دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 شعبان 1440هـ/1-05-2019م, 12:23 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي تطبيقات على درس الأسلوب الوعظي

تطبيقات على درس الأسلوب الوعظي
الدرس (هنا)
- مجلس مناقشة دروس دورة أساليب التفسير.

تنبيه:
- الآيات موضوع التطبيق تكون من الأجزاء الثلاثة الأخيرة.
وفقكم الله وسددكم.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 شعبان 1440هـ/3-05-2019م, 06:54 PM
منى حامد منى حامد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 704
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة تفسيرية بالأسلوب الوعظيّ في قوله تعالى:" قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ (15) " سورة الأعلى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وقد دلنا صلى الله عليه وسلم على طرق الفوز والفلاح، وحذرنا من طرق الهلاك والخسران، فمن اتبعه فهو من المفلحين، ومن عصاه كان من الخاسرين ، قال تعالى " فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ" سورة الأعراف.
" قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ (15)"، سورة الأعلى
هذه الآية لها سبب نزول وهو:
نزلت في عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال : كان بالمدينة منافق كانت له نخلة بالمدينة ، مائلة في دار رجل من الأنصار ، إذا هبت الرياح أسقطت البسر والرطب إلى دار الأنصاري ، فيأكل هو وعياله ، فخاصمه المنافق فشكا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إلى المنافق وهو لا يعلم نفاقه ، فقال : " إن أخاك الأنصاري ذكر أن بسرك ورطبك يقع إلى منزله ، فيأكل هو وعياله ، فهل لك أن أعطيك نخلة في الجنة بدلها " ؟ فقال : أبيع عاجلا بآجل لا أفعل . فذكروا أن عثمان بن عفان أعطاه حائطا من نخل بدل نخلته ففيه نزلت قد أفلح من تزكى . ونزلت في المنافق ويتجنبها الأشقى .
ما معنى الفلاح؟
الفلاح هو الفوز ، ونقول في الآذان حي على الفلاح أي هلم إلى طيق النجاة والفوز بالنعيم وذلك بإقامة الصلاة.
وفي لسان العرب الفَلَح والفَلاحُ : الفوز والنجاة والبقاء في النعيم والخير ؛ وفي حديث أَبي الدَّحْداحِ : بَشَّرَك الله بخير وفَلَحٍ أَي بَقاءٍ وفَوْز ، وهو مقصور من الفلاح ، وقد أَفلح .
قال الله عَزَّ من قائل : قد أَفْلَحَ المؤمنون أَي أُصِيرُوا إِلى الفلاح ؛ قال الأَزهري : وإِنما قيل لأَهل الجنة مُفْلِحون لفوزهم ببقاء الأَبَدِ.
تفسير الآيات
قد أفلح من تزكى:
أي قد فاز وربح من طهر نفسه ونقاها من الشرك وقال : لا إله إلا الله، وطهرها من الظلم ومساوئ الأخلاق ، فكان عمله زاكيا ناميا ، وهذا قول بن عباس وغيره من السلف.
وذكر اسم ربه فصلى :
هناك أقوال في تفسير الآية
• أي قال خرج إلى العيد فصلى ، فكان ابن مسعود يقول : رحم الله امرءا تصدق ثم صلى ، ثم يقرأ هذه الآية ، وروي عن أبي سعيد الخدري وابن عمر في تفسير الآياتان ،أن ذلك في صدقة الفطر ، وصلاة العيد .
• الدعاء
• الصلوات الخمس المفروضة قاله بن عباس .
• أي من كان ذكر الله تعالى صبغة له ، لا يفتر قلبه عن ذكر ربه وهذا قول الشيخ السعدي .

وفي هنا ثلاث مسائل نذكرهما:
ثمرة ذكر الله
منها أن من ذكر الله في كل أحواله استشعر نعم الله عليه فشكرها بالعمل بما يرضي الله وبقول ما يرضي الله وبالدعوة إلى ما يرضي الله، خصوصًا الصلاة، التي هي ميزان الإيمان، قال تعالى:" فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" سورة الأعراف.
ومنها عظم الثواب المترتب عليه ،قال تعالى:" اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)" سورة العنكبوت.
ومنها أنه يكون في معية الله تعالى ، فيحسن التوكل على الله في كل أحواله.
ومنها الصبر الجميل عند الشدائد ، والرضا بأقدار الله تعالى.

سبب الفلاح وجزاءوه
يكون الفلاح بصلاح القلب، وتزكية النفس بالأعمال الصالحة، ومن أفلح فاز ففي أوائل سورة البقرة أثنى الله تعالى على المؤمنين بإيمانهم وعملهم الصالح ثم وصفهم بالفلاح ، قال تعالى:
" الم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) " سورة البقرة .
وفي سورة المؤمنون ذكر سبحانه جملة من صفاتهم التي بسببها أفلحوا، وكل صفة من هذه الصفات سبب للفلاح، فهم خاشعون محافظون على صلاتهم ، ومن صفاتهم إعراضهم عن اللغو ، ويؤدون الزكاة ، ويحفظون فروجهم وأبصارهم عن ما حرم الله،ويؤدون الأمانات إلى أهلها ،ويوفون بالعهود والعقود ، قال تعالى:
" قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) " سورة المؤمنون .
وكلما ثقلت الموازين بالعمل الصالح، وخفت من العمل السيئ تأكد حصول الفلاح، وكان فلاحا كثيرا بأعظم مما في الموازين من صالح العمل ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ﴾ [المؤمنون: 102]
كيفية الثبات على الفلاح
لأن الإنسان نفسه يصيبها الملل من العمل ، وقد تزين لصاحبها سوء العمل، فمن أراد الفلاح سايسها، فإن رأى فيها إقبالا تزود من الأعمال الصالحة، وإن رأى فيها إدبارا قصرها على الفرائض وشيء من النوافل حتى لا تسأم وتترك كل العمل، وهذا ما وجهنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "إن لكل عمَلٍ شِرةً، ولكل شِرَّةٍ فترةً، فمن كانت شرته إلى سنتي فقد أفْلح، ومن كانتْ فترته إلى غير ذلك فقد هَلكَ" رواه أحمد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 شعبان 1440هـ/4-05-2019م, 11:28 AM
محمد العبد اللطيف محمد العبد اللطيف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 564
Arrow التطبيق الثاني - المسائل التفسيرية - الاسلوب الوعظي

مقرر المسائل التفسيرية – التطبيق الثاني
الأسلوب الوعظي

تفسير قول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (9) المنافقون

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين، فقد أنزل الله القرآن العظيم فيه الهدى والنور فمن تدبّر آياته أعانه على فهم مراده واستحضار عظمته واستشعار خشيته قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾.

وبعد، فهذه بعض تأملات وفوائد من تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}:

أولا: الخطاب في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} خطاب للمؤمنين ويشعر بأهمية ما يأتي بعده كما قال ابن مسعودٍ رضي الله عنه: «إذا ما سمعتَ الله عزَّ وجلَّ يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فأرِعْه سمعك فإنَّ ما بعده خيرٌ يأمر به، أوْ شرٌّ ينهى عنه.

الثاني: النهي عن اللهو وهوهنا الانشغال بالمال والولد عن ذكر الله والمراد بذكر الله الصلوات الخمس وقيل جميع الطاعات من صلاة وصيام وحج وقيل قراءة القرآن او هو الجهاد وأن من الهاه ماله وولده عن ذكر الله فهم الخاسرون أي الناقصون حظوظهم في الاخرة كما قال سبحانه { ياأيّها الّذِينَ آمَنُواْ إنّ مِن أزْواجِكم وأوْلاَدِكم عَدُوًّا لّكم فاحْذَرُوهُمْ﴾ فالواجب الحذر في معاملة المال والولد حتى لا يدخل الانسان تحت هذا الوعيد الشديد.

الثالثً: التحذير من المنافقين وعدم مشابهتهم وأنهم انشغلوا بأموالهم واولادهم عن ذكر الله وقالوا لا تنفقوا على من عند رسول الله وذلك من الشّح بأموالهم وهم قليلوا الذكر فعلى المؤمن ان يخالف المنافقين ولهذا ختم الله سورة المنافقين - والله اعلم - بقوله { لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ}.

الرابع: أنواع الذكر كما أوردها ابن القيم هي:
١- ذكر الله بأسمائه وصفاته، والثناء عليه بها.
٢- تسبيحه وتحميده، وتكبيره وتهليله، وتمجيده.
٣- ذكره بأحكامه وأوامره ونواهيه. وهو ذكر أهل العلم، بل الأنواع الثلاثة هي ذكرهم لربهم.
٤- ذكره بكلامه. قال تعالى: ﴿وَمَن أعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا. ونَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيامَةِ أعْمى﴾
فذكره هاهنا هو كلامه الذي أنزله على رسوله، وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهم بِذِكْرِ اللَّهِ. ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ﴾.
٥- دعاؤه واستغفاره والتضرع إليه.

الخامسً: بيان العلاقة بين ذكر الله ومحبته وبين المخلوقين من كلام ابن القيم :
أن دوام الذكر لما كان سببا لدوام المحبة، وكان الله سبحانه أحق بكمال الحب والعبودية والتعظيم والإجلال، كان كثرة ذكره من أنفع ما للعبد. وكان عدوه حقا هو الصاد له عن ذكر ربه، وعبوديته.
ولهذا أمر سبحانه بكثرة ذكره في القرآن. وجعله سببا للفلاح. فقال تعالى: ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ﴾
وقال: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾.
وقال النبي ﷺ «سبق المفردون. قالوا: يا رسول الله وما المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيرا.»
وفي الترمذي عن أبي الدرداء عن النبي ﷺ أنه قال: «ألا أدلكم على خير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله.

إذا تبين هذا ظهر أن أحدًا من المخلوقين لا يقصد منفعتك بالمقصد الأول، بل إنما يقصد منفعته بك، وقد يكون عليك في ذلك ضرر إذا لم يراع المحب العدل، فإذا دعوته فقد دعوت من ضرُّه أقرب من نفعه وأما الرب تبارك وتعالى فهو يريدك لك ولمنفعتك لا لينتفع بك، وذلك منفعة لك محضة لا ضرر فيها، فتدبر هذا حق التدبر وراعه حق المراعاة، فملاحظة ذلك تمنعك أن ترجو المخلوق أو تطلب منه منفعته لك فإنه لا يريد ذلك ألبتة بالقصد الأول، بل إنما يريد انتفاعه بك عاجلًا أو آجلًا، فهو يريد نفسه لا يريدك، ويريد نفع نفسه بك لا نفعك بنفسه، فتأمل ذلك فإن فيه منفعة عظيمة وراحة ويأْسًا من المخلوقين، سدًا لباب عبوديتهم وفتحًا لباب عبودية الله وحده، فما أعظم حظ من عرف هذه المسألة ورعاها حق رعايتها.
.
ولا يحملنك هذا على جفوة الناس وترك الإحسان إليهم واحتمال أذاهم، بل أحسن إليهم لله لا لرجائهم. فكما لا تخافهم فلا ترجوهم، ومما يبين ذلك أن غالب الخلق يطلبون إدراك حاجتهم بك وإن كان ذلك ضررًا عليك، فإن صاحب الحاجة أعمى لا يرى إلا قضاءَها، فهم لا يبالون بمضرتك إذا أدركوا منك حاجتهم، بل لو كان فيها هلاك دنياك وآخرتك لم يبالوا بذلك..
.
فالسعيد الرابح من عامل الله فيهم ولم يعاملهم في الله، وخاف الله فيهم ولم يخفهم في الله وأرضى الله بسخطهم ولم يرضهم بسخط الله، وراقب الله فيهم ولم يراقبهم في الله، وآثر الله عليهم ولم يؤثرهم في الله، وأمات خوفهم ورجاءَهم وحبهم من قلبه وأحيا حب الله وخوفه ورجاءَه فيه، فهذا هو الذي يكتب عليهم، وتكون معاملته لهم كلها ربحًا، بشرط أن يصبر على أذاهم ويتخذه مغنمًا لا مغرمًا وربحًا لا خسرانًا.
.
ومما يوضح الأمر أن الخلق لا يقدر أحد منهم أن يدفع عنك مضرة ألبتة إلا بإذن الله ومشيئته وقضائه وقدره فهو في الحقيقة الذي لا يأْتي بالحسنات إلا هو، ولا يذهب بالسيئات إلا هو: ﴿وَإن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرّ فَلاَ كاشِفَ لَهُ إلاّ هو وإن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدّ لِفَضْلِهِ﴾ [يونس: ١٠٧]، قال النبي ﷺ لعبد الله بن عباس:
"واعْلَمْ أنَّ الخَليقَةَ لَوْ اجْتَمَعُوا عَلى أنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيءٍ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ ولَوْ اجْتَمَعُوا عَلى أنْ يضروك لم يضروكَ إلا بِشَيءٍ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ"

وإذا كانت هذه حال الخلقة، فتعليق الخوف والرجاء بهم ضار غير نافع.

والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 شعبان 1440هـ/4-05-2019م, 09:07 PM
مها عبد العزيز مها عبد العزيز غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 462
افتراضي

سورة الشرح
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستغفره ونستهديه من يهده االله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له أما بعد :
في هذه السورة الكريمة تنبيه على نعمة عظيمة يمتن الله بها على عباده بعد نعمة الإيمان ألا وهى نعمة انشراح الصدر وذلك لأنه بهذه النعمة لا يحزن العبد على شئ فاته ولا يغتم لما يصيبه ولا يقلق لما ينتظره
ولهذا قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام [ ألم نشرح لك صدرك ] ممتنا ومقرا لنبيه بنعمته عليه بشرح صدره ليتسع للوحى ولما سيجده من قومه في سبيل دعوته ، وللاتصاف بمكارم الاخلاق والإقبال على الآخرة والأعمال الصالحة حيث شق صدره وهو صغير وطهر وملئ إيمانا وحكمة .
ثم ذكر نعمته الثانية عليه فقال تعالى [ووضعنا عنك وزرك ] أي ذنبك
[الذي انقض ظهرك ]أي اثقله والمعنى أن الله تعالى غفر لنبيه صلى الله عليه وسلم وزره وذنبه فغفر له ما تقدم وما تأخر من ذنبه قال تعالى [ إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تاخر ] الفتح 1و2
وقيل للنبي عليه الصلاة والسلام وهو يقوم الليل ويطيل القيام حتى تتورم قدماه وتتفطر قيل له : أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال [ أفلا أكون عبدا شكورا] (1)
وهنا تنبيه لأمر عظيم وهو أن الله تعالى ذكر في هذه الآية منته على نبيه بأن وضع وزره الذي وصفه بأنه أثقله وأتعبه فإذا كان هذا وزر الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف بأ وزار غيره ؟
فأوزار العباد تثقلهم وتتعبهم ولكن لضعف الإيمان والبصيرة وكثرة الغفلة كأنهم لا يحملون شئ من الذنوب !!
وقد قيل في بعض الا ثار أن المؤمن إذا أذنب صار عنده كالجبل فوق رأسه وأنا المنافق إذا أذنب ذنبا صار عنده كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا (2 ) يعنى أنه لا يهتم .
فالذنوب والمعاصي والغفلة هي من مسببات أمراض القلوب وموتها كما قال عبد الله بن مبارك رحمه الله
رأيت الذنوب تميت القلوب & وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب & وخير لنفسك عصيانها
نعم خير للنفس أن تحاسبها فالمؤمن الفطن تقلقه خطاياه ويلحقه الهم منها حتى يتبعها بالحسنات التي تمحوا السيئات وبالتوبة والاستغفار
وعن حفص بن حميد قال: قال لي زياد بن حدير أقرأ على فقرأت عليه [ ألم نشرح لك صدرك ] فقال يا ابن أم زياد أنقض ظهر رسول الله ؟!!
أي إذا كان الوزر أنقض ظهر رسول الله فكيف بك ؟
جعل يبكى كما يبكى الصبي ( 3)
ثم ذكر تعالى نعمته الثالثة على نبيه فقال [ ورفعنا لك ذكرك ] أي أعلينا قدرك وجعلنا لك الثناء الحسن العالي الذي لا يصله أحد.
فلا يذكر الله تعالى إلا ويذكر الرسول كما في الدخول في الاسلام وفي الاذان والإقامة والخطب والصلاة عند التشهد وفي كل عبادة لأنه يشترط في كل عبادة متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام .
ثم ذكر تعالى بشارة عظيمه للنبي عليه الصلاة والسلام ولعبادة المتقين ولسائر الامة فقال [ فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا ] فالعبد كلما وجد صعوبة وعسر فإن اليسر يقارنه ويصاحبه حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر كما قال تعالى [ سيجعل الله بعد عسرا يسرا ] الطلاق 7
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم [ وإن الفرج مع الكرب ( إن مع العسر يسرا ) (4)
وقال ابن عباس عند هذه الآية [ لن يغلب عسرا يسرين ] ( 5)
فهذه الآية بشرى للنبي عليه الصلاة والسلام بانتهاء عسره وما لقيه في سبيل دعوته وايضا الصحابة بقرب الفرج وزوال الشدة عنهم .
وهى بشرى لأمته من بعده [ فإن مع العسر يسرا ] هذا وعد من الله تعالى ووعده لا يخلف فكلما تعسر عليك امر فانتظر التيسير .
ثم بعد ذلك امر الله تعالى رسوله وأمته بشكره والقيام بواجب نعمه فقال [ فإذا فرغت فانصب ] أي إذا فرغت من أشغالك فاجتهد في العبادة والدعاء
فإذا فرغت من عمل ديني فانصب لعمل دنيوي وإذا فرغت من عملك الدنيوي فانصب لعمل الاخرة فمثلا إذا فرغت من الجهاد فانصب نفسك للحج وإذا فرغت من الصلاة فانصب نفسك للدعاء والذكر وإذا فرغت منهما فانصب لعمل الدنيا وهكذا عمل المؤمن الصادق لا يعرف وقتا للهو واللعب او الكسل وإنما يحيا حياة الجد والتعب ولهذا قال تعالى [ وإلى ربك ] وحده [ فارغب ] أي ارغب بعد كل عمل تقوم به بحصول الثواب والاجر وبرجاء ما عند الله تعالى من العطاء والفضل والخير فهو من تعمل له ولا تطلب غيره فكن قوى الصلة بالله تعالى دائما وابدا واطلبه الإعانة قبل العمل والثواب بعده قال تعالى [ إياك نعبد وإياك نستعين ] الفاتحة وثق بأنك إن رغبت إلى الله في جميع أمورك وعلقت قلبك به سبحانه فإنه سوف ييسر لك أمورك .
الفوائد :-
1- بيان ما أنعم الله تعالى على نبيه من شرح لصدره ومغفرة ذنبه ورفع ذكره فمنزلته عند ربه لا يصلها أحد .
2- ان يعلم العبد أن انشراح الصدر للدين واتساعه لتحمل الأذى في سبيل الله نعمه عظيمة والهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر قال تعالى [ أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ] الزمر (22) وقد روى الترمذي في جامعه ما روى الضحاك عن ابن عباس قال : قالوا يا رسول الله أيشرح الصدر ؟ قال نعم وينفسح قالوا يا رسول الله وهل لذلك علامة ؟ قال نعم التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزول الموت (6 ).
3- معرفة العبد بأن انشراح الصدر في الآية هو انشراح معنوي والمقصود به انشراح الصدر لحكم الله عز وجل الشرعي وهو الدين وحكم الله القدري وهو المصائب التي تحدث على الأنسان فيلجأ العبد إلى الله عز وجل وحده حال المصيبة وغيرها.
4- معرفة العبد أن النبي عليه الصلاة والسلام له الحظ الأوفر من القيام بطاعة الله تعالى وتقواه وأكثرهم صبرا على أقدار الله تعالى وأكملهم في انشراح الصدر فيسعى المسلم إلى الإقتداء به عليه الصلاة والسلام .
5- معرفة العبد أن النبي عليه الصلاة والسلام قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأنه بعث ليتمم مكارم الأخلاق قال عليه الصلاة والسلام [ أنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ]( 7)
6- أن يحرص العبد على محاسبة النفس وتعاهدها بالتوبة والاستغفار
7- أن يستحضر المسلم في عبادته أنه متبع فيها للرسول عليه الصلاة والسلام .
8- تضمنت الاية الاستدلال على مشروعية الدعاء والذكر عقب الصلوات المكتوبة من قوله تعالى [ وإلى ربك فارغب ]
9- ينبغي للعبد أن يستغل كل وقته في عبادة الله تعالى ولا يضيعها في مالا نفع به لأن هذه وظيفته في الحياة قال تعالى [ وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ] 56 الذاريات


(1) اخرجه البخاري في كتاب التهجد باب قيام النبي عليه الصلاة والسلام (1130)ومسلم وكتاب صفات المنافقين وباب كتاب اكثار الاعمال والاجتهاد في العبادة (2820 ) ( 81)
(2) اخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب التوبة (63،8)عن ابن مسعود رضي الله عنه
(3) حلية الاولياء وطبقات الاصفياء 197/4
(4) الحاكم في المسترك على الصحيحين - ج 3 / ص 624لا-كتاب معرفة الصحابة
(5) الموطا2\446 ابن ابي شيبة 5/335،13 /308 البهيقي في شعب الايمان 7/205- 209 الحاكم 2/301
(6) الترمذي في جامعه
(7) اخرجه بهذا اللفظ البخارى في الادب المفرد (273)

المراجع
1- تفسير القران الكريم جزء عم للشيخ محمد ابن عثيمين
2- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ السعدى
3- المختصر في تفسير القران لجماعة من من علماء التفسير
4- صحيح البخارى

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 رمضان 1440هـ/5-05-2019م, 07:15 PM
آسية أحمد آسية أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 420
افتراضي

رسالة تفسيرية في سورة النصر
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)

هذه سورة قصيرة المبنى، يسيرة العبارة، عظيمة المعنى، فيها لطائف عدة وأسرارا ولطائف جمة لو تأملناها، وتوجيهات سلوكية بليغة لو تدبرناها،
السورة تتحدث عن حدث تاريخي عظيم حاصل للمؤمنين، وما يجب عليهم ان يفعلوه حينها
- يقول الله تعالى ( إذا جاء نصر الله والفتح)
والمراد بالفتح هنا فتح مكة فهو أعظم فتحه الله، وفصل فيه بين المؤمنين والكافرين، وأعز المؤمنين ونصرهم، ولذا لم يضاف الفتح لانصرافه الى فتح مكة لعظمته وشهرته،
-فسيدخل الناس في الدين (أفواجاً) أي جماعات جماعات كثيرة وهذه بشارة أخرى،
-فإذا حصل ذلك (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) أي احمد الله على النصر زنزهه تعالى عن النقص واستغفره فإنه كثير التوبة لمن تاب، عن عائشة قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكْثِرُ فِي آخِرِ أَمْرِهِ مِنْ قَوْلِ: "سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ". وَقَالَ: "إِنَّ رَبِّي كَانَ أَخْبَرَنِي أَنِّي سَأَرَى عَلَامَةً فِي أُمَّتِي، وَأَمَرَنِي إِذَا رَأَيْتُهَا أَنْ أُسَبِّحَ بِحَمْدِهِ وَأَسْتَغْفِرَهُ، إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا، فَقَدْ رَأَيْتُهَا: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾
وفي السورة علامة على قرب أجل النبي صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عباس رضي الله عنه في قوله (إذا جاء نصر الله والفتح ) هُوَ أجلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَعْلَمَهُ لَهُ.


-والخطاب في هذه السورة إذا كان موجه للنبي صلى الله عليه وسلم، فهو قدوة للأمة، فالخطاب موجه لنا تبعاً، ولذا فيمكن أن نستلهم من السورة عدة لطائف وفوائد، منها:

الاعتماد على الله وحده في استجلاب النصر، أما العدد والعدة فهو مجرد سبب ، ولذا أضاف الله سبحانه وتعالى النصر لنفسه (نصر الله )، كما قال الله تعالى " وما النصر إلا من عند الله).
قوله ( يدخلون )، فيها اشارة الى ان النصر سيستمر بعد ذلك أيضا، وهو ماحصل في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، ثم في الأمر بالتسبيح والحمد فائدة في النصر سيزداد مع الشكر والتسبيح، كما قال تعالى: ( ولإن شكرتم لأزيدنكم).

ــ قول الله تعالى (إذا جاء نصر الله والفتح ) فيه مشروعية التسبيح والحمد عند حصول النصر على الأعداء بأي معنى ووجه كان هذا النصر، أي إذا حصل ذلك ، (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) فأمره بأن يستغفر الله ويسبحه بعدها.


قوله (فسبح بحمد ربك) حمد الله بعد أي عمل خير أو طاعة وفق له الإنسان، اعترافا بفضل الله وامتنانه، وكذلك للازدياد من الأعمال والتوفيق الى مزيدا منها، كما قال : ( ولإن شكرتم لأزيدنكم )
كما أن في التسبيح كذلك تنزيه لله تعالى عن النقص، لأنه في حال غلبة الكفار قد يتبادر الى ذهن الإنسان ظن السوء بالله تعالى، ففي تسبيحه إبطال لما قد يعلق في الذهن من نسبة النقص أو العجز لله تعالى بحيث يقول المسبح أن لله سبحانه حكمة في ما يقضي ويدبر.

ــ أمر الله تعالى بالاستغفار في قوله ( واستغفره ) وفيه التواضع عند حصول النصر، وتذكير النفس بتقصيرها والاستغفار، ويكون هذا أيضا بعد أي عمل وفق الإنسان إليه حتى بعد الصلاة يستغفر الانسان لأنه قد يكون قصر فيها أو في الاخلاص في العمل فيأتي بالاستغفار لأن الله تعالى أمر نبيه به بعد النصر والفتح وهما من أجل الأعمال.

( فسبح بحمد ربك واستغفره ) قرن الله هذين الذكرين وأمر بهما معا- التسبيح بحمد الرب والاستغفار-يدل على مشروعية قولهما معاً كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( سبحانك الله وبحمدك رب اغفر لي ) وأيضا فيه إشارة الى فضل التسبيح والاستغفار.

-في قوله ( تواباً) صيغة مبالغة، ومجيئها في هذه السورة، يدل على أن من أعظم أسباب النصر كثرة التوبة وملازمتها فإن العبد اذا لازم التوبة كان هذا سبباً في استجلاب النصر وحصوله.




المراجع:
تفسير الطبري
تفسير ابن كثير
تفسير السعدي
تفسير التحرير والتنوير
صحيح البخاري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 رمضان 1440هـ/2-06-2019م, 12:49 AM
شادن كردي شادن كردي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 384
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الأسلوب الوعظي –تفسير سورة القدر
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى وصحبه أجمعين ...أما بعد :
فنقف اليوم مع سورة مكية عظيمة جليلة نحتاج قراءتها وتدبرها والعمل بما فيها في هذه الأيام الفاضلة لعلنا نكون ممن وفق فيها ونال خيرها وبركتها وهداها.
سورة اليوم سورة القدر ابتدأت بقول الله تعالى :
(إنا أنزلناه في ليلة القدر )
إنا :
يخبر الله تعالى عن ابتداء نزول القرآن بصيغة التوكيد إن مع ضمير العظمة في (إنا )وفي إسناد الإنزال إليه سبحانه تشريف عظيم للقرآن .
أنزلناه : الضمير المراد به القرآن .وفيه إيماء أنه حاضر في أذهان المسلمين لشدة إقبالهم عليه- اللهم وفقنا -.
وقد تكفل الله بإنزال هذا القرآن العظيم في هذه الليلة المباركة فهذا أول شرفها قال تعالى في سورة الدخان : (إنا أنزلناه في ليلة مباركة )
والقدر :بمعنى الشرف والفضل.
وسميت بليلة القدر : لعظيم قدرها وشرفها ،
ولأن الله يقدر فيها ما يكون في العام من الآجال والأرزاق والمقادير
وليلة القدر هي الليلة العظيمة التي نزل فيها القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في اللوح المحفوظ ثم نزل منجما على ثلاث وعشرين سنة فكان ابتداء نزوله في هذه الليلة في رمضان
و قد اختلف في تحديدها واختلفت الروايات والأحاديث والأظهر:
أنها إحدى ليالي الأوتار في العشر الأخير من رمضان .
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى)
ومن الصحابة من يحدد أنها ليلة سبع وعشرين ويحلف على ذلك ومنهم من يقول هي ليلة ثلاث وعشرون ومنهم من يقول غيرذلك
ويرى بعض العلماء أنها متنقلة
وعلى أي حال فالواجب الاجتهاد في العشر الأخير كما كان النبي الكريم يفعل يشد مئزره ويوقظ أهله ويحيي ليله _صلوات الله وسلامه عليه _

(وما أدراك ما ليلة القدر)
استفهام للتشويق لمعرفتها ولعظيم قدرها
(ليلة القدر خير من ألف شهر)
عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر
قال ابن جرير : العبادة فيها أفضل من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر
وهذا من عظيم فضل الله على هذه الأمة حيث من علينا بليلة عظيمة يزيد الله فيها العمل ويباركه بما يزيد عن ألف شهر أي بما يزيد عن ثمانين عاما فاللهم لاتحرمنا فضلك.
(تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر)
أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة المباركة
وينزل جبريل عليه السلام وهو من باب عطف الخاص على العام
وقيل : الروح ضرب من الملائكة
من كل أمر:
بكل أمر
تقضى الأمور وتقدر الآجال والأرزاق كما قال تعالى: ( فيها يفرق كل أمر حكيم)

وقيل: (من كل أمر سلام )أي :
سلام هي من كل أمر
فيكون قوله تعالى :
سلام هي حتى مطلع الفجر :
أي سالمة لا شر فيها كلها خير وسلامة
لايستطيع الشيطان أن يعمل سوءا أو أذى
(حتى مطلع الفجر)
بيان الغاية حتى يعلم أنها كلها خير
وسالمة
وقيل لاينقطع تنزل الملائكة فوجا بعد فوج إلى طلوع الفجر

اللهم لاتحرمنا فضلك ووفقنا لاغتنام هذه الليلة المباركة واجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك وارفعنا بالقرآن وانفعنا بالقرآن واجعله قائدنا وشفيعا إلى جناتك جنات النعيم
اللهم ما قسمت في هذه الليلة المباركة من خير وبركة فاجعل لنا منها أوفر الحظ والنصيب واكتب لنا من المقادير أجملها وأبركها ،وما كتبت فيها من مصائب وبلايا فاصرفه عنا وعن جميع المسلمين بمنك وجودك وإحسانك وفضلك يا أكرم الأكرمين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .








المراجع :
تفسير القرآن العظيم ابن كثير

التحرير والتنوير ابن عاشور

تيسير الكريم الرحمن السعدي

زبدة التفسير الأشقر

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 رمضان 1440هـ/2-06-2019م, 12:52 AM
شادن كردي شادن كردي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 384
افتراضي

أرجو اعتماد الثاني بعد التعديل وحذف الأول جزاكم الله خيرا

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 شوال 1440هـ/7-06-2019م, 03:20 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

تقويم تطبيقات على درس الأسلوب الوعظي


أحسنتم بارك الله فيكم؛ وإليكم بعض التنبيهات من المهم مراعاتها في الأسلوب الوعظي:
1. تحلية الرسالة ببعض النقول يثريها بشرط أن لا تغلب على الرسالة، فيغيب على أثرها أسلوب المفسّر..
2. عدم إغفال الأحاديث والآثار و لا بد من تخريجها.
3. مما يعين على تحسين الأسلوب الوعظي استخراج الفوائد السلوكية بدقة ثم تضمينها في الرسالة في المواضع المناسبة.
4. مما يقوّي تأثير الرسالة التفسيرية تحليتها بالعبارات الموجزة التي تنتقى من كلام أهل العلم وحكمهم ووصاياهم، وكذلك القصص والأخبار من غير إكثار.





1: منى حامد.ب+
اجتهادك طيب وفقك الله لكن يلحظ في رسالتك الاختصار.
لديكِ أسلوب حسن في الجانب الوعظي وفقكِ الله ونفع بكِ.
في الأسلوب الوعظي نتنبه إلى عدم ذكر الأقوال المتعددة في المسألة ونكتفي بالراجح منها إذا كان الخطاب موجّه للعامّة.
. كان يحسن الوقوف على المراد بالتزكية وبيان متعلقها بشكل أوسع، والربط بين التزكية والفلاح، ومناسبة الآية الثانية للأولى، ففي هذه المسائل إثراء أكبر للرسالة.
. احرصي على ذكر مصادر الرسالة رعاكِ الله.


2: محمد العبداللطيف.أ
أحسنت وفقك الله، استهليت رسالتك بالأسلوب الاستنتاجي بذكر الهدايات والفوائد التفسيرية وهي من أهم مزايا هذا الأسلوب،أما الأسلوب الوعظي فيظهر جليا في القسم الثاني من الرسالة، وأسلوبك فيه جميل ومؤثر نفع الله بك، لكن يحتاج لضبط أكثر ليتضح المعنى.
. قولك:
اقتباس:
إذا تبين هذا ظهر أن أحدًا من المخلوقين لا يقصد منفعتك بالمقصد الأول، بل إنما يقصد منفعته بك، وقد يكون عليك في ذلك ضرر إذا لم يراع المحب العدل، فإذا دعوته فقد دعوت من ضرُّه أقرب من نفعه وأما الرب تبارك وتعالى فهو يريدك لك ولمنفعتك لا لينتفع بك، وذلك منفعة لك محضة لا ضرر فيها، فتدبر هذا حق التدبر وراعه حق المراعاة، فملاحظة ذلك تمنعك أن ترجو المخلوق أو تطلب منه منفعته لك فإنه لا يريد ذلك ألبتة بالقصد الأول، بل إنما يريد انتفاعه بك عاجلًا أو آجلًا، فهو يريد نفسه لا يريدك، ويريد نفع نفسه بك لا نفعك بنفسه، فتأمل ذلك فإن فيه منفعة عظيمة وراحة ويأْسًا من المخلوقين، سدًا لباب عبوديتهم وفتحًا لباب عبودية الله وحده، فما أعظم حظ من عرف هذه المسألة ورعاها حق رعايتها.
.
3: مها عبدالعزيز.أ+
أحسنتِ وفقكِ الله وبارك فيكِ، مع الإشارة إلى أنّ ذكر الفوائد يحسن أن يكون متضمنا خلال التفسير.

4: آسية أحمد.ب+
أحسنتِ وفقكِ الله.
. فاتكِ الحديث عن أسباب النصر وعوامله لتكون الرسالة أكمل.
. يجدر الإشارة إلى أنّ الأسلوب الوعظي يرتكز على قسمين:
1:استحثاث محركات القلوب الثلاث؛ المحبة والخوف والرجاء، 2:والتبصير بالهدى والتذكير به، وهذا واضح في رسالتك،إلا أنّ القسم الأول لم يظهر.
كذلك الأسلوب الوعظي يُحلى بالقصص والآثار وحكم العلماء، فاعتني بذلك يارعاكِ الله.
تم خصم نصف درجة للتأخير.


5: شادن كردي.ب+
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
. الأفضل أن نذكر الآثار في فضل هذه الليلة وتنقلها بشيء من الإسناد المناسب للمقام، لأن الخطاب في الرسالة يظهر أنّه موجه لطلاب العلم.
. الاستعانة بذكر الفوائد السلوكية بتضمينها للتفسير يثري الجانب الوعظي، فاعتني بذلك وفقكِ الله.
تم خصم نصف درجة للتأخير.


وفقكم الله وسددكم.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 27 شوال 1440هـ/30-06-2019م, 09:16 PM
خليل عبد الرحمن خليل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 238
افتراضي

( الأسلوب الوعظي )
تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) سورة الحاقة .
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام ، وهدانا بمنه وفضله لعبادته يوم أن ضلَّ عنها كثيرٌ من البشر ، فنحن نرجو ما لا يرجون ونطمع فيما لا يطمعون ، فنسعد في السعي لما نرجو ، ونرجو أن نسعد في مآلنا بما نراه في صحفنا إنه ولي ذلك سبحانه أما بعد :
ـ ففي هذه الآيات سلوى لكل عامل ، وحافز لك خامل ، ومُنى كل سائل ؛ حيث يصوّر سبحانه وتعالى سعادة العاملين في الدنيا بما وجدوا في صحفهم من الحسنات ، وفرحهم بكتبهم التي أوتوها بأيمانهم تشريفا لهم ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) ) حتى أنهم من شدة فرحهم وسرورهم يقولون لكل من قابلوه ولقوه هاكم اقرءوا كتابيه محبةً أن يطلع الخلق على ما منّ الله عليهم به من الكرامة ، وحُقّ لهم هذا الفرح العظيم ؛لأن موقفَ استلام الكتب موقفٌ عظيم تشيب منه الولدان ،ويتخلى كل حبيب عن حبيبه وكل قريب عن قريبه حتى الأم تتخلى عن مولودها ، شعارهم "نفسي نفسي ". فقد روى ابن أبي حاتم عن أبي عثمان قال : المؤمن يُعطى كتابه ( بيمينه ) في ستر من الله ، فيقرأ سيّئاته ، فكلّما قرأ سيئة تغيّر لونه حتى يمرّ بحسناته فيقرؤها ، فيرجع إليه لونه . ثمّ ينظر فإذا سيئاته بٌدّلت حسنات ، قال : فعند ذلك يقول ( هاؤم اقرؤا كتابيه ) .
فينبغي للمسلم أن يكرر هذا المشهد في مخيّلته كلما أحسّ بفتور في عبادته ، متخيّلا نفسه القائل :هاؤم اقرؤا كتابيه ؛ لتوقد جذوة الحماس التي خبت ، فيستمر في طاعته وجهاده للشيطان .
ـ ثم يقول ( إني ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه ) وهي تحمل معنيين للمفسرين : الأول أي : إني ظننت أن يأخذني الله بسيّئاتي ، يوم أن قرّره بها . والثاني أي : علمتُ علمَ اليقين في الدنيا أنّي أحاسب في الآخرة فعملت وقدّمت – فالظن هنا بمعنى اليقين - فعن مجاهدٍ قال: كلّ ظنٍّ في القرآن إنّي ظننت يقول: إنّي علمت) .
فينبغي للمسلم أن لا تغيب عنه هذه الحقيقة – حقيقة ملاقاة الحساب – فهي من صفات الناجين يوم القيامة .
ـ وقال تعالى : ( فهو في عيشة راضية ) أي عيشة مرضيّة ؛ فهي عيشة جامعة لنعيم لا عين رأت مثله ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
ـ وقال تعالى : ( في جنة عالية ) أي : رفيعة القدر والمكان فهي في السماء ، مرتفعة المنازل ، فمنازلها درجات بين الدرجة العليا والسفلى مائة درجة ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ، ينزلون في منازلهم بقدر أعمالهم ، ينزل أهل الدرجات العليا لزيارة أهل الدرجات السفلى ، ولا يستطيع أهل الدرجات السفلى الصعود لأن أعمالهم تقصر بهم . قال ابن أبي حاتم عن أبي سلّام قال : سمعت أبا أمامة قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل يتزاور أهل الجنّة؟ قال: "نعم، إنّه ليهبط أهل الدّرجة العليا إلى أهل الدّرجة السّفلى، فيحيّونهم ويسلّمون عليهم، ولا يستطيع أهل الدّرجة السّفلى يصعدون إلى الأعلين، تقصر بهم أعمالهم" .
ـ قال تعالى : ( قطوفها دانية ) من نعيم أهل الجنة أن بساتينها مثمرةٌ يانعةٌ قريبة النوال ينالها أهلها بدون عناء ولا مشقة على أي حال كانوا قياماً أم قعوداً أم مضطجعين ، قال البراء بن عازب - رضي الله عنه -: أي قريبة يتناولها أحدهم وهو نائم على سريره.
ـ من النعيم الذي أعدّه الله أن يُقال لهم تفضُّلا وامتنانا وإنعاما وإحسانا :( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) كلوا من لذائذ الطعام ، وشهيّ المشارب بهناء تامّ كامل لا مكدّر له ولا منغّص ؛ فلا تتأذّون بما تأكلون ولا بما تشربون ولا تحتاجون إلى إخراج ما أكلتم وشربتم بغائظ ولا بول . بسبب ما قدمتم لآخرتكم في أيام الدنيا التي خليت فمضت من عملكم الصالحات وترككم السيّئات والمعاصي والمنهيّات؛ فتجدهم من أهل الصلاة والصيام والصدقة والحج والإحسان بأنواعه ومن أهل الذكر والإنابة وأنواع العبادات القلبيّة والظاهرة . وهذه الأعمال كلها سبب لدخول الجنة فقط وليست مكافئة لها فقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة- رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لَا يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ عَمَلُهُ"، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ" فلا يمتنّ أحد بما قدم من الطاعات فإنها لا تعادل شيئا من نعم الله على العبد في الدنيا فكيف بنعيم الآخرة ؟! .
المراجع :
- تفسير ابن كثير
- تفسير السعدي
- تفسير الأشقر
- تفسير الطبري
- صحيح البخاري

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 ذو القعدة 1440هـ/15-07-2019م, 10:26 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خليل عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
( الأسلوب الوعظي )
تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) سورة الحاقة .
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام ، وهدانا بمنه وفضله لعبادته يوم أن ضلَّ عنها كثيرٌ من البشر ، فنحن نرجو ما لا يرجون ونطمع فيما لا يطمعون ، فنسعد في السعي لما نرجو ، ونرجو أن نسعد في مآلنا بما نراه في صحفنا إنه ولي ذلك سبحانه أما بعد :
ـ ففي هذه الآيات سلوى لكل عامل ، وحافز لك خامل ، ومُنى كل سائل ؛ حيث يصوّر سبحانه وتعالى سعادة العاملين في الدنيا بما وجدوا في صحفهم من الحسنات ، وفرحهم بكتبهم التي أوتوها بأيمانهم تشريفا لهم ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) ) حتى أنهم من شدة فرحهم وسرورهم يقولون لكل من قابلوه ولقوه هاكم اقرءوا كتابيه محبةً أن يطلع الخلق على ما منّ الله عليهم به من الكرامة ، وحُقّ لهم هذا الفرح العظيم ؛لأن موقفَ استلام الكتب موقفٌ عظيم تشيب منه الولدان ،ويتخلى كل حبيب عن حبيبه وكل قريب عن قريبه حتى الأم تتخلى عن مولودها ، شعارهم "نفسي نفسي ". فقد روى ابن أبي حاتم عن أبي عثمان قال : المؤمن يُعطى كتابه ( بيمينه ) في ستر من الله ، فيقرأ سيّئاته ، فكلّما قرأ سيئة تغيّر لونه حتى يمرّ بحسناته فيقرؤها ، فيرجع إليه لونه . ثمّ ينظر فإذا سيئاته بٌدّلت حسنات ، قال : فعند ذلك يقول ( هاؤم اقرؤا كتابيه ) .
فينبغي للمسلم أن يكرر هذا المشهد في مخيّلته كلما أحسّ بفتور في عبادته ، متخيّلا نفسه القائل :هاؤم اقرؤا كتابيه ؛ لتوقد جذوة الحماس التي خبت ، فيستمر في طاعته وجهاده للشيطان .
ـ ثم يقول ( إني ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه ) وهي تحمل معنيين للمفسرين : الأول أي : إني ظننت أن يأخذني الله بسيّئاتي ، يوم أن قرّره بها . والثاني أي : علمتُ علمَ اليقين في الدنيا أنّي أحاسب في الآخرة فعملت وقدّمت – فالظن هنا بمعنى اليقين - فعن مجاهدٍ قال: كلّ ظنٍّ في القرآن إنّي ظننت يقول: إنّي علمت) .
فينبغي للمسلم أن لا تغيب عنه هذه الحقيقة – حقيقة ملاقاة الحساب – فهي من صفات الناجين يوم القيامة .
ـ وقال تعالى : ( فهو في عيشة راضية ) أي عيشة مرضيّة ؛ فهي عيشة جامعة لنعيم لا عين رأت مثله ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر .
ـ وقال تعالى : ( في جنة عالية ) أي : رفيعة القدر والمكان فهي في السماء ، مرتفعة المنازل ، فمنازلها درجات بين الدرجة العليا والسفلى مائة درجة ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ، ينزلون في منازلهم بقدر أعمالهم ، ينزل أهل الدرجات العليا لزيارة أهل الدرجات السفلى ، ولا يستطيع أهل الدرجات السفلى الصعود لأن أعمالهم تقصر بهم . قال ابن أبي حاتم عن أبي سلّام قال : سمعت أبا أمامة قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل يتزاور أهل الجنّة؟ قال: "نعم، إنّه ليهبط أهل الدّرجة العليا إلى أهل الدّرجة السّفلى، فيحيّونهم ويسلّمون عليهم، ولا يستطيع أهل الدّرجة السّفلى يصعدون إلى الأعلين، تقصر بهم أعمالهم" .
ـ قال تعالى : ( قطوفها دانية ) من نعيم أهل الجنة أن بساتينها مثمرةٌ يانعةٌ قريبة النوال ينالها أهلها بدون عناء ولا مشقة على أي حال كانوا قياماً أم قعوداً أم مضطجعين ، قال البراء بن عازب - رضي الله عنه -: أي قريبة يتناولها أحدهم وهو نائم على سريره.
ـ من النعيم الذي أعدّه الله أن يُقال لهم تفضُّلا وامتنانا وإنعاما وإحسانا :( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) كلوا من لذائذ الطعام ، وشهيّ المشارب بهناء تامّ كامل لا مكدّر له ولا منغّص ؛ فلا تتأذّون بما تأكلون ولا بما تشربون ولا تحتاجون إلى إخراج ما أكلتم وشربتم بغائظ ولا بول . بسبب ما قدمتم لآخرتكم في أيام الدنيا التي خليت فمضت من عملكم الصالحات وترككم السيّئات والمعاصي والمنهيّات؛ فتجدهم من أهل الصلاة والصيام والصدقة والحج والإحسان بأنواعه ومن أهل الذكر والإنابة وأنواع العبادات القلبيّة والظاهرة . وهذه الأعمال كلها سبب لدخول الجنة فقط وليست مكافئة لها فقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة- رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لَا يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ عَمَلُهُ"، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ" فلا يمتنّ أحد بما قدم من الطاعات فإنها لا تعادل شيئا من نعم الله على العبد في الدنيا فكيف بنعيم الآخرة ؟! .
المراجع :
- تفسير ابن كثير
- تفسير السعدي
- تفسير الأشقر
- تفسير الطبري
- صحيح البخاري
أحسنت جدا في رسالتك، أسلوبك الوعظي حاضر ومؤثر نفع الله بك.
الدرجة:أ
نأسف لخصم نصف درجة على التأخير.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir