دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع (المجموعة الثانية)

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 5 محرم 1443هـ/13-08-2021م, 01:31 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

الجزء الأول (المقدمة السابعة حتى نهاية المقدمة الثامنة)

المقدمة السابعة
قصص القرآن

* تعريف القصة:

- القصة: هى الخبر عن حادثة غائبة عن المخبر بها.
- فخرج بقوله: (حادثة غائبة) ما كان من أحوال حاضرة زمن نزول القرآن، مثل وقائع المسلمين مع عدوهم.
- وقصة تجمع على قصص بكسر القاف.
* وأما بفتح القاف فهو اسم للخبر المقصوص، وهو مصدر سمي به المفعول.

* الغاية من القصص القرآنية:
- قال الله تعالى: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين).
* فالقصص القرآنية هى أحسن القصص، وقد جاءت موافقه لغرض القرآن.
- ولا تقتصر القصص في القرآن على حصول العبرة والعظة، ولا على التنويه بأصحابها، بل فاقت ذلك بما شملته.
- فقد تعرض القرآن لأشرف مواضيع القصص وأعرض عما عداها تنزيها عن قصد التفكه بها.

* طريقة عرض القرآن للقصص:
- القصص القرآني هو بالخطابة أشبه، فارتقى عما عرف به أسلوب القصاصين الدارج في القصص.
- وجاءت القصص آخذة من أسلوب القرآن وهو أسلوب التذكير والذكر.
- ولم تأتي القصص القرآنية على المعهود من الترتيب المعروف في كتب التاريخ، فلم تكن متتالية متعاقبة في سورة أو سور، بل جاءت مفرقة موزعة على مقامات تناسبها، لتعلق فوائد تلك القصص بذلك التوزيع.
- وسوق القصص في مناسبتها أكسبها صفتين: صفة البرهان وصفة التبيان.

- مميزات القصص القرآنية:
- نسج نظمها على أسلوب الإيجاز ليكون شبهها بالتذكير أقوى من شبهها بالقصص.
* مثال ذلك قول الله تعال:
(فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون)، فهذه المقالة حكيت في سياق التذكير، وهو أصل حكايتها، ولم تُحكى عند غيره.

- طي ما يقتضيه الكلام، ويدل عليه السياق.
* مثال ذلك قول الله تعالى:
(واستبقا الباب)، فالمطوي هو حضور سيدها وطرقه الباب وإسراع يوسف وإسراع امرأة العزيز لفتح الباب كلٌ لغرضه، فدل على ذلك ما بعده من قوله: (وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا) الآيات.
- سوق القصص في مظان الاتعاظ في إطار الغرض الأصلي للقرآن من تشريع وتفريع.

* فوائد ذكر القصص في القرآن:
- الفائدة الأولى:
- تحدي أهل الكتاب، وتعجيزهم بقطع حجتهم على المسلمين، إذ ذكر القرآن أخبار الأنبياء مع أممهم، وذلك مما علمه الراسخون في العلم من أهل الكتاب،
فانقطعت أمية المسلمين في نظر اليهود، وقطع الله ألسنتهم بوصفهم للمسلمين بالجهل.
* قال تعالى:
(تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا).
* وهذه فائدة قال عنها المؤلف أنه لم يتعرض لها من قبله من المفسرين.

- الفائدة الثانية: من أدب الشريعة بيان تاريخ الأنبياء حملة الشرع على مر العصور، وفي تلك القصص يركز القرآن على الإيمان وارتباطه بالعناية الإلهية وما هو ضد ذلك، مع عدم التعرض لبيان الأنساب أو البلدان، فالعبرة بالإيمان.
* ومثال ذلك قصة (أصحاب الكهف) فوصفهم بذلك، وكذلك قال أنهم (فتية)، ولما أرسلوا واحدا منهم إلى المدينة لم يسمها.
* وهذه فائدة قال عنها المؤلف أنها فتح من الله له.

- الفائدة الثالثة: ما فيها من فائدة التاريخ من معرفة ترتب المسببات على أسبابها في الخير والشر والتعمير والتخريب لتقتدي الأمة وتحذر، قال تعالى: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا) وما فيها من فائدة ظهور المثل العليا في الفضيلة وزكاء النفوس وضد ذلك.

- الفائدة الرابعة: تضمنها الموعظة للمشركين ببيان ما حل بالعصاة وما كان للأولياء الصالحين، كما في قصص قوم نوح وعاد وثمود وأهل الرس وأصحاب الأيكة.
* قال الله تعالى: (فاقصص القصص لعلهم يتفكرون)،وقال تعالى: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب).

- الفائدة الخامسة: اتباع أسلوب التوصيف والمحاورة وهو من مبتكرات القرآن في البلاغة العربية، فلم يعهد مثله عند العرب، ولا شك فهو دال على إعجاز القرآن.
* كما في حكاية أحوال الناس في الجنة والنار والأعراف في سورة الأعراف.

- الفائدة السادسة: ذكر قصص الأمم أدى إلى توسيع علم المسلمين وتعريفهم بالأمم قبلهم، وكان العرب يعيشون في جهل أدى إلى اعتمادهم الحس دليلا للتصديق.
* قال الله تعالى: (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم).

- الفائدة السابعة: العلم بعظمة الأمم السابقة ومزاياها يدفع عن النفس الغرور، ويبث فيها رغبة الحث على العلم بجوامع الخير واتباعه فبه تتحقق عظمة الأمم الحقيقية.

- الفائدة الثامنة: بث الهمة في نفوس الأمة ليعود لها عزها، ودفع الخمول الذي سيطر على العرب، فرضوا أن يكونوا أتباعا، وصار هم الواحد منهم دنيويا بحت.

- الفائدة التاسعة: معرفة أن قوة الله تعالى فوق كل قوة، وأنه لا نصر إلا من عنده، وأن الأخذ بوسيلتي البقاء: من الاستعداد والاعتماد؛ يسلم المؤمنين من تسلط غيرهم عليهم.
* قال الله تعالى:
(فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين).

- الفائدة العاشرة: ترتب فوائد أخرى عليها كالفوائد المدنية المتعلقة بكل قصة وأحداثها، كما في قول الله تعالى: (كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله) في قراءة من قرأ (دين) بكسر الدال، أي في شرع فرعون يومئذ، فعلمنا أن شريعة القبط كانت تخول استرقاق السارق.
* وكما في قول الله تعالى:
(وابعث في المدائن حاشرين) و (فأرسل فرعون في المدائن حاشرين) أن نظام مصر في زمن موسى إرسال المؤذنين والبريح بالإعلام بالأمور المهمة.


* تكرار القصة الواحدة في عدة سور:
- إذا كانت القصة الواحدة يقع المقصود منها عند أول ذكر لها، فلمَ تتكرر في عدة سور.
- وذلك التكرار يدلف منه البعض إلى الإلحاد في القرآن بحجة عدم فصاحة الكتاب.
- ورد هذه الشبهة أن القصص تُذكر باستجلاب المناسبات لها، فالقصة كالبرهان على الغرض المسوقة هى معه.
- ولا يعد ذلك تكرارا لها لاختلاف المناسبات.

* الحكمة من تكرار ذكر القصة :
- أحدها:رسوخها في الأذهان بتكريرها.
- الثاني:ظهور البلاغة، فالقصة تذكر في كل مرة بطرق مختلفة من الأداء وتتنوع ألفاظها وتراكيب الجمل وتتنوع المحسنات البديعية المعنوية واللفظية فيها بما يبلغ بها الحد الأقصى في البلاغة.
- الثالث:أن يسمع اللاحقون من المؤمنين في وقت نزول القرآن ذكر القصة التي كانت فاتتهم مماثلتها قبل إسلامهم أو في مدة مغيبهم، فإن تلقي القرآن عند نزوله أوقع في النفوس من تطلبه من حافظيه.
- الرابع:أن جمع المؤمنين جميع القرآن حفظا كان نادرا بل تجد البعض يحفظ بعض السور فيكون الذي حفظ إحدى السور التي ذكرت فيها قصة معينة عالما بتلك القصة. كعلم من حفظ سورة أخرى ذكرت فيها تلك القصة.
- الخامس:أن تلك القصص تختلف حكاية القصة الواحدة منها بأساليب مختلفة ويذكر في بعض حكاية القصة الواحدة ما لم يذكر في بعضها الآخر.

- من أسباب تنوع الأساليب وتفاوت ذكر أحداث القصة بسطا وإيجازا فيما ذكرت فيه من سور:
- تجنب التطويل في الحكاية الواحدة فيقتصر على موضع العبرة منها في موضع دون آخر، فيحصل من متفرق مواضعها في القرآن كمال المقصود منها، وفي بعضها ما هو شرح لبعض.
- أن يُذكر من القصة ما يكون مناسبا لحال السامع، وملائمة السياق، فالقصة الواحدة تساق في خطاب إلى المشركين، وتارة إلى أهل الكتاب.
* ومثاله: قصة موسى بسطت في سورة طه، وسورة الشعراء، وأوجزت في آيتين في سورة الفرقان.
- وقد يقصد تارة التنبيه على خطأ المخاطبين فيما ينقلونه من تلك القصة، وتارة لا يقصد ذلك
.



المقدمة الثامنة
في اسم القرآن وآياته وسوره وترتيبها وأسمائها


* علاقة مواد هذه المقدمة بالتفسير:
- اسم القرآن وآياته وسوره له ارتباط وثيق بعلم التفسير، لأن ما يتحقق فيه في موضع ينتفع به في المواضع المشابهة.

* تعريف القرآن:
- هو ما أوحاه الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام.
- وهو الكلام المأمور ببلاغه إلى الأمة بلفظه العربي المنزل به، لتتلى آياته على وجه التعبد بها، ويُعمل بما فيها.
- وهو جملة المكتوب في المصاحف المشتمل على مائة وأربع عشرة سورة، أولاها سورة الفاتحة وأخراها سورة الناس.
- خاطب الله به العرب ابتداءا لنزوله فيهم، وتحداهم أن يأتوا بعشر سور منه أو بسورة فعجزوا، فقامت عليهم الحجة بإعجازه أن يأتوا بمثله.
* كما قال الله تعالى: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار).
- وهو آية على صدق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخلق.
- وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن لكل نبي معجزات هى دليل صدق ما جاء به.
- قال صلى الله عليه وسلم: (ما من الأنبياء نبي إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة).
*وفي هذا الحديث معان جليلة شرحها المؤلف في تعليقه على صحيح البخاري المسمى "النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح
".

* أسماء القرآن:
-
أشهر أسماء القرآن: القرآن، وبقية أسمائه أصلها أوصاف أو أجناس.
- أوصل السيوطي أسمائه إلى نيف وعشرين اسما.
- وأشهر أسمائه ستة: التنزيل، والكتاب، والفرقان، والذكر، والوحي، وكلام الله
.
تعليق: (اعتبر المؤلف أن للقرآن ستة أسماء، وشرع في بيان أصلها ووجه تسمية القرآن بها)

- اسم (القرآن):
- وهو اسم علم دال على الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
- ولم يسبق أن أطلق على غيره قبله.
- وهو أشهر أسمائه وأكثرها ورودا في آياته وأشهرها دورانا على ألسنة السلف
.

- اشتقاق الاسم:

- قيل في اشتقاقه قولان:
- القول الأول: أن اسم القرآن مشتق من القراءة، لأن أول ما بدئ به الوحي (اقرأ باسم ربك).
- القول الثاني: أنه ليس بمشتق بل هو اسم علم جامد، كما سمي الإنجيل إنجيلا.

- وزن لفظة (القرآن):
- ورد في وزنه قولان:
- الأول: قيل هو على وزن فعلان، كما في زنة أسماء المصادر: غفران، وفي الأسماء بزيادة الألف والنون مثل عثمان.
* واسم القرآن يصلح للاعتبارين.
- الثاني: أنه على وزن فعال، من القرن بين الأشياء أي الجمع بينها لأنه قرنت سوره بعضها ببعض وكذلك آياته وحروفه.
* وهناك من زعم أن قران جمع قرينة أي اسم جمع، إذ لا يجمع مثل قرينة على وزن فعال في التكثير فإن الجموع الواردة على وزن فعال محصورة ليس هذا منها.
* والقرينة العلامة، قالوا لأن آياته يصدق بعضها بعضا فهي قرائن على الصدق
.

- القراءات للفظ (القرآن):
- همزة القرآن أصلية، قد اتفق أكثر القراء على قرائتها بالهمز في الآيات.
- ولم يخالفهم إلا ابن كثير قرأه بفتح الراء بعدها ألف على لغة تخفيف المهموز وهي لغة حجازية.
* وقراءة ابن كثير جارية على أنه اسم آخر لكتاب الله، لا أنه مشتق من القراءة.
- والأصل توافق القراءات في مدلول اللفظ المختلف في قراءته.

- اسم (الفرقان):
-الفرقان هو في الأصل اسم لما يفرق به بين الحق والباطل وهو مصدر.
- وأطلق على القرآن وعلى غيره، فإطلاقه على القرآن في قول الله تعالى: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده).
* وقد وصف يوم بدر بيوم الفرقان.
- وقد جعل هذا الاسم علما على القرآن بالغلبة مثل التوراة على كتاب موسى، والإنجيل على ما أوحي لعيسى.

- دلالة الآيات على اسم الفرقان:
- علم أن الفرقان اسما للكتاب من قول الله تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات) إلى قوله: (وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان) فوصفه أولا بالكتاب وهو اسم الجنس العام ثم عبر عنه باسم الفرقان عقب ذكر التوراة والإنجيل وهما علمان ليعلم أن الفرقان علم على الكتاب الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم
.

- وجه تسمية القرآن بالفرقان:

- أنه امتاز عن بقية الكتب السماوية بكثرة ما فيه من بيان التفرقة بين الحق والباطل.
- مثال في معنى كون القرآن فرقانا: جمعه أوصاف الكمال لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، أما في التوراة والإنجيل فقد وصفهم كما قال الله تعالى: (والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم).

- وأحكام القرآن مبرأة من اللبس بعيدة عن تطرق الشبهة، كما تجد في قول الله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا).
* فلا تجد ما يفيد هذا المعنى في التوراة والإنجيل، ولذا كان القرآن مهيمنا على الكتب السابقة.

- اسم (التنزيل):

- هو مصدر نزل، أطلق على المنزل باعتبار أن ألفاظ القرآن أنزلت من السماء.
- قال الله تعالى: (تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون)،وقال تعالى: (تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين).

- اسم (الكتاب):
- الكتاب أصله اسم جنس مطلق ومعهود.
- فباعتبار عهده أطلق على القرآن كثيرا قال الله تعالى: (ذلك الكتاب لا ريب فيه) وقال تعالى: (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب).

- تسمية القرآن الكتاب:
- سمي كتابا لأن الله جعله جامعا للشريعة فأشبه التوراة التي كتبت في زمن موسى، وأشبه بالإنجيل الذي كتبه أصحاب عيسى من بعده ولم يكتب في زمنه.
- ولأن الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بكتابة كل ما أنزل عليه ليكون حجة على الذين يدخلون في الإسلام ولم يتلقوه بحفظ قلوبهم.

- دلالة اسم (الكتاب) على كونه معجزة:
- وفي هذه التسمية معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم بأن ما أوحي إليه سيكتب في المصاحف قال تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها) .
- كتبة الوحي:
- اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه كتابا يكتبون ما أنزل إليه.
- ومن أولهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان.
- وقد طابق المحفوظ في الصدور ما حفظته السطور، يوم جمع أبي بكر للمصحف.

- اسم (الذكر):
- وأما الذكر فقال الله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) أي لتبينه للناس.
- وذلك أنه تذكير بما يجب على الناس اعتقاده والعمل به
.

- اسم (الوحي):

- قال الله تعالى: (قل إنما أنذركم بالوحي).
- ووجه هذه التسمية أنه ألقي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة الملك .

- تسمية إلقاء القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وحيا:
- لأنه يترجم عن مراد الله تعالى فهو كالكلام المترجم عن مراد الإنسان، ولأنه لم يكن تأليف تراكيبه من فعل البشر
.

- اسم (كلام الله):

- قال الله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله)
.
- واعلم أن أبا بكر رضي الله عنه لما أمر بجمع القرآن وكتابته كتبوه على الورق فقال للصحابة، أن التمسوا اسما، وكره تسميته بالإنجيل والسفر من أجل النصارى واليهود.
- وقال عبد الله ابن مسعود
: رأيت بالحبشة كتابا يدعونه المصحف فسموه مصحفا يعني أنه رأى كتابا غير الإنجيل.

* آيات القرآن:
- تعريف الآية:
- هي مقدار من القرآن مركب ولو تقديرا أو إلحاقا.
* ومعنى قول المؤلف: (ولو تقديرا): ليشمل المحذوف الذي يقدر في الآيات مثل قول الله تعالى: (مدهامتان)،
والتقدير: هما مدهامتان، ومثل: (والفجر) والتقدير: أقسم بالفجر.
* ومعنى قول المؤلف: (أو إلحاقا): لإدخال بعض فواتح السور من الحروف المقطعة.
* حيث عد أكثرها في المصاحف آيات ما عدا: آلر، وآلمر، وطس، وذلك أمر توقيفي وسنة متبعة ولا يظهر فرق بينها وبين غيرها.

- سبب تسمية الآية بهذا الاسم:
- تسمية الأجزاء والجمل بالآيات من مبتكرات القرآن.
- قال الله تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات) .
- وسميت بذلك:
* لدلالتها على أنها موحى بها من عند الله، لاشتمالها على الحد الأعلى في بلاغة الكلام.
* ولأن وقوعها مع غيرها من الآيات جعلت دليلا على أن القرآن منزل من عند الله وليس من تأليف البشر.

- اختصاص القرآن بتسمية الآيات:
- جمل التوراة والإنجيل لا يحق أن تسمى آيات لعدم خصوصيتها بما خُص به القرآن من البلاغة ووجوه الإعجاز.
- وما ورد في حديث رجم اليهوديين: (آية الرجم) فهو من تغليب الراوي، حيث لم يجد اسما يعبر به عنها، فقدرها بالآية كمشاكلة لما في القرآن.

- مقادير الآيات من حيث الابتداء والانتهاء:
- مقادير الآيات مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد علمه الصحابة، وقد تختلف الرواية في بعض الآيات.
- والآيات المختلف في روايتها محمولة على التخيير في تعيين منتهاها ومبتدأ ما بعدها.
- وقد جاء تحديد عدد آيات بعض السور مثل: ما ورد في الحديث أن فاتحة الكتاب السبع المثاني أي السبع الآيات.
* وفي الحديث (من قرأ العشر الخواتم من آخر آل عمران) أولها قول الله تعالى: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب).
- وكانت الآيات تقدر أحيانا بما تستغرقه تلاوتها من زمن كما ورد في حديث سحور النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان بينه وبين طلوع الفجر مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية
.
- قال أبو بكر ابن العربي وتحديد الآية من معضلات القرآن، فمن آياته طويل وقصير، ومنه ما ينقطع ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام، وقال الزمخشري الآيات علم توقيفي
.
- لا يبعد أن يكون تعيين مقدار الآية تبعا لانتهاء نزولها وأمارته وقوع الفاصلة
.

- فواصل الآيات:
- تعريف الفواصل:

- الفواصل هي الكلمات التي تتماثل في أواخر حروفها أو تتقارب، مع تماثل أو تقارب صيغ النطق بها وتكرر في السورة تكررا يؤذن بأن تماثلها أو تقاربها مقصود من النظم في آيات كثيرة متماثلة، تكثر وتقل، وأكثرها قريب من الأسجاع في الكلام المسجوع.
-
والعبرة فيها بتماثل صيغ الكلمات من حركات وسكون وهي أكثر شبها بالتزام ما لا يلزم في القوافي.

- مواقع الفواصل:
-
الفواصل كلها منتهى آيات ولو كان الكلام الذي تقع فيه لم يتم فيه الغرض المسوق إليه.
- وإذا انتهى الغرض المقصود من الكلام ولم تقع عند انتهائه فاصلة لا يكون منتهى الكلام نهاية آية إلا نادرا كقوله تعالى: (ص * والقرآن ذي الذكر) فهذا المقدار عد آية وهو لم ينته بفاصلة، ومثله نادر.

- فواصل الآيات في أوائل السور:

- فواصل الآيات الواقعة في أول السورة مثل قول الله تعالى: (ص* والقرآن ذي الذكر) أقيمت على حرف مفتوح بعده ألف مد بعدها حرف، مثل
: شقاق، مناص، كذاب، عجاب.
- ومن الفواصل ما بني على حرف مضموم مشبع بواو.
- ومنها ما بني على حرف مكسور مشبع بياء ساكنة، وبعد ذلك حرف، مثل (أنتم عنه معرضون) (إذ يستمعون) (نذير مبين) (من طين)
.
فلو انتهى الغرض الذي سيق له الكلام وكانت فاصلة تأتي بعد انتهاء الكلام تكون الآية غير منتهية ولو طالت، كقوله تعالى: (قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك) إلى قوله: (وخر راكعا وأناب) فهذه الجمل كلها عدت آية واحدة
.

- دلالة الفواصل على إعجاز القرآن:

- الفواصل من جملة المقصود من الإعجاز لأنها ترجع إلى محسنات الكلام وهي من جانب فصاحة الكلام فمن الغرض البلاغي الوقوف عند الفواصل لتقع في الأسماع فتتأثر نفوس السامعين بمحاسن ذلك التماثل، كما تتأثر بالقوافي في الشعر وبالأسجاع في الكلام المسجوع.
*مثال ذلك قول الله تعالى: (إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون) آية (في الحميم ثم في النار يسجرون) آية (ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون) آية (من دون الله) إلى آخر الآيات. فقوله: (في الحميم) متصل بقوله: (يسحبون) وقوله: (من دون الله) متصل بقوله: (تشركون) وينبغي الوقف عند نهاية كل آية منها
.

- الوقف عند رؤوس الآي:
- هو سنة كما ذكر أبو عمرو ونقله السيوطي في الإتقان.
- وقال البيهقي في شعبه: الأفضل الوقف على رؤوس الآيات وان تعلقت بما بعدها اتباعا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته.
- وروت أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية يقول: (بسم الله الرحمن الرحيم) ثم يقف (الحمد لله رب العالمين) ثم يقف (الرحمن الرحيم) ثم يقف
. سنن أبي داود.
- واتباع السنة في الوقف عند رؤوس الآي سنة ، كما قال ابن العربي والزمخشري.
- وضبط هذا الأمر ينع الناظر وإن شذ ما شذ، فإنا نجد بعض السور افتتحت بالحروف امقطعة وفد عد بعضها آيات مثل ( الم) ، و(عسق).

- تفاوت مقادير كلمات الآيات:

-آيات القرآن متفاوتة في مقادير كلماتها فبعضها أطول من بعض ولذلك فتقدير الزمان بها في قولهم: مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية مثلا، تقدير تقريبي.
- وتفاوت الآيات في الطول تابع لما يقتضيه مقام البلاغة من مواقع كلمات الفواصل على حسب ما قبلها من الكلام
.
- وأطول آية قوله تعالى:
)هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام) إلى قوله: (وكان الله بكل شيء عليما) في سورة الفتح، وقوله: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) إلى قوله: (لو كانوا يعلمون) في سورة البقرة ودونهما قوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم)إلى قوله: (إن الله كان غفورا رحيما) في سورة النساء.
- وأقصر آية في عدد الكلمات قوله تعالى: (مدهامتان). في سورة الرحمن وفي عدد الحروف المقطعة قوله: (طه)
.
- وأما وقوف القرآن فقد لا تساير نهايات الآيات، ولا ارتباط لها بنهايات الآيات فقد يكون في آية واحدة عدة وقوف كما في قوله تعالى: (إليه يرد علم الساعة) وقف (وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه) وقف (ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك ما منا من شهيد) وقف ومنتهى الآية في سورة فصلت.
.

- عدد آيات القرآن:
- اختلف السلف في عدد آيات القرآن بناء على الاختلاف في نهاية بعضها، فقد يكون بعض ذلك عن اختلاف في الرواية ،وقد يكون بعضه عن اختلاف الاجتهاد
.
- وأجمع السلف على أن عدد آيات القرآن ستة آلاف آية، واختلفوا فيما زاد على ذلك.
* فمنهم من لم يزد ،ومنهم من قال مائتين وأربع آيات، وقيل وأربع عشرة، وقيل وتسع عشرة، وقيل وخمسا وعشرين، وقيل وستا وثلاثين، وقيل وستمائة وست عشرة
.كما ذكر أبو عمرو الداني في كتاب العدد.
- وقد كان عدد آي السور معروفا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: وروى محمد بن السائب عن ابن عباس أنه لما نزلت آخر آية وهي قوله تعالى: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) الآية قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم ضعها في رأس ثمانين ومائتين من سورة البقرة.
- واستمر العمل بعد الآي في عصر الصحابة، ففي صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم) الآية
.

- الأقوال في عد البسملة آية:
- قال المازري في شرح البرهان، قال مكي بن أبي طالب:
- أجمع أهل العدد من أهل الكوفة والبصرة والمدينة والشام على ترك عد البسملة آية في أول كل سورة.
- واختلفوا في عدها وتركها في سورة الحمد لا غير.
- وعدها آية الكوفي والمكي ولم يعدها آية البصري ولا الشامي ولا المدني.
- وقال المؤلف أن عدها آية في المدني أكثر من الكوفي.

- العد المدني:

-لأهل المدينة عددان، يعرف أحدهما بالأول ويعرف الآخر بالأخير.
- ومعنى ذلك أن الذين تصدوا لعد الآي بالمدينة من أئمة القراء هم: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، وأبو نصاح شيبة بن نصاح، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي، وإسماعيل بن جعفر بن كثير الأنصاري، وقد اتفق هؤلاء الأربعة على عدد وهو المسمى بالعدد الأول.
- ثم خالفهم إسماعيل بن جعفر بعدد انفرد به وهو الذي يقال له العدد الثاني، وقد رأيت هذا ينسب إلى أيوب ابن المتوكل البصري المتوفي سنة 200
.

- العد المكي:
-لأهل مكة عدد واحد، وربما اتفقوا في عدد آي السورة المعينة، وربما اختلفوا.

- الاختلاف في عد الآي:
- وقد يوجد اختلاف تارة في مصاحف الكوفة والبصرة والشام، كما نجد في تفسير المهدوي وفي كتب علوم القرآن.
* ولذلك تجد المفسرين يقولون في بعض السور عدد آيتها في المصحف الفلاني كذا.

- ترتيب الآي:
- ترتيب الآيات توقيفي من النبي صلى الله عليه وسلم بحسب ما نزل به الوحي.
- ترتيب الآيات في السور مما يدخل في وجوه إعجاز القرآن ولو وقع التغيير في ترتيب الآيات لفات ذلك حد الإعجاز.
- وقراءة النبي صلى الله عليه وسلم للآيات بترتيبها في السور موافقة:
* لما في مصاحف المسلمين اليوم.
* ولروايات الحفاظ من الصحابة عن العرضات الاخيرة، وما قرأ به لنبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الجهرية.
* وكذلك لكتابة زيد بن ثابت للمصحف بأمر أبي بكر رضي الله عنه حين جمع القرآن.
- والاعتماد على الحفظ لا على الكتابة، إنما كتبوه للمراجعة في حال النسيان او الشك ولم يقع ذلك.
- وعند جمع أبي بكر للقرآن لم يؤثر عن الصحابة تردد في ترتيب الآيات أو إنكار أو اختلاف.

- المناسبة بين الآيات:
- اتساق الحروف واتساق الآيات واتساق السور كله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذلك يستدعي المناسبة بين السابق واللحق من الآيات، وسواء ظهرت المناسبة أم لم تظهر فلا يتكلفها المفسر.
- ومما يدلل على وجود المناسبة بين الآيات نظم الكلام وأسلوبه وما استعمل من أدوات تفيد اتصال المعاني ووجود مناسبة وعلاقة بين الآيات
.
- ولا يعني وجود مناسبة بين الآيات اتصال اللاحق بالسابق من الآيات في النزول أو مجيئه بترتيب التلاوة.
* فقد اتفق على أن قول الله تعالى: (غير أولي الضرر) نزل بعد نزول ما قبله وما بعده من قوله تعالى: (لا يستوي القاعدون)
إلى قوله: (وأنفسهم).
- ويندر أن يكون موقع الآية عقب التي قبلها لأجل نزولها عقب التي قبلها من سورة هي بصدد النزول فيؤمر النبي بأن يقرأها عقب التي قبلها.
* وهذا كقوله تعالى: (وما نتنزل إلا بأمر ربك) عقب قوله: (تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا) في سورة مريم، فقد روي أن جبريل لبث أياما لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بوحي، فلما نزل بالآيات السابقة عاتبه النبيء، فأمر الله جبريل أن يقول: (وما نتنزل إلا بأمر ربك) فكانت وحيا نزل به جبريل، فقرئ مع الآية التي نزل بأثرها.

- وبعض الآيات فيها جمل لا يكون لها مناسبة بما سبقها إنما كان وجودها لغرض آخر اقتضى ذكرها
.
- وقد لا يكون ثم مناسبة إلا سبب مقتضى في ذلك مثل قول الله تعالى: (لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه) فهذه الآيات نزلت في سورة القيامة في خلال توبيخ المشركين على إنكارهم البعث ووصف يوم الحشر وأهواله، وليست لها مناسبة بذلك ولكن سبب نزولها حصل في خلال ذلك كما روى البخاري.
- وعدم ظهور المناسبة لا يجب أن يوقع المفسر في حيرة، فبعض الآيات لا يكون بينها مناسبة.
*وهذا كقوله تعالى: (حافظوا على الصلوات) إلى قوله: (ما لم تكونوا تعلمون) بين تشريعات أحكام كثيرة في شؤون الأزواج والأمهات.
-
وبالنظر لغرض القرآن الإصلاحي فإنه يستدعي أن تكون الآية مستقلة في دلالتها على الغرض، ولو شئنا لعبرنا عن ذلك بقول أن كل آية يمكن تصلح أن تكون كقاعدة مستقلة.
- وكلام الزركشي الذي نقله ابن عاشور يؤخذ منه تطلب مناسبة بين الآيات، وإن كانت الآية تبدو مستقلة، فإنه ثم علاقة بينها وبين ما سبقها.
- والذي ذهب إليه ابن عاشور أن ووجود الجمل المعترضة لا يعني انتفاء المناسبة بين الآيات.

- وقوف القرآن:
- تعريف الوقف:
- الوقف هو قطع الصوت عن الكلمة حصة يتنفس في مثلها المتنفس عادة.
- والوقف عند انتهاء جملة من جمل القرآن قد يكون أصلا لمعنى الكلام فقد يختلف المعنى باختلاف الوقف.
* مثل قوله تعالى: (وكأين من نبيء قُتل معه ربيون كثير) فإذا وقف عند كلمة (قتل) كان المعنى أن أنبياء كثيرين قتلهم قومهم وأعداؤهم. ومع الأنبياء أصحابهم فما تزلزلوا لقتل أنبيائهم فكان المقصود تأييس المشركين من وهن المسلمين على فرض قتل النبي صلى الله عليه وسلم في غزوته. على نحو قوله تعالى في خطاب المسلمين: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) الآية، وإذا وصل قوله: (قتل) عند قوله: (كثير) كان المعنى أن أنبياء كثيرين قتل معهم رجال من أهل التقوى فما وهن من بقي بعدهم من المؤمنين وذلك بمعنى قوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) إلى قوله: (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
.

- مناهج العلماء في تقسيم الوقف:
- ويرى المؤلف أنه لا تجد في القرآن مكانا يجب الوقف فيه ولا يحرم الوقف فيه كما قال ابن الجزري في أرجوزته.
- وينقسم الوقف إلى أكيد حسن ودونه، وهو تقسيم باعتبار المعنى.
- وبعض العلماء استحسن الوقف عند نهاية الكلام وأن يكون ما يتطلب المعنى الوقف عليه قبل تمام المعنى سكتا.
* والسكت هو قطع الصوت حصة أقل من حصة قطعه عند الوقف.

- فائدة الوقف:
- التعدد في الوقف قد يحصل به ما يحصل بتعدد وجوه القراءات من تعدد المعنى مع اتحاد الكلمات.
* ومثال ذلك قول الله تعالى: (ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا قوارير من فضة قدروها تقديرا) فإذا وقف على (قواريرا) الأول كان (قوارير) الثاني تأكيدا لرفع احتمال المجاز في لفظ (قواريرا)، واذا وقف على (قوارير) الثاني كان المعنى الترتيب والتصنيف.

- العناية بالوقف عند السلف والخلف:
-
لم يشتد اعتناء السلف بتحديد أوقاف القرآن لظهور أمرها.
- ومن احتج بوجوب ضبط أوقاف القرآن بكلام روي عن عبد الله بن عمر ليس واضحا كدليل على ذلك.
- وكان اعتناء السلف بفواصل القرآن التي هى مقاطع آياته.
- تعليق: ولما ثبت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم بوقوفه عند رؤوس الآي.
- كما أن وضوح اللغة العربية وسياق الكلام يمنع من الوقوع في الفهم الخاطئ، فقول الله تعالى: (يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم) لو وقف القاري على قوله: (الرسول) لا يخطر ببال العارف باللغة أن قوله: (وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم) تحذير من الإيمان بالله، وكيف يخطر ذلك وهو موصوف بقوله
: (ربكم) فهل يحذر أحد من الإيمان بربه.
- وكذلك قوله تعالى: (أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها) فإن كلمة (بناها) هي منتهى الآية والوقف عند (أم السماء)
ولكن لو وصل القارئ لم يخطر ببال السامع أن يكون (بناها) من جملة (أم السماء) لأن معادل همزة الاستفهام لا يكون إلا مفردا.
- وعند دخول الكثيرون في الإسلام ممن ليسوا من أهل اللسان، توجه اعتناء أهل القرآن إلى ضبط وقوفه تيسيرا لفهمه على قارئيه.
- فظهر الاعتناء بالوقوف وروعي فيها ما يراعى في تفسير الآيات فكان ضبط الوقوف مقدمة لما يفاد من المعاني عند واضع الوقف
.
- وأشهر من تصدى لضبط الوقوف أبو محمد بن الأنباري، وأبو جعفر بن النحاس، وللنكزاوي أو النكزوي كتاب في الوقف ذكره في الإتقان، واشتهر بالمغرب من المتأخرين محمد بن أبي جمعة الهبطي المتوفي سنة 930.

* سور القرآن:

- تعريف السورة:
- هى قطعة من القرآن معينة بمبدأ ونهاية لا يتغيران، لها اسم مخصوص.
- تشتمل على ثلاث آيات فأكثر في غرض تام ترتكز عليه معاني آيات تلك السورة.
* وتعيين حد السورة بثلاث آيات مأخوذ من استقراء سور القرآن مع حديث عمر حين جاء الحارث بن خزيمة – أو الحارث أبو خزيمة- بالآيتين من آخر سورة براءة- فقال: أشهد أني سمعتهما من رسول الله. فقال عمر: وأنا أشهد لقد سمعتهما منه، ثم قال: لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة إلخ، فدل على أن عمر ما قال ذلك إلا عن علم بأن ذلك أقل مقدار سوره
.
- غرض السورة ناشئ عن أسباب النزول، أو عن مقتضيات ما تشتمل عليه من المعاني المتناسبة.
- وهذا الاسم (السورة) من مصطلحات القرآن وقد شاع عند العرب حتى المشركين منهم.

- دلالة القرآن على تسمية السورة:
- قال الله تعالى: (فأتوا بعشر سور مثله) وقال تعالى: (فأتوا بسورة من مثله)، وقد وقع التحدي بعد نزول السور الأول، وقد عُلم المراد بالسورة.
- جاء في القرآن تسمية سورة النور باسم سورة في قوله تعالى: (سورة أنزلناها) أي هذه سورة.
- ولم تكن أجزاء التوراة والإنجيل والزبور مسماة سورا عند العرب في الجاهلية ولا في الإسلام.

- وجه التسمية بالسورة:
- قيل أن الاسم مأخوذ من السور بضم السين وتسكين الواو وهو الجدار المحيط بالمدينة، وزيدت الهاء مراعاة لمعنى القطعة من الكلام.
- وقيل مأخوذ من السؤر بهمزة بعد السين وهو البقية مما يشرب الشارب بمناسبة أن السؤر جزء مما يشرب، ثم خففوا الهمزة بعد الضمة فصارت واوا.
- وترك الهمز في (سورة) هو لغة قريش ومن جاورها، وأما الهمز فهو لغة تميم، وليست إحدى اللغتين بدالة على أن أصل الكلمة من المهموز أو المعتل، لأن للعرب في تخفيف المهموز وهمز المخفف من حروف العلة طريقتين. ذكره ابن عطية.
* قال الفراء: ربما خرجت بهم فصاحتهم إلى أن يهمزوا ما ليس مهموزا كما قالوا رثأت الميت ولبأت بالحج وحلأت السويق بالهمز
.
- وجمع سورة: سور بتحريك الواو كغرف، ونقل في شرح القاموس عن الكراع أنها تجمع على سور بسكون الواو
.

- تسوير القرآن (أي جعله سورا):
- تسوير القرآن من السنة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
- حيث قُسم القرآن إلى مائة وأربع عشرة سورة بأسمائها، ولم يخالف في ذلك إلا ابن مسعود لعد إثباته المعوذتين في مصحفه، وأثبت القنوت في صلاة الصبح على أنه سورة من القرآن سماها سورة الخلع والخنع، وجعل سورة الفيل وسورة قريش سورة واحدة، وذلك بناء على فهمه من نزول القرآن.
- تعليق: اعتمد بعض الصحابة تسمية السور وكتابتها في مصحفهم الخاص على فهمهم من نزول القرآن.
- ولم يتوفى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا والقرآن مسوراً سورا معينة، كما دل حديث اختلاف عمر وهشام بن حكيم في آيات من سورة الفرقان.
- ويدل له قول ابن مسعود في سور بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء (هن من العتاق الأول وهن من تلادي).
- فائدة تسوير القرآن:
- قال الزمخشري في تفسير قول الله تعالى: (فأتوا بسورة من مثله):
*
إن الجنس إذا انطوت تحته أنواع كان أحسن وأنبل من أن يكون بيانا واحدا.
*وأن القارئ إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ في آخر كان أنشط له وأهز لعطفه.

- حفظ عدد سور القرآن ومقاديرها من الآيات:
- لم يحفظ ما يفيد اختلاف جمهور الصحابة في عدد سور القرآن حين جمعوه، وأنها مائة وأربع عشرة سورة.
- وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلت الآية يقول: (ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا) مروي عن ابن عباس ورواه أصحاب السنن.
- والسور كانت معلومة المقادير منذ زمن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث حفظت عنه صلى الله عليه وسلم في الصلاة حيث ورد في السنة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصلاة سورة كذا وسورة كذا، وفي عرض القرآن علمت منه سور القرآن.
- فترتيب الآيات في السور هو بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك عزا ابن عطية إلى مكي بن أبي طالب وجزم به السيوطي في الإتقان، وبذلك يكون مجموع السورة من الآيات أيضا توقيفيا.
- تعليق: ترتيب الآيات في السورة توقيفيا.
- ومما يدل على معلومية السور زمن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صلاة الكسوف، وفي الحديث الآخر لما سئل صلى الله عليه وسلم رجلا: (ما معك من القرآن؟) قال: سورة كذا وسورة كذا.... .

- ترتيب سور القرآن توقيفي أم اجتهادي:
- وقال الباقلاني أنه يحتمل أن يكون توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون اجتهاد من الصحابة.
* وإن كان ابن عطية نقل عن الباقلاني الجزم بأنه اجتهاد إذ قال أنه من وضع زيد بن ثابت بمشاركة عثمان.
- والذي ظهر عند ابن عطية من الأثر أن بعض السور كان مرتبا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كالسبع الطوال والحواميم والمفصل، وبعضها وقع في ترتيبه الاجتهاد عند كتابة المصحف.
- وذهب أبو عمر الداني أن ترتيب الآيات في السور، وترتيب السور بعضها إثر بعض توقيفي.
- والجمهور أن كثيرا من السور كان مرتبا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
- تعليق: فيمكن أن نقول أن ترتيب السور جمع بين التوقيف والاجتهاد.
- واستدل عياض في الإكمال على كون ترتيب السورة وقع باجتهاد الصحابة حين كتبوا المصحف ، ودليله حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة بالبقرة ثم بالنساء ثم بآل عمران في ركعة.والحديث في صحيح مسلم.
- وقال بالاجتهاد أيضا مالك وجمهور العلماء.
- وجاء في تفسير شمس الدين محمود الشافعي أن التواتر يجب أن يكون في أصل القرآن وأجزائه ووكذلك في محله ووضعه وترتيبه، وضعف قول من لم يشترط التواتر في محله ووضعه وترتيبه.

- قول ابن عاشور في ترتيب السور:
- ذهب المؤلف إلى أن عدداً من السور كان مرتبا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفق ترتيبها في مصحف اليوم، المجموع في زمن أبي بكر، والمتفق عليه في زمن عثمان رضي الله عنهما.
- وقال أن سور المفصل كانت هى آخر القرآن وكانت السنة القراءة في بعض الصلوات بطوال المفصل وبقصاره وبمتوسط، وأن السبع الطوال فهم أول القرآن وكانت مرتبة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
- تعليق: وعلى هذا فإن ما عدا تلك السور قد يكون وقع فيه الاجتهاد.
- وقال أن زيد وعثمان وهما من أكبر حفاظ القرآن توخيا ما استطاعا ترتيب قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للسور، وزيد كان ممن لازم النبي صلى الله عليه وسلم مدة حياته في المدينة، ولم يتردد في ترتيب سور القرآن وفق ما قرأ به النبي صلى الله عليه وسلم عند نسخ المصاحف في زمن عثمان.

- جمع القرآن وسوره:
- كان عدد من الصحابة قد جمع القرآن كله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم : زيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وعبد الله بن عمر، وعبادة بن الصامت، وأبو أيوب، وسعد بن عبيد، ومجمع بن جارية، وأبو موسى الأشعري.
- وقد حفظ كثير من الصحابة أكثر القرآن على تفاوت بينهم
.
- وحين جمع
القرآن في خلافة أبي بكر لم يجمع في مصحف مرتب وإنما جعلوا لكل سورة صحيفة مفردة ولذلك عبروا عنها بالصحف.
- وصارت الصحف إلى عمر بعد وفاة أبي بكر رضي الله عنهما ومن بعد عمر صارت عند ابنته حفصة، وحين أراد عثمان جمع القرآن في مصحف واحد نسخ تلك الصحف في مصحف واحد، ثم رد الصحف إلى حفصة.
- والصحيح أن جمع القرآن في زمن أبي بكر كان في مصحف واحد. كما ذكر ابن حجر في فتح الباري.

- ترتيب السور في مصاحف الصحابة:

-قد يوجد في آي من القرآن ما يقتضي سبق سورة على أخرى مثل قوله في سورة النحل: (وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل) يشير إلى قوله: (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) الآية من سورة الأنعام فدلت على أن سورة الأنعام نزلت قبل سورة النحل، وكذلك هي مرتبة في المصحف.
- وقد ثبت أن آخر آية نزلت آية في سورة البقرة أو في سورة النساء أو في براءة، وثلاثتها في الترتيب مقدمة على سور كثيرة.
- فالمصاحف الأولى التي كتبها الصحابة لأنفسهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كانت مختلفة في ترتيب وضع السور
.
- وممن كان له مصحف عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب.
- وروي أن أول من جمع القرآن في مصحف سالم مولى أبي حذيفة.
- قال في الإتقان: إن من الصحابة من رتب مصحفه على ترتيب النزول أي بحسب ما بلغ إليه علمه وكذلك كان مصحف علي رضي الله عنه وكان أوله (اقرأ باسم)، ثم المدثر، ثم المزمل، ثم التكوير وهكذا إلى آخر المكي ثم المدني.
- ومنهم من رتب على حسب الطول والقصر وكذلك كان مصحف أبي وابن مسعود فكانا ابتدأ بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، وعلى هذه الطريقة أمر عثمان رضي الله عنه بترتيب المصحف المدعو بالإمام
.

- سبب عدم الفصل بين سورتي الأنفال والتوبة بالبسملة:
- عن ابن عباس أنه سأل عثمان عن الجمع بين الأنفال وهى من المثاني وبراءة وهى من المئين في السبع الطوال ولم يكتب بينهما البسملة، فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: (ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا)، وكانت الأنفال من أوائل ما أنزلت بالمدينة وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها فقبض رسول الله ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم فوضعتهما في السبع الطوال) أخرجه الترمذي وأبي داود.
- وهو صريح في أنهم جعلوا علامة الفصل بين السور كتابة البسملة.
- والراجح عند الصحابة أن براءة سورة مستقلة لكنهم لم يجزموا بذلك، فلم يكتبوا قبلها البسملة.

- سبب تقديم سورة آل عمران على سورة النساء في المصحف الإمام:
- اتباعا لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وسبب قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لسورة آل عمران قبل سورة النساء يرجع للاحتمالات التالية:
1. لأنها سبقتها في النزول.
2.أو مراعاة للمناسبة بينهما في الافتتاح بكلمة ( الم).
3.أو لوصفهما وصفا واحدا: ( اقرءوا الزهراوين) وذكر فضلهما، أو لما في حديث النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران، وضرب لهما ثلاثة أمثال) الحديث
.

- اعتبار الطول والقصر في السور:
- اعتبار الطول والقصر في السور مراعى فيه عدد الآيات لا عدد الكلمات والحروف.

- ترتيب السور المكية والمدنية في المصحف:
- الاختلاف بين الصحابة في تعيين المكي والمدني من سور القرآن خلاف ليس بكثير.
- ترتيب المصحف تخللت فيه السور المكية والمدنية.
- وأما ترتيب نزول السور المكية ونزول السور المدنية ففيه ثلاث روايات، إحداها رواية مجاهد عن ابن عباس، والثانية رواية عطاء الخراساني عن ابن عباس، والثالثة لجابر بن زيد.
- ولا يصح إلا اعتماد رواية ابن عباس ولا يكون إلا عن ابن عباس، وهي التي اعتمدها الجعبري في منظومته التي سماها تقريب المأمول في ترتيب النزول وذكرها السيوطي في الإتقان وهي التي جرينا عليها في تفسيرنا هذا
.

- مخالفة ترتيب المصحف في القراءة:
- ولا بأس بالقراءة على غير ترتيب المصحف فقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بالبقرة ثم بالنساء ثم بآل عمران في ركعة.مروي عن حذيفة في صحيح مسلم.
- ويدل أيضا لذلك ما روي في البخاري من حديث عائشة لما سئلت أن يُرى مصحفها فقالت: ( وما يضرك أية آية قرأت قبل..).
- قال ابن بطال: (لا نعلم أحدا قال بوجوب القراءة على ترتيب السور في المصحف بل يجوز أن تقرأ الكهف قبل البقرة، وأما ما جاء عن السلف من النهي عن قراءة القرآن منكسا، فالمراد منه أن يقرأ من آخر السورة إلى أولها.
– قال ابن عاشور، ويمكن حمل النهي على الكراهة.

- أسماء السور والمقصد من تسميتها:
- أسماء السور توقيفية، إذ جعلت لها من عهد نزول الوحي.
- وقصد بتسمية السورة تيسير مراجعتها وتذكرها، وتميزيها عن غيرها.

- أصل أسماء السور:
- أن تكون بالوصف كقولهم السورة التي يذكر فيها كذا، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا نزلت الآية (ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا) .
-ثم شاع الاسم وصار التعويض عنه بسورة ذكر البقرة مثلا، ثم قالوا: سورة البقرة، وذلك بحذف الإضافة وإدخال تقدير أو أنهم لم يقدروا مضافا- وأضافوا السورة لما يذكر فيها لأدنى ملابسة.
- وقد ثبت في صحيح السنة تسمية بعض السور باسمها فيقال سورة البقرة وسورة النجم.
- وأما ما ورد عن أنس مرفوعا: (لا تقولوا سورة البقرة ...) فرده أحمد وقال هو حديث منكر، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، أما ابن حجر فأثبت صحته.
- وهذا المرفوع المروي عن أنس، روي عن ابن عمر مثله ولا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره البيهقي في الشعب، وعمل بما ورد في الأثر الحجاج بن يوسف.
- ومن صحح حديث أنس تأولوه وتأولوا قول ابن عمر أن ذلك كان في مكة إذ قال المسلمون سورة الفيل أوسورة العنكبوت استهزأ بهم المشركون، ولما هاجروا إلى المدينة زال سبب النهي فنسخ، وعلم الناس كلهم معنى التسمية.
- ولم يشتهر عن السلف هذا المنع، وترجم له البخاري في فضائل القرآن باباً، وأخرج أحاديث دلت على تسمية السورة باسم كالبقرة والفتح والنساء، وأن بعضا من هذا كان من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم.
- ولا إشكال في ذكر السورة باسم لها كالبقرة، أو بوصف كأن يقال: السورة التي ذكر فيها كذا.
- وفي حديث غزوة حنين، ورد مناداة العباس للأنصار بما أمره به النبي صلى الله عليه وسلم:( يا أصحاب سورة البقرة).
- والظاهر أن الصحابة سموا بما حفظوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أخذوا لها أشهر الأسماء التي كان الناس يعرفونها بها ولو كانت التسمية غير مأثورة، فقد سمى ابن مسعود القنوت سورة الخلع والخنع ، فتعين أن تكون التسمية من وضعه.

- وقد اشتهرت تسمية بعض السور في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وسمعها وأقرها.

- بم تسمى السور:
- أسماء السور إما أن تكون بأوصافها مثل الفاتحة وسورة الحمد.
- وإما أن تكون بالإضافة لشيء اختصت بذكره نحو سورة لقمان وسورة يوسف وسورة البقرة.
-وإما بالإضافة لما كان ذكره فيها نحو سورة هود وسورة إبراهيم.
- وإما بالإضافة لكلمات تقع في السورة نحو سورة براءة، وسورة حم عسق، وسورة حم السجدة كما سماها بعض السلف، وسورة فاطر.
- وقد سموا مجموع السور المفتتحة بكلمة حم آل حم وربما سموا السورتين بوصف واحد فقد سموا سورة الكافرون وسورة الإخلاص المقشقشتين
.

- الفصل بين السور في المصحف:
- لم يثبت الصحابة أسماء السور في المصحف، كراهة أن يكتبوا في المصحف ما ليس من القرآن، لكن صاحب الإتقان ذكر أن سورة البينة في مصحف أبي سميت بسورة أهل الكتاب، وهذا يدل عل الإذن بتسمية السور في المصاحف.
- تعليق: وفيه أيضا دليل على جواز تسمية السورة بأكثر من اسم.

- واعتمد الصحابة إثبات البسملة في بداية كل سورة كعلامة على الفصل بين السور.
- واختيار البسملة للفصل بين السور كونها آية من القرآن، وهى تناسب أن يفتتح بها كل سورة.
- تعليق:(فيما عدا براءة).
- وفي عصر التابعين كتبت أسماء السور في المصحف ولم ينكر عليهم ذلك.
- وذكر المازري في شرح البرهان عن الباقلاني أن أسماء السور كتبت بخط آخر لتتميز عن القرآن، وأن البسملة كانت مكتوبة في أوائل السور بخط لا يتميز عن الخط الذي كتب به القرآن
.

- ترتيب الآيات في السورة:
- نزلت آيات القرآن وسوره منجمة، وبعض سوره نزلت جملة واحدة كسور الفاتحة والمرسلات والأنعام.
- وآخر سورة نزلت كاملة كانت براءة لما جاء في حديث البراء بن عازب كما في صحيح البخاري.
- وكانت الآية إذا نزلت أمر النبي صلى الله عليه وسلم الكتبة بوضعها في موضعها من السورة، ولذا في بعض السور آيات مكية وأخرى مدنية باعتبار نزولها.
- وعلم من ذلك أن نهايات السور كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم/ كما في الحديث: ( من قرأ الآيات الخواتم من سورة آل عمران).


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir