دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > الدعوة بالقرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 شعبان 1436هـ/6-06-2015م, 11:27 PM
هبة مجدي محمد علي هبة مجدي محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 656
افتراضي الرسالة التفسيرية الثانية في قوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس..}

قال الله تعالى { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ .. }


الله عز وجل فضل هذه الأمة ؛ أمة النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم ، وهذا ظاهر بين في كثير من المواضع ، ومنها هذه الآية.

ومن ذلك قول الله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}.
ومعنى الوسط هنا أي عدلا كما فسره ابن كثير رحمه الله ، وأورد حديثا يرويه الإمام أحمد:
" يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجلان وأكثر من ذلك، فيدعى قومه، فيقال: هل بلغكم هذا؟ فيقولون: لا، فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيدعى محمد وأمته، فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم، فيقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا، فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا، فذلك قوله عز وجل: { وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } قال: عدلاً { لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا} " .

والمراد من الآية هنا في قوله تعالى {كنتم خير أمة} على وجوه :
1- هم الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، من مكة إلـى الـمدينة، وخاصة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أورد هذا جملة من المفسرين.
وممن قال بهذا ؛ ماأورده ابن جرير بسنده عن عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس، قال فـي: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } قال: هم الذين خرجوا معه من مكة.
-كذلك روى ابن جرير بسنده عن السدي : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } قال عمر بن الـخطاب: لو شاء الله لقال «أنتـم»، فكنا كلنا، ولكن قال: { كُنتُمْ } فـي خاصة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن صنع مثل صنـيعهم، كانوا خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بـالـمعروف، وينهون عن الـمنكر.

-وروى ابن جرير عن عكرمة: نزلت فـي ابن مسعود، وسالـم مولـى أبـي حذيفة، وأبـيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل.

2- أن المراد أنكم كنتم خير أمة للناس إذا كنتم بهذه الشروط المذكورة في الآية ، أورد ذلك ابن جرير وابن كثير وغيره.
روى ابن جرير بسنده عن أبـي هريرة: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } قال: كنتـم خير الناس للناس، تـجيئون بهم فـي السلاسل، تدخـلونهم فـي الإسلام.
وروى ابن جرير بسنده عن مجاهد قال: علـى هذا الشرط أن تأمروا بـالـمعروف، وتنهوا عن الـمنكر، وتؤمنوا بـالله، يقول: لـمن أنتـم بـين ظهرانـيه، كقوله: { وَلَقَدِ ٱخْتَرْنَـٰهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى ٱلْعَـٰلَمِينَ }.
وكذلك روى بسنده عنه قال : كنتـم خير الناس للناس، علـى هذا الشرط، أن تأمروا بـالـمعروف، وتنهوا عن الـمنكر، وتؤمنوا بـالله.
قال القرطبي : مدح هذه الأمّة ما أقاموا ذلك وٱتصفوا به. فإذا تركوا التغيير وتَواطَئوا على المنكر زال عنهم اسم المدح ولحقهم ٱسم الذَّمِّ، وكان ذلك سبباً لهلاكهم.

3-أن المراد هذه الأمة لأنهم أكثر الناس استجابة لأمر الله عز وجل ، أورد هذا ابن جرير رحمه الله.
وروى بسنده عن الربـيع، قوله: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } قال: لـم تكن أمة أكثر استـجابة فـي الإسلام من هذه الأمة.
4-أن المراد به خيرية الأمة مطلقا ، رواه ابن جرير وذكر أن أبا جعفر رجحه . وروى بسنده عن الحسن أنه قال: نـحن آخرها وأكرمها علـى الله.
ومما يوافق هذا القول ، مارواه ابن جرير بسنده عن بهز بن حكيـم، عن أبـيه، عن جده، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ألا إنَّكُمْ وَفَّـيْتُـمْ سَبْعِينَ أُمَّةً أنْتُـمْ آخِرُها وأكْرَمُها علـى اللَّهِ "

4-أن هذه الأمة فضلت لشرف نبيها وكتابها وشرعها ؛فنبيها أشرف الأنبياء وحامل لوائهم يوم القيامة ،وكتابها خير الكتب ، وشرعها كامل لم يبعث نبي قط بشرع مثله. وهذا حاصل ماقاله ابن كثيررحمه الله.
وقد ورد في هذا جملة من الأحاديث وأوردها ابن كثير رحمه الله:
منها : مارواه الإمام أحمد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعطيت سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، قلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربي عز وجل، فزادني مع كل واحد سبعين ألفاً " قال أبو بكر رضي الله عنه: فرأيت أن ذلك آت على أهل القرى ومصيب من حافات البوادي.

ومنها :مارواه مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" عرضت عليّ الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب " .

ومنها :ماجاء في الصحيحين من حديث أبي إسحاق السبيعي عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة " ؟ فكبرنا، ثم قال: " أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة " ؟ فكبرنا، ثم قال: " إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة ".

ومعنى قوله{كنتم}:

1-أي أنتم خير أمة ، ذكره ابن جرير وغيره ، قال ابن جرير :
فإن سأل سائل فقال: وكيف قـيـل: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ } وقد زعمت أن تأويـل الآية أن هذه الأمة خير الأمـم التـي مضت، وإنـما يقال: كنتـم خير أمة، لقوم كانوا خياراً فتغيروا عما كانوا علـيه؟ قـيـل: إن معنى ذلك بخلاف ما ذهبت إلـيه، وإنـما معناه: أنتـم خير أمة، كما قـيـل:{ وَٱذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ } وقد قال فـي موضع آخر: { وَٱذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ } فإدخال «كان» فـي مثل هذا وإسقاطها بـمعنى واحد، لأن الكلام معروف معناه.
2-المراد كنتـم بـمعنى التـمام، أي: خـلقتـم خير أمة، أو وجدتـم خير أمة.ذكره ابن جرير.
3- أن المراد كنتم في علم الله وقيل في اللوح المحفوظ أورده ابن عطية .
قال ابن جرير بعد أن ذكر هذا القول الأخير : والقولان الأوّلان اللذان قلنا، أشبه بـمعنى الـخبر الذي رويناه قبل.

فالحاصل أن هذه الأمة خيريتها ثابتة بفضل الله عز وجل بماذكرنا من نصوص وغيرها.
وإنما ذكر الله عز وجل هنا أحد معالم خيرية الأمة ؛ وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومعنى المعروف في اللغة: ضد المنكر.
قال ابن جرير :
وأما قوله: { تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } فإنه يعنـي: تأمرون بـالإيـمان بـالله ورسوله، والعمل بشرائعه، { وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } يعنـي: وتنهون عن الشرك بـالله، وتكذيب رسوله، وعن العمل بـما نهى عنه.
وروى بسنده عن ابن عبـاس، قوله: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } يقول: تأمرونهم بـالـمعروف أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، والإقرار بـما أنزل الله، وتقاتلونهم علـيه، ولا إله إلا الله هو أعظم الـمعروف، وتنهونهم عن الـمنكر والـمنكر: هو التكذيب، وهو أنكر الـمنكر.
ومعنى المعروف كل جميل مستحسن غير مستقبح شرعا في أهل الإيمان ، والمنكر مايستنكره أهل الإيمان ويستعظمونه ذكر ابن جرير نحوه .
المنكر في الاصطلاح: كل ما قبحه الشرع وحرمه وكرهه

والنصوص كثيرة في الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والذي هو من أسباب خيرية الأمة كما تقدم.

ومن هذه النصوص ؛ قول الله تعالى {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}.
وقال تعالى {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}.
وقال تعالى {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..}الآية.
وقال تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
وقال تعالى {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني} الآية.

وكذلك جاءت السنة تحث على هذا العمل الفاضل ، من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم :
"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"
رواه صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وقال أيضا : [color="rgb(65, 105, 225)"] "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " .[/color]
وقد وردت النصوص كذلك بالتحذير من ترك هذه الشعيرة ، فقال الله تعالى ذاما أهل الكتاب في تضييعها {كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون}.
وقال تعالى واصفا المنافقين {يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه حذيفة يقول عليه الصلاة والسلام: " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم" . رواه الإمام أحمد.

لذلك قال الإمام النووي رحمه الله : وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، وهو أيضاً من النصيحة التي هي الدين، ولم يخالف في ذلك إلا بعض الرافضة، ولا يعتد بخلافهم، كما قال الإمام أبو المعالي إمام الحرمين: لا يكترث بخلافهم في هذا، فقد أجمع المسلمون عليه قبل أن ينبغ هؤلاء، ووجوبه بالشرع لا بالعقل خلافاً للمعتزلة.

واختلف العلماء في حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أقوال:
1-القول الأول أنه فرض عين : وممن قال بهذا الزجاج ، والبغوي وغيرهما.
2-أنه فرض كفاية :وممن قال بهذا القرطبي وابن العربي والجصاص وابن تيمية وغيرهما.
وهذا هو الراجح الذي عليه الأكثرون ، ويؤيده قوله تعالى ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ﴾

فقد ذكر القرطبي وغيره أن من هنا للتبعيض.
وقد يتحول إلى فرض عين كما قال النووي: ((ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، كمن يرى زوجته أو أولاده أو غلامه على منكر، أو تقصير في المعروف.
والحاصل أن هذه الشعيرة سواء كانت فرض عين أن فرض كفاية ؛ هي من شعائر الإسلام ومن أسباب خيرية الأمة ، وكذلك هي من العمل الصالح الذي يتقرب به العبد إلى ربه سبحانه وتعالى.
ولاسيما إذا كان الزمان زمان جهل وفتن وشبهات ومعاصي ، وبُعد عام عن دين الله عز وجل ، وحرص شديد من أعداء الإسلام أن يشوهوه ويخرجوا أبناء الإسلام من إسلامهم.
فليحرص الإنسان أن ينال حظه من هذا الشرف ، الذي من شرفه هو وظيفة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ودلالة الخلق عليه .
ومن أهمها الدعوة إلى توحيد الله عز وجل وتعظيمه وتنزيهه عن النقائص ، وأن يعرف الناس مايحبه ربهم ويرضاه فيفعلوه ، ويعرفوا مايكرهه الله سبحانه ويأباه فيجتنبوه.
وليكن الأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر ، مراعيا في ذلك فقه الدعوة وحسن الخلق والتحلي بالرفق ؛ فما كان الرفق في شئ إلا زانه ومانزع عن شئ إلا شانه.
نسأل الله أن يرزقنا من فضله ومن طاعته ومن الدعوة إليه أوفر الرزق .

المراجع :
1-القرآن العظيم.
2-تفسير الطبري.
3-تفسير ابن كثير.
4-تفسير القرطبي.
5-تفسير ابن عطية.
6-تفسير ابن عاشور.
7-داووين السنة.
8-شرح النووي على مسلم.
وقد اعتمدت فيه بقدر الاستطاعة تحرير الأقوال وتقريرها ، والله المستعان.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التفسيرية, الرسالة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir