معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   صفحات الدراسة (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=912)
-   -   صفحة مذاكرة الطالبة أم ذر (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=22715)

ياسمين مصباح 23 شعبان 1435هـ/21-06-2014م 04:58 PM

تفسير سورة المرسلات.


عن ابن عبّاسٍ، عن أمّه: أنّها سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفًا.

{والمرسلات عرفًا * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً * وَالنَّاشِرَاتِ نَشْراً } قال: الملائكة. وهكذا قيل في " العاصفات" و " النّاشرات " [و " الفارقات "] و " الملقيات": أنّها الملائكة.
وقيل هي الرّسل. وفي روايةٍ عنه: أنّها الملائكة.
وقيل : الرّيح. وكذا قيل في: {فالعاصفات عصفًا والنّاشرات نشرًا} إنّها الرّيح.
وتوقّف ابن جريرٍ في {والمرسلات عرفًا} هل هي الملائكة إذا أرسلت بالعرف، أو كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضًا؟ أو: هي الرّياح إذا هبّت شيئًا فشيئًا؟ وقطع بأنّ العاصفات عصفًا هي الرياح، وتوقّف في {والنّاشرات نشرًا} هل هي الملائكة أو الرّيح؟
وقيل : أنّ النّاشرات نشرًا: المطر.
والأظهر أنّ: "المرسلات" هي الرّياح، وهكذا العاصفات هي: الرّياح، يقال: عصفت الرّيح إذا هبّت بتصويتٍ، وكذا النّاشرات هي: الرّياح الّتي تنشر السّحاب في آفاق السّماء، كما يشاء الرّبّ عزّ وجلّ.
{فالفارقات فرقًا فالملقيات ذكرًا عذرًا أو نذرًا} يعني: الملائكة، ولا خلاف هاهنا؛ فإنّها تنزل بأمر اللّه على الرّسل، تفرّق بين الحقّ والباطل، والهدى والغيّ، والحلال والحرام، وتلقي إلى الرّسل وحيًا فيه إعذارٌ إلى الخلق، وإنذارٌ لهم عقاب اللّه إن خالفوا أمره.
{إنّما توعدون لواقعٌ} هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام، أي: ما وعدتم به من قيام الساعة
{لواقع} أي: لكائنٌ لا محالة
{فإذا النّجوم طمست} أي: ذهب ضوؤها،
{وإذا السّماء فرجت} أي: انفطرت وانشقّت، وتدلّت أرجاؤها، ووهت أطرافها.
{وإذا الجبال نسفت} أي: ذهب بها، فلا يبقى لها عينٌ ولا أثرٌ،
{وإذا الرّسل أقّتت}
قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: جمعت
وقال مجاهدٌ: {أقّتت} أجّلت.
وقال الثّوريّ، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {أقّتت} أوعدت.
{لأيّ يومٍ أجّلت ليوم الفصل وما أدراك ما يوم الفصل ويلٌ يومئذٍ للمكذّبين} يقول تعالى: لأيّ يومٍ أجّلت الرّسل وأرجئ أمرها؟ حتّى تقوم السّاعة، وهو يوم الفصل،
ثمّ قال معظّمًا لشأنه:
{وما أدراك ما يوم الفصل ويلٌ يومئذٍ للمكذّبين} أي: ويلٌ لهم من عذاب اللّه غدًا.
{ألم نهلك الأوّلين}؟ يعني: من المكذّبين للرسل المخالفين لما جاؤوهم به،
{ثمّ نتبعهم الآخرين} أي: ممّن أشبههم؛
{كذلك نفعل بالمجرمين ويلٌ يومئذٍ للمكذّبين}
ثمّ قال ممتنًّا على خلقه ومحتجًّا على الإعادة بالبداءة:
{ألم نخلقكم من ماءٍ مهينٍ}؟ أي: ضعيفٍ حقيرٍ بالنّسبة إلى قدرة البارئ عزّ وجلّ،
{فجعلناه في قرارٍ مكينٍ} يعني: جمعناه في الرّحم، وهو قرار الماء من الرّجل والمرأة، والرّحم معدٌّ لذلك، حافظٌ لما أودع فيه من الماء.
{إلى قدرٍ معلومٍ} يعني: إلى مدّةٍ معيّنةٍ من ستّة أشهرٍ أو تسعة أشهرٍ؛
ولهذا قال: {فقدرنا فنعم القادرون ويلٌ يومئذٍ للمكذّبين}
{ألم نجعل الأرض كفاتًا أحياءً وأمواتًا}
قال ابن عبّاسٍ: {كفاتًا} كنّا.
وقال مجاهدٌ: يكفت الميّت فلا يرى منه شيءٌ.
وقال الشّعبيّ: بطنها لأمواتكم، وظهرها لأحيائكم. وكذا قال مجاهدٌ وقتادة.
{وجعلنا فيها رواسي شامخاتٍ} يعني: الجبال، أرسى بها الأرض لئلّا تميد وتضطرب.
{وأسقيناكم ماءً فراتًا} عذبًا زلالا من السّحاب، أو ممّا أنبعه اللّه من عيون الأرض.
{ويلٌ يومئذٍ للمكذّبين} أي: ويلٌ لمن تأمّل هذه المخلوقات الدّالّة على عظمة خالقها، ثمّ بعد هذا يستمرّ على تكذيبه وكفره.
يقول تعالى مخاطبًا للكفّار المكذّبين بالمعاد والجزاء والجنّة والنّار، أنّهم يقال لهم يوم القيامة:
{انطلقوا إلى ما كنتم به تكذّبون انطلقوا إلى ظلٍّ ذي ثلاث شعبٍ} يعني: لهب النار إذا ارتفع وصعد معه دخانٌ، فمن شدّته وقوّته أنّ له ثلاث شعبٍ،
{لا ظليلٍ ولا يغني من اللّهب} أي: ظلّ الدّخان المقابل للّهب لا ظليلٌ هو في نفسه، ولا يغني من اللّهب، يعني: ولا يقيهم حرّ اللّهب.
{إنّها ترمي بشررٍ كالقصر} أي: يتطاير الشّرر من لهبها كالقصر.
وقيل : كالحصون.
وقيل : يعني أصول الشّجر.
{كأنّه جمالةٌ صفرٌ} أي: كالإبل السود. واختاره ابن جريرٍ.
وقيل : حبال السفن.
وقيل : قطع نحاسٍ.
{هذا يوم لا ينطقون} أي: لا يتكلّمون.
{ولا يؤذن لهم فيعتذرون} أي: لا يقدرون على الكلام، ولا يؤذن لهم فيه ليعتذروا، بل قد قامت عليهم الحجّة، ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون.
وعرصات القيامة حالاتٌ، والرّبّ تعالى يخبر عن هذه الحالة تارةً، وعن هذه الحالة تارةً؛ ليدلّ على شدّة الأهوال والزّلازل يومئذٍ. ولهذا يقول بعد كلّ فصلٍ من هذا الكلام: {ويلٌ يومئذٍ للمكذّبين}
{هذا يوم الفصل جمعناكم والأوّلين فإن كان لكم كيدٌ فكيدون} أي أنّه جمعهم بقدرته في صعيدٍ واحدٍ، يسمعهم الدّاعي وينفذهم البصر.
{فإن كان لكم كيدٌ فكيدون} تهديدٌ شديدٌ ووعيدٌ أكيدٌ، أي: إن قدرتم على أن تتخلّصوا من قبضتي، وتنجوا من حكمي فافعلوا، فإنّكم لا تقدرون على ذلك.
{إنّ المتّقين في ظلالٍ وعيونٍ} يقول تعالى مخبرًا عن عباده المتّقين الّذين عبدوه بأداء الواجبات، وترك المحرّمات: إنّهم يوم القيامة يكونون في جنّاتٍ وعيونٍ، أي: بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه، من ظلّ اليحموم، وهو الدّخان الأسود المنتن.
{وفواكه ممّا يشتهون} أي: من سائر أنواع الثّمار، مهما طلبوا وجدوا.
{كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون} أي: يقال لهم ذلك على سبيل الإحسان إليهم.
ثمّ قال تعالى مخبرًا خبرًا مستأنفًا:
{إنّا كذلك نجزي المحسنين} أي: هذا جزاؤنا لمن أحسن العمل،
{كلوا وتمتّعوا قليلا إنّكم مجرمون} خطابٌ للمكذّبين بيوم الدّين، وأمرهم أمر تهديدٍ ووعيدٍ فقال تعالى:
{كلوا وتمتّعوا قليلا} أي: مدّةً قليلةً قريبةً قصيرةً،
{إنّكم مجرمون} أي: ثمّ تساقون إلى نار جهنّم الّتي تقدّم ذكرها،
{وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون} أي: إذا أمر هؤلاء الجهلة من الكفّار أن يكونوا من المصلّين مع الجماعة، امتنعوا من ذلك واستكبروا عنه؛
{فبأيّ حديثٍ بعده يؤمنون}؟ أي: إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن، فبأيّ كلامٍ يؤمنون به؟!


الساعة الآن 03:56 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir