دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 06:34 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي على من تجب الصلاة

تَجِبُ على كلِّ مسلمٍ مكَلَّفٍ إلا حائضًا ونُفَسَاءَ، ويَقْضِي مَن زالَ عَقْلُه بنومٍ أو إغماءٍ أو سُكْرٍ أو نحوِه، ولا تَصِحُّ من مجنونٍ ولا كافرٍ. فإنْ صَلَّى فمُسْلِمٌ حُكْمًا، ويُؤْمَرُ بها صغيرٌ لسَبْعٍ، ويُضْرَبُ عليها لعَشْرٍ، فإنْ بَلَغَ في أثنائِها أو بعدَها في وقتِها أعادَ، ويَحْرُمُ تأخيرُها عن وَقْتِها إلا لناوٍ الجمْعَ ولِمُشْتَغِلٍ بشَرْطِها الذي يُحَصِّلُه قريبًا.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 04:54 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 04:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


(تَجِبُ) الخَمْسُ في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ (على كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ)؛ أي: بَالِغٍ عَاقِلٍ, ذَكَرٍ أو أُنْثَى أو خُنْثَى, حُرٍّ أو عَبْدٍ أو مُبَعَّضٍ، (إلاَّ حَائِضاً ونُفَسَاءَ), فلا تَجِبُ عليها، (ويَقْضِي مَن زَالَ عَقْلُه بنَوْمٍ أو إِغْمَاءٍ أو سُكْرٍ) طَوْعاً أو كَرْهاً, (أو نَحْوِه)؛ كشُرْبِ دَوَاءٍ؛ لحَدِيثِ: ((مَن نَامَ عَن صَلاةٍ أو نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا)). رواهُ مُسْلِمٌ.
وغُشِيَ على عَمَّارٍ ثَلاثاً, ثُمَّ أَفَاقَ وتَوَضَّأَ وقَضَى تِلْكَ الثَّلاثَ.
ويَقْضِي مَن شَرِبَ مُحَرَّماً حتَّى زَمَنِ جُنُونٍ طَرَأَ مُتَّصِلاً بهِ؛ تَغْلِيظاً عليه، (ولا تَصِحُّ) الصَّلاةُ (مِن مَجْنُونٍ) وغَيْرِ مُمَيِّزٍ؛ لأنَّهُ لا يَعْقِلُ النِّيَّةَ، (ولا) تَصِحُّ مِن (كَافِرٍ)؛ لعَدَمِ صِحَّةِ النِّيَّةِ مِنْهُ، ولا تَجِبُ عليه, بمَعْنَى: أنَّهُ لا يَجِبُ عليهِ القضاءُ إذا أسْلَمَ، ويُعَاقَبُ عليها وعلى سائرِ فُرُوعِ الإسلامِ، (فإن صَلَّى) الكَافِرُ على اختِلافِ أَنْوَاعِه في دارِ الإسلامِ أو الحربِ جَمَاعَةً أو مُنْفَرِداً بمَسْجِدٍ أو غَيْرِه, (فمُسْلِمٌ حُكْماً), فلو ماتَ عَقِبَ الصَّلاةِ, فتَرِكَتُه لأقَارِبِه المُسْلِمِينَ, ويُغَسَّلُ ويُصَلَّى عليهِ ويُدْفَنُ في مَقَابِرِنَا، وإنْ أرادَ البقَاءَ على الكُفْرِ وقالَ: إنَّمَا أَرَدْتُ التَّهْزِيءَ. لم يُقْبَلْ، وكذا لو أَذَّنَ ولو في غَيْرِ وَقْتِه.
(ويُؤْمَرُ بها صَغِيرٌ لسَبْعٍ)؛ أي: يَلْزَمُ وَلِيَّهُ أن يَأْمُرَهُ بالصَّلاةِ لتَمَامِ سَبْعِ سِنِينَ وتَعْلِيمِه إِيَّاهَا والطَّهَارَةَ؛ ليَعْتَادَهَا, ذَكَراً كانَ أو أُنْثَى، وأَن يَكُفَّهُ عَن المَفَاسِدِ، (و) أنْ (يُضْرَبَ علَيْهَا لعَشْرِ) سِنِينَ؛ لحديثِ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, عَن أَبِيهِ, عَن جَدِّهِ يَرْفَعُه: ((مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاةِ وهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ, وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لعَشْرٍ, وفَرِّقُوا بَيْنَهُم فِي المَضَاجِعِ)). روَاهُ أَحْمَدُ وغَيْرُه، (فإِنْ بلَغَ في أَثْنَائِهَا)؛ بأنْ تَمَّتْ مُدَّةُ بُلُوغِه وهو في الصَّلاةِ (أو بَعْدَهَا في وَقْتِهَا, أَعَادَ)؛ أي: لَزِمَهُ إِعَادَتُها؛ لأنَّهَا نَافِلَةٌ في حَقِّه، فلم يَجْزِه عَن الفَرِيضَةِ، ويُعِيدُ التَّيَمُّمَ, لا الوُضُوءَ والإسلامَ، (ويَحْرُمُ) على مَن وَجَبَتْ عليهِ (تَأْخِيرُهَا عَن وَقْتِها) المُخْتَارِ, أو تأخيرُ بَعْضِها, ِلاَّ لنَاوِي الجَمْعِ) لعُذْرٍ, فيُبَاحُ له التَّأْخِيرُ؛ لأنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ يَصِيرُ وَقْتاً لَهُما، (و) إِلاَّ (لمُشْتَغِلٍ بشَرْطِهَا الذي يُحَصِّلُه قَرِيباً)؛ كانقِطَاعِ ثَوْبِهِ الذي ليسَ عِنْدَه غَيْرُه إذا لم يَفْرُغْ مِن خِيَاطَتِه حتَّى خَرَجَ الوَقْتُ، فإنْ كانَ بَعِيداً عُرْفاً, صَلَّى، ولِمَنْ لَزِمَتْهُ التَّأْخِيرُ في الوَقْتِ معَ العَزْمِ علَيْهِ, ما لم يَظُنَّ مَانِعاً, وتَسْقُطُ بمَوْتِه, ولم يَأْثَمْ.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 01:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم



(تجب) الخمس في كل يوم وليلة (على كل مسلم مكلف)([1]).
أي بالغ عاقل ذكر أو أنثى أو خنثى، حر أو عبد أو مبعض([2]) (لا حائضا ونفساء) فلا تجب عليهما([3]).

(ويقضي من زال عقله بنوم أو إغماء أو سكر)([4]) طوعا أو كرها (أو نحوه) كشرب دواء([5]) لحديث «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» رواه مسلم([6]) وغشي على عمار ثلاثا، ثم أفاق وتوضأ وقضى تلك الثلاث([7]).
ويقضي من شرب محرما([8]) حتى زمن جنون طرأ متصلا به تغليظا عليه([9]) (ولا تصح) الصلاة (من مجنون)([10]) وغير مميز([11]).
لأنه لا يعقل النية([12]) (ولا) تصح من (كافر) لعدم صحة النية منه([13]) ولا تجب عليه، بمعنى أنه لا يجب عليه القضاء إذا أسلم([14]) ويعاقب عليها وعلى سائر فروع الإسلام([15]).

(فإن صلى) الكافر على اختلاف أنواعه([16]) في دار الإسلام أو الحرب، جماعة أو منفردا بمسجد أو غيره (فمسلم حكما)([17]) فلو مات عقب الصلاة فتركته لأقاربه المسلمين، ويغسل ويصلى عليه، ويدفن في مقابرنا([18]) وإن أراد البقاء على الكفر، وقال: إنما أردت التهزئ لم يقبل([19]) وكذا لو أذن ولو في غير وقته([20]).

(ويؤمر بها صغير لسبع)([21]) أي يلزم أن يأمره بالصلاة لتمام سبع سنين([22]).

وتعليمه إياها، والطهارة ليعتادها، ذكرا كان أو أنثى، وأن يكفه عن المفاسد([23]).
(و) أن (يضرب عليها لعشر) سنين([24]) لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يرفعه([25]) «مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» رواه أحمد وغيره([26]).
(فإن بلغ في أثنائها)([27]) بأن تمت مدة بلوغه وهو في الصلاة (أو بعدها في وقتها أعاد) أي لزمه إعادتها لأنها نافلة في حقه، فلم تجزئه عن الفريضة([28]) ويعيد التيمم([29]) لا الوضوء والإسلام
([30]).
(ويحـرم) عـلى مـن وجبت عـليه (تأخيرها عن وقتها) المختار([31]).
أو تأخير بعضها([32]) (إلا لناوي الجمع) لعذر فيباح له التأخير، لأن وقت الثانية يصير وقتا لهما([33]).
(و) إلا (لمشتغل بشرطها الذي يحصله قريبا) كانقطاع
ثوبه الذي ليس عنده غيره، إذا لم يفرغ من خياطته حتى خرج الوقت([34]).
فإن كان بعيدًا عرفًا صلى([35]) ولمن لزمته التأخير في الوقت مع العزم عليه([36]) ما لم يظن مانعا([37]) وتسقط بموته([38]) ولم يأثم([39]).


([1]) أي تجب الصلوات الخمس في كل يوم وليلة بدخول أوقاتها على كل
مسلم مكلف بالكتاب والسنة والإجماع إجماعا قطعيا قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) أي مفروضا في الأوقات وقال: (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ) وقال: (لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) وقال عليه الصلاة والسلام لما بعث معاذا إلى اليمن(( أخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة)) وقال للأعرابي ((خمس صلوات في اليوم والليلة))، وقال: فرضت الصلاة، الحديث وبني الإسلام على خمس، وذكر الصلاة بعد الشهادتين، وقال نافع بن الأزرق لابن عباس: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن ؟ قال نعم ثم قرأ (فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ) وحكى إجماع الأمة على أن الصلوات الخمس فرض عين، على كل مسلم مكلف، في كل يوم وليلة غير واحد من أهل العلم، وقال ابن رشد: لا يرده إلا كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل، والحكمة في مشروعيتها والله أعلم التذلل والخضوع بين يدي الله عز وجل المستحق للتعظيم، ومناجاته تعالى فيها بالقراءة والذكر والدعاء، وتعمير القلب بذلك، واستعمال الجوارح في خدمته.

([2]) بغير خلاف، ومن لم يبلغه الشرع كمن أسلم بدار حرب، أو نشأ بباديه قيل يقضيها، وقيل لا، اختاره الشيخ، بناء على أن الشرائع لا تلزم إلا بعد العلم، وأجري ذلك في كل من ترك واجبا قبل بلوغ الشرع، من تيمم وزكاة ونحوهما، وهو قياس الأصل، وقال: والأصح لا قضاء ولا إثم إذا لم يقصر، للعفو عن الخطأ والنسيان والنوم.

([3]) ولا يقضيانها إجماعا.

([4]) إجماعا في النوم، وكذا في الإغماء ما لم تطل مدته، فإن مذهب مالك والشافعي لايلزمه قضاء الصلاة إلا أن يفيق في جزء منها، وأبو حنيفة لا يراه بعد خمس صلوات، وعندنا يلزم القضاء مطلقا، لأنه لا تطول مدته غالبا، أشبه النوم المتفق على القضاء في حالته، وأما السكر فبطريق الأولى، والإغماء مصدر، أغمي عليه، أي غشي عليه، وتقدم أنه آفة تعرض للدماغ أو القلب بسببها تتعطل القوى المدركة والمحركة حركة إرادية، والسكر اسم مصدر وهو زوال العقل بشراب ونحوه، يقال: سكر يسكر فهو سكران، والجمع سكرى وسكارى، والسكر حالة تعرض للإنسان من امتلاء دماغه من الأبخرة المتصاعدة من الخمر وما يقوم مقامها إليه معه، فيتعطل معه عقل المميز بين الأمور الحسنة والقبيحة، قال الشيخ: وصلاة السكران الذي لا يعلم ما يقول لا تجوز بالاتفاق، ولا يجوز أن يمكن من دخول المسجد.

([5]) ولو غير محرم، وفاقا لأبي حنيفة، ومذهب مالك والشافعي لا يلزمه القضاء، وجزم الشارح وغيره أنه إن تطاول زمنه فكالمجنون وإلا فكالإغماء.

([6]) من حديث أبي هريرة ومثله الساهي.

([7]) أي الليالي التي غشي عليه فيها بعد ما أفاق، أي رجعت الصحة إليه، أو رجع هو إلى الصحة، و(غشي) مبني للمجهول أي أغمي عليه، والغشاء الغطاء وزنا ومعنى وعن عمران بن حصين، وسمرة بن جندب نحوه، ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة فكان كالإجماع، وعمار هو ابن ياسر بن عامر بن مالك العنسي ثم المذحجي قدم والده مكة فحالف أبا حذيفة بن المغيرة فزوجه أمة
له يقال لها سمية فولدت عمار فأعتقه، أوذي في الله، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ((ملئ عمار إيمانا)) وقال: تقتله الفئة الباغية، وقتل يوم صفين، وله نيف وتسعون.

([8]) كمسكر فزال عقله بالسكر المحرم، ما فاته في وقت السكر من الصلاة والصوم وسائر الواجبات، وجها واحدا وفاقا، وقال الشيخ: بلا نزاع وكذا قال في الإنصاف، وتجب على من زال عقله بمرض بلا نزاع.

([9]) أي ويلزمه قضاء ما فاته حتى صلاة حال الجنون، لاتصاله بالسكر المحرم تغليظا عليه، صوبه في تصحيح الفروع، فلو شرب محرما وجن في الحال، واستمر جنونه، وإن مات والحال ما ذكر مات عاصيا، لأنه جنى على نفسه بشربه المحرم، كما لو جن المرتد، لأن سقوطها بالجنون رخصة، وليس من أهلها، فكذا هنا، وطرأ يطرأ مهموز، وفيه العطف على متبوع محذوف، لأن تقديره: فيقضي كل صلاة ونحوها، حتى صلاة زمن جنون طرأ وهو جائز.

([10]) ولا تجب عليه، ولا يقضي إذا أفاق، إلا أن يفيق في وقتها، قال الشارح: لا نعلم فيه خلافا، والأبله الذي لا يفيق كالمجنون يقال: رجل أبله بين البله، وهو الذي لا يعقل.

([11]) لحديث عائشة رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ، رواه أبو داود والترمذي وحسنه، فهؤلاء لا قصد لهم، وهي العلة في رفع أحكام التكليف عنهم، وقد انعقد الإجماع على أن تكليف ما لا يطاق غير واقع في الشريعة، وتكليف من لا قصد له تكليف ما لا يطاق
وتصح من مميز إجماعا وهو من استكمل سبعا، وفي المطلع: من يفهم الخطاب ويرد الجواب ولا ينضبط بسن، بل يختلف باختلاف الأفهام، وصوبه في الإنصاف.

([12]) أي المجنون وغير المميز، والصلاة من شرطها النية، ولا تمكن منه.

([13]) أي من الكافر الأصلي، يهوديا كان أو نصرانيا أو مجوسيا أو غيرهم، حكاه الشيخ وغيره إجماعا، لفقد شرطها، وهو الإسلام، وقال المازري، لأن من شرط المتقرب أن يكون عارفا بمن تقرب إليه، والكافر ليس كذلك.

([14]) إشارة إلى أنه لا يفهم من عدم الوجوب عدم العقاب، وإلا فإنه يؤاخذ بها، كما يؤاخذ بالتوحيد، وقال في الإنصاف، الكافر لا يخلو، إما أن يكون أصليا أومرتدا، فإن كان أصليا لم تجب عليه، بمعنى أنه إذا أسلم لم يقضها، وهو إجماع وأما وجوبها بمعنى أنه مخاطب بها، فالصحيح من المذهب أنهم مخاطبون بفروع الإسلام، وعليه الجمهور وإن كان مرتدا فالصحيح من المذهب أنه يقضي ما تركه قبل ردته، إلا الحج، وقال النووي: لا يلزم المرتد قضاء ما فاته في الردة، وفاقا لأبي حنيفة ومالك، قال: والذي عليه المحققون بل نقل بعضهم الإجماع فيه أن الكافر إذا فعل أفعالا جميلة ثم أسلم يكتب له، لقوله: أسلمت على ما أسلفت وقال الشيخ: اختار الأكثر أن الردة لا تحبط العمل إلا بالموت عليها لقوله: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُم) فعلق الحبوط بشرطين: الردة والموت عليها، والمعلق بشرطين لا يثبت بأحدهما.

([15]) لأن الكفار ولو كانوا مرتدين مخاطبون بفروع الإسلام كالتوحيد إجماعا لقوله تعالى: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّين)

([16]) من ملل الكفر.

([17]) أي يحكم بإسلامه، ويصح بها إسلامه، كما يأتي، وهي لا تصح بدون الإسلام لأنها عبادة مختصة بشرعنا، أشبهت الأذان، وجزم به الشيخ وغيره، لحديث ((نهيت عن قتل المصلين))، رواه أبو داود، ولقول أنس: وصلى صلاتنا فهو المسلم، ولقوله: بيننا وبينهم الصلاة، فثبتت العصمة بالصلاة، وهي لا تكون بدون الإسلام ويحكم بكفر من سجد لصنم، فكذا عكسه، قالوا: ولا تصح تلك ظاهرا لفقدان شرطها وهو الإسلام فيؤمر بالإعادة إلا إن علم أنه قد أسلم واغتسل، وصلى بنية صحيحة فصحيحة، وهذا بخلاف من هو مسلم وارتكب بعض البدع التي تخرجه من الإسلام، فإنا نحكم بكفره ولو صلى.

([18]) للحكم بإسلامه.

([19]) منه إلا الإسلام أو السيف، لأنا حكمنا بإسلامه بصلاته، فيكون مرتدا بقوله ذلك، وتجري عليه أحكام المرتدين، كما لو أتى بالشهادتين ثم قال: لم أرد الإسلام.

([20]) فيحكم بإسلامه إذا أذن لإتيانه بالشهادتين وعلى قياسه الإقامة أيضا لإتيانه بالشهادتين وينبغي أن يقيد بغير من يعتقد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى العرب خاصة، وإلا فلا بد من إقراره برسالته إلى الناس كافة، ولا يعتد بأذانه، لفقد شرطه، وكذا لو سجد للتلاوة أو زكى السائمة، لا إن صلى في غير الوقت، أو أفسدها أو فعل بقية العبادات التي لا تختص بشريعتنا.

([21]) إذا فهم الخطاب ولا خلاف في صحتها من مميز، ويشترط لصحة صلاته مايشترط لصحة صلاة الكبير، إلا في السترة، والثواب له وفاقا، واختاره الشيخ، لعموم قوله (من جاء بالحسنة) ولقوله عليه الصلاة والسلام لما رفعت إليه امرأة صبيا وقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر، وكذا أعمال البر كلها، فهو يكتب له ما عمله من الحسنات، وفي الحديث ((رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق))، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه عن علي وعائشة، قال النووي وغيره: بإسناد صحيح، ولا تجب على صبي ولا صبية، ولا يلزمها قضاؤها بعد البلوغ بالاتفاق، وفي الاختيارات: ولو بلغ عشرا، وقاله جمهور العلماء، لأنها عبادة بدنية فلم تلزمه كالحج، والطفل لا يعقل، والمدة التي يكمل فيها عقله ونيته تخفى، وتختلف فنصب الشارع عليه علامة ظاهرة، وهي البلوغ.

([22]) نص عليه، أبا كان الولي أو جدا أو وصيا، أو قيما من جهة القاضي، أو أما وكذا وجوب الضرب لبلوغ العشر، لما يأتي وقال الشيخ: ويجب على كل مطاع أن يأمر من يطيعه بالصلاة حتى الصغار لقوله: ((مروهم بالصلاة))، ومن عنده صغير مملوك أو يتيم أو ولد فلم يأمره فإنه يعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير، ويعزر تعزيرا بليغا لأنه عصى الله ورسوله، وقال النووي وغيره: الصبي إذا بلغ حدا يعقل أولى من قولهم سبع سنين، لأن المراد إذا كان مميزا صحت صلاته وإمامته، والتمييز يختلف وقته باختلاف الصبيان، فمنهم من يحصل له من سبع، ومنهم قبلها، ومنهم وإن بلغ عشرا، أو أكثر، وقال أهل التحقيق، الصواب يعتبر لكل صبي بنفسه، فقد يميز لدون خمس، وقد يتجاوز الخمس ولا يميز، وقال الشافعي وغيره، ويؤمر الصبي بحضور المساجد وجماعات الصلاة ليعتادها.

([23]) أي ويلزمه تعليمه أحكام الصلاةوالطهارة من الحدث والخبث وكذا الصوم ونحوه وتحريم الزنا والسرقة والغيبة ونحوها، ويكف عن جمع المفاسد، قال إبراهيم: كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار، لينشئووا على ذلك ويعتادوه فلا يتركونه من اعتاد الشيء صيره عادة لنفسه، فإن من شب على شيء شاب عليه، وكما يلزم الولي فعل ما فيه صلاح ماله، فإن احتاج لأجرة فمن مال الصبي، فإن لم يكن فعلى من تلزمه نفقته.

([24]) ضربا غير مبرح أي شديد، وجوبا للخبر، لتمرينه عليها حتى يألفها.

([25]) يعني إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعمرو بن شعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، أحد علماء زمانه، قال الذهبي: روايته عنأبيه عن جده من قبيل الحسن، ليست بمرسلة ولا منقطعة، ولا من أقسام الصحيح وقال غير واحد: الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده هو الصواب، وقال البخاري: ما تركه أحد من المسلمين مات رحمه الله بالطائف سنة مائة وسبع عشرة.

([26]) فمنهم أبو داود والترمذي والحاكم، وفي رواية للترمذي ((علموا الصبي للصلاة ابن سبع سنين واضربوه عليها ابن عشر))، وصححه هو وغيره ولأبي داود ((مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها))، وفي رواية ((مروا أولادكم، ))وفي رواية(( إذا عرف يمينه من شماله فمروه بالصلاة، ))قال النووي: والصبي يتناول الصبية بلا خلاف، وشمول أولادكم للإناث ظاهر، وأمر بالتفريق بينهما في المضاجع، لأن نومهما في فراش واحد ذريعة إلى نسج الشيطان بينهما المواصلة المحرمة، ولا سيما مع الطول، والرجل قد يعبث في نومه بالمرأة في نومها إلى جانبه وهو لا يشعر.

([27]) البلوغ الوصول، وبلغ الغلام أدرك، والمراد والله أعلم بلوغ حد التكليف وهو ما عرفوه به في الحج وغيره، والثني واحد أثناء الشيء، أي تضاعيفه تقول: أنفذت كذا ثني كتابي، أي في طيه.

([28]) وقال بعضهم: لا يعيد واختاره الشيخ وصاحب الفائق وغيرهما وفاقا للشافعي، وذلك أن الصبي مأمور بالصلاة قبل البلوغ أمر ندب، مضروب على تركها، وإذا كان مأمورا بها وفعلها امتنع أن يؤمر بصلاة ثانية قال النووي: وهو خلاف ما جاءت به النصوص، وانعقد عليه الإجماع فلا إعادة عليه، وكذا نبه عليه المجد.

([29]) يعني لأن تيممه كان لنافلة فلا يستبيح به فريضة وتقدم.

([30]) لأن وضوءه رافع للحدث، ولأن الإسلام أصل الدين فلا يصح نفلا، بل إذا وجد فهو على وجه الوجوب، ولأنه يصح بفعل غيره كأبيه.

([31]) فيما لـه وقتـان، أو عن وقــت الجواز، وهو الوقت المعلوم وسيأتي
والتحريم ما لم يكن عذر، وكان ذاكرا لها، قادرا على فعلها إجماعا، لما روى أبو قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، أن تؤخر الصلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى) رواه مسلم، ولأنه يجب إيقاعها في الوقت، فإذا خرج ولم يأت بها كان تاركا للواجب، مخالفا للأمر، وهو عاص مستحق للعقاب، وقال الشيخ: وأما تأخير صلاة النهار إلى الليل أو الليل إلى النهار، أو الفجر بعد طلوع الشمس، فلا يجوز لمرض ولا لسفر ولا لشغل، ولا لصناعة باتفاق العلماء،وقال أيضا: لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لجنابة ولا حدث ولا نجاسة، ولا غير ذلك بل يصلي في الوقت بحسب حاله.

([32]) بأن يؤخر القيام إليها إلى وقت لا يتسع لكلها، بأن لم يبق من وقت الاختيار إلا ما يتسع لركعة مثلا.

([33]) لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤخر الأولى في الجمع، ويصليها في وقت الثانية، وسيأتي وقال الوزير، أجمعوا على أنه لا يجوز تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها، لمن كان مستيقظا ذاكرا لها قادرا على فعلها غير ذي عذر ولا مريد الجمع.

([34]) وكالمشتغل بنحو الوضوء والغسل حتى خرج الوقت. وقال الشيخ: هذا خلاف المذهب المعروف عنأحمد وأصحابه، وجماهير العلماء، وقال: قول بعض الأصحاب لا يجوز تأخيرها إلا لمشتغل بشرطها، لم يقله أحد قبله من الأصحاب، ولا من سائر طوائف المسلمين، إلا أن يكون بعض أصحاب الشافعي ولا ريب
إنه ليس على عمومه، وإنما أرادوا صورا معروفة كما إذا أمكن الواصل إلى البئر أن يصنع حبلا يستقي به، أو أمكن العريان أن يخيط ثوبا، ولا يفرغ إلا بعد الوقت ونحو هذه الصور، ومع هذا فالذي قاله هو خلاف المذهب المعروف عن أحمد وأصحابه، وجماهير أهل العلم، ويؤيده أن العريان لو أمكنه أن يذهب إلى قرية يشتري ثوبا، ولا يصل إلا بعد الوقت لا يجوز له التأخير بلا نزاع.

([35]) أي في الوقت على حسب حاله، تقديما للوقت، لسقوط الشرط إذن بالعجز عنه.

([36]) أي ولمن لزمته الصلاة تأخير فعلها في وقت الجواز، مع العزم على فعلها وقت الجواز، فإن لم يعزم على فعلها فيه أثم، حكاه الموصلي وغيره إجماعا وقيل: يجوز بدونه اختاره أبو الخطاب المجد وغيرهما.

([37]) يمنعه من فعلها، كموت وقتل وحيض ونحوها، فيصليها أول الوقت، وكذا من أعير سترة أول الوقت فقط، ومتوضئ عدم الماء في السفر وطهارته لا تبقي إلىآخر الوقت، ولا يرجو وجود الماء في الوقت، ومستحاضة لها عادة بانقطاع دمها في وقت يتسع لفعلها، فيتعين فعلها ذلك الوقت، وقال عثمان: يؤخذ منه أنه إذا نام بعد دخول الوقت وظن أنه لا يستيقظ إلا بعد خروج الوقت فإنه يحرم عليه، وإن كان يمكنه القضاء كمن ظنت حيضا أو نفاسا.

([38]) أي ومن له التأخير ممن تقدم تسقط بموته وفاقا، لأنها لا تدخلها النيابة، فلا فائدة لبقائها في الذمة، قال الوزير وغيره: أجمعوا على أنها لا تصح فيها النيابة بنفس ولا مال.

([39]) وفاقا: لأنه لم يقصر، وقال بعض الحنفية، لا يكون عاصيا بالإجماع، قال الشيخ: ونظيره قضاء رمضان، فإنه وقت موسع.


  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 09:13 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

(تَجبُ)
قوله: «تجب» ، أي: الصَّلاة، والمراد بالوجوب هنا أعلى أنواع الوجوب وهو الفريضة. وهي في الدِّين في المرتبة الثانية بعد الشَّهادة بالتَّوحيد والرِّسالة، فالإسلام: شهادة أنْ لا إله إلاَّ الله؛ وأنَّ محمَّداً رسول الله، وهذه واحدة، وإِنَّما صارت هاتان الجملتان واحدة؛ لأنَّ كلَّ عبادة لا بُدَّ فيها من إِخلاص تتضمَّنه شهادةُ أنْ لا إله إلاَّ الله، ومتابعةٍ تتضمَّنه شهادةُ أنَّ محمَّداً رسول الله، فلهذا جعلهما النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم شيئاً واحداً. والمرتبة الثَّانية هي الصَّلاة، فهي من أعلى أنواع الفرض.
فقول المؤلِّف: «تجب»، قد يقول قائل: إنَّ فيه شيئاً من القُصُور؛ لأنَّك لو قلت عن كبيرة من الكبائر: تَحرمُ، لهوَّنْتَ من أمرها، فإذا قلت في مثل الصَّلاة: تجب، قد يقول قائل: إنَّ في هذا شيئاً من التَّهوين بأمرها؟ ولكنَّنا نقول: إنَّ المؤلِّف أراد أن يُبيِّن جنسَ حُكم هذه الصَّلوات، وأنَّها ليست من النَّوافل أو التَّطوعات، بل هي من جنس الواجب.
والدَّليل على وجوبها: كتاب الله، وسُنَّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإجماع المسلمين على ذلك إجماعاً قطعيًّا معلوماً بالضَّرورة من الدِّين.
أمَّا الكتاب: فقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] . والشَّاهد: قوله: {كِتَابًا}، لأنَّ كتاباً بمعنى مكتوب، والمكتوب بمعنى المفروض، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] ، أي: فُرِضَ.
ومن السُّنَّة: قول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم وقد بعثَ معاذاً إلى اليمن: «أعْلِمْهُمْ أنَّ الله افترضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في كُلِّ يومٍ وليلةٍ».
وأما الإجماع: فهو معلومٌ بالضَّرورة من الدِّين، ولهذا لم يُنكرْ أحدٌ من أهل القِبلة ـ ممَّن ينتسبون إلى الإسلام ـ فَرْضَهَا؛ حتى أهل البدع يقرُّون بفرضِهَا.

(عَلَى كُلِّ مسلمٍ)
وقوله: «على كُلِّ مسلم» ، المسلم هو: الذي يشهد أنْ لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمَّداً رسول الله، ويقيمُ الصَّلاة، ويؤتي الزَّكاة، ويصومُ رمضانَ، ويحجُّ البيتَ.
هذا هو المسلم الكامل الإسلام، ولكن المراد بالمسلم هنا: من يشهد أن لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً رسول الله؛ لقول الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ بن جبل: «إنك تأتي قوماً من أهلِ الكتاب، فادْعُهُمْ إلى شهادة أنْ لا إله إلا الله، وأنِّي رسولُ الله، فإن هم أطاعُوا لذلك؛ فأعْلِمْهُم أنَّ الله افترض عليهم خمسَ صلوات...». الحديث.
فتَجِبُ على هذا الذي شَهِدَ أنْ لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً رسولُ الله، فالكافر لا تجب عليه، والمراد بنفي الوجوب على الكافر أنَّها لا تَلْزَمُهُ حال كفره، ولا يَلزَمُه قضاؤها بعد إسلامه.
والدَّليل على أنَّها لا تَلزَمُه حال كفره، قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة] .
فهذا دليلٌ على أنَّ الصَّلاة لا تُقبل منه، وإذا لم تُقبل منه فإِنَّها لا تصحُّ، وإذا لم تصحَّ لم تجب؛ لأنَّها لو وجبت وأتى بما يلزم فيها لصحَّت.
وأيضاً: رُبَّما نستدلُّ بحديث معاذ؛ لأنَّه لم يَذْكُرِ افتراضَ الصَّلاة عليهم إِلاَّ بعد الشَّهادتين.
إِذاً؛ الكافر لا تلزمه الصَّلاة؛ ولا يلزمه قضاؤها إذا أسلم؛ لقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] ، وقال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «الإسلامُ يَهْدِمُ ما كان قبلَه»، أو «يَجُبُّ ما قبله» . ولم يُلزِمِ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم الذين أسلموا بقضاء صلواتهم الماضية وقال: «أسلمتَ على ما أسلفتَ من خير»
وثَمَّ دليل من النظر، وهو: أننا لو ألزمناه بقضَائِها بعد إسلامه؛ لكان في ذلك مشقَّة وتنفير عن الإسلام.
ولكن يُحَاسَب عليها في الآخرة، واستدلَّ العلماء لذلك بقوله تعالى: {فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر] .
فإن قال قائل: مجرَّد تكذيبهم بيوم الدين يوجب أن يدخلوا النَّار؟.
فالجواب أن يُقال: لولا أنَّ لتركهم الصَّلاة وإِطعامِ المسكين وخوضِهم مع الخائضين تأثيراً في تعذيبهم؛ لكان ذكره من باب العبث.
وأمَّا من حيث النَّظرُ: فيقال: إذا كان المسلم يُعاقَب على ترك هذا الواجب، وهو أكرم عند الله ـ بلا شكٍّ ـ من هذا الكافر، فكيف لا يُعذَّب الكافر؟!.
فإن قلت: لا يُعذَّب الكافرُ؛ لأنَّه غير ملتزم بذلك؛ إذ هو كافر؟
فنقول: وإن لم يلتزم؛ لكنَّه مُلزم شرعاً؛ لكونه عبداً لله، فكونه لا يلتزم عناداً منه واستكباراً. بل أقول: إن الكافر يُحاسَب على كلِّ نعمة أنعمها الله عليه يوم القيامة.
ودليل ذلك من الأثر قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [المائدة: 93] ، والذين لم يؤمنوا ولم يتَّقوا ولم يعملوا الصَّالحات عليهم جُناحٌ بالمفهوم، أي: مفهوم وصف ومعنى، وهو الإيمان والعمل، وقال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 32] ، أما هؤلاء الكفَّار فهي حرام عليهم ويُحاسَبون عليها، بخلاف المؤمنين، فهي حلال لهم في الدُّنيا، ولا يُحاسَبون عليها يوم القيامة.
فإن قلت: إذا كانت حراماً عليهم، فلماذا لا نمنعهم من الأكل والشُّرب؟
فالجواب على ذلك: أنَّ الله عزّ وجل يرزق العبادَ الحلالَ والحرامَ؛ لأنَّه تكفَّل بالرِّزق، قال اللَّهُ تعالى: {وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6] .
إذاً؛ صار الكافر في الدُّنيا أشدَّ محاسبة من المؤمن؛ لأنَّ الكافر يُحاسَب على الأكل، والشّرب، واللباس، وكلِّ نعمة.
أما النَّظر الذي يدلُّ على أنَّ الكافر يُعذَّب في الآخرة على ما استمتع به من نِعَمِ الله: فلأنَّ العقل يقتضي أنَّ من أحسن إليك فإنَّك تُقابله بالامتثال والطَّاعة إذا أمرك، ويرى العقلُ أنَّ من أقبح القبائح أن تُنابذَ من أحسن إليك بالاستكبار عن طاعته وتكذيب خبره، ولهذا قال الله عزّ وجل في الحديث القُدسي: «كَذَّبَني ابنُ آدم ولم يكن له ذلك، وشتَمني ولم يكن له ذلك».فإذا لم يكن ذلك حقاً له دلَّ على أنَّ عمله من أقبح القبائح أن يستمتع بنِعَمِ الله، ثمَّ يُنكر هذا الفضل بالاستكبار عن الطاعة، وتكذيب الخبر.

(مُكَلَّفٍ )
قوله: «مُكلَّف» ، التَّكليف في اللُّغة: إلزامُ ما فيه مشقَّة، ولكن في الشَّرع ليس كذلك؛ لأنَّ الشَّرع ليس فيه مشقَّة، قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286] .
وهو في الشَّرع: إلزامُ مقتضى خطاب الشَّرع.
والتَّكليف يتضمَّن وصفين هما: البلوغ والعقل. فمعنى مكلَّف أي: بالغ عاقل، فغير البالغ وغير العاقل لا تلزمه الصَّلاة بالدَّليل الأثري والنَّظري.
أما الأثري: فقوله صلّى الله عليه وسلّم: «رُفع القلمُ عن ثلاثة: عن المجنون حتى يُفيق، وعن الصَّبيِّ حتى يبلُغ، وعن النَّائم حتى يستيقظ» .
وأما النَّظر: فلأنَّهما ليسا أهلاً للتَّكليف؛ إذ إنَّ قصدهم قَاصِرٌ مهما كان، ولهذا يختلف غير المكلَّف عن المكلَّف في بعض الأمور؛ فأُبيح للصَبيِّ من اللَّعب واللَّهو ما لم يُبَحْ لغيره، وَوُسِّعَ للصَّبيِّ في الواجبات ما لم يُوسَّع لغيره، حتَّى إنَّ الشَّيء الذي يكون جريمة في البالغ لا يكون جريمة في الصَّغير؛ لأن نظره قاصر، وكذا قصده، والمجنون من باب أولى، فالمجنون البالغ غير مكلَّف. والصَّغير العاقل غير مكلَّف.
فإن قلت: إذا لم يجب على الصَّبيِّ صلاة؛ أَفَلَيْسَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم قد أوجبَ على الإنسان أن يأمرَ ابنه أو ابنته بالصَّلاة لسبعٍ، ويضربه عليها لعشر؟ وهل يُضرَبُ الإنسان على شيء لا يجب عليه؟
فالجواب على ذلك أن نقول: إِنَّما أُلزم الوالدُ بأمر أولاده وضربهم؛ لأنَّ هذا من تمام الرِّعاية والقيام بالمسؤولية التي حملها، والأب أهلٌ للمسؤولية. لا لأنَّ الصَّبيَّ تجب عليه الصَّلاة، ولذلك لا يلزمه قضاؤها لو تركها. ولو كان الصَّبيُّ له ستُّ سنوات؛ لكنَّه فَطِنٌ وذكيٌّ، فظاهر الحديث أنَّه لا يأمره؛ لأنَّ الشَّارع حدَّها بالسَّبع؛ لأنَّ الغالب أنه يكون بها التَّمييز، والنَّادر لا حكم له.
فإن قلنا: إنَّ التَّمييز ليس محدوداً بسنٍّ وإنَّما هو بالمعنى، وأنَّ التَّمييز هو: أن يفهم الخطاب، ويَرُدَّ الجواب، كما يدلُّ عليه الاشتقاق، فهل يجعل الحكم في أمره بالصَّلاة منوطاً به؛ ولو كان دون السَّبع أم لا؟ هذا محلُّ نظر، قد يُقال: إنَّنا نجعل الحكم منوطاً بالتَّمييز، وقد نقول: إنَّه منوط بالسَّبع كما جاء في السُّنَّة. والشَّارع أحكم منَّا، فيتقيَّد أمْرُه بالصَّلاة وضَرْبُه عليها بما جاءت به السُّنة.

(لا حَائِضاً وَنُفَسَاءَ )
قوله: «لا حائضاً ونُفساء» ، هكذا في النُّسخ بالنَّصب، ووجهه: أنها مفعول لفعل محذوف؛ والتقدير: لا تلزم حائضاً ونُفَسَاء، أي: لا تجب عليهما الصَّلاة بدليل أثريٍّ وإجماعيٍّ. قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم في الحائض: «أليس إذا حاضت لم تُصلِّ ولم تَصُمْ» .والنُّفساءُ كالحائضِ في ذلك بالإجماع، والعلماءُ مجمعون على أنَّ الحائضَ والنُّفساءَ لا تلزمهما الصَّلاة، ولا يلزمهما قضاء الصَّلاة.

(ويَقْضي مَنْ زالَ عقْلُهُ بنومٍ )
قوله: «ويقضي مَنْ زالَ عقلُهُ بنومٍ» ، وعندي أنَّ في العبارة شيئاً من التَّساهل؛ لأنَّ النَّائمَ ليس زائلَ العقلِ بل مُغطًّى عقلُهُ، وفاقدٌ لإحساسه الظَّاهريِّ.
والمعنى: أنَّ النَّائمَ يقضي الصَّلاة، وهذا ثابتٌ بالنَّصِّ والإجماع.
أمَّا النَّصُّ: فهو قوليٌّ وفعليٌّ، فالقوليُّ: قول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «من نسيَ صلاةً أو نَامَ عَنها، فكفَّارتُها أن يصلِّيَهَا إذا ذكرها» .
وأمَّا الفعليُّ: فلأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قضى صلاة الفجر حين نام عنها في السَّفر.ولأنَّنا لو قلنا بعدم قضائها مع كثرة النَّوم لسقط منها كثير، ولكان ذلك مَدْعاة للتَّساهل بها في النَّوم عنها.
وأمَّا الإجماع: فقد نقله غيرُ واحد من أهل العلم.
وأفاد قوله: «ويقضي» أنَّ صلاة النَّائم ونحوه بعد خروج الوقت تُعتبر قضاءً، وذهب شيخُ الإسلام ابنُ تيمية إلى أنَّ كلَّ من صَلَّى بعد الوقت معذوراً فصلاتُه أداءً، لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم وقَّت للنَّائم الصَّلاة عند استيقاظه، والنَّاسي عند ذِكْرِه.

(أَوْ إِغْمَاءٍ أو سُكْرٍ أَوْ نَحْوِهِ )
قوله: «أو إغماء» ، أي: يقضي من زال عقلُهُ بإغماءٍ، والإغماء: هو التَّطبيق على العقل، فلا يكون عنده إحساس إطلاقاً، فلو أَيْقَظْتَه لم يستيقظ.
فإذا أُغمي عليه وقتاً أو وقتين وجبَ عليه القضاء؛ لورود ذلك عن بعض الصَّحابة رضي الله عنهم كعمار بن ياسر، وقياساً على النَّوم، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
والأئمةُ الثَّلاثةُ يَرَون عدم وجوب القضاء على المُغمى عليه، لكنَّ أبا حنيفة رحمه الله يقول: إذا كانت خمس صلوات فأقلَّ فإنَّه يقضي؛ لأنَّها سهلة ويسيرة، أمَّا إذا زادت على الخمس فلا يقضي، وكلامُ أبي حنيفة مبنيٌّ على شيء من العقل والرَّأي؛ فأخذ بعِلَّةِ مَنْ عَلَّل بالقضاء، وأخذ بسقوط الأمر للمشقَّة. ولكن لا شَكَّ أنَّ مثل هذا التَّقديرِ الدَّقيق يحتاج إلى دليل، وإلاَّ فهو تحكُّمٌ؛ فالإنسان الذي لا يَشُقُّ عليه خمسُ صلوات لا يَشُقُّ عليه ستُّ صلوات.
فإذا نظرنا إلى التَّعليل وجدنا أنَّ الرَّاجح قول من يقول: لا يقضي مطلقاً؛ لأنَّ قياسه على النَّائم ليس بصحيح، فالنَّائم يستيقظ إذا أُوقِظَ، وأمَّا المُغمى عليه فإنَّه لا يشعر.
وأيضاً: النَّوم كثير ومعتاد، فلو قلنا: إنَّه لا يقضي سقط عنه كثير من الفروض. لكن الإغماء قد يمضي على الإنسان طولُ عمره ولا يُغمى عليه، وقد يسقط من شيء عالٍ فيُغمى عليه، وقد يُصاب بمرضٍ فيُغمى عليه.
وأما قضاء عمَّار ـ إن صحَّ عنه ـ فإنَّه يُحمل على الاستحباب، أو التَّورُّعِ، وما أشبه ذلك.
قوله: «أو سُكْرٍ» ، أي: يقضي من زال عقله بسُكْر، فإذا كان آثماً بسُكْره فلا شكَّ في وجوب القضاء عليه؛ لأنَّه حصل باختياره، ولأنَّه غير مأذون له بذلك، ولأنَّنا لو أسقطنا عنه قضاء الصَّلاة، وهو من أهل شُرب الخمر، فإنَّه كلَّما أراد ألاَّ يُصلِّي شرب مسكراً، فحصل على جنايتين: على شرب المُسكر، وعلى ترك الصَّلاة.
وإن كان غير آثم بسُكْره كما لو شرب شراباً جاهلاً أنَّه مسكر، فإنَّه يقضي أيضاً؛ لأنَّ هذا حصل باختياره، لكن لا إثم عليه؛ لأنَّه جاهلٌ بكونه مُسْكراً.
وأما قياسه على المُغمى عليه ففيه نظر.
فإن قلت: «أليس الله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43] ، فكيف يُلزم بقضاء ما نُهي عن قِرْبَانه؟ فالجواب: أنَّه ليس في الآية نهي عن قِرْبان الصَّلاة مطلقاً؛ وإنَّما نُهي عن قِرْبَانها حال السُّكْرِ حتى يعلم السَّكران ما يقول، فإذا علم ما يقول لزمته الصَّلاة أداءً إن كان في وقتها، أو قضاءً إن كان بعد الوقت، ولهذا كان الأئمة الأربعة متَّفقين على أنَّ مَنْ زال عقلُهُ بسُكْرٍ فإنَّه يَقضي.
قوله: «أو نحوه» ، أي: نحو ما ذُكِرَ مثل البَنْج والدَّواء، وهذا محلُّ خِلاف، فمن أهل العلم من قال: إن زالَ عقلُهُ بشيء مباح فلا قضاء عليه؛ لأنَّه معذور. والذي يترجَّحُ عندي: أنه إن زال عقلُهُ باختياره فعليه القضاء مطلقاً، وإن كان بغير اختياره فلا قضاء عليه.

(ولا تصحُّ من مجنونٍ ولا كافرٍ، فإِنْ صلَّى فَمُسْلمٌ حُكْماً)
قوله: «ولا تصحُّ من مجنون ولا كافر» ، أي: لا تصحّ الصَّلاة من مجنون؛ لعدم القصد؛ لأنَّ المجنون لا قصد له، ومَنْ لا قصد له لا نيَّة له، ومَنْ لا نيَّة له، لا عمل له؛ لقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّما الأعمالُ بالنيَّات» .، ومثله من زال عقلُهُ ببِرْسَامٍ.، ومثله الهَرِم الذي لا يعقل.
وقوله: «ولا كافر»، أي: ولا تصحُّ الصَّلاة من كافر، سواءٌ أكان أصليًّا أم مرتدًّا، فلا تصحُّ الصَّلاة منهما.
والدَّليل قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} [التوبة: 54] ، مع أنَّ النَّفقات نفعُها مُتَعَدٍّ، فإذا كانت لا تُقبل منه؛ فالتي نفعُها غيرُ مُتَعَدٍّ لا تُقبلُ من باب أولى، ولأنَّه ليس من أهل العبادة حتَّى يُسْلِم؛ لحديث معاذ: «فليكنْ أوَّلَ ما تدعوهم إليه: شهادةُ أنْ لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً رسول الله، فإن هُمْ أجابوك لذلك، فأَعْلِمْهُم أنَّ الله افترض عليهم خمسَ صلوات» .
قوله: «فإن صلَّى فمسلمٌ حُكْماً» ، أي: إذا صلَّى الكافر فإننا نحكم بإسلامه، ولكنَّه مسلم حُكْماً لا حقيقة؛ حتى وإن لم يَنْوِ الإسلامَ بما فعله.
وفائدتُه: أنَّنا إذا حكمنا بإسلامه طالبناه بلوازم الإسلام؛ فيَرثُ أقاربَه المسلمين ويرثونَه. وإن قال: (فعلتُه استهزاءً) فنعتبره مرتدًّا. والفرق بين كونه مرتدًّا وبين كفره الأصليِّ: أنَّ كُفْرَ الرِّدَّة لا يُقَرُّ عليه، بخلاف الكفر الأصليِّ فيُقَرُّ عليه، فالكافر بالرِّدَّة يُطَالَبُ بالإسلام؛ فإن أسلم وإلاَّ قتلناه.

(وَيُؤْمَرُ بها صغيرٌ لِسْبعٍ، ويُضْرَبُ عليها لعشْرٍ، فإِنْ بَلَغَ في أَثْنَائِها، أَوْ بَعْدَهَا في وقتِها أَعَادَ )
قوله: «وَيُؤْمَرُ بها صغيرٌ» ، يُؤمر: مبنيٌّ للمجهول؛ لأنَّ الأمرَ لا يتعيَّن، فكلُّ من له الإمْرَةُ على هذا الصَّبيِّ فإنَّه يأمره بالصَّلاة كالأب، والأخ، والعمِّ، والأمِّ.
قوله: «لِسَبْعٍ» ، أي: لتمامها لا لبلوغها، فلا يُؤْمَرُ إلا إذا دخل الثامنةَ؛ وإذا كنَّا نأمره بالصَّلاة فإنَّنا نأمره بلوازم الصَّلاة من الطَّهارة؛ وغيرها من الواجبات، ويستلزم تعليمَه ذلك.
قوله: «ويُضْرَبُ عليها لعَشرٍ» ، أي: على الصَّلاة، «لعشرٍ» أي: لتمام عشرٍ ليفعلها، ولا يكون ذلك إلاَّ بالتَّرك، فنضربه حتى يصلِّي، في كلِّ وقت، والضَّرب باليد أو الثوب أو العصا، أو غير ذلك، ويُشْتَرطُ فيه ألاَّ يكون ضرباً مُبرِّحاً؛ لأنَّ المقصود تأديبُه لا تعذيبُه.
قوله: «فإن بَلَغَ في أثنائها، أو بَعْدَها في وَقْتِها أعادَ» ، أي: إذا بلغ الصَّغيرُ في أثناء الصَّلاة، أو بعد انتهائها، لكن في وقتها أعاد الصَّلاة، ويحصُلُ هذا إذا حرَّرنا ولادته بالسَّاعة، والسَّاعاتُ موجودةٌ في عَصْرِ مَنْ مضى، ولكنها غير ساعاتنا هذه، ودليل وجودها أنَّ ابنَ حزمٍ الظَّاهريَّ في توقيته المسحَ على الخفَّين ذكر الدَّقائق، وهذا يدلُّ على أنَّها موجودةٌ من قبلُ.
وتعليلُ وجوبِ إعادة الصَّبيِّ إذا بلغ في أثناء الصَّلاة أنَّه شَرَعَ فيها؛ وهي في حَقِّه نَفْلٌ، والفرض لا يَنْبَنِي على النَّفل. وكذلك إذا بلغ بعدها في وقتها لزمه إعادتها؛ لأنَّه صار من أهل الوجوب قبلَ خروج وقتها فلزمَه فعلُها، وصلاتُه قبل بلوغه نافلة فلا تسقط بها الفريضة. والأصحاب قالوا: إذا بلغ الصَّبيُّ وهو صائمٌ مضى في صومه ولم تلزمه الإعادة.ففرَّقوا بين الصَّلاة والصِّيام، ولم يذكروا سبباً مقنعاً للتَّفريق، ولهذا جعل بعضُ الأصحاب حكمهما واحداً، وأوجبَ القضاءَ على مَنْ بلغ أثناء صومه.
ولكن الصَّواب: أنَّه يمضي في صلاته وصومه ولا إعادة عليه، وكذلك لو بلغ بعد صلاته لم تلزمه إعادتها، كما لا يلزمه إعادةُ صيام الأيام الماضية من رمضان قولاً واحداً؛ لأنَّه قام بفعل الصَّلاة والصِّيام على الوجه الذي أُمِرَ به، فسقط عنه الطَّلبُ، وهذا واضحٌ ولله الحمد.
ويؤيِّد هذا: أنَّه يقع كثيراً، ولم يُحْفَظْ عن الصَّحابة أنَّهم يأمرون من بلغ في أثناء الوقت بالإعادة.

(ويَحْرُمُ تَأْخيرُها عَنْ وَقْتِها )
قوله: «وَيَحْرُمُ تأخيرُها عن وَقْتِها» ، وذلك لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] ، وإذا كانت مفروضةً في وقت معيَّن فتأخيرُها عن وقتها حرامٌ. وكذلك النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم وقَّتَ أوقاتَ الصَّلاة، وهذا يقتضي وجوبَ فعلها في وقتها.
وقوله: «تأخيرها» يشمَلُ تأخيرها بالكلِّيَّة؛ أو تأخيرَ بعضها، بحيث يؤخِّر الصَّلاة حتَّى إذا لم يبقَ إلاَّ مقدارُ ركعةٍ صلَّى، فإنَّه حرامٌ عليه؛ لأنَّ الواجبَ أن تقع جميعُها في الوقت.
وقوله: «عن وقتها» يشمَلُ وقت الضَّرورة ووقت الجواز؛ لأنَّ صلاة العصر مثلاً لها وقتان: وقتُ ضرورة؛ ووقتُ جواز، فوقتُ الضَّرورة من اصفرار الشَّمس إلى غروبها، ووقتُ الجواز من دخول وقتها إلى اصفرار الشَّمس، فيحرم أن يؤخِّرها عن وقت الجواز إلاَّ لعذر. ويُستثنى من ذلك مسألتان:

(إِلاَّ لِنَاوِ الْجَمْعِ، ولمشتغلٍ بشَرْطِها الذي يُحَصِّلُهُ قريباً )
المسألة الأولى: أشار إليها بقوله: «إِلا لِنَاوِ الجَمْعِ» ، ونزيد قيداً: وكان ممَّن يَحِلُّ له أن يجمع. وهذا الاستثناء يشبه أن يكون صُوريًّا، وذلك لأنَّه إذا جاز الجمعُ بين الصَّلاتين صار وقتاهما وقتاً واحداً، ولا يقال: «أخَّرها عن وقتها».
المسألة الثانية: ذكرها بقوله: «ولمُشْتَغِلٍ بشَرْطها الذي يُحَصِّلُهُ قريباً» .
مثاله: إنسان انشقَّ ثوبه فصار يخيطُه فحانَ خروجُ الوقت، فإن صَلَّى قبل أن يخيطَه صلَّى عُرْياناً، وإن انتظر حتَّى يخيطَه صلَّى مستتراً بعد الوقت، فهذا تحصيلُه قريب، فهنا يجوز أن يؤخِّرها عن وقتها، أمَّا إذا كان بعيداً فلا. ومثله لو وصل إلى الماء عند غروب الشَّمس، فإن اشتغل باستخراجه غربتِ الشَّمسُ؛ فله أن يؤخِّرها عن وقتها، لأنَّه اشتغل بشرطٍ يُحصِّلُه قريباً، وهو استخراج الماء من البئر، وإن كان يحتاج إلى حفر البئر فلا يؤخِّرها؛ لأن هذا الشَّرطَ يُحصِّله بعيداً. هذا ما ذهب إليه المؤلِّف.
والصَّواب: أنَّه لا يجوز أن يؤخِّرها عن وقتها مطلقاً، وأنَّه إذا خاف خروجَ الوقت صَلَّى على حَسَبِ حاله؛ وإن كان يمكن أن يُحصِّل الشَّرطَ قريباً استدلالاً بالآية. ولأنَّه لو جاز انتظار الشُّروط ما صحَّ أن يُشْرَعَ التَّيمُّمُ؛ لأنَّه بإمكان كُلِّ إنسان أن يُؤخِّر الصَّلاةَ حتى يجد الماء. وانفكاكهم عن هذا الإيراد بقولهم:«قريباً» انفكاك لا يؤثِّر؛ لأنَّ الذي أخَّر الصلاة عن وقتها لا فرق بين أن يؤخِّرها إلى وقت طويل أو إلى وقت قصير؛ لأن في كليهما إخراجاً عن وقتها، وهذا اختيار شيخ الإسلام. فعلى هذا يصلِّي في الوقت بالتَّيمُّم وعُرياناً. ويكون الذي يُستثنى مسألة واحدة وهي من نوى الجمع، وسبق التنبيه على أنه تأخير صوريٌّ فقط.
مسألة : اختلف العلماء هل يجوز تأخير الصَّلاة لشدَّة الخوف بحيث لا يتمكَّن الإنسانُ من الصَّلاة بوجه من الوجوه؛ لا بقلبه؛ ولا بجوارحه على قولين، والصَّحيح منهما أنه يجوز في هذه الحال؛ لأنَّه لو صَلَّى؛ فإنَّه لا يدري ما يقول ولا ما يفعل، ولأنَّه يدافع الموت. وقد ورد ذلك عن بعض الصَّحابة كما في حديث أنس في فتح تُسْتَر، فإنَّهم أخَّروا صلاةَ الفَجر عن وقتها إلى الضُّحى حتى فَتَح اللَّهُ عليهم، وعليه يُحمل تأخير النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم يوم الخندق الصلاةَ عن وقتها، فإنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «شَغلونا عن الصَّلاة الوسطى» ، أي: بحيث لم يستطع أن يصلِّيَها في وقتها.
وغزوة الخندق كانت في السَّنةِ الخامسة، وغزوة ذات الرِّقاع كانت في السَّنة الرَّابعة على المشهور، وقد صلَّى فيها صلاة الخوف، فتبيَّن أنَّه أخَّرها في الخندق لشدَّة الخوف، فيكون هذا الاستثناء الثَّاني في التأخير، وعليه يكون تأخير الصَّلاة عن وقتها في موضعين:
أحدهما: عند الجمع.
والثَّاني: في شدَّة الخوف الذي لا يتمكَّن معه من الصَّلاة بأيِّ وَجْهٍ من الوجوه كما سبق.
وهل يجوز تأخير الصَّلاةِ من أجل العمل؛ إذا كان لا يتمكَّن صاحبُه من أداء الصلاة في وقتها فيؤخِّرها؟.
والجواب: إن كان ذلك للضَّرورة كإطفاء الحريق وإنقاذ الغريق فالظَّاهر الجواز، وإن كان لغير الضرورة لا يجوز.


  #6  
قديم 21 ربيع الأول 1431هـ/6-03-2010م, 12:19 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي شرح الزاد للشيخ حمد الحمد

قال المؤلف رحمه الله : ( تجب على كل مسلم مكلف )
الصلاة فرض على كل مسلم مكلف ، قال تعالى : { وأقيموا الصلاة } وقال تعالى : { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً } .
وقوله صلى الله عليه وسلم لجبريل : حين سأله عن الإسلام : (( أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وتقيم الصلاة ))
وقد أجمع العلماء على أنها فرض على المكلفين .
والمكلف هو : البالغ العاقل – ذكر كان أو أنثى حراً كان وعبداً
قال: ( إلا حائضاً ونفساء )
فلا تجب الصلاة عليهما أداءً ولا قضاءً .
فلا يحل الصلاة للحائض – كما تقدم – أن تصلي أو تصوم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ))
وكذلك : العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز للحائض ولا النفساء الصلاة .
كما أنهم أجمعوا على أنها لا تقضي – كما في حديث عائشة : ( كان يصيبنا ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة )
قال : ( ويقضي من زال عقله بنوم أو إغماء أو سكر أو نحوه )
قوله ( أو نحوه ) كأن يشرب دواءً مباحاً فيزيل عقله مثلاً .
قوله ( بنوم ) اتفاقاً ، فيجب عليه القضاء ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ))قوله : ( أو إغماء ) فالمغمى عليه يجب عليه قضاء ما فاته من الصلوات كأن يكون أغمي عليه عن صلاة أو صلاتين أو يوم أو يومين فيجب عليه القضاء .
قالوا : قياساً على النائم .
ولما ثبت في سنن البيهقي : ( أن عمار بن ياسر أغمي عليه الظهر والعصر والمغرب والعشاء فلم يفق إلا بعد منتصف الليل فقضى تلك الصلوات هذا هو مذهب الحنابلة .
- وذهب أكثر الفقهاء إلى : أن المغمى عليه لا يجب عليه القضاء فلو أغمي عليه – مثلاً – قبل صلاة الظهر فلم يفق إلا بعد خروج وقتها فإنه لا يقضيها .
قالوا : لأن الأصل عدم القضاء إلا أن يدل دليل على وجوبه ، وقياسه بالمجنون أشبه بجامع زوال العقل زوالاً غير طبيعي .
ولا يقاس على النائم – كما ذكرتم – لأن النائم زوال عقله زوال طبيعي وهو يتكرر فلو لم تُقض الصلاة بالنوم والنسيان لأدى ذلك إلى ترك كثير من الصلوات ، بخلاف الإغماء فإنه إنما يقع على القلة أو على الندرة فلم يكن حكمه كحكم النوم ، فإن الحكم بترك القضاء مع النوم يؤدي إلى ترك صلوات كثيرة والشارع قد أكد وجوبها والمحافظة عليها غاية المحافظة وكون النائم لا يقضي ينافي ذلك .
بخلاف المغمى عليه فإن حالته نادرة وقليلة ، وهو أثناء الإغماء ليس بمكلف لأنه قد زال عقله في تلك الحال والذي لا عقل له كالمجنون لا يجب عليه القضاء اتفاقاً ، وقياسه بالمجنون أشبه .
ثم إن النائم إن أُوقظ استيقظ وزال عنه مانع الصلاة ، وأما المغمى عليه فإنه لا يستيقظ بإيقاظه، وهذا القول هو الراجح .
أما أثر عمار بن ياسر فإسناده ضعيف فقد رواه البيهقي وغيره بإسناد ضعيف ، وقد نبَّه على هذا ابن التركماني في تعليقه على سنن البيهقي .
وعندنا أثر يخالفه وهو صحيح رواه مالك في موطئه وغيره بإسناد صحيح : ( أن ابن عمر أغمي عليه فلم يقض ) .
إذن : هذا الأثر صحيح لا مخالف له عندنا ، وهو ترجيح ما ذهب إليه أكثر الفقهاء أن المغمى عليه لا يقضي سواء كان الإغماء أكثر من يوم وليلة أو أقل .
فمن أغمي عليه فلا يجب عليه القضاء ما لم يدرك الوقت ؛ لأنه غير مخاطب شرعاً بهما بزوال عقله وليس عندنا دليل جديد يوجب عليه القضاء بخلاف النائم .
" أو سكر " : حكى غير واحد من العلماء اتفاق أهل العلم على من ذهب عقله بسكر فإنه يجب عليه القضاء . ويستدل لهذا : أن أمره بالقضاء عقوبة له على تركه للصلاة .
ويمكن أن يستدل عليه بقياسه على النائم .
لكن ذهب شيخ الإسلام إلى أن من ذهب عقله بسكر لا يجب عليه القضاء . وقد حكى شيخ الإسلام – كما في الفتاوى المصرية – أنه لا نزاع بين أهل العلم في أن السكران يجب عليه القضاء .
لكنه - رحمه الله – خالف هذا الاتفاق ، وذهب إلى أن من ذهب عقله بسكر فإنه لا يجب عليه القضاء وقوله قوي ظاهر .
أما قياسه على النوم فهو قياس مع الفارق ، فالنوم ذهاب العقل طبيعة ، وكما تقدم ترك القضاء يؤدي إلى ترك صلوات كثيرة .
بخلاف السكر فإنه ليس بطبيعي .
والعقوبة يجب أن تكون مما وردت به الشريعة ، فإن عقوبة شارب الخمر أنه يجلد ثمانين جلدة ، أما أن يعاقب بغير ذلك فيحتاج إلى دليل شرعي .
وكما تقدم فإن من لم يكن صاحب عقل فليس بمخاطب من قبل الشريعة أثناء زوال عقله .
وكوننا نأمره بالقضاء يحتاج إلى أمر جديد ، وليس عندنا أمر جديد يوجب القضاء .
فما ذهب إليه شيخ الإسلام فيه قوة .
ومثل ذلك ، من ذهب عقله بدواء مباح بل أولى بأن لا يقال بوجوب القضاء – وهو مذهب المالكية والشافعية وهو اختيار شيخ الإسلام – كما تقدم .
إذن : الراجح أنه لا يجب القضاء إلا على من نام أو نسي أما المغمى عليه أو من ذهب عقله بدواء مباح أو بسكر فإنه لا يجب عليه القضاء .
مسألة :
هل يجب القضاء مع الجهل فيمن فعل أو ترك قبل وصول الشريعة إليه وقبل بلوغ العلم له ؟
بمعنى : هل تلزم الأحكام قبل بلوغ العلم أم لا ؟
أمثلة ذلك :
- فمن باب الصلاة : فلو أن رجلاً ترك الصلاة لكونه ناشئاً في بادية ، أو لكونه نشأ في بلد حرب فأسلم فلم يعلم بوجوب الصلاة ، فإذا علم بوجوبها فهل يجب عليه القضاء أم لا ؟
-فمن باب الزكاة: رجل ترك الزكاة في باب من أبواب الزكاة كأن يتركها في عروض التجارة ، ولم يبلغه وجوب ذلك ، فإذا بلغه فهل يجب عليه أن يقضي السنوات السابقة أم لا ؟
1- المشهور عند فقهاء الحنابلة وغيرهم وجوب ذلك .
2- وهناك وجه عند الحنابلة اختارها شيخ الإسلام : أنه لا يجب ، وأن الشرائع لا تجب إلا بعد العلم بها فالقاعدة – عند شيخ الإسلام – أن الشرائع لا تلزم إلا بعد العلم بها .
وهو قول دلت عليه النصوص الشرعية فمن ذلك :
- أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أساء المسيء صلاته عند النبي صلى الله عليه وسلم تأدية فريضة كان من النبي صلى الله عليه وسلم أن أمره أن يعيد صلاة الوقت ولم يأمره بإعادة الصلوات السابقة[10] لكونه جاهلاً بأركنها وفرائضها التي لا تصح الصلاة إلا بها ، ولو كانت الشرائع واجبة قبل العلم بها لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء الصلوات التي صلاها مختلة الشروط فيها والأركان مما لا تصح العبادة معه .
- ومن ذلك قصة الرجل الذي رقب الخيط الأبيض من الخيط الأسود فأفطر بعد دخول الوقت ظناً أن المراد به الخيط الأسود الطبيعي والخيط الأبيض الطبيعي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما قال ولم يأمره بقضاء ذلك اليوم .
إذن : لا يجب القضاء إلا بعد العلم بل لا تلزم الشرائع إلا بعد العلم بها سواء كان ذلك في المسائل الكلية كالصلاة أو في المسائل الجزئية كشيء من أركان الصلاة وشرائطها .
فمن عمل عملاً ينقض الصلاة أو يبطلها أو ينقض الطهارة أو يبطلها وهو مداوم على عمله ولا يعلم أن هذا مبطل فإنه لا يلزمه إلا إعادة فريضة الوقت .
قال : ( ولا تصح من مجنون )
والمجنون في عرف الفقهاء من زال عقله بجنون أو خرف أو غير ذلك ، فكل هذا يطلق عليه في عرفهم جنون فلا تصح من مجنون لأنه لا نية له ، ولا كذلك ممن لا تمييز له كالصبي غير المميز ، فإنها لا تصح منه الصلاة .
فلا تصح من مجنون ولا غير مميز ، لأنهما لا نية لهما
ومن شروط العبادة النية فإنما الأعمال بالنيات ، لذا أجمع أهل العلم على أنها لا تصح من المجنون وغير المميز .
قال : ( ولا كافر ) :
فلا تصح صلاته ، ودليل ذلك قوله تعالى : { وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله }
فإذا كانت النفقات التي فيها النفع المتعدي لم تقبل منهم بسبب كفرهم بالله وبرسوله فأولى من ذلك الصلاة التي نفعها لازم لصاحبها .
فإن قيل : فالمرتد ؟
إذا أسلم ثم أرتد ثم أسلم ، فما حكم صلاته ؟
في هذه المسألة ثلاثة أقوال ، وهي مبنية على مسألة حبوط العمل ، هل يحبط العمل بالردة أم لا ؟
- فذهب بعض أهل العلم : إلى أن الردة محبطة للعمل مطلقاً وإن مات على الإسلام .
فرجل حج وصلى ثم أرتد ثم عاد إلى الإسلام فأعماله التي قام بها قبل الردة هي أعمال حابطة فعلى ذلك يجب عليه أن يعيد الحج ونحوه مما فعله من الفرائض .
- والقول الثاني : أن العمل لا يحبط إلا بالموت على الردة وهذا القول هو الراجح ؛ لقوله تعالى : { ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم } فشرط الله هذا الشرط ، فمن ارتد عن دينه ومات على الكفر فهو حابط العمل ، وأما من ارتد ثم عاد إلى الإسلام فإن عمله الصالح الذي قام به قبل ردته لم يحبط بل هو مكتوب له عند الله – هذا هو الراجح – .
وعلى هذا الخلاف اختلف العلماء في المرتد وهي ثلاث روايات عن الإمام أحمد .
1- الرواية الأولى - وهي مبنية على القول الأول – : وأن المرتد يحبط عمله وإن مات على الإسلام .
قالوا : لا يلزمه القضاء مطلقاً أي لا العبادات التي تركها في حال إسلامه ولا التي تركها في حال ردته . فالعبادات التي تركها في حال كفره لا يجب عليه قضاؤها وهذا واضح ظاهر ، فقد قال تعالى : { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } أما ما تركه من العبادات في حال إسلامه فهذه ينبغي أن تكون معلقة به قالوا : قد حبط عمله فأصبح في حكم الكفار ، والكافر كما قال الله – فيه - : { إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } فهو في حكم الكافر في حال إسلامه وفي حال كفره .
2- والرواية الثانية : قالوا : يلزمه القضاء في حال إسلامه وفي حال كفره .
قالوا : لأن العمل لا يحبط إلا بالموت على الردة .
فعليه : ما تركه من الصلوات والصيام في حال إسلامه يجب عليه أن يقضيه ، وما قام به من الأعمال الصالحة كالحج لا يجب عليه أن يعيده .
وأما ما فعله أثناء الردة فيجب عليه أن يقضيه ، وهذا القول : أما في شقه الأول فراجح واضح ، وأما في شقه الثاني فهو ضعيف ؛ لأنه كيف نؤمر بالقضاء في حالة ردته ، فهو في تلك الحال كافر بالله عز وجل فوجب أن يعطى حكم الكفار وليس هذا القول – في شقه الثاني – ليس له وجه صحيح .
3- ويتم الترجيح للرواية الثالثة واختارها طائفة من أصحابه فإنهم قالوا : يقضي ما تركه في حال إسلامه ، وأما في حال ردته فهو بحكم الكفار وهذا القول هو الراجح .
فما تركه من الأفعال في حال الردة لا يجب قضاؤها ؛ لأنه في تلك الحال كافر ، وقد قال تعالى عن الكفار { قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } أما التي تركها في حال إسلامه فإن عمله لم يحبط لكونه قد فقد الشرط الثاني من شروط حبوط العمل وهو أنه لم يمت وهو كافر ، فعلى ذلك عمله الصالح الذي قام به حال إسلامه قبل ردته عمل ثابت له لكونه لم يمت على الردة – وحينئذ – يجب عليه قضاء ما تركه من العبادات أثناء إسلامه ، لأنه في تلك الحال مخاطب وقد عاد إليه عمله كما كان .

قال : ( وإن صلى فمسلم حكماً )
رجل ذمي في بلاد إسلامية صلى صلاة المسلمين فحينئذ يحكم له بالإسلام بالظاهر فإذا مات يرثه المسلمون ويصلى عليه ويغسل ويكفن وغير ذلك من أحكام المسلمين هذا في الظاهر وأما السرائر فالله يتولاها ودليل ذلك :
قوله صلى الله عليه وسلم : (( من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله )) والحديث رواه البخاري ولما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة )) وقوله : (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة )) .
فهذه الأدلة تدل على أن من صلى صلاتنا فهو مسلم قد ثبت إسلامه بهذه الصلاة ما لم يفعل ناقضاً من نواقض الإسلام فإن فعل ناقضاً بعد أن صلى أو قال : كنت هازلاً في الصلاة أو نحو ذلك فلا يقبل ذلك منه بل يحكم أنه مرتد ، ولا يعطى أحكام الكفار الأصليين بل يعطى حكم الكفار المرتدين ، لأننا حكمنا عليه لما صلى بأنه مسلم في الحكم الظاهر ، فإذا ادعى خلافه وأصر على الكفر فهذا ارتداد منه وله حكم المرتدين ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من بدل دينه فاقتلوه )) ولا يحكم عليه بحكم أهل الذمة بتركهم في البلاد الإسلامية بالشروط بل يعطى حكم المرتد .
إذن : من صلى صلاة المسلمين بطبيعتها وهيئتها فإنه يحكم عليه بالإسلام للأدلة الشرعية المتقدمة .
قال المؤلف رحمه الله تعالى : ( ويؤمر بها صغير لسبع ، ويضرب عليها لعشر )
يؤمر بها : أي الصلاة .
الصغير : سواء كان ذكراً أو أنثى حراً أو عبداً .
" لسبع " : أي تمام سبع سنين ، فإذا شرع في الثامنة وقد تم له سبع سنين فإنه يؤمر بالصلاة .
وإذا تم له عشر سنين وشرع في السنة الحادية عشر فإنه يضرب ضرب تأديب على الصلاة .
وهذا خطاب للولي أو الوصي ، أو القيم على أمر الصبي ، فيجب على الولي ، سواء كان أباً أو جداً أو غير ذلك . فإن لم يكن ولياً ، فيجب على الوصي ، فإن لم يكن وصياً فيجب على القيم الذي يولى أمر الصبي من جهة القاضي أن يأمر الصبي بالصلاة لسبع ويضربه عليها لعشر أي إذا تم له عشر سنين .
* وظاهر المذهب وجوب ذلك ، وأن هذا واجب على الأولياء ، بل يثبت التعزير على الترك كما قال شيخ الإسلام : " فمن لم يفعل فإنه يعزر تعزيراً بليغاً " ؛ لأنه ترك ما وجب عليه من الأمر بهذه الصلاة .
فالصبي وإن كانت الصلاة منه لا تكون على وجه الفرضية بل هي له نفل ، لكن هذا الأمر لتعليمه وتعويده على الصلاة المكتوبة فيألفها و يعتادها فتسهل عليه بالغاً ، وإلا فإن الصلاة غير مفترضة على من لم يبلغ لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الخمسة : (( رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق ))
والصبي لا تجب عليه الصلاة إلا إذا بلغ ، وهذا الأمر أمر وجوب للأولياء أو نحوهم ، أما الصبي فإنه لا يعاقب عند الله على تركه الصلاة سواء كان هذا الترك بسبب تهاون الأولياء بأمره أو كان مع تشددهم وقيامهم لهذا الواجب تجاه الصبي ، لكنه لا يجب عليه مطلقاً ، فإن فِعْله تنفل ولكن الأمر من الولي أمر وجوب .
إذن : يجب على الولي ونحوه أن يأمر الصبي بالصلاة لسبع أي إذا تم له سبع سنين ، وأن يضربه عليها إذا تم له عشر سنين ، ويدخل في ذلك تعليمه الطهارة وما يشترط للصلاة ، كتعليم صفتها فإن هذا واجب على الأولياء فإذا قصروا فيه أثموا .
وقد ثبت ما يدل على هذا في السنة الصحيحة ، فقد روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والحديث عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع ))
قوله :(( مروا )): أمر ، والأمر للوجوب ما لم يأت صارف ولا صارف له .
إذن : الصلاة من الصبي تنفل وتطوع بشرط العقل ، وهو أن يكون مميزاً .
أما إن لم يكن الصبي مميزاً فإن الصلاة لا تصح منه لما تقدم ، فإن الصلاة لا تصح إلا بنية ، وغير المميز لا نية له .
و النبي صلى الله عليه وسلم قد حدد بسبع سنين ، أي بعد تمامها والشروع بالثامنة ؛ لأن الغالب أن التمييز يكون في ذلك وإلا فإن مناط الحكم هو التمييز ، فإن التمييز هو ثبوت العقل في الطفل بحيث يفهم الخطاب ويرد الجواب ، فمتى كان ذلك فإنه مميز ، وقد يميز وهو ابن خمس سنين أو ست سنين أو سبع سنين ، فتصح منه الصلاة .
* ولكن هل يجب على الولي أن يأمره بالصلاة وهو ابن ست سنين وقد ميز ؟
- ظاهر المذهب : أن ذلك لا يجب وأنه معلق ببلوغ سبع سنين .
- وذهب بعض أهل العلم إلى أنه متى ميَّز فإنه يجب عليه أن يأمره بالصلاة ، وهذا قوي ظاهر ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما علق ذلك بالسبع لكون هذا هو الغالب وإلا فقد يميز قبل ذلك فيجب أمره بذلك ، وغاية ذلك إنما هو التعليم له وترغيبه بالصلاة وترهيبه من تركها ، بخلاف ما إذا بلغ عشر سنين فإنه يضرب ضرب تأديب على ترك الصلاة .

قال : ( فإن بلغ في أثنائها أو بعدها في وقتها أعاد )
أمر الصبي بالصلاة فصلى وأثناء الصلاة بلغ ، وهذا فيه إشكال ، فكيف يكون البلوغ أثناء الصلاة ، لكن لا بأس بذلك فقد يكون مثل ذلك .
إذن : يجب عليه إذا بلغ في أثنائها أن يعيدها ، وكذلك إذا بلغ بعدها في وقتها أن يعيدها .
قالوا : الدليل على ذلك : أنها فريضة عليه وهو إنما صلى على هيئة التطوع والتنفل فلا يجزئ التنفل عن الفرض فصلاته إنما هي نفل وتطوع ، وما يجب عليه إنما هو فرض وإلزام ووجوب ، وهو إنما قام به على وجه التطوع والتنفل ، فالواجب عليه أن يعيده على وجه الافتراض والوجوب .
- وذهب الشافعيةوهو مذهب بعض أصحاب الإمام أحمد واختار ذلك ابن تيمية : إلى أن ذلك ليس بواجب ، فلا يجب عليه أن يعيد الصلاة ولا يؤمر بذلك .
وعللوا ذلك : بأنه قد أمر من وليه بالصلاة وعوقب على تركها ولا يجمع عليه أمران فإنه قد أمر بالصلاة فأداها كهيئة صلاة الناس إلا أنها كانت له نفلاً وكانت لهم فرض بسبب عدم أهليته بذلك ، وقد أمر بها وعوقب على تركها فلم يكن – حينئذ – للأمر الثاني وجه ، فلا يؤمر بالإعادة مرتين .
قالوا : ونحن لا نقول أنها تنقلب من النفل إلى الفريضة لكننا نقول : أنه قد قام بالعبادة كما يقيمها غيره ، ولم يكن أهلاً لأن تكون فرضاً فإنه ليس مما يفترض عليه ذلك ، فكانت في حكم الله له نفل وإلا فقد قام بها كما يقوم بها غيره فصلى صلاة غيره من الناس .
وهذا القول أظهر وأنه لا يجب عليه أن يعيدها ؛ لأنه قد أمر بها كما تقدم من الولي بأمر الشارع للولي بذلك فلم يكن من الوجاهة أن يجدد له أمر جديد بذلك .
قال : ( و يحرم تأخرها عن وقتها إلا لناوي الجمع ولمشتغل بشرطها الذي يحصله قريباً )
هذه المسألة هي في باب المواقيت أنسب منها في هذا الباب ، فإنها في تأخير الصلاة عن وقتها ، وستأتي الأدلة الدالة على أنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها بل يجب أن تصلى في المواقيت التي وقتها الشارع .
فهنا قال : ( ويحرم تأخرها عن وقتها )
إذن : يستثني من التحريم صورتان :
الصورة الأولى : ناوي الجمع ، مثال : رجل أخر صلاة الظهر عن وقتها أخرها بنية أن يجمعها مع العصر جمع تأخير وهو ممن يجوز له الجمع ، فيجوز له ذلك بالإجماع ، وقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ودلت عليه الشريعة ومثل ذلك جائز إجماعاً .
الصورة الثانية : لمشتغل بشرطها " كالطهارة " الذي يحصله قريباً - وتقدم هذا في باب التيمم – فإذا اشتغل بالغسل وكان هذا من متناوله وهو قريب إليه فاشتغل بالطهارة حتى خرج الوقت فأخر الصلاة لاشتغاله بشرط الطهارة مثلاً فإن هذا جائز – وقد تقدم البحث في هذه المسألة في باب التيمم – وأن هذا جائز على مذهب طائفة من أهل العلم لاشتغاله بشرطها .
وهنا قد قيده بقوله : ( الذي يحصله قريباً ) فإن لم يحصله قريباً ، بأن كان بعيداً بالعرف كأن يكون الماء بعيداً عنه وفي ذهابه إليه تفويت لصلاة الوقت وتأخير لها عن وقتها فإن ذلك لا يجوز له وليس معذوراً بذلك ؛ لأن هذا الشرط ليس يحصله قريباً عرفاً بل هو بعيد عرفاً .
إذن : المشتغل بشرط من شروط الصلاة يجوز له أن يؤخر الصلاة حتى يتم له القيام بهذا الشرط ، هذا على القول المتقدم .
وقد تقدم ترجيح وجوب الصلاة في وقتها كما في باب التيمم .


  #7  
قديم 12 رجب 1432هـ/13-06-2011م, 09:06 PM
تلميذ ابن القيم تلميذ ابن القيم غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 237
افتراضي إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد

السؤال الأول : " فإن صلى فمسلم حكما" قال الشيخ بن عثيمين فإن صلى الكافر فإننا نحكم بإسلامه، ولكنه مسلم حكما لا حقيقة.
وما الفرق بين من أسلم حكما ومن أسلم حقيقة؟

الجواب : المسلم حقيقة هو المسلم ظاهراً وباطناً الذي يؤدي فرائضه ويجتنب نواقضه وينتسب إلى الإسلام.
والمسلم حكماً هو الذي ينتسب إلى الإسلام ويؤدي الفرائض فيما يظهر للناس وإن كان غير مسلم حقيقة أي في الباطن، قد يكون منافقاً يظهر الإسلام ويبطن الكفر، لكن لا يظهر للناس ذلك ، فيكون مسلم حكماً
أي أن التعامل معه يكون على اعتبار أنه مسلم؛ فتصح الصلاة خلفه، ويصح اعتباره في صلاة الجماعة، وغيرها من الأحكام المتعلقة بالمسلمين. فليس لنا إلا الظاهر وأمره إلى الله. أما من أظهر الكفر فليس بمسلم حقيقة ولا حكماً.



السؤال الثاني : إذا تم الأخذ بترجيح شيخنا بن عثيمين-رحمه الله تعالى-وتفصيله في مسألة زوال العقل بـ(السُكر=البنج والدواء) والقضاء، وأن من زال عقله باختياره قضا وإلاَّ فلا، هل من اضطر لتخديره لاجراء عملية معينة، وهو يعلم أنهم سيخدرونه، وقال لهم دعوني أصلي صلاة الظهر مثلا فإنه يؤذن، فمنعوه من ذلك بحجة الوقت وأن الطبيب سيبدأ باجرائها وسيبدؤون بتخديره وذلك لاجراء العملية لشخص آخر بعد مدة وجيزة من عمليته من باب التنظيم الطبي عندهم، وهو مكره في حينها، هل يقضي أم لا ؟
الجواب : نعم يقضي، لأنه أدركته الفريضة ووجبت عليه لدخول وقتها وهو حاضر العقل، ويجوز له الجمع لمرضه، والواجب عليه أن يصلي حسب استطاعته ولو على فراشه لأنه لا يدري ما يعرض له في غيبوبته، فإن لم يتمكن لسبب يعذر به صلاها قضاءً بعد إفاقته.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir