دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 06:35 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الاختصاص

الاختصاصُ

الاختصاصُ كنداءٍ دُونَ يا = كَأَيُّها الفتى بإِثْرِ ارْجُونِيَا
وقدْ يُرَى ذا دُونَ أيٍّ تِلْوَ أَلْ = كمِثلِ نحنُ العُرْبَ أَسْخَى مَنْ بَذَلْ


  #2  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 05:11 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


الاختصاصُ

الاختصاصُ كنداءٍ دونَ يا = كأيُّها الفَتَى بإِثْرِ اْرُجونِيَا ([1])


وقدْ يُرَى ذا دُونَ أيٍّ تِلْوَ أَلْ = كمِثلِ نحنُ العُرْبَ أَسْخَى مَن بَذَلْ([2])

الاختصاصُ([3]) يُشْبِهُ النداءَ لَفْظاً، ويُخَالِفُه مِن ثَلاثةِ أَوْجُهٍ:
أحَدُها: أنَّه لا يُسْتَعْمَلُ معَه حرْفُ نداءٍ.
والثاني: أنَّه لا بُدَّ أنْ يَسْبِقَه شيءٌ.
والثالثُ: أنْ تُصاحِبَه الألِفُ واللامُ.
وذلك كقولِك: "أنا أَفعلُ كذا أيُّها الرجُلُ، ونحنُ العُرْبَ أَسْخَى الناسِ"، وقولِه صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: ((نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ)).
وهو مَنصوبٌ بفِعْلٍ مضْمَرٍ، والتقديرُ: أَخُصُّ العُرْبَ، وأَخُصُّ مَعاشِرَ الأنبياءِ.


([1]) (الاختصاصُ) مُبتدأٌ، (كنداءٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبرُ المبتدَأِ، (دُونَ) ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ نعْتٌ لنِداءٍ، ودُونَ مُضافٌ و(يا) قَصَدَ لفْظَه: مُضافٌ إليه، (كأَيُّهَا) الكافُ جارَّةٌ لقَولٍ مَحذوفٍ – كما عَرَفْتَ مِرَاراً – وأيُّ: مَبنيٌّ على الضمِّ في مَحَلِّ نصْبٍ بفِعْلٍ واجبِ الْحَذْفِ، وها: حرْفُ تَنبيهٍ، (الفتَى) نعْتٌ لأيُّ، (بإِثْرِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٌ مِن أيُّها، وإِثْرِ مُضافٌ و(ارْجُونِيَا) قَصَدَ لفْظَه: مُضافٌ إليه.

([2]) (وقد) حَرْفُ تَقليلٍ، (يُرَى) فعْلٌ مُضارِعٌ مبنيٌّ للمَجهولِ، (ذا) اسمُ إشارَةٍ: نائبُ فاعِلِ يُرى، (دونَ) ظرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٌ مِن نائِبِ الفاعِلِ، ودونَ مُضافٌ و(أيٍّ) مُضافٌ إليه، (تِلْوَ) مفعولٌ ثانٍ لِيُرَى، وتِلْوَ مُضافٌ و(ألْ) قَصَدَ لفْظَه: مُضافٌ إليه، (كمِثْلِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرٌ لِمُبتَدَأٍ محذوفٍ؛ أيْ: وذلك كائنٌ كمِثْلِ، (نحنُ) ضميرٌ منفَصِلٌ مُبتَدَأٌ، (العُرْبَ) مفعولٌ به لفِعْلٍ محذوفٍ وُجُوباً، والجُملةُ مِن الفعْلِ المحذوفِ وفاعِلِه ومفعولِه لا مَحَلَّ لها معتَرِضَةٌ بينَ المبتَدَأِ وخَبَرِه، (أَسْخَى) خبَرُ المبتَدَأِ، وأَسْخَى مُضافٌ و(مَن) اسمٌ موصولٌ مُضافٌ إليه، وجُملةُ (بَذَلْ) مِن الفعْلِ وفاعلِه المستَتِرِ فيه لا مَحَلَّ لها مِن الإعرابِ صِلَةٌ.

([3]) لم يَذكُرِ الشارِحُ رَحِمَه اللهُ تَعريفَ الاختصاصِ، ولا الباعِثَ عليه، فأَمَّا تَعريفُه فهو في اللُّغَةِ مَصدَرُ اخْتَصَّ فُلانٌ فُلاناً بكَذَا؛ أيْ: قَصَرَه عليه، وهو في الاصطلاحِ: قَصْرُ حُكْمِ مُسنَدٍ لضَميرٍ على اسمٍ ظاهِرٍ مَعرِفَةٍ، يُذْكَرُ بَعدَه مَعمولٌ لأَخُصُّ مَحذوفاً وُجُوباً.
وأمَّا الباعِثُ عليه فأَحَدُ ثَلاثَةِ أُمورٍ:
الأوَّلُ: الفَخْرُ، نحوُ: "عليَّ أيُّها الكريمُ يُعتَمَدُ".
والثاني: التواضُعُ، نحوُ: "أنا أيُّها العبْدُ الضعيفَ مفْتَقِرٌ إلى عفْوِ اللهِ".
والثالثُ: بيانُ المقصودِ بالضميرِ، نحوُ: "نَحْنُ العَرَبَ أَقْرَى الناسِ للضَّيْفِ".
ومِن شَواهِدِه قَوْلُ الشاعِرِ:

نحن بَنِي ضَبَّةَ أَصحابُ الْجَمَلْ = نَنْعِي ابنَ عفَّانَ بأطرافِ الأَسَلْ

وقد يكونُ منه:
نحن بَناتِ طارِقْ = نَمْشِي على النَّمَارِقْ

وذلك إذا نَصَبْتَ "بناتِ" بالكسرَةِ نِيابَةً عن الفتْحَةِ، فإنْ رَفَعْتَه كانَ خَبَرَ المبتدَأِ ولم يَكُنْ مِن هذا البابِ.

  #3  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 05:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


هذا بابُ المنصوبِ على الاختصاصِ([1])

وهو: اسمٌ معمولٌ لأَخُصُّ واجِبُ الحذفِ([2]).
فإنْ كانَ (أَيُّهَا) أو (أَيَّتُهَا) اسْتُعْمِلاَ كما يُسْتَعْمَلانِ في النداءِ، فيُضمَّانِ ويُوصَفَانِ لُزُوماً باسمٍ لازمِ الرفعِ مُحَلًّى بألْ، نحوُ: (أنا أَفْعَلُ كذا أَيُّهَا الرَّجُلُ)، و(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا أَيَّتُهَا العِصَابَةُ)([3]).
وإنْ كانَ غَيْرَهُما نُصِبَ، نحوُ: ((نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَنْبَيَاءِ لاَ نُورَثُ)).
ويُفَارِقُ المُنَادَى في أحكامٍ([4]):
أَحَدُها: أنه ليسَ معَه حرفُ نداءٍ لا لَفْظاً ولا تَقْدِيراً.
الثاني: أنه لا يَقَعُ في أوَّلِ الكلامِ، بل في أثنائِه؛ كالواقِعِ بعدَ (نَحْنُ) في الحديثِ المتقدِّمِ أو بعدَ تَمَامِه؛ كالواقِعِ بعدَ (أنا) و(نا) في المثاليْنِ قبلَه.
والثالِثُ: أنه يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ المُقَدَّمُ عليه اسْماً بمعناهُ، والغالِبُ كونُه ضَمِيرَ تَكَلُّمٍ، وقد يكونُ ضَمِيرَ خِطابٍ؛ كقولِ بعضِهم: (بِكَ اللهُ نَرْجُو الفَضْلَ).
والرابعُ والخامِسُ: أنه يَقِلُّ كَوْنُه عَلَماً، وأنه يَنْتَصِبُ معَ كونِه مُفْرَداً؛ كما في هذا المثالِ.
والسادِسُ: أنه يكونُ بألْ قِياساً؛ كقولِهِم: (نحنُ العربَ أَقْرَى الناسِ للضَّيْفِ).


([1]) الاختصاصُ في اللغةِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ: (اخْتَصَصْتُ فُلاناً بكذا) تريدُ أنكَ خَصَصْتَه به وجَعَلْتَه له لا يَتَجَاوَزُهُ إلى غيرِه، وهو في اصْطِلاحِ النُّحَاةِ: (تَخْصِيصُ حُكْمٍ عُلِّقَ بضميرٍ ما تَأَخَّرَ عنه مِن اسمٍ ظاهرٍ مُعَرَّفٍ).
والكلامُ المُشْتَمِلُ على الاختصاصِ خبرٌ اسْتُعْمِلَ في صورةِ النداءِ مِن بابِ التَّوَسُّعِ، ونَظِيرُه أنهم اسْتَعْمَلُوا صورةَ الأمرِ في الخبرِ قِياساً في نَحْوِ: (أَجْمِلْ بذي المُرُوءَةِ)، وهي صيغةٌ مِن صِيغَتَيِ التعجُّبِ، وقد مَضَى القولُ فيها في بابِ التعجُّبِ، كما اسْتَعْمَلُوا صيغةَ الخبرِ في الأمرِ والدعاءِ، نحوُ قولِهِم: (اتَّقَى اللهَ امْرُؤٌ فَعَلَ خيراً يُثَبْ عليه)؛ أي: لِيَتَّقِ اللهَ ولْيَفْعَلْ خَيْراً، بدليلِ جَزْمِ الجوابِ، وهو (يُثَبْ عليه)، ومنه قولُه تعالى: {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ}؛ أي: لِيُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ، ونَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ.
والباعِثُ على استعمالِ أُسْلُوبِ الاختصاصِ واحدٌ مِن ثلاثةِ أمورٍ:
الأوَّلُ: الفَخْرُ: نحوُ (على أَيُّها الجَوَادُ يَعْتَمِدُ المُحْتَاجُ)، ونحوُ (أنا أَيُّهَا الشُّجَاعُ أُرْغِمُ أُنُوفَ الأعداءِ)، ونحوُ (كلامي أَيُّها العالِمُ شِفَاءٌ لِمَا في الصدورِ).
الثاني: التواضُعُ: نحوُ: (أنا أَيُّهَا العبدُ مُحْتَاجٌ إلى عَفْوِ اللهِ)، ونحوُ: (أنا أَيُّهَا المِسْكِينُ أَرْجُو فَضْلَ اللهِ)، ونحوُ: (أنا أَيُّهَا الضَّعِيفُ أَسْتَمِدُّ القوَّةَ مِنَ اللهِ).
الثالِثُ: زِيَادَةُ البيانِ والإيضاحِ، نحوُ: (نَحْنُ العَرَبَ أَقْرَى الناسِ للضَّيْفِ).

([2]) وعلى هذا يكونُ الاسمُ المنصوبُ على الاختصاصِ مفعولاً به لفعلٍ واجبِ الحذفِ، وتقديرُه في نحوِ: (نحنُ العربَ أَقْرَى الناسِ للضيفِ): نحنُ أَخُصُّ العربَ، أو أَذْكُرُ العربَ، أو نحوُ ذلك، وقَدَّرَ سِيبَوَيْهِ هذا العامِلَ بأَعْنِي.
فإنْ قُلْتَ: فإنَّ ابنَ الناظِمِ قَدَّرَ عبارةَ الاختصاصِ بقولِهِ: على معنى اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا مُخْتَصِّينَ مِن بينِ العَصَائِبِ، فما وَجْهُ هذا التقديرِ؟
قلتُ: هذا في الغالِبِ تَقْدِيرُ معنى جميعِ الجملةِ، وليسَ تَقْدِيراً لإعرابِ الاسمِ المنصوبِ وَحْدَه، وهو أيضاً يُشِيرُ إلى أنَّ الجملةَ من الفعلِ المقدَّرِ وفاعلِه ومفعولِه الذي هو المنصوبُ على الاختصاصِ تكونُ في مَحَلِّ نصبٍ على الحالِ، على أنَّ كونَ هذه الجملةِ منصوبةً على الحالِ ليسَ دائماً، بل قد تكونُ الجملةُ حالاً، وقد تكونُ لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ مُعْتَرِضَةً كما نَذْكُرُه فيما يلي.

([3]) هذا الذي ذَكَرَه المؤلِّفُ هو مَذْهَبُ جمهورِ النُّحَاةِ، وخُلاصَتُه أنَّ الاختصاصَ إذا كانَ بلفظِ (أَيُّهَا)، ويُسْتَعْمَلُ هذا اللفظُ في المذكَّرِ مُفْرَداً أو مُثَنًّى أو جَمْعاً، أو بلفظِ (أَيَّتُها)، ويُسْتَعْمَلُ في المؤنَّثِ مُفْرَداً أو مُثَنًّى أو جَمْعاً أيضاً، كانَ لفظُ (أَيُّهَا) أو لَفْظُ (أَيَّتُها) اسماً مَبْنِيًّا على الضمِّ، ومَحَلُّه نَصْبٌ، والناصِبُ له فِعْلٌ مَحْذُوفٌ وُجُوباً تقديرُه أَخُصُّ أو أَذْكُرُ أو أَعْنِي أو ما يَدُلُّ على ذلك، فهو – على ذلكَ – مفعولٌ به، والجملةُ مِن الفعلِ وفاعلِه ومفعولِه قد تكونُ في مَحَلِّ نصبٍ على الحالِ، وقد تكونُ جملةً لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ مُعْتَرِضَةً، كما في نحوِ: (نَحْنُ أَيُّهَا العربُ أَقْرَى الناسِ للضيفِ) فهذه الجملةُ، وهي (أَخُصُّ العربَ)، لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ؛ مُعْتَرِضَةٌ بينَ المبتدأِ الذي هو (نحنُ) والخبرِ الذي هو (أَقْرَى الناسِ للضيفِ).
وفي هذه المسألةِ مَذْهَبَانِ آخرانِ:
المَذْهَبُ الأوَّلُ- وهو ما ذَهَبَ إليه الأخفشُ – وخُلاصتُه أنَّ كُلاًّ مِن (أَيُّها) و(أَيَّتُها) منادًى بحرفِ نداءٍ محذوفٍ، مَبْنِيٍّ على الضمِّ في مَحَلِّ نصبٍ على النداءِ. وقالَ: ولا يُنْكَرُ أنْ يُنَادِيَ الإنسانُ نَفْسَه، ألا تَرَى إلى قولِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (كُلُّ الناسِ أَفْقَهُ مِنْكَ يا عُمَرُ).
والمَذْهَبُ الثاني – وهو ما ذَهَبَ إليه السِّيرَافِيُّ – وخُلاصَتُه أنَّ كِلاًّ مِن (أَيُّها) و(أَيَّتُها) في الاختصاصِ اسمٌ مُعْرَبٌ مرفوعٌ، وأنه يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهما: أنْ يكونَ خَبَرَ مبتدأٍ محذوفٍ، وتقديرُه في نحوِ قولِكَ: (أنا أَيُّها العَبْدُ فقيرٌ إلى عفوِ اللهِ): أنا هو أَيُّهَا العبدُ، إلخ.
والوجهُ الثاني: أنْ يكونَ مبتدأً حُذِفَ خَبَرُه، وتقديرُه في المثالِ المذكورِ: أنا أَيُّهَا العبدُ المخصوصُ... إلخ.
وأنتَ تَرَى أن هذه التقديراتِ من التكلُّفِ والبُعْدِ عن مَساقِ الكلامِ بحيثُ لا يجوزُ الاعتمادُ عليها والأخذُ بما يَقْتَضِيها.

([4]) وكما يُفَارِقُ الاختصاصُ النداءَ فيما ذَكَرَ المؤلِّفُ، يُوَافِقُه في ثلاثةِ أُمُورٍ:
الأَوَّلُ: أنَّ الاختصاصَ لا يُسْتَعْمَلُ إلا للمتكلِّمِ واحداً أو مثنًّى أو جمعاً، كما أنَّ المنادَى لا يُسْتَعْمَلُ إلاَّ للمُخَاطَبِ، فالجامِعُ بينَهما أنَّ كُلاًّ مِنهما يَخْتَصُّ بحالٍ لا يَتَعَدَّاها، وإنِ اخْتَلَفَتْ حَقِيقَةُ حالِ كلٍّ مِنهما عن حقيقةِ حالِ الآخَرِ.
الثاني: أنَّ كُلَّ واحدٍ مِن النداءِ والاختصاصِ لا يكونُ إلا للحاضِرِ.
كذا قالَ النُّحَاةُ، وأَعْتَقِدُ أنَّ أحَدَ هذيْن الأمريْنِ يُغْنِي عن الآخَرِ.
الثالِثُ: أنَّ الاختصاصَ يَقَعُ في مَعْرِضِ التوكيدِ، والنداءَ قد يَقَعُ هذا المَوْقِعُ؛ فإنَّكَ لا تَجِدُ بَأْساً في أنْ تقولَ لِمَن تُحَدِّثُه وهو مُصْغٍ إليك: (قد كانَ كذا وكذا يا فلانُ)، فعبارةُ: (يا فلانُ) في هذه الحالِ واقعةٌ في مَوْقِعِ التوكيدِ؛ لأنك تَطْلُبُ بها إقبالَ مَن هو مُقْبِلٌ عليك.



  #4  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 05:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


الاخْتِصَاصُ


620- الاخْتِصَاصُ: كَنِدَاءٍ دَوْنَ يَا = كـ "أيُّهَا الفَتَى" بِإِثْرِ "ارْجُوْنِيَا"
(الاختصاصُ) قصرُ الحُكْمِ عَلَى بعضِ أفرادِ المذكورِ، وهو خبرٌ (كنداءٍ) أيْ: جَاءَ علَى صورةِ النداءِ لفْظًا تَوَسُّعًا، كَمَا جَاءَ الخبرُ عَلَى صُورةِ الأمرِ، والأمرُ علَى صورةِ الخبرِ، والخبرُ عَلَى صورةِ الاسْتِفْهَامِ، والاسْتِفْهَامِ عَلَى صورةِ الخبرِ، ولكنَّهُ يُفَارِقُ النداءَ فِي ثَمَانِيَةِ أحْكَامٍ:
الأوَّلُ: أنَّهُ يكونُ (دُوْنَ يَا) وَأَخَوَاتِهَا لفْظًا وَنِيَّةٍ.
الثانِي: أنَّهُ لا يَقَعُ فِي أوَّلِ الكلامِ، بَلْ فِي أثنائِهِ، وقدْ أشَارَ إليهِ بقولِهِ: (كَأَيُّهَا الفَتَى بِإِثْرِ ارْجُونِيَا)
الثالثُ: أنَّهُ يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ المُقَدَّمُ عليهِ اسْمًا بمعناهُ
والرابعُ والخامسُ: أنَّهُ يَقِلُّ كونُهُ عَلَمًا، وَأَنْ يُنْصَبَ معَ كونِهِ مُفْرَدًا.
والسادسُ: أنَّهُ يكونُ،بـ "ألْ" قَياسُهُ، كمَا سيأتِي أمثلةُ ذلكَ.
السابعُ: أنَّ "أيَا" تُوْصَفُ فِي النداءِ باسْمِ الإشارةِ, وهنَا: لا تُوْصَفُ بِهِ.
الثامنُ: أنَّ المَازِنِيَّ أجَازَ نَصْبَ تَابِعِ "أيْ" فِي النداءِ، ولَمْ يَحْكُوا هنا خِلافًا فِي وُجُوْبِ رَفْعِهِ، وفِي (الارْتِشَافِ): لا خلافَ في تَابِعِهَا أنَّهُ مرفوعٌ.

واعْلمْ أنَّ المخصوصَ ـ وهو الاسمُ الظاهرُ الواقعُ بعدَ ضميرٍ يَخُصُّهُ أو يُشَارِكُ فيهِ ـ عَلَى أربعةِ أنواعٍ:
الأوَّلُ: أنْ يكونَ "أيُّهَا" و"أَيَّتُهَا" فَلَهُمَا حكمُهُمَا فِي النداءِ وهو الضمُّ، ويلزمُهُمَا الوصفُ باسْمٍ مُحَلَّى بـ (ألْ) لازَمَ الرفعَ نحوَ: "أنَا أفْعَلُ كذَا أيُّهَا الرَّجُلُ" و"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنَا أيَّتُهَا العِصَابَةُ"
والثانِي: أنْ يكونَ مُعَرَّفًا بـ"ألْ" وإليهِ الإشارةُ بقولِهِ:
621- (وَقَدْ يُرَى ذَا أيٍّ تِلْوَ ألْ = كَمِثْلِ نحنُ العربَ أسْخَى مَنْ بَذَلْ"
بالذَّالِ المُعْجَمَةِ أيْ: أَعْطَى
والثالثُ: أنْ يكونَ مُعَرَّفًا بالإضافةِ كقولِهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ: ((نحنُ مَعَاشِرَ الأنْبِيَاءِ لا نُوْرَثُ)) وقولِهِ [مِنَ الرَّجَزِ]:
933- نَحْنُ بَنِي ضَبَّةَ أصْحَابُ الجَمَلْ = نَنْعِي ابْنَ عَفَّانَ بأطْرَافِ الأَسَلْ
قالَ سِيْبَوَيْهُ وَأَكْثَرُ الأسْماءِ دُخولًا فِي هذَا البابِ "بَنُو فُلَانٍ" و"مَعْشَر" مُضَافًا و"أهْلُ البيتِ" و"آلُ فُلَانٍ"
والرابعُ: أنْ يكونَ عَلَمًا، وهو قليلٌ، ومنهُ قولُهُ [مِنَ الرَّجَزِ]:
934- بِنَا تَمِيْمَا يُكْشَفُ الضَّبَابَ
ولا يدخلُ فِي هَذَا البابِ نكرةٌ، ولا اسمُ إشَارةٍ
تنبيهٌ: لا يقعُ المُختصُّ مَبْنِيًا علَى الضمِّ إلا بلفظِ "أيُّها" و"أيَّتُها" وأمَّا غيرُهُما فمنصوبٌ وناصبُهُ فعْلٌ واجبُ الحذفِ، تقديْرُهُ أَخُصُّ، واخْتُلِفَ فِي مَوْضِعِ "أَيُّهَا" و"أَيَّتُهَا" فمذهبُ الجمهورِ أنَّهُمَا فِي مَوْضِعِ نصبٍ بـ "أَخُصُّ" أيضًا، وَذَهَبَ الأخْفَشُ إلى أنَّهُ مُنَادَى، ولا يُنْكِرُ أنْ يُنَادِي الإنسانُ نَفْسَهُ ألا تَرَى إلى قولِ عُمَرَ رضْي اللهُ عنهُ: "كلُّ الناسِ أفقهُ منكَ يَا عُمَرُ"، وذَهَبَ السِّيْرَافِيُّ إلى أنَّ "أيَا" فِي الاختصاصِ مُعْرَبَةٌ، وزَعَمَ أنَّهَا تَحْتَمِلُ وجهينِ: أنْ تَكونَ خَبَرًا لمبتدأٍ محذوفٍ، والتقديرُ: أنَا أَفْعَلُ كَذَا هُوَ أيُّهَا الرَّجُلُ أي المخصوصُ بهِ وأنْ تكونَ مبتدأً، والخبرُ محذوفٌ والتقديرُ: أيُّهَا الرَّجُلُ المخصوصُ أنَا المذكورُ.
خَاتِمَةٌ: الأكثرُ فِي المُخْتَصِّ أنْ يَلِي ضميرَ مُتَكلمٍ كمَا رأيتَ، وقدْ يَلِي ضميرَ مُخَاطَبٍ كقولِهِم: "بِكَ اللهَ نرجُوا الفضلَ" و"سُبْحَانَكَ اللهَ العظيمَ" ولا يكونُ بعدَ ضميرِ غائبٍ.

  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 05:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


الاخْتِصَاصُ

تعريفُ الاختصاصِ والفرْقُ بينَهُ وبينَ النداءِ
620- الاخْتِصَاصُ كَنِدَاءٍ دُونَ يَا = كَأَيُّهَا الْفَتَى بإِثْرِ أَرْجُونِيَا
621- وَقَدْ يُرَى ذَا دُونَ أَيٍّ تِلْوَ أَلْ = كَمِثْلِ نَحْنُ الْعُرْبَ أَسْخَى مَنْ بَذَلْ
الاختصاصُ لُغَةً: مصْدَرُ (اخْتَصَّ فُلانٌ فُلاناً بِكَذَا)؛ أيْ: قَصَرَهُ عليهِ.
واصطلاحاً: تَخصيصُ حُكْمٍ بضميرٍ لغيرِ الغائبِ بعدَهُ اسمٌ ظاهرٌ مَعْرِفَةٌ، معناهُ مَعْنَى ذلكَ الضميرِ.
نَحْوُ: نَحْنُ - المسلمينَ - خيرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للناسِ. أنا - طَالِبَ العلْمِ - لا تَفْتُرُ رَغْبَتِي. نحنُ - الْمُوَقِّعِينَ على هَذَا - نَشْهَدُ بكذا وكذا.
فقولُنا: تَخْصِيصُ حُكْمٍ بضميرٍ؛ أيْ: قَصْرُهُ عليهِ.
وقولُنا: لغيرِ الغائبِ؛ أي: المُتَكَلِّمِ، وهوَ الكثيرُ، أو المُخَاطَبِ، وهوَ قليلٌ؛ نحوُ: أَنْتَ - الخَطِيبَ - أفْصَحُ الناسِ قَوْلاً.
وقولُنا: بعدَهُ اسْمٌ ظاهِرٌ معرفةٌ؛ أيْ: مَعرفةٌ بالإضافةِ أوْ بِأَلْ كما في الأَمْثِلَةِ.
والغرَضُ مِنْ إيرادِ الاسمِ الظاهرِ بعدَ الضميرِ هوَ تخصيصُ الضميرِ وتوضيحُهُ وإزالةُ ما فيهِ مِنْ إبهامٍ. ويُسَمَّى هذا الاسمُ الظاهرُ (المنصوبَ على الاختصاصِ)، ويكونُ نَصْبُهُ بفِعْلٍ واجبِ الحذْفِ معَ فاعِلِهِ تقديرُهُ: أَخُصُّ، ونَحْوُهُ.
ومِنْ ذلكَ قولُهُ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّا - مَعْشَرَ الأَنْبِيَاءِ - لا نُوَرَّثُ))، وقولُهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: ((إِنَّا - آلَ مُحَمَّدٍ - لا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ)). فـ(مَعْشَرَ الأَنْبِيَاءِ): منصوبٌ على الاختصاصِ بفعْلٍ محذوفٍ وُجوباً، والجملةُ مُعتَرِضَةٌ بينَ اسمِ (إنَّ) وهُوَ (نَا)، وخبرِها وهوَ جملةُ (لا نُوَرَّثُ)، أوْ حالٌ مِن الضميرِ.
وقدْ يَقَعُ الاختصاصُ بـ(أَيٍّ) للمذكَّرِ و(أَيَّةٍ) للمؤنَّثِ، ويَجِبُ بِناؤُهما على الضمِّ في مَحَلِّ نصْبٍ، وتَتَّصِلُ بهما (هَا) التَّنْبِيهِ، وهما مُلازِمانِ لهذهِ الصيغةِ إفراداً وتَثنيَةً وجَمْعاً، ولا بُدَّ أنْ يُذْكَرَ بعدَهما اسمٌ مرفوعٌ على أنَّهُ نَعْتٌ لـ(أَيٍّ)؛ نحوُ: إنِّي - أَيُّهَا المُسْلِمُ - نظيفُ اليدِ واللسانِ. إنَّنِي - أيَّتُها المسلِمَةُ - أُحْسِنُ الْحِجابَ.
والغرَضُ الأصليُّ مِن الاختصاصِ هوَ التخصيصُ والقصْرُ كما تَقَدَّمَ، وقدْ يكونُ الغرَضُ منهُ الفخْرَ كما في بعضِ الأمثلةِ السابقةِ، وقدْ يكونُ الغرَضُ التواضُعَ؛ نحوُ: أنا - أيُّها العبْدُ - مُحتاجٌ إلى عَفْوِ اللَّهِ.
يقولُ ابنُ مالِكٍ في الاختصاصِ (الاختصاصُ كنِداءٍ)؛ أيْ: أنَّ الاختصاصَ يُشْبِهُ النداءَ في أنَّ كلاًّ منهما يُفيدُ الاختصاصَ، وهوَ هنا خاصٌّ بالمتكلِّمِ أو المخاطَبِ، وفي النداءِ خاصٌّ بالمخاطَبِ، وأنَّ كلاًّ منهما لا يكونُ للغائِبِ بلْ للحاضِرِ، وأنَّ كُلاًّ منهما يُوجَدُ معهُ الاسمُ تارةً مَبنيًّا على الضمِّ، وتارةً مَنصوباً. (دُونَ يَا)؛ أيْ: أنَّ الاختصاصَ يُفارِقُ النداءَ في أنَّ الاسمَ الْمُخْتَصَّ لا يُذْكَرُ معهُ حرْفُ النداءِ لا لَفْظاً ولا تَقديراً، وهذا الفارِقُ الأوَّلُ. وقولُهُ: (كَأَيُّها الفتَى بِإِثْرِ أَرْجُونِيَا)، إشارةٌ إلى الفارِقِ الثاني، وهوَ أنَّ الاسمَ المُخْتَصَّ لا يكونُ في صَدْرِ الجملةِ، بلْ في أثنائِها.
وتقديرُ المثالِ: أَرْجُونِي أيُّها الفتَى، بِوُقوعِ (أيُّها الفتَى) إثْرَ (أَرْجُونِي)؛ أيْ: على أَثَرِها وبعدَها. وقولُهُ: (وقدْ يُرَى ذا دُونَ أَيٍّ تِلْوَ أَلْ)، أشارَ بهِ إلى الفارِقِ الثالثِ، وهوَ أنَّ الاسمَ المختَصَّ يَكثُرُ تصديرُهُ بـ(أَلْ)، بخِلافِ المُنَادَى، فلا يَجُوزُ اقترانُهُ بـ(أَلْ) إلاَّ في مواضِعَ مُستثناةٍ تَقَدَّمَتْ في بابِ (النداءِ).


وقدْ أفادَ بذلكَ أنَّ الاختصاصَ لهُ استعمالانِ:
1- أنْ يَكُونَ بـ(أَيُّهَا) و(أيَّتُها).
2- أنْ يكونَ اسماً مُشْتَمِلاً على (أَلْ) كالمثالِ الذي سَاقَهُ: (نَحْنُ العُرْبَ أَسْخَى مَنْ بَذَلْ)، ولم يَذْكُرْ بَقِيَّةَ الأحكامِ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الاختصاص

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir