دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 جمادى الآخرة 1441هـ/13-02-2020م, 12:01 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الثالث عشر: مجلس مذاكرة القسم الثاني من طبقات القراء والمفسّرين

مجلس مذاكرة القسم الثاني من دورة طبقات القراء والمفسرين




درست طبقات القراء والمفسرين في المدينة النبوية؛ فاختر ثلاثة علماء من كل طبقة ولخّص تراجمهم.



تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 20 جمادى الآخرة 1441هـ/14-02-2020م, 01:36 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

سالم بن معقل مولى أبي حذيفة بن عتبة(ت:12هـ)
لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى:
كان سالم رجلا فارسيا, ولكن فارسيته لم تمنعه من أن يلحق بالركب, بل أن يكون في مقدمته, فقد كان من السابقين الأولين للإسلام والهجرة.
القرآن حينما يعز أصحابه:
كان سالم معلما للقرآن زمن النبي, بل كان يؤم صحابة رسول الله وفيهم خيرة الصحبة, أبو بكى وعمر, وزيد. كما رواه البخاري.
بل وصل به الأمر إلى أن يوصي رسول الله بالاستقراء من لسانه, فكان من قراء الصحابة -رضي الله عنه وأرضاه. كما رواه البخاري.
يروي الإمام أحمد أن عائشة أبطأت يوما على رسول الله, فسألها عما حبسها فأجابت أن قد أخرها سماع قراءة رجل في المسجد, فلما ذهب رسول الله ليرى من هو, فإذا به سالم -رضي الله عنه وأرضاه-, فقال له رسول الله جملة يشتريها المرء بنفسه وماله: "الحمدلله الذي جعل في أمتي مثلك".
محمود الرسول, وأمنية عمر:
وكما أن رسول الله حمد الله على أن جعل في أمته من هو مثله, فإن عمر -رضي الله عنه- بعد أن سأل في مجلس عن أماني خير الرجال فيه, عقب برأيه فقال: " أتمنى لو أنها -الدار التي كانوا يجلسون فيها- مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة، وحذيفة بن اليمان" رواه أحمد, والبخاري في التاريخ الأوسط.
حينما يكون القرآن في الصدر حيا على أرض الواقع:
لسالم رضي الله عنه فضائله كثيرة، وذكر حنظلة بن أبي سفيان الجمحي(ت:151هـ) أن سالماً حمل لواء المهاجرين يوم اليمامة بعد مقتل زيد بن الخطّاب فكُلّم في ذلك فقال: (بئس حامل القرآن أنا إن أُتيتم من قبلي)، وتقدّم باللواء حتى قتل وهو يتلو قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قُتل معه ربيّون كثير ...} الآية، والخبر في كتاب الجهاد لابن المبارك والمستدرك للحاكم وفضائل القرآن لأبي عبيد بألفاظ مختلفة.
فانظر كيف يكون القرآن حجة على صاحبه, لا مزية يركن بها إلى الدعة والراحة.
ممن ارتوى من عذب نهره:
روى عنه عمرو بن العاص وعبد الله بن معقل رضي الله عنهما، وقد علّم جماعة من الصحابة القرآن, ولم يدركه أكثر التابعين فلذلك قلّت الرواية عنه.
وفاته:
استشهد يوم اليمامة -كما ذكرنا- سنة 12هـ.

خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك الخزرجي الأنصاري (ت:100هـ)
خير خلف لخير سلف:
ولد خارجة سنة 30هـ في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وكان أبوه زيد بن ثابت كاتب الوحي، وأمّه جميلة بنت سعد بن الربيع أحد النقباء ليلة العقبة، فنعم النسب, ونعم البيت الذي تلقى فيه التربية.
مشاهد تشهد على آثاره:
كان له في بدر صولات, وأحد جولات, وشهودهما لوحدهما خير شاهد على حسن سيرة الرجل, وعظيم إيمانه, وقد كان من أفاضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الإمام الفقيه:
كان خارجة أحد الفقهاء السبعة، وتفقّه بأبيه وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عُدَّ من كبار أهل الفتوى في زمانه.
قال عبد العزيز الدراودي: سمعت عبيد الله بن عمر قال: (كان الفقه بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري، وسعيد بن المسيب بن حزن المخزومي، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي، وعبد الملك بن مروان بن الحكم، وسليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث). رواه ابن عساكر.
ممن انتفع ومن نفع:
روى خارجة عن أبيه وأمّه وعن أسامة بن زيد، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، وأمّ العلاء الأنصارية.
وروى عنه: ابنه سليمان، وابن شهاب الزهري، ومحمد الديباج، وأبو الزناد، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وعبد الله بن كعب الحميري، وغيرهم.
ثلمت في الإسلام ثلمة:
لما بلغ السبعين من عمره رأى في منامه أنه بنى سبعين درجة فلما بلغ آخرها تهوّرت, فنظر في عمره فإذا هو قد بلغ سبعين سنة؛ فمات في تلك السنة.
اختلف في سنة وفاته على أقوال أرجحها أنها سنة 100هـ، وله سبعون سنة.
وروي أنّ عمر بن عبد العزيز لما بلغه موته استرجع، وصفق بإحدى يديه عَلَى الأخرى، وَقَال: (ثُلمة والله فِي الإسلام).
وهكذا هم العظماء, حينما يموتون لا يشعر بفقدهم القريب والحبيب دون سواهم, بل على قدر العظمة ينتشر الألم, ومن عظمة الرجل أن يرثيه خير الرجال.

المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي (ت:188هـ)
النسب الشريف:
هو المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي القرشي.
السلسلة الذهبية:
- روى عن أبيه، وموسى بن عقبة، ومالك بن أنس، ومحمد بن عجلان، وهشام بن عروة، وعبد الله بن عمر العمري، وغيرهم.
وروى عنه: ابنه عياش، وإبراهيم بن حمزة الزبيري، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وأبو مصعب الزهري، وغيرهم.
مدار الفقه في المدينة:
كان الغيرة من كبار فقهاء المدينة في آخر حياة مالك بن أنس وبعده.

- وقال يعقوب بن شيبة: (ثقة، وهو أحد فقهاء أهل المدينة، ومن كان يفتي فيهم). ذكره أبو الحجاج المزي.
بل كان فقيه المدينة بعد مالك على جلالة قدره! وقال أبو عمر ابن عبد البر: (كان مدار الفتوى بالمدينة في آخر زمن مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، حكى ذلك عبد الملك بن الماجشون، وكان ابن أبي حازم ثالث القوم في ذلك).
الورع والزهد:
ذكر ابن عبدالبر أن أمير المؤمنين الرشيد عرض عليه قضاء المدينة، وجائزة أربعة آلاف دينار فامتنع وأبي أمير المؤمنين إلا أن يلزمه ذلك فقال: والله يا أمير المؤمنين لأن يخنقني الشيطان أحب إلي من أن ألي القضاء فقال الرشيد: ما بعد هذا غاية وأعفاه من القضاء وأجازه بألفي دينار.
فانظر إلى قدر القضاء في نفوسهم, والخوف من الخوض في حقوق العباد, والبعد كل البعد عن مواطن الظلم لمن علم نفسه وعرفها, وانظر إلى صغر الدنيا وحقارتها في عيونهم, وعزة النفس عن أموالها وزينتها.
تعظيم القرآن:
قال محمد بن مسلمة المخزومي: قال المغيرة بن عبد الرحمن: (نحن أعلم الناس بالقرآن وأجهلهم به، صيرنا العلم بعظيم قدره إلى الجهل بكثير من معانيه). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام.
الله الله على مثل هذه العبارة الوجيزة البليغة! كيف اختصرت حقيقة السلف في التعامل مع كتاب الله وتفسيره, وكيف أن حب كتاب الله وعظمته في نفوسهم هي ما دعت لتخوفهم وقلة حديثهم في تفسير معانيه, وانظر كيف يجرؤ متعالمي اليوم في الخوض في كتاب الله ولي عنق آياته, وتفسيره حسب ما يشتهون.
نفاسة مروياته في التفسر:
قال الذهبي: قد وثقه جماعة، وضعفه أبو داود وحده.
وقد كان أبو داوود يوثق المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، ويضعّف المخزومي عكس ما رواه عباس الدوري عن يحيى بن معين.
مروياته في كتب التفسير المسندة عزيزة جداً.
رحيله:
قال ابنه عياش بن المغيرة: (ولد أبي سنة أربع أو خمس وعشرين ومئة ومات يوم الأربعاء لسبع خلت من صفر سنة ست وثمانين ومائة).
وقال محمد بن سعد: (توفي سنة ثمان وثمانين ومائة)
وقال الذهبي: عاش اثنتين وستين سنة.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 جمادى الآخرة 1441هـ/18-02-2020م, 02:30 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سيرة ثلاثة من القراء والمفسرين من الصحابة

الحمد لله ربنا، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله نبينا، وعلى آله وصحبه الذين يملأ حبهم قلوبنا، وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان من سلفنا وعلماؤنا،
أما بعد:
فإن خير معين على رفع الهمم لسلوك الصراط المستقيم والنهج القويم الذي سلكه من مضى من الصحابة والتابعين هو تعرف همم القوم الماضين
والسبيل إلي ذلك هو معرفة سيرتهم وما نقل لنا عنهم ليكونوا في نفوسنا شمس النهار وفي مقدمة هؤلاء الأعلام وحفاظ الإسلام الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ثم التابعين ثم تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ممن سار على نهجهم القويم واقتفى سبيلهم المستقيم.
وانطلاقا من هذا الأمر الجليل فبين أيدينا سيرة ثلاثة من أعلام الصحابة رضي الله عنهم هم؛ أبو بكر الصديق ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب رضي الله عنهم أجمعين.

==سيرة الصديق رضي الله عنه
هو أفضل الصحابة قدراً، وأعلاهم منزلة، وأطولهم صحبة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأسبقهم إلى الخير والفضل وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وجمعنا به في الجنة مع النبيين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وسنذكر طرفا مما ذكر في سيرة، وعلى الله الكريم اعتمادنا وهو حسبنا ونعم الوكيل.

=اسمه ونسبه:
هو أبو بكر الصديق واسمه عبد الله بن عثمان بن عامر التيمي القرشي رضي الله عنه.

=مكانته وفضله:
الرجل الأول في الأمة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم وهو أول من آمن من الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم،
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي ذهب إلى أبي بكر ليخبره بما أكرمه الله به من الرسالة ويدعوه إلى دين الإسلام فقبل أبو بكر رضي الله عنه دعوة النبي دون تردد وشهد شهادة الحق،
وقد روى ابن إسحاق عن بداية إسلام أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ فقال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الحصين التميمي أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
(ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة و تردد و نظر، إلا أبا بكر ما عكم عنه حين دعوته، و لا تردد فيه ) ما عكم: ما تباطأ بل سارع
وبهذا كان رضي الله عنه من أخص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وصار الأمر كذلك بعدها، فكان هو أكثر الصحابة ملازمة وصحبة للنبي صلى الله عليه وسلم،
وقد نزل في شأنه آيات من القرآن، ونوّه الله بصحبته للنبي صلى الله عليه وسلم فيه وبمعيّة الله له معيّة خاصة؛ كما في قول الله تعالى: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}.
وصاحبه هو أبو بكر رضي الله عنه فقد روى ابن وهب عن عمرو ابن الحارث عن أبيه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين خطب قال: أيكم يقرأ سورة التوبة؟!
قال رجل: أنا، قال: اقرأ، فلما بلغ {إذ يقول لصاحبه لا تحزن} بكى أبو بكر، وقال: أنا والله صاحبه). رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
وعلى هذا انعقد أجماع الأمة.

لقد كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ كنزاً من الكنوز، ادخره الله تعالى لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم،
وكان من أحب قريش لقريش، فذلك الخُلق السمح الذي وهبه الله تعالى إياه جعله من الذين يألفون ويؤلفون ولذلك قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر".

وعن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحُداً، و أبو بكر وعمر وعثمان، فوجف بهم، فقال صلى الله عليه وسلم:( اثبت أحد، ما عليك إلا نبي، وصديق، وشهيدان) ( رواه أحمد ). والشهيدان: عمر وعثمان رضي الله عنهما، والصديق: أبو بكر رضي الله عنه

- وكان أبو بكر رضي الله عنه من أعلم الناس بمعاني القرآن ولطائف خطابه، ومن دلائل تقدّم أبي بكر رضي الله عنه في فهم فحوى الخطاب وفنونه ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من طرق عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده؛ فاختار ما عند الله»
فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
قال أبو سعيد: فقلت في نفسي ما يبكي هذا الشيخ؟ إن يكن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله.
قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا أبا بكر لا تبك، إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر»
وكانت نتيجة هذا الفهم لمعاني القرآن الكريم واستقرار معانيه في قلبه، أنه تحرك في الدعوة إلى الله تعالى ضاربا لنا أروع مثل لتوضيح ما ينبغي على المؤمن أن يكون عليه، فكان رضي الله عنه لا يقر له قرار، ولا يهدأ له بال، حتى يحقق في دنيا الناس ما آمن به، دون أن تكون انطلاقته دفعة عاطفية مؤقتة، سرعان ما تخمد وتذبل وتزول، فقد ظل نشاط أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وحماسه إلى دينه ودعوته حتى توفاه الله، ولم يفتر أو يضعف
ولذلك جاءت ثمرة دعوته في بدايتها بصفوة من خيرة الخلق، من العشرة المبشرين بالجنة، منهم: عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله ـ رضي الله عنهم أجمعين، فجاء بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم واحدا بعد واحد فأسلموا بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان هؤلاء الخمسة أول ثمرة من ثمرات الصديق رضي الله عنه وعنهم أجمعين وكانوا من الدعامات الأولى التي قامت عليها الدعوة إلى دين الإسلام.

=وأما عنايته بالقرآن وحرصه على جمع الناس عليه:
فإنه رضي الله عنه أوّل من جمع القرآن في مصحف واحد بعد أن استحر القتل بالقراء في وقعة اليمامة، فخشي تفرق الأمة في القرآن فعمد إلى جمعه وأقره الصحابة على فعله.
- قال علي بن أبي طالب: (أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر؛ رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله). رواه ابن أبي داوود.
ومن مظاهر عنايته به، ما كان منه من الإقبال على فهم كلام الله وقد تقدم قبل قليل شيء من هذا فقد كان أبو بكر من أعلم الصحابة بالتفسير، وربما سأل أصحابه عن بعض معاني القرآن ثم يرشدهم ويعلّمهم.

والكلام على سيرته رضي الله عنه لا يمكن الإحاطة به في مثل هذه السطور القليلة، ولكنها مقدمة للكلام وقد ألفت في سيرته المؤلفات فمن أراد الزيادة فعليه الرجوع لكتب التراجم والسير والتاريخ ففيها الشيء الكثير مما جاءنا عنه رضي الله عنه.
وبعد حياة مليئة بأمور وأحداث كثيرة مشرفة كتبت فيها الكتب وألفت فيها المؤلفات نُزل به رضي الله عنه ومع هذا فمازال حريصا على تعليمنا ونقل الدين لنا حتى في هذا الحال:
فعن مجاهد بن وردان عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كنت عند أبي بكر حين حضرته الوفاة فتمثلت بهذا البيت
من لا يزال دمعه مقنعا ... يوشك أن يكون مرة مدّفعا
فقال: يا بنية لا تقولي هكذا، ولكن قولي: {وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد}.
ثم قال: في كم كفن النبي صلى الله عليه وسلم؟
فقلت: في ثلاثة أثواب.
فقال: كفنوني في ثوبي هذين واشتروا إليهما ثوبا جديدا؛ فإن الحيَّ أحوج إلى الجديد من الميت وإنما هي للمهلة). رواه ابن حبان وأصله في صحيح البخاري.
وفيه حرصه الشديد على اتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد توفي رضي الله عنه يوم الإثنين في جمادى الأولى سنة 13هـ.

وأما أخذ العلم عنه:
فقد روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين فروى عنه:
الخلفاء الثلاثة، وعبد الرحمن بن عوف وحذيفة بن اليمان وعائشة وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبو سعيد الخدري وابن عباس ومعقل بن يسار، والمسور بن مخرمة، وطارق بن شهاب، وقيس بن أبي حازم، وسعيد بن نمران الناعطي، وجماعة.

ولكن الرواية المحفوظة عنه قليلة وسبب هذا قصر مدة خلافته فقد تولى الخلافة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لمدة عامين وشهرين تقريبا ثم توفي رضي الله عنه، وأيضا لاشتغال كثير من الصحابة بالجهاد وحروب المرتدين.

ومما روي عنه في التفسير:
- إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد البجلي، عن أبي بكر الصديق: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} ، قال: النظر إلى وجه ربهم). رواه ابن جرير.
- قال قيس بن أبي حازم: سمعت أبا بكر الصديق، رضي الله عنه يقرأ هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه، والظالم فلم يأخذوا على يديه، فيوشك أن يعمهم الله منه بعقاب» رواه ابن جرير بهذا اللفظ.

=وفاته رضي الله عنه
توفي رضي الله عنه بعد حياة مليئة بالأعمال المشرقة التي سطرت تاريخه الناصع البياض في عام ثلاث عشرة وخلف بعده عمر بن الخطاب رضي الله.

ومن تأمل سيرته رضي الله عنه استفاد منها الشيء الكثير، وانتفع بذلك أيما انتفاع لذا ينبغي أن يكرر قراءتها مرة بعد مرة ليكون هذا معينا للنفس مقويا لها للسير على الصراط المستقيم والحرص على حمل العلم وبثه ونشره في المسلمين فإنه السبيل للحفاظ على الدين والدنيا،
والله أعلى وأعلم وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


== معاذ بن جبل رضي الله عنه

=اسمه ونسبه ومولده
هذا الصحابي الجليل هو معاذ بن جبل بن عمرو الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه، فهو من الأنصار، وقد ولد بالمدينة، وكان له زوجتان وولدان وبنت، وكان يكنى بأبي عبد الرحمن.
=اسلامه:
أسلم الصحابي الجليل معاذ بن جبل وعمره ثمان عشر سنة
=جهاده:
شهد بدراً والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم،
=علمه وفضله:
كان من علماء الصحابة وقرائهم، قرأ على ابن مسعود في أوّل الأمر حتى حذق ما لديه، ثمّ قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم حتى جمع القرآن في عهده، وكان من المعلّمين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
- فعن عبد الله بن مسعود قال: جاء معاذ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أقرئني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقرئه»، فأقرأته ما كان معي، ثم اختلفت أنا وهو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه معاذ، فكان معلّما من المعلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن أبي شيبة.
_عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أعلم أمتي بالحلال و الحرام معاذ بن جبل ».
- وقال شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد أحد عمومتي) متفق عليه.
_و ايضا قابل مرة النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل فقال له « يا معاذ، إني لأحبك في الله» قال معاذ: و أنا والله يا رسول الله، أحبك في الله. فقال: « أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة: رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك » . رواه ابن حبان، في صحيحه.

=نشره العلم رضي الله عنه:
انتدبه النبي صلى الله عليه وسلم مراراً لتعليم القرآن والتفقيه في شرائع الدين،
-فعلّم في المدينة،
-وفي مكة بعد الفتح،
-وفي اليمن بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إليها معلّماً قاضياً وأميراً، ثمّ عاد إلى المدينة في خلافة أبي بكر،
وذلك بعد أن طلب أهل اليمن من يفقههم في الدين وأحكامه، وقد كرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه أكثر من مرّة؛ منها: أنه قال فيه: (نِعم الرَّجُلُ مُعاذُ بنُ جَبلٍ)
-ثمّ انتدبه عمر إلى حمص وفلسطين ليقرئ أهلها ويعلّمهم فبقي معلّماً حتى مات
=وفاته رضي الله عنه
بعد وفاة أبي عبيدة ولي خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إمرة الجند لمعاذ رضي الله عنه، لكنه لم تدم إمارته طويلا حتى أصيب بالطاعون الذي عرف بطاعون عمواس، ومات بسببه رضي الله عنه وكان ذلك سنة ثماني عشرة للهجرة بعد أن بلغ من العمر ثلاثة وثلاثين سنة. فرضي الله عنه ورحمه وجمعنا الله به في جنته .

==سيرة أبيّ بن كعب رضي الله عنه

=اسمه ونسبه ومولده
هو الصحابي الجليل أبو المنذر أبيّ بن كعب بن قيس النجاري الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه، من الأنصار من بني معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار من الخزرج.
=اسلامه:
أسلم رضي الله عنه وشهد بيعة العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار، ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة آخى بينه وبين سعيد بن زيد، وقيل طلحة بن عبيد الله.
=جهاده:
شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم،
=علمه وفضله:
-أبي بن كعب رضي الله عنه هو أقرأ الأمّة، قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع القرآن في حياته وعرضه عليه
روى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خُذُوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة.
روى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، وَلكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" أسد الغابة
-وكان من العلماء العباد فقد تفرغ للعبادة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن وجد حاجة الناس إليه فجلس لتعليمهم،
-وكان من أحبّ الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
-وقد راجع جمع القرآن في عهد أبي بكر، وفي عهد عثمان على الراجح.
-قال مسروق بن الأجدع: «انتهى علم الصحابة إلى ستة: عمر وعلي وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وابن مسعود، ثم انتهى علم الستة إلى علي وابن مسعود» سير أعلام النبلاء.
-وقال معمر بن راشد: «عامة علم ابن عباس من ثلاثة: عمر، وعلي، وأبي» الوسيط في علوم ومصطلح الحديث.
-فكان ينشر العلم، ويجيب على أسئلة السائلين، ويحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى روي أنه إذا كثر الناس عليه صعد على سطح بيت فحدّثهم.
- وقال أبو السَّليل: (كان رجل من أصحاب النبيﷺ يحدث الناس حتى يكثر عليه؛ فيصعد على ظهر بيت، فيحدّث الناسَ). رواه أحمد في مسنده، وهذا الرجل هو أبيّ بن كعب رضي الله عنه كما صرّح به في الخبر.
- وقد لزمه زر بن حبيش مدة وأكثر من سؤاله فقال له: (لا تريد أن تدع آية في كتاب الله تعالى إلا سألتني عنها!!). والخبر في مسند الإمام أحمد مطولاً.
=ممن قرأ عليه وروى عنه:
-قرأ عليه من الصحابة:
جماعة منهم ابن عباس، وأبو هريرة، وعبد الله بن السائب، وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وغيرهم.
-ومن التابعين:
جماعة منهم أبو عبد الرحمن السلمي، وزرّ بن حبيش، وأبو العالية الرياحي، وغيرهم.
-روى عنه من الصحابة:
سهل بن سعد، وابن عباس، وأنس بن مالك، وسليمان بن صرد الخزاعي، وعبد الرحمن بن أبزى الخزاعي.
-ومن التابعين:
أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وسعيد بن المسيب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو عبد الرحمن الحبُلّي، وزر بن حبيش، ويحيى بن يعمر وغيرهم.

=وفاته رضي الله عنه:
اختلف في وفاته رضي الله عنه على أقوال عدة وأرجحها أنه توفي سنة ثلاثين للهجرة فقد رويت آثار بأسانيد جياد تدلّ على شهوده كتابة المصاحف العثمانية سنة 25هـ.
وقد شهد عتي بن ضمرة يوم وفاته، فقال:
«رأيت أهل المدينة يموجون في سككهم، فقلت: «ما شأن هؤلاء؟»، فقال بعضهم: «ما أنت من أهل البلد؟!»، قلت: «لا»، قال: «فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين، أبي بن كعب»»
فرضي الله عنه وجزاه عن المسلمين خير الجزاء وجمعنا الله به في جنته ودار كرامته.

والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 7 ذو القعدة 1441هـ/27-06-2020م, 05:15 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورة الأمير مشاهدة المشاركة
سالم بن معقل مولى أبي حذيفة بن عتبة(ت:12هـ)
لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى:
كان سالم رجلا فارسيا, ولكن فارسيته لم تمنعه من أن يلحق بالركب, بل أن يكون في مقدمته, فقد كان من السابقين الأولين للإسلام والهجرة.
القرآن حينما يعز أصحابه:
كان سالم معلما للقرآن زمن النبي, بل كان يؤم صحابة رسول الله وفيهم خيرة الصحبة, أبو بكى وعمر, وزيد. كما رواه البخاري.
بل وصل به الأمر إلى أن يوصي رسول الله بالاستقراء من لسانه, فكان من قراء الصحابة -رضي الله عنه وأرضاه. كما رواه البخاري.
يروي الإمام أحمد أن عائشة أبطأت يوما على رسول الله, فسألها عما حبسها فأجابت أن قد أخرها سماع قراءة رجل في المسجد, فلما ذهب رسول الله ليرى من هو, فإذا به سالم -رضي الله عنه وأرضاه-, فقال له رسول الله جملة يشتريها المرء بنفسه وماله: "الحمدلله الذي جعل في أمتي مثلك".
محمود الرسول, وأمنية عمر:
وكما أن رسول الله حمد الله على أن جعل في أمته من هو مثله, فإن عمر -رضي الله عنه- بعد أن سأل في مجلس عن أماني خير الرجال فيه, عقب برأيه فقال: " أتمنى لو أنها -الدار التي كانوا يجلسون فيها- مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة، وحذيفة بن اليمان" رواه أحمد, والبخاري في التاريخ الأوسط.
حينما يكون القرآن في الصدر حيا على أرض الواقع:
لسالم رضي الله عنه فضائله كثيرة، وذكر حنظلة بن أبي سفيان الجمحي(ت:151هـ) أن سالماً حمل لواء المهاجرين يوم اليمامة بعد مقتل زيد بن الخطّاب فكُلّم في ذلك فقال: (بئس حامل القرآن أنا إن أُتيتم من قبلي)، وتقدّم باللواء حتى قتل وهو يتلو قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قُتل معه ربيّون كثير ...} الآية، والخبر في كتاب الجهاد لابن المبارك والمستدرك للحاكم وفضائل القرآن لأبي عبيد بألفاظ مختلفة.
فانظر كيف يكون القرآن حجة على صاحبه, لا مزية يركن بها إلى الدعة والراحة.
ممن ارتوى من عذب نهره:
روى عنه عمرو بن العاص وعبد الله بن معقل رضي الله عنهما، وقد علّم جماعة من الصحابة القرآن, ولم يدركه أكثر التابعين فلذلك قلّت الرواية عنه.
وفاته:
استشهد يوم اليمامة -كما ذكرنا- سنة 12هـ.

خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك الخزرجي الأنصاري (ت:100هـ)
خير خلف لخير سلف:
ولد خارجة سنة 30هـ في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وكان أبوه زيد بن ثابت كاتب الوحي، وأمّه جميلة بنت سعد بن الربيع أحد النقباء ليلة العقبة، فنعم النسب, ونعم البيت الذي تلقى فيه التربية.
مشاهد تشهد على آثاره:
كان له في بدر صولات, وأحد جولات, وشهودهما لوحدهما خير شاهد على حسن سيرة الرجل, وعظيم إيمانه, وقد كان من أفاضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الإمام الفقيه:
كان خارجة أحد الفقهاء السبعة، وتفقّه بأبيه وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عُدَّ من كبار أهل الفتوى في زمانه.
قال عبد العزيز الدراودي: سمعت عبيد الله بن عمر قال: (كان الفقه بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري، وسعيد بن المسيب بن حزن المخزومي، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي، وعبد الملك بن مروان بن الحكم، وسليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث). رواه ابن عساكر.
ممن انتفع ومن نفع:
روى خارجة عن أبيه وأمّه وعن أسامة بن زيد، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، وأمّ العلاء الأنصارية.
وروى عنه: ابنه سليمان، وابن شهاب الزهري، ومحمد الديباج، وأبو الزناد، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وعبد الله بن كعب الحميري، وغيرهم.
ثلمت في الإسلام ثلمة:
لما بلغ السبعين من عمره رأى في منامه أنه بنى سبعين درجة فلما بلغ آخرها تهوّرت, فنظر في عمره فإذا هو قد بلغ سبعين سنة؛ فمات في تلك السنة.
اختلف في سنة وفاته على أقوال أرجحها أنها سنة 100هـ، وله سبعون سنة.
وروي أنّ عمر بن عبد العزيز لما بلغه موته استرجع، وصفق بإحدى يديه عَلَى الأخرى، وَقَال: (ثُلمة والله فِي الإسلام).
وهكذا هم العظماء, حينما يموتون لا يشعر بفقدهم القريب والحبيب دون سواهم, بل على قدر العظمة ينتشر الألم, ومن عظمة الرجل أن يرثيه خير الرجال.

المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي (ت:188هـ)
النسب الشريف:
هو المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي القرشي.
السلسلة الذهبية:
- روى عن أبيه، وموسى بن عقبة، ومالك بن أنس، ومحمد بن عجلان، وهشام بن عروة، وعبد الله بن عمر العمري، وغيرهم.
وروى عنه: ابنه عياش، وإبراهيم بن حمزة الزبيري، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وأبو مصعب الزهري، وغيرهم.
مدار الفقه في المدينة:
كان الغيرة من كبار فقهاء المدينة في آخر حياة مالك بن أنس وبعده.

- وقال يعقوب بن شيبة: (ثقة، وهو أحد فقهاء أهل المدينة، ومن كان يفتي فيهم). ذكره أبو الحجاج المزي.
بل كان فقيه المدينة بعد مالك على جلالة قدره! وقال أبو عمر ابن عبد البر: (كان مدار الفتوى بالمدينة في آخر زمن مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، حكى ذلك عبد الملك بن الماجشون، وكان ابن أبي حازم ثالث القوم في ذلك).
الورع والزهد:
ذكر ابن عبدالبر أن أمير المؤمنين الرشيد عرض عليه قضاء المدينة، وجائزة أربعة آلاف دينار فامتنع وأبي أمير المؤمنين إلا أن يلزمه ذلك فقال: والله يا أمير المؤمنين لأن يخنقني الشيطان أحب إلي من أن ألي القضاء فقال الرشيد: ما بعد هذا غاية وأعفاه من القضاء وأجازه بألفي دينار.
فانظر إلى قدر القضاء في نفوسهم, والخوف من الخوض في حقوق العباد, والبعد كل البعد عن مواطن الظلم لمن علم نفسه وعرفها, وانظر إلى صغر الدنيا وحقارتها في عيونهم, وعزة النفس عن أموالها وزينتها.
تعظيم القرآن:
قال محمد بن مسلمة المخزومي: قال المغيرة بن عبد الرحمن: (نحن أعلم الناس بالقرآن وأجهلهم به، صيرنا العلم بعظيم قدره إلى الجهل بكثير من معانيه). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام.
الله الله على مثل هذه العبارة الوجيزة البليغة! كيف اختصرت حقيقة السلف في التعامل مع كتاب الله وتفسيره, وكيف أن حب كتاب الله وعظمته في نفوسهم هي ما دعت لتخوفهم وقلة حديثهم في تفسير معانيه, وانظر كيف يجرؤ متعالمي اليوم في الخوض في كتاب الله ولي عنق آياته, وتفسيره حسب ما يشتهون.
نفاسة مروياته في التفسر:
قال الذهبي: قد وثقه جماعة، وضعفه أبو داود وحده.
وقد كان أبو داوود يوثق المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، ويضعّف المخزومي عكس ما رواه عباس الدوري عن يحيى بن معين.
مروياته في كتب التفسير المسندة عزيزة جداً.
رحيله:
قال ابنه عياش بن المغيرة: (ولد أبي سنة أربع أو خمس وعشرين ومئة ومات يوم الأربعاء لسبع خلت من صفر سنة ست وثمانين ومائة).
وقال محمد بن سعد: (توفي سنة ثمان وثمانين ومائة)
وقال الذهبي: عاش اثنتين وستين سنة.

وفقك الله وسددك
المطلوب تلخيص سيرهم لا كتابتها , وانظري طريقة الأخ علاء عبد الفتاح.
كما إن المطلوب اختيار ثلاثة من كل طبقة , اي:
ثلاثة من طبقة الصحابة
ثلاثة من طبقة التابعين
ثلاثة من طبقة تابعي التابعين

فأرجو إكمال المجلس على ما وضحنا , بارك الله فيك.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 7 ذو القعدة 1441هـ/27-06-2020م, 05:18 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علاء عبد الفتاح محمد مشاهدة المشاركة
سيرة ثلاثة من القراء والمفسرين من الصحابة

الحمد لله ربنا، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله نبينا، وعلى آله وصحبه الذين يملأ حبهم قلوبنا، وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان من سلفنا وعلماؤنا،
أما بعد:
فإن خير معين على رفع الهمم لسلوك الصراط المستقيم والنهج القويم الذي سلكه من مضى من الصحابة والتابعين هو تعرف همم القوم الماضين
والسبيل إلي ذلك هو معرفة سيرتهم وما نقل لنا عنهم ليكونوا في نفوسنا شمس النهار وفي مقدمة هؤلاء الأعلام وحفاظ الإسلام الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ثم التابعين ثم تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ممن سار على نهجهم القويم واقتفى سبيلهم المستقيم.
وانطلاقا من هذا الأمر الجليل فبين أيدينا سيرة ثلاثة من أعلام الصحابة رضي الله عنهم هم؛ أبو بكر الصديق ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب رضي الله عنهم أجمعين.

==سيرة الصديق رضي الله عنه
هو أفضل الصحابة قدراً، وأعلاهم منزلة، وأطولهم صحبة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأسبقهم إلى الخير والفضل وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وجمعنا به في الجنة مع النبيين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وسنذكر طرفا مما ذكر في سيرة، وعلى الله الكريم اعتمادنا وهو حسبنا ونعم الوكيل.

=اسمه ونسبه:
هو أبو بكر الصديق واسمه عبد الله بن عثمان بن عامر التيمي القرشي رضي الله عنه.

=مكانته وفضله:
الرجل الأول في الأمة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم وهو أول من آمن من الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم،
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي ذهب إلى أبي بكر ليخبره بما أكرمه الله به من الرسالة ويدعوه إلى دين الإسلام فقبل أبو بكر رضي الله عنه دعوة النبي دون تردد وشهد شهادة الحق،
وقد روى ابن إسحاق عن بداية إسلام أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ فقال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الحصين التميمي أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
(ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة و تردد و نظر، إلا أبا بكر ما عكم عنه حين دعوته، و لا تردد فيه ) ما عكم: ما تباطأ بل سارع
وبهذا كان رضي الله عنه من أخص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وصار الأمر كذلك بعدها، فكان هو أكثر الصحابة ملازمة وصحبة للنبي صلى الله عليه وسلم،
وقد نزل في شأنه آيات من القرآن، ونوّه الله بصحبته للنبي صلى الله عليه وسلم فيه وبمعيّة الله له معيّة خاصة؛ كما في قول الله تعالى: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}.
وصاحبه هو أبو بكر رضي الله عنه فقد روى ابن وهب عن عمرو ابن الحارث عن أبيه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين خطب قال: أيكم يقرأ سورة التوبة؟!
قال رجل: أنا، قال: اقرأ، فلما بلغ {إذ يقول لصاحبه لا تحزن} بكى أبو بكر، وقال: أنا والله صاحبه). رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
وعلى هذا انعقد أجماع الأمة.

لقد كان أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ كنزاً من الكنوز، ادخره الله تعالى لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم،
وكان من أحب قريش لقريش، فذلك الخُلق السمح الذي وهبه الله تعالى إياه جعله من الذين يألفون ويؤلفون ولذلك قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر".

وعن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحُداً، و أبو بكر وعمر وعثمان، فوجف بهم، فقال صلى الله عليه وسلم:( اثبت أحد، ما عليك إلا نبي، وصديق، وشهيدان) ( رواه أحمد ). والشهيدان: عمر وعثمان رضي الله عنهما، والصديق: أبو بكر رضي الله عنه

- وكان أبو بكر رضي الله عنه من أعلم الناس بمعاني القرآن ولطائف خطابه، ومن دلائل تقدّم أبي بكر رضي الله عنه في فهم فحوى الخطاب وفنونه ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من طرق عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده؛ فاختار ما عند الله»
فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
قال أبو سعيد: فقلت في نفسي ما يبكي هذا الشيخ؟ إن يكن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله.
قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا أبا بكر لا تبك، إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا من أمتي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر»
وكانت نتيجة هذا الفهم لمعاني القرآن الكريم واستقرار معانيه في قلبه، أنه تحرك في الدعوة إلى الله تعالى ضاربا لنا أروع مثل لتوضيح ما ينبغي على المؤمن أن يكون عليه، فكان رضي الله عنه لا يقر له قرار، ولا يهدأ له بال، حتى يحقق في دنيا الناس ما آمن به، دون أن تكون انطلاقته دفعة عاطفية مؤقتة، سرعان ما تخمد وتذبل وتزول، فقد ظل نشاط أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وحماسه إلى دينه ودعوته حتى توفاه الله، ولم يفتر أو يضعف
ولذلك جاءت ثمرة دعوته في بدايتها بصفوة من خيرة الخلق، من العشرة المبشرين بالجنة، منهم: عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله ـ رضي الله عنهم أجمعين، فجاء بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم واحدا بعد واحد فأسلموا بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان هؤلاء الخمسة أول ثمرة من ثمرات الصديق رضي الله عنه وعنهم أجمعين وكانوا من الدعامات الأولى التي قامت عليها الدعوة إلى دين الإسلام.

=وأما عنايته بالقرآن وحرصه على جمع الناس عليه:
فإنه رضي الله عنه أوّل من جمع القرآن في مصحف واحد بعد أن استحر القتل بالقراء في وقعة اليمامة، فخشي تفرق الأمة في القرآن فعمد إلى جمعه وأقره الصحابة على فعله.
- قال علي بن أبي طالب: (أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر؛ رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله). رواه ابن أبي داوود.
ومن مظاهر عنايته به، ما كان منه من الإقبال على فهم كلام الله وقد تقدم قبل قليل شيء من هذا فقد كان أبو بكر من أعلم الصحابة بالتفسير، وربما سأل أصحابه عن بعض معاني القرآن ثم يرشدهم ويعلّمهم.

والكلام على سيرته رضي الله عنه لا يمكن الإحاطة به في مثل هذه السطور القليلة، ولكنها مقدمة للكلام وقد ألفت في سيرته المؤلفات فمن أراد الزيادة فعليه الرجوع لكتب التراجم والسير والتاريخ ففيها الشيء الكثير مما جاءنا عنه رضي الله عنه.
وبعد حياة مليئة بأمور وأحداث كثيرة مشرفة كتبت فيها الكتب وألفت فيها المؤلفات نُزل به رضي الله عنه ومع هذا فمازال حريصا على تعليمنا ونقل الدين لنا حتى في هذا الحال:
فعن مجاهد بن وردان عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كنت عند أبي بكر حين حضرته الوفاة فتمثلت بهذا البيت
من لا يزال دمعه مقنعا ... يوشك أن يكون مرة مدّفعا
فقال: يا بنية لا تقولي هكذا، ولكن قولي: {وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد}.
ثم قال: في كم كفن النبي صلى الله عليه وسلم؟
فقلت: في ثلاثة أثواب.
فقال: كفنوني في ثوبي هذين واشتروا إليهما ثوبا جديدا؛ فإن الحيَّ أحوج إلى الجديد من الميت وإنما هي للمهلة). رواه ابن حبان وأصله في صحيح البخاري.
وفيه حرصه الشديد على اتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد توفي رضي الله عنه يوم الإثنين في جمادى الأولى سنة 13هـ.

وأما أخذ العلم عنه:
فقد روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين فروى عنه:
الخلفاء الثلاثة، وعبد الرحمن بن عوف وحذيفة بن اليمان وعائشة وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبو سعيد الخدري وابن عباس ومعقل بن يسار، والمسور بن مخرمة، وطارق بن شهاب، وقيس بن أبي حازم، وسعيد بن نمران الناعطي، وجماعة.

ولكن الرواية المحفوظة عنه قليلة وسبب هذا قصر مدة خلافته فقد تولى الخلافة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لمدة عامين وشهرين تقريبا ثم توفي رضي الله عنه، وأيضا لاشتغال كثير من الصحابة بالجهاد وحروب المرتدين.

ومما روي عنه في التفسير:
- إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد البجلي، عن أبي بكر الصديق: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} ، قال: النظر إلى وجه ربهم). رواه ابن جرير.
- قال قيس بن أبي حازم: سمعت أبا بكر الصديق، رضي الله عنه يقرأ هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه، والظالم فلم يأخذوا على يديه، فيوشك أن يعمهم الله منه بعقاب» رواه ابن جرير بهذا اللفظ.

=وفاته رضي الله عنه
توفي رضي الله عنه بعد حياة مليئة بالأعمال المشرقة التي سطرت تاريخه الناصع البياض في عام ثلاث عشرة وخلف بعده عمر بن الخطاب رضي الله.

ومن تأمل سيرته رضي الله عنه استفاد منها الشيء الكثير، وانتفع بذلك أيما انتفاع لذا ينبغي أن يكرر قراءتها مرة بعد مرة ليكون هذا معينا للنفس مقويا لها للسير على الصراط المستقيم والحرص على حمل العلم وبثه ونشره في المسلمين فإنه السبيل للحفاظ على الدين والدنيا،
والله أعلى وأعلم وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


== معاذ بن جبل رضي الله عنه

=اسمه ونسبه ومولده
هذا الصحابي الجليل هو معاذ بن جبل بن عمرو الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه، فهو من الأنصار، وقد ولد بالمدينة، وكان له زوجتان وولدان وبنت، وكان يكنى بأبي عبد الرحمن.
=اسلامه:
أسلم الصحابي الجليل معاذ بن جبل وعمره ثمان عشر سنة
=جهاده:
شهد بدراً والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم،
=علمه وفضله:
كان من علماء الصحابة وقرائهم، قرأ على ابن مسعود في أوّل الأمر حتى حذق ما لديه، ثمّ قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم حتى جمع القرآن في عهده، وكان من المعلّمين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
- فعن عبد الله بن مسعود قال: جاء معاذ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أقرئني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقرئه»، فأقرأته ما كان معي، ثم اختلفت أنا وهو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه معاذ، فكان معلّما من المعلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن أبي شيبة.
_عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أعلم أمتي بالحلال و الحرام معاذ بن جبل ».
- وقال شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد أحد عمومتي) متفق عليه.
_و ايضا قابل مرة النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل فقال له « يا معاذ، إني لأحبك في الله» قال معاذ: و أنا والله يا رسول الله، أحبك في الله. فقال: « أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة: رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك » . رواه ابن حبان، في صحيحه.

=نشره العلم رضي الله عنه:
انتدبه النبي صلى الله عليه وسلم مراراً لتعليم القرآن والتفقيه في شرائع الدين،
-فعلّم في المدينة،
-وفي مكة بعد الفتح،
-وفي اليمن بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إليها معلّماً قاضياً وأميراً، ثمّ عاد إلى المدينة في خلافة أبي بكر،
وذلك بعد أن طلب أهل اليمن من يفقههم في الدين وأحكامه، وقد كرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه أكثر من مرّة؛ منها: أنه قال فيه: (نِعم الرَّجُلُ مُعاذُ بنُ جَبلٍ)
-ثمّ انتدبه عمر إلى حمص وفلسطين ليقرئ أهلها ويعلّمهم فبقي معلّماً حتى مات
=وفاته رضي الله عنه
بعد وفاة أبي عبيدة ولي خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إمرة الجند لمعاذ رضي الله عنه، لكنه لم تدم إمارته طويلا حتى أصيب بالطاعون الذي عرف بطاعون عمواس، ومات بسببه رضي الله عنه وكان ذلك سنة ثماني عشرة للهجرة بعد أن بلغ من العمر ثلاثة وثلاثين سنة. فرضي الله عنه ورحمه وجمعنا الله به في جنته .

==سيرة أبيّ بن كعب رضي الله عنه

=اسمه ونسبه ومولده
هو الصحابي الجليل أبو المنذر أبيّ بن كعب بن قيس النجاري الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه، من الأنصار من بني معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار من الخزرج.
=اسلامه:
أسلم رضي الله عنه وشهد بيعة العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار، ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة آخى بينه وبين سعيد بن زيد، وقيل طلحة بن عبيد الله.
=جهاده:
شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم،
=علمه وفضله:
-أبي بن كعب رضي الله عنه هو أقرأ الأمّة، قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع القرآن في حياته وعرضه عليه
روى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خُذُوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة.
روى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، وَلكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" أسد الغابة
-وكان من العلماء العباد فقد تفرغ للعبادة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن وجد حاجة الناس إليه فجلس لتعليمهم،
-وكان من أحبّ الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
-وقد راجع جمع القرآن في عهد أبي بكر، وفي عهد عثمان على الراجح.
-قال مسروق بن الأجدع: «انتهى علم الصحابة إلى ستة: عمر وعلي وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وابن مسعود، ثم انتهى علم الستة إلى علي وابن مسعود» سير أعلام النبلاء.
-وقال معمر بن راشد: «عامة علم ابن عباس من ثلاثة: عمر، وعلي، وأبي» الوسيط في علوم ومصطلح الحديث.
-فكان ينشر العلم، ويجيب على أسئلة السائلين، ويحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى روي أنه إذا كثر الناس عليه صعد على سطح بيت فحدّثهم.
- وقال أبو السَّليل: (كان رجل من أصحاب النبيﷺ يحدث الناس حتى يكثر عليه؛ فيصعد على ظهر بيت، فيحدّث الناسَ). رواه أحمد في مسنده، وهذا الرجل هو أبيّ بن كعب رضي الله عنه كما صرّح به في الخبر.
- وقد لزمه زر بن حبيش مدة وأكثر من سؤاله فقال له: (لا تريد أن تدع آية في كتاب الله تعالى إلا سألتني عنها!!). والخبر في مسند الإمام أحمد مطولاً.
=ممن قرأ عليه وروى عنه:
-قرأ عليه من الصحابة:
جماعة منهم ابن عباس، وأبو هريرة، وعبد الله بن السائب، وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وغيرهم.
-ومن التابعين:
جماعة منهم أبو عبد الرحمن السلمي، وزرّ بن حبيش، وأبو العالية الرياحي، وغيرهم.
-روى عنه من الصحابة:
سهل بن سعد، وابن عباس، وأنس بن مالك، وسليمان بن صرد الخزاعي، وعبد الرحمن بن أبزى الخزاعي.
-ومن التابعين:
أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وسعيد بن المسيب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو عبد الرحمن الحبُلّي، وزر بن حبيش، ويحيى بن يعمر وغيرهم.

=وفاته رضي الله عنه:
اختلف في وفاته رضي الله عنه على أقوال عدة وأرجحها أنه توفي سنة ثلاثين للهجرة فقد رويت آثار بأسانيد جياد تدلّ على شهوده كتابة المصاحف العثمانية سنة 25هـ.
وقد شهد عتي بن ضمرة يوم وفاته، فقال:
«رأيت أهل المدينة يموجون في سككهم، فقلت: «ما شأن هؤلاء؟»، فقال بعضهم: «ما أنت من أهل البلد؟!»، قلت: «لا»، قال: «فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين، أبي بن كعب»»
فرضي الله عنه وجزاه عن المسلمين خير الجزاء وجمعنا الله به في جنته ودار كرامته.

والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
أحسنت نفع الله بك
المطلوب اختيار ثلاثة من كل طبقة , اي:
ثلاثة من طبقة الصحابة
ثلاثة من طبقة التابعين
ثلاثة من طبقة تابعي التابعين

فأرجو إكمال المجلس , بارك الله فيك.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 ذو القعدة 1441هـ/30-06-2020م, 11:31 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

طبقة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين:

سالم بن معقل(ت:12هـ)

أصله ونسبه:
هو سالم بن معقل. كان مولى لأبي حذيفة بن عتبة، وأصله من الفرس.
إسلامه وهجرته:
كان من السابقين الأوّلين إلى الإسلام والهجرة، هاجر قبل النبي صلى الله عليه وسلم مع عمر وأصحابه.
إمامته ومناقبه:
كان من معلّمي القرآن زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
- قال عبد الله بن عمر: «لما قدم المهاجرون الأوَّلون العُصْبَةَ - موضع بقباء - قَبلَ مَقدَمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤمّهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآنا» رواه البخاري من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر.
- وقال عبد الله بن وهب: أخبرني ابن جريج أن نافعاً أخبره أن ابن عمر رضي الله عنهما، أخبره قال: «كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحابَ النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد قباء، فيهم أبو بكر، وعمر، وأبو سلمة، وزيد، وعامر بن ربيعة» رواه البخاري.
- وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «استقرئوا القرآن من أربعة، من عبد الله بن مسعود - فبدأ به -، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل» رواه البخاري ومسلم من طرق عن مسروق عن عبد الله بن عمرو.
- وروى عبد الرحمن بن سابط الجمحي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أَبطأتُ على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: «ما حبسك يا عائشة؟»
قالت: يا رسول الله، إنَّ في المسجد رجلاً ما رأيت أحدا أحسن قراءة منه.
قال: فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك» رواه الإمام أحمد، وله شاهد عند البزار من طريق عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة.
- وقال حيوة بن شريح: أخبرني أبو صخر أن زيد بن أسلم حدثه، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب أنه قال يوما لمن حوله: تمنوا، فقال بعضهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهبا فأنفقه في سبيل الله ثم قال: تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤا أو زبرجدا أو جوهرا، فأنفقه في سبيل الله وأتصدق، ثم قال عمر: تمنوا، فقالوا: ما ندري يا أمير المؤمنين، قال عمر: «أتمنى لو أنها مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة، وحذيفة بن اليمان». رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة، والبخاري في التاريخ الأوسط، وغيرهما.
جهاده:
ذكر حنظلة بن أبي سفيان الجمحي(ت:151هـ) أن سالماً حمل لواء المهاجرين يوم اليمامة بعد مقتل زيد بن الخطّاب فكُلّم في ذلك فقال: (بئس حامل القرآن أنا إن أُتيتم من قبلي)، وتقدّم باللواء حتى قتل وهو يتلو قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قُتل معه ربيّون كثير ...} الآية، والخبر في كتاب الجهاد لابن المبارك والمستدرك للحاكم وفضائل القرآن لأبي عبيد بألفاظ مختلفة.
روى عنه:
روى عنه عمرو بن العاص وعبد الله بن معقل رضي الله عنهما، وقد علّم جماعة من الصحابة القرآن.
وفاته:
استشهد يوم اليمامة سنة 12هـ.
ولم يدركه أكثر التابعين فلذلك قلّت الرواية عنه.


خالد بن سعيد بن العاص(ت:13هـ)

اسمه ونسبه:
خالد بن سعيد بن العاص بن أمية القرشيّ.
إسلامه وهجرته:
كان من السابقين الأولين إلى الإسلام أسلم بعد أبي بكر، وهو شابّ حديث عهد بزواج، وأوذي في الله فصبر مع من صبر، ثمّ أذن له النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة؛ فهاجر مع جعفر بن أبي طالب، وقدم معه عام خيبر، ولزم النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك.
- قالت ابنته أم خالد وهي صحابية رضي الله عنها: (كان أبي خامساً في الإسلام، وهاجر إلى أرض الحبشة، وأقام بها بضع عشرة سنة، وولدت أنا بها).
فضائله ومناقبه:
-كان من كتّاب الوحي.
-كان فصيحاً جميلاً شجاعاً أميناً حصيفاً.
- ولي عقد نكاح أمّ المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان لمّا تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان أقرب أوليائها من المسلمين حينئذ.
-استعمله النبيّ صلى الله عليه وسلم على صدقات اليمن، وكان من كتّابه، ووهبه صمصامة عمرو بن معدي كرب الزبيدي المذكورة.
-كان من وصيّة أبي بكر الصديق لشرحبيل بن حسنة: (فإذا نزل بك أمر تحتاج فيه إلى رأي التقى الناصح فليكن أول من تبدأ به أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وليك خالد بن سعيد ثالثاً؛ فإنك واجد عندهم نصحا وخيرا، وإياك واستبداد الرأي عنهم أو تطوي عنهم بعض الخبر). رواه ابن سعد في الطبقات.
- وقال إبراهيم بن عقبة: سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص، تقول: (كان أبي أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم). رواه الأزرقي في أخبار مكة وابن أبي داوود في كتاب "البعث والنشور" كلاهما من طريق الأصمعي عن ابن أبي الزناد عن إبراهيم، وابن أبي الزناد متكلّم فيه.
فإن ثبت هذا فهو أوّل من كتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم بمكّة.
جهاده:
شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد، وهو صاحب أوّل لواء عقده أبو بكر لحرب المرتدين، وقاتل الرومَ في الشام تحت إمرة خالد بن الوليد.
وفاته:
استشهد في وقعة مرج الصفر، سنة ثلاث عشرة للهجرة.


زيد بن ثابت (ت:45هـ)

اسمه ونسبه:
هو زيد بن ثابت بن الضحاك النجاري الأنصاري، وكان له إحدى عشرة سنة حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم.
مناقبه وفضائله:
-جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه مراراً، وروي أنه عرض عليه في العام الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم مرتين، وشهد العرضة الأخيرة.
- كان سريع التعلم والحفظ، حتى أوصاه النبي بتعلم لغة اليهود فتعلمها في خمس عشرة ليلة.
قال عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، أن أباه زيدا، أخبره: أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، قال زيد: ذُهِب بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعجب بي، فقالوا: يا رسول الله، هذا غلام من بني النجار، معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة، فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: (( يا زيد، تعلم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهود على كتابي )).
قال زيد: فتعلمت له كتابهم، ما مرَّت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه، وأجيب عنه إذا كتب). رواه الإمام أحمد.
-كان جارَ النبي صلى الله عليه وسلم، وأمينَه على كتابة الوحي ورسائله ومكاتباته.
- قال الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: اكتب: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله} فجاء عبد الله ابن أم مكتوم ، وقال: يا رسول الله « إني أحب الجهاد في سبيل الله , ولكن فيَّ من الزمانة ما قد ترى، وذهب بصري »
قال زيد: « فثقلت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي؛ حتى حسبت أن يرضها» ثم قال: " اكتب: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} ). رواه عبد الرزاق.
-هو الذي تولى جمع القرآن في عهد أبي بكر وعهد عثمان.
-انتدبه أبو بكر على مشورة من عمر لجمع القرآن؛ فتتبّع القرآنَ يجمعه من صحف الصحابة التي كتبوها من العُسُبِ واللخافِ ومما حفظوه في صدورهم، وكان يقول: (والله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن).
وهو الذي كتب المصحفَ الإمام في زمن عثمان، وكان رئيس الكتَبَة الذين كتبوا المصاحف العثمانية وبعث بها عثمان إلى الأمصار.
-كان من أعلم الصحابة بالقرآن والقضاء والفرائض، كان معاوية يرسل إليه من الشام بالمعضلات فيفتي فيها، ومناقبه كثيرة.
جهاده:
شهد الخندق وبيعة الرضوان وغيرهما من المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمر يستخلفه في المدينة إذا حجّ.
قرأ عليه:
قرأ عليه أبو هريرة وابن عباس في قول، وقرأ عليه أبو عبد الرحمن السلمي وأبو العالية الرياحي وغيرهما.
وروى عنه في التفسير:
من الصحابة: ابن عمر، وابن عباس.
ومن التابعين: ابنه خارجة، وأبو العالية الرياحي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبان بن عثمان، وعبيد بن السباق الثقفي، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الله بن يزيد الأنصاري وعطاء بن يسار، وسليمان بن يسار، وعبد الرحمن بن أبي ثوبان، والقاسم بن حسان العامري.
وأرسل عنه: الحسن البصري، ومكحول، وأبو البختري الطائي، وأبو قلابة، وعامر الشعبي.
اختلف في سنة وفاته:
- فقال مصعب الزبيري ومحمد بن عبد الله ابن نمير ويحيى بن بكير: مات سنة 45هـ وصححه الذهبي.
- وقال علي بن المديني: مات سنة 54هـ، ولم يذكر البخاري في التاريخ الأوسط ولا الكبير قولاً غيره.
- وقال يحيى بن معين والهيثم بن عدي والمدائني وابن السكن: سنة 55هـ.
- وقال الفلاس: سنة 51هـ.

طبقة التابعين:

قبيصة بن ذؤيب (ت:86هـ)

اسمه ونسبه:
قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي.
ولد عام الفتح، وروي أنه أُتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو له.
طلبه للعلم:
لقي جماعةً من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وتفقّه بهم، حتى صار من كبار فقهاء أهل المدينة ومفتيهم، وأكثر ما يُروى عنه في كتب التفسير المسندة ما يتعلق بأحكام القرآن.
سيرته ومناقبه:
-كان كثير السفر إلى الشام للتجارة والغزو.
-كان مقرباً من عبد الملك بن مروان.
-كان مما ابتلي به إصابة عينه يوم الحرة.
- كان معلما فقيها، من أعلم الناي بقضاء زيد بن ثابت.
قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: (قبيصة بن ذؤيب كان معلما).
وقال محمد بن راشد: حدثنا حفص بن عمر بن نبيه الخزاعي، عن أبيه (أن قبيصة بن ذؤيب كان معلم كتاب). رواه ابن أبي خيثمة.
وقال أبو الزناد: (كان فقهاء أهل المدينة أربعة: سعيد بن المسيب، وقبيصة بن ذؤيب، وعروة بن الزبير، وعبد الملك بن مروان). رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه.
وقال عامر الشعبي: (قبيصة بن ذؤيب أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت). رواه البخاري في التاريخ الكبير، والفسوي في المعرفة والتاريخ.
روى عن: عثمان بن عفان، وأبي عبيدة عامر بن الجراح، وزيد بن ثابت.
وروى عنه: ابنه إسحاق وابن شهاب الزهري ورجاء بن حيوة وجعفر بن ربيعة وغيرهم.
وفاته:
اختلف في سنة وفاته على أقوال متقاربة والأكثر على أنه توفي سنة 86هـ.


سعيد بن المسيب (ت:94هـ)

اسمه ونسبه:
سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي.
مولده ونشأته:
ولد سعيد في أوّل خلافة عمر بن الخطاب نحو سنة 15هـ، وأدرك السماع منه وهو صبي، وأخذ عن جماعة من علماء الصحابة منهم عثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وأبو هريرة وابن عمر وعائشة وأمّ سلمة وغيرهم. وكان أبوه وجده من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فضائله ومناقبه:
-إمام التابعين في المدينة.
-ممن انتهت إليه الفتوى في زمانه، حتى روى سعد بن إبراهيم عن سعيد بن المسيب أنه قال: (ما بقي أحد أعلم بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر منّي). رواه البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي خيثمة في تاريخه.
وقال ابن إسحاق: سمعت مكحولا يقول: (طفتُ الأرض كلها في طلب العلم فما لقيت أعلم من ابن المسيب). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- كان من أوسع التابعين علما حتى قال علي ابن المديني عنه: (لا أعلم في التابعين أوسع علما منه، هو عندي أجلّ التابعين).
-كان عالماً بالقرآن وبالقضاء وبعبارة الرؤيا.
-كان من أكثر الناس حديثاً عن أبي هريرة وأثبتهم عنه، وهو زوج بنته.
قال ابن شهاب الزهري: سمعت سليمان بن يسار، يقول: «كنا نجالس زيد بن ثابت أنا وسعيد بن المسيب وقبيصة بن ذؤيب، ونجالس ابن عباس؛ فأما أبو هريرة فكان سعيد أعلمنا بمسنداته لصهره منه». رواه ابن سعد.
-كان من أعلم التابعين بمسائل عمر؛ جدّ في طلبها حتى حفظها واحتاج الناس إليه فيها، حتى قال الإمام مالك: (إن كان عبد الله بن عمر ليرسل إلى سعيد بن المسيب يسأله عن القضاء من أقضية عمر بن الخطاب).رواه ابن أبي خيثمة.
وقال مالك بن أنس أيضاً: (كان عمر بن عبد العزيز لا يقضي بقضاء حتى يسأل سعيد بن المسيب؛ فأرسل إليه إنساناً يسأله فدعاه فجاء حتى دخل؛ فقال عمر: « أخطأ الرسولُ، إنما أرسلناه يسألك في مجلسك» رواه ابن سعد.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: سمعت مالك بن أنس يحدث عن يحيى بن سعيد، قال: كان يقال: (سعيد بن المسيب راوية عمر بن الخطاب).رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه.
- وكان يقطع المسافات والأيام في طلب الحديث الواحد، قال معن بن عيسى: حدثنا مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال: (إن كنتُ لأسير الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد). رواه ابن سعد في الطبقات.
- كان ورعا تقيا في فتواه، قال ابن وهب: أخبرني مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب: أنه كان إذا سُئل عن تفسير آية من القرآن، قال: (أنا لا أقول في القرآن شيئًا). رواه ابن جرير.
وقال ابن وهب: سمعت الليث يحدث، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيَّب: (أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن). رواه ابن جرير.
ابتلاءاته وصبره:
امتحن في الفتنة بين ابن الزبير وعبد الملك بن مروان، وسجن وضرب ضرباً شديداً وطيف به ثمّ فرّج الله عنه ورفع ذكره.
روى عنه:
يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن شهاب الزهري، وسالم بن عبد الله، وقتادة، وعبد الرحمن بن حرملة، وداود بن أبي هند، وعمرو بن مرة، وعلي بن زيد بن جدعان، وغيرهم.
وفاته:
توفي سنة 94 للهجرة.


خارجة بن زيد بن ثابت (ت:100هـ)

اسمه ونسبه:
خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك الخزرجي الأنصاري.
أبوه زيد بن ثابت كاتب الوحي، شهد بدراً واستشهد بأحد، وكان من أفاضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأمّه جميلة بنت سعد بن الربيع أحد النقباء ليلة العقبة.
مولده ونشأته:
ولد خارجة سنة 30هـ في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وتفقّه بأبيه وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عُدَّ من كبار أهل الفتوى في زمانه.
مناقبه:
-أحد الفقهاء السبعة.
قال عبد العزيز الدراودي: سمعت عبيد الله بن عمر قال: (كان الفقه بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري، وسعيد بن المسيب بن حزن المخزومي، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي، وعبد الملك بن مروان بن الحكم، وسليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث). رواه ابن عساكر.
روى عن:
أبيه وأمّه وعن أسامة بن زيد، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، وأمّ العلاء الأنصارية.
وروى عنه:
ابنه سليمان، وابن شهاب الزهري، ومحمد الديباج، وأبو الزناد، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وعبد الله بن كعب الحميري، وغيرهم.
وفاته:
اختلف في سنة وفاته على أقوال أرجحها أنها سنة 100هـ، وله سبعون سنة.
وقد روي أنه رأى في منامه أنه بنى سبعين درجة فلما بلغ آخرها تهوّرت فنظر في عمره فإذا هو قد بلغ سبعين سنة؛ فمات في تلك السنة.
وروي أنّ عمر بن عبد العزيز لما بلغه موته استرجع، وصفق بإحدى يديه عَلَى الأخرى، وَقَال: (ثُلمة والله فِي الإسلام).

طبقة تابعي التابعين:

سليمان بن بلال التيمي (ت:172هـ)

أصله ونشأته:
-هو سليمان بن بلال التيمي، يكنى بأبي أيوب، ويقال: أبو محمد.
-وأصله من البربر، وقد وصف بحسن الهيئة والجمال والعقل. قال ابن سعد: (كان بربريا جميلا حسن الهيئة عاقلا)
-الإمام المحدّث الفقية المفتي.
-مولى آل أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، واختلف في تعيين مولاه؛ فقال ابن سعد: (مولى للقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق).
وقال البخاري: (مولى ابن أبي عتيق ابن أبي بكر الصديق القرشي التيمي).
وأبو عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين؛ فمحمد وعبد الرحمن وأبو بكر وأبو قحافة والد أبي بكر كلّهم من الصحابة، ولا يُعرف مثل هذا التسلسل لغيرهم.
-نشأ سليمان بن بلال بالمدينة، وأدرك جماعة من كبار المحدثين منهم جعفر الصادق، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة الرأي، وصالح بن كيسان، وزيد بن أسلم، وأبو حازم سلمة بن دينار، وعبيد الله بن عمر، وعبد الله بن دينار، وموسى بن عقبة، وهشام بن عروة، وسهيل بن أبي صالح، ومحمد بن عجلان، ويونس بن يزيد الأيلي، وغيرهم.
سيرته ومناقبه:
-كان مفتيا واليا لخراج المدينة.
قال ابن سعد: (كان يفتي بالبلد، وولي خراج المدينة).
-كان كاتباً ليحيى بن سعيد الأنصاري، وصديقاً لمالك بن أنس؛ فتبحّر في حديث أهل المدينة، وتضلّع من حديث الزهري، وكتب كتباً كثيرة.
-حدّث عن مولاه محمد بن عبد الله ابن أبي عتيق فحفظ حديثه؛ ولا يُعرف له من قام برواية أحاديثه غيره.
قال محمد بن يحيى الذهلي: (لولا أن سليمان قام بحديثه [ أي حديث ابن أبي عتيق هذا ] لذهب حديثه).
- وقال الذهلي أيضاً: (ما ظننت أن عند سليمان بن بلال من الحديث ما عنده حتى نظرت في كتاب ابن أبي أويس، فإذا هو قد تبحر حديث المدنيين). ذكره أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال.
- عرف بكثرة حديثه واستيعابه لكثير من العلم.
قال الذهبي: (كان من أوعية العلم).
وقال مالك بن أنس: (لما أجمعت التحويل عن مجلس ربيعة جلست أنا وسليمان بن بلال في ناحية المسجد). رواه ابن أبي خيثمة.
-له مرويات في كتب التفسير المسندة.
-وكان صاحب كتب؛ فلما مات أوصى بها إلى ابن أبي حازم.
قال مصعب بن عبد الله الزبيري: (أما ابن أبي حازم فإنه سمع مع سليمان بن بلال؛ فلما مات سليمان أوصى بكتبه إليه؛ فكانت عند ابن أبي حازم قد بال عليها الفأر فذهب بعضها، فيقرأ ما استبان منها، ويدع ما لا يعرف، وقد قرأها علينا). رواه ابن أبي خيثمة.
-وثقه جماعة من أهل العلم والفضل.
قال ابن سعد: (كان ثقة كثير الحديث).
وقال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله [ هو أحمد بن حنبل ] وذكر سليمان بن بلال فقال: (كان ثقة، وكان كاتبَ يحي بن سعيد). رواه الفسوي.
-وكان يقوم بالاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله [ هو أحمد بن حنبل ] وذكر سليمان بن بلال فقال: (... وقد كان على سوق المدينة). رواه الفسوي.
قوله: (وقد كان على سوق المدينة) أي: محتسباً.
روى عنه:
ابنه أيوب، وعبد الله بن وهب، وأبو بكر عبد الحميد بن أبي أويس، وأخو إسماعيل بن أبي أويس، وخالد بن مخلد القطواني، وغيرهم.
وفاته:
اختلف في سنة وفاته:
- فقال ابن سعد: (توفي بالمدينة سنة اثنتين وسبعين ومائة في خلافة هارون).
- وقال إسحاق بن محمد الفروي: (مات سنة سبع وسبعين ومائة). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
قال الذهبي: (والأوَّل أصحّ، ولو تأخَّر، لَلَقِيَه قتيبة وطائفة).


المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي (ت:188هـ)

نسبه ومولده:
هو المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي القرشي.
- قال ابنه عياش بن المغيرة: (ولد أبي سنة أربع أو خمس وعشرين ومئة).
مناقبه:
-من كبار فقهاء المدينة في آخر حياة مالك بن أنس وبعده.
قال يعقوب بن شيبة: (ثقة، وهو أحد فقهاء أهل المدينة، ومن كان يفتي فيهم). ذكره أبو الحجاج المزي.
وقال أبو عمر ابن عبد البر: (كان مدار الفتوى بالمدينة في آخر زمن مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، حكى ذلك عبد الملك بن الماجشون، وكان ابن أبي حازم ثالث القوم في ذلك).
-كان ورعا زاهدا، قال عنه الزبير بن بكار: كان فقيه أهل المدينة بعد مالك بن أنس وعرض عليه أمير المؤمنين الرشيد قضاء المدينة، وجائزة أربعة آلاف دينار فامتنع وأبي أمير المؤمنين إلا أن يلزمه ذلك فقال: والله يا أمير المؤمنين لأن يخنقني الشيطان أحب إلي من أن ألي القضاء فقال الرشيد: ما بعد هذا غاية وأعفاه من القضاء وأجازه بألفي دينار). ذكره ابن عبد البر في الانتقاء، وأبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال.
وقال محمد بن مسلمة المخزومي: قال المغيرة بن عبد الرحمن: (نحن أعلم الناس بالقرآن وأجهلهم به، صيرنا العلم بعظيم قدره إلى الجهل بكثير من معانيه). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام.
-ومروياته في كتب التفسير المسندة عزيزة جداً.
روى عن:
أبيه، وموسى بن عقبة، ومالك بن أنس، ومحمد بن عجلان، وهشام بن عروة، وعبد الله بن عمر العمري، وغيرهم.
وروى عنه:
ابنه عياش، وإبراهيم بن حمزة الزبيري، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وأبو مصعب الزهري، وغيرهم.
وفاته:
- قال ابنه عياش بن المغيرة: (مات يوم الأربعاء لسبع خلت من صفر سنة ست وثمانين ومائة).
- وقال محمد بن سعد: (توفي سنة ثمان وثمانين ومائة)
- وقال الذهبي: (عاش اثنتين وستين سنة).


المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله الحزامي (ت: 180هـ تقريباً )

اسمه ونسبه:
هو المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حكيم بن حزام الأسدي القرشي.
- قال ابن سعد: (وهو الذي يسمى قُصيّا، وبه يعرف).
- وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: (كان مسناً علامة، أمّه أمّ ولد، وكان يقال له: قصي؛ يعرف به). رواه ابن أبي خيثمة.
مناقبه:
-كان علامة مسندا وثقه كثير من أهل الحديث وأثنوا عليه.
قال عبد الله بن الإمام أحمد في العلل لأبيه: (سألته عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، من ولد حكيم بن حزام قال: (ما أرى به بأساً، حدَّث عنه ابن مهدي، وكان عنده كتاب عن أبي الزناد).
وقال عباس الدوري: (سمعت يحيى يقول المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي صاحب أبى الزناد ليس بشيء، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومي ثقة).
وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا دواد عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي فقال: (رجل صالح، كان ينزل عسقلان حدث عنه ابن مهدي).
ووثقه الدارقطني، روى له البخاري ومسلم وأصحاب السنن.
- قال الذهبي: (احتج به أرباب الصحاح، لكن له ما ينكر).
وفي الإكمال لمغلطاي نقلاً عن الزبير بن بكار: (وكان علامةً مُسنداً).
- كان علامة بالأنساب.
قال الخطيب البغدادي في المتفق والمفترق: (كان علامة بالنسب).
روى عن:
أبي الزناد فأكثر، وروى عن موسى بن عقبة، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وهشام بن عروة، وغيرهم.
وروى عنه:
ابنه عبد الرحمن، وابن وهب، وعبد الرحمن بن مهدي، وسعيد بن منصور، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن عبد الله بن بكير، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وغيرهم.
وفاته:
قال الذهبي: (توفي قصي: في حدود سنة ثمانين ومائة، بالمدينة).
وذكر في موضع آخر أن وفاته قريب من وفاة مالك بن أنس.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 محرم 1442هـ/5-09-2020م, 03:36 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورة الأمير مشاهدة المشاركة
طبقة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين:

سالم بن معقل(ت:12هـ)

أصله ونسبه:
هو سالم بن معقل. كان مولى لأبي حذيفة بن عتبة، وأصله من الفرس.
إسلامه وهجرته:
كان من السابقين الأوّلين إلى الإسلام والهجرة، هاجر قبل النبي صلى الله عليه وسلم مع عمر وأصحابه.
إمامته ومناقبه:
كان من معلّمي القرآن زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
- قال عبد الله بن عمر: «لما قدم المهاجرون الأوَّلون العُصْبَةَ - موضع بقباء - قَبلَ مَقدَمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤمّهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآنا» رواه البخاري من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر.
- وقال عبد الله بن وهب: أخبرني ابن جريج أن نافعاً أخبره أن ابن عمر رضي الله عنهما، أخبره قال: «كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحابَ النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد قباء، فيهم أبو بكر، وعمر، وأبو سلمة، وزيد، وعامر بن ربيعة» رواه البخاري.
- وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «استقرئوا القرآن من أربعة، من عبد الله بن مسعود - فبدأ به -، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل» رواه البخاري ومسلم من طرق عن مسروق عن عبد الله بن عمرو.
- وروى عبد الرحمن بن سابط الجمحي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أَبطأتُ على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: «ما حبسك يا عائشة؟»
قالت: يا رسول الله، إنَّ في المسجد رجلاً ما رأيت أحدا أحسن قراءة منه.
قال: فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك» رواه الإمام أحمد، وله شاهد عند البزار من طريق عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة.
- وقال حيوة بن شريح: أخبرني أبو صخر أن زيد بن أسلم حدثه، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب أنه قال يوما لمن حوله: تمنوا، فقال بعضهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهبا فأنفقه في سبيل الله ثم قال: تمنوا، فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤا أو زبرجدا أو جوهرا، فأنفقه في سبيل الله وأتصدق، ثم قال عمر: تمنوا، فقالوا: ما ندري يا أمير المؤمنين، قال عمر: «أتمنى لو أنها مملوءة رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة، وحذيفة بن اليمان». رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة، والبخاري في التاريخ الأوسط، وغيرهما.
جهاده:
ذكر حنظلة بن أبي سفيان الجمحي(ت:151هـ) أن سالماً حمل لواء المهاجرين يوم اليمامة بعد مقتل زيد بن الخطّاب فكُلّم في ذلك فقال: (بئس حامل القرآن أنا إن أُتيتم من قبلي)، وتقدّم باللواء حتى قتل وهو يتلو قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قُتل معه ربيّون كثير ...} الآية، والخبر في كتاب الجهاد لابن المبارك والمستدرك للحاكم وفضائل القرآن لأبي عبيد بألفاظ مختلفة.
روى عنه:
روى عنه عمرو بن العاص وعبد الله بن معقل رضي الله عنهما، وقد علّم جماعة من الصحابة القرآن.
وفاته:
استشهد يوم اليمامة سنة 12هـ.
ولم يدركه أكثر التابعين فلذلك قلّت الرواية عنه.


خالد بن سعيد بن العاص(ت:13هـ)

اسمه ونسبه:
خالد بن سعيد بن العاص بن أمية القرشيّ.
إسلامه وهجرته:
كان من السابقين الأولين إلى الإسلام أسلم بعد أبي بكر، وهو شابّ حديث عهد بزواج، وأوذي في الله فصبر مع من صبر، ثمّ أذن له النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة؛ فهاجر مع جعفر بن أبي طالب، وقدم معه عام خيبر، ولزم النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك.
- قالت ابنته أم خالد وهي صحابية رضي الله عنها: (كان أبي خامساً في الإسلام، وهاجر إلى أرض الحبشة، وأقام بها بضع عشرة سنة، وولدت أنا بها).
فضائله ومناقبه:
-كان من كتّاب الوحي.
-كان فصيحاً جميلاً شجاعاً أميناً حصيفاً.
- ولي عقد نكاح أمّ المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان لمّا تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان أقرب أوليائها من المسلمين حينئذ.
-استعمله النبيّ صلى الله عليه وسلم على صدقات اليمن، وكان من كتّابه، ووهبه صمصامة عمرو بن معدي كرب الزبيدي المذكورة.
-كان من وصيّة أبي بكر الصديق لشرحبيل بن حسنة: (فإذا نزل بك أمر تحتاج فيه إلى رأي التقى الناصح فليكن أول من تبدأ به أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وليك خالد بن سعيد ثالثاً؛ فإنك واجد عندهم نصحا وخيرا، وإياك واستبداد الرأي عنهم أو تطوي عنهم بعض الخبر). رواه ابن سعد في الطبقات.
- وقال إبراهيم بن عقبة: سمعت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص، تقول: (كان أبي أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم). رواه الأزرقي في أخبار مكة وابن أبي داوود في كتاب "البعث والنشور" كلاهما من طريق الأصمعي عن ابن أبي الزناد عن إبراهيم، وابن أبي الزناد متكلّم فيه.
فإن ثبت هذا فهو أوّل من كتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم بمكّة.
جهاده:
شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد، وهو صاحب أوّل لواء عقده أبو بكر لحرب المرتدين، وقاتل الرومَ في الشام تحت إمرة خالد بن الوليد.
وفاته:
استشهد في وقعة مرج الصفر، سنة ثلاث عشرة للهجرة.


زيد بن ثابت (ت:45هـ)

اسمه ونسبه:
هو زيد بن ثابت بن الضحاك النجاري الأنصاري، وكان له إحدى عشرة سنة حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم.
مناقبه وفضائله:
-جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه مراراً، وروي أنه عرض عليه في العام الذي توفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم مرتين، وشهد العرضة الأخيرة.
- كان سريع التعلم والحفظ، حتى أوصاه النبي بتعلم لغة اليهود فتعلمها في خمس عشرة ليلة.
قال عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، أن أباه زيدا، أخبره: أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، قال زيد: ذُهِب بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعجب بي، فقالوا: يا رسول الله، هذا غلام من بني النجار، معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة، فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: (( يا زيد، تعلم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهود على كتابي )).
قال زيد: فتعلمت له كتابهم، ما مرَّت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه، وأجيب عنه إذا كتب). رواه الإمام أحمد.
-كان جارَ النبي صلى الله عليه وسلم، وأمينَه على كتابة الوحي ورسائله ومكاتباته.
- قال الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت قال: كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: اكتب: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله} فجاء عبد الله ابن أم مكتوم ، وقال: يا رسول الله « إني أحب الجهاد في سبيل الله , ولكن فيَّ من الزمانة ما قد ترى، وذهب بصري »
قال زيد: « فثقلت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي؛ حتى حسبت أن يرضها» ثم قال: " اكتب: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله} ). رواه عبد الرزاق.
-هو الذي تولى جمع القرآن في عهد أبي بكر وعهد عثمان.
-انتدبه أبو بكر على مشورة من عمر لجمع القرآن؛ فتتبّع القرآنَ يجمعه من صحف الصحابة التي كتبوها من العُسُبِ واللخافِ ومما حفظوه في صدورهم، وكان يقول: (والله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن).
وهو الذي كتب المصحفَ الإمام في زمن عثمان، وكان رئيس الكتَبَة الذين كتبوا المصاحف العثمانية وبعث بها عثمان إلى الأمصار.
-كان من أعلم الصحابة بالقرآن والقضاء والفرائض، كان معاوية يرسل إليه من الشام بالمعضلات فيفتي فيها، ومناقبه كثيرة.
جهاده:
شهد الخندق وبيعة الرضوان وغيرهما من المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمر يستخلفه في المدينة إذا حجّ.
قرأ عليه:
قرأ عليه أبو هريرة وابن عباس في قول، وقرأ عليه أبو عبد الرحمن السلمي وأبو العالية الرياحي وغيرهما.
وروى عنه في التفسير:
من الصحابة: ابن عمر، وابن عباس.
ومن التابعين: ابنه خارجة، وأبو العالية الرياحي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبان بن عثمان، وعبيد بن السباق الثقفي، وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الله بن يزيد الأنصاري وعطاء بن يسار، وسليمان بن يسار، وعبد الرحمن بن أبي ثوبان، والقاسم بن حسان العامري.
وأرسل عنه: الحسن البصري، ومكحول، وأبو البختري الطائي، وأبو قلابة، وعامر الشعبي.
اختلف في سنة وفاته:
- فقال مصعب الزبيري ومحمد بن عبد الله ابن نمير ويحيى بن بكير: مات سنة 45هـ وصححه الذهبي.
- وقال علي بن المديني: مات سنة 54هـ، ولم يذكر البخاري في التاريخ الأوسط ولا الكبير قولاً غيره.
- وقال يحيى بن معين والهيثم بن عدي والمدائني وابن السكن: سنة 55هـ.
- وقال الفلاس: سنة 51هـ.

طبقة التابعين:

قبيصة بن ذؤيب (ت:86هـ)

اسمه ونسبه:
قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي.
ولد عام الفتح، وروي أنه أُتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو له.
طلبه للعلم:
لقي جماعةً من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وتفقّه بهم، حتى صار من كبار فقهاء أهل المدينة ومفتيهم، وأكثر ما يُروى عنه في كتب التفسير المسندة ما يتعلق بأحكام القرآن.
سيرته ومناقبه:
-كان كثير السفر إلى الشام للتجارة والغزو.
-كان مقرباً من عبد الملك بن مروان.
-كان مما ابتلي به إصابة عينه يوم الحرة.
- كان معلما فقيها، من أعلم الناي بقضاء زيد بن ثابت.
قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: (قبيصة بن ذؤيب كان معلما).
وقال محمد بن راشد: حدثنا حفص بن عمر بن نبيه الخزاعي، عن أبيه (أن قبيصة بن ذؤيب كان معلم كتاب). رواه ابن أبي خيثمة.
وقال أبو الزناد: (كان فقهاء أهل المدينة أربعة: سعيد بن المسيب، وقبيصة بن ذؤيب، وعروة بن الزبير، وعبد الملك بن مروان). رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه.
وقال عامر الشعبي: (قبيصة بن ذؤيب أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت). رواه البخاري في التاريخ الكبير، والفسوي في المعرفة والتاريخ.
روى عن: عثمان بن عفان، وأبي عبيدة عامر بن الجراح، وزيد بن ثابت.
وروى عنه: ابنه إسحاق وابن شهاب الزهري ورجاء بن حيوة وجعفر بن ربيعة وغيرهم.
وفاته:
اختلف في سنة وفاته على أقوال متقاربة والأكثر على أنه توفي سنة 86هـ.


سعيد بن المسيب (ت:94هـ)

اسمه ونسبه:
سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي.
مولده ونشأته:
ولد سعيد في أوّل خلافة عمر بن الخطاب نحو سنة 15هـ، وأدرك السماع منه وهو صبي، وأخذ عن جماعة من علماء الصحابة منهم عثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وأبو هريرة وابن عمر وعائشة وأمّ سلمة وغيرهم. وكان أبوه وجده من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فضائله ومناقبه:
-إمام التابعين في المدينة.
-ممن انتهت إليه الفتوى في زمانه، حتى روى سعد بن إبراهيم عن سعيد بن المسيب أنه قال: (ما بقي أحد أعلم بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر منّي). رواه البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي خيثمة في تاريخه.
وقال ابن إسحاق: سمعت مكحولا يقول: (طفتُ الأرض كلها في طلب العلم فما لقيت أعلم من ابن المسيب). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- كان من أوسع التابعين علما حتى قال علي ابن المديني عنه: (لا أعلم في التابعين أوسع علما منه، هو عندي أجلّ التابعين).
-كان عالماً بالقرآن وبالقضاء وبعبارة الرؤيا.
-كان من أكثر الناس حديثاً عن أبي هريرة وأثبتهم عنه، وهو زوج بنته.
قال ابن شهاب الزهري: سمعت سليمان بن يسار، يقول: «كنا نجالس زيد بن ثابت أنا وسعيد بن المسيب وقبيصة بن ذؤيب، ونجالس ابن عباس؛ فأما أبو هريرة فكان سعيد أعلمنا بمسنداته لصهره منه». رواه ابن سعد.
-كان من أعلم التابعين بمسائل عمر؛ جدّ في طلبها حتى حفظها واحتاج الناس إليه فيها، حتى قال الإمام مالك: (إن كان عبد الله بن عمر ليرسل إلى سعيد بن المسيب يسأله عن القضاء من أقضية عمر بن الخطاب).رواه ابن أبي خيثمة.
وقال مالك بن أنس أيضاً: (كان عمر بن عبد العزيز لا يقضي بقضاء حتى يسأل سعيد بن المسيب؛ فأرسل إليه إنساناً يسأله فدعاه فجاء حتى دخل؛ فقال عمر: « أخطأ الرسولُ، إنما أرسلناه يسألك في مجلسك» رواه ابن سعد.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: سمعت مالك بن أنس يحدث عن يحيى بن سعيد، قال: كان يقال: (سعيد بن المسيب راوية عمر بن الخطاب).رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه.
- وكان يقطع المسافات والأيام في طلب الحديث الواحد، قال معن بن عيسى: حدثنا مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال: (إن كنتُ لأسير الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد). رواه ابن سعد في الطبقات.
- كان ورعا تقيا في فتواه، قال ابن وهب: أخبرني مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب: أنه كان إذا سُئل عن تفسير آية من القرآن، قال: (أنا لا أقول في القرآن شيئًا). رواه ابن جرير.
وقال ابن وهب: سمعت الليث يحدث، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيَّب: (أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن). رواه ابن جرير.
ابتلاءاته وصبره:
امتحن في الفتنة بين ابن الزبير وعبد الملك بن مروان، وسجن وضرب ضرباً شديداً وطيف به ثمّ فرّج الله عنه ورفع ذكره.
روى عنه:
يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن شهاب الزهري، وسالم بن عبد الله، وقتادة، وعبد الرحمن بن حرملة، وداود بن أبي هند، وعمرو بن مرة، وعلي بن زيد بن جدعان، وغيرهم.
وفاته:
توفي سنة 94 للهجرة.


خارجة بن زيد بن ثابت (ت:100هـ)

اسمه ونسبه:
خارجة بن زيد بن ثابت بن الضحاك الخزرجي الأنصاري.
أبوه زيد بن ثابت كاتب الوحي، شهد بدراً واستشهد بأحد، وكان من أفاضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأمّه جميلة بنت سعد بن الربيع أحد النقباء ليلة العقبة.
مولده ونشأته:
ولد خارجة سنة 30هـ في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وتفقّه بأبيه وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عُدَّ من كبار أهل الفتوى في زمانه.
مناقبه:
-أحد الفقهاء السبعة.
قال عبد العزيز الدراودي: سمعت عبيد الله بن عمر قال: (كان الفقه بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري، وسعيد بن المسيب بن حزن المخزومي، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي، وعبد الملك بن مروان بن الحكم، وسليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث). رواه ابن عساكر.
روى عن:
أبيه وأمّه وعن أسامة بن زيد، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، وأمّ العلاء الأنصارية.
وروى عنه:
ابنه سليمان، وابن شهاب الزهري، ومحمد الديباج، وأبو الزناد، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وعبد الله بن كعب الحميري، وغيرهم.
وفاته:
اختلف في سنة وفاته على أقوال أرجحها أنها سنة 100هـ، وله سبعون سنة.
وقد روي أنه رأى في منامه أنه بنى سبعين درجة فلما بلغ آخرها تهوّرت فنظر في عمره فإذا هو قد بلغ سبعين سنة؛ فمات في تلك السنة.
وروي أنّ عمر بن عبد العزيز لما بلغه موته استرجع، وصفق بإحدى يديه عَلَى الأخرى، وَقَال: (ثُلمة والله فِي الإسلام).

طبقة تابعي التابعين:

سليمان بن بلال التيمي (ت:172هـ)

أصله ونشأته:
-هو سليمان بن بلال التيمي، يكنى بأبي أيوب، ويقال: أبو محمد.
-وأصله من البربر، وقد وصف بحسن الهيئة والجمال والعقل. قال ابن سعد: (كان بربريا جميلا حسن الهيئة عاقلا)
-الإمام المحدّث الفقية المفتي.
-مولى آل أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، واختلف في تعيين مولاه؛ فقال ابن سعد: (مولى للقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق).
وقال البخاري: (مولى ابن أبي عتيق ابن أبي بكر الصديق القرشي التيمي).
وأبو عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين؛ فمحمد وعبد الرحمن وأبو بكر وأبو قحافة والد أبي بكر كلّهم من الصحابة، ولا يُعرف مثل هذا التسلسل لغيرهم.
-نشأ سليمان بن بلال بالمدينة، وأدرك جماعة من كبار المحدثين منهم جعفر الصادق، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة الرأي، وصالح بن كيسان، وزيد بن أسلم، وأبو حازم سلمة بن دينار، وعبيد الله بن عمر، وعبد الله بن دينار، وموسى بن عقبة، وهشام بن عروة، وسهيل بن أبي صالح، ومحمد بن عجلان، ويونس بن يزيد الأيلي، وغيرهم.
سيرته ومناقبه:
-كان مفتيا واليا لخراج المدينة.
قال ابن سعد: (كان يفتي بالبلد، وولي خراج المدينة).
-كان كاتباً ليحيى بن سعيد الأنصاري، وصديقاً لمالك بن أنس؛ فتبحّر في حديث أهل المدينة، وتضلّع من حديث الزهري، وكتب كتباً كثيرة.
-حدّث عن مولاه محمد بن عبد الله ابن أبي عتيق فحفظ حديثه؛ ولا يُعرف له من قام برواية أحاديثه غيره.
قال محمد بن يحيى الذهلي: (لولا أن سليمان قام بحديثه [ أي حديث ابن أبي عتيق هذا ] لذهب حديثه).
- وقال الذهلي أيضاً: (ما ظننت أن عند سليمان بن بلال من الحديث ما عنده حتى نظرت في كتاب ابن أبي أويس، فإذا هو قد تبحر حديث المدنيين). ذكره أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال.
- عرف بكثرة حديثه واستيعابه لكثير من العلم.
قال الذهبي: (كان من أوعية العلم).
وقال مالك بن أنس: (لما أجمعت التحويل عن مجلس ربيعة جلست أنا وسليمان بن بلال في ناحية المسجد). رواه ابن أبي خيثمة.
-له مرويات في كتب التفسير المسندة.
-وكان صاحب كتب؛ فلما مات أوصى بها إلى ابن أبي حازم.
قال مصعب بن عبد الله الزبيري: (أما ابن أبي حازم فإنه سمع مع سليمان بن بلال؛ فلما مات سليمان أوصى بكتبه إليه؛ فكانت عند ابن أبي حازم قد بال عليها الفأر فذهب بعضها، فيقرأ ما استبان منها، ويدع ما لا يعرف، وقد قرأها علينا). رواه ابن أبي خيثمة.
-وثقه جماعة من أهل العلم والفضل.
قال ابن سعد: (كان ثقة كثير الحديث).
وقال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله [ هو أحمد بن حنبل ] وذكر سليمان بن بلال فقال: (كان ثقة، وكان كاتبَ يحي بن سعيد). رواه الفسوي.
-وكان يقوم بالاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله [ هو أحمد بن حنبل ] وذكر سليمان بن بلال فقال: (... وقد كان على سوق المدينة). رواه الفسوي.
قوله: (وقد كان على سوق المدينة) أي: محتسباً.
روى عنه:
ابنه أيوب، وعبد الله بن وهب، وأبو بكر عبد الحميد بن أبي أويس، وأخو إسماعيل بن أبي أويس، وخالد بن مخلد القطواني، وغيرهم.
وفاته:
اختلف في سنة وفاته:
- فقال ابن سعد: (توفي بالمدينة سنة اثنتين وسبعين ومائة في خلافة هارون).
- وقال إسحاق بن محمد الفروي: (مات سنة سبع وسبعين ومائة). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
قال الذهبي: (والأوَّل أصحّ، ولو تأخَّر، لَلَقِيَه قتيبة وطائفة).


المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي (ت:188هـ)

نسبه ومولده:
هو المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي القرشي.
- قال ابنه عياش بن المغيرة: (ولد أبي سنة أربع أو خمس وعشرين ومئة).
مناقبه:
-من كبار فقهاء المدينة في آخر حياة مالك بن أنس وبعده.
قال يعقوب بن شيبة: (ثقة، وهو أحد فقهاء أهل المدينة، ومن كان يفتي فيهم). ذكره أبو الحجاج المزي.
وقال أبو عمر ابن عبد البر: (كان مدار الفتوى بالمدينة في آخر زمن مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، حكى ذلك عبد الملك بن الماجشون، وكان ابن أبي حازم ثالث القوم في ذلك).
-كان ورعا زاهدا، قال عنه الزبير بن بكار: كان فقيه أهل المدينة بعد مالك بن أنس وعرض عليه أمير المؤمنين الرشيد قضاء المدينة، وجائزة أربعة آلاف دينار فامتنع وأبي أمير المؤمنين إلا أن يلزمه ذلك فقال: والله يا أمير المؤمنين لأن يخنقني الشيطان أحب إلي من أن ألي القضاء فقال الرشيد: ما بعد هذا غاية وأعفاه من القضاء وأجازه بألفي دينار). ذكره ابن عبد البر في الانتقاء، وأبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال.
وقال محمد بن مسلمة المخزومي: قال المغيرة بن عبد الرحمن: (نحن أعلم الناس بالقرآن وأجهلهم به، صيرنا العلم بعظيم قدره إلى الجهل بكثير من معانيه). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام.
-ومروياته في كتب التفسير المسندة عزيزة جداً.
روى عن:
أبيه، وموسى بن عقبة، ومالك بن أنس، ومحمد بن عجلان، وهشام بن عروة، وعبد الله بن عمر العمري، وغيرهم.
وروى عنه:
ابنه عياش، وإبراهيم بن حمزة الزبيري، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وأبو مصعب الزهري، وغيرهم.
وفاته:
- قال ابنه عياش بن المغيرة: (مات يوم الأربعاء لسبع خلت من صفر سنة ست وثمانين ومائة).
- وقال محمد بن سعد: (توفي سنة ثمان وثمانين ومائة)
- وقال الذهبي: (عاش اثنتين وستين سنة).


المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله الحزامي (ت: 180هـ تقريباً )

اسمه ونسبه:
هو المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حكيم بن حزام الأسدي القرشي.
- قال ابن سعد: (وهو الذي يسمى قُصيّا، وبه يعرف).
- وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: (كان مسناً علامة، أمّه أمّ ولد، وكان يقال له: قصي؛ يعرف به). رواه ابن أبي خيثمة.
مناقبه:
-كان علامة مسندا وثقه كثير من أهل الحديث وأثنوا عليه.
قال عبد الله بن الإمام أحمد في العلل لأبيه: (سألته عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، من ولد حكيم بن حزام قال: (ما أرى به بأساً، حدَّث عنه ابن مهدي، وكان عنده كتاب عن أبي الزناد).
وقال عباس الدوري: (سمعت يحيى يقول المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي صاحب أبى الزناد ليس بشيء، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومي ثقة).
وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا دواد عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي فقال: (رجل صالح، كان ينزل عسقلان حدث عنه ابن مهدي).
ووثقه الدارقطني، روى له البخاري ومسلم وأصحاب السنن.
- قال الذهبي: (احتج به أرباب الصحاح، لكن له ما ينكر).
وفي الإكمال لمغلطاي نقلاً عن الزبير بن بكار: (وكان علامةً مُسنداً).
- كان علامة بالأنساب.
قال الخطيب البغدادي في المتفق والمفترق: (كان علامة بالنسب).
روى عن:
أبي الزناد فأكثر، وروى عن موسى بن عقبة، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وهشام بن عروة، وغيرهم.
وروى عنه:
ابنه عبد الرحمن، وابن وهب، وعبد الرحمن بن مهدي، وسعيد بن منصور، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن عبد الله بن بكير، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وغيرهم.
وفاته:
قال الذهبي: (توفي قصي: في حدود سنة ثمانين ومائة، بالمدينة).
وذكر في موضع آخر أن وفاته قريب من وفاة مالك بن أنس.


التقويم: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثالث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir