إعادة لمجلس مذاكرة القسم الأول من دورة مقدّمات في أصول التفسير
المجموعة الثانية:
____________________________
س1: ما هي أبواب أصول التفسير؟
1- مقدّمات التفسير كالتعريف بعلم التفسير ونشأته وبدايات تدوينه ، وتدرّج التأليف فيه ، ومصادر التفاسير وأنواعها ومناهج المفسّرين فيها على وجه الإجمال ، بعيداً عن التفصيل والبسط.
2- طرق التفسير : ويبحث فيه تفسير القرآن بالقرآن ، وتفسير القرآن بالسنة ، وتفسير القرآن بأقوال السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وتفسير القرآن بلغة العرب ، والتفسير بالاجتهاد ، والخلاف في التفسير بالإسرائيليات.
3- أدوات المفسّر وتشمل المعارف والمهارات التي يستعين بها المفسّر على دراسة مسائل التفسير ، وطرق الاستفادة منها دون البسط والتطويل.
4- الإجماع في التفسير ويكون بدراسة ضوابط الإجماع في التفسير ، ومصادر معرفته ، وطرق تقريره ، والتنبيه على علل دعاوى الإجماع.
5- الخلاف في التفسير ، وأنواعه ومراتبه ، وطرق الجمع والترجيح والإعلال.
6- الكليات التفسيرية ، والمراد بها أن يفسر اللفظ بمعنى واحد في جميع مواضع وروده في القرآن الكريم .
7- أصول دراسة مسائل التفسير ، ويبحث فيه أنواع المسائل التفسيرية ، ومصادر بحث كلّ نوع منها ، وطرق اختيار المراجع ، وكيفية استخلاص الأقوال ، ومراتب التحقق من صحة نسبة الأقوال المنسوبة إلى الصحابة والتابعين ، وتخريج الأقوال اللغوية ، والفرق بين الأقوال المنصوصة والأقوال المستخرجة ، وطرق جمع الأدلة والمرجّحات وتمييزها، وتحرير المسألة التفسيرية ، والتنبيه على بعض علل التفسير.
8- مسائل الخلاف القوي ، فيعمد فيه المعلّم إلى جُمل من مسائل الخلاف القوي في التفسير فيشرحها للطالب شرحاً يطبّق فيه أصول التفسير ؛ فيستفيد الطالب بالتطبيق والدراسة على أصعب ما في مسائل التفسير ؛ حتى يضبطها جيّداً بإذن الله تعالى
9- أساليب التفسير ويقصد بذلك طريقة تبليغ معاني القرآن للمتلقّين ، وتقريبها لهم أخذاً في الاعتبار ما يناسب حال المخاطبين ومقام الحديث.
10- شروط المفسّر وآدابه ، أي شروط تصدّر المفسّر، والآداب الواجبة والمستحبة التي ينبغي للمفسّر أن يحسن معرفتها ويفقه مسائلها.
***************************************
س2: اذكر أنواع البيان الإلهي للقرآن مع البيان والتمثيل.
إن من أنواع البيان الإلهي لمعاني القرآن ما يقدّره الله جلّ وعلا من الأقدار التي تبيّن مراده ، وما يأتي من تأويل كلامه جلّ وعلا ، و البيان الإلهي للقرآن مفيد لليقين ، هادٍ للحقّ ، عاصم لمن اتّبعه من الضلالة ، لا يقدح في حسن بيانه إلا ضالّ مضلّ.
والبيان الإلهي للقرآن على أربعة أنواع :
1- تفسير القرآن للقرآن : منه ما هو صريح ومنه ما يدخله الاجتهاد ، والذي يعدّ من التفسير الإلهي هو ما يدلّ على المعنى صراحة من غير التباس ، كما في قول الله تعالى: {والسماء والطارق . وما أدراك ما الطارق . النجم الثاقب}. ففسّر الله تعالى المراد بالطارق بأنه النجم الثاقب.
وتفسير القرآن للقرآن على أنواع كثيرة؛ فمنه تفسير إحدى القراءات لغيرها ، ومنه تفسير اللفظ بلفظ أشهر منه وأوضح، ومنه بيان المجمل، وتقييد المطلق، وتخصيص العام.
2- تفسير القرآن بالحديث القدسي : بأن يرد في الأحاديث القدسية ما يبيّن مراد الله جلّ وعلا ببعض ما ورد في كتابه ، مثل ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الآية: {هو أهل التقوى وأهل المغفرة} قال : قال الله عز وجل : (أنا أهل أن أتقى ؛ فمن اتقاني فلم يجعل معي إلها فأنا أهل أن أغفر له).
3- ما نزل من الوحي على النبيّ صلى الله عليه وسلم لبيان تفسير بعض ما أنزل الله في القرآن ، ومن ذلك الغيبيات وتفصيل ما لا يُدرك إلا بتوقيف من الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم.
4- البيان القدري لبعض معاني القرآن : كما في حديث الحسن البصري عن الزبير بن العوام ، قال: " لما نزلت هذه الآية {واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصةً} الآية ، قال: ونحن يومئذٍ متوافرون ، قال : فجعلت أتعجب من هذه الآية : أي فتنةٍ تصيبنا ؟ ما هذه الفتنة ؟ حتى رأيناها ".
و قال الزبير: " إنا قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكرٍ ، وعمر ، وعثمان : {واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصةً} لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت ".
*************************************
س3: هل فسّر النبي صلى الله عليه وسلم جميع آيات القرآن؟
بيّن النبي صلى الله عليه وسلم ما أنزل إليه من ربّه بيان شامل مع تفاوت بعض الناس في معرفته وادراكه ، وإن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه ، ومنه ما يعلمه العلماء ، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها ، ومنه ما لا يعذر أحد في جهله ، وبيانه للقرآن على أنواع :
1- النوع الأول : تلاوة القرآن تلاوة بيّنة باللسان العربي المبين ، وكان هناك من يسلم بمجرّد استماعه إلى التلاوة.
2- النوع الثاني : بمعرفة فقهه في دعوته صلى الله عليه وسلم ، وما وقع بينه وبين المخالفين من الخصومات والمجادلات ، وما دحض الله به حجج المبطلين.
3- ما يكون بيانه بالعمل به ؛ كبيان المراد بإقامة الصلاة بفعله صلى الله عليه وسلم ، وقال لأصحابه: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
4- تفسيره لبعض الآيات وبيان المراد بها ، كما في حديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى} ، قال: لا إله إلا الله).
5- جواب أسئلة المشركين وأهل الكتاب والمنافقين عن بعض معاني القرآن، وما يوردونه من الشبه والاعتراضات.
6- جواب ما يشكل على بعض المسلمين من معاني القرآن ، كما روى أن أبو بكرٍ الصديق قال : يا رسول الله، كيف الصلاح بعد هذه الآية ؟ ، قال: أي آيةٍ ؟ ، قال: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءًا يجز به} أفكل ما عملنا في الجاهلية نؤخذ به ؟ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : غفر الله لك يا أبا بكرٍ ، رحمك يا أبا بكرٍ، ألست تحزن ؟ ألست تنصب ؟ ألست تصيبك الأواء ؟ قال: بلى. ، قال: فذاك الذي تجزون به).
7- تعليم الصحابة وإرشادهم وتنبيه من أخطأ منهم ببيان الصواب له في كتاب الله تعالى.
8- التفسير المتلقّى بالوحي مما فيه بيان بعض الغيبيات ، مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : ((إذا أقعد المؤمن في قبره أتي، ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فذلك قوله: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت})).
التبس عليكِ السؤال، فليس المطلوب ذكر أنواع البيان النبوي ، بل هل فسّر النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كاملا، وإجابته أنّ النبي صلى الله عليه وسلم بلّغ ما أمره به ربه عزوجل وبيانه لا يعني أن يستغرق جميع آي القرآن بل حصل بيانه بمجموع الطرق التي درسناها من طرق بيانه صلى الله عليه وسلم .
**************************************
س4: بيّن مكانة الصحابة رضي الله عنهم وإمامتهم في علم التفسير.
مكانة الصحابة :
1- كان لهم معرفة عظيمة بمعاني القرآن نظراً لصحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وشهودهم وقائع التنزيل ، وحسن معرفتهم بدعوته ، ومشاركتهم فيها ، ونزول القرآن بلسانهم.
2- وكان منهم قراء وفقهاء وقضاة ومعلّمين ، وكان لبعضهم اختصاص بالنبي صلى الله عليه وسلم في بعض شؤونه ؛ فمنهم من أطال صحبته في مكة والمدينة وفي غزواته وأسفاره وكثير من شؤونه كأبي بكر الصدّيق رضي الله عنه وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم ، وبقيّة العشرة ، ثم بقيّة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، الذين جاهدوا معه حقّ الجهاد.
3- ومنهم من اختصّ بخواصّ شؤونه كأزواجه أمّهات المؤمنين ومواليه والمعتنين بخدمته صلى الله عليه وسلم كبلال بن رباح وأنس بن مالك.
4- ومنهم من كان له فضل عناية بتلقّي القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم وإقرائه للصحابة ، كأبيّ بن كعب وعبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبي الدرداء ومجمّع بن جارية وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري وغيرهم.
إمامتهم في علم التفسير :
تتضح امامتهم في علم التفسير من عنايتهم به تعلّما وتعليماً ودعوة ، ومن خلال تنوع الأساليب والطرق التى اتخذوها لتعليم التفسير والتي منها ما يلى :
1- طريقة الإقراء والتعليم : فكان المتصدّرون للإقراء من الصحابة علماء في التفسير ، ومحلّ للأسوة والاقتداء ، و تعليمهم للقرآن كان تعليما لحروفه ومعانيه ، وتفقيها في أحكامه ، وإرشاداً لمواعظه وزواجره وآدابه ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن).
2- طريقة القراءة والتفسير : فعن عبد الله بن مسعود: " أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف فقرؤوا، وفسر لهم"
3- طريقة السؤال والجواب ، فالعالم يسأل أصحابه ؛ فإن أصابوا أقرّهم ، وإن أخطأوا بيّن لهم الصواب ، ومنه ما روى عن عن ابن عباس، قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ ، فقال عمر: إنه من قد علمتم ، فدعاه ذات يوم فأدخله معهم ؛ فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم. ، قال: ما تقولون في قول الله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح}؟ ، فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا، وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا. ، فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ ، فقلت: لا. ، قال: فما تقول؟ ، قلت: «هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له» قال: {إذا جاء نصر الله والفتح} «وذلك علامة أجلك» {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} فقال عمر: «ما أعلم منها إلا ما تقول».
4- طريقة التدارس والتذاكر ، وأدى ذلك إلى استثارة معانيه والتفقه فيه ، والوقوف على عجائبه.
5- تصحيح الخطأ الشائع في فهم الآية.
6- الرد على من تأوّل تأولاً خاطئاً في القرآن.
7- الدعوة بالقرآن ، فيبينوا للناس ما نزل إليهم بأسلوب حسن فيه : تفسير وتقريب ، وترغيب وترهيب ، وإرشاد وتبصير. ، فعن أبي وائل أنه قال: حججت أنا وصاحب لي ، وابن عباس على الحج ، فجعل يقرأ سورة النور ويفسرها ؛ فقال صاحبي: يا سبحان الله ، ماذا يخرج من رأس هذا الرجل ، لو سمعت هذا الترك لأسلمت).
8- مناظرة المخالفين وكشف شبههم ، كما في مناظرة ابن عباس للخوارج.
9- إجابة السائلين عن التفسير : قال عطاء بن أبي رباح: «ما رأيت مجلسا أكرم من مجلس ابن عباس كانوا يجيئون أصحاب القرآن فيسألونه، ثم يجيء أهل العلم فيسألونه، ثم يجيء أصحاب الشعر فيسألونه».
10- اجتهاد الرأي عند الحاجة إذا لم يجد نصّاً وكانوا أقرب الأمة إلى التوفيق للصواب ، كاجتهاد أبي بكر في تفسير آية الكلالة فقال : «إني قد رأيت في الكلالة رأيا ، فإن كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له ، وإن يكن خطأ فمني والشيطان ، والله منه بريء ؛ إن الكلالة ما خلا الولد والوالد»
**************************************