دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 جمادى الأولى 1442هـ/5-01-2021م, 07:02 PM
فروخ الأكبروف فروخ الأكبروف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 302
افتراضي

قوله تعالى: {أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد (15)}
جاءت هذه الآية في سياق الرد على منكري البعث من مشركي قريش، فقد قال تعالى في أول السورة حكاية عنهم: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}، وهذا ما يسمى براعة الاستهلال، "وهو: أن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلم فيه ويشير إلى ما سيق الكلام لأجله"، كما قال السيوطي في "الإتقان".
فقدمت الهمزة على الفاء؛ لأنها أصل أدوات الاستفهام.
وحقيقة الاستفهام طلب الفهم، ولا يكون إلا من جهل، فسبحان الله عن هذا الوصف، فتعين أن الاستفهام هنا يفيد الإنكار الإبطالي، وفي هذا إقامة للحجة الواضحة عليهم، وذلك أنهم أقروا بالخلق الأول، "ثم هم مع ذلك في لبس من الإعادة وهذا تناقض".
أما قوله تعالى: {أفعيينا} فقد قيل إنه بمعنى: أفأعجزنا. والتحقيق أن هذا تفسير بلازم المعنى. والتعبير بالعي أدق وأنسب للمقام؛ لأن العرب تقول: "عييت من الأمر"، إذا لم تهتد لوجهه، ولم تقدر على معرفته وتحصيله. ولم يرد هنا مجرد العجز. واستشهد على هذا بقول الشاعر:
عيوا بأمرهم كما.....عييت بيضتهما الحمامة
قال ابن القيم: "...والبيت الذي استشهدوا به شاهد لهذا المعنى، فإن الحمامة لم تعجز عن بيضتها، ولكن أعياها إذا أرادت أن تبيض أين ترمي بالبيضة، فهي تدور وتجول حتى ترمي بها، فإذا باضت أعياها أين تحفظها وتودعها حتى لا تنال، فهي تنقلها من مكان إلى مكان، وتحار أين تجعل مقرها، كما هو حال من عي بأمره، فلم يدر من أين يقصد له ومن أين يأتيه..."

أما تعريف "الخلق الأول" فلوجهين:
الأول: لأنهم علموا واعترفوا به.
الثاني: للتفخيم، وهو أصل في التعريف. ومعنى ذلك: أن الخلق الأول هو أعظم.

وفي مجيء بالجملة الاسمية من قوله: {بل هم في لبس من خلق جديد} عدة فوائد:
الأولى: دلالة على ثبات هذا الحكم لهم.
الثانية: أن اللبس متمكن من نفوسهم لا يفارقهم البتة.
الثالثة: "ليتأتى اجتلاب حرف الظرفية في الخبر فيدل على انغماسهم في هذا اللبس وإحاطته بهم إحاطة الظرف بالمظروف".

و"بل" في قوله: {بل هم في لبس من خلق جديد} للإضراب الإبطالي عن المستفهم عنه، ومعنى الإضراب أنهم غير منكرين خلق الله الأول.

أما معنى اللبس فقد قال ابن قارس: "(لبس) اللام والباء والسين أصل صحيح واحد، يدل على مخالطة ومداخلة. من ذلك لبست الثوب ألبسه، وهو الأصل، ومنه تتفرع الفروع. واللبس: اختلاط الأمر؛ يقال لبست عليه الأمر ألبسه بكسرها. قال الله تعالى: {وللبسنا عليهم ما يلبسون} [الأنعام: 9]. وفي الأمر لبسة، أي ليس بواضح واللبس: اختلاط الظلام..."
فقد اختلط عليهم الأمر اختلاطا شديدا، حتى لا يتمكنوا القياس "بأن من قدر على إنشاء ما لم يكن موجودا هو على إعادة ما كان موجودا أقدر". وهذا سبب تنكيره، أي: من التعظيم والتفخيم، كأنه قال: في لبس أي لبس.
وعبر عن البعث بالخلق؛ لأنهم اعترفوا بالخلق الأول وحتى يتمكنوا القياس بينهما، أي: بين الخلق والبعث، ولأن في هذا إظهار حمقهم حيث اعترفوا بالأول وأنكروا الثاني.

وتنكير "خلق جديد" للتقليل، وهو أصل فيه.
وقد يقصد به تفخيم المنكر، من حيث ما فيه من الإبهام.
وكلا الاحتمالين صحيح، فالخلق الجديد بالنسبة إلى منكري البعث أمر عظيم، وأسهل وأهون بالنسبة إلى الله.

المصادر
تفسير البغوي
تفسير ابن عطية
تفسير ابن كثير
الفوائد لابن القيم
فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف)
تفسير أبي السعود
فتح القدير للشوكاني
محاسن التأويل للقاسمي
التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1442هـ/13-01-2021م, 09:09 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فروخ الأكبروف مشاهدة المشاركة
قوله تعالى: {أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد (15)}
جاءت هذه الآية في سياق الرد على منكري البعث من مشركي قريش، فقد قال تعالى في أول السورة حكاية عنهم: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}، وهذا ما يسمى براعة الاستهلال، "وهو: أن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلم فيه ويشير إلى ما سيق الكلام لأجله"، كما قال السيوطي في "الإتقان".
فقدمت الهمزة على الفاء؛ لأنها أصل أدوات الاستفهام.
وحقيقة الاستفهام طلب الفهم، ولا يكون إلا من جهل، فسبحان الله عن هذا الوصف، فتعين أن الاستفهام هنا يفيد الإنكار الإبطالي، وفي هذا إقامة للحجة الواضحة عليهم، وذلك أنهم أقروا بالخلق الأول، "ثم هم مع ذلك في لبس من الإعادة وهذا تناقض".
أما قوله تعالى: {أفعيينا} فقد قيل إنه بمعنى: أفأعجزنا. والتحقيق أن هذا تفسير بلازم المعنى. والتعبير بالعي أدق وأنسب للمقام؛ لأن العرب تقول: "عييت من الأمر"، إذا لم تهتد لوجهه، ولم تقدر على معرفته وتحصيله. ولم يرد هنا مجرد العجز. واستشهد على هذا بقول الشاعر:
عيوا بأمرهم كما.....عييت بيضتهما الحمامة
قال ابن القيم: "...والبيت الذي استشهدوا به شاهد لهذا المعنى، فإن الحمامة لم تعجز عن بيضتها، ولكن أعياها إذا أرادت أن تبيض أين ترمي بالبيضة، فهي تدور وتجول حتى ترمي بها، فإذا باضت أعياها أين تحفظها وتودعها حتى لا تنال، فهي تنقلها من مكان إلى مكان، وتحار أين تجعل مقرها، كما هو حال من عي بأمره، فلم يدر من أين يقصد له ومن أين يأتيه..."

أما تعريف "الخلق الأول" فلوجهين:
الأول: لأنهم علموا واعترفوا به.
الثاني: للتفخيم، وهو أصل في التعريف. ومعنى ذلك: أن الخلق الأول هو أعظم.

وفي مجيء بالجملة الاسمية من قوله: {بل هم في لبس من خلق جديد} عدة فوائد:
الأولى: دلالة على ثبات هذا الحكم لهم.
الثانية: أن اللبس متمكن من نفوسهم لا يفارقهم البتة.
الثالثة: "ليتأتى اجتلاب حرف الظرفية في الخبر فيدل على انغماسهم في هذا اللبس وإحاطته بهم إحاطة الظرف بالمظروف".

و"بل" في قوله: {بل هم في لبس من خلق جديد} للإضراب الإبطالي عن المستفهم عنه، ومعنى الإضراب أنهم غير منكرين خلق الله الأول.

أما معنى اللبس فقد قال ابن قارس: "(لبس) اللام والباء والسين أصل صحيح واحد، يدل على مخالطة ومداخلة. من ذلك لبست الثوب ألبسه، وهو الأصل، ومنه تتفرع الفروع. واللبس: اختلاط الأمر؛ يقال لبست عليه الأمر ألبسه بكسرها. قال الله تعالى: {وللبسنا عليهم ما يلبسون} [الأنعام: 9]. وفي الأمر لبسة، أي ليس بواضح واللبس: اختلاط الظلام..."
فقد اختلط عليهم الأمر اختلاطا شديدا، حتى لا يتمكنوا القياس "بأن من قدر على إنشاء ما لم يكن موجودا هو على إعادة ما كان موجودا أقدر". وهذا سبب تنكيره، أي: من التعظيم والتفخيم، كأنه قال: في لبس أي لبس.
وعبر عن البعث بالخلق؛ لأنهم اعترفوا بالخلق الأول وحتى يتمكنوا القياس بينهما، أي: بين الخلق والبعث، ولأن في هذا إظهار حمقهم حيث اعترفوا بالأول وأنكروا الثاني.

وتنكير "خلق جديد" للتقليل، وهو أصل فيه.
وقد يقصد به تفخيم المنكر، من حيث ما فيه من الإبهام.
وكلا الاحتمالين صحيح، فالخلق الجديد بالنسبة إلى منكري البعث أمر عظيم، وأسهل وأهون بالنسبة إلى الله.

المصادر
تفسير البغوي
تفسير ابن عطية
تفسير ابن كثير
الفوائد لابن القيم
فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف)
تفسير أبي السعود
فتح القدير للشوكاني
محاسن التأويل للقاسمي
التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور
أحسنت وفقك الله وسددك.
الدرجة:أ
تم خصم نصف درجة للتأخير

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir