676- (ارْفَعْ مُضَارِعًا إذَا يُجَرَّدُ = مِنْ نَاصِبٍ وجَازِمٍ كَتَسْعَدُ)
يعنِي أنَّهُ يجبُ رفعُ المُضارعِ حينئذٍ، والرافعُ لَهُ التَّجَرُّدُ المذكورُ، كَمَا ذَهَبَ إليهِ حُذَّاقُ الكوفيينِ مِنْهُم الفَرَّاءُ، لا وقُوعُهُ موقعَ الاسمِ كمَا قالَ البصريونَ، ولا نفسُ المضارَعَةِ كمَا قالَ ثَعْلَبُ، ولا حروفُ المضارعةِ كَمَا نُسِبَ للكِسَائِيِّ، واختارَ المُصَنِّفُ الأوَّلَ، قَالَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ)، لسلامَتِهِ مِنَ النَّقْضِ بِخلافِ الثانِي، فإنَّهُ يُنْتَقَضُ بنحوِ: "هَلَّا تَفْعَلُ" و"جَعَلْتُ أَفْعَلُ" و"مَالَكَ لَا تَفْعَلُ" و"رَأَيْتُ الذِي تَفْعَلُ" فإنَّ الفعلَ فِي هذِهِ المواضعِ مرفوعٌ مَعَ أنَّ الاسْمَ لا يَقَعُ فيها فلو لمْ يكنْ للفعلِ رَافعٌ غيرُ وقوعِهِ موقعَ الاسْمِ لكانَ فِي هذِهِ المواضعِ مرفوعًا بِلا رَافِعٍ، فبَطُلَ القولُ بأنَّ رافِعَهُ وقوعَهُ موقعَ الاسمِ، وصَحَّ القولُ بأنّ َ رافِعَهُ التَّجَرُّدُ، ا هـ
ورُدَّ الأوَّلُ بأنَّ التَّجَرُّدَ عَدَمِيٌ، والرفعُ وُجُوديٌّ، والعَدَمِيُّ لا يكونُ عِلَّةً للوجوديِّ.
وأجابَ الشارِحُ بأنَّا لا نَسْلَمُ أنَّ التجردَ مِنَ الناصبِ والجازمِ عَدَمِيٌّ لأنَّهُ عِبَارةٌ عَنِ اسْتِعْمَالِ المضارعِ علَى أوَّلِ أحوالهِ مُخْلَصًا عن لفظٍ يقتضِي تغييرَهُ، واستعمالُ الشيءِ والمجيءِ بِهِ عَلَى صِفَةِ مَا ليسَ بِعَدَمِيِّ.
تنبيهٌ: إنَّمَا لم يُقَيَّدِ المضارعُ هنا بالذِي لمْ تُبَاشِرْهُ نونُ توكيدٍ ولا نونُ إناثٍ اكتفاءً بتقدمِ ذلكَ في بابِ الإعرابِ.