مجلس مذاكرة القسم السابع من تفسير سورة البقرة
الآيات (87 – 100)
السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب).
اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87( }البقرة
.
إجابة السؤال الأول: الفوائد السلوكية:
1- سعة رحمة الله سبحانه بخلقه ، ومن ذلك إرسال الرسل وإنزال الكتب .
2- الإيمان بأن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله.
3- الخضوع والتسليم لشرع الله، وعدم الاستكبار.
4- أن لابد للحق من دليل راسخ وقوة تحميه. قال تعالى:{وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}.
5- أنه كلما كان العبد متعلق بالله كان أعظم وأشرف، قال تعالى: { رُوحِ الْقُدُسِ}.
6- مخالفة الهوى ، وعدم اتباعه، لأنه سبب الاستكبار والكفر.
7- استخدام جميع السبل المتاحة للدعوة إلى الحق ونصرته.
السؤال الثاني: أجب على إحدى المجموعات:
المجموعة الأولى:
1:فسّر باختصار قول الله تعالى:{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)}البقرة.
جـ1: التفسير:
قال الإمام أبو جعفر بن جريرٍ الطّبريّ رحمه اللّه: أجمع أهل العلم بالتّأويل جميعًا [على] أنّ هذه الآية نزلت جوابًا لليهود من بني إسرائيل، إذ زعموا أنّ جبريل عدوٌّ لهم، وأن ميكائيل وليٌّ لهم، ثمّ اختلفوا في السّبب الذي من أجله قالوا ذلك، ووقال مجاهدٌ: ((قالت يهود: يا محمّد، ما ينزل جبريل إلّا بشدّةٍ وحربٍ وقتالٍ، وإنّه لنا عدوٌّ. فنزل: {قل من كان عدوًّا لجبريل}الآية)). ذكره ابن كثير
يقول سبحانه وتعالى{قُلْ}:أي قل يامحمد لليهود .
مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ: أي من كان يعادي رسول الله إلى رسله ، وهو جبريل أمين الوحي عليه السلام الرّوح الأمين الذي نزل بالذّكر الحكيم على قلبك من اللّه بإذنه له في ذلك ، ومن عادى رسولًا فقد عادى جميع الرّسل، كما أنّ من آمن برسولٍ فإنّه يلزمه الإيمان بجميع الرّسل، وكما أنّ من كفر برسولٍ فإنّه يلزمه الكفر بجميع الرّسل ، وجبريل: جاء فيه لغات كثيرة ، أشهرها جبريل ، وجبرائيل ،وهو موكل بالوحي.
فَإِنَّهُ: أي فإن الله سبحانه ، فالضمير عائد عليه.
نَزَّلَهُ :أي جبريل عليه السلام، وقيل أن الضمير في أنه عائد على جبريل ، وفي نزله عائد على القرآن، والمعنى أن الله سبحانه أنزل جبريل دون غيره من الملائكة بالقرآن والوحي.
عَلَى قَلْبِكَ:أي على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وخص القلب بالذكر لأنه موضع العقل والعلم وتلقي المعارف.
بِإِذْنِ اللَّهِ : أي بعلمه وتمكينه إياه من هذه المنزلة .
مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ: أي مصدقا لما تقدمه من الكتب التي أنزلها الله سبحانه.
وهدًى وبشرى للمؤمنين: هدىً أي إرشاد، والبشرى: أكثر استعمالها في الخير، ولا تجيء في الشر إلا مقيدة به، ومعناه أنه هدىً لقلوبهم ، وبشرى لهم بالجنة ، وهذا لا يكون إلا للمؤمنين.
قال ابن عطية: [ومقصد هذه الآية: تشريف جبريل صلى الله عليه وسلم وذم معاديه].
من كان عدوًّا للّه: هذا وعيد وذم منه سبحانه لمن عادى جبريل عليه السلام ، وفيها إعلام أن من عادى بعض رسل الله سواء من الملائكة أو البشر فقد عادى الله سبحانه.
عدوًّا للّه: وعداوة العبد لله هي معصيته واجتناب طاعته ومعاداة أوليائه، وعداوة الله للعبد تعذيبه وإظهار أثر العداوة عليه. كما ذكره ابن عطية
وملائكته ورسله وجبريل وميكال: هذا من باب عطف الخاصّ على العامّ، فإنّهما دخلا في الملائكة، ثمّ عموم الرّسل خص الله جبريل وميكائل لفضلهما ، وقيل لأن اليهود ذكروهما والسّياق في الانتصار لجبريل وهو السّفير بين اللّه وأنبيائه.
وميكال: هو ملك من ملائكة الله سبحانه ، موكّلٌ بالقطر والنّبات فيه لغات منها : ميكائيل , وميكال, وقد قرئ بهما جميعاً، وفيه أيضاً غيرهما، رواى ابن جريرٍ عن عكرمة أنّه قال: ((جبر، وميك، وإسراف: عبيد. وإيل: الله)).
فإنّ اللّه عدوٌّ للكافرين: وهذا فيه إيقاع المظهر مكان المضمر ، وذلك لتقرير هذا المعنى وإظهاره، وإعلامهم أنّ من عادى أولياء اللّه فقد عادى اللّه، ومن عادى اللّه فإنّ اللّه عدوٌّ له، ومن كان اللّه عدوّه فقد خسر الدّنيا والآخرة،وقد جاء في الحديث: ((من عادى لي وليًّا فقد بارزني بالحرب))وفي الحديث الآخر: ((إنّي لأثأر لأوليائي كما يثأر اللّيث الحرب))وفي الحديث الصّحيح: ((ومن كنت خصمه خصمته((.
2:اذكر الخلاف مع الترجيح في كل من
:
أ: معنى قول اليهود: "قلوبنا غلف".
أ: ورد في كلمة غلف قراءتين رئيسيين ، ويُبنى عليهما ما جاء في معنى الكلمة:
الأولى:غُلْف. بسكون اللام ، وهى أجود القراءتين ، لأن لها شاهد من القرآن ومعناها: ذوات غلف، الواحد منها أَغْلَف، وعلى هذا يكون المعنى قلوبنا في أوعية، وذلك لعدم طهارة قلوبهم، وأنّها بعيدةٌ من الخير. والدليل على ذلك قوله: {وقالوا قلوبنا في أكنّة ممّا تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب}، ويندرج تحت هذا القول ، ويرجع إليه ما جاء عن بعض السلف من اقوال:
قيل معناه: في أكنّةٍ. وهذا قاله قتادة ، ورواه محمّد بن إسحاق عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ عن ابن عباس، وقد جاء عن عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم أنه قال: ((يقول: قلبي في غلافٍ فلا يخلص إليه ما تقول))، قرأ: {وقالوا قلوبنا في أكنّةٍ ممّا تدعونا إليه}.
وقيل معناه: لا تفقه. وهذا قاله أبو العالية ، ورواه عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس.
وقيل هي القلوب المطبوع عليها. قاله عكرمة ، وذكره العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ.
وقيل معناه: عليها غشاوةٌ. قاله مجاهد
وقال السّدّيّ : يقولون: عليها غلافٌ، وهو الغطاء. ذكره ابن كثير
وهذا هو الذي رجّحه ابن جريرٍ، واستشهد ممّا روي من حديث عمرو بن مرّة الجمليّ، عن أبي البختريّ، عن حذيفة، قال: ((القلوب أربعةٌ)) فذكر منها: ((وقلبٌ أغلف مغضوب عليه، وذاك قلب الكافر)).
الثانية: غُلُف. بضم اللام ، وهو جمع غلاف وغُلُف، مثل: مثال ومُثُل، وحِمار وحُمُر، فيكون معنى هذا: إن قلوبنا أوعية للعلم.
روى الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وقالوا قلوبنا غلفٌ}قال: ((قالوا: قلوبنا مملوءةٌ علمًا لا تحتاج إلى علم محمّدٍ، ولا غيره)) .
- وقال عطيّة العوفيّ: {وقالوا قلوبنا غلفٌ} ((أي: أوعيةٌ للعلم)). وهذا خُلاصة ما ذكره الزجاج وابن كثير
ب: غرض الأمر في قوله تعالى: {فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين}.
ب: ورد في غرض الأمر في الآية أقوال:
1-أن المراد به : أي أريدوه بقلوبكم واسألوه، هذا قول جماعة من المفسرين. وهذا الأقرب للصواب وفسر به ابن كثير الآية
2-وقال ابن عباس: المراد فيه السؤال فقط وإن لم يكن بالقلب. وأورده أيضاً ابن كثير عن الضحاك
3-وقال ابن عباس وغيره : إنما أمروا بالدعاء بالموت على أردأ الحزبين من المؤمنين أو منهم.
4-وقيل أن سبب هذا الدعاء إلى تمني الموت أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد به هلاك الفريق المكذب أو قطع حجتهم، لا أن علته قولهم نحن أبناء الله. وهذا أورده ابن عطية عن بعض الفرق
3:بيّن الحكمة من تخصيص عيسى عليه السلام بذكر تأييده بالبيّنات وروح القدس. جـ3:الحكمة من تخصيص عيسى عليه السلام بذكر تأييده بالبيّنات وروح القدس ، لأنه جاء بمخالفة التّوراة في بعض الأحكام، كما قال تعالى إخبارًا عن عيسى:{ولأحلّ لكم بعض الّذي حرّم عليكم وجئتكم بآيةٍ من ربّكم}الآية[ 50 ]آل عمران، ولهذا أعطاه اللّه من البيّنات ، ما يؤيده. خُلاصة ما ذكره ابن كثير
4:ما الحكمة من تخصيص الظالمين في قوله: {والله عليم بالظالمين} مع سعة علمه تعالى بالظالمين وغيرهم؟
جـ4: الحكمة في ذلك هى إنّه عليم بمجازاتهم, وهذا جرى في كلام الناس المستعمل بينهم إذا أقبل الرجل على رجل قد أتى إليه منكرا، قال: أنا أعرفك، وأنا بصير بك ، فالمعنى: إنه عليم بهم, وبصير بما يعملون، أي: يجازيهم عليه بالقتل في الدنيا, أو بالذلّة والمسكنة وأداء الجزية ، والفائدة من ذلك : تخصيصهم حصول الوعيد. خُلاصة ما ذكره الزجاج وابن عطية