقرآن مخلوق وعلى من يقول لفظي بالقرآن غير مخلوق، ولكن يجعلون سبب الكراهة كون القرآن لا يلفظ، لأن اللفظ الطرح والرمي. ثم هؤلاء منهم من ينكر تكلم الله بالصوت. ومنهم من يقر بذلك.
الموقف السّادس: موقف طائفة من أهل الحديث صرّحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق. فصار طائفة منهم يقولون: لفظنا بالقرآن غير مخلوق ومرادهم أن القرآن المسموع غير مخلوق، وليس مرادهم صوت العبد. وفي أتباع هؤلاء من قد يدخل صوت العبد أو فعله في ذلك أو يقف فيه. وهذا ما جعل بعض الأئمة يقولون: أفعال العباد وأصواتهم مخلوقة، رداً لهؤلاء، كما فعل البخاري ومحمد بن نصر المروزي وغيرهما من أهل العلم والسنة. و قد ذَكر شيخ الإسلام ابن تيمية فيمن نُسب إليه التصريح بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق : محمد بن يحيى الذّهلي شيخ البخاري وقاضي نيسابور في زمانه، وأبو حاتم الرازي، ومحمّد بن داوود المصيصي قاضي أهل الثغر وهو شيخ أبي داوود السّجستاني صاحب السنن، وابن منده ، وأبو نصر السّجزي، وأبو إسماعيل الأنصاري، وأبو العلاء الهمذاني.
الموقف السّابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وعدد من أهل الحديث.
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه، وبدّعوا الفريقين، من قال لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال لفظي بالقرآن غير مخلوق. واشتدّوا على من قال لفظي بالقرآن مخلوق خشية التسلّل بها إلى القول بخلق القرآن. وبيّنوا أنّ أفعال العباد مخلوقة. فقد قال إسحاق بن حنبلٍ: "من قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ، ومن زعم أنّ لفظه بالقرآن غير مخلوقٍ، فقد ابتدع، فقد نهى أبو عبد اللّه عن هذا، وغضب منه، وقال: "ما سمعت عالمًا قال هذا! أدركت العلماء مثل: هشيمٍ، وأبي بكر بن عيّاشٍ، وسفيان بن عيينة، فما سمعتهم قالوا هذا".

س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟
كان العلماء و الأئمّة من أهل السنّة و الجماعة يردّون على شبهات المعتزلة بالكتاب و السنّة دون اللّجوء إلى علم الكلام. إلّا أنه قد ظهر على عهد الإمام أحمد رحمه الله طــائــفة من النّاس أرادوا الرّد على المعتزلة و الإنتصار للسنّة بالحجج المنطقية والطّرق الكلاميّة فانحرفوا بذلك عن المنهج الصّحيح و وقعوا في البدعة. من هؤلاء عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري (ت 243هـ) الذي أراد أن يرد على المعتزلة بمقارعتهم بأصولهم المنطقية وحججهم الكلامية، فأدّى به ذلك إلى التسليم لهم ببعض أصولهم الفاسدة، وتمكّن من بيان بطلان بعض قولهم وأفحم بعض رموزهم فاغترّ بذلك و ظنّ أنّه نصر السنة. إلّا أنّه و لضعف بضاعته في علوم أهل السنّة، وسلوكه طريقة المتكلّمين، وتسليمه للمعتزلة ببعض أصولهم الفاسدة قد خرج بقول بين قول أهل السنّة وقول المعتزلة، فخرج بقول محدث في القرآن، وهو أنّه القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالله تعالى، وأنّه ليس بحرف ولا صوت، ولا يتجزأ ولا يتباعض، ولا يتفاضل إلى آخر ما قال. وهذا كلّه بسبب أنّه التزم هذا الأصل الذي أصّلوه وهو باطل.
و قد ردّ أهل السنة على ابن كلاب و أنكروا عليه قوله وبيّنوا بطلانه و حذّروا منه. فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث المحاسبي وغيره. وكان ابن خزيمة و شيخ الإسلام بن تيمية من أشد النّاس على الكلابية و أكثرهم تحذيرا منهم.


هذا والله تعالى أعلم.

محمد عبدالوهاب 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 02:02 AM

إجابة أسئلة المجموعة الثانية من مجلس المذاكرة التاسع
 
بسم الله الرحمن الرحيم

المجموعة الثانية:


1: بم يتحقق الإيمان بالقرآن؟

يتحقق الإيمان بالقرآن بـ: الاعتقاد والقول والعمل .
والإيمان الإعتقادي: وذلك بالتصديق بأنه كلام الله تعالى ، المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، وأن كل مافيه حق لا يأتيه الباطل ، محفوظ ، قيم ، يهدي إلى الصراط المستقيم .
والإيمان القولي :وذلك بأن يقول مايدل على إيمانه به ، وتصديقه بما أنزل الله ، ومن ذلك تلاوة القرآن تصديقا وتعبدا .
والإيمان العملي :هو اتباع هدى القرآن ، بفعل أوامره واجتناب نواهيه .
فمن جمع هذه الثلاثة فهو مؤمن بالقرآن الكريم ، وأعد الله له لذلك أجرا عظيما، قال تعالى : (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا )


2: بيّن فضل الإيمان بالقرآن.

1/أعظم هاد للمؤمن بربه عز وجل ، ويرشده ويعرفه بأسمائه وصفاته ، ويعرفه بوعده ووعيده ، وحكمته بخلقه وتشريعه ، وكيف يتقرب لله وينجو من سخطه وأليم عقابه .
2/يهدي المؤمن في جميع شؤونه للتي هي أقوم ، فما من حالة من أحوال المؤمن إلا ولها هدي ، قال الله تعالى :(وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين ) .
3/أنها تحمل المؤمن على التعبد لله بتلاوته والتفكر والتدبر ، وكثرة تلاوته تخلصه من كيد الشيطان وتقربه للرحمن ، قال تعالى :(وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ولايزيد الظالمين إلا خسارا )
4/تزيد المؤمن يقينا وبصيرة وعلما ومعرفة في الجانب العلمي .
5/يورثه الاستقامة والتقوى وصلاح الباطن في الجانب العملي .



3: بيّن الفرق بين قول المعتزلة وقول الأشاعرة في القرآن.

المعتزلة :كلام الله تعالى وهو مخلوق .
الأشاعرة :ليس مخلوقا ، وليس كلام الله ، وإنما هو عبارة عبر عنها جبريل عليه السلام عن المعنى النفسي القائم بالله تعالى .
وكلا القولين باطل ، وإنما القرآن تكلم الله به ، بكلام سمعه منه جبريل عليه السلام ، فبلغه بحروفه للنبي صلى الله عليه وسلم .


4: بيّن خطر فتنة اللفظية.

هذه الفتنة ظهرت بعد فتنة الوقف بالقرآن ، فإن الناس كانوا بحاجة إلى توضيح لازيادة تلبيس وتوهيم .
و هذه الكلمة تحتمل عدة وجوه ، وكل فرقة تتأولها على ماتريد .
فكان الجهمية والفرق الأخرى المخالفة يتسترون بها ، لأنها كانت أخف على العامة وقد فرحوا بها فرحا شديدا .


5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟

كان أبوالحسن الأشعري رحمه الله معتزليا حتى الأربعين من عمره ، ثم أعلن توبته من الاعتزال والتزامه مذهب السنة ، وقد كان رحمه الله متبحرا في علم الكلام ، ولقربه من علم الكلام انتهج نهج ابن كلاب ، وقد كان رحمه الله بصيرا بأقوال المعتزلة وتناقضتاهم ، واجتهد في الرد على المعتزلة ومناظرتهم وإفحامه لكبرائهم بالطرق الكلامية والحجج العقلية .
أما عن موقف أهل السنة منه :
فقد اختلفوا فيه ؛ فمنهم من قال أنه رجع رجوعا صحيحا إلى أهل السنة ، ومنهم من قال أن رجوعه كان رجوعا مجملا ولم يكن في تفاصيل الاعتقاد رحمه الله تعالى .

والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

وكتبه : محمد عبدالوهاب العربي .

أم عبدالعزيز بنت عبدالله 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 02:16 AM

س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
النوع الأول: مسائل اعتقادية.
وهي المسائل التي تبحث في كتب الاعتقاد، وتعنى بما يجب اعتقاده في القرآن، وأصل ذلك الإيمان بأنّ القرآن كلام الله تعالى منزل غير مخلوق، أنزله على نبيّه محمّد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وأنّه مهيمن على ما قبله من الكتب وناسخ لها، وأن القرآن بدأ من الله عز وجل وإليه يعود، وأن يؤمن بما أخبر الله به عن القرآن وما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يعتقد وجوب الإيمان بالقرآن، ويحلّ حلاله ويحرّم حرامه ويعمل بمحكمه ويردّ متشابهه إلى محكمه، ويكل ما لا يعلمه إلى عالمه.
*وماذكر في كتب الأعتقاد في أبواب الأيمان من مسائل يمكن تقسيمه إلى :-
1/معرفة القول الحق في مسائل الاعتقاد في القرآن، بما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وما أجمع عليه سلف الأمة رحمهم الله، وذلك حتى يصحح عقيدته في القرآن، يكون معتقده صحيحا في القرآن مبنيا على الدليل الصحيح والحجة الصحيحة.
*
2/تقرير الاستدلال لهذه المسائل -وهذه مرتبة يمتاز بها طالب العلم عن العامي- بأن يعرف أدلتها ومآخذ الاستدلال، ويعرف ما تحسن به معرفته من الأدلة والآثار؛ حتى يمكنه أن يدعو إلى الحق في هذه المسائل متى احتيج إليه في ذلك.

3/معرفة أقوال المخالفين لأهل السنة في مسائل الاعتقاد في القرآن، ويعرف مراتبهم ودرجات مخالفاتهم، ويعرف أصول شبهاتهم؛ ويعرف حجج أهل السنة في الردّ عليهم.

*النوع الثاني :المسائل السلوكية
وهي المسائل التي يُعنى فيها بالانتفاع بمواعظ القرآن وحسن الاستجابة لله تعالى والاهتداء بما بين الله عز وجل في القرآن من الهدى، وعقل أمثاله، والتبصّر بها والتذكر، والتفكر فيها والتدبر، وفعل ما أرشد الله إليه، واجتناب ما نهى الله عنه.
*الأصل الأول: البصائر والبينات، وهي التي يسميها بعض من كتب في علم السلوك: المعارف والحقائق، واسمها في النصوص: البصائر والبيّنات، وهو اسم أشمل وأعمّ مما يذكرونه في أبواب المعارف والحقائق.*
قال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ .
**فالأصل الأول وهو البصائر والبينات قائمه على العلم وتثمر اليقين .
**الأصل الثانيوهو اتباع الهدى، ويعنى بالجانب العملي وهو الطاعة والامتثال، فيأتي ما يؤمر به، ويجتنب ما ينهى عنه، ويفعل ما يوعظ به.*
وهو قائم على الإرادة والعزيمة ومثمر للاستقامة والتقوى.
*
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)}
وهذه الآية جمعت أصلي علم السلوك: البينات والهدى فالناس بحاجة إلى البينات وبحاجة إلى اتباع الهدى، الأول جانب علمي مثمر لليقين والثاني جانب عملي مثمر للاستقامة والتقوى.
**لابدأن يكون السلوك مبني على اعتقاد صحيح حتى نسلم من الوقوع في البدع .
-*********
*س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى.؟
إثبات صفة الكلام لله تعالى لأن القرآن كلام الله .
والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح
الأدله من القرآن:-*
قال الله تعالى: { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ}،
*قال تعالى: {وكلم الله موسى تكليما}،
*قال تعالى: {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه}،
وقال تعالى: {يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي}،
*قال تعالى: {ومن أصدق من الله قيلا}،
*قال تعالى: {وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة}،
وقال تعالى: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين}،
*قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}.
الأدله من السنة:-
*منها: حديث عديّ بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة» متفق عليه، وفي رواية في صحيح البخاري: «ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان، ولا حجاب يحجبه».
- ومنها: قول عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك: « ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمر يتلى » متفق عليه.
*****أن الله تعالى يتكلّم بحرف وصوت يُسمعه من يشاء، وهو تعالى المتكلّم بالتوراة والإنجيل والقرآن وغير ذلك من كلامه تبارك وتعالى.*
وكلام الله تعالى صفة من صفاته؛ لم يزل الله متكلماً إذا شاء، يتكلّم بمشيئته وقدرته متى شاء، وكيف يشاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (قال أئمة السنة: لم يزل الله متكلماً كيف شاء وبما شاء) انتهى كلامه رحمه الله.
وكلامه تعالى لا يشبه كلام المخلوقين، وكلماته لا يحيط بها أحد من خلقه، ولا تنفد ولا تنقضي.
صفة الكلام –لله تعالى- صفة ذاتية باعتبار نوعها، وصفة فعلية باعتبار آحاد كلامه جلّ وعلا.
*****************
س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.؟
أول من أحدث بدعة القول بخلق القرآن هو (الجعد بن درهم )
ثم(الجهم بن صفوان )
ثم (بشربن غياث المريسي )
وذلك قبل عهد المأمون*
قال أبو القاسم اللالكاني (لاخلاف بين الأمه أن أول من قال القرآن مخلوق جعدبن درهم )
وهو من قال وزعم أن الله لم يتخذ ابراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما*
وقد قتله أميرالعراق في زمانه خالد بن عبدالله القسري عام 124يوم عيد الأضحى .
-ثم سار على نهجه (الجهم بن صفوان )
ولم يكن الجهم من أهل العلم ولم يكن يهتم بالحديث والآثار وإنما رجل أوتي ذكاء ولسانآ بارعآ وتفننآ بالكلام وحظي بتقريب الأمراء فأصبح كاتبآ عندهم لكنه لم يكن له أتباع في زمانه وبقيت مقالاته وكان من أعظم ماأدخله على الأمه إنكار الأسماء والصفات*
*وإنكار علوّ الله، والقول بخلق القرآن، والجبر، والإرجاء الغاليان، وقد كفّره العلماء في عصره؛ فقتله الأمير سلم بن الأحوز المازني سنة 128هـ.
-ثم ظهر بعدهما بمدّة( بشر بن غياث المريسي،) وكان في أوّل أمره مشتغلا بالفقه حتى عدّه بعضهم من كبار الفقهاء؛ أخذ عن القاضي أبي يوسف، وروى عن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة، وناظر الشافعيّ في مسائل، وكان مع أخذه عن هؤلاء العلماء يسيء الأدب ويشغّب، وأقبل على علم الكلام، وافتتن به، وكان خطيباً مفوَّها، ومجادلاً مشاغباًوكان متخفياً في زمان هارون الرشيد لما بلغه وعيده بقتله؛ ثم أظهر مقالته ودعا إلى ضلالته بعد موت الرشيد سنة 193هـ.
*فكان تحذير أئمة أهل السنة من بشر المريسي وأصحابه ظاهراً مستفيضاً؛ حتى حذرهم طلاب العلم.*
لكنّهم تسللوا إلى الحكّام والولاة بما لهم من العناية بالكتابة والأدب، والتفنن في صياغة المكاتبات.
*س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ؟*
مسألة اللفظ من المسائل التي كان لها ذيوع وانتشار كبير في عصر الإمام أحمد وبعده بقرون، وقد اختلفت مواقف الناس اختلافاً كثيراً كلٌّ يفهمها بفهم ويتأوّلها بتأوّل ويبني موقفه على ما فهم وتأوّل:*
الموقف الأول: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ، وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف.*
وهؤلاء فرحوا بهذه المقالة؛ لأنها أخف شناعة عليهم عند العامّة، ولأنّها أقرب إلى قبول الناس لها؛ فإذا قبلوها كانوا أقرب إلى قبول التصريح بخلق القرآن.
*الموقف الثاني: موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية، وعلى رأس هؤلاء رجل من أهل الشام يقال له: الشرّاك؛ قال: إن القرآن كلام الله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق.
الموقف الثالث: موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري (ت:270هـ) رأس أهل الظاهر وإمامهم، وكان رجلاً قد أوتي ذكاءً حادّاً وقوّة بيان وتصرّفاً في الاستدلال، وكان مولعاً بكتب الشافعيّ في أوّل عمره؛ معتنيا بجمع الأقوال ومعرفة الخلاف حتى حصّل علماً كثيراً، ثم ردّ القياس وادّعى الاستغناء عنه بالظاهر، وصنّف كتباً كثيرة.
واشتهر عنه أنه قال: (القرآن مُحدث) وكلمة الإحداث عند المعتزلة تعني الخلق؛ لأنّ المحدث هو ما كان بعد أن لم يكن؛ ويقولون بأن كلّ ما كان بعد أن لم يكن فهو مخلوق.ولذلك نفوا صفة الكلام عن الله جل وعلا، وضلوا في ذلك وكذبوا على الله؛ فإنّ الله تعالى يحدث من أمره ما يشاء ، ويفعل ما يشاء متى يشاء.
*الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة.*
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.*
واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن، وقد جرى من المحنة في القول بخلق القرآن ما جرى فكانوا شديدي الحذر من حيل الجهمية وتلبيسهم.*
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: (كان أبي رحمه الله يكره أن يتكلم في اللفظ بشيء أو يقال: مخلوق أو غير مخلوق).
************
س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟*
لأنه خالف منهج أهل السنة في الرد على المعتزلة واتخذ منهج آخر بالحجج المنطقية والطرق الكلامية فوقع فيما حذر منه في البدع والأقوال المحدثة فأهل السنة لم يحاجواالمعتزلة إلا بالكتاب والسنة .
ولقد أنكرأهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة وماأحدث من الأقوال وحذروا منه*
قال ابن خزيمة (كان أحمدبن حنبل من أشد الناس على عبدالله بن سعيد بن كلاب وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره ).*

عُهود متعب 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 03:56 AM

المجموعة الأولى:
س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
مسائل الإيمان بالقرآن على نوعين:
النوع الأول: مسائل اعتقادية.
النوع الثاني: مسائل سلوكية .

س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى؟
أن كلام الله صفة من صفاته، لم يزال الله متكلما إذا شاء، بمشيئته وقدرته متى شاء وكيف شاء .
وأن الله يتكلم بحرف وصوت يسمعه من يشاء .
وكلامه لا يشبه كلام المخلوقين وكلماته لا يحيط بها أحد من خلقه، ولا تنفد ولا تنقضي.
وصفة الكلام لله تعالى صفة ذاتية باعتبار نوعها، وصفة فعلية باعتبار آحاد كلامه جل وعلا .

س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون؟
أوّل من أحدث بدعة القول بخلق القرآن هو "الجعد بن درهم" ثم أخذ هذه المقالة "الجهم بن صفوان" واشتهرت عنه، ولم يكن له أتباع لهم شأن في زمانه، وإنما بقيت مقالاته حتى تلقّفها بعض أهل الكلام وفتحوا بها على الأمّة أبواباً من الفتن العظيمة .
ثم ظهر بعدهما بمدّة "بشر بن غياث المريسي"، وكان في أوّل أمره مشتغلا بالفقه حتى عدّه بعضهم من كبار الفقهاء، وبعدها أقبل على علم الكلام، وافتتن به، وكان خطيباً مفوَّها، ومجادلاً مشاغباً.
وكان تحذير أئمة أهل السنة من بشر المريسي وأصحابه ظاهراً مستفيضاً؛ حتى حذرهم طلاب العلم.
لكنّهم تسللوا إلى الحكّام والولاة بما لهم من العناية بالكتابة والأدب، والتفنن في صياغة المكاتبات.


س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ؟
اختلفت مواقف الناس اختلافاً كثيراً كلٌّ يفهمها بفهم ويتأوّلها بتأوّل ويبني موقفه على ما فهم وتأوّل:
- الموقف الأول: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ، وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف.
وهؤلاء فرحوا بهذه المقالة؛ لأنها أخف شناعة عليهم عند العامّة، ولأنّها أقرب إلى قبول الناس لها؛ فإذا قبلوها كانوا أقرب إلى قبول التصريح بخلق القرآن.
وهؤلاء كانوا من أكثر من أشاع مسألة اللفظ؛ وكثرت الروايات عن الإمام أحمد في التحذير من اللفظية وتسميتهم بالجهمية؛ يقصد بهم من يقول بخلق القرآن، ويتستّر باللفظ.
- الموقف الثاني: موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية، وعلى رأس هؤلاء رجل من أهل الشام يقال له: الشرّاك؛ قال: إن القرآن كلام الله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق.
- الموقف الثالث: موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري، رأس أهل الظاهر وإمامهم، وهو من أصحاب حسين الكرابيسي، وعنه أخذ مقالته في اللفظ، لكنّه تأوّلها على مذهبه في القرآن؛ فإنّ له قولاً في القرآن لم يسبق إليه: قال: (أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق).
واشتهر عنه أنه قال: (القرآن مُحدث) وكلمة الإحداث عند المعتزلة تعني الخلق؛ لأنّ المحدث هو ما كان بعد أن لم يكن؛ ويقولون بأن كلّ ما كان بعد أن لم يكن فهو مخلوق؛ ولذلك نفوا صفة الكلام عن الله جلوعلا، وضلوا في ذلك وكذبوا على الله؛ فإنّ الله تعالى يحدث من أمره ما يشاء ، ويفعل ما يشاء متى يشاء.
وهذه الكلمة "محدث" واردة في القرآن في قوله تعالى: {ما يأتيهم من ذكر من ربّهم محدَث إلا كانوا عنه معرضين}، لكنّها ليست على المعنى الذي أراده المعتزلة من أنّه مخلوق، ولكنّ الله يحدث من أمره ما يشاء؛ فيكون حديثا أي جديداً عند إنزاله أو وقوعه.
- الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة.
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.
واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن، وقد جرى من المحنة في القول بخلق القرآن ما جرى فكانوا شديدي الحذر من حيل الجهمية وتلبيسهم.
وبيّنوا أنّ أفعال العباد مخلوقة.
- الموقف الخامس: موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق، وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة، وحصل في الأمر التباس عليهم؛ حتى إنّ منهم من نسب ذلك إلى الإمام أحمد كما كان عن أبي طالب وأنّ الإمام أحمد أنكر عليه وتغيّظ عليه وأنّه رجع عن ذلك؛ لكن بقي على ذلك بعض أصحاب الإمام أحمد، ثم قال بهذا القول بعض أتباعهم.
- الموقف السادس: موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه ومن تأثر بطريقته كأبي بكر بن الطيب الباقلاني، والقاضي أبي يعلى.
وهؤلاء فهموا من مسألة اللفظ معنى آخر ؛ وقالوا إنّ الإمام أحمد إنما كره الكلام في اللفظ؛ لأنّ معنى اللفظ الطرح والرمي، وهذا غير لائق أن يقال في حق القرآن.
- الموقف السابع: موقف طوائف زعمت أنّ ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة؛ وزعموا أن سماعهم لقراءة القارئ هي سماع مباشر من الله، وأنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ كما سمعه موسى بن عمران.
واختلفوا في تفصيل ذلك على أقوال:
فقال بعضهم: إن صوت الربّ حلّ في العبد.
وقال آخرون: ظهر فيه ولم يحلّ فيه.
وقال آخرون: لا نقول ظهر ولا حلّ.
وقال آخرون: الصوت المسموع قديم غير مخلوق.
وقال آخرون: يسمع منه صوتان مخلوق وغير مخلوق.
وهذه الأقوال حكاها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن بعض الطوائف، وحكى أقوالاً أخرى نحوها في البطلان .

س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟
ابن كلاب من الأقوام الذين أرادوا الردّ على المعتزلة والانتصار لأهل السنة بالحجج المنطقية والطرق الكلامية؛ فخاضوا فيما نهاهم عنه أهل العلم؛ ووقعوا في بدع أخرى، وخرجوا بأقوال محدثة مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة.

وَقَد أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وما أحدث من الأقوال، وحذّروا منه ومن طريقته.

منال صنهات الحربي 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 04:56 AM


إجابة المجموعة الثانية:

س1: بم يتحقق الإيمان بالقرآن؟
الإيمان بالقرآن على ثلاثةأنواع :
1- الإيمان الاعتقادي بالقرآن: بأن يصدق بأن كلام الله منزل على رسوله بالحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور .
2- الإيمان القولي: أن يقول ما يدل على إيمانه بالقرآن و من ذلك تلاوة القرآن الكريم .
3- الإيمان الفعلي: هو إتباع هدي القرآن الكريم بامتثال أوامره و اجتناب نواهيه
_____________________________________________
س2: بيّن فضل الإيمان بالقرآن.
فضائل الايمان الكريم عديدة و عظيمة منها :
الفضل الأول: أن الإيمان بالكريم يعتبر أعظم هاد للمؤمن وأنه يعرفه بأسمائه وصفاته و آثاره في أوامره .
الفضل الثاني : أن تحمل المؤمن على تلاوة القرآن فتكون تلاوته ذكر لله عز وجل عبادة و سكينة و طمأنينة و يهديه إلى ربه .
الفضل الثالث: فيه تسليه و مواعظ المذكرة و الآيات البينة و الهدايات الجليلة .
الفضل الرابع : استخراج العلوم و المعارف و النور و أنه الشفاء لما في الصدور .
الفضل الخامس : يتعلم العبد كيف ينجو من كيد الشيطان و حبائله .
الفضل السادس : أن يحمل المؤمن على طاعة الله تعالى .
فكل تلك الفضائل لا ينالها إلا من آمن بالقرآن و على قدر ايمان العبد بالقرآن يكون نصيبه .
_______________________________________________________________________
س3: بيّن الفرق بينقول المعتزلة وقول الأشاعرة في القرآن.
الفرق بين أن المعتزلة يقولون إن القرآن كلام الله تعالى ، و لكنه مخلوق، أما الأشاعرة يقولون إن القرآن غير مخلوق و ليس كلام الله تعالى .
________________________________________________________________________
س4: بيّن خطر فتنة اللفظية.
أن هذه الفتنه ظهرت بعد فتنة الوقف بالقرآن ، و كانت فتنتها أعظم ،فإن الناس كانوابحاجه إلى توضيح لا زيادة تلبيس و توهيم ، و لأن هذه الكلمة تحتمل عدة وجوه ،وكل فرقه تتأولها على ما تريد ، فكانوا الجهميه والفرق المخالفه يتسترون بها لأن كانت أخف على العامه وفرحوا بها فرحا شديدا و الأئمة الكبار كانوا يمنعون من إطلاق الألفاظ المبتدعة المجملة المشتبهة ،لما فيه من لبس الحق بالباطل

________________________________________________
س5: ما سبب شهرة أبي الحسن الأشعري؟ وما موقف أهل السنة منه؟
أنه كان معتزلياً حتى الأربعين من عمره ، ثم أعلن توبته من هو التزامه مذهب السنه ، كان متبحرا في علم الكلام ولقربه من علم الكلام انتهج نهجا بن كلاب كان بصيرا بأقوال المعتزله و تناقضاتهم ،واجتهد في الرد على المعتزل هو مناظرتهم وإفحامه لكبرائهم بالطرق الكلامية و الحجج العقليه .
موقف أهل السنه منه : اختلف أهل السنة في شأن أبي موسى الأشعري بعد أن ألف كتابة " الإنابة" الذي رجع فيه الطريقة الكلامية .
فالقول الأول: من أهل السنة من قال إنه رجع رجوعاً صحيحاً إلى مذهب أهل السنة.
والقول الثاني: من أهل السنة من قال أنّ رجوعه كان رجوعاً مجملاً لم يخل من أخطاء في تفاصيل مسائل الاعتقاد.
ولكن كما قال أهل العلم أن أتباعه بقوا على طريقة الكلامية وأنتج أنواعا من الأقوال الفاسدة المحدثة ووقع فتن العظيمة بسببهم.




وصال إبراهيم 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 06:00 AM

~ المجموعة الرابعة

س1: كيف يكون الاهتداء بالقرآن؟

قال الله -عز وجلّ- : {إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجرا كبيراً} [سورة الإسراء: 9].

فغاية ما يكون من الاهتداء بالقرآن، أن يكون خلق الإنسان موافقاً لما بينّه فيه -جل في علاه- وهدى إليه قولاً وعملاً واعتقاداً ، متأسياً برسوله ومصطفاه -صلى الله عليه وسلم- الذي كان خلقه القرآن.

ولا يتحقق الاهتداء بالقرآن إلا بأربع:
1- تصديقِ أخباره: كلما كان العبد المؤمن أحسن تصديقاً كان اهتداؤه بالقرآن أحسن؛ وهذا التصديق الحسن ينال به العبد المؤمن درجة الإحسان من وجهين، والدليل قوله -تعالى-: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)} [سورة الزمر]، أن سماه الله محسناً وأنه -سبحانه- يكفر عنه سيئاته، ومن كفر الله -جّل في علاه- عنه سيئاته فهو من أهل الإحسان.
ومن ثمرات هذا التصديق الحسن : اليقين والكفاية من الله -جلّ وعلا- والرغبة والرهبة، فمن أوتيها فقد أوتي خيراً كثيراً، وحصل من البصائر والبينات ما يزيد في علمه واتباعه للهدى، فيصلح قلبه وتزكو نفسه، ويذهب همه وغمه.
2- وعقلِ أمثاله: ضرب الله -جلّ في علاه- في القرآن من جميع الأمثال، فمن وعاها وعقلها وفقه مقاصدها وعمل بمقتضاها وتذكر واعتبر فقد اهتدى، قال -جلّ وعلا- : {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [سورة الزمر: 27]، وقال -سبحانه- : {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43)} [سورة العنكبوت]. ومنها -أي الأمثال- الصريحة التي يصرح فيها بلفظ المثل كقوله -تعالى-: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32)} [سورة الكهف]، ومنها الكامنة التي تفيد معنى المثل بدون تصريح بلفظه.
ومن ثمرات عقل الأمثال: التنبيه على العلل والنظائر، والإرشاد إلى أهدى السبل والتبصير بالعواقب والمآلات والتصديق الحسن واليقين والرغبة والرهبة والخشية فتزكو النفس وتطهر، وتصلح الأعمال وتحسن العاقبة.
3-4/ وامتثال أوامره واجتناب نواهيه: فمن فعل المأمور وانتهى عن المحذور وعمل بإرشادات القرآن فإنه يهدى بطاعته وإيمانه، وكلما ازداد طاعة وإيماناً به زادت هدايته.
قال -تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (68)} [سورة النساء].

-----------
س2: ما سبب تصريح أهل السنة بأنّ القرآن غير مخلوق؟

قبل حدوث فتنة خلق القرآن كان العلماء يصرحون بأن القرآن كلام الله -عز وجلّ-، لكن مع الفتنة حيث تكلم أهل الأهواء وفتنوا العامّة وبعض الولاة والقضاة وقالوا بأن القرآن مخلوق كان من الواجب التصريح والإبانة والرد عليهم بأنه غير مخلوق ومن توقف في القرآن وسكت سموه واقفياً.

س3: ما سبب إصرار الإمام أحمد على عدم الترخّص بعذر الإكراه في محنة القول بخلق القرآن.
هو خشيته من أي يتبع العامّة القول بأنّ القرآن مخلوق فيفتن النّاس وبن خلفهم.

س4: ما معنى الوقف في القرآن؟ وما سبب وقوف بعض أهل الحديث؟

س5: ما سبب محنة الإمام البخاري رحمه الله؟ وبيّن موقفه من مسألة اللفظ.

وصال إبراهيم 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 06:28 AM

بسم الله الرحمن الرحيم




~ المجموعة الرابعة

س1: كيف يكون الاهتداء بالقرآن؟

قال الله -عز وجلّ- : {إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجرا كبيراً} [سورة الإسراء: 9].

فغاية ما يكون من الاهتداء بالقرآن، أن يكون خلق الإنسان موافقاً لما بينّه فيه -جل في علاه- وهدى إليه قولاً وعملاً واعتقاداً ، متأسياً برسوله ومصطفاه -صلى الله عليه وسلم- الذي كان خلقه القرآن.

ولا يتحقق الاهتداء بالقرآن إلا بأربع:
1- تصديقِ أخباره: كلما كان العبد المؤمن أحسن تصديقاً كان اهتداؤه بالقرآن أحسن؛ وهذا التصديق الحسن ينال به العبد المؤمن درجة الإحسان من وجهين، والدليل قوله -تعالى-: {
وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)} [سورة الزمر]، أن سماه الله محسناً وأنه -سبحانه- يكفر عنه سيئاته، ومن كفر الله -جّل في علاه- عنه سيئاته فهو من أهل الإحسان.
ومن ثمرات هذا التصديق الحسن : اليقين والكفاية من الله -جلّ وعلا- والرغبة والرهبة، فمن أوتيها فقد أوتي خيراً كثيراً، وحصل من البصائر والبينات ما يزيد في علمه واتباعه للهدى، فيصلح قلبه وتزكو نفسه، ويذهب همه وغمه.

2- وعقلِ أمثاله:
ضرب الله -جلّ في علاه- في القرآن من جميع الأمثال، فمن وعاها وعقلها وفقه مقاصدها وعمل بمقتضاها وتذكر واعتبر فقد اهتدى، قال -جلّ وعلا- :
{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [سورة الزمر: 27]، وقال -سبحانه- : { وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43)} [سورة العنكبوت].

ومن ثمرات عقل الأمثال: التنبيه على العلل والنظائر، والإرشاد إلى أهدى السبل والتبصير بالعواقب والمآلات والتصديق الحسن واليقين والرغبة والرهبة والخشية فتزكو النفس وتطهر، وتصلح الأعمال وتحسن العاقبة.


ومنها -أي الأمثال- الصريحة التي يصرح فيها بلفظ المثل كقوله -تعالى-: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32)} [سورة الكهف]، ومنها الكامنة التي تفيد معنى المثل بدون تصريح بلفظه.

3-4/ وامتثال أوامره واجتناب نواهيه: فمن فعل المأمور وانتهى عن المحذور وعمل بإرشادات القرآن فإنه يهدى بطاعته وإيمانه، وكلما ازداد طاعة وإيماناً به زادت هدايته.
قال -تعالى: {
وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67)
وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (68)} [سورة النساء].

-----------
س2: ما سبب تصريح أهل السنة بأنّ القرآن غير مخلوق؟

قبل حدوث فتنة خلق القرآن كان العلماء يصرحون بأن القرآن كلام الله -عز وجلّ-، لكن مع الفتنة
حيث تكلم أهل الأهواء وفتنوا العامّة وبعض الولاة والقضاة وقالوا بأن القرآن مخلوق كان من الواجب التصريح والإبانة والرد عليهم بأنه غير مخلوق ومن توقف في القرآن وسكت سموه واقفياً.

س3: ما سبب إصرار الإمام أحمد على عدم الترخّص بعذر الإكراه في محنة القول بخلق القرآن.
هو خشيته من أي يتبع العامّة القول بأنّ القرآن مخلوق فيفتن النّاس ومن خلفهم.

س4: ما معنى الوقف في القرآن؟ وما سبب وقوف بعض أهل الحديث؟

معناه أن يقال القرآن كلام الله ويقفون، فلا يقولون: مخلوق ولا غير مخلوق والقائلون بهذا القول هم الواقفة وهم على ثلاثة أصناف: طائفة من الجهمية، الذين يقفون شكاً وتردداً، وطائفة من أهل الحديث قالوا بالوقف واخطأووا في ذلك.

وسبب وقوف الصنف الثالث وهم أهل الحديث وقد اخطأووا، أنهم رأوا أنّ القول بخلق القرآن قول محدث، واختاروا أن يبقوا على ما كان عليه السلف قبل إحداث القول بخلق القرآن؛ فكانوا يقولون أنّ القرآن كلام الله ويسكتونولذلك أنكر عليهم كبار الأئمة وهجروهم.

س5: ما سبب محنة الإمام البخاري رحمه الله؟ وبيّن موقفه من مسألة اللفظ.

لما وجد البخاري -رحمه الله- في بلده بخارى كثرة المخالفين له؛ انتقل للإقامة في نيسابور.
وبعد قدومه بأيّام اجتمع عليه النّاس فحسده بعض المشايخ فأرادوا أن يفتنوه فأرسلوا إليه من يمتحنوه في مجلسه، فقام رجل فسأله هل القرآن مخلوق أو غير مخلوق- وكرر عليه السؤال -وقد جعل على نفسه أن لا يتكلم في هذه المسألة لما أصاب الإمام أحمد -رحمه الله- من محنة-، فرد عليه قائلاً: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة فضجوا ونقلوا مقالته على غير وجهها.
ولقد ابتلي -رحمه الله- في هذه المحنة واشتدوا في أذيته، وكذبوا عليه في ذلك.
وقد ردّ البخاري وبيّن الحقّ في هذه المسألة في كتابه "خلق أفعال العباد" بياناً شافياً وقال
القرآن كلام الله غير مخلوق.

وصال إبراهيم 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 07:05 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المرجو اعتماد المشاركة الثانية بارك الله فيكم لمشكل عندي بالمتصفح وتنسيق الكتابة فأتأخر كثيراً في إعادة التنسيق والنسخ من متصفح لآخر ولا أستطيع حذف المشاركة الأولى وجزاكم الله عنا خيراً.

نضال مشهود 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 09:02 AM

اقتباس:

مجلس مذاكرة مسائل الإيمان بالقرآن

المجموعة الثالثة:
س1: بيّن أهميّة معرفة مسائل الإيمان بالقرآن، وكيف يحقق طالب العلم هذه المعرفة؟
س2: لخّص عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن.
س3: عدد مما درست من امتحن من أهل الحديث في مسألة الخلق بالقرآن مبيّنا أنواع الأذى الذي لحق بهم.
س4: ما حكم من وقف في القرآن؟
س5: بيّن سبب اختلاف الأفهام في مسألة اللفظ.
المجموعة الثالثة:

س1: بيّن أهميّة معرفة مسائل الإيمان بالقرآن، وكيف يحقق طالب العلم هذه المعرفة؟
ج: لمعرفة مسائل الإيمان بالقرآن أهمية قصوى، إذ بها يتبين للطالب مقومات الإيمان بالقرآن ومتطلباته، ويتضح له بها نواقض هذا الإيمان وقوادحه، ولا يتم للطالب سعيه في تحقيق الإيمان بالقرآن وحفظه من الأباطيل والنقصان إلا بمعرفة هذين الأمرين. وذلك علاوة على أن الطالب بمعرفته مسائل الإيمان سيتعرف على مباحث العلماء في هذا الباب العظيم ومدار كلامهم فيه اتفاقا واختلافا، ويتعرف بها كذلك مخالفات الناس فس هذه المسائل ومراتب هذه المخالفات وأحوال أصحابها وأحكامهم.
ويحقق طالب العلم هذه المعرفة بأن يتعرف على تفاصيل هذه المسائل، سواء كانت منها ما يتعلق بالاعتقاد أم ما يتعلق منها بالسلوك. فعلى الطالب في المسائل الاعتقادية أن يعتني بتعلم القول الحق في أمر القرآن كما دلت عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح، ثم عليه أن يدرس دلائل هذه العقيدة وحججها العقلية والنقلية، ويتعرف كذلك على الأقوال المخالفة للعقيدة الصحيحة في القرآن وأصحابها مع إتقان الرد على شبهاتهم مجملا ومفصلا.

س2: لخّص عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن.
ج: اعتقد أهل السنة والجماعة في القرآن أنه كلام الله تعالى لا كلام غيره، تكلم الله عز وجل بكل حرف منه حقيقة باللسان العربي المبين، فسمعه منه جبريل عليه السلام وسمع من جبريل نبينا محمد صلى الله عليه سلم وسمع منه الصحابة رضي الله عنهم ثم نقل إلينا نقلا متواترا. واعتقدوا أن القرآن حروفه ومعانيه جميعا من الله، فهو ليس بمخلوق، ومن زعم أنه مخلوق فقد كفر. واعتقدوا أن هذا الكلام الذي بين الدفتين وما في صدور الحافظين هو القرآن، فكونه محفوظا في الصدور ومسطورا في المصاحف لا يخرجه عن أن يكون قرآنا وكلام الله، لأن الكلام ينسب إلى من قاله مبتدئا لا إلى من تلاه مبلِّغا مؤديا. فالقرآن كلام الله منه بدأ قولا وإليه يعود في آخر الزمان برفع ذلك من السطور والصدور كما صح في الحديث، والله أعلم.

س3: عدد مما درست من امتحن من أهل الحديث في مسألة الخلق بالقرآن مبيّنا أنواع الأذى الذي لحق بهم.
ج:
- عفان بن مسلم شيخ الإمام أحمد بن حنبل، أول من امتحن فيه من أهل الحديث، هُدِّد بقطع رزقه من الخلافة، فرد عليهم بقول الله تعالى: {وفي السماء رزقكم وما توعدون}.
- جماعة من أهل الحديث: يحيى بن معين، وزهير بن حرب، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وإسماعيل الجوزي، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو مسلم عبد الرحمن بن يونس المستملي، وابن أبي مسعود، وغيرهم. أمر المأمون بإحضارهم إليه خارج بلدانهم فخافوا معارضته فأجابوا فأطلقوا.
- هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، وعبد الله بن ذكوان، وأحمد بن أبي الحواري. امتحنهم ولي دمشق إسحاق بن يحيى بن معاذ بأمر المأمون امتحانا خفيفا، فأجابوا فيه خلا أحمد بن ابي الحواري الذي لا يزيد عن قوله: «ما في القرآن من الجبال والشجر مخلوق».
- أبو مسهر عبد الأعلى الغسّاني قاضي دمشق وشيخ من شيوخ الإمام أحمد. أُدخِل على المأمون فرفض الاستجابة، ثم هدده المأمون بالقتل فأجاب مُكْرَهًا، فأمر المامون بحبسه في بغداد إلى أن مات بعد الحبس في مدة يسيرة.
- الإمام المبجل أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح العجلي، وعبيد الله القواريري، والحسن بن حماد الحضرمي (الملقّب بِسَجّادة)، مع جماعة من أهل الحديث. فأجاب في هذه المحنة القواريري وسجادة على الإكراه, وبقي الإمام أحمد ومحمد بن نوح صامدين بالحق. فأمر المامون بإحضارهما إلىه في طرسوس لكن دعا عليه الإمام أحمد فهلك قبل أن يراه. وبقي الإمام أحمد صامدا في الحبس والمناظرات فيما بعد هلاك المأمون. وأُمر في عهد الواثق بأن يعتزل الناس، فاختفى وامتنع من التحديث إلى أن فرج الله عنه في خلافة جعفر المتوكل على الله.
- أبو نعيم الفضل بن دكين بالكوفة، والعباس بن عبد العظيم العنبري وعلي بن المديني بالبصرة. امتحنوا في عهد المعتصم خليفة المأمون.
- يوسف بن يحيى البويطي، مفتي مصر وتلميذ الشافعي. أمر الواثق ابن المعتصم وخليفته بامتحانه، فأبى أن يجيب، فحُمِل إلى بغداد مقيدا بالحديد وترك في السجن إلى أن توفي رحمه الله.
- الحافظ المحدّث محمود بن غيلان المروزي، من شيوخ البخاري ومسلم. ممن حبس في المحنة بعهد الواثق.
- وفي شعبان هذه السنة أُحضر
- أحمد بن نصر الخزاعي إلى مجلس الواثق، أحضر إلى الواثق فامتحنه، فرفض الإجابة، فقتله الواثق بنفسه. ثم عُلِّق رأسُه رحمه الله في بغداد وصُلِب جسدُه في سامرا، وبقي مصلوباً ست سنين إلى أن جُمعا ودفنه أهله.
- شيخ من أهل الشام يقال إنه عبد الله بن محمّد بن إسحاق الأذرميّ الأذني. جيء به ليُمتحن بحضرة الواثق، وقد أحضر الواثق ابنه المهتدي، ثم أمر بالمناظرة بين هذا الشيخ وبين ابن أبي دؤاد، فغلبه الشيخ الأذني، ففرج عنه الواثق. (فقيل إن الواثق رجع عن المحنة منذئذ، ورجع عنها ابن المهتدي)
- الحارث بن مسكين المصري، المحدّث الفقيه شيخ أبي داوود والنسائي، كان المأمون حمله إلى بغداد وسجنه في المحنة فلم يجب فبقي محبوسا بضع عشرة سنة إلى عهد المتوكل على الله ففرج عنه.

س4: ما حكم من وقف في القرآن؟
ج: الواقفة على أصناف:
- فمنهم الجهمية المتسترون بالوقف كابن الثلجي وأحمد بن المعذّل العبدي، وحكمهم حكم الجهمية القائلين بخلق القرآن، بل فتنتهم على العامّة أشدّ من فتنة الجهمية المصرِّحين.
- ومنهم الواقفة شكًّا وتردُّدًا، فهؤلاء لم يؤمنوا بحقيقة القرآن، إلا أنَّ الجاهل العامي منهم قد يُعذر لجهله مع الأمر له بالتعلم والاسترشاد. فأما من قامت عليه الحجة منهم وبقي شاكًّا وواقفًا فحكم على مثله بالكفر، لأن الشك مناف للإيمان.
- ومنهم من توقف في القول بما عليه أئمة أهل السنة من أن القرآن غير مخلوق لظنهم أن هذا القول محدث والخوض فيه بالتصريح منكر. فهم لا يعتقدون أن القرآن مخلوق ولا يشك في بطلان خلق القرآن، لكنهم اختاروا أن لا يصرح بأنه غير مخلوق. وحكم هذا الصنف من الواقفة أنهم مخطئون في اجتهادهم هذا فلا يقرون عليه، بل قد يؤمر بهجرانهم خوفا على انفتاح الشر على العوام. والله أعلم.

س5: بيّن سبب اختلاف الأفهام في مسألة اللفظ.
ج: سبب الاختلاف أن كلمة "اللفظ" (وكذا: "التلاوة" و"القراءة") في هذا السياق كلمة مجملة مشتركة قد توقع الناس في التباس. فإن هذه الكلمات قد يراد بها المصدر (أي: عملية التلفظ والتلاوة والقراءة)، وقد يراد به المفعول (أي: الملفوظ والمتلو والمقروء).
فمن أراد بقوله "لفظي بالقرآن" معنى المصدرية (أي حركته وعمله في التلفُّظ) فقال إنه مخلوق، فقد أصاب المعنى لأن أفعال العباد مخلوقة. وكذلك من أراد بقوله "لفظي بالقرآن" معنى المفعولية (أي ما تلفظه من حروف القرآن وكلماته) فقال إنه غير مخلوق فقد اصاب المعنى لأن القرآن وكلام الله غير مخلوق. لكن كل من الرجلين هنا قد عبَّر عن معنى صحيح بعبارة مجملة ملتبسة، فأدى إلى اختلاف العامة في الأفهام وانفتح بذلك باب من بدع الجهمية، إذ أنه قد يقول قائل إن لفظه بالقرآن مخلوق وأراد به معنى المفعولية فوافق عقيدة الجهمية في الباطن، أو وافقها قلبا وقالبا.

هذا، والله تعالى أعلم.

احمد وسيم 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 02:51 PM

المجموعة الرابعة:
الإجابة على السؤال الأول
:
كيف يكون الاهتداء بالقرآن؟:
الاهتداء بالقرآن يكون، بتصديق اخباره، وعقل أمثاله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه.
تصديق الأخبار: التصديق الحسن هو الذي لا يكون معه شكّ ولا تردد، ويثمر في قلب صاحبه اليقين وصدق الرغبة والرهبة. وهو من أعظم النعم؛ قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه: "سلوا الله العفو والعافية فإن الناس لم يعطوا بعد اليقين شيئاً خيراً من العافية" فتقديم اليقين على العافية يدل على أنه من أعظم النعم.
ويحصل بالتصديق الحسن من البصائر والبينات ما ترفع درجته وتزيد علمه، ويحقق صدق الرغبة والرهبة الإقبال على اتباع الهدى؛ فيكمل أصلي علم السلوك المتعلق بالإيمان بالقرآن، وهما: البصائر والبينات، واتباع الهدى. وبذلك يتم صلاح القلب الموجب لصلاح سائر الجسد.
والتصديق الحسن يجلب اليقين إلى قلوب المؤمنين، وهو السبيل إلى الاهتداء بالقرآن والانتفاع به؛ فكلما كان العبد أكمل تصديقا، كان اهتداءه من القرآن أكثر.
قال الله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)}
فالتصديق الحسن يرتقي بصاحبه إلى درجة الإحسان؛ وذلك من وجهين:
أحدهما: سماه الله محسنا: {ذلك جزاء المحسنين}
والثاني: وعد الله عليه بتكفير السيئات، ومن ليس له سيئات، لم تبق معه إلا الحسنات، فيكون بذلك من أهل الإحسان.
ومن ثمرات هذا التصديق، أن الله يكفي عبده؛ قال الله تعالى بعد الآيات المذكورة: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37)}.
فمن حصلت له الكفاية من الله فقد هدي ووقي، وكتب له الأمن.
عقل الأمثال: ليس المقصود من إيراد الأمثلة في كلام الله عز وجل مجرد فهمها، بمعرفة معاني مفرداتها، بل المقصود عقلها، وفقه مقاصدها، ومعرفة المراد منها، والانتفاع بها بفعل ما أرشدت إليه؛ ومن ثم يحصل الاهتداء بها؛ فلا بد لعقل الأمثال من اتباع الهدي الذي بينه الله عز وجل بها.
قال الله عز وجل: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (وقد أخبر اللّه سبحانه أنّه ضرب الأمثال لعباده في غير موضعٍ من كتابه، وأمر باستماع أمثاله، ودعا عباده إلى تعقّلها، والتّفكر فيها، والاعتبار بها، وهذا هو المقصود بها).
والأمثال قسمها العلماء إلى قسمين:
أحدهما: الأمثال الصريحة، هي التي يصرّح فيها بلفظ المثل، مثل قوله تعالى: {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون}
والثاني: الأمثال الكامنة هي التي تفيد معنى المثل من غير تصريح بلفظه. كما يكون في قصص القرآن، فإنها تحتوي على مقصد وعمل وجزاء، فهذا مثل؛ فمن فعل فعل أولئك ينال مثل جزاءهم، حسنا كان أو سيئا.
وتحصل للمؤمنين بأمثال القرآن، من المعارف والأحوال، والتنبيه على العلل والنظائر، والإرشاد إلى أحسن السبل وأيسرها، والتبصير بالعواقب والمآلات، ما لا يحصل بكثير من وسائل التعليم؛ فإنها تقرب المعاني الكثير بألفاظ موجزة يسيرة، يسهل عقلها واعتبارها. وبالتأمل والاعتبار يبرز كثير المعاني الخفية، وحكم الأمر والتقدير، ويتصر بها المؤمن ويفقه مقاصدها ويعرف إرشادها، وبالتالي تورث من المعرفة واليقين والإنابة ما تحصل بها زكاة نفسه وصلاح عمله وحسن عاقبته بإذن الله تعالى.
فعقل الأمثال من أعظم أسباب الاهتداء بالقرآن؛ وهو معنى واسع جداً؛ لأن الله قد ضرب في القرآن من كلّ مثل؛ فما من أمر من أمور الدين يحتاجها المؤمن إلا وفي القرآن من الأمثال المضروبة المبيّنة للهدى فيها ما يكفي ويشفي. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}
امتثال أوامره واجتناب نواهيه: قد أمر الله تعالى في القرآن بما فيه الخير والصلاح، ونهى عما فيه الشر والفساد، فمن أطاع الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه فقد اهتدى. ولا يزال العبد يزداد من الهداية كلما ازداد طاعة لله وإيمانا به حتى يكتب في المهديين. كما قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)}
وكثيرا ما جاء الإيمان في القرآن مقترنا بعمل الصالحات، وهو يتضمن فعل المأمور وترك المنهي عنه، وهما قوام الموعظة؛ فإنّ الموعظة ترغيب وترهيب، فيها أمر وفيها نهي.
وترك المنهيّ عنه ، ففعل الطاعات والكفّ عن المحرّمات من أعظم أسباب وقاية العذاب والسلامة من الضلال؛ كما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ }
وقال تعالى:
{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
الإجابة على السؤال الثاني:
سبب تصريح أهل السنة بأنّ القرآن غير مخلوق:
كان السلف يكتفون قبل حدوث فتنة خلق القرآن بقولهم: القرآن كلام الله، لكن بعد حدوث فتنة القول بخلق القرآن صرّحوا ببيان أنه غير مخلوق.
ومن توقّف في القرآن هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟ سموه واقفيّا شاكّاً في حقيقة القرآن؛ لأنه يجب الأعتقاد بأن القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفاته وصفات الله لا تكون مخلوقة.

قال أبو داود السجستاني: سمعت أحمد يُسأل: هل لهم رخصة أن يقول الرجل: القرآن كلام الله، ثم يسكت؟
فقال: ولم يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأي شيء لا يتكلمون؟!!، أي: حيث تكلم أهل الأهواء وقالوا: إن القرآن مخلوق وفتنوا العامة بذلك وفتنوا بعض الولاة والقضاة بذلك فوجب التصريح بأن القرآن كلام الله غير مخلوق.

قال ابن تيمية رحمه الله:
(لم يَقُلْ أحدٌ مِن السَّلَفِ: إنَّ القرآنَ مخلوقٌ أو قديمٌ، بل الآثارُ متواتِرةٌ عنهم بأنَّهم يقولون: القرآنُ كلامُ اللَّهِ، ولمَّا ظَهَرَ مَن قال: إنَّه مخلوقٌ، قالوا رداًّ لكلامِه: إنَّه غيرُ مخلوقٍ).


الإجابة على السؤال الثالث
:
سبب إصرار الإمام أحمد على عدم الترخّص بعذر الإكراه في محنة القول بخلق القرآن:
كان الإمام أحمد رحمه الله رأس المحدثين في عصره وقدوة للناس، ينتظر قوله في هذه المحنة خلق كثير، فلولا ثباته لضل الكثيرين.
قال رحمه الله لعمه{ ياعمّ! إذا أجاب العالِم تقيّةً والجاهل يجهل فمتى يتبيّن الحق؟}
ودخل عليه في حبسه في الرقّة أبو العبّاس الرقي، ومعه بعض أهل الحديث؛ فجعلوا يذكّرونه ما يُروى في التقية من الأحاديث؛ فقال أحمد: (وكيف تصنعون بحديث خبّاب: "إنّ من كان قبلكم كان يُنشر أحدهم بالمنشار، ثمّ لا يصدّه ذلك عن دينه")
قال: فيئسنا منه
قال الإمام أحمد: (ما رأيت أحداً على حداثة سنّه أقوم بأمر الله من محمّد بن نوح، وإنّي لأرجو أن يكون قد خُتم له بخير.
قال لي ذات يوم وأنا معه جالس: يا أبا عبد الله! .. اللهَ اللهَ؛ إنّك لستَ مثلي ولستُ مثلك؛ إنِ اللهُ ابتلاني فأجبتُ فلا يقاس بي، فإنّك لستَ مثلي ولستُ مثلك، أنت رجلٌ يُقتدى بك، وقد مدّ هذا الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك؛ فاتّق الله واثبت لأمر الله
).
قال: (فتعجّبت من تقويته ومن موعظته إياي
).
وإنما أراد ممتحنو
الإمام أحمد بمحنته أن يجيب؛ لأنه كان رأس أهل الحديث فإذا أجاب طمعوا أن يجيبه الناس.
فكان رحمه الله يرى أنه لابد من الصمود أمام هذه الفتنة، لأنه لو أخذ كل عالم بالتقية فمن ينصر الدين والسنة. ولأن عامة الناس ينظرون الى العلماء ويقتدون بهم ويقولون بقولهم فلو لم يثبت لاحتار الناس فى أمرهم ولوقعوا جميعا في البدعة.
قال عليّ بن المديني: (إن الله عزّ وجلّ أعزّ هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث: أبو بكر الصديق يوم الردّة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة.(

الإجابة على السؤال الرابع
:
معنى الوقف في القرآن:
معنى الوقف في القرآن، هو أن يقول الرجل: القرآن كلام الله ويقف؛ فلا يصرح بأنه غير مخلوق.
ويتضمن الوقف ثلاثة مواقف:
(1) موقف المتسترة بالوقف من الجمهمية؛ وهم الذين يعتقدون أن القرآن مخلوق، إلا أنهم رؤوا الوقف أسهل للقبول عند العامة، فتستروا به.
(2) موقف الذين يقفون شكا وترددا.
(3) موقف بعض أهل الحديث، فإنهم لا يعتقدون أن القرآن مخلوق، وينكرون على من قال ذلك، لكنهم أيضا لم يصرحوا بأنه غير مخلوق.
سبب وقوف بعض أهل الحديث: رأوا أن القول بخلق القرآن قول محدث. فابتعدوا أن يقولوا إنّه مخلوق، أو إنّه غير مخلوق، فظنوا أنهم بذلك يبقون على ما كان عليه السلف قبل إحداث القول بخلق القرآن؛ فهم يقولون: القرآن كلام الله، ولا يزيدون على ذلك.وظنوا أنّ الكلام في هذه المسألة كلَّه من الخوض المنهي، وليس الأمر كما ظنّوا.
وكان هذا اجتهاد منهم أخطؤوا فيه رحمهم الله؛ فإنّ كلام الله تعالى صفة من صفاته، وصفات الله ليست مخلوقة، ولو كانت المسألة لم يُتكلّم فيها بالباطل ويُمتحن الناسُ فيها لكان يسعهم السكوت؛ فأمّا مع ما حصل من الفتنة وحاجة الناس إلى البيان، وكثرة تلبيس الجهمية؛ فلا بدّ من التصريح بردّ باطلهم،


الإجابة على السؤال الخامس:

سبب محنة الإمام البخاري رحمه الله وموقفه من مسألة اللفظ:
ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء: [أن الإمام البخاري لما قدم نيسابور] قال [لأصحابه] محمد بن يحيى [لأصحابه]: لا تسألوه عن شي من الكلام فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه، وقع بيننا وبينه ثم شمت بنا كل حروري وكل رافضي، وكل جهمي وكل مرجئ بخراسان.
قال الإمام مسلم: فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل حتى امتلأ السطح والدار فلما كان اليوم الثاني، أو الثالث قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن.
فقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا فوقع بينهم اختلاف.
فقال بعض الناس: قال: لفظي بالقرآن مخلوق، وقال بعضهم: لم يقل حتى تواثبوا؛ فاجتمع أهل الدار وأخرجوهم).

وقال ابن عدي: ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور اجتمع الناس عليه فحسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوا إقبال الناس إليه، واجتماعهم عليه؛ فقال لأصحاب الحديث: إن محمد بن إسماعيل يقول: اللفظ بالقرآن مخلوق فامتحنوه في المجلس فلما حضر الناس مجلس البخاري قام إليه رجل فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أم غير مخلوق؟
فأعرض عنه البخاري، ولم يجبه فقال الرجل: يا أبا عبد الله فأعاد عليه القول فأعرض عنه ثم قال في الثالثة فالتفت إليه البخاري، وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة فشغب الرجل وشغب الناس وتفرقوا عنه وقعد البخاري في منزله
.
ونقل
كلامه على غير وجهه إلى قاضي نيسابور محمد بن يحيى الذهلي؛ فقال في مجلسه فيما قال: (من زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق فهذا مبتدع لا يجالس ولا يكلم، ومن ذهب بعد مجلسنا هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه، فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه).
وقال محمد بن شاذل يقول: (لما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري دخلت على البخاري فقلت: يا أبا عبد الله أيش الحيلة لنا فيما بينك وبين محمد بن يحيى كل من يختلف إليك يطرد؟
فقال: كم يعتري محمد بن يحيى الحسد في العلم، والعلم رزق الله يعطيه من يشاء
.
فقلت: هذه المسألة التي تحكى عنك؟
قال: (يا بني هذه مسألة مشؤومة رأيت أحمد بن حنبل، وما ناله في هذه المسألة وجعلت على نفسي أن لا أتكلم فيها
).
قال الذهبي: (المسألة هي أن اللفظ مخلوق، سئل عنها البخاري فوقف فيها فلما وقف، واحتج بأن أفعالنا مخلوقة واستدل لذلك فهم منه الذهلي أنه يوجه مسألة اللفظ فتكلم فيه، وأخذه بلازم قوله هو).
فهذا كان سبب محنة الإمام البخاري، فقد أشيع عنه زورا أنه يقول باللفظ. والسبب وراء ذلك حسد بعض أقرانه.
أما موقفه فكان رحمه الله صريحا في موقفه بموافقة أهل السنة والجماعة. وهو القائل: " من زعم من أهل نيسابور، وقومس، والري، وهمذان، وحلوان، وبغداد، والكوفة، والمدينة، ومكة، والبصرة، أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقل هذه المقالة إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة."
وقد بين الحق والصواب في كتابه "خلق أفعال العباد".
فقال: (حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق، قال الله عز وجل: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم}).
وقال البخاري أيضاً: (جميع القرآن هو قوله [تعالى]، والقول صفة القائل موصوف به فالقرآن قول الله عز وجل، والقراءة والكتابة والحفظ للقرآن هو فعل الخلق لقوله:
{فاقرءوا ما تيسر منه}والقراءة فعل الخلق).
وقال أيضا رحمه الله: (فأما ما احتج به الفريقان لمذهب أحمد ويدعيه كل لنفسه، فليس بثابت كثير من أخبارهم، وربما لم يفهموا دقةمذهبه، بل المعروف عن أحمد وأهل العلم أن كلام الله غير مخلوق، وما سواه مخلوق، وأنهم كرهوا البحث والتنقيب عن الأشياء الغامضة، وتجنبوا أهل الكلام والخوض والتنازع إلا فيما جاء فيه العلم وبيَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم)



فاطمة احمد صابر 4 جمادى الآخرة 1437هـ/13-03-2016م 11:26 PM

اجابة عن المجموعة الرابعة
 
اجابة عن المجموعة الرابعة
س1 : كيف يكون الاهتداء بالقران ؟
الاهتداء بالقران يكون ب :
1-تصديق أخباره قال تعالي : " والذي جاء بالصدق وصدق به اولئك هم المتقون . لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين . ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ..... "
فالتصديق الحسن يبلغ بصاحبه مرتبة الاحسان ويكفر سيئاته ويكفيه
ومن أوتي التصديق الحسن المثمر لليقين فقد أوتي أعظم نعمة كما جاء في قول أبي بكر الصديق "فان الناس لم يعطوا بعد اليقين شيئا "
وتلاوة القران أعظم أسباب صلاح القلب وتزكية النفس وذهاب الهم
2- عقل الأمثال
معني عقلها :وعاها وفهم مقاصدها وفطن لما أرشد الله تعالي فيها لا فهم مفراداتها وحسب قال تعالي "وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون "
والامثال في القران اما صريحة صرح فيها بلفظ المثل كقوله تعالي "واضرب لهم مثلا أصحاب القرية ...."
واما كامنة تفيد المثل من غير تصريح بلفظ المثل كسورة المسد
والأمثال تفيد المؤمن من المعارف والأحوال والتنبيه علي العلل والنظائر والارشاد الي أحسن السبل والتبصير بالعواقب والمالات
لأنها تقرب المعاني الكثيرة بألفاظ موجزة يسهل تصورهاواعتبارها
فتثمر المعرفة الحسنة والتصديق الحسن والخشية الانابة مما يحصل به تزكية النفس
فعقل الامثال ليس مجرد معرفة البينات بل عقلها والتفكر والاعتبار بها
3،4- فعل الاوامر واجتناب النواهي
فقد أمر الله بما فيه الخير والصلاح ونهي عما فيه الشر والفساد فمن اطلع اوامره واجتنب نواهيه فقد اهتدي قال تعالي :"ان الذين امنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم "
وقال تعالي "قل أطيعوا الله والرسول .. "
وقال تعالي : "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم "
س2: ما سبب تصريح أهل السنة بأن القران غير مخلوق ؟
كان أهل السنة قبل القول بخلق القرات يقولون القران كلام الله ويسكتون فلما وقعت الفتنة صرحوا بذلك ومن توقف سموه واقفي شاك
لأنه يجب الاعتقاد أن القران كلام الله وكلام الله صفة من صفاته وصفاته تعالي لا تكون مخلوقة
قاال الامام أحمد :لولا ما وقع فيه الناس كان يسع السكوت
فطالما وقعت الفتنة وجب التصريح
س3: ما سبب اصرار الامام احمد علي عدم الترخص بعذر الاكراه في القول بخلق القران ؟
قال الامام : "اذا سكت العالم تقية والجاهل يجهل فمتي يعرف الناس الحق "
وقال لمن احتج عليه بقوله تعالي " ولا تلقوا بأيديكم الي التهلكة " قال وكيف بحديث خباب عن النبي (صلي الله عليه وسلم )انه كان فيمن قبلكم يؤتي بالرجل فينشر بالمنشار ما يرده ذلك عن دينه " أو كما قال صلي الله عليه وسلم
وأنكر علي المحدثين الذين جاروا المأمون في الفتنة واعتبرهم أول من ثلم هذه الثلمة وأفسد الأمر
س4: ما معني الوقف في القران ؟وما سبب وقوف يعض أهل الحديث ؟
معني الوقف في القران .. يعني يقولون القران كلام الله ويقفون فلا يقولون القران مخلوق او غير مخلوق
سبب وقوف بعض أهل الحديث : هم ينكرون بالفعل كون القران مخلوق لكنهم يقولون بان قول القران غير مخلوق قول محدث لم يقل به السلف قبلهم فنقف فيه ونبقي علي ما كان عليه السلف قبل القول بخلق القران
وأخطؤوا في ذلك لان العامة كانوا أكثر قبولا للوقف من القول بخلق القران فكانوا عونا للجهمية والمشككة من غير قصد منهم
لذلك أنكر المام عليهم وشدد عليهم وامر بهجرهم
لانه اذا أثيرت الشبهة وعمت الفتنة وجب التصريح بالبيان الذي يزيلها

س5: ما سبب محنة الامام البخاري ؟ وبين موقفه من مسألة اللفظ .
سبب محنة الامام البخاري هو الاختلاف في مسألة اللفظ
فان طائفة من أصحاب الحديث صرحوا بأن اللفظ بالقران غير مخلوق يريدون أن القران غير مخلوق لكنهم أخطؤوا في استعمال العبارة منهم محمد بن يحيي الذهلي شيخ الامام البخاري
فانه لما نزل الامام سمرقند استقبله أهلها أحسن استقبال وأكرمه الذهلي أيما اكرام ثم ان قوما حسدوه علي ذلك حتي سأله بعض الناس في مجلسه عن قوله في القران فقال القران كلام الله غير مخلوق وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة
فأعلن الذهلي في مجلسه ان لا يذهب اليه احد وانه يقول باللفظ فتركه عامة الناس الا مسلم بن الحجاج ونفر قليل
وترك سمرقند الي بخاري علي الرغم من كرهه للمكث فيها لكثره المخالفين لكن الذهلي ارسل لقاضيها فارسل له بالخروج .. او انه طلبه في مجلس خاص ليعلم ابناءه فرفض البخاري اكراما للعلم وانه يؤتي ولا يأتي ثم ذهب الي خرتنك وكان بها بعض قرابته وبها توفي ليلة الفطر سنة 256
رأي الامام البخاري في مسألة اللفظ
أن القران كلام الله غير مخلوق وأفعال العباد مخلوقة لكنه مع أصحاب الحديث كرهوا القول باللفظ سواء مخلوق او غير مخلوق لانه من الالفاظ المشكلة المبهمة المحدثة فهي تزيد الامر التباسا ولا فائدة من ورائها
ونقل قول الامام احمد بدقة مذهبه واستدل له بحديث "انما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض وانما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا فلا تضربوا بعضه بعضا فما علمتم منه فقولوا وما لا فكلوه الي عالمه "

كريمة زيد 5 جمادى الآخرة 1437هـ/14-03-2016م 01:32 AM

مجلس الأسبوع7/المج1
 
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي وأستعين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين
*************************************************
هذه إجابات عن أسئلة المجموعة الأولى

http://images.aarabladies.com/media/images/45a76383.gif
س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
تنقسم مسائل الإيمان بالقرآن إلى قسمين:
القسم الأول: المسائل الاعتقادية
وتُعني بما يجب اعتقاده في القرآن، وأصل ذلك، الإيمان بـأن القرآن:
- كلام الله، منزّل غير مخلوق، أنزله على نبيه ممد صلى الله عليه وسلّم.
- مهيمن على ما قبله وناسخ لها
- بدأ من الله عز وجل ويعود إليه.
مع الإيمان:
-بما أخبر الله ورسوله عن القرآن.
- بوجوب الإيمان بالقرآن وتحليل حلاله وتحريم حرامه والعمل بمحكمه ورد المتشابه إلى المحكم.
والمسائل الاعتقادية تنقسم إلى نوعين:
1- أحكام:وتتمثل في ذكر حكم القول، هل هو واجب ـو بدعة وما حكم مخالفه: بدعة مفسّقة أو بدعة مكفّرة.
2- آداب:وتتمثل في قول ما دلّت عليه نصوص الكتاب والسنة وما أثر عن السلف، وأن تتم الدراسة وفق منهج أهل السنة في التلقي والاستدلال، مع الحذر من البدع والمراء والتنازع في القرآن وضرب بعضه ببعض، وعدم التكلف.
القسم الثاني: المسائل السلوكية
ويُعنى فيها بالانتفاع بمواعظ القرآن وحسن الاستجابة لله تعالى والاهتداء بما بين الله عز وجل في القرآن من الهدى، وعقل أمثاله، والتبصّر بها والتذكر، والتفكر فيها والتدبر، وفعل ما أرشد الله إليه، واجتناب ما نهى الله عنه.
وتنقسم إلى 3 أنواع:
1- مسائل اعتقادية
2- مسائل قولية
3- مسائل عملية
وعلم السلوك يعنى بأصلين مهمّين لابد من الجمع بينهما وهما:
* البصائر والبينات: وهي قائمة على العلم وتورث اليقين
* اتباع الهدى: وهو قائم على الإرادة والعزيمة ومثمر للاستقامة والتقوى.
وفي ما يلي رسم ملخّص لكل ما سبق:

س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلام الله تعالى.
أهل السنة والجماعة يثبتون صفة الكلام للمولى عز وجل على ما يليق بجلاله وعظمته سبحانه، دون تعطيل ولا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل، فالأدلّة قاطعة في إثبات أن المولى عز وجل يتكلم بحرف وصوت يسمعه من يشاء، وكلامه سبحانه صفة من صفاته، لم يزل متكلما إذا شاء، متى شاء وكيفما شاء سبحانه أي أن صفة الكلام صفة ذاتية باعتبار نوعها، وصفة فعلية باعتبار آحاد كلامه جلّ وعلا.
ويقول شيخ الاسلام بن تيمية إثباتا لعقيدة أهل السنة والجماعة:
(قال أئمة السنة: لم يزل الله متكلماً كيف شاء وبما شاء) انتهى كلامه رحمه الله.

••ونورد من الأدلة، على إثبات الكلام للمولى عز وجل، ما يلي-وغيرها كثير-••
قال الله تعالى:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ}
وقال تعالى:{وكلم الله موسى تكليما}
وقال تعالى:{ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه}
وقال تعالى:{يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي}

••بعض الأدلة على أن كلامه سبحانه لا يشبه كلام المخلوقين ويحيط به أحد علما ولا تنفد ولا تنقضي••
قال الله تعالى:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا }
وقال تعالى:{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }


س3: اعرض بإيجاز نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.
يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل كما يلي:
المرحلة الأولى: أول نشأة البدعة/مع الجعد بن درهم
أول من ابتدع بدعة القول بخلق القرآن هو الجعد بن درهم وقد قتله، بسبب كفره بهذه البدعة، أمير العراق خالد بن عبد الله القسري سنة 124 هـ وكان ذلك في يوم الأضحى.
المرحلة الثانية: وراثة البدعة وكتابة المقالات فيها/ مع جهم بن صفوان
ثم أخذ عنه هذه المقالة المبتدعة: الجهم بن صفوان، وهو رجل فصيح اللسان لكن لك يعرف بعلم ولا بفقه، فكتب فيها مقالات نشرها لكنها لم تحظى بشأن ولا بإصغاء وقبول في عصره إنما ورثها عنه بعض أهل الكلام وفتنوا الناس بها في فترة لاحقة، أما في زمانه فقد وقع تكفيره وقتله من قبل الأمير سلم بن الأحوز سنة 128 هـ
المرحلة الثالثة: بداية تسرّب البدعة ووصولها للحكام والولاة/ مع بشر المريسي وأتباعه
بعد موت بن صفوان، ظهر بشر بن غياث المريسي، الذي اشتغل في الفقه في بداية أمره ثم ما فتئ أن اشتغل بعلم الكلام فافتتن به وتلقّى مقالات جهم بن صفوان فتبنى بدعة القول بخلق القرآن ودعا إليها فمقته أهل العلم وكفروه وحذّروا منه كما توعده هارون الرشيد بالقتل مما جعله يتخفّى وما أظهر مقالاته وما جاهر بها إلا بعد موت الرشيد سنة 193 هـ. ثم تسلّل وأتباعه إلى الحكّام والولاة بما لهم من العناية بالكتابة والأدب، والتفنن في صياغة المكاتبات فكان ذلك أوّل ثغر تسّربت من خلاله هذه البدعة.

س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.
اختلفت مواقف الناس اختلافاً كثيراً في مسألة اللفظ، وفي ما يلي ملخص بأبرز المواقف:
الموقف الأول: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ، وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف.
وهؤلاء كانوا من أكثر من أشاع مسألة اللفظ؛ وكثرت الروايات عن الإمام أحمد في التحذير من اللفظية وتسميتهم بالجهمية؛ يقصد بهم من يقول بخلق القرآن، ويتستّر باللفظ.
الموقف الثاني: موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية، وعلى رأس هؤلاء رجل من أهل الشام يقال له: الشرّاك؛ قال: إن القرآن كلام الله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق.
الموقف الثالث:موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري وهو من أصحاب حسين الكرابيسي، وعنه أخذ مقالته في اللفظ، لكنّه تأوّلها على مذهبه في القرآن إذ قال : (أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق). واشتهر عنه أنه قال : (القرآن مُحدث) وكلمة الإحداث عند المعتزلة تعني الخلق.
ولمّا حدثت فتنة اللفظ كان ممن تكلّم بها داوود الظاهري؛ وقال: (لفظي بالقرآن مخلوق)
الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة.
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.
واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن، وقد جرى من المحنة في القول بخلق القرآن ما جرى فكانوا شديدي الحذر من حيل الجهمية وتلبيسهم.
وبيّنوا أنّ أفعال العباد مخلوقة.
الموقف الخامس:موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق، وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة.
وحصل في الأمر التباس عليهم.
وممن نُسب إليه التصريح بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق: محمد بن يحيى الذهلي شيخ البخاري وقاضي نيسابور في زمانه، وأبو حاتم الرازي، ومحمد بن داوود المصيصي قاضي أهل الثغر وهو شيخ أبي داوود السجستاني صاحب السنن، وابن منده ، وأبو نصر السجزي، وأبو إسماعيل الأنصاري، وأبو العلاء الهمذاني.
الموقف السادس: موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه ومن تأثر بطريقته كأبي بكر بن الطيب الباقلاني، والقاضي أبي يعلى.
وهؤلاء فهموا من مسألة اللفظ معنى آخر ؛ وقالوا إنّ الإمام أحمد إنما كره الكلام في اللفظ؛ لأنّ معنى اللفظ الطرح والرمي، وهذا غير لائق أن يقال في حق القرآن.
ثم هؤلاء منهم من ينكر تكلم الله بالصوت. ومنهم من يقر بذلك.
الموقف السابع: موقف طوائف زعمت أنّ ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة؛ وزعموا أن سماعهم لقراءة القارئ هي سماع مباشر من الله، وأنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ كما سمعه موسى بن عمران.
واختلفوا في تفصيل ذلك على أقوال:
فقال بعضهم: إن صوت الربّ حلّ في العبد.
وقال آخرون: ظهر فيه ولم يحلّ فيه.
وقال آخرون: لا نقول ظهر ولا حلّ.
وقال آخرون: الصوت المسموع قديم غير مخلوق.
وقال آخرون: يسمع منه صوتان مخلوق وغير مخلوق.
وهذه الأقوال كلها مبتدعة وباطلة.
وقريب من هؤلاء طائفة زعمت أن كلام الله بعينه في المصحف؛ وقد ردّ عليهم البخاري في كتابه خلق أفعال العباد.
س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهل السنة منه؟
سبب ظهور بدعة ابن كلاب:
- انتشار مذهب الاعتزال والسعي إلى الرّد عليهم بمقارعتهم بأصولهم المنطقية وحججهم الكلامية؛ فأدّى ذلك بابن كلاب إلى التسليم لهم ببعض أصولهم الفاسدة.
- اغتراره بنجاحه في بعض ردوده على المعتزلة وتمكنه من بيان فساد بعض أقوالهم – اهتمامه بتصنيف الكتب في الردّ على المعتزلة، واجتهاده في الرّد عليهم وإفحامه لبعض كبرائهم، وانقطاعهم عند مناظرته، ظنّا منه أنه بذلك ينصر السنة،
- تقصيره في معرفة السنّة وعلوم أهلها وسلوكه طريقة المتكلّمين، وتسليمه للمعتزلة ببعض أصولهم الفاسدة مما أدّى به إلى الخروج بقول محدث في القرآن، فلا هو نصر السّنة ولا وقف على أقوال المعتزلة بل تعدّاهم إلى إحداث بدعة جديدة.
موقف أئمة أهل السنة منه:
أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وما أحدث من الأقوال، وحذّروا منه ومن طريقته.

http://images.aarabladies.com/media/images/45a76383.gif

هذا والله أعلم، وأستغفر الله

مريم يوسف عمر 5 جمادى الآخرة 1437هـ/14-03-2016م 01:34 AM

إجابتي على أسئلة المجموعة الأولى
 
س1: بيّن أنواع مسائل الإيمان بالقرآن؟
قسمت مسائل الإيمان في القرآن إلى نوعين:
الأول: مسائل الاعتقاد في القرآن الكريم.
وتتضمن مسائل الاعتقاد في القرآن الكريم المسائل التي تعنى بما يجب اعتقاده بالقرآن الكريم و أنه أنزله جل وعلا على رسوله الكريم وشرعه للمسلمين ليخرهم من لظلمات إلى النور. و يتضمن الإيمان بالله تعالى وبرسوله الكريم وكتابه العظيم و ما شرع فيه من آيات و أحكام وحلاله وحرامه و أوامره و نواهيه. والعمل بأحكامه و رد الشبهات عنه.
وقسمت مسائل الاعتقاد بالقرآن إلى مسائل الأحكام في الاعتقاد ووجوبها وبدعيةِ بعضها و مسائل الآداب في بحث هذه المسائل كدلالات النص القرآني و آثار أهل السلف فيه وطريقة تلقي هذه المسائل ودراستها وتحليلها .
الثاني: مسائل السلوك في القرآن الكريم.
وتتضمن الجانب العملي و السلوكي مع مسائل القرآن من تدبر و تفكر و اتباع ارشادته و اجتناب نواهيه، وكيفية الانتفاع بمواعظ القرآن وأخذ العبر منها.
س2: بيّن عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة الكلامالله تعالى.
تتلخص عقيدة أهل السنّة والجماعة في صفة الكلام لله تعالى أنها ثابته وحقيقه. وأن الله جل وعلى يتكلم بما يشاء وحيث يشاء، و لا يسمع حرفه وصوته إلا من يشاء، و هو المتكلم في القرآن و التوراة و الإنجيل وكل الكتب السماوية .
إذ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (قال أئمة السنة: لميزل الله متكلماً كيف شاء وبما شاء).
وقد دللت الأدلة من الكتاب و السنة بوضوح على صفة الكلام لله جل وعلا.
1- من الآيات التي دللت على صفة الكلام لله تعالى:
قال تعالى: (كلم الله موسىتكليما).
وقال تعالى: (يا موسى إني اصطفيتك على الناسبرسالاتي وبكلامي)
وقال تعالى: (وناداهما ربهما ألم أنهكما عنتلكما الشجرة)
وهنالك الكثيرمن الأدلة الأخرى ما يدل بصريح العبارة ووضوحها على صفة الكلام لله تعالى.
2- ومن الأحاديث:
1. حديث عديّ بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمنمنه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلايرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة»متفق عليه.
2. قول عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك: « ولشأني في نفسي كانأحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمر يتلى » متفق عليه.
س3: اعرض بإيجاز نشأةالقول بخلق القرآن قبل عهد المأمون.
في يوم الأضحى من عاد 124هـ قُتِلَ أول من أحدث بدعة القول في خلق القرآن، وهو الجعد بن درهم . فقد قتله أمير العراق خالد بن عبدالله القسري وقال: «ارجعوافضحوا تقبل الله منكم، فإني مضح بالجعد بن درهم، زعم أن الله لم يتخذ إبراهيمخليلا، ولم يكلم موسى تكليما، تعالى الله علوا كبيرا عما يقول الجعد بن درهم، ثمنزل فذبحه» رواه البخاري
ثم عاد الجهم بن صفوان، يقول المقولة من جديد وينشرها في كتاباته ومقالاته إذ كان صاحب لسان فصيح وأسلوب بليغ. فعرفت عنه واشتهر بها. حتى تناقلها بعض الناس وفتحوا بها على الأمّة أبواباً من الفتن العظيمة، و أدخل على الأمة إنكار علوِ الله، والأسماء والصفات. فكفره العلماء و قتله الأمير سلم بن الأحوز سنة 128هـ ,
قال بكيربن معروف: (رأيت سلم بن الأحوز حين ضرب عنق الجهم فاسودّ وجهه). رواهاللالكائي.
ثم ظهربشر بن غياث المريسي، وهو رجل قال فيه الإمام أحمد: ( ما كان صاحب حججٍ، بل صاحبخطبٍ) . كان رجل أخذ الفقه عن العلماء إلا أنه أقبل يسيء الكلم وينقله و نشر فيه الفتن بين الناس. فتوعد هارون الرشيد بقتله فكان متخفياً، إلى أن توفي الرشيد، أظهر مقالةً دعا فيها إلى الضلالة وادعى أن القرآن مخلوق. فوصلت أقواله إلا الملوك و الأمراء و انتشرت الضلالة والفتن وقامت فتنة خلق القرآن على يد المعتزلة إذ كان بشر بن غياث من رؤوسها(219هـ).


س4: اعرض بإيجاز اختلاف المواقف من مسألة اللفظ.
اختلافالمواقف في مسألة اللفظ:
اختلفت مواقف الناس من مسألة اللفظ في القرآن. فكان كلٌ يفهمها بفهم و يأولها بتأوله الخاص و يبني موقفه على فهمه. وتتلخص المواقف بالآتي:
الموقف الأول:
موقف الجهمية المتستّرة باللفظ - نسبة للجهم بن صفوان - وهم الذين يقولونبخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ.
وهم من قال فيهم عبدالله بن الإمام أحمد: سمعت أبي يقول: (كلُّ من يقصد إلى القرآنبلفظ أو غير ذلك يريد به مخلوق؛ فهو جهمي).
وقال أيضا: قلت لأبي: إنّ الكرابيسيّ يقول: لفظي بالقرآنمخلوقٌ.
فقال: «هذا كلام سوءٍ رديءٌ، وهوكلام الجهميّة، كذب الكرابيسيّ، هتكه اللّه، الخبيث»
الموقف الثاني: موقف طائفةٌ من الناس تأثرت في قوال الجهمية فخاضت في علم الكلام، كان على رأسهم رجل من الشام يسمى: الشرّاك؛ قال: إن القرآن كلامالله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عندالتحقيق.
قال أبو طالبٍ للإمام أحمد: كُتب إليّ من طرسوس أنّالشّرّاك يزعم أنّ القرآن كلام اللّه، فإذا تلوته فتلاوتهمخلوقةٌ.
قال: (قاتله اللّه، هذا كلام جهمٍبعينه).
وذكر منهم الإمام أحمد شخص يلقب ب "عَبْدَك" كان صاحب كلام وتصوف و اشتهر عنه بدعٌ كثيرة؛ بدعة الملامية، ومنها بدعة التحريم المطلق، كان يزعم أن كل ما في الدنيا حرام،ولا يحلّ منها إلا القوت، وخلط التصوّف بالتشيّع، وتوفي بغداد سنة (210ه.
الموقف الثالث: موقف رجل يدعى داوود بنعليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري. كان حاد الذكاء قوي البيان ، كان مولعاً بكتب الشافعيّ فيأوّل عمره؛ معتنيا بجمع الأقوال ومعرفة الخلاف حتى فحصّل علماً كثيراً. قال عنه أبوزرعة الرازي: ( لو اقتصر على ما يقتصر عليه أهل العلم لظننت أنه يكمد أهل البدع بماعنده من البيان والآلة، ولكنه تعدَّى) .
وهو من أصحاب حسين الكرابيسي، وعنه أخذ مقالته في اللفظ،إنَّ له قولاً في القرآن لم يسبق إليه.
قال: أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق).(ت:270هـ)
واشتهر عنه أنه قال: (القرآن مُحدث) وكلمة الإحداث عندالمعتزلة تعني الخلق؛ لأنّ المحدث هو ما كان بعد أن لم يكنولمّا حدثت فتنة اللفظ كان ممن تكلّم بها داوود الظاهري؛وقال: (لفظي بالقرآن مخلوق.
الموقف الرابع:
موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بنراهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة.
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوامن قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.
قال أبو إسحاق الهاشميّ: سألت أبا عبد اللّه أحمد بنحنبلٍ، فقلت: إذا قالوا لنا: القرآن بألفاظنا مخلوقٌ، نقول لهم: ليس هو بمخلوقٍبألفاظنا أو نسكت؟
فقال: " اسمع ما أقول لك: القرآن في جميع الوجوه ليسبمخلوقٍ ".
ثمّ قال أبو عبد اللّه: «جبريل حينقاله للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان منه مخلوقًا؟ والنّبيّ حين قاله كان منهمخلوقًا؟ هذا من أخبث قولٍ وأشرّه»ثمّ قال أبو عبد اللّه: «بلغني عن جهمٍ أنّه قال بهذا في بدء أمره).
الموقف الخامس: موقف طائفة منأهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق،وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة..
فاختلط عليهم القول فنسبه بعضهم خطئاً إلى الإمام أحمد. وممن نُسب إليه التصريح بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق: محمد بن يحيى الذهلي شيخ البخاري وقاضي نيسابور في زمانه، وأبو حاتم الرازي، وآخرون. وقد ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابنتيمية.
وهؤلاء :
1. يقولون إنالقرآن غير مخلوق.
2. وإن أفعال العباد مخلوقة.
لكنّهم أخطؤوافي إطلاق القول بأن اللفظ بالقرآن غير مخلوق.
وظنوا أنّهم بقولهم: (ألفاظنا بالقرآن غيرمخلوقة) يقطعون الطريق على الجهمية الذين يريدون التحيّل باللفظ للقول بخلق القرآن.

س5: ما سبب ظهور بدعة ابن كلاب؟ وما موقف أئمة أهلالسنة منه؟
وصلت حدية الأمور و الردود بين أهل السنة والمعتزلة إلى أعلى الحدود، وأصبح أهل السنة يردون على المعتزلة وأصحاب الفتن بالقرآن والسنة ولا يخوضون في الرد بالكلام تجنباً للوقوع في أي خطأ. فسلموا من الكثير من الفتن.
ولكن نشأ أقوام أرادوا الردّ على المعتزلة بالحجج المنطقية والطرق الكلامية؛ فخاضوا فيما نهاهم عنه أهل العلم؛ ووقعوا في بدع أخرى، وجرى بسببهما محن ومواقف كثيرة ، وظهرت نحل وأهواء لم تكن تعرف من قبل مثل بدعة ابن كلاب
إذ كان لابن كلاب طريقة كلام ذكية بارعة، استطاع باستخدامها مجادلة المعتزلة و قطع الكلام عليهم ورد كلامهم ومحاججتهم. فمن كلّمه وناقشه لم يقدر أن يكمل النقاش. فصنف كتباً في الرد على المعتزلة و اجتهد ذلك جداَ. إلا أن أقواله أعجبت البعض وذاع صيته واشتهر بها . فأعجبوا بطريقته وتبنوها ففتنوا بها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وابن كلاب لما رد على الجهمية لم يهتدِ لفساد أصل الكلام المحدث الذي ابتدعوه في دين الإسلام بل وافقهم عليه) .
وقد أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته ،وما ذكره من أقوال، وحذّروا من طريقته
قال ابن خزيمة: (كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره) . وكان إمام الأئمّة ابن خزيمة (ت:311هـ) من أشدّ العلماء على الكلابية، وأكثرهمتحذيراً منهم، وردّا عليهم

لولوة الحمدان 5 جمادى الآخرة 1437هـ/14-03-2016م 07:09 PM

جواب الأسئلة من المجموعة الثالثة
 
المجموعة الثالثة:
س1:بيِّن أهمية معرفة مسائل الإيمان بالقرآن، وكيف يُحقق طالب العلم هذه المعرفة؟
معرفة مسائل الإيمان بالقرآن من الأهمية بمكان؛ لأنها تبيِّن ما يتحقق به الإيمان بالقرآن، وما يقدح في ذلك، وما هي المسائل التي يبحثها العلماء في هذا الباب، وما هي مراتب المخالفة لذلك، وما هي درجات المخالفين وأحكامهم.
ويحقق طالب العلم هذه المعرفة فيما يتعلق بمسائل القرآن الاعتقادية بمعرفة ما يلي:
- معرفة القول الحق في مسائل الاعتقاد، بما دلَّت عليه نصوص القرآن والسنَّة، وبما أجمع عليه سلف الأمة –رحمهم الله-، حتى يكون معتقده في القرآن صحيحاً مبنيّاً على الدليل والحجة الصحيحة.
- معرفة مآخذ الاستدلال من الأدلة، وما تحسن معرفته من الأدلة والآثار، حتى يمكنه أن يدعو إلى الحق في هذه المسائل متى احتيج إليه في ذلك.
- معرفة أقوال المخالفين في هذا الباب، ومراتبهم ودرجات مخالفتهم، ومعرفة أصول شبههم وحجج أهل السنة في الردِّ عليهم، ومنهجهم في معاملتهم، حتى يتبيَّن له أصول الرد على المخالفين في هذا الباب.
س2:لخِّص عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن.
خلاصة عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن يمكن إجماله فيما يلي:
- أن القرآن كلام الله –تعالى- حقيقة لا كلام غيره.
- أن القرآن من الله بدأ أي -نزل من الله-، وإلى الله يعود –أي يرفع آخر الزمان-.
- أن القرآن حروفه ومعانيه من الله –تعالى-.
- أن القرآن ليس بمخلوق؛ لأنه كلام الله -تعالى-.
- من زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر.
- القرآن سمعه جبريل من الله -تعالى-، وسمعه النبي -صلى الله عليه وسلم- من جبريل، وسمعه الصحابة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم نُقِل إلينا متواتراً.
- أن هذا الذي بين الدفتين في المصاحف هو القرآن، محفوظ في السطور، وفي الصدور.
- أن كل حرف من القرآن قد تكلَّم الله به حقيقة.
- أن القرآن بلسان عربيٍّ مبين، تكلَّم الله به باللسان العربي.
- أن من ادعى وجود قرآن غيره، فهو كافر بالله -تعالى-.
س3:عدد مما درست من امتحن من أهل الحديث في مسألة خلق القرآن، مبيِّناّ أنواع الأذى الذي لحق بهم.
اُمتُحن بالقول بخلق القرآن نفر كثير من أهل الحديث، وعُذِّبوا وأوذوا في ذلك أذى كثيراً، فكان منهم من ثبَّته الله، ومنهم من ترخص بالإكراه، وفيما يلي ذكر جماعة من أولئك الأخيار وما جرى عليهم من المحن:
· عثمان بن مسلم الصفار شيخ الإمام أحمد: اُمتُحن وهُدِّد بقطع ما يجري عليه من بيت المال، فثبت ولم يُجِب، وهو أوَّل من امتحن.
· جماعة من أهل الحديث منهم: يحيى بن معين، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وإسماعيل الجوزي، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو مسلم عبد الرحمن بن يونس المستملي، وابن أبي مسعود: أُحضروا إلى المأمون في بلده، فامتُحنوا عنده فهابوا وأجابوا، فأُطلِقوا.
· المحدثون في دمشق: هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، وعبد الله بن ذكوان: اُمتُحنوا عند والي دمشق امتحاناً يسيراً فأجابوا.
· الناسك العابد أحمد بن أبي الحواري: امتحنه والي دمشق فترفق به، فأبى أن يجيبه، فسجنه، ثم أُتي بصبيانه وامرأته فبكوا عنده فأجاب بأن ما في القرآن من الجبال والشجر مخلوق.
· أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني قاضي دمشق، ومن شيوخ الإمام أحمد: اُمتُحن عند المأمون، ورُهِّب بالقتل، فأبى أن يجيب، وجادله المأمون فلم يجبه إلى ما قال، ثم أُتي بالسيف فأجاب مترخِّصاً بالإكراه، ثم حبس حتى مات.
· جماعة من أهل الحديث منهم عبيد الله القواريري، والحسن بن حماد الحضرمي الملقب بسجادة: اُمتُحنوا في عند أمير بغداد، فأجابوا ترخصاً بالإكراه، إلا القواريري وسجادة، فحُبسا وقُيِّدا، ثم دُعيا فأجابا ترخصاً بالإكراه.
· محمد بن نوح العجلي من أهل الحديث: اُمتُحن عند أمير بغداد فلم يُجب فحُبس وقُيِّد ، ثم حُمل إلى المأمون مقيّداً، وبعد موت المأمون أعيد إلى بغداد مقيَّداً ليحبس فيها وفي الطريق مرض مرضاً شديداً فمات وهو مقيَّد.
· الإمام أحمد بن حنبل: اُمتُحن في عهد خليفتين المأمون والمعتصم:
- في عهد المأمون: امتحنه الأمير إسحاق بن إبراهيم، فلم يجبه، فقُيِّد وحُبِس، ثم أمر المأمون بنقله مقيَّداً إليه في الرقّة، فحُبِس فيها، وتوعَّده المأمون بالقتل إن لم يجبه، لولا أنَّ الله كفاه إيَّاه، إذ مات المأمون قبل أن يرَاه.
- في عهد المعتصم: حُمل الإمام أحمد مقيَّداً إلى بغداد، ليُحبس فيها، وقد مرض مرضاً شديداً، نُقِّل في عدة محابس، ثم نوظر مراراً، فظهرت حجته، ثم زيدت عليه القيود، ثم ناظره ابن أبي دؤاد مع في خمسين من المعتزلة، فأظهر الله قوله عليهم، فلما طالت المناظرة، وانقطعت حجج المعتزلة أمروا بقتله بعد أن كفروه واستحلّوا دمه، ثم بدا لهم أن يعتاضوا عن قتله بالضرب تلو الضرب؛ ليكون أشد في تعذيبه، ولعله يرجع عن قوله من شدة الألم، فقام الجلادون عليه، يضربونه الواحد تلو الآخر حتى أغمي على الإمام مراراً، ثم سُحب، وكُبَّ على وجهه، وداسوه، ثم أمر المعتصم بتخلية سبيله بعد أن ندم مما فعل به.
· أبو نعيم الفضل بن دكين: امتحنه والي الكوفي فأبى أن يجيبه فطُعن في عنقه فمات من جراحته.
· العباس بن عبد العظيم العنبري، وعلي بن المديني: اُمتُحنا فلم يُجيبا، فأما العباس فأُقيم وضُرب بالسوط حتى أجاب، وعلي بن المديني ينظر إليه فأجاب كذلك.
· أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي عالم مصر ومفتيها، تلميذ الشافعي: امتحنه والي مصر فأبى أن يجيب، فحمل إلى بغداد وفي عنقه غلّ، وفي رجليه قيد، وبينهما سلسلة فيها لبنة وزنها أربعون رطلاً، فأبى أن يجيب، وسجن حتى مات في قيوده.
· المحدث محمود بن غيلان المروزي من شيوخ البخاري ومسلم: حبس لعدم قوله بخلق القرآن.
· أسرى المسلمين لدى الروم لما فاداهم الواثق: اُمتُحنوا فمن أجب أُعطي دينارين، وخُلِّي عنه، ومن امتنع أُبقي في الأسر.
· الأئمة والمؤذنون: اُمتُحنوا فسُجن من لم يجب.
· أحمد بن نصر الخزاعي: امتحنه الواثق فأبى أن يجيب فكُفِّر واُستُحِلَّ دمه، ورُبط بحبل فضربه الواثق على عاتقه ثم على رأسه ثم طعنه، فخرَّ صريعاً، ثم عُلِّق رأسه وصُلِب جسده.
· المحدِّث فضل بن نوح الأنماطي: ضُرب؛ إذ لم يقل بخلق القرآن، وفُرِّق بينه وبين امرأته.
· أبو عبد الرحمن، عبد الله بن محمَّد بن إسحاق الأذرمي، شيخ من أهل الشام من بلدة أذنه: اُمتُحن بحضرة الواثق، فقُيِّد، وناظره ابن أبي دؤاد، فانقطع، وظهرت حجة الشيخ، وأقرَّه الواثق على قوله، ثمَّ أُطلقه، ولم يمتحن بعده أحداً.
س4:ما حكم من وقف في القرآن؟
الواقفون في القرآن ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: طائفة من الجهمية يتسترون بالوقف، وهم في حقيقة أمرهم يقولون بخلق القرآن، وهؤلاء أشد فتنة وشرًّا من الجهمية الذين يصرحون بالقول بخلق القرآن، وقد حكم الإمام أحمد وغيره بتكفيرهم، وعلامة هذا الصنف كونهم من أهل الكلام.
الصنف الثاني: الواقفون شكّاً وتردُّداً، فلا يقولون هو مخلوق ولا غير مخلوق؛ لشكِّهم في ذلك، فهؤلاء لم يؤمنوا حقيقةً بكلام الله تعالى؛ لأن الإيمان يقتضي التصديق، والشكُّ منافٍ للتصديق الواجب، فالشاكُّ ليس بمؤمن، وقد حكم الأئمة بتكفير من هذه حاله، لكن إن كان الواحد منهم جاهلاً ليس بعالم، فالواجب عليه أن يتعلم ويسأل حتى يتبيَّن الحق ويزول جهله، فإن قبل واتبع الحق قُبل منه، وإن أبى بعد قيام الحجة عليه حكم بكفره.
الصنف الثالث: طائفة من أهل الحديث قالوا بالوقف مع اعتقادهم بأنه غير مخلوق، وقالوا: لا نقول إنه مخلوق، ولا إنه غير مخلوق، اجتهاداً منهم وظناً بأن هذا قول محدث فلا يُتكلَّم فيه، وهؤلاء أنكر عليهم الأئمة سكوتهم وتوقفهم بعد ما وقع في الناس من فتنة، إذ أنه لا يسعهم السكوت حينئذٍ عن التصريح بالحق، بل يجب عليهم الكلام لتزول الشبهة واللبس عن عامة الناس، ولئلا يكون سكوتهم توطئة لأصحاب الأهواء، وقد كان الإمام أحمد يشتد عليهم بالإنكار، بل يأمر بهجرهم وعدم الكتابة عنهم.
س5:بيِّن سبب اختلاف الأفهام في مسألة اللفظ.
سبب اختلاف الأفهام في مسألة اللفظ أنها مسألة غامضة تتوقف على مراد القائل، ويدخلها التأوُّل، إذ أن كلّاً من هذه الألفاظ: القول واللفظ والتلاوة ألفاظ مجملة مشتركة تأتي اسماً، وتأتي مصدراً، فقد تُطلق ويراد بها الاسم بمعنى المفعول: أي الملفوظ والمتلو والمقول، وحينئذ يكون إطلاق الخلقية موافقة لقول الجهمية بخلق القرآن، وقد تطلق ويراد بها المصدر أي التلفظ والقول والتلاوة، وحينئذ يكون إطلاق الخلقية مراداً به فعل العبد لا القرآن. فكان كل واحد من إطلاق الخلقية وعدمها على اللفظ موهماً؛ لأنها عبارة حمَّالة وجوه، ولا يُتبيَّن المراد بها، ولهذا نهى الأئمة عن هذه المسألة.
وهذا شأن الألفاظ المبتدعة المشتبهة فإن إطلاقها يورث لبس الحق بالباطل، ويوقع في الاشتباه والاختلاف والفتنة، بخلاف الألفاظ المأثورة؛ فإن ما كان مأثوراً حصلت له الألفة، وما كان معروفاً حصلت به المعرفة، وما كان بضدِّ ذلك ظهر به الجفاء الأهواء.


الساعة الآن 03:43 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir