دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > الدعوة بالقرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 رمضان 1436هـ/9-07-2015م, 04:11 PM
ريم الحمدان ريم الحمدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي الرسالة التفسيرية الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم
الرسالة التفسيرية الثانية :

قال تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر : 23]

هذه الآية الكريمة اشتملت على مدح وثناء على القرآن ووصفه بعدة أوصاف .مدح الله كتابه :
الوصف الأول : بأن الله عزوجل هو الذي أنزله ، قال ابن عاشور أن افتتاح الجملة باسم الجلالة يؤذن بتفخيم أحسن الحديث المنزل بأن منزّله هو أعظم عظيم ، ثم الإِخبار عن اسم الجلالة بالخبر الفعلي يدل على تقوية الحُكم وتحقيقه على نحو قولهم : هو يعطي الجزيل ، ويفيد مع التقوية دلالة على الاختصاص ، أي اختصاص تنزيل الكتاب بالله تعالى ، والمعنى : الله نزّل الكتاب لا غيرُه وضَعه ، ففيه إثبات أنه منزّل من عالم القدس ، وذلك أيضاً كناية عن كونه وحياً من عند الله لا من وضع البشر
و {أَحْسَنَ الْحَدِيثِ } على الإطلاق، فأحسن الحديث كلام اللّه، وأحسن الكتب المنزلة من كلام اللّه هذا القرآن، وإذا كان هو الأحسن، علم أن ألفاظه أفصح الألفاظ وأوضحها، وأن معانيه، أجل المعاني، لأنه أحسن الحديث في لفظه ومعناه ،ذكره السعدي ، .
وقدأورد القرطبي رحمه الله في هذه الآية أحاديثاًشريفة .قال سعد بن أبي وقاص قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو حدثتنا ، فأنزل الله - عز وجل - : الله نزل أحسن الحديث فقالوا : لو قصصت علينا ، فنزل : " نحن نقص عليك أحسن القصص " فقالوا : لو ذكرتنا ، فنزل : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله الآية .
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملوا ملة فقالوا له : حدثنا فنزلت . والمقصود بالحديث هو ما يحدث به المحدث . وسمي القرآن حديثا ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحدث به أصحابه وقومه ، وهو كقوله : فبأي حديث بعده يؤمنون وقوله : " أفمن هذا الحديث تعجبون " وقوله : إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا وقوله : ومن أصدق من الله حديثا وقوله : فذرني ومن يكذب بهذا الحديث ،قال القشيري : وتوهم قوم أن الحديث من الحدوث ، فيدل على أن كلامه محدث ، وهو وهم ; لأنه لا يريد لفظ الحديث على ما في قوله : " ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث " وقد قالوا : إن الحدوث يرجع إلى التلاوة لا إلى المتلو ، وهو كالذكر مع المذكور إذا ذكرنا أسماء الرب تعالى .


الوصف الثاني :وصفه بأنه كتاب ، قال ابن عاشور أي مجموع كلام مراد قراءته وتلاوته والاستفادة منه ، مأمور بكتابته ليبقى حجة على مرّ الزمان فإنّ جعل الكلام كتاباً يقتضي أهمية ذلك الكلام والعناية بتنسيقه والاهتمام بحفظه على حالته . ولما سمّى الله القرآن كتاباً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر كتَّاب الوحي من أصحابه أن يكتبوا كل آية تنزل من الوحي في الموضع المعيّن لها بَين أخواتها استناداً إلى أمر من الله

الوصف الثالث : قوله تعالى : ( متشابها مثاني )ذكر ابن كثير أقوال السلف في الآية ، قال مجاهد : يعني القرآن كله متشابه مثاني .وقال قتادة : الآية تشبه الآية والحرف يشبه الحرف .وقال الضحاك : ( مثاني ) ترديد القول ليفهموا عن ربهم - عز وجل - .وقال عكرمة ، والحسن : ثنى الله فيه القضاء - زاد الحسن : تكون السورة فيها آية ، وفي السورة الأخرى آية تشبهها .وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( مثاني ) مردد ، ردد موسى في القرآن ، وصالح وهود والأنبياء ، عليهم السلام ، في أمكنة كثيرة وقال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( مثاني ) قال : القرآن يشبه بعضه بعضا ، ويرد بعضه على بعض .وقال بعض العلماء : ويروى عن سفيان بن عيينة معنى قوله : ( متشابها مثاني ) أن سياقات القرآن تارة تكون في معنى واحد ، فهذا من المتشابه ، وتارة تكون بذكر الشيء وضده ، كذكر المؤمنين ثم الكافرين ، وكصفة الجنة ثم صفة النار ، وما أشبه هذا ، فهذا من المثاني ، ونحو هذا من السياقات فهذا كله من المثاني ، أي : في معنيين اثنين ، وأما إذا كان السياق كله في معنى واحد يشبه بعضه بعضا ، فهو المتشابه وليس هذا من المتشابه المذكور في قوله : ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) [ آل عمران : 7 ] ، ذاك معنى آخر ،" .وقال القرطبي " متشابها " وقيل : يشبه كتب الله المنزلة على أنبيائه ، لما يتضمنه من أمر ونهي وترغيب وترهيب ، وإن كان أعم وأعجز ،أما السعدي رحمه الله فقد فسر متشابهاًبأنه تشابه في الحسن والائتلاف وعدم الاختلاف، بوجه من الوجوه. وقد أورد الطنطاوي في الوسيط فائدة جميلة وهي فائدة التثنية والتكرير؟ سبحان الله ،النفوس أنفر شيء عن حديث الوعظ والنصيحة، فما لم يكرر عليها عودا عن بدء لم يرسخ فيها، ولم يعمل عمله، ومن ثم كانت عادة رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يكرر عليهم ما كان يعظ به وينصح ثلاث مرات، ليركزه في قلوبهم، كي يغرسه في صدورهم ، ونقل ابن عاشور لعياض في كتاب «الشفاء» من وجوه إعجاز القرآن : أن قارئه لا يَمَلّه وسامعه لا يمجه ، بل الإِكباب على تلاوته يزيده حلاوة ، وترديده يوجب له محبة ، لا يزال غضاً طرياً ، وغيره من الكلام ولو بلغ من الحسن والبلاغة مبلغاً عظيماً يُمَل مع الترديد ويُعادى إذا أعيد ، ولذا وَصف رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن : " بأنه لا يخلق على كثرة الرد " رواه الترمذي عن علي بن أبي طالب مرفوعاً .
وقد أجاد السعدي رحمه الله في تشبيه القرآن بالمطر الذي يحيي الأرض فقال ،{ مَثَانِيَ } أي: تثنى فيه القصص والأحكام، والوعد والوعيد، وصفات أهل الخير، وصفات أهل الشر، وتثنى فيه أسماء اللّه وصفاته، وهذا من جلالته، وحسنه، فإنه تعالى، لما علم احتياج الخلق إلى معانيه المزكية للقلوب، المكملة للأخلاق، وأن تلك المعاني للقلوب، بمنزلة الماء لسقي الأشجار، فكما أن الأشجار كلما بعد عهدها بسقي الماء نقصت، بل ربما تلفت، وكلما تكرر سقيها حسنت وأثمرت أنواع الثمار النافعة، فكذلك القلب يحتاج دائما إلى تكرر معاني كلام اللّه تعالى عليه، وأنه لو تكرر عليه المعنى مرة واحدة في جميع القرآن، لم يقع منه موقعا، ولم تحصل النتيجة منه .

الوصف الرابع : قوله تعالى : ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) قال ابن عاشور : يقال : اقشعر جلده ، إذا سمع أو رأى مَا يثير انزعاجه ورَوعه ، فاقشعرار الجلود كناية عن وجل القلوب الذي تلزمه قشعريرة في الجلد غالباً . وقال الطنطاوي قوله «تقشعر» من الاقشعرار، وهو الانقباض الشديد للبدن. يقال: اقشعر جسد فلان، إذا انقبض جلده واهتز ... وهو هنا كناية عن الخوف الشديد من الله- تعالى .
وهي صفة الأبرار ، عند سماع كلام الجبار ، لما يفهمون منه من الوعد والوعيد . والتخويف والتهديد ، تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف ، ( ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) لما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه ،: قال عبد الرزاق : حدثنا معمر قال : تلا قتادة ، رحمه الله : ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) قال : هذا نعت أولياء الله ، نعتهم الله بأن تقشعر جلودهم ، وتبكي أعينهم ، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله ، ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم ، إنما هذا في أهل البدع ، وهذا من الشيطان .
وقد ذكر ابن كثير أوجه الاختلاف بين المؤمن والكافر عند سماع القرآن :

أحدها : أن سماع هؤلاء هو تلاوة الآيات ، وسماع أولئك نغمات لأبيات ، من أصوات القينات .

الثاني : أنهم إذا تليت عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ، بأدب وخشية ، ورجاء ومحبة ، وفهم وعلم ، كما قال : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ) [ الأنفال : 2 - 4 ] وقال تعالى : ( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ) [ الفرقان : 73 ] أي : لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها ، بل مصغين إليها ، فاهمين بصيرين بمعانيها ; فلهذا إنما يعملون بها ، ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم [ أي يرون غيرهم قد سجد فيسجدون تبعا له ] . .

الثالث : أنهم يلزمون الأدب عند سماعها ، كما كان الصحابة ، رضي الله عنهم عند سماعهم كلام الله من تلاوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقشعر جلودهم ، ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله . لم يكونوا يتصارخون ولا يتكلفون ما ليس فيهم ، بل عندهم من الثبات والسكون والأدب والخشية ما لا يلحقهم أحد في ذلك ; ولهذا فازوا بالقدح المعلى في الدنيا والآخرة .
وذكر ابن عاشور آثاراً للسلف منها ماروي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا إذا قرىء عليهم القرآن كما نعتهم الله تدمَع أعينهم وتقشعرّ جلودهم .

الوصف الخامس :
{ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهم } قال الطبري يعني إلى العمل بما في كتاب الله, والتصديق به ، قال عياض : «وهي ، أي الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعه"،قال ابن عاشور هي الروعة قد اعْترت جماعة قبل الإِسلام ، فمنهم من أسلم لها لأوللِ وهلة . قال الطنطاوي في الوسيط أن من صفات هؤلاء المؤمنين الصادقين، أنهم يجمعون عند قراءتهم أو سماعهم للقرآن الكريم بين الخوف والرجاء، الخوف من عذاب الله- تعالى- والرجاء في رحمته ومغفرته، إذ أن اقشعرار الجلود كناية عن الخوف الشديد، ولين الجلود والقلوب كناية عن السرور والارتياح، وعدى الفعل «تلين» بإلى لتضمينه معنى تسكن وتطمئن.

وذكر ابن عاشور في تفسير هذه الاية الحديث الصحيح عن جبير بن مطعم قال : «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ قوله تعالى : { أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } إلى قوله : { المصيطرون } [ الطور : 35 37 ] كاد قلبي أن يطير وذلك أول ما وُقر الإِسلام في قلبي» .

وقد ذكر القرطبي رحمه الله آثاراً للسلف منها : قال زيد بن أسلم : قرأ أبي بن كعب عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه أصحابه فرقوا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : اغتنموا الدعاء عند الرقة فإنها رحمة . وعن العباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا اقشعر جلد المؤمن من مخافة الله تحاتت عنه خطاياه كما يتحات عن الشجرة البالية ورقها . وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما اقشعر جلد عبد من خشية الله إلا حرمه الله على النار . وعن شهر بن حوشب عن أم الدرداء قالت : إنما الوجل في قلب الرجل كاحتراق السعفة ، أما تجد إلا قشعريرة ؟ قلت : بلى ، قالت : فادع الله ؛ فإن الدعاء عند ذلك مستجاب . وعن ثابت البناني قال : قال فلان : إني لأعلم متى يستجاب لي . قالوا : ومن أين تعلم ذلك ؟ قال : إذا اقشعر جلدي ، ووجل قلبي ، وفاضت عيناي ، فذلك حين يستجاب لي . يقال : اقشعر جلد الرجل اقشعرارا فهو مقشعر والجمع قشاعر ، فتحذف الميم لأنها زائدة ، يقال أخذته قشعريرة . قال امرؤ القيس :
فبت أكابد ليل التما م والقلب من خشية مقشعر

وإنما جُمع بين الجلود والقلوب في قوله تعالى : { ثم تَلِينُ جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } ولم يُكتف بأحد الأمرين عن الآخر كما اكتُفي في قوله : { تَقْشعر منه جلودُ الذين يخشونَ ربهم } لأن اقشعرار الجلود حالة طارئة عليها لا يكون إلا من وجل القلوب وروعتها فكنّي به عن تلك الروعة .

وذكر ابن عاشور لطيفة بشأن الجمع بين الجلود والقلوب ، قال :وأما لين الجُلود عقب تلك القشعريرة فهو رجوع الجلود إلى حالتها السابقة قبل اقشعرارها ، وذلك قد يحصل عن تناسسٍ أو تشاغل بعد تلك الروعة ، فعطف عليه لين القلوب ليعلم أنه لين خاص ناشىء عن اطمئنان القلوب بالذكر كما قال تعالى : { ألا بذكر اللَّه تطمئن القلوب } [ الرعد : 28 ] وليس مجرد رجوع الجلود إلى حالتها التي كانت قبل القشعريرة . ولم يُكتف بذكر لين القلوب عن لين الجلود لأنه قصد أن لين القلوب أفعمها حتى ظهر أثره على ظاهر الجلود .

الوصف السادس :
( ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِى بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هاد }.
ذكر القرطبي من أوجه القراءات فيها : أن ابن كثير وابن محيصن وقفا على قوله : " هاد " في الموضعين بالياء ، الباقون بغير ياء .وبين السعدي أن {ذَلِكَ }قد تعود إلى الذي ذكره اللّه من تأثير القرآن فيهم ، أو إلى القرآن الذي وصفناه لكم.
قال الطبري هذا الذي يصيب هؤلاء القوم الذين وصفت صفتهم عند سماعهم القرآن من اقشعرار جلودهم, ثم لينها ولين قلوبهم إلى ذكر الله من بعد ذلك,( هُدَى اللَّهِ ) يعني: توفيق الله إياهم وفَّقهم له ( يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ) يقول: يهدي تبارك وتعالى بالقرآن من يشاء من عباده.
قال ابن عاشور استئناف بياني فإن إجراء تلك الصفات الغُرّ على القرآن الدالةِ على أنه قد استكمل أقصى ما يوصف به كلام بالغ في نفوس المخاطبين كيف سلكت آثاره إلى نفوس الذين يخشون ربهم مما يثير سؤالاً يهجس في نفس السامع أن يقول : كيف لم تتأثر به نفوس فريق المصرِّين على الكفر وهو يقرع أسماعهم يوماً فيوماً ، فتقع جملة { ذلك هُدَى الله يَهْدِي بهِ من يَشَاءُ } جواباً عن هذا السؤال الهاجس .

فالإِشارة إلى مضمون صفات القرآن المذكورة وتأثر المؤمنين بهديه ، أي ذلك المذكورُ هدى الله ، أي جعله الله سبَباً كاملاً جامعاً لوسائل الهدى ، فمن فطر الله عقله ونفسَه على الصلاحية لقبول الهدى سريعاً أو بطيئاً اهتدى به ، كذلك ومَن فطر الله قلبه على المكابرة ، أو على فساد الفهم ضلّ فلم يهتد حتى يموت على ضلاله ، فأطلق على هذا الفَطْر اسم الهُدى واسم الضلال ، وأسند كلاهما إلى الله لأنه هو جبَّار القلوب على فطرتها وخالق وسائل ذلك ومدبر نواميسه وأنظمته .

فمعنى إضافة الهدى إلى الله في قوله : { ذلك هُدَى الله } راجع إلى ما هيّأه الله للهدى من صفات القرآن فإضافته إليه بأنه أنزله لذلك . ومعنى إسناد الهدى والإضلال إلى الله راجع إلى مراتب تأثر المخاطبين بالقرآن وعدم تأثرهم بحيث كان القرآن مستوفياً لأسباب اهتداء الناس به فكانوا منهم من اهتدى به ومنهم من ضل عنه .
{ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }
قال الطبري فما له من هاد، يقول: فما له من مُوَفِّق له, ومسدد يسدده في اتباعه.وقال السعدي لأنه لا طريق يوصل إليه إلا توفيقه والتوفيق للإقبال على كتابه، فإذا لم يحصل هذا، فلا سبيل إلى الهدى، وما هو إلا الضلال المبين والشقاء.
قال ابن عاشور فجملة { ومَن يُضْلِل الله فما لهُ من هَادٍ } تذييل للاستئناف البياني .والمعنى : إن ذلك لنقص في الضالّ لا في الكتاب الذي من شأنه الهدى .

استغفر الله وأتوب إليه

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التفسيرية, الرسالة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir