دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > نخبة الفكر

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #8  
قديم 18 ربيع الثاني 1431هـ/2-04-2010م, 12:47 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح نخبة الفكر-الشيخ عبد الكريم الخضير (مفرغ)




أحسن الله إليك: "ومعرفة أدب الشيخ والطالب، وسن التحمل والأداء، وصفة كتابة الحديث وعرضه وسماعه وإسماعه والرحلة فيه، وتصنيفه إما على المسانيد أو الأبواب أو العلل أو الأطراف، ومعرفة سبب الحديث، وقد صنف فيه بعض شيوخ القاضي أبي يعلى بن الفراء، وصنفوا في غالب هذه أنواع، وهي نقل محض، ظاهرة التعريف، مستغنية عن التمثيل، وحصرها متعسر، فلتراجع لها مبسوطاتها، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين"
نعم.
يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "ومعرفة أدب الشيخ والطالب، وسن التحمل والأداء، وكتابة الحديث وعرضه وسماعه وإسماعه والرحلة، وتصنيفه على المسانيد أو الأبواب أو العلل أو الأطراف" ذكر الحافظ -رحمه الله تعالى- مما يحتاج إليه طالب الحديث أشياء مهمة، فمنها: آداب المحدث، ومن أهمها
( الأول ) : الإخلاص وتصحيح النية، قال ابن الصلاح: "علم الحديث علم شريف يناسب مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، وينافر سيء الأخلاق ومشاين الشيم، وهو من علوم الآخرة لا من علوم الدنيا، فمن أراد التصدي لإسماع الحديث أو لإفادة شيء من علومه فليقدم تصحيح النية، وليطهر قلبه من الأغراض الدنيوية وأدناسها، وليحذر بلية حب الرئاسة ورعوناتها" فقد أخرج أبو داود والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضاً من أغراض الدنيا لم يجد عرف الجنة)).
الثاني: من آداب المحدث: أن يجلس للتحديث عند التأهل والاحتياج إليه، قال ابن الصلاح: "وقد اختلف في السن الذي إذا بلغه استحب له التصدي لإسماع الحديث والانتصاب للرواية، والذي نقوله: إنه متى احتيج إلى ما عنده استحب له التصدي لروايته ونشره في أي سن كان، اختار الرامهرمزي في الحد الذي إذا بلغه الناقل حسن به أن يحدث هو أن يستوفي الخمسين؛ لأنها انتهاء الكهولة وفيها مجتمع الأشد، قال: "وليس بمستنكر أن يحدث عند استيفاء الأربعين لأنها حد الاستواء ومنتهى الكمال، نبئ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ابن أربعين، وفي الأربعين تتناهى عزيمة الإنسان وقوته، ويتوفر عقله، ويجود رأيه"، وأنكر القاضي عياض ذلك على بن خلاد الرامهرمزي وقال: "كم من السلف المتقدمين ومن بعدهم من المحدثين من لم ينتهِ إلى هذا السن ومات قبله؟" يعني ينتظر إلى أن يصل الخمسين قد يموت قبل الخمسين، النووي مات وعمره ستة وأربعين، ينتظر إلى أن يبلغ الأربعين ومن يؤمنه إلى بلوغ الأربعين؟! قد يكون الناس بحاجة إليه ماسة، لا يوجد في البلد غيره وعمره ثلاثون، نقول: انتظر عشر سنوات إلى أن تنضج؟ لا، يقول -قال القاضي عياض-: "كم من السلف المتقدمين ومن بعدهم من المحدثين من لم ينتهِ إلى هذا السن ومات قبله، وقد نشر من الحديث والعلم ما لا يحصى، هذا عمر بن عبد العزيز توفى ولم يكمل الأربعين، وسعيد بن جبير لم يبلغ الخمسين، وكذلكم إبراهيم النخعي، وهذا مالك بن أنس جلس للناس ابن نيف وعشرين، وقيل: ابن سبع عشرة والناس متوافرون وشيوخه أحياء، كذلك محمد بن إدريس الشافعي قد أخذ عنه العلم في سن الحداثة، واتنصب لذلك، والله أعلم".
لكن المعول في ذلك على التأهل والحاجة، إذا وجدت الحاجة مع التأهل تعين عليه أن يجلس لإفادة الناس، حمل ابن الصلاح ما ذكره الرامهرمزي على من يتصدى للتحديث ابتداءً من نفسه من غير براعة في العلم، وأما الذين ذكرهم عياض ممن حدث قبل ذلك فالظاهر أن ذلك لبراعة منهم في العلم تقدمت ظهر لهم معها الاحتياج إليهم فحدثوا قبل ذلك، أو لأنهم سئلوا ذلك إما بصريح السؤال وإما بقرينة الحال.
وأما السن الذي إذا بلغه المحدث أمسك عن التحديث فهو السن الذي يخشى عليه فيه من الهرم والخرف، ويخاف عليه فيه أن يخلط ويروي ما ليس من حديثه، والناس في بلوغ هذا السن يتفاوتون بحسب اختلاف أحوالهم، وهكذا إذا عمي وخاف أن يدخل عليه ما ليس من حديثه فليمسك عن الرواية، بعض الناس اعتاد ألا يحدث الناس إلا من كتاب فإذا عمي ضاع، مثل هذا يمسك، انتهى.
وقال الرامهرمزي: "أعجب إلي أن يمسك في الثمانين لأنه حد الهرم، فأن كان عقله ثابتاً، ورأيه مجتمعاً، يعرف حديثه ويقوم به، وتحرى أن يحدث احتساباً رجوت له خيراً" ووجه ابن الصلاح ما قاله الرامهرمزي: أن من بلغ الثمانين ضعف حاله في الغالب، وخيف عليه الاختلال والإخلال، وألا يفطن له إلا بعد أن يختلط، ألا يفطن لهذا الشيخ إلا بعد أن يختلط كما أتفق لغير واحد من الثقات منهم عبد الرزاق وسعيد بن أبي عروبة، قال ابن الصلاح: "قد حدث خلق بعد مجاوزة هذا السن -يعني بعد الثمانين إلى تسعين بل إلى مائة- حدث خلق بعد مجاوزة هذا السن فساعدهم التوفيق، وصحبتهم السلامة منهم: أنس بن مالك" يعني مات عن مائة وثلاثة سنين أنس بن مالك، "سهل بن سعد عبد الله بن أبي أوفى من الصحابة ومالك والليث وابن عيينة، وعلي بن الجعد في عدد جم من المتقدمين والمتأخرين، وفيهم غير واحد حدثوا بعد استيفاء مائة سنة، منهم: الحسن بن عرفة وأبو القاسم البغوي وأبو أسحق الهجيمي والقاضي أبو الطيب الطبري وغيرهم".
(ثالثا) و من آداب المحدث : ألا يحدث بحضرة من هو أولى منه، ألا يحدث بحضرة من هو أولى منه، وهذا بخلاف ما نراه من التطاول على الكبار، تجد في بلد فيه الكبار ويتصدى لإقراء الناس مع وجود الكبار وعدم الاحتياج إليه، مثل هذا لا يحدث بحضرة هؤلاء، يعني من الأدب ألا يحدث بحضرة هؤلاء، نعم إن احتيج إليه، والبلد بحاجة إلى أكثر من شخص يتصدر وأجره على الله، ألا يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك، وكان إبراهيم والشعبي إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشيء، وزاد بعضهم: فكره الرواية ببلد فيه من المحدثين من هو أولى منه لسنه أو لغير ذلك، قال ابن معين: "إن الذي يحدث في البلدة وفيها من هو أولى منه بالتحدث فهو أحمق".
الأمر الرابع: "ينبغي للمحدث إذا التمس منه ما يعلمه عند غيره في بلده أو غيره بإسناد أعلى من إسناده أو أرجح من وجه آخر أن يعلم الطالب ويرشده إليه فالدين النصيحة، يعني إذا طلب من الشيخ أن يقرأ عليه كتاب، ويعرف أن الشيخ الفلاني يتقن هذا الكتاب أكثر منه، ينصح الطلاب بأن يذهبوا إلى فلان، ولا يكون هدفه التخلي عن نفع الناس؛ لأن بعض الناس من باب التنصل عن المسئولية يفرق الناس، من جاءه اذهب إلى فلان، اذهب إلى فلان، لا، لكن القصد في ذلك النصيحة، إذا جاءه شخص معه كتاب وهو يحسن هذا الكتاب لكن يوجد في البلد من يتقنه أكثر منه من النصيحة أن يقال: اذهبوا لفلان فإنه أعرف مني بهذا الكتاب فإن الدين النصيحة.
خامساً: أن لا يمتنع من تحديث أحد لكونه غير صحيح النية فيه فأنه يرجى له حصول النية بعد، يعني بعض الناس تظهر عليه آثار عدم الاستقامة فلا ينبغي للمحدث أن يقول: نعتذر عن تحديثك لأن مظهرك يدل على أن نيتك ما هي بصالحة، نقول: لا، فليسمع الحديث وليستفد، قال معمر: "كان يقال: إن الرجل ليطلب العلم لغير الله فيأبى عليه العلم حتى يكون لله -عز وجل-" وليس معنى هذا أن الإنسان يسترسل فيطلب العلم بغير نية خالصة يقول: تأتي النية فيما بعد، لا، وما يؤملك أن تموت قبل تصحيح النية فتقع في الوعيد الشديد.
سادساً: أن يكون حريصاً على نشر العلم، مبتغياً جزيل أجره، وقد كان في السلف -رضي الله عنهم- من يتألف الناس على حديثه، منهم عروة بن الزبير -رضي الله عنهما-، كثير من أهل العلم من يكرم الطلاب الملازمين له، ولا شك أن كما أن للشيخ حق على هؤلاء الطلاب بأن قصر وقته وجهده عليهم له حق عليهم، لكن أيضاً هم أيضاً من باب آخر لهم حق عليه، بحيث اجتمعوا له، وبعضهم يفيد الشيخ، لا شك أن تكامل الطلاب وتوافرهم لا شك أنه يفتح آفاق للشيخ، مناقشة المسائل مع الطلاب كثيراً ما تنضج هذه المسائل.
سابعا ً : (يوجد نقص هنا .........................................) ، قال ابن الصلاح: "وليقتدِ بمالك -رضي الله عنه- فقد كان إذا أراد أن يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه، وسرح لحيته، وتمكن في جلوسه بوقار وهيبة وحدث" يعني ينبغي للمحدث أن يعتني بنفسه وقت التحديث، فقيل له في ذلك: "فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا أحدث إلا على طهارة متمكناً"، وكان يكره أن يحدث في الطريق أو هو قائم أو يستعجل، وقال: "أحب أن أتفهم ما أحدث به عن رسول -صلى الله عليه وسلم-"، وروي عنه -رحمه الله- أنه كان يغتسل لذلك، ويتبخر ويتطيب، فأن رفع أحد صوت في مجلسه زبره وقال: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [(2) سورة الحجرات]فمن رفع صوته عند حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول -صلى الله عليه وسلم-، فلا يحدث وهو قائم أو مضطجع أو وهو يمشي أو مستعجل، لكن قد تدعو الحاجة إلى شيء من ذلك، بأن يكون الشيخ تعبان فلا يحرم الناس من حديثه فيحدث وهو مضطجع، قد يحتاج الناس إلى بعض الأسئلة أو بعض الأحاديث وهو في طريقه لا مانع، {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [ (191) سورة آل عمران] لكن لا ينبغي أن تكون الصفة الغالبة كما يوجد في بعض بلاد غرب أفريقيا، تجد الطالب مضطجع في جهة، والشيخ مضطجع قد ولاهم ظهره، وأحياناً يتصرف تصرفات ليست مناسبة، هذا موجود في بعض الجهات، حدثنا بعض الإخوان أن هناك شيخ من بعض بلاد أفريقيا من غرب أفريقيا يقول: حضرنا عنده درس في مكة مضطجع على سريره وظهره إلينا ووجهه إلى الجدار ويحدث، وقد طلب من بعض الطلاب أن يحك ظهره، أقول: كيف يحدث مثل هذا؟ نعم إن كانت الحاجة داعية إلى ذلك الشيخ مريض لا بأس، لكن مع عدم الحاجة كيف يؤدي العلم؟ يبلغ عن الله وعن رسوله على هذه الهيئة؟ والغالب أن مثل هذا يكون مالكي المذهب، هل هذا اقتدى بإمامه الإمام مالك -رحمة الله عليه-؟!
(ثامنا) : على المحدث أن يقبل على طلابه جميعاً ولا يخص بعضهم بمزيد عناية دون بعض، روي عن حبيب بن أبي ثابت أنه قال: "إن من السنة إذا حدث الرجل القوم أن يقبل عليهم جميعاً"، ولا شك أن هذا يورث الغيرة من بعض الطلاب حينما يخص بعضهم دون بعض، لكن ما يمنع أن يكون فيهم طلبة متميزون يفيدون الشيخ يعول عليهم كثيراً ويسألهم ويستوضحوه، ويسأل غيرهم إذا شك في فهمه من أجل أن يتابع طلابه هل فيهم المنتبه وغير المنتبه؟ هل فيهم من يستوعب ومن لا يستوعب؟ والله المستعان.
(تاسعا) أن لا يسرد الحديث سرداً يمنع السامع من إدراك بعضه، لا يسرد الحديث سرداً يمنع السامع من إدراك بعضه، لكن قد تدعو الحاجة لذلك لضيق الوقت مثلاً، يعني نحن في آخر درس من دروس الشرح هذا، نحتاج أحياناً إلى السرد؛ لأنه ما عندنا وقت، خلاص انتهى الوقت، أن لا يسرد الحديث سرداً لكن يكون هذا في حال السعة، يمنع السامع من إدراك بعضه، وليفتتح مجلسة وليختمه بذكر ودعاء يليق بالحال.
من آداب المحدث وهو العاشر: أن يعقد مجلساً للإملاء، فإنه من أعلى مراتب الراوية، والسماع فيه من أحسن وجوه التحمل وأقواه.
الحادي عشر: أن يتخذ مستملياً يبلغ عنه إذا كثر الجمع فذلك دأب أكابر المحدثين المتصدين لمثل ذلك، ممن روي عنه ذلك مالك وشعبة ووكيع وأبو عاصم ويزيد بن هارون في عدد كثير من الأعلام السالفين، وليكن المستملي محصلاً متيقظاً، المستملي من هو؟ يعني الشيخ لا يبلغ من في آخر المجلس، بعض الشيوخ يحضر عنده عشرات الألوف وليس هناك مكبرات فكيف يسمع من كان في آخر المجلس؟ يتخذون مستملين، واحد في الجهة اليمنى، واحد في اليسرى، وواحد في الوسط، إذا قال الشيخ كلمة أعادها هؤلاء ليسمعها البعيد، لكن هذا المستملي ينبغي أن يكون متيقظاً محصلاً عنده شيء من العلم، ما يكون عامي ما يفهم شيء، يبلغ الشيء على غير وجهه، ولا يكون غبي كي لا يقع في مثل ما روينا أن يزيد بن هارون سئل عن حديث فقال: "حدثنا به عدة" حدثنا به عدة، فصاح به المستملي: يا أبا خالد عدة ابن من؟ فقال له: عدة ابن فقدتك، هذا ما يفهم لا بد أن يكون الذي يتولى التبليغ عن الشيخ فطن، عنده شيء من التحصيل، وعليه أن يتبع لفظ المحدث فيؤديه على وجهه من غير خلاف.
فيحسن بالمحدث الثناء على شيخه في حال الرواية عنه بما هو أهل له، فقد فعل ذلك غير واحد من السلف والعلماء، كما روي عن عطاء بن أبي رباح أنه كان إذا حدث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "حدثني البحر" وعن وكيع أنه قال: "حثنا سفيان أمير المؤمنين في الحديث" نعم يثني على الشيخ من باب المكافئة أن يثني على شيخه وليس المراد الثناء لذاته، وإنما المراد أن يؤخذ العلم عن هذا الشيخ، من أجل أن يؤخذ العلم عن هذا الشيخ، وليعلم أن الشيخ بحاجة إلى الدعاء أكثر من حاجته إلى الثناء، والله المستعان.
من آداب طالب العلم، طالب الحديث وغيره من العلوم: أن يخلص النية لله -سبحانه وتعالى-، وأن يحذر من أن يتخذ علمه وصلة إلى شيء من الأغراض الدنيوية، فقد قال حماد بن سلمة: "من طلب الحديث لغير الله مكر به".
ثانياً: أن يوقر شيخه وأن يتحرى رضاه، وألا يضجره بكثرة الأسئلة، لا سيما إذا رأى عدم رغبته في ذلك، ثالثاً: أن يستشير الشيخ فيما يشتغل به، وفي كيفية اشتغاله، وفي سائر أموره، يستشيره في الكتاب الذي يقرأ، في الكتاب الذي يخرج، في الكتاب الذي يشرح، في الكتاب الذي يختصر، يستشيره في جميع هذه الأعمال العلمية.
رابعاً: أن يرشد غيره لما سمعه، وألا يدع الاستفادة لحياء أو كبر فليأخذ الحديث عمن هو فوقه ومثله ومن دونه، بعض الناس يأنف أن يأخذ من شخص أصغر منه، فلا ينبل الرجل ولا يكمل إلا إذا تواضع وأخذ العلم عن كل أحد ممن هو فوقه أو مثله أو دونه، أن يعتني بتقييد ما سمعه ويضبطه، وأن يذاكر بمحفوظه ليرسخ في ذهنه، بعض الطلاب لا يعرف الكتاب إلا في الحلقة، لكن طالب العلم الحق إذا انتهى من الحلقة ذهب فراجع ما سمعه من الشيخ، واجتمع مع مجموعة من الأخوة وتذاكروا فيما بينهم، وأن يكتب الأحاديث المشهورة، وأن يدع الغرائب والأحاديث المنكرة.
خامساً: أن يبدأ بالأهم من كتب الحديث رواية ودراية فيقدم الصحيحين ثم كتب السنن، ثم صحيح بن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ثم السنن الكبرى للبيهقي، ثم مسند الإمام أحمد وسائر المسانيد، ثم الموطأ وسائر الجوامع، ثم كتب الأحكام مثل العمدة والبلوغ والمحرر والمنتقى وغيرها، ثم كتب العلل مثل العلل للإمام أحمد والدارقطني وابن أبي حاتم، ثم كتب الأسماء مثل تواريخ البخاري وابن معين وابن أبي خيثمة وغيرها، ثم كتب ضبط الأسماء مثل الإكمال لابن ماكولا، والمشتبه وتبصير المنتبه وغيرها مما مر ذكره.
أن يتعرف درجة الحديث، على الطالب أن يتعرف درجة الحديث وفقهه ومعانيه ولغته وإعرابه، وأسماء رجاله، محققاً كل ذلك، معتنياً بإتقان المشكل حفظاً وكتابة، فلا يقتصر على مجرد كتابة الحديث دون معرفته وفهمه، أن يعتني بكتب غريب الحديث والتي تقدم ذكر شيء منها، غريب الحديث لأبي عبيد الحربي وأبي عُبيدة والهروي والخطابي وابن الجوزي والزمخشري وابن الأثير وغيرها.
وأن يعتني بكتب شروح الحديث، يعتني بكتب شروح الحديث مثل فتح الباري وإرشاد الساري وعمدة القاري وشرح النووي وعون المعبود وتحفة الأحوذي ونيل الأوطار والتمهيد والاستذكار وغيرها، كتب كثيرة جداً في الشروح، يقرأ على كل متن من متون السنة ولو شرح واحد.
أن يعمل بما سمع من أحاديث العبادات وفضائل الأعمال، فإن ذلك زكاة الحديث وسبب لحفظه، والعلم بلا عمل كالشجر بلا ثمر لا قيمة له.
مما ينبغي لطالب الحديث معرفة سن التحمل والأداء، والأصح اعتبار سن التحمل والتمييز هذا في السماع كما تقدم، المعتبر في سماع الحديث التمييز، وقد جرت عادة المحدثين بإحضار الأطفال مجالس الحديث ويكتبون لهم أنهم حضروا، ولا بد في ذلك من إجازة المسمِع، والأصح في سن الطالب بنفسه أن يتأهل لذلك ويصح تحمل الكافر أيضاً إذا أداه بعد إسلامه، جبير بن مطعم سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في سورة الطور قبل أن يسلم ثم أدى هذه السنة بعد إسلامه، وخرجت في الصحيحين وغيرهما، يصح تحمل الكافر لكن لا يصح أداؤه إلا بعد إسلامه، وكذا الفاسق من باب أولى إذا أدى بعد توبته وثبوت عدالته.
وأما الأداء فلا بد من أن يتأهل لذلك فتتوافر فيه شروط القبول بكونه عدلاً ضابطاً أي مسلماً مكلفاً سالماً من خوارم المروءة وأسباب الفسق، وأن يكون ضابطاً لمرويه بحيث يؤديه متى شاء إذا حدث من حفظه، حاوياً لكتابه حافظاً له إن أدى منه، بحيث لا يخرجه من يده إلا إلى ثقة.

أجمع جمهور أئمّة الأثر
بأن يكـون ضابطـاً معـدّلاً
يحفظ إن حدّث حفظاً يحوي
يعلم مـا في الّلفظ من إحالـة
بأن يكون مسـلماً ذا عقـلِ
من فسق أو خرمِ مروءةٍ ومن

والفقـه في قبـول ناقل الخبـر
أي يقظـاً ولـم يكن مغفّـلاً
كتابـه إن كـان منـه يـروي
إن يـرو بالمعنى وفي العدالـة
قـد بلـغ الحلم سـليم الفعلِ
زكّـاه عدلان فعـدل مؤتمن



إلى آخر كلامه -رحمه الله تعالى-.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
آداب, الشيخ

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:44 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir