دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 جمادى الأولى 1441هـ/11-01-2020م, 12:25 AM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثاني من دورة "السبيل إلى فهم القرآن"

اختر تطبيقين من كلّ درس وأدّها:

تطبيقات الدرس السادس:
1. معنى البلاء في قول الله تعالى: {وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم}
ورد هذا المقطع الكريم في ثلاثة مواضع من كتاب الله هي:
- الآية 49 من سورة البقرة.
- الآية 141 من سورة الأعراف.
- الآية 6 من سورة إبراهيم.
وكلها في سياق الامتنان على بني إسرائيل

والبلاء في اللغة الاختبار والامتحان ويطلق على الخير والشر قال الخليل بن أحمد في العين:
والبَلاءُ، في الخَيْر والشَّرِّ. واللَّه يُبْلي العَبْدَ بلاءً حَسَناً وبَلاءً سَيِّئاً.
قَالَ تَعَالَى:
- وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ [الْأَعْرَاف:168]
- [وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً] [الأنبياء: 35]

وللمفسرين في هذه الآية ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المعنى هنا يقتصر على النعمة وهي النجاة من آل فرعون. وممن اقتصر على هذا المعنى الزجاج.
القول الثاني: أن المعنى هنا يقتصر على المصيبة وهي ما كان فرعون يفعل بهم قبل النجاة. وممن اقتصر على هذا المعنى ابن عاشور.
القول الثالث: من المفسرين من ذكر المعنيين دون ترجيح، فإذا عاد قوله تعالى: {وفي ذلكم} على قوله {وإذ نجيناكم} يكون معنى بلاء عظيم: نعمة عظيمة، وإذا عاد قوله {وفي ذلكم} على ما كان يعمله فرعون من الذبح والإذلال يكون معنى بلاء عظيم: مصيبة.


وقد استشهد أصحاب القول الأول ب:
- قوله تعالى: {وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا}
- وبقول الأحنف: البلاء ثم الثناء، أي الأنعام ثمّ الشكر.
- وبقول زهير:
جزى اللّه بالإحسان ما فعلا بنا*** وأبلاهما خيـر البـلاء الـذي يبلـو

واستدل أصحاب القول الثاني ب
- أن البلاء شاع في اخْتِبَارِ الشَّرِّ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ إِعْنَاتًا لِلنَّفْسِ.
- أن أَشْهَرُ اسْتِعْمَالِهِ إِذَا أُطْلِقَ أَنْ يَكُونَ لِلشَّرِّ فَإِذَا أَرَادُوا بِهِ الْخَيْرَ احْتَاجُوا إِلَى قَرِينَةٍ.
- أن صيغة المصدر" بلاء" تكاد لا تطلق إلا على المكروه، وما ورد في الخير يأتي بصيغة الفعل {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [سُورَة الْأَنْبِيَاء: 35].
- دلالة قوله عظيم على أنه يشير للمصيبة العظيمة.
وردوا على اعتراض:
كيف يعبر عن معنى المصيبة بقوله {من ربكم} بأن ترك آل فرعون وعدم ردعهم يجعله كالوارد من الله وهو جزاء لهم على نبذهم الحق.
كما أن التعبير بالربوبية هنا للدلالة على إرادة صلاح المستقبل.
ونسب القرطبي وابن عطية هذا القول للجمهور.

وممن ذكر أن البلاء في هذه الآية يفسر بالنعمة والمصيبة الطبري
فقد ذكر أنه يأتي بمعنى النعمة وروى هذا القول عن ابن عباس، والسدي، ومجاهد، وابن جريج
وقال في موضع آخر: وقد يكون "البلاء"، في هذا الموضع نَعْماء، ويكون: من البلاء الذي يصيب النَّاس من الشدائد.
كما ذكر ابن عطية والقرطبي وابن كثير القولين دون ترجيح

الترجيح:
المفردة تصلح للمعنيين في أصل اللغة، وفي موضعها من الآية، ولا مانع من حملها عليهما فالله سبحانه وتعالى ابتلى بني إسرائيل بالعذاب وبتسلط فرعون عليهم ابتلاء صبر، وابتلاهم بنعمة النجاة من آل فرعون ابتلاء شكر، وكلا الحدثين ذكرا في الآية ولا يمنع من تعلق البلاء بكليهما مانع فظهر لنا بديع إحكام وضع هذه المفردة في هذا الموضع الذي يوسع المراد منها والله أعلم.

2. معنى التكوير في قول الله تعالى: {إذا الشمس كوّرت}
تصف هذه الآية الكريمة مشهدا من مشاهد الآخرة، متعلق بحال الشمس
وقد تنوعت عبارات المفسرين في ذكر معنى التكوير هنا.
ومن أجود ما مر بي من كلامهم ما ختم به الطبري رحمه الله بعد أن ذكر روايات عن المفسرين تفيد بعضها بأن المعنى هو ذهاب الضوء وبعضها أن المعنى هو الرمي بها حيث قال:
"والصواب من القول في ذلك عندنا: أن يقال: (كُوِّرَتْ) كما قال الله جل ثناؤه، والتكوير في كلام العرب: جمع بعض الشيء إلى بعض، وذلك كتكوير العمامة، وهو لفها على الرأس، وكتكوير الكارة، وهي جمع الثياب بعضها إلى بعض، ولفها، وكذلك قوله: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) إنما معناه: جمع بعضها إلى بعض، ثم لفت فَرُمِي بها، وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوءها فعلى التأويل الذي تأوّلناه وبيَّناه لكلا القولين اللَّذين ذكرت عن أهل التأويل وجه صحيح، وذلك أنها إذا كُوِّرت ورُمي بها، ذهب ضوءها".

قال صاحب أضواء البيان اخْتَلَفَ فِي مَعْنَى «كُوِّرَتْ» هُنَا أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ أَقْوَالٍ، وَكُلُّهَا تَدُورُ عَلَى نِهَايَةِ أَمْرِهَا.
وقال: وَالَّذِي يَشْهَدُ لَهُ الْقُرْآنُ، أَنَّ هَذَا كُلَّهُ رَاجِعٌ إِلَى تَغَيُّرِ حَالِهَا فِي آخِرِ أَمْرِهَا ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهَا أَجَلًا مُسَمًّى، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَعْلَمُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -

وقال ابن عطية:
«تكوير الشمس»: هو أن تدار ويذهب بها إلى حيث شاء الله كما يدار كور العمامة، وعبر المفسرون عن ذلك بعبارات، فمنهم من قال: ذهب نورها قاله قتادة، ومنهم من قال: رمي بها، قاله الربيع بن خيثم وغير ذلك مما هو أشياء توابع لتكويرها.

فتبين لنا أن سعة ما حوته هذه المفردة من معان صحيحة تركت في أذن السامع وقلبه تنوعا مهيبا لحال ذلك اليوم العظيم نسأل الله أن نكون ممن كتب في الناجين.


تطبيقات الدرس السابع:
- بيّن المراد بالمفردات التاليات:
1. ناشئة الليل
جاءت هذه الآية الكريمة بعد أمره صلى الله عليه وسلم بقيام الليل.
قال ابن عاشور أنها: "تَعْلِيلٌ لِتَخْصِيصِ زَمَنِ اللَّيْلِ بِالْقِيَامِ فِيهِ فَهِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِجُمْلَةِ {قُمِ اللَّيْلَ}، أَيْ قُمِ اللَّيْلَ لِأَنَّ ناشئته أَشد وطأ وَأَقْوَمُ قِيلًا".
وقال: " وناشِئَةَ وَصْفٌ مِنَ النَّشْءِ وَهُوَ الْحُدُوثُ.. ثم قال: فَتَعَيَّنَ أَنَّ مَوْصُوفَهُ الْمَحْذُوفَ هُوَ صَلَاةٌ، أَيِ الصَّلَاةُ النَّاشِئَةُ فِي اللَّيْلِ"
وقال: "وَوَصْفُ الصَّلَاةِ بِالنَّاشِئَةِ لِأَنَّهَا أَنْشَأَهَا الْمُصَلِّي فَنَشَأَتْ بَعْدَ هَدْأَةِ اللَّيْلِ فَأَشْبَهَتِ السَّحَابَةَ الَّتِي تَتَنَشَّأُ مِنَ الْأُفُقِ بَعْدَ صَحْو"

وقد قيل في معنى {ناشئة}:

- أنها أَوْقَاتُ الليل وَسَاعَاتُهُ، لِأَنَّ أَوْقَاتَهُ تَنْشَأُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا، وَمِنْهُ نَشَأَتِ السَّحَابَةُ إِذَا بَدَأَتْ وَأَنْشَأَهَا اللَّهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: 18]
- أنها مصدر بمعنى قيام الليل قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْحَبَشَةُ يَقُولُونَ: نَشَأَ أَيْ قَامَ.
- أنها ما ينشأ في الليل من الطاعات
كما اختلفت عبارات السلف في تحديد الوقت المتعلق بهذا اللفظ وهو ناشئة الليل:
- فقيل هُوَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، تَمَسُّكًا بِأَنَّ لَفْظَ نَشَأَ يُعْطِي الِابْتِدَاءَ.
- وقيل هِيَ اللَّيْلُ كُلُّهُ، لِأَنَّهُ يَنْشَأُ بَعْدَ النَّهَارِ
- وقيل ما بعد العشاء الآخرة إلى الصبح.
- وقيل النَّاشِئَةُ الْقِيَامُ بِاللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ.

قال ابن عاشور:
"وَإِيثَارُ لَفْظِ ناشِئَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ: قِيَامٍ أَوْ تَهَجُّدٍ، لِأَجْلِ مَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي لِيَأْخُذَ النَّاسُ فِيهِ بِالِاجْتِهَادِ".

2. السيما في قول الله تعالى: {سيماههم في وجوههم}
السِّيمَا: الْعَلَّامَةُ
وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ مِنَ السِّيمَا الَّتِي وُصِفَتْ بِأَنَّهَا مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ عَلَى أقوال ذكرها المفسرون هي:
1. أنها علامة يجعلها الله في وجوه المؤمنين يوم القيامة، يعرفون بها لما كان من سجودهم له في الدنيا.
2. أنها علامات معنوية تظهر في وجوه المصلين في الدنيا سواء كانت أثر السمت والخشوع، أو أثر السهر والتعب والصفرة.
3. أنها علامة تظهر على الجباه كالشامة من أثر السجود.
4. أنها آثار التراب والطين وندى الطهور وما يعلق بجباههم من أثر ما يسجدون عليه.

قال ابن عاشور بعد أن عدد الأقوال: وكُلُّ ذَلِكَ مِنَ السِّيمَا الْمَحْمُودَةِ

وقال الطبري ما معناه: أن الله سبحانه لما وصفهم لم يخص وقت دون وقت فيحمل المعنى على كل الأوقات في الدنيا والآخرة مما هو من أثر السجود.

تطبيقات الدرس الثامن:
بيّن أثر دلالة الإعراب على المفردات التالية:
1. سبيل في قول الله تعالى: {ولتستبين سبيل المجرمين}
قرأ نافع {سبيل} بفتح اللام على أنها مفعول لتستبين فيكون المعنى " لتستبين أنت - يا محمد- سبيل المجرمين.
وقرأها البقية برفع اللام على أنها فاعل لتستبين فيكون المعنى " ليتضح سبيل المجرمين ويعرف فيسهل اجتنابه" .

وقد رجح الطبري قراءة الرفع بحجة أن الله سبحانه فصل الآيات ليتبين الحق للجميع، ولكن القراءة الأخرى سبعية ولا ترد لهذا السبب، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته ما لم يكن في الكلام قرينة تدل على الخصوصية.
فتبين أن هذه المفردة قد دلّت بإعرابيها الصحيحين على معنيين مختلفين يصحّ اجتماعهما، وهذا من دلائل إحكام القرآن وبركة ألفاظه واتسّاع معانيه.


2. مرجع الضمير في "جعلناه" في قول الله تعالى: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا}


الأصل في الضمير أن يعود على أقرب مذكور وهو هنا الإيمان ولكن قد يعود الضمير على غير الأقرب لوجود قرينة أو مانع.
وبتتبع أقوال المفسرين في هذه الآية نجد الأقوال التالية:
1. أن الضمير يعود على الكتاب.
2. أن الضمير يعود على الإيمان.
3. أن الضمير يعود على قوله {روحا من أمرنا}، سواء عبروا عن ذلك بقولهم القرآن أو الوحي أو الروح أو الأمر.
4. ومنهم من جوز العودة على الكتاب والإيمان معا وإن كان لفظ {جعلناه} أتى بصيغة المفرد كما ذكر الفراء والطبري في أحد قوليه إنه لا مانع من أن يكون المعني الكتاب والإيمان لأن أسماء الأفعال يجمع جميعها الفعل، كما يقال: إقبالك وإدبارك يعجبني، فيوحدهما وهما اثنان، كما ذكره القرطبي

وبتأمل الأقوال نجد أنها كلها صحيحة من حيث الإعراب ومن حيث المعنى فالنور يصح أن يوصف به الكتاب والإيمان والوحي، وقد قال بكل منها أهل العلم، ولا مانع من حمل الضمير على جميعها وتدبر المعنى الحاصل من ذلك أسأل الله أن ينور قلوبنا بالقرآن وبالإيمان وبالعمل بشريعته واتباع هداه.
والله أعلم

تطبيقات الدرس التاسع:
-استخرج دلالات الصيغة الصرفية مما يأتي:
1. "مزيد" في قوله تعالى: {يوم نقول لجهنّم هل امتلأت وتقول هل من مزيد}
- يحتمل أن تكون مصدرا ميميا بمعنى الزيادة، فيكون المعنى ما من مزيد.
- ويحتمل أن تكون اسم مفعول من زاد، فيكون المعنى أنها تطلب المزيد من الإنس والجن يلقون فيها.
والله أعلم بمراده لكن المعنى يصح في كلا الوجهين فإن كان قول جهنم -أعاذنا الله منها- قبل أن يضع الرحمن سبحانه فيها قدمه وتقول قط قط كما جاء في الحديث، فالمعنى أنها تطلب الزيادة التي وعدت بها حيث أنها موعودة بأن تمتلئ وإن كان المعنى بعد ذلك فالمعنى ما من مزيد، ولعل هذا من سعة ألفاظ القرآن وبركتها والله أعلم.

(لست متأكدة من ارتباط المعنى بدلالة الصيغة الصرفية ولم أجد مرجعا للتحقق، وقد ذكر ابن عاشور احتمال كونه مصدرا ميميا أو اسم مفعول دون ربطه بالمعنى، وزاد الماوردي احتمال هل يزاد في سعتي فهل تكون في هذه الحالة اسم مكان؟)

2. "مُنزل" في قول الله تعالى: {وقل رب أنزلنا مُنزلا مباركاً وأنت خير المنزلين}
يحتمل أن تكون منزلا -بضم الميم وفتح الزاي-
1. اسم مفعول والمعنى حينئذ يعود لمن وقع عليه الفعل
2. مصدرا والمعنى حينئذ: إنزالا مباركا
والمعنيان متلازمان
وقرأها شعبة عن عاصم منزلا بفتح الميم وكسر الزاي وتكون في هذه الحالة اسم مكان يقصد بها مكانا مباركا.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رمضان 1441هـ/10-05-2020م, 04:05 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضحى الحقيل مشاهدة المشاركة
مجلس مذاكرة القسم الثاني من دورة "السبيل إلى فهم القرآن"

اختر تطبيقين من كلّ درس وأدّها:

تطبيقات الدرس السادس:
1. معنى البلاء في قول الله تعالى: {وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم}
ورد هذا المقطع الكريم في ثلاثة مواضع من كتاب الله هي:
- الآية 49 من سورة البقرة.
- الآية 141 من سورة الأعراف.
- الآية 6 من سورة إبراهيم.
وكلها في سياق الامتنان على بني إسرائيل

والبلاء في اللغة الاختبار والامتحان ويطلق على الخير والشر قال الخليل بن أحمد في العين:
والبَلاءُ، في الخَيْر والشَّرِّ. واللَّه يُبْلي العَبْدَ بلاءً حَسَناً وبَلاءً سَيِّئاً.
قَالَ تَعَالَى:
- وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ [الْأَعْرَاف:168]
- [وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً] [الأنبياء: 35]

وللمفسرين في هذه الآية ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المعنى هنا يقتصر على النعمة وهي النجاة من آل فرعون. وممن اقتصر على هذا المعنى الزجاج.
القول الثاني: أن المعنى هنا يقتصر على المصيبة وهي ما كان فرعون يفعل بهم قبل النجاة. وممن اقتصر على هذا المعنى ابن عاشور.
القول الثالث: من المفسرين من ذكر المعنيين دون ترجيح، فإذا عاد قوله تعالى: {وفي ذلكم} على قوله {وإذ نجيناكم} يكون معنى بلاء عظيم: نعمة عظيمة، وإذا عاد قوله {وفي ذلكم} على ما كان يعمله فرعون من الذبح والإذلال يكون معنى بلاء عظيم: مصيبة.


وقد استشهد أصحاب القول الأول ب:
- قوله تعالى: {وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا}
- وبقول الأحنف: البلاء ثم الثناء، أي الأنعام ثمّ الشكر.
- وبقول زهير:
جزى اللّه بالإحسان ما فعلا بنا*** وأبلاهما خيـر البـلاء الـذي يبلـو

واستدل أصحاب القول الثاني ب
- أن البلاء شاع في اخْتِبَارِ الشَّرِّ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ إِعْنَاتًا لِلنَّفْسِ.
- أن أَشْهَرُ اسْتِعْمَالِهِ إِذَا أُطْلِقَ أَنْ يَكُونَ لِلشَّرِّ فَإِذَا أَرَادُوا بِهِ الْخَيْرَ احْتَاجُوا إِلَى قَرِينَةٍ.
- أن صيغة المصدر" بلاء" تكاد لا تطلق إلا على المكروه، وما ورد في الخير يأتي بصيغة الفعل {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [سُورَة الْأَنْبِيَاء: 35].
- دلالة قوله عظيم على أنه يشير للمصيبة العظيمة.
وردوا على اعتراض:
كيف يعبر عن معنى المصيبة بقوله {من ربكم} بأن ترك آل فرعون وعدم ردعهم يجعله كالوارد من الله [ هذا التشبيه غير جيّد، والصحيح أن يقال تقدير من الله ] وهو جزاء لهم على نبذهم الحق.
كما أن التعبير بالربوبية هنا للدلالة على إرادة صلاح المستقبل.
ونسب القرطبي وابن عطية هذا القول للجمهور.

وممن ذكر أن البلاء في هذه الآية يفسر بالنعمة والمصيبة الطبري
فقد ذكر أنه يأتي بمعنى النعمة وروى هذا القول عن ابن عباس، والسدي، ومجاهد، وابن جريج
وقال في موضع آخر: وقد يكون "البلاء"، في هذا الموضع نَعْماء، ويكون: من البلاء الذي يصيب النَّاس من الشدائد.
كما ذكر ابن عطية والقرطبي وابن كثير القولين دون ترجيح

الترجيح:
المفردة تصلح للمعنيين في أصل اللغة، وفي موضعها من الآية، ولا مانع من حملها عليهما فالله سبحانه وتعالى ابتلى بني إسرائيل بالعذاب وبتسلط فرعون عليهم ابتلاء صبر، وابتلاهم بنعمة النجاة من آل فرعون ابتلاء شكر، وكلا الحدثين ذكرا في الآية ولا يمنع من تعلق البلاء بكليهما مانع فظهر لنا بديع إحكام وضع هذه المفردة في هذا الموضع الذي يوسع المراد منها والله أعلم.

2. معنى التكوير في قول الله تعالى: {إذا الشمس كوّرت}
تصف هذه الآية الكريمة مشهدا من مشاهد الآخرة، متعلق بحال الشمس
وقد تنوعت عبارات المفسرين في ذكر معنى التكوير هنا.
ومن أجود ما مر بي من كلامهم ما ختم به الطبري رحمه الله بعد أن ذكر روايات عن المفسرين تفيد بعضها بأن المعنى هو ذهاب الضوء وبعضها أن المعنى هو الرمي بها حيث قال:
"والصواب من القول في ذلك عندنا: أن يقال: (كُوِّرَتْ) كما قال الله جل ثناؤه، والتكوير في كلام العرب: جمع بعض الشيء إلى بعض، وذلك كتكوير العمامة، وهو لفها على الرأس، وكتكوير الكارة، وهي جمع الثياب بعضها إلى بعض، ولفها، وكذلك قوله: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) إنما معناه: جمع بعضها إلى بعض، ثم لفت فَرُمِي بها، وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوءها فعلى التأويل الذي تأوّلناه وبيَّناه لكلا القولين اللَّذين ذكرت عن أهل التأويل وجه صحيح، وذلك أنها إذا كُوِّرت ورُمي بها، ذهب ضوءها".

قال صاحب [تتمّة] أضواء البيان اخْتَلَفَ فِي مَعْنَى «كُوِّرَتْ» هُنَا أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ أَقْوَالٍ، وَكُلُّهَا تَدُورُ عَلَى نِهَايَةِ أَمْرِهَا.
وقال: وَالَّذِي يَشْهَدُ لَهُ الْقُرْآنُ، أَنَّ هَذَا كُلَّهُ رَاجِعٌ إِلَى تَغَيُّرِ حَالِهَا فِي آخِرِ أَمْرِهَا ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهَا أَجَلًا مُسَمًّى، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَعْلَمُهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -

وقال ابن عطية:
«تكوير الشمس»: هو أن تدار ويذهب بها إلى حيث شاء الله كما يدار كور العمامة، وعبر المفسرون عن ذلك بعبارات، فمنهم من قال: ذهب نورها قاله قتادة، ومنهم من قال: رمي بها، قاله الربيع بن خيثم وغير ذلك مما هو أشياء توابع لتكويرها.

فتبين لنا أن سعة ما حوته هذه المفردة من معان صحيحة تركت في أذن السامع وقلبه تنوعا مهيبا لحال ذلك اليوم العظيم نسأل الله أن نكون ممن كتب في الناجين.


تطبيقات الدرس السابع:
- بيّن المراد بالمفردات التاليات:
1. ناشئة الليل
جاءت هذه الآية الكريمة بعد أمره صلى الله عليه وسلم بقيام الليل.
قال ابن عاشور أنها: "تَعْلِيلٌ لِتَخْصِيصِ زَمَنِ اللَّيْلِ بِالْقِيَامِ فِيهِ فَهِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِجُمْلَةِ {قُمِ اللَّيْلَ}، أَيْ قُمِ اللَّيْلَ لِأَنَّ ناشئته أَشد وطأ وَأَقْوَمُ قِيلًا".
وقال: " وناشِئَةَ وَصْفٌ مِنَ النَّشْءِ وَهُوَ الْحُدُوثُ.. ثم قال: فَتَعَيَّنَ أَنَّ مَوْصُوفَهُ الْمَحْذُوفَ هُوَ صَلَاةٌ، أَيِ الصَّلَاةُ النَّاشِئَةُ فِي اللَّيْلِ"
وقال: "وَوَصْفُ الصَّلَاةِ بِالنَّاشِئَةِ لِأَنَّهَا أَنْشَأَهَا الْمُصَلِّي فَنَشَأَتْ بَعْدَ هَدْأَةِ اللَّيْلِ فَأَشْبَهَتِ السَّحَابَةَ الَّتِي تَتَنَشَّأُ مِنَ الْأُفُقِ بَعْدَ صَحْو"

وقد قيل في معنى {ناشئة}:
- أنها أَوْقَاتُ الليل وَسَاعَاتُهُ، لِأَنَّ أَوْقَاتَهُ تَنْشَأُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا، وَمِنْهُ نَشَأَتِ السَّحَابَةُ إِذَا بَدَأَتْ وَأَنْشَأَهَا اللَّهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: 18]
- أنها مصدر بمعنى قيام الليل قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْحَبَشَةُ يَقُولُونَ: نَشَأَ أَيْ قَامَ.
- أنها ما ينشأ في الليل من الطاعات
كما اختلفت عبارات السلف في تحديد الوقت المتعلق بهذا اللفظ وهو ناشئة الليل:
- فقيل هُوَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، تَمَسُّكًا بِأَنَّ لَفْظَ نَشَأَ يُعْطِي الِابْتِدَاءَ.
- وقيل هِيَ اللَّيْلُ كُلُّهُ، لِأَنَّهُ يَنْشَأُ بَعْدَ النَّهَارِ
- وقيل ما بعد العشاء الآخرة إلى الصبح.
- وقيل النَّاشِئَةُ الْقِيَامُ بِاللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ.

قال ابن عاشور:
"وَإِيثَارُ لَفْظِ ناشِئَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ: قِيَامٍ أَوْ تَهَجُّدٍ، لِأَجْلِ مَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي لِيَأْخُذَ النَّاسُ فِيهِ بِالِاجْتِهَادِ".

2. السيما في قول الله تعالى: {سيماههم في وجوههم}
السِّيمَا: الْعَلَّامَةُ
وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ مِنَ السِّيمَا الَّتِي وُصِفَتْ بِأَنَّهَا مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ عَلَى أقوال ذكرها المفسرون هي:
1. أنها علامة يجعلها الله في وجوه المؤمنين يوم القيامة، يعرفون بها لما كان من سجودهم له في الدنيا.
2. أنها علامات معنوية تظهر في وجوه المصلين في الدنيا سواء كانت أثر السمت والخشوع، أو أثر السهر والتعب والصفرة.
3. أنها علامة تظهر على الجباه كالشامة من أثر السجود.
4. أنها آثار التراب والطين وندى الطهور وما يعلق بجباههم من أثر ما يسجدون عليه.

قال ابن عاشور بعد أن عدد الأقوال: وكُلُّ ذَلِكَ مِنَ السِّيمَا الْمَحْمُودَةِ

وقال الطبري ما معناه: أن الله سبحانه لما وصفهم لم يخص وقت دون وقت فيحمل المعنى على كل الأوقات في الدنيا والآخرة مما هو من أثر السجود.

تطبيقات الدرس الثامن:
بيّن أثر دلالة الإعراب على المفردات التالية:
1. سبيل في قول الله تعالى: {ولتستبين سبيل المجرمين}
قرأ نافع {سبيل} بفتح اللام على أنها مفعول لتستبين فيكون المعنى " لتستبين أنت - يا محمد- سبيل المجرمين.
وقرأها البقية برفع اللام على أنها فاعل لتستبين فيكون المعنى " ليتضح سبيل المجرمين ويعرف فيسهل اجتنابه" .

وقد رجح الطبري قراءة الرفع بحجة أن الله سبحانه فصل الآيات ليتبين الحق للجميع، ولكن القراءة الأخرى سبعية [ إنما حدث التسبيع بعد الطبري، وأوّل من سبّع السبعة هو تلميذه ابن مجاهد] ولا ترد لهذا السبب، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته ما لم يكن في الكلام قرينة تدل على الخصوصية.
فتبين أن هذه المفردة قد دلّت بإعرابيها الصحيحين على معنيين مختلفين يصحّ اجتماعهما، وهذا من دلائل إحكام القرآن وبركة ألفاظه واتسّاع معانيه.


2. مرجع الضمير في "جعلناه" في قول الله تعالى: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا}


الأصل في الضمير أن يعود على أقرب مذكور وهو هنا الإيمان ولكن قد يعود الضمير على غير الأقرب لوجود قرينة أو مانع.
وبتتبع أقوال المفسرين في هذه الآية نجد الأقوال التالية:
1. أن الضمير يعود على الكتاب.
2. أن الضمير يعود على الإيمان.
3. أن الضمير يعود على قوله {روحا من أمرنا}، سواء عبروا عن ذلك بقولهم القرآن أو الوحي أو الروح أو الأمر.
4. ومنهم من جوز العودة على الكتاب والإيمان معا وإن كان لفظ {جعلناه} أتى بصيغة المفرد كما ذكر الفراء والطبري في أحد قوليه إنه لا مانع من أن يكون المعني الكتاب والإيمان لأن أسماء الأفعال يجمع جميعها الفعل، كما يقال: إقبالك وإدبارك يعجبني، فيوحدهما وهما اثنان، كما ذكره القرطبي

وبتأمل الأقوال نجد أنها كلها صحيحة من حيث الإعراب ومن حيث المعنى فالنور يصح أن يوصف به الكتاب والإيمان والوحي، وقد قال بكل منها أهل العلم، ولا مانع من حمل الضمير على جميعها وتدبر المعنى الحاصل من ذلك أسأل الله أن ينور قلوبنا بالقرآن وبالإيمان وبالعمل بشريعته واتباع هداه.
والله أعلم

تطبيقات الدرس التاسع:
-استخرج دلالات الصيغة الصرفية مما يأتي:
1. "مزيد" في قوله تعالى: {يوم نقول لجهنّم هل امتلأت وتقول هل من مزيد}
- يحتمل أن تكون مصدرا ميميا بمعنى الزيادة، فيكون المعنى ما من مزيد.
- ويحتمل أن تكون اسم مفعول من زاد، فيكون المعنى أنها تطلب المزيد من الإنس والجن يلقون فيها.
والله أعلم بمراده لكن المعنى يصح في كلا الوجهين فإن كان قول جهنم -أعاذنا الله منها- قبل أن يضع الرحمن سبحانه فيها قدمه وتقول قط قط كما جاء في الحديث، فالمعنى أنها تطلب الزيادة التي وعدت بها حيث أنها موعودة بأن تمتلئ وإن كان المعنى بعد ذلك فالمعنى ما من مزيد، ولعل هذا من سعة ألفاظ القرآن وبركتها والله أعلم.

(لست متأكدة من ارتباط المعنى بدلالة الصيغة الصرفية ولم أجد مرجعا للتحقق، وقد ذكر ابن عاشور احتمال كونه مصدرا ميميا أو اسم مفعول دون ربطه بالمعنى، وزاد الماوردي احتمال هل يزاد في سعتي فهل تكون في هذه الحالة اسم مكان؟)

تعليق: المصدر الميمي أدلّ على شرهها في العذاب والإحراق، واسم المفعول أدلّ على تغيّظها على الكفار والمنافقين.


2. "مُنزل" في قول الله تعالى: {وقل رب أنزلنا مُنزلا مباركاً وأنت خير المنزلين}
يحتمل أن تكون منزلا -بضم الميم وفتح الزاي-
1. اسم مفعول والمعنى حينئذ يعود لمن [ لما ] وقع عليه الفعل
2. مصدرا والمعنى حينئذ: إنزالا مباركا
والمعنيان متلازمان
وقرأها شعبة عن عاصم منزلا بفتح الميم وكسر الزاي وتكون في هذه الحالة اسم مكان يقصد بها مكانا مباركا.


أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, التاسع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:06 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir