دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطلاق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 ربيع الثاني 1432هـ/30-03-2011م, 03:20 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ
وَإِنْ حَلَفَ لاَ يَدْخُلُ دَاراً أَوْ لاَ يَخْرُجُ مِنهَا فَأَدْخَلَ أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ جَسَدِهِ، أَوْ دَخَلَ طَاقَ البَابِ، أَوْ لاَ يَلْبَسُ ثَوْباً مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْباً فِيهِ مِنْهُ، أَوْ لاَ يَشْرَبُ مَاءَ هـذَا الإِنَاءِ فَشَرِبَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ فَعَلَ المَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِياً أَوْ جَاهِلاً حَنِثَ فِي طَلاَقٍ وَعِتَاقٍ فَقَطْ،..................
قوله: «وإن حلف لا يدخل داراً أو لا يخرج منها فأدخل أو أخرج بعض جسده» فإنه لا يحنث، مثاله: قال: والله لا أدخل هذه الدار، فأدخل بعض جسده، مثل رأسه، يعني انحنى بظهره حتى دخل رأسه من الباب فإنه لا يحنث؛ لأنه ما دخل، وكذلك لو قال: والله لا أخرج من هذا البيت ثم أخرج بعض جسده لم يحنث؛ لأنه لم يخرج، هذا التعليل، أما الدليل فلأنه ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يُخرِج رأسه إلى عائشة رضي الله عنها وهو معتكف، وهي في حجرتها فترجِّله[(83)]، والمعتكف ممنوع من الخروج من المسجد، فدل هذا على أن إخراج بعض الجسد لا يكون إخراجاً.
قوله: «أو دخل طاق الباب» دخل كله لكن تحت طاق الباب، فإنه لا يحنث، سواء بدخول أو بخروج؛ لأنه ما انفصل من المكان، والعبرة بالعرف، وهذا في منزلة بين المنزلتين، فهو لم يخرج ولم يدخل.
قوله: «أو لا يلبس ثوباً من غزلها فلبس ثوباً فيه منه» فإذا حلف لا يلبس ثوباً من غزلها، فلبس ثوباً فيه من غزلها فإنه لا يحنث؛ لأن البعض ليس كالكل، وهذا فيه بعض من غزلها، وليس فيه كل الغزل.
قوله: «أو لا يشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضه لم يحنث» قال: والله لا أشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضاً منه، فإنه لا يحنث؛ لأن البعض ليس كالكل، وقد سبق لنا أن ما كان إيجاباً فإنه يشمل الجميع، والنفي يثبت حتى في البعض، لكن لو قال: والله لا أشرب ماء هذا النهر وشرب بعضه يقول العلماء: إنه يحنث لاستحالة تعلقه بالكل، فغير معقول أن يشرب الإنسان كل النهر، فلما تعذر حمله على الكل ثبت الحكم في بعضه، وهذه قرينة ظاهرة، فكلٌّ يعرف أنه إذا قال: والله ما أشرب ماء هذا النهر أنه لا يقصد شرب مائه كله، فالمهم أنه يفرق بين ما يمكن أن يراد به الكل، وبين ما لا يمكن، فالذي لا يمكن أن يراد به الكل يحمل على البعض، فلو قال: والله لا آكل الخبز، وأكل خبزاً يحنث؛ إذ يستحيل أن يأكل خبز الدنيا كلها، لكن لو قال: والله لا آكل هذه الخبزة فأكل بعضها ما يحنث.

، وَإِنْ فَعَلَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَهُ، وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ لَمْ يَبَرَّ إِلاَّ بِفِعْلِهِ كُلِّهِ.
قوله: «وإن فعل المحلوف عليه ناسياً أو جاهلاً حنث في طلاق وعتاق فقط» إذا فعل المحلوف عليه ناسياً، مثل أن يقول: والله لا أكلم فلاناً، فنسي فكلَّمه فلا شيء عليه؛ لأن الحنث على اسمه، يعامل معاملة الآثم، وفِعْل ما يأثم به على وجه النسيان لا شيء فيه؛ لقوله تعالى: {{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}} [البقرة: 286] ، فهذا الرجل قال: والله لا أكلم فلاناً فكلمه ناسياً، نقول له: لا شيء عليك، ولكن هل تبقى يمينه أو تنحل؟ تبقى يمينه لكنه لا يحنث، بمعنى أننا لا نلزمه بالكفارة.
وكذلك لو فعله جاهلاً قال: والله لا ألبس هذا الثوب، فلبس ثوباً يظنه غيره، فتبين أنه المحلوف عليه فليس عليه الحنث، لكن متى علم وجب عليه خلعه، ويمينه باقية.
كذلك لو فعله مكرهاً، مثل ما لو أكره على أن يفعل المحلوف عليه ففعل، فإنه لا حنث عليه، ولكن اليمين باقية.
وكذلك لو فعله نائماً قال: والله لا ألبس الغترة اليوم، ونام وبجانبه غترة فلبسها، فليس عليه شيء؛ لأنه نائم، ولهذا فإن المُحْرِم لو غطى رأسه وهو نائم فلا شيء عليه، لكن متى استيقظ وجب عليه إزالته أو يحنث.
وقوله: «حنث في طلاق وعتاق فقط» يعني وفي غيرهما لا يحنث، في طلاق مثل أن يقول: إن لبستُ هذا الثوب فزوجتي طالق، فنسي ولبسه تطلق زوجته، وكذلك لو قال: إن لبست هذا الثوب فزوجتي طالق ولبسه جاهلاً أنه الثوب الذي علق الطلاق عليه فإن زوجته تطلق؛ لأن الطلاق حق آدمي، وحق الآدمي ما يعذر فيه بالجهل والنسيان، هذا هو السبب.
وكذلك العتق لو قال: إن لبست هذا الثوب فعبدي حر فلبسه ناسياً أو جاهلاً عتق العبد؛ والعلة فيه ما سبق أنه حق آدمي لا يعفى فيه بالجهل والنسيان، وليت المؤلف ذكر شيئاً ثالثاً وهو الإكراه.
والصواب في هذه المسألة: أنه لا حنث عليه لا في الطلاق ولا في العتق؛ لأن لدينا قاعدة ممن له الحكم، وهو الله تبارك وتعالى، فقد قال في قول المؤمنين: {{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}} [البقرة: 286] : «قد فعلت»[(84)]، وقال تعالى: {{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}} [الأحزاب: 5] حتى اليمين إذا حلف الإنسان وهو لم يعقدها لم تكن شيئاً، قال الله تعالى: {{لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ}} [المائدة: 89] ، وعلى هذا فلا تطلق زوجته بذلك، ولا يعتق عبده بذلك، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
كذلك لو حلف على شيء يظن أنه كذا وليس كذلك؛ فإنه لا حنث عليه إلا في الطلاق والعتق، مثل أن يقول: إن كان فلان قادماً فزوجتي طالق، وظنه أنه لم يقدم، فالمذهب أن الزوجة تطلق.
والصواب: أنها لا تطلق؛ لأن حكمه حكم اليمين، وقد ثبت أن رجلاً قال للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما قال: «خذ هذا فتصدق به» ، فقال الرجل: أعَلى أفقر مني يا رسول الله، فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني[(85)]، حلف على هذا، وهل هو قد فتش البيوت؟! ما فتش، ولكنه حلف على ظنه، وكذلك في القسامة أولياء المقتول يحلفون على القاتل، وإن كانوا لم يروه بناء على غلبة ظنهم.
وكذلك ـ أيضاً ـ لو حلف على شيء مستقبل يظن وقوعه فلم يقع، مثل أن يقول: والله ليقدمن زيد غداً، ثم لم يقدم فلا شيء عليه؛ لأنه حين قال: والله ليقدمن غداً لا يريد الالتزام ولا الإلزام، وإنما يخبر عما في قلبه، سواء قدم أم لم يقدم، حتى وإن لم يقدم، لو سئل لقال: نعم أنا أظن أنه سيقدم، وأنا ما حلفت على شيء إلا وأظن وقوعه، وما زلت أظن وقوعه حتى غربت الشمس.
وكذلك لو كان طلاقاً فقال: عليَّ الطلاق ليقدمن زيد غداً، فلم يقدم وقصده الخبر، وليس قصده إلزام زيد بالقدوم، ولا أن يلتزم بمجيئه به، فإنه لا حنث عليه، هذا هو الصواب في هذه المسألة، وهو أن الأصل أن العبادات مبنية على غلبة الظن، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
قوله: «وإن فعل بعضه لم يحنث إلا أن ينويه» إن حلف على شيء لا يفعلنه، ولكنه فعل بعضه لم يحنث إلا أن ينويه، فإن نواه حنث؛ لأن الأيمان مبنية على النية.
مثال ذلك قال: والله لآكلنَّ هذه الخبزةَ فأكل بعضها فإنه لا يحنث إلا إذا نوى جزءاً منها، أي: قصده مجرد طعمها؛ وكذلك لو كان هناك قرينة كما تقدم لنا في مسألة الحلف على شرب ماء النهر، فإذا كان هناك نية تدل على أنه أراد البعض، أو قرينة تدل على أنه أراد البعض عمل بها.
قوله: «وإن حلف ليفعلنه لم يَبَرَّ إلا بفعله كله» حلف ليفعلن هذا الشيء فما يبر إلا بفعله كله، مثل أن يقول: والله لأكتبن باب الطلاق من زاد المستقنع، فكتب سطرين ثم قال: ما أنا بكاتب، نقول: يحنث؛ لأنه لا يبر إلا بفعله كله.
واعلم أن ما ذكره المؤلف هنا تحكم فيه النية فإذا نوى شيئاً حكم به؛ لأن أول ما نرجع في الأيمان إلى نية الحالف كما سيأتي إن شاء الله.





[83] أخرجه البخاري في الحيض/ باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله (295)، ومسلم في الطهارة/ باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله... (297) عن عائشة رضي الله عنها.
[84] أخرجه مسلم في الإيمان/ باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق (126) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
[85] أخرجه البخاري في الصوم/ باب إذا جامع في رمضان... (1936)، ومسلم في الصيام/ باب تحريم الجماع في شهر رمضان... (1111).


التوقيع :
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, فصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir