دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 صفر 1443هـ/27-09-2021م, 03:20 PM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي مجلس مذاكرة كتاب مداخل إعجاز القرآن لمحمود شاكر رحمه الله

مجلس مذاكرة كتاب مداخل إعجاز القرآن لمحمود شاكر رحمه الله


المطلوب تلخيص مقاصد كتاب مداخل إعجاز القرآن لمحمود شاكر رحمه الله.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 صفر 1443هـ/30-09-2021م, 01:24 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

تلخيص مقاصد كتاب: مداخل إعجاز القرآن لمحمود شاكر.

*

المدخل الأول: تاريخ حيرني ثم اهتديت.

المقصد الأكبر: تأسيس علم إعجاز القرآن.

المقاصد الثانوية:

*معنى الإعجاز وتاريخه:

-إثبات تعريف صحيح من مجاز اللغة للفظ الإعجاز ولفظة المعجزة.

-النص على معنى المعجزة, وهو: أنها الآية الكاشفة عن عجز جميع الخلائق, المبطلة لجميع قدراتهم على مثلها, المبينة عن قدرة الله الذي لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض.

-أمران مهمان يتعلق بهما لفظ الإعجاز والمعجزة: الأول: أنه لفظ محدث, ولم يظهر إلا في كلام أهل القرن الثالث, واستفاض في الرابع. الثاني: أنه مقترن اقترانا لا فكاك منه بلفظ التحدي.

*لفظ التحدي وتاريخه:

-لفظ التحدي: هو كذلك محدث كلفظ المعجزة, وهو أسبق الثلاثة وجودا في لغة المتكلمين, وأسبقهن توليدا ووضعا واستعمالا.

-أتى لفظ التحدي نادرا في رسائل الجاحظ )وهو أقدم المعتزلة(, كما جاء منفردا, على عكس المؤلفات التي جاءت بعده, فإن تلك الألفاظ الثلاثة جاءت مقترنة.

-لفظ التحدي وضعه المتكلمون واصطلحوا عليه لتصوير موقف مشركي العرب من رسول الله حين تلا عليهم القرآن, ثم حاولوا الاعتراض عليه, ثم طالبهم بالإتيان بمثله وعشر سور وسورة منه, فلما عجزوا استخرج المتكلمون لفظ الإعجاز من ذلك, كما استخرجوا لفظ التحدي من المطالبة. فقولهم " إعجاز القرآن" هي صفة لهذا الموقف المركب.

-أخرج المتكلمون لفظ إعجاز القرآن عن حيزه, إلى السبب الذي لأجله كان التحدي مظهرا عجز العرب, فلما ظفروا ببعض ما ظنوا أنهم أصابوه من وجوه, سموه "إعجاز القرآن", فنقلوا اللفظ من حيزه وجعلوه صفة للقرآن, وهو كلام الله الذي أنزله ليكون آية لنبيه, لا صفة للموقف المركب من التحدي وظهور العجز.

*نظرة سريعة لتاريخ الألفاظ الثلاثة عبر تاريخ علم أهل الكلام:

-في منتصف القرن الثاني الهجري انبثق علم الكلام, وهو باب أراد أصحابه بكلامهم ونظرهم إثبات الحجج في أصول الدين, ورد شبه الطاعنين. حتى اتسع البثق وسال السيل, فتميزوا بكلامهم آرائهم عن غيرهم.

-كثر الجدال بينهم وبين الطاعنين في النبوة والقرآن, وخلال هذا الجدال تولدت أربعة ألفاظ: طلب المعارضة, والتحدي, وترك المعارضة, والعجز.

-دخل المتكلمون ساحة النظر والجدل من بابين كبيرين: باب الإلهيات, وباب النبوات. ومن الأول أفضوا إلى القول بأن الله ليس بمتكلم, وأن كلامه ليس قائما بذاته, بل هو خلق يحدثه فيكون كلاما. ومن الثاني أفضوا إلى أن آيات الأنبياء الدالة على صدق نبوتهم مدارها على عجز الخليقة.

-لما وجدوا في آيات الأنبياء من الوضوح في عجز الخليقة عن الإتيان بمثلها )كإبراء الأكمه ونار إبراهيم...إلخ( قارنوها بآية محمد -عليه الصلاة والسلام- القرآن, فوجدوا العرب تسمعه ولا تنكر عربيته, ويطبق جمهورهم على تكذيبه, فأين عجز الخليقة؟ فطفقوا يبحثون عن ذلك الشرط حتى وقعوا على مطالبة الله للعرب بأن يأتوا بمثل هذا القرآن, فطاروا به, وعبروا عن ذلك بـ"التحدي", وترك العرب لذلك سموه "عجزا",

*اعتراضات أبي فهر على مصطلحات أهل الكلام:

1-بعد النظر الطويل توصل إلى أن آيات الرسل جميعا العجز فيها ليس عجزا عن فعل طولبت به الخلائق, بل هو تسليم وإبلاس محض بأن الذي رأوه أو سمعوه داخل في قدرة الخلاق, خارج عن قدرة المخلوق.

فإذن الشرط الذي وضعه المتكلمون :"مدار الآية على عجز الخليقة" شرط فاسد المعنى غير دال على حقيقة الأية.

ومدار الآية -حسب أبي فهر- على إبلاس الخليقة.

وتعريف الإبلاس هو: إحساس غامر بالحيرة والدهش والانقطاع, تمنع المرء عن كل جهد.

أما العجز: فهو ضعف يدركه المرء من نفسه عن بذل جهد ومعالجة.

-ظهر مصطلح الصرفة عبر النظام والجاحظ, والمراد به: رفع من أوهام العرب, وصرف نفوسهم عن المعارضة للقرآن, بعد أن تحداهم الرسول بنظمه. مع نسب أبي فهر الفضل في إيراد هذا المصطلح للنظام.

*تحرير مدار العجز:

الأول: عجز مرده للصرفة, وقد قال به النظام, ويقع تحته عجزين:

1-: عجز قديم مغروس في الخلق لأنهم سلبوا القدرة عن أفعال قد استأثر بها الله.

2-: عجز أحدثه الله عند تنزيل آية نبينا محمد وهي القرآن, وهو عجز يسلب الخليقة القدرة على نظم الكلام وتأليفه عند إرادة معارضة القرآن.

الثاني: ما يوجبه نظم القرآن وتأليفه من قطع أطماع البلغاء من إدراكه أو الإتيان بمثله. وهو قول الأكثرية.

ولا يمكن الجمع بين العجزين, فأحدهما يلغي الآخر.وهو ما قام به الجاحظ.

*إيراد معارضات على لوازم " القول بالصرفة":

-في القول بالصرفة تسليم بأن الله طالب الخليقة بأمر ظاهره أنهم مخيرون في فعل ما طولبوا به تخييرا مطلقا, وباطنه أنهم مجبرون على ترك فعل ما طولبوا به إجبارا مفاجئا. وهذا عبث محض.

-نفي الفضل عن بيان القرآن ونظمه, وادعاء قدرة العرب بالمجيء بمثله -لو لم يصرفوا-, من القول المستنكر العجيب الجريء على كلام الله. وهو ما أودى بالجاحظ للتنكر لهذا القول دفاعا عن نظم القرآن وبيانه.

*ملاحظات تاريخية في هذا الباب:

-لم يذكر الجاحظ قط "بلاغة القرآن" ولم يجعلها الوجه الذي عجز العرب عن معارضته, مع أنه كان يذكر بلاغة الخطباء والشعراء.

-جاء الواسطي المتكلم المعتزلي بعد الجاحظ )ت:306( وهو أول من أنشأ كتابا يحمل عنوان "إعجاز القرآن", والذي يرجح أبا فهر أنه مستخرج من كتب الجاحظ, وهو اللفظ الذي كان قريبا من الجاحظ لكنه لم يستعمله, واستخرجه استخراجا من كتبه, وهو نفسه الذي استخرج لفظ المعجزة يريد بها آية النبي التي يستدل بها على نبوته, ولم يستعملها أحد من معاصريه, بل كانوا يقولون: آيات الأنبياء, حجج النبوة, برهان النبوة. ولم يصلنا كتاب الواسطي, وغلبت مصطلحاته على من جاء بعده. وهو الذي بين بيانا واضحا أن وجه إعجاز القرآن بلاغته.

-يستدل على القول الذي اشتهر بأن وجه إعجاز القرآن بلاغته بمؤلف الرماني )وهو الرجل الثالث النحوي المتكلم, وقد كان في الثانية عشرة عند وفاة الواسطي( وهو "نكت في إعجاز القرآن", والذي ذكر فيه وجوه إعجاز القرآن, ومنها: البلاغة.

-الرجل الرابع الذي أشار إلى البلاغة, كان أول من صرح بغموض هذا اللفظ مع القول به, وهو الخطابي )وهو معاصر للرماني وأسن منه( وذلك في كتابه )بيان إعجاز القرآن(, وقد ذكرها, وهي: ترك المعارضة مع وقوع الحاجة, والصرفة -مع إبطالها-, والإخبار عن غيوب المستقبل -مع تضعيفه-, والبلاغة -وهو قول الأكثرية-, وأهم ما ذكره هو نقل التحير عن السابقين عند القول ببلاغة القرآن وعدم بيان أوجه البلاغة, وهو إشكال أحيل إبهاما كما ذكر, ثم راح يعلل ذلك بذكر أقسام البلاغة واجتماعها في القرآن. إلا أن أبا فهر يرى أنه ليس ببعيد عن تقسيم الرماني, وأن ما ذكره من تقسيم, هو تقسيم لمبهم, وأن سر ذلك الاضطراب الغالب على لفظ البلاغة يعود لسحره.

-الرجل الخامس والذي كان في زمن الخطابي والرماني هو الباقلاني, وقد ألف "إعجاز القرآن", وذكر فيه اطلاعه على كتب من سبقوه, وذكر الجاحظ وجار عليه, وأشار للرماني, وحاول محاولة صادقة لإزالة الإبهام عن معنى البلاغة والفصاحة, إلا أنه سرعان ما يؤوب للتذوق ونعت القرآن بالأوصاف إذا ما حزبه أمر. وكان أشد تنبها من الجاحظ في بيان مفارقة بيان القرآن لبيان البشر. وإن شغل عن ذلك بحل إشكال "البلاغة".

-الرجل السادس وهو معاصر للسابقين, القاضي عبدالجبار المعتزلي, عقد في كتابه "المغني" جزءا لمسألة خلق القرآن والذي عقد فيه الحديث عن إعجاز القرآن, وأراد إزالة الإبهام عن معاني الفصاحة والبلاغة.

-الرجل السابع جاء أمة وحده, عبدالقاهر الجرجاني, جاء في القرن الخامس, كان إماما في النحو والأدب, ملما بأقوال سابقيه, كاشفا الإبهام عما خفي عليهم, واضعا اليد على الجرح, ومبينا لما لم يستطع سابقوه الإبانة عنه في مسألة الفصاحة والبلاغة. كما جاء مدافعا عن الشعر والنحو, مبينا عن أهميتهما, مؤسسا لعلم البلاغة, كاشفا لمسألة الإعجاز, وذلك في كتابيه "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" غير تارك للسائل عن وجه إعجاز القرآن مجالا إلا للقول بالصرفة. وهو أول من حلل اللغة وأسس علم "تحليل البيان الإنساني كله", الأول والأخير.

-عبر الخطابي عن البلاغة بقوله: "نظما وترتيبا وتأليفا وتركيبا وصياغة وتصويرا ونسجا وتحبيرا". وذكر الرماني أقسامها بأنها: "الإيجاز والاستعارة والتشبيه والتلاؤم والفواصل والتجانس والتصريف والتضمين والمبالغة وحسن البيان". والتي سماها: البديع. وكشف اللثام عنها الجرجاني فيما سماه البلاغيون من بعده أبواب علم البيان: التشبيه والتمثيل والاستعارة والحقيقة والمجاز. ومدارها الألفاظ التي هي خدم المعاني والمتصرفة في حكمها. وأما النظم والترتيب والتأليف والتركيب, فمتعلقة بالجمل. وهو ما نسميه اليوم علم النحو.

-انتبه الجرجاني لكلام الجاحظ ولعنوان كتابه, والتقط منه: "النظم, والمخرج, واللفظ, والطبع, والتأليف, والمخرج", ووقف على أربعة منها: "النظم’ والترتيب, والتأليف, والتركيب" فوجدها ترتكز على وجوه النحو= التي هي محصول النظم, حتى جعل ذلك مدار البلاغة والإعجاز.

-يلفت أبو فهر النظر لأمرين ذكرهما الجاحظ لم يكشف اللثام عنهما الجرجاني ولم يجر على ذكرهما أو تفسيرهما, وهما: "طبع القرآن, ومخرجه" ويعقب بأن هذين الأمرين مما عجز عن كشف مبهمهما كما عجز السابقون عن كشف مبهم "النظم, والترتيب, والتأليف, والتركيب", ويرجو أن يجيء اليوم الذي به تكتمل حلقة الإعجاز, بالكشف عن هذين, وتتميم عمل الجرجاني.

-أشار المؤلف في ختام حديثه إلى أهمية علم النحو, وشنع في حق الطاعن فيه, كيف لا والجرجاني قد بنى عليه أسس علم البلاغة وانطلق منه. ثم يشنع كذلك في حق الطاعنين في علم البلاغة, والذي هو بوابة علم البيان, الذي أخرج الإنسان من حيز البهيمية إلى سعة الإنسانية الناطقة.

*دعا المؤلف في ختام حديثه لأمرين:

-ترك الاستهانة بالفروق البينة والخفية بين الألفاظ المترادفة.

-ترك إهمال التاريخ ومتابعة البحث عن نشأة الألفاظ وتاريخها.

واستدل على ما سبق من استهانة وإهمال تاريخي للفظي "الآية" و" المعجزة", مع بيان معنى الآية في كلام أهل الجاهلية.

*

المدخل الثاني: تذوق راعني حتى تذوقت:

المقصد الأكبر: التقديم لكتاب "الظاهرة القرآنية" لمالك بن نبي.

المقاصد الثانوية:

-حقيقتان لا مناص لمتكلم في إعجاز القرآن من معرفتهما:

1-أن إعجاز القرآن هو دليل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, وأن التحدي بلفظ القرآن ونظمه وبيانه, لا بالإخبار عن الغيبيات ولا نحوه.

2-أن إثبات دليل النبوة وتصديق دليل الوحي وأن القرآن من عند الله, ليس دليلا على إعجازه. فالقرآن المعجز هو البرهان على صحة النبوة, أما النبوة فليست برهانا على إعجاز القرآن.

-التنبيه إلى أن كتاب مالك بن نبي لا يدخل تحت علم الإعجاز, بل علم التوحيد, لعنايته بإثبات صحة دليل النبوة, وصدق دليل الوحي, وأن القرآن من عند الله, وأما مسألة إعجاز القرآن فإنها خارج هذا الكتاب, وهي أعقد مشكلة يمكن أن يعانيها العقل الحديث.

-تتبع النبي الأفراد من عشيرته وقراءته القرآن عليهم, ومطالبته إياهم بالإيمان بما دعاهم إليه, لم يكن إلا بدليل واحد, هو هذا الذي يتلوه عليهم, فكان في نفسه أوضح آية, وكان في ذلك دلالة على تمييز السامعين لهذا الكلام عن غيره.

-إقرار المخاطبين بالقرآن من وجه النظم والبيان أن هذا كلام رب العالمين, دليل يطالبهم بالإقرار بصحة ما فيه, وأما صحة ما فيه, فليست الدليل الذي يطالبهم بأن نظم القرآن وبيانه مباين لنظم البشر وبيانهم, وأنه بها كلام رب العالمين.

-تحير المشركين في القرآن وتكذيبهم له على مدى الدعوة المكية, أعقبه تحد بأن يأتوا بمثله, وهو ما اصطلح عليه بـ"إعجاز القرآن".

*أمور لا غنى لدارس عن معرفتها )مناط التحدي ومفصل الإعجاز(:

1-أن قليل القرآن وكثيره سواء في شأن الإعجاز.

2-أن الإعجاز كائن في رصف القرآن وبيانه ونظمه ومباينة خصائصه للمعهود من خصائص البشر.

3-أن المتحدين بالقرآن أوتوا قدرة على الفصل بين الذي هومن كلام البشر والذي ليس من كلامهم.

4-أن المتحدين بالبيان كانوا يدركون أن ما طولبوا به هو هذا الضرب من البيان.

5-أن هذا التحدي لم يقصد به الإتيان بمثله مطابقا لمعانيه, بل بما يستطيعون افتراءه واختلاقه مما يعتلج في نفوس البشر.

6-أن التحدي للثقلين, وهو مستمر إلى يوم القيامة.

7-أن ما في القرآن من مكنون الغيب ودقائق التشريع بمعزل عن هذا التحدي المفضي إلى الإعجاز, وإن كان يدل على أنه من عند الله.

*تميز اللغة العربية وقومها بصفات دل عليها مجيء القرآن معجزا بهذه اللغة, وهي:

1-القدرة على احتمال ها القدر الهائل من المفارقة بين كلامين: كلام هو الغاية في البيان فيما تطيقه القوى, وكلام يقطع هذه القوى ببيان ظاهر المباينة له من كل الوجوه.

2-إدراك أهلها على هذا الحجاز الفاصل بين الكلامين.

3-التخلية بين الحكم على القرآن وما جاء به, رغم معارضتهم له وكفرهم وجحودهم إلا أن إنصافهم دعاهم لكف ألسنتهم.

4-أن من اقتدر على مثل هذه اللغة وتذوق البيان بالغ في الإعراب عن نفسه والإبانة باللسان مبلغا لا يدانى. والدليل على ذلك ما بقي من شعرهم الجاهلي.

-الشعر الجاهلي هو أساس مشكلة إعجاز القرآن التي ينبغي أن يواجهها العقل الحديث, لا تفسير القرآن على المنهج القديم كما ظن مالك بن نبي -رحمه الله-.

-الشعر الجاهلي هو مادة الدراسة الأولى لمعرفة خصائص البيان في القرآن.

-دراسة بلاغة القرآن ومعرفة أوجه إعجازه هي السبيل لفتح ما استغلق على الناس, والفتح المبين في تاريخ بلاغة البشرية جمعاء, والمقنع للعقل الحديث الذي يتطلب معرفة إعجاز القرآن, والوسيلة لدعوة الناس, والمبطل لفتنة ترجمة القرآن.

-ختم المؤلف برجاء أن يتم الله على يد آخر الأمة ما ابتدأه أولها, وأشار إلى أن صلاح آخرها بما صلح به أولها وهو "البيان".

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 ربيع الأول 1443هـ/21-10-2021م, 11:09 AM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
Arrow

بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص مقاصد كتاب : مداخل إعجاز القرآن لمحمود شاكر رحمه الله .
المقصد الرئيسي للكتاب هو : تأسيس علم إعجاز القرآن الكريم يضارع علم البلاغة وتكون أصوله مستمدة من مباحث السلف .
-سبب تأليف الكتاب :
إثبات أن الشعر الجاهلي الذي بأيدينا غير منحول ولا مكذوب وأنه هو المرجع لدراسة خصائص البيان في القرآن ،وذلك لأن القرآن نزل بلسان هؤلاء الشعراء .
الكتاب يتكون من مدخلين وهما :
1- تاريخ حيرني ثم اهتديت
2-تذوق راعني حتى تذوقت
المدخل الأول : تاريخ حيرني ثم اهتديت
كتبه المؤلف سنة 1396 هـ
المقاصد الفرعية لهذا المدخل:
1-بيان معنى لفظ ( الإعجاز )ولفظ ( المعجزة )لغة وإثبات لفظ صحيح لهما من مجاز اللغة يتفق عليه الجميع :
ذكر المؤلف رحمه الله أن السبب الذي دعاه إلى هذا البيان أمران : 
الأمر الأول: أن لفظ (الإعجاز) في قولنا: (إعجازُ القرآن) ولفظ (المعجزة) في قولنا (معجزات الأنبياء)، كلاهما لفظٌ مُحْدَث مولَّد.
فهذه الألفاظ بدأت في الظهور في القرن الثالث الهجري ثم استفاظت استفاظت كبيرة في القرن الرابع ومابعده إلى وقتنا الحاضر .
الأمر الثاني: لفظٌ آخر مقترنٌ اقترانًا لا فِكَاك منه بلفظ (الإعجاز)، وهو لفظ (التحدي) في قولهم: إن النبي يتحدَّى أهل زمانه بما يظهر على يديه من (المعجزات). وهذا اللفظ أيضًا مُحْدَث مُوَلَّد، وقد ظهر هذا اللفظ أيضا في القرن الثالث واستفاظ في الرابع ومابعده إلى وقتنا الحاضر .
وبذلك يكون معنى العجز هو(إبلاس) محض من جميع الخلائق، ودهش وسكوت ووجوم وإطراق أحدثته مباغتة (الآية) عند المعاينة، ثم تسليم قاطع تستيقنه النفوس، بأنها فعل ممتنع أصلاً على هذا النبي وعلى جميعهم، بلا ريب يخامرها في ذلك. ويبطل بهذا المعنى الشرط الذي وضعه المتكلمون، وهو (مدار الآية على عجز الخليقة)، لأنه فاسد المعنى، غير دال على حقيقة (الآية) = والشرط الصحيح هو أن نقول: (مدار الآية على إبلاس الخليقة)، ليس غير.
الفرق بين الإبلاس والعجز :
(الإبلاس) في اللغة حالة طارئة تعتري النفس من أمر يأتي بغتة، أو يراه المرء بغتة، فيفجأه عنده حيرة ورهبة ودهش وخوف، فتنقطع لها حركة حسه، فيسكت يغشاه وجوم وإطراق. وأما العجز فهو ضعف يدركه المرء من نفسه عن بذل جهد ومعالجة، والإبلاس إحساس غامر بالحيرة والدهشة والانقطاع، تمنع المرء عن كل جهد ومعالجة فهذا فرق ما بين (العجز) و(الإبلاس).
2- بيان تاريخ لفظ الإعجاز والمعجزة والتحدي وبيان أنها ألفاظ محدثة لم يتكلم بها صرحاء العرب :
وضح المؤلف رحمه الله أن هذه الألفاظ الثلاثة محدثة لم تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في فيمن بعده ،وأنها بدأت في الظهور في القرن الثالث الهجري واستفاظت بعده ، وأن أقدم هذه الألفاظ هو لفظ ( التحدي ) لأنه بدأ في الظهور في القرن الثاني على لسان بعض المعتزلة ،وذكر المؤلف رحمه الله أن أقدم ما وقف عليه من ذكر (التحدي) بهذا المعنى المحدث، هو كلام أبي عثمان الجاحظ، (150 - 255هـ)، ولا سيما في رسالته (حُجَج النبوة) وهي رسالة كتبها بعد وفاة أبي إسحق النظام سنة 231 بزمان، فيمايرجح المؤلف رحمه الله .
وذكر المؤلف رحمه الله أيضا أن أبا عبد الله الواسطي ألف كتابًا سماه (إعجاز القرآن). وكانت لهذا الكتاب شهرة مستفيضة عند المتقدمين من أصحاب البلاغة، وكلهم اعتمد عليه فيما كتب ، فكان هو أول من ولد لفظ (الإعجاز) و(إعجاز القرآن)، وأكثر من ذكرهما مقترنين بلفظ (التحدي) فاستفاضت من بعده هذه الألفاظ الثلاثة وفشت وجرت بها الألسنة إلى يوم الناس هذا، والله أعلم.
4-الفرق بين معنى التحدي في اللغة والتحدي المقترن بالإعجاز :
ذكر المؤلف رحمه الله :
أن (التحدي) في أصل اللغة من قولهم: (فلان يتحدى فلانًا، أي يباريه وينازعه الغلبة، وإلحادي: المتعمد للشيء، يقال: حَداه وتحدَّاه وتحرَّاه بمعنى واحد، أي تعمَّد الأمر وقصده. وعلى هذا يكون معنى (التحدي) في اللغة هو: أن يتعمد الرجل المتحدي فعل شيء، وهو يريد بفعله هذا أن يباري خصمه ويعارضه في فعله، طالبًا بذلك مساماته وغلبته والظهور عليه. و(التحدي) بهذا المعنى قليل جدًا. وأما (التحدي) الذي نتكلم عنه ،فهو على عكس هذا المعنى الذي ذكر آنفا وهو أن تفعل أنت فعلاً، ثم تطالب خصمك بأن يبذل غاية جهده في معارضته والإتيان بمثله، وأنت على ثقة من أنه غير قادر على مثل هذا الفعل، طالبًا بذلك إظهار عجزه وضعفه عن مساماتك أو غلبتك أو الظهور عليك. وهذا هو المعنى المقصود عند ذكر الأنبياء، وتحديهم الناس بمعجزاتهم. فالنبي لا يأتي إلى شيء مذكور عند الناس بالتفوق، فيقصد أن يعارض هذا الشيء طالبًا لمساماتهم والغلبة عليهم، بل يأتيهم بشيء يعلم أنه خارج عن قدرتهم، ويطالبهم بمعارضته والإتيان بمثله، طالبًا لإظهار عجزهم عجزًا يوجب عليهم التسليم له بأنه (نبي) من أنبياء الله سبحانه، وهذا عكس المعنى الأول الذي تنص عليه اللغة.
5-بيان معنى الصرفة ومن أتى بها :
معنى (الصرفة) أن الله سبحانه حين نزل القرآن، كتب فجأة على العرب وعلى سائر الخلائق أن تكون أوهامهم مصروفة صرفًا سرمدًا عن القدرة على نظم كلام وتأليفه، إذا أرادوا معارضة القرآن أو الإتيان بسورة من مثله، مع بقاء قدراتهم سالمة على نظم الكلام وتأليفه في سائر أحوالهم.
واللذان استحدثا هذا اللفظ وقالا بأن إعجاز القرآن كان ( بالصرفة ) هما أبو إسحاق النظام وأبو عثمان الجاحظ وذلك لتكون هذه الصرفة في شأن القرآن مصححة أيضًا لشرطهما الذي أحدثاه، وهو: (مدار الآية على عجز الخليقة).
-نقض لفظ الصرفة :
قال المؤلف رحمه الله :
الذي ينقض لفظ (الصرفة) أنه يسلب نظم القرآن وتأليفه كل فضيلة، لأنهم معجزون بالصرفة لا غير!! بل أكبر من ذلك، أن هذه (الصرفة) تجعل مطالبة الخليقة في الإتيان بمثل القرآن مطالبة ظاهرها أنهم مخيرون في فعل ما طولبوا به تخييرًا مطلقًا، وباطنها أنهم مجبرون على ترك فعل ما طولبوا به إجبارًا مفاجئًا لا مخلص منه، ولا إرادة لهم فيه، ولا يملكون له دفعًا. فهم قادرون عاجزون في وقت معًا. وهذا عبث محض، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرًا).
6- سبب تأليف كتاب نظم القرآن وتأسيس علم القرآن للجاحظ :
كان سبب تأليف أبو عثمان الجاحظ لهذا الكتاب هو فزعه من الأقوال التي أدت إليها ( الصرفة ) فأراد بذلك أن يعيد النظر في الأمر كله ، وسنحت له الفرصة بذلك عندما طلب منه صديقه أن يكتب له شيئا عن القرآن ،فكتب هذا الكتاب عن الاحتجاج لنظم القرآن وسلامته من الزيادة والنقصان ) .
فكان بذلك أول قائل في القرآن، من جهة النظم والتأليف.
-ظهور مصطلح (بلاغة القرآن ) عند الواسطي والرماني :
لم يذكر الجاحظ أن وجه إعجاز القرآن هو بلاغته مع أنه كان يذكر (بلاغة الشعراء والخطباء ، لكن جاء بعده أبو عبد الله الواسطي المعتزلي وهو أول من أنشأ كتابا يحمل عنوان ( إعجاز القرآن ) وهو اللفظ الذي كان دانيا في كلام الجاحظ ثم تجاوزه ،فدل هذا على أن الواسطي استخرج هذا اللفظ من كتب الجاحظ خصوصا كتاب ( الاحتجاج لنظم القرآن )، ثم جاء بعده الرماني وأنشأ كتابا سماه ( نكتب في إعجاز القرآن ) وخص من هذه الوجوه ( بلاغة القرآن ).
-معنى لفظ ( الآية ) في كلام أهل الجاهلية :
ذكر المؤلف رحمه الله أن هذا اللفظ جاء في أشعار الجاهلية على 8 معان وهي :
1-العلامة
2- آيات الديار
3-البناء العالي
4-شخص الرجل وجثمانه
5-العبرة
6-الأمارة
7-جماعة القوم إذا رحلوا جميعا لحرب أو سفر
8-الرسالة التي يحملها الرسول
فهذه المعاني كلها متعانقة ، لكن لا يوجد في شعر الجاهلية ما يدل على أنهم قالوا : (آيات الأنبياء ) وهم يعنون الاية الشاهدة على صدق النبوة ،لكن هذا لا ينفي أنهم كانوا يعرفون معنى ( أيات الأنبياء ) في جاهليتهم ،وعلى الأغلب سيكون سقط هذا المعنى من الشعر والأخبار التي تؤثر عنهم ، ومعرفة هذا المعنى معرفة واضحة يسقط الحجاب الذي أسدله لفظ ( المعجزة ) ولفظ( إعجاز القران ) على حقيقة الوجه الذي آمن به المؤمنون وكفر به المشركون من أهل الجاهلية الذي نزل عليهم القرآن ( آية ) لرسول من أنفسهم .
المدخل الثاني : تذوق راعني حتى تذوقت
كتبه المؤلف سنة 1396 هـ بالرياض .
وهو مقدمة لكتاب ( الظاهرة القرآنية ) لصديقه مالك بن نبي رحمه الله .
المقصد الرئيسي لهذا المدخل :
التقديم لكتاب ( الظاهرة القرآنية ) لمالك بن نبي
-المقاصد الفرعية :
-تعريف (الظاهرة القرآنية )في كتاب مالك بن نبي :
عرفها المؤلف رحمه الله بأنها : إثبات دلائل إعجاز القرآن، وأنه كتاب منزل من عند الله تعالى والمأمور بتبليغ هذا الكتاب هو رسول صادق ،قد بلغ عن ربه ما أمره بتبليغه وأن بين هذا الرسول الصادق وبين الكلام الذي بلغه حجازا فاصلا، وأن هذا الحجاز الفاصل بين القرآن وبين مبلغه، حقيقة ظاهرة، لا يخطئها من درس سيرة رسول الله فاحصًا متأملاً، ثم دارس كتاب الله بعقل يقظ غير غافل).
-أصول منهج مالك بن نبي في كتابه :
استمد هذه الأصول من تاريخ النبوة وخصائصها ومن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم .
-محنة العقل الحديث وتأثيرها على دلائل الاعجاز القرآني :
شن أعداء الاسلام حربا دروسا على عقول المسلمين وتركوا بذلك منهم جرحى وصرعى لا تقوم لهم قائمة، ونصبوا في أرجاء الدول الاسلامية عقولاً لا تدرك إلا ما يريد العدو لهذه العقول إدراكه ،فنجحوا بذلك في تحطيم أعظم ثقافة إنسانية وظفروا بما خططوا له ، وكان من أهم هذه الأسلحة سلاح ( الاستشراق )السلاح الخطير الذي فتك بعقول أبناء هذه الأمة ، وعاث في الارض فسادا وإفسادا ؛ وكان له الأثر الكبير في تشكيك الأمة في مراجعها وأصولها وكان من بين ذلك التشكيك في الشعر الجاهلي والطعن فيه .
- بيان مقصد مالك بن نبي في كتابه ( الظاهرة القرآنية ):
بين المؤلف رحمه الله أن مقصد مالك بن نبي من تأليف كتاب ( الظاهرة القرآنية )هو إثبات صحة دليل النبوة، وبصدق دليل الوحي، وأن القرآن تنزيل من عند الله، وأنه كلام الله لا كلام بشر. وليس هذا هو (إعجاز القرآن) ، بل هو أقرب إلى أن يكون بابًا من (علم التوحيد) .
-تحديد معنى إعجاز القرآن :
أنه دليل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن الله تعالى تحدى البشر جميعا بلفظه ونظمه وبيانه .
وأن إعجاز القرآن هو البرهان على صحة النبوة ،وليس العكس .
-ضبط أمور متعلقة بإعجاز القرآن :
ذكر المؤلف رحمه الله بعض الأمور المتعلقة بضبط إعجاز القرآن وهي سبعة أمور :
الأول: أن القرآن كله معجز
الثاني: أن (الإعجاز) كائن في رصف القرآن وبيانه ونظمه، ومباينة خصائصه للمعهود من خصائص كل نظم وبيان في لغة العرب، ثم في سائر لغات البشر، ثم في بيان الثقلين جميعًا، انسهم وجنهم متظاهرين.
الثالث: أن الذين تحداهم بهذا القرآن، قد أوتوا القدرة على الفصل بين الذي هو من كلام البشر، والذي هو ليس من كلامهم.
الرابع: أن القوم الذين تحداهم به كانوا يدركون أن المتحدى به هو هذا الضرب من البيان.
الخامس: أن هذا التحدي لم يقصد به الإتيان بمثله مطابقًا لمعانيه، بل أن يأتوا بما يستطيعون افتراءه واختلاقه من كل معنى أو غرض، مما يعتلج في نفوس البشر.
السادس: أن هذا التحدي للثقلين كلهم مستمر إلى يوم القيامة .
السابع: أن ما في القرآن من مكنون الغيب، ومن دقائق التشريع، ومن عجائب آيات الله في خلقه، كل ذلك بمعزل عن هذا التحدي المفضي إلى الإعجاز وإن كان ما فيه من ذلك يعد دليلاً على أنه من عند الله تعالى، ولكنه لا يدل على أن نظمه وبيانه مباين لنظم كلام البشر وبيانهم، وأنه بهذه المباينة كلام رب العالمين، لا كلام بشر مثلهم.
-صفة القوم الذين تحداهم القرآن وصفة لغتهم :
بلغت لغتهم صفة الكمال والتمام في البيان ، والقدرة على تحمل أن تحتمل هذا القدر الهائل من المفارقة بين كلامين: كلام هو الغاية في البيان فيما تطيقه القوى، وكلام يقطع هذه القوى ببيان ظاهر المباينة له من كل الوجوه.
واتصف أهل هذه اللغة بعدم الجور في الحكم على البيان ، ونهتهم أمانتهم على البيان على عدم معارضته ومناقضته .
-أوجه دراسة الشعر الجاهلي :
يكون ذلك بالمعرفة به فهي أول الطريق إلى دراسته ، فنعرف بذلك خصوصيته وانفراده عن الأشعار التي جاءت بعده ، ونلتمس بذلك قدرته البيانية التي يمتاز بها أهل الجاهلية عمن جاء بعدهم ،ويتبين لنا ضروب البيان المختلفة التي أطلقتها قوى لغتهم وألسنتهم، ثم بعد ذلك يمكننا تلمس ماأعجزهم بيانه في القرآن الكريم ، ونعلم خصائص هذا البيان المفارق لبيان البشر.
-سبب صمود الشعر الجاهلي إلى عصرنا ، وسبب ضعف الإقبال على دراسته :
صمد إلى عصرنا لأنه كان مادة للغة العربية ،وبابا على النحو ونكتة في البلاغة وبقي كنزا لعلوم اللغة العربية كلها ؛أما سبب ضعف الإقبال على دراسته فيرجع إلى عدة عوامل منها :
أولا :الموازنة بين شعر الجاهلية، وشعر المحدثين من شعراء الإسلام، وداخل ذلك من الإزراء على الشعر الجاهلي وعيبه ما داخل، وأيضا كان من أسباب الانصراف عنه كثرة الأخطاء في فهمه واختلال الرواية بالزيادة والنقصان ،والتقديم والتأخير ،حتى اختلطت المعاني اختلاطا يسهل الطعن فيه ، ثم حدثت الطامة الكبرى في عصرنا الحديث عندما فرض الاستعمار الغربي على مدارسنا منهجا يقوم على إضعاف العربية إضعافًا لا مثيل له ،ثم عزلت العربية عن كل علم وفن ومل الشباب العربي من لغتهم واستهانوا بأمرها ، ثم بدأ الطعن والتشكيك والسخريةمن ( الشعر الجاهلي ) عبر الصحافة والاعلام كله ، فكانت هذه العوامل مجتمعة سببا لضعف الاقبال على دراسته .
أثر دراسة الشعر الجاهلي على فتنة ترجمة القرآن :
قال المؤلف رحمه الله :
إذا لم يكن للبشر في طاقتهم بألسنتهم التي يبدعون في شعرهم ونثرها، أن يأتوا ببيان كبيان القرآن، تدل تلاوته على أنه بيان مفارق لبيان البشر، فمن طول السفه وغلبة الحماقة، أن يدعى أحد أنه يستطيع أن يترجم القرآن، فيأتي في الترجمة ببيان مفارق لبيان البشر.
الخاتمة :
ختم المؤلف رحمه الله هذا المدخل بدعاء وهو : بأن يجعل الله صلاح آخر هذه الأمة بما صلح به أولها وهو البيان ، وشكر صديقه مالك بن نبي على الفرصة التي أتاحها له بأن فتح له بابا من القول في إعجاز القرآن .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 ربيع الأول 1443هـ/23-10-2021م, 10:44 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

مجلس مذاكرة كتاب مداخل إعجاز القرآن لمحمود شاكر رحمه الله


المطلوب تلخيص مقاصد كتاب مداخل إعجاز القرآن لمحمود شاكر رحمه الله.

المقصد العام:
البحث في مسألة إعجاز القرآن من وجه آخر مخالف لما سار عليه من سبق الكاتب ممن عرض للإعجاز، مع تتبع تاريخي لنشأة هذا العلم تبين أسباب غياب هذا الوجه عن الأئمة السابقين.
أو
التمهيد لتأسيس علم لإعجاز القرآن مستمدة أصوله من مباحث السلف.

المقاصد الفرعية
- سبب البحث في تفسير هذه الالفاظ: إعجاز القرآن، معجزات الأنبياء، والتحدي، والبلاغة ومصادرها الأولى وما وصلت إليه.
- نظرة تاريخية في نشوء هذه الألفاظ.
- إيجاز القول في (مسألة إعجاز القرآن)، منذ تنزيل القرآن العظيم إلى أن استحدث لفظ (إعجاز القرآن)، ثم امتدادها إلى زمان عبد القاهر.
- تعريف المؤلف بكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي
- أصول منهج مالك بن نبي في كتاب الظاهرة القرآنية
- تأصيل تاريخي لمحنة العقل الحديث وتأثيرها على طلب دلائل إعجاز القرآن
- توجيه مالك بن نبي لخطر مقولة مرجليوث في الشعر الجاهلي.
- نقد النتيجة التي توصل إليها مالك في كتابه بعد انتقاده لمقولة مرجليوث
- تحديد معنى إعجاز القرآن.
- ضبط أمور متعلقة بإعجاز القرآن
- صفة القوم الذين تحداهم القرآن وصفة لغتهم
- تحرير أساس مشكلة إعجاز القرآن.
- أوجه دراسة الشعر الجاهلي
- أسباب الإعراض عن اتخاذ الشعر الجاهلي مادة لدراسة بيان القرآن
- علاقة الشعر الجاهلي بإعجاز القرآن والوجه الذي يرمي له الكاتب من دراسته.
- أثر اتباع هذا المنهج الذي دعا له الكاتب
- الترغيب بتتبع بيان القرآن والكشف عن حقائقه بالمنهج الذي حرره الكاتب

توزيع الموضوعات على مقاصد الكتاب
سبب البحث في تفسير هذه الألفاظ: إعجاز القرآن، معجزات الأنبياء، والتحدي، والبلاغة ومصادرها الأولى وما وصلت إليه وتحليلها لغويا:
- أن هذه الألفاظ مولدة لم ترد في الكتاب ولا السنة ولا عن الصحابة ولا التابعين ولم تبدأ في الظهور إلا في القرن الثالث ثم استفاضت في القرن الرابع
- هذا البحث لا يهدف لإسقاط هذه الألفاظ مهما بلغ الاعتراض على سلامتها في اللغة والشرع نظرا لاستفاضتها في التأليف قديما وحديثا.
- ما تعرض له الكاتب من حيرة في لفظ العجز وشرط المتكلمين ونجاته بهداية الله بعد معاودة الفحص عن لفظ العجز مع ما في ذلك من مخالفة لجمهور العلماء الذين أخذوا اللفظ من المتكلمين وأمروه وبنوا عليه أبوابا من العلم واسعة وذلك أن آيات الرسل حاشا القرآن العجز فيها قريب سهل المأخذ وسهل أيضا أن يقبله العقل أما العجز في القرآن فهو مختلف بين الاختلاف.
- محاولة اثبات تعريف صحيح للفظي معجزات الأنبياء وإعجاز القرآن لا يختلف الناس عليه.
- أصل التحدي في اللغة أن المتحدي هو الذي يقصد أن يعارض بفعله خصمًا، طالبًا بذلك إظهار قدرته وتفوقه عن طريق معارضة يرتكبها هو نفسه. و(التحدي) بهذا المعنى قليل جدًا.
- المستفيض في معنى التحدي هو عكس الأصل تماما وهو أن تفعل أنت فعلاً، ثم تطالب خصمك بأن يبذل غاية جهده في الإتيان بمثله، طالبًا بذلك إظهار عجزه وهذا هو المعنى المقصود عند ذكر الأنبياء.
- لفظُ (الإعجاز) مصدرُ قولِنا في كل أمر يريدُ الرجل أن يفعله أو يأتيه، فيجهَدُ جُهْدَهُ كُلَّه، فلا يستطيع أن يفعله أو يأتيه، ويسقط عندئذٍ في (العَجْز) غير مُطيق لفعله، غير قادر على إتيانه، ويوصف هذا (الأمر) عندئذ بأنه (مُعجز) أي هو غير مقدور عليه البتَّة.
- (المعجزة) هي الآية الكاشفةُ عن عَجْز جميع الخلائق، المبْطِلة لجميع قدراتهم على مثلها، المبينةُ عن قدرة الله الذي لا يُعْجِزه شيء في السماوات والأرض.
- (إعجاز القرآن) صفة لموقف مركب هو مجيء التحدي في القرآن يطالب بالإتيان بمثله من ناحية وابلاس المشركين وانقطاعهم عن فعل ما طولبوا به من ناحية أخرى.
- العجز في آيات الأنبياء ليس عجزا عن فعل طولبت الخلائق بفعله أو الإتيان بمثله فظهر عجزهم عنه وقد حاولوا فعله، بل هو تسليم مبتدأ أن ما رأوه داخل في قدرة الخلاق وحده وخارج عن قدرتهم فهو إبلاس محض من جميع الخلائق.
- الشرط الذي وضعه المتكلمون وهو أن مدار الآية على عجز الخليقة شرط فاسد والشرط الصحيح أن مدار الآية على إبلاس الخليقة.

نظرة تاريخية في نشوء هذه الألفاظ.
أكثر الكاتب من وضع تصورات لتاريخ ظهور الألفاظ ومبرراتها وفي كل مرة يذكر أنه التصور الذي وضعه قد لا يكون بتلك البساطة وفيما يلي محاولة لتلخيص ما كتبه:
- انبثقت أول بدايات علم الكلام في منتصف القرن الثاني
- أول من اعتزل ووشق الكلام لمن بعده واصل بن عطاء الألثغ وصار رأس المعتزلة توفي سنة 131 وكان مشغولا بالأسماء والصفات وأفعال العباد والمنزلة بين المنزلتين ولا يعرف له أقوال في آيات الرسل ولا القرآن.
- ثم جاء أبو الهذيل العلاف البصري توفي سنة 235 وزوجته اخت زوجة واصل ابنتا عمر بن عبيد وكان في زمانه رجلان من المعتزلة ولدا بالبصرة في صدر حياته 1/ ابن أخته أبو إسحاق إبراهيم بن سيار النظام توفي 231 وكان ذكيا اخذ عن خاله الجدل وصحب أهل العلم وعلماء اللغة والشعراء دهرا وأخذ عنهم، ولكنه كان متهورا يطير مع الخاطر الأول 2/ أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ توفي سنة 255
- النقاش كان دائرا بين المتكلمين أنفسهم وبينهم وبين الطاعنين وبينهم جميعا وبين أهل الملل والنحل وخلال هذا الجدل تولدت أربعة ألفاظ تتعلق بالنبوة والقرآن وهي: (طلب المعارضة) و(التحدي) و(ترك المعارضة) و(العجز) وترددت هذه الألفاظ مرة مع الحق ومرة مع الباطل.
- ما لبثت هذه الألفاظ أن ولدت ثلاثة ألفاظ صار لها شأنا عظيما هي (الإعجاز) و(إعجاز القرآن) و(المعجزة) وقد نشأت في بيئة جدلية خصبة.
- لفظ التحدي هو الأسبق من الألفاظ الثلاثة (تحدي، إعجاز، معجزة) وظهوره بالتأكيد لا يتجاوز أواخر القرن الثاني للهجرة.
- استقراء كتب الجاحظ (ت255) يدل على أن لفظي الإعجاز والمعجزة لم يكونا على عهد الجاحظ من الألفاظ الدائرة على ألسنة المتكلمين من المعتزلة غيرهم.
- دخل المتكلمون ساحة النظر والاستدلال ومعمعة الجدل والخصومة من باب الإلهيات والنبوات.
- في الإلهيات طلبوا البرهان على وجود الله سبحانه وتنزيهه وتوحيده فنظروا اضطرارا في كل شيء وتولد معهم ألفاظ كثيرة تفشت فيهم وجذبتهم إلى الاختلاف في حدودها ووصل بهم الأمر إلى نفي الكلام عنه سبحانه والقول بأن كلامه مخلوق فظهرت فتنة خلق القرآن عام 212 على يد المأمون ومرت بالمعتصم والواثق ثم أطفأها الله بيد المتوكل عام 242.
- في النبوات التمسوا الحجة على تثبيت صحة بعثة الرسل فنظروا في آيات الأنبياء وفي الفرق بينها وبين الحيلة والكهانة والتنجيم ونظروا في شرط الآية حتى تكون ملزمة للناس في تصديق النبوة فرأوا أن مدارها على عجز الخليقة.
- لما فرغوا من الاستدلال لهذا الشرط جاؤوا للقرآن وهو كلام الله وآية نبيه فدخلوا في حيرة فقد خرجوا من باب الإلهيات ودخلوا في باب النبوات ومعهم يقين بأن مدار الآية على عجز الخليقة فوجدوا هذه الآية وهي القرآن مخالفة من كل وجه لآيات الأنبياء في قرب تسليم المشاهد لها بأنها خارجة عن طوقه وطوق جميع الخلائق حتى يشهدوا على أنفسهم بالعجز كآيات الأنبياء (العصا، واحياء الموتى .. ) مما لا يقدر عليه الخلائق فكيف يكون القرآن آية على شرطهم في العجز الذي تسلم به البديهة وهو كلام عربي مبين؟ كيف وفي اعتقادهم أنه سبحانه ليس بمتكلم؟
- تتبع الكاتب رحمه الله تاريخ هذا الشرط واستنتج أن أول من وضعه النظام مع صاحبه الجاحظ ومرا به على آيات الرسل فلما وصلا للقرآن وقفا على غموضه وفساده فضنا بوليدهما وانطلقا يلتمسان المخرج.
- دخلوا في معمعة أن القرآن آية فأين تمام شرطهم في الآية وهو عجز الخليقة فعمدوا إلى القرآن فوجدوا فيه مطالبة العرب بالإتيان بمثله ثم لم يجدوا أحدا فعل فسموا الأول طلب المعارضة والثاني ترك المعارضة، ولم يكفهم الوصف فسموا طلب المعارضة تحديا وسموا ترك المعارضة عجزا وخرجوا بهما جميعا من صفة الموقف المركب إلى صفة القرآن نفسه فسموه إعجاز القرآن.
- اختلط الأمر على المتكلمين ومنهم النظام والجاحظ فوصلا إلى أن العجز المتعلق بآيات الأنبياء إحياء الموتى على سبيل المثال أمر قائم في نفوس الخلائق جميعا أما العجز في آية القرآن عن معارضة كلام بكلام فليس أمرا قائما في أنفس الخلائق.
- أشكل عليهم إعراض العرب عن المعارضة مع تصديهم لما هو أصعب منها من قتال وغيره فانتقلا إلى قول مذهل للعقول سمياه الصرفة ليصححا شرطهما في القرآن وهي أن الله رفع من أوهام العرب وصرف نفوسهم عن المعارضة للقرآن بعد أن تحداهم الرسول بنظمه وبهذا يسلم الشرط.
- لم يكتف النظام بهذه النتيجة لكنه انتقل إلى القول بأن القرآن حق، أي هو بالصرفة آية من آيات الأنبياء، وليس تأليفه بحجة أي ليس نظمه وتأليفه آية، وأنه تنزيل أي وحي من الله وليس ببرهان ولا دلالة، أي أن الوحي ليس بآية كآيات الأنبياء ثم غلا فقال إن الآية في القرآن والأعجوبة هو ما فيه من الأخبار بالغيوب وأن العرب لو خلي بينهم وبين معارضته ولم تأخذهم الصرفة لكانوا قادرين على الإتيان بمثله.
- بعد أن قال إسحاق النظام بالصرفة ووافقه عليها الجاحظ وتمادى النظام لينكر بيان القرآن بناء على قوله بالصرفة، فزع الجاحظ لتأليف كتاب للرد على النظام أسماه: (نظم القرآن، وسلامته من الزيادة والنقصان) وهو كتاب مفقود، أنكر فيه ما وصل له صاحبه النظام لكنه بقي على القول بالصرفة وظهر ذلك في كتب متأخرة له ككتاب الحيوان.
- كان الجاحظ أول من ألف كتابا في شأن إعجاز القرآن ومع ذلك سماه نظم القرآن لغياب هذا اللفظ في عصره.
- الجاحظ فزع إلى تذوقه لبيان القرآن الذي كان عليه سائر المسلمين منذ عهد الصحابة فاجتهد وجاء بما لم يسبق إليه من ألفاظ جعلها نعوتا للقرآن ولصنيعه في النفوس وتأثيره في القلوب فجاء بألفاظ عظيمة الوقع على النفوس وحسبه فضيلة أنه افتتح هذا الباب بألفاظه القوية البارعة.
- ظهرت في كتب الجاحظ الألفاظ الثلاثة على وجه الفرط والندرة.
- كان في الفاظ الجاحظ لفظ المعارضة بدل التحدي والذي كان أكثر استخداما في زمانه.
- لم يذكر الجاحظ قط بلاغة القرآن ولم يجعلها الوجه الذي كان منه عجز العرب عن معارضته مع أنه كان يذكر بلاغة الشعراء والخطباء وأبلغ العرب دون أن يستخرج منه أن وجه إعجاز القرآن هو بلاغته.
- جاء بعد ذلك كتاب (إعجاز القرآن) لأبو عبدالله محمد بن يزيد الواسطي المعتزلي (توفي 306) والذي اطلع بلا ريب على كتب الجاحظ وكان لكتابه شهرة واسعة والغالب أنه هو أول من استخرج ما كان في كتب الجاحظ من الألفاظ الثلاثة وأكثر من ذكرها فاستفاضت بعد ذلك، وهو أول من نعلم أنه ألف كتابا يحمل عنوانه لفظ إعجاز القرآن
- من القريب أن الواسطي هو الذي استخرج لفظ المعجزة وهو يريد آية النبي ودليل ذلك أن الجاحظ ومن بعده لم يستعملوها قط بل كانوا يقولون آيات الأنبياء ودلائل النبوة وأعلام النبوة وحجج النبوة وبرهان النبوة وهذا واضح في كتب الأئمة كالبخاري وغيره ثم نجد لفظ إعجاز القرآن ولفظ معجزة النبي ومعجزات الأنبياء ظهر فجأة في الكتب التي جاءت بعد كتب الواسطي.
- لم يصلنا كتاب الواسطي مع أنه كان مشهورا عند أئمة علم البلاغة إلى القرن الخامس.
- الواسطي هو الذي بين بيانا واضحا أن الوجه الذي كان منه القرآن معجزا هو بلاغته وأن بلاغة القرآن هي الآية وهذا ما يدل عليه السياق التاريخي للتأليف في البلاغة.
- جاء بعد الجاحظ والواسطي، أبو الحسن علي بن عيسى الرماني المعتزلي (توفي 386) الف كتابا سماه نكت في إعجاز القرآن فذكر وجوه إعجاز القرآن وخص من هذه الوجوه بلاغة القرآن فذكر طبقات البلاغة وأقسامها وهذا لم يكن في عهد الجاحظ وإن كان مستخرجا من كتبه لا سيما البيان والتبيين.
- لابد من الفصل بين لفظ البلاغة عند الجاحظ والواسطي والرماني وبين علم البلاغة كما عرف بعد عبد القاهر.
- كانت ثمرة هذا السياق الذي اتصل منذ عهد الجاحظ إلى أن انتهى إلى الرماني هو: أن التحمت خمسة ألفاظ التحامًا واحدًا وهي: (الإعجاز، والمعجزة، التحدي، والعجز، البلاغة)،
- كان لفظ (البلاغة) أشدهن سحرًا، وكان، ولم يزل، لفظًا مبهمًا غير بين المعالم والحدود والدرجات.
- لم يغفل بعض القدماء عن موطن هذا الغموض والإبهام، بل انتبهوا له، ولكن جرفهم سحر لفظ (البلاغة) في حيز (إعجاز القرآن)، فسكتوا عنه، أو ذكروه ثم تجاوزوه، وعادوا إلى البلاغة.
- الرجل الرابع في هذا السياق هو أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي، (توفي 388ه) كتب رسالة سماها (كتاب بيان إعجاز القرآن)، أشار فيها لتعذر معرفة وجه إعجاز القرآن، وإكثار الناس في هذا الباب دون الوصول لشيء
- ذكر الخطابي أربعة وجوه في إعجاز القرآن: 1/ ترك معارضته، مع وقوع الحاجة إليها، وهذا دليل (العجز) ثم وصفه فقال: (وهذا من وجوه ما قيل فيه، أبينها دلالة، وأيسرها مؤونة، وهو مقنع لمن لم تنازعه نفسه مطالعة كيفية وجه الإعجاز فيه)، 2/ (الصرفة) فرده وأبطله، 3/ الإخبار عن الكوائن في مستقبل الزمان، فضعفه ولم يرده، 4/ (البلاغة) فذكر أن وصف كيفيتها متعذر، وأن من قال بها إنما قال على وجه التقليد وضرب من غلبة الظن، دون التحقيق له وإحاطة العلم به.
- ومع ما قرره الخطابي من أن البلاغة التي جعلوها وجهًا من وجوه الإعجاز، محفوفة بالإبهام إلا أنه لم يزد على ما فعله الرماني في تقسيم أجناس الكلام الفاضل ومراتبه، وجعلها ثلاثة: (البليغ الرصين الجزل، والفصيح القريب السهل، والجائز الطلق الرسل)
- هذه المبهمات الثلاثة التي لا حدود لها والتي قررها الخطابي، إذا هي اجتمعت، كيف يخرج منها ما نسميه (إعجاز القرآن)؟
- سر هذا الاضطراب بعد الاستقامة والوضوح، هو سحر لفظ (البلاغة).
- الرجل الخامس هو القاضي أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد الباقلاني (ت سنة 403) كان متكلما لكنه كان أديبا، ألف كتابًا جليل القدر هو (إعجاز القرآن)
- حاول الباقلاني في كتابه إزالة (الإبهام) عن معنى (البلاغة) و(الفصاحة)، ولكنه كان كسائر المتكلمين، يصرفه الجدال وحب الغلبة عن الطريق الواضح.
- ذكر الباقلاني كتاب الجاحظ المعتزلي (نظم القرآن) وجار عليه فيه، ثم أشار تعريضًا لا تصريحًا إلى كتاب الرماني المعتزلي وظاهر كتابه لا يدل على أنه اطلع على كتاب أبي سليمان الخطابي.
- الرجل السادس هو القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني (توفي 415) كتب كتابه الكبير: (المغني)، وعقد جزءًا من أجزائه للكلام في مسألة (خلق القرآن)، وعقد جزءًا آخر للكلام في (إعجاز القرآن) وحشد في هذا الجزء مذاهب أهل الاعتزال في (إعجاز القرآن) سلك فيه سبيل من سبقه من المتكلمين في الإعجاز، ولكنه في خلال ذلك أراد أن يزيد الإبهام عن معنى (الفصاحة) و(البلاغة)، ويفعل ما لم يفعله أحد قبله ممن كتب في (إعجاز القرآن). وكان سبيله إلى ذلك مجرد النظر على أسلوب المتكلمين، وهو أسلوب يعلوه صدأ كثير يجلب من الضرر أضعاف
ما يجلب من النفع.
- هذه المحاولة في كشف (الإبهام) كان لها أثرا عظيما في تاريخ اللغات والألسنة، والظاهر أن أقوال القاضي عبد الجبار المعتزلي، كانت قد استفاضت وأثارت ضروبًا من الصراع والمناقشة بين المعتزلة والأشاعرة، في شأن البلاغة والفصاحة، وامتد الصراع والنظر إلى من يخصهم تفسير (الفصاحة) و(البلاغة) من الأدباء والعلماء وأصحاب اللغة والشعر، ولكنه كان مشوبًا بالعصبية للمذهب والتأثر به، وهذا شيء ينبغي أن يتتبعه باحث حتى يقول فيه قولاً مرضيًا، من خلال دراسة كتب الآداب والنقد، فيما بين زمن حياة القاضي عبد الجبار، وزمن حياة عبد القاهر.
- الرجل السابع هو الإمام أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني، (توفي471) وكان عبد القاهر نحويًا متكلمًا، ولكنه استودع قدرًا باهرًا من تذوق البيان، الف (دلائل الإعجاز)، و(أسرار البلاغة)، وبعض الرسائل، واستفاد ممن قبله وعزم على إزالة الابهام عن لفظي الفصاحة والبلاغة وانفرد وحده في تاريخ آداب الأمم جميعًا بتأسيس علم لم يسبقه إلى مثله أحد.
- بلغ عبد القاهر أعلى الذرى في القدرة على كشف إبهام (البلاغة) ويعتبر كتابه (دلائل الإعجاز) هو أول تحليل للغة، وتأسيس لعلم تحليل البيان الإنساني كله لا في اللسان العربي وحده، بل في جميع ألسنة البشر.
- نصب لنا عبد القاهر إبهامًا آخر في قوله: (حتى ينتهي إلى حيث تنقطع الأطماع، وتحسر الظنون، وتسقط القوى، وتستوي الأقدام في العجز؟ وهو بهذا يشير إلى (إعجاز القرآن). كما أننا لا نجد في كتابه ذكرًا أو تفسيرًا (لطبع القرآن ومخرجه).
- وقد جاءت الأئمة بعد عبد القاهر، وبلغوا غاية البراعة والحذق في البيان عن (البلاغة)، وفي الزيادة على ما قاله شيخ البلاغة من وجوه مختلفات، ولكن لم يكن لأحد منهم مثل سجايا عبد القاهر في تذوق البيان، ولا في الإبانة عن وجه هذا التذوق، ولجميعهم فضل باهر.
- نرجو أن يأتي يوم يأذن الله فيه بأن يأتي من يتمم عمل عبد القاهر، ويكشف ما عجز عن بيانه وتفسيره، في شأن (طبع القرآن ومخرجه ومخرج آياته) ويومئذ يتغير القول في مسألة (إعجاز القرآن) تغيرًا يخرجنا من هذه البلبلة التي استمر إبهامها قرونًا طويلة.
- الإشارة إلى أهمية علوم اللغة من نحو وبيان ومعاني وبديع وتقريع من يحط من شأنها، وينكر نسبة الشعر الجاهلي لعصره في هذا الزمان وغيره.

إيجاز القول في (مسألة إعجاز القرآن)، منذ تنزيل القرآن العظيم إلى أن استحدث لفظ (إعجاز القرآن)، ثم امتدادها إلى زمان عبد القاهر.

- (علم الكلام) ولغطه، ودويه بالألفاظ المبهمة التي لا يحصل لها معنى، هو الذي قاده، من حيث لا يدري إلى طريق مسدود لم يجد وراءه منفذًا للإبانة والتفسير، مع قدرته، عَلِم الله، على ذلك.
- لا بد من الحذر من أمرين عظيمي الخطر على العقل والفهم والنظر، 1/ الاستهانة بالفروق البينة والخفية بين المترادفات2 / إهمال تاريخ بعض هذه الألفاظ المترادفة.
- من الأمثلة على خطر الخلط التعامل بين لفظي الآية والمعجزة على أنهما بمعنى واحد.
- لفظ (المعجزة) -سلف القول فيه-، نشأ في أواخر القرن الثالث من الهجرة، وهو لفظ محدث مولد، الراجح أن أبا عبد الله الواسطي صاحب كتاب (إعجاز القرآن)، هو أول من ولده. وقد بدأ يزاحم لفظ (الآية) حتى غلب عليه.
- لفظ (الآية) في كلام أهل الجاهلية له عدة معان مترابطة وهي: العلامة، والأثر، والبناء العالي الذي يستدل به، والشخص الذي يرى من بعيد، والعبرة، وما يدل على صدق المتحدث بأمر ماض، والجماعة من القوم إذا رحلوا، والرسالة، وقال الطبري أن من معاني الآية القصة لكن لم يوافقه الكاتب
- هذه المجاري الثمانية التي يجري فيها لفظ (الآية)، تنبع كلها من معنى العلامة الظاهرة البينة الدالة، التي تراها العين، أو تسمعها الأذن، أو يتوهمها القلب، أو يثقفها العقل، هادية على الطريق أحيانًا، وتكون دليلاً على معنى يتطلب الدليل أحيانًا أخرى، وتكون شاهدًا على صدق الحدث والحديث تارة، وبيانًا صادقًا أو أمارة مصدقة تارة أخرى.
- لم يجد الكاتب في كلام الجاهلية ما يدل على أنهم قالوا: (آيات الأنبياء)، وهم يعنون (الآية) الشاهدة على صدق نبوة النبي، ولكن ذلك لا يعني أنهم لم يعرفوا معنى (آيات الأنبياء)، والمعنى الذي تقرر سابقا للآية عندهم يؤدي إلى أنهم سيطلقون لفظ الآية على ما يرونه مما يمتنع على البشر، وتكون دلالة على صدق النبي الذي أتى بها، فهو معنى ظاهر موافق للغة العرب.
- لا بد من الكشف عن لفظ (الآية)، وعن معناه عند أهل الجاهلية في حال جحدهم وفي حال تقبلهم نبوة تاليه عليهم.
- بعض الخلل نشأ عن الحضارة الحديثة المبنية على أصلين هما العقيدة المتوارثة وقديم حضارة اليونان وعقائدها وآدابها، وهما أصلان مباينان لأصول حضارة العرب والمسلمين.
- أثر الأهداف السياسية في جذور الحضارة.
لم يكمل الكاتب هذا البحث.

المدخل الثاني
تذوق راعني حتى تذوقت


تعريف المؤلف بكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي
- ثناء الكاتب على كتاب الظاهرة القرآنية ووصفه له بأنه كتاب لم يسبق.
- تضمن الكتاب المذهب الصحيح في إثبات بعض دلائل إعجاز القرآن، وأنه كتاب منزل وأن مبلغه إلى الناس، صلى الله عليه وسلم، رسول صادق وأن بين هذا الرسول الصادق وبين الكلام الذي بلغه حجازا فاصلاً لا يخفى.
- المعاناة التي مر بها الكاتب والإشارة لمشكلة الشباب المسلم المتعلم في عصره، وما كان قاساه، وما لا يزال يقاسيه، من العنت في إدراك إعجاز القرآن، إدراكًا يرضاه ويطمئن إليه.

أصول منهج مالك بن نبي في كتاب الظاهرة القرآنية
استمد أصوله من تأمل طويل في:
- طبيعة النفس الإنسانية.
- غريزة التدين في فطرة البشر.
- تاريخ المذاهب والعقائد.
- فحص تاريخ النبوة وخصائصها، وسيرة رسول الله، وما جاء به.

تأصيل تاريخي لمحنة العقل الحديث وتأثيرها على طلب دلائل إعجاز القرآن
- (العقل) هبة الله لكل حي، ولكن أساليب تفكيره كسب يكتسبه من معالجة النظر، ومن التربية، ومن التعليم، ومن الثقافة، ومن التجارب.
- ينبغي أن نتدبر أمر هذا (العقل) الحديث في العالم الإسلامي لأن فهم هذا (العقل) هو الذي يحدد لنا طريقنا ومنهجنا في كل دراسة صحيحة نحب أن نقدمها إليه حتى يطمئن ويرضى.
- منذ أول الإسلام خاضت الجيوش الإسلامية معارك الحرب في جميع أنحاء الدنيا، وخاض معها العقل الإسلامي معارك أشد.
- في العصر الأخير انبعثت الحضارة الأوروبية، ثم انطلقت بكل سلاحها لتخوض في قلب العالم الإسلامي معركة في ميدانين: ميدان الحرب، وميدان الثقافة.
- لم يلبث العالم الإسلامي أن القى السلاح في ميدان الحرب، لأسباب معروفة أما ميدان الثقافة، فقد بقيت المعارك فيه متتابعة، وهي الأخطر.
- كانت احتياطات العدو واستعداداته وانتصاره العسكري تفوق استعداداتنا فسقطت في يده مقاليد التوجيه الكامل للحياة الإسلامية وللعقل الإسلامي.
- ميادين معركة الثقافة والعقل، ميادين لا تعد، بل تشمل المجتمع كله في حياته، وفي تربيته وفي معايشه، وفي عقائده وفي آدابه، وفي فنونه، وفي سياسته، بل في كل ما تصبح به الحياة حياة إنسانية، وأساليب العدو فيها لا تحصى.
- المثقف يتقبل بالتربية والتعليم والاجتماع، أشياء يسلمها بضروب مختلفة من الكيد.
- كان ما أراد الله أن يكون، وتتابعت هزائم العالم الإسلامي في ميدان الثقافة جيلاً بعد جيل.
- لم يكن غرض العدو أن يقارع ثقافة بثقافة، بل كان غرضه الأول والأخير أن يترك في ميدان الثقافة في العالم الإسلامي، جرحى وصرعى لا تقوم لهم قائمة، وينصب في أرجائه عقولاً لا تدرك إلا ما يريد لها هو أن تدرك، ولا تبصر إلا ما يريد لها هو أن تبصر، ولا تعرف إلا ما يريد لها هو أن تعرف.

توجيه مالك بن نبي لخطر مقولة مرجليوث في الشعر الجاهلي
- كان سلاح (الاستشراق) أمضى أسلحة العدو، وتكمن خطورته في عدم استيعاب المسلمين له، واستشرائه في كل مصادر التلقي، وقد نبه لذلك مالك بن نبي.
- كان الاستشراق من أعظم الأسباب وأبعدها خطرًا في (العقل) الحديث، الذي يريد أن يدرك دلائل إعجاز القرآن، ومن ذلك ما تركته قضية الشعر الجاهلي من أثر لا يمحى إلا بعد جهد جهيد.
- الاستشراق هو الذي أوقع الشك في الأصول القديمة التي قامت عليها أدلة إعجاز القرآن.
- اتخذ الاستشراق أساليب غاية في الدهاء والخفاء، أفضت إلى تدمير الوسائل الصحيحة التي ينبغي أن يتذرع بها كل من درس نصًا أدبيًا، حتى يتاح له أن يحكم على جودته أو رداءته فضلاً عن بلاغته أو إعجازه.
- ذكر مالك في "مدخل الدراسة" قضية (الشعر الجاهلي) التي أثارها المستشرق مرجليوث في بعض مجلات المستشرقين، ثم تولى كبرها (طه حسين) في كتابه "في الشعر الجاهلي"، يوم كان أستاذًا للأدب العربي بالجامعة المصرية.
- أتى مرجليوث في بحثه بزيف كثير، كان هو الأساس الذي بنى عليه هذا (العقل) وبقي طابعًا مميزًا لأكثر ما ينشر.
- يقول آربرى في خاتمة كتابه "المعلقات السبع" بعد أن ذكر أقوال مرجليوث وفندها: (إن السفسطة – وأخشى أن أقول: الغش – في بعض الأدلة التي ساقها الأستاذ مرجليوث، أمر بين جدًا، ولا تليق البتة برجل كان، ولا ريب، من أعظم أئمة العلم في عصره). وهذا حكم شنيع، لا على مرجليوث وحده، بل على كل أشياعه وكهنته، وعلى ما جاءوا به من حطام الفكر.

نقد النتيجة التي توصل إليها مالك في كتابه بعد انتقاده ل مقولة مرجليوث

- العجب من ذكر مالك لهذه القضية ثم انتقاله لنتيجة أن منهج التفسير القديم يجب أن يتعدل، لكي يتفق مع مقتضيات الفكر الحديث.
- علم تفسير القرآن كما أسسه القدماء، لا يقوم على مقارنة الأساليب، اعتمادًا على شعر الجاهلية أو شعر غير الجاهلية.
- إذا اقتضتنا الحاجة أن ندخل تعديلاً على منهج التفسير القديم، فإنه عندئذ تعديل لا علاقة له البتة بالشعر الجاهلي، لا من قبل الشك في صحته، ولا من قبل مقارنة الأساليب الجاهلية بأسلوب القرآن.
- كل ما عند القدماء من ذكر الشعر الجاهلي في تفسيرهم، فهو أنهم يستدلون به على معنى حرف في القرآن، أو بيان خاصة من خصائص التعبير العربي، كالتقديم والتأخير والحذف وما إلى ذلك، وهذا أمر يصلح له شعر الجاهلية، كما يصلح له شعر الإسلام.
- غاية تفسير القرآن، إنما هي بيان معاني ألفاظه مفردة، وجمله مجتمعة، ودلالة هذه الألفاظ والجمل على المعاني، سواء في ذلك آيات الخبر والقصص، وآيات الأدب، وآيات الأحكام، وسائر ما اشتملت عليه معاني القرآن. وهو أمر عن (إعجاز القرآن) بمعزل.
- الأمر المرتبط بالشعر الجاهلي، أو بقضايا الشعر جميعًا المتصل بأساليب الجاهلية وغير الجاهلية وأساليب العربية وغير العربية ومقارنتها بأسلوب القرآن، هو علم (إعجاز القرآن) ثم (علم البلاغة).
- القرآن المعجز هو البرهان القاطع على صحة النبوة، أما صحة النبوة فليست برهانًا على إعجاز القرآن.
- الخلط بين هاتين الحقيقتين، وإهمال الفصل بينهما في التطبيق والنظر، وفي دراسة (إعجاز القرآن)، قد أفضى إلى تخليط شديد في الدراسة قديمًا وحديثًا، بل أدى هذا الخلط إلى تأخر (علم إعجاز القرآن) و(علم البلاغة) عن الغاية التي كان ينبغي أن ينتهيا إليها.
- بين الله في غير آية من كتابه أن سماع القرآن، يقتضي إدراك مباينته لكلام البشر، وبهذا جاء الأمر في قوله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون}.
- منهج مالك في تأليفه، دالٌ أوضح الدلالة على أنه إنما عُني بإثبات صحة دليل النبوة، والوحي، وأن القرآن تنزيل من عند الله، وأنه كلام الله لا كلام بشر، وليس هذا هو (إعجاز القرآن) كما يوهمه مدخل الدراسة وبعض فصول الكتاب، بل هو أقرب إلى أن يكون بابًا من (علم التوحيد) استطاع مالك أن يبلغ فيه غايات بعيدة، قصر عنها أكثر من كتب من المحدثين وغير المحدثين فجزاه الله عن كتابه ونبيه أحسن الجزاء.

تحديد معنى إعجاز القرآن
- مسألة (إعجاز القرآن)، بقيت خارج كتاب مالك.
- مسألة (إعجاز القرآن) أعقد مشكلة يمكن أن يعانيها (العقل) الحديث، حتى بعد يتمكن من الإيمان بالنبوة والوحي والتنزيل.
- مسألة (إعجاز القرآن) ترتبط ارتباطًا وثيقًا بقضية الشعر الجاهلي، وبالكيد الخفي الذي اشتملت عليه هذه القضية.
- مسألة (إعجاز القرآن) ترتبط ارتباطًا لا فكاك له بثقافتنا كلها، وبما ابتلى به العرب في جميع دور العلم، من فرض منهاج خال من كل فضيلة في تدريس اللغة وآدابها.
- مسألة (إعجاز القرآن) تشتمل بناء الإنسان العربي أو المسلم، من حيث هو إنسان قادر على تذوق الجمال في الصورة والفكر جميعًا.
- معرفة معنى (إعجاز القرآن)، ما هو وكيف كان، أمرٌ لا غنى عنه لمسلم ولا لدارس، وشأنه أعظم من أن يتكلم فيه بغير تثبت من معناه، وتاريخه، وتتبع للآيات الدالة على حقيقته.
- ذكر الكاتب أنه لا يزعم أنه مستقصيه في هذا الموضع، ولكنه مستعين بالله، فذاكر طرفًا مما يعين المرء على معرفته.
- كان الروع الذي أخذ النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول أول الوحي هو أول إحساس في تاريخ البشر، بمباينة هذا الذي سمع، للذي كان يسمع من كلام قومه.
- أمر صلى الله عليه وسلم، بتبليغ الوحي لقومه وطالبهم بأن يؤمنوا بما دعاهم إليه، ويقروا له بصدق نبوته، بدليل واحد، هو هذا الذي يتلوه عليهم من قرآن.
- لا معنى لمطالبة المستمعين بالإقرار لمجرد التلاوة، إلا أن هذا المقروء عليهم، كان هو في نفسه آية على أنه ليس من كلامه هو، ولا من كلام بشر مثله.
- لا معنى لمطالبة المستمعين بالإقرار لمجرد التلاوة إلا أن يكون في طاقة هؤلاء السامعين أن يميزوا تمييزا واضحا بين الكلام الذي هو من نحو كلام البشر، والكلام الذي ليس من نحو كلامهم.
- كان هذا القرآن ينزل عليه منجما، قليلا وهو برهانه الفرد صلى الله عليه وسلم على نبوته.
- القرآن كله وآياته قليلها وكثيرها دليل على أنه كلام مفارق لجنس كلام البشر، وذلك من وجه واحد هو وجه البيان والنظم.
- ما في القرآن جملة من أخبار عن الأمم السالفة، وأنباء الغيب، ودقائق التشريع، وعجائب الدلالات على ما لم يعرفه البشر من أسرار الكون إلا بعد القرون المتطاولة من تنزيله، كل ذلك بمعزل عن الذي طولب به العرب، وهو أن يستبينوا في نظمه وبيانه، انفكاكه من نظم البشر وبيانهم، من وجه يحسم القضاء بأنه كلام رب العالمين.
- إذا أقروا أنه كلام رب العالمين بهذا الدليل، كانوا مطالبين بأن يؤمنوا بأن ما جاء فيه من أخبار الأمم، وأنباء الغيب، ودقائق التشريع، وعجائب الدلالات على أسرار الكون، هو كله حق لا ريب فيه، وإن ناقض ما يعرفون.
- إقرارهم من وجه النظم والبيان أن هذا القرآن كلام رب العالمين، دليل يطالبهم بالإقرار بصحة ما جاء فيه من كل ذلك، أما صحة ما جاء فيه فليست هي الدليل الذي يطالبهم بالإقرار بأن نظم القرآن وبيانه، مباين لنظم البشر وبيانهم.
- كان تحير قريش لما يسمعون من نظمه وبيانه، لا لما يدركون من دقائق التشريع، وخفي الدلالات، وما لا يؤمنون به من الغيب، وما لا يعرفون من أنباء القرون التي خلت من قبل.
- ظل الوحي يتتابع وهو يتحداهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن، ثم بعشر سور مثله مفتريات. فلما انقطعت قواهم، قطع الله عليهم وعلى الثقلين جميعًا منافذ اللدد والعناد فقال: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا}
- هذا البلاغ الحق الذي لا معقب له من بين يديه ولا من خلفه، الذي انتهى إليه أمر النزاع بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين جميع البشر هو الذي اصطلحنا عليه فيما بعد، وسميناه (إعجاز القرآن).

ضبط أمور متعلقة بإعجاز القرآن

- قليل القرآن وكثيره في شأن (الإعجاز) سواء.
- (الإعجاز) كائن في رصف القرآن وبيانه ونظمه، ومباينة خصائصه للمعهود من خصائص كل نظم وبيان في لغة العرب، ثم في سائر لغات البشر، ثم في بيان الثقلين جميعًا، انسهم وجنهم متظاهرين.
- أن الذين تحداهم بهذا القرآن، قد أوتوا القدرة على الفصل بين الذي هو من كلام البشر، والذي هو ليس من كلامهم.
- أن الذين تحداهم به كانوا يدركون أن ما طولبوا به من الإتيان بمثله، أو بعشر سور مثله مفتريات، هو هذا الضرب من البيان، الذي يجدون في أنفسهم أنه خارج من جنس بيان البشر
- أن هذا التحدي لم يقصد به الإتيان بمثله مطابقًا لمعانيه، بل أن يأتوا بما يستطيعون افتراءه واختلاقه من كل معنى أو غرض.
- أن هذا التحدي للثقلين جميعًا إنسهم وجنهم متظاهرين، تحد مستمر قائم إلى يوم الدين.
- أن ما في القرآن من مكنون الغيب، ومن دقائق التشريع، ومن عجائب آيات الله في خلقه، كل ذلك بمعزل عن هذا التحدي المفضي إلى الإعجاز وإن كان ما فيه من ذلك يعد دليلاً على أنه من عند الله تعالى، ولكنه لا يدل على أن نظمه وبيانه مباين لنظم كلام البشر وبيانهم، وأنه بهذه المباينة كلام رب العالمين، لا كلام بشر مثلهم.
- هذه أمور تستخرجها من دراسة تاريخ نزول القرآن، ومدارسة آياته في جدال المشركين من العرب في صحة الآيات التي جاءتهم من السماء، كما جاءت سائر آيات الأنبياء ومعجزاتهم، وحسبك في بيان ذلك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من نبي إلا وأوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحى إلي، فأنا أرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة).
- كل لبس يقع في ضبط هذه الأمور المتعلقة بمعنى (إعجاز القرآن) سبيل إلى انتشار الخلل في فهم معنى (إعجاز القرآن) من الوجه الذي صار به القرآن معجزًا .

صفة القوم الذين تحداهم القرآن وصفة لغتهم
- أن اللغة التي نزل بها القرآن معجزًا، قادرة بطبيعتها هي، أن تحتمل هذا القدر الهائل من المفارقة بين كلامين: كلام هو الغاية في البيان فيما تطيقه القوى، وكلام يقطع هذه القوى ببيان ظاهر المباينة له من كل الوجوه.
- أن أهلها قادرون على إدراك هذا الحجاز الفاصل بين الكلامين، وأنهم قد أتوا تذوقا للبيان يؤهلهم للتحدي، ويطالبهم بالشهادة، أن تاليه عليهم نبي من عند الله مرسل.
- أن البيان كان في أنفسهم أجل من أن يخونوا الأمانة فيه، فنهتهم أمانتهم عن معارضته ومناقضته، رغم أنه سفههم وسفه أحلامهم وأديانهم، وتحداهم.
- لم يحتاجوا حكما للحكم على ما يأتون به معارضين، بل خلي بينهم وبين ذلك وهذه مرتبة من الإنصاف لا تدانيها مرتبة.
- ما سبق، يوجب أن يكونوا قد بلغوا في الإعراب عن أنفسهم، بألسنتهم المبينة عنهم، مبلغًا لا يداني، وأن يكون ما بقي من كلامهم -وهو الشعر الجاهلي-، شاهدًا على بلوغ لغتهم غاية من التمام والكمال.

تحرير أساس مشكلة إعجاز القرآن
- يدل ما سبق على أن الشعر الجاهلي، هو أساس مشكلة (إعجاز القرآن) كما ينبغي أن يواجهها العقل الحديث، وليس أساس هذه المشكلة هو تفسير القرآن على المنهج القديم، كما ظن مالك، وكما يذهب إليه أكثر من بحث أمر إعجاز القرآن.
- (الشعر الجاهلي) قد صب عليه بلاء كثير، آخرها وأبلغها فسادًا وإفسادًا، ذلك المنهج الذي ابتدعه مرجليوث لينسف الثقة به، فيزعم أنه شعر مشكوك في روايته، وأنه موضوع بعد الإسلام.
- هذا المستشرق وشيعته، كانوا أهون شأنًا من أن يجوزوا كبيرًا بمنهجهم لما فيه من الزيف والخداع، ولكنهم بلغوا ما بلغوا من استضافة مكرهم، في جامعاتنا وفي العقل الحديث في العالم الإسلامي، بوسائل أعانت على نفاذهم، مع تضييقها على أهل الحق والاستدلال الصحيح.
- ذكر الكاتب مروره بمحنة الشعر الجاهلي واجتهاده في التقصي الذي أدى به إلى ضرب آخر من الاستدلال على صحة (الشعر الجاهلي) لا عن طريق روايته وحسب، بل من طريق أخرى هي ألصق بأمر (إعجاز القرآن)، إذ تبين فيه قدرة خارقة على (البيان)، ووصل إلى أنه علم فريد، لا في أدب العربية وحدها، بل في آداب الأمم وهذا الانفراد وحده دليل كاف على صحته وثبوته.

أوجه دراسة الشعر الجاهلي
- يجب أن ندرس هذا الشعر دراسة متعمقة، ملتمسين فيه هذه القدرة البيانية التي يمتاز بها أهل الجاهلية عمن جاء بعدهم، ومستنبطين من ضروب البيان المختلفة التي أطاقتها قوى لغتهم وألسنتهم. فإذا تم لنا ذلك، فمن الممكن القريب يومئذ أن نتلمس في القرآن الذي أعجزهم بيانه، خصائص هذا البيان المفارق لبيان البشر.
- الشأن في دراسة (الشعر الجاهلي) هو تمييز القدرة على البيان، وتجريد ضروب هذا (البيان) على اختلافها، واستخلاص الخصائص التي أتاحت للغتهم أن تكون معدنا للسمو، بالإبانة عن جوهر إحساسهم.
- هذه الدراسة تتطلب أخذ الأهبة والصبر والجد والحذر، مع تأصيل مناهج تعين عليها، واستحداث أسلوب يلائمها.
- القليل الذي وصلنا من الشعر الجاهلي كاف في الدلالة على ما نريد من الإبانة عن تميز شعرهم عن شعر من جاء بعدهم، وفيه جم وافر من خصائص البيان التي امتاز بها أهل الجاهلية.
- أثر اتباع هذا المنهج الذي دعا له الكاتب
- الترغيب بتتبع بيان القرآن والكشف عن حقائقه بالمنهج الذي حرره الكاتب

أسباب الإعراض عن اتخاذ الشعر الجاهلي مادة لدراسة بيان القرآن
بقي الشعر الجاهلي إلى يومنا هذا شاهدا على أحرف اللغة والنحو والبلاغة ومنبعا للتاريخ ولعلوم العرب جميعا، ولكن غاب أعظم ما بقي لهذا الشعر: أن يكون مادة لدراسة البيان المفطور في طبائع البشر، مقارنًا ببيان القرآن الذي فات طاقة بلغاء الجاهلية ولهذا الغياب أسباب منها:
- انشغال المسلمين بدراسة كتاب الله وبالفتوحات عن حفظ وتدوين الشعر الجاهلي.
- ما لحق الشعر الجاهلي من التشتت والضياع، وما أصابه من اختلال الرواية بالزيادة والنقصان، والتقديم والتأخير.
- الفتن التي ظهرت على يد الزنادقة وبعض المتكلمين والتي استدعت الرد عليهم من الباب الذي دخلوا منه كالانشغال برد الصرفة، أو الانشغال ببيان عيوب البيان في الشعر الجاهلي للرد على من وازن بينه وبين القرآن.
- ما حصل من الموازنة بين شعر الجاهلية، وشعر المحدثين من شعراء الإسلام، وما داخل ذلك من الإزراء على الشعر الجاهلي.
- الاستعمار الغربي الغازي، الذي فرض على مدارسنا منهجًا من الدراسة لا يقوم على أصل صحيح، يرمى في نهايته إلى إضعاف دراسة العربية.
- عزل اللغة العربية كلها عزلاً مقصودًا عن كل علم وفن، فأصبح الشباب يتعلم لغته على أنها درس محدد ثقيل.
- فتنة (الشعر الجاهلي) والتشكيك في صحة روايته.
- مشاركة الصحافة باتخاذ اللغة القديمة كلها مادة للسخرية.
- في خلال ذلك كله، تجمعت على فهم الشعر الجاهلي أخطاء شديدة الخطر، غشت حقيقته بحجاب كثيف من الغموض.

علاقة الشعر الجاهلي بإعجاز القرآن والوجه الذي يرمي له الكاتب من دراسته.

- تتعلق الدراسة المقصودة بخصائص البيان في القرآن، وخصائص بيان البشر على اختلاف ألسنتهم، وأن مخرج هذا غير مخرج هذا.
- الشعر الجاهلي إنما هو مادة الدراسة الأولى لأن القرآن نزل بلسان العرب، وتحداهم وأعجزهم، وهم أصحاب هذا الشعر والمفتونون به وببيانه
- . الباب المقصود غير الباب الذي افتتحه الباقلاني، ثم فجر عيونه إمام البلاغة (عبد القاهر الجرجاني) في كتابيه (دلائل الإعجاز)، و(أسرار البلاغة)، ثم أبدع فيه العلماء ما أبدعوا.
- بدل أن يجعل الباقلاني الشعر الجاهلي أصلاً في دراسة بيان عرب الجاهلية، من ناحية تمثيله لخصائص بيان البشر، انصب جهده على بيان عيوبه.
- لو استقام للباقلاني المنهج لبلغ غاية لم يسبق لها في كشف أصول البيان التي يفارق بها بيان القرآن بيان البشر.
- زل الباقلاني فزل من بعده، وأخذوا الشعر الجاهلي كله هذا المأخذ.
- العجب بعد ذلك، أن (الشعر الجاهلي) ظل عند البلغاء وجمهور الناس هو مثقف الألسنة، والحجة على اللغة، والشاهد على النحو، وما إلى ذلك ولكنهم إذا جاءوا لذكر القرآن وإعجازه، اتخذوه هدفًا للنقد وإظهار العيب، وتبيين الخلل بإزاء كلام برئ من كل عيب وخلل، فبقى الأمر أمر موازنة لا عدل فيها.
- كان حسبهم من الدليل أن أهل الجاهلية، بتركهم معارضة القرآن بشعرهم أو كلامهم، هو إقرار لا معقب عليه بفضل هذا القرآن على شعرهم وكلامهم.

أثر اتباع هذا المنهج الذي دعا له الكاتب
- سيكون ذلك فتحًا مبينًا، لا في تاريخ البلاغة العربية وحدها، بل في تاريخ بلاغة الجنس الإنساني كله.
- سيكون مقنعًا للعقل الحديث الذي يتطلب في معرفة (إعجاز القرآن) ما يرضى عنه ويطمئن إليه،
- سيجد أهل الحق من أهل الإسلام وسيلة لا تدانيها وسيلة، تسهل لهم ما استغلق عليهم من دعوة الناس إلى كتاب الله، الذي خص به العرب.
- ستبطل فتنة (ترجمة القرآن) من أصلها لأن البشر إذا لم يكن في طاقتهم بألسنتهم التي يبدعون في شعرها ونثرها، أن يأتوا ببيان كبيان القرآن، فمن السفه، أن يدعى أحد أنه يستطيع أن يترجم القرآن، فيأتي في الترجمة ببيان مفارق لبيان البشر.

الترغيب بتتبع بيان القرآن والكشف عن حقائقه بالمنهج الذي حرره الكاتب
- قال مالك بن أنس: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فإذا كان أولها لم يصلح إلا بالبيان، فآخرها كذلك لن يصلح إلا به.
- إن امرأ يقتل لغته وبيانها، وآخر يقتل نفسه، لمثلان، والثاني أعقل الرجلين!
- عسى أن يكن الله قد ادخر لآخر هذه الأمة، بعض ما يلحقها بفضل أولها، وعسى أن يتم على يد آخرها ما خبأه الله عن أولها، وعسى أن يكون ذلك مخبوءًا في هذا الفصل الذي نجده في أنفسنا بين بيان الله سبحانه، وبيان عباده
- ختم الكاتب بشكر مالك بن نبي، حيث دعاه لكتابة مقدمة لكتابه، كتاب (الظاهرة القرآنية)، ففتح له به بابًا من القول في (إعجاز القرآن) كان يتهيب أن يلجه، وبابا آخر من القول في (الشعر الجاهلي) كان يماطل نفسه دونه،
والحمد لله وحده، ولا حول ولا قوة إلا به، ولا فضل إلا من عنده

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir