دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 09:33 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي إعراب الفعل: 1: رفع الفعل المضارع المتجرد من الناصب والجازم

إعرابُ الفِعْلِ

اِرْفَعْ مُضارِعًا إذا يُجَرَّدُ = مِنْ ناصِبٍ وجازِمٍ كتَسْعَدُ


  #2  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إعرابُ الفعلِ
ارْفَعْ مُضَارِعًا إِذَا يُجَرَّدُ = مِنْ نَاصِبٍ وَجَازِمٍ كَـ "تَسْعَدُ"([1])
إذا جُرِّدَ الفعلُ المضارعُ عنْ عاملِ النصبِ وعاملِ الجزمِ رُفِعَ ، واختُلف في رافعِه فذهبَ قومٌ إلى أنه ارتفعَ لوقوعِه موقعَ الاسمِ ، ف " يَضْرِبُ" في قولِكَ: "زيدٌ يضرِبُ" واقعٌ موقعَ "ضاربٌ" فارتفعَ لذلكَ . وقيلَ ارتفعَ لتجرُّدِه مِنَ الناصبِ والجازم ،ِ وهو اختيارُ المصنِّفِ.


([1]) (ارفع) فعل أمر وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (مضارعا) مفعول به لارفع (إذا) ظرف تضمن معنى الشرط (يجرد) فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مضارع، والجملة من يجرد ونائب فاعله في محل جر بإضافة إذا إليها، وجواب الشرط محذوف والتقدير: إذا يجرد فارفعه (من ناصب) جار ومجرور متعلق بقوله (يجرد) السابق (وجازم) معطوف على ناصب (كتسعد) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن كتسعد وقد قصد لفظ (تسعد).


  #3  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


هذا بابُ إعرابِ الفعلِ

رافِعُ المضارِعِ تَجَرُّدُهُ مِن الناصِبِ والجازِمِ وِفَاقاً للفَرَّاءِ، لا حُلُولُه مَحَلَّ الاسمِ خِلافاً للبَصْرِيِّينَ؛ لانتقاضِه بنحوِ: (هَلاَّ تَفْعَلُ)([1]).


([1]) اعْلَمْ أوَّلاً أنَّ النَّحْوِيِّينَ جميعاً مُتَّفِقُونَ على أنَّ الأصلَ في الاسمِ هو الإعرابُ، فلا يُسْأَلُ عن عِلَّةِ إعرابِ ما هو مُعْرَبٌ منه؛ لأنَّه جاءَ على ما هو الأصلُ في نوعِه، وكلُّ ما جاءَ على الأصلِ لا يُسْأَلُ عن عِلَّتِهِ، وإنما يُسْأَلُ عن عِلَّةِ ما جاءَ مَبْنِيًّا من الأسماءِ؛ لأنَّه جاءَ على خِلافِ ما هو الأصلُ في نوعِه، وقد عَلَّلُوا بناءَ ما جاءَ مَبْنِيًّا من الأسماءِ بأنه أَشْبَهَ الحرفَ في لفظِه أو في معناه أو في استعمالِه، على ما عَلِمْتَ في بابِ المُعْرَبِ والمَبْنِيِّ أَوَّلَ الكِتَابِ، وقد وَجَّهُوا كونَ الأصلِ في الاسمِ هو الإعرابَ بأنه يَتَوَارَدُ عليه من المعاني المختلِفَةِ ما لا يُمْكِنُ تَمْيِيزُ بعضِها من بعضٍ إلا بالإعرابِ، ومعنى هذا أنَّ العبارةَ الواحدةَ مِن الكلامِ قد تَحْتَمِلُ معانِيَ مُتَعَدِّدَةً، ولا يَتَأَتَّى لكَ تَمْيِيزُ مَعْنى من هذه المعاني إلاَّ بإعرابِ ألفاظِ هذه العبارةِ، وخُذْ لِذَلِكَ مَثَلاً عِبَارَةَ: (ما أَحْسَن خالد)؛ فإنَّ هذه العبارةَ تَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مرادُ المتكلِّمِ بها التعجُّبَ مِن حُسْنِ خالِدٍ، وأنْ يكونَ مرادُ المتكلِّمِ بها الاستفهامَ عمَّا اسْتَقَرَّ الحُسْنُ فيه مِن أجزاءِ خالدٍ، وأنْ يكونَ مرادُ المتكلِّمِ بها الإخبارَ عن انتفاءِ حصولِ إحسانٍ مِن خالدٍ، ولولا حَرَكاتُ الإعرابِ التي تَقَعُ على أجزاءِ هذا التركيبِ لم يَعْرِفِ السامِعُ ما يُرِيدُ المتكلِّمُ من هذه المعاني، فإذا فَتَحَ (أَحْسَنَ) ونَصَبَ (خالداً) وقالَ: (ما أَحْسَنَ خالداً) دل على أنه يَتَعَجَّبُ مِن حُسْنِ خَالِدٍ بسببِ أنه فاقَ أمثالَه فيه، وإذا رَفَعَ (أَحْسَنَ) وخَفَضَ خالداً، وقالَ: (ما أَحْسَنَ خالِدٍ؟) دلَّ على أنه يَسْتَفْهِمُ مِن المخاطَبِ لِيُبَيِّنَ له أيُّ أجزاءِ خالِدٍ أَحْسَنُ؛ لِتَشَابُهِ هذه الأجزاءِ عليه في الحُسْنِ، واسْتَدْعَى بهذه العبارةِ جَوَاباً مِن المخاطَبِ، وإذا فَتَحَ (أَحْسَنَ) ورَفَعَ خالداً، وقالَ: (ما أَحْسَنَ خَالِدٌ) دَلَّ على أنه يُخْبِرُ المخاطَبَ بانتفاءِ وقوعِ إحسانٍ مِن خالدٍ، ولم يَكُنْ مُسْتَدْعِياً لجوابٍ مِن المخاطَبِ، ولا يُمْكِنُ أنْ يُمَيِّزَ معنًى من هذه المعاني عن أَخَوَيْهِ بشيءٍ آخَرَ غيرِ الإعرابِ أو الإتيانِ بكلامٍ آخرَ وتَرْكِ هذا الكلامِ بَتَّةً، فكانَ ذلكَ دليلاً على أنَّ الإعرابَ أصلٌ في الأسماءِ.
ثم اعْلَمْ أنَّ البَصْرِيِّينَ والكُوفِيَّينَ قد اخْتَلَفُوا في الأصلِ في الأفعالِ ما هو؟ فقالَ البَصْرِيُّونَ: الأصلُ في الأفعالِ البناءُ، وعلى ذلك لا يُسْأَلُ عن عِلَّةِ بناءِ الفعلِ الماضي، ولا عن عِلَّةِ بناءِ فعلِ الأمرِ الذي يقولون هم ببنائِه؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ مِنهما قد جاءَ على ما هو الأصلُ في نَوْعِه، وإنما يُسْأَلُ عن عِلَّةِ إعرابِ الفعلِ المضارِعِ، وقالَ الكُوفِيُّونَ: الأصلُ في الأفعالِ الإعرابُ كالأسماءِ، وعلى ذلك لا يُسْأَلُ عن عِلَّةِ إعرابِ الفعلِ المضارِعِ، ولا عن عِلَّةِ إعرابِ فعلِ الأمرِ الذي يقولونَ هم بإعرابِه؛ لأنَّ كلاًّ منهما قد جاءَ خلافَ ما هو الأصلُ في نوعِه.
وإذا عَلِمْتَ هذا الكلامَ على هذا الوجهِ المفصَّلِ الدقيقِ التفصيلِ فاعْلَمْ أنَّ النُّحَاةَ جَمِيعَهم كُوفِيَّهُم وبَصْرِيَّهُم مُتَّفِقُونَ على أنَّ الفعلَ المضارِعَ مُعْرَبٌ.
فأمَّا الكُوفِيُّونَ فقالوا: إنَّ إعرابَ الفعلِ المضارِعِ قد جاءَ على ما هو الأصلُ في نوعِه، فلا يُسْأَلُ عن عِلَّتِه، ووَجَّهُوا ذلك بأنَّ الفعلَ قد يَعْرِضُ له من المعاني المختلِفَةِ ما لا يُمْكِنُ التمييزُ بينَ بعضِها وبعضٍ إلا بالإعرابِ، وضَرَبُوا لذلك مَثَلاً عبارةَ (لا تَعْنَ بالجَفَاءِ وتمدح خالِداً)؛ فإنَّ هذه العبارةَ تَحْتَمِلُ أنْ يكونَ المتكلِّمُ قد أَرَادَ أنْ يَنْهَى المخاطَبَ عن كلِّ واحدٍ مِن الأمريْنِ؛ عِنَايَتِه بالجفاءِ ومدحِه خالداً، سواءٌ أَفَعَلَ واحداً مِنهما مُسْتَقِلاًّ عن الآخَرِ أم فَعَلَهما مُتَصَاحِبَيْنِ، كما تَحْتَمِلُ أنْ يكونَ المتكلِّمُ يُرِيدُ أنْ يَنْهَى المخاطَبَ عن فعلِ الأمريْنِ مُتَصَاحِبَيْنِ، فأمَّا أنْ يَفْعَلَ واحداً مِنهما مُسْتَقِلاًّ؛ إمَّا الأَوَّلَ وإما الثانِيَ، فلا يُرِيدُ أنْ يَنْهَاهُ عنه كما تَحْتَمِلُ أنْ يكونَ المتكلِّمُ يُرِيدُ أنْ يَنْهَى المخاطَبَ عن فعلِ الأمرِ الأوَّلِ، وهو عِنَايَتُه بالجَفَاءِ في هذه العبارةِ، ويُبِيحُ له أنْ يَفْعَلَ الثانِيَ، وهو مَدْحُ خَالِدٍ، ويَتَمَيَّزُ بعضُ هذه المعاني مِن أَخَوَيْهِ بحَرَكَاتِ الإعرابِ، فإذا جاءَ المُتَكَلِّمُ بالفعليْنِ – وهما (تَعْنِ) و(تَمْدَحْ) – مجزوميْنِ، دَلَّ على أنه سَلَّطَ (لا) الناهيةَ على كلٍّ مِنهما، وعلى أنه أرادَ بالواوِ العطفَ، وعلى أنه يُرِيدُ نَهْيَ المخاطَبِ عن فعلِ كلِّ واحدٍ مِن الأمريْنِ، سواءٌ أَفَعَلَ كلاًّ منهما مُسْتَقِلاًّ عن الآخرِ أم فَعَلَهُما متصاحبيْنِ، وإذا جاءَ المتكلِّمُ بالفعلِ الأوَّلِ مَجْزُوماً، وبالفعلِ الثاني منصوباً، دَلَّ على أنه سَلَّطَ (لا) الناهيةَ على الفعلِ الأوَّلِ وَحْدَهُ، وعلى أنه أرادَ بالواوِ الداخلةِ على الفعلِ الثاني معنى المَعِيَّةِ، ودَلَّ ذلك على أنه يَنْهَى المُخَاطَبَ عن فِعْلِ الأمريْنِ مُتَصَاحِبَيْنِ، فأمَّا فِعْلُ أَحَدِهما مُسْتَقِلاًّ إمَّا الأوَّلُ وإما الثاني فلم يَتَعَلَّقِ النهيُ به، وإذا جاءَ بالفعلِ الأوَّلِ مجزوماً وبالفعلِ الثاني مرفوعاً دَلَّ ذلك على أنه سَلَّطَ (لا) الناهيةَ على الفعلِ الأوَّلِ دونَ الثاني، وعلى أنه أرادَ بالواوِ الداخلةِ على الفعلِ الثاني الاستئنافَ، ودَلَّ الكلامُ على أنَّ المُتَكَلِّمَ يَنْهَى المخاطَبَ عن الفعلِ الأوَّلِ ويُبِيحُ له الفعلَ الثانِيَ، فلَمَّا كانَتِ المعانِي المختلفةُ التي تَفْتَقِرُ في التمييزِ بينَها إلى الإعرابِ تَتَوَارَدُ على الفعلِ كما تَتَوَارَدُ على الاسمِ وَجَبَ أنْ يكونَ الإعرابُ أصلاً في الأفعالِ كما أَوْجَبَ ذلك أنْ يكونَ الإعرابُ أصلاً في الأسماءِ كما تُقَرِّرُونَ.
ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ في شأنِ هذا التوجيهِ الذي تَمَسَّكَ به الكُوفِيُّونَ: إنَّ بينَ احتياجِ الاسمِ إلى الإعرابِ واحتياجِ الفعلِ إليه فرقاً واضحاً؛ وذلك لأنَّ احتياجَ الاسمِ إلى الإعرابِ لا يَزُولُ بغيرِ الإعرابِ، أمَّا احتياجُ الفعلِ إلى الإعرابِ فيَزُولُ بالإعرابِ كما ذَكَرْتُمْ ويَزُولُ بغيرِ الإعرابِ، وذلك كأنْ تَضَعَ مَوْضِعَ الفعلِ اسْماً وتَبْقَى بقيَّةُ العبارةِ على ما هي عليه، كأنْ تقولَ في العبارةِ التي شَرَحْنَا مَعَانِيَهَا ودَلالةَ الإعرابِ على كلٍّ معنى منها، إنْ أَرَدْتَ النهيَ عن كلِّ واحدٍ مِن الأمريْنِ قُلْتَ: (لا تَعْنَ بالجَفَاءِ ومدح خَالِدٍ) وإنْ أَرَدْتَ النهيَ عن فِعْلِهِما مُتَصَاحِبَيْنِ قُلْتَ: (لا تَعْنَ بالجفاءِ مادحاً خَالِداً)، وإنْ أَرَدْتَ النهيَ عن الأوَّلِ وإباحةَ الثانِي قلتَ: (لا تَعْنَ بالجفاءِ ولكَ مدحُ خالدٍ)، فلَمَّا افْتَرَقَ احْتِيَاجُ أَحَدِهما عن احتياجِ الآخَرِ لم يَكُنْ ما أَدَّى إليه الاحتياجُ في الاسمِ واجبَ الحصولِ في الفعلِ، وهذا أمرٌ في غايةِ الوُضُوحِ.
وأمَّا البَصْرِيُّونَ فقالوا: إنَّ عِلَّةَ إعرابِ الفعلِ المضارِعِ مُشَابَهَتُه للاسمِ في عِدَّةِ وُجُوهٍ، والشيءُ إذا شَابَهَ الشيءَ شَبَهاً قَوِيًّا أَخَذَ حُكْمَه، وقد عَلِمْتَ أنَّ مَن حُكْمِ الاسمِ الإعرابُ، فأَخَذَ الفعلُ المضارِعُ – لَمَّا أَشْبَهَه شَبَهاً قَوِيًّا – هذا الحُكْمَ.
فأمَّا وُجُوهُ الشَّبَهِ بينَ الفعلِ المضارِعِ والاسمِ فخمسةُ وُجُوهٍ:
الوجهُ الأوَّلُ: أنَّ الفعلَ المضارِعَ يَقَعُ في مَوَاقِعَ كثيرةٍ يَقَعُ فيها الاسمُ، ألا تَرَى أنَّ الاسمَ يَقَعُ خبراً، نحوُ: (زَيْدٌ قائمٌ)، والفعلَ المضارِعَ يَقَعُ صفةً، نحوُ: (هذا رَجُلٌ يَجُودُ)، والاسمَ يَقَعُ صلةً معَ كَلِمَةٍ أُخْرَى، نحوُ: (جَاءَنَا الذي قَامَ أَبُوهُ)، أو وَحْدَهُ، نحوُ: (جَاءَ قَائِمٌ)، وكذلك الفعلُ المضارِعُ يَقَعُ صِلَةً، نحوُ: (جَاءَنَا الذي يَقُومُ أَبُوهُ)، ونحوُ: (جاءَ الذي يَقُومُ)، والاسمُ يَقَعُ حالاً، نحوُ: (جاءَ زيدٌ رَاكِباً)، والفعلُ المضارِعُ يَقَعُ حالاً، نحوُ: (جاءَ زيدٌ يَرْكَبُ)، فلَمَّا وَقَعَ الفعلُ المضارِعُ في هذه المواقعِ التي يَقَعُ فيها الاسمُ كانَ شَبِيهاً به.
الوجهُ الثاني: أنَّ الفعلَ المضارِعَ قد يَحْتَاجُ إلى حَرَكَاتِ الإعرابِ لِبَيَانِ المعنى المرادِ منه في العبارةِ؛ كما أنَّ الاسمَ يَحْتَاجُ إلى حركاتِ الإعرابِ لِيَدُلَّ على المعنى المرادِ منه، وقد ضَرَبْنَا لذلك مَثَلاً في الاسمِ كما ضَرَبْنَا له مَثَلاً في الفعلِ فيما أَسْلَفْنَاهُ في هذا المَبْحَثِ، فلا حاجةَ بنا إلى إعادتِه هنا.
فإنْ قُلْتَ: أَفَلَسْتَ قد أَنْكَرْتَ على الكُوفِيِّينَ أنْ يَتَمَسَّكُوا بهذا الوجهِ لِقُصُورِ هذا المعنى في الفعلِ عنه في الاسمِ؛ لأنَّه في الفعلِ غيرُ مُتَعَيِّنٍ، وهو في الاسمِ مُتَعَيِّنٌ؟
قُلْتُ: إنما أَنْكَرْتُ على الكُوفِيِّينَ أنْ يَتَمَسَّكُوا بهذا الوجهِ فيَجْعَلُوهُ سَبَباً مُوجِباً لأنْ يكونَ الإعرابُ أصلاً في الفعلِ كما كانَ سَبَباً مُوجِباً لِكَوْنِ الإعرابِ أصلاً في الاسمِ، فأمَّا أنْ يكونَ هذا وجهاً مِن وُجُوهِ مُشَابَهَةِ الفعلِ المضارِعِ للاسمِ فلَسْتُ أُنْكِرُ شَيئاً منه، وخاصَّة لأني أَعْلَمُ أنَّ وجهَ الشَّبَهِ يكونُ في المشبَّهِ أَضْعَفَ منه في المشبَّهِ به.
وأنتَ لو تَأَمَّلْتَ في الأمرِ مَلِيًّا وَجَدْتَ الكُوفِيِّينَ يَحْكُمُونَ بكونِ الإعرابِ أصلاً في الفعلِ قِياساً على الاسمِ، ويَجْعَلُونَ تَوَارُدَ المعاني المختلفةِ المحتاجةِ في التمييزِ بينَها إلى الإعرابِ عِلَّةً لهذا القياسِ، وقد عَلِمْنَا أنَّ وُجُودَ العِلَّةِ في الفرعِ – وهو هنا الفعلُ – يَجِبُ أنْ يكونَ مثلَ وُجُودِها في الأصلِ – وهو هنا الاسمُ – فإذا ضَعُفَ وجودُ العلَّةِ في الفرعِ عن وُجُودِها في الأصلِ كانَ قِياساً معَ الفارِقِ، وهو لا يَجُوزُ، أمَّا البَصْرِيُّونَ فيَذْكُرُونَ أنَّ عِلَّةَ الإعرابِ في الفعلِ المضارِعِ هي مُشَابَهَتَهُ للاسمِ، ويَذْكُرُونَ وُجُوهَ المشابَهَةِ العديدةِ، ومِن بينِهما هذا الوجهُ، فإنْ ضُعِّفَ وجهٌ مِنها كانَتْ بَقِيَّةُ الوجوهِ كافيةً في إثباتِ المشابَهَةِ، فافْتَرَقَ أمرُ ذِكْرِ هذا الوجهِ في كلامِ البَصْرِيِّينَ عن ذِكْرِهِ في كلامِ الكُوفِيِّينَ، فتَفَطَّنْ لذلك، واللهُ يُرْشِدُكَ.
الوجهُ الثالِثُ مِن وُجُوهِ مُشَابَهَةِ الفعلِ المضارِعِ للاسمِ: أنَّ الفعلَ المضارِعَ بِحَسَبِ وَضْعِهِ يكونُ شائعا ثمَّ يَعْرِضُ له التخصُّصُ بما يَلْحَقُ به، أَلَسْتَ تَرَى أنكَ لو قُلْتَ: (يَحْضُرُ مُحَمَّدٌ) كانَ هذا الفعلُ صَالِحاً للزمانِ الحاضرِ وللزمانِ المستقبَلِ بجميعِ أجزاءِ الزمانيْنِ، فإذا قُلْتَ: (سَيَحْضُرُ عَلِيٌّ) أو (سوفَ يَحْضُرُ خالِدٌ) أو (لَيَحْضَرَنَّ مُحَمَّدٌ) تُخَصِّصُ – بما لَحِقَ به من السينِ وأُخْتِها سوفَ ومِن نونِ التوكيدِ – بالزمانِ المستقبَلِ، كما أنَّ الاسمَ يكونُ بِحَسَبِ وَضْعِهِ شَائعاً؛ كرَجُلٍ وكِتابٍ؛ فإنَّ الأوَّلَ يَشْمَلُ كلَّ رَجُلٍ، والثانِيَ يَشْمَلُ كلَّ كتابٍ، فإذا قلتَ: (الرجُلُ) تَخَصَّصَ بما لَحِقَ به مِن ألْ، وإذا قلتَ: (الكتابُ) تَخَصَّصَ بما لَحِقَ به مِن ألْ أيضاً.
الوجهُ الرابِعُ منها: أنَّ الفعلَ المضارِعَ تَدْخُلُ عليه لامُ الابتداءِ التي تَتَّصِلُ بخبرِ إنَّ المكسورةِ كما تَدْخُلُ على الاسمِ، ولا تَدْخُلُ هذه اللامُ على الفعلِ الماضي ولا على فعلِ الأمرِ، تقولُ: (إنَّ مُحَمَّداً لَيَضْرِبُ عَمْراً) كما تقولُ: (إنَّ مُحَمَّداً لَضَارِبٌ عَمْراً)، ولا يجوزُ لكَ أنْ تقولَ: (إن مُحَمَّداً لَضَرَبَ عَمْرا)، ولا أنْ تقولَ: (إنَّ مُحَمَّداً لاضْرِبْ عَمْراً)، فلَمَّا وَجَدْنَا الفعلَ المضارِعَ تَقْتَرِنُ به هذه اللامُ ولا تَقْتَرِنُ بأَخَوَيْهِ الماضي والأمرِ، ووَجَدْنَا الأصلَ في هذه اللامِ أنْ تَقْتَرِنَ بالاسمِ عَلِمْنَا أنَّ المضارِعَ يُشْبِهُ الاسمَ ولا يُشْبِهُه الماضي ولا الأمرُ.
الوجهُ الخامِسُ منها: أنَّ الفعلَ المضارِعَ واسمَ الفاعلِ يَجْرِيَانِ معاً على حَرَكَاتٍ وَسَكَناتٍ مُتَوَافِقَةٍ، فضَارِبٌ يَجْرِي في الحَرَكَاتِ والسكونِ على ما يَجْرِي عليه يَضْرِبُ، ومُسْتَغْفِرٌ يَجْرِي كذلك معَ يَسْتَغْفِرُ، وهكذا، ونعني بذلك أنَّ الحرفَ المتحرِّكَ في اسمِ الفاعلِ يُقَابِلُه حرفٌ مُتَحَرِّكٌ في الفعلِ المضارِعِ، وإنْ لم تَكُنِ الحركةُ في الفعلِ المضارِعِ هي نفسَ الحركةِ التي في اسمِ الفاعلِ، ولا يَقْدَحُ في ذلك نحوُ يقولُ معَ قائلٍ، ويَبِيعُ معَ بائعٍ؛ حيثُ تَجِدُ الحرفَ الثانِيَ مِن المضارِعِ مُتَحَرِّكاً في حينِ أنَّ ثانِي حروفِ اسمِ الفاعلِ ساكنٌ؛ لأنَّ أصلَ الحرفِ الثاني مِن المضارِعِ سَاكِنٌ أيضاً إلاَّ أنه تَحَرَّكَ لِعِلَّةٍ تَصْرِيفِيَّةٍ.
وإذا عَلِمْتَ أنَّ النُّحَاةَ كُلَّهم كُوفِيَّهُم وبَصْرِيَّهُم مُتَّفِقُونَ على أنَّ الفعلَ المضارِعَ مُعْرَبٌ، فاعْلَمْ أيضاً أنهم كُلَّهم مُتَّفِقُونَ على أنه إذا تَجَرَّدَ من النواصِبِ والجوازِمِ فهو مرفوعٌ لَفْظاً، نحوُ: (يَضْرِبُ) مِن قَوْلِكَ: (يَضْرِبُ زَيْدٌ عَمْراً)، أو تقديراً، نحوُ (يَسْعَى) مِن قَوْلِكَ: (يَسْعَى مُحَمَّدٌ إلى الخَيْرِ) أو مَحَلاُّ، نحوُ (يَسْعَيَنَّ) مِن قَوْلِكَ: (لَيَسْعَيَنَّ مُحَمَّدٌ إلى الخَيْرِ)، ولكنَّهم يَخْتَلِفُونَ في بَيَانِ العاملِ الذي عَمِلَ فيه الرفعُ، ولهم في هذا الموضوعِ أربعةُ أقوالٍ، ونحنُ نَذْكُرُها لكَ مُوَضَّحَةً، ونَذْكُرُ لكَ – معَ كلِّ قولٍ – ما عَسَى أنْ يكونَ قد وَرَدَ عليه مِن الاعتراضِ، ثُمَّ ما عَسَى أنْ يَنْدَفِعَ به هذا الاعتراضُ إنْ رَأَيْنَا أنه مدفوعٌ.
القولُ الأوَّلُ- وهو قولُ الفَرَّاءِ وغيرِه مِن حُذَّاقِ الكُوفِيِّينَ، وقولُ الأخفشِ مِن البَصْرِيِّينَ، وهو اختيارُ ابنِ مالِكٍ – وحاصِلُه: أنَّ الذي يَرْفَعُ المضارِعَ لَفظاً أو تقديراً أو مَحَلاًّ هو تَجَرُّدُهُ من الناصِبِ والجازِمِ، وإلى هذا يُشِيرُ قولُ ابنِ مالِكٍ:
ارْفَعْ مُضَارِعاً إِذَا يُجَرَّدْ = مِنْ نَاصِبٍ وَجَازِمٍ كَتَسْعَدْ
وقدِ اسْتَدَلُّوا لهذا المذهَبِ بأنَّ الرفعَ يَدُورُ معَ التجرُّدِ من النواصِبِ والجوازِمِ وُجُوداً وعَدَماً، نعني أنه كلَّما وُجِدَ التجرُّدُ المذكورُ وُجِدَ الرفعُ، وكلَّما امْتَنَعَ التجرُّدُ المذكورُ بأنْ سَبَقَه ناصِبٌ أو جازِمٌ امْتَنَعَ الرفعُ، وقد عَلِمْنَا أنَّ الدَّوَرَانَ مَسْلَكٌ مِن مسالِكِ العِلَّةِ، نعني أننا نَسْتَدِلُّ به على أنَّ الأمرَ الذي يَدُورُ معَه الحكمُ وُجُوداً وعَدَماً عِلَّةٌ لهذا الحُكْمِ الدائرِ.
واعْتُرِضَ على هذا القولِ بأنَّ التجرُّدَ أمرٌ عَدَمِيٌّ، والرفعَ أمرٌ وُجُودِيٌّ، والأمرُ العَدَمِيُّ لا يكونُ عِلَّةً للوُجُودِيِّ.
وأُجِيبَ عن هذا الاعتراضِ بأنه مَبْنِيٌّ على فَهْمٍ خَاطِئٍ؛ وذلك لأنَّ المُعْتَرِضَ فَهِمَ أنَّ معنى التجرُّدِ عَدَمُ وُجُودِ الناصِبِ والجازِمِ، لكنَّ المُحَقِّقِينَ لا يُفَسِّرُونَ التجرُّدَ بذلك، وإنما يُفَسِّرُونَه بأنه كونُ الفعلِ خالياً مِن الناصِبِ والجازِمِ؛ أي: وجودُ الفعلِ على هذه الحالةِ، وهذا الجوابُ مُحَصِّلُه منعُ كونِ التجرُّدِ أمراً عَدَمِياً، وقد يُجابُ بمَنْعِ كونِ الأمرِ العَدَمِيِّ لا يكونُ عِلَّةً في الأمرِ الوُجُودِيِّ بأنَّ هذا ليسَ على إطلاقِه، وإنما هو خاصٌّ بما كانَ عَدَمِيًّا مُطْلَقاً، لكِنْ إذا كانَ عَدَمِيًّا مُقَيَّداً صَحَّ أنْ يكونَ عِلَّةً للوُجُودِيِّ، وههنا التجرُّدُ من قَبِيلِ العَدَمِيِّ المُقَيَّدِ؛ لأنَّه عَدِمَ عاملَ النصبِ وعاملَ الجَزْمِ.
القولُ الثاني: وهو قولُ جمهورِ البَصْرِيِّينَ إلاَّ الأخفشَ والزَّجَّاجَ – وحاصِلُه أنَّ العاملَ الرافعَ للفعلِ المضارِعِ هو حُلُولُه مَحَلَّ الاسمِ، ألاَ تَرَى أنَّ (يَقُومُ) في قولِكَ: (زيدٌ يقومُ) قد حَلَّ مَحَلَّ قائمٍ من قولِكَ: (زَيْدٌ قائمٌ).
وقد اعْتُرِضَ على هذا القولِ بأنَّ المضارِعَ قد وَقَعَ في مَوَاقِعَ كثيرةٍ مَرْفوعاً، معَ أنَّ الاسمَ لا يَقَعُ فيها، وبيانُ ذلكَ أنَّكَ تقولُ: (سَيَقُومُ زَيْدٌ) و(سَوْفَ يَقُومُ زَيْدٌ)، و(قد جَعَلَ زيدٌ يقولُ كذا)، و(هلاَّ يَزُورُنا زَيْدٌ)، و(ما لِزَيْدٍ لا يَزُورُنا)، و(جاءَ الذي يُحِبُّ الخيرَ)، فتَجِدُ في كلِّ جملةٍ مِن هذه الجُمَلِ فعلاً مضارعاً مرفوعاً، والاسمُ لا يَقَعُ في المكانِ الذي وَقَعَ فيه المضارِعُ في كلِّ جملةٍ مِن هذه الجملِ، فبَطَلَ قَوْلُكم: إنَّ الذي يَرْتَفِعُ به المضارِعُ هو كونُه حالاًّ مَحَلَّ الاسْمِ.
وأجابَ قومٌ عن هذا الاعتراضِ بأنَّ المرادَ بقولِهِم: حُلُولُه مَحَلَّ الاسمِ أنه يَقَعُ مَوْقِعَه في الجملةِ، وليسَ المرادُ أنَّ كلَّ مَوْقِعٍ وَقَعَ فيه المضارِعُ هو حالٌّ فيه مَحَلَّ اسمٍ، وهذا جوابٌ ضعيفٌ لا يَحِلُّ الإشكالَ.
القولُ الثالِثُ: وهو قولُ أبي العبَّاسِ أحمدَ بنِ يَحْيَى ثَعْلَبٌ والزَّجَّاجِ، وحاصِلُه أنَّ الذي يَرْتَفِعُ به المضارِعُ هو مُضَارَعَتُه – أي: مُشَابَهَتُه – للاسمِ.
وقدِ اعْتُرِضَ على هذا القولِ بأنَّ مُشَابَهَةَ الفعلِ المضارِعِ للاسمِ اقْتَضَتْ إعرابَه بوجهٍ عامٍّ، ونحنُ نُرِيدُ سبباً اقتَضَى خُصُوصِيَّ الرفعِ، لا مُطْلَقَ الإعرابِ.
وقد يُدْفَعُ هذا الاعتراضُ بأنَّ أبا العبَّاسِ ثَعْلَباً مِن عُلَمَاءِ الكُوفَةِ، وهم يَرَوْنَ أنَّ إعرابَ الفعلِ المضارِعِ راجعٌ إلى ما هو الأصلُ في الأفعالِ عندَ الكُوفِيِّينَ على ما سَبَقَ بَيَانُه، فلم يَصِحَّ قولُ المُعْتَرِضِ عليه: (إِنَّ مُشَابَهَةَ المضارِعِ للاسمِ اقْتَضَتْ إعرابَه على وجهِ العمومِ) ولكنَّ هذا الجوابَ لا يُصَحِّحُ ما ذَهَبَ إليه الزَّجَّاجُ البَصْرِيُّ؛ لأنَّه لا يقولُ مقالةَ الكُوفِيِّينَ: إنَّ الأصلَ في الأفعالِ الإعرابُ.
القولُ الرابِعُ: وهو قولٌ يُنْسَبُ إلى الكِسَائِيِّ، ومُلَخَّصُه أنَّ الذي اقْتَضَى رَفْعَ الفعلِ المضارِعِ هو حروفُ المضارعةِ التي هي حروفُ (أَنَيْتُ) التي تكونُ في أوَّلِ المضارِعِ.
واعْتَرَضُوا على هذا القولِ بعِدَّةِ اعتراضاتٍ، مِنها أنَّ حُرُوفَ المضارعةِ قد صَارَتْ جُزْءاً مِن الفعلِ المضارِعِ، وجزءُ الشيءِ لا يَعْمَلُ فيه، ومنها أنَّ حُرُوفَ أَنَيْتُ موجودةٌ معَ المضارِعِ في قولِكَ: (لن أَزُورَ عَلِيًّا)، وفي قولِكَ: (لم أَزُرْ عَلِيًّا)، وليسَ هو مرفوعاً، بل هو منصوبٌ في المثالِ الأوَّلِ، ومجزومٌ في المثالِ الثاني، وكيفَ يَدْخُلُ عاملٌ على عاملٍ آخرَ يَقْتَضِي عَمَلاً آخَرَ؟
وقد رَجَّحَ العلماءُ – ومنهم ابنُ مَالِكٍ كما ذَكَرْنَا مِن قَبْلُ – في هذه المسألةِ مَذْهَبَ حُذَّاقِ الكُوفِيِّينَ الذي بَدَأْنَا به، وهو القولُ الحَرِيُّ بالقَبُولِ؛ لأنَّه بَعِيدٌ عن النقصِ بمِثْلِ ما وَرَدَ على الأقوالِ الأخرَى، واللهُ تعالى أعلَى وأعلَمُ.



  #4  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


إعرابُ الفِعْلِ

676- (ارْفَعْ مُضَارِعًا إذَا يُجَرَّدُ = مِنْ نَاصِبٍ وجَازِمٍ كَتَسْعَدُ)
يعنِي أنَّهُ يجبُ رفعُ المُضارعِ حينئذٍ، والرافعُ لَهُ التَّجَرُّدُ المذكورُ، كَمَا ذَهَبَ إليهِ حُذَّاقُ الكوفيينِ مِنْهُم الفَرَّاءُ، لا وقُوعُهُ موقعَ الاسمِ كمَا قالَ البصريونَ، ولا نفسُ المضارَعَةِ كمَا قالَ ثَعْلَبُ، ولا حروفُ المضارعةِ كَمَا نُسِبَ للكِسَائِيِّ، واختارَ المُصَنِّفُ الأوَّلَ، قَالَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ)، لسلامَتِهِ مِنَ النَّقْضِ بِخلافِ الثانِي، فإنَّهُ يُنْتَقَضُ بنحوِ: "هَلَّا تَفْعَلُ" و"جَعَلْتُ أَفْعَلُ" و"مَالَكَ لَا تَفْعَلُ" و"رَأَيْتُ الذِي تَفْعَلُ" فإنَّ الفعلَ فِي هذِهِ المواضعِ مرفوعٌ مَعَ أنَّ الاسْمَ لا يَقَعُ فيها فلو لمْ يكنْ للفعلِ رَافعٌ غيرُ وقوعِهِ موقعَ الاسْمِ لكانَ فِي هذِهِ المواضعِ مرفوعًا بِلا رَافِعٍ، فبَطُلَ القولُ بأنَّ رافِعَهُ وقوعَهُ موقعَ الاسمِ، وصَحَّ القولُ بأنّ َ رافِعَهُ التَّجَرُّدُ، ا هـ
ورُدَّ الأوَّلُ بأنَّ التَّجَرُّدَ عَدَمِيٌ، والرفعُ وُجُوديٌّ، والعَدَمِيُّ لا يكونُ عِلَّةً للوجوديِّ.
وأجابَ الشارِحُ بأنَّا لا نَسْلَمُ أنَّ التجردَ مِنَ الناصبِ والجازمِ عَدَمِيٌّ لأنَّهُ عِبَارةٌ عَنِ اسْتِعْمَالِ المضارعِ علَى أوَّلِ أحوالهِ مُخْلَصًا عن لفظٍ يقتضِي تغييرَهُ، واستعمالُ الشيءِ والمجيءِ بِهِ عَلَى صِفَةِ مَا ليسَ بِعَدَمِيِّ.
تنبيهٌ: إنَّمَا لم يُقَيَّدِ المضارعُ هنا بالذِي لمْ تُبَاشِرْهُ نونُ توكيدٍ ولا نونُ إناثٍ اكتفاءً بتقدمِ ذلكَ في بابِ الإعرابِ.

  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 06:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


إعرابُ الفعْلِ
إعرابُ الْمُضَارِعِ
1- الرَّفْعُ
676- ارْفَعْ مُضَارِعاً إذَا يُجَرَّدُ = مِنْ نَاصِبٍ وَجَازِمٍ كَتَسْعَدُ
تَقَدَّمَ في أوَّلِ الكتابِ أنَّ المُضارِعَ لهُ حالتانِ:
1- حالةُ إعرابٍ 2- حالةُ بِنَاءٍ.
وقدْ تَقَدَّمَ البحْثُ في بنائِهِ. وهذا بَحْثٌ في إعرابِهِ، وهوَ إمَّا رفْعٌ أوْ نَصْبٌ أوْ جَزْمٌ. فإنْ تَقَدَّمَهُ أداةُ نَصْبٍ نُصِبَ، أوْ أداةُ جَزْمٍ جُزِمَ، فإنْ لم يَتَقَدَّمْهُ شيءٌ مِنْ ذلكَ رُفِعَ.
نحوُ قولِهِ تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ} فَـ (يُدَبِّرُ) فعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِن الناصِبِ والجازِمِ، وعلامَةُ رفْعِهِ الضمَّةُ الظاهِرَةُ على آخِرِهِ، والفاعِلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ.
و(الأمْرُ): مفعولٌ بهِ منصوبٌ.
وهذا معنى قولِهِ: (ارْفَعْ مُضَارِعاً.. إلخ)؛ أي: ارْفَعِ الفعْلَ المضارِعَ إذا تَجَرَّدَ مِنْ ناصِبٍ أوْ جَازِمٍ، كـ(تَسْعَدُ) بفتْحِ التاءِ، مضارِعُ سَعِدَ.
ولم يُقَيِّد ابنُ مالكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ المضارِعَ بكونِهِ خالياً مِن النُّونَيْنِ: نونِ التوكيدِ ونونِ الإناثِ؛ لِعِلْمِهِ ممَّا تَقَدَّمَ في بابِ المُعْرَبِ والْمَبْنِيِّ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الفعل, إعراب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir