قال تعالى (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) السجده 21)
المرادبالعذاب الأدنى :
اختلف العلماء على المراد بالعذاب الأدنى على أقوال :
القول الأول :هوالقتل بالسيف يوم بدروهذا مروي عن أبي بن كعب , ,وقول عبدالله بن مسعود , والحسن بن علي ,وعبدالله بن الحارث .
قال عبد الله بن مسعود أيضا ، فيرواية عنه : العذاب الأدنى : ما أصابهم من القتل والسبي يوم بدر .
وقال السدي وغيره : لم يبق بيت بمكة إلادخله الحزن على قتيل لهم أو أسير ، فأصيبوا أو غرموا ، ومنهم من جمع لهالأمران .[تفسيرالقرآن العظيم
التخريج :
_قول أبي بن كعب فرواه جلال الدين السيوطي ماأخرجه ابن جرير الطبري عنقتادة، قال: كان مجاهدٌ يحدّث عن أبيّ بن كعبٍ، ورواه عبدالرازق الهمذاني عن قتادة أنه بلغه عن أبي .
_قول عبد الله بن مسعود فرواه ابي حذيفة موسى النهدي ,والمستدرك للنيسابوري وقال هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه,وأبي الفرج الجوزي ,وابن جرير الطبري عن طريق سفيان الثوري عن السّدّيّ عن أبي الضّحى عن مسروقٍ ورواه ابن جرير من طرق عنه , ومارواه ابن كثير في تفسيره .
_قول عبدالله بن الحارث , والحسين بن علي ما رواه ابن جرير في تفسيره .
القول الثاني : سنون أصابتهم ,قول عبد الله بن مسعود , ,وقول ابي بن كعب , ومجاهد,ومقاتل .
التخريج :
_قول عبدالله ابن مسعود ,مارواه النسائي عن طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، وأبي عبيدة ,ومارواه عبدالرحمن الهمذاني في مسنده بتفسير مجاهد عن طريق عن أبي إسحق الهمذاني عن أبي الأحوص , ومارواه أبي الفرج جمال الدين الجوزي في مسنده عن طريق رواهأبو عبيدة ,ومارواه اسماعيل ابن كثير في مسنده عن طريق عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص وأبي عبيدة ,ومارواه السيوطي عن طريق ماأخرجه ابنأبي شيبه والنسائي، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه .
_قول ابي بن كعب ,رواه ابن جرير الطبري في مسنده عن طريق قتادة عن مجاهد
_قول مجاهد ,مارواه عبدالرحمن الهمذاني في مسنده بتفسير مجاهد عن طريق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ,مارواه ابن الجوزي في مسنده زاد المسيرعن مجاهد ,مارواه جلال الدين السيوطي في مسنده عن طريق ماأخرجه الفريابي، وابن جرير.
_قول مقاتل ,مارواه الفراء البغوي وابن الجوزي في مسندهم عن مقاتل ,مارواه ابن عطية في مسنده ,وابو عبدالله القرطبي في مسنده .
القول الثالث :هي الحدود ,وهو قول ابن عباس
التخريج :
_قول ابن عباس ,مارواه ابن جرير الطبري في مسنده عن طريق عن شبيبٍ عن عكرمة،ورواه ابو محمد الفراء البغوي في تفسيره عن عكرمة ,ورواه الزمخشري في تفسيره عن طريق القاضي أبو محمد ,مارواه ابن كثير القرشي عن طريق ماروي عن ابن عباس ,ومارواه جلال الدين السيوطي في تفسيره ماأخرجه عبد بن حميد، وابن جرير، وابنالمنذر، وابن أبي حاتم
القول الرابع :مصائب الدنيا , وهو قول أبي بن كعب ,وقول ابن عباس ,وعبادة بن الصامت ,وقول ابراهيم النخعي ,وأبي العالية ,والضحاك ,والحسن ,ومجاهد
قال ابن عباس : يعنيبالعذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها وآفاتها ، وما يحل بأهلها مما يبتلي الله بهعباده ليتوبوا إليه .
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها قال هي المصائبوالاسقام والانصاب عذاب للمسرف في الدنيا دون عذاب الآخرة قلت: يا رسول الله فما هيلنا قال: زكاة وطهور).ذكره السيوطي بتفسيره
التخريج :
_قول أبي بن كعب ,مارواه ابن جرير الطبري في مسنده ,ومارواه ابن كثير في مسنده عن طريق قتادة، عن عزرة، عن الحسن العرنيّ، عن ابن أبي ليلى،ومارواه محمد النيسابوري في صحيح مسلم , ومارواه أبي الفرج جمال الدين الجوزي في تفسيره عن رواية ابن أبي طلحة، ورواه عبد الحق ابن عطية في تفسيره , ورواه جلال الدين السيوطي ماأخرجهمسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانه في صحيحه، ، وابنالمنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي فيشعب الإيمان .
_قول ابن عباس , رواه ابن جرير الطبري في مسنده عن عدة طرق ,ورواه ابو محمد الفراء البغوي في تفسيره مارواه الوالبي , ومارواه أبي الفرج جمال الدين الجوزي في تفسيره عن رواية ابن أبي طلحة، ورواه عبد الحق ابن عطية في تفسيره ,ورواه جلال الدين السيوطي في تفسيره عن طريق ماأخرجه ابنجرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم .
_قول عبادة بن الصامت رواه جلال الدين السيوطي ماأخرجه ابن مردويه عن أبي ادريس الخولاني رضي الله عنه .
_قول ابراهيم النخعي , رواه ابو حذيفة ابن مسعود النهدي في مسنده ورواه ابن جرير الطبري عن طريق سفيان الثوري عن منصور .
_قول أبي العالية , رواهه ابن جرير الطبري في مسنده عن طريق عن أبي جعفرٍالرّازيّ، عن الرّبيع.
_قول الضحاك والحسن رواه ابن جرير الطبري في تفسيره , ورواهه عبدالرزاق في مسنده .
_قول مجاهد ,رواه ابن جرير الطبري في تفسيره , وما رواه عبدالرحمن الهمذاني من تفسير مجاهد ماروي عن ابن أبي نجيحٍ .
القول الخامس :عذاب الدنيا ,قاله مجاهد وابن زيد
التخريج :
_قول مجاهد مارواه ابن جرير الطبري في تفسيره ماروي عن طريق عن أبي يحيى.
_قول ابن زيد رواه ابن جرير الطبري ,والماوردي في تفسيرهما
القول السادس :عذاب القبر , قول مجاهد ,وقول البراء بن عازب وقول أبي عبيدة .
التخريج :
قول مجاهد ,رواه ابن جرير في تفسيره ماروي عن أبي يحيى .
قول البراء وأبي عبيدة , رواه الماوردي زالجوزي في تفسيرهما ,أخرج هناد في الزهد فقال :حدثنا شريك عن أبي اسحاق عن البراء أو عن أبي عبيدة في قوله (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى ) قال عذاب القبر , وأخرجه من طريقه الآجري في الشريعة ,وأبو نعيم في الحلية.
القول السابع : غلاء السعر وخروج المهدي , وأضافه الماوردي ,والقرطبي ماروي عن جعفر الصادق.
التخريج :
رواه الماوردي ,والقرطبي في تفسيرهما ماروي عن جعفر الصادق .
الدراسة _
الضمير في قوله (ولنذيقنهم ) ,قال عنه المفسرين أنه عائد إلى كفارقريش,وهذا العذاب الأدنى يحمل على ماأصابهم في يوم بدر من قتل وسبي وتتابع البلاء عليهم من قحط وجذب وجوع ,والبلاء في الأموال والأنفس ..
فحقيقة العذاب الأدنى هو كل عذاب عذب الله به قوماً في دار الدنيا وفي البرزخ ,فتصبح هذه العقوبة نافذه عليهم ومن هم على شاكلتهم إلى يوم القيامة ,
قال الزمخشري: قال القاضي أبو محمد رحمه الله: على هذا التأويل "الراجع" غير "الذي يذوق"، بل الذييبقى بعده، وتختلف رتبتا ضمير الذوق مع ضمير لعل.
وذكر ابن كثير , وقال عبد الله بن مسعود أيضا ، فيرواية عنه : العذاب الأدنى : ما أصابهم من القتل والسبي يوم بدر . وكذا قال مالك ،عن زيد بن أسلم .
قال السدي وغيره : لم يبق بيت بمكة إلادخله الحزن على قتيل لهم أو أسير ، فأصيبوا أو غرموا ، ومنهم من جمعلهالأمران .
وذكر القرطبي في تفسيره ):قال الحسن وأبو العالية والضحاك وأبي بن كعب وإبراهيم النخعّي: العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها مما يبتلى به العبيد حتى يتوبوا.
الراجح :
ودلالة هذه الآية تحمل على جميع هذه الأقوال لا تضاد بينها,عدا عذاب القبر فلم يخصص الله سبحانه وتعالى عذاباً دون عذاب ,فقد ابتلاهم بها جميعاً ,وعذبهم بها ,ويبقى العذاب الكبير يوم القيامة,وهي خاصة بكفار قريش ,ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين .
قال القرطبي :وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إنّ اللّه وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدّنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدّنيا من بلاءٍ أصابهم، إمّا شدّةٌ من مجاعةٍ أو قتلٍ، أو مصائب يصابون بها، فكلّ ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصّص اللّه تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوعٍ من ذلك دون نوعٍ، وقد عذّبهم بكلّ ذلك في الدّنيا بالقتل والجوع والشّدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بماوعدهم.
وذكر السيوطي بتفسيره ,أخرج ابن مردويه عن أبي ادريس الخولاني رضي الله عنهقال: سألت عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن قول الله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنىدون العذاب الأكبر} فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال هي المصائب والاسقام والانصاب عذاب للمسرف في الدنيا دون عذاب الآخرة قلت: يا رسول الله فما هيلنا قال: زكاة وطهور). [الدر المنثور: 11/703]
وذكر الماوردي قولاً ثامنا : أن العذاب الأدنى في المال ، والأكبرفي الأنفس ، والعذاب الأكبر عذاب جهنم في الآخرة ,فلم أجده منصوصاً من أقوال السلف , لكن بلاء المال يدخل في صنوف العذاب الأدنى وهو من البلاء والفتن .