دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 09:30 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي إعراب الفعل المعتل الآخر


وأيُّ فعْلٍ آخِرٌ منهُ أَلِفْ = أوْواوٌ اوْ ياءٌ فمُعْتَلًّا عُرِفْ
فالألِفُ انْوِ فيهِ غيرَ الْجَزْمِ =وأَبْدِ نَصْبَ ما كَيَدْعُو يَرْمِي
والرفعَ فيهما انْوِ واحْذِفْ جازِمًا = ثلاثَهُنَّ تَقْضِ حُكْمًا لازِمَا


  #2  
قديم 12 ذو الحجة 1429هـ/10-12-2008م, 09:31 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

وأيُّ فِعْلٍ آخِرٌ مِنْهُ أَلِفْ = أو وَاوٌ اوْ ياءٌ فمُعْتَلاًّ عُرِفْ(1)
أشارَ إلى أنَّ المُعْتَلَّ مِن الأفعالِ هو ما كانَ في آخِرِه واوٌ قَبْلَها ضمَّةٌ، نحوُ: يَغْزُو، أو ياءٌ قبلَها كسرةٌ، نحوُ: يَرْمِي، أو ألفٌ قبلَها فتحةٌ، نحوُ: يَخْشَى.
فالألفَ انْوِ فيه غيرَ الجَزْمِ = وأَبْدِ نَصْبَ ما كَيَدْعُو يَرْمِي(2)
والرفعَ فيهما انْوِ واحْذِفْ جَازِما = ثَلاَثَهُنَّ تَقْضِ حُكْماً لاَزِمَا(3)
ذَكَرَ في هذيْنِ البَيْتَيْنِ كَيْفِيَّةَ الإعرابِ في الفعلِ المعتَلِّ، فذَكَرَ أنَّ الألفَ يُقَدَّرُ فيها غيرُ الجزمِ، وهو الرفعُ والنصبُ، نحوُ: (زيدٌ يَخْشَى)، فيَخْشَى مرفوعٌ، وعلامةُ رَفْعِهِ ضمَّةٌ مُقَدَّرَةٌ على الألفِ، و(لَنْ يَخْشَى) فيَخْشَى منصوبٌ وعلامةُ النصبِ فتحةٌ مقدَّرَةٌ على الألفِ، وأمَّا الجَزْمُ فيَظْهَرُ؛ لأنَّه يُحْذَفُ له الحرفُ الآخِرُ، نحوُ: لم يَخْشَ.
وأشارَ بقولِهِ: (وَأَبْدِ نَصْبَ مَا كَيَدْعُو يَرْمِي) إلى أنَّ النصبَ يَظْهَرُ فيما آخِرُه واوٌ أو ياءٌ، نحوُ: (لنْ يَدْعُوَ ولنْ يَرْمِيَ)، وأشارَ بقولِهِ: (والرفعَ فيهما انْوِ) إلى أنَّ الرفعَ يُقَدَّرُ في الواوِ والياءِ، نحوُ: (يَدْعُو ويَرْمِي)، فعلامةُ الرفعِ ضمَّةٌ مقدَّرَةٌ على الواوِ والياءِ.
وأشارَ بقولِهِ: (واحْذِفْ جَازِمًا ثَلاَثَهُنَّ) إلى أنَّ الثلاثَ - وهي الألفُ والواوُ والياءُ - تُحْذَفُ في الجزمِ، نحوُ: (لم يَخْشَ، ولم يَغْزُ ولم يَرْمِ) فعلامةُ الجزمِ حَذْفُ الألفِ والواوِ والياءِ.
وحاصلُ ما ذَكَرَه: أنَّ الرفعَ يُقَدَّرُ في الألفِ والواوِ والياءِ، وأنَّ الجزمَ يَظْهَرُ في الثلاثةِ بحذفِها، وأنَّ النصبَ يَظْهَرُ في الياءِ والواوِ ويُقَدَّرُ في الألفِ(4).

([1]) (أيُّ) اسمُ شرطٍ مَبْتَدَأٌ، وأيُّ مضافٌ و(فِعْلٍ) مضافٌ إليه، (آخِرٌ) مبتدأٌ، (مِنْهُ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ صفةٍ لآخِرٌ، وهو الذي سَوَّغَ الابتداءَ به، (أَلِفْ) خبرُ المبتدأِ الذي هو آخِرٌ، والجملةُ مفسِّرَةٌ لضميرٍ مُسْتَتِرٍ في كانَ مَحذوفاً بعدَ أيُّ الشرطيَّةِ؛ أي: فهذه الجملةُ في محَلِّ نصبِ خبرِ كانَ المحذوفةِ معَ اسْمِهَا، وكانَ هي فعلُ الشرطِ، وقِيلَ: آخِرٌ اسمٌ لكانَ المحذوفةِ، وأَلِفْ خبرُها، وإنما وُقِفَ عليه بالسكونِ، معَ أنَّ المنصوبَ المنوَّنَ يُوقَفُ عليه بالألفِ ـ على لغةِ رَبِيعَةَ التي تَقِفُ على المنصوبِ المنوَّنِ بالسكونِ، ويُبَعِّدُ هذا الوجهَ كونُ قولُه: (أو واوٌ أو ياءٌ) مرفوعيْنِ، وإنْ أَمْكَنَ جَعْلُهما خبراً لمبتدأٍ محذوفٍ وتكونُ (أو) قد عَطَفَتْ جملةً على جملةٍ، لكنْ ذلك تَكَلُّفٌ، (أو واوٌ أو ياءٌ) معطوفانِ على أَلِفْ، (فمُعْتَلاًّ) الفاءُ واقعةٌ في جوابِ الشرطِ، و(مُعْتَلاًّ) حالٌ من الضميرِ المُسْتَتِرِ في عُرِفْ مقدَّمٌ عليه، (عُرِفْ) فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، ونائبُ الفاعلِ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه هو يَعُودُ على فِعْلٍ، وخبرُ (أيُّ) هو مجموعُ جملةِ الشرطِ والجوابِ على الذي نَخْتَارُه في أخبارِ أسماءِ الشرطِ الواقعةِ مبتدأً، والتقديرُ: أيُّ فعلٍ مضارِعٍ كانَ هو ـ أي الحالُ والشأنُ ـ آخِرَه ألفٌ أو واوٌ أو ياءٌ فقدْ عُرِفَ هذا الفعلُ بأنه مُعْتَلٌّ، يُريدُ أنَّ المعتلَّ من الأفعالِ المُعْرَبَةِ هو ما آخِرُه حرفُ عِلَّةٍ؛ ألفٌ أو واوٌ أو ياءٌ.
([2]) (فالألِفَ) مفعولٌ لفِعْلٍ يُفَسِّرُه ما بعدَه، وهو على حذفِ (في) تَوَسُّعاً، والتقديرُ: ففي الألفِ انْوِ، (انْوِ) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، (فِيهِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِانْوِ، (غَيْرَ) مفعولٌ به لانْوِ، وغيرَ مضافٌ و(الجَزْمِ) مضافٌ إليه، (وَأَبْدِ) الواوُ حرفُ عطفٍ، أَبْدِ: فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنتَ، (نَصْبَ) مفعولٌ به لأَبْدِ، ونَصْبَ مضافٌ و(ما) اسمٌ موصولٌ مضافٌ إليه، مبنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ جَرٍّ، (كَيَدْعُو) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ صِلَةٍ لِمَا، (يَرْمِي) معطوفٌ على يَدْعُو معَ إسقاطِ حرفِ العطفِ، يُرِيدُ أنَّ ما كانَ من الأفعالِ المعربَةِ آخرَه ألفٌ يُقَدَّرُ فيه الرفعُ والنصبُ اللذانِ هما غيرُ الجزمِ ممَّا يَلْحَقُ الأفعالَ من أنواعِ الإعرابِ، وما كانَ من الأفعالِ المعربةِ آخِرَه واوٌ كيَدْعُو، أو ياءٌ كَيَرْمِي يَظْهَرُ فيه النصبُ.
([3]) (والرفعَ) الواوُ حرفُ عطفٍ، الرفعَ: مفعولٌ به مقدَّمٌ على عاملِه وهو انْوِ الآتي، (فِيهِمَا) جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقٌ بانْوِ، (انْوِ) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، (واحْذِفْ) فعلُ أمرٍ، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وجوباً تقديرُه أنتَ، (جَازِمَا) حالٌ مِن فاعلِ احْذِفِ المُسْتَتِرِ فيه، (ثَلاثَهُنَّ) ثلاثَ: مفعولٌ به لاحْذِفْ بتقديرِ مضافٍ، ومعمولُ جَازِماً محذوفٌ، والتقديرُ: واحْذِفْ أواخرَ ثَلاَثِهِنَّ حالَ كَوْنِكَ جَازماً الأفعالَ، أو يكونُ (ثَلاثَهُنَّ) مفعولاً لجازِماً، ومعمولُ احْذِفْ هو المحذوفُ، والتقديرُ: واحْذِفْ أَحْرُفَ العِلَّةِ حالَ كَوْنِكَ جازماً ثلاثَهُنَّ، (تَقْضِ) فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ في جوابِ الأمرِ الذي هو احْذِفْ، وعلامةُ جَزْمِه حَذْفُ الياءِ، والكسرةُ قبلَها دليلٌ عليها، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنتَ، (حُكْمًا) مفعولٌ به لتَقْضِ على تَضْمِينِه معنَى تُؤَدِّي، (لاَزِمَا) نعتٌ لحُكْماً.
([4])وقد وَرَدَ عن بعضِ العربِ نصبُ الفعلِ المضارعِ المُعْتَلِّ بالواوِ أو بالياءِ بفتحةٍ مقدَّرَةٍ، ومن ذلكَ قولُ عامرِ بنِ الطُّفَيْلِ:
فما سَوَّدَتْنِي عَامِرٌ عن وِرَاثَةٍ = أَبَى اللهُ أَنْ أَسْمُو بِأُمٍّ وَلا أَبِ
ومِن ذلكَ قولُ حُنْدُجِ بنِ حُنْدُجٍ:
ما أَقْدَرَ اللهَ أنْ يُدْنِي عَلَى شَحَطٍ = مَن دَارُهُ الحَزْنُ مِمَّنْ دَارُهُ صولُ
كما ورَدَ عنهم جزمُ الفعلِ المعتلِّ بالسكونِ وبقاءُ حرفِ العِلَّةِ، كقولِ عَبْدِ يَغُوثَ:

وتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ = كَأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أَسِيراً يَمَانِيَا


  #3  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 09:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)

الْبَابُ السابعُ: الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ المُعْتَلُّ الآخرِ، وَهُوَ مَا آخِرُهُ أَلِفٌ: كَيَخْشَى ([1])، أَوْ يَاءٌ: كَيَرْمِي، أَوْ وَاوٌ: كَيَدْعُو، فَإِنَّ جَزْمَهُنَّ بِحَذْفِ الآخرِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ:
20 - أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالأَنْبَاءُ تَنْمِي = بِمَا لاقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيَادِ
فَضَرُورَةٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِي وَيَصْبِرْ) ([2]) فِي قِرَاءَةِ قُنْبُلٍ، فَقِيلَ (مَنْ) مَوْصُولَةٌ وَتَسْكِينُ (يَصْبِرْ) إِمَّا لِتَوَالِي حَرَكَاتِ الْبَاءِ والراءِ والفاءِ والهمزةِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ وَصَلَ بِنِيَّةِ الْوَقْفِ، وَإِمَّا عَلَى الْعَطْفِ عَلَى الْمَعْنَى؛ لأَنَّ مَن المَوْصُولَةَ بِمَعْنَى الشَّرْطِيَّةِ لِعُمُومِهَا وَإِبْهَامِهَا.
تَنْبِيهٌ: إِذَا كَانَ حَرْفُ العِلَّةِ بَدلاً مِنْ هَمْزَةٍ: كَيَقْرَأُ وَيُقْرِئُ وَيَوْضُؤُ، فَإِنْ كَانَ الإبدالُ بَعْدَ دخولِ الجازمِ فَهُوَ إِبْدَالٌ قِيَاسِيٌّ ([3])، وَيَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ الْحَذْفُ لاستيفاءِ الجازمِ مُقْتَضَاهُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَهُوَ إِبْدَالٌ شَاذٌّ ([4])، وَيَجُوزُ مَعَ الجازمِ الإثباتُ والحذفُ؛ بِنَاءً عَلَى الاعْتِدَادِ بالعَارِضِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ الأكثرُ.
. .
وَتُقَدَّرُ الضمَّةُ والفتحةُ فِي الْفِعْلِ المُعْتَلِّ بِالأَلِفِ، نَحْوُ: (هُوَ يَخْشَاهَا) وَ (لَنْ يَخْشَاهَا).
والضمَّةُ فَقَطْ فِي الْفِعْلِ المُعْتَلِّ بالواوِ أَو الْيَاءِ ([5])، نَحْوُ: (هُوَ يَدْعُو) (هُوَ يَرْمِي).
وَتَظْهَرُ الفتحةُ فِي الْوَاوِ والياءِ، نَحْوُ: (إِنَّ الْقَاضِيَ لَنْ يَرْمِيَ وَلَنْ يَغْزُوَ) ([6]).

([1]) المدارُ فِي اعْتِبَارِ آخِرِهِ أَلِفاً أَوْ يَاءً عَلَى النُّطْقِ، أَمَّا كِتَابَةُ الأَلِفِ يَاءً فِي يَخْشَى فَلِكَوْنِهَا رَابِعَةً، ولهذا سِرٌّ تَعْرِفُهُ فِي عِلْمِ رَسْمِ الحروفِ (الإِمْلاءِ).

20 - هَذَا البيتُ أَوَّلُ مَقْطُوعَةٍ لِقَيْسِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ جَذِيمَةَ العَبْسِيِّ، وَكَانَ قَدْ نَشَأَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ العَبْسِيِّ شَحْنَاءُ، وَذَلِكَ أَنَّ قَيْساً كَانَ عِنْدَهُ دِرْعٌ فَسَاوَمَهُ فِيهَا الربيعُ، ثُمَّ اهْتَبَلَ الربيعُ فُرْصَةً، وَأَخَذَ دِرْعَ قَيْسٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَعْدُو بِهِ فَرَسُهُ، فَتَعَرَّضَ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ لأُمِّ الرَّبِيعِ - وَهِيَ فَاطِمَةُ بنتُ الخُرْشُبِ إِحْدَى المُنْجِبَاتِ - وَأَرَادَ أَنْ يَأْسِرَهَا، ثُمَّ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ، وَاسْتَاقَ نَعَمَ بَنِي زِيَادٍ، فَقَدِمَ بِهَا مَكَّةَ فَبَاعَهَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ التَّيْمِيِّ مُعَاوَضَةً بِأَدْرَاعٍ وَأَسْيَافٍ، وَبَعْدَ البَيْتِ المُسْتَشْهَدِ بِهِ قَوْلُهُ:
وَمَحْبِسُهَا عَلَى الْقُرَشِيِّ تُشْرَى = بِأَدْرَاعٍ وَأَسْيَافٍ حِدَادِ
كَمَا لاقَيْتُ مِنْ حَمَلِ بْنِ بَدْرٍ = وَإِخْوَتِهِ عَلَى ذَاتِ الإِصَادِ
هُمُ فَخَرُوا عَلَيَّ بِغَيْرِ فَخْرٍ = وَرَدُّوا دُونَ غَايَتِهِ جَوَادِي
وَكُنْتُ إِذَا مُنِيتُ بِخَصْمِ سَوْءٍ = دَلَفْتُ لَهُ بِدَاهِيَةٍ نَآدِ
اللغة: (الأنباءُ) جَمْعُ نَبَإٍ، مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَجَمَلٍ وَأَجْمَالٍ، والنَّبَأُ: الخبرُ وَزْناً وَمَعْنًى، وَقِيلَ: الخبرُ أَعَمُّ مِنْهُ؛ لأَنَّ النبأَ خَاصٌّ بِمَا كَانَ ذا شَأْنٍ مِن الأخبارِ (تَنْمِي) تَزِيدُ وَتَكْثُرُ، وفيهِ لُغَتَانِ: يُقَالُ: نَمَا الشيءُ يَنْمِي - مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ - وَيُقَالُ: نَمَا يَنْمُو - مِنْ بَابِ: نَصَرَ - والأوَّلُ أَكْثَرُ، (لَبُونُ) بِفَتْحِ اللامِ وَضَمِّ الْبَاءِ مُخَفَّفَةً - هِيَ الإبلُ ذَاتُ اللَّبَنِ (بَنِي زِيَادِ) هُم الكَمَلَةُ مِنَ الرجالِ: الرَّبِيعُ، وَعُمَارَةُ، وَقَيْسٌ، وَأَنَسٌ، بَنُو زِيَادِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ العَبْسِيِّ، وَأُمُّهُمْ - كَمَا عَلِمْتَ - فَاطِمَةُ بنتُ الخُرْشُبِ الأَنْمَارِيَّةُ، وَهِيَ الَّتِي سُئِلَتْ عَنْ أفضلِ أولادِهَا، فَقَالَت: (الرَّبِيعُ)، بَلْ عُمَارَةُ، بَلْ قَيْسٌ، بَلْ أَنَسٌ، ثُمَّ قَالَتْ: ثَكَلْتُهُمْ إِنْ كُنْتُ أَدْرِي أَيُّهُمْ أَفْضَلُ، هم كالحَلْقَةِ المُفَرَغَةِ لا يُدْرَى أَيْنَ طَرَفَاهَا.
(القُرَشِيِّ) أَرَادَ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُدْعَانَ؛ فَإِنَّهُ تَيْمِيٌّ، وَتَيْمُ مِنْ قُرَيْشٍ، (تُشْرَى): تُبَاعُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَشَرُوهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ}.
المَعْنَى - واللهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُم بَاعُوهُ بِذَلِكَ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُ الشاعرِ وَكَانَ قَدْ بَاعَ غُلاماً لَهُ اسمُهُ بُرْدٌ ثُمَّ تَبِعَتْهُ نَفْسُهُ:
وَشَرَيْتُ بُرْداً لَيْتَنِي = مِنْ بَعْدِ بُرْدٍ كُنْتُ هَامَهْ
(بِأَدْرَاعٍ) جَمْعُ دِرْعٍ، (وَأَسْيَافٍ) جَمْعُ سَيْفٍ، (حِدَادِ) جَمْعُ حَدِيدٍ، وَهُوَ بالنسبةُ إِلَى السيفِ: الصُّلْبُ الْقَوِيُّ عَلَى النفَاذِ فِي ضَرْبَتِهِ، وبالنسبةِ إِلَى الدرعِ: الصُّلْبُ الَّذِي لا يَقْوَى عَلَيْهِ سيفٌ أَوْ سَهْمٌ. (ذاتِ الإِصَادِ) مَكَانٌ بِعَيْنِهِ.
المَعْنَى: يُسَائِلُ عَمَّا إِذَا كَانَ قَدْ شَاعَ فِي النَّاسِ وَعَلِمَ كُلُّ مُخَاطَبٍ مَا قَدْ فَعَلَهُ بِإِبِلِ بَنِي زِيَادٍ - وَهُم المَغَاوِيرُ الأبطالُ الَّذِينَ يَخْشَاهُم النَّاسُ - حَيْثُ اسْتَاقَهَا وَبَاعَهَا غَيْرَ مُبَالٍ بِهِمْ.
الإعرابُ: (أَلَمْ) الهمزةُ للاستفهامِ، لَمْ: حَرْفُ نَفْيٍ وَجَزْمٍ وَقَلْبٍ. (يَأْتِيكَ) يَأْتِي: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ بِلَمْ، وَفِي علامةِ جَزْمِهِ وُجُوهٌ سَنَذْكُرُهَا فِي بيانِ الاستشهادِ بالبيتِ، والكافُ ضَمِيرُ المُخَاطَبِ مَفْعُولٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الفتحِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ. (وَالأنباءُ) الْوَاوُ واوُ الحالِ، الأنباءُ: مُبْتَدَأٌ مَرْفُوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ. (تَنْمِي) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ بضمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الياءِ مَنَعَ مِنْ ظُهُورِهَا الثِّقَلُ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فِيهِ جَوَازاً تَقْدِيرُهُ هِيَ يَعودُ إِلَى الأنباءِ، وجملةُ الفعلِ المضارعِ وفاعلِهِ فِي مَحَلِّ رَفْعِ خَبَرِ المبتدإِ، وجملةُ المبتدإِ وخبرِهِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ حَالٌ. (بِمَا) اخْتَلَفَ العلماءُ فِي هَذِهِ الْبَاءِ، فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهَا زَائِدَةٌ، وَمَا فَاعِلُ يَأْتِي، وَكَأَنَّهُ قَدْ قَالَ: (أَلَمْ يَأْتِيكَ الَّذِي لاقَتْهُ لَبُونُ بَنِي زِيَادٍ)، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْبَاءَ أصليَّةٌ، وَمَا: فِي محلِّ جَرٍّ بِالْبَاءِ، والجارُّ والمجرورُ يَتَعَلَّقُ بِيَأْتِي، وفَاعِلُ يَأْتِي - عَلَى هَذَا - ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فِيهِ تَقْدِيرُهُ هُوَ يَعُودُ إِلَى مَفْهُومٍ مِن المَقَامِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ ذِكْرُهُ، وَكَأَنَّهُ قَدْ قَالَ: أَلَمْ يَأْتِيكَ هُوَ؛ أَي: النَّبَأُ بِالَّذِي لاقَتْهُ، أَو الفاعلُ مَحْذُوفٌ عَلَى رَأْيِ الْكُوفِيِّينَ الَّذِينَ يُجَوِّزُونَ حَذْفَ الفاعلِ للعلمِ بِهِ. وَأَظْهَرُ هَذِهِ الوُجُوهِ الأوَّلُ. (لاقَتْ) فِعْلٌ مَاضٍ، والتاءُ علامةٌ عَلَى تأنيثِ الفاعلِ (لَبُونُ) فَاعِلُ لاقَتْ، وَالجملةُ مِن الفعلِ وفاعلِهِ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ صِلَةُ الموصولِ، وَالعائدُ ضَمِيرٌ مَحْذُوفٌ مَنْصُوبٌ بِلاقَتْ يَعُودُ إِلَى مَا، وَتَقْدِيرُ الْكَلامِ: الَّذِي لاقَتْهُ، وَلَبُونُ مُضَافٌ وَ (بَنِي) مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ بالياءِ نِيَابَةً عَنِ الكسرةِ؛ لأَنَّهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٌ، وَبَنِي مُضَافٌ وَ (زِيَادٍ) مُضَافٌ إِلَيْهِ مَجْرُورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ.
الشاهدُ فِيهِ: قَوْلُهُ: (أَلَمْ يَأْتِيكَ)، وَقَبْلَ أَنْ نُبَيِّنَ لَكَ وَجْهَ الاستشهادِ بِهَذِهِ العبارةِ نَرَى أَنْ نَذْكُرَ لَكَ أَمْرَيْنِ عَلَى وَجْهِ التمهيدِ لهذهِ المسألةِ؛ حَتَّى يَكُونَ الأَمْرُ وَاضِحاً غَايَةً فِي الوضوحِ:
أَمَّا الأَمْرُ الأوَّلُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الفعلَ المضارعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ الآخرِ، مِثْلَ: يَضْرِبُ، وَيَكْتُبُ، وَيَفْتَحُ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعْتَلَّ الآخرِ مِثْلَ: يَرْمِي، وَيَدْعُو، وَيَرْضَى. فَإِنْ كَانَ الفعلُ المضارعُ صحيحَ الآخرِ فَإِنَّهُ يُجْزَمُ بسكونِ آخرِهِ، فَتَقُولُ: لَمْ يَضْرِبْ، وَلَمْ يَكْتُبْ، وَلَمْ يَفْتَحْ، وَذَلِكَ لأَنَّهُ كَانَ يُرْفَعُ بحركةٍ ظاهرةٍ، فَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ الجازمُ حَذَفَ هَذِهِ الحركةَ الظاهرةَ، وَإِنْ كَانَ الفعلُ المضارعُ مُعْتَلَّ الآخرِ فَإِنَّهُ يُجْزَمُ بِحَذْفِ حَرْفِ العلَّةِ الَّذِي هُوَ لامُ الكلمةِ؛ وَذَلِكَ لأَنَّهُ كَانَ يُرْفَعُ بحركةٍ مُقَدَّرَةٍ عَلَى حَرْفِ العلَّةِ، فَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ الجازمُ وَلَمْ يَجِدْ عَلَى الحرفِ حَرَكَةً ظَاهِرَةً يَحْذِفُهَا فَإِنَّهُ يَحْذِفُ الحَرْفَ نَفْسَهُ.
وأمَّا الأَمْرُ الثاني فَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ العبارةَ تُرْوَى عَلَى عدَّةِ أَوْجُهٍ، فَتُرْوَى عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي رَوَاهَا المُؤَلِّفُ عَلَيْهِ، وَتُرْوَى عَلَى وَجْهٍ ثَانٍ، وَهُوَ:
أَلَمْ يَأْتِكَ وَالأَنْبَاءُ تَنْمِي
مِن غَيْرِ ياءٍ، وهذهِ رِوَايَةٌ رَوَاهَا ابْنُ جِنِّيٍّ، وَتُرْوَى عَلَى وَجْهٍ ثَالِثٍ، وَهُوَ:
وَهَلْ أَتَاكَ وَالأَنْبَاءُ تَنْمِي
وَهِيَ رِوَايَةُ الأَصْمَعِيِّ.
فَإِذَا عَلِمْتَ هَذَا كُلَّهُ فَاعْلَمْ أَوَّلاً أَنَّهُ لا شَاهِدَ فِي البيتِ عَلَى روايةِ ابْنِ جِنِّيٍّ، وَلا عَلَى روايةِ الأَصْمَعِيِّ؛ لأَنَّ العبارةَ جَارِيَةٌ عَلَى مَا هُوَ الْفَصِيحُ المُسْتَعْمَلُ بِاطِّرَادٍ فِي كَلامِ الْعَرَبِ، وَهُوَ مَا قَرَّرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ لذلكَ الْكَلامِ، فَأَمَّا عَلَى روايةِ أكثرِ النُّحَاةِ - وَهِيَ الروايةُ الَّتِي ذَكَرَهَا المُؤَلِّفُ، وَمِنْ أَجْلِهَا أَتَى بالبيتِ هُنَا - فَاعْلَمْ أَنَّ العلماءَ مُخْتَلِفُونَ فِي تَخْرِيجِ هَذِهِ الروايةِ.
فَذَهَبَ الكَثِيرُ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الياءَ هِيَ لامُ الكلمةِ، وَأَنَّهَا تَثْبُتُ مَعَ الجازمِ بِتَقْدِيرِ أَنَّ هَذَا الفعلَ كَانَ مَرْفُوعاً بِحَرَكَةٍ ظَاهِرَةٍ، فَلَمَّا دَخَلَ الجازمُ حَذَفَ هَذِهِ الحركةَ كَمَا هُوَ شَأْنُ الفعلِ المضارعِ الصَّحِيحِ الآخرِ، وَيَكُونُ (يَأْتِي) مَجْزُوماً وَعَلامةُ جَزْمِهِ السُّكُونُ مُعَامَلَةً للمُعْتَلِّ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ. وهؤلاءِ قَالُوا: إِنَّ الحرفَ المُعْتَلَّ قَدْ عَهِدَ ظُهُورَ حركةِ الإعرابِ عَلَيْهِ ضَرُورَةً فِي نَحْوِ قَوْلِ أَعْرَابِيٍّ ضَافَهُ رَجُلٌ فَذَبَحَ لَهُ عنزاً فَأَعْطَاهُ الرَّجَلُ مَالاً كَثِيراً:
فَقُمْتُ إِلَى عَنْزٍ بَقِيَّةِ أَعْنُزٍ = فَأَذْبَحُهَا فِعْلَ امْرِئٍ غَيْرِ نَادِمِ
فَعَوَّضَنِي مِنْهَا غِنَايَ وَلَمْ تَكُنْ = تُسَاوِيُ عِنْدِي غَيْرَ خَمْسِ دَرَاهِمِ
الشاهدُ فِيهِ: قَوْلُهُ: (تُسَاوِي) فَقَدْ جَاءَ بِهِ مَرْفُوعاً بالضمَّةِ الظَّاهِرَةِ حِينَ اضْطُرَّ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الآخرِ:
إِذَا قُلْتُ عَلَّ الْقَلْبَ يَسْلُوُ قُيِّضَتْ = هَوَاجِسُ لا تَنْفَكُّ تُغْرِيهِ بِالْوَجْدِ
وَلَيْسَ هَذَا خاصًّا بالفعلِ، بَلْ يَجْرِي فِي الاسمِ أَيْضاً، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَعْرَابِيٍّ مِنْ بَنِي كَلْبٍ، وَقَدْ أَنْشَدَهُ سِيبَوَيْهِ:
فَيَوْماً يُجَارِينَ الْهَوَى غَيْرَ مَاضِيٍ = وَيَوْماً تَرَى مِنْهُنَّ غُولاً تَغَوَّلُ
فَقَوْلُهُ: (مَاضِيٍ) مَجْرُورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ عَلَى حَرْفِ العِلَّةِ؛ لأَنَّهُ لَمَّا اضْطُرَّ عَامَلَ المُعْتَلَّ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ، وَإِذَا كَانَتِ الحركةُ تَظْهَرُ عَلَى حَرْفِ العلَّةِ للضرورةِ، فَعِنْدَ الجَزْمِ يَسُوغُ للشاعرِ إِذَا اضْطُرَّ أَنْ يُقَدِّرَ أَنَّ الفعلَ كَانَ مَرْفُوعاً بالضمَّةِ الظاهرةِ فَيَجْزِمَهُ بالسكونِ، وَقَدِ اخْتَارَ هَذَا التَّوْجِيهَ أَبُو السَّعَادَاتِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الشَّجَرِيِّ فِي (أَمَالِيهِ).
وَمِن ظُهُورِ الحركةِ عَلَى آخِرِ الاسمِ المُعْتَلِّ بالياءِ قَوْلُ أَبِي خِرَاشٍ الهُذَلِيِّ يَصِفُ تَيْساً:
تَرَاهُ -وَقَدْ فَاتَ الرُّمَاةَ- كَأَنَّهُ = أَمَامَ الرُّمَاةِ مُصْغِيُ الْخَدِّ أَصْلَمُ
وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
لا بَارَكَ اللَّهُ فِي الْغَوَانِيِ هَلْ = يُصْبِحْنَ إِلاَّ لَهُنَّ مُطَّلَبُ
وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الياءَ لَيْسَتْ لامَ الفعلِ الَّتِي يَجِبُ حَذْفُهَا للجزمِ، بَلْ لامُ الفعلِ قَدْ حُذِفَتْ فِعْلاً للجزمِ فَصَارَتِ العبارةُ: (أَلَمْ يَأْتِكَ) بِغَيْرِ يَاءٍ، ثُمَّ أَشْبَعَ كَسْرَةَ التاءِ فَنَشَأَتْ عَنْ إِشْبَاعِهَا ياءٌ أُخْرَى غَيْرُ اللامِ، وهؤلاءِ قَالُوا: إِنَّ الشاعرَ كَثِيراً مَا يُضْطَرُّ إِلَى إِشْبَاعِ الحركةِ، فَيَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ الإشباعِ حَرْفُ عِلَّةٍ مِنْ جِنْسِ الحركةِ، ولذلكَ أَمْثِلَةٌ، مِنْهَا: قَوْلُ عَنْتَرَةَ بْنِ شَدَّادٍ العَبْسِيِّ:
يَنْبَاعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ = زَيَّافَةٍ مِثْلِ الفَنِيقِ الْمُكْدَمِ
فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: (يَنْبَعُ) عَلَى وَزْنِ يَفْتَحُ، فَأَشْبَعَ حَرَكَةَ الْبَاءِ - وَهِيَ الفتحةُ - فَنَشَأَتْ عَنْهَا أَلِفٌ، وَمِنْهَا قَوْلُ الآخرِ:
وَأَنَّنِي حَيْثُمَا يَثْنِي الْهَوَى بَصَرِي = مِنْ حَيْثُمَا سَلَكُوا أَدْنُو فَأَنْظُورُ
فإنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ (فَأَنْظُرُ) فَأَشْبَعَ حركةَ الظاءِ - وَهِيَ الضمَّةُ - فَنَشَأَتْ عَنْهَا واوٌ.
وَقَد اخْتَارَ هَذَا التوجيهَ أَبُو الْبَرَكَاتِ الأَنْبَارِيُّ فِي كِتَابِهِ (الإنصافِ).
وَمِن العلماءِ مَنْ قَالَ: إِنَّ مَا وَرَدَ فِي هَذَا البيتِ ضَرُورَةٌ مِن الضروراتِ الَّتِي تَسوغُ للشَّاعِرِ، وَلا تَسُوغُ لِغَيْرِهِ، وَمِنْهُم المُؤَلِّفُ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هَؤُلاءِ وَجْهَ هَذِهِ الضرورةِ، وَوَجْهُهَا - عِنْدَ التحقيقِ - وَاحِدٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلاً، فَاحْفَظْ هَذَا، وَاحْرِصْ عَلَيْهِ، وَاللهُ يَنْفَعُكَ بِهِ.
وَنَظِيرُ هَذَا البيتِ قَوْلُ الآخرِ:
إِذَا الْعَجُوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ = وَلا تَرَضَّاهَا وَلا تَمَلَّقِ
الشاهدُ فِيهِ: قَوْلُهُ: (وَلا تَرَضَّاهَا) حَيْثُ أَثْبَتَ الأَلِفَ، وفيهِ كُلُّ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الآخرِ:
هَجَوْتَ زَبَّانَ ثُمَّ جِئْتَ مُعْتَذِراً = مِنْ هَجْوِ زَبَّانَ لَمْ تَهْجُو وَلَمْ تَدَعِ
ونظيرُهُ قَوْلُ الآخرِ، وَأَنْشَدَهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ:
كأنَّ الْعَيْنَ خَالَطَهَا قَذَاهَا = بِعُوَّارٍ فَلَمْ تَقْضِي كَرَاهَا
ونظيرُهُ قَوْلُ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَقَّاصٍ الْحَارِثِيِّ:
وَتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ = كَأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أَسِيراً يَمَانِيَا
وَنَظِيرُهُ مَا أَنْشَدَهُ الْقَالِي عَنْ ثَعْلَبٍ:
كَأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أَسِيراً مُقَيَّداً = وَلا رَجُلاً يُرْمَى بِهِ الرَّجَوَانِ
([2]) سُورَةُ يُوسُفَ، الآيَةُ: 90.
([3]) لأنَّكَ حِينَئِذٍ تَقْلِبُ الهمزةَ الساكنةَ حَرْفَ عِلَّةٍ مِنْ جِنْسِ حركةِ مَا قَبْلَهَا، وَنَظِيرُهُ: (فَأْرٌ، وَرَأْلٌ)؛ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَهِّلُهُمَا فَتَقُولُ: فَارٌ وَرَالٌ.
([4]) لأنَّكَ حِينَئِذٍ تَقْلِبُ الهمزةَ المُتَحَرِّكَةَ المُتَحَرِّكَ مَا قَبْلَهَا.
([5]) قَدْ أَظْهَرَ بَعْضُ الشعراءِ الضَّمَّةَ عَلَى الْوَاوِ والياءِ فِي الفعلِ المُعْتَلِّ، كَمَا أَظْهَرُوهُمَا عَلَيْهِمَا فِي الاسمِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا لَكَ بَعْضَ الشواهدِ الَّتِي وَرَدَتْ عَنْهُمْ معَ شرحِ الشاهدِ رَقْمِ 20.
([6]) قَدْ وَرَدَ عَنْ بَعْضِ الشُّعَرَاءِ حَذْفُ الفتحةِ مِن الفعلِ المُعْتَلِّ بالياءِ اضْطِرَاراً، نَحْوُ قَوْلِ حُنْدُجٍ المُرِّيِّ:
مَا أَقْدَرَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِي عَلَى شَحَطٍ = مَنْ دَارُهُ الحَزْنُ مِمَّنْ دَارُهُ صُولُ
الشَّاهِدُ فِيهِ: قَوْلُهُ: (أَنْ يُدْنِي) حيثُ سَكَّنَ الياءَ وَلَمْ يُظْهِرِ الفتحةَ عَلَيْهَا.
وَقَدْ قَرَأَ الْحَسَنُ فِي الآيَةِ: 237 مِنْ سُورَةِ البقرةِ: {أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} بسكونِ الْوَاوِ مِنْ (يَعْفُو).
ونظيرُهُ قَوْلُ الآخرِ، وَهُوَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ:
فَمَا سَوَّدَتْنِي عَامِرٌ عَنْ وِرَاثَةٍ = أَبَى اللَّهُ أَنْ أَسْمُو بِأُمٍّ وَلا أَبِ
وَحَذَفُوا الفتحةَ مِن الاسمِ المُعْتَلِّ بالياءِ حِينَ اضْطَرُّوا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشاعرِ:
لا تُفْسِدِ الْقَوْسَ أَعْطِ الْقَوْسَ بَارِيهَا
الشاهدُ فِيهِ: قَوْلُهُ: (أَعْطِ الْقَوْسَ بَارِيهَا)؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: بَارِيهَا، مَفْعُولٌ بِهِ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُنْصَبَ بالفتحةِ الظاهرةِ، لَكِنَّهُ لَمَّا اضْطُرَّ لإقامةِ البيتِ حَذَفَ الفتحةَ.
وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ رَاجِزٍ يَصِفُ إِبِلاً بالسُّرْعَةِ:
كَأَنْ أَيْدِيِهِنَّ بِالْقَاعِ الْقَرِقْ = أَيْدِي جَوَارٍ يَتَعَاطَيْنَ الْوَرِقْ
الشَّاهِدُ فِيهِ: قَوْلُهُ: (أَيْدِيهِنَّ) فَإِنَّهُ اسْمُ كَأَنَّ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُنْصَبَ بالفتحةِ الظاهرةِ لِخِفَّةِ الفتحةِ عَلَى الياءِ، لَكِنَّهُ لَمَّا اضْطُرَّ لإقامةِ الوزنِ سَكَّنَ الياءَ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَعْرَابِيٍّ يَصِفُ إِبِلاً دَمِيَتْ أَخْفَافُهُنَّ:
كَأَنَّ أَيْدِيهِنَّ بِالْمَوْمَاةِ = أَيْدِي جَوَارٍ بِتْنَ نَاعِمَاتِ
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الأَعْشَى:
إِذَا كَانَ هَادِي الْفَتَى فِي الْبِلا = دِ صَدْرُ الْقَنَاةِ أَطَاعَ الأَمِيرَا
في روايةِ رَفْعِ (صَدْرُ).
وَمِن ذَلِكَ قَوْلُ الرَّاجِزِ يَصِفُ نُوقاً:
جُدْبٌ حَدَابِيرُ مِنَ الْوَخْشَنِّ = تَرَكْنَ رَاعِيهِنَّ مِثْلَ الشَّنِّ
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَا دَارَ هِنْدٍ عَفَتْ إِلاَّ أَثَافِيهَا
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الأَخْطَلِ:
إِذَا شِئْتَ أَنْ نَلْهُو بِبَعْضِ حَدِيثِهَا = رَفَعْنَ وَأَنْزَلْنَ الْقَطِينَ الْمُوَلَّدَا


  #4  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 10:01 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني

49- وَأَيُّ فِعلٍ آخرَ منه أَلِــــفْ = أو واوٌ، أو ياءٌ، فمُعْتَلاً عـُــرِفْ
(وَأَيُّ فعلٍ) كانَ (آخرُ منه أَلِفْ) نحوَ: يخشى (أو واوٌ) نحوَ: يدعُو (أو ياءٌ) نحوَ: يَرْمِي (فمُعْتَلاًّ عُرِفْ) "أي": شُرِطَ، وهو مبتدأٌ مضافٌ، و"فِعْلٌ" مضافٌ إليهِ، وكانَ بعدَه مقدَّرَةٌ، و"هي" إمَّا شَأْنِيَّةٌ، و"آخرُ منه ألفٌ" جملةٌ مِنْ مبتدأٍ وخبرٍ خبرُها مفسِّرَةٌ للضَّمِيرِ المستترِ فيها، أو ناقصةٌ، وآخرُ اسمِها، و"ألفُ" خبرِها، ووُقِفَ عليه بالسكونِ على لُغَةِ ربيعةَ، و"عُرِفَ" جوابُ الشرطِ، وفيه ضميرٌ مُسْتَكِنٌّ نائبٌ عن الفاعلِ عائدٌ على "فعلِ" وخبرُ المبتدأِ جملةُ الشَّرْطِ، وقيلَ: هي وجملةُ الجوابِ معًا، وقيلَ: جملةُ الجوابِ فقَطْ،و"مُعْتَلاً" حالٌ منه مقدَّمٌ على عاملِه؛ والمعنى: أيُّ فِعلٍ كانَ آخرُهُ حرفًا مِنَ الأحرفِ المذكورةِ فإِنَّهُ يُسَمَّى معتلاً.

50- فَالأَلِفُ انْوِ فيه غيرَ الجـــزمِ = وأَبْدِ نَصْبَ مَا "كيَدْعُو، يَرْمـِــي"
51- وَالرَّفْعُ فيهما أَنْوِ، واحْذِفْ جَازِمًا = ثَلاثُهُنَّ، تَقْضِ حُكْمًا لازِمــًــا
(فَالأَلِفُ أَنْوِ فِيهِ غَيْرَ الجَزْمِ) وهو الرفعُ والنصبُ، نحوُ: "زيدٌ يسعَى"ولنْ يَخْشَى" لتعذُّرِ الحركةِ على الألفِ، والألفُ: نُصِبَ بفعلٍ مضمرٍ يفسِّرُه الفعلُ الذي بعدَه (وأَبْدِ) أي: أَظْهِرْ (نصبَ ما) آخرُه واوٌ (كيدعُو) أو ياءٌ نحوَ: (يَرْمِي) لخفَّةِ النصبِ، وأمَّا قولُه [من الطويل]:
40- وَمَا سَوَّدَتْنِي عَامِرٌ عَنْ وِرَاثَـةٍ = أَبَى اللَّهُ أنْ أَسمُــــو بِأُمٍّ وَلاَ أَبٍ
وقولُه [من البسيط]:
41- مَا أَقْدَرَ اللَّهَ أنْ يُدْنِي على شَحَطٍ = مَنْ دَارُهُ الحَزْنُ مِمَّنْ دَارُه صــُـولُ
فضرورةً.
(والرَّفْعُ فيهما) أي: الواويُّ واليائيُّ (أنو) لثِقَلِهِ عليهما (وَاحْذِفْ جَازِمًا* ثَلَاثُهُنَّ) وأَبْقِ الحَرَكَةَ التي قبلَ المحذوفِ دالَّةً عليه (تَقْضِ حُكْمًا لازِمًا)، نحوُ: "لَمْ يَخْشَ"، و"لَمْ يَغْزُ"، و"لَمْ يَرْمِ" فالرفعُ: نصبٌ بالمفعوليَّةِ لِأَنْوِ، وفيهما: متعلِّقٌ به، واحْذِفْ: عطفٌ على "انْوِ"، وفي كلٍّ منهما ضميرٌ مُسْتَتِرٌ وهو فاعلُه، وجازمًا: حالٌ مِنْ فاعلِ "احْذِفْ"، و"ثَلاَثُهُنَّ": مفعولٌ بهِ، إمَّا لَاحَذْفَ والضميرُ في ثلاثِهِنَّ لأحرفِ العلَّةِ الثلاثةِ، ومعمولُ الحالِ محذوفٌ، وهي الأفعالُ الثلاثةُ المعتلَّةُ، والتقديرُ: احذِفْ أحرفِ العلَّةِ ثلاثَهُنَّ حالَ كونِكَ جازمًا الأفعالَ الثلاثةِ المذكورةِ، أو يكوُن معمولاً للحالِ، والضميرُ للأفعالِ، ومعمولُ الفعلِ محذوفٌ، وهو الأحرفُ الثلاثةِ، والتقديرُ: احذِفْ أحرفَ العلَّةِ حالَ كونِكَ جازمًا الأفعالَ ثلاثَهُنَّ، و"تَقْضِ": مجزومَ جوابِ احذفْ، وحكمًا: مفعولٌ به إنْ كانَ "تَقْضِ" بمعنى: تُؤَدِّي، ومفعولُ مطلقٌ إنْ كانَ بمعنى: تَحَكْمُ.
خاتمةٌ : وقد ثبَتَ حرفُ العلَّةِ مع الجازمِ في قولِه [من الطويل]:

42- وَتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّـةٌ = كَأَنَّ لَمْ تَرَى قَبْلِي أَسِيرًا يَمَانِيــَــا
وقولِه [من الوافر]:
43- أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالأَنْبَاءُ تَنْمــِـي = بِمَا لاَقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيَـــــادٍ
وقولُه [من البسيط]:
44- هَجَوْتُ زَبَانَ ثُمَّ جِئْتُ معتذِرًا = مِنْ هَجْوِ زَبَّانَ لَمْ تَهْجُو وَلَمْ تَــدْعُ
فقيلَ: ضرورةً، وقيل: بل حذَفَ حرفَ العلَّةِ ثمَّ أُشْبِعَتِ الفتحةُ في "تَرَ" فنشأَتِ ألفٌ، والكسرةُ في "يأتكِ" فنشأَتْ ياءٌ، والضمَّةُ في "تهجُ" فنشأَتْ واوٌ، وأمَّا{سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى} فـ "لا"نافيةٌ لا ناهيةٌ، أي: فلستَ تَنْسَى.


  #5  
قديم 19 ذو الحجة 1429هـ/17-12-2008م, 10:02 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان

تعريفُ الفعْلِ الْمُعْتَلِّ وإعرابُه

49- وأيُّ فِعْلٍ آخِرٌ مِنهُ أَلِفْ = أو واوٌ أو ياءٌ فمُعْتَلاًّ عُرِفْ
50- فالألِفَ انْوِ فيهِ غيرَ الْجَزْمِ = وأَبْدِ نَصْبَ ما كَيَدْعُو يَرْمِي
51- والرفعَ فيهمَا انْوِ واحْذِفْ جازِمَا = ثَلاثَهُنَّ تَقْضِ حُكْماً لازِمَا
ذَكَرَ هنا الْمُعْتَلَّ مِن الأفعالِ، وهو البابُ السابعُ مما يُعْرَفُ بالنيابةِ.
والمُعْتَلُّ مِن الأفعالِ هو ما كانَ في آخِرِه واوٌ قَبْلَهَا ضَمَّةٌ؛ كـ (يَدْعُو)، أو ياءٌ قبلَها كَسرةٌ؛ كـ (يَرْمِي)، أو ألِفٌ قَبْلَها فَتحةٌ؛ كـ (يَسْعَى)، والمرادُ في المضارِعِ؛ لأَنَّ الكلامَ في الْمُعْرَبِ وكَيفيَّةِ إعرابِه كما يلي:
1- المُعْتَلُّ بالألِفِ: يُرْفَعُ بضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ على الأَلِفِ، مَنَعَ مِن ظُهُورِها التعَذُّرُ، نحوُ: الْمُتَّقِي يَخْشَى رَبَّهُ، قالَ تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.
ويُنْصَبُ بفتْحَةٍ مُقَدَّرَةٍ، نحوُ: لنْ يَرْضَى العاقِلُ بالأَذَى، قالَ تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}، ويُجْزَمُ بحذْفِ حرْفِ العِلَّةِ، وهو الألِفُ، والفتحةُ قَبْلَها دليلٌ عليها، نحوُ: العاصِي لم يَخْشَ رَبَّه، قالَ تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}.
2- المُعْتَلُّ بالواوِ: يُرفَعُ بضَمَّةٍ مقَدَّرَةٍ على الواوِ، مَنَعَ مِن ظهورِها الثِّقَلُ، نحوُ: الموَحِّدُ لا يَدعو إلاَّ اللَّهَ، قالَ تعالى: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ}، ويُنصَبُ بفتحةٍ ظاهرةٍ على الواوِ؛ لِخِفَّتِها، نحوُ: لن يَسْمُوَ أحَدٌ إلاَّ بأَدَبِه، قالَ تعالى: {لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً}، ويُجْزَمُ بحذْفِ حَرْفِ العِلَّةِ، وهو الواوُ، والضمَّةُ قَبْلَها دليلٌ عليها، نحوُ: لا تَدْعُ على أولادِكَ، قالَ تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ}.
3- المُعْتَلُّ بالياءِ، يُرْفَعُ بضَمَّةٍ مقَدَّرَةٍ على الياءِ، مَنَعَ مِن ظُهورِها الثِّقَلُ، نحوُ: أنتَ تُرَبِّي أولادَكَ على الفَضيلةِ، قالَ تعالى: {هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ}، ويُنْصَبُ بفَتحةٍ ظاهرةٍ على الياءِ؛ لِخِفَّتِها، نحوُ: لنْ تُعْطِيَ الفقيرَ شيئاً إلاَّ أُجِرْتَ عليه، قالَ تعالى: {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى}، ويُجْزَمُ بحذْفِ حَرْفِ العِلَّةِ، وهو الياءُ، والكسرةُ قبْلَها دليلٌ عليها، نحوُ: لا تُؤْذِ جارَكَ، قالَ تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}.
وهذا معنى قولِه: (وأيُّ فِعْلٍ آخِرٌ مِنه ألِفْ... إلخ)؛ أيْ: يُعْرَفُ الفعْلُ المُعْتَلُّ بأنْ يكونَ آخِرُه ألِفاً أو واواً أو ياءً، وتُقَدَّرُ الحَرَكَاتُ كُلُّها على الألِفِ غيرَ الجزْمِ، و(أَبْدِ)؛ أيْ: أَظْهِرِ النصْبَ فيما آخِرُه واوٌ؛ كـ (يَدْعُو)، أو ياءٌ؛ كـ (يَرْمِي)، وقَدِّرِ الرفْعَ فيهما، واحذِفِ الحروفَ الثلاثةَ في حالةِ دُخولِ الجازِمِ على الأفعالِ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفعل, إعراب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir