دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #9  
قديم 2 رجب 1441هـ/25-02-2020م, 07:45 PM
الصورة الرمزية وسام عاشور
وسام عاشور وسام عاشور غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 347
افتراضي

رسالة تفسيرية في تفسير الآية الكريمة
"كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)" المطففين



مقدمة:
الحمد لله مقلب القلوب، العالمِ بما تخفي الصدور، مَن قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء والصلاة والسلام على مَن هديه دواء

علم التفسير من أشرف العلوم وأجلها وأعظمها بركة، فهو معين على فهم كلام المولى عز وجل ومعرفة مراده، ومن أوتي فهم القرآن فقد أوتي خيرا كثيرا، فإن من كلام الله ما يعين على صلاح القوب ومعرفة أمراضها ودوائها
لذا تعالوا نتعرف على أحد مظاهر مرض القلب وهو الران، ومعنى الران في الآية ومعناه في كلام النبوة وفي كلام السلف، والفرق بين الرين والغيم والغين وكذلك الفرق بين الران والطبع والإقفال

القراءات في الآية:

قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بإدغام اللام في الراء وتفخيم الألف، وقرأ نافع أيضاً بالإدغام والإمالة، وقال أبو حاتم: القراءة بالفتح والإدغام. ذكره الزجاج والأندلسي
وقرأها حفص بسكتة خفيفة على اللام بلا نفس وقرأها باقي الرواة بترك السكت . (ذكره ابن عاشور)

مناسبة الآية لما قبلها:
جاءت الآية بالرد بالتكذيب من الله للكفار فيما ذكروه من أن هذا القرآن أساطير الأولين ذكره الطبري وابن كثير

المراد بكلا:
هي إما
1-نافية: أي ليس القول كما زعموا ذكره الطبري وابن كثير
2-للردع والزجر: عن ذلك القول الباطل ذكره ابن عاشور والأشقر

معنى الران لغةً:
يقال ران يرين ريناً
وأصل الرين هو الغشاوة وهو كالصدى على الشيء الصقيل كالسيف والحديدة ونحوهما
يقال ران الشيء أي غشى وعلا وغلب وغطى وأحاط وبه
ومنه رانت الخمر على عقله أي غلبه السكر
ومنه قول أبي زبيد الطائي:
ثُمَّ لَمَّا رَآهُ رانتْ بِه الْخَمْرُ وأَنْ لاَ تَرِينَهُ باتِّقاءِ
ومنه قول الزاجر:
ورينَ بالساقِي الذي أمسَى معِي لمْ نَرْوَ حتَّى هَجَّرَت ورينَ بي.
وهو خلاصة ما ذكره العسقلاني والقسطلاني والعيني الطبري والفراء والتميمي والأندلسي في معنى الران لغة
ومنه أيضا ران النهار أي اشتد حره وران الثوب أي تدنس وران الرجل أي غلبه الدين .(المعجم الوسيط)


معنى الران اصطلاحاً:
هو الذنب على الذنب حتى يغشى القلب ويحيط به فيعميه ويسود، هو حاصل قول الحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد ذكره عنهم الطبري وابن كثير

*وليس كذلك فالرين أيسر من الطبع كما سيأتي، لكن لعله يقصد هو كالطبع في أنه يغشى القلب ويعميه

معنى الران من كلام النبوة:
1- عن أَبِي هريرةَ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": إِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِنْ تَابَ صُقِلَ مِنهَا، فَإِنْ عَادَ عَادَتْ حَتَّى تَعْظُمَ فِي قَلْبِهِ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ: كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" رواه أحمد وابن حبان والحاكم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وصححه ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان
معنى الحديث:
والنكت: هو الأثر في الشيء
صقل وتجوز سقل: أي انجلى القلب وعاد كما كان
*والطبع هنا سببه كثرة الذنوب والمعاصي
والمعنى أنه شبه القلب بالثوب ناصع البياض والمعصية بوسخ شديد السواد فكلما أذنب العبد أصب قلبه شيء من السواد فإن تاب وأقلع عن الذنب نظف وصفى مرآة قلبه لأن التوبة بمنزلة المصقلة تمحو وسخ القلب وسواد. (تحفة الأحوذي بتصرف)

2- عن حُذَيْفَةُ قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: تُعْرَضُ الفِتَنُ علَى القُلُوبِ كالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فأيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ سَوْداءُ، وأَيُّ قَلْبٍ أنْكَرَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حتَّى تَصِيرَ علَى قَلْبَيْنِ، علَى أبْيَضَ مِثْلِ الصَّفا فلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ما دامَتِ السَّمَواتُ والأرْضُ، والآخَرُ أسْوَدُ مُرْبادًّا كالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إلَّا ما أُشْرِبَ مِن هَواهُ. رواه مسلم
معنى الحديث:
مرباداً: شديد السواد
مجخياً: أي منكوساً مقلوباً
*والطبع هنا في الحديث سببه التعرض للشهوات والشبهات والفتن
والمعنى أن الفتن تعرض على القلب فتلتصق به وتترك فيه أثراً كما يلتصق الحصير بجسم النائم ويترك قيه أثراً، وأنها تجتمع عوداً عوداً كما يجمع صانع الحصير عودا إلى عود يشد بعضه بعضاً حتى يقوى حتى يصير القلب كالكوز المقلوب لا ينفذ إليه حق ولا يخرج منه باطل. (شرح النووي بتصرف)


معنى الران من كلام الصحابة والتابعين:
عن الأعمش عن مجاهد : كانوا يَرَوْنَ القلبَ مِثْلِ الكفَّ، فَإِذَا أذنبَ الْعَبْدُ ذنباً ضمَّ منه -وقالَ بإصبعهِ الخِنْصَرِ هكذا- فَإِذاَ أذنبَ ضمَّ إصبعاً أُخْرَى، فَإِذا أذنبَ ضمَّ إصبعاً أُخْرَى، حتَّى ضمَّ أصابِعَهُ كُلَّهَا، ثُمَّ يُطْبَعُ عَلَيْهِ بطابعٍ، قالَ مجاهدٌ: وَكَانُوا يرونَ أَنَّ ذَلِكَ الرينُ. ذكره الطبري
والمعنى أن الذنوب تغطي القلب فلا يبصر رشدا ولا ينفذ إليه خير

المراد ب "ما كانوا يكسبون": أي من الذنوب والمعاصي والطغيان والكبر ذكره الأندلسي وبنحوه قال ابن كثير
الحكمة من قوله "ماكانوا يكسبون" أي ليس الرين ابتداءاً من الرب بل هي من كسب العبد وعقوبة له فإن الله يعاقب العبد على الضلال بإضلال وعلى السيئة بسيئة (شفاء العليل لابن القيم)
مناسبة ذكر "يكسبون" بصيغة المضارع: دون الماضي لإفادة تكرار ذلك الكسب وتعدده في الماضي (ذكره ابن عاشور)

الفرق بين الران والطبع والإقفال:

قال أبو معاذ النحوي : الرين : أن يسود القلب من الذنوب ، والطبع أن يطبع على القلب ، وهذا أشد من الرين ، والإقفال أشد من الطبع (ذكره القرطبي وقال بنحوه الأشقر)
فالرين أيسر من الطبع والطبع أيسر من الإقفال والإقفال أيسر من الختم
*وعليه فيكون أشدها في حق الكافرين الختم وأيسرها الرين
الفرق بين الرين والغيم والغين:
الرّين يعتري قلوب الكافرين، والغيم للأبرار، والغين للمقرّبين ذكره ابن كثير
قال النبي: إنَّه لَيُغَانُ علَى قَلْبِي، وإنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، في اليَومِ مِئَةَ مَرَّةٍ. رواه مسلم

نظائر تفسيرية للآية:

ومن الآيات التي وردت في أثر الرين والطبع والختم على قلوب العصاة:
-خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)البقرة

-ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) البقرة

- وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ۖ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا ۚ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25)الأنعام

-وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا ۚ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ (127) التوبة

- مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)النحل

- وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)الزمر

- أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)محمد

-إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)

-وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا ۚ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ (127)الصف

خاتمة:
يتضح لنا من تفسير الآية الكريمة خطر الذنب تلو الذنب على القلب لذا ينبغي على العبد أن يتفقد قلبه ويطهره دوماً بكثرة بالتوبة والاستغفار وألا يصر على المعصية، وليكن على يقين إنه إن تاب ونزع فأن الله تواب رحيم وإن الله يفرح بتوبته
وبعد كل هذا قبل كل هذا على الاعبد أن يلزم الافتقار بين يدي خالقه بأن ييسر له أسباب الهداية ويحفظها ويكون ديدن دعائه "اللهم يا مقلب القوب ثبت قلبي على دينك" .

المراجع:
ترتيب المراجع بحسب ترتيب ذكرها في البحث:
كتب
-معاني القرآن، إبراهيم بن السَرِيّ الزجاج (ت: 311هـ)
-المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت: 546هـ)
-التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور التونسي(ت:1393 هـ)
- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ)
-تفسير القرآن العظيم، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي (ت: 774هـ)
-تفسير الأشقر
- الكاف الشاف، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852هـ).
- معاني القرآن، يحيى بن زياد الفراء (ت: 207هـ)،
-مجاز القرآن، أبو عبيدة معمر بن المثنى التميمي (ت: 210هـ)
-المعجم الوسيط
-تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي(ت:1353 هـ)
-صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري(ت:536 هـ)
-شرح صحيح مسلم للنووي(ت:689 هـ)
-شفاء العليل لابن القيم (ت:751هـ)
-لجامع لأحكام القرآن، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت: 671هـ)،
مواقع وبرامج
موقع جمهرة العلوم
المكتبة الشاملة
الدرر السنية الموسوعة الحديثية

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir