دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:32 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي هل يتناول مطلق الأمر المكروه؟ [هل يقتضي النهي الفساد؟]

مَسْأَلَةُ: مُطْلَقُ الْأَمْرِ لَا يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَإِنْ كَانَت كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ عَلَى الصَّحِيحِ. أَمَّا الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ لَهُ جِهَتَانِ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ، فَالْجُمْهُورُ تَصِحُّ، وَلَا يُثَابُ، وَقِيلَ يُثَابُ وَالْقَاضِي والإمام لَا تَصِحُّ، وَيَسْقُطُ الطَّلَبُ عِنْدَهَما، وَأَحْمَدُ لَا صِحَّةَ وَلَا سُقُوطَ، وَالْخَارِجُ مِنْ الْمَغْصُوبِ تَائِبًا آتٍ بِوَاجِبٍ، وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ بِحَرَامٍ، وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هُوَ مُرْتَبِكٌ فِي الْمَعْصِيَةِ، مَعَ انْقِطَاعِ تَكْلِيفِ النَّهْيِ عنه وَهُوَ دَقِيقٌ، وَالسَّاقِطُ عَلَى جَرِيحٍ يَقْتُلُهُ إنْ اسْتَمَرَّ وَكُفْؤُهُ إنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ، قِيلَ: يَسْتَمِرُّ، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا حُكْمَ فِيهِ، وَتَوَقَّفَ الْغَزَالِيُّ.

  #2  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 05:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح جمع الجوامع لجلال الدين المحلي


(مَسْأَلَةُ مُطْلَقُ الْأَمْرِ) بِمَا بَعْضُ جُزْئِيَّاتِهِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ أَوْ تَنْزِيهٍ بِأَنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ (لَا يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ) مِنْهَا (خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ) لَنَا تَنَاوَلَهُ لَكَانَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ مَطْلُوبَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ تَنَاقُضٌ (فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ) أَيْ الَّتِي كُرِهَتْ فِيهَا الصَّلَاةُ مِنْ النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ كَعِنْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ وَاسْتِوَائِهَا حَتَّى تَزُولَ وَاصْفِرَارِهَا حَتَّى تَغْرُبَ إنْ كَانَ كَرَاهَتُهَا فِيهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي النَّهْيِ عَنْهَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ (وَإِنْ كَانَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ) وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ أَيْضًا فِي بَعْضِ كُتُبِهِ فَلَا تَصِحُّ أَيْضًا (عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ لَوْ صَحَّتْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْكَرَاهَتَيْنِ أَيْ وَافَقَتْ الشَّرْعَ بِأَنْ تَنَاوَلَهَا الْأَمْرُ بِالنَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ الْمُسْتَفَادُ مِنْ أَحَادِيثِ التَّرْغِيبِ فِيهَا لَزِمَ التَّنَاقُضُ فَتَكُونُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ مَعَ جَوَازِهَا فَاسِدَةً أَيْ غَيْرَ مُعْتَدٍ بِهَا لَا يَتَنَاوَلُهَا الْأَمْرُ فَلَا يُثَابُ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: إنَّهَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيَةِ صَحِيحَةٌ يَتَنَاوَلَا الْأَمْرَ فَيُثَابُ عَلَيْهَا وَالنَّهْيُ عَنْهَا رَاجِعٌ إلَى أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا كَمُوَافَقَةِ عُبَّادِ الشَّمْسِ فِي سُجُودِهِمْ عِنْدَ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ النَّهْيَ لِخَارِجٍ لَا يُفِيدُ الْفَسَادَ وَبِرُجُوعِ النَّهْيِ إلَى خَارِجٍ انْفَصَلَ الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِمْ فِيهَا بِالصِّحَّةِ مَعَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ أَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْأَمْكِنَةِ الْمَكْرُوهَةِ فَصَحِيحَةٌ وَالنَّهْيُ عَنْهَا لِخَارِجٍ جَزْمًا كَالتَّعَرُّضِ بِهَا فِي الْحَمَّامِ لِوَسْوَسَةِ الشَّيَاطِينِ وَفِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ لِنِفَارِهَا وَفِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ لِمُرُورِ النَّاسِ وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ يَشْغَلُ الْقَلْبَ عَنْ الصَّلَاةِ وَيُشَوِّشُ الْخُشُوعَ فَالنَّهْيُ فِي الْأَمْكِنَةِ لَيْسَ لِنَفْسِهَا بِخِلَافِ الْأَزْمِنَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فَأَفْرَقَتَا وَاحْتَرَزَ بِمُطْلَقِ الْأَمْرِ عَنْ الْمُقَيَّدِ بِغَيْرِ الْمَكْرُوهِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ قَطْعًا. (أَمَّا الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ لَهُ جِهَتَانِ) لَا لُزُومَ بَيْنَهُمَا (كَالصَّلَاةِ فِي) الْمَكَانِ (الْمَغْصُوبِ) فَإِنَّهَا صَلَاةٌ وَغَصْبٌ أَيْ شَغْلٌ أَيْ مِلْكُ الْغَيْرِ عُدْوَانًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُوجَدُ بِدُونِ الْآخَرِ (فَالْجُمْهُورُ) مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالُوا (تَصِحُّ) تِلْكَ الصَّلَاةُ الَّتِي هِيَ وَاحِدٌ بِالشَّخْصِ إلَخْ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا نَظَرًا لِجِهَةِ الصَّلَاةِ الْمَأْمُورِ بِهَا (وَلَا يُثَابُ) فَاعِلُهَا عُقُوبَةً لَهُ عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ (وَقِيلَ يُثَابُ) مِنْ جِهَةِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ عُوقِبَ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ فَقَدْ يُعَاقَبُ بِغَيْرِ حِرْمَانِ الثَّوَابِ أَوْ بِحِرْمَانِ بَعْضِهِ، وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَالْأَوَّلُ تَقْرِيبُ رَادِعٍ عَنْ إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى.
(وَ) قَالَ (الْقَاضِي) أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَالْإِمَامُ الرَّازِيُّ (لَا تَصِحُّ) لِلصَّلَاةِ مُطْلَقَةً نَظَرًا لِجِهَةِ الْغَصْبِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (وَيَسْقُطُ الطَّلَبُ) لِلصَّلَاةِ (عِنْدَهَا) ; لِأَنَّ السَّلَفَ لَمْ يَأْمُرُوا بِقَضَائِهَا مَعَ عِلْمِهِمْ بِهَا (وَ) قَالَ الْإِمَامُ (أَحْمَدُ لَا صِحَّةَ) لَهَا (وَلَا سُقُوطَ) لِلطَّلَبِ عِنْدَهَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ. وَقَدْ كَانَ فِي السَّلَفِ مُتَعَمِّقُونَ فِي التَّقْوَى يَأْمُرُونَ بِقَضَائِهَا (وَالْخَارِجُ مِنْ) الْمَكَانِ (الْمَغْصُوبِ تَائِبًا) أَيْ نَادِمًا عَلَى الدُّخُولِ فِيهِ عَازِمًا عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ (آتٍ بِوَاجِبٍ) لِتَحَقُّقِ التَّوْبَةِ الْوَاجِبَةِ بِمَا أَتَى بِهِ مِنْ الْخُرُوجِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ. (وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ) مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ هُوَ آتٍ (بِحَرَامٍ) ; لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْخُرُوجِ شُغْلٌ بِغَيْرِ إذْنٍ كَالْمُكْثِ وَالتَّوْبَةُ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ عِنْدَ انْتِهَائِهِ إذْ لَا إقْلَاعَ إلَّا حِينَئِذٍ. (وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ) مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (هُوَ مُرْتَبِكٌ) أَيْ مُشْتَبِكٌ (فِي الْمَعْصِيَةِ مَعَ انْقِطَاعِ تَكْلِيفِ النَّهْيِ) عَنْهُ مِنْ طَلَبِ الْكَفِّ عَنْ الشُّغْلِ بِخُرُوجِهِ تَائِبًا الْمَأْمُورِ بِهِ فَلَا يَخْلُصُ بِهِ مِنْهَا لِبَقَاءِ مَا تَسَبَّبَ فِيهِ بِدُخُولِهِ مِنْ الضَّرَرِ الَّذِي هُوَ حِكْمَةُ النَّهْيِ فَاعْتُبِرَ فِي الْخُرُوجِ جِهَةُ مَعْصِيَةٍ وَجِهَةُ طَاعَةٍ، وَإِنْ لَزِمَتْ الْأُولَى الثَّانِيَةَ وَالْجُمْهُورُ أَلْغَوْا جِهَةَ الْمَعْصِيَةِ مِنْ الضَّرَرِ لِدَفْعِهِ ضَرَرَ الْمُكْثِ الْأَشَدِّ، كَمَا أُلْغِيَ ضَرَرُ زَوَالِ الْعَقْلِ فِي إسَاغَةِ اللُّقْمَةِ الْمَغْصُوصِ بِهَا بِخَمْرٍ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا لِدَفْعِهِ ضَرَرَ تَلِفَ النَّفْسِ الْأَشَدِّ (وَهُوَ) أَيْ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ (دَقِيقٌ) كَمَا تَبَيَّنَ. وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّهُ بَعِيدٌ حَيْثُ اسْتَصْحَبَ الْمَعْصِيَةَ مَعَ انْتِفَاءِ تَعَلُّقِ النَّهْيِ وَيَدْفَعُ اسْتِبْعَادُهُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ مَنْ جُنَّ بَعْدَ ارْتِدَادِهِ، ثُمَّ أَفَاقَ وَأَسْلَمَ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ صَلَوَاتِ زَمَنِ الْجُنُونِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ مَعْصِيَةِ الرِّدَّةِ ; لِأَنَّ إسْقَاطَ الصَّلَاةِ عَنْ الْجُنُونِ رُخْصَةٌ وَالْمُرْتَدُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الرُّخْصَةِ أَمَّا الْخَارِجُ غَيْرُ تَائِبٍ فَعَاصٍ قَطْعًا كَالْمَاكِثِ.
(وَالسَّاقِطُ) بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (عَلَى جَرِيحٍ) بَيْنَ جَرْحَى (يَقْتُلُهُ إنْ اسْتَمَرَّ) عَلَيْهِ (وَ) يُقْتَلُ (كُفْؤُهُ) فِي صِفَاتِ الْقِصَاصِ (إنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ) عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَوْضِعٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ إلَّا بَدَنَ كُفْءٍ (قِيلَ: يَسْتَمِرُّ) عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى كُفْئِهِ ; لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ (وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ) بَيْنَ الِاسْتِمْرَارِ عَلَيْهِ وَالِانْتِقَالِ إلَى كُفْئِهِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الضَّرَرِ. (وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَا حُكْمَ فِيهِ) مِنْ إذْنٍ أَوْ مَنْعٍ ; لِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُ فِي الِاسْتِمْرَارِ وَالِانْتِقَالِ، وَأَحَدُهُمَا يُؤَدِّي إلَى الْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ وَالْمَنْعُ مِنْهُمَا لَا قُدْرَةَ عَلَى امْتِثَالِهِ قَالَ مَعَ اسْتِمْرَارِ عِصْيَانِهِ بِبَقَاءِ مَا تَسَبَّبَ فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ بِسُقُوطِهِ إنْ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ وَإِلَّا فَلَا عِصْيَانَ.
(وَتَوَقَّفَ الْغَزَالِيُّ) فَقَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى يُحْتَمَلُ كُلٌّ مِنْ الْمَقَالَاتِ الثَّلَاثِ وَاخْتَارَ الثَّالِثَةَ فِي الْمَنْخُولِ وَلَا يُنَافِي فِي قَوْلِهِ كَإِمَامِهِ لَا تَخْلُو وَاقِعَةٌ عَنْ حُكْمٍ لِلَّهِ ; لِأَنَّ مُرَادَهُمَا بِالْحُكْمِ فِيهِ مَا يَصْدُقُ بِالْحُكْمِ الْمُتَعَارَفِ وَبِانْتِفَائِهِ لِقَوْلِ إمَامِهِ لَمَّا سَأَلَهُ هُوَ أَوَّلًا عَنْ ذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ هُنَا أَنْ لَا حُكْمَ عَلَى أَنَّهُ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ اخْتَارَ فِي بَابِ الصَّيْدِ مِنْ النِّهَايَةِ الْمَقَالَةَ الْأُولَى عَلَى الثَّالِثَةِ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كُفْأَهُ عَنْ غَيْرِ الْكُفْءِ كَالْكَافِرِ فَيَجِبُ الِانْتِقَالُ عَنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ لِأَنَّ قَتْلَهُ أَخَفُّ مَفْسَدَةً.


  #3  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 05:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تشنيف المسامع لبدر الدين الزركشي


ص: (مسألة: مطلق الأمر لا يتناول المكروه، خلافاً للحنفية، فلا تصح الصلاة في الأوقات المكروهة وإن كانت كراهة تنزيهئ، وهو الصحيح).
ش: هذه المسألة أصل الصلاة في الدار المغصوبة التي اقتصر المصنفون على ذكرها وأهملوا أصلها، وكان العكس أجدر، ووجه كونه لا يتناول المكروه أنه مطلوب الترك، والمأمور مطلوب الفعل، فيتناقضان، والخلاف على هذه الحالة حكاه ابن السمعاني في (القواطع) وهو عمدة في الحكاية عن الحنفية، لكونه كانَ حنفياً ثمَّ تشفع، فقالَ: الفعل بوصف الكراهة لا يتناوله الأمر المطلق، وذهب أصحاب أبي حنيفة إلى أنه يتناوله، والخلاف يظهر فائدته في قَوْلِهِ تَعَالَى: {وليطوفوا بالبيت العتيق} فعندنا لا يتناول الطواف بغير طهارة ولا الطواف منكوساً، وعلى مذهبهم يتناوله، فإنَّهم وإن اعتقدوا كراهية هذا الطواف، ذهبوا إلى أنه دخل في الأمر، حتى يتصل به الإجزاء الشرعي، وعندنا لا يدخل ولا جواز لمثل ذلك في الطواف، قالَ: وهذا المثال على أصلهم يتصور، فأما عندَنا فإنا لا نقول: إن ذلك طواف مكروه، بل لا طواف أصلاً، لقيام الدليل على أن الطهارة شرط فيه كالصلاة، على أن الطواف على هيئة مخصوصة، لا توجد إذا طاف منكوساً قالَ: وحجتنا أن الأمر يفيد الوجوب حقيقة، والندب والإباحة مجازاً، فما ليس بواجب ولا مندوب ولا مباح لا يتصور أن يتناوله الأمر، وأشار الْمُصَنِّف بقوله: (فلا تصح): إلى أن من فروعها أَيْضاًً الخلاف في صحة الصلاة في الأوقات المكروهة، وما صرح به من تصحيح البطلان، وإن قلنا: إنها كراهة تنزيه هو كذلك، فإنا وإن قلنا إنها كراهة تنزيهية على وجه قطع الثديجي، فإنَّ الصلاة تبطل على المرجح المفرع على الوجهين جميعاً، ولهذا قالَ في (الروضة) في الكلام على الماء المشمس، إنه كراهة تنزيه لا يمنع من صحة الطهارة، وقالَ في دقاقها: احترزت بهذا القيد عما يكره تنزيها ويمنع من الصحة، كالصلاة في الوقت المكروه، لكن قد استشكل ذلك، إذ كيف يقال: إن العبادة لا تنعقد، ومع ذلك فعلها جائز، معَ أن الإقدام على العبادة التي لا تنعقد حرام بالاتفاق، لكونه تلاعباً وقالَ الشيخ نجم الدين في (المطلب): الحق عندَي أن الصلاة في الوقت المكروه لا تنعقد، وإن كانت غير محرمة؛ لأنَّ كلامنا في صلاة نفل لا سبب لها، والمقصود منها إنما هو طلب الأجر، وتحريمها أو كراهيتها يمنع حصوله، وما لا يترتب عليه مقصوده باطل، كما تقرر من قواعد الشريعة، وقد يرد على إطلاق الْمُصَنِّف الصوم المكروه، كتخصيص يوم الجمعة، فإنَّه منهي عنه نهي تنزيه، وظاهر كلامهم أنه ينعقد إلا أن يدعى أنه لأمر خارج، ولك أن تبحث عن قول الْمُصَنِّف: (مطلق الأمر) وعدوله عن عبارة ابن السمعاني: (الأمر المطلق).

ص: (أما الواحد بالشخص له جهتان كالصلاة في المغصوب، فالجمهور: تصح ولا يثاب، وقيل: يثاب، والقاضي والإمام: لا تصح، ويسقط الطلب عندَها: وأحمد: لا صحة ولا سقوط).
ش: الواحد بالشخص إن لم يكن له إلا جهة واحدة، فلا خلاف في امتناع كونه مأموراً به منهياً عنه، إلا إن جوزنا تكليف ما لا يطاق؛ لأنَّ المأمور به يمتنع تركه بمقتضى الأمر، ومقتضى النهي: المنع من فعله، والجمع بينَهما جمع بينَ المتنافين، وإن كانَ له جهتان فهل يَجُوز أن يؤمر به من وجه وينهى عنه من وجه؟ كالصلاة في المغصوب؟ فقال الجمهور: يصح؛ لأنَّ تعدد الجهات موجب للتغاير لتعدد الصور، وجعلوا اختلاف الجهتين كاختلاف المحلين؛ لأنَّ كل واحدة من الجهتين منفكة عن الأخرى، واجتماعهما إنما وقع باختيار المكلف، فليسا بالمتلازمين، فلا تناقض، وذهب طائفة إلى أنه لا يصح، ثمَّ افترقوا فرقتين: ففرقة قالت: لا يسقط بها الفرض. وهو منقول عن أحمد وفرقة ذهبت إلى السقوط، ونقله المصنف عن القاضي أبي بكر والإمام الرَّازِيّ، وفي كل منهما نظر، وعبارة المحصول في مسألة الصلاة في الدار المغصوبة: وإن لم تكن مأموراً بها، إلا أن الفرض يسقط عندَها لا بها؛ لأنَّا بينا بالدليل امتناع ورود الأمر بها، والسلف أجمعوا على أن الظلمة لا يؤمرون، بقضاء الصلاة المؤداة في الدور المغصوبة، ولا طريق إلى التوفيق بينَهما إلا بما ذكرناه، وهو مذهب القاضي أبي بكر، انتهى.
وقالَ الصفي الهندي: الصحيح أن القاضي إنما يقول بذلك لو ثبت القول بصحة الإجماع على سقوط القضاء، فأما إذا لم يثبت ذلك فلا نقول بسقوط القضاء بها وعندها، انتهى.
ولا إجماع معَ خلاف أحمد وطائفة، وممن منع الإجماع: إمام الحرمين وابن السمعاني وغيرهما.
وقد حكى القاضي حسين في تعليقته في باب صلاة المسافر وجهين لأصحابنا: أحدهما لا تصح للمعصية.
والثاني تصح لأنَّ المعصية ليست في عين الصلاة، بل للمقام في أرض الغير، انتهى.
وأما قول المصنف: (ولا يثاب)، فهذه من مسائل الفقه، نقلها النَّوَوِيّ في (شرح المهذب) عن القاضي أبي منصور ابن أخي ابن الصباغ فقال في فتاواه التي جمعها عن عمه: المحفوظ من كلام أصحابنا بالعراق أن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة ولا ثواب فيها، قالَ القاضي أبو منصور، رأيت أصحابنا بخراسان اختلفوا فمنهم من أبطل صلاته قالَ: وذكر شيخنا ـ يعني ابن الصباغ ـ في كتابه (الشامل) أنه ينبغي حصول الثواب عندَ من صَحَّحَهُا، قالَ القاضي: وهو القياس، انتهى، فقول المصنف: (وقيل: يثاب)، هو احتمال ابن الصباغ.
ص: (والخارج من المغصوب تائباً آت بواجب، وقالَ أبو هاشم: لا، آت إلى محرم، وقالَ إمام الحرمين: هو مرتبك في المعصية معَ انقطاع تكليف النهي عنه، وهو دقيق).
ش: (تائباً) منصوب على الحال، وقوله: (آت بواجب) خبر قوله: (والخارج) أي: لا تحريم فيه، وإن وجد منه اعتباران: الشغل والتفريغ؛ لأنَّه لا يمكن إلا بالشغل، وقالَ أبو هاشم: خروجه كلبثه؛ لأنَّه يتصرف في ملك الغير بغير إذنه، وذلك قبيح لعينه، (فهو منهي عنه بهذا الاعتبار، ومأمور به؛ لأنَّه انفصال عن المكث، وبناه على الفاسد في الحسن والقبح، ولكنه أخل بأصله الآخر، وهو منع التكليف بالمحال، فإنَّه قالَ: لو خرج عصى، ولو مكث عصى، فحرم عليه الشيء وضده جميعاً، وقالَ إمام الحرمين: هو مأمور بالخروج، وإنما يعصي بما تورط به من العدوان السابق، وقالَ: وهو مرتبك في المعصية لحكم الاستصحاب معَ انقطاع تكليف النهي، واستبعده ابن الحاجب وضعفه الغزالي لاعترافه بانتفاء النهي، فالمعصية إلى ماذا تستند؟
قلت: وهو نظير قول الفقهاء فيمن ارتد ثمَّ جن ثمَّ أفاق وأسلم: إنه يجب قضاء صلوات أيام الجنون لاستصحاب حكم معصية الردة عليه، والمرتبك هو المشتبك الذي لا يمكنه أن يخلص.
ص: (والساقط على جريج يقتله إن استمر، وكفؤه، إن لم يستمر وقيل: يتخير، وقالَ إمام الحرمين: لا حكم فيه، وتوقف الغزالي).
ش: إنما ذكر هذه عقيب ما سبق؛ لأنَّ إمام الحرمين قالَ: إن غرضه يظهر بمسألة ألقاها أبو هاشم، فحارت فيها عقول الفقهاء وهي أن من توسط جمعاً من الجرحى وجثم على صدر واحد منهم، وعلم أنه لو بقي لأهلكه، ولو انتقل لهلك آخر، قالَ: لم أحصل فيها من قول الفقهاء على ثبت، والوجه القطع بسقوط التكليف عنه معَ استمرار حكم سخط الله تعالى وغضبه، وقد سأله الغزالي عن هذا، فقالَ: كيف تقول: لا حكم، وأنت ترى أن لا تخلو واقعة عن حكم؟ فقالَ: حكم الله أن لا حكم، قالَ الغزالي: فقلت له: لا أفهم هذا، قالَ الأبياري: وهذا أدب حسن، وتعظيم للمشايخ؛ لأنَّ هذا تناقض، وإذ لا حكم: نفي عام، فكيف يتصور ثبوت الحكم معَ نفيه على العموم؟ فهذا لا يفهم، لا لعجز السامع عن الفهم، بل لكونه غير مفهوم في نفسه، انتهى، وللإمام أن يقول: لا حكم: بمعنى انتفاء الأحكام الخمسة، والبراءة الأصلية حكم الله، ولا تخلو واقعة عن حكم بهذا الاعتبار، ومثله قول النحاة: ترك العلامة علامة، فكذلك نفي الحكم حكم بهذا الاعتبار، ويشهد له ما بينا، ذكره الشيخ عز الدين، وقالَ في (المنخول) المختار أن لا حكم لله فيه، فلا نؤمر بمكث ولا انتقال، وقالَ في آخر الكتاب: حكم الله فيه أن لا حكم، هذا ما قاله الإمام ولم أفهمه بعد، انتهى.
وذكر في هذا الكتاب احتمالين: أحدهما: أنه يمكث، فإنَّ الانتقال فعل مستأنف.
الثاني: يتخير، وكلام المصنف يوهم أن هذين القولين لغيره، وفرض الشيخ عز الدين في قواعده المسألة: الساقط على أطفال، وقالَ: قيل: ليس في هذه المسألة حكم شرعي وهي باقية على الأصل في انتفاء الشرائع قبل نزولها، ولم نر الشريعة تخير بينَ هاتين المفسدتين، قالَ: فلو كانَ بعضهم مُسْلِماً، وبعضهم كافراً، فهل يلزمه الانتقال إلى الكافر؛ لأنَّ قتله أخف مفسدة؟ الأظهر عندَي لزومه؛ لأنَّا نجوز قتل أولاد الكفار عندَ التترس بهم، حيث لا يَجُوز مثل ذلك في أطفال المسلمين. انتهى ولا يخفى أن هذا التردد في الطفل الكافر المعصوم دمه، فإنَّ كانَ حربياً، فلا شك في لزوم الانتقال إليه، ويحتمل ـ على بعد ـ طرده فيه.

  #4  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 05:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: مطلق الأمر لا يتناول المكروه خلافاً للحنفية، فلا تصح الصلاة في الأوقات المكروهة، وإن كانت كراهة تنزيه.
ش: مطلق الأمر أي لا بقيد، لا يتناول المكروه، فإنه مطلوب الترك، والأمر مطلوب الفعل، فيتناقضان، حكى الخلاف في هذا بيننا وبين الحنفية ابن السمعاني في (القواطع) وقال: تظهر فائدة الخلاف في قوله تعالى: {وليطوفوا بالبيت العتيق} فلا يتناول عندنا الطواف بغير طهارة، وعلى مذهبهم يتناوله، فإنهم وإن اعتقدوا كراهة هذا الطواف ذهبوا إلى أنه دخل في الأمر، حتى يتصل به الإجزاء الشرعي، ونحن لا نقول إنه طواف مكروه، بل لا طواف أصلاً، لقيام الدليل على أن الطهارة شرط فيه كالصلاة.
وجعل المصنف من فروع ذلك الصلاة التي لا سبب لها في الأوقات المكروهة، فإن الراجح أنها لا تنعقد، سواء قلنا: إن تلك الكراهة للتحريم أو للتنزيه، كما اقتضاه كلام (الروضة) وقال في (المطلب): إنه الحق، لأن المقصود منها طلب الأجر وتحريمها أو كراهتها يمنع حصوله، وما لا يترتب عليه مقصوده باطل كما تقرر من قواعد الشريعة.
واستشكل ذلك شيخنا الإسنوي، فإن الإقدام على المكروه جائز، فكيف لا ينعقد؟ وجوابه ما تقدم من تنافي رجحان الترك، ورجحان الفعل، والله أعلم.
ص: أما الواحد بالشخص له جهتان كالصلاة في المغصوب، فالجمهور تصح ولا يثاب، وقيل: يثاب، والقاضي والإمام: لا تصح، ويسقط الطلب عندها، وأحمد: لا صحة ولا سقوط.
ش: للواحد بالشخص حالتان:
إحداهما: أن لا يكون له إلا جهة واحدة، فلا خلاف في امتناع كونه مأموراً به، منهياً عنه، إلا عند من يجوز تكليف ما لا يطاق، لأن مقتضى الأمر المنع من تركه، ومقتضى النهي المنع من فعله، وهما متنافيان.
الثانية: أن يكون له جهتان كالصلاة في الأرض المغصوبة، فهل يجوز الأمر به من وجه والنهي عنه من وجه؟
فيه مذاهب: أحدها ـ وبه قال الجمهور ـ: أنه يصح لتعدد الجهات، فهو كاختلاف المحال، فلا تناقض، وأما كونه لا ثواب فيها، فلم يصرح به الأصوليون، وحكاه النووي في (شرح المهذب) عن أبي منصور ابن أخي ابن الصباغ في فتاويه التي جمعها عن عمه، أنه قال إنه المحفوظ من كلام أصحابنا بالعراق، ثم قال: وذكر شيخنا يعني ابن الصباغ في كتابه (الكامل): أنه ينبغي حصول الثواب عند من صححها، قال أبو منصور: وهو القياس.
قلت: ينبغي أن يقابل بين ثواب العبادة وإثم المكث في المغصوب، فإن تكافآ أحبط الإثم الثواب، وإن زاد ثواب العبادة بقي له قدر من الثواب لا يضيع عليه، وحينئذ فلا يطلق انتفاء الثواب لحصول بعضه في بعض الأحوال، والله أعلم.
وقد ظهر أن قوله: (وقيل: يثاب) هو بحث لابن الصباغ، وهو المذهب الثاني.
والمذهب الثالث: أنه لا يصح، ولكن يسقط الطلب عندها، أي لا بها، وحكاه المصنف عن القاضي أبي بكر والإمام الرازي، وقال الصفي الهندي: الصحيح أن القاضي إنما يقول بذلك لو ثبت القول بصحة الإجماع على سقوط القضاء، فأما إذا لم يثبت بذلك فلا يقول بسقوط القضاء بها ولا عندها، انتهى.
والمذهب الرابع: أنها لا تصح، ولا يسقط بها الفرض، وهو المنقول عن أحمد بن حنبل، وهو وجه عندنا، حكاه القاضي حسين في تعليقه في باب صلاة المسافر إلا أنه لم يصرح بأن الفرض لا يسقط.
ص: والخارج من المغصوب تائباً آت بواجب، وقال أبو هاشم: بحرام، وقال إمام الحرمين هو مرتبك في المعصية مع انقطاع تكليف النهي وهو دقيق.
ش: إذا دخل أرضا مغصوبة ثم ندم وأراد الخروج منها، ففي خروجه منها أقوال.
أحدها: أنه آت بواجب، فإنه باعتبار شغل بقعة غيره آت بمحرم، وباعتبار السعي في تفريغها آت بواجب، ولا يمكن التفريغ إلا بهذا الشغل.
الثاني وبه قال أبو هاشم: إنه آت بحرام، كاللابث فيها، لتصرفه في ملك غيره بغير إذنه.
الثالث وبه قال إمام الحرمين: إنه مرتبك في المعصية، أي مشتبك فيها لا يمكنه التخلص ما دام فيها، فهو عاص باستصحاب التعدي السابق مع انقطاع تكليف النهي، واستبعده ابن الحاجب وضعفه الغزالي، بأن النهي إذا انتفى فإلى ماذا تستند المعصية؟
ص: والساقط على جريح يقتله إن استمر وغيره، إن لم يستمر، قيل: يستمر، وقيل: يتخير، وقال إمام الحرمين: لا حكم فيه، وتوقف الغزالي.
ش: ذكر هذه عقب ما تقدم، لأن إمام الحرمين قال: إن غرضه يظهر بمسألة ألقاها أبو هاشم، فحارت فيها عقول الفقهاء، وهي: أن من توسط جمعا من الجرحى، وجثم على صدر واحد منهم، وعلم أنه لو بقي لأهلكه، ولو انتقل لأهلك آخر، قال: لم أتحصل فيها من قول الفقهاء على ثبت، والوجه: القطع بسقوط التكليف عنه، مع استمرار حكم سخط الله وغضبه.
وسأله الغزالي عن هذا فقال: كيف تقول: لا حكم، وأنت ترى أنه لا تخلو واقعة عن حكم؟!
فقال: حكم الله أن لا حكم.
قال الغزالي: فقلت له: لا أفهم هذا.
قال الإبياري: وهذا أدب حسن، وتعظيم للأكابر، لأن هذا تناقض إذ لا حكم: نفي عام، فكيف يتصور ثبوت الحكم مع نفيه على العموم؟! فهذا لا يفهم لا لعجز السامع عن الفهم بل لكونه غير مفهوم في نفسه انتهى.
والقولان اللذان حكاهما المصنف في أنه يستمر أو يتخيرهما احتمالان وتوجيه الأول: أن الانتقال فعل مستأنف.
وأشار المصنف بتوقف الغزالي إلى أنه اختلف كلامه في (المنخول) فمرة قال: المختار أن لا حكم لله فيه، فلا يؤمر بمكث ولا انتقال، ومرة حكى كلام الإمام ثم قال: ولم أفهمه بعد.
وفرض الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد المسألة في الساقط على أطفال وقال: ليس في هذه المسألة حكم شرعي، وهي باقية على الأصل في انتفاء الشرائع قبل نزولها، ثم قال: الأظهر عندي فيما لو كان بعضهم كافراً لزوم الانتقال إلى الكافر، لأنا نجوز قتل أولاد الكفار عند التترس بهم.
قال الشارح: ولا يخفى أن هذا التردد في طفل كافر معصوم الدم، فإن كان حربياً فلا شك في لزوم الانتقال إليه، ويحتمل على بعد طرده فيه. انتهى.
وأجاب الشارح عن الإمام بأن مراده لا حكم أي من الأحكام الخمسة، والبراءة الأصلية حكم الله، ولا تخلو واقعة عن حكم بهذا الاعتبار.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
يتناول, هل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir