دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #12  
قديم 16 رمضان 1438هـ/10-06-2017م, 11:23 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى علي مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (58) سورة الإسراء

قال -سبحانه- (وإن من قرية) إن بمعنى ما النافية أي ما من قرية ولا مدينة إلا نحن مهلكوها أو معذبوها ومن لبيان الجنس وتفيد العموم أي سواء كانت صالحة أو ظالمة، وقيل: المراد الخصوص أي ما من قرية ظالمة وتدل على ذلك أدلة أخرى منها قوله تعالى: (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) سُورَةِ الْقَصَصِ [59] ، فعلق – سبحانه- الإهلاك بالقرى الظالمة، وحذف الصفة جائز في اللغة كقوله تعالى (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) أي كل سفينة صالحة بقرينة (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) [الْكَهْف: 79] ، ثم أتى بمن الزائدة بعد النفي مبالغة في الدلالة على الاستغراق وتأكيده أي جميع القرى الظالمة لكيلا يظن أهل مكة عدم شمولهم وهذا ما رجحه ابن عاشور-رحمه الله-.

وجاء بالضمير المنفصل (نحن) ليدل على عظمته وقدرته –سبحانه – أي مهلكوها ومعذبوها بعظمتنا وقدرتنا وهذا زيادة ومبالغة في الزجر والوعيد.

(مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا) أي مبيدوها بالموت والفناء إن كانت قرى صالحة والضمير يعود على القرية ويتضمن أهلها، أو معذبوها بالاستئصال أو بالبلاء، والضمير على حذف مضاف أي معذبو أهلها لأن العذاب لا يقع إلا على الأهل هذا قول من قال بأن مِن يراد بها العموم وبيان الجنس، وأما من قال بخصوص القرى الظالمة فسر الإهلاك بالاستئصال مرة واحدة ثم قال – سبحانه- (قبل يوم القيامة) مبالغة في الوعيد والتخويف ، والعذاب الشديد بما هو دون الاستئصال من البلاء من الانتقام بالسيف والأسر والذل والخوف والجوع وغيرها من أنواع العذاب.

(كان ذلك في الكتاب مسطورا) أي هذا الخبر المتقدم وهذا القضاء بإهلاك القرى قبل يوم القيامة في اللوح المحفوظ مكتوبا لا تبديل لكلمات الله.

والمتأمل في هذه الآية العظيمة وتفسيرها يجد أنها تحدثت عن أصل عظيم تعضده كثير من الآيات، وهو أن الله – سبحانه- لا يهلك الأمم بعذاب أو استئصال إلا بظلم منها وجرم، ذلك أن الله لا يظلم أحدا أبدا كما قال ربنا – سبحانه – (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ (59) القصص وقال: (وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا (59) الكهف

فأخبر أن العذاب لم يكن ليقع لولا ظلمهم أنفسهم، وأن الله لا يأخذهم عن جهل وغفلة بأمر الله (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون (131) الأنعام إنما يقيم الحجة عليهم بالإنذار أولا ويبلغهم كما قال- سبحانه-: (وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون (208)) الشعراء وقال: (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى (134) طه وقال: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) ، فعلم منه أن الله رحيم بعباده رؤوف بهم يريد لهم الخير ويرشدهم إلى سبيل الرشاد ولكنهم هم من يعرض ويتكبر.

ونفى في مواضع أخرى وقوع العذاب مع وجود الاستغفار أو الإصلاح كما في قوله تعالى (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون (33) الأنفال (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون (117) هود، وإذا ثبت ذلك علمت بمفهومه أنما يوقع العذاب الظلم والإصرار على الذنب وعدم الإنكار فإذا وجد الاستغفار والإصلاح انتفى العذاب.

والعاقل يعتبر بما أخبر الله به عن الأمم السابقة وما حل بها من أصناف العذاب والذل والهوان ، فتأمل ما حل بقوم نوح لما ظلموا أنفسهم وكذبوا رسول الله أغرقهم الله بالطوفان ونجى المؤمنين من بينهم (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ) ،وقوم فرعون لما عتوا وتجبروا واستعلوا أهانهم الله وأغرقهم (وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين) وغيرهم من الأمم الظالمة كلّ حل به من أنواع العذاب ما الله أعلم بشدته، وما كان ذلك إلا لظلمهم أنفسهم كما قال ربنا : (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [العنكبوت: 40].


هذا والله تعالى أعلم


المراجع:
جامع البيان للطبري 310هـ
المحرر الوجيز لابن عطية الأندلسي 542هـ
زاد المسير لابن الجوزي 597هـ
مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي 606هـ
الجامع لأحكام القران للقرطبي 671هـ
تفسير القران العظيم لابن كثير 774هـ
نظم الدرر للبقاعي 885هـ
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393هـ
التقويم: أ+
أحسنت بارك الله فيك وأحسن إليك.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:18 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir