اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فروخ الأكبروف
السلام عليكم ورحمة الله. أحسن الله إليكم.
قال الزجاج في تفسير قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28)}: "...وتأويل {كيف} أنها استفهام في معنى التعجب، وهذا التعجب إنما هو للخلق وللمؤمنين، أي: اعجبوا من هؤلاء، كيف يكفرون وقد ثبتت حجة اللّه عليهم؟!"
فهل قوله هذا من تأويل صفة التعجب لله تعالى؟
|
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته,
وفقك الله وزادك حرصا:
قال الزجاج رحمه الله تعالى في قوله تعالى :{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} ؛
(وَتُقْرَأُ: " عَجِبْتُ " ؛ بِضَمِّ التَّاءِ؛ وَمَعْنَاهُ فِي الْفَتْحِ: " بَلْ عَجِبْتَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْكَ؛ و"َيَسْخَرُونَ " ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: " بَلْ عَجِبْتَ" مِنْ إِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ ؛ وَمَنْ قَرَأَ: " عَجِبْتُ " ؛ فَهُوَ إِخْبَارٌ عَنِ اللَّهِ؛ وَقَدْ أَنْكَرَ قَوْمٌ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ؛ وَقَالُوا: اَللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَا يَعْجَبُ, وَإِنْكَارُهُمْ هَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ وَالرِّوَايَةَ كَثِيرَةٌ؛ وَالْعَجَبَ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - خِلَافُهُ مِنَ الْآدَمِيِّينَ؛ كَمَا قَالَ: (وَيَمْكُرُ اللَّهُ) , وَ (سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ) , وَ )وَهُوَ خَادِعُهُمْ), وَالْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ؛ وَالْخِدَاعُ؛ خِلَافُهُ مِنَ الْآدَمِيِّينَ,
وَأَصْلُ " اَلْعَجَبُ " ؛ فِي اللُّغَةِ: أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا رَأَى مَا يُنْكِرُهُ وَيَقِلُّ مِثْلُهُ؛ قَالَ: " عَجِبْتُ مِنْ كَذَا وَكَذَا " ؛ وَكَذَا إِذَا فَعَلَ الْآدَمِيُّونَ مَا يُنْكِرُهُ اللَّهُ؛ جَازَ أَنْ يَقُولَ فِيهِ: " عَجِبْتُ " ؛ وَاللَّهُ قَدْ عَلِمَ الشَّيْءَ قَبْلَ كَوْنِهِ؛ وَلَكِنَّ الْإِنْكَارَ إِنَّمَا يَقَعُ وَالْعَجَبُ الَّذِي يُلْزِمُ بِهِ الْحُجَّةَ؛ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّيْءِ).انتهى كلامه رحمه الله.
وقوله هذا قول أهل السنة والجماعة, وقد أثبت رحمه الله تعالى صفات الله سبحانه على منهج أهل السنة والجماعة في مواطن من كتبه, مثل صفة الكلام, والعجب, وكذلك الصفات الذاتية مثل الوجه واليد.
لكنه أحيانا عند كلامه عن صفات الله سبحانه يذكر الأقوال دون ترجيح, وأحيانا يكون له فيها رأيان.
أما الآية موضع السؤال, فقد قال فيها الشوكاني رحمه الله تعالى:
(كيف مبنية على الفتح لخفته وهي في موضع نصب بـ تكفرون، ويسأل بها عن الحال، وهذا الاستفهام هو للإنكار عليهم والتعجيب من حالهم وهي متضمنة لهمزة الاستفهام...).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في نفس الآية: (الاستفهام هنا للإنكار والتعجب، وإن شئت فقل: للإنكار والتعجيب، أي ليعجّب غيرهم في هذه الحال).
فقول الزجاج رحمه الله تعالى لا يخرج عما قالوه.
أما إثبات صفة (العجب) لله سبحانه, فهي ثابته في الكتاب والسنة, ونثبتها على حقيقتها كباقي الصفات من غير تعطيل ولا تحريف, ومن غير تكييف ولا تمثيل.
ولا يلزم من إثبات صفة (العجب) في حق الله الظن بأنه راجع إلى جهل المتعجِّب, كما هو االحال في المخلوق, بل راجع إلى حال المتعجَّبِ منه, وهو المخلوق, فالعجب يكون للاستحسان أو الإنكار, ولا يلزم من ذلك الجهل بحال المتعجب منه.
لذا لا يختص استعمال (العجب) بعدم توقع حصول الشيء, والجهل بحصوله, فيحصل العجب لعدم توقع حصوله.
فنثبت صفة (العجب)كما يليق بجلال الله وعظمته, وهذا هو الحال في جميع الصفات.