المجموعة الأولى:
إجابة السؤال الأول:بيّن المراد بالمعوذتين، وبيّن فضلهما بإيجاز.
المراد بالمعوذتينسورتي (الفلق والناس)أي: {قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس}.
وتسميتهما بالمعوذتين مشهورة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه سلم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بـ{قل هو الله أحد}وبالمعوذتين جميعاً ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده).
وفي هذه التسمية أحاديث أخرى وآثارٌ عن الصحابة والتابعين.
أما إذا قيل المعوذات فالمراد: سور الإخلاص والفلق والناس.
فضل المعوذتين:
هاتان السورتان لا يستغني عنهما أحد ، لما لهما من تأثير في دفع السحر والعين وسائر الشرور، فحاجة العبد إلى الاستعاذة بهما أعظم من حاجته إلى النفس والطعام والشراب واللباس، وقد ورد في فضلهما الأحاديث الكثيرة منها.
1- فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((ألم تر آيات أُنزلتِ الليلة لم ير مثلهنَّ قط؟! {قل أعوذ برب الفلق}و{قل أعوذ برب الناس})).
2- وفي بعض الروايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعقبة بن عامر رضي الله عنه : (يا عقيب ! ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس؟!.)
قال: قلت : بلى يا رسول الله
قال: فأقرأني {قل أعوذ برب الفلق}و {قل أعوذ برب الناس}.
ثم أقيمت الصلاة ، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بهما، ثم مرَّ بي؛ قال:(كيف رأيت يا عقيب؟! اقرأ بهما كلما نِمْتَ ، وكلما قُمْتَ).
3- وعن عقبة بن عامر قال: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة).
4- وعن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المعوذتين: ((ما تعوّذ الناس بأفضل منهما)).
---------------
إجابة السؤال الثاني: لمن الخطاب في قوله تعالى: {قل أعوذ برب الفلق}؟ وما الحكمة من إثبات {قل} في التلاوة؟
الخطاب في قوله تعالى: {قل اعوذ برب الفلق} للرسول صلى الله عليه وسلم أصالةً ، ولكل فرد ممن يصلح له الخطاب تبعاً.
الحكمة من إثبات {قل} في التلاوة:
ورد في البخاري عن أُبيَّ بن كعب -رضي الله عنه-قال (سألت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين ؟ فقالَ:((قيل لي فقلت))فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم).
فكلمة {قل}من القرآن الذي أُمِرْنا بتلاوته من كلام الله، ولو حذفت لأوهمَ ذلك استعاذة الرب جلَّ جلاله، وهو متنزه عن ذلك؛ فإن الله يعيذ ولا يستعيذ ، وإنما أَمَر عباده بالاستعاذة به.
-------
إجابة السؤال الثالث :بيّن معنى الاستعاذة، وشروط الاستعاذة الصحيحة
.
معنى الاستعاذة :
أعوذ أي: أعتصم وألتجيءوأستجير وأتحصن ، وحقيقة الاستعاذة: طَلَبُ الأمان مما يُخاف منه.
شروط الاستعاذة الصحيحة:
الاستعاذة الصحيحة المتقبَّلة التي تنفع أصحابها بإذن الله، وهي التي تكون بالقلب والقول والعمل:
1- فأما الاستعاذة بالقلب؛ فذلك بأن يكون في قلب صاحبها صدق اللجوء إلى الله عز وجل ، فيؤمن بأنه لا يعيذه إلا الله، فيتوكل على الله وحده، ويحسن الظنَّ به، ويصبر على ما يصيبه حتى يفرج الله عنه، ولا ينقض استعاذته ولا يضعفها بالاستعجال وترك الدعاء أو التسخط والاعتراض.
2- وأما الاستعاذة بالقول؛ فتكون بذكر ما يشرع من التعويذات المأثورة، وما في معناها مما يصحّ شرعاً ، ويبتعد كل البعد عن كل ما فيه شركيات.
3- وأما الاستعاذة بالعمل؛ فتكون باتباع هدى الله عز وجل ، ولا سيما في ما يتعلق بأمر الاستعاذة، فمثلاً مَن استعاذ بالله جل وعلا من شر الشيطان، فيجب عليه أن يتبع هدى الله بأن لا يتبع خطوات الشيطان، وأن يذكر الله ويسميه في المواضع المأثورة، ونحو ذلك مما هدى الله إليه للعصمة من شر الشيطان وكيده؛ فمن اتبع هدى الله كانت استعاذته صحيحة، أما من كان يستعيذ بالله من الشيطان وهو يتبع خطوات الشيطان ويُعرِضُ عن هدى الله فاستعاذته غير صحيحة.
إجابة السؤال الرابع : حرّر القول في المراد بالنفاثات في العقد.
اختلف المفسرون في المراد بالنفاثات في العقد على أقوال وسبب خلافهم تأنيث كلمة النفاثات وجمعها:
القول الأول:أن المراد بالنفاثات السواحر والسحرة، وهذا قول الحسن البصري رواه الطبري في تفسيره وصححه ابن حجر في فتح الباري، وعلى هذا القول فالنفاثات تشمل الذكور والإناث من السحرة.
القول الثاني:المراد النساء السواحر ، وهذا قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وبه قال مقاتل بن سليمان والفراء وأبو عبيدة، ثم قال به محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، ثم صدَّر به ابن جرير تفسيره للآية.
ولهذا القول تخريجان صحيحان وثالث لا يصح:
1- أنه من قبيل التفسير بالمثال وعلى هذا فلا يقتضي حصر المراد في هذا المثال.
2- أن التأنيث في النفاثات خرج مخرج الغالب فيتعلق الحكم بالعلة لا بصيغة الخطاب ، فالنفث في العقد هو السحر بإجماع مفسري السلف والاستعاذة منه تشمل سحر الرجال وسحر النساء .
3- تخريج ثالث ولكنه باطل لا يصح وهو أن النفاثات هن بنات لبيد بن عاطم على اعتبار أن السورة نزلت بسبب حادثة سحر النبي صلى الله عليه وسلم .
وعلى هذا وبناء على التخريجين الأول والثاني يكون القول الأول مساوياً للقول الثاني وأن المراد السحرة من الرجال والساحرات من النساء.
القول الثالث:المراد النفوس النفاثات ، وأول من قال هذا القول الزمخشري في كشافه ُثم ذكره الرازي وعدد من المفسرين ، ورجحه ابن القيم ومحمد بن عبد الوهاب.
ويرد على هذا القول أنه غير متبادر للذهن لذلك لم يذكره أحد من المفسرين طيلة خمس قرون قبل الزمخشري ، كما أن المعهود في خطاب الشرع إسناد الفعل إلى الشخص وليس إلى النفس ، وإذا أسنده إلى النفس ذكرها مثل قوله تعالى:{وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم}.
القول الرابع :النفاثات هي الجماعات التي تنفث ، والتأنيث لأجل الجماعة مستعمل في اللغة ، وأول من ذكر هذا القول الزمخشري حيث قال : (النفاثات: النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر) ، لكن الرازي فسر هذا القول بقوله :( لأنه كلما كان اجتماع السحرة على العمل الواحد أكثر كان التأثير أشد) وتبعه كثير من المفسرين المتأخرين.
ويرد على هذا القول أنه يبعد أن يكون هذا هو المراد ؛ لأنه يُخرج إرادة عمل الساحر الواحد منهم وهو كثير جداً، وما يجتمع عليه السحرة من العمل قليل جداً في جنب ما ينفرد به كل ساحر.
الراجح:
الأقرب أن الجمع في قوله تعالى :"النفاثات"لأجل طوائف ما ينفث.
فالسحرة الرجال ينفثون ويعقدون، والسواحر من النساء ينفثن ويعقدن، وسحرة الجن ينفثون ويعقدون، والشياطين تنفث وتعقد كما صحّ في الحديث، بل بعض الحيوانات تنفث ويستخدمها بعض السحرة في أعمال السحر.
وهذه الطوائف التي تنفث يصح جمعها على (النفاثات) كما تقول: المخلوقات، والكائنات.
ولا شك أن الاستعاذة من شر النفاثات في العقد تشمل الاستعاذة من شرّ كل ما ينفث ويعقد، من سَحَرة الإنس، وسَحَرة الجن، والشياطين.
-------
إجابة السؤال الخامس:اذكر حكم الحسد، والأسباب التي تحمل عليه، وبيّن كيف يحمي المؤمن نفسه من الوقوع فيها.
حكم الحسد :
محرم منهي عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَقَاطَعُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَاناً ، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ)).
وقال أيضاً محذراً من الحسد :(دب إليكم داء الأمم قبلكم، الحسد والبغضاء).
الأسباب التي تحمل على الحسد:
ترجع ألى أصلين كما قال الشيخ عطية سالم :
1- ازدراء المحسود.
2- إعجاب الحاسد بنفسه.
ويحمي العبد نفسه من الوقوع فيها بما يلي:
1- عليه أن لا يحقر مسلماً ولا يزدريه ولا يفخر عليه، وليعلم أن لبعض الناس خبايا من الأعمال الصالحة قد لا يدركها كثير من الناس ، فالله أخفى أولياءه ، فقد يكون هذا الذي تحتقره أفضل منك عند الله ، فمن أبصر هذه الحقيقة لم يحقر مسلماً ولم يزدريه، وبذلك يقضي على نصف الحسد.
2- أما الإعجاب بنفسه واعتقاد فضيلتها وأنها تستحق أن تُكرم ولذلك إذا كُرِّم مكانه غيره انبعثت نار الحسد من قلبه، وكرِه ذلك جداً، وتمنّى انتقال ذلك التكريم إليه ، فعلاج ذلك يكون بعلاج قلبه، ومعرفة قدر نفسه، وأن فضل الله تعالى لا يُدرك بمعصية الله، وإنما يُطلب من الله بما هدى الله إليه،ولذلك ينبغي عليه أن يبصر عيب نفسه وينشغل به عن عيوب الناس ، وأن يعتقد أن الفضل لله وحده يؤتيه من يشاء.
3- كما أن من العلاجات الناجعة للحسد هي الدعاء للمحسود بكل خير حتى ينصرف عنه ما يجد في نفسه من حسد.
4- وأيضا على العبد أن يعرف أن الحاسد يعتبر إحسان الله تعالى إلى أخيه المسلم إساءة إليه، وهذا جهل منه لأن الإحسان لأخيه لا يضره شيئاً، فإن ما عند الله واسع، بل إن هذا الشعور فيه إساءة أدب مع الله عز وجل الحكيم العليم ، فإذا استشعر ذلك وأنه ينازع الله في حكمته وتقديره كره؛ من نفسه شعور الحسد وعالج قلبه.
5- على الحاسد التضرع لله تعالى أن يرزقه قلباً سليماً محباً الخير للمسلمين.
-------