دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 صفر 1439هـ/10-11-2017م, 11:25 PM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي مجلس أداء التطبيق الثامن (المثال الثاني) من تطبيقات دورة مهارات التفسير

مجلس أداء التطبيق الثامن (المثال الثاني) من تطبيقات دورة مهارات التفسير


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 صفر 1439هـ/10-11-2017م, 11:28 PM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

تحرير القول في معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}:

اختلف العلماء في معنى الضريع على عدة أقوال:
القول الأول: نبت سام يابس ذو شوك يقال له الشبرق إذا كان الربيع، فإذا هاج العود سمي الضَّريع. قال به ابن عباس, وعكرمة, ومجاهد, وقتادة, وشريك بن عبدالله, ومحمد, والكلبي, وعطاء, وأبو حنيفة, وابن الأثير, وذكره الطبري, والثعلبي, ومكي بن أبي طالب, والماوردي, وابن عطية, وابن الجوزي, والقرطبي, وعلى هذا القول كثير من أهل التفسير واللغة, ومنهم: الفراء, والتيمي, والسكري, واليزيدي, وابن قتيبة, والزجاج, والسجستاني, والزمخشري, وابن منظور, وابن حيان الأندلسي, والسمين الحلبي, والفيروزأبادي.
القول الثاني: الحجارة, وهو قول سعيد بن جبير, وذكره الطبري, والثعلبي, ومكي بن أبي طالب, والماوردي, وابن عطية, وابن الجوزي, والقرطبي, والسمين الحلبي.
القول الثالث: أنه في الدنيا الشوك اليابس الذي ليس له ورق، وهو في الآخرة شوك من نار, وهو قول ابن عباس, وابن زيد , وذكره الطبري, ومكي بن أبي طالب, والماوردي, وابن عطية, وابن الجوزي, والقرطبي, والسمين الحلبي.
القول الرابع: نبتٌ في البحر أخضر منتنٌ, يرمي به البحر, وهو قول ابن عباس, والخليل, وذكره الثعلبي, والقرطبي, وابن عطية, واليزيدي, وابن حيان الأندلسي, والسمين الحلبي, والفيروزأبادي.
القول الخامس: أنه طعام يضرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه, وهو قول ابن كيسان, والحسن, وابن بحر, وذكره الثعلبي, ومكي بن أبي طالب, والماوردي, وابن الجوزي, والقرطبي.
القول السادس: أنه الزقوم, وهو قول الحسن, وذكره مكي بن أبي طالب, وابن عطية, والقرطبي, والسمين الحلبي.
القول السابع:أنه واد في جهنم, ذكره مكي بن أبي طالب, وابن عطية, والقرطبي.
القول الثامن: أنه السلم, ذكره الماوردي, وابن الجوزي.
القول التاسع: أنه النوى المحرق, حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب, وذكره الماوردي.
القول العاشر: العشرق, ذكره ابن عطية.
القول الحادي عشر: رطب العرفج, قال به بعض اللغويين كالأسلمي, وابن منظور, وذكره ابن عطية, والشيباني, والفيروزأبادي.
القول الثاني عشر: يبس العرفج إذا تحطم, قال به بعض اللغويين كابن منظور, وذكره ابن عطية, وابن حيان الأندلسي, والسمين الحلبي.
القول الثالث عشر: نبت كالعوسج, وهو قول غلام ثعلب, والزجاج, وابن الأعرابي, وذكره ابن عطية, وابن منظور, وابن حيان الأندلسي, والسمين الحلبي.
القول الرابع عشر: الجلدة التي على العظم تحت اللّحم, قال به الليث, وذكره ابن عطية, وابن منظور, والفيروزأبادي.
القول الخامس عشر: أنه مما لا تعرفه العرب. ذكره ابن عطية, وابن منظور.
القول السادس عشر: أنه بعض ما أخفاه الله من العذاب, وهو قول الحسن, وذكره القرطبي.
القول السابع عشر: أن المراد: تجويعهم, وأن من الضريع طعامهم فلا طعام لهم, ومنه قول العرب: ما لفلان راحة إلا السير والعمل؛ أي من هذان راحته فهو غير مستريح. قال به القشيري, وذكره القرطبي, والأنباري.
القول الثامن عشر: السلاء, قاله أبو الجوزاء, وذكره الفيروزأبادي.
القول التاسع عشر: يبيس كل شجر, وهو قول ابن عباد, وذكره الفيروزأبادي.
القول العشرون: الشراب الرقيق, قول ابن عباد, وذكره الفيروزأبادي.
القول الحادي والعشرون: نبت في الماء الآجن له عروق لا تصل للأرض, قاله الليث, وذكره الفيروزأبادي.
القول الثاني والعشرون: الخمر, ذكره الفيروزأبادي.
القول الثالث والعشرون: أنه شيءٌ في جَهَنَّمَ، أَمَرُّ من الصَّبِرِ، وأنْتَنُ من الجِيفَةِ.

دراسة الأقوال وتحريرها:
في القول الثاني والرابع والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والثامن عشر والحادي والعشرون فيما يبدو تعارضا مع القول الأول والذي يقول بأنه نبات الشبرق اليابس, فإما أن يكون حجرا أو شبرقا, أو سلاء أو عوسجا, لا بد من الاختيار بينها, فليست مما يجمع بينه, بل هي متعارضة -وإن كان بعضها يجتمع في بعض الصفات ككونه نبت وشائك- لذا وبلا شك الأول أقوى وعليه أغلب علماء السلف واللغة, وبهذا نستبعد بقية الأقوال ويبقى الأول هو الأرجح بينها والله أعلم.
أما فيما يخص القول الثالث فقد قرر فيه قائلوه أن الضريع نبت من شوك كما قال بذلك أصحاب القول الأول, لكنهم أوضحوا أنه في الآخرة يكون من نار, وذلك لكونه عذاب أهل النار, ولا مانع لدينا من الجمع به مع القول الأول, فقد يكون الضريع هو النبت اليابس ذو الشوك, ويكون من نار لزيادة العذاب, لذا فقد يجمع بين هذين القولين ويؤخذ بهما.
أما بالنسبة للقول الخامس, فمبناه على ما يؤول إليه هذا الضريع, ولا يتنافى ذلك مع القول الذي رجحناه, فيكون الضريع نبات كالشبرق في النار له شوك إلخ من المواصفات وإذا أكلوا منه يتضرعون لله ويتذللون من شدة ما يقاسون, وعلى هذا فيكون هذا القول صحيحا لا بأس به, وفي ضمه لمعنى الضريع وصف له.
أما القول السادس أنها هي الزقوم, فأجده بعيدا, لأن النص القرآني هنا نص على هذا الطعام بالضريع, وعلى ذاك بالزقوم, وفي هذا تنويع للعذاب, وقد تكون هذه أنواعا لمختلف العصاة, وقد علل من قال بذلك: (أنّ اللّه تعالى قد أخبر في هذه الآية أنّ الكفّار لا طعام لهم إلاّ من ضريعٍ، وقد أخبر أنّ الزّقّوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أنّ الضّريع هو الزّقّوم) وهذا استدلال غير كاف لقصر الضريع على الزقوم, وفي الحقيقة لا تعارض في أن تكون النار فيها أنواعا من النبات المنتن, منها ما هو شائك, ومنها ما يخرج منه صديد ..إلخ, بل في هذا نوعا من النكال, ومن قبيل تنويع العذاب لأنواع العصاة ودرجاتهم, وقد يكون من باب المبالغة في الخطاب لبث الرعب في نفوسهم, لا النفي المراد به الإطلاق, وقد جمع ابن عاشور بين الضريع والغسلين لنفس السبب الذي ذكرناه هنا, فوجد أن هنالك تعارضا بين (ليس لهم طعام إلا من ضريع) و(ولا طعام إلا من غسلين) فقال: أن الضريع شجرة ويخرج منها الغسلين, وقد يقاس ذلك على الزقوم, لكن يصعب ذلك فقد وصفها الله بأوصاف خاصة تميزها عن البقية, وكما ذكرت لا داعي للتضييق في هذا الأمر فقد يكون الأمر من المبالغة للتخويف ولا تعارض بينها, وقد قال القرطبي في ذلك: (وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ النَّارَ دَرَكَاتٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ طَعَامُهُ الزَّقُّومُ، وَمِنْهُمْ مَنْ طَعَامُهُ الْغِسْلِينُ، وَمِنْهُمْ مَنْ طَعَامُهُ الضَّرِيعُ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَابُهُ الْحَمِيمُ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَابُهُ الصَّدِيدُ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: الضَّرِيعُ فِي دَرَجَةٍ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ، وَالزَّقُّومُ فِي دَرَجَةٍ أُخْرَى. وَيَجُوزُ أَنْ تُحْمَلَ الْآيَتَانِ عَلَى حَالَتَيْنِ كَمَا قَالَ: يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ).
أما القول الخامس عشر, أنه مما لا تعرفه العرب, فهو مستبعد لكون القرآن يخاطب العرب في المقام الأول, وكيف يخاطبهم بما يرعب قلوبهم ثم يكون شيئا مما لا يفهمونه؟! ناهيك عن أن قواميس اللغة العربية أثبتت استعمال العرب لهذه اللفظة وذكرت معناها كما ذكرنا في الأقوال أعلاه, مما يستبعد هذا القول استبعادا أكيدا, وبنفس هذا الكلام يقال هذا في القول السادس عشر, أن الله خاطب العرب بلفظة يعرفونها فكيف يكون مراده إخفاء نوع هذا العذاب وقد خاطبهم بهذه الكلمة التي عرفوها وردوا عليها بأنها أكل أنعامهم فرد الله أنها لا تسمن ولا تغني من جوع, كل هذا يدل على أننا نتحدث عن أمر في ظاهره معروف, وإن كان خفاء كيفيته بالتأكيد مقررا, لكن المقصود المعنى العام للفظة.
أما القول السابع عشر فبعيد, إذ المعنى الأول الذي يؤخذ هو الظاهر, ولا يستبعد إلا بقرينة, فبأي قرينة استبعدوا أن المراد بالضريع هو ما اشتهر عند العرب من نبت يابس, ويذهب لأن المراد جوعهم التام؟
أما القول التاسع عشر, وهو ما يبس من الشجر, فلا يتنافى مع المعنى العام, لكنه كذلك أعم منه, والمعنى الأول الذي رجحناه بلا شك أكثر خصيصة ووضوحا لذا يقدم عليه, لكن المعنيين بلا شك لا يتعارضان.
أما القول العشرون والثاني والعشرون فلا أعجب منهما, فكيف يستدل على الضريع بأنه ماء رقيق, بل الأعجب منه أنه الخمر!! والخمر هو من صميم نعيم أهل الجنة!وإن كان المراد أنه خمر من نوع آخر, فإن الخطاب القرآني لم يعودنا على استخدام ما أحب الناس وكان مرتبطا بسهراتهم وأنسهم في التعذيب, كما أن وصف عذاب ما وتشبيهه بأمر دنيوي قاس, كالشوك أو الشيء المر, بلا شك أبلغ من وصفه بأمر غلب عليه الوصف بالحسن أو الرفاهية.
أما القول الثالث والعشرون فقد استدل عليه أصحابه بحديث روي فيه عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّا من النار». وقد بحثت عنه فوجدت السيوطي قد حكم على إسناده بأنه واه, وبغض النظر عن الحديث, فالمعنى العام قد لا يتعارض مع ما رجحنا من أنه كنبت الشبرق اليابس, فقد يكون كذلك مرا ونتنا, فهذا القول لا يتعارض مع القول الأول.

خلاصة القول: القول الراجح والله أعلم بعد فرز الأقوال وتحريرها أن الضريع: نبت كالشبرق يابس ذو شوك مر سام, قد يكون شجرة من نار, وقد يكون نتن الرائحة وأحر من النار, وأهل النار بعد أكله يتضرعون لله ويتذللون إليه من شناعته وقسوته.

وجه تسمية الضريع بذلك:
واختلف في المعنى الذي سمّي به ضريعاً, فقيل:
القول الأول: هو ضريعٌ بمعنى مضرعٍ، أي: مضعفٍ للبدن مهزلٍ، ومنه قول النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في ولدي جعفر بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنهم-:«ما لي أراهما ضارعين». يريد هزيلين, ذكره ابن عطية.
القول الثاني: ضريعٌ: فعيلٌ من المضارعة، أي: لأنه يشبه المرعى الجيّد، ويضارعه في الظاهر، وليس به, ذكره ابن عطية.
القول الثالث: أنه يمْكِنٌ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْبَابِ فَيُقَالُ ذَلِكَ لِضَعْفِهِ، إِذَا كَانَ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ.
قال الشاعر: وَتُرِكْنَ فِي هَزْمِ الضَّرِيعِ فَكُلُّهَا ... حَدْبَاءُ دَامِيَةُ الْيَدَيْنِ حَرُودُ. وهو قول ابن فارس.
وكل هذه الأقوال لا تتعارض, وتنطبق على هذا الضريع ومبناه وما يؤدي إليه, وقد تنطبق على سبب التسمية والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 صفر 1439هـ/11-11-2017م, 04:55 PM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المثال الأول: تحرير القول في المراد بالضريع في قوله تعالى: "ليس لهم طعام إلا من ضريع".

اختلف العلماء في المراد بالضريع على أقوال:
القول الأول:
هو نبت ذات شوك يقال له الشبرق تسميه العرب الضريع إذا يبس، ويكون يوم القيامة شوك من نار.
وقد قال به ابن عباس، وعكرمة، وقتادة، وعطاء، ومجاهد، وابن زيد، وأبي الجوزاء،
وهو قول يحيى بن زياد الفراء، وأبو عبيدة معمر بن المثني التيمي، والزجاج، ومَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ
وذكره عبد الله بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ)، و أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)، وابن منظور الإفريقي، والزبيدي.

-قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (ويقال: الضّريع: نبتٌ يقال له الشّبرق، يسمّيه أهل الحجاز: الضّريع إذا يبس، وهو سمٌّ). [صحيح البخاري: 6 / 168]
-وروى ابن جرير عن ابنُ زيدٍ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا من ضَرِيعٍ} قالَ: الضريعُ: الشوكُ من النارِ. قالَ: وأمَّا في الدنيا فإنَّ الضريعَ: الشوكُ اليابسُ الذي ليسَ له ورقٌ، تدعوهُ العربُ الضريعَ، وهو في الآخرةِ شوكٌ من نارٍ).
- قال القرطبي: عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ. إِلَّا أَنَّ الضَّحَّاكَ رَوَى عن ابن عباس قال: هو شي يَرْمِي بِهِ الْبَحْرُ، يُسَمَّى الضَّرِيعَ، مِنْ أَقْوَاتِ الانعام
وقال أيضا: وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ نَبْتٌ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إِذَا ذَوَى ... وَعَادَ ضَرِيعًا بَانَ مِنْهُ «2» النَّحَائِصُ
وقال: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ شَجَرٌ ذُو شَوْكٍ حَسَبَ مَا هُوَ فِي الدُّنْيَا.
- عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ قَالَ: الضَّرِيعُ السُّلَمُ، وَهُوَ الشَّوْكُ، وَكَيْفَ يَسْمَنُ مَنْ كَانَ طَعَامَهُ الشَّوْكُ
= وقد ذكر أبو إسحاق الثعلبي أنه روي عن ابن عابس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّا من النار» سمّاه النبيّ ضريعا،

التخريج
-أما قول ابن عباس:
فرواه الطبري عن محمد بن سعد عن آبائه عنه، ورواه عن علي عنه،
-وأما قول عكرمة:
فرواه الطبري عن نجدةُ، رجلٌ من عبدِ القيسِ.
-أما قول قتادة:
فرواه عبد الرزاق، والطبري؛ عن معمر عنه
-وأما قول مجاهد:
فرواه الطبري عن ليث عنه
-وأما قول عطاء:
فرواه مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ) عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني
-وأما قول ابن زيد:
فرواه الطبري عن ابن وهب عنه
-وأما قول أبي الجوزاء:
فرواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
------------------------------------------------------------------
القول الثاني:
قيل أنه يطلق على نبات العرفج أو العوسج إن كان رطبا، وقيل إن كان يابسا، وهو في الآخرة يكون من نار.
وهو قول أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ)، وغُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ)،
وقد ذكر ابن عطية أنه قول بعض اللغويين، وذكره أبو منصور الأزهري عن ثعلب، وأبو منظور الإفريقي والزبيدي.

= قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال الأسلمي: الضَّرِيع، ضَرِيع العرفج: إذا لم يكن فيه نبات ولم يمت).
------------------------------------------------------------------

القول الثالث:
أنه نبات يلقيه البحر أخضر منتنٌ مجوّفٌ مستطيلٌ، له نورٌ فيه كبيرٌ.
وقد روي القول عن ابن عباس وقد ذكره ابن عطية عن بعض المفسرين عنه.
وذكره عبد الله بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) وابن منظور الإفريقي.

التخريج
-وأما المروي عن ابن عباس:
فذكره أبو إسحاق الثعلبي عن عطاء عن ابن عباس.
------------------------------------------------------------------
القول الرابع:
أنه الضريع بمعنى الذل والهوان لأنهم يتذللون قبل أن يأتيهم ويتذللون ليتخلصوا منه بعدما أتاهم.
وهو قول أبو منصور الأزهري،
وذكره الماوردي عن ابن بحر، وذكره ابن الجوزي والقرطبي عن ابن كيسان، وذكره ابن منظور الإفريقي.

قال ابن عطية قيل: هو ضريعٌ بمعنى مضرعٍ، أي: مضعفٍ للبدن مهزلٍ، ومنه قول النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في ولدي جعفر بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنهم-:«ما لي أراهما ضارعين». يريد هزيلين.
ومثله قوله تعالى: "ادعوا ربكم تضرعاً وخفية".
------------------------------------------------------------------
القول الخامس:
قيل من التضرع وهو: التلوي والاستغاثة،
وقد ذكره أبو منصور الأزهري وابن منظور الإفريقي.

وهذا القول الذي يظهر أنه نتيجة أكل الضريع أن يكون هذا حالهم.
------------------------------------------------------------------
القول السادس:
أن الضريع بمعنى الضعيف.
وممن ذكر هذا المعنى أبو منصور الأزهري وأحمد بن فارس، وابن سيده، وابن عطية، وابن منظور الإفريقي، والزبيدي.

قال ابن عطية قيل: هو ضريعٌ بمعنى مضرعٍ، أي: مضعفٍ للبدن مهزلٍ، ومنه قول النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في ولدي جعفر بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنهم-:«ما لي أراهما ضارعين». يريد هزيلين.
قال ابن فارس: (ضَرَعَ) الضَّادُ وَالرَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى لِينٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ ضَرَعَ الرَّجُلُ ضَرَاعَةً، إِذَا ذَلَّ. وَرَجُلٌ ضَرَعٌ. ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ وَعْلَةَ:
أَنَاةً وَحِلْمًا وَانْتِظَارًا بِهِمْ غَدًا ... فَمَا أَنَا بِالْوَانِي وَلَا الضَّرَعِ الْغُمْرِ

وعلى هذا القول يكون المعنى أنهم لا يزدادون إلا ضعفا وعذابا بأكله كما أن الإبل التي تتغذى عليه في الدنيا لا تزداد إلا ضعفا وهزالا فهو لا يسد الجوع ولا تسمن به الدواب إذا أكلته.
------------------------------------------------------------------
القول السابع:
أنه الزقوم.
وقد ذكر ابن عطية أنه قول الحسن وجماعة من المفسرين، وقال أبو حيان أنه قول الحسين، وذكر ابن كثير أنه قول سعيد ابن جبير.

التخريج
وأما تخريج قول الحسن أو الحسين:
فلم أستطع البحث عنه.
-واما تخريج قول سعيد بن جبير فرواه ابن أبي حاتم في تفسيره.

ووجه هذا القول أنّ اللّه تعالى قد أخبر في هذه الآية أنّ الكفّار لا طعام لهم إلاّ من ضريعٍ، وقد أخبر أنّ الزّقّوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أنّ الضّريع هو الزّقّوم.
وقد يرد على هذا الاقتضاء بأن جماعة من المتأولين ذكروا أن الزّقّوم لطائفةٍ، والضّريع لطائفةٍ، والغسلين لطائفةٍ. وذكر هذا ابن عطية
------------------------------------------------------------------
القول الثامن:
الضريعُ: حجارةُ في النار.
وقال بهذا القول سعيد بن جبير، وروي عن عكرمة

التخريج
-أما قول سعيد بن جبير:
فرواه ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما.
وأما المروي عن عكرمة:
فذكره القرطبي.

وهذا القول لعله مأخوذ من قوله تعالى: "يا أيها الذين أمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة"
------------------------------------------------------------------
القول التاسع:
أنه النوى المحروق
ذكره الماوردي عن يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب
------------------------------------------------------------------
القول العاشر:
أنه واد في جهنم.
وقد ذكر ابن عطية أنه قال به قوم.
------------------------------------------------------------------
القول الحادي عشر:
الجلدة التي على العظم تحت اللّحم.
وقد ذكر ابن عطية أنه لا يعرف من تأول الآية بهذا.
------------------------------------------------------------------
القول الثاني عشر:
=وقيل هو الشراب الرقيق،
وقد ذكر هذا القول أبو منصور الأزهري.
------------------------------------------------------------------
القول الثالث عشر:
= وقيل أنه السمين ومنه قولهم شاة ضريع أي ذات ضرع عظيم
وقد ذكر هذا القول أبو منصور الأزهري وابن منظور والزبيدي.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

== الدراسة:
أما القول الأول والثاني والثالث:
فهو كالقول الواحد إذا المعنى أنه نبات وهذا عليه قول الجمهور كما قال القرطبي، وفي النار يكون النبات من النار، فالحاصل أن الضريع طعام من النار وهذا بلا شك فيه من العذاب ما فيه فإذا أضيف إليه الشوك والرائحة المنتنة كان هذا أبلغ في العذاب.
وأما القول الرابع والخامس والسادس:
فهي بمثابة الوصف لحال أهل النار عند طلبهم للطعام وأنه يكون بتذلل وخضوع ثم إذا جاءهم حصل لهم العذاب والضعف والتلوي، وهنا يستغيثون أن يرفعه الله عنهم.

وهذه الأقوال الستة هي غالب كلام السالف وأهل التفسير واللغة كما هو ظاهر وهي متوافقة مع السياق ومعنى الآية والتي تليها.


وأما القول السابع بأنه الزقوم:
فالذي يظهر أنه إلزام ممن جمع بين قوله تعالى "ليس لهم طعام إلا من ضريع" ، وقوله تعالى: "إن شجرة الزقوم طعام الأثيم"
وهذا الإلزام مبني على عدم تعدد الطعام لهم، وقد رد عليه البعض وقال بأن الطعام متعدد فلكل طائفة طعام فبعضهم له الضريع وبعضهم له الغسلين وبعضهم له الزقوم.
وعلى كل حال فإن هذا القول لا ينافي الأقوال الستة المتقدمة من أنه نبات وأنه من نار وأنا طعام لأهل النار يعذبون به.

وأما القول الثامن بأنه الحجارة:
فالذي يظهر لي أنه قياس فقط على قوله تعالى في وصف النار: "وقودها الناس والحجارة"، وليس هو المراد هنا لان الحجارة هي وقود للنار، وأما الضريع فهو وقود لأهل النار.

وأما الأقوال الباقية:
فلم أجد لها لذكر في اقوال السلف ولا أهل اللغة ولم تنسب إلى معين، وهي مع ذلك بعيدة عن السياق.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
= الترجيح:
الذي يترجح لي ويمكن حمل الآية عليه هو الأقوال من الأول إلى السابع وأما القول الثامن فمأخذه مختلف، وباقي الأقوال فليست مناسبة للسياق وليس لها مستند صحيح يعتمد عليه.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 صفر 1439هـ/12-11-2017م, 11:05 PM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

تحرير معنى الحفدة في قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}

اختلف العلماء في معنى الحفدة على قولين :
القول الأول : الحفدة هم الأعوان والخُدّام .
وهو قول ابن عباس ، ومجاهد، وعكرمة ، والحسن ، وأبو مالك ، والضحاك ، وطاووس ، وقتادة ، وابن زيد ، ومالك ، والخليل بن أحمد ، و أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن ، و عبدالله بن يحيى بن المبارك اليزيدي في غريب القرآن وتفسيره ، وابن قتيبة ، والزجاج ، والرازي ، وهو اختيار ابن جرير الطبري ، و مكي بن أبي طالب القيسي ،وأبو حيان الأندلسي ، وابن عاشور .
وهذا القول مبنيّ على( الحَفْدُ ) فيقال حفد وأحفد فهو حافد ، قال الخليل بن أحمد : ( وهو الخِفّة في العمل والخِدمة ، وفي سورة القُنوت: ( وإليك نَسعَى ونحفد ) أي نخفّ في مَرْضاتك.
وقول الله- عز وجل-: بَنِينَ وَحَفَدَةً يعني البنات [و] هنَّ خَدَم الأبَوَيْن في البيت ، وعند العَرَب الحَفَدة الخَدَم ) .
قال ابن منظور ( والحفد السرعة ، والحفد والحفدة : الأعوان والخدمة ، واحدهم حافد ) .
قال ابن جرير : (يقال: مرّ البعير يحفد حفدانًا: إذا مرّ يسرع في سيره ، ومنه قول الرّاعي:
كلّفت مجهولها نوقًا يمانيةً = إذا الحداة على أكسائها حفدوا )
وأخرج ابن جرير من طريق سلم بن قتيبة، عن وهب بن حبيبٍ الأسديّ، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، سئل عن قوله: {بنين وحفدةً} قال: " من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشّاعر:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكفّهنّ أزمّة الأجمال
وقال ابن كثير: الحفدة: الرّجل يعمل بين يدي الرّجل، يقول: فلانٌ يحفد لنا ) .
وقال الماوردي ( قال طرفة بن العبد:
يحفدون الضيف في أبياتهم كرما ذلك منهم غير ذل
وأصل الحفد الإسراع ، والحفدة جمع حافد ، والحافد هو المسرع في العمل ) .
فيدخل في هذا القول الأولاد وأولاد الأولاد ، والخدم ، وروي قول بأنهم أولاد الزوجات .
ووجه ذلك لأن الأولاد والأحفاد يسرعون في خدمة آبائهم ، والخدم كذلك لمن هم تحته .
قال القرطبي : ما قاله الأزهري من أن الحفدة أولاد الأولاد هو ظاهر القرآن بل نصه ; ألا ترى أنه قال : وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة فجعل الحفدة والبنين منهن .
وتعقب عدد من المفسرين القول بأنهم الخدم ، فقال ابن زيدٍ، في قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} قال: ( الحفدة: الخدم من ولد الرّجل هم ولده، وهم يخدمونه، قال: وليس تكون العبيد من الأزواج )، ووجّه النحاس هذا القول فقال : ( وقول من قال هم الخدم حسن على هذا إلا إنه يكون منقطعا مما قبله عند أبي عبيد وينوي به التقديم والتأخير كأنه قال وجعل لكم حفدة أي خدما وجعل لكم من أزواجكم بنين ).
و نقل الماوردي وابن الجوزي عن ابن السائب ومقاتل في تفسير قوله تعالى :( بنين وحفدة ) البنين الصغار والحفدة الكبار ، ولم أجد لهذا التفريق أصلاً ، وإنّما جعل بعض المفسرين الواو عاطفة و البنون هم الحفدة لمسارعتهم في برّ آبائهم وخدمتهم .

التخريج :
- أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير الطبري من طريق وهب بن حبيبٍ الأسديّ، عن أبي حمزة، عنه ، ومن طريق شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهد و سعيد بن جبيرٍ عنه .
- وأما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير الطبري من طريق إسماعيل ابن عليّة، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه ، ومن طريق سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه .
- وأما قول عكرمة فقد رواه ابن جرير الطبري من طريق أبو الأحوص، عن سماكٍ، عنه ، ومن طريق عمران بن عيينة، عن حصينٍ، عنه ، ومن طريق معمرٍ، عن الحكم بن أبان، عنه ، ورواه عنه من طرق أخرى .
- وأما قول الحسن فقد رواه ابن جرير الطبري من طريق محمّد بن خالدٍ، عن سلم، عن أبي هلالٍ، عنه ، ومن طريق هشيمٌ، عن منصورٍ، عنه ، ومن طريق ابن التّيميّ، عن أبيه، عنه .
- وأما قول أبي مالك فقد رواه ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور .
- وأما قول الضحاك فقد رواه ابن جرير الطبري من طريق عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عنه .
- وأما قول طاووس فقد رواه ابن جرير الطبري من طريق عبد الرّحمن، عن زمعة، عن ابن طاوسٍ، عنه .
- وأما قول قتادة فقد رواه ابن جرير الطبري من طريق يزيد، عن سعيدٌ، عنه .
- وأما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير الطبري من طريق ابن وهبٍ عنه .
- وأما قول مالك فقد ذكره القرطبي من رواية ابن القاسم عنه .

وأما القول بأنهم بنوا امرأة الرجل من غيره :
- فقد روي عن ابن عباس ، رواه ابن جرير من طريق محمد بن سعد عن آبائه عن ابن عباس وهو ضعيف . قال ابن جرير : حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: " بنو امرأة الرّجل ليسوا منه " .

القول الثاني : أنهم الأختان والأصهار .
وهو قول ابن مسعود ، و أحد قولي ابن عباس ، وقول علقمة ، وأبو الضحى ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم ، وهو قول أبو عبيد القاسم بن سلام في لغات القبائل الواردة في القرآن و الفراء في معاني القرآن .
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه لغات القبائل الواردة في القرآن ( ( بنين و حفدة ) الحفدة الأختان بلغة سعد العشيرة ) .
قال النحاس : ( روى سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود قال الحفدة الأختان .
وروى شعبة عن زر قال سألني ابن مسعود عن الحفدة فقلت هم الأعوان قال هم الأختان وقال علقمه وأبو الضحى الحفدة الأختان ) .
قال النحاس : ( وقول عبد الله بن مسعود هم الأختان يحتمل المعنيين جميعا يجوز أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبه من أقربائها ويجوز أن يكون أراد وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات وتزوجونهم فيكون لكم بسببهن أختان ) .


التخريج :
- أما قول ابن مسعود فقد رواه ابن جرير الطبري من طريق أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرٍو، عن ابن حبيشٍ، عنه ، ومن طريق أبو بكرٍ، عن عاصمٍ، عن ورقاء عنه ، ومن طريق سفيان، عن عاصم ، عن زرّ بن حبيشٍ عنه .
- وأما قول ابن عباس فرواه ابن جرير من طريق حفصٌ، عن أشعث، عن عكرمة عنه .
- وأما قول أبي الضحى فرواه ابن جرير من طريق يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن الأعمش عنه .
- وأما قول سعيد بن جبير فرواه ابن جرير من طريق إسرائيل، عن عطاء بن السّائب عنه .
- وأما قول إبراهيم فرواه ابن جرير الطبري من طريق هشيمٌ، عن المغيرة، عنه .


الدراسة :
اتّضح لي بعد الدراسة أنّ ( الحَفْد )هو الإسراع والحفدة هم الأعوان والأنصار المسارعون في الخدمة ، وهذا الاختلاف بين المفسرين في المراد بالحفدة هو من قبيل خلاف التنوّع ، ولا يمنع أن يكون جميع من ذكروه من الحفدة لعدم ورود تخصيص ، ويجتمع كل من ذكروه من الأولاد وأولاد الأولاد والأختان والأصهار والخدم في هذه الصفة غالبا .
قال ابن جرير في جامع البيان ( وإذ كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنّهم المسرعون في خدمة الرّجل المتخفّفون فيها، وكان اللّه تعالى ذكره أخبرنا أنّ ممّا أنعم به علينا أن جعل لنا حفدةً تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الّذين يصلحون للخدمة منّا ومن غيرنا، وأختاننا الّذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا، وخدمنا من مماليكنا، إذا كانوا يحفدوننا فيستحقّون اسم حفدةً، ولم يكن اللّه تعالى دلّ بظاهر تنزيله ولا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ولا بحجّة عقلٍ، على أنّه عنى بذلك نوعًا من الحفدة دون نوعٍ منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجّه ذلك إلى خاصٍّ من الحفدة دون عامٍ، إلاّ ما اجمعت الأمّة عليه أنّه غير داخلٍ فيهم ) .
قال ابن كثير ( قلت : فمن جعل ( وحفدة ) متعلقا بأزواجكم فلا بد أن يكون المراد الأولاد ، وأولاد الأولاد ، والأصهار ; لأنهم أزواج البنات ، وأولاد الزوجة ، وكما قال الشعبي والضحاك فإنهم غالبا يكونون تحت كنف الرجل وفي حجره وفي خدمته . وقد يكون هذا هو المراد من قوله [ عليه الصلاة ] والسلام في حديث بصرة بن أكثم : " والولد عبد لك " رواه أبو داود . )
وسبب ذكرهم في قولين هو تفريق كثير من المفسرين وجعلهم قولين مختلفين ، ولعل القائلين بالقول الأول أخذوه من معناه اللغوي ، والقائلين بالقول الثاني أخذوه من لغة سعد العشيرة من لغات العرب ،
وقسمه بعضهم إلى قسمين فجعل الأعوان والأختان قسم ، وكل حافدٍ قسمٌ ، قرابةً كان أو غير قرابة .
والله تعالى أعلم .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29 صفر 1439هـ/18-11-2017م, 04:29 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

التطبيق الثامن (المثال الثاني)
تحرير القول في معنى { حفدة }

قال تعالى في سورة النحل : {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}


يمتن الله سبحانه وتعالى على عباده بنعم شتى ذكرت في هذه السورة، ومنها أنه جعل لهم { حفدة} وقد اختلف المفسرون في معنى الحفدة على أقوال:

القول الأول: أنهم الأصهار وهم أختان الرّجل على بناته، ويستشهدون بقول الشاعر:
فلو أنَّ نفسي طاوَعَتْني لأصبحَتْ ... لها حَفَدٌ ممَّا يُعَدُّ كثيرُ
ولكنها نَفسٌ عليَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لإِصهارِ اللِّئامِ قَذْوْرُ
وهو قول ابن عباس، وعبد الله ابن مسعود، وأبي الضحى، وإبراهيم، وسعيد بن جبير، وذكره ابن جرير، والثعلبي، ومكي بن أبي طالب ، والماوردي، وابن عطية، وابن الجوزي، والقرطبي، وابن كثير، ويحي بن سلام، وهود بن محكم، والفراء، وأبو عبيد و عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ، والزجاج، والنحاس، وغُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ ، وابن فارس، وابن سيده، والزمخشري، وابن منظور

التخريج
أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير من عدة طرق.
أما قول عبد الله بن مسعود فقد رواه ابن جرير من عدة طرق.
أما قول أبي الضحى فقد رواه ابن جرير في تفسيره.
أما قول إبراهيم فقد رواه ابن جرير في تفسيرهم ن عدة طرق.
أما قول سعيد بن جبير فقد رواه ابن جرير في تفسيره.


القول الثاني: هم أعوان الرّجل وأنصاره وخدمه من بنيه وغيرهم، وَمِنْهُ قَوْلُ جَمِيلٍ:
حَفَدُ الْوَلَائِدُ حَوْلَهُنَّ وَأَسْلَمَتْ ... بِأَكُفِّهِنَّ أَزِمَّةَ الْأَجْمَالِ
أَيْ: أَسْرَعَتِ الْوَلَائِدُ الْخِدْمَةَ، وَالْوَلَائِدُ الْخَدَمُ.
وهو قول ابن عباس وعكرمة والحسن ومجاهد وطاوس وقتادة وأبي مالك، وذكره ابن جرير والثعلبي، ومكي بن أبي طالب ، والماوردي، وابن عطية، وابن الجوزي، والقرطبي،، وابن كثير ، ويحي بن سلام، وهود بن محكم، وابن أبي زمنين، والفراء ، وأبو عبيدة، وأبو عبيد، وعَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ ، ورجحه الزجاج، وذكره النحاس، و غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ ، والخطابي ، ورجحه ابن فارس، وذكره ابن سيده، والزمخشري، والطيبي، وابن منظور.

التخريج:
أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير في تفسيره.
أما قول عكرمة فقد رواه ابن جرير من عدة طرق، كما ذكره السيوطي عن ابن أبي حاتم.
أما قول الحسن فقد رواه ابن جرير من عدة طرق.
أما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير من عدة طرق.
أما قول طاوس فقد رواه ابن جرير.
أما قول قتادة فقد رواه ابن جرير.
أما قول أبي مالك فقد رواه ابن جرير ، وذكره السيوطي عن ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.

القول الثالث: هم ولد ولد الرّجل، واطلق عليه حفيد لأنه يكثر أن يخدم جده لضعفه وفيه نعمة حفظ النسل ومزيد مسرة للعائلة قال تعالى { فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ} [سُورَة هود: 71] وهو قول ابن عباس، وابن زيد، والضحاك، وذكره ابن جرير، والثعلبي ومكي بن أبي طالب، والماوردي، وابن عطية، وابن الجوزي، ورجحه القرطبي ، وذكره ابن كثير، والخطابي، وابن فارس، وابن سيده، والزمخشري، والطيبي ، وابن منظور، و لم يذكر ابن عاشور غيره .

التخريج:
أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير في تفسيره من عدة طرق، كما ذكره السيوطي عن ابن أبي حاتم.
أما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير في تفسيره.
أما قول الضحاك فقد رواه ابن جرير في تفسيره.

القول الرابع: هم بنو امرأة الرّجل من غيره وهو قول ابن عباس، وذكره ابن جرير، والثعلبي ، ومكي بن أبي طالب، والماوردي، وابن عطية ، وابن الجوزي، وابن كثير، والزمخشري .

التخريج:
قول ابن عباس رواه ابن جرير في تفسيره ، كما ذكره السيوطي عن ابن أبي حاتم .

القول الخامس: البنين: الصغار، والحفدة: كبار الأولاد الذين يعينونه على عمله، نقله الثعلبي عن الكلبي ومقاتل، وذكره الماوردي، ونقله ابن الجوزي عن ابن السائب ومقاتل.

القول السادس: الحفدة البنات، قال بعضهم المعنى جعل لكم بنين وبنات يجلبن الأصهار، وقال آخرون لأنهن خدم الأبوين في البيوت،ولأن لفظ البنين لا يشملهن، ذكره الزجاج، وابن عطية، والخليل بن أحمد، والنحاس، وابن سيده، وابن منظور.

جاءت هذه الأقوال كلها في معنى الحفدة في كتب المفسرين وكتب أهل اللغة، كما وجه البعض هذه الأقوال ومن ذلك :


1. أن بعضهم أرجعها إلى أصل معنى الكلمة وهو الخدمة، وقال أن كل من ذكر في هذه الأقوال فله نصيب من الخدمة فيشمله معن الحفد

قال ابن منظور في لسان العرب
حفد: حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً وحَفَداناً وَاحْتَفَدَ: خفَّ فِي الْعَمَلِ وأَسرع. وحَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً: خَدَم. الأَزهري: الحَفْدُ فِي الْخِدْمَةِ وَالْعَمَلِ الْخِفَّةُ؛ وأَنشد:
حَفَدَ الولائدُ حَوْلَهُنَّ، وأَسلمتْ ... بأَكُفِّهِنَّ أَزمَّةَ الأَجْمالِ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنه قرأَ فِي قُنُوتِ الْفَجْرِ:
وإِليك نَسْعَى ونَحْفِدُ ، أي نسرع في الطاعة

وقد تكرر هذا المعنى في كتب التفسير وكتب أهل اللغة.
قال ابن عطية "ولا خلاف أن معنى الحفد الخدمة والبر والمشي مسرعا في الطاعة"

قال ابن جرير في تفسيره: " وإذ كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنّهم المسرعون في خدمة الرّجل المتخفّفون فيها، وكان اللّه تعالى ذكره أخبرنا أنّ ممّا أنعم به علينا أن جعل لنا حفدةً تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الّذين يصلحون للخدمة منّا ومن غيرنا، وأختاننا الّذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا، وخدمنا من مماليكنا، إذا كانوا يحفدوننا فيستحقّون اسم حفدةً، ولم يكن اللّه تعالى دلّ بظاهر تنزيله ولا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ولا بحجّة عقلٍ، على أنّه عنى بذلك نوعًا من الحفدة دون نوعٍ منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجّه ذلك إلى خاصٍّ من الحفدة دون عامٍ، إلاّ ما اجمعت الأمّة عليه أنّه غير داخلٍ فيهم.
وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال الّتي ذكرنا عمّن ذكرنا وجهٌ في الصّحّة، ومخرجٌ في التّأويل، وإن كان أولى بالصّواب من القول ما اخترنا لما بيّنّا من الدّليل"
وكان قبل ذلك ذكر أن الصواب أن الله امتن على عباده بأن جعل لهم من أزواجهم بنين وحفدة بمعنى أن الحفدة من الأزواج

2. وذكر بعضهم،ومنهم ابن عطية وابن كثير والزمخشري والنحاس والسمين الحلبي والطيبي، وأبو حيان ، أن المعنى مرتبط بالموقع الإعرابي للكلمة:

- فإذا كان قوله {حفدة} معطوف على بنين ومقيد بأنه من الأزواج، وهو مغايير للبنين، يعني جعل لكم من أزواجكم بنين وجعل لكم أيضا من أزواجكم حفدة، فالمعنى إما أن يقتصر على أولاد الأولاد، أو يشمل أولاد الأولاد والأصهار وأولاد الزوجة لأنهم غالبا يكونون تحت كنف الرجل وفي خدمته

- وإذا كان قوله {حفدة} من باب عطف الصفات لموصوف واحد أي: جَعَلَ لكم بنينَ خَدَماً، والحَفَدَةُ: الخَدَمُ ، كقوله سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً كأنه قيل: وجعل لكم منهنّ أولاداً هم بنون وهم حافدون، أى جامعون بين الأمرين مِنَ الطَّيِّباتِ، ذكره

- وإذا كان قوله {حفدة} منقطع عما قبله ولا علاقة له بالأزواج، ومنصوب بجعل مقدرة، يعني جعل لكم من أزواجكم بنين وجعل لكم حفدة أي أعوانا أو أصهارا لأنهم ليسوا من الأزواج


3. وذكر ابن عطية وجها ثالثا هو:
أن {مِنْ أَزْواجِكُمْ} إنما هو على العموم والاشتراك، أي من أزواج البشر جعل الله لهم البنين، ومنهم جعل الخدمة، لأن البشر لا يستغني أحد منهم عن الخدمة .

الترجيح :
رجح صاحب أضواء البيان أن الحفدة هم أبناء الأبناء، وقال : وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ: أَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا أَنْ يَكُونَ فِي نَفْسِ الْآيَةِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِي الْآيَة
وذكر أن القرينة هنا أنه قال {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة }ففيها دليل ظاهر على اشتراك البنين والحفدة في كونهم من أزواجهم وهو دليل على أنهم كلهم من أولاد أزواجهم

وقال " وَدَعْوَى أَنَّ قَوْلَهُ: «وَحَفَدَةً» مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: {أَزْوَاجًا}، غَيْرُ ظَاهِرَةٍ. كَمَا أَنَّ دَعْوَى أَنَّهُمُ الْأَخْتَانُ، وَأَنَّ الْأَخْتَانَ أَزْوَاجُ بَنَاتِهِمْ، وَبَنَاتُهُمْ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ كُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ. وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ هُوَ مَا ذُكِرَ، "

وقال" وَمَعْلُومٌ: أَنَّ أَوْلَادَ الرَّجُلِ، وَأَوْلَادَ أَوْلَادِهِ: مِنْ خَدَمِهِ الْمُسْرِعِينَ فِي خِدْمَتِهِ عَادَةً."

وهذا القول هو اختيار ابن العربي والقرطبي وغيرهم ولم يذكر ابن عاشور غيره

والله أعلم

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 9 ربيع الثاني 1439هـ/27-12-2017م, 09:01 PM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ماهر غازي القسي

إعراب قوله تعالى ( إن هذان لساحران )
القول الأول : إن هذان لساحران قراءة حفص عن عاصم " إن هذان " بتخفيف النونين , على قولك: إن زيد لمنطلق. واللام هي الفارقة بين إن النافية والمخففة من الثقيلة.
قول الذين يخففون ورفعون وهي موافقة لخط المصحف وسالمة من مخالفة الإعراب فيكون معناها ( ما هذان إلا ساحران )
قال أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري : وأمّا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ فَمَنْ خفّف فهو بلغة الذين يخفِّفون ويرفعون، فذلك وَجْهٌ،
قال الفراء : وقرأ بعضهم {إن هذان لساحران} خفيفة
- قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ وقرأها قومٌ على تخفيف نون " إن " وإسكانها وهو يجوز لأنهم قد أدخلوا اللام في الابتداء وهي فضل، قال:
أم الحليس لعجوزٌ شهربه وزعم قومٌ أنه لا يجوز لأنه إذا خفف نون " إن " فلا بد له من أن يدخل إلا فيقول: إن هذان إلا ساحران


القول الثاني (إنَّ هذان لساحران )
- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ ( إنّ هذان ) بتشديد إنّ وبالألف في هذان، وقالوا: قرأنا ذلك كذلك اتباعا لخط المصحف.

القول الثالث : إنْ هذانِّ لساحران قرأ بها ابن كثير

القول الرابع : ( أن وبدون اللام ) قرأ عبد الله بن مسعود بفتح الألف وجزم نونه [ و ] ساحران بغير لام
- قال الفراء : وفي قراءة عبد الله: (وأسروا النجوى أن هذان ساحران)
- قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ وفي مصحف عبد الله: (وأسرّوا النّجوى أن هذان ساحران) منصوبة بالألف يجعل (أن هذان) تبيينا للنجوى)

القول الخامس : إن هذين لساحران قراءة ( أبو عمرو وعيسى ويونس )
- قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّ هذان لساحران} قال أبو عمرو وعيسى ويونس " إنّ هذين لساحران " في اللفظ وكتب " هذان " كما يزيدون وينقصون في الكتاب واللفظ صواب،
- قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ : على أنَّ القراءَ قد اختلفوا في قراءة هذا الحرف: فقرأه أبو عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر: «إنّ هذين لساحران» وذهبا إلى أنه غلط من الكاتب كما قالت عائشة. واحتج أبو عمرو وعيسى على ذلك بما روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها سئلت عن قوله : ( إن هذان لساحران ) وعن قوله : ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى ) [ المائدة : 69 ] في المائدة ، وعن قوله : ( لكن الراسخون في العلم منهم ) إلى قوله ( والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة ) [ النساء : 162 ] فقالت : يا ابن أخي هذا خطأ من الكاتب ، وروي عن عثمان أنه نظر في المصحف فقال : أرى فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها ، وعن أبي عمرو أنه قال : إني لأستحيي أن أقرأ : ( إن هذان لساحران ) .

ترجيح الطبري
- قال أبو جعفرٍ: والصّواب من القراءة في ذلك عندنا: " إنّ " بتشديد نونها، وهذان بالألف لإجماع الحجّة من القرّاء عليه، وأنّه كذلك هو في خطّ المصحف. ووجهه إذا قرئ كذلك مشابهته الّذين إذ زادوا على الّذي النّون، وأقرّ في جميع أحوال الإعراب على حالةٍ واحدةٍ، فكذلك {إن هذان} زيدت على هذا نونٌ وأقرّ في جميع أحوال الإعراب على حالٍ واحدةٍ، وهي لغة الحارث بن كعبٍ، وخثعمٍ، وزبيدٍ، ومن وليهم من قبائل اليمن.

ترجيح الزجاج
- قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ
والذي يلي هذه في الجودة مذهب بني كنانة في ترك ألف التثنية على هيئة واحدة، لأن حق الألف أن تدل على الاثنين، وكان حقها ألا تتغيّر كما لم تتغير ألف رحى وعضى، ولكن كان نقلها إلى الياء في النصب والخفض أبين وأفضل للتمييز بين المرفوع والمنصوب والمجرور.
فأمّا قراءة عيسى بن عمر وأبي عمرو بن العلاء فلا أجيزها لأنها خلاف المصحف، وكل ما وجدته إلى موافقة المصحف أقرب لم أجز مخالفته، لأن اتباعه سنة.
وما عليه أكثر القراء، ولكني أستحسن {إن هذان لساحران} بتخفيف (إن) وفيه إمامان: عاصم والخليل، وموافقة أبيّ في المعنى وأن خالفه اللفظ، ويستحسن أيضا (إنّ هذان) بالتشديد، لأنه مذهب أكثر القراء، وبه يقرأ وهو قوي في العربية.

أصح القراءات الوجوه الثلاثة الأول
قال أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (المتوفى: 756هـ) :قوله: {إِنْ هذان} : اختلف القُرَّاءُ في هذه الآيةِ الكريمة: فقرأ ابن كثيرٍ وحدَه «إنْ هذانِّ» بتخفيف إنْ، والألفِ، وتشديدِ النون. وحفصٌ كذلك إلاَّ أنه خَفَّف نونَ «هذانٍ» . وقرأ أبو عمرو «إنَّ» بالتشديد «هذين» بالياء وتخفيفِ النون. والباقون كذلك إلاَّ أنهم قَرَؤوا/ «هذان» بالألف.
= = فأَمَّا القراءةُ الأولى وهي قراءةُ ابنِ كثير وحفص فأوضحُ القراءاتِ معنىً ولفظاً وخَطَّاً؛ وذلك أنهما جعلا «إنْ» المخففةَ من الثقيلة فَأُهْمِلَتْ، ولَمَّا أُهْمِلَتْ كما هو الأفصحُ مِنْ وجهيها خِيْفَ التباسُها بالنافية فجيء باللامِ فارقةً في الخبر. ف «هذان» مبتدأٌ، و «لَساحران» خبرُه، ووافَقَتْ خَطَّ المصحفِ؛ فإن الرسم «هذن» بدونِ ألفٍ ولا ياءٍ وسيأتي بيانُ ذلك.
ماهذان إلا ساحران قول الفراهيدي وأبي بن كعب
على جعل ( إن ) للجحود واللام بمعنى إلا
- قال أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري : ومنهم مَنْ يجعل اللاّم في موضع (إلاّ) ، ويجعل (إنْ) جَحْداً، على تفسير: ما هذان إلاّ ساحرانِ، وقال الشّاعر:
أَمْسَى أبانُ ذليلاً بَعْدَ عزّته ... وإن أبانُ لَمِنْ أَعْلاجِ سوراء «69»
- قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ وقرأ بعضهم: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} اعتباراً بقراءة أُبيّ لأنها في مصحفه: «إن ذان إلا ساحران»

= = وأمَّا تشديدُ نونِ «هذان» فعلى ما تقدَّم في سورةِ النساءِ، وقد أَتْقَنتُ ذلك هناك. وأمَّا الكوفيون فيزعمون أنَّ «إنْ» نافيةٌ بمعنى ما، واللامُ بمعنى إلاَّ، وهو خلافٌ مشهورٌ وقد وافقَ تخريجُهم هنا قراءةَ بعضِهم «ما هذانِ إلاَّ ساحران» .

قال محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ) وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ الْقُرَّاء المعتبرين قرأوا بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ من قَوْله «هاذان» مَا عَدَا أَبَا عَمْرٍو مِنَ الْعَشَرَةِ وَمَا عَدَا الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنَ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ. وَذَلِكَ يُوجِبُ الْيَقِينَ بِأَنَّ إِثْبَاتَ الْأَلِفِ فِي لَفْظِ (هَذَانِ) أَكْثَرُ تَوَاتُرًا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَيْفِيَّةِ النُّطْقِ بِكَلِمَةِ (إِنَّ) مُشَدَّدَةً أَوْ مُخَفَّفَةً، وَأَنَّ أَكْثَرَ مَشْهُورِ الْقِرَاءَاتِ الْمُتَوَاتِرَةِ قَرَأُوا- بِتَشْدِيدِ نُونِ- (أَنَّ) مَا عَدَا ابْنَ كَثِيرٍ وَحَفْصًا عَنْ عَاصِمٍ فَهُمَا قَرَءَا (أَنْ) - بِسُكُونِ النُّونِ- عَلَى أَنَّهَا مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ.
وَإِنَّ الْمُصْحَفَ الْإِمَامَ مَا رَسَمُوهُ إِلَّا اتِّبَاعًا لِأَشْهَرِ الْقِرَاءَاتِ الْمَسْمُوعَةِ الْمَرْوِيَّةِ مِنْ زَمَنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُرَّاءِ أَصْحَابِهِ، فَإِنَّ حِفْظَ الْقُرْآنِ فِي صُدُورِ الْقُرَّاءِ أَقْدَمُ مِنْ كِتَابَتِهِ فِي الْمَصَاحِفِ، وَمَا كُتِبَ فِي أُصُولِ الْمَصَاحِفِ إِلَّا مِنْ حِفْظِ الْكَاتِبِينَ، وَمَا كُتِبَ الْمُصْحَفُ الْإِمَامُ إِلَّا مِنْ مَجْمُوعِ مَحْفُوظِ الْحُفَّاظِ وَمَا كَتَبَهُ كُتَّابُ الْوَحْيِ فِي مُدَّةِ نُزُولِ الْوَحْيِ.
فَأَمَّا قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ إِنْ هذانِ لَساحِرانِ- بِتَشْدِيدِ نُونِ- (إِنَّ) وَبِالْأَلِفِ فِي هذانِ وَكَذَلِكَ فِي لَساحِرانِ،

وجوه تصحيح القراءات المتواترة
: أحدها : أنه لما كان نقل هذه القراءة في الشهرة كنقل جميع القرآن فلو حكمنا ببطلانها جاز مثله في جميع القرآن وذلك يفضي إلى القدح في التواتر وإلى القدح في كل القرآن وأنه باطل ، وإذا ثبت ذلك امتنع صيرورته معارضا بخبر الواحد المنقول عن بعض الصحابة .
وثانيها : أن المسلمين أجمعوا على أن ما بين الدفتين كلام الله تعالى وكلام الله تعالى لا يجوز أن يكون لحنا وغلطا فثبت فساد ما نقل عن عثمان وعائشة رضي الله عنهما أن فيه لحنا وغلطا .
وثالثها : قال ابن الأنباري : إن الصحابة هم الأئمة والقدوة فلو وجدوا في المصحف لحنا لما فوضوا إصلاحه إلى غيرهم من بعدهم مع تحذيرهم من الابتداع وترغيبهم في الاتباع ، حتى قال بعضهم : اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم
فثبت أنه لا بد من تصحيح القراءة المشهورة .

وترجيح القراءة المتواترة كالتالي
واختلف النحويون فيه وذكروا وجوها :
الوجه الأول : وهو الأقوى أن هذه لغة لبعض العرب وقال بعضهم هي لغة بلحارث بن كعب ، والزجاج نسبها إلى كنانة ، وقطرب نسبها إلى بلحارث بن كعب ومراد وخثعم وبعض بني عذرة ، ونسبها ابن جني إلى بعض بني ربيعة أيضا وأنشد الفراء على هذه اللغة : فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى مساغا لناباه الشجاع لصمما وأنشد غيره : تزود منا بين أذناه ضربة دعته إلى هابي التراب عقيم قال الفراء : وحكى بعض بني أسد أنه قال هذا خط يدا أخي أعرفه .
وقال قطرب هؤلاء يقولون : رأيت رجلان واشتريت ثوبان ، قال رجل من بني ضبة جاهلي : أعرف منها الجيد والعينانا ومنخرين أشبها ظبيانا وقوله : ومنخرين على اللغة الفاشية ، وما وراء ذلك على لغة هؤلاء .
وقال آخر : طاروا علاهن فطر علاها واشدد بمثنى حقب حقواها وقال آخر : كأن صريف ناباه إذا ما أمرهما صرير الأخطبان قال بعضهم : الأخطبان ذكر الصردان ، فصيرهما واحدا فبقي الاستدلال بقوله : صريف ناباه ، قال : وأنشدني يونس لبعض بني الحارث : كأن يمينا سحبل ومصيفه مراق دم لن يبرح الدهر ثاويا وأنشدوا أيضا : إن أباها وأبا أباها قد بلغا في المجد غايتاها وقال ابن جني روينا عن قطرب : هناك أن تبكي بشعشعان رحب الفؤاد طائل اليدان ثم قال الفراء وذلك وإن كان قليلا أقيس لأن ما قبل حرف التثنية مفتوح ، فينبغي أن يكون ما بعده ألفا ، ولو كان ما بعده ياء ينبغي أن تنقلب ألفا لانفتاح ما قبلها ، وقطرب ذكر أنهم يفعلون ذلك فرارا إلى الألف التي هي أخف حروف المد .
هذا أقوى الوجوه في هذه الآية ويمكن أن يقال أيضا : الألف في هذا من جوهر الكلمة ، والحرف الذي يكون من جوهر الكلمة لا يجوز تغييره بسبب التثنية والجمع ؛ لأن ما بالذات لا يزول بالعرض فهذا الدليل يقتضي أن لا يجوز أن يقال : " إن هذين " فلما جوزناه فلا أقل من أن يجوز معه أن يقال : إن هذان .
- قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ : {إن هذان لساحران} خفيفة في معنى ثقيلة. وهي لغة لقوم يرفعون ويدخلون اللام ليفرقوا بينها وبين التي تكون في معنى "ما" ونقرؤها ثقيلة وهي لغة لبني الحارث بن كعب.
- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ واختلف أهل العربية في وجه ذلك إذا قرئ كذلك فكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يقول: " إن " خفيفةٌ في معنى ثقيلةٍ، وهي لغة لقومٍ يرفعون بها، ويدخلون اللاّم ليفرّقوا بينها وبين الّتي تكون في معنى ما.

الوجه الثاني في الجواب أن يقال : إن ههنا بمعنى نعم ، قال الشاعر : ويقلن شيب قد علا ك وقد كبرت فقلت إنه أي فقلت : نعم ، فالهاء في " إنه " هاء السكت كما في قوله تعالى : ( هلك عني سلطانيه )
- قال أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري : ويقال: [تكون] (إنّ) في مَوْضع (أَجَلْ) فيكسِرونَ ويثقلون، فإِذا وقفوا في هذا المعنى قالوا: إنّهْ.. تكون الهاء صلةً في الوقوف، وتَسْقط [الهاء] إذا صرفوا وبلغنا عن عبدِ اللَّه بنِ الزُّبَيْر أن أعرابيّاً أتاه فسأله فحرمه، فقال: لعن اللَّه ناقةً حملتني إليك، فقال ابنُ الزُّبير: إنّ وراكِبَها ، أي: أَجَلْ
- قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ قال بشر بن هلال " إنّ " بمعنى الابتداء والإيجاب، ألا ترى أنها تعمل فيما يليها ولا تعمل فيما بعد الذي بعدها فترفع الخبر ولا تنصبه كما تنصب الاسم فكان مجازه " إنّ هذان لساحران مجاز كلامين، مخرجه: إنه أي نعم، ثم قلت: هذان ساحران، ألا ترى أنهم يرفعون المشرك كقوله:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله فــــإنــــيّ وقــــيّـــــارٌ بــــهـــــا لـــغـــريـــب
وقوله:
إنّ شرخ الشّباب والشّعر الأسود مـــــــــا لـــــــــم يــــعـــــاص كـــــــــان جـــنـــونـــا
وقوله:
إنّ الـســيــوف غــدوّهـــا ورواحـــهـــا تركت هوزان مثل قرن الأعضب
ويقول بعضهم " إنّ الله وملائكته يصلون على النّبي " فيرفعون ملائكته على شركة الابتداء ولا يعملون فيها " إن "، وقال سمعت الفصحاء من المحرمين يقولون: إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك له.
واعترضوا عليه فقالوا : اللام لا تدخل في الخبر على الاستحسان إلا إذا كانت " إن " داخلة في المبتدأ ، فأما إذا لم تدخل " إن " على المبتدأ فمحل اللام المبتدأ إذ يقال : لزيد أعلم من عمرو ، ولا يقال : زيد لأعلم من عمرو ، وأجابوا عن هذا الاعتراض من وجهين : الأول : لا نسلم أن اللام لا يحسن دخولها على الخبر والدليل عليه قوله
خالي لأنت ومن جرير خاله ينـل العـلاء ويكـرم الأخــوالا
وأنشدوا أيضا:
أمّ الـحـلـيــس لــعــجــوز شــهــربــه ترضى من الشاة بعظم الرّقبه
قالوا: المعنى لأنت خالي، والمعنى لأم الحليس عجوز.

الوجه الثاني : في الجواب عن قولهم : اللام لا يحسن دخولها على الخبر إلا إذا دخلت كلمة " إن " على المبتدأ كما ذكره الزجاج فقال
والذي عندي - واللّه أعلم - وكنت عرضته على عالمينا - محمد بن يزيد وعلى إسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد القاضي فقبلاه وذكرا أنّه أجود ما سمعاه في هذا، وهو " أنّ) قد وقعت موقع " نعم "، وأن اللام وقعت موقعها، وأن المعنى هذان لهما ساحران.


رد من قال بأن في القرآن لحناً

- قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): وأما ما تعلَّقوا به من حديث عائشة رضي الله عنها في غَلَطِ الكاتب، وحديث عثمان رضي الله عنه: أرى فيه لَحْناً- فقد تكلم النحويون في هذه الحروف، واعتلُّوا لكلِّ حرف منها
- قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: قد اختلف فيه القراء فقال بعضهم: هو لحن ولكنا نمضي عليه لئلاّ نخالف الكتاب. ... حدثني أبو معاوية الضرير، عن هاشم بن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة أنها سئلت عن قوله في النساء {لكن الراسخون في العلم منهم .... والمقيمين الصلاة} وعن قوله في المائدة {إن الذين آمنوا والّذين هادوا والصّابئون} وعن قوله: {إنّ هذان لساحران} فقالت: يا ابن أخي هذا كان خطأ من الكاتب. وقرأ أبو عمرو {إنّ هذين لساحران} واحتجّ أنه بلغه عن بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن في المصحف لحناً وستقيمه العرب.
... ولست أشتهي على (أن أخالف الكتاب )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ وكان عاصم الجحدريّ يكتب هذه الأحرف الثلاثة في مصحفه على مثالها في الإمام، فإذا قرأها، قرأ: «إنَّ هذين لساحران»، وقرأ {المقيمون الصلاة}،
وقرأ {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ}.
وكان يقرأ أيضا في سورة البقرة: {والصابرون فى البأساء والضراء} ويكتبها: الصابرين.
وإنما فرق بين القراءة والكتاب لقول عثمان رحمة الله: أرى فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها فأقامه بلسانه، وترك الرسم على حاله.
وكان الحجَّاجُ وكَّلَ عاصماً وناجِيَةَ بنَ رُمْحٍ وعليَّ بنَ أصمعَ بتَتَبُّعِ المصاحفِ، وأمرهم أن يقطعوا كل مصحف وجدوه مخالفاً لمصحف عثمان، ويعطوا صاحبه ستين درهماً.
خبّرني بذلك أبو حاتم عن الأصمعيِّ قال: وفي ذلك يقول الشاعر:
وإلا رســـومُ الـــدّار قـفــراً كـأنّـهــاكتابٌ مَحَاهُ البَاهليُّ بنُ أَصْمَعَا

وهذا القول مردود جملة وتفصيلاً
قال محمد الطاهر بن عاشور : وَنُزُولُ الْقُرْآنِ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ الْفَصِيحَةِ فِي الِاسْتِعْمَالِ ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوبِ إِعْجَازِهِ لِتَجْرِيَ تَرَاكِيبُهُ عَلَى أَفَانِينَ مُخْتَلِفَةِ الْمَعَانِي مُتَّحِدَةِ الْمَقْصُودِ. فَلَا الْتِفَاتَ إِلَى مَا رُوِيَ مِنِ ادِّعَاءِ أَنَّ كِتَابَةَ «إِنَّ هَاذَانِ» خَطَأٌ مِنْ كَاتِبِ الْمُصْحَفِ، وَرِوَايَتِهِمْ ذَلِكَ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ
عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ سَنَدٌ صَحِيحٌ. حَسِبُوا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَخَذُوا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ مِنَ الْمَصَاحِفِ وَهَذَا تَغَفُّلٌ، فَإِنَّ الْمُصْحَفَ مَا كُتِبَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ قَرَأَ الْمُسْلِمُونَ الْقُرْآنَ نَيِّفًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي أَقْطَارِ الْإِسْلَامِ، وَمَا كُتِبَتِ الْمَصَاحِفُ إِلَّا مِنْ حِفْظِ الْحُفَّاظِ، وَمَا أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ الْقُرْآنَ إِلَّا مِنْ أَفْوَاهِ حُفَّاظِهِ قَبْلَ أَنْ تُكْتَبَ الْمَصَاحِفُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ فَلَوْ كَانَ فِي بَعْضِهَا خَطَأٌ فِي الْخَطِّ لَمَا تَبِعَهُ الْقُرَّاءُ، وَلَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا تُرِكَ مِنَ الْأَلِفَاتِ فِي كَلِمَاتٍ كَثِيرَةٍ وَبِمَنْزِلَةِ كِتَابَةِ أَلِفِ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَيَاةِ، وَالرِّبَا- بِالْوَاوِ- فِي مَوْضِعِ الْألف وَمَا قرأوها إِلَّا بِأَلِفَاتِهَا.

الخلاصة من هذا البحث
أن القراءات المتواترة هي
إن هذان لساحران
إنَّ هذان لساحران
إن هذانِّ لساحران

والقراءات المردودة
إن هذين لساحران
أن هذان ساحران
ما ذان إلا ساحران
في القرآن لحناً بمعنى أنه يكتب كما هو ويقرأ ( هذين )
ويعلم الله أن هذا الجهد المتواضع بذلت فيه وسعي كما أعلم أيضاً أني لم أوف البحث حقه ولكن هذا ما استطعت إليه سبيلا

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 جمادى الأولى 1439هـ/30-01-2018م, 11:50 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

ملحوظات عامة:
1. الأقوال المروية عن السلف يُعتنى بتخريجها بذكر أصل الإسناد.
2. الأقوال المروية عن علماء اللغة المتقدمين الذين ليس لهم كتب مطبوعة يُذكر من نسبها إليهم.
3. إذا خُرّج القول بذكر من رواه من أصحاب الكتب المسندة؛ فلا حاجة لتكرار ذكر من ذكره من أصحاب الكتب غير المسندة؛ إلا إذا كان لذلك فائدة إضافية بتصحيح أو تضعيف أو بيان علة.
4. أكثر التطبيقات تدلّ على جهد كبير مبذول ، وأرجو أن تتقوى تلك البحوث وتزدان إذا روعيت الملحوظات المتقدمة، لأن أمر نسبة الأقوال في بحث المسائل التفسيرية مهمّ جداً.

نورة الأمير: ج+
- راجعي الملحوظات العامة.
قولك: (قال به بعض اللغويين كالأسلمي)
من هو الأسلمي؟ ومن الذي ذكره عنه.
- إذا ذكر عن رجل واحد أقوال متعددة في المسألة فلا يقال لكل واحد منها هو قول فلان؛ وإنما يقال أحد أقواله، وإنما يصحّ أن يقال لأحدها أنه قوله إذا تبين للباحث صحته عنه وعدم صحة بقية الأقوال؛ فحينئذ يسوغ له أن يقول عن ذلك القول: هو قول فلان.

قولك: (القول الثالث والعشرون: أنه شيءٌ في جَهَنَّمَ، أَمَرُّ من الصَّبِرِ، وأنْتَنُ من الجِيفَةِ)
من قال بهذا القول؟

قولك: (فإما أن يكون حجرا أو شبرقا, أو سلاء أو عوسجا, لا بد من الاختيار بينها, فليست مما يجمع بينه, بل هي متعارضة).
المشترك اللفظي يصحّ أن يطلق على معانٍ متعددة؛ والعبرة بثبوت إطلاق ذلك اللفظ على المعنى المعيّن؛ فإذا ثبت في اللغة فهو إطلاق لغوي صحيح، ولو كان للفظة الواحدة عشرين معنى، ويؤخذ منها في التفسير بما يحتمله السياق بشرط أن لا يخالف دليلاً أقوى منه.

- أحسنت في ردّ بعض الأقوال الخاطئة.

- الضريع على وزن "فعيل"، و"فعيل" يأتي على معنى الفاعل وعلى معنى المفعول؛ فيحتمل أن يراد به أن ذلك الطعام موصوف بالضراعة وهو وصف رداءة للطعام، ويحتمل أن يراد به أنه يصيب آكله بالضراعة والضعف والذلّ.

علاء عبد الفتاح: هـ
- راجع الملحوظات العامة.

- قولك: (-أما قول ابن عباس:
فرواه الطبري عن محمد بن سعد عن آبائه عنه، ورواه عن علي عنه).
من هو عليّ هذا؟

قولك: (قيل أنه)
يجب كسر همزة إن بعد القول.

قولك: (قيل أنه يطلق على نبات العرفج أو العوسج إن كان رطبا، وقيل إن كان يابسا، وهو في الآخرة يكون من نار.
وهو قول أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ)، وغُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ)،
وقد ذكر ابن عطية أنه قول بعض اللغويين، وذكره أبو منصور الأزهري عن ثعلب، وأبو منظور الإفريقي والزبيدي)
جمع أقوال متعددة في قول واحد ثم نسبته لجماعة من العلماء طريقة خاطئة في البحث العلمي، وينبغي أن لا ينسب لعالم إلا القول الذي قال به.

قولك: (القول الثالث: أنه نبات يلقيه البحر أخضر منتنٌ مجوّفٌ مستطيلٌ، له نورٌ فيه كبيرٌ، وقد روي القول عن ابن عباس)
ثم قلت: (-وأما المروي عن ابن عباس: فذكره أبو إسحاق الثعلبي عن عطاء عن ابن عباس).
أين روى الثعلبي هذا عن ابن عباس؟
وما نصّ روايته؟

قولك: (وأما القول الثامن بأنه الحجارة: فالذي يظهر لي أنه قياس فقط على قوله تعالى في وصف النار: "وقودها الناس والحجارة"، وليس هو المراد هنا لان الحجارة هي وقود للنار، وأما الضريع فهو وقود لأهل النار).
إنك لجرئ على التعليل، وهذا الذي ظهر لك ظاهر الخطأ فهذا القول قد صحّ عن سعيد بن جبير وما كان ليخفى عليه الفرق بين الوقود والطعام؛ وقد روى القول عنه ابن جرير في تفسيره من طريق يحيى بن اليمان عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع} قال: الحجارة.
وسعيد بن جبير من أهل عصر الاحتجاج اللغوي، وعالم بالتفسير، وهو أسديّ بالولاء؛ فقد يعرف من لغة بني أسد ما لا يستعمل في الحجاز،
واللفظ إذا صحّ إطلاقه لغة على أكثر من معنى فهو مشترك لفظي.

آمل منك إعادة التطبيق وتصويب الملحوظات؛ فقد بذلت في بحثك جهداً كبيراً ينبغي أن تظهره في أحسن ما يمكن وأن تتجنّب أخطاء العزو والتخريج والدراسة.


سارة المشري: ج

قولك: (وهو الخِفّة في العمل والخِدمة ، وفي سورة القُنوت: ( وإليك نَسعَى ونحفد ) أي نخفّ في مَرْضاتك.
وقول الله- عز وجل-: بَنِينَ وَحَفَدَةً يعني البنات [و] هنَّ خَدَم الأبَوَيْن في البيت ، وعند العَرَب الحَفَدة الخَدَم ) .
القول بأنّ الحفدة البنات قول مستقلّ.

قولك: (- وأما قول أبي مالك فقد رواه ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور).
بعض هذه الكتب مطبوعة وكان الأولى الرجوع إليها.

- نقل حكم الأئمة على الأسانيد مهم إن تيسّر ، وقد صحح ابن حجر بعض ما ذكرت من الروايات وكان الأولى ذكره.
- في المسألة أقوال أخرى لم تذكر.


ضحى الحقيل: أ
- أحسنت في تصنيف الأقوال ونسبتها إلى قائليها.
- راجعي الملحوظات العامة.
- التخريجات فيها نقص.
- قولك: (أما قول أبي مالك فقد رواه ابن جرير ، وذكره السيوطي عن ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم)
مصنف ابن أبي شيبة مطبوع وكان الأولى الرجوع إليه ومعرفة الطريق.

قولك: ( ذكره الزجاج، وابن عطية، والخليل بن أحمد، والنحاس، وابن سيده، وابن منظور).
الخليل بن أحمد متقدم عليهم، وهو أوّل من عرف عنه هذا القول، وله تخريج لغوي وهو المقابلة بين الاسم والصفة فالبنين ذكروا بالاسم الدالّ عليهم في اللغة والبنات ذُكرن بالوصف الذي يُعرفن به، والتقدير وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات.
وتقديم المتقدم له فوائد لأنه قد يعرّف بمن أخذ عنه هذا القول.


ماهر القسي: هـ
- في البحث خلط بين القراءات والإعراب؛ والأولى أن تذكر القراءات أولاً ، ثم تبحث ما أشكل إعرابه فقط.
- راجع ما يتعلق بهذه المسألة في دورة "جمع القرآن".
- القراءات المتواترة لا يُرجّح بينها من حيث الثبوت والأولوية؛ فهي قراءات واجبة القبول، وكلام العلماء الذين ذكرت ترجيحاتهم في مسائل القراءات إنما كان قبل استقرار معرفة القراءات السبع والعشر .
- لشيخ الإسلام رسالة في هذه المسألة من المهمّ الاطلاع عليها.
- لخّص الزجاج بحث هذه المسألة في تفسيره، والرجوع إليه مهم.


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 23 جمادى الآخرة 1439هـ/10-03-2018م, 05:01 PM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إعادة التطبيق الثامن من دورة مهارات التفسير

المثال الأول: تحرير القول في المراد بالضريع في قوله تعالى: "ليس لهم طعام إلا من ضريع".

اختلف العلماء في المراد بالضريع على أقوال:
القول الأول:

هو نبت ذات شوك يقال له الشبرق تسميه العرب الضريع إذا يبس، ويكون يوم القيامة شوك من نار.
وهذا القول متحصل من الأثار التي وجدتها عن جماعة من السلف منهم ابن عباس، وعكرمة، وقتادة، وعطاء، ومجاهد، وابن زيد، وأبي الجوزاء،
ويحيى بن زياد الفراء، وأبو عبيدة معمر بن المثني التيمي، والزجاج، ومَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ
وعبد الله بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ)، و أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)، وابن منظور الإفريقي، والزبيدي.

-فقد روى ابن جرير عن ابنُ زيدٍ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا من ضَرِيعٍ} قالَ: الضريعُ: الشوكُ من النارِ. قالَ: وأمَّا في الدنيا فإنَّ الضريعَ: الشوكُ اليابسُ الذي ليسَ له ورقٌ، تدعوهُ العربُ الضريعَ، وهو في الآخرةِ شوكٌ من نارٍ).
-وقال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (ويقال: الضّريع: نبتٌ يقال له الشّبرق، يسمّيه أهل الحجاز: الضّريع إذا يبس، وهو سمٌّ). [صحيح البخاري: 6 / 168]
- قال القرطبي: عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ. إِلَّا أَنَّ الضَّحَّاكَ رَوَى عن ابن عباس قال: هو شي يَرْمِي بِهِ الْبَحْرُ، يُسَمَّى الضَّرِيعَ، مِنْ أَقْوَاتِ الانعام
وقال أيضا: وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ نَبْتٌ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إِذَا ذَوَى ... وَعَادَ ضَرِيعًا بَانَ مِنْهُ «2» النَّحَائِصُ
وقال: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ شَجَرٌ ذُو شَوْكٍ حَسَبَ مَا هُوَ فِي الدُّنْيَا.
- عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ قَالَ: الضَّرِيعُ السُّلَمُ، وَهُوَ الشَّوْكُ، وَكَيْفَ يَسْمَنُ مَنْ كَانَ طَعَامَهُ الشَّوْكُ
= وقد ذكر أبو إسحاق الثعلبي أنه روي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّا من النار» سمّاه النبيّ ضريعا،

التخريج
-أما قول ابن عباس:
فرواه الطبري عن محمد بن سعد عن آبائه عنه، ورواه عن علي بن أبي طلحة عنه،
و "علي" لم يسمه الطبري وإنما وجدته عند ابن كثير.
-وأما قول عكرمة:
فرواه الطبري عن نجدةُ، رجلٌ من عبدِ القيسِ.
-أما قول قتادة:
فرواه عبد الرزاق، والطبري؛ عن معمر عنه
-وأما قول مجاهد:
فرواه الطبري عن ليث عنه
-وأما قول عطاء:
فرواه مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ) عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني
-وأما قول ابن زيد:
فرواه الطبري عن ابن وهب عنه
-وأما قول أبي الجوزاء:
فرواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
------------------------------------------------------------------
القول الثاني:

قيل إنه يطلق على نبات العرفج إذا يبس.
وقد ذكر هذا القول أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ)،
وذكر أيضاً ابن عطية أنه قول بعض اللغويين،
وذكره أبو منظور الإفريقي والزبيدي.

= قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال الأسلمي: الضَّرِيع، ضَرِيع العرفج: إذا لم يكن فيه نبات ولم يمت).
=قال الزبيدي في تاج العروس: قَالَ ابْن عَبّادٍ: الضَّريعُ: يَبيسُ كلِّ شَجرَةٍ، وخَصَّه بعضُهُم بيبيسِ العَرْفَجِ والخُلَّةِ.

------------------------------------------------------------------
القول الثالث:
قيل أنه نبات العوسج الجاف.

ذكر هذا القول أبو منصور الأزهري عن ثعلب، وأبو منظور الإفريقي والزبيدي.
-قال بن منظور في لسان العرب: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الضَّرِيعُ العوْسَجُ الرطْب، فإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسَجٌ، فإِذا زَادَ جُفوفاً فَهُوَ الخَزِيزُ، وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الْكُفَّارَ قَالُوا إِنَّ الضريعَ لتَسْمَنُ عَلَيْهِ إِبلنا، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ. وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ:
فيُغاثون بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ،
وذكره الزبيدي في تاج العروس عن ابن الأعرابي أيضاً.
------------------------------------------------------------------

القول الرابع:

أنه نبات يلقيه البحر المالح يسميه أهل اليمن الضريع

وقد روي هذا القول عن ابن عباس، وذكره ابن عطية في تفسيره عن بعض المفسرين عنه.
وذكره عبد الله بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) وابن منظور الإفريقي.

- قال أبو إسحاق الثعلبي: قال عطاء عن ابن عبّاس: هو شيء يطرحه البحر المالح، يسمّيه أهل اليمن الضريع،
التخريج
-وأما المروي عن ابن عباس:
فذكره أبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان عن عطاء عن ابن عباس.
------------------------------------------------------------------
القول الخامس:
أنه الضريع بمعنى الذل والهوان لأنهم يتذللون قبل أن يأتيهم ويتذللون ليتخلصوا منه بعدما أتاهم.
وهو قول أبو منصور الأزهري،
وذكره الماوردي عن ابن بحر، وذكره ابن الجوزي والقرطبي والثعلبي في الكشف والبيان كلهم عن ابن كيسان، وذكره ابن منظور الإفريقي، وابن فارس في مقاييس اللغة، وابن سيده.

-قال ابن عطية قيل: هو ضريعٌ بمعنى مضرعٍ، أي: مضعفٍ للبدن مهزلٍ، ومنه قول النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في ولدي جعفر بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنهم-:«ما لي أراهما ضارعين». يريد هزيلين.
-قال الثعلبي وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرّع.
-ومثله قوله تعالى: "ادعوا ربكم تضرعاً وخفية".
-قال ابن فارس: (ضَرَعَ) الضَّادُ وَالرَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى لِينٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ ضَرَعَ الرَّجُلُ ضَرَاعَةً، إِذَا ذَلَّ. وَرَجُلٌ ضَرَعٌ. ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ وَعْلَةَ:
أَنَاةً وَحِلْمًا وَانْتِظَارًا بِهِمْ غَدًا ... فَمَا أَنَا بِالْوَانِي وَلَا الضَّرَعِ الْغُمْرِ

وعلى هذا القول يكون المعنى أنهم لا يزدادون إلا ضعفا وعذابا بأكله كما أن الإبل التي تتغذى عليه في الدنيا لا تزداد إلا ضعفا وهزالا فهو لا يسد الجوع ولا تسمن به الدواب إذا أكلته.
------------------------------------------------------------------
القول السادس:
قيل من التضرع وهو: التلوي والاستغاثة،
وقد ذكره أبو منصور الأزهري وابن منظور الإفريقي.

وهذا القول الذي يظهر أنه نتيجة أكل الضريع أن يكون هذا حالهم.
------------------------------------------------------------------
القول السابع:
أنه الزقوم.
وقد ذكر ابن عطية أنه قول الحسن وجماعة من المفسرين، وقال أبو حيان أنه قول الحسين، وذكر ابن كثير أنه قول سعيد ابن جبير.

التخريج
وأما تخريج قول الحسن أو الحسين:
فلم أستطع البحث عنه.
-واما تخريج قول سعيد بن جبير فرواه ابن أبي حاتم في تفسيره.

ووجه هذا القول أنّ اللّه تعالى قد أخبر في هذه الآية أنّ الكفّار لا طعام لهم إلاّ من ضريعٍ، وقد أخبر أنّ الزّقّوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أنّ الضّريع هو الزّقّوم.
وقد يرد على هذا الاقتضاء بأن جماعة من المتأولين ذكروا أن الزّقّوم لطائفةٍ، والضّريع لطائفةٍ، والغسلين لطائفةٍ. وذكر هذا ابن عطية
------------------------------------------------------------------
القول الثامن:
الضريعُ: حجارةُ في النار.
وقال بهذا القول سعيد بن جبير، وروي عن عكرمة

التخريج
-أما قول سعيد بن جبير:
فرواه ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما.
وأما المروي عن عكرمة:
فذكره القرطبي.

وهذا القول لعله مأخوذ من قوله تعالى: "يا أيها الذين أمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة"
------------------------------------------------------------------
القول التاسع:
هو النوى المحروق
ذكره الماوردي عن يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب
------------------------------------------------------------------
القول العاشر:
هو واد في جهنم.
وقد ذكر ابن عطية أنه قال به قوم.
------------------------------------------------------------------
القول الحادي عشر:
الجلدة التي على العظم تحت اللّحم.
وقد ذكر ابن عطية أنه لا يعرف من تأول الآية بهذا.
------------------------------------------------------------------
القول الثاني عشر:
=وقيل هو الشراب الرقيق،
وقد ذكر هذا القول أبو منصور الأزهري.
------------------------------------------------------------------
القول الثالث عشر:
= وقيل إنه السمين ومنه قولهم شاة ضريع أي ذات ضرع عظيم
وقد ذكر هذا القول أبو منصور الأزهري وابن منظور والزبيدي.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

== الدراسة:
أما القول الأول والثاني والثالث والرابع:
تشترك في كونه نبات وهذا عليه قول الجمهور كما قال القرطبي وغيره، ثم بينها اختلاف في تحديده، وفي النار يكون النبات من النار، فالحاصل أن الضريع طعام من النار وهذا بلا شك فيه من العذاب ما فيه فإذا أضيف إليه الشوك والرائحة المنتنة كان هذا أبلغ في العذاب.
وأما القول الخامس والسادس:
فهي بمثابة الوصف لحال أهل النار عند طلبهم للطعام وأنه يكون بتذلل وخضوع ثم إذا جاءهم حصل لهم العذاب والضعف والتلوي، وهنا يستغيثون أن يرفعه الله عنهم.

وهذه الأقوال الستة هي غالب كلام السالف وأهل التفسير واللغة كما هو ظاهر وهي متوافقة مع السياق ومع معنى الآية والتي تليها.


وأما القول السابع بأنه الزقوم:
فالذي يظهر أنه قول للجمع بين قوله تعالى "ليس لهم طعام إلا من ضريع" ، وقوله تعالى: "إن شجرة الزقوم طعام الأثيم"
وهذا الإلزام مبني على عدم تعدد الطعام لهم، وقد رد عليه البعض وقال بأن الطعام متعدد فلكل طائفة طعام فبعضهم له الضريع وبعضهم له الغسلين وبعضهم له الزقوم.
وعلى كل حال فإن هذا القول لا ينافي الأقوال الستة المتقدمة من أنه نبات وأنه من نار وأنا طعام لأهل النار يعذبون به.


وأما الأقوال الباقية:
فلم أجد لها ذكر في اقوال السلف ولا أهل اللغة ولم تنسب إلى معين، وهي مع ذلك بعيدة عن السياق، وإن كان بعضها يصح إطلاقه على الضريع مثل القول الأخير وأن الضريع بمعنى السمين فهذا المعنى صحيح ولكنه لا يناسب السياق هنا فيما يظهر لي والله أعلم.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
= الترجيح:
الذي يترجح لي ويمكن حمل الآية عليه هو أن الضريع نبات ذات شوك وأنه يكون مثله في النار عقاباً لأهلها، وهذا القول يجمع الأقوال من الأول إلى السادس وأما باقي الأقوال فليست مناسبة للسياق فيما يظهر لي وإن كانت صحيحة المعنى.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 9 شوال 1439هـ/22-06-2018م, 02:55 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علاء عبد الفتاح محمد مشاهدة المشاركة
إعادة التطبيق الثامن من دورة مهارات التفسير

المثال الأول: تحرير القول في المراد بالضريع في قوله تعالى: "ليس لهم طعام إلا من ضريع".

اختلف العلماء في المراد بالضريع على أقوال:
القول الأول:

هو نبت ذات شوك يقال له الشبرق تسميه العرب الضريع إذا يبس، ويكون يوم القيامة شوك من نار.
وهذا القول متحصل من الأثار التي وجدتها عن جماعة من السلف منهم ابن عباس، وعكرمة، وقتادة، وعطاء، ومجاهد، وابن زيد، وأبي الجوزاء،
ويحيى بن زياد الفراء، وأبو عبيدة معمر بن المثني التيمي، والزجاج، ومَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ
وعبد الله بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ)، و أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)، وابن منظور الإفريقي، والزبيدي.


[عند ذكر الأقوال نبدأ بذكر أقوال الصحابة رضي الله عنهم ثم التابعين ثم تابعيهم الأقدم وفاة فالأقدم]

-فقد روى ابن جرير عن ابنُ زيدٍ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا من ضَرِيعٍ} قالَ: الضريعُ: الشوكُ من النارِ. قالَ: وأمَّا في الدنيا فإنَّ الضريعَ: الشوكُ اليابسُ الذي ليسَ له ورقٌ، تدعوهُ العربُ الضريعَ، وهو في الآخرةِ شوكٌ من نارٍ).
-وقال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (ويقال: الضّريع: نبتٌ يقال له الشّبرق، يسمّيه أهل الحجاز: الضّريع إذا يبس، وهو سمٌّ). [صحيح البخاري: 6 / 168]
- قال القرطبي: عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ. إِلَّا أَنَّ الضَّحَّاكَ رَوَى عن ابن عباس قال: هو شي يَرْمِي بِهِ الْبَحْرُ، يُسَمَّى الضَّرِيعَ، مِنْ أَقْوَاتِ الانعام
[ آثار الصحابة والتابعين تنقل من مصادرها الأصلية أو البديلة]

وقال أيضا: وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ نَبْتٌ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إِذَا ذَوَى ... وَعَادَ ضَرِيعًا بَانَ مِنْهُ «2» النَّحَائِصُ
وقال: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ شَجَرٌ ذُو شَوْكٍ حَسَبَ مَا هُوَ فِي الدُّنْيَا.
- عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ قَالَ: الضَّرِيعُ السُّلَمُ، وَهُوَ الشَّوْكُ، وَكَيْفَ يَسْمَنُ مَنْ كَانَ طَعَامَهُ الشَّوْكُ
= وقد ذكر أبو إسحاق الثعلبي أنه روي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّا من النار» سمّاه النبيّ ضريعا،




التخريج
-أما قول ابن عباس:
فرواه الطبري عن محمد بن سعد عن آبائه عنه، ورواه عن علي بن أبي طلحة عنه،
و "علي" لم يسمه الطبري وإنما وجدته عند ابن كثير.
-وأما قول عكرمة:
فرواه الطبري عن نجدةُ، رجلٌ من عبدِ القيسِ.
-أما قول قتادة:
فرواه عبد الرزاق، والطبري؛ عن معمر عنه
-وأما قول مجاهد:
فرواه الطبري عن ليث عنه
-وأما قول عطاء:
فرواه مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ) عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني
-وأما قول ابن زيد:
فرواه الطبري عن ابن وهب عنه
-وأما قول أبي الجوزاء:
فرواه ابن أبي حاتم في تفسيره. [ الطريق؟]
------------------------------------------------------------------
القول الثاني:

قيل إنه يطلق على نبات العرفج إذا يبس.
وقد ذكر هذا القول أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ)،
وذكر أيضاً ابن عطية أنه قول بعض اللغويين،
وذكره أبو منظور الإفريقي والزبيدي.

= قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال الأسلمي: الضَّرِيع، ضَرِيع العرفج: إذا لم يكن فيه نبات ولم يمت). [ من هو الأسلمي؟]
=قال الزبيدي في تاج العروس: قَالَ ابْن عَبّادٍ: الضَّريعُ: يَبيسُ كلِّ شَجرَةٍ، وخَصَّه بعضُهُم بيبيسِ العَرْفَجِ والخُلَّةِ.

------------------------------------------------------------------
القول الثالث:
قيل أنه نبات العوسج الجاف.

ذكر هذا القول أبو منصور الأزهري عن ثعلب، وأبو منظور الإفريقي والزبيدي.
-قال بن منظور في لسان العرب: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الضَّرِيعُ العوْسَجُ الرطْب، فإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسَجٌ، فإِذا زَادَ جُفوفاً فَهُوَ الخَزِيزُ، وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الْكُفَّارَ قَالُوا إِنَّ الضريعَ لتَسْمَنُ عَلَيْهِ إِبلنا، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ. وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ:
فيُغاثون بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ،
وذكره الزبيدي في تاج العروس عن ابن الأعرابي أيضاً.
------------------------------------------------------------------

القول الرابع:

أنه نبات يلقيه البحر المالح يسميه أهل اليمن الضريع

وقد روي هذا القول عن ابن عباس، وذكره ابن عطية في تفسيره عن بعض المفسرين عنه.
وذكره عبد الله بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) وابن منظور الإفريقي.

- قال أبو إسحاق الثعلبي: قال عطاء عن ابن عبّاس: هو شيء يطرحه البحر المالح، يسمّيه أهل اليمن الضريع،
التخريج
-وأما المروي عن ابن عباس:
فذكره أبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان عن عطاء عن ابن عباس.
------------------------------------------------------------------
القول الخامس:
أنه الضريع بمعنى الذل والهوان لأنهم يتذللون قبل أن يأتيهم ويتذللون ليتخلصوا منه بعدما أتاهم.
وهو قول أبو منصور الأزهري،
وذكره الماوردي عن ابن بحر، وذكره ابن الجوزي والقرطبي والثعلبي في الكشف والبيان كلهم عن ابن كيسان، وذكره ابن منظور الإفريقي، وابن فارس في مقاييس اللغة، وابن سيده.

-قال ابن عطية قيل: هو ضريعٌ بمعنى مضرعٍ، أي: مضعفٍ للبدن مهزلٍ، ومنه قول النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في ولدي جعفر بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنهم-:«ما لي أراهما ضارعين». يريد هزيلين.
-قال الثعلبي وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرّع.
-ومثله قوله تعالى: "ادعوا ربكم تضرعاً وخفية".
-قال ابن فارس: (ضَرَعَ) الضَّادُ وَالرَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى لِينٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ ضَرَعَ الرَّجُلُ ضَرَاعَةً، إِذَا ذَلَّ. وَرَجُلٌ ضَرَعٌ. ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ وَعْلَةَ:
أَنَاةً وَحِلْمًا وَانْتِظَارًا بِهِمْ غَدًا ... فَمَا أَنَا بِالْوَانِي وَلَا الضَّرَعِ الْغُمْرِ

وعلى هذا القول يكون المعنى أنهم لا يزدادون إلا ضعفا وعذابا بأكله كما أن الإبل التي تتغذى عليه في الدنيا لا تزداد إلا ضعفا وهزالا فهو لا يسد الجوع ولا تسمن به الدواب إذا أكلته.
------------------------------------------------------------------
القول السادس:
قيل من التضرع وهو: التلوي والاستغاثة،
وقد ذكره أبو منصور الأزهري وابن منظور الإفريقي.

وهذا القول الذي يظهر أنه نتيجة أكل الضريع أن يكون هذا حالهم.
------------------------------------------------------------------
القول السابع:
أنه الزقوم.
وقد ذكر ابن عطية أنه قول الحسن وجماعة من المفسرين، وقال أبو حيان أنه قول الحسين، وذكر ابن كثير أنه قول سعيد ابن جبير.

التخريج
وأما تخريج قول الحسن أو الحسين:
فلم أستطع البحث عنه.
-واما تخريج قول سعيد بن جبير فرواه ابن أبي حاتم في تفسيره.

ووجه هذا القول أنّ اللّه تعالى قد أخبر في هذه الآية أنّ الكفّار لا طعام لهم إلاّ من ضريعٍ، وقد أخبر أنّ الزّقّوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أنّ الضّريع هو الزّقّوم.
وقد يرد على هذا الاقتضاء بأن جماعة من المتأولين ذكروا أن الزّقّوم لطائفةٍ، والضّريع لطائفةٍ، والغسلين لطائفةٍ. وذكر هذا ابن عطية
------------------------------------------------------------------
القول الثامن:
الضريعُ: حجارةُ في النار.
وقال بهذا القول سعيد بن جبير، وروي عن عكرمة

التخريج
-أما قول سعيد بن جبير:
فرواه ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما.
وأما المروي عن عكرمة:
فذكره القرطبي.

وهذا القول لعله مأخوذ من قوله تعالى: "يا أيها الذين أمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة"
------------------------------------------------------------------
القول التاسع:
هو النوى المحروق
ذكره الماوردي عن يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب
------------------------------------------------------------------
القول العاشر:
هو واد في جهنم.
وقد ذكر ابن عطية أنه قال به قوم.
------------------------------------------------------------------
القول الحادي عشر:
الجلدة التي على العظم تحت اللّحم.
وقد ذكر ابن عطية أنه لا يعرف من تأول الآية بهذا.
------------------------------------------------------------------
القول الثاني عشر:
=وقيل هو الشراب الرقيق،
وقد ذكر هذا القول أبو منصور الأزهري.
------------------------------------------------------------------
القول الثالث عشر:
= وقيل إنه السمين ومنه قولهم شاة ضريع أي ذات ضرع عظيم
وقد ذكر هذا القول أبو منصور الأزهري وابن منظور والزبيدي.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

== الدراسة:
أما القول الأول والثاني والثالث والرابع:
تشترك في كونه نبات وهذا عليه قول الجمهور كما قال القرطبي وغيره، ثم بينها اختلاف في تحديده، وفي النار يكون النبات من النار، فالحاصل أن الضريع طعام من النار وهذا بلا شك فيه من العذاب ما فيه فإذا أضيف إليه الشوك والرائحة المنتنة كان هذا أبلغ في العذاب.
وأما القول الخامس والسادس:
فهي بمثابة الوصف لحال أهل النار عند طلبهم للطعام وأنه يكون بتذلل وخضوع ثم إذا جاءهم حصل لهم العذاب والضعف والتلوي، وهنا يستغيثون أن يرفعه الله عنهم.

وهذه الأقوال الستة هي غالب كلام السالف وأهل التفسير واللغة كما هو ظاهر وهي متوافقة مع السياق ومع معنى الآية والتي تليها.


وأما القول السابع بأنه الزقوم:
فالذي يظهر أنه قول للجمع بين قوله تعالى "ليس لهم طعام إلا من ضريع" ، وقوله تعالى: "إن شجرة الزقوم طعام الأثيم"
وهذا الإلزام مبني على عدم تعدد الطعام لهم، وقد رد عليه البعض وقال بأن الطعام متعدد فلكل طائفة طعام فبعضهم له الضريع وبعضهم له الغسلين وبعضهم له الزقوم.
وعلى كل حال فإن هذا القول لا ينافي الأقوال الستة المتقدمة من أنه نبات وأنه من نار وأنا طعام لأهل النار يعذبون به.


وأما الأقوال الباقية:
فلم أجد لها ذكر في اقوال السلف ولا أهل اللغة ولم تنسب إلى معين، وهي مع ذلك بعيدة عن السياق، وإن كان بعضها يصح إطلاقه على الضريع مثل القول الأخير وأن الضريع بمعنى السمين فهذا المعنى صحيح ولكنه لا يناسب السياق هنا فيما يظهر لي والله أعلم.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
= الترجيح:
الذي يترجح لي ويمكن حمل الآية عليه هو أن الضريع نبات ذات شوك وأنه يكون مثله في النار عقاباً لأهلها، وهذا القول يجمع الأقوال من الأول إلى السادس وأما باقي الأقوال فليست مناسبة للسياق فيما يظهر لي وإن كانت صحيحة المعنى.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


د

أحسنت بارك الله فيك، وأوصيك بمواصلة التدرب على تخريج أقوال المفسرين وتوجيهها

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir