معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   منتدى الإعداد العلمي (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=777)
-   -   مسائل من شرح كتاب الصلاة من زاد المستقنع (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=4691)

أبو صهيب 4 جمادى الأولى 1431هـ/17-04-2010م 12:25 AM

باب صلاة العيدين :


صلاة العيدين :

ü المقصود بالعيدين عيد الأضحى وعيد الفطر، وكلاهما يقعان في مناسبة شرعية :
o أما عيد الفطر ففي مناسبة انقضاء المسلمين من صوم رمضان.
o وأما الأضحى فمناسبته اختتام عشر ذي الحجة.
o وهناك عيد ثالث وهو ختام الأسبوع وهو يوم الجمعة، ويتكرر في كل أسبوع مرة
o وليس في الإسلام عيد سوى هذه الأعياد الثلاثة: الفطر، والأضحى، والجمعة
ü حكمها :

o فرض كفاية وهذا القول الأول في المسألة والدليل على هذا ما يلي :
§ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أمر النساء أن يخرجنَ لصلاة العيد، حتى إنه أمر الحيَّض، وذوات الخدور أن يخرجن يشهدن الخير، ودعوة المسلمين، وأمر الحيَّض أن يعتزلنَ المصلى» ، والأمر يقتضي الوجوب
§ وإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر النساء، فالرجال من باب أولى، لأن الأصل في النساء أنهنّ لسن من أهل الاجتماع
§ مواظبة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وخلفائه الراشدين على هذا العمل الظاهر وهذا يجعله بعض العلماء دليلاً على الوجوب وإن كان هذا فيه نظر؛ لأن الأصل في المداومة على الشيء إذا لم يكن فيه أمرٌ الاستحباب.
§ أنها من شعائر الدين الظاهرة، وشعائر الدين الظاهرة فرض كالأذان، فالأذان والإقامة من فروض الكفاية هكذا قال بعض أهل العلم.
§ ولكن أصح طريق للاستدلال على وجوب صلاة العيدين هو أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بذلك، وأما مواظبته على هذا، وكونها من شعائر الدين الظاهرة فهي تؤيد الوجوب ولا تعينه.
o القول الثاني أنها سنّة واستدل هؤلاء :
§ بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما علم الأعرابي فرائض الإسلام، ومنها الصلوات الخمس، قال الأعرابي: هل عليّ غيرها؟ قال: «لا إلا أن تطوع» وهذا مذهب مالك والشافعي.
o القول الثالث أنها فرض عين على كل أحد ومن تخلف فهو آثم، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله واستدل هؤلاء :
§ بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أمر النساء حتى الحيَّض، وذوات الخدور أن يخرجنَ إلى المصلى ليشهدن الخير ودعوة المسلمين» وهذا يدل على أنها فرض عين؛ لأنها لو كانت فرض كفاية لكان الرجال قد قاموا بها، وهذا عندي أقرب الأقوال وهو الراجح.
ü من تركها من أهل بلد :

o إذا ترك صلاة العيد أهل بلد ودعاهم الإمام إلى فعلها فإن لم يفعلوها وأصروا على الترك فإنه يجب عليه أن يقاتلهم حتى يصلوا قال بعض العلماء :
§ إن هذه من شعائر الإسلام الظاهرة البارزة التي يتميز بها الشعب المسلم عن غيره، فهي كالأذان، وكان من هدي النبي عليه الصلاة والسلام «أنه إذا نزل بقوم فسمع الأذان تركهم وإلا قاتلهم»
§ والمقاتلة غير القتل، فهي أوسع، فليس كل من جازت مقاتلته جاز قتله، ولا يلزم من وجوب المقاتلة أن يكون المقاتل كافراً، بل قد يكون مؤمناً ويقاتل كما قال تعالى: {{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ *}{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}} [الحجرات: 9، 10] ، فأوجب قتال الفئة الباغية مع أنها مؤمنة لا تخرج عن الإيمان بالقتال.
§ والمسألة فيها شيء من النظر :
· لأن القتال قد يستلزم القتل فقد يدافع هؤلاء عن أنفسهم، فيحصل اشتباك وقتل، لكن هذا القتل ليس مقصوداً بالذات.
· والحديث المذكور لا يدل على المطلوب؛ لأن قتال النبي صلّى الله عليه وسلّم لمن لم يسمع الأذان منهم ليس من أجل ترك الأذان، ولكن من أجل أن عدم أذانهم دليل على أنهم غير مسلمين فيقاتلهم على الكفر لا على ترك الأذان.
o ولا يجوز أن يقاتلهم غير الإمام :
§ لأن هذا افتيات على ولي الأمر
§ ولو فتح الباب للناس لحصل في هذا فوضى كثيرة
§ لهذا قال العلماء إن الحدود لا يقيمها إلا الإمام أو نائبه، وكذلك التعزيرات لا يقوم بتقديرها إلا الإمام أو نائبه، والمقاتلة في هذا وشبهه لا يقوم بها إلا الإمام أو نائبه، وليس لكل أحد أن يفعل ما شاء
o إن ترك صلاة عيد من ليسوا أَهْلَ بلدٍ أي جماعة في البر، وهم قريبون من المدينة، فإنهم لا يقاتلون :
§ لأنها إنما تجب على أهل القرى والأمصار كالجمعة، أما البدو الرحّل وما أشبههم فلا تقام فيهم صلاة العيد كما لا تقام فيهم صلاة الجمعة.
ü وقتها :

o أوله :
§ صلاة العيد بداية وقتها كوقت صلاة الضحى، ومعلوم أن صلاة الضحى تكون من ارتفاع الشمس قيد رمح بعد طلوعها، وهو بمقدار ربع ساعة تقريباً والدليل على هذا :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وخلفاءه الراشدين لم يصلوها إلا بعد ارتفاع الشمس قِيد رمح وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ، وقال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» ، وفي رواية: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»
o آخره :
§ آخر وقت العيد زوال الشمس عن كبد السماء
o فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال فإنهم لا يصلون، وإنما يصلون من الغد في وقت صلاة العيد ودليل ذلك :
§ ما رواه أبو عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا: «غُمَّ علينا هلال شوال فأصبحنا صياماً، فجاء ركب في آخر النهار، فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم الناس أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا غداً لعيدهم» ، رواه أحمد، وأبو داود، والدارقطني وحسّنه
o ويسنّ تقديم صلاة الأضحى، وعكسه الفطر، أي: تأخير صلاة الفطرودليل هذا أثر ونظر :
§ أما الأثر :
· ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام «أنه كان يصلي صلاة عيد الأضحى إذا ارتفعت الشمس قيد رمح، وصلاة الفطر إذا ارتفعت قيد رمحين»
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كتب إلى عمرو بن حزم: «أن عجّل الأضحى، وأخّر الفطر، وذكِّر الناس في الخطبة»
§ أما النظر :
· فلأن الناس في صلاة عيد الفطر محتاجون إلى امتداد الوقت ليتسع وقت إخراج زكاة الفطر؛ لأن أفضل وقت تخرج فيه زكاة الفطر صباح يوم العيد قبل الصلاة؛ لحديث ابن عمر: «أمر أن تؤدّى قبل خروج الناس إلى الصلاة» ومعلوم أنه إذا تأخرت الصلاة، صار هذا أوسع للناس.
· وأما عيد الأضحى فإن المشروع المبادرة بالتضحية؛ لأن التضحية من شعائر الإسلام، وقد قرنها الله عز وجل في كتابه بالصلاة فقال: {{فَصَلِّ لِرَّبِكَ وَانْحَرْ *}} [الكوثر] ففعلها مبادراً بها في هذا اليوم أفضل، وهذا إنما يحصل إذا قدمت الصلاة؛ لأنه لا يمكن أن تذبح الأضحية قبل الصلاة.
ü مكانها :

o يسن إقامتها في الصحراء خارج البلد، وينبغي أن تكون قريبة؛ لئلا يشق على الناس والدليل :
§ فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم وخلفائه الراشدين، فإنهم كانوا يصلونها في الصحراء ولولا أن هذا أمر مقصود لم يكلفوا أنفسهم ولا الناس أن يخرجوا خارج البلد.
§ والتعليل: أن ذلك أشد إظهاراً لهذه الشعيرة.
o وأما إقامتها في جامع البلد :
§ فإن كانت بلا عذر فتكره لأنه :
· يفوت به مقصودٌ كبيرٌ، وهو إظهار هذه الشعيرة وإبرازها، وهذا شيء مقصود للشارع
· وكما أسلفنا فيما سبق أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالخروج إليها مع المشقة، وهذا يدل على العناية بهذا الخروج
· وظاهر كلام المؤلف أنها تكره في الجامع، سواء في مكة، أو المدينة، أو غيرهما من البلاد :
o أما في المدينة فظاهر أن المدينة كغيرها، يسنّ لأهل المدينة أن يخرجوا إلى الصحراء، ويصلوا العيد، هذا هو الأفضل كما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يفعله، ويكره أن يصلوا في المسجد النبوي إلا لعذر، لكن ما زال الناس من قديم الزمان يصلون العيد في المسجد النبوي.
o أما في مكة فلا أعلم أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أو أحداً من الذين تولوا مكة كانوا يخرجون عن المسجد الحرام، ولهذا استثنى في «الروض المربع» مكة المشرفة ولعل الحكمة من ذلك ـ والله أعلم ـ :
§ أن الصلاة في الصحراء في مكة صعبة؛ لأنها جبال وأودية، فيشق على الناس أن يخرجوا، فلهذا كانت صلاة العيد في نفس المسجد الحرام.
§ وأما إذا صلوا في الجامع لعذر فلا كراهة والعذر مثل: المطر، والرياح الشديدة، والخوف كما لو كان هناك خوف لا يستطيعون أن يخرجوا معه عن البلد.
ü سنن العيدين :

o الأكل قبل الصلاة في الفطر وبعدها في الأضحى :
§ يسن أكل الإنسان قبل صلاة عيد الفطر، اقتداء بالنبي صلّى الله عليه وسلّم :
· فإنه صلّى الله عليه وسلّم «كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهنّ وتراً» لكن الواحدة لا تحصل بها السنة؛ لأن لفظ الحديث: «حتى يأكل تمرات» ، وعلى هذا فلا بد من ثلاث فأكثر يقطعها على وتر وإن أكل سبعاً فحسن، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من تصبّح بسبع تمرات من تمرات العالية ـ وفي لفظ: من العجوة ـ فإنه لا يصيبه ذلك اليوم سم ولا سحر».
· و الحكمة من تقديم الأكل في عيد الفطر من أجل تحقيق الإفطار من أول النهار؛ لأن اليوم الذي كان قبله يوم يجب صومه، وهذا اليوم يوم يجب فطره، فكانت المبادرة بتحقيق هذا أفضل، وعليه فلو أكل هذه التمرات قبل أن يصلي الفجر حصل المقصود؛ لأنه أكلها في النهار، والأفضل إذا أراد أن يخرج.
§ وأما في الأضحى فيسن ألا يأكل قبل الصلاة حتى يضحي :
· لحديث بريدة: «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي» رواه أحمد
· ولأن ذلك أسرع إلى المبادرة في الأكل من أضحيته، والأكل من الأضحية واجب عند بعض العلماء؛ لقول الله تعالى: {{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا}} [الحج: 28، 36] ، فبدأ بالأمر بالأكل، فالأفضل إذاً أن يمسك عن الأكل في عيد الأضحى حتى يأكل من أضحيته التي أمر بالأكل منها.
· وأما إذا لم يكن لديه أضحية فإنه لا يشرع له الإمساك عن الأكل قبل الصلاة، بل هو بالخيار، فلو أكل قبل أن يخرج إلى الصلاة فإننا لا نقول له إنك خالفت السنّة.
o تبكير المأموم إليها :
§ يسنّ أن يبكّر المأموم إلى صلاة العيد من بعد صلاة الفجر، أو من بعد طلوع الشمس إذا كان المصلى قريباً، كما لو كانت البلدة صغيرة والصحراء قريبة.
· وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: «لا يخرج إلا إذا طلعت الشمس»، لكن مصلى العيد في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفي عهد الصحابة كابن عمر كان قريباً يمكن للإنسان أن يخرج بعد طلوع الشمس ويدرك الصلاة.
§ والدليل على سنية الخروج بعد صلاة الصبح ما يلي:
· عمل الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يخرج إلى المصلى إذا طلعت الشمس، ويجد الناس قد حضروا وهذا يستلزم أن يكونوا قد تقدموا.
· ولأن ذلك سبق إلى الخير.
· ولأنه إذا وصل إلى المسجد وانتظر الصلاة، فإنه لا يزال في صلاة.
· ولأنه إذا تقدم يحصل له الدنو من الإمام.
o الخروج ماشيا :
§ يسنّ أن يخرج ماشياً، لا راكبا :
· كما جاء عن علي ـ رضي الله عنه ـ: «السنّة أن يخرج إلى العيد ماشياً» ، ولكن إذا كان هناك عذر كبعد المصلى، أو مرض في الإنسان، أو ما أشبه ذلك، فلا حرج أن يخرج إليها راكباً.
o تأخر الإمام إلى وقت الصلاة :
§ يسنّ أن يتأخر الإمام إلى وقت الصلاة ودليل ذلك :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان إذا خرج إلى العيد فأول شيء يبدأ به الصلاة» ، وهذا يدل على أنه لا يحضر فيجلس، بل يحضر ويشرع في الصلاة
· وكذلك نقول في الجمعة: إن السنّة للإمام أن يتأخر، خلافا لما يفعله بعض أئمة الجمعة الذين يريدون الخير فيتقدمون ليحصلوا على أجر التقدم الوارد في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة» ، فهؤلاء يثابون على نيتهم، ولا يثابون على عملهم؛ لأنه خلاف هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، فالنبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاة الجمعة إنما يأتي عند الخطبة ولا يتقدم، ولو كان هذا من الخير لكان أول فاعل له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
· وكذلك أيضاً هنا دليل نظري وهو: أن الإمام يُنتظر ولا ينتظر، أي: الناس ينتظرونه، أما هو فلا ينتظر الناس فإذا جاء شرع في الصلاة.
o الخروج على أحسن هيئة :
§ يسنّ أن يخرج على أحسن هيئة، وهذا يشمل الإمام والمأموم، في لباسه وفي هيئته كأن يحف الشارب، ويقلّم الأظفار، ويتنظّف، ويلبس أحسن ثيابه وذلك :
· إظهاراً للسرور والفرح بهذا اليوم، وتحدثاً بنعمة الله تحدثاً فعلياً؛ لأن الله إذا أنعم على عبده نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
· ويستثنى من ذالك على قول المؤلف المعتكف فينبغي أن يخرج في ثياب اعتكافه، ولو كانت غير نظيفة قالوا:
o لأن هذه الثياب أثر عبادة فينبغي أن يبقى أثر العبادة عليه، كما يشرع في دم الشهيد أن يبقى عليه؛ لأنه أثر عبادة
o ولكن هذا القول في غاية الضعف أثراً ونظراً :
§ أما الأثر فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعتكف، ومع ذلك يلبس أحسن الثياب فهذا القول مخالف للسنّة.
§ وأما النظر فلأن توسخ ثياب المعتكف ليس من أثر اعتكافه، ولكن من طول بقائها عليه؛ ولهذا لو لبس ثوباً نظيفاً ليلة العيد، أو في آخر يوم من رمضان ما أثر، ولا يصح قياسه على دم الشهيد؛ لأن الشهيد يأتي يوم القيامة، وجرحه يثعب دماً، اللون لون الدم، والريح ريح المسك.
o فالصحيح أن المعتكف كغيره يخرج إلى صلاة العيد متنظّفاً لابساً أحسن ثيابه
o الرجوع من غير الطريق الذي ذهب منه :
§ يسن إذا خرج من طريق لصلاة العيد أن يرجع من طريق آخر اقتداءً بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، «فإنه كان إذا خرج يوم العيد خالف الطريق» :
· والحكمة من هذا متابعة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذه الحكمة أعلى حكمة يقتنع بها المؤمن هذا بالنسبة لنا
· وأما بالنسبة لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم فقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكمته وعلته :
o فقال بعض العلماء إن العلة إظهار هذه الشعيرة في أسواق البلد؛ لأن الناس إذا جاؤوا من هذا الطريق زرافات ووحداناً، وهجروا الطريق الثاني لم تتبيّن هذه الشعيرة في الطريق الثاني
o وقال بعض العلماء: إنه قد يكون في الطريق الثاني فقراء ليسوا في الطريق الأول فيجودون عليهم ويدخلون عليهم السرور.
o وقال بعض العلماء: من أجل أن يشهد له الطريقان الأول والثاني؛ لأن الأرض يوم القيامة تحدث أخبارها، أي: تخبر بما عُمل عليها من خير وشر ـ سبحان الله ـ
· وعدَّى بعض العلماء هذا الحكم إلى الجمعة وبعضهم عداه إلى سائر الصلوات وبعضهم عداه لكل من قصد أمراً مشروعاً ، وقالوا يسنّ في كل ذالك أن يأتي من طريق، ويرجع من طريق أخرى
· ولكن التوسع في القياس إلى هذا الحد أمر ينظر فيه :
o بمعنى أن هذا لا يُسلم لمن قاس، لا سيما وأن هذه الأشياء التي ذكروها موجودة في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولم ينقل عنه أنه خالف الطريق إلا في العيد
o ولدينا قاعدة مهمة لطالب العلم وهي: «أن كل شيء وجد سببه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فلم يحدث له أمراً، فإن من أحدث له أمراً فإحداثه مردود عليه» .
· فالصواب مع من يرى أن مخالفة الطريق خاصةٌ بصلاة العيدين فقط، وهذا هو ظاهر كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ لأنه لم يذكر مخالفة الطريق في الجمعة، وذكره في العيدين، فدل ذلك على أن اختياره أنه لا تسن مخالفة الطريق إلا في صلاة العيدين.
ü شروط صلاة العيد :

o الاستيطان :
§ يشترط أن تقام في جماعة مستوطنين، فخرج بذلك المسافرون والمقيمون؛ لأن الناس على المشهور من المذهب ثلاثة أقسام مسافر ومقيم ومستوطن :
· أما المسافر فواضح
· وأما المقيم فهو المسافر إذا نوى إقامة تقطع حكم السفر وهي على المذهب أكثر من أربعة أيام فهذا يسمونه مقيماً لا مسافراً ولا مستوطناً
· وأما المستوطن: فهو من كان في وطنه سواء كان وطناً أصلياً أو استوطنه فيما بعد
§ وعلى هذا فإذا جاء العيد ونحن في سفر فإنه لا يشرع لنا أن نصلي صلاة العيد والدليل على ذلك :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يقم صلاة العيد إلا في المدينة، وسافر إلى مكة عام غزوة الفتح، وبقي فيها إلى أول شوال، وأدركه العيد، ولم ينقل أنه صلّى الله عليه وسلّم صلّى صلاة العيد
· وفي حجة الوداع صادفه العيد وهو في منى، ولم يقم صلاة العيد؛ لأنه مسافر، كما أنه لم يقم صلاة الجمعة في عرفة لأنه مسافر.
§ وأما المقيمون فكذلك على المذهب :
· لأنهم ليسوا من أهل إقامة الجمعة فلا يكونون من أهل إقامة العيد
· ولكن في هذا القول نظراً ولهذا كان الناس الآن على خلاف هذا القول، فالذين أقاموا للدراسة في بلاد الكفر التي لا تقام فيها صلاة العيد يقيمون الجمعة، ويقيمون صلاة العيد، ويرون أنهم لو تخلفوا عن ذلك لكان في هذا مطعن عليهم في أنهم لا يقيمون شعائر دينهم في مناسباتها.
o عدد الجمعة :
§ ومن شرطها أيضاً عدد الجمعة :
· وعدد الجمعة على المشهور من المذهب أربعون رجلاً من المستوطنين أيضاً
· وقد سبق لنا أن القول الراجح في العدد المعتبر للجمعة ثلاثة، فهذا يبنى على ذاك.
o إذن إمام :
§ لا يشترط إذن الإمام لإقامة صلاة العيد، فلو أن أهل بلد ثبت عندهم الهلال وأفطروا، فلا يلزمهم أن يستأذنوا الإمام في إقامة صلاة العيد، حتى لو قال الإمام: لا تقيموها. فإنه يجب عليهم أن يقيموها وأن يعصوه؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
§ وقد سبق لنا في الجمعة أنه ينبغي أن يشترط إذن الإمام لتعدد الجمعة، فكذا العيد أيضاً نقول فيه ما نقول في الجمعة
ü صفة صلاة العيد :

o صلاة العيد ركعتين قبل الخطبة، فلا يقدم الخطبة على الصلاة.
o يكبر تكبيرة الإحرام
o ثم يستفتح بما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد مرّ بنا أن أصح حديث في الاستفتاح :
§ حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقّني من خطاياي كما ينقّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرَد» أو يستفتح بغيره مما ورد
o ثم يكبّر ست تكبيرات: الله أكبر، الله أكبر، إلى أن يكمل ستاً
o ثم يستعيذ ويقرأ
o وفي الركعة الثانية يكبّر قبل القراءة خمس تكبيرات، ليست منها تكبيرة القيام؛ لأن تكبيرة القيام قبل أن يستتم قائماً، فلا تحسب، فيكبّر خمساً بعد القيام والدليل على هذه التكبيرات الزوائد :
§ أنه ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه فعل ذلك وإسناده حسن كما قال في الروض
§ ولكن لو أنه خالف فجعلها خمساً في الأولى والثانية، أو سبعاً في الأولى والثانية حسب ما ورد عن الصحابة، فقد قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: اختلف أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم في التكبير، وكله جائز، أي: أن الإمام أحمد يرى أن الأمر في هذا واسع
o ويرفع يديه مع كل التكبير :
§ أما تكبيرة الإحرام، فلا شك أنه يرفع يديه عندها لأن :
· هذا ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وغيره
§ وأما بقية التكبيرات فهي موضع خلاف بين العلماء :
· القول الأول لا يرفع يديه
· القول الثاني يرفع يديه مع كل تكبيرة وهو الصواب وفي تكبيرات الجنازة أيضاً :
o لأن هذا ورد عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، ولم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم خلافه
o ومثل هذا العمل لا مدخل للاجتهاد فيه؛ لأنه عبادة فهو حركة في عبادة، فلا يذهب إليه ذاهب من الصحابة إلا وفيه أصل عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
o وقد ورد عن عمر ـ رضي الله عنه ـ: «أنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة في الجنازة والعيد» ، وكذلك عن زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ رواهما الأثرم
§ وأما كيفية الرفع فكما سبق ذلك في أول صفة الصلاة.
o ويقول بين كل تكبيرة وأخرى: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً :
§ وهذا الذكر يحتاج إلى نقل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه ذكر معين محدد في عبادة، ولم ينقل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يقول ذلك
§ وإنما أثر عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: «يحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على النبي صلّى الله عليه وسلّم».
§ والحمد والثناء على الله يمكن أن يكون بـ {{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *}}، هذا حمد، وثناء بنص الحديث الذي جاء فيه: «إذا قال المصلي: {{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *}} قال الله: «حمدني عبدي» ، وإذا قال: {{الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *}} قال: «أثنى عليّ عبدي» ، أما بهذا الذكر الطويل فهذا يحتاج إلى نص، ولا نص في ذلك.
§ وقال بعض العلماء: يكبّر بدون أن يذكر بينهما ذكراً.وهذا أقرب للصواب، والأمر في هذا واسع، إن ذكر ذكراً فهو على خير، وإن كبّر بدون ذكر، فهو على خير.
o القراءة في الصلاة :
§ يقرأ الفاتحة وما بعدها من السور جهراً :
· لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يفعل ذلك، وهكذا كان يقرأ جهراً في كل صلاة جامعة، كما جهر في صلاة الجمعة، وجهر في صلاة الكسوف؛ لأنها جامعة، وكذلك في الاستسقاء.
§ يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسبّح وفي الثانية بالغاشية :
· لأنه ذالك ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم
· كما ثبت عنه أنه كان يقرأ في الأولى بـ{{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ *}}، وفي الثانية بـ{{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ *}}
· ولهذا ينبغي للإمام إظهاراً للسنّة وإحياء لها، أن يقرأ مرة بهذا، ومرةً بهذا، ولكن يراعي الظروف وإذا لم يكن هناك مشقة، فالأفضل أن يقرأ بهذا مرة، وبهذا مرة.
ü الخطبتين :

o إذا سلم الإمام من الصلاة يخطب خطبتين، وإن خطب غيره فلا بأس كالجمعة، فيجوز أن يخطب واحد، ويصلي آخر
§ والفقهاء ـ رحمهم الله ـ يذهبون أن خطبة العيد اثنتان :
· لأنه ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجه بإسناد فيه نظر، ظاهره أنه كان يخطب خطبتين
§ ومن نظر في السنّة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يخطب إلا خطبة واحدة لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى توجه إلى النساء ووعظهنّ :
· فإن جعلنا هذا أصلاً في مشروعية الخطبتين فمحتمل، مع أنه بعيد؛ لأنه إنما نزل إلى النساء وخطبهنّ لعدم وصول الخطبة إليهن وهذا احتمال.
· ويحتمل أن يكون الكلام وصلهن ولكن أراد أن يخصهنّ بخصيصة، ولهذا ذكرهنّ ووعظهنّ بأشياء خاصة بهنّ.
o يخطبهما كخطبتي الجمعة في الأحكام وحتى في تحريم الكلام، لا في وجوب الحضور :
· فخطبة الجمعة يجب الحضور إليها لقوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}} [الجمعة: 9]
· وأما خطبتا العيد فلا يجب الحضور إليهما؛ بل للإنسان أن ينصرف من بعد الصلاة فوراً لكن الأفضل أن يبقى لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحبّ أن يذهب فليذهب» وإذا بقي حرم عليه الكلام.
§ وقال بعض أهل العلم لا يجب الإنصات لخطبتي العيدين؛ لأنه لو وجب الإنصات لوجب الحضور، ولحرم الانصراف، فكما كان الانصراف جائزاً، وكان الحضور غير واجب، فالاستماع ليس بواجب.
§ لكن على هذا القول لو كان يلزم من الكلام التشويش على الحاضرين حرم الكلام من أجل التشويش، لا من أجل الاستماع
o يستفتح الخطبة الأولى بتسع تكبيرات متتابعات والخطبة الثانية بسبع تكبيرات متتابعات والدليل على ذلك ما يلي :
· روي في هذا حديث، لكنه أعلّ بالانقطاع أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان يستفتح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبع» وصارت الأولى أكثر لأنها أطول، وخُصّت بالتسع والسبع من أجل القطع على وتر.
· أن الوقت وقت تكبير، ولهذا زيدت الصلاة بتكبيرات ليست منها فصار لهذا الحكم دليل وتعليل.
§ وقال بعض العلماء إنه يبتدئ بالحمد كسائر الخطب، وكما هي العادة في خطب النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه يبدأ خطبه بحمد الله، ويثني عليه.
o يحث الناس في خطبة عيد الفطر على صدقة الفطر :
§ لأن هذا الوقت وقت صدقة الفطر ويبين لهم ما يخرجون من حيث النوع والقدر والصفة هكذا ذكر المؤلف
§ لكن الصواب أنه يبين ذلك في خطبة آخر جمعة من رمضان، ويبين في خطبة العيد حكم تأخير صدقة الفطر عن صلاة العيد وفي الحديث عن ابن عباس في السنن: «من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعدها فهي صدقة من الصدقات».
o ويرغِّب الناس في خطبة عيد الأضحى في الأضحية :
§ ويبيّن لهم فضلها، وأجرها وثوابها ويبيّن لهم حكمها وكذلك يبيّن لهم ما يضحَّى به، ويبيّن لهم أيضاً مقدار السن مما يضحّى به،.ويبيّن لهم وقت الأضحية،
§ وما ذكره المؤلف من أنه يبيّن الأضحية وما يتعلق بها في خطبة عيد الأضحى مناسب؛ كما جاءت به السنّة.
ü من سنن صلاة العيد :

o التكبيرات الزوائد وهي في الركعة الأولى ست على ما مشى عليه المؤلف، وفي الثانية خمس، وسماها زوائد، لأنها زائدة على الركن في الأولى، وفي الثانية زائدة على الواجب والدليل على سنية هذه التكبيرات الزوائد:
§ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم في حديث المسيء في صلاته لم يذكر شيئاً من التكبيرات إلا تكبيرة الإحرام.
o الذكر بين التكبيرات وقد سبق البحث في كونه سنّة أو ليس بسنة.
o خطبتي العيد واستدلوا على كونها سنّة :
§ بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم رخّص لمن حضر العيد أن يقوم ولا يحضر الخطبة ، ولو كانت واجبة لوجب حضورها، هكذا قالوا.
§ ولكن هذا التعليل عليل في الواقع :
· لأنه لا يلزم من عدم وجوب حضورها عدم وجوبها، فقد يكون النبي عليه الصلاة والسلام أذن للناس بالانصراف، وهي واجبة عليه فيخطب فيمن بقي
· ثم إن الغالب ولا سيما في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه لا ينصرف أحد إلا من ضرورة، ولهذا لو قال أحد بوجوب الخطبة، أو الخطبتين في العيدين لكان قولاً متوجهاً؛
· ولأن الناس في صلاة العيد في اجتماع كبير لا ينبغي أن ينصرفوا من غير موعظة وتذكير.
ü التنفل قبل الصلاة وبعدها في موضعها :

o يكره لمن حضر صلاة العيد أن يتطوع بنفل قبل الصلاة أو بعدها في موضع صلاة العيد، أما في بيته فلا كراهة :
§ والدليل على ذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى مصلى العيد وصلى العيد ركعتين لم يصلِّ قبلها ولا بعدها
§ وفي هذا الاستدلال نظر :
· لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى مصلى العيد ليصلي بالناس فصلى بهم وخطب ثم انصرف، كما كان يفعل يوم الجمعة ويصلي في بيته، وما سمعنا أحداً يقول إنه يكره أن يصلي الإنسان يوم الجمعة في المسجد قبل الصلاة وبعدها فكذلك نقول في صلاة العيد، ولا فرق
· ثم إن ترك النبي عليه الصلاة والسلام التنفل قبل الصلاة واضح السبب؛ لأنه إمام منتظر فجاء فصلى وانصرف، لكن نهي المأموم عن التنفل، والقول بكراهته له لا يخلو من نظر.
· وكوننا نأخذ الكراهة من مجرد هذا الترك فيه نظر، ولو قالوا: إن السنّة أن لا يصلي لكان أهون لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل نهي
o وقال بعض العلماء رحمهم الله إن الصلاة غير مكروهة في مصلى العيد لا قبل الصلاة ولا بعدها :
§ وقال بيننا وبينكم كتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فأين الدليل على الكراهة؟ وهذا خير وتطوع، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «عليك بكثرة السجود» وقال: «أعِنِّي على نفسك بكثرة السجود» فكيف تقولون بالكراهة وهذا مذهب الشافعي ـ رحمه الله ـ في هذه المسألة، وهو الصواب.
o وقال بعض العلماء تكره الصلاة بعدها لا قبلها :
§ لأن المشروع أن ينصرف
o وقال بعض العلماء: تكره قبلها لا بعدها.
o وبعض العلماء قال: يكره للإمام دون المأموم، وهذا قول للشافعي، أعني التفريق بين الإمام وغيره.
o والصحيح أنه لا فرق بين الإمام وغيره، ولا قبل الصلاة ولا بعدها:
§ فلا كراهة لكن لا نقول إن السنّة أن تصلي، فقد يقال إن بقاء الإنسان يكبّر الله قبل الصلاة أفضل، إظهاراً للتكبير والشعيرة، وهذا في النفل المطلق.
§ وأما تحية المسجد فلا وجه للنهي عنها إطلاقاً :
· لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بها، حتى إن كثيراً من العلماء قال إنها واجبة
· ومصلى العيد له حكم المسجد ودليل ذلك :
o أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر النساء أن يخرجن إلى صلاة العيد، وأمر الحيض أن يعتزلنَ المصلى والمرأة لا تعتزل إلا المسجد، أما مصلاها في بيتها، أو مصلى رجل في بيته فإن الحائض لا يحرم عليها أن تمكث فيه
o فكون النبي صلّى الله عليه وسلّم يعطي مصلى العيد حكم المسجد بالنسبة لمنع الحائض منه دليل على أنه مسجد، وعلى هذا نص فقهاؤنا، فقال صاحب المنتهى: «ومصلى العيد مسجد لا مصلى الجنائز» ، وهو عمدة فقهاء الحنابلة المتأخرين.
o وعليه إذا دخله الإنسان لا يجلس حتى يصلي ركعتين، ولا نهي عنهما بلا إشكال.
o والسنّة للإمام أن لا يأتي إلا عند الصلاة، وينصرف إذا انتهت فلا يتطوع قبلها ولا بعدها :
§ اقتداء بالرسول صلّى الله عليه وسلّم
§ وأما المأموم فالأفضل له أن يتقدم ليحصل له فضل انتظار الصلاة
ü من فاتته صلاة العيد :

o ويسنّ لمن فاتته صلاة العيد أن يقضيها على صفتها ، وهذا لا ينافي قولنا: إن صلاة العيد فرض كفاية، لأن الفرض سقط بالصلاة الأولى هذا هو المذهب أن قضاءها سنّة، وأن الأفضل أن يكون على صفتها وعلى هذا فلو ترك القضاء فلا إثم عليه ولو قضاها كراتبة من الرواتب فجائز؛ لأن كونها على صفتها على سبيل الأفضلية وليس بواجب والدليل على سنيّة القضاء :
§ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها»
§ وقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا»
§ ولكن في هذا الاستدلال نظر :
· لأن المراد بالحديثين الفريضة، أما هذه فصلاة مشروعة على وجه الاجتماع، فإذا فاتت فإنها لا تقضى إلا بدليل يدل على قضائها إذا فاتت، ولهذا إذا فاتت الرجل صلاة الجمعة لم يقضها، وإنما يصلي فرض الوقت وهو الظهر
· ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى أنها لا تقضى إذا فاتت :
o لأن ذلك لم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم
o ولأنها صلاة ذات اجتماع معين، فلا تشرع إلا على هذا الوجه.
o وبناءً على هذا القول يتضح أن الذين في البيوت لا يصلونها، ولهذا أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الناس أن يخرجوا إليها، وأمر النساء العواتق، وذوات الخدور، وحتى الحيَّض أن يشهدن الخير ودعوة المسلمين ولم يقل ومن تخلف فليصلِّ في بيته.
ü التكبير في العيدين :

o التكبير باعتبار التقييد والإطلاق :
§ على المذهب ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
· الأول ما فيه تكبير مطلق فقط ويكون في عيد الفطر، وفي عيد الأضحى في عشر ذي الحجة إلى أن ينتهي الإمام من خطبته
· الثاني: ما فيه تكبير مقيد فقط ويكون من ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق
· الثالث: ما اجتمع فيه الأمران المقيد والمطلق ويكون من فجر يوم عرفة إلى أن تنتهي خطبة صلاة العيد يوم النحر
§ والصحيح في هذه المسألة أن التكبير المطلق في عيد الأضحى ينتهي بغروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق والدليل على ذلك :
· قوله تعالى: {{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}} [البقرة: 203] والأيام المعدودات هي أيام التشريق
· قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله» ولم يقيده بأدبار الصلوات بل قال: «وذكر لله» فأطلق.
· أن عمر ـ رضي الله عنه ـ كان يكبّر في منى بقبته فيكبّر الناس بتكبيره حتى ترتج منى تكبيراً، وكان ابن عمر يكبّر بمنى تلك الأيام
· فالصواب أن أيام التشريق ويوم النحر فيها ذكر مطلق، كما أن فيها ذكراً مقيداً.
· وعلى هذا فالتكبير ينقسم إلى قسمين فقط :
o مطلق ويكون ليلة عيد الفطر، وعشر ذي الحجة إلى فجر يوم عرفة.
o مطلق ومقيد ويكون من فجر يوم عرفة إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق
o موضع التكببرين :

§ أما التكبير المطلق :
· فيسنّ في كل وقت للرجال والنساء والصغار والكبار في البيوت والأسواق والمساجد وغيرها إلا في الأماكن التي ليست محلاً لذكر الله تعالى.
§ وأما المقيد فهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات :
· ويشترط في هذه الصلوات :
§ أن تكون الصلاة فريضة وهي الصلوات الخمس، والجمعة وعلى هذا فالنافلة لا يسنّ بعدها تكبير مقيد
§ أن تكون جماعة فلو صلاها منفرداً، فلا يسن له التكبير المقيد وكذا النساء في بيوتهن لأنهن غالباً لا يصلين جماعة
§ أن تكون مؤداة فخرج به المقضية
o وقال بعض العلماء إن التكبير المقيّد سنّة لكل مصلٍّ، فريضة كانت الصلاة أو نافلة، مؤداة أو مقضية، للرجال وللنساء في البيوت.
o وقال بعض العلماء إنَّه سنّة في الفرائض، مؤداة كانت أم مقضية، انفراداً كانت أو جماعة، دون النوافل.
o والمسألة إذا رأيت اختلاف العلماء رحمهم الله فيها بدون أن يذكروا نصاً فاصلاً فإننا نقول الأمر في هذا واسع فإن كبّر بعد صلاته منفرداً فلا حرج عليه، وإن ترك التكبير ولو في الجماعة فلا حرج عليه
· محل التكبير المقيد :
o قال بعض العلماء: يكون قبل الاستغفار وقبل «اللهم أنت السلام ومنك السلام»، فإذا سلم الإمام وانصرف، كبّر رافعاً صوته حسب ما سيذكر المؤلف، ثم يستغفر ويقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام».
o والصحيح أن الاستغفار، وقول: «اللهم أنت السلام» مقدم؛ لأن الاستغفار وقول: «اللهم أنت السلام» ألصق بالصلاة من التكبير، فإنَّ الاستغفار يسنّ عقيب الصلاة مباشرة؛ لأن المصلي لا يتحقق أنه أتقن الصلاة، بل لا بد من خلل.
· وقت التكبير المقيد :
o أما غير المحرم فيبتدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، فيكبّر ثلاثاً وعشرين صلاة.
o وأما المُحْرِم فمن ظهر يوم النحر؛ لأن المُحْرِم مشغول قبل ذلك بالتلبية؛ فالفقهاء ـ رحمهم الله ـ يرون أن التلبية ذكر يشرع عقب الفرائض
· من نسي التكبير المقيد يقضيه إلا في الأحوال التالية : ما لم يحدث أو يخرج من المسجد أو يطول الفصل :
o فإذا أحدث لا يقضيه :
§ لأن الحدث يمنع من بناء الصلاة بعضها على بعض، فيمنع من بناء ما كان تابعاً لها عليها
§ والصحيح أنه لا يسقط بالحدث ما لم يطل الفصل والفرق بينه وبين الصلاة أن الصلاة يشترط لها الطهارة، وأما الذكر فلا تشترط له الطهارة
o وكذا إذا خرج من المسجد، فإنه لا يقضيه، وعللوا ذلك :
§ بأنه سنّة فات محلها، وهذا أيضاً فيه نظر
§ والصحيح أنه إذا خرج من المسجد، ولم يطل الفصل فإنه لا يسقط فيكبر.
o وأما إذا طال الفصل فيسقط ولا يقضيه لأنها سنّة مشروعة عقب الصلاة، وقد فاتت بفوات وقتها، ولأنه إذا طال الفصل لم يكن مقيداً بالصلاة
o فالقول الراجح أن هذا التكبير المقيد يسقط بطول الفصل لا بخروجه من المسجد، ولا بحدثه
· ولا يسن التكبير المقيد عقب صلاة عيد :
o لأنه إذا سلم الإمام من صلاة العيد قام إلى الخطبة وتفرغ الناس للاستماع والإنصات، ولا يكبرون.
o ودليل هذا أنه لم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا عن أصحابه أنهم كانوا يكبرون عقب صلاة العيد، وما لم يرد عن الشارع من العبادات، فالأصل فيه المنع؛ لأن العبادة لا بد من العلم بأنها مشروعة.
o وقت التكبير في العيدين :
§ أما عيد الفطر فيبدأ من غروب الشمس إلى أن يكبّر الإمام للصلاة ودليل ذلك :
· قوله تعالى: {{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}} [البقرة: 185] ، فقال: {{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ}} وإكمال العدة يكون عند غروب الشمس آخر يوم من رمضان، إما بإكمال ثلاثين، وإما برؤية الهلال، فإذا غابت الشمس آخر يوم من رمضان سنّ التكبير المطلق من الغروب إلى أن تفرغ الخطبة، لكن إذا جاءت الصلاة فسيصلي الإنسان ويستمع الخطبة بعد ذلك
· ولهذا قال بعض العلماء: من الغروب إلى أن يكبّر الإمام للصلاة
· ولم يفصح المؤلف ـ رحمه الله ـ بحكم الجهر والإسرار في هذا التكبير ولكن نقول: إن السنّة أن يجهر به إظهاراً للشعيرة، لكن النساء يكبرن سراً إلا إذا لم يكن حولهن رجال فلا حرج في الجهر.
§ أما عيد الأضحى فيبدأ من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق ودليل ذلك :
o قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أيام العمل الصالح...» ، فتدخل في عموم الحديث وفي عموم العمل الصالح الذي قال فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحبّ إلى الله من هذه الأيام العشر
o وأيضا داخل في عموم قوله تعالى: {{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}} [الحج: 28] .
o وهناك دليل خاص وهو حديث أنس « أنه سئل كيف كنتم تصنعون في الدفع من منى إلى عرفات مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال: منّا المكبِّر ومنّا المُهِلّ» وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقرهم على ذلك، فيدل هذا على أن التكبير المطلق سنّة.
o ويدل لذلك أيضاً فعل الصحابة، فقد كان أبو هريرة وابن عمر يخرجان إلى السوق يكبران فيكبر الناس بتكبيرهما.
o وأما أيام التشريق فدليله قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله»
o المفاضلة بين التكبير في العيدين :
§ التكبير في عيد الفطر آكد من التكبير في عيد الأضحى :
· لأن الله نص عليه في القرآن فقال: {{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}} [البقرة: 185] ، وشيء نص عليه القرآن بعينه يكون آكد مما جاء على سبيل العموم.
§ وقال بعض العلماء: إن التكبير في الأضحى أوكد من وجهين :
· الوجه الأول أنه متفق عليه بين العلماء، والفطر مختلف فيه.
· الوجه الثاني أن في الأضحى تكبيراً مقيداً عقب الصلوات، والفطر ليس فيه تكبير مقيد على رأي أكثر العلماء.
§ فكل واحد منهما أوكد من الثاني من وجه؛ فمن جهة أن تكبير الفطر مذكور في القرآن يكون أوكد، ومن جهة أن التكبير في عيد الأضحى متفق عليه، وأنَّ فيه تكبيراً مقيداً يقدم على أذكار الصلاة، يكون من هذه الناحية أوكد
o يسن التكبير :
§ ولو لم يرَ بهيمة الأنعام وهو المشهور عندنا؛ مذهب الحنابلة: أنه يكبر وإن لم يرها
§ وقال بعض العلماء لا يسنّ التكبير في هذه الأيام إلا إذا رأى بهيمة الأنعام؛ لأن الله تعالى قال: {{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}} [الحج: 28] فإذا رأيت بهيمة الأنعام فاذكر الله، وإذا لم ترها فلا.
ü صفة التكبير :

o صفة التكبير فيها أقوال ثلاثة لأهل العلم :
§ الأول أنه شفع كما قال المؤلف: «الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» وعللوا ذلك :
· أنه بـ «لا إله إلا الله» يختم بوتر، وكذلك إذا قال: «ولله الحمد».
§ الثاني أنه وتر «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» وعللوا ذلك :
· بأن يكون تكبيره وتراً، فيوتر التكبير في المرة الأولى والثانية بناء على أن كل جملة منفردة عن الأخرى، ولا يصح أن يقال إن الوتر حصل بقوله: «لا إله إلا الله» أو بقوله: «ولله الحمد»؛ لأنه من غير جنس التكبير، أو يقال: إن النوع مختلف.
§ الثالث: أنه وتر في الأولى، شفع في الثانية، «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» وعللوا :
· أن التكبير جنس واحد، والجملتان بمنزلة جملة واحدة، فإذا كبّر ثلاثاً واثنتين صارت خمساً وتراً، فيكون الإيتار بالتكبير بناء على أن الجملتين واحدة.
· وهذا القول والذي قبله من حيث التعليل أقوى من قول من يقول: إنه يكبر مرتين مرتين؛ لأننا إذا اعتبرنا أن كل جملة منفصلة عن الأخرى صار الإيتار في الثنتين أولى، وإن اعتبرنا أن الجملتين واحدة صار الإيتار في الأولى والشفع في الثانية هو الذي ينقطع به التكبير على وتر.
· والمسألة ليس فيها نص يفصل بين المتنازعين من أهل العلم، وإذا كان كذلك فالأمر فيه سعة
ü التهنئة بالعيد :

o قال في الروض: «ولا بأس بقوله لغيره: تقبّل الله منا ومنك كالجواب» ، أي: في العيد، لا بأس أن يقول لغيره: تقبّل الله منّا ومنك، أو عيد مبارك، أو تقبّل الله صيامك وقيامك، أو ما أشبه ذلك :
§ لأن هذا ورد من فعل بعض الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وليس فيه محذور.
o ولا بأس بالتعريف عشية عرفة بالأمصار أنهم يجتمعون آخر النهار في المساجد على الذكر والدعاء تشبهاً بأهل عرفة لفعل ابن عباس رضي الله عنهما لكن الصحيح أن هذا من البدع :
§ وهذا إن صح عن ابن عباس فلعله على نطاق ضيق مع أهله وهو صائم في ذلك اليوم، ودعاء الصائم حري بالإجابة، فلعله جمع أهله ودعا عند غروب الشمس
§ وأما أن يفعل بالمساجد ويظهر ويعلن، فلا شك أن هذا من البدع؛ لأنه لو كان خيراً لسبقونا إليه، أي: الصحابة، ولكان هذا مما تتوافر الدواعي على نقله.
§ والعبادة لا يصح أن يقال فيها: لا بأس بها؛ لأنها إما سنّة فتكون مطلوبة، وإما بدعة فيكون فيها بأس. أمَّا أنْ تكون عبادة لا بأس بها، فهذا محل نظر.

أبو صهيب 5 جمادى الأولى 1431هـ/18-04-2010م 06:01 PM

صلاة الكسوف


ü صلاة الكسوف :

o حكمها :
§ سنة بذالك جزم المؤلف رحمه الله وهو المشهور عند العلماء ودليل ذالك :
· قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتم ذلك فصلوا»
· إجماع المسلمين على صلاتها إذا كسفت الشمس
· وقال بعض العلماء: إنها مشروعة بالكتاب أيضاً، واستنبطها من قوله تعالى: {{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ}} [فصلت: 37] ، وقال: إن الناس لا يسجدون للشمس ولا للقمر وهما على مجراهما الطبيعي العادي، وإنما يسجدون لهما إذا حصل منهما هذا الكسوف خوفاً منهما، فأمر الله ـ عز وجل ـ أن يكون السجود له.
· وهذا الاستنباط وإن كان له شيءٌ من الوجاهة، لكن لولا ثبوت السنة لم نعتمد عليه
· وأخرجوا الأمر الذي جاء فيها إلى السنية مع أن الأمر يفيد الوجوب بما يلي :
o الحديث المشهور في قصة الذي جاء يسأل عن الإسلام؛ وذكر له النبي صلّى الله عليه وسلّم الصلوات الخمس، قال: «هل عليَّ غيرها؟»، قال: «لا إلا أن تطوع»
o أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بعث معاذاً إلى اليمن في آخر حياته في السنة العاشرة، وقال: «أخبرهم بأن الله فرض عليهم خمس صلوات» ولم يذكر سواها
§ وقال بعض أهل العلم إنها واجبة :
· لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتم ذلك فصلوا» .
· وقال ابن القيم في كتاب «الصلاة» : وهو قول قوي ، أي: القول بالوجوب، وصدق ـ رحمه الله ـ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر بها وخرج فزعاً، وقال: إنها تخويف، وخطب خطبة عظيمة، وعُرضت عليه الجنة والنار، وكل هذه القرائن العظيمة تشعر بوجوبها؛ لأنها قرائن عظيمة
· وردوا على الذين قالوا بالإستحباب :
o أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكر الصلوات الخمس؛ لأنها اليومية التي تتكرر في كل زمان وفي كل مكان، أما صلاة الكسوف، وتحية المسجد على القول بالوجوب، وما أشبه ذلك، فإنها تجب بأسبابها، وما وجب بسبب فإنه ليس كالواجب المطلق.
o وقالوا أيضا لو نذر الإنسان أن يصلي ركعتين لوجب عليه أن يصلي مع أنها ليست من الصلوات الخمس، لكن وجبت بسبب نذره، فما وجب بسبب ليس كالذي يجب مطلقاً.
· وهذا القول قوي جداً فالقول بالوجوب أقوى من القول بالاستحباب وإذا قلنا به فالظاهر أنه على الكفاية.
§ تسن جماعة، وتسن فرادى أي: أن الجماعة ليست شرطاً لها، بل يسن للناس في البيوت أن يصلوها ودليل ذلك :
· عموم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتم ذلك فصلوا» ، فهذا عام، ولم يقل النبي صلّى الله عليه وسلّم فصلوا في مساجدكم، مثلاً، فدل ذلك على أنه يؤمر بها حتى الفرد
· ولكن لا شك أن اجتماع الناس أولى، بل الأفضل أن يصلوها في الجوامع؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام صلاها في مسجد واحد ودعا الناس إليها، ولأن الكثرة في الغالب تكون أدعى للخشوع وحضور القلب، ولأنها ـ أي: الكثرة ـ أقرب إلى إجابة الدعاء.
ü سببها :
o تسن إذا كسف أحد النيرين وهما الشمس والقمر.
o وإذا تجلى الكسوف في أثناء الصلاة :
§ أتمها خفيفة وظاهر كلام المؤلف حتى لو كانت خفة الركعة الثانية بالنسبة للأولى بعيدة جداً وحجتهم في هذا :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «صلوا حتى ينكشف ما بكم» ، و«حتى» للغاية. وهذا الحديث كما يمنع ابتداء الصلاة مرة أخرى يمنع أيضاً الاستمرار فيها واستدامتها.
· أن السبب الذي من أجله شرعت الصلاة قد زال.
· ويعلم التجلي بالرؤية، وإن كان تحت السقف فبالخبر.
§ مسائل:
· الأولى: إذا حصل كسوف ثم تلبدت السماء بالغيوم فلنا أن نعمل بقول علماء الفلك بالنسبة لوقت التجلي لأنه ثبت بالتجارب أن قولهم منضبط.
· الثانية: إذا لم يعلم بالكسوف إلا بعد زواله فلا يقضى؛ لأننا ذكرنا قاعدة مفيدة، وهي (أن كل عبادة مقرونة بسبب إذا زال السبب زالت مشروعيتها) . فالكسوف مثلاً إذا تجلت الشمس، أو تجلى القمر، فإنها لا تعاد؛ لأنها مطلوبة لسبب وقد زال. ويعبر الفقهاء ـ رحمهم الله ـ عن هذه القاعدة بقولهم: (سنة فات محلها).
· الثالثة: إذا شرع في صلاة الكسوف قبل دخول وقت الفريضة ثم دخل وقت الفريضة فإن ضاق وقت الفريضة وجب عليه التخفيف؛ ليصليها في الوقت، وإن اتسع الوقت فيستمر في صلاة الكسوف.
o وإن غابت الشمس كاسفة فإنه لا يصلى :
§ لأنها لما غابت ذهب سلطانها، وكونها كاسفة أو غير كاسفة بالنسبة لنا حين غابت لا يؤثر شيئاً، فلما زال سلطانها سقطت المطالبة بالصلاة لكسوفها.
§ مسائل:
· الأولى إذا كسفت في آخر النهار :
o فلا يصلى الكسوف بناء على أنها سنّة، وأن ذوات الأسباب لا تفعل في وقت النهي وهذا هو المذهب
o والصحيح أنه لو كسفت الشمس بعد العصر فإننا نصلي :
§ لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتم ذلك فصلوا» فيشمل كل وقت.
§ وقد سبق في مبحث أوقات النهي أن القول الراجح في هذه المسألة أن كل صلاة لها سبب تصلى حيث وجد سببها، ولو في أوقات النهي، وهي الرواية الثانية عن الإمام أحمد.
· الثانية إذا شرع في صلاة الكسوف بعد العصر ثم غابت كاسفة فإنه يتمها خفيفة؛ لأنها إذا غابت فهي كما لو تجلى.
· الثالثة إذا طلعت الشمس كاسفة :
o فعلى المذهب لا يصلى إلا إذا ارتفعت قيد رمح، فإن تجلى قبل أن ترتفع قيد رمح سقطت
o وعلى القول الصحيح تصلى مباشرة، فإذا تجلى قبل زوال وقت النهي أتمها خفيفة.
· الرابعة لو لم نعلم بكسوفها إلا حين غروبها فلا نصلي، والتعليل :
o أن سلطانها قد ذهب، فنحن الآن في الليل لا في النهار، وهي آية النهار.
o وإذا طلعت والقمر خاسف فإنه لا يصلي :
§ لأنه ذهب سلطانه فإن سلطان القمر الليل، كما لو غابت الشمس، وهي كاسفة.
§ مسألة :
· لو طلع الفجر وخسف القمر قبل طلوع الشمس :
o المشهور من المذهب أنها لا تصلى بعد طلوع الفجر إذا خسف القمر؛ لأنه وقت نهي.
o والصحيح: أنها تصلى إن كان القمر لولا الكسوف لأضاء، أما إن كان النهار قد انتشر، ولم يبق إلا القليل على طلوعٍ الشمس فهنا قد ذهب سلطانه، والناس لا ينتفعون به، سواء كان كاسفاً أو مبدراً.
ü صفتها :
o تصلى ركعتين بلا زيادة، وهاتان الركعتان كل واحدة فيها ركوعان.
o يقرأ في الأولى جهراً :
§ لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ: «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جهر في صلاة الخسوف بقراءته»
§ وهي مبنية أيضاً على القاعدة التي سبقت لنا: (أن الصلاة الجهرية في النهار إنما تكون فيما يجتمع الناس عليه).
o يقرأ بعد الفاتحة سورة طويلة لأن الذي جاء في الحديث أنها طويلة أي: يختار أطول ما يكون، وبعض الصحابة كان يسقط مغشياً عليه من طول القيام.
o ثم يركع طويلاً :
§ قال بعض العلماء يكون بقدر نصف قراءته أي الركوع يكون نصف القيام
§ ولكن الصحيح أنه بدون تقدير، فيطيل بقدر الإمكان يكرر التسبيح «سبحان ربي العظيم»، «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي»، «سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»، «سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته»، لعموم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب» ، فكل ما حصل من تعظيم في الركوع فهذا هو المشروع.
o ثم يرفع رأسه من الركوع ويقول سمع الله لمن حمده.
o وبعد أن يعتدل كسائر الصلوات يقول ربنا ولك الحمد
o ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون الأولى وهذا الدون ليس كثير، لكن يتميّز به القيام الأول عن القيام الثاني. من هنا جاءت الغرابة في هذه الصلاة؛ لأن غيرها من الصلوات لا تقرأ الفاتحة بعد الركوع، بل الذي بعد الركوع هو السجود، أما هذه الصلاة فيقرأ الفاتحة، وسورة طويلة.
o ثم يركع فيطيل، وهو دون الأول ، ونقول هنا في قوله «دون الأول» كما قلنا في القراءة.
o ثم يرفع أي: ويسمع ويحمد.
o وظاهر كلام المؤلف :
§ أنه في الرفع الذي يليه السجود لا يطيل القيام، بل يكون كالصلاة العادية
§ ولكن هذا الظاهر فيه نظر، والصحيح: أنه يطيل هذا القيام بحيث يكون قريباً من الركوع؛ لأن هذه عادة النبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاته، قال البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ: «رمقت صلاة النبي عليه الصلاة والسلام فرأيت قيامه، وقعوده، وركوعه، وسجوده قريباً من السواء» ، والمراد بقيامه هنا قيامه بعد الركوع؛ لأن قيام القراءة أطول بكثير من الركوع، ولأجل تناسب الصلاة.
o ثم يسجد سجدتين طويلتين بقدر الركوع.
o وظاهر كلامه أنه لا يطيل الجلوس بينهما والصواب أنه يطيل الجلوس بقدر السجود.
o ثم يصلي الثانية كالأولى، لكن دونها في كل ما يفعل من القراءة والركوع، والقيام بعده، والسجود.
o لكن هل القيام الأول في الثانية كالقيام الثاني في الأولى، والقيام الثاني في الثانية دون ذلك، أو معناه: أن كل ركعة وركوع دون الذي قبله :
§ السنّة ليس فيها ما يدل لهذا ولا لهذا لكن الذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن كل قيام وركوع وسجود دون الذي قبله.
§ وفي هذا من الحكمة مراعاة حال المصلي؛ لأن المصلي أول ما يدخل في الصلاة يكون عنده نشاط وقوة، ثم مع الاستمرار يضعف.
o ثم يتشهد ويسلم كغيرها من الصلوات، وبهذا انتهت هذه الصلاة.
o وهذه الصفة اتفق عليها البخاري ومسلم ، أي: أنه يصلي ركعتين، في كل ركعة ركوعان وسجودان صح ذلك عن عائشة وغيرها عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكن تكون الصلاة طويلة.
ü الخطبة بعدها :
o ظاهر كلام المؤلف أنه لا يشرع لها خطبة؛ لأنه لم يذكرها، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
o وقال بعض العلماء: بل يشرع بعدها خطبتان؛ لأنها صلاة رهبة فشرع لها خطبتان كالاستسقاء، ولكن هذا قياس غير صحيح؛ لأن الاستسقاء ليس فيه إلا خطبة واحدة، إلا على قول بعض العلماء الذي قال: إنها كصلاة العيد، وسيأتي إن شاء الله، ولا يصح قياسها على صلاة العيدين؛ لأن صلاة العيدين صلاة فرح وسرور.
o وقال بعض العلماء: يسنّ لها خطبة واحدة، وهذا مذهب الشافعي، وهو الصحيح وذلك :
§ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما انتهى من صلاة الكسوف «قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، ثم وعظ الناس». وهذه الصفات صفات الخطبة.
§ وقولهم: إن هذه موعظة؛ لأنها عارضة. نقول:
· نعم، لو وقع الكسوف في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم مرة أخرى، ولم يخطب لقلنا: إنها ليست بسنة، لكنه لم يقع إلا مرة واحدة، وجاء بعدها هذه الخطبة العظيمة التي خطبها وهو قائم، وحمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد
· ثم إن هذه المناسبة للخطبة مناسبة قوية من أجل تذكير الناس وترقيق قلوبهم، وتنبيههم على هذا الحدث الجلل العظيم.
ü الصلاة لآيات التخويف غير الكسوف والخسوف :
o أما غير الكسوف والخسوف من آيات التخويف فقد اختلف فيها العلماء على أقوال ثلاثة :
§ القول الأول: ما مشى عليه المؤلف أنه لا يصلى لأي آية تخويف إلا الزلزلة والمراد بالزلزلة: الزلزلة الدائمة وحجة هؤلاء :
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كانت توجد في عهده الرياح العواصف، والأمطار الكثيرة، وغير ذلك مما يكون مخيفاً ولم يصل
· وأما الزلزلة فدليلهم في ذلك أنه روي عن عبد الله بن عباس ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أنهما كانا يصليان للزلزلة، فتكون حجة الصلاة في الزلزلة هي فعل الصحابة
§ القول الثاني أنه لا يصلى إلا للشمس والقمر :
· لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «فإذا رأيتموهما فصلوا» ، ولا يصلى لغيرهما من آيات التخويف
· وما يروى عن ابن عباس أو علي فإنه إن صح اجتهاد في مقابلة ما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من ترك الصلاة للأشياء المُخيفة
§ القول الثالث: يصلى لكل آية تخويف استدلوا بما يلي :
· عموم العلة وهي قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنهما آيتان من آيات الله يخوِّف الله بهما عباده» ، قالوا: فكل آية يكون فيها التخويف، فإنه يصلى لها.
· أن الكربة التي تحصل في بعض الآيات أشد من الكربة التي تحصل في الكسوف.
· أن ما يروى عن ابن عباس وعلي رضي الله عنهم يدل على أنه لا يقتصر في ذلك على الكسوف وأن كل شيء فيه التخويف فإنه يصلى له.
· أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة» ، أي: إذا كربه وأهمه؛ وإن كان الحديث ضعيفاً لكنه مقتضى قوله تعالى: {{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ}} [البقرة: 45] .
· وأما ما ذكر من أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كانت توجد في عهده العواصف، وقواصف الرعد، فإن هذا لا يدل على ما قلنا؛ لأنه قد تكون هذه رياحاً معتادة، والشيء المعتاد لا يخوِّفُ وإن كان شديداً، فمثلاً في أيام الصيف اعتاد الناس أن الرياح تهب بشدة وتكثر، ولا يعدُّون هذا شيئاً مخيفاً.
· وهذا الأخير هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ، له قوة عظيمة. وهذا هو الراجح.
§ مسألة :
· على القول بأنه يصلى لكل آية تخويف فيكون مقتضى القياس أن ذلك واجب، ولكن لا أظن أن ذلك يكون على سبيل الوجوب.
ü الزيادة على الركوعين :
o وإن أتى المصلي في كل ركعة بثلاث ركوعات أو أربع أو خمس جاز :
§ لأنه ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: «أنه صلى ثلاث ركوعات في ركعة واحدة»، أخرجه مسلم
§ لكن هذه الرواية شاذة :
· لمخالفتها لما اتفق عليه البخاري ومسلم من أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «صلى صلاة الكسوف في كل ركعة ركوعان فقط»
· ومعلوم بالاتفاق أن الكسوف لم يقع في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يصلِّ له إلا مرة واحدة فقط.
· وعلى هذا فالمحفوظ أنه صلّى في كل ركعة ركوعين، وما زاد على ذلك فهو شاذ؛ لأن الثقة مخالف فيها لمن هو أرجح.
§ لكن ثبت عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ: «أنه صلّى في كل ركعة أربع ركوعات» ، وعلى هذا فيكون من سنّة الخلفاء الراشدين
§ وهذا ينبني على طول زمن الكسوف :
· فإذا علمنا أن زمن الكسوف سيطول :
o فلا حرج من أن نصلي ثلاث ركوعات في كل ركعة، أو أربع ركوعات أو خمس ركوعات؛ لأن كل ذلك ورد عن الصحابة ـ رضي الله عنهم
o وإن اقتصر على ركوعين وأطال الصلاة فهو أولى وأفضل كما جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم
· وإن قصر زمن الكسوف فالاقتصار على ركوعين أولى.
ü مسائل:
o الأولى ما بعد الركوع الأول يقول العلماء إنه سنّة وليس ركناً، وبناء على ذلك لو صلاها كما تصلى صلاة النافلة، في كل ركعة ركوع فلا بأس؛ لأن ما زاد على الركوع الأول سنة.
o الثانية هل تدرك الركعة بالركوع الثاني؟ :
§ قال العلماء لا تدرك إلا بالركوع الأول وهو الصحيح، فعلى هذا لو دخل مسبوق مع الإِمام بعد أن رفع رأسه من الركوع الأول فإن هذه الركعة تعتبر قد فاتته فيقضيها.
§ وقال بعض العلماء إنه يعتد بها؛ لأنها ركوع.
§ وفصل آخرون فقالوا يعتد بها إن أتى الإمام بثلاث ركوعات؛ لأنه إذا أدرك الركوع الثاني وهي ثلاث ركوعات فقد أدرك معظم الركعة فيكون كمن أدركها كلها.
o الثالثة لو انتهت الصلاة والكسوف باق، فهل تعاد الصلاة أو لا؟ وإذا قلنا بالإعادة فهل تعاد كسائر النوافل، أو كصلاة الكسوف :
§ في هذا ثلاثة أقوال للعلماء:
· القول الأول: أنها لا تعاد.
· القول الثاني: أنها تعاد على صفتها.
· القول الثالث: أنها تعاد على صفة النوافل الأخرى، أي: ركعتين.
§ فمن نظر لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «فصلوا حتى ينكشف ما بكم» قال إن المشروع أن تصلى كسائر النوافل؛ لأن الصلاة الأولى انقضت وامتثل بها الأمر.
§ ومن نظر إلى قوله: «فصلوا وادعوا..» ، قال: إن الصلاة حصلت فيبقى الدعاء. وعمل الناس على أنها لا تعاد، وأنا لم يترجح عندي شيء لكني أفعل الثاني، وهو: عدم الإعادة.
o الرابعة يسن النداء لصلاة الكسوف، ويقال: «الصلاة جامعة» مرتين أو ثلاثاً. بحيث يعلم أو يغلب على ظنه أن الناس قد سمعوا :
§ ولا ينادى لغيرها من الصلوات بهذه الصيغة؛ لأن الصلوات الخمس ينادى لها بالأذان.
§ وقال بعض العلماء؛ وهو المذهب: إنه ينادى للاستسقاء، والعيدين «الصلاة جامعة» لكن هذا القول ليس بصحيح، ولا يصح قياسهما على الكسوف؛ لوجهين:
· الوجه الأول: أن الكسوف يقع بغتة، خصوصاً في الزمن الأول لما كان الناس لا يدرون عنه إلا إذا وقع.
· الوجه الثاني: أن الاستسقاء والعيدين لم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم ينادي لهما؛ وكل شيء وجد سببه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يفعله ففعله بدعة
ü تميزت صلاة الكسوف عن بقية الصلوات بأمور هي :
o زيادة ركوع في كل ركعة على الركوع الأول.
o أن فيها بعد الركوع قراءة.
o تطويل القراءة فيها والركوع والسجود.
o الجهر فيها بالقراءة ليلاً أو نهاراً.
o يشرع إذا انتهت الصلاة، ولم يتجل الكسوف: الذكر والاستغفار والتكبير والعتق. وهذا فرق خارج عن نفس الصلاة لكنه فرق صحيح.

أبو صهيب 8 جمادى الأولى 1431هـ/21-04-2010م 01:59 AM

باب صلاة الاستسقاء


ü الاستسقاء :

o معناه :
§ الاستسقاء: استفعال من سقى وهو: طلب السُقيا، سواء كان من الله، أو من المخلوق، فمن الممكن أن تقول لفلان: اسقني ماء فَيُسَمَّى هذا استسقاء أي طلب سُقيا، ومن الله ـ عز وجل ـ تسأل الله أن يغيثك، هذا طلب سُقيا أيضاً، لكن في عُرف الفقهاء إذا قالوا صلاة الاستسقاء: فإنما يعنون بها استسقاء الرب ـ عز وجل ـ لا استسقاء المخلوق.
o سببه :
§ صلاة الاستسقاء لها سبب وهو إذا أجدبت الأرض أي: خلت من النبات وقحط المطر أي: امتنع، ولم ينزل لأنه يكون في ذلك ضرر عظيم على أصحاب المواشي، وعلى الآدميين أيضاً، فلهذا صارت صلاة الاستسقاء في هذه الحال سنة مؤكدة.
§ ظاهر كلام المؤلف :
· أنه حتى لو كان ذلك في غير أرضهم.
· وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يستسقي إلا لأرضه وما حولها مما يتضرر به البلد، أما ما كان بعيداً فإنه لا يضرهم، وإن كان يضر غيرهم، ما لم يأمر به الإمام فتصلى.
o أنواعه :
§ الاستسقاء الذي ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم على أوجه متعددة منها :
· الأول: «أنه دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب الناس، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلّى الله عليه وسلّم يديه، ورفع الناس أيديهم، وقال: اللهم أغثنا ثلاث مرات، وكانت السماء صحواً فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت وأمطرت، ولم ينزل النبي صلّى الله عليه وسلّم من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته».
· الثاني: «أنه كان في غزوة ونقص عليهم الماء، فاستغاث الله ـ عز وجل ـ فأنشأ الله مزناً فأمطرت وسقاهم وارتووا» .
· الثالث: «دعا الله سبحانه وتعالى بأن يسقيهم فقام أبو لبابة رضي الله عنه ـ وكان فلاحاً ـ فقال: يا رسول الله إن التمر في البيادر» ـ والبيدر ما يجمع فيه التمر لييبس، وكانوا إذا جذُّوا النخل يضعونه في مكان معد لهذا حتى ييبس، ثم يدخلونه في البيوت يسمى «البيدر»، ويسمى «الجرين» أيضاً ـ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة فيسد ثعلب مربده بإزاره»، أي: الفجوة التي يدخل منها السيل إلى البستان فأمطرت السماء، وخاف الناس من فساد التمر فجاؤوا إلى أبي لبابة، وقالوا: اذهب إلى مربدك وسده بإزارك ليقف المطر، فذهب فسده بإزاره فوقف المطر ، فهذا من آيات الله عز وجل، وحينئذٍ سلم الناس من الضرر الكثير الذي يحصل لهم بالمطر في بيادرهم.
· وهناك أيضاً صفات أخرى، وليس لازماً أن تكون على الصفة التي وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام أي: طلب السُقيا، فللناس أن يستسقوا في صلواتهم، فإذا سجد الإنسان دعا الله، وإذا قام من الليل دعا الله عز وجل.
ü صلاة الاستسقاء :

o صفتها في موضعها كصلاة العيد :
§ الأفضل أن تكون جماعة كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم
§ وتسنّ في الصحراء؛ لأن صلاة العيد تسنّ في الصحراء ويكبر في الأولى بعد التحريمة والاستفتاح ستاً، وفي الثانية خمساً، ويقرأ بسبّح والغاشية؛ والدليل على هذا :
· حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلاها كما يصلي العيد.
§ ولكنها تخالف العيد في أنها سنّة، والعيد فرض كفاية.
ü وإذا أراد الإمام الخروج لها :

o وعظ الناس فرغبهم في فعل الواجبات، وحذّرهم من انتهاك الحرمات
o وأمرهم بالتوبة من المعاصي والرجوع إلى الله ـ عز وجل ـ
o وذكرهم بشروط التوبة التي ذكرها العلماء
o ومن التوبة الخروج من المظالم سواء كانت في حق الله أو في حق العباد
o ويأمر الناس أن يتركوا التشاحن فيما بينهم لأن التشاحن سبب لرفع الخير ودليل ذلك :
§ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «خرج ذات يوم ليخبر أصحابه بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فرفعت» ، أي: رفع العلم بها، أي: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أُنسيها من أجل التشاحن.
§ قال العلماء: فنأخذ من هذا أنه إذا كنا نطلب الخير من الله فلا بد أن ندع التشاحن فيما بيننا.
o ويأمرهم بالصوم :
§ قال بعض العلماء: يأمرهم أن يصوموا ثلاثة أيام، ويخرج في اليوم الثالث.
§ وقال بعضهم: يجعل الاستسقاء يوم اثنين أو خميس؛ لأن يومي الاثنين والخميس مما يسن صيامهما، فيكون خروج الناس وهم صائمون، والصائم أقرب إلى إجابة الدعوة من المفطر، فإن للصائم دعوة لا ترد، هكذا قال المؤلف ـ رحمه الله ـ.
§ ولكن في هذا نظر :
· لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم حين خرج إلى الاستسقاء لم يأمر أصحابه أن يصوموا.
· والصيام طاعة تحتاج إلى إثباتها دليل ولا دليل فلا وجه للأمر به
· لكن نقول: لو اختار يوم الاثنين ـ ولم يجعله سنة راتبة دائماً من أجل أن يصادف صيام بعض الناس، لو قيل بهذا لم يكن فيه بأس
o ويأمرهم أيضاً بالصدقة :
§ والصدقة قد يقال: إنها مناسبة؛ لأن الصدقة إحسان إلى الغير، والإحسان سبب للرحمة لقول الله تعالى: {{إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}} [الأعراف: 56] ، والغيث رحمة لقول الله تعالى: {{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}} [الشورى: 28] .
§ والصدقة هنا ليست الصدقة الواجبة، بل المستحبة، أما الصدقة الواجبة فإن منعها سبب لمنع القطر من السماء كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المروي عنه: «وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء»
· وهذا الوعظ إنما يكون وعظاً عاماً، كما لو صادف أنه يتكلم في خطبة الجمعة فيعظ الناس فهذا طيب، ولا يقال: إنه وعظهم من أجل الاستسقاء، ولكن من أجل خطبة الجمعة والمناسبة.
o ويعدهم يوماً يخرجون فيه :
§ ليتأهبوا على وجه ليس فيه ضرر عليهم؛ لأن الناس ربما لو خرجوا مبكرين، وتأخر الإِمام حصل عليهم أذية من البرد إن كانوا في زمن شتاء صارم.
o ويتنظف فيزيل :
§ ما ينبغي إزالته شرعاً مثل: الأظفار، والعانة، والإِبط
§ وما ينبغي إزالته طبعاً مثل: العرق، والروائح الكريهة وذالك لأن هذا مكان اجتماع عام، وإذا كان الناس فيهم الرائحة المؤذية، فإن هذا يؤذي بعض الحاضرين، فلهذا استحبوا أن يتنظف
o ولا يتطيب وعللوا ذلك :
§ بأنه يوم استكانة وخضوع، والطيب يشرح النفس ، ويجعلها تنبسط أكثر، والمطلوب في هذا اليوم الاستكانة والخضوع؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج «متخشعاً متذللاً متضرعاً».
§ وهذا مما في النفس منه شيء وذلك :
· لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعجبه الطيب، وكان يحب الطيب، ولا يمنع إذا تطيب الإنسان أن يكون متخشعاً مستكيناً لله عز وجل
· ولهذا لو أراد الإِنسان أن يدعو الله بغير هذه الحال، لا نقول: الأفضل ألا تطيب من أجل أن تكون مستكيناً لله.
o ويخرج متواضعاً متخشعاً متذللاً متضرعاً :
§ وهذه أوصاف تدل على أن الإنسان لا يخرج في فرح وسرور؛ لأن المقام لا يقتضيه.
§ متواضعاً أي: بقوله وهيئته وقلبه ، فيكون متواضعاً للحق وللخلق
§ متخشعاً والخشوع سكون الأطراف، وأن يكون على وقار وهيبة.
§ متذللاً بمعنى: أن يضع من نفسه، وهو قريب من التواضع لكنه أشد؛ لأن الإِنسان يُري نفسه أنه ذليل أمام الله عز وجل.
§ متضرعاً يعني الاستكانة، أو شدة الإِنابة إلى الله ـ عز وجل ـ، قال تعالى: {{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}}
§ ودليل هذه الأوصاف قول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: «خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم للاستسقاء متذللاً، متواضعاً، متخشعاً، متضرعاً» .
o ويخرج معه إلى الصلاة :
§ أهل الدين والصلاح لأن هؤلاء أقرب إلى إجابة الدعوة.
§ والشيوخ الكبار الذين أمضوا أعمارهم في الدين والصلاح؛ لأنهم أقرب إلى الإجابة.
§ والصبيان المميزون الذين لم يبلغوا؛ لأنه لا ذنوب لهم، فيكونون أقرب إلى الإِجابة ممن ملأت الذنوب صحائفهم.
§ وأما الصغار الذين لم يميزوا، فإنهم لا يخرجون؛ لأنه ربما يحصل منهم من الأذية والصياح والبكاء أكثر مما يحصل من المنفعة.
o ويجوز التوسل بدعاء الصالحين؛ لأن دعاء الصالحين أقرب إلى الإجابة من دعاء غير الصالحين ودليل هذه المسألة :
§ ما حصل من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حين خرج يستسقي ذات يوم فقال: «اللهم إنا كُنَّا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإننا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، ثم قال: قم يا عباس فادع الله فقام فدعا فسقاهم الله».
o فإذا جاء وقت صلاة الاستسقاء، وارتفعت الشمس قيد رمح يُنادى الصلاةُ جامعة؛ ليحضر الناس؛ قياساً على صلاة الكسوف :
§ هذا المذهب حيث يرون أنه ينادى للكسوف، والعيد، والاستسقاء.
§ ولكن ما ذكره الأصحاب في المناداة للعيد، والاستسقاء، ضعيف جداً؛ وذلك لما يلي:
· أولاً أنه خلاف هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، فالعيد وقع في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يكن ينادى لها، وصلاة الاستسقاء كذلك لم يكن ينادى لها، وقد ذكرنا قاعدة فيما سبق: (أن كل شيء وجد سببه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يشرع له شيء من العبادات فشرع شيء من العبادات، من أجله يكون بدعة).
· ثانياً: أن إلحاق ذلك بصلاة الكسوف غير صحيح أيضاً، أي: أنه يمتنع القياس؛ لأن صلاة الكسوف تأتي على غير تأهب بغتة، وصلاة العيد معلومة من قبل، والناس يتأهبون لها، وكذلك الاستسقاء، وقد سبق في كلام المؤلف أنه قال: «إن الإمام يعدهم يوماً يخرجون فيه» ، فالصلاة معلومة الوقت.
· فالنداء لصلاة الاستسقاء والعيد لا يصح أثراً ولا نظراً
ü خروج أهل الذمة للاستسقاء :

o أهل الذمة هم الذين بَقُوا في بلادنا، وأعطيناهم العهد والميثاق على حمايتهم ونصرتهم بشرط أن يبذلوا الجزية.
o إذا طلب أهل الذمة أن يستسقوا بأنفسهم منفردين عن المسلمين :
§ بالمكان لا باليوم، فإنه لا بأس به، مثل: أن يقولوا: نحن نخرج شمال البلد، وأنتم إلى جنوب البلد فإننا نمنحهم ذلك، وإن كانت صلاتهم باطلة ودعاؤهم باطلاً، ولكن إذا دعا المضطر ربه ـ عز وجل ـ فإنه يجيب دعاءه، ولو كان مشركاًً.
§ أما أن ينفردوا بيوم، فلو قالوا: نريد أن ننفرد بيوم الأحد، ونحن بيوم الاثنين، أو بالعكس، فإننا لا نوافقهم؛ لأنه ربما ينزل المطر في اليوم الذي استسقوا فيه فيكون في ذلك فتنة، ويقال: هم على حق.
§ ومثل ذلك أهل البدع، لو أن أهل البدع طلبوا منَّا أن ينفردوا بمكان أُذِن لهم، فإن طلبوا أن ينفردوا بزمان منعناهم؛ لأنه إذا منعنا أهل الذمة مع ظهور كفرهم فمنعنا لأهل البدع من باب أولى.
§ وهذا يمكن أن يقع ويكون ذالك من الفتن التي يفتن الله بها عباده ـ نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الفتن ـ فقد يفتن الله العباد بشيء يكون سبباً في ضلالهم من حيث لا يشعرون، لقول الله تعالى:
· {{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ *}} [الأنفال] .
o وأما أن اليهود قد كانوا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولم يكونوا يخرجون للاستسقاء فالظاهر أنهم لم يطلبوا الخروج للاستسقاء.

ü الخطبة :

o يصلي بهم، ثم يخطب واحدة :
§ هذا ما أفادنا به المؤلف أن الخطبة تكون بعد الصلاة كالعيد
§ ولكن قد ثبتت السنة أن الخطبة تكون قبل الصلاة ، كما جاءت السنة بأنها تكون بعد الصلاة .
§ وعلى هذا فتكون خطبة الاستسقاء قبل الصلاة، وبعدها ولكن إذا خطب قبل الصلاة لا يخطب بعدها
§ ومن هنا خالفت صلاة الاستسقاء صلاة العيد في أمور منها :
· أولاً أنه يخطب في العيد خطبتين على المذهب، وأما الاستسقاء فيخطب لها خطبة واحدة.
· ثانياً أنه في صلاة الاستسقاء تجوز الخطبة قبل الصلاة وبعدها، وأما في صلاة العيد فتكون بعد الصلاة.
· ثالثاً أنه في صلاة العيد تُبَيَّنُ أحكام العيدين، وفي الاستسقاء يكثر من الاستغفار، والدعاء بطلب الغيث.
o صفة الخطبة :
§ يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد :
· وقد سبق أن خطبة العيد يفتتحها بالتكبير على المشهور من المذهب، وأن في المسألة خلافاً
· فمن العلماء من قال: يفتتحها بالحمد، كما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يفعل في جميع خطبه وهكذا في خطبة الاستسقاء.
· بل لو قال قائل إن خطبة الاستسقاء تُبدأ بالحمد بخلاف خطبة العيد لكان متوجهاً؛ لأن خطبة العيد تأتي في الوقت الذي أُمرنا فيه بكثرة التكبير.
§ ويكثر فيها الاستغفار :
· فيقول: اللهم اغفر لنا، اللهم إننا نستغفرك، وما أشبه ذلك.
· ويقرأ الآيات التي فيها الأمر به مثل قوله تعالى: {{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}} [نوح: 10] ، {{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}} [هود: 3] ، {{فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}} [هود: 61] ، وغير ذلك من الآيات التي يستحضرها في تلك الساعة.
o ويرفع الإمام يديه، ودليل ذالك :
§ حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : «لم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه»
§ وينبغي في هذا الرفع أن يبالغ فيه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يبالغ فيه حتى يُرى بياض إبطيه
§ واختلف العلماء في صفة الرفع بسبب اختلافهم في تأويل الحديث الذي جاء في صحيح مسلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «جعل ظهورهما نحو السماء» :
· فقال بعض العلماء يجعل ظهورهما نحو السماء.
· وقال بعض العلماء بل رفعهما رفعاً شديداً حتى كان الرائي يرى ظهورهما نحو السماء؛ لأنه إذا رفع رفعاً شديداً صارت ظهورهما نحو السماء وهذا هو الأقرب، وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ، وذلك لأن الرافع يديه عند الدعاء يستجدي ويطلب، ومعلوم أن الطلب إنما يكون بباطن الكف لا بظاهره.
§ وكذلك المستمعون يرفعون أيديهم لأنه :
· ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لما رفع يديه حين استسقى في خطبة الجمعة رفع الناس أيديهم».
o ويدعو بدعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم ومنه :
§ «اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً، غدقاً مجللاً، عاماً سَحًّا، طبقاً دائماً، اللهم أسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين» .
o ويسن على المذهب :
§ أن يقلب رداءه في أثناء الخطبة، ويستقبل القبلة ويدعو.
§ وقال بعض العلماء: إنما يكون القلب بعد الدعاء؛ تفاؤلاً بأن الله أجاب الدعاء، وأنه سيقلب الحال من الشدة إلى الرخاء.
o فإن سقاهم الله وأنزل المطر قبل أن يخرجوا للصلاة :
§ فلا حاجة للخروج، ولو خرجوا في هذه الحال لكانوا مبتدعين لأن صلاة الاستسقاء إنما تشرع لطلب السُقيا، فإذا سقوا فلا حاجة لها
§ ويكون عليهم وظيفة أخرى وهي وظيفة الشكر، فيشكرون الله ـ سبحانه وتعالى ـ على هذه النعمة بقلوبهم وبألسنتهم وبجوارحهم
§ ويسألوا الله أن يزيدهم من فضله، ومن ذلك أن يقولوا: «اللهم اجعله صيباً نافعاً» ، كما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقوله
o و إذا زادت مياه السماء أي: الأمطار، ومثل ذلك لو زادت مياه الأنهار على وجه يُخشى منه، فإنه يسنّ أن يقول هذا الذكر: «اللهم حوالينا ولا علينا» ودليل ذلك :
§ ما ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ «أن رجلاً جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله، هلك المال، وتهدم البناء، فادع الله يمسكها عنا ـ فلم يدع الله بإمساكها، ولكنه دعا الله بإبقائها على وجه لا يضر ـ فقال: اللهم حوالينا ولا علينا اللهمّ على الظراب والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر».
§ ويقول بعد ذالك «ربنا لا تحمِّلنا ما لا طاقة لنا به» إلى آخر الآية :
· وهذه لم ترد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم لكنها مناسبة.
· فإذا قالها الإِنسان لا على سبيل السنية فلا بأس، أما إذا قالها على أنها سنة فلا
o وليس من شرط إقامتها أن يأذن الإِمام بذلك :
§ بل إذا قحط المطر وأجدبت الأرض خرج الناس وصلوا، ولو صلى كل بلد وحده لم يخرجوا عن السنة بل لو وجد السبب، وقال الإِمام: لا تصلوا، فإن في منعه إياهم نظراً
o ويسن أن يقف قائماً أول ما ينزل المطر.
o ويخرج متاعه الذي في بيته، أو في خيمته إن كان في البر، وكذلك ثيابه يخرجها :
§ لأن هذا روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما .
§ والثابت من سنّة النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنه إذا نزل المطر حسر ثوبه» أي: رفعه حتى يصيب المطر بدنه، ويقول: «إنه كان حديث عهد بربه» وهذه السنّة ثابتة في الصحيح، وعليه فيقوم الإِنسان ويخرج شيئاً من بدنه إما من ساقه، أو من ذراعه، أو من رأسه حتى يصيبه المطر اتباعاً لسنّة النبي صلّى الله عليه وسلّم وقوله في الحديث: «إنه كان حديث عهد بربه»، لأن الله خلقه الآن، فهو حديث عهد بخلق الله.
o ويحرم أن يقول: مطرنا بنوء كذا، ويباح في نوء كذا، وإضافة المطر إلى النوء دون الله كفر إجماعاً ودليله :
§ ما ثبت في الصحيح من حديث زيد بن خالد الجهني «أنهم كانوا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في الحديبية على إثر سماء كانت من الليل ـ أي: مطر نزل في الليل ـ فلما انصرف النبي صلّى الله عليه وسلّم من صلاة الصبح قال لهم: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فهو كافر بي مؤمن بالكوكب» .
§ وهذا نص صريح في أن من قال: مطرنا بنوء كذا فهو كافر، ولهذا حكى في المبدع إجماع أهل العلم على ذلك لكن كفره بحسب عقيدة القائل :
· إن كان يعتقد أن النوء هو الذي خلق هذا المطر، فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة؛ لأنه ادَّعى أَنَّ مع الله خالقاً
· وإن كان يعتقد أن النوء سبب فإنه كافر كفراً دون كفر وإنما كان كافراً فيما إذا اعتقد أنه سبب؛ لأنه أثبت سبباً لم يثبته الله ـ عز وجل ـ، فإن النجوم ليس لها أثر، وإنما هي أوقات فقط.

انتهى كتاب الصلاة بحول الله وقوته أسأل الله الإخلاص


موسى 1 جمادى الآخرة 1431هـ/14-05-2010م 07:00 PM

http://amer1404.jeeran.com/files/133322.jpg

موسى 6 رمضان 1431هـ/15-08-2010م 06:07 AM

http://amer1404.jeeran.com/files/133322.jpg

محبة الصحابه 27 محرم 1434هـ/10-12-2012م 10:35 PM

جزاكم الله الجنة


الساعة الآن 11:29 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir