دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > قواعد الأصول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1431هـ/2-04-2010م, 08:14 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي - هل النهي يقتضي الفساد؟

بقي أن النهي عن الأسباب المفيدة للأحكام يقتضي فسادها ، وقيل : لعينه لا لغيره ، وقيل : في العبادات لا في المعاملات ، وحكي عن جماعة منهم أبو حنيفة يقتضي الصحة.
وقال بعض الفقهاء وعامة المتكلمين : لا يقتضي فساداً ولا صحة ، فهذا ما تقتضيه صرائح الألفاظ .

  #2  
قديم 20 ربيع الثاني 1431هـ/4-04-2010م, 10:00 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي تيسير الوصول إلى قواعد الأصول للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان

قوله: (بقي أن النهي عن الأسباب المفيدة للأحكام يقتضي فسادها) أي: بقي من مباحث النهي أنه إذا ورد النهي عن السبب الذي يفيد حكماً من الأحكام، اقتضى فساده؛ كالنهي عن بيع الغرر يقتضي فساد هذا البيع، وهذا البحث موضوعه: اقتضاء صيغة النهي الفساد، وهي مسألة فيها خلاف طويل بين الأصوليين، وقد أشار المصنف إلى أقوالهم.
قوله: (يقتضي فسادها) أي: يقتضي الفساد مطلقاً، سواء كان النهي لعينه، أي: لذات المنهي عنه، أو لغيره أي: لأمر خارج عنه، في العبادات والمعاملات.
فمثال النهي في العبادات: النهي عن صوم يوم العيدين، لحديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: (نهى النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم عن صوم يوم الفطر ويوم النحر)[(665)]. فإن النهي لمعنى اتصل بالوقت الذي هو محل الأداء، وأنه يوم عيد ويوم ضيافة.
ومثال النهي لغيره في العبادات: النهي عن الصلاة في الدار المغصوبة، فالنهي ليس لذات الصلاة، وإنَّما لمعنى آخر، وهو شغل ملك الغير بنفسه.
ومثال النهي لذاته في المعاملات: النهي عن بيع الجنين في بطن أمه[(666)]، أو بيع المعدوم.
ومثال النهي لغيره في المعاملات: النهي عن البيع يوم الجمعة بعد ندائها الثاني لمن تلزمه الجمعة، فهذا يقتضي الفساد على هذا القول[(667)].
وهذا قال به أكثر الحنابلة والمالكية والظاهرية[(668)]، وصرح الآمدي بأنه لا يعرف من يقول بهذا غير مالك وأحمد في رواية عنه[(669)].
وحجة هؤلاء: أن مقتضى النهي فساد المنهي عنه، فيفيده في الصور كلها، سواء كان النهي لذات المنهي عنه أم لغيره، وهذا مُسلَّم في الأول، دون الثاني، كما سيأتي ـ إن شاء الله ـ.
قوله: (وقيل: لعينه لا لغيره) هذا القول الثاني ، وهو أن النهي عن الشيء لعينه يقتضي فساده، والنهي عنه لغيره لا يقتضي فساده، ونسبه الفتوحي إلى الأكثر[(670)]، وهذا أرجح الأقوال، كما سيأتي إن شاء الله.
قوله: (وقيل: في العبادات لا في المعاملات) هذا القول الثالث في المسألة، وهو التفريق بين العبادات فيقتضي الفساد، والمعاملات فلا يقتضي الفساد، وإنَّما فسادها بفوات ركن، كانعدام المبيع في بيع الملاقيح[(671)]، أو شرط، كانعدام طهارة المبيع، وذلك لأن العبادة قربة، وارتكاب النهي معصية فيتناقضان. بخلاف المعاملات فإنها ليست قربة فلا يناقضها ارتكاب النهي، وفرق آخر وهو أن فساد المعاملات بالنهي يضر بالناس، وفساد العبادات لا يضر بهم.
قوله: (وحكي عن جماعة منهم أبو حنيفة: يقتضي الصحة) هذا القول الرابع ، وهو: أن النهي لا يقتضي الفساد، وإنَّما يقتضي الصحة.
وحجتهم: أن النهي عن الشيء يقتضي إمكان وجوده شرعاً؛ إذ لو كان ممتنعاً في نفسه لم يتوجه إليه النهي، كما لا يتوجه النهي عن الإبصار إلى الأعمى؛ لأنه مَنْعٌ للممتنع، ومَنْعُ الممتنع عبث. فيجوز عندهم التصرف في المبيع بيعاً فاسداً، كحلب الدابة وركوب السيارة ونحو ذلك، وصححوا بيع درهم بدرهمين، ويثبت الملك في أحدهما، ويجب رد الآخر؛ لأن النهي دل على الصحة، والصحة: ترتب الأثر المقصود من العقد على العقد.
وهذا غير مسلم؛ فإن النهي يقتضي الفساد، وإلا لضاع المقصود الذي من أجله نُهي عن الفعل.
قوله: (وقال بعض الفقهاء وعامة المتكلمين: لا يقتضي فساداً ولا صحة) هذا القول الخامس ، وهو: أن النهي لا يقتضي فساداً ولا صحة.
وعلّلوا لذلك بأن النهي من الخطاب التكليفي، والصحة والفساد من الخطاب الوضعي، وليس بينهما رابط عقلي حتى يقتضي أحدهما الآخر، وإنَّما تأثير فعل المنهي عنه في الإثم بفعله، لا في الصحة ولا في الفساد، فإن اقترن بالإثم بفعل المنهي عنه صحةٌ أو فسادٌ، فذلك لدليل خارج.
والقول الراجح هو: أن النهي يقتضي الفساد، إذا عاد النهي لعينه في العبادات وغيرها، وذلك لما يلي:
أولاً: قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» [(672)].
وجه الدلالة: أن ما نُهي عنه ليس من الرسول صلّى الله عليه وسلّم فهو مردود على فاعله، وما كان مردوداً فكأنه لم يوجد، لأنه فاسد.
ثانياً: أن الصحابة رضي الله عنهم استدلوا على فساد العقود بالنهي عنها، فمن ذلك قول ابن عمر رضي الله عنه: (لا يصح نكاح المشركات؛ لأن الله تعالى قال: {{وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ}} [البقرة: 221] )[(673)].
واحتجاجهم على فساد الربا بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا يداً بيد سواء بسواء» [(674)].
ثالثاً: أن المنهي عنه مفسدته راجحة، وإن كان فيه مصلحة فمصلحته مرجوحة بمفسدته، فما نهى الله عنه وحرّمه إنَّما أراد منع وقوع الفساد ودفعه؛ لأن الله إنما ينهى عما لا يحبه، والله لا يحب الفساد، فَعُلِمَ أن المنهي عنه فاسد ليس بصالح[(675)].
وهذا إذا لم يأت مع النهي قرينة تفيد البطلان أو الصحة، أمَّا إذا اقترن النهي بقرينة تدل على بطلان المنهي عنه، أو تدل على صحته فيحكم بما دلت عليه القرينة، فمثال الأول: حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ثمن الكلب، وإن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه تراباً[(676)].
فالنهي عن ثمن الكلب نهي عن البيع، وهذا النهي يقتضي الفساد بالنص، وهو قوله: «وإن جاء يطلب ثمن الكلب...».
ومثال الثاني: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تُصَرُّوا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بَعْدُ فإنه بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعاً من تمر» [(677)].
فقد دل قوله: «إن شاء أمسكها» على صحة البيع، مع أنه نهى عن التصرية، لكنه نهي لا يقتضي الفساد؛ لأن الفاسد لا يُقِرُّه الشرع.
فإن عاد النهي إلى أمر خارج عن المنهي عنه فالراجح عدم الفساد، وقد نسبه القاضي إلى أكثر الفقهاء[(678)] فيصح الفعل، وتترتب عليه آثاره، مع الإثم بفعل المنهي عنه؛ لانفكاك الجهة، فإن من صلى في دار مغصوبة صحت صلاته، وعليه إثم الغصب؛ لأنه ممنوع من الجلوس فيها في غير صلاة، وإذا لم يرجع النهي إلى الصلاة لم يؤثر فيها، وتقدم ذلك في باب «المحظور».
ومثال ذلك ـ أيضاً ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان» [(679)]. فهذا نفي مقتضاه النهي عن الصلاة عند حضور الطعام، وعند مدافعة البول والغائط، وذلك لما فيه من تفويت الخشوع، فالصلاة صحيحة على أحد القولين؛ لأن النهي يعود على أمر ليس شرطاً في صحة الصلاة، بل تصح بدونه، كما دلت السنة على ذلك[(680)].
ومن أمثلة العقود: النهي عن البيع وقت النداء لصلاة الجمعة؛ فإنه راجع إلى تفويته للصلاة، وهو غير لازم للبيع، لأنه قد يحصل بدون تفويت، لأنهما قد يتعاقدان وهما يسيران إلى الصلاة، فيصح البيع على هذا القول، وقد تقدم الحكم بفساده على القول الآخر.
قوله: (فهذا ما تقتضيه صرائح اللفظ) الإشارة إلى ما تقدم من مباحث النص، والمجمل، والظاهر، والعام، والخاص، والأمر، والنهي، وهي مما يستفاد من صريح اللفظ، وهو المعنى الذي وضع له اللفظ، والصريح أحد قسمي المنطوق، كما سيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ والله تعالى أعلم.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
النهي, هل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir