دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > خطة التأسيس العلمي > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 3 شعبان 1436هـ/21-05-2015م, 04:11 PM
لطيفة المنصوري لطيفة المنصوري غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 728
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أروى عبد القادر عبدالسلام مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم


التطبيق الثاني
الدروس: الخامس والسادس والسابع


السؤال: استخرج الخطأ وقم بتصويبه .
- كان محمد صلى الله عليه وسلم يرعا الغنم بمكة.
الخطأ: يرعا.
الصواب: يرعى.

- ارتضا خالد لنفسه أن يكون أميرًا.
الخطأ: ارتضا.
الصواب: ارتضى.

- استحيى القوم منه حياءً واستخفوا منه.
الخطأ: استحيى.
الصواب: استحيا.

- أومأ إليه إيماءًا.
الخطأ: إيماءاً.
الصواب: إيماءً.

- حدثنا عليُّ ابنُ المَدينيِّ.
الخطأ: ابنُ.
الصواب: بنُ.

- دعوت عمروًا إلى الحق.
الخطأ: عمرواً.
الصواب: عمراً.

- فقال لهم: ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطأ: ادعو.
الصواب: ادعُ. [الصواب: ادعوا
لأنه إذا أسند الفعل (يدعو، نرجو، ... إلخ) والتي يكون فيها الواو من أصل الكلمة إلى جما عة الذكور الغائبين أوجماعة الذكور المخاطبين نحو: القوم لم يرجوا خيرا، وادعوا الله، ففي هذه الحال تكون الواو هي ضمير الفاعلين؛ ومن ثم يلزم كتابة الألف بعدها للفرق بين واو الضمير وبين الواو التي هي من أصل الكلمة، والواو التي من أصل الفعل حذفت لالتقائها ساكنة مع واو الضمير، ومعلوم أن الساكنين إذا التقيا فإنه يجب التخلص من أحدهما لتعذر النطق بهما معا، وإنما حذفت الواو الأولى دون الثانية لأن الثانية جيء بها لمعنى وهو ضمير الفاعلين]
- نحن نرجوا ما عند الله من ثواب.
الخطأ: نرجوا.
الصواب: نرجو.

- أنَّا يكون له هذا؟
الخطأ: أنَّا.
الصواب: أنَّى.

- {ألئك على هدى من ربهم}.
الخطأ: ألئك.
الصواب: أولئك.

- جاء مائة وذهب خمسمئة.
الخطأ: خمسمئة.
الصواب: خمسمائة.

- هل دعى الناس ربهم؟
الخطأ: دعى.
الصواب: دعا.

- ارتضا زيد لنفسه المروءة.
الخطأ: ارتضا.
الصواب: ارتضى.

- هو إنسان تاءِه، لا يعرف اتجاهه.
الخطأ: تاءه.
الصواب: تائه.

- هل سألتكي عن هذا يا هند؟
الخطأ: سألتكي.
الصواب: سألتكِ.

- بسمك اللهم وضعت جنبي.
الخطأ: بسمك.
الصواب: باسمك.

- هؤلاء مسلموا العالم.
الخطأ: مسلموا.
الصواب: مسلمو.

- نريد أن نسموا ونرتقي بديننا.
الخطأ: نسموا.
الصواب: نسمو.

- كن متيقضا.
الخطأ: متيقضا.
الصواب: متيقظا.

- إزرت المؤمن إلى أنصاف ساقيه.
الخطأ: إزرت.
الصواب: إزرة.

- قيمه كل امرء ما يحسنة.
الخطأ: 1- امرء. 2- يحسنة.
الصواب:1- امرئ. 2- يحسنه.
[وأيضا: قيمة، تكتب بالتاء، ويمكن اختبار ذلك بتنوين الكلمة أو وصلها، وملاحظة نطقها]
تم بحمد الله،،،

*أعتذر عن عدم استخدام الألوان في الإجابة لعطل في البرنامج. [لا بأس، ونشكر لك حرصك المستمر على إحسان أداء الواجب]
بارك الله فيك، وسددك.

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 5 شعبان 1436هـ/23-05-2015م, 01:51 AM
أروى عبد القادر عبدالسلام أروى عبد القادر عبدالسلام غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2015
المشاركات: 325
افتراضي

محاضرة علاج الفتور في طلب العلم

الواجب:


س1: إقامة الدين لا تكون إلا بالعلم والإيمان. بيّن ذلك
جعل الله رفعة الأمة و عزتها بالعلم و الإيمان، فقال تعالى:{ و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} و قال أيضا: { يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات}.
فكلما كانت الأمة أكثر حظاً و نصيباً من العلم و الإيمان كانت رفعتها و عزتها أظهر و أشهد، و كلما ضعف حظها من العلم و الإيمان كانت أكثر تخلفاً و انحطاطاً. و التاريخ و الواقع شاهدان على ذلك:
فظهور الفرق الضالة و البدع و الأهواء و الخرافات و التيارات المنحرفة ، كل ذلك سببه ضعف العلم و ضعف القائمين به و فشو الجهل.
و ظهور المعاصي و المنكرات و استحلال المحرمات و خيانة الأمانات و الاستهانة بالفرائض و الواجبات كل ذلك سببه ضعف الإيمان.
فبقدر ما يرتفع الفرد بالعلم و الإيمان ترتفع الأمة، و بقدر ما ينحط نصيب الفرد من العلم و الإيمان تنحط الأمة ( فهذه المعادلة سنة كونية ).
و الدين لا يكون إلا على أساس العلم و الإيمان، فبالعلم يُعرف هدى الله جلَّ جلاله، و بالإيمان يتبع هذا الهدى حتى تحصل العاقبة الحسنة في الدنيا و الآخرة.
و من قام بهذين الأمرين فقد أقام الدين، و كان له وعد من الله بالهداية و النصر، و إن خذله من خذله و إن خالفه من خالفه، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم:( لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم و لا من خالفهم حتى يأتي أمر الله و هم على ذلك ). "رواه الشيخان من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما".
و معنى الحديث: أن الله تعالى ضمن لمن يقوم بأمره أن لا يضره من يخذله و لا من يخالفه مهما كانت درجة الخذلان و درجة المخالفة.
و إقامة الدين لا تكون إلا بالعلم و الإيمان، و أهل العلم و الإيمان هم أئمة المسلمين في الدنيا بل كُتبت لهم الرفعة و العزة و شرفهم الله و أكرمهم و وعدهم بالفضل الكبير، فقال تعالى:{ و بشر الذين آمنوا بأن لهم من الله فضلا كبيرا }. و لهذه الآية ثلاث دلالات عظيمة:
الأولى: دلالتها على محبة الله تعالى للمؤمنين بأن نص على أن هذا الفضل من الله جلَّ جلاله، و قد خص بم المؤمنين دون غيرهم.
الثانية: دلالتها على أن هذا الفضل عظيم جد عظيم لأنه فضل من الله و ليس من غيره.
الثالثة: و من ذلك أنه فضل يكفي عن وصفه و تعيين نوعه و إفراده بأنه فضل من الله.
و المقصود: النص على أنه فضل من الله، و دليل على تعظيمه فتشرئبُّ الأعناق إليه و تشتاق النفوس إليه و تتطلع إليه، و زادهم بياناً بوصفه بأنه كبير، و التبشير دليل عناية الله تعالى بالمؤمنين.

س2: ما يعتري طالب العلم من الفتور على نوعين؛ بيّنهما
النوع الأول: فتور تقتضيه طبيعة جسد الإنسان، و ما جُبِل عليه من الضعف و النقص، و هذا من طبائع النفوس و لا يُلام عليه الإنسان.
لما رُويَ عن النبي صلى الله عليه و سلم قوله: ( لكل عملٍ شِرَّة، و لكل شِرَّةٍ فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، و من كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك ). "أخرجه الإمام أحمد و الطحاوي و ابن حبان".
بيان الحديث:
- أن كل عملٍ يعمله الإنسان له فترة، فمن كانت فترته إلى قصد و اعتدال و ما لا يخل بالفرائض فهو غير ملوم.
-و من كانت فترته إلى انقطاعٍ و إلى سلوك غير سبيل السنة فهو مذموم.
و هذا الفتور العارض هو بمثابة الاستراحة و إجمام النفس، و يعود العامل بعدها إلى ما كان يعمل بنشاط متجدد.
و ينبغي لطالب العلم أن يوطِّن نفسه على أمر الفتور الطبيعي.
النوع الآخر: الفتور الذي يُلام عليه العبد، و هو الفتور الذي يكون سببه ضعف اليقين و ضعف الصبر.

س3: وجّه رسالة في سبعة أسطر لطالب علم افتتن بأمور تثبّطه عن طلب العلم وتصرفه إلى الدنيا وملذاتها
يا من طلبت العلم و رمت طريقه ؛ اعلم أن طريق العلم شاق طويل إلا أن في آخر هذا الطريق خيرا عظيما و فضلا كبيرا لا يدركه إلا من ألزم نفسه الجادة و اتبع طريق السلف الصالح بالصبر و الثبات أمام عواصفه القوية، و زهد في الدنيا و ابتعد عن ملذَّاتها و صوارفها و لم يأخذ منها إلا بقدر الحاجة، و اعلم أنك إن اشتغلت بالدنيا و افتتنت بملذاتها من فضول النظر و الكلام و الطعام و مخالطة الناس، أفسد ذلك قلبك و جلبت له من الآلام و الهموم و الغموم ما ينحصر به قلبك فيضيق عن طلب العلم و تغشاه آفات الجهل، فخذ من الدنيا بقدر ما يبلغك طاعة ربك عز وجلّ و اعرف لهذه الدنيا قدرها، فإنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة. فإن فعلت ذلك نلت محبة الله عز و جل، فإنها لا تُنال إلا بالزهد في الدنيا و ترك ملذاتها، كما رُوي عن النبي صلى الله عليه و سلم: ( ازهد في الدنيا يحبك الله ).

س4: اذكر سبعة أسباب للفتور مع التوضيح الموجز لكل سبب
أسباب الفتور عديدة منها:
1- ضعف اليقين و ضعف الصبر ( فأسباب الفتور التي يعددها العلماء كلها تندرج تحت هذين السببين الجامعين):
فإذا ضعف اليقين و ضعف الصبر سلطت على الإنسان آفات من كيد الشيطان و علل النفس و عواقب الذنوب و لا سبيل له إلى الخلاص منها إلا بالاعتصام بالله تعالى و الإلحاح عليه بالدعاء أن يرزقه العلم و الإيمان، وأن يصرف عنه كيد الشيطان و أن يعيذه من شر نفسه و سيئات أعماله.
و ضعف اليقين سبيل لضعف العزيمة و تدني الهمة و الاحتجاب عن رضا الله عز و جل و اتباع الهوى و الافتتان بالدنيا و الاغترار بطول الأمل ، و تدبُّ إلى النفس آفات خطيرة من العجب و الرياء و كفران النعمة..
و ضعف الصبر سبيل لوهن النفس و ضعف العزيمة و سرعة التأثر بالأعراض و طلب الأمور العاجلة التي لا يحتاج فيها المرء إلى الصبر ، و اتباع الهوى الذي هو طريق إلى قسوة القلب و طول الأمد..

2- علل النفس الخفية:
من العجب و الرياء و الحرص على المال و الشرف فكل هذا يورث الفتور في طلب العلم.
-العجب: من أسباب حرمان طالب العلم من بركة العلم ، فطالب العلم إن حصَّل علما كثيراً ينبغي له أن يحذر من آفة العجب فإنها ماحقة لبركة العلم.
-الرياء: ناتج عن ضعف اليقين ، لأن الذي يوقن بمراقبة الله عز و جلّ يوقن بأن ثواب الله عز وجلّ خير و أبقى، و يوقن بأن الناس لا يملكون له خير و لا ضر إلا ما شاء الله، فلأي شيءٍ يصرف قلبه إليهم؟!
- الحرص على المال و الشرف: و هو أن ينشط الطالب في علمه لأجل أن يمدحه الناس و ينال ثناءهم، و لأجل أن يتكسب بعلمه من متاع الدنيا، فهذا طلب العلم لغير الله عز وجلّ ، و هذا شأن خطير؛ لأن أول من تُسعّر بهم النار يوم القيامة من طلب العلم ليُقال عالم.

3- عواقب الذنوب:
اقتراف الإنسان للذنوب الخطيرة يكون سبباً لأن يُعاقب عليها بالحرمان من فضل طلب العلم و الحرمان من بركته. كالوقيعة في الأعراض خصوصاً أعراض العلماء؛ فينبغي لطالب العلم أن يحتاط لنفسه و يحذر آفات لسانه.

4- تحميل النفس ما لا تطيق:
فمن عرّض نفسه ما لا تطيق فقد عرّضها للانقطاع عن طلب العلم و الحرمان من شرفه.

5- الموازنات الجائرة:
هو أن يوازن نفسه بكبار العلماء و كبار القُرّاء و كبار الحُفّاظ فإن رأى نفسه لم يُطِق ما أطاقوه و لم يتمكن من محاكاتهم و مجاراتهم عاد على نفسه باللوم و التعنيف و ربما قاده ذلك إلى الفتور و الانقطاع، لأنه يرى أن بينه و بينهم مسافات لا يمكن أن يبلغها، و هذه حيلة من حِيَل الشيطان.

6- الرِّفقة السيئة:

على طالب العلم أن يحذر و يتقي شر الرفقة السيئة، و تأثيرهم عليه بالفتور خصوصاً إذا كان في قلبه وازع إلى الاستمتاع بشهوات الدنيا. فيرغِّبونه في فضول المباحات ثم في بعض المكروهات، ثم يجرونه إلى المحرمات، و أقلُّ ذلك أن ينهونه عن طلب العلم بأمور لا تنفعه في دينه و دنياه.
فعلى طالب العلم أن يحذرهم مالم يكن في ذلك قطيعة للرحم، و إن كانوا كذلك وصلهم بقدر الواجب .

7- التذبذب في مناهج طلب العلم:
أن يتذبذب الطالب في طلبه للعلم فيقرأ مرة في كتاب و مرة في آخر، و مرة يقرأ عند شيخ و مرة عند آخر ولا يكون عند هذا ولا عند هذا و لا يتم هذا الكتاب و لا هذا الكتاب.. فتمضي عليه الأيام و الشهور و السنين و هو لم يحصِّل شيئاً فيفتر عن طلب العلم و ينقطع و هذا قد أُوتيَ من ضعف البصيرة في طريقة طلب العلم.
فينبغي لطالب العلم إذا سار على طريق صحيح أن يثبُت عليه و يصبر حتى يؤتي أُكُله بإذن الله عز وجلّ.

س5: اذكر سبعة وصايا لعلاج الفتور ، مع التوضيح الموجز لكل وصية
الوصية الأولى: تحسين اليقين و تحسين الصبر:
هما أصل العلاج، و بقية العلاجات الأخرى تبع لهذين العلاجين.
و اليقين هو أصل العلاج لأن صاحب اليقين يسهل له الصبر أكثر من ضعف يقينه، و اليقين أمر مهم جداً بل هو أعظم نعمة أنعم الله بها عز و جلّ على عباده، كما جاء في وصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه لما قام خطيباً على المنبر ثم قال: (سلوا الله العفو و العافية فإن الناس لم يُعطَوا بعد اليقين شيئاً خيراً من العافية...)
فكانت نعمة اليقين أعظم من نعمة العافية و بيان ذلك أن اليقين يثمر في قلب المؤمن قوة العلم، حتى يكاد يستوي عنده الغيب و الشهادة من قوة التصديق، التصديق بالثواب و التصديق بالعقاب فيكون في قلبه من الرغبة و الرهبة و الخشية و الإنابة ما يجعل القلب صالحاً فتصلح الجوارج كلها و يصلح العمل.
مما يعين على اكتساب اليقين:
- إقبال القلب على الله تعالى و طلب الهدى منه جلّ و علا .
- كثرة الذكر و التذكر و معاودة التفكُّر و التدبر.
حتى يكون العلم يقيناً يقر في قلب صاحبه فيحيا به و يبصر به و يمشي به ثم يتصبر و يصبره الله، قال الله عز وجل: { واصبر نفسكَ معَ الذِين يدعُونَ ربهم بِالغَداةِ و العشِيِّ يُريدون وجهَه }.

و مما يعين على اكتساب الصبر:
- اليقين بأن الله عز و جلّ لا يضيع أجر من أحسن عملاً و لا يضيع أجر كل حسنة و إن كانت مثقال ذرة. قال تعالى: { واصبر فإن الله لا يُضيعُ أجر المحسنين }.
- التصبّر ، فإن الصبر بالتصبُّر.
فإذا استحضر طالب العلم ذلك و أن من يتصبَّر يصبِّره الله سَهُل عليه و هان عليه الصبر.

الوصية الثانية: الفرح بفضل الله و شكر نعمة الله:
لهما تأثير عظيم بالتوفيق و الخذلان، و هما من وثيق الصلة بباب القضاء و القدر.
و هاتان الخصلتان إذا كانتا عند طالب العلم و رسخت في قلبه و انتهجها في عمله فليبشر بالخير و البركات الكثيرة، فإن الله عزّ و جلّ يحب من يفرح بفضله لفرح المحمود ، قال تعالى: { قُل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا }.
فإذا كان طالب العلم يعرف لهدى الله عز وجلّ قدره و يفرح به و يرفع به رأسه و يدعو إليه و يبينه للناس فإن الله عز و جلّ يحب منه هذا العمل، و إذا أحبه الله توالت عليه زيادات هذا العمل.
و كذلك إذا كان العبد يشكر الله عز وجلّ ، شكراً بالثناء و شكراً بالعمل، و شكراً بطلب المزيد ، فإن الله عز وجلّ يعطيه و يزيده و لا حدود لعطائه سبحانه. قال تعالى: { قالوا أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين }. فمن تأمل هذه الآية و آثارها في إنعام الله عز وجل بالهدى على بعض القلوب لأنه يعلم أنها قلوب شاكرة تشكر لله عز وجل فيزيدها من عطائه و يحبها و يُنعم عليها لأنه يعلم أن إنعامه عليها إنعام على محل قابل و أرض طيبة تُثمر و تشكر و تفرح بعطاء المعطي عز و جلّ..

الوصية الثالثة: تذكير النفس بفضل العلم و شرفه:

مما يزيد طالب العلم يقيناً و يزيل عنه حجاب الغفلة و طول الأمد و ما يحصل له من نسيان بعض فضائل طلب العلم، فإنه بالتذكر يعالج كثير من هذه الآفات بإذن الله تعالى.

الوصية الرابعة: الإعراض عن اللغو:
لا يستقيم لطالب العلم حصول العلم على الوجه الصحيح المُرضي و هو لا يُعرض عن اللغو.
و هو من أسباب الفلاح جعله الله بعد الصلاة مباشرة لقوله تعالى: { قد أفلح المؤمنون . الذين هم في صلاتهم خاشعون . و الذين هم عن اللغو معرضون }.
- و كثير من الآفات إنما تتسلط على الإنسان بسبب عدم إعراضه عن اللغو باتباعه لفضول الكلام، و فضول المخالطة...
فإعراضه عن اللغو من أوله يسهل له النجاة و السلامة من آفاتٍ كثيرة.

الوصية الخامسة: معرفة قدر النفس و عدم تحميلها ما لا تطيق:

قال تعالى: { لا يُكلِّف الله نفساً إلاما آتاهَا }.
طالب العلم يعرف قدر نفسه و قدر ما تطيقه، فيجتهد في ما تطيقه و ما يسره الله له، حتى تنفتح له أبواب العلم بإذن العلي القدير و يحصل منها على ما تُيِسّر له. و عليه أن يستعين على ذلك بشكر الله لينال المزيد من ربه الكريم المنان، قال تعالى:{ و إذ تأذَّن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}.

الوصية السادسة: الحذر من علل النفس الخفيَّة:

التي قد يُحرم بسببها من بركة العلم و من مواصلة طلبه، كالعجب و الغرور و المُراءاة و التسميع و حب الرياسة و العلو في الأرض و المِراء و التعالي باستكثار العلم و التفاخر و نحو ذلك..

الوصية السابعة: الحرص على بذل العلم:

العلم يزكو بتبليغه و تعليمه، و ذلك ما يدفع الطالب إلى الاستكثار من العلم بالبحث و السؤال و التنقيب لأنه يكون عرضةً لسؤال الناس.. ، و ما يحصل له من العناية بهذا الأمر و كثرة الإفادة و السؤال و التثبُّت..، و إذا سُئل في ما لا يعلم لا يعجل بالجواب بل يتريّث و يبحث في المسألة قبل أن يجيب بتعجُّل.. و ليسأل الله التوفيق فهو الموفق و هو الذي يهدي بصيرته..

تم بحمد الله،،،

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 9 شعبان 1436هـ/27-05-2015م, 05:38 AM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أروى عبد القادر عبدالسلام مشاهدة المشاركة
(ب)
السؤال الأول : ضع علامات الترقيم المناسبة في النموذج التالي:

- وروى الشافعي، وأحمد والثلاثة، وصححه أحمد، وابن منيع، وابن حزم، والبغوي في شرح السنة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه،
وقاسم بن أصبغ في مصنفه، وصححه هو وابن القطان، وصححه في مواضع أخر، وصوبه عن سهل القطب الخيضري في جزء جمعه في بئر بضاعة عن سهل بن سعد -رضي الله عنهما- قالا : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنه يستسقى لك من بئر بضاعة، ويلقى فيه لحوم الكلاب، وخرق الحائض، وعذر النساء" . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الماء طهور لا ينجسه شيء" . [وروى الشافعي، وأحمد، والثلاثة، وصححه أحمد، وابن منيع، وابن حزم، والبغوي في شرح السنة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، وقاسم بن أصبغ في مصنفه، وصححه هو وابن القطان، وصححه في مواضع أخر وصوبه عن سهل القطب الخيضري، في جزء جمعه في بئر بضاعة، عن سهل بن سعد رضي الله عنهما، قالا: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه يستسقى لك من بئر بضاعة، ويلقى فيه لحوم الكلاب، وخرق الحائض، وعذر النساء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء".
التعرف على مواقع فصل الجمل، وتقسيم العبارات، يساعد على معرفة موضع استعمال الفاصلة، فهي تستعمل للوقف الناقص؛ الذي يكون سكوت المتكلّم فيه قليلًا جدّا.]


السؤال الثاني: أعد كتابة الجمل التالية مع وضع علامات الترقيم المناسبة وحذف غير المناسبة:
- جاء إبراهيم إلى المسجد،
الصواب: جاء إبراهيم إلى المسجد. (نقطة بدلا من الفاصلة).

-
قلت له، لِنْ في يد أخيك
الصواب: قلت له: لِنْ في يد أخيك. ( فوقيتان بدلا من الفاصلة، و نقطة نهاية الجملة ).

- ماذا قلت :

الصواب: ماذا قلت ؟ ( علامة استفهام بدلا من الفوقيتان ).

- كان خالد من أوائل من جاءوا: إذ كان أكثر الملتزمين
الصواب: كان خالد من أوائل من جاءوا ؛ إذ كان أكثر الملتزمين . ( فصلة منقوطة بدلا من الفوقيتان، و نقطة نهاية الجملة ).

- لا غنى عن التعليم للطفل: وذلك أن العلم هو وسيلة تكيفه مع المجتمع
الصواب: لا غنى عن التعليم للطفل ؛ وذلك أن العلم هو وسيلة تكفيه مع المجتمع. ( فصلة منقوطة بدلا من الفوقيتان و نقطة نهاية الجملة ).

تم بحمد الله،،،
بارك الله فيكِ، وزادكِ هدًى وتوفيقًا

إجابة التطبيق الأول في (دورة علامات الترقيم)
(أ)
السؤال الأول:
- قال حكيم: لا تمارِ سفيها؛ فإن السفيه يؤذيك، والحليم يقليك.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن".
السؤال الثاني:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحمو الموت". [فوقيتان بدلا من الفاصلة المنقوطة، والتنصيص مكان المعكوفان]
- لا حول ولا قوة إلا بالله. [حذف الفاصلة]
- سأل الشيخ التلميذ عما فعله ليلة أمس. [حذف الفوقيتين، ووضع نقطة آخر السطر]
- ما أهم أعمالك اليومية ؟ [ علامة الاستفهام نهاية الجملة ]
- نادى يوسف خالدا: يا خالد، اجتهد في المذاكرة ولا تعجز. [تحريك الفوقيتين إلى قبل بداية مقول القول، والفاصلة بعد المنادى، ووضع نقطة بدلا من الفاصة المنقوطة]

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 9 شعبان 1436هـ/27-05-2015م, 09:49 AM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أروى عبد القادر عبدالسلام مشاهدة المشاركة
(أ)
السؤال الأول : ضع علامات الترقيم المناسبة في النماذج التالية:

-
قال السمعاني -رحمنا الله تعالى وإياه- في كتابه القيم ((الأنساب)) :" (السلمي) هذه النسبة -بفتح السين المهملة وفتح اللام- إلى بني سَلِمة، حي من الانصار، خرج منها جماعة وهم (سلميون). وهذه النسبة وردت على خلاف القياس ؛ كما في : (سفرة) (سفري). وكما في : (نمرة) (نمري) ، وهذه النسبة عند النحويين ، وأصحاب الحديث يكسرون اللام على غير قياس النحويين ، وهو : سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن سادرة بن تزيد بن جشم بن الخزرج ، ومنهم أبو قتادة الحارث بن ربعي السلمي". اهـ

[ قال السمعاني -رحمنا الله تعالى وإياه- في كتابه القيم (الأنساب): "السَّلَمي: هذه النسبة -بفتح السين المهملة وفتح اللام- إلى بني سَلِمة؛ حي من الانصار، خرج منها جماعة، وهم سلميون، وهذه النسبة وردت على خلاف القياس؛ كما في سَفِرة: سَفَري، وكما في نَمِرة: نَمَري، وهذه النسبة عند النحويين، وأصحاب الحديث يكسرون اللام على غير قياس النحويين، وهو سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن سادرة بن تزيد بن جشم بن الخزرج، ومنهم أبو قتادة الحارث بن ربعي السلمي". اهـ. ]
أحسنتِ جدًا، ويُقارن بين الإجابة والتصويب؛ لمعرفة مواضع التصحيح المطلوب.
والتعرف على مواقع فصل الجمل، وتقسيم العبارات، يساعد على معرفة موضع استعمال الفاصلة، فهي تستعمل للوقف الناقص؛ الذي يكون سكوت المتكلّم فيه قليلًا جدّا.
يحتمل هذا الوجه أيضا القوسان المعقوفان:
- قال السمعاني -رحمنا الله تعالى وإياه- في كتابه القيم ((الأنساب)) :" (السلمي) هذه النسبة -بفتح السين المهملة وفتح اللام- إلى بني سَلِمة، حي من الانصار، خرج منها جماعة وهم (سلميون). وهذه النسبة وردت على خلاف القياس ؛ كما في : (سفرة) (سفري). وكما في : (نمرة) (نمري). [ وهذه النسبة عند النحويين وأصحاب الحديث يكسرون اللام على غير قياس النحويين] ، وهو : سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن سادرة بن تزيد بن جشم بن الخزرج ، ومنهم أبو قتادة الحارث بن ربعي السلمي". اهـ
(والله أعلم)

- أَبْهَا -بفتح الهمزة وتسكين الباء وفتح الهاء- بلد سعودي، غاية في البهاء والحسن.

السؤال الثاني : اذكر الخطأ في علامات الترقيم في الأمثلة التالية إن وُجد:

- فتعجب منه؛ قائلا أتقول: بخلق القرآن.
الخطأ: لا توضع فاصلة منقوطة بل نضع نقطتين بعد القول.
و لا نضع نقطتان فوقيتان إذا تعدى الفعل بالباء.
الصواب:
فتعجب منه قائلا: "أتقول بخلق القرآن؟!".


- يا الله ؟
الخطأ: علامة الاستفهام، و الصواب وضع علامة التعجب أو التأثر.
الصواب: يا الله !

تم بحمد الله،،،
بارك الله فيكِ، وزادكِ علمًا وفهمًا.


إجابة التطبيق الثاني في (دورة علامات الترقيم)


(ب)
السؤال الأول:
-حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {ويؤت من لدنه أجرا عظيما} قال: أجرا عظيما: الجنة.
يعني بذلك - جل ثناؤه- أن الله لا يظلم عباده مثقال ذرة، فكيف بهم {إذا جئنا من كل أمة بشهيد} يعني: بمن يشهد عليها بأعمالها، وتصديقها رسلها، أو تكذيبها، {وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} يقول: وجئنا بك يا محمد على هؤلاء؛ أي على أمتك شهيدا، يقول: شاهدا.
السؤال الثاني :
- فقال له -وكان مُجْهَدًا- مخاطبا إياه: لا تذهب بعيدا؛ عسى أن يأتي الفرج. [استبدال الفوقيتين بعلامتي الاعتراض، ووضع الفوقيتين قبل بداية مقول القول، واستبدال الفاصلة بالفاصلة المنقوطة، والقوس بالنقطة]
- يا لك من رجل! أتظن بأخيك كل هذا الظن وهو من هو حبا لك؟! [وضع علامة تعجب بعد "رجل"، وعلامة الاستفهام الإنكاري في نهاية الجملة.]

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 10 شعبان 1436هـ/28-05-2015م, 06:49 PM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أروى عبد القادر عبدالسلام مشاهدة المشاركة
محاضرة علاج الفتور في طلب العلم

الواجب:


س1: إقامة الدين لا تكون إلا بالعلم والإيمان. بيّن ذلك
جعل الله رفعة الأمة و عزتها بالعلم و الإيمان، فقال تعالى:{ و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} و قال أيضا: { يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات}.
فكلما كانت الأمة أكثر حظاً و نصيباً من العلم و الإيمان كانت رفعتها و عزتها أظهر و أشهد، و كلما ضعف حظها من العلم و الإيمان كانت أكثر تخلفاً و انحطاطاً. و التاريخ و الواقع شاهدان على ذلك:
فظهور الفرق الضالة و البدع و الأهواء و الخرافات و التيارات المنحرفة ، كل ذلك سببه ضعف العلم و ضعف القائمين به و فشو الجهل.
و ظهور المعاصي و المنكرات و استحلال المحرمات و خيانة الأمانات و الاستهانة بالفرائض و الواجبات كل ذلك سببه ضعف الإيمان.
فبقدر ما يرتفع الفرد بالعلم و الإيمان ترتفع الأمة، و بقدر ما ينحط نصيب الفرد من العلم و الإيمان تنحط الأمة ( فهذه المعادلة سنة كونية ).
و الدين لا يكون إلا على أساس العلم و الإيمان، فبالعلم يُعرف هدى الله جلَّ جلاله، و بالإيمان يتبع هذا الهدى حتى تحصل العاقبة الحسنة في الدنيا و الآخرة.
و من قام بهذين الأمرين فقد أقام الدين، و كان له وعد من الله بالهداية و النصر، و إن خذله من خذله و إن خالفه من خالفه، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم:( لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم و لا من خالفهم حتى يأتي أمر الله و هم على ذلك ). "رواه الشيخان من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما".
و معنى الحديث: أن الله تعالى ضمن لمن يقوم بأمره أن لا يضره من يخذله و لا من يخالفه مهما كانت درجة الخذلان و درجة المخالفة.
و إقامة الدين لا تكون إلا بالعلم و الإيمان، و أهل العلم و الإيمان هم أئمة المسلمين في الدنيا بل كُتبت لهم الرفعة و العزة و شرفهم الله و أكرمهم و وعدهم بالفضل الكبير، فقال تعالى:{ و بشر الذين آمنوا بأن لهم من الله فضلا كبيرا }. و لهذه الآية ثلاث دلالات عظيمة:
الأولى: دلالتها على محبة الله تعالى للمؤمنين بأن نص على أن هذا الفضل من الله جلَّ جلاله، و قد خص بم المؤمنين دون غيرهم.
الثانية: دلالتها على أن هذا الفضل عظيم جد عظيم لأنه فضل من الله و ليس من غيره.
الثالثة: و من ذلك أنه فضل يكفي عن وصفه و تعيين نوعه و إفراده بأنه فضل من الله.
و المقصود: النص على أنه فضل من الله، و دليل على تعظيمه فتشرئبُّ الأعناق إليه و تشتاق النفوس إليه و تتطلع إليه، و زادهم بياناً بوصفه بأنه كبير، و التبشير دليل عناية الله تعالى بالمؤمنين.


س2: ما يعتري طالب العلم من الفتور على نوعين؛ بيّنهما
النوع الأول: فتور تقتضيه طبيعة جسد الإنسان، و ما جُبِل عليه من الضعف و النقص، و هذا من طبائع النفوس و لا يُلام عليه الإنسان.
لما رُويَ عن النبي صلى الله عليه و سلم قوله: ( لكل عملٍ شِرَّة، و لكل شِرَّةٍ فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، و من كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك ). "أخرجه الإمام أحمد و الطحاوي و ابن حبان".
بيان الحديث:
- أن كل عملٍ يعمله الإنسان له فترة، فمن كانت فترته إلى قصد و اعتدال و ما لا يخل بالفرائض فهو غير ملوم.
-و من كانت فترته إلى انقطاعٍ و إلى سلوك غير سبيل السنة فهو مذموم.
و هذا الفتور العارض هو بمثابة الاستراحة و إجمام النفس، و يعود العامل بعدها إلى ما كان يعمل بنشاط متجدد.
و ينبغي لطالب العلم أن يوطِّن نفسه على أمر الفتور الطبيعي.
النوع الآخر: الفتور الذي يُلام عليه العبد، و هو الفتور الذي يكون سببه ضعف اليقين و ضعف الصبر.

س3: وجّه رسالة في سبعة أسطر لطالب علم افتتن بأمور تثبّطه عن طلب العلم وتصرفه إلى الدنيا وملذاتها
يا من طلبت العلم و رمت طريقه ؛ اعلم أن طريق العلم شاق طويل إلا أن في آخر هذا الطريق خيرا عظيما و فضلا كبيرا لا يدركه إلا من ألزم نفسه الجادة و اتبع طريق السلف الصالح بالصبر و الثبات أمام عواصفه القوية، و زهد في الدنيا و ابتعد عن ملذَّاتها و صوارفها و لم يأخذ منها إلا بقدر الحاجة، و اعلم أنك إن اشتغلت بالدنيا و افتتنت بملذاتها من فضول النظر و الكلام و الطعام و مخالطة الناس، أفسد ذلك قلبك و جلبت له من الآلام و الهموم و الغموم ما ينحصر به قلبك فيضيق عن طلب العلم و تغشاه آفات الجهل، فخذ من الدنيا بقدر ما يبلغك طاعة ربك عز وجلّ و اعرف لهذه الدنيا قدرها، فإنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة. فإن فعلت ذلك نلت محبة الله عز و جل، فإنها لا تُنال إلا بالزهد في الدنيا و ترك ملذاتها، كما رُوي عن النبي صلى الله عليه و سلم: ( ازهد في الدنيا يحبك الله ).

س4: اذكر سبعة أسباب للفتور مع التوضيح الموجز لكل سبب
أسباب الفتور عديدة منها:
1- ضعف اليقين و ضعف الصبر ( فأسباب الفتور التي يعددها العلماء كلها تندرج تحت هذين السببين الجامعين):
فإذا ضعف اليقين و ضعف الصبر سلطت على الإنسان آفات من كيد الشيطان و علل النفس و عواقب الذنوب و لا سبيل له إلى الخلاص منها إلا بالاعتصام بالله تعالى و الإلحاح عليه بالدعاء أن يرزقه العلم و الإيمان، وأن يصرف عنه كيد الشيطان و أن يعيذه من شر نفسه و سيئات أعماله.
و ضعف اليقين سبيل لضعف العزيمة و تدني الهمة و الاحتجاب عن رضا الله عز و جل و اتباع الهوى و الافتتان بالدنيا و الاغترار بطول الأمل ، و تدبُّ إلى النفس آفات خطيرة من العجب و الرياء و كفران النعمة..
و ضعف الصبر سبيل لوهن النفس و ضعف العزيمة و سرعة التأثر بالأعراض و طلب الأمور العاجلة التي لا يحتاج فيها المرء إلى الصبر ، و اتباع الهوى الذي هو طريق إلى قسوة القلب و طول الأمد..

2- علل النفس الخفية:
من العجب و الرياء و الحرص على المال و الشرف فكل هذا يورث الفتور في طلب العلم.
-العجب: من أسباب حرمان طالب العلم من بركة العلم ، فطالب العلم إن حصَّل علما كثيراً ينبغي له أن يحذر من آفة العجب فإنها ماحقة لبركة العلم.
-الرياء: ناتج عن ضعف اليقين ، لأن الذي يوقن بمراقبة الله عز و جلّ يوقن بأن ثواب الله عز وجلّ خير و أبقى، و يوقن بأن الناس لا يملكون له خير و لا ضر إلا ما شاء الله، فلأي شيءٍ يصرف قلبه إليهم؟!
- الحرص على المال و الشرف: و هو أن ينشط الطالب في علمه لأجل أن يمدحه الناس و ينال ثناءهم، و لأجل أن يتكسب بعلمه من متاع الدنيا، فهذا طلب العلم لغير الله عز وجلّ ، و هذا شأن خطير؛ لأن أول من تُسعّر بهم النار يوم القيامة من طلب العلم ليُقال عالم.

3- عواقب الذنوب:
اقتراف الإنسان للذنوب الخطيرة يكون سبباً لأن يُعاقب عليها بالحرمان من فضل طلب العلم و الحرمان من بركته. كالوقيعة في الأعراض خصوصاً أعراض العلماء؛ فينبغي لطالب العلم أن يحتاط لنفسه و يحذر آفات لسانه.

4- تحميل النفس ما لا تطيق:
فمن عرّض نفسه ما لا تطيق فقد عرّضها للانقطاع عن طلب العلم و الحرمان من شرفه.

5- الموازنات الجائرة:
هو أن يوازن نفسه بكبار العلماء و كبار القُرّاء و كبار الحُفّاظ فإن رأى نفسه لم يُطِق ما أطاقوه و لم يتمكن من محاكاتهم و مجاراتهم عاد على نفسه باللوم و التعنيف و ربما قاده ذلك إلى الفتور و الانقطاع، لأنه يرى أن بينه و بينهم مسافات لا يمكن أن يبلغها، و هذه حيلة من حِيَل الشيطان.

6- الرِّفقة السيئة:

على طالب العلم أن يحذر و يتقي شر الرفقة السيئة، و تأثيرهم عليه بالفتور خصوصاً إذا كان في قلبه وازع إلى الاستمتاع بشهوات الدنيا. فيرغِّبونه في فضول المباحات ثم في بعض المكروهات، ثم يجرونه إلى المحرمات، و أقلُّ ذلك أن ينهونه عن طلب العلم بأمور لا تنفعه في دينه و دنياه.
فعلى طالب العلم أن يحذرهم مالم يكن في ذلك قطيعة للرحم، و إن كانوا كذلك وصلهم بقدر الواجب .

7- التذبذب في مناهج طلب العلم:
أن يتذبذب الطالب في طلبه للعلم فيقرأ مرة في كتاب و مرة في آخر، و مرة يقرأ عند شيخ و مرة عند آخر ولا يكون عند هذا ولا عند هذا و لا يتم هذا الكتاب و لا هذا الكتاب.. فتمضي عليه الأيام و الشهور و السنين و هو لم يحصِّل شيئاً فيفتر عن طلب العلم و ينقطع و هذا قد أُوتيَ من ضعف البصيرة في طريقة طلب العلم.
فينبغي لطالب العلم إذا سار على طريق صحيح أن يثبُت عليه و يصبر حتى يؤتي أُكُله بإذن الله عز وجلّ.

س5: اذكر سبعة وصايا لعلاج الفتور ، مع التوضيح الموجز لكل وصية
الوصية الأولى: تحسين اليقين و تحسين الصبر:
هما أصل العلاج، و بقية العلاجات الأخرى تبع لهذين العلاجين.
و اليقين هو أصل العلاج لأن صاحب اليقين يسهل له الصبر أكثر من ضعف يقينه، و اليقين أمر مهم جداً بل هو أعظم نعمة أنعم الله بها عز و جلّ على عباده، كما جاء في وصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه لما قام خطيباً على المنبر ثم قال: (سلوا الله العفو و العافية فإن الناس لم يُعطَوا بعد اليقين شيئاً خيراً من العافية...)
فكانت نعمة اليقين أعظم من نعمة العافية و بيان ذلك أن اليقين يثمر في قلب المؤمن قوة العلم، حتى يكاد يستوي عنده الغيب و الشهادة من قوة التصديق، التصديق بالثواب و التصديق بالعقاب فيكون في قلبه من الرغبة و الرهبة و الخشية و الإنابة ما يجعل القلب صالحاً فتصلح الجوارج كلها و يصلح العمل.
مما يعين على اكتساب اليقين:
- إقبال القلب على الله تعالى و طلب الهدى منه جلّ و علا .
- كثرة الذكر و التذكر و معاودة التفكُّر و التدبر.
حتى يكون العلم يقيناً يقر في قلب صاحبه فيحيا به و يبصر به و يمشي به ثم يتصبر و يصبره الله، قال الله عز وجل: { واصبر نفسكَ معَ الذِين يدعُونَ ربهم بِالغَداةِ و العشِيِّ يُريدون وجهَه }.

و مما يعين على اكتساب الصبر:
- اليقين بأن الله عز و جلّ لا يضيع أجر من أحسن عملاً و لا يضيع أجر كل حسنة و إن كانت مثقال ذرة. قال تعالى: { واصبر فإن الله لا يُضيعُ أجر المحسنين }.
- التصبّر ، فإن الصبر بالتصبُّر.
فإذا استحضر طالب العلم ذلك و أن من يتصبَّر يصبِّره الله سَهُل عليه و هان عليه الصبر.

الوصية الثانية: الفرح بفضل الله و شكر نعمة الله:
لهما تأثير عظيم بالتوفيق و الخذلان، و هما من وثيق الصلة بباب القضاء و القدر.
و هاتان الخصلتان إذا كانتا عند طالب العلم و رسخت في قلبه و انتهجها في عمله فليبشر بالخير و البركات الكثيرة، فإن الله عزّ و جلّ يحب من يفرح بفضله لفرح المحمود ، قال تعالى: { قُل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا }.
فإذا كان طالب العلم يعرف لهدى الله عز وجلّ قدره و يفرح به و يرفع به رأسه و يدعو إليه و يبينه للناس فإن الله عز و جلّ يحب منه هذا العمل، و إذا أحبه الله توالت عليه زيادات هذا العمل.
و كذلك إذا كان العبد يشكر الله عز وجلّ ، شكراً بالثناء و شكراً بالعمل، و شكراً بطلب المزيد ، فإن الله عز وجلّ يعطيه و يزيده و لا حدود لعطائه سبحانه. قال تعالى: { قالوا أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين }. فمن تأمل هذه الآية و آثارها في إنعام الله عز وجل بالهدى على بعض القلوب لأنه يعلم أنها قلوب شاكرة تشكر لله عز وجل فيزيدها من عطائه و يحبها و يُنعم عليها لأنه يعلم أن إنعامه عليها إنعام على محل قابل و أرض طيبة تُثمر و تشكر و تفرح بعطاء المعطي عز و جلّ..

الوصية الثالثة: تذكير النفس بفضل العلم و شرفه:

مما يزيد طالب العلم يقيناً و يزيل عنه حجاب الغفلة و طول الأمد و ما يحصل له من نسيان بعض فضائل طلب العلم، فإنه بالتذكر يعالج كثير من هذه الآفات بإذن الله تعالى.

الوصية الرابعة: الإعراض عن اللغو:
لا يستقيم لطالب العلم حصول العلم على الوجه الصحيح المُرضي و هو لا يُعرض عن اللغو.
و هو من أسباب الفلاح جعله الله بعد الصلاة مباشرة لقوله تعالى: { قد أفلح المؤمنون . الذين هم في صلاتهم خاشعون . و الذين هم عن اللغو معرضون }.
- و كثير من الآفات إنما تتسلط على الإنسان بسبب عدم إعراضه عن اللغو باتباعه لفضول الكلام، و فضول المخالطة...
فإعراضه عن اللغو من أوله يسهل له النجاة و السلامة من آفاتٍ كثيرة.

الوصية الخامسة: معرفة قدر النفس و عدم تحميلها ما لا تطيق:

قال تعالى: { لا يُكلِّف الله نفساً إلاما آتاهَا }.
طالب العلم يعرف قدر نفسه و قدر ما تطيقه، فيجتهد في ما تطيقه و ما يسره الله له، حتى تنفتح له أبواب العلم بإذن العلي القدير و يحصل منها على ما تُيِسّر له. و عليه أن يستعين على ذلك بشكر الله لينال المزيد من ربه الكريم المنان، قال تعالى:{ و إذ تأذَّن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}.

الوصية السادسة: الحذر من علل النفس الخفيَّة:

التي قد يُحرم بسببها من بركة العلم و من مواصلة طلبه، كالعجب و الغرور و المُراءاة و التسميع و حب الرياسة و العلو في الأرض و المِراء و التعالي باستكثار العلم و التفاخر و نحو ذلك..

الوصية السابعة: الحرص على بذل العلم:

العلم يزكو بتبليغه و تعليمه، و ذلك ما يدفع الطالب إلى الاستكثار من العلم بالبحث و السؤال و التنقيب لأنه يكون عرضةً لسؤال الناس.. ، و ما يحصل له من العناية بهذا الأمر و كثرة الإفادة و السؤال و التثبُّت..، و إذا سُئل في ما لا يعلم لا يعجل بالجواب بل يتريّث و يبحث في المسألة قبل أن يجيب بتعجُّل.. و ليسأل الله التوفيق فهو الموفق و هو الذي يهدي بصيرته..

تم بحمد الله،،،
بارك الله فيكِ ، جواب جيد ، هناك ملاحظات يسيرة ، ولو حررنا الإجابة في السؤال الأول ، وعنصرناها فقلنا :
  • - بيان ذلك من القرآن : .... .
  • - بيان ذلك من السنة : ..... .
  • - بيان ذلك من الواقع والتاريخ : ..... .
لكان أجود تحريرا وأتم إجابة .
وفقكِ الله ، وسدد خطاكِ ، ونفع بكِ .

رد مع اقتباس
  #31  
قديم 11 شعبان 1436هـ/29-05-2015م, 09:42 PM
أروى عبد القادر عبدالسلام أروى عبد القادر عبدالسلام غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2015
المشاركات: 325
افتراضي تصويب السؤال الأول.

س1: إقامة الدين لا تكون إلا بالعلم والإيمان. بيّن ذلك
جعل الله رفعة الأمة و عزتها بالعلم و الإيمان،
فبقدر ما يرتفع الفرد بالعلم و الإيمان ترتفع الأمة، و بقدر ما ينحط نصيب الفرد من العلم و الإيمان تنحط الأمة ( فهذه المعادلة سنة كونية )، و بيان ذلك من القرآن الكريم، و من السنة النبوية، و من التاريخ و الواقع.
بيان ذلك من القرآن:
كلما زاد العبد إيماناً زاد نصيبه من العلو و العزة، و العلم و الإيمان هما حياة القلب، و زكاة النفس، و رفعة الأمة و نجاتها.
-كما قال جل شأنه:{ و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}.[آل عمران: 139].
قوله تعالى:{ يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات و الله بما تعملون خبير}. [المجادلة: 11].
-
و قال أيضا: { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}. [المنافقون: 8].
و إقامة الدين لا تكون إلا بالعلم و الإيمان، و أهل العلم و الإيمان هم أئمة المسلمين في الدنيا بل كُتبت لهم الرفعة و العزة و شرفهم الله و أكرمهم و وعدهم بالفضل الكبير، فقال تعالى:{ و بشر الذين آمنوا بأن لهم من الله فضلا كبيرا }. و لهذه الآية ثلاث دلالات عظيمة:
الأولى: دلالتها على محبة الله تعالى للمؤمنين بأن نص على أن هذا الفضل من الله جلَّ جلاله، و قد خص بم المؤمنين دون غيرهم.
الثانية: دلالتها على أن هذا الفضل عظيم جد عظيم لأنه فضل من الله و ليس من غيره.
الثالثة: و من ذلك أنه فضل يكفي عن وصفه و تعيين نوعه و إفراده بأنه فضل من الله.
و المقصود: النص على أنه فضل من الله، و دليل على تعظيمه فتشرئبُّ الأعناق إليه و تشتاق النفوس إليه و تتطلع إليه، و زادهم بياناً بوصفه بأنه كبير، و التبشير دليل عناية الله تعالى بالمؤمنين.


و بيان ذلك من السنة النبوية:

أن الدين لا يكون إلا على أساس العلم و الإيمان، فبالعلم يُعرف هدى الله جلَّ جلاله، و بالإيمان يتبع هذا الهدى حتى تحصل العاقبة الحسنة في الدنيا و الآخرة، و من قام بهذين الأمرين (العلم و الإيمان) فقد أقام الدين، و كان له وعد من الله بالهداية و النصر، و إن خذله من خذله و إن خالفه من خالفه.كما قال النبي صلى الله عليه و سلم:" لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم و لا من خالفهم حتى يأتي أمر الله و هم على ذلك ". رواه الشيخان من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.
و معنى الحديث:
-أن الله تعالى ضمن لمن يقوم بأمره أن لا يضره من يخذله و لا من يخالفه مهما كانت درجة الخذلان و درجة المخالفة.
- و فقه هذه المسألة يفيد كل مؤمن قائم بأمر الله جلّ و علا، و يفيد كل جماعة قائمة بأمر الله بأنهم قد يُبتلون بالخذلان من الناس ، و قد يُبتلون بالمخالفة، فإذا قاموا بأمر الله كما يريد الله، لم يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم؛ لأن الله تعالى ينصرهم و يهديهم، كما قال تعالى:
{و كذلك جعلنا لكل نبيٍّ عدواً من المجرمين و كفى بربك هادياً و نصيراً}. [الفرقان: 31].

و بيان ذلك من التاريخ و الواقع:

أن الأمة كلما كانت أكثر حظاً و نصيباً من العلم و الإيمان كانت رفعتها و عزتها أظهر و أشهد، و كلما ضعف حظها من العلم و الإيمان كانت أكثر تخلفاً و انحطاطاً. و التاريخ و الواقع شاهدان على ذلك:
-فظهور الفرق الضالة و البدع و الأهواء و الخرافات و التيارات المنحرفة ، كل ذلك سببه ضعف العلم و ضعف القائمين به و فشو الجهل.
-و ظهور المعاصي و المنكرات و استحلال المحرمات و خيانة الأمانات و الاستهانة بالفرائض و الواجبات كل ذلك سببه ضعف الإيمان.
فبقدر ما يرتفع الفرد بالعلم و الإيمان ترتفع الأمة، و بقدر ما ينحط نصيب الفرد من العلم و الإيمان تنحط الأمة ( فهذه سنة كونية ).

تم بحمد الله،،،


رد مع اقتباس
  #32  
قديم 14 ربيع الثاني 1437هـ/24-01-2016م, 07:43 PM
هيئة التصحيح 3 هيئة التصحيح 3 غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 2,990
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أروى عبد القادر عبدالسلام مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
التطبيق الأول: تلخيص شرح حديث أبي سعيد الخدري: (من رأى منكم منكراً فليغيّره...)

نص الحديث: عن أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعتُ رِسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: (مَن رَأى مِنكُم مُنكَرَاً فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِقَلبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ)(1) رواه مسلم

عناصر الدرس:
تخريج الحديث.
موضوع الحديث.
مناسبة ذكر الحديث.
منزلة الحديث.
شرح الحديث:
- شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده).
- صفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.
- بيان معنى (المنكر).
- هل الإنكار متعلق بالرؤية؟
- أنواع الرؤية.
- معنى قوله: (فليغيره).
- معنى قوله: (بيده).
- ممن يكون إنكار المنكر باليد؟
- الفرق بين التغيير والإزالة.
- حكم إنكار المنكر.
- مسألة تَفاوتُ مسئوليَّةِ النَّاسِ في إنكارِ المنكَرِ.
- شروط وجوب إنكار المنكر.
- ضابط المنكر الذي يجب إنكاره.
- مسألة: حكم الإنكار في مسائل الخلاف.
- مسألة حكم التجسس لاكتشاف المنكر.
- خطرُ تركِ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهي عن المنكَرِ.
- شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن لم يستطع فبلسانه).
- ممن يتأتى التغيير باللسان.
- شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن لم يستطع فبقلبه).
- ممن يتأتى إنكار المنكر بالقلب؟
- أهمية الإنكار بالقلب.
-مسألة خطر التهاون في إنكار القلب للمعاصي (الراضي بالمنكر كفاعله).
- شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (وذلك أضعف الإيمان).
- دلالة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في الذي ينكر بقلبه: (وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ).
- دوافعُ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهي عن المنكَرِ.
- تنبيه على الفهم الخاطئ لمعنى الآية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}.
- مسألة: الفرق بين النصيحة والإنكار في الشريعة.
- مسألة: الإنكار على ولاة الأمر.
- ضوابط إنكار المنكر.
- الفوائد.
- المصادر.


تخريج الحديث:
هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم منْ روايَةِ قَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، عنْ طارقِ بنِ شهابٍ، عنْ أبي سعيدٍ في كتاب: الإيمان، باب: بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان، كما أخرجه في كتاب الحج: باب فرض الحج مرة في العمر. [ما تحته خط هو تخريج لحديث: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا نَهَيتُكُم عَنهُ فَاجتَنِبوهُ،وَمَا أَمَرتُكُم بِهِ فَأتوا مِنهُ مَا استَطَعتُم"]
وللحديث روايات أخرى عن مسلم من حديث ابن مسعود، ولسالم المُرادي عن عمرو بن هرم (إسناده منقطع)،. [هذه الروايات أتى بها ابن رجب للاستشهاد على معنى الحديث من وجوه أخرى، وإنما الرواية الثانية عند مسلم لهذا الحديث هي من طريق: إِسماعيلَ بنِ رَجَاءٍ، عنْ أبيهِ، عنْ أَبِي سَعِيدٍ. ]
و للإسماعيلي من حديث أبي هارون العبدي (ضعيف جدا)، وللأوزاعي عن عمير بن هانئ (إسناده منقطع).

موضوع الحديث:
- وُجُوبُ تَغْيِيرِ المُنْكَرِ.
- ويدخل في هذا الحديث الإنكار على الولاة، والإنكار على عامة الناس. [الأجود إلحاقه بالفوائد المستفادة.]
- مراتبُ إنكار المنكر، والقواعد التي تحكم ذلك. [يحرر: بيان مراتب ... .]

مناسبة ذكر الحديث:
عن طارقِ بنِ شهابٍ قالَ: أوَّلُ مَن بدأَ بالخطبةِ يومَ العيدِ قبلَ الصَّلاةِ مَروانُ، فقامَ إليهِ رجلٌ فقالَ: الصَّلاةُ قبلَ الخطبةِ، فقالَ: قد تُرِكَ ما هنالِكَ.
فقالَ أبو سعيدٍ: أمَّا هذا فقد قَضَى ما عليهِ، سمعْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: ثمَّ ذكرَ الحديثَ.

وجاء في روايَةِ البخاريِّ أنَّ من أنكرَ علَى مروانَ، أبو سعيدٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ.
وللجمعُ بينَ الرِّوايتينِ: نقول باحتمال أن الرَّجلَ أنكرَ بلسانِهِ وحاولَ أبو سعيدٍ أنْ يُنْكِرَ بيدِهِ، ويُحتملُ تَعدُّدُ الواقعةِ.

منزلة الحديث:
حديثُ عظيمُ؛ لنصهَ علَى وجوبِ إنكارِ المنكَرِ.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قالَ النَّوويُّ: (بابٌ عظيمٌ به قِوَامُ الأمرِ ومِلاكُهُ، وإذا كثُرَ الخبثُ، عمَّ العقابُ الصَّالحَ والطَّالحَ، وإذا لم يأخذُوا علَى يدِ الظَّالمِ أوشكَ أنْ يعمَّهُم اللهُ بعذابٍ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، فيَنْبَغِي لطالبِ الآخرةِ، السَّاعِي في تحصيلِ رضَى اللهِ عزَّ وجلَّ، أن يعتنيَ بهذا البابِ، فإنَّ نفعَهُ عظيم) اهـ
الشرح:
شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده) [من الخطأ وضع عنوان عام لجملة تتضمن عدة مسائل، فهذا العنصر يتضمن عدة مسائل تعنون وتلحق به.]
(مَنْ رَأَى): (مَنْ) أداة شرط، تَدُلُّ على أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ِ وُجُودُ المُنْكَر ليحصل الإنكار.. [يعنون كمسألة تحت هذا العنصر العام: معنى (من).]
(رَأَى)؛ أيْ: أَبْصَرَ وشاهد بعينه تأكيدا وتثبتاً، وقيل وإن لم يرَ بعينه هذا المنكر (لأن اللفظ يحتمل العموم). [عند تحرير المسألة بذكر أقوال العلماء فيها؛ ينبغي ذكر حجة كل قول، مع إسناد القول لقائله، وتعنون: معنى قوله: (من رأى)، أو المراد بالرؤية.]
(منكم): ممن يتأتى الإنكار؟ [الصواب أن يعنون: المخاطب بقوله: (من رأى منكم).]
من مَعشر المُكَلَّفِينَ العارفين لحقوق الله المحبين له المطبقين لأوامره الذين يتركون النواهي ويجتننبونها، متذكرين قول الله تعالى : {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ..} (البقرة 44) ، فهم لا يخافون في الله لومة لائم صاروا قدوة للناس بأفعالهم كأمثال عمر بن الخطاب رضي الله عنه. بل يخوفهم قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى، فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ: يَا فُلانُ، أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ آمُرُكُمْ وَلا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ وَآتِيهِ)) الحديثَ

صفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر: [الأجود تأخيرها في الترتيب بعد بيان مراتب الإنكار، وذكر ما يتصل بها من تفصيل.]
1- أن يكون حكيماً بإنكارِ المنكَرِ والأمرِ بالمعروف:
يقول تَعالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، فمِن الحكمةِ مراعاةُ حالِ المأمورِ؛ فيؤمر باللين والرفق والمداراة حيناً، كما قالَ تَعالَى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، و بالغلظةِ والقسوةِ، كما قالَ تَعالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}.

يقول سفيانُ الثَّوريُّ: (لا يأمرُ بالمعروفِ ولا ينهَى عن المنكرِ إلاَّ مَن كانَ فيهِ ثلاثُ خصالٍ: رَفِيقٌ بما يأمرُ رفيقٌ بما ينهَى، عدلٌ بما يأمرُ وعدلٌ بما يَنهَى، عالمٌ بما يأمرُ عالمٌ بما ينهَى).
وقالَ أحمدُ كذلك: (النَّاسُ محتاجُونَ إلَى مداراةٍ ورفقٍ، والأمرُ بالمعروفِ بلا غلظةٍ، إلاَّ رجلٌ معلِنٌ بالفسقِ، فلا حرمةَ لهُ).
2- مراعاته لأن يكونَ الأمرُ أو الإنكارُ على انفرادٍ وبالسِّرِّ؛ لأنَّه أدعى لقبول النصيحة:
قالَ الإمامُ الشَّافعيُّ: (مَنْ وعظَ أخاهُ سرًّا فقدْ نصحَهُ وزانَهُ، ومَن وعظَهُ علانيَةً فقدْ فضحَهُ وعابَهُ).

3- أن يكونَ قدوةً للآخرينَ؛ لأنَّ اللهَ يمقُتُ الآمرَ الَّذِي يقعُ في ما ينكِرُهُ علَى الآخرينَ، قالَ تعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ}.
ولكن لا يُشترط كمال حال الناهي أو الآمر لأنَّ اللهَ أنكرَ عليهِمْ مخالفةَ قولِهِم لفعلِهِمْ ولم ينكرْ عليهِمُ الأمرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن المنكَرِ، قالَ النَّوويُّ: قالَ العلماءُ: ولا يُشْتَرَطُ في الآمرِ والنَّاهِي أن يكونَ كاملَ الحالِ ممتثلا ما يأمرُ به، مجتنِبًا ما نهَى عنه، بل عليهِ الأمرُ وإن كان مخلاًّ بما يأمرُ بهِ، والنَّاهي وإن كان متلبِّسًا بما ينهَى عنه فإنَّهُ يجبُ عليهِ شيئانِ: أن يأمرَ نفسَهُ وينهاهَا، ويأمرَ غيرَهُ وينهَاهُ، فإذا أخلَّ بأحدِهِما كيفَ يُبَاحُ له الإخلالُ بالآخرِ؟ [يمكن عنونته بعنوان فرعي يلحق به.]

بيان معنى (المنكر):
وقوله: "مُنْكَراً" المنكر:هو ما نهى الله عنه ورسوله وكان منكراً باتفاق الجميع، أما المسائل الاجتهادية فلا إنكار فيها. [يلحق بضوابط المنكر الذي يجب إنكاره.]
والمُنْكَرُ: ما كان ضِدُّ المعروفِ، وعُرِفَ قُبْحُهُ شَرْعاً وَعُرْفاً، وَيَشْمَلُ تَرْكَ الأوامرِ وَفعل النواهي، فترك الأوامر مثل تَرك الصلاةِ، وفعل النواهي كشرب الخمر والزنا وغيرها، فسمي منكرا؛ لأنَّ العقول والفطرة تأباه وتنكره..

وقوله: (من رأى منكم منكراً فليُغيره بيده) شرْطٌ، وجواب الشرط؛ [يعنون: إعراب قوله: (...).]
- فعل الشرط قوله: (من رأى) أي أبصر.
- أما جواب الشرط، فهو الأمر بالتغيير باليدِ، أمراً على الوجوب مع القدرة.

هل الإنكار متعلق بالرؤية؟
يدل ظاهر الحديث على تعلُّق وجوب التغيير باليد بالرُّؤية، وما يقوم مقامها، فلا يُفتَّش على ما خُفِي من عيوب الناس. والثاني بالمنكر نفسهِ، فتُغَيِّر المنكر، مثلاً: شاهدت رجلاً أمامه زجاجة الخمر، أو يستغل بالملاهي المحرمة؛ فإنكار المنكر ليس بتعنيف الفاعل، وإنما هو تغيير هذا المنكر (الخمر، أو من الملاهي المحرمة) بتغييره باليد مع القدرة، وأما الفاعل فله حكم آخر. [هنا مسألتين؛ الأولى: حكم إنكار ما كان مستورًا عنه فلم يره، ولكن علم به، فيجمع ما اتصل به من الكلام في موضع واحد ويحرر القول باستيعاب ما فيها من الأقوال، والثانية: فائدة تعليق الأمر بالتغيير بالمنكر دون فاعله.]
أنواع الرؤية: [الأولى تقديمها في الترتيب بعد بيان المراد بالرؤية.]
الرؤية نوعان:
رؤية بصرية: بالعينين، وهي لجميع المخلوقات..
رؤية قلبية (علمية يقينية): وهي للمؤمنينَ الذينَ يُؤْمِنُونَ بالغيب، وَيمتثلون أَوَامِرَ ربهم عملاً؛ فهم يعملون للحياة الآخرة كأنهم يرونها يقيناً.

معنى قوله: (فليغيره):
(فَلْيُغَيِّرْهُ): الفاءُ وَاقعةٌ في جوابِ الشرطِ، وَ(اللامُ) لامُ الأمرِ، وَالأمرُ للوُجُوب،[يعنون معنى الأمر في قوله: (فليغيره).] أي فليحول وليبدل المنكر مِنْ صُورَتِهِ إلى ما هو أحسن، وَهو تغيير إِصلاح وحفظ وأمن وَثواب وَطاعة. [يلحق بدوافع التغيير.]
وقوله :(بيده): "اليدُ" الجارحة وَيُرَادُ بها اليُمْنَى وَاليُسْرَى، وَهيَ مِنْ رُؤُوسِ الأصابعِ إِلى الكَتِفِ، وَخُصَّتْ؛ لأنَّها قُوَّةُ الإِنسانِ في الأخذِ وَالعطاءِ وَالكفِّ وَالمُدَافَعَةِ. [يعنون: سبب تخصيص اليد في قوله: (فليغيّره بيده).]
أوجب التغيير باليد، إذا كان مقدوراً عليه، وأما إذا كان غير مقدور عليه؛ فإنه لا يجب، ومثاله: الوالد مع أهل بيته وأبنائه إن رأى منهم منكراً، فيغيره بيده غيرةً لله تعالى وقياماً بحقه. [يلحق بالمسألة بعده، وما تحته خط بدوافع الإنكار.]
ممن يكون إنكار المنكر باليد؟
يكون مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الأمرِ صَاحِبِ السُّلْطَةِ لِقُوَّتِهِ وَهَيْبَتِهِ، وَالأبِ على أَبنائه، وَالسَّيِّدِ على عَبْدِهِ، وهو أَشد درجات الإنكار قوة؛ لأنَّهُ إِزالةٌ للمُنْكَرِ بالكُلِّية. [ما تحته خط يمكن عنونته: الحكمة من الابتداء بتغيير اليد قبل اللسان والقلب، أو أهمية إنكار اليد.]

الفرق بين التغيير والإزالة:
والتغييرُ في الشرع ليس هو الإزالة.
التغيير: اسمٌ شامل أعم من الإزالة، فهو يشمل الإزالةَ، ويشمل الإنكارَ باللسان بلا إزالة، فيُقال: هذا حرام، وهذا لا يجوز، ويشمل أيضاً الاعتقاد (بالقلب) أنَّ هذا مُنكر ومُحرّم، ولهذا جاء في هذا الحديث بيان هذه المعاني الثلاث، اليد واللسان والقلب. [أحسنتِ التحرير بذكر خلاصة القول في المسألة مع حسن البيان والتوضيح.]

حكم إنكار المنكر:
إنكارُ المنكَرِ باليدِ واللسانِ له حالتانِ:
1- فرضُ كفايَةٍ:
قالَ تعالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
يقول ابنُ كثيرٍ في تفسيرِ هذه الآيَةِ: (والمقصودُ مَن هذه الآيَةِ أن تكونَ فرقةٌ مَن الأمَّةِ متصدِّيَةً لهذا الشَّأنِ) اهـ.
ويقول ابنُ العربيِّ في تفسيرِهِا: (في هذه الآيَةِ والَّتي بعدَهَا - يعني {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ…} - دليلٌ علَى أنَّ الأمرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن المنكرِ فرضُ كفايَةٍ، ومن الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكرِ نصرةُ الدِّينِ بإقامةِ الحجَّةِ علَى المخالِفينَ) اهـ.
فعلى إمامِ المسلمينَ أن يفرِّغَ مجموعةً مَن النَّاسِ الأكفاء المستعدين ممن لديهم العلم والفهم والحكمة لمحاربة المنكر والرد عليه في أمور الدين قاطبة؛ من عقيدة وفقه ومعاملات... فإذا قامتْ هذه الفئة بواجبِهَا سقطَ عن الباقينَ.

2- فرض عين:
قولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ)، دلَّ عمومُ لفظ الحديثِ علَى وجوبِ إنكارِ المنكَرِ علَى كلِّ فردٍ مستطيعٍ علمَ بالمنكرِ أو رآهُ.
قالَ القاضي ابنُ العربيِّ: (وقد يكونُ فرضَ عينٍ إذا عرفَ المرءُ مَن نفسِهِ صلاحيَّةَ النَّظرِ والاستقلالِ بالجدالِ، أو عُرِفَ ذلك منه)اهـ.
وقالَ ابنُ كثيرٍ: وإن كانَ ذلك واجبًا علَى كلِّ فردٍ مِن الأمَّةِ بِحَسْبِهِ كما ثبَتَ في (صحيحِ مسلمٍ): عن أبي هُريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ…)، ثمَّ ساقَ الحديثَ.
وقالَ النَّوويُّ: ثمَّ إنَّهُ قد يَتعيَّنُ - يعني: الأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المنكَرِ - كما إذا كانَ في موضِعٍ لا يَعلمُ به إلاَّ هو، أو لا يتمكَّنُ مِن إزالتِهِ إلاَّ هو، وكمن يرَى زوجتَهُ أو ولدَهُ أو غلامَهُ علَى منكرٍ أو تقصيرٍ في معروفٍ..
[وإنكار المنكر باليد واللسان سواء كان فرضًا عينيًا أو فرض كفاية متعلّق بالقدرة والاستطاعة بالإجماع.
وأما إنكار المنكر بالقلب: فهو من الفروض العينيّة التي لا تسقط عن أحد مهما كانت الحال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وذلك أضعف الإيمان))، وفي بعض الروايات: ((وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان)). فينبغي استيعاب ما يتصل بالمسألة من تفصيل.
]
مسألة تَفاوتُ مسئوليَّةِ النَّاسِ في إنكارِ المنكَرِ:
- عامّة الناس:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤوليةٌ واجبة للناس جميعاً، كلٌ بحسب قدرته، إلا أن الناس يتفاوتون في هذا الواجب؛ فعامةُ الناس يقومون به حسب قدرتهم واستطاعتهم بما علموا من أمور الدين، كالوالد في أهل بيته.
- العلماء:
أما العلماءُ فعليهم مَن الواجبِ ما ليسَ علَى غيرِهِم، فهم ورثةُ الأنبياءِ، ورسالتهم أعظم فإذا تساهلُوا تآكلت الأمَّة، كما حدثَ لبني إسرائيلَ..
- الحكام:
أما الحكام فواجبهم أعظم، لأنَّهم أصحاب الشَّوكةَ والسُّلطانَ الَّتي بها يرتدِعُ السَّوادُ الأعظمُ مَن النَّاسِ عن المنكرِ.
فإن قصروا بواجبهم تفشى المنكر تفشي النار في الهشيم، وتغلب أهل الباطل على أهل الحق، وهلكت الأمة. [أحسنتِ تحرير خلاصة القول في المسألة مع حسن البيان.]

شروط وجوب إنكار المنكر:
يشترط في إنكار المنكر أمور هي:
1- الإِسلامُ.
2- التكليفُ .
3- الاستطاعةُ، "وَهيَ الواردةُ في الحديثِ".
4- العَدَالَةُ.
5- وُجُودُ المُنْكَرِ ظَاهِرا.
6- العِلم بما ينكر وبما يؤمر.

ضابط المنكر الذي يجب إنكاره:
لا يجوز إنكار المنكر حتى يتيقن المنكر من وجهين:
الأول: اليقين بأنه منكر.
الثاني: أن يتيقن أنه منكر في حق الفاعل، لأن الشيء قد يكون منكراً في نفسه، ولا يكون منكراً في حق الفاعل. [والثالث: أن يكون ظاهرًا معلومًا.]

مسألة: حكم الإنكار في مسائل الخلاف:
المنكر الذي ينبغي تغييره هو ما أجمع على إنكاره المسلمون جميعا مثل: الربا، والزنا، وشرب الخمر، والتبرج، وترك الصلاة...
أمَّا ما اختلفَ فيه العلماءُ:
- إنْ كانَ الخلافُ ضعيفًا والحجَّةُ لمَنْ قالَ بالحرمةِ، فإنَّه يُنكَرُ علَى فاعلِهِ.
- وإنْ كانَ الخلافُ قويًّا والتَّرجيحُ صعبًا فهذا لا يُنكَرُ علَى فاعلِهِ. [هذا القول الأول: قالوا: مسائل الخلاف على نوعين وهذا القول رجحه كثير من أهل العلم كابن عثيمين، والقول الثاني: قالوا: المختلف فيه من المسائل لا يجب إنكاره على من فعله مجتهدًا فيه، أو مقلّدًا، واستثنى القاضي أبي يعلى ما ضعُف فيه الخلاف، وكان ذريعة إلى محظور متفق عليه، وهو القول الثالث في هذه المسألة.]

مسألة حكم التجسس لاكتشاف المنكر: [يعنون بعنوان جامع كالقول: حكم إنكار ما كان مستورًا عنه فلم يره، ولكن علم به، ويجمع ما اتصل بها من الكلام من بقية الشروح.]
يدلُّ الحديثُ أنَّ المنكَرَ الَّذي أُمِرْنَا بإنكارِهِ هو ما كانَ بيناً ظاهرًا، وليسَ للآمرِ البحثُ والتَّفتيشُ والتَّجسُّسُ. ويتبين ذلك من دلالة الحديث: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا.
فقد أنكرأئمة السلف ومنهم سفيان الثوري فعل البعض من تسوُّر الجدران والتجسس، فهو منهي عنه.
وقدْ قِيلَ لابنِ مَسْعُودٍ: إنَّ فُلانًا تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمْرًا، فقالَ: نَهَانَا اللَّهُ عَن التَّجَسُّسِ.

خطرُ تركِ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهي عن المنكَرِ: [الأجود تأخيرها في الترتيب إلى ما بعد ذكر مراتب الإنكار فذلك أنسب.]
التقصير في قيام الأمة بواجبها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُعرض الأمة إلى مخاطر عدة:
1- الطَّردِ مَن رحمةِ اللهِ، كما طردَ اللهُ أهلَ الكتابِ مِن رحمتِهِ عندَما تَرَكُوا هذه المهمَّةَ، قالَ تَعالَى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}.

2- الهلاكِ في الدُّنيا، قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا).
3- عدمِ استجابةِ الدُّعاءِ، عن حذيفةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: (وَالـَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ لَتَدْعُنَّهُ فَلاَ يَسْتَجِيبُ لكُمْ).

شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن لم يستطع فبلسانه):
"فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ" أي إن لم يستطع ولم يكن له سلطة أن ينكر بيده "فَبِلِسَانِهِ" أي فلينكره بلسانه ويكون ذلك: قولاً بالتوبيخ، والزجر، والترغيب والترهيب، والتذكير، مع استعمال الحكمة، وهذهِ الدرجةُ الثانية مِن درجات تغيير المنكرِ. [يعنون: المراد بإنكار اللسان.]

ممن يتأتى التغيير باللسان:
من أهلِ العلمِ أَئِمَّةُ العقولِ وَالأفكارِ، وَلا يُعْذَرُ عنهُ إِلاَّ مَنْ ليس له القُدْرَة على الكلام، أَوْ لا يَسْتَطِيعُ التَّغْيِيرَ لوجود ما يمنعه.
حاجة الناس لهذه المرتبة (التغيير باللسان) شديدة، لكثرة الأخطاء وتفشي الغفلة وقسوة القلب والفتن، والانغماس في الدنيا وملذاتها. [يعنون: أهمية إنكار اللسان.]

شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن لم يستطع فبقلبه):
قوله: "فَإنْ لَمْ يَستَطِعْ فَبِقَلْبِهِ" أي فلينكر بقلبه، أي يكرهه ويبغضه ويعتقد حرمته ويتمنى أن لم يكن، لمخالفته لرب العالمين. وهذهِ الدرجةُ الثالثة لتغيير المنكر. [يعنون: المراد بإنكار القلب.]

ممن يتأتى إنكار المنكر بالقلب؟
واجب على الجميع وفرض لا يسقط عن أحد، فهو تغيير داخلي لصاحبه، وتألُّم قلبه وكراهيته للمنكر ولأهله، والدعاء بالسلامة لصاحب المنكر، فهي أضعف درجة لا يكون من الإيمان شيءٌ بعدها، ويكون صاحبها أضعف أهل الإيمان إيماناً، فإن لم يعتقد حرمته فهو خطر على إيمانه، ودليل ذهاب الإيمان من قلبه. وقدْ رُوِيَ عنْ أبِي جُحَيْفَةَ قالَ: قالَ عَلِيٌّ: (إنَّ أَوَّلَّ مَا تُغْلَبُونَ عليهِ مِن الجِهادِ: الْجِهَادُ بِأَيْدِيكُمْ، ثُمَّ الجِهَادُ بِأَلْسِنَتِكُمْ، ثمَّ الجهادُ بِقُلُوبِكُم. فمَنْ لمْ يَعْرِفْ قَلْبُهُ المعروفَ، ويُنْكِرْ قَلْبُهُ المُنْكَرَ، نُكِسَ فجُعِلَ أَعْلاهُ أَسْفَلَهُ). [المسائل بالترتيب: حكم إنكار القلب، المراد به، أهميته.]

أهمية الإنكار بالقلب: [يجمع ما تفرّق من الكلام في هذه المسألة في موضع واحد ويلخّص بتحرير واف.]
إنكارُ المنكَرِ باليدِ واللسانِ فرضًا كان أو عينيًّا أو فرضَ كفايَةٍ يكونُ علَى حسبِ القدرةِ والاستطاعةِ، أمَّا إنكارُ المنكرِ بالقلبِ فمنَ الفروضِ العينيَّةِ الَّتي لا تسقطُ مهما كانتِ الحالُ، فالقلبُ الَّذي لا يعرفُ المعروفَ ولا يُنكِرُ المنكَرَ قلبٌ خرِبٌ خاوٍ مِن الإِيمانِ..
سمعَ ابنُ مسعودٍ رجلا يقولُ: هلَكَ مَن لم يأمُرْ بالمعروفِ ولم ينهَ عن المنكرِ؛ فقالَ ابنُ مسعودٍ: ((هلكَ مَن لم يعرفْ بقلبِهِ المعروفَ والمنكرَ))، يقصدُ رَضِي اللهُ عَنْهُ: معرفةُ المنكرِ والمعروفِ بالقلبِ واجبٌ لا يسقطُ عن أحدٍ، أمَّا باللسانِ واليدِ فبحسب الاِستطاعةِ.

مسألة خطر التهاون في إنكار القلب للمعاصي (الراضي بالمنكر كفاعله):
ينبغي لمن رأى منكراً أن يتبرأ لله منه، والبراءة تكون بعدم الرضى به، فقد جاء في (سنن أبي داود) أنه عليه الصلاةُ والسلام قال: (إذا عُملت الخطيئة كان من غاب عنها وَرَضيها كمن عَمِلَها، وكان من شهدها فلم يفعلها كمن فعلها) وهذا يعني أنَّ الرَاضي بالشيء كفاعله؛ لأن المنكر لا يجوز أن يُقره المرءُ ولو من جهة الرضى، وهذا ظاهر في قوله جل وعلا: {فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم}، وفي الآية الأخرى: {فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظلمين} فمن جلسَ في مكانٍ يستهزأ فيه بآيات الله وهو جالس لا يُفارق ذلك المكان فهو في حكم الفاعل من جهة رضاه بذلك؛ لأنَّ الرّاضي بالذنب كفاعله كما قال العلماء.

شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (وذلك أضعف الإيمان):
قوله :(وذلكَ أَضْعَفُ الإِيمانِ): أي أقلُّ درجات الإيمان؛ لأنه هو الذي يَجبُ على كلِّ أحد
وليس وراءَ ذلك من الإيمان حبةُ خرْدل، فالمنكر المجمع عليه إذا لم يعتقد حرمته ولم يبغضه مع اعتقاد حرمته فإنه على خطر عظيم في إيمانه.
وسميت هذه الدرجةُ الثالثةُ "ضعفاً"؛ لأن كتم الإنكار يدل على الضعف وفقدان الغيرة تجاه الدين، وَالكراهيَةُ لهذا المنكر دليل على الإِيمان فسميت "أضعف الإيمان".
وقد مرت الدعوة في بدايتها بهذه المراحل الثلاث؛ فقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم بقلبه والدعوة سرية، ثم بلسانه في زمن الدعوة الجهرية بمكة، ثم بيده في الدعوة الجهرية بالمدينة. [هنا مسألتين الأولى فصلهما عن بعض، الأولى: بيان المشار في قوله: (وذلك)، الثانية: المراد بقوله: (أضعف الإيمان)، وفي المسألتين أقوال ينبغي استيعابها عند تحرير المسألة.]



دلالة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في الذي ينكر بقلبه: (وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ):
يدل ذلك على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من خِصال الإيمان، فمن قدر على خصلة منها وفعلها كان أفضل ممن تركها عجزاً، ويدل على ذلك أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم في حق النساء: (أَمَّا نُقْصَانُ دِينِهَا، فَإِنَّها تَمْكُثُ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ لا تُصَلِّي)، يُشِيرُ إلى أيام الحيض التي تمكثها المرأة دون صلاة، فجعل ذلكَ نقصاناً في دينها. [يمكن إلحاقها بالفوائد المستفادة.]

دوافعُ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهي عن المنكَرِ:
للأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكَرِ دوافعُ كثيرةٌ منها:
1- كسبُ الثَّوابِ والأجرُ، فقد قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ).
2- خشيَةُ نزول عقابِ اللهِ، قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ).
3- الغضبُ للهِ، فهو من خصالِ الإيمانِ الواجبة.
4- النُّصحُ للمؤمنينَ والرَّحمةُ بهم رجاءَ إنقاذِهِم.
فهذا مِن أعظمِ الرَّحمة إذ يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ).
5- إجلالُ اللهِ وإعظامُهُ ومحبَّتُهُ، فعلَى المسلمينَ أن يفدُوا اللهَ بالغالي والنَّفيسِ لإقامةِ أمرِهِ في النَّاسِ، تأسياً بنبييهم الكريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد أوذِيَ في سبيلِ اللهِ، وهكذا ضحى أنبياءُ اللهِ السابقينَ.

تنبيه على الفهم الخاطئ لمعنى الآية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}:
يُخطِئُ كثيرٌ مَن المسلمينَ في فهم هذه الآيَةِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} (المائدة: 105)، فيُبرِّرونَ عجزَهُم وتقصيرَهُم في إنكارِ المنكرِ بها، ولقدَ قوَّمَ الصِّدِّيقُ -رَضِي اللهُ عَنْهُ - فهْمَ هؤلاءِ حيثُ قالَ: (يا أيـُّها النـَّاسُ، إنَّكُم تقرءونَ هذه الآيَةَ وتضعونَهَا علَى غيرِ مواضعِهَا، {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتَمْ}، وإنَّا سمعْنَا النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: (إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ).
وقالَ النَّوويُّ: الْمَذهبُ الصَّحيحُ عندَ المحقِّقينَ في معنَى الآيَةِ: (إنـَّكم إذا فعلتـُمْ ما كُلِّفْتُم به فلا يضرُّكُمْ تقصيرُ غيرِكُمْ)، مثلُ قولِهِ: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
فما كلفنا الله به هو الأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المنكرِ، فإذا فعلناه ولم يمتثلِ المخاطَبُ فلا عتبَ بعدَ ذلك علَينا، لكوننا أدَّينا ما علينا، فإنَّمَا علينا الأمرُ والنَّهيُ لا القبولُ، واللهُ أعلمُ.
[وفي تفسير الآية قول آخر مروي عن طائفة من الصحابة فيُذكر.]
مسألة: الفرق بين النصيحة والإنكار في الشريعة:
- النصيحة: اسم عام شامل لكثير من الأشياء.
- الإنكار: حال من أحوال النصيحة، فهو أضيق ومقيد بقيود وضوابط، فمِن ضوابطه
أنّه يكون عَلناً لقوله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيرهُ بيده فإن لم يستطع فبلسانه) وهذا بشرط رؤية المنكر.

مسألة: الإنكار على ولاة الأمر:
لم يَكُن هدْي السَّلف أن يُنكروا على الوالي شيئاً أجراهُ في وِلايته، ولهذا لمّا حصَل من عثمان -رضي الله عنه- بعض الاجتهادات، وقيل لأسامة بن زيد -رضي الله عنهما-: ألا تنصَح لعثمان! ألا ترى إلى ما فَعل! قال: (أما إني بذلتُه له سِراً؛ لا أكونُ فاتِحَ باب فتنة).
فقد فرق السلف في المنكر الذي يتأتى من الولاة إلى قسمين:
الأول: ما كان أمام الناس علناً:
وهو كحال الأمير الذي قدَّم خُطبتي العيد على الصلاة وكالذي أتى للناس وقد لبسَ ثوبين، فهو يأتي تحت هذا الحديث فـ(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده..) مع الحكمة في ذلك، فإنَّ هذا يجبُ أنَّ ينكره من رآه بحسب القدرة وبحسب القواعد التي تحكم ذلك.
الثاني: ما يُجريه في ولايته:
فجعلوا ما يُجريه في ولايته باباً من أبواب النصِيحة، لهذا قال رجلٌ لابن عباس -رضي الله عنهما-: ألا آتي الأمير فآمرهُ وأنْهاهُ؟ قال: (لا تفعل، فإن كان ففيما بينك وبينه)، قال: أرأيت إن أمرني بمعصية قال: (أمَّا إن كان ذاك فعليك إذاً) فدلَّ هذا على أنَّ الأمر والنهي المتعلق بالوالي إنَّما يكون فيما بين المرْء وبينه فيما يكون في ولايته. [أحسنتِ تفصيل المسألة بما يدلّ على حسن الفهم، زادكِ الله علمًا وفهمًا.]

ضوابط إنكار المنكر: [الصواب أن يعنون: أحوال إنكار المنكر.]
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم: وهي أنه لا يجوز إنكار منكر حتى تتيقن أنَّهُ لن ينتقل المنكَرُ عليه إلى منكرٍ أشد منه..
قال شيخ الإسلام: (ومن أنكر ظانًّا أنَّهُ ينتقل إلى منكر أشد منه فإنه يأثم حتى يتيقن أن إنكارهُ سينقل المنكرُ عليه إلى ما هو أفضل).
وقد قال بعضُ أهل العلم: (إنّ هذا مُجْمعٌ عليه).
ومثَّل لهذا ابن القيم بمسائل كثيرة في كتابه (إعلام الموقعين) فقال مثلاً: (لو أتيت إلى أُناسٍ يلعبون لَعِباً محرماً، أو يشتغلون بكُتب مُجون فإن أنكرت عليهم ذلك فإنه يكتنفهُ أربعة أحوال: [يستعان بكلام أهل العلم في صياغة أسماء المسائل.]
الأول: أن ينتقلوا من هذا المنكر إلى ما هو أنكرُ منهُ، فهذا حرامٌ بالإجماع يعني يخرج من لَهْوه بالكتب إلى الاتصال بالنساء مباشرة، أو إلى رؤية النساء مباشرة، أو ما أشبه ذلك؛ فهذا منكر أشد منه، فبقاؤهُ على المنكر الأول أقل خطراً في الشريعة من انتقالهِ إلى المنكر الثاني.
الثاني: أن ينتقل إلى ما هو خيرٌ ودين، فهذا هو الذي يجبُ معه الإنكار.
الثالث: أن ينتقل منه إلى منكرٍ يساويه، فهذا محل اجتهاد..
الرابع: أن ينتقل منه إلى منكرٍ آخر، وهو حرام الإنكار.

فوائد الحديث:
1- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأهمية بما كان في حياة المسلم، فهو من خصال الإيمان.
2- القادر على أداء خصال الإيمان التي أمر بها الشارع خير من العاجز.
3- المرأة معذورة من ترك الصلاة أثناء الحيض، ومع ذلك كان هذا نقصاناً في دينها.
4- تغيير المنكر وإنكاره أمر واجب على عامة الأمة.
5- لابد من التأكد على وجود المنكر قبل إنكاره.
6- الحديث يبين مراتب الإنكار الثلاث؛ الإنكار باليد، ثم باللسان، ثم بالقلب.
7- التغيير باليد واجب في حق الإمام.
8- مَن خافَ علَى نفسِهِ الضَّربَ أو القتلَ، أو خافَ علَى مالِهِ الضَّياعَ، سقطَ عنهُ التَّغييرُ باليدِ واللسانِ، وينكر بقلبه.
9- صلاح المجتمع مسؤولية متفاوتة بين عامة الناس والعلماء والحكام، ولا يصلح المجتمع إلا بزوال المنكر.
10- الصَّلاةَ قبلَ الخطبةِ يومَ العيدِ، وهذا ما كان عليهِ سلفُ الأمَّةِ.
11- المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ مِن المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ.
12- دَلالةٌ الحديث علَى جهادِ الحكَّامِ باليدِ، مثلُ ما فعل أبو سعيدٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ، مثلُ أن يريقَ خمورَهُم، ويكسِّرَ آلاتِ اللهوِ الَّتي لهم، أمَّا الخروجُ عليهِمْ بالسَّيفِ فهذا لا يَجوزُ، لثبوتِ الأحاديثِ النَّاهيَةِ عن ذلِكَ.
13- تغيير المنكر باللسان واجب على العلماء.
14- وجوب الإنكار بالقلب لمن لم يستطع بلسانه، وهو أضعف الإيمان وأدنى مراتب الإنكار.
15- السلامة من المنكر شرط التمكين والنصرة في الأرض.
16- الإيمان يزيد وينقص.

مصادر التلخيص:
1- شرح الأربعين النووية لفضيلة الشيخ: محمد بن صالح العثيمين
2- شرح فضيلة الشيخ : محمد حياة السندي
3- المنن الربانية لفضيلة الشيخ : سعد بن سعيد الحجري
4- شرح فضيلة الشيخ : ناظم سلطان المسباح
5- جامع العلوم والحكم للحافظ: عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي

تم بحمد الله...
تقييم التلخيص :
أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 3 / 3
ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا بما يعين على حسن الفهم وجودة التصوّر) : 2 / 3
ثالثاً: التحرير العلمي (ذكر خلاصة القول في كلّ مسألة بتفصيل وافٍ بالحاجة العلمية من غير تطويل واستيعاب الأقوال -إن وجدت- وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها): 7/ 8
رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل فتؤدي الغرض بأسلوب مباشر وميسّر وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 3 / 3
خامساً: العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 3/ 3
مجموع الدرجات: 18 من 20
بارك الله فيكِ، ونفع بكِ.

توجيهات:
- تُراجع التنبيهات التي دوّنت في التلخيص.
- استوفى التلخيص أكثر مسائل الدرس، ولكن يُراعى كذلك استخلاص المسائل التي يتضمنها العنصر وعنونتها بعناوين مناسبة لتتضح جميع المسائل بعناوين مستقلة،كما أن من المسائل ما تضمّن أكثر من مسألة يمكن إفرادها بعنوان مستقلّ كما تم التنبيه على ذلك.
- يراعى ترتيب المسائل المستخلصة ترتيبًا موضوعيًّا معتبرً.

- أحسنتِ التحرير بذكر خلاصة القول مع حسن البيان في الكثير من المسائل، ولكن ينقص التلخيص استيعاب جميع الأقوال في بعضها أيضًا، كما يُراعى لجودة التحرير جمع ما اتصل من الكلام بالمسألة في مكان واحد، وذكر خلاصة القول فيها بتفصيل وافٍ.

- عند صياغة عناوين المسائل: يعبر عن المسألة بعنوان جامع مختصر؛ ويمكن الاستعانة بما يرد في عبارات الشرّاح وكلامهم من التعبير عن المسائل التي تناولوها بالبحث والشرح.

- وتأمّل التلخيص التالي يظهر بعض ما فات من المسائل في التلخيص، مع مراجعة ما تم التنبيه عليه، وفقكِ الله وسددكِ.

اقتباس:
تلخيص شرح حديث أبي سعيد الخدري: (من رأى منكم منكراً فليغيّره...)



عناصر الدرس:

· موضوع الحديث.
· تخريج الحديث.
· قصة إيراد أبي سعيد الخدري الحديث.
· منزلة الحديث.
· المعنى الإجمالي للحديث.
· شرح قوله (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده)
- إعرابها.
- المخاطب في قوله: (من رأى منكم).
- المراد بالرؤية في قوله: (من رأى)
- فائدة التعبير بلفظ (رأى) دون لفظ (علم).
- المراد بالمنكر.
- فائدة تنكير لفظة المنكر في الحديث.
- معنى (فليغيّره بيده).
- معنى الأمر في قوله: (فليغيّره بيده).
- سبب تخصيص اليد في قوله: (فليغيّره بيده).
· شرح قوله (فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)
- كيف يكون تغيير المنكر باللسان ؟
- هل نقيس الكتابة على اللسان؟
- كيف يكون تغيير المنكر بالقلب؟
- المشار في قوله: (وذلك أضعف الإيمان).
- المراد بكون ذلك أضعف الإيمان.
· الحكمة من الابتداء بتغيير اليد قبل اللسان والقلب.
· هل تغيير المنكر بمعنى إزالته؟
· فائدة تعليق الأمر بالتغيير بالمنكر دون فاعله.
· حكم إنكار المنكر.
· تفاوت الناس في قيامهم بواجب إنكار المنكر.
· مراتب إنكار المنكر.
· ضابط المنكر الذي يجب إنكاره..
· حكم الإنكار في المسائل المختلف فيها.
· ما يشترط توافره في المُنكِر.
· آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
· أحوال تكتنف إنكار المنكر.
- الحالات التي يحرم فيها إنكار المنكر.
· حكم إنكار ما كان مستورًا عنه فلم يره، ولكن علم به.
· مسألة: هل وجوب الإنكار متعلّق بظن الانتفاع؟
· دوافع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
· شبهات وجوابها.
- الشبهة الأولى: قول القائل: أنا كاره بقلبي، مع جلوسه مع أهل المنكر.
- الشبهة الثانية: تعليل البعض تركهم واجب إنكار المنكر بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتهم}.
- الشبهة الثالثة: هل للعاصي أن يأمر وينهى؟
· خطر ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
· فوائد الحديث.
· خلاصة الدرس.

تلخيص الدرس:
· موضوع الحديث.
وجوب تغيير المنكر.
· تخريج الحديث.
رواه مسلم من طريقين:
قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي سعيد الخدري.
إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد الخدري.
· قصة إيراد أبي سعيد الخدري الحديث.
أن مروان بن الحكم أوّل من خطب في العيد قبل الصلاة، فأنكر عليه رجل فعله فأبى، فقال الصحابي أبو سعيد الخدري -وكان حاضرًا-: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده، ...)) فذكر الحديث.
· منزلة الحديث.
حديث عظيم الشأن؛ لأنه نصّ على وجوب إنكار المنكر.
· المعنى الإجمالي للحديث.
من رأى منكرًا بعينه أو سمعه سماعًا محققًا وجب عليه في حال القدرة والاستطاعة أن يغيّره بيده، فإن عجز فبلسانه، فإن عجز فبقلبه، وهذه أضعف درجة، لا تسقط عن أحد في حال من الأحوال.
· شرح قوله (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده)
- إعرابها.
من: اسم شرط جازم.
ورأى: فعل الشرط الذي تعلّق به الحكم؛ وهو وجوب الإنكار.
وجملة (فليغيّره بيده): جواب الشرط؛ وهو الأمر بالتغيير باليد.
- المخاطب في قوله: (من رأى منكم).
المكلّفون من أمّة الإجابة، الذين يطبّقون الأوامر، ويتركون النواهي.
- دلالة قوله: (من رأى منكم).
يدل على وجوب الأمر بالإنكار على جميع الأمة إذا رأت منكرًا أن تغيّره.
- المراد بالرؤية في قوله: (من رأى).
فيه قولان:
الأول: أنها رؤية العين؛ فرأى بمعنى أبصر بعينيه، وهذا ما رجّحه الشيخ صالح آل الشيخ وسعد الحجري.
وحجتهم:
1: أن (رأى) تعدّت إلى مفعول واحد، فتكون بصرية.
2: أن العلم بالمنكر لا يُكتفى به في وجوب الإنكار.
3: ولأن تقييد وجوب الإنكار برؤية العين يفيد زيادة تأكيد على التثبّت في هذه الأمور.
الثاني: المراد بها العلم، فتشمل من رأى بعينه ومن سمع بأذنه ومن بلغه خبر بيقين وما أشبه ذلك، وهذا ما رجّحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
وحجته:
1: أنه مادام أن اللفظ يحتمل هذا المعنى الأعمّ، فإنه يُحمل عليه، وإن كان ظاهر الحديث يدلّ على أنه رؤية العين.
- فائدة التعبير باللفظ (رأى) دون لفظ (علم).
فيه زيادة تأكيد على التثبّت في هذه الأمور لتؤتي ثمارها.
بتقييد وجوب الإنكار بمن رأى بعينه، أو سمعه سماعًا محققا بأذنه، أو بلغه خبر بيقين.
- المراد بالمنكر.
المنكر لغة: كل ما تنكره العقول والفطر وتأباه.
واصطلاحا: اسم جامع لكل ما قبحه الشرع ونهى عنه، ويشمل ترك الأوامر- كالإفطار في نهار رمضان -، والوقوع في النواهي -كشرب الخمر-، فالمنكر ما أنكره الشرع لا ما ينكره الذوق والرأي.
- فائدة تنكير لفظة المنكر في الحديث.
قوله: (منكرًا) نكرة في سياق الشرط فيعمّ كل منكر.
- معنى (فليغيّره بيده).
الفاء: واقعة في جواب الشرط، واللام: لام الأمر، وهاء الضمير عائد على المنكر؛ أي يغير هذا المنكر.
ويغيّر: أي يحوّله ويبدّله من صورته التي هو عليها إلى صورة أخرى حسنة.
- معنى الأمر في قوله: (فليغيّره بيده).
للوجوب، لعدم وجود صارف يصرفه عن الوجوب.
- سبب تخصيص اليد في قوله: (فليغيّره بيده).
لأنها قوّة الإنسان في الأخذ والعطاء والكفّ والمُدافعة.
وفيه بيان أنها آلة الفعل، فالغالب أن الأعمال باليد.
· شرح قوله (فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)
- كيف يكون تغيير المنكر باللسان ؟
بإنكاره بالتوبيخ والزجر ونحو ذلك، مع استعمال الحكمة.
- هل نقيس الكتابة على اللسان؟
الجواب: نعم، فيغيّر بالكتابة، بأن يكتب في الصحف أو يؤلف كتبًا في بيان المنكر.
- كيف يكون تغيير المنكر بالقلب؟
بإنكاره بقلبه، فيكرهه ويبغضه ويتمنى أن لم يكن، مع اعتقاد أنه محرم وأنه منكر.
- المشار في قوله: (وذلك أضعف الإيمان).
أي مرتبة الإنكار بالقلب.
وقيل: يعود للرجل الذي لا يقدر إلا على الإنكار بالقلب.
- المراد بكون ذلك أضعف الإيمان.
فيه أقوال:
الأول: أنه أقلّ درجات الإيمان الذي يجب على كلّ أحد، يدلّ على ذلك ما جاء من الزيادة في بعض الروايات: ((وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان)).
وجه ذلك: أن المنكر المجمع عليه إذا لم يعتقد حرمته ولم يبغضه فإنه على خطر عظيم في إيمانه.
الثاني: أنه أضعف مراتب الإيمان في باب تغيير المنكر.
وجه ذلك: أن كتم الإنكار وعدم إظهاره يدلّ على الضعف وعدم وجود الغيرة، وكراهية المنكر يدلّ على وجود الإيمان، وهو في أضعف مراتبه في هذا الباب.
كما أن إنكار المنكر بالقلب قليل الثمرة، بعس التغيير باليد أو اللسان فإنه عظيم الفائدة.
الثالث: أنه أضعف أهل الإيمان إيمانًا؛ لأنه لم يمكّن من وظائف أرباب الكمال.
وهذا على القول بأن اسم الإشارة (ذلك) يعود للرجل الذي لا يقدر إلا على الإنكار بالقلب.
· الحكمة من الابتداء بتغيير اليد قبل اللسان والقلب.
لأنه أقوى درجات الإنكار وأعظمها فائدة؛ لأن فيه إزالة للمنكر بالكلّيّة وزجر عنه.
· هل تغيير المنكر بمعنى إزالته؟
ليس هو بمعنى إزالته، ولكنه يشمله؛ لأن المنكر قد يزول بهذا التغيير، وقد لا يزول، لاختلاف مراتب إنكار المنكر، فيغيّر بيده، فإن عجز فبلسانه، فإن عجز فبقلبه.
فمثلًا: الإنكار باللسان من المعلوم أنه لا يزيل المنكر دائمًا؛ لأن فاعل المنكر قد ينتهي بإنكارك وزجرك وقد لا ينتهي، ولكنك بإخبارك له بأن هذا منكر وحرام فأنت قد غيّرت، وإن سكتّ فأنت لم تغيّر.
· فائدة تعليق الأمر بالتغيير بالمنكر دون فاعله.
يفيد أن الأمر بالتغيير باليد راجع إلى المنكر، لا إلى فاعله، فلا يدخل في هذا الحديث عقاب فاعل المنكر.
فمثلًا: من رأى مع شخص آلة لهو لا يحلّ استعمالها أبدًا فيكسرها في حال القدرة على التغيير باليد، أما تعنيف الفاعل لذلك وعقابه فهذا له حكم آخر يختلف باختلاف المقام؛ فمنهم من يكون الواجب معه الدعوة، ومنهم من يكون بالتنبيه، ومنهم من يُكتفى بزجره بكلام ونحوه، ومنهم من يكون بالتعزير، وغير ذلك.
· حكم إنكار المنكر.
- إنكار المنكر باليد واللسان له حالتان:
الأول: فرض كفاية: إذا قام به جماعة من المسلمين سقط عن الباقين.
قال تعالى: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}
قال ابن كثير في تفسيرها: المقصود من هذه الآية أن تكون فرقة من الأمة متصدّية لهذا الشأن.
الثاني: فرض عين: فيجب على كلّ فرد مستطيع إنكار المنكر علم به أو رآه.
دلّ على ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، ...)) الحديث.
وإنكار المنكر باليد واللسان سواء كان فرضًا عينيًا أو فرض كفاية متعلّق بالقدرة والاستطاعة بالإجماع.
- وأما إنكار المنكر بالقلب: فهو من الفروض العينيّة التي لا تسقط عن أحد مهما كانت الحال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وذلك أضعف الإيمان))، وفي بعض الروايات: ((وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان)).
· تفاوت الناس في قيامهم بواجب إنكار المنكر.
الناس يتفاتون في قيامهم بهذا الواجب حسب طاقتهم وقدرتهم:
فالمسلم العاميّ عليه القيام بهذا الواجب حسب قدرته وطاقته، فيأمر أهله وأبناءه بما يعلمه من أمور الدين.
والعلماء عليهم من الواجب في إنكار المنكر ما ليس على غيرهم؛ لأنهم ورثة الأنبياء، فإذا تساهلوا بهذه المهمّة دخل النقص على الأمّة.
والحكّام واجبهم عظيم في إنكار المنكرات؛ لأن بيدهم الشوكة والسلطان التي يرتدع بها السواد الأعظم من الناس عن المنكر، فإذا قصّروا بهذه المهمّة فشا المنكر، واجترأ أهل الباطل والفسوق بباطلهم على أهل الحقّ والصلاح.
· مراتب إنكار المنكر.
على ثلاث مراتب:
الدرجة الأولى: تغييره باليد؛ وهو واجب مع الاستطاعة والقدرة، فإن لم تغيّر بيدك فإنك تأثم.
ويجب على: ولي الأمر في الولاية العامة والخاصة.
- كولي الأمر صاحب السلطة لقوّته وهيبته.
- والأب على أولاده.
- والسيد على عبده.
- أو في مكان أنت مسئول عنه وأنت الوليّ عليه.
أهميته: هو أقوى درجات الإنكار؛ لأنه إزالة للمنكر بالكليّة وزجر عنه.
متى يُعذر المسلم بترك هذا الواجب:
1: إذا كان المنكر في ولاية غيرك، فهنا لا توجد القدرة عليه؛ لأن المقتدر هو من له الولاية، فيكون هنا باب النصيحة لمن هذا تحت ولايته ليغيّره.
2: إذا ترتّب على الإنكار مفاسد أعظم من ترك واجب الإنكار، فيُنكر منكرًا فيقع فيما هو أنكر، وليس ذلك من الحكمة.
الدرجة الثانية: الإنكار باللسان عند من لا يملك سلطة؛ وهو واجب على من كان قادرًا على التغيير والإنكار باللسان.
ويجب على: أهل العلم.
وكل من كان يملك القدرة الكلاميّة، وليس لديه مانع يمنعه من الإنكار.
أهميته: حاجة الناس لهذه المرتبة شديدة جدًا؛ لكثرة الأخطاء، ووجود الغفلة، وقسوة القلوب، وكثرة الفتن، وانغماس الناس في الدنيا ونسيان الآخرة.
متى يُعذر المسلم بترك هذا الواجب:
1: عند انعدام القدرة الكلامية.
2: أو كان لا يستطيع التغيير لوجود مانع.
الدرجة الثالثة: الإنكار بالقلب؛ وهو فرض واجب على الجميع، لا يسقط عن أحدٍ في حالٍ من الأحوال؛ لأنه تغيير داخلي لا يتعدّى صاحبه.
أهميته: أضعف درجات الإيمان؛ إذ ليس بعدها شيء من الإيمان، فمن لم يُنكر قلبه المنكر دلّ على ذهاب الإيمان من قلبه.
· ضابط المنكر الذي يجب إنكاره.
يدلّ الحديث أن المنكر الذي أُمرنا بإنكاره يشترط فيه أمور:
الأول: أن يكون المنكر ظاهرًا معلومًا؛ لقوله: (من رأى)، فليس للآمر البحث والتفتيش والتجسّس بحجّة البحث عن المنكر.
الثاني: أن يكون المنكر مجمع عليه بين المسلمين أنه منكر؛ مثل الربا، والزنا، والتبرّج وغيرها.
الثالث: أن يتيقّن أنه منكر في حقّ الفاعل؛ إذ قد يكون منكرًا في حدّ ذاته، وليس منكرًا بالنسبة للفاعل؛ كالأكل والشرب في رمضان في حقّ المريض الذي يحلّ له الفطر.
· حكم الإنكار في المسائل المختلف فيها.
فيه أقوال:
الأول: قالوا: الأمور التي اختلف فيها العلماء في حرمتها أو وجوبها على نوعين:
ما كان الخلاف فيها ضعيفًا، والحجّة لمن قال بالحرمة، فمثل هذا ينكر على فاعله.
وأما ما كان الخلاف فيها قويّا، والترجيح صعبًا، فمثل هذا –والله أعلم- لا يُنكر على فاعله.
وهذا القول رجحه كثير من أهل العلم كابن عثيمين.
الثاني: قالوا: المختلف فيه من المسائل لا يجب إنكاره على من فعله مجتهدًا فيه، أو مقلّدًا.
واستثنى القاضي أبي يعلى ما ضعُف فيه الخلاف، وكان ذريعة إلى محظور متفق عليه، وهو القول الثالث في هذه المسألة.
· ما يشترط توافره في المُنكِر.
يشترط في المُنكِرِ أمور هي:
- الإسلام
- التكليف
- الاستطاعة
- العدالة
- وجود المنكر ظاهرًا.
- العلم بما يُنكر وبما يأمر.
· آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الأول: الرفق واللين في الإنكار، والأمر بالمعروف بلا غلظة؛ إلا في حالات يتعيّن فيها الغلظة والقسوة.
قال الإمام أحمد: (الناس محتاجون إلى مداراة ورفق، والأمر بالمعروف بلا غلظة، إلا رجل معلن بالفسق، فلا حرمة).
الثاني: أن يكون الأمر أو الإنكار بانفراد وبالسرّ، فذلك أرجى لقبول النصيحة.
قال الشافعي: (من وعظه سرّا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وعابه).
الثالث: أن يكون الآمر قدوة للآخرين، وقد قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}
· أحوال تكتنف إنكار المنكر.
الأولى: أن ينتقل إلى ما هو خير ودين، وهذا الذي يجب معه الإنكار.
الثانية: أن ينتقل منه إلى منكرٍ يساويه، وهذا محل اجتهاد.
الثالثة: أن ينتقل منه إلى منكر آخر.
الرابعة: أن ينتقل منه إلى ما هو أنكر منه، وهذا حرام بالإجماع.
فالحالات التي يحرم فيه الإنكار: الحالة الثالثة والرابعة وهما: أن ينتقل إلى منكر آخر، لا تدري أنه مساوٍ له، وإلى منكر أشد منه بيقينك.
· مسألة: حكم إنكار ما كان مستورًا عنه فلم يره، ولكن علم به.
فيه أقوال:
الأول: لا يعرض له، فلا يفتّش على ما استراب به، وهذا القول هو المنصوص عن الإمام أحمد في أكثر الروايات، وهو قول الأئمة مثل سفيان الثوري وغيره.
وحجّتهم: أنه داخل في التجسّس المنهي عنه.
الثاني: يكشف المغطّى إذا تحقّقه؛ كأن يسمع صوت غناء محرّم، وعلم المكان، فإنه ينكره، وهو رواية أخرى عن الإمام أحمد، نصّ عليها وقال: إذا لم يعلم مكانه فلا شيء عليه.
وحجّتهم: أنه قد تحقق من المنكر، وعلم موضعه، فهو كما رآه.
الثالث: إذا كان في المنكر الذي غلب على ظنّه الاستسرار به بإخبار ثقة عنه، انتهاك حرمة يفوت استدراكها كالزنى والقتل، جاز التجسس والإقدام على الكشف والبحث، وإن كان دون ذلك في الرتبة لم يجز التجسّس عليه، قال بذلك القاضي أبو يعلى.
· مسألة: هل وجوب الإنكار متعلّق بظن الانتفاع؟
فيه قولان:
الأول: يجب الإنكار مطلقًا، سواء غلب على الظنّ أم لم يغلب على الظنّ، وهذا قول الجمهور وأكثر العلماء ومنهم الإمام أحمد.
وحجتهم:
1: أن إيجاب الإنكار لحقّ الله جلّ وعلا، وهذا لا يدخل فيه غلبة الظنّ.
2: يكون لك معذرة، كما أخبر الله عن الذين أنكروا على المعتدين في السبت أنهم قالوا لمن قال لهم: {لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذّبهم عذابًا شديدًا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلّهم يتّقون}.
الثاني: أنه يجب مع غلبة الظنّ؛ أي عند عدم القبول والانتفاع به يسقط وجوب الأمر والنهي ويبقى الاستحباب، وهذا ذهب إليه جماعة من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وهو رواية عن الإمام أحمد وقال به الأوزاعي.
وحجّتهم:
1: قوله تعالى: {فذكّر إن نفعت الذكرى} فأوجب تعالى التذكير بشرط الانتفاع.
2: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله تعالى: {عليكم أنفسكم}، فقال: ((ائتمروا بالمعروف، وانتهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحّا مطاعًا، وهوًى متّبعًا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع عنك أمر العوام)) رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي.
ورُوي هذا التأويل عن عدد من الصحابة كابن مسعود وابن عمر وغيرهما.
3: كما دلّ عليه عمل عدد من الصحابة كابن عمر وابن عباس وغيرهما لمّا دخلوا بيوت بعض الولاة ورأوا عندهم بعض المنكرات فلم ينكروها لغلبة الظنّ أنهم لا ينتفعون بذلك.
4: هذا القول أوجه من جهة نصوص الشريعة؛ لأن أعمال المكلفين مبنية على ما يغلب على ظنّهم، وفي الحديث: ((فإن لم يستطع فبلسانه)) وعدم الاستطاعة يشمل عدة أحوال ويدخل فيها غلبة الظن ألا ينتفع الخصم.
· دوافع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دوافع كثيرة منها:
1: كسب الثواب والأجر، فمن دلّ الناس على معروف كان له من الأجر مثل أجورهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، قال صلى الله عليه وسلم: ((من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله)).
2: خشية عقاب الله؛ وذلك أن المنكر إذا فشا في أمّة كانت مهدّدة بنزول العقاب عليها، قال صلى الله عليه وسلم: ((إنّ الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه)).
3: الغضب لله تعالى أن تنتهك محارمه، وذلك من خصال الإيمان الواجبة.
4: النصح للمؤمنين والرحمة بهم رجاء إنقاذهم؛ فالذي يقع في المنكر عرّض نفسه لعقاب الله وغضبه، وفي نهيه عن ذلك أعظم الرحمة به.
5: إجلال الله وإعظامه ومحبته، فهو تعالى أهل أن يُطاع فلا يُعصى، وأن يُشكر فلا يُكفر، وأن يُعظّم بإقامة أوامره والانتهاء عن حدوده، وقد قال بعض السلف: وددت أن الخلق كلهم أطاعوا الله، وإن ّ لحمي قُرض بالمقاريض.
· شبهات وجوابها.
- الشبهة الأولى: قد يقول قائل: أنا كاره بقلبي، مع جلوسه مع أهل المنكر.
الجواب: لا يكفي في إنكار القلب أن يجلس الإنسان إلى أهل المنكر ويقول: أنا كاره بقلبي، لأنه لو صدق أنه كاره بقلبه ما بقي معهم إلا إذا أكرهوه، فحينئذ يكون معذورًا.
قال تعالى: {فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين} فمن جلس في مكان يستهزأ فيه بآيات الله، وهو جالس لا يُفارق ذلك المكان، فهو في حكم الفاعل من جهة رضاه بذلك؛ لأن الراضي بالذنب كفاعله كما قال العلماء.
- الشبهة الثانية: يعلل البعض تركهم واجب إنكار المنكر بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتهم}
الجواب: في تفسير هذه الآية قولان:
الأول: أن معناها: إنكم إذا فعلتم ما كلّفتم به فلا يضرّكم تقصير غيركم، وهذا هو المذهب الصحيح عند المحققين في تفسير هذه الآية، ذكره النووي، ثم قال: وإذا كان كذلك فمما كلّفنا به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومما يدلّ لصحة هذا المعنى قول الصديق رضي الله عنه: يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها على غير موضعها، وإنا سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه)).
الثاني: أن تأويل هذه الآية لم يأتِ بعد، وإن تأويلها في آخر الزمان، وهذا القول مرويّ عن طائفة من الصحابة.
فعن ابن مسعود قال: إذا اختلفت القلوب والأهواء، وألبستم شيعًا، وذاق بعضكم بأس بعض، فيأمر الإنسان حينئذ نفسه، حينئذ تأويل هذه الآية.
وعن ابن عمر: هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا، إن قالوا لم يقبل منهم.
وهذا قد يُحمل على أنّ من عجز عن الأمر بالمعروف، أو خاف الضرر، سقط عنه.
- الشبهة الثالثة: قد يقول قائل: هل للعاصي أن يأمر وينهى؟
الجواب: قال العلماء: لا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال، ممتثلًا ما يأمر به، مجتنبًا ما نهى عنه، بل عليه الأمر وإن كان مخلّا بما يأمر به، فإنه وإن كان متلبّسًا بما ينهى عنه، فإنه يجب عليه شيئان: أن يأمر نفسه وينهاها، ويأمر غيره وينهاه.
فإذا أخلّ بأحدهما كيف يُباح له الإخلال بالآخر؟ ذكره النووي.
· خطر ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
1: فساد المجتمع بشيوع المنكرات والفواحش، وتسلّط الفجار على الأخيار.
2: اعتياد الناس على الباطل، ودثور الحقّ ونسيانه، حتى يصبح الحقّ باطلًا والباطلُ حقّا.
3: الطرد من رحمة الله كما طرد الله اهل الكتاب من رحمته لمّا تركوا هذا الوجب، قل تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}.
4: الهلاك في الدنيا، ففي الحديث: أن مثل القائمين على حدود الله والواقعين فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فأراد الذين في أسفلها أن يخرقوا في نصيبهم خرقًا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا.
وفي حديث أبي بكر مرفوعًا: ((ما من قوم يُعمل فيهم بالمعاصي، ثم يقدرون على أن يغيّروا فلا يغيّروا، إلا يوشك أن يعمّهم الله بعقاب)) رواه أبو داود.
5: عدم استجابة الدعاء، فعن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، أو ليوشك الله أن يبعث عليكم عقابًا من عنده، ثم لتدعنّه فلا يستجيب لكم)).
· فوائد الحديث.
1: أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
2: وجوب تغيير المنكر.
3: أنه ليس في الدين من حرج، وأن الوجوب مشروط بالاستطاعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((فإن لم يستطع فبلسانه)).
4: من لم يستطع التغيير باليد ولا باللسان فليغيّر بالقلب بكراهة المنكر وعزيمته على أنه من قدر على إنكاره بلسانه أو يده فعل.
5: أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصال الإيمان.
7: أن للقلب عملًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((فإن لم يستطع فبقلبه)) عطفًا على قوله: ((فليغيّره بيده)).
8: أن الإيمان عمل ونيّة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل هذه المراتب من الإيمان.
9: زيادة الإيمان ونقصانه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وذلك أضعف الإيمان)).
· خلاصة الدرس.
فيتحصّل مما سبق: وجوب إنكار المنكر، وأن إنكاره باليد واللسان متعلّق بالقدرة والاستطاعة بالإجماع.
وأما إنكار القلب فمن الفروض العينيّة التي لا تسقط عن أحدٍ مهما كانت الحال.
ومن لم يُنكر قلبه المنكر دلّ ذلك على ذهاب الإيمان من قلبه.
كما دلّ الحديث بظاهره على تعليق وجوب التغيير باليد بالرؤية، وما يقوم مقامه، وبالمنكر نفسه دون فاعله.

رد مع اقتباس
  #33  
قديم 14 ربيع الثاني 1437هـ/24-01-2016م, 07:52 PM
هيئة التصحيح 3 هيئة التصحيح 3 غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير
 
تاريخ التسجيل: Feb 2014
المشاركات: 2,990
افتراضي

مثال تطبيقي في تلخيص شرح حديث أبي سعيد الخدري: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ...)



الأول: استخلاص العناصر وأسماء المسائل.
بقراءة الدرس، وكلما مرّت به مسألة دوّنها -ولا بأس أن يبدأ بالتدوين في ورقة-، مع الإشارة للشرح الذي تضمّن تلك المسألة، مادام أنه يلخّص من عدة شروح، ويمكن أن يرمز للشراح برموز لتسهيل العملية؛ فمثلًا يرمز للشيخ ابن عثيمين (ع)، وللشيخ محمد حياة السندي (ح)، ونحو ذلك.
مثاله: في شرح ابن عثيمين:

اقتباس:
الشرح
"مَنْ" اسم شرط جازم،و: "رأى" فعل الشرط،وجملة "فَليُغَيرْه بَيَدِه" جواب الشرط.[إعرابها]
وقوله: "مَنْ رَأَى" هل المراد من علم وإن لم يرَ بعينه فيشمل من رأى بعينه ومن سمع بأذنه ومن بلغه خبر بيقين وما أشبه ذلك، أو نقول: الرؤيا هنا رؤية العين، أيهما أشمل؟ [المراد بالرؤية]
الجواب :الأول، فيحمل عليه، وإن كان الظاهر الحديث أنه رؤية العين لكن مادام اللفظ يحتمل معنى أعم فليحمل عليه.
وقوله: "مُنْكَراً" المنكر:هو ما نهى الله عنه ورسوله، لأنه ينكر على فاعله أن يفعله.[المراد بالمنكر]
فيدوّن:
شرح قوله: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده)
- إعرابها. ع
- المراد بالرؤية. ع س ص [أي ابن عثيمين وسعد الحجري وصالح آل الشيخ]
- المراد بالمنكر. ع ح س ج [ابن عثيمين ومحمد حياة وسعد الحجري وابن رجب]

ثانيا: بعد استخلاص العناصر وأسماء المسائل نرتبها.
والغالب أن الشرح الواحد تكون مسائله متناولة من الشارح بترتيب معتبر، أما عند التلخيص من عدة شروح فنحتاج للنظر إلى أوجه التناسب بين المسائل.
ففي المثال السابق: ترتيب العناصر والمسائل المستخلصة:
* شرح قوله: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده)
- إعرابها. ع
- المراد بالرؤية. ع س ص
- المراد بالمنكر. ع ح س ج


ثالثا: التحرير العلمي.
بعد استخلاص المسائل نجمع ما يتصل من الكلام بكل مسألة من جميع أجزاء الدرس، ومن جميع الشروح إذا كان التلخيص منها جميعًا، فهذا يساعد على تحقيق جودة التحرير بذكر خلاصة القول فيه واستيعاب جميع الأقوال، وإتمام ذلك في أقلّ مدة بإذن الله.
ومما يساعد على ذلك وجود الرموز التي تدلنا على مواضع ورود المسألة.
مثال ذلك: تحرير القول في مسألة المراد بالرؤية، وقد وردت في ثلاثة شروح، ونلاحظ أن لأهل العلم فيها قولان:
اقتباس:
* المراد بالرؤية في قوله: (رأى)
[ابن عثيمين] وقوله:"مَنْ رَأَى"هل المراد من علم وإن لم يرَ بعينه فيشمل من رأى بعينه ومن سمع بأذنه ومن بلغه خبر بيقين وماأشبه ذلك، أو نقول: الرؤيا هنا رؤية العين، أيهما أشمل؟
الجواب :الأول،فيحمل عليه، وإن كان الظاهر الحديث أنه رؤية العين لكن مادام اللفظ يحتمل معنى أعم فليحمل عليه.
[سعد الحجري]((رَأَى))؛ أيْ: أَبْصَرَ بِعَيْنَيْهِ وَشَاهَدَ بها هذا المنكرَ، وَهذا فيهِ زيادةُ تَأْكِيدٍ على التَّثَبُّتِ في هذهِ الأمورِ لِتُؤْتِيَ ثِمَارَهَا
[صالح آل الشيخ]والفعل (رأى) هو الذي تعلق به الحكم، وهو وجوب الإنكار، و(رأى) هنا بصرية لأنها تعدت إلى مفعول واحد، فحصل لنا بذلك: أن معنى الحديث:
من رأى منكم منكراً بعينه فليغيرهُ بيده، وهذا تقييد لوجوب الإنكار بماإذا رُئى بالعين، وأما العلم بالمنكر فلا يُكتفى به في وجوب الإنكار، كما دل عليه ظاهرُ هذا الحديث.
قال العلماء: ظاهرُ الحديث على أنهُ لا يجب حتى يرى بالعين، ويُنزَّل السمع المحقق منزلة الرأي بالعين، فإذا سمع منكراً سَماعاً محققاً، سمع صوت رجلوامرأة في خلوة محرمة سَماعاً محققاً، يعرف بيقين أن هذا محرم، وأنه كلامه إنما هومع أجنبية وأشباه ذلك؛ فإنه يجب عليه الإنكار لتنزيل السماع المحقق منزلة النظر،كذلك إذا سمع أصوات معازف أو أصوات ملاهي أو أشباه ذلك، بسماع محقق؛ فإنه يجب عليه هنا الإنكار، وأمّا غير ذلك فلا يدخل في الحديث.
فإذا علم بمنكر فإنه هنالا يدخل في الإنكار، وإنما يدخُل في النصيحة؛ لأنَّ الإنكار عُلِّق بالرؤية في هذاالحديث، وينزّل -كما قال العلماء- السماع المحقق فقط منزلةالرؤية.>> وتوجد هنا مسألة أخرى وهي: فائدة تعليق حكم الإنكار بالفعل (رأى) دون الفعل (علم)
فيكون التحرير كالتالي:
- المراد بالرؤية في قوله: (من رأى).
لأهل العلم قولان في المراد بالرؤية في الحديث:
الأول: العلم، فتشمل من رأى بعينه ومن سمع بأذنه ومن بلغه خبر بيقين وما أشبه ذلك، وهذا ما رجّحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
وحجته: أنه مادام أن اللفظ يحتمل هذا المعنى الأعمّ، فإنه يُحمل عليه، وإن كان ظاهر الحديث يدلّ على أنه رؤية العين.
الثاني: أنها رؤية العين؛ فرأى بمعنى أبصر بعينيه، وإنما يُنزَّل السمع المحقق منزلة الرأي بالعين، وهذا ما رجّحه الشيخ صالح آل الشيخ.
وحجته: أن (رأى) تعدّت إلى مفعول واحد، فتكون بصرية.
ولأن العلم بالمنكر لا يُكتفى به في وجوب الإنكار.
ولأن تقييد وجوب الإنكار برؤية العين يفيد زيادة تأكيد على التثبّت في هذه الأمور.

رابعا: حسن الصياغة.
ومما يساعد على حسن صياغة الملخّص الاستعانة بكلام أهل العلم وعباراتهم الواردة في الشروح.

خامسًا:حسن العرض.
وفيه تراعى المعايير الواردة في دروس الدورة.
ومن ذلك: البدء بذكر العناصر مجرّدة، وتمييز العناصر وأسماء المسائل بلون مختلف.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:14 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir