دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > طبقات القراء والمفسرين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1440هـ/9-01-2019م, 09:02 PM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي النصوص المفرّغة لدورة طبقات القراء والمفسرين

النصوص المفرّغة لدورة طبقات القراء والمفسرين

( غير مراجعة )


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 4 جمادى الأولى 1440هـ/10-01-2019م, 07:21 PM
هناء هلال محمد هناء هلال محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 663
افتراضي

مراتب مصادر السير والتراجم


هذه مسألة مهمة ينبغي لطالب العلم أن يكون على معرفة بها ، وأن يتبين مراتب المصادر التي تذكر فيها السير والتراجم ، وهذه المصادر يمكن تقسيمها إلى سبعة مراتب :
المرتبة الأولى :
دواوين السنة من الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها ، وهذه المرتبة العليا من المصادر فيما تضمنته من مرويات السير وخاصة سير الصحابة ومناقبهم ، وفي بعضها مرويات تتعلق بسير بعض التابعين وتابعي التابعين ، ولاسيما في بعض المصنفات والأجزاء الحديثية ، وفي صحيح البخاري كتاب في السير ، وكتاب في المغازي ، وكتاب آخر في المناقب ، وكتاب في فضائل الصحابة ، وهي من المراجع المهمة في السير والتراجم ، بل هي أعلى درجات المصادر .
وكذلك يقال في بقية دواوين السنة ، وما لم يرتب منها على الأبواب منها المسانيد والمعاجم فكثير منها صنف في كتب الزوائد كما في المطالب العالية وإتحاف الخيرة المهرة ومجمع الزوائد وغيرها ، وما في هذه الدواوين مما يتعلق بالسير والتراجم يمكن الوصول إليه بأسماء الأبواب أو مما صنف في كتب الزوائد .
ويلحق بهذه المرتبة ما كتبه الأئمة في كتب الزهد والرقائق المسندة ، ككتاب الزهد لابن المبارك ، وكتاب الزهيد لوكيع ، وكتب الزهد لأحمد وهناد بن السري وأبي داود وابن أبي عاصم ، وكذلك كتاب الزهد الكبير للبيهقي ، وله أيضا من شعب الإيمان وكذلك كتب ابن أبي الدنيا ، وأمثال هذه الكتب .
وهذه الكتب من المراجع المهمة في السير والتراجم ، بل بعض هذه الكتب مرتب على أسماء الرجال ، واعتني فيها بذكر أحوال الصالحين من الأئمة من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وغيرهم ، وقد يجد فيها الباحث ما لا يجده في كثير من كتب التاريخ والتراجم .
المرتبة الثانية :
كتب التاريخ والأخبار المسندة ، وهي التي يذكر أصحابها الأخبار بأسانيدها ، وهذه الكتب تعد من المراجع الأصلية في السير والتراجم والتاريخ ، ومن أمثلتها كتاب الطبقات لابن سعد ، والمعرفة والتاريخ لأبي يوسف الفسوي ، وتاريخ ابن أبي خيثمة ، وتاريخ أبي حفص الفلاس ، وكتب التاريخ للبخاري الكبير والأوسط والصغير ، وكتب أحمد بن يحيى البلاذري ، وأيضا تاريخ أبي زرعة الدمشقي ، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي ، وتاريخ دمشق لابن عساكر ، وكتب ابن حبان وكتب أبي نعيم الأصبهاني ، وابن منده ، وابن عبد البر وغيرهم ممن عني برواية الأخبار بأسانيدها وهذه الكتب أولى بالعناية والتقديم لأنها مصادر أصلية في الغالب .
المرتبة الثالثة :
الكتب البديلة ، وهي الكتب التي تنقل عن مصادر أصلية مفقودة ، فإن كانت تذكرها بالأسانيد فهي أعلى درجة ، وإن كانت تنقل ما فيها بدون إسناد مع النص عليها فهي أيضا تعد من الكتب البديلة ، وكل ما تحقق فيه هذا الوصف فهو مصدر بديل ، لذلك قد لا يحسن النص على بعض الكتب أنها مصادر بديلة ؛ لأن نفس المصدر قد يكون مصدرا أصليلا إذا روى الخبر بإسناده ، وقد يكون هو أيضا مصدرا بديلا إذا نقل عن غيره بالإسناد .
ومن مظان المصادر البديلة كتب شمس الدين الذهبي والحافظ ابن كثير وابن حجر وغيرهم .
المرتبة الرابعة :
كتب الثقات والمقبولين من الأخباريين ، وقد اشتهر جماعة من الأخباريين المتقدمين برواية الأخبار حتى كان يطلق على بعضهم أخباري نسبة إلى الأخبار ، والذين أثنى عليهم العلماء وهم في عداد المقبولين ، ومنهم من أثني عليه ثناء بليغا ويعد من الثقات والحفاظ ، وهؤلاء جماعة منهم :
موسى بن عقبة بن أبي عياش المدني المتوفى سنة 141هـ ، وهو مولى آل الزبير بن العوام ، وكان ثقة عالما بالسير والمغازي ، ويعتبر من طبقة صغار التابعين لأنه سمع من أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص الأموية رضي الله عنها ، وهي صحابية ولدت بالحبشة مع أبيها رضي الله عنه لما هاجر إلى الحبشة ، وتزوجها الزبير بن العوام ومات عنها .
ولم يسمع موسى بن عقبة من غيرها من الصحابة ، وقال معين بن عيسى القزاز كان مالك إذا سئل عن المغازي قال : "عليكم بمغازي الرجل الصالح موسى" ، وكتابه في المغازي مفقود ، لكن منه نقول متداوله في التاريخ والسير ، وطبع كتاب المنتخب من مغازي موسى بن عقبة لابن قاضي شهبة المتوفى سنة 851هـ .
ومن الأخباريين محمد بن إسحاق بن يسار المتوفى سنة 151هـ ، وأبو الحسن على بن محمد بن المدائني المتوفى سنة 225هـ ، والزبير بن بكار الأسدي المتوفى 256هـ .
وخليفة بن خياط العصفري المتوفي 240 هـ ، الملقب بشباب ، وهو ثقة ، وله أخطاء تكلم بعضها فيه بسببها ، وقد أخرج له البخاري في صحيحه ، وضعفه علي بن المديني وأبو حاتم وأبو زرعة ، ووثقه ابن مهدي وذب عنه ، ووثقه ابن حبان وأثنى عليه ، وعلى كل حال فهو في عداد الثقات ما لم يأت في مروياته ما يستنكر.
ومن الأخباريين الثقات أبو جعفر محمد بن عبدالله بن سليمان الحضرمي الكوفي المعروف بمطين توفي سنة 297هـ ، وهو ثقة حافظ له كتب في التفسير والسنن والفقه مفقودة ، وله كتاب الأخبار والحكايات ، وهو ممن تنقل أقواله في كتب الوفيات والأعيان في كثير من كتب التاريخ والسير والتراجم ، قال جعفر بن محمد الخلدي : قلت لأبي جعفر محمد بن عبدالله : لما عرفت بمطين ؟ قال : كنت صبيا ألعب من الصبيان وكنت أطولهم فندخل في الماء فنخوض فيطينون ظهري ، فبصر بي يوما أبو نعيم – وهو أبو نعيم الحافظ الفضل بن دكين – فلما رأني قال : يا مطين لما لا تحضر مجلس العلم ، قال : فاشتهر ذلك اللقب ، فلما اشتغلت بالحديث مات أبو نعيم ففاتني الرواية عنه ، لكنني كتبت عن أكثر من خمسمائة شيخ .وهذا الخبر ذكره أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال .
فهذه من المصادر المهمة لكن كثيرا منها هؤلاء كتبهم مفقودة لكن يوصل إلى النقول عنها في كتب التاريخ الناقلة لها ، أي الكتب البديلة التي سبق البيان عنها .
المرتبة الخامسة :
كتب المؤرخين المحققين وهم الذين ينقلون ، وينقدون ، ويحررون ، ويصححون ، ويجمعون المرويات ، ويوازنون بينها ، ولهم خبرة بأحوال الرواة ومراتب الكتب ، فهؤلاء كتبهم من أنفع الكتب لما اشتملت عليه من حسن الجمع والتحرير ، ومن هؤلاء : أبو الحجاج المزي ، وشمس الدين الذهبي ، وابن كثير ، وابن حجر.
المرتبة السادسة :
كتب الأخبار من الضعفاء وهم وإن كانوا متقدمين ، إلا أني أخرتهم لهذه المرتبة لحالها .
فقد اشتهر برواية الأخبار جماعة من الضعفاء المتقدمين ، ومنهم من كتب الكتب في التاريخ أو السير والتراجم ، ومن هؤلاء : محمد بن السائب الكلبي (ت : 146هـ) ، وأبي مخلف لوط بن يحيى الكوفي الرافضي (ت: 157هـ) ، وسيف بن عمر التميمي (ت: 180هـ تقريبا ) ، ومحمد بن الحسن بن زبالة المخزومي المتوفي بعد المئتين ، وهشام بن محمد بن السائب الكلبي (ت: 204هـ) ، والهيثم بن عدي بن الطائي (ت: 207هـ) ، ومحمد بن عمر الواقدي (ت: 207هـ) ، وعبد المنعم بن إدريس اليماني (ت: 228هـ) وهو ابن بنت وهب بن منبه .
وهؤلاء كلهم متروكوا الحديث ، شديدوا الضعف ، عامتهم متهم بالكذب ، وأخفهم حالا الواقدي ، وقد كان العلماء يتساهلون في حاله حتى ظهرت نكارة شديدة في مروياته ، وكان قاضي الجانب الشرقي في بغداد زمن المأمون ، وله كتب كثيرة لكنه متروك الحديث ، وهو وإن كان ليس من طبقات هؤلاء الكذابين وأخف حالا منهم لكنه أيضا متروك الحديث .
فهؤلاء في باب مرويات الأحكام لا يلتفت إليهم ، وفي باب السير والتراجم فمن أهل العلم من تساهل في إيراد أخبارهم وانتقى منها ، وإن كان لا يحتج بها.
المرتبة السابعة :
كتب المتأخرين التي تذكر فيها الأخبار ملخصة مجردة عن الأسانيد ، وهذه الكتب هي ملخص من كتب سابقة ، فينظر فيها من جهة موارد أصحابها ، ومقدار معرفتهم بأحوال المرويات وأحكامها ، واختصاصهم بعلم التاريخ والسير والتراجم .
وكتب هؤلاء قد تكون صالحة للعامة وللمبتدئين من طلاب العلم ؛ لأنها موضوعة لتحصيل المعرفة الموجزة بالأحداث والأخبار المهمة ، ولذلك وضع جماعة من العلماء كتب مختصرة في التاريخ والسير ، ونظمت بعض المنظومات لتيسير حفظ الحوادث والأخبار وبعض التراجم .
فهذه مراتب مصادر السير والتراجم على سبيل الإيجاز ، وفي كل مرتبة تفاصيل لكن لعل هذا القدر كاف في هذه المرحلة .
والله المستعان .


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 4 جمادى الأولى 1440هـ/10-01-2019م, 09:57 PM
هناء هلال محمد هناء هلال محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 663
افتراضي

أحكام مرويات التاريخ والسير والتراجم


وهو مبحث مهم في معرفة أصول الحكم على مرويات التاريخ والسير والتراجم ، والمذهب المتوسط فيه أنه لا يشدد فيها كما يشدد في مرويات الأحكام ، ولا تأخذ بتساهل مطلق ، فالتساهل المطلق يؤدي للوقوع في أخطاء وأوهام قد يكون لبعضها أثر في بعض المسائل العلمية في التفسير والحديث والفقه ، ولذلك ينبغي لطالب العلم أن يكون متيقظا فلا يقبل كل ما يقرأ في التاريخ والسير والتراجم على علاته ، وأن يكون على معرفة بأحكام مرويات التاريخ ، ومناهج العلماء فيها ، وشرح ذلك يطول لكن نلخصه في أن مرويات التاريخ والسير والتراجم ننظر فيها من ثلاث جهات ، وهي من جهة المصدر ، ومن جهة الإسناد ، ومن جهة المتن الذي هو الخبر .
الجهة الأولى : جهة المصدر
فأما المصدر فالمراد به أصل منشأ الخبر ، وإن كان بغير إسناد ، وقد يكون كتابا أو رجلا أخباريا ، فإن كان ثقة لا يدلس عن الضعفاء فتحمل مروياته في التاريخ على أصل القبول ما لم يكن فيها نكارة أو مخالفة ، وتجعل عهدتها على مصدرها ، فهو ليس قبولا مطلقا ، وإنما تحمل على أصل القبول وهو نوع قبول ، ولذلك قد يذكر بعضهم خبر من غير إسناد ويحمل على القبول في كتب أهل العلم إذا احتفت بالخبر قرائن تدل على صدقه ، كأن يدل تضافر الأخبار على تقويته ، أو يكون المصدر صاحب اختصاص بموضوعه معروف بالثبت ، وقد يذكر بعض أهل العلم في التاريخ والسير والتراجم أخبارا من غير إسناد وظاهر صنيعهم أنهم يحملونها على القبول المجمل على عهدة صاحبها ، وهو قبول موقوف على عدم وجود ما ينقده ولا يحتج به على مخالف أقوى منه .
ومصادر الأخبار ثلاثة :
منهم ثقة متثبت ، ومنهم صدوق مقارب ، ومنهم مخلط ، ومنهم حاطب ليل يجمع الغث والسمين ، ومنهم متهم بالكذب ، فلا يسوى بينهم في أحكام أخبارهم ، فإذا قرأت مثلا في كتاب يخلط صاحبه ككتاب مروج الذهب للمسعودي لا تسوى بينه وبين كتاب عالم محقق في التاريخ كالذهبي وابن حجر وأضرابهم ، فهؤلاء في مجمل الأمر يميزون هذه المرويات ، وما كان فيه نكارة فإنهم ينبهون عليه غالبا ، وإن كانوا لا يلتزمون ذلك في جميع ما يذكرون ، ولكن لديهم تميز بين ما لا يسوغ إيراده في كتب التاريخ والسير والتراجم ، وبين ما يسوغ إيراده ، إلا ما يحكى على سبيل التعجب والتندر فهذا له حال آخر .
وفقه هذا الأمر يكشف لطالب العلم منهج العلماء المحققين في مرويات الأخبار ، فهذا ما يتعلق بجهة المصدر ، وقد يحتاج لهذا لأن بعض الأخبار لا تعرف إلا من مصدر وحيد هو مصدر هذا الخبر وقد يكون ثقة ، والعلماء يتناولون خبره على أصل القبول ، ويجعلون عهدته عليه .
الجهة الثانية : جهة الإسناد
وأما جهة الأسانيد فهي على ثلاث درجات :
الدرجة الأولى : أسانيد مقبولة في التاريخ إما صحيحة وإما حسنة ، فهذه حجة في التاريخ ما لم يكن لها علة ، فالأخبار التي تروى بأسانيد صحيحة قد يكون لها علة توجب ردها لكن الأصل أنها حجة مقبولة .
الدرجة الثانية : أسانيد معتبرة فلا يحتج بها ، ولا ترد ، وهي ما كان من رواية الضعفاء غير شديدي الضعف كالذين لديهم ضعف ضبط ومجهولي الحال والأسانيد التي بها انقطاع ومراسيل الثقات ونحو ذلك .
فهذه الأسانيد الضعيفة التي ليس فيها ضعف شديد هي أسانيد معتبرة في مرويات التاريخ والسير والتراجم .
الدرجة الثالثة : أسانيد غير معتبرة ، وهي التي تكون من مرويات المتروكين من الكذابين والمتهمين بالكذب ، وكثير التخليط في الروايات .
وهذه فيها تفصيل لعلنا نأتي عليها إن شاء الله ، لكن الأصل فيها أنها مردودة غير معتبرة .
فأخبار الدرجة الأولى التي تروى بأسانيد صحيحة أو حسنة هي في أعلى المراتب ، وأخبار الدرجة الثانية معتبرة فلا تهمل ولا يحتج بها ، وجرى عمل كثير من العلماء على حملها على القبول ما لم يكن فيها مخالفة أو نكارة .
أما أخبار الدرجة الثالثة فالأصل فيها الرد وعدم القبول إلا ما كان من انتقاء بعض الثقات فهي أخف حالا وإن كانت لا يحتج بها ، ولذلك إذا رأيت خبرا في إسناده بعض المتروكين فانظر إلى تلميذه الذي رواه عنه فإن كان من الأثبات المتيقظين فهذه قرينة تدل على أنه انتقى هذا الخبر من مروياته الكثيرة ، وإن كان الراوي عنه ضعيفا فلا يتشاغل به ، وقد يكون الثقة إنما ذكر الخبر للعلم به أو لفائدة عارضة ، فينبغي أن بكون طالب العلم متيقظا لذلك ، وهذا كما انتقى ابن سعد من مرويات الواقدي ، فما انتقاه ابن سعد أحسن حالا مما تركه ، وإن كان لا يحتج به ، وكما انتقى سفيان الثوري من مرويات الكلبي ، ولما سئل عن الرواية عنه قال : "أنا أعرف بصدقه من كذبه " ، فهذا دليل على أنه كان ينتقي من مروياته ، ولذلك ينبغي ألا يغتر طالب العلم إذا رأى رواية بعض الثقات عن بعض المتروكين فيظن أن ذلك المتروك يقبل خبره لأن ذلك الثقة روى عنه ، وفرق بين أن ينتقى الثقة من أخباره وبين أن تقبل مرويات ذلك المتروك أينما كانت .
ولذلك يذكر عن الكلبي أن تفسيره كان أكبر تفاسير ذلك الزمان ، وإنما روى عنه الثوري مسائل معدودة وغالبها ليس فيه نكارة وهي من أقواله في التفسير وليس من مروياته ، وقد كان للكلبي عناية بمعاني القرآن ، وابن جرير الطبري على كثرة ما رواه في تفسيره لأصحاب الصحف والكتب المتقدمة ، بل روى من بعض الصحف ما يصل إلى ثلاثة آلاف رواية ، إلا إنه لم يخرج من مرويات الكلبي سوى خمسين رواية عنه ، وغالبها من أقوال الكلبي ومن مرويات الثقات عنه ، وهذا أمر ينبغي أن يتفطن له طالب العلم .
فإن قيل : كيف تحمل بعض الأخبار على أصل القبول من غير إسناد ثم تردون ما يروى من بعض الأسانيد الضعيفة ؟

الجواب : إن العلماء الأثبات الذين يذكرون الأخبار بصيغة الجزم من غير إسناد تحمل أخبارهم على أصل القبول ، ونتوسط فيها ، فلا نحتج بها على مخالف أقوى منها ولا نهملها .
كما أن تعليق هؤلاء العلماء لهذه الأخبار بصيغة الجزم قرينة على حكمهم عليها بالقبول ، وهو حكم معتبر لمكانة مصدرها ، وأما المرويات التي يذكرها بعض العلماء بالأسانيد الواهية فإن كان المصدر ثبتا فليس ذكره إياها دليلا على قبولها ؛ لأنه ذكر الخبر وأحال على الإسناد ، إلا أن يظهر في سياق كلامه احتجاجه بالخبر فتكون حينئذ قرينة معتبرة لمكانته العلمية ، وإن كان لا يرقى ذلك الخبر إلى درجة القبول والاحتجاج به ، لكنه يدل على أن ذلك العالم قبل ذلك الخبر ويعزى القول إليه .
فينبغي أن نفرق في التعامل بين الأخبار التي تكون من مصادر الثقات وإن كانت بغير إسناد ، وبين الأخبار التي تروى بالأسانيد الواهية ، أما إن كانت من مصدر أصلا غير متثبت منه أو من مصدر يجمع الغث والسمين فهذا لا يقبل خبره ، بل ينبغي أن يكون طالب العلم متيقظا محترزا من مثل هذه الكتب التي تجمع بين الغث والسمين .
الجهة الثالثة : جهة المتن
وهي متون الأخبار في التاريخ والسير والتراجم التي تروي بالأسانيد المعتبرة والتي مصادرها من الثقات الأثبات ، فالأصل فيها أن تحمل على أصل القبول ما لم يكن فيها نكارة أو مخالفة .
والنكارة في الأخبار أن يكون فيها ما يعارض أصلا صحيحا ، فيستنكر لمخالفته للأصل الصحيح المعروف عند أهل ذلك العلم .
وأما المخالفة فهو أن يُروى ذلك الخبر بالإسناد الضعيف المعتبر يُروى خير أقوى منه بإسناد صحيح مخالف له ، فهنا هذا الخبر الذي روي بإسناد ضعيف يرد ، لماذا ؟ لأنه قد خالف خبرا مرويا بإسناد صحيح .
وكذلك في مرويات الأخبار والسير والتراجم يتساهل في مرويات المناقب ما لا يتساهل في مرويات المثالب ، لأن المثالب فيها قدح في عرض مسلم ، فلا يقبل القدح فيه بغير حجة ، وهذا أصل مهم ترد به كثير من الروايات الضعيفة في المثالب ، وأما المناقب فبابها أوسع وأرحب ما لم يكن فيها مبالغة منكرة أو مخالفة أو نكرة أخرى ، فباب المناقب أوسع وأرحب من باب المثالب ، أما باب المثالب يدقق فيه ولا يتوسع ، وتجعل عهدته على قائله .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
والحمد لله رب العالمين .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 5 جمادى الأولى 1440هـ/11-01-2019م, 11:27 AM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

(1) فوائد دراسة طبقات القراء والمفسرين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي أنزل القران هدى ورحمة للعالمين ، وحجة على العالمين ، ورفع به أقوما ووضع به اخرين.
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وخاتم النبيين ، وإمام المتقين نبيينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين .
اللهم علمنا ماينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما تنفعنا به يا أرحم الرحمين.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين
أما بعد ..

فإن من العلوم المهمة لطالب التفسير أن يعرف طبقات القراء والمفسرين ، وكيف كان تعلم القرآن وتعلميه في صدر الإسلام ، وكيف نشأت أسانيد القراء ت والتفسير ؛ ليكون على بينةٍ من مصادر هذا العلم الشريف ومراتب أئمته ، وليستفيد من سيرهم وأخبارهم وطرائقهم في أخذ القرآن وتعلمه وتعليمه ، لينتفع بذلك فيه دراسته وحياته .
وفي هذه المعارف فوائد جليلة منها :
١/ أن يتعرف أسباب نبوغ أولئك الأئمة وأسباب تقدمهم، وبركة علومهم ؛ فيقوده ذلك إلى تعرف طرائقهم في تعلمه وضبط مسائله وتعاهده وتعليمه وربما وجد بعض تلك الأسباب متيسرة له .
٢/ ومنها : أن أولئك الأئمة قد بلغوا مرتبة عالية في ذلك العلم وخبروا مسائله وتبصروا بمسالكه ولهم وصايا جليلة القدر وأخبار عظيمة النفع ؛ فيستفيد طالب العلم الحرص على تحصيل تلك الوصايا ، ومعرفة الأخبار من مظانها ، ويعرف لها قدرها ، فينتفع بها انتفاعاً عظيماً بإذن الله تعالى .
٣/ ومن الفوائد : أن يكون طالب علم التفسير على بينة من مراتب أئمة ذلك العلم ، وما أُلف فيه من الكتب ،ومن أخذ عنه من التلاميذ ، وكيف تنقلت أوعية ذلك العلم وجرى في مسالكه ؛ حتى يتجنب الوقع في أخطاء قبيحة وقع فيها من جهل طبقات العلماء ومراتبهم .
٤/ ومن الفوائد : أن طالب العلم قد تعرض له أحوال في دراسته ، وفي ضبط مسائله وتعاهدها قد يتحير فيها وقد يجد مشقة في بعضها وتعسراً في ضبط المسائل وتعاهد ذلك العلم ؛ فيجد في سير أئمة ذلك العلم وأخبارهم مايسترشد به للطريقة التي تلائمه وينتفع بها ، وهذه فائدة جليلة القدر .
٥/ ومن الفوائد : أن هذه المعرفة تكشف لطالب العلم جوانب من تاريخ هذا العلم الشريف والحياة السياسية والإجتماعية التي عاش فيها أولئك الأئمة، فلايكاد أحدنا يمر بموقف ، ألا وجد من تعرض لمثله أو أشد منه من الأئمة ؛ فيسترشد بهديهم ويعتبر بما وقع من أخطاء .
٦/ ومن الفوائد أيضاً : أن أصول طبقات القراء والمفسرين من الصحابة والتابعين وتابعيهم، عليها مدار أسانيد القراءات والتفسير ، وإلمام طالب العلم بمعرفة هذه الأصول ييسر عليه معرفة أسانيد القراءة والتفسير ويكشف له بعض علل مسائل القراءات والتفسير وهي معرفة عزيزة القدر.

ولما تقدم من الفوائد وغيرها عُني العلماء في كل فنٍ من فنون العلم بطبقات أئمته ، فألفت المؤلفات بطبقات القراء والمفسرين ، والمحدثين ، والفقهاء واللغويين ، والنحويين ، والمؤرخين ، والنسابين والشعراء ، والأطباء وغيرهم .
بل ذكر "ابن النديم" أن رجلاً من المعتنين بالغناء والإيقاعات يقال له " أبو أيوب المديني " ألف كتاباً في طبقات المغنين ، وحشد فيه أخبار المغنين وأحوالهم ليستفيد بها في صنعته وهذا يبين أن صاحب كل صنعة يحتاج إلى معرفة أئمة تلك الصنعة ، وطرائق أولئك الأئمة في ذلك العلم وتلك الصنعة حتى يبدأ من حيث انتهى القول ، ويجد في أخبارهم و طرائقهم ما يكشف له كثيراً من المعارف في ذلك العلم .
وأصحاب كل مذهب من المذاهب الفقهية ألفوا في طبقات أئمتهم ، فألفت كتب في طبقات الحنفية وطبقات المالكية وكذلك طبقات الشافعية والحنابلة .
ومن سلك سبيلاً لتحصيل علم من العلوم فإن من حاجته الماسة أن يكون على معرفة حسنة بأئمة ذلك العلم ، وأن يعرف أخبارهم وأحوالهم وآثارهم في ذلك العلم تعلماً وتعليماً وتأليفاً وابتكاراً وتجديداً إلى غير ذلك ، فهذه المعارف مهمة جداً لطالب العلم ، وطالب علم التفسير، وعلوم القرآن يحتاج إلى معرفة طبقات القراء والمفسرين .


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المفرّغة, النصوص

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir