دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1439هـ/16-08-2018م, 02:43 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس التاسع: مجلس مذاكرة القسم الثاني من كتاب خلاصة تفسير القرآن

مجلس مذاكرة القسم الثاني من "خلاصة تفسير القرآن"

اختر مجموعة من المجموعات التالية وأجب على أسئلتها إجابة وافية.

المجموعة الأولى:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. أحكام المعاملات المالية في القرآن الكريم [البيوع ، وكتابة الديون، والإجارة]

2. جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع
3. قصة إبراهيم عليه السلام
4. قصة يونس عليه السلام
5. قصة يوسف ويعقوب عليهما السلام
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.

المجموعة الثانية:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. أحكام المواريث.
2. أحكام الأطعمة والأشربة والصيد.
3. فوائد دراسة قصص الأنبياء.
4. قصة لوط عليه السلام
5. قصة عيسى وأمّه وزكريا ويحيى عليهم السلام
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.

المجموعة الثالثة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. أحكام النكاح
2. أحكام الأيمان.
3. قصة هود عليه السلام
4. قصة موسى وهارون عليهما السلام
5. قصة أصحاب الكهف.
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.

المجموعة الرابعة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. أحكام الطلاق والعدد والإيلاء والظهار.
2. قصة نوح عليه السلام
3. قصة صالح عليه السلام
4. قصة داوود وسليمان عليهما السلام
5. قصة ذي القرنين
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.

المجموعة الخامسة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. تفسير آيات الحدود.
2. قصة آدم عليه السلام
3. قصة شعيب عليه السلام
4. قصة أيوب عليه السلام
5. قصة الخضر مع موسى عليه السلام
6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.


تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 ذو الحجة 1439هـ/16-08-2018م, 05:12 PM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

المجموعة الخامسة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. تفسير آيات الحدود.
”يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر.....”(البقرة 178-179).
“يا أيها الذين ءامنوا”:
- عمومية الخطاب لجميع المؤمنين حتى أولياء القاتل والقاتل نفسه، فيه دلالة على أنه يجب عليهن جميعا إعانة ولي المقتول على أخذ حقه.

“الحر بالحر”:
-يدخل في منطوقها قتل الذكر بالأنثى والعكس، كما دل على ذلك صريح السنة.
-ما يخرج من عمومية “الحر بالحر”:
-الأبوان وإن علوا، لورود السنة بذلك، ولأنه ليس من العدل أن يقتل الوالد بولده، ولأن ما في قلب الوالدين من الرحمة المانعة من صدور هذه الجريمة منهما على ولدهما ما يحدث الشبهة، إما أنه لا بد أن في عقلهما اختلالا أو أذية شديدة أحوجته إلى قتل ولده، أو لم يحرر أن القتل عمد محض.
-المسلم لا يقتل بالكافر، لورود السنة بذلك، ولأن ولي الله لا يقتل بعدوه.
-الحر لا يقتل بالعبد، لأنه غير مساوٍ له.

“فمن عفي له من أخيه شيء”:
-الأصل وجوب القود في العمد العدوان، والدية بدل عنه.
-إذا عفا ولي المقتول عن القاتل سقط القصاص، ووجبت الدية.
-الواجب في حق ولي المقتول إذا عفا والقاتل:
على ولي المقتول أن لا يشق على القاتل في طلباته وأن يتبعه بالمعروف، وعلى القاتل الأداء بإحسان من غير مطل ولا نقص ولا إساءة، قال صلى الله عليه وسلم: «رحم الله عبدا سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى» .
-“فمن عفي له من أخيه” فيه ترقيق واستعطاف وحث على العفو والتنازل.
-“أخيه” فيه دليل على أن القاتل العمد لا يكفر.
-“فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم”:
-من اعتدى بعد العفو مرة أخرى فله عذاب أليم في الآخرة، والقتل في الدنيا.

“ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون”:
-الحكمة من حد القصاص:
القصاص وإن كان فيه ظاهره دعوة لموت الجاني بالحق، فإنه كذلك دعوة لحياة كثير من الأنفس التي ستحفظ بتشريعه، إذ يخشى القاتل القتل فيرتدع عن جريمته، وبذا يكون من تشريع القصاص حياة للأبرياء.
-“يا أولي الألباب” فيه تخصيص وتشريف لأصحاب العقول إذ وجه الخطاب لهم، وفيه إشارة إلى إعمال العقل في فهم شرائع الله وأحكامه.
-“لعلكم تتقون” فمن عرف ربه وأسرار تشريعه دعاه ذلك لتقواه وخشيته كما يجب.

قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]
-حد الزاني غير المحصن:الجلد مئة جلدة.
-صفة الجلد: أن يكون مؤلما زاجرا دون أن يهلكه، وأن يكون علنا لا سرا، لردع أهل الرذائل.
-ما ورد في السنة بخصوص الزاني المحصن: أن يغرب عاما كاملا مع الجلد.
-ما ورد في السنة بخصوص الزاني المحصن: الرجم بالحجارة حتى الموت.

قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]
-تعريف السارق: هو من أخذ مال غيره المحترم بغير رضاه.
-حكمه: من كبائر الذنوب.
-الحد فيه: قطع اليد (الكف إلى الكوع) اليمنى -كما هي قراءة بعض الصحابة-.
-ما قيدته السنة في حد السرقة:
-أن يكون المسروق نصابا، ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما يساوي ذلك ويزيد عليه.
-أن يكون المأخوذ منه حرزا يحفظ فيه المال.

-مسألة: إذا عاد السارق إلى سرقته فما هو عقابه؟
إن عاد قطعت رجله اليسرى، فإن عاد فقيل تقطع يده اليسرى، ثم إن عاد قطعت رجله اليمنى، وقيل: يحبس حتى يموت، وورد في ذلك آثار عن السلف مختلفة.

-الحكمة من حد السرقة:
“جزاء بما كسبا” جراء سرقة السارق وعقابا له على فعله، “نكالا من الله” ردعا وزجرا لغيره.

-الفائدة من ختم الآية بقوله:“والله عزيز حكيم”:
-أي: أن الله عز فحكم، فقطع بحكمته يد السارق، تنكيلا له، وحفظا للمال.

قوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} [المائدة: 33]
-حد قطاع الطرق المحاربين:
قيل: الإمام مخير فيهم بين هذه الأمور، وعليه أن يفعل ما تقتضيه المصلحة، ويحصل به النكاية.
وقيل: إن هذه العقوبة مرتبة بحسب الجريمة؛ فإن جمعوا بين القتل وأخذ المال جمع لهم بين القتل والصلب، وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا قتلوا ولم يصلبوا، وإن أخذوا مالا ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإن أخافوا الناس ولم يقتلوا ولا أخذوا مالا نفوا من الأرض، فلا يتركون يأوون إلى بلد، أو يحبسون كما قاله بعضهم.

-الفوائد من دراسة آيات الأحكام:
معرفة أحكام الله وشرعه، وكيفية الاستدلال عليها، وحكم تشريعها، وثمرات الإيمان بها، والرد على شبهات المعارضين وإبطال حججهم.
-فوائد دراسة آيات الحدود خاصة:
معرفة أسباب تشريعها ومن ثم قياس ذلك على واقعنا ومستجداته، وفهم أهمية حفظ وصيانة المجتمع، إذ لما في بعض الحدود من شدة، فإن هذا مما يدل على أهمية حفظ هذا المجتمع واستقراره الأمني والخلقي والحفاظ على سلامته ونقائه، كما أن ذلك مما يزيد المؤمن إيمانا بحكمة ربه في تشريع تلك الأحكام ومعرفة كيفية معالجتها للأخطاء وتشريعها للحلول البديلة حال الخطأ، وفتحها بابا للمخطئ والتائب، وتنبيه المجتمع للالتفات إليهم وعدم تركهم على ما هم عليه من أخطاء، والإمساك بأيديهم إلى بر الأمان.

2. قصة آدم عليه السلام.
-بداية القصة “إني جاعل في الأرض خليفة”:
لما اقتضت الحكمة الربانية خلق خليفة في هذه الأرض، يحكم بأحكام الله، ويدعو لدينه، فإنه سبحانه خلق أبو البشر آدم عليه السلام.
-كيف عرفت الملائكة بطبيعة الآدميين في قوله :”قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء”؟
قد يكون ذلك بقياسهم على مخلوقات سابقة، أو أن الله تعالى أخبرهم بخلق آدم، وبما يكون من مجرمي ذريته.

-الإجابة الربانية على سؤال الملائكة “إني أعلم ما لا تعلمون”:
-فعرفهم الله بكمال علمه، وعظيم حكمته، وبين لهم ذلك على وجه التفصيل، فبعد خلق آدم علمه الله الأسماء كلها، “ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين” فكان التوضيح عمليا، فما كان رد الملائكة إلا :”قالوا سُبْحانَكَ لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم”، فقال الله :”يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم” ليتبين لهم ملامح تفوق آدم عليهم في بعض الأمور، والحكمة من خلقه.

-إقران الله لتعظيم الملائكة لآدم باطنيا وظاهريا في قوله بعد اندهاشهم من علمه: “اسجدوا لآدم”.

-سجود الملائكة لآدم طاعة لله، ورفض الشيطان ذلك تكبرا وغرورا،”قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين”.

-شقاء إبليس بالعقاب الرباني له بعد رفضه السجود بإهباطه “فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها”.

-“رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم” “قال فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ - ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} بداية المعركة الشيطانية حتى يوم البعث.
-“ولا تجد أكثرهم شاكرين” فصح ظن إبليس في الأغلبية، “ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين” إلا قلة من المؤمنين الصابرين.
-{قال اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا - وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ} وتنوعت الأساليب الشيطانية في إغواء آدم وذريته، وذلك بكل الوسائل الشيطانية.
-الناجي الوحيد من المعركة الشيطانية من آمن بالله وأحسن التوكل عليه: “إنه ليس له سلطان على الذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون”.
-الوسائل الربانية التي أرشد الله إليها عباده للانتصار على الشيطان:
-إنزال الكتب عليهم، الترغيب في فعل الخير، الترهيب من فعل الشر، إرسال الرسل، العقوبات التي شرعت للعاصي، الثواب الذي أعد للطائع، الإرشاد إلى الطرق التي بها النجاة من حبائل ذلك الشيطان، توضيح طرقه وأساليبه في المكر، إلى آخر ذلك.
-إتمام النعمة على آدم بخلق زوجه، وتحقيق مقاصد الزواج من الذرية والسكن وغير ذلك، وإرشادهما إلى الطريق الصحيح للتنعم بالجنة “فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة” “إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى*وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى”.
-“فأكلا منها ...”وقوع آدم وزوجه في الخطأ بعد محاولات إبليس وكيده في الوسوسة، لتكون الخطيئة الأولى التي بها يظهر ضعفهما وطبيعتهما ومن بعدهما من ذريتهما في الوقوع في الزلل.
-“فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه” سن التوبة، والإنابة الصادقة لآدم وذريته.
-“قالا ربنا ظلمنا أنفسنا ...” تشريع الإقرار بالذنب، وتلقينه لآدم ومن بعده من ذريته.
-{يا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} تنبيه ذرية آدم من بعده للاستفادة من خطأ أبيهم، والحذر من الشيطان وحبائله.
-استبدال اللباس الذي فسخه الشيطان بلباس التقوى، والتحلي بالأخلاق، والامتنان عليهما بعد ذلك بذريتهما التي بثها الله في الأرض لينظر كيف يعملون.

-فوائد من قصة آدم:
-قصة آدم من أعظم القصص، إذ هي قصة بداية البشرية، وأصل خلقهم ووجودهم، وفي ذلك من الفوائد والمعارف ما يهم المرء ويعينه على فهم سبب وجوده وطريق فلاحه.
-فضيلة العلم، إذ كان سجود الملائكة مقترنا بإظهار آدم لتفوقه عليهم علميا في تلك اللحظة.
-من كمال العلم نسب فضل معرفته لله، وعدم التحدث إلا فيما يعلمه المرء “سُبْحانَكَ لا علم لنا إلا ما علمتنا”.
-الحسد والكبر والحرص من أخطر الأخلاق، فحسد الشيطان وكبره منعه من الجنة، وحرص آدم حرمه منها كذلك.
-المسارعة للتوبة عند الخطأ كما فعل أبونا آدم، والتوبة لله بما شرعه الله لنا وعلمنا إياه، كقوله :”ربنا ظلمنا أنفسنا ...”.
-إثبات صفة اليد لله كما يليق به “لما خلقت بيدي”.

3. قصة شعيب عليه السلام.
-مختصر قصة شعيب -عليه السلام-:
بعثه الله إلى قوم يشركون بالله ويطففون في المكيال، فدعاهم إلى عبادة الله وحده وترك الغش والتطفيف، وترك البخس في المعاملات، وخوفهم من الله وعذابه.
-{قالوا يا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} رفض قوم شعيب إدخال أمور دنياهم تحت مسمى دعوته، فتهكموا من صلاته (العبادة الظاهرية) وربطها بأمور دنياهم.
-{يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا} تأكيد اغتنائه واكتفائه بالله، وأن الداعي الحقيقي لدعوته هو طاعة لأمر الله.
-{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت} التنبيه إلى تركه ما ينهى عنه، رغم أن ذلك العمل لو عمله لكان في صالحه، لكنه ترك طاعة لله، وابتغاء إصلاح أحوال قومه.
-{وما توفيقي إلا بالله} نسب التوفيق لله، وأن واجبه هو الدعوة والتوفيق بيد الله.
-{لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} التذكير بأحوال الأمم السابقة، وهذا من أفضل أساليب الدعوة.
-{وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} الترغيب في التوبة، والتذكير برحمة الله.
-{وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ - وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا}فلما كذبوا وعتوا أرسل الله عليهم حرا أخذ بأنفاسهم حتى كادوا يختنقون من شدته، ثم في أثناء ذلك أرسل سحابة باردة فأظلتهم، فتنادوا إلى ظلها غير الظليل، فلما اجتمعوا فيها التهبت عليهم نارا، فأحرقتهم وأصبحوا خامدين معذبين مذمومين ملعونين في جميع الأوقات.

-فوائد من قصة شعيب:
-أن التطفيف والغش في الميزان من الكبائر، فهي مما يوجب العقوبات الدنيوية والأخروية.
-أن الوقوع في الذنب ممن لا يحتاج إليه أشد من المذنب الذي فعله لشدة رغبته واحتياجه، فالزاتي وهو محصن أشد عقوبة من الزاني غير المحصن، ولذا قال شعيب “إني أراكم بخير” فتطفيفهم في الكيل كان مع تحسن أوضاعهم وعدم احتياجهم، وهذا مما ضاعف من عقوبتهم.
-“بقية الله خير لكم” فيه دلالة على أن الاكتفاء بالله والنظر إلى ما لديه، خير من النظر إلى ما في أيدي الناس.
-“أصلاتك تأمرك” فالصلاة آمرة للخير، ناهية عن الشر، ومن وقع في المنكرات بكثيرة، فليراجع صلاته.
-“وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه” من كمال صفات الداعية أن لا يدعو الناس إلى أمر لم يفعله، أو ينهاهم عن شر لم يتركه.
-“إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت” منهج الداعية ومقصده الأساسي هو الإصلاح.

4. قصة أيوب عليه السلام.
-مختصر قصة أيوب -عليه السلام-:
ابتلى الله أيوب -عليه السلام- بولده وأهله وماله، ثم بجسده، فأصابه من البلاء ما لم يصب أحدا من الخلق، فصبر لأمر الله ولم يزل منيبا لله.
ولما تطاول به المرض نادى ربه: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]
فقيل له: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} [ص: 42]
فركض، فنبعت بركضته عين ماء بارد، فقيل له: اشرب منها واغتسل، ففعل ذلك، فأذهب الله ما في باطنه وظاهره من البلاء، ثم أعاد الله له أهله وماله، وأعطاه من النعم والخيرات شيئا كثيرا.
وكان في مرضه قد وجد على زوجته المرأة البارة الرحيمة في بعض شيء، فحلف أن يجلدها مائة جلدة، فخفف الله عنه وعنها، وقيل له: خذ بيدك ضغثا حزمة حشيش أو علف أو شماريخ أو نحوها فيها مائة عود فاضرب به ولا تحنث، أي: ينحل بذلك يمينك.
-كفارة اليمين لم تشرع لأحد قبل شريعتنا، بدلالة أن الله لم يخفف عن أيوب بالكفارة وإنما أمره أن يتم حلفه.
-“خذ بيدك ضغثا” فيه دلالة على أن من لا يحتمل إقامة الحد عليه لضعفه ونحوه أنه يقام عليه مسمى ذلك؛ لأن الغرض التنكيل ليس الإتلاف والإهلاك.

-فوائد من قصة أيوب:
-صبر أيوب عليه السلام مما يضرب به المثل، والصبر مدخل من مداخل الجنة، فعلى المرء إن أصيب بأمر أن يصبر، لأن الأمر حدث، فإما أن يجزع ويحرم الأجر، أو أن يصبر فيؤجر.
-حينما يمسك المرض والتعب أو الألم، فإن المفر يكون لربه وخالقه، أما الناس فلا تملك من أمرك شيئا “ربي إني مسني الضر”.
-“وأنت أرحم الراحمين” من كمال الأدب في الدعاء لله أن تطلبه بما يدل على رحمته وعطفه وتطلبه بذلك.
-“اركض برجلك” لا بد من فعل السبب بعد التوكل على الله.
-“خذ بيدك ضغثا” فيه تخفيف من الله لعبيده، ودلالة على أن المقص من الحدود لا الإهلاك وإنما تحقيق الردع.

5. قصة الخضر مع موسى عليه السلام.
-القصة باختصار:
أن موسى -عليه السلام- قام ذات يوم في بني إسرائيل مقاما عظيما، علَّمهم فيه علوما جَمَّة، وأعجب الناس بكمال علمه، فقال له قائل: يا نبي الله، هل يوجد، أو هل تعلم في الأرض أحدا أعلم منك؟ فقال: لا، بناء على ما يعرفه، وترغيبا لهم في الأخذ عنه، فأخبره الله أن له عبدا في مجمع البحرين عنده علوم ليست عند موسى، وإلهامات خارجة عن الطور المعهود، فاشتاق موسى إلى لقياه رغبة في الازدياد من العلم، فطلب من الله أن يأذن له في ذلك، وأخبره بموضعه وتزودا حوتا وقيل له: إذا فقدت الحوت فهو في ذلك المكان، فذهب فوجده، وكان ما قص الله من نبأهما في الكهف.

-مسائل وفوائد من القصة:
-“وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح ...” مشروعية السير في طلب العلم والحث عليه.
-جواز أخذ الخادم في السفر والحضر والاستفادة من خدمته.
-“وما أنسانيه إلا الشيطان” استحباب نسب النقص والشر للشيطان.
-“لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا” جواز إخبار المرء عن حاله وما يشعر به من جوع ونصب إذا لم يكن على وجه التسخط.
-استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله “ءاتنا غداءنا”.
-“فوجدا عبدا من عبادنا” أن ذلك الرجل الصالح من عباد الله وأوليائه، لا من رسله وأنبيائه، لعدم ذكر الله لذلك أو الإشارة إليه.
-“وعلمناه من لدنا علما”
أنواع العلوم: علم مكتسب، يدركه المرء بكسبه، وعلم إلهي، يهبه الله لمن يشاء من عباده، وهو مما آتاه الله الخضر.
-“هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا” من آداب طلب العلم:
-إظهار حاجة التلميذ إلى معلمه، وأنه محتاج إليه، ومتشوق للاستفادة منه.
-تواضع الفاضل للتعلم ممن هو دونه، كما مع موسى والخضر.
-تعلم العالم للعلم الذي لم يتمهر فيه من المتمهر فيه وإن كان أقل منه منزلة وعلما.
-تعلم العلم المفيد والمرشد، أما العلم الغير نافع فلا فائدة منه “تعلمن مما علمت رشدا”.
-أن الصبر هو المفتاح الأساسي للتعلم “إنك لن تستطيع معي صبرا”.
-أن معرفة ثمرات العلم، والإحاطة بمنافعه وفوائده، مما يعين على الصبر عليه “وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا”.
-مشروعية تعليق الأمور المستقبلية على مشيئة الله “ستجدني إن شاء الله صابرا”.
-“قال إن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا” مشروعية اتخاذ المعلم للأسلوب الأنسب في التدريس.
-“فركبا في السفينة” جواز ركوب البحر إذا لم يكن هنالك خطورة.
-“لا تؤاخذني بما نسيت” أن الناسي لا يؤاخذ لا في حق الله ولا عبيده، إلا فيما يجب عليه فيه الضمان.
-القاعدة الأساس في إنكار المنكر هو الأخذ بالظاهر، كما فعل ذلك موسى -عليه السلام-.
-جواز عمل المرء في مال غيره إذا كان من أجل مصلحة أو دفع مفسدة “فخرقها”.
-أن القتل بغير سبب شرعي من أكبر الذنوب “لقد جئت شيئا كبرا”.
-“وكان أبوهما صالحا” أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه وماله وولده.
-الأدب مع الله في عدم نسب فعل العيب والتخريب له “فأردت أن أعيبها”.
-أن الصاحب لا يترك صاحبه حتى لا يجد للصبر محلا بينه وبينه، كما حدث مع موسى والخضر.

6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.

-بداية القصة:
كان محمد -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة قد بغضت إليه عبادة الأوثان، وبغض إليه كل قول قبيح وفعل قبيح، وفطر صلى الله عليه وسلم فطرة مستعدة متهيئة لقول الحق علما وعملا، والله تعالى هو الذي طهّر قلبه وزكاه وكمّله، فكان من رغبته العظيمة فيما يقرب إلى الله أنه كان يذهب إلى غار حراء الأيام ذوات العدد، ويأخذ معه طعاما يطعم منه المساكين ويتعبَّد ويتحنث فيه، فقلبه في غاية التعلق بربه، ويفعل من العبادات ما وصل إليه علمه في ذلك الوقت الجاهلي الخالي من العلم، ومع ذلك فهو في غاية الإحسان إلى الخلق، فلما تم عمره أربعين سنة، وتمت قوته العقلية، وَصَلُحَ لتلقي أعظم رسالة أرسل الله بها أحدا من خلقه، تبدَّى له جبريل صلى الله عليه وسلم فرأى منظرا هاله وأزعجه، إذ لم يتقدم له شيء من ذلك، وإنما قدَّم الله له الرؤيا، التي كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، فضمه وقرأ عليه آيات من وحي الله، لتبتدئ الحكاية.

-“اقرأ بسم ربك الذي خلق ...”:
-أول ما أنزل على رسول الله من الآيات، وبها ابتدأت نبوته.
-أصيب رسول الله بالخوف فذهب إلى زوجه خديجة، فهدأت من روعه، وذكرته بما يحمله من صفات خيرة تطمئنه.

“يا أيها المدثر..”:
-فتر الوحي بعدها، وكان قد رأى الملك على صورته فارتعد، فذهب إلى خديجة، فقال: دثروني، دثروني، فنزلت هذه الآية.
-هذه الآيات بداية الأمر بالدعوة إلى الله، وبها أعلنت رسالته.

“والضحى ...”:
-نزلت سورة الضحى لما قال أصحاب محمد أن ربه قلاه، فأنزلها الله تطمينا له، وتذكيرا له بنعمه عليه.

“فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ”:
-لما دعا محمد الناس إلى الله، جادلوه وعارضوه، رغم أنهم مقرون بصحة ما جاء به في قرارة أنفسهم، لكنه الجحود والإصرار والكبر.

“فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّه ويحسبون أنهم مهتدون”:
-فانقسم الناس بعدها لقسمين، قسم هداه الله، وقسم حقت عليه الضلالة بكبره وجحوده.

“يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ”:
-وفي إنزال الله للقرآن على نبيه امتنان على عبيده، فبه يهتدون للطريق الصحيح بعد رحمة الله، فالموفق من استنار به واستضاء.

-كيف تعامل محمد مع المكذبين؟
-الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنى، والمجادلة بالتي هي أحسن.
-التنويع في الأسلوب الدعوي، أفرادا وجماعات، سرا وعلنا.
-قراءة القرآن عليهم وإسماعهم إياه لعل أنفسهم تلين للحق.

-كيف تعامل المكذبين مع محمد؟
-التكذيب به وبما جاء به من الوحي، كما فعل الوليد بن المغيرة حين حار في القرآن فوصفه بالسحر.
-ادعاء كذب الرسول بأنه لو كان صادقا لأنزل الله ملائكة يشهدون بصدقه، ولكفاه شغله وطلبه للرزق.
-محاولاتهم كفه عن الطعن في آلهتهم والتنقص منها، لعلمهم بأن هذا هو الحق، وأنه قد يؤثر في الناس “ودوا لو تدهن فيدهنون”.
-طلباتهم الغير عقلانية والكثيرة من رسول الله أن يأتي بكذا إن كان صادقا، أو أن يحل عليهم عذاب كذا مما منع الله وقوعه لمصلحتهم.
-القدح في استحقاق الرسول للرسالة، وأنه ليس أفضلهم فلم لم تنزل على غيره، ويرد الله على ذلك بأنه “فضل الله يؤتيه من يشاء”و”الله أعلم حيث يجعل رسالته”.

-من مقامات رسول الله مع المؤمنين:
الرأفة العظيمة، والرحمة لهم، والمحبة التامة، والقيام معهم في كل أمورهم، وأنه لهم أرحم وأرأف من آبائهم وأمهاتهم، وأحنى عليهم من كل أحد، كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128].

-حادثة الإسراء والمعراج:
أُسْرِيَ به عليه الصلاة والسلام من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؛ ليريه من آياته، وعرج به إلى فوق السماوات السبع، وفرض الله عليه الصلوات الخمس بأوقاتها وهيئاتها.

-انتشار الإسلام في المدينة بسبب قربهم من اليهود، وإخبار اليهود لهم أن نبيا سيبعث، وذكرو لهم أوصافه فعرفوه وآمنوا به، وكفر به اليهود حسدا وبغضا.

-محاولات قريش البائسة للقضاء على رسول الله والنيل منه قبل الهجرة، وذلك في اجتماعهم في دار الندوة.

-“إلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” خروج الرسول مع صاحبه أبي بكر للهجرة، وملاحقة قريش لهم، واختباؤهم في الغار.

-“أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ” الأذن بالقتال للمسلمين في المدينة، وذلك لاستضعافهم وحاجتهم للدفاع عن أنفسهم.

-“وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ - الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ” فرض الصيام والزكاة في السنة الثانية للهجرة.
-وفي السنة الثانية أيضا كانت وقعة بدر، وسببها أن عيرا لقريش تحمل تجارة عظيمة من الشام، خرج النبي صلى الله عليه وسلم بمن خف من أصحابه لطلبها، فخرجت قريش لحمايتها، وتوافوا في بدر على غير ميعاد، فالعير نجت والنفير التقوا مع الرسول وأصحابه، وكانوا ألفا كاملي العدد والخيل، والمسلمون ثلاثمائة وبضعة عشر على سبعين بعيرا يعتقبونها، فهزم الله المشركين هزيمة عظيمة، قتلت سرواتهم وصناديدهم، وأُسر من أُسر منهم، وأصاب المشركين مصيبة ما أُصيبوا بمثلها، وهذه الغزوة أنزل الله فيها وفي تفاصيلها سورة الأنفال، وبعدما رجع إلى المدينة منها مظفرا منصورا ذل من بقي ممن لم يُسلم من الأوس والخزرج، ودخل بعضهم في الإسلام نفاقا، ولذلك جميع الآيات نزلت في المنافقين إنما كانت بعد غزوة بدر.

-في السنة الثالثة كانت غزوة أحد، غزا المشركون وجيشوا الجيوش على المسلمين حتى وصلوا إلى أطراف المدينة، وخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه وعبأهم ورتبهم، والتقوا في أُحد عند الجبل المعروف شمالي المدينة، وكانت الدائرة في أول الأمر على المشركين، ثم لما ترك الرماة مركزهم الذي رتبهم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم: لا تبرحوا عنه، ظهَرنا أو غُلبنا، وجاءت الخيل مع تلك الثغرة وكان ما كان، حصل على المسلمين في أُحد مقتلة أكرمهم الله بالشهادة في سبيله، وذكر الله تفصيل هذه الغزوة في سورة آل عمران، وبسط متعلقاتها.

-في السنة الرابعة تواعد المسلمون والمشركون فيها - في بدر - فجاء المسلمون لذلك الموعد، وتخلف المشركون معتذرين أن السنة مجدبة، فكتبها الله غزوة للمسلمين:
{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 174]

- في سنة خمس كانت غزوة الخندق، اتفق أهل الحجاز وأهل نجد، وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على غزو النبي صلى الله عليه وسلم، وجمعوا ما يقدرون عليه من الجنود، فاجتمع نحو عشرة آلاف مقاتل وقصدوا المدينة، ولما سمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم خندق على المدينة، وخرج المسلمون نحو الخندق، وجاء المشركون كما وصفهم الله بقوله:
{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: 10]
ومكثوا محاصرين المدينة عدة أيام، وحال الخندق بينهم وبين اصطدام الجيوش، وحصل مناوشات يسيرة بين أفراد من الخيل، وسبب الله عدة أسباب لانخذال المشركين، ثم انشمروا إلى ديارهم، فلما رجعوا خائبين لم ينالوا ما كانوا جازمين على حصوله، تفرغ النبي صلى الله عليه وسلم لبني قريظة الذين ظاهروا المشركين بقولهم وتشجيعهم على قصد المدينة، ومظاهرتهم الفعلية ونقضهم ما كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فحاصرهم، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وفي هذه الغزوة أنزل الله صدر سورة الأحزاب من قوله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب: 27]

-في سنة ست من الهجرة اعتمر صلى الله عليه وسلم وأصحابه عمرة الحديبية، وكان البيت لا يُصدُّ عنه أحد، فعزم المشركون على صد النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ولما بلغ الحديبية ورأى المشركين قد أخذتهم الحمية الجاهلية جازمين على القتال دخل معهم في صلح لحقن الدماء في بيت الله الحرام، ولما في ذلك من المصالح، وصار الصلح على أن يرجع النبي صلى الله عليه وسلم عامه هذا ولا يدخل البيت، ويكون القضاء من العام المقبل، وتضع الحرب أوزارها بينهم عشر سنين؛ فكره جمهور المسلمين هذا الصلح حين توهموا أن فيه غضاضة على المسلمين، ولم يطلعوا على ما فيه من المصالح الكثيرة، فرجع صلى الله عليه وسلم عامه ذلك، وقضى هذه العمرة في عام سبع من الهجرة، فأنزل الله في هذه القضية سورة الفتح بأكملها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]
فكان هذا الفتح لما فيه من الصلح الذي تمكن فيه المسلمون من الدعوة إلى الإسلام، ودخول الناس في دين الله حين شاهدوا ما فيه من الخير والصلاح والنور، وقد تقدم أن قصة بني قريظة دخلت في ضمن قصة الخندق، أما قبيلة بني النضير من اليهود فإنها قبل ذلك حين هموا بالفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا على جانب المدينة غزاهم صلى الله عليه وسلم واحتموا بحصونهم، ووعدهم المنافقون حلفاؤهم بنصرتهم، فألقى الله الرعب في قلوبهم، وأنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجلوا عن ديارهم ولهم ما حملت إبلهم، ويدعوا الأرض والعقار وما لم تحمله الإبل للمسلمين؛ فأنزل الله في هذه القضية أول سورة الحشر: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2] إلى آخر القصة.

-في سنة ثمان من الهجرة، وقد نقضت قريش العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم غزا مكة في جند كثيف من المسلمين يقارب عشرة آلاف، فدخلها فاتحا لها، ثم تممها بغزو حنين على هوازن وثقيف، فتم بذلك نصر الله لرسوله وللمسلمين، وأنزل الله في ذلك أول سورة التوبة.

-في سنة تسع من الهجرة غزا تبوك وأوعب المسلمون معه، ولم يتخلف إلا أهل الأعذار وأناس من المنافقين، وثلاثة من صلحاء المؤمنين: كعب بن مالك وصاحباه، وكان الوقت شديدا، والحر شديدا، والعدو كثيرا، والعسرة مشتدة، فوصل إلى تبوك ومكث عشرين يوما ولم يحصل قتال فرجع إلى المدينة؛ فأنزل الله في هذه الغزوة آيات كثيرة من سورة التوبة، يذكر تعالى تفاصيلها وشدتها، ويثني على المؤمنين، ويذم المنافقين وتخلفهم، ويذكر توبته على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة، ويدخل معهم الثلاثة الذين خلفوا بعد توبتهم وإنابتهم.
وفي مطاوي هذه الغزوات يذكر الله آيات الجهاد وفرضه وفضله وثواب أهله، وما للناكلين عنه من الذل العاجل والعقاب الآجل، كما أنه في أثناء هذه المدة ينزل الله الأحكام الشرعية شيئا فشيئا بحسب ما تقتضيه حكمته.

-في سنة تسع من الهجرة أو سنة عشر فرض الله الحج على المسلمين، وكان أبو بكر حج بالناس سنة تسع، ونبذ إلى المشركين عهودهم، وأتم عهود الذين لم ينقضوا، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سنة عشر واستوعب المسلمين معه، وأعلمهم بمناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دينا}.

-فوائد من قصة رسول الله:
-معرفة السيرة النبوية من أعظم ما يعين على فهن كتاب الله، إذ الآيات القرآنية نزلت في مناسبات لها علاقة بالسيرة، ووضحت بعضها وكشفت عن بعض.
-في صبر رسول الله على الأذى الذي جاءه رغم منزلته في قومه دلالة على أن الأذى هو حظ الداعي من دعوته، وعليه بالصبر كي لا يحرم الأجر.
-رفق رسول الله ورحمته بأمته منا يوجب علي أمتع كذلك أن تستن بهديه.
-في الهجرة النبوية دلالة على البحث عن أرض طيبة ليغرس فيها الإنسان دعوته، وينطلق منها إلى العالم.
-في عدم قتال رسول الله المشركين إلا بعد الأذن الرباني دلالة على أن للقتال والجهاد شروطا وبنودا يجب معرفتها قبل الخوض فيه.
-من أواخر ما نزل “اليوم أكملت لكم دينكم ...” وفي هذا دليل على كمال هذا الدين وأن ما زاد عنه فهو من البدعة.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 ذو الحجة 1439هـ/19-08-2018م, 04:21 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المجموعة الرابعة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:


1. أحكام الطلاق والعدد والإيلاء والظهار.
=شروط الطلاق حتى يكون موافقا للشرع
ذكر الله أنه إذا كان لا بد له من الطلاق، فعليه أن يطلق زوجته لعدتها، أي: لتستقبل عدتها،
-وذلك أن يطلقها مرة واحدة في طهر لم يجامعها فيه،
-أو يطلقها وهي حامل قد تبين حملها،
-أو وهي آيسة أو صغيرة؛
لأنها في هذه الأحوال كلها تبتدئ بالعدة البينة الواضحة،
وإذا طلقها هذا الطلاق المشروع فله أن يراجعها ما دامت في العدة كما قال تعالى:
{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: 228]
وسواء رضيت أو كرهت.
فمن خالف واحد هذه الشروط فهو آثم متعد لحدود الله،
=الطلاق الرجعي والطلاق البائن
الطلاق الرجعي هو الطلاق الذي يتمكن فيه العبد من الرجعة وهو الطلاق بواحدة إلى ثنتين بلا عوض،
والطلاق البائن هو أن يطلقها الطلقة الثالثة
=شروط الرجوع للزوجة بعد الطلاق ثلاث تطليقات
-أن تنقضي عدتها،
-أن تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ويطأها
-أن يطلقها هذا الزوج رغبة في طلاقها، وتنقضي عدتها منه
فهنا للزوج الأول أن ينكحها برضاها، وببقية شروط النكاح من الولي ومن الصداق وغيره،
=الطلاق بعوض (الخلع)
هو أن يطلق الزوج زوجته بعوض بلفظ الطلاق أو الخلع أو الفداء، أو غيرها من الألفاظ،
وقد أباح الله هذا الفداء عند الحاجة، وهي التي نص عليها بقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]
ولا يشترط في العوض قدر معين لعموم الآية
ولم يكن له عليها رجعة إلا إذا شاءت بنكاح جديد،
=لا يمنع الولي زوجة من الرجوع لزوجها بعد الطلاق، أو بنت من الزواج بالكفء .
فليس لولي الأنثى أن يعضلها ويمنعها أن تراجع بعلها الأول أو الذي فارقها، بغضا له أو غضبا عليه، أو طمعا في بذلها أو بذله له شيئا من المال، بل عليه أن يسعى جاهداً في التأليف بينهما، ويتأكد علي الولي هذا الأمر في زواج البنت ولكن بشرط أن يكون الزوج كفئا وترضى المرأة فيه، وأما إن كان غير مناسب ومنعها فهو محسن
=التنبيه على أمر مهم في الرجعة
ففي قوله في الرجعة: {إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: 228]
وفي التراجع {إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ} [البقرة: 230]
اعتبار هذا الشرط المهم، وإلا فلا يراجع، ولا يتراجعا للضرار وللبقاء على غير ما يحبه الله، وفي هذا أن الأفعال مبنية على مقاصدها، فإن كان الخير جعل الله فيها البركة وإن كان الشر جعل فيها العواقب الوخيمة.
=أمر الله سبحانه وتعالى الأزواج أن يمسكوا زوجاتهم بمعروف أو يفارقوهن بمعروف
فهذا أمر الله سبحانه وتعالى إليهم، فإن أمسكها أمسكها بعشرة حسنة، وإن فارقها فليكن على وجه الشرع من غير عداوات تقع بينه وبينها، أو بينه وبين أهلها.
ومن التسريح بالمعروف أن يعطيها شيئا من المال تتمتع به وينجبر به خاطرها.
=النهي عن اتخاذ آيات الله وأحكامه هزواً
وهو اللعب بها وعدم الامتثال لواجبها مثل:
-المضارة في الإمساك والإرسال،
-أو كثرة الطلاق
-وجمع الثلاث تطليقات في واحدة،

=أحكام العدة للمطلقة
- إن كانت تحيض فعدتها باستكمال ثلاثة قروء من بعد وقوع الطلاق عليها،
-وأما التي انقطع حيضها وهي الآيسة والتي لم تحض لصغر ونحوه فعدتها ثلاثة أشهر،
-وأما من مات زوجها فتربص أربعة أشهر وعشرا،
-وأن الحامل من المفارقات في الحياة وبعد الممات عدتها بوضع الحمل.
- أن المفارقة في الحياة بطلاق ونحوه ليس لزوجها عليها عدة إذا لم يدخل أو يخل بها، كما قال تعالى:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49]
وفي هذا أن العدة تثبت بالدخول، وكذلك الخلوة، كما ثبت عن الخلفاء الراشدين، ومفهوم الآية أن الفراق بالموت تعتد له الزوجة المعقود عليها ولو قبل الدخول، وكما يؤخذ من مفهوم هذه فإنه يؤخذ من عموم قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 234] الآية [البقرة: 234] .
وفيها أن العدة من حقوق الزوج؛ لتمكنه من الرجعة ولحفظ فراشه ومائه من الاختلاط، وحق لها أيضا؛
=النفقة للزوجة المعتدة
-المعتدة نوعان: نوع حامل لها النفقة بكل حال. قال تعالى:
{وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6]
-ونوع غير حامل، وهي أيضا نوعان: مفارقة بائنة بموت أو فسخ أو خلع أو ثلاث أو عوض، فهؤلاء كلهن لا نفقة لهن ولا كسوة ولا مسكن إلا على وجه المعروف والإحسان،
ومفارقة رجعية فما دامت في العدة فلها النفقة والكسوة والمسكن وتوابعها على الزوج، وحكمها حكم الزوجة التي في حباله في كل حال إلا في القسم فلا قسم له؛ لأن الله سماه بعلا لها في قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] ولأن له أن يرجعها إلى الزوجية التامة رضيت أو كرهت ما دامت في العدة.
=قول الزوجة معتبر في وجود الحيض وانقطاعه
ففي قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] دليل على أمانتها على نفسها، وقبول قولها في وجود الحيض وانقطاعه؛ لأنه توعدها بكتمان ذلك، وهذا دليل على أن قولها معتبر،
=الطلاق لا يكون إلا بعد نكاح
ففي قوله: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب: 49] دليل على أنه لا يقع الطلاق إلا بعد النكاح،
وأن من علق طلاقا بنكاح امرأة لم ينعقد هذا التعليق، ولم يقع عليها شيء إذا نكحها؛ لأن النكاح لا يراد به خلاف مقصوده، وهو الطلاق
وهذا بخلاف تعليق عتق المملوك للغير بملكه إياه، فإنه صحيح ويعتق إذا ملكه؛ لأن تملك الرقيق يقصد به العتق، وهو مقصود شرعي صحيح.
=أحكام تتعلق بالمتعة
ورد الأمر بتمتيع المفارقة بالطلاق قبل المسيس مطلقا، وفي آية البقرة الأمر بالتمتيع إذا لم يسم لها مهرا، فإن سمى لها مهرا فإنه يتنصف إذا طلقها قبل الدخول، ويكون نصف الصداق هو المتعة كما قال تعالى:
{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ - وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 236 - 237]
وفي قوله: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 241]
وهذا العموم يقتضي أن كل مطلقة لها على زوجها متعة، لكن إن كانت غير مدخول بها ولم يسم لها مهر، فالمتعة واجبة كما تقدم بحسب يسار الزوج وإعساره، وإن كان قد سمي لها مهر تنصف المهر وكان النصف الحاصل لها هو المتعة، فإن لم يكن الأمر كذلك كانت المتعة حقا معروفا وإحسانا جميلا؛ لما فيها من جبر خاطرها


==تعريف الإيلاء والظهار والفرق بينهما
الإيلاء هو الحلف بالله على ترك وطء زوجته أبدا، أو مدة طويلة تزيد على أربعة أشهر إذا كان قادرا على الوطء،
وأما الظهار فأن يحرم زوجته ويقول لها: أنت علي كظهر أمي، أو نحوه من ألفاظ التحريم الصريحة، فهذا قد أتى منكرا من القول وزورا، وكذب أعظم كذب إذ شبه من هي حلال بمن هي أعظم المحرمات، وهي الأم، ولهذا قال: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2] ولهذا عرض الله التوبة فقال: {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [المجادلة: 2]
والفرق بينهما أن الأول ليس محرم، والثاني محرم لا يجوز ابتدائه، لأنه من تحليل ما حرم الله.
=بيان ما على الزوج إن وقع منه الإيلاء
إذا حلف هذا الحلف فلا يخلو:
-إما أن تطالبه الزوجة بحقها من الوطء، فعندها يجعل له أربعة أشهر، فإن رجع إلى الوطء فذلك هو المطلوب منه، وهو أحب الأمرين إلى الله، وإن أبى وامتنع ومضت الأربعة الأشهر وهو ممتنع وهي مازالت طالبة بحقها، فيجبر على أحد أمرين: إما أن يفيء ويكفر كفارة يمين، وإما أن يطلق، فإن امتنع من كل منهما طلق الحاكم عليه.
-أو لا تطالبه، فيترك وشأنه، فإن وطئ في هذه المدة فقد حنث، وعليه كفارة يمين، وإلا فلا كفارة عليه.
=ذكر كفارة الظهار
أمر الله سبحانه وتعالى المظاهر أن يعتق رقبة من قبل أن يمسها
فإن لم يجد صام شهرين متتابعين من قبل المسيس أيضا،
فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا، فبعد هذه الكفارة تحل له الزوجة وتنحل يمينه.

 من الفوائد المستفادة:
=معرفة شروط الطلاق الذي يكون بها موافقا للشرع.
=التنبيه على وجوب امتثال ما أمر الله به من إيقاع الطلاق وفق الشروط التي وضعها الشرع.
=معرفة بعض الاداب التي تتعلق بالزواج
=التنبيه على أمور يجب أن يحرص يراعيها أولياء أمور النساء
=التحذير من اتخاذ أحكام الطلاق هزوا ولعبا
=معرفة أحكام العدة للمطلقة.
=معرفة الأحوال التي يكون للمطلقة فيها النفقة.
=ذكر أحوال استحقاق المطلقة للمتعة.
=التنبيه على أن تكون المفارقة بالمعروف وعدم نسيان الفضل بينهما.
=ذكر الأحكام المتعلقة بالإيلاء والظهار.
=أن الواجب على العبد أن يلزم ما حده الله له حتى لا يقع في المحظور .
=معرفة مدى عدل هذا الشرع وأنه صالح لكل زمان ومكان.



2. قصة نوح عليه السلام
 مسائل قصة نوح عليه السلام
=حال البشر قبل نوح
كان البشر قبله أمة واحدة على التوحيد.
=بداية دخول الشر على البشر في أمر دينهم
مع كثرة الاختلاف وقلة العلم أدخلت الشياطين الشرور على الناس بطرق كثيرة ومتنوعة.
=كيف دخل الشرك وعظم أمره على قوم نوح؟
كان مبتدأه موت صالحين من قومه فحزنوا عليهم، ثم جاء إليهم الشيطان فأمرهم أن يصوروا تماثيل لهم ليتذكروهم بها وما كان منهم من الاجتهاد في الطاعة فيكون دافعاً لهم على الطاعة، ثم مات هؤلاء ونسي العلم مع مرور الزمان فجاء الشيطان وقال لهم: إن هؤلاء وَدًّا وسُواعا ويَغُوث ويَعُوق ونَسرا؛ قد كان أوَّلوكم يدعونهم ويستشفعون بهم، وبهم يسقون الغيث وتزول الأمراض، فلم يزل بهم حتى انهمكوا في عبادتهم على رغم نصح الناصحين.
=إرسال نوح عليه السلام إلى قومه ومكانته فيهم قبل الرسالة.
كان نوح عليه السلام قبل الرسالة معروفا في قومه يصدقونه ويعرفون أخلاقه وأمانته، فبعثه الله فيهم داعياً إياهم إلى إخلاص العبادة لله وترك كل ما سواه، فقال:
{يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59]
ورغبهم في خير الدنيا والآخرة فقال: {يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ - أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ - يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [نوح: 2 - 4]
=بيان كيف كان موقف قوم نوح من رسالته.
قد بين الله تعالى لنا كيف استقبل قوم نوح ما جاء به من عند ربه حيث قالوا له : {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} [هود: 27]
وطلبوا منه استكبارا وعنادا ومكرا أن يطرد من معه من المؤمنين ، وقد رد عليهم وبين لهم أن هذا الأمر لله وليس له فهم عبيد لله وليسوا عبيدا لنوح، ودلل لهم على قوله فقال:
{وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا} [هود: 31]
=اجتهاد نوح عليه السلام في دعوة قومه إلى ما بعثه الله به.
إن نوحاً عليه السلام لم يتوانى في الدعوة إلى ما أرسل به، فاجهتد في دعوة قومه في الليل والنهار وفي السر والعلن، وقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، وهو أحد أولى العزم الخمسة ويعتبر الأب الثاني للبشر، وهو عليه السلام أول الرسل إلى الناس، ومع هذا فلم يزدادوا إلا عناداً ونفوراً كما حكى القرآن قوله: {رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا - وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا - وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 21 - 23]
فلما رأى أن التذكير لا ينفع فيهم بوجه من الوجوه؛ وأنه كلما جاء قرن كان أخبث مما قبله، قال: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا - إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 26 - 27]
فأمره الله أن يصنع الفلك برعاية منه وحسن نظر وتعليم من الله له هذه الصنعة وصار نوح له الفضل والابتداء في صناعة السفن التي حصل بها الانتفاع في الدين والدنيا فيما بعد وأخبره الله بعاقبة قومه وأن الجميع سيغرق،
=استهزاء قوم نوح منه لصناعته الفلك
كلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه، فقال لهم: إن تسخروا منا اليوم فإنا نسخر منكم إذا وقع الهلاك بكم، وهذا حين يأتي أمر الله فتتفجر الأرض عيونا من كل جانب.
=من ركب في السفينة
ركب فيها جميع من آمن من رجال ونساء، والحال أنه ما آمن معه إلا قليل، وأمره أن يحمل أهله إلا من سبق عليه القول بالهلاك،
ومن البهائم من كل زوجين اثنين ذكر وأنثى ليبقى نسلها؛ لأنه يتعذر حملها كلها، والحكمة تقتضي إبقاء هذه الحيوانات التي خلقها الله مسخرة لمصالح البشر.
=مجيء الوقت الذي قدره الله لأجله
لما ركب جميع من أمر الله بهم قال لهم سموا كلما جرت وكلما رست ليعلم الجميع أن الأسباب هي من لطف الله ولا يتم الامر المراد من فعلها إلا بإتمام الله له، وعند ذلك فجر الله الأرض عيونا وأمر السماء أن تصب الماء الكثير وارتفع الماء شيئا فشيئا على كل المرتفعات حتى اختفيت قمم الجبال، فجرت السفينة في موج كالجبال.
=ابن نوح عليه السلام
بينما الماء يزداد ارتفاعا إذ رأى نوح عليه السلام ابنه الكافر الذي كان على دين قومه وقد اعتزل أباه حتى في هذه الحال، فرآه مثل سائر قومه قد فر هاربا من المياه الجارفة، فناداه نوح مترققا فقال: {يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} [هود: 42]
فتمادى به الغرور في تلك الحال العظيمة الشأن فقال: {سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ} [هود: 43]
فقال له نوح: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} [هود: 43]
فلا يعصم جبل ولا حصن ولا غير ذلك إلا من رحم الله، ورحمته في تلك الحال متعينة في ركوب السفينة مع نوح.
{وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ} [هود: 43] فكان ذلك الابن من المغرقين، ولما وقع ما قدره الله أمر الله السماء أن تقلع والأرض أن تبلغ
ونقص الماء شيئا فشيئا واستوت السفينة على جبل الجودي وهو جبل شامخ معروف في نواحي الموصل.
وهنا أشفق نوح على ابنه فنادى ربه: {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} [هود: 45]
فقال له ربه: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: 46]، الذين كتبت لهم النجاة،
{إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46]، لأنه اختار الكفر على الإيمان،
ثم عاتب الله نوح ووعظه وعلمه فقال : {فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46]
فإن الواجب أن يكون الحامل على الدعاء هو العلم والإخلاص في طلب رضى الله وليس أي أمر آخر كالنسب والقرابة وغيرهما
وهنا يظهر الاستسلام لأمر الله من رسوله عليه السلام فقال "{رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ - قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [هود: 47 - 48]
=ما حصل بعد أن رست السفينة وذكر انتشار ذريته
جعل الله ذريته هم الباقين وبارك فيهم فكان لأولاده
يافث ملأ المشرق من الذرية،
وحام ملأ المغرب من النسل،
وسام ملأ ما بين ذلك.
ومكث نوح عليه السلام فيهم ما شاء الله له أن يمكث.

 ومن الفوائد المستفادة منها:
=أن جميع الرسل من نوح إلى محمد عليهما السلام دعوتهم واحدة وهي التوحيد الخالص والنهي عن الشرك.
=معرفة بعض آداب الدعوة إلى الله وطرقها كما وقع من نوح عليه السلام فقد دعاهم ليلا ونهارا سرا وعلانية وبالترغيب والترهيب بذكر الثواب والعقاب والصبر على الدعوة وغير ذلك.
=معرفة أن أقوى الردود للشبه هي من نفس الشبهة الملقاة فمثلا قوم نوح من شبههم قولهم له " {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} [هود: 27]
فقولهم: {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا} [هود: 27] فهل في كون الحق جاء على يد بشر شيء من الشبهة تدل على أنه ليس بحق؟ ومضمون هذا الكلام أن كل قول قاله البشر من أي مصدر يكون باطلا،
وكذلك قولهم: {وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ} [هود: 27] أي: نحن وأنتم بشر، وقد أجابت الرسل كلهم عن هذه المقالة فقالوا:
{إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: 11]
وكذلك قولهم: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا} [هود: 27] من المعلوم لكل أحد عاقل أن الحق يعرف أنه حق بنفسه لا بمن تبعه
وأيضا قولهم: {أَرَاذِلُنَا} [هود: 27] إن أرادوا الفقر فالفقر ليس من العيوب، وإن أرادوا أراذلنا في الأخلاق فهذا كذب معلوم بالبديهة.
وهكذا في كل كلمة قالوها في الآية هي دليل على كذبهم وافترائهم وفيها رد عليهم.
=ومنها معرفة فضل الأنبياء وإخلاصهم في عبادة الله سواء القاصرة أو المتعدية كالتعليم والدعوة وتوابعهما وكذلك فإن جوابهم كان "{وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} [هود: 29]
= ومنها: أن القدح في نيات المؤمنين وفيما منَّ الله عليهم به من الفضائل والتألي على الله أنه لا يؤتيهم من فضله من مواريث أعداء الرسل،
= ومنها: أنه ينبغي الاستعانة بالله، وأن يذكر اسمه عند الركوب والنزول، وفي جميع التقلبات والحركات كما قال تعالى:
{وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: 41]
=ومنها أنه ينبغي حمد الله على نعمه قال تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون: 28]
=ومنها أن النجاة من العقوبات في الدنيا تكون للمؤمنين وهم الرسل وأتباعهم، ويقع العقاب على المجرمين ويلحقهم توابعهم من ذرية وحيوان وإن لم يكن لهم ذنب،.


3. قصة صالح عليه السلام
 مسائل قصة صالح عليه السلام:
=من هم قوم صالح عليه السلام الذين أرسل إليهم
أرسل صالح عليه السلام إلى ثمود هم عاد الثانية كانوا يسكنون في الحجر وما حولها
=ذكر بعض النعم التي من الله بها عليهم
كانت عندهم نعم كثيرة من الأنعام والزروع وكان يتخذون من السهول القصور المزخرفة ، وينحتون من الجبال الصلبة بيوتا.
=كفرهم بنعم الله
مع كل تلك النعم التي تطيب لهم بها حياتهم الدنيا إلا أنهم بطروا النعم وكفروها وعبدوا غير الله
=بعثة صالح عليه السلام إلى قومه
فأرسل الله إليهم أخاهم صالحا من قبيلتهم، يعرفون نسبه وحسبه، وفضله وكماله، وصدقه وأمانته، فدعاهم إلى الله والى إخلاص الدين له، وترك ما كانوا يعبدون من دونه، وذكرهم بنعم الله وبأيامه بالأمم المجاورة لهم،
=كيف قابل ثمود دعوة صالح عليه السلام لهم
لم يتبعه إلا القليل. وحين ذكرهم وأقام الأدلة والبراهين على وجوب توحيد الله نفروا واستكبروا وقالوا:
{يا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا} [هود: 62]
أي: كنا نرجو فيك أن تفضلنا جميعا لكمالك وكمال أخلاقك، وآدابك الطيبة، وهذا اعتراف منهم بفضله ومكانته فيهم،
ولكن لما دعاهم إلى التوحيد وترك الشرك نزل من هذه المكانة
=الدابة التي جعلها الله آية على صدق رسالة صالح عليه السلام وما حصل لها
أقام لهم بينة عظيمة وبرهانا ونعمة على جميع القبيلة بأسرها،
وقال: هذه ناقة الله - التي لا يشبهها شيء من النوق في ذاتها وشرفها ومنافعها لكم - آية على صدقي وعلى سعة رحمة ربكم،
فذروها تأكل في أرض الله، على الله رزقها، و
لكم نفعها ترد الماء يوما فترد القبيلة بأسرها على ضرعها، كل يصدر عن ضرعها قد ملأ آنيته، ثم تردون أنتم في اليوم الثاني، فمكثت على هذا ما شاء الله.
=قصة الرهط المعاندين واتفاقهم على قتل الناقة
وكانوا يفسدون ولا يصلحون ويقاومون دعوة صالح عليه السلام أشد المقاومة، واجتمعوا في مجلس عام ليتفقوا على عقر الناقة مع تحذير صالح لهم من ذلك وأنه مؤذن بعذاب الله، فانتدب لذلك أشقى القبيلة، ولهذا قال الله تعالى:
{إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} [الشمس: 12]
فإنهم بعد اتفاقهم وندبهم إياه بعثوه لذلك، فوافق وتكفل لهم بعقرها، وهم جميعهم راضون بل آمرون، فعقرها فكان هذا العقر مؤذنا بهلاك القبيلة بأسرها.
=تبليغ صالح لقومه بالعذاب بعد قتل الناقة
لما وقع قتلها علم صالح أن العذاب واقع بهم لا محالة ، فقال لهم فقال لهم صالح: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام، ذلك وعد غير مكذوب.
=الاتفاق على قتل صالح عليه السلام
ففي أثناء هذه المدة اتفق هؤلاء الرهط التسعة على أمر أغلظ من عقر الناقة، على قتل نبيهم صالح، وتعاهدوا وحلفوا الأيمان المغلظة،
وكتموا أمرهم خشية من منع أهل بيته، لأنه في بيت عز وشرف،
وقالوا: لنبيتنه وأهله، ثم إذا ظن بنا أننا قتلناه حلفنا لأوليائه أننا ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون، فكان منهم هذا المكر العظيم، ولكنهم يمكرون ويمكر الله لنبيه صالح، فعاجلهم العقاب بصخرة من أعلى الجبل قتلتهم أشنع قتلة
= وقوع العذاب على قوم صالح بعد انقضاء الأيام الثلاثة
لما تمت ثلاثة هذه الأيام جاءتهم صيحة من فوقهم، ورجفة من أسفل منهم، فأصبحوا خامدين، ونجى الله صالحا ومن معه من المؤمنين، وتولى عنهم وقال: {يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: 79]

 ومن الفوائد المستفادة منها:
=أن دعوة الرسل جميعا واحدة وهي الدعوة للتوحيد وترك الشرك بالله ولهذا قال تعالى " كذبت قوم نوح المرسلين، كذبت عاد المرسلين، كذبت هود المرسلين.
=أن الله سبحانه وتعالى قد أقام المعجزات الدالة على صدق رسله.
=أن المعاندين لا يكفيهم ألف دليل ليؤمنوا فهم يعرفون أنه الحق لكن لا يريدونه.
=وجوب الأخذ على أيدي المفسدين وعدم تركهم يفسدون في الأرض لأن العقاب سيعم الجميع.
=أن العقاب يقع بعد مهلة يمهلها الله للناس ليتبعوا الحق الذي جاءهم فإن لم يتبعوه وتمادوا في الطغيان نزل العقاب.
=معرفة بعض الموانع التي تحول بين الناس وبين قبول الحق كاتباع من يحسن بهم الظن كالآباء والأكابر وغيرهم والرد عليها.

4. قصة داوود وسليمان عليهما السلام
 مسائل قصة داوود وسليمان عليهما السلام:
=مكانة داود وسليمان عليهما السلام
وانا من أعظم أنبياء بني إسرائيل، وجمع الله لهما بين النبوة والحكمة والملك العظيم القوي،
أما داود صلى الله عليه وسلم فكان من جملة العسكر الذين مع طالوت الذي اختاره أحد أنبياء بني إسرائيل ملكا على بني إسرائيل لشجاعته وقوته وعلمه في السياسة ونظام الجيوش، كما قال تعالى:{وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة: 247]
ولما برزوا لجالوت وجنوده، وصبروا، واستعانوا بالله تفوق داود صلى الله عليه وسلم على الجميع بالشجاعة العظيمة، فباشر بنفسه قتل ملكهم جالوت، فهزموهم
= نبوة داود عليه السلام وما خصه الله به من النعم واجتهاده في العبادة
نبَّأ الله داود وأعطاه الحكمة والملك القوي، كما قال تعالى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20]
وكان قد أعطاه الله قوة وأعطاه إقبال على الطاعة، فقال: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 17].
وكان الله تعالى قد سخَّر له الطير والجبال تسبِّح الله معه،
وكان قد أُعطي من حسن الصوت ما لم يؤت أحد من العالمين،
وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه،
ويصوم يوما ويفطر يوما،
= قوة داود عليه السلام البدنية وشجاعته
وان إذا لاقى العدو رأى الخلق من شجاعته ما يعجب الناظرين،
وقد ألان الله له الحديد، وعلَّمه صنعة الدروع الواقية في الحروب، وهو أول من صنع الدروع السردية ذوات الحلق التي يحصل فيها الوقاية مع خفة وزنها
=قصة معاتبة الله لداود عليه السلام
أرسل الله إليه ملكين بصورة خصمين، فدخلا عليه وهو في محرابه ففزع منهما؛ لأنهما دخلا عليه في وقت لا يدخل عليه فيه أحد، وتسورا المحراب وقالا: {لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} [ص: 22]
ثم قص عليه أحدهما القصة فقال: إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة - والمراد بها المرأة - ولي نعجة واحدة، فقال: أَكفلنيها، وعزني في الخطاب، أي: صار خطابه أقوى مني فغلبني،
فقال داود عليه السلام:
{لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه، وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم}،
وعلم داود أنه هو المراد بهذه القضية فانتبه لذلك:
{وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ - فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 24 - 25]
فغفر الله له الذنب، وعاد به بعد التوبة أحسن مما كان قبل ذلك، وقال الله له:
{يا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26]
=نبوة سليمان عليه السلام وما حباه الله من النعم العظيمة والملك الذي لم يكن لأحد من قبله ولا يكون لأحد من بعد
فإن الله أعطاه النبوة وورث أباه: علمَه ونبوته وملكَه، وزاده الله ملكا عظيما لم يحصل لأحد قبله ولا بعده:
-سخَّر الله له الريح تجري بأمره وتدبيره بسهولة حيث أراد، غدوها شهر ورواحها شهر،
-وسخر الله له الجن والشياطين والعفاريت يعملون له الأعمال الفخمة بحسب إرادته، يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب، وقدور راسيات.
-وسخر له من الجنود من الإنس والجن والطير، فهم يوزعون بتدبير عجيب ونظام غريب، كما قال تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}.
-وعلَّمه منطق الطير وسائر الحيوانات، فكانت تخاطبه ويفهم ما تكلم به، ولهذا خاطب الهدهد وراجعه تلك المراجعة، وسمع النملة إذ نادت في قومها:
{يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل: 18]
وابتسم سليمان ضاحكا من قولها وقال: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19]
=قصة الهدهد مع سليمان عليه السلام
من حسن نظام سليمان عليه السلام وحزمه أنه يتفقد الجنود بنفسه، مع أنه قد جعل لهم مدبرين، فإن قوله: {فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل: 83] دليل على ذلك،
حتى قال مرة: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} [النمل: 20]
وهنا ينبه على غلط قول كثير من المفسرين أنه طلبه لينظر له الأرض وبعد مائها، فإن هذا خلاف اللفظ القرآني، فإن الله لم يقل وطلب الهدهد، بل وقال: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ} [النمل: 20]
ثم توعده بالعقاب، ولكمال العدل استثنى فقال: {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ - فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ - إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ - وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ - أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ - اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: 21 - 26]
فعلم الهدهد ورأى في الديار اليمانية أنهم تملكهم امرأة وأنها لها عرش عظيم وأن عندها أساب الملك، ومع ذلك فهي وقومها يعبدون الشمس، وأنكر الهدهد ذلك منهم
وهذا من الأدلة على أن الحيوانات تعرف ربها وتسبِّحه وتوحِّده، وتحب المؤمنين وتدين لربها بذلك، وتبغض الكفار المكذبين، وتدين بذلك،
فقال له سليمان:
{سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ - اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} [النمل: 27 - 28]
=قصة ملكة سبأ مع سليمان عليه السلام
ذهب الهدهد بكتاب سليمان عليه السلام فألقاه في حجر ملكة سبأ، فلما قرأته عظمته جدا، وأُرعبت منه فزعا،
وجمعت رؤساء قومها فقالت:
{يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ - إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 29 - 31]
كتاب مختصر جامع من سليمان عليه السلام، ومن حسن تدبيرها استعملت المشورة مع رؤساء قومها فقالت:
{مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ - قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} [النمل: 32 - 33]
وبعد نظرها عدلت عن الحرب، واختارت السلم لكن بصورة حازمة، فقالت: سأهدي له هدية حاضرة:
{فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35]
إن كان سليمان من الملوك الذين يريدون الدنيا سترده الهدية عن حربنا، وإن كان غير ذلك بان لنا الأمر.
فأرسلت أناسا ذوي عقل وحزم وخبرة ومعرفة، فلما جاءوا لسليمان بالهدية قال:
{أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} [النمل: 36]
فبين لهم أن غرضه إقامة الدين، ولا حاجة له في الدنيا، وقال للرسول:
{ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل: 37]
=الإتيان بعرش ملكة سبأ
علم سليمان أنهم سينقادون ويسلمون، فقال لأهل مجلسه:
{أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ - قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل: 38 - 39]
وسليمان بالديار الشامية، وبينه وبينها مسافة شهرين ذهابا وشهرين إيابا،
ثم قال الذي عنده علم من الكتاب:
{أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل: 40]
وقيل في الذي أتى به أقوال أشهرها احتمالين
أحدهما: ما قاله أكثر المفسرين: إنه رجل صالح قد أُعطي الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب، وأنه دعا الله فأتي به قبل أن يرتد إليه طرفه،
والأخر: أنه يحتمل أن الذي عنده علم من الكتاب عنده من الأسباب التي يسخرها الله لسليمان أسباب تمكنه من تحقيق هذا الطلب.
وعلى كُلٍّ فهذا ملك عظيم بلحظة يحضر له هذا العرش العظيم؛
ولهذا لما رآه مستقرا عنده حمد الله على ذلك، فقال:
{هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40]
ثم خاطب من حوله: {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} [النمل: 41] أي: غيروا فيه وزيدوا وأنقصوا، {نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ} [النمل: 41]
أحبَّ أن يقف على الحقيقة مما جاءه عن عقلها وتدبيرها، فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ: {أَهَكَذَا عَرْشُكِ} [النمل: 42]
وعرض عليها، فلما رأته عرفته، ورأت ما فيه من التنكير، فأنكرته فقالت: {كَأَنَّهُ هُوَ} [النمل: 42]
فأتت بلفظ صالح للأمرين، فعرف سليمان رجاحة عقلها.
وكان له صرح من قوارير أجرى تحته الأنهار، فكان من ينظر إليه يظنه ماء يجري؛ لأن الزجاج شفاف، فلما قيل لها: ادخلي الصرح، فرأته لجة وكشفت عن ساقيها، قال: إنه صرح ممرد من قوارير، قالت: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 44]
فأسلمت لله، واتبعها قومها، فيقال: إن سليمان تزوجها، فالله أعلم.
=كيف وقع من ملكة سبأ عبادة غير الله مع عقلها ورأيها السديد
إذ كيف اجتمع العقل وعبادة من لا ينفع ولا يضر، وإنما يضر من عبده؟
وحاصل الجواب قوله: {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ} [النمل: 43]
أي: العقائد التي نشأت عليها، فإنها تذهب لب اللبيب حتى يقيض له من الأسباب المباركة ما يبين له الحق، ويمن عليه باتباعه.
=اتهام سليمان بأنه ساحر وأن ملكه قام على السحر وتبرأة الله له من ذلك
كانت الشياطين زمن سليمان قد سخرهم الله له، وبلَّغه أنهم باجتماعهم بالإنس يعلمونهم السحر، فجمعهم وتوعدهم وأخذ كتبهم ودفنها،
فلما توفي سليمان جاءت الشياطين للناس وقالوا: إن ملك سليمان مشيد على السحر، واستخرجوا الكتب التي دفنها، وأشاعوا أنها مأخوذة من سليمان، وأنه ساحر، وروج ذلك طائفة من اليهود،
فبرأ الله سليمان من هذا الأمر، وبين أن السحر من العلوم الضارة وأن تعلمه وتعليمه من الكفر فقال تعالى:
{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: 102]
=ابتلاء الله لسليمان عليه السلام وتوبته عليه
وكان الله قد ابتلى سليمان، وألقى على كرسيِّه جسدا، أي: شيطانا عتابا له على بعض الهفوات، وإرجاعا له إلى كمال الخضوع لربه، ولهذا قال تعالى: {ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34] إلى الله بقلبه ولسانه وبدنه فقال:
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: 35] فاستجاب الله له
فاستجاب الله له دعاءه وأعطاه ما طلبه من مغفرة الذنب، وأعطاه جميع ما طلب كما تقدم.
=تخصيص سليمان بزيادة الفهم، وذكر قصتين دالتين على ذلك
وقد أثنى الله على داود وسليمان بالعلم والحكم،
{ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ }
وخص سليمان بزيادة الفهم فقال:
{وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}، وقال تعالى:{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: 78-79]
أي: دخلت الغنم بستانهم ليلا فرعت زرعه وأشجاره، فحكم داود بحسب اجتهاده وتقديره أن الغنم تكون لصاحب الحرث؛ لظنه أن الذي تلف من الحرث يقابل قيمتها،
ثم رفعت القضية إلى سليمان،
فحكم على صاحب الغنم أن يقوم على البستان بالسقي والتعمير حتى يعود كما كان قبل رعي الغنم فيه،
ويدفع لصاحب البستان الغنم ينتفع بدرها ولبنها ودهنها وصوفها مقابل انتفاعه الذي ضاع عليه من الحرث في هذه المدة،
فكان هذا الحكم من سليمان أقرب إلى الصواب، وأنفع لصاحب الغنم والحرث

ونظير هذه القضية حكم داود وسليمان بين المرأتين اللتين خرجتا ومع كل واحدة ابنها، فأكل الذئب ابن الكبرى، فادعت الكبرى على الصغرى أن الذئب أكل ابن الصغرى، وقالت الصغرى: بل الذئب أكل ابن الكبرى فتحاكما إلى داود،
فلم ير لكل منهما بيِّنة إلا قولها، رأى أن يحكم به للكبرى اجتهادا ورحمة بها لكبرها، وأن الصغرى في مستقبل عمرها سيرزقها الله ولدا بدله،
ثم رفعت القضية إلى سليمان فقال لهما:
ائتوني بالسكين أشقه بينكما، فرضيت الكبرى، وقالت الصغرى: لما دار الأمر بين تلفه أو بقائه بيد غيرها وهو أهون الأمرين عليها: هو ابنها يا نبي الله، فعلم سليمان بهذا الأمر الطبيعي الذي هو من أقوى البينات أنه ليس ابنا للكبرى لكونها رضيت بشقه وإتلافه، فقضى به سليمان للصغرى.

 ومن الفوائد المستفادة منها:
=أن الله يقص على نبيه قصص الأنبياء قبله ليقتدي بهم وينافسهم، ويتسلى فيما يصيبه بما أصابهم كم قال تعالى: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 17]
= الوصفين العظيمين الذين مدح الله بهما نبيه داود عليه السلام وهما قوة القلب والبدن على طاعة الله والإنابة، باطنا وظاهرا، في قوله تعالى {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 17]
= ومنها: ما أكرم الله به نبيه داود صلى الله عليه وسلم من حسن الصوت ورخامته، وأن الجبال والطيور تسبح الله معه وتجاوبه، وذلك من زيادة درجاته ومقاماته العالية.
= ومنها: أن من أكبر نعم الله على عبده أن يرزقه العلم النافع، وأن يعرف الحكم بين الناس في المقالات والمذاهب والخصومات والمشاحنات كما قال تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20]
=ومنها وقوع الابتلاء من الله لعباده المؤمنين لحكم يعلمها الله ومنها رفعة الدرجات كما وقع مع داود وسليمان.
= ومنها: أن الأنبياء معصومون فيما يبلغون عن الله، فإن الله أمر بطاعتهم مطلقا، ومقصود الرسالة لا يحصل إلا بذلك، وقد يجري منهم أحيانا بعض مقتضيات الطبيعة من المخالفات، ولكن الله تعالى يبادرهم بلطفه، ويتداركهم بالتوبة والإنابة.
=ومنها أن القاضي ينغي أن لا يحيد عن العدل لسوء أدب من يقع من المحكوم عليه.
=ومنها كمال حلم داود فقد صبر على الخصمين مع أنهما تسورا عليه المحراب ولم يستأذنا.
=ومنها: جواز قول المظلوم للظلم أنت ظلمتني أو أنت ظالم. لقوله: {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [ص: 22]
= ومنها: إن داود لم يشمئز من قول الخصمين: {فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} [ص: 22] بل حكم بالحق الصرف، وهذا ما ينبغي للقاضي بين المتخاصمين.
ومنها: أن المخالطة بين الأقارب والأصحاب والمعاملين وكثرة التعلقات الدنيوية المالية موجبة للتعادي، وبغي بعضهم على بعض، ولا يرد هذا إلا تقوى الله عز وجل .
= ومنها: إكرام الله لداود وسليمان بالزلفى عنده وحسن المآب، فلا يتوهم أحد أن ما جرى منهما منقص لدرجتهما عند الله،
=ومنها أن الحكم بين الناس مرتبة دينية تولاها الرسل وخواص الخلق والحكم بالحق يقتضي معرفة الاحكام الشرعية وأيضا تصور القضية وكيفية إدخالهما على الاحكام الشرعية فمن جهل أحدهما لم يحل له الحكم بين الناس.
=ومنها: معرفة أن سليمان يعد من فضائل داود ومن منن الله عليه قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 30]
=ومنها: أن سليمان قدم محبة الله على محبة الخيل فأتلفها، وهكذا ينبغي للعبد أن يفارق كل ما يشغله عن طاعة الله.
=ومنها: أنه يؤخذ من أن سليمان لما أتلف الخيل الجياد - التي ألهته عن طاعة الله - سخَّر الله له الريح والشياطين: أن من ترك شيئا لله عوَّضه الله خيرا منه.
=ومنها: أن تسخير الشياطين، وتسخير الريح على الوجه الذي سخرت لسليمان لا تكون لأحد بعد سليمان، ولهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ الشيطان الذي تفلَّت عليه ليلة فيربطه في سارية المسجد قال: «ذكرت دعوة أخي سليمان فتركته» .
= ومنها: أن الله أعطى سليمان ملكا عظيما، فيه أمور لا يمكن أن تدرك بالأسباب، وإنما هي من تقدير الملك الوهاب


5. قصة ذي القرنين
 مسائل قصة ذي القرنين:
= من هو ذو القرنين

هو ملك صالح أعطاه من أسباب الملك والفتوح ما لم يكن لغيره فتوسع ملكه في المشارق والمغارب وكان له سيرة حسنة، كما قال تعالى "إنا مكنا له في الأرض وأتيناه من كل شيء سببا" فحباه الله من كل شيء سببا يحصل به قوة الملك وعلمه السياسة وحسن التدبير وغير ذلك من الأسباب النافعة
وقد أخذ بهذه الأسباب وعمل بمقتضاها كما قال تعالى "فاتبع سبباً"
= أفعال ذي القرنين عند وصوله لمغرب الشمس
غزا بجيوشه الجرارة أدنى أفريقية وأقصاها حتى بلغ البحر المحيط الغربي، فوصل إلى محل إذا غربت الشمس: {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 86]
أي: رآها في رؤية العين كأنها تغْرب في البحر، والبحر لونه أسود كالحمئة، ووجد في ذلك المحل وتلك الأقطار قوما، منهم المسلم والكافر، والبر والفاجر، بدليل قوله: {قُلْنَا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} [الكهف: 86]
والآية فيها تخيير ولهذا
فإما أن القائل له نبي من أنبياء الله أو أحد العلماء،
أو أن المعنى أنه بسبب قدرته كان مخيَّرا قدرا، وإلا فمن المعلوم أن الشرع لا يسوِّي بين الأمرين المتفاوتين في الإحسان والإساءة.
فقال: {أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا - وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا} [الكهف: 87 - 88]
وهذا يدل على عدله، وأنه ملك صالح، وعلى حسن تدبيره.
= أفعال ذي القرنين عند وصوله لمطلع الشمس
{ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف: 89]
أي: ثم عمل بالأسباب التي أوتيها بعدما أخضع أهل المغارب رجع يفتح الأرض قطرا قطرا حتى وصل إلى مطلع الشمس من بلاد الصين وشواطئ البحر المحيط الهادي، وهذا منتهى ما وصل إليه الفاتحون.
{وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا} [الكهف: 90]
أي: لا ستر لهم عن الشمس، لا ثياب ينسجونها ويلبسونها، ولا بيوت يبنونها ويأوون إليها، بمنزلة الوحوش منقطعين عن الناس، وكانوا في ذلك الوقت على هذه الحالة التي وصف الله، والمقصود من هذا أنه وصل إلى ما لم يصل إليه أحد.
= أفعال ذي القرنين عند وصوله لما بين السدين
فإنه كر راجعا وأتبع سببا؛ قاصدا نحو الشمال: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} [الكهف: 93]
أي: بلغ محلا متوسطا بين السَّدين الموجودين منذ خلق الله الأرض، وهما سلاسل جبال عظيمة شاهقة متواصلة من تلك الفجوة، وهي الريع إلى البحار الشرقية والغربية وهي في بلاد الترك، على هذا اتفق المفسرون والمؤرخون، وإنما اختلفوا: تحديد هذه السلاسل
وعلى الأقوال كلها فوجد عند تلك الفجوة التي بين سلاسل هذه الجبال قوما لا يكادون يفقهون قولا؛ من بُعد لغتهم، وثقل فهمهم للغات الأمم:
{قَالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [الكهف: 94]
وهم أمم عظيمة من نسل يافث بن نوح من العناصر التركية وغيرهم، فقالوا له : {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا - قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} [الكهف: 94 - 95]
من القوة والأسباب فساعدوني لأن هذا بناء عظيم يحتاج في الإعانة عليه إلى مساعدة قوية في الأبدان.
لكي {أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} [الكهف: 95] ولم يقل: سدًّا؛ لأن الذي بني فقط هو تلك الثنية والريع الواقع بين السدين الطبيعيين.

ثم بين كيفية بناءه فقال: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} [الكهف: 96]
أي: اجمعوا لي جميع قطع الحديد الموجودة من صغار وكبار، ففعلوا ذلك حتى كان الحديد تلولا عظيمة موازنة للجبال، ولهذا قال: {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} [الكهف: 96] أي: الجبلين قال: {انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96]
أي: أمر بالنحاس، فأذيب بالنيران، وصبه على الحديد فالتحم ببعضه، وصارت جبلا هائلا متصلا بالسدين؛ ومنع بذلك يأجوج ومأجوج، ولهذا قال:
{فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الكهف: 97] أي: [يصعدوا ذلك الردم] {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا - قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الكهف: 97 - 98]
أي: ربي الذي وفقني لهذا العمل الجليل، والأثر الجميل، فرحمكم إذ منعكم من ضرر يأجوج ومأجوج
ثم بين حال هذا السد فيما بعد فقال: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ} [الكهف: 98]
أي: هذا السد بينكم وبين يأجوج ومأجوج مؤقت إلى أجل، فإذا جاء ذلك الأجل قدر الله للخلق من أسباب القوة والقدرة والصناعات والاختراعات الهائلة ما يمكن يأجوج ومأجوج من وطء بلادكم أيها المجاورون، بل ومن وطء مشارق الأرض ومغاربها وأقطارها، كما قال تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96]
أي: من كل مكان مرتفع، سواء مثل هذه السدود والبحار وجو السماء {يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96] أي: يسرعون فيها غير مكترثين، ولا حاجز يحجزهم

 ومن الفوائد المستفادة منها:
=الله سبحانه وتعالى يمكن لعباده المؤمنين في الأرض.
=أهمية الأخذ بالأسباب والتوكل على الله واتباع أوامره ليتحقق المراد.
=أهمية العدل في الحكم بين الناس وعدم التسوية بين البر والفجر والمؤمن والكافر.
=أن العقاب ينال من حاد عن اتباع أوامر الله في الدنيا قبل الآخرة. كما في قوله تعالى "وأما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا"
=أهمية العلم فهو سبيل سعادة الناس في هذه الدنيا وفي الآخرة.
=أهمية إتقان العمل كما وقع من ذي القرنين في بناءه للسد.
=التعاون يثمر عن أعمال عظيمة لا يستطيع كل فرد بمفرده.
=الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى قد جعل لكل شيءٍ قدرا.
=معرفة ما يتعلق بفتنة يأجوج ومأجوج مما جاء في الايات والأحاديث الصحاح.

6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
 مسائل قصة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام:
=معرفة سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعظم عون على معرفة تفسير كتاب الله
فالقرآن إنما كان ينزل تبعا لمناسبات سيرته، وما يقوله للخلق، وجواب ما يقال له، وما يحصل به تحقيق الحق الذي جاء به، وإبطال الباطل التي جاء لإبطالها، كما ذكر الله هذا المعنى بقوله:
{كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا - وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 32 - 33]
=النبي صلى الله عليه وسلم كان على فطرة سليمة
فكان النبي صلى الله عليه وسلم على فطرة سليمة لا يحب عبادة الاوثان، ولا يحب القبيح من القول أو الفعل، والله تعالى هو الذي طهّر قلبه وزكاه وكمّله، فكان من رغبته العظيمة فيما يقرب إلى الله أنه كان يذهب إلى غار حراء الأيام ذوات العدد، ويأخذ معه طعاما يطعم منه المساكين ويتعبَّد ويتحنث فيه، وهذه العبادة هي بحسب ما وصل إليه علمه في هذا الزمان الجاهلي.
=بدأ الوحي إليه صلى الله عليه وسلم
لما تم عمره أربعين سنة، وَصَلُحَ لتلقي أعظم رسالة أرسل الله بها أحدا من خلقه، تبدَّى له جبريل صلى الله عليه وسلم فرأى منظرا هاله وأزعجه،
وكان قبلها لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
=أول ما أنزل عليه صلى الله عليه وسلم
قوله تعالى:
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]
فجاءه بها جبريل وقال له: اقرأ، فأخبره أنه ليس بقارئ - أي لا يعرف أن يقرأ - كما قال تعالى:
{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: 7]
وتفسيرها الآية الأخرى:
{مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 52]
فغطه جبريل مرتين أو ثلاثا ليهيئه لتلقي القرآن العظيم، وكانت هذه السورة التي فيها نبوته، وأمره بالقراءة باسم ربه، ورجع صلى الله عليه وسلم إلى زوجته خديجة ترعد فرائصه من الفرَق، وأخبرها بما رآه وما جرى عليه،
فقالت خديجة رضي الله عنها: أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق،
فكان كلامها جالبا للطمأنينة والصبر له لأن من هذه أوصافه فإن الله لا يضيعه.
=فترة الوحي
فتر عنه الوحي مدة ليشتاق إليه وليكون أعظم لموقعه عنده،
=نزول الوحي مرة أخرى، وثبوت الرسالة له صلى الله عليه وسلم
رأى الملك على صورته فانزعج، فجاء إلى خديجة أيضا ترعد فرائصه فقال: «دثروني دثروني» فأنزل الله عليه:
{يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1 - 5]
فكان في هذا: الأمر له بدعوة الخلق وإنذارهم، وهذا هو مقام الرسالة، واستعد صلى الله عليه وسلم، وصمم على الدعوة إلى ربه مع علمه أنه سيقاوم بهذا الأمر البعيد والقريب، ولكن الله أيَّده وقوَّى عزمه، وأيَّده بروح منه، وبالدين الذي جاء به،
=سبب نزول سورة الضحى عليه صلى الله عليه وسلم
في فترة الوحي لما قال المكذبون: إن رب محمد قلاه، أي أبغضه قال:
{وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى] إلى آخرها.
وهذا اعتناء عظيم من الله برسوله، ونفي لكل نقص،
وبشارة بأن كل حالة له أحسن مما قبلها وخير منها، وأن الله سيعطيه من النصر والْأَتباع والعز العظيم وانتشار الدين ما يرضيه، كما قال تعالى "ولسوف يعطيك ربك فترضى".
=أعظم ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وأعظم ما نهى عنه
أعظم ما دعى إليه هو التوحيد الخالص، وأعظم ما نهى عنه هو ما يضاده وهو الشرك، وقرره الله في كتابه بطرق كثيرة واضحة تبين وجوب التوحيد وحسنه، وإبطال الشرك والمذاهب الضارة بطرق كثيرة احتوى عليها القرآن، وهي أغلب السور المكية،
=موقف قومه من دعوته
وبدأ الناس يدخلون في هذا الدين واحد تلو الآخر، وكلما زاد العدد زاد العداء من قومهم الذين حرصوا كل الحرص على إخفاء الحق الذي لاح لهم جلياً كما قال تعالى:
{فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33]
ولهذا لما كان استماعهم للقرآن على وجه الكفر والجحد والتكذيب، أخبر الله تعالى أنه جعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوه، وفي آذانهم وقرا، وأنهم لا يهتدون بسبب ما
أسسوا من هذا الأصل الخبيث، المانع لصاحبه من كل خير وهدى، وهذا مما يعلم به حكمة الباري في إضلال الضالين،
وقال تعالى:
{فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأعراف: 30]
وبضده تعرف الحكمة في هدايته للمؤمنين، وأنهم لما كان غرضهم الحق، قال تعالى:
{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 16]
وهذا الوصف الجليل للمؤمنين هو الأساس لهدايتهم، وزيادة إيمانهم، وانقيادهم،
=مقامات النبي صلى الله عليه وسلم في دعوة المكذبين له
أنه يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادلهم بالتي هي أحسن،
ويدعوهم أفرادا ومتفرقين،
ويذكرهم بالقرآن، ويتلوه في الصلاة وخارجها، وكانوا إذا سمعوه صموا آذانهم، وقد يسبونه ويسبون من أنزله، فأنزل الله على رسوله آيات كثيرة في هذا المعنى
=بيان بعض الأوصاف التي نسبها الكفار للقرآن وللنبي صلى الله عليه وسلم ليصدوا الناس عن الإسلام
لما كانت قلوبهم مليئة بالحقد على الإسلام، حملهم هذا على أفعال وأقوال من تدبرها وجد كثير منها زور وباطل وافتراء وتناقض.
- يبين الله حالهم مع سماع القرآن وشدة نفورهم كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة،
-وأن شياطينهم ورؤساءهم في الشر فكروا وقدروا ونظروا فيما يقولون عن القرآن ويصفونه به؛ لينفروا عنه الناس، حتى قرار رئيسهم الوليد بن المغيرة الذي سماه الله وحيدا فقال: إن هذا إلا سحر يؤثر، إن هذا إلا قول البشر،
-وكانوا من إفكهم يقولون في القرآن الأقوال المتناقضة، يقولون: إنه سحر، إنه كهانة، إنه شعر، إنه كذب، إنه أساطير؛ فجعلوا القرآن عضين،
-وكانوا يقولون: لو أن محمدا صادق لأنزل الله ملائكة يشهدون له بذلك، ولأغناه الله عن المشي في الأسواق، وطلب الرزق كما يطلبه غيره، ولجعل له كذا وكذا مما توحي إليه عقولهم الفاسدة، ويذكرها الله في القرآن في مواضع متعددة، تارة يعرضها فقط، وتارة يعرضها ويرد عليها بما يبين عوارها.
-وكانوا يسعون أشد السعي أن يكف عن عيب آلهتهم، والطعن في دينهم، ويحبون أن يتاركهم ويتاركوه، لأنه يبين بطلان ما هم عليه بالحجج والبراهين الواضحة فإذا عرضت على الناس فإنهم يقبلونها ويتركون هذه الآلهة المزعومة ويتوجهون للإله الحق سبحانه وتعالى، وهذا المقام أيضا ذكره الله في آيات متعددة مثل قوله:
{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9] ونحوها من الآيات.
-أنهم كانوا يطلبون آيات على أهوائهم ليصدقوا بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فيقولون:
إن كنت صادقا فأتنا بعذاب الله، أو بما تعدنا،
أو أزل عنا جبال مكة، واجعل لنا فيها أنهارا وعيونا، وحتى يحصل لك كذا وكذا مما ذكره الله عنهم،
فيجيبهم الله عن هذه الأقوال بأن رسوله صلى الله عليه وسلم قد أيده الله بالآيات، والله أعلم بما ينزل من آياته، وأعلم بما هو أنفع لهم، فيعلم أن هذا مكابرة منهم لا أكثر.
وتارة يخبرهم أنه لا يمنعه من الإتيان بها إلا الإبقاء عليهم، وأنها لو جاءت لا يؤمنون، فعند ذلك يعاجلهم الله بالعقاب.
{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ۚ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ ۖ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}.
وتارة يبين لهم أن الرسول إنما هو نذير مبين، ليس له من الأمر شيء، ولا من الآيات شيء، وأن هذا من عند الله.
{أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا}
-وكانوا أحيانا يقدحون في الرسول قدحا يعترضون فيه على الله، وأنه لما ينزل عليه هو من بيننا ويرد عليهم الله بأنه أعلم حيث يجعل رسالته ويبن فضل النبي صلى الله عليه وسلم ومنا امتاز به على العالمين.
=مقامات النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته مع المؤمنين
-الرأفة العظيمة، والرحمة لهم، والمحبة التامة، والقيام معهم في كل أمورهم، وأنه لهم أرحم وأرأف من آبائهم وأمهاتهم، وأحنى عليهم من كل أحد، كما قال تعالى:
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]
=الإسراء والمعراج
ثم أُسْرِيَ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؛ ليريه من آياته،
ثم عرج به إلى فوق السماوات السبع، وفرض الله عليه الصلوات الخمس بأوقاتها وهيئاتها، وجاءه جبريل على أثرها فعلَّمه أوقاتها وكيفيَّاتها، وصلى به يومين، اليوم الأول صلَّى الصلوات الخمس في أول وقتها، واليوم الثاني في آخر الوقت، وقال: الصلاة ما بين هذين الوقتين،
ففرضت الصلوات الخمس قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين، ولم يفرض الأذان في ذلك الوقت، ولا بقية أركان الإسلام،
=انتشار الإسلام في المدينة قبل الهجرة
انتشر الإسلام فيها وكان من جملة الأسباب: أن الأوس والخزرج كان اليهود في المدينة جيرانا لهم، وقد أخبروهم أنهم ينتظرون نبيا قد أظل زمانه، وذكروا من أوصافه ما دلهم عليه؛ فبادر الأوس والخزرج واجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في مكة وتيقنوا أنه رسول الله، وأما اليهود فاستولى عليهم الشقاء والحسد، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به،
=الإذن للمسلمين بالهجرة إلى الحبشة ثم إلى المدينة
لما اشتد الأذى بالمسلمين في مكة، أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة أولا إلى الحبشة، ثم لما أسلم كثير من أهل المدينة صارت الهجرة إلى المدينة.
=التدبير للقضاء على الإسلام بقتل النبي صلى الله عليه وسلم
حيث اجتمع ورؤساؤهم في دار الندوة يريدون القضاء التام على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فاتفق رأيهم أن ينتخبوا من قبائل قريش من كل قبيلة رجلا شجاعا، فيجتمعون ويضربونه بسيوفهم ضربة واحدة. قالوا: لأجل أن يتفرق دمه في القبائل، فتعجز بنو هاشم عن مقاومة سائر قريش فيرضون بالدية، فهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين،
=الإذن للنبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة
جاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعزم على الهجرة، وأخبر أبا بكر بذلك وطلب منه الصحبة،
وخرج في تلك الليلة التي اجتمعوا على الإيقاع به، وأمر عليًّا أن ينام على فراشه،
وخرج هو وأبو بكر إلى الغار، وظل الكفار ينتظرونه حتى الفجر، فخرج إليهم عليّ فقالوا: أين صاحبك؟ قال: لا أدري.
ثم ذهبوا يطلبونه في كل وجهة، وجعلوا الأموال الكثيرة لمن يأتي به،
وبينما هم في الغار إذا جاء كثير من الناس يبحثون عنهم، فقال أبو بكر: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا. فقال: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ وأنزل الله تعالى:
{إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40]
فهاجر إلى المدينة واستقر بها،
=الاستقرار في المدينة والإذن بالقتال
أذن له في القتال بعدما كان قبل الهجرة ممنوعا لحكمة مشاهدة، فقال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]
وأرسل صلى الله عليه وسلم السرايا،
=أحداث وقعت في السنة الثانية من الهجرة
-في هذه السنة فرض الله على العباد الزكاة والصيام، فآيات الصيام والزكاة إنما نزلت في هذا العام وقت فرضها، وأما قوله تعالى:
{وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ - الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: 6 - 7]
فإن المراد زكاة القلب وطهارته بالتوحيد وترك الشرك.
-و كانت فيها وقعة بدر، وسببها أن عيرا لقريش تحمل تجارة عظيمة من الشام، خرج النبي صلى الله عليه وسلم بمن خف من أصحابه لطلبها، فخرجت قريش لحمايتها، وتوافوا في بدر على غير ميعاد، فالعير نجت والنفير التقوا مع الرسول وأصحابه،
وكان عدد المشركين ألفا وعدد المسلمين بضعة عشر على سبعين بعيرا يعتقبونها،
وهزم الله المشركين هزيمة عظيمة، وقتل صناديدهم، وأُسر من أُسر منهم، وأصاب المشركين مصيبة ما أُصيبوا بمثلها،
وهذه الغزوة أنزل الله فيها وفي تفاصيلها سورة الأنفال،
وبعدما رجع إلى المدينة منها مظفرا منصورا ذل من بقي ممن لم يُسلم من الأوس والخزرج، ودخل بعضهم في الإسلام نفاقا، ولذلك جميع الآيات نزلت في المنافقين إنما كانت بعد غزوة بدر.
=أحداث السنة الثالثة
- كانت فيها غزوة أحد،
حيث أن المشركون وجيشوا الجيوش على المسلمين حتى وصلوا إلى أطراف المدينة، وخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ورتبهم،
والتقوا في أُحد عند الجبل المعروف شمالي المدينة، وكانت الدائرة في أول الأمر على المشركين،
ثم خالف الرماة أمر النبي صلى الله عليه وسلم فتركوا أماكنهم التي رتبهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم: لا تبرحوا عنه، ظهَرنا أو غُلبنا،
وجاءت الخيل مع تلك الثغرة وكان ما كان، حصل على المسلمين في أُحد مقتلة أكرمهم الله بالشهادة في سبيله،
وذكر الله تفصيل هذه الغزوة في سورة آل عمران،
=أحداث السنة الرابعة
تواعد المسلمون والمشركون فيها - في بدر - فجاء المسلمون لذلك الموعد، وتخلف المشركون معتذرين أن السنة مجدبة، فكتبها الله غزوة للمسلمين:
{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 174]
=أحداث السنة الخامسة
في هذه السنة كانت غزوة الخندق، حيث اتفق أهل الحجاز وأهل نجد، وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على غزو النبي صلى الله عليه وسلم واجتمعوا نحو عشرة آلاف مقاتل وقصدوا المدينة،
ولما سمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم خندق على المدينة، وخرج المسلمون نحو الخندق، وجاء المشركون كما وصفهم الله بقوله:
{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: 10]
ومكثوا محاصرين المدينة عدة أيام، وحصل مناوشات يسيرة بين أفراد من الخيل،
وسبب الله عدة أسباب لانخذال المشركين،
كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا}
ورجعوا خائبين لم ينالوا ما كانوا جازمين على حصوله،
وبعدها تفرغ النبي صلى الله عليه وسلم لبني قريظة الذين نقضوا ما كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم من العهد وساعدوا المشركين بالقول والفعل، فحاصرهم، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وفي هذه الغزوة أنزل الله صدر سورة الأحزاب من قوله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب: 27]
=أحداث السنة السادسة
في هذه السنة خرج النبي صلى الله عليه وسلم للعمرة، فعزم المشركون على صد النبي صلى الله عليه وسلم عنه، مع أنه لم يكن يمنع منه أحد،
ولما بلغ الحديبية ورأى المشركين قد أخذتهم الحمية الجاهلية جازمين على القتال دخل معهم في صلح لحقن الدماء في بيت الله الحرام، ولما في ذلك من المصالح،
ووقع الصلح على رجوع النبي وأصحابه هذا العام بدون الاعتمار، ويكون القضاء من العام المقبل، وتضع الحرب أوزارها بينهم عشر سنين؛
وكره جمهور المسلمين هذا الصلح حين توهموا أن فيه غضاضة على المسلمين، ولم يطلعوا على ما فيه من المصالح الكثيرة،
فرجع صلى الله عليه وسلم عامه ذلك، وقضى هذه العمرة في عام سبع من الهجرة، فأنزل الله في هذه القضية سورة الفتح بأكملها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]
فكان هذا الفتح لما فيه من الصلح الذي تمكن فيه المسلمون من الدعوة إلى الإسلام، ودخول الناس في دين الله حين شاهدوا ما فيه من الخير والصلاح والنور،
-النبي صلى الله عليه وسلم كان قد تعامل مع بني قريظة كما تقدم، وأما قبيلة بني النضير من اليهود فإنها قبل ذلك حين هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا على جانب المدينة غزاهم صلى الله عليه وسلم واحتموا بحصونهم، ووعدهم المنافقون حلفاؤهم بنصرتهم، فألقى الله الرعب في قلوبهم،
وأنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجلوا عن ديارهم ولهم ما حملت إبلهم، ويدعوا الأرض والعقار وما لم تحمله الإبل للمسلمين؛
فأنزل الله في هذه القضية أول سورة الحشر: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2] إلى آخر القصة.
=أحداث سنة ثمان من الهجرة
نقضت قريش العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فغزا مكة في جند كثيف من المسلمين يقارب عشرة آلاف، فدخلها فاتحا لها،
ثم تمم هذا العام بغزوة حنين على هوازن وثقيف، فتم بذلك نصر الله لرسوله وللمسلمين، وأنزل الله في ذلك أول سورة التوبة.
=أحداث السنة التاسعة من الهجرة
غزا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا العام تبوك وأوعب المسلمون معه،
ولم يتخلف إلا ثلاثة أصناف أهل الأعذار وأناس من المنافقين، وثلاثة من صلحاء المؤمنين: كعب بن مالك وصاحباه، و
فوصل إلى تبوك ومكث عشرين يوما ولم يحصل قتال فرجع إلى المدينة؛ فأنزل الله في هذه الغزوة آيات كثيرة من سورة التوبة، يذكر تعالى تفاصيلها وشدتها، ويثني على المؤمنين، ويذم المنافقين وتخلفهم، ويذكر توبته على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة، ويدخل معهم الثلاثة الذين خلفوا بعد توبتهم وإنابتهم.
وفي هذه السنة أو التي تليها فرض الله الحج على المسلمين، وكان أبو بكر حج بالناس سنة تسع، ونبذ إلى المشركين عهودهم، وأتم عهود الذين لم ينقضوا،
ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سنة عشر، وأعلمهم بمناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه،
وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]

 ومن الفوائد المستفادة منها:
-معرفة قدر التوحيد وجلالة أمره فإنه أعظم ما دعى إليه النبي صلى الله عليه وسلم.
-معرفة خطر الشرك وعظيم ضرره وأنه أعظم ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
-الوقوف على شيء من سيرته صلى الله عليه وسلم في الدعوة للتوحيد والتحذير عن الشرك.
-أن هذا الأمر لابد فيه من المعادة من القريب والبعيد.
-أن اتباع الهوى يعمي عن الحق وإن كان واضحا كما هو حال من حارب النبي صلى الله عليه وسلم.
-صبر النبي صلى الله عليه وسلم على الأذى في سبيل الدعوة.
-معرفة شيء من طريقته صلى الله عليه وسلم من تنويع أساليب الدعوة إلى الله فتارة يقرأ عليهم الآيات وتارة يدعوهم، وتارة يجادلهم بالتي هي أحسن وغير ذلك.
-الله سبحانه وتعالى يؤيد عباده المؤمنين بجنود لا يعلمها إلا هو، كما وقع في الغزوات من النصر والتأييد.
-مدى رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين وعطفه عليهم ونصحه لهم.
-لابد من الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة منها تدابير هجرته للمدينة.
-أن القوة أساس لقيام الدولة وهذا يظهر جليا من فعله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة للمدينة.


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 ذو الحجة 1439هـ/19-08-2018م, 07:15 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

المجموعة الثانية:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. أحكام المواريث.

- كمال رحمة الله تعالى ، في توصيته الوالدين بأولادهم .
- غاية الحكمة في قسمة الله المواريث لعباده .
- المقصود عند إطلاق لفظ الأولاد في المواريث :
يقصد بذلك الذكر والأنثى من أولاد الصلب ، وأولاد الابن وإن نزل ، وأما أولاد البنات فلا يدخلون في إطلاق اسم الأولاد في المواريث.
- أحوال ميراث الأولاد :
الحالة الأولى : أن يجتمع الذكور والإناث : فحينئذ يتقاسمون المال، أو ما أبقت الفروض على عدد رؤوسهم: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} سواء كانوا أولاد صلب أو أولاد ابن .
الحالة الثانية : أن يكون الأولاد ذكوراً فقط : فيتقاسمونه بالتساوي ، ومن ارتفعت درجته حجب من دونه من الأولاد .
الحالة الثالثة : أن يكنّ إناثاً فقط : إن كانت واحدة فلها النصف، سواء كانت بنت صلب أو بنت ابن، وإن كانتا اثنتين فأكثر فالثلثان ، فإن كان البنتان بنات صلب لم يبق لبنات الابن شيء، وصار البقية بعد فرض البنات للعاصب، وإن كانت العالية واحدة أخذت النصف، وباقي الثلثين وهو السدس لبنت أو بنات الابن.
الدليل على ميراث البنتين :
نص الله تعالى في كتابه على أن الأختين فرضهما الثلثان، فالبنتان من باب أولى وأحرى .
- الحكمة في الإتيان بقوله: {فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} :
التنبيه على أنه لا يزيد الفرض وهو الثلثان بزيادتهن على الثنتين، كما زاد فرض النصف لما صرن أكثر من واحدة .

- أحوال ميراث الأبوين :
- ميراث الأم :
1- السدس : أ - مع وجود أحد من الأولاد مطلقاً ، منفردين أو متعددين، أولاد صلب أو أولاد ابن .
ب - وبوجود جمع من الإخوة والأخوات اثنين فأكثر .
2- الثلث : عند انعدام الشرطين السابقين .
3- ثلث الباقي : في زوج أو زوجة وأبوين فقيل إنه يؤخذ من قوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} ، أو يقال: إن الله أضاف الميراث للأبوين - وهو الأب والأم - فيكون لها ثلث ما ورثه الأبوان، ويكون ما يأخذه الزوج أو الزوجة بمنزلة ما يأخذه الغريم.
- ميراث الأب : قد يرث بالفرض ، وقد يرث بالتعصيب ، وقد يرث بالفرض والتعصيب .
السدس : مع وجود أحد من الأولاد الذكور .
الفرض مع التعصيب : مع وجود الإناث واحدة أو أكثر فلهن الفرض ، فإن بقي شيء فللأب ، أي ما لم تستغرق الفروض التركة فلا زيادة له عن السدس ،كما لو خلف أبوين وابنتين؛ فلكل واحد من الأبوين السدس، وللبنتين الثلثان.
التعصيب : إذا لم يكن أولاد ذكور ولا إناث فيأخذ المال كله إذا انفرد ، أو ما أبقت الفروض إن كان معه أصحاب فروض، وهو إجماع .
- حكم الجد :
حكم الجد حكم الأب في هذه الأحكام إلا في العمريتين؛ فإن الأم ترث ثلثا كاملا مع الجد؛ وأما ميراث الجدة السدس عند عدم الأم و هو في السنة.
- ميراث الزوجين :
ميراث الزوج : له نصف ما تركت زوجته إن لم يكن لها ولد، فإن كان لها ولد فله الربع .
ميراث الزوجة واحدة أو متعددات : أ - لها الربع مما ترك الزوج إن لم يكن له ولد .
ب _ فإن كان للزوج ولد مطلقا (منها أو من غيرها ذكر أو أنثى، ولد صلب أو ولد ابن ) فلها أو لهن الثمن.
- الكلالة :
إذا كانت الورثة كلالة ليس فيهم أحد من الفروع ولا الأب والجد، فللواحد من الإخوة من الأم أو الأخوات السدس، وللأنثيين فأكثر الثلث، يستوي فيه ذكرهم وأنثاهم ، مع العلم بأن الإخوة لأم لا يرثون إلا في الكلالة .
- ميراث الإخوة والأخوات لغير أم :
الأنثى الواحدة لها النصف، وللثنتين فأكثر الثلثان، وإن اجتمع رجال ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين، ويقال فيهم كما يقال في الأولاد إذا كانوا ذكورا تساووا إذا كانوا أشقاء أو لأب، فإن وجد هؤلاء وهؤلاء حجب الأشقاء الإخوة للأب، وإن كن نساء شقيقات وأخوات لأب، واستغرق الشقيقات الثلثين لم يبق للأخوات للأب شيء؛ فإن كانت الشقيقة واحدة أخذت نصفها، وأعطيت الأخت للأب أو الأخوات السدس تكملة الثلثين .
- ما سوى هذه الفروض :
الورثة من إخوة لغير أم وبنيهم ، وأعمام وبنيهم ، وولاء ، يدخلون في قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس الصحيح: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» . فيقدم الإخوة ثم بنوهم ثم الأعمام ثم بنوهم ثم الولاء؛ ويقدم منهم الأقرب منزلة، فإن استوت منزلتهم قدم الأقوى وهو الشقيق على الذي لأب.
- الدّين أولاً ، ثمّ الوصية ، ثم الميراث .
- شروط الوصية :
* أن لا تكون على وجه المضارة بالورثة، فإن كانت كذلك فإنها وصية إثم وجنف يجب تعديلها ورد الظلم الواقع فيها .
- تحريم التعدي فيما قدّره الله من المواريث :
فلا يحل مجاوزتها، ولا الزيادة فيها والنقصان، بأن يعطى وارث فوق حقه، أو يحرم وارث، أو ينقص عن حقه.

الفوائد من دراسة المواريث :
- العلم بسعة رحمة الله تعالى بعباده ، ولطفه بهم .
- شمول علم الله تعالى وإحاطته بكل شيء .
- بيان حكمة الله تعالى في وضعه الأمور مواضعها ، مما عجزت عنه القوانين الوضعية .
- الحرص على البتّ في الأمور التي يكثر فيها التنازع .
- حرص الشريعة على الائتلاف ، والجماعة وترك الفرقة .
- عناية الشريعة بالحقوق تفوق كل من زعم العناية بها فإنه لن يستطيع التوازن بينها إلاّ أن ينقاد لشرع الله .
- الاهتمام بالميت بعد فراقه الدنيا بالحث على إنفاذ وصيته ، و التحذير من تغييرها ، إلا إذا كانت جائرة .
- العلم بالمواريث يؤدي إلى حسن التقسيم وصحته ، ورضا الجميع .

2. أحكام الأطعمة والأشربة والصيد.
- الأصل في الأشياء الحلّ : من طعام و شراب وغير ذلك .
- الأصل بالانتفاعات الحلّ : من أكل وشرب واستعمال ، والدليل عليهما قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ} .
- فصّل الله لنا ما حرّم علينا ، فما لم يُذكر في الكتاب والسنة فهو حلال ، قال تعالى :{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} .
- أباح الله لنا كل طيب ، وحرّم علينا كلّ خبيث ، قال تعالى : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) .
- من الخبائث المحرمة :
1- الميتة - سوى ميتة الجراد والسمك - وهي ما مات حتف أنفه أو ذكي ذكاة غير شرعية ، ومن أنواع الميتة المحرمة :
* المنخنقة : وهي التي تُخنق فتموت .
* والموقوذة : وهي التي تضرب بالحصى أو بالعصا حتى تموت، و يدخل في هذا إن رمى صيدا فأصابه بعرضه فقتله .
* والنطيحة : وهي التي تنطحها غيرها فتموت بذلك .
* وما أكل السَبُع .
- حكم إدراك الموقوذة والمتردية والنطيحة قبل موتها :
إن أدركها حية فذكاها حلت؛ لقوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} ، سواء غلب على الظن بقاؤها أو تلفها إذا لم تُذَكّ أم لا.
2- والدم المسفوح ، لا الذي يبقى في اللحم والعروق بعد الذبح فإنه طيب حلال ، وذلك لتقييده بقوله تعالى : ( قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ) .
3- ولحم الخنزير .
4- وما ذبح لغير الله ، أيّاً كان من المخلوقات ولو كان الأنبياء أو الملائكة ، قال تعالى : {وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} .
5- وكلّ ذي ناب من السباع .
6- وكل ذي مخلب من الطير كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
7- و الحشرات وخشاش الأرض من فأرة وحية ووزغ، ونحوها من المستخبثة شرعا وطبا.
8- ومن المحرمات ما ذكي ذكاة غير شرعية :
* إما أن الذابح غير مسلم ولا كتابي .
* وإما أن يذبحها في غير محل الذبح وهي مقدور عليها .
* وإما أن لا يقطع حلقومها ومريها .
* وإما أن يذبحها بغير ما ينهر الدم أو بعظم أو ظفر .
9- وما أمر الشارع بقتله أو نهى عن قتله دل على تحريمه وخبثه.
- حكم الاضطرار إلى المحرمات :
أباح الله تعالى المحرمات حال الضرورة بشرطين : أن يكون غير باغٍ ولا عادٍ في ذلك ، فلا يأكلها قبل الاضطرار ، ولا يتعد إلى الحرام وهو قادر على الحلال .
- أحكام الصيد : يُباح الصيد :
* إذا جرح في أي موضع من بدنه .
* ويباح صيد السهام بشرط تسمية الرامي عند رميها .
* و يُباح صيد الكلاب المعلمة والطيور المعلمة ، بشرط ذكر اسم الله عليه .
- ما الذي يحصل به التعليم ؟
يختلف ذلك باختلاف الحيوانات : فتعليم الكلب :
1- أن يسترسل إذا أرسل وينزجر إذا زجر .
2- وإذا أمسك لم يأكل من صيده لقوله: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} .

فوائد دراستها :
- إدراك عظيم فضل الله على عباده ورحمته بهم ، بأن خلق لهم كل ما في الأرض ، و أحلّ لهم الطيبات من الرزق وحرم عليهم الخبائث .
- تيسير الله على عباده في أحكام الاضطرار ، واستثائه من التحريم .
- تيسير الله تعالى لعباده في أحكام الصيد .
- العلم بالحلال وعدم التحرج من مواقعته ، والعلم بالحرام واجتنابه .
- زيادة الإيمان والتصديق بالوحي ، و إدراك جمال الشريعة وما جاءت به من رحمة وحكمة .
- سعة علم الله وإحاطته بكل شيء ، وتعليمه لعباده ما يسألون عنه ، و ما لم يسألوا عنه ممّا ينفعهم .
- فضل المتعلم على الجاهل ، وتفريق الله تعالى بينهما في الكلب المعلّم وغير المعلّم ، فإذا كان هذا الفضل للحيوان فكيف بالإنسان .
- الحث على العلم الصحيح ، والازدياد منه .
- أهمية التسمية وفضلها ، وعدم جواز تركها سواء في الذكاة أو الصيد .
- خطورة ذكر غير اسم الله على الذبيحة ونحوها ، وأنه يوقع في الشرك ، ويحرّم الطيب ويجعله خبيثا .

3. فوائد دراسة قصص الأنبياء.
أنّ هذه القصص أحسن القصص وأصدقها وأنفعها للعباد ، ووجه ذلك من أمور .
1-أنّ هذه القصص تؤدي إلى الإيمان التفصيلي بالأنبياء ، والذي فيه زيادة الإيمان ووصول العبد إلى الإيمان الكامل .
2- أنّ في قصصهم تقرير الإيمان بالله، وتوحيده، وإخلاص العمل له، والإيمان باليوم الآخر، وبيان حسن التوحيد ووجوبه، وقبح الشرك، وأنه سبب الهلاك في الدنيا والآخرة.
3- الاقتداء بهم في كل مقامات الدين ، في القيام بتوحيد الله ، وفي مقامات الدعوة والصبر والثبات ، وفي مقام الصدق والإخلاص لله في جميع الحركات والسكنات واحتساب الأجر والثواب من الله تعالى، لا يطلبون من الخلق أجرا ولا جزاء ولا شكورا .
4 - الاعتبار باتفاقهم على دين واحد وأصول واحدة ، ودعوتهم جميعا إلى كل خلق جميل وعمل صالح ، وزجرهم عن كل أمر سيء .
5 - الاستفادة الفقهية في الأحكام الشرعية ، و الاستفادة الوعظية ، من الترغيب والترهيب والفرج بعد الشدة ، وحسن عاقبة المؤمنين ، وما لهم من ثناء و محبة في قلوب الخلق إلى غير ذلك ممّا يسلي المحزون ، ويسرّ العابد .

4. قصة لوط عليه السلام
- لوط عليه السلام تلميذ نبي الله إبراهيم عليه السلام ، ونُبّئ في حياته .
- أرسل الله لوطاً عليه السلام إلى قرى سدوم من غور فلسطين .
- سُبق قوم لوط إلى الشرك بالله تعالى ، ولم يُسبقوا إلى فاحشة اللواط ، فهم أول من فعلها من الأمم .
- دعوة لوط عليه السلام إلى عبادة الله ، وتحذير قومه من فعل الفاحشة ، لكن ذلك لم يزدهم إلا عتوا وعنادا .
- مجادلة إبراهيم عليه السلام الملائكة في إهلاك قوم لوط .
- اتصاف إبراهيم عليه السلام بالرحمة والحلم .
- ذهاب الملائكة إلى لوط بصورة أضياف آدميين ، واستياء لوط عليه السلام من ذلك ، لعلمه بحال قومه ، وخوفه على ضيوفه ( سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يومٌ عصيب ) .
- الأقوال في قوله تعالى : {يا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} ، و ترجيح الشيخ السعدي في ذلك .
القول الأول : قصد به بعض العذر من أضيافه ، مع علمه أنه لا حقّ لهم فيهنّ ، لذلك قال قومه ( لقد علمت مالنا في بناتك من حق ) ، وهو اختيار الشيخ السعدي رحمه الله .
القول الثاني : يعني زوجاتهم .
دليلهم : لأن النبي أبً لأمّته .
الجواب عنه :
1- يبعد هذا القول ، لأن فيه إشارة إلى الحاضر ( هؤلاء بناتي ) .
2- أنّ هذا الإطلاق لا نظير له في شرع الله أو في لغة العرب .
3- النبي إنما هو بمنزلة الأب للمؤمنين به، لا للكفار .
4- أنه يعلم أنه لا حق لهم فيهن، وإنما يريد مدافعتهم بكل طريق .
- في قوله تعالى ( لو أن لي بكم قوة ) تقدير محذوف ، لدافعتكم .
- أمر لوط قومه بتقوى لله تعالى ، ونهاهم أن يخزوه في ضيفه ، و استحثاثه لعقولهم ، قال تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) .
- إخبار الملائكة لوطاً بأمرهم ، وبأمر العذاب ، وأمرهم له بأن يسري في الليل بأهله لينجو من العذاب .
- عذاب قوم لوط :
قلب الله عليهم ديارهم، فجعل أعلاها أسفلها، وأمطر عليها حجارة مسومة من سجيل منضود .
- توعد الله تعالى لمن عمل مثل عمل قوم لوط :
بأن يصيبهم بعذاب مثل ما أصاب قوم لوط ، ( وما هي من الظالمين ببعيد ) ، والظالمون أولى الناس بالدخول في هذا المسمى الذين يعملون مثل عملهم .
- بيان شناعة اللواط وفحشه :
فهو انحراف خلقي ، وميل عن الفطرة .
ويستوجب العقاب الشديد .
وفيه ذهاب الدين وانقلاب الحسن قبيحا ، والقبيح حسنا .
- حكم التعريض :
جائز ، فقد استخدمه نبي الله إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى : {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ - فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} ، واستخدمه نبي الله لوط عليه السلام : في قوله: {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} .
أنواع التعريض :
1- يكون في الأقوال .
2- ويكون في الأفعال : وهو أن يقصد المتكلم أو العامل لعمل أمرا من الأمور التي لا بأس بها، ويوهم السامع والرائي أمرا آخر؛ ليستجلب منفعة، أو يدفع مضرة.
- علامة الرجل الرشيد :
* أنه مسدد في أقواله وفي أفعاله .
* أنه ينصر المظلومين، ويفرج الكرب عن المكروبين .
* أنه يأمر بالخير، وينه عن الشر .
- جواب الاستفهام في قوله تعالى : {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} ؟
أي: فيأمر بمعروف، وينهى عن منكر، ويدفع أهل الشر والبغي.
- الحث على أن يكون للمرء أعواناً على أمور الخير ودفع الشر، ولو كان المعاون على ذلك من أهل الشر :
فإن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لا خلاق لهم عند الله، ولهذا قال لوط: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80]، والأنبياء بُعثوا في منعة من أقوامهم ، ومن ذلك :
* شعيب عليه السلام وقول قومه له: {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} .
* وكذلك نبينا محمد بعث في أشرف بيت في قريش وأعزه، و رغم كل المكائد التي حاكها الكفار ضده عليه الصلاة والسلام إلاّ أنّ خوفهم من قبيلته وانحيازها له مؤمنهم وكافرهم كان من الأسباب القدرية في عجزهم عن قتله ، أو طمس دعوته .

فوائد دراسة القصة :
- من حقوق الولاء و الحبّ في الله ، الاهتمام بإخواننا من المسلمين والخوف عليهم ، والدفاع عنهم .
- إكرام الضيوف ، ودفع الضرر عنهم ، والتأذي ممّا يؤذيهم ، والنصيحة لهم من سمات المؤمنين .
- على المرء أن يأوي إلى ربه عند اشتداد الشدائد .
- أنّ من آوى إلى الله فقد آوى إلى ركن شديد ، .
- حسن خلق الأنبياء وأدبهم مع ربهم ، ومع بعضهم البعض ، ويحسن بكل مؤمن يقرأ قصصهم أن يتأدب بأدبهم .
- الحرص على شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتكرار ذلك و عدم الملل ولو مع أعتى الناس وأشدهم فحشاً وسوءاً .
- لا بأس من الاستياء والضيق عند احتداد المواقف التي يغلب على الظن غلبة الباطل فيها مع العجز عن دفعه .
- وصف اليوم بأنه عصيب ، وليس فيه سبٌّ للدهر ، وإنما هو خبر وصفي ، وهو جائز .
- بشاعة اللواط ، وأنّ فاعله منتكس الفطرة مُعرَّض لأشد العقوبات في الدنيا والآخرة .
- الأمر بالتقوى ، والنصيحة بما يستحث المروءة والأخلاق والعقل ، ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) .
- استخدام الأسلوب المناسب في الدعوة ، ومن أهمها أسلوب الاستفهام ، ففيه محاولة استحثاث العقل ، والمشاركة في اتخاذ القرار .
- استخدام أسلوب العتاب في النصح ، خاصة مع اشتداد قبح المعصية .
- حفظ الله تعالى لعباده المؤمنين ، ومعيته لهم ، ونصرهم ولو بعد حين .
- ارتباط الإيمان بالرشد ، والمعاصي بالسفه و خفة العقل ، وهذا الأمر يزيد وينقص بحسبه .

5. قصة عيسى وأمّه وزكريا ويحيى عليهم السلام
ولادة مريم ونشأتها وكفالتها :
- نذر أم مريم ما في بطنها لله محررا في خدمة بيت المقدس .
- وضع أم مريم لابنتها ، واعتذارها إلى الله وشكواها له بأن الذكر يختلف عن الأنثى في القوة والقدرة على ما يراد منه من القيام بخدمة بيت المقدس .
- إعاذة أم مريم لمريم وذريتها ( وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) ، فكان هذا أول حفظ وحماية من الله لها .
- استجابة الله تعالى دعاء أم مريم ( فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ) .
- التنازع في كفالة مريم ، واقتراعهم وإلقاء أقلامهم أيهم يكفلها .
- نشأة مريم نشأة صالحة ، و حسن عبادتها لربها .
- كفالة زكريا لمريم برحمة الله ومنّه ، إذ كانت هي ابنة رئيسهم ، وكان زكريا من أعظم أنبياء بني إسرائيل .
- جمع الله لمريم بين التربية الروحية والتربية الجسدية .
- كرم الله ولطفه بمريم ورزقه لها في محرابها .
- انتباذ مريم من أهلها مكانا شرقياً متجردة لعبادة ربها ، و لئلا يشغلها أحد {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا} .
- ثناء الله تعالى على مريم بالكمال بالصديقية، وأنها صدقت بكلمات ربها وكتبه، وكانت من القانتين، وهذا وصف لها بالعلم الراسخ، والعبادة الدائمة، والخشوع لله، وأنه اصطفاها وفضلها على نساء العالمين.

قصة عيسى عليه السلام :
- أرسل الله لمريم الروح الأمين جبريل في صورة بشر سوي من أكمل الرجال وأجملهم، وهي في عزلتها ، فظنت أنه يريدها بسوء ، واستعاذت بالله منه وذكرته بتقوى الله {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} .
- جواب جبريل عليه السلام لمريم وطمأنينته لها بأنه رسول من الله ليهب لها غلاما زكيا .
إنَّمَا {أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا - قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا - قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} [مريم: 19 - 21]
- تعجب مريم من حملها بلا زوج ، وإعلام جبريل لها بأن هذا قضاء الله وقدره ، فلا تعجب من ذلك ( قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا - قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ) .
- تمني مريم عليها السلام للموت عند مخاضها لما تعرفه مما هي متعرضة له من الناس، وأنهم لا يصدقونها، ولم تدر ما الله صانع لها ، ( فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ) .
- مناداة مريم بأن لا تحزن ولا تخاف ، وأن تقر عينا بقضاء الله وقدره ، فقال سبحانه : {أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا - وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا - فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا} ، فاطمأن قلبها، وزال عنها ما كانت تجد .
- دلالة قوله تعالى {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} على أنها كانت في مكان مرتفع ، كما قال تعالى : ( وأويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) .
- أمر الله تعالى لمريم بأن تصوم عن الكلام عند إتيانها لقومها ، {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26]
- {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} علنا غير هائبة ولا مبالية .
- اتهام قوم مريم لمريم بالفاحشة لما علموا أنه لا زوج لها، جزموا أنه من وجه آخر فقالوا:( يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا - يا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا )
- إشارة مريم لقومها إلى عيسى عليه السلام بأن يكلموه ( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ) كما أمرت بذلك، فقالوا منكرين عليها مقالتها لهم: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}
- كلام عيسى عليه السلام في المهد : فقال : {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا - وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا - وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا - وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} .
- نتائج كلام عيسى عليه السلام في المهد :
* إثبات أن هذا من آيات الله، وأدلة رسالته، وأنه عبد الله لا كما يزعمه النصارى .
* براءة أمه مما يظن بها من السوء، لأنها لو أتت بألف شاهد على البراءة وهي على هذه الحال ما صدقها الناس، ولكن هذا الكلام من عيسى وهو في المهد جلا كل ريب يقع في القلوب
* انقسام الناس فيه بعد هذا ثلاثة أقسام:
1- قسم آمنوا به وصدقوه في كلامه هذا، وفي الانقياد له بعد النبوة، وهم المؤمنون حقيقة.
2- وقسم غلوا فيه وهم النصارى، فقالوا فيه المقالات المعروفة، ونزلوه منزلة الرب، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
3- و قسم كفروا به وجفوه - وهم اليهود - ورموا أمه بما برأها الله منه، ولهذا قال تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} .
آيات عيسى عليه السلام ودلائل نبوته :
* أنه كان يصور الطين فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله .
* ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله .
* ويحيي الموتى بإذن الله .
* وينبئهم عن كثير مما يأكلون، ويدخرون في بيوتهم .
رفع عيسى عليه السلام :
تكالب على عيسى عليه السلام أعداؤه وأرادوا قتله، فألقى الله شبهه على واحد من الحواريين أصحابه أو من غيرهم، ورفعه الله إليه، وطهّره من قتلهم، فأخذوا شبيهه فقتلوه وصلبوه، وباءوا بالإثم العظيم والْجُرم الجسيم، وصدقهم النصارى أنهم قتلوه وصلبوه، ونزّهه الله من هذه الحالة فقال: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} .
- بشارة عيسى عليه السلام بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وتعامل قومه مع هذه البشارة :
قام عيسى في بني إسرائيل فبشَّر وأعلن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فلما جاءهم محمد الذي يعرفونه كما يعرفون أبناءهم قال بعضهم : {هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} ، كما قالوا في عيسى: {فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} .
- إكرام الله تعالى لعيسى عليه السلام ، بأن جعل له حواريين وأنصارا في حياته وبعد مماته في بث دعوته والنصر لدينه، ولذلك كثر تابعوه ، وهم مختلفون في الإيمان .

قصة زكريا عليه السلام :
- كفالة زكريا لمريم عليه السلام .
- استعجاب زكريا من الرزق الذي يجده عند مريم كلما دخل عليها المحراب ، ولا كافل لها غيره ، فأخبرته أنه من عند الله ، و نبهته بأن الله يرزق من يشاء بغير حساب .
- رزق الله يأتي بطرق معهودة وبطرق أخرى، والله على كل شيء قدير .
- طمع زكريا برحمة الله ، ودعائه أن يهب له ولدا يرثه علمه ونبوته، ويقوم بعده في بني إسرائيل في تعليمهم وهدايتهم .
- استجابة الله لدعاء زكريا ، وتبشيره بيحيى .
- معنى ( سيّدا ) : عظيما عند الله، وعند الخلق لما جبله الله عليه من الأخلاق الحميدة، والعلوم العظيمة، والأعمال الصالحة .
- معنى ( حصورا ) : أي: ممنوعا بعصمة الله وحفظه، ووقايته من مواقعة المعاصي؛ فوصفه الله بالتوفيق لجميع الخيرات، والحماية من السيئات والزلات، وهذا غاية كمال العبد .
- تعجّب زكريا من البشارة لأنه كبير في السن ، وامرأته عاقر .
- طلب زكريا للعلامة الدالة على حمل زوجته ، فرحا بذلك وطلباً لطمأنينة قلبه .
آية تمام البشارة لزكريا :
- أن يمنع من الكلام الذي هو أسهل ما يقدر عليه الإنسان، وهو سويّ، فلا يقدر أن يكلم أحدا إلا بالإشارة، ومع ذلك لسانه منطلق بذكر الله وتسبيحه وتحميده .
- ولادة زكريا ، وحسن نشأته ، و مهارته في العلم وهو صغير .
- ما تضمنه قوله تعالى : ( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا - وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا - وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا - وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ) :
وصف يحيى بالقيام بحقوق الله، وحقوق والديه، وحقوق الخلق، وأن الله سيحسن له العواقب في أحواله كلها.

الفوائد المستفادة :
1- أن النذر ما زال مشروعا في الأمم السابقة ، و هو كذلك في شريعتنا ، وأرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم للتعامل معه فقال : «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» .
2- أن من نعمة الله على العبد أن يكون في كفالة الصالحين الأخيار؛ لما للمربي من أثر عظيم في حياة المكفول وأخلاقه وآدابه ، ولهذا أَمَرَ الله المربين بالتربية الطيبة المشتملة على الحث على الأخلاق الجميلة، والترهيب من مساوئ الأخلاق.
3- إثبات كرامات الأولياء؛ فإن الله كرَّم مريم بأمور: يسَّر لها أن تكون في كفالة زكريا ، وأكرمها بأن كان رزقُها يأتيها من الله بلا سبب، وأكرمها بوجود عيسى، وولادتها إياه، وبخطاب الملك لها بما يطمِّن قلبها، ثم بكلامه في المهد .
4- الاقتداء بمريم في عبادتها و تصديقها و إيمانها بالله تعالى وصبرها ، وبأمها في حرصها على صلاح ذريتها و إقامتهم لحق الله ، وإعاذتهم من الشيطان .
5- عدم اليأس من روح الله ، وسؤاله مع حسن الظن بالإجابة ، والإقامة على الطاعات والعبادة .
6- سؤال الله صلاح الذرية ، والتبرؤ من الحول والقوة ، مع بذل الأسباب قدر الإمكان .
7- أن الله تعالى يقيم الحجة على عباده بآيات معجزة تدل على صدق الأنبياء .
8- تبرئة الله تعالى لأوليائه ودفاعه عنهم .
9- الامتناع عن المعاصي مما يُحمد في العبد فكيف إن كان شابا ، ويدخل في ذلك كثير من الأصناف الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله منهم : ( شاب نشأ في طاعة الله ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله )
10 -أن إخبار الله للنبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة وغيرها مفصلة مطابقة للحقيقة من أدلة رسالته وآيات نبوته لقوله:{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ} .

6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
- أهمية معرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم :
فهي مما يعين على فهم كلام الله ، لنزوله مفرقا بمناسبات من سيرته ، أو جوابا عن سؤال سُئله ، أو ردا لشبهة .
- مقامات النبي صلى الله عليه وسلم في إنزال القرآن عليه :
1- قبل البعثة :
- بُغضت له عبادة الأوثان ، وكل قول قبيح وفعل سيء ، فكانت فطرته متهيئة لقول الحق وعلمه والعمل به .
- كان يتحنث في غار حراء الأيام ذوات العدد ، وكان قلبه معلقا بربه .
- عرف عليه الصلاة والسلام بأحسن الأخلاق ، وبالإحسان للناس .
2- بعثته :
- أول ما بُدئ به الرؤيا الصالحة يراها في المنام فتجيء مثل فلق الصبح .
- لما صار عمره أربعون سنة ، وتمت قوته العقلية ، أتاه جبريل عليه السلام وقال له اقرأ ، في القصة المشهورة .
- ما تضمنته سورة العلق من لطائف :
* سبب نزولها قصة جبريل المشهورة ، وفيها إعلان نبوته عليه الصلاة والسلام .
- غطه جبريل عليه السلام مرتين أو ثلاثا ليتهيأ لتلقي القرآن ويتجرد ظاهره وباطنه لذلك .
- في السورة أصناف نعم الله على الإنسان بتعليمه البيان اللفظي ، والعلمي ، والرسمي .
- خوف النبي صلى الله عليه وسلم وتطمين زوجته خديجة له ، وتعدادها لمآثره وصفاته الحسنة .
- رؤيته عليه الصلاة و السلام لجبريل على صورته فجاء زوجته مرتعدا قائلا دثروني ، فنزلت ( يا أيها المدثر ) وفيها الأمر بالدعوة .
- فتور الوحي ، وبعد ذلك نزول سورة الضحى لما قال المكذبون إن رب محمد قلاه فقال تعالى ( ما ودعك ربك وما قلى ) .
- في سورة الضحى بيان عناية الله بنبيه ، وبشارته بأن كل حال له هي أحسن من التي قبلها ، وأن الله سينصره ويعزه .
- أعظم مقامات الدعوة : هي الدعوة للتوحيد الخالص ونبذ الشرك ، وهذا يظهر تقريره جليا في السور المكية .
- فعل أعداء الدين ما يستطيعون لإطفاء دعوته عليه الصلاة والسلام ، لكن الله معه ينصره ويثبته .
مفتاح فهم الآيات في أوصاف الكفار ، وأوصاف المؤمنين وأسباب ضلال هؤلاء ، وهداية أولئك :
- أن طبيعة استماع المشركين للكفار عبارة عن سماع تكذيب وجحود واستهزاء ، وعاقبهم الله تعالى بأن جعل على قلوبهم أكنة فلا يفقهوه وفي آذانهم وقرا فلا يهتدون به أبدا .
- أن حكمة الله في إضلال الضالين لما اختاروا لأنفسهم الضلال ورغبوا فيه ولّاهم الله ما تولوا ، عقوبة لردهم هداه وزهدهم فيه ، وحكمته سبحانه في هداية المؤمنين لما أقبلوا على الحق وسعوا في مرضاة ربهم وطلب هداه قال تعالى : ( يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ) .
مقامات النبي صلى الله عليه وسلم مع المكذبين له :
- دعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة ومجادلتهم بالتي هي أحسن أفرادا ومتفرقين ، ودعوتهم بالقرآن في الصلاة وخارجها .
الآيات في وصف موقف المكذبين من النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته :
- أنهم كانوا يستغشون ثيابهم ، ويصمون آذانهم ، وقد يسبونه ويسبون من أنزله ، مع شدة نفورهم منه كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ، ووصفهم القرآن بأنه سحر يؤثر وأنه قول البشر ، وأنه شعر وكهانة وسحر وكذب وأساطير الأولين .
- أنهم كانوا يتهمون النبي صلى الله عليه وسلم بالكذب ، ويقولون لو كان صادقا لأنزل الله ملائكة يشهدون له بذلك ، ولأغناه الله عن المشي في الأسواق .
- أنهم كانوا يسعون أن يكف عن عيب آلهتهم ووصفها بصفات النقص ، ويطلون منه أن يتركهم ويتركوه ، وهذا ناتج عن بغضهم لإظهار الحقائق ، وأنها لا تنفع ولا تضر ، وهذا مذكور في آيات كثيرة كقوله تعالى ( ودوا لو تدهن فيدهنون ) .
- ومنها اقتراحهم للآيات بحسب أهوائهم فيقولون إن كنت صادقا فأتنا بعذاب الله ، أو أزل عنا جبال مكة واجعل لنا فيها عيونا وأنهارا .
- ومنها اعتراضهم على أمر الله وقضائه بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم من بينهم وحسدهم له وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم .
- موقف القرآن مما سبق:
* إثبات نبوته عليه الصلاة والسلام ، وأن القرآن كلام الله .
*وإجابتهم عن طلباتهم باختيار الآيات بأنه سبحانه أعلم بما ينزل من آياته ، وبما ينفع منها ، وأن المقصود قد حصل ودلت الادلة على صدقه ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ماهو إلا نذير مبين ليس له من الأمر شيء .
* وإجابتهم عن اعتراضهم باختصاص محمد بالرسالة ، بذكر فضائله ، وأنه ما وجد ولن يوجد من يقابله بالكمال ، وأنه سبحانه أعلم حيث يجعل رسالته .
مقامات النبي صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين :
- الرأفة والرحمة بهم والمحبة التامة والقيام معهم في كل أمورهم ، وجاءت في ذلك عدة آيات منها في التوبة ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .
الإسراء والمعراج :
- أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وعرج به إلى السماوات السبع ، وفرض عليه الصلاة قبل الهجرة بثلاث سنوات ، ثم جاءه جبريل عليه السلام وعلمه أوقاتها .
- إسلام الأوس والخزرج :
سبب إسلامهم : أنهم كانوا جيرانا لليهود ، وأخبروهم بأن نبيا قد أظل زمانه ، وذكروا لهم من أوصافه ما دلهم عليه .
- أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة ، ثم بالهجرة إلى المدينة لما أسلم كثير من أهلها .
- اجتماع الكفار في دار الندوة ، واتفاقهم على قتل النبي صلى الله عليه وسلم بخطة يتفرق فيها دمه بين القبائل ، فأمره الله بالهجرة وحفظه من الكفار الذين كانوا يبحثون عنه ، ونزل في ذلك قوله تعالى ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار ) .
- الإذن بالقتال بعد هجرته عليه السلام إلى المدينة ، وفي ذلك نزل قوله تعالى ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا ) .
- في السنة الثانية من الهجرة فرض الله الزكاة والصيام ، وبذلك يتبين أن قوله تعالى ( وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة ) يراد بها زكاة القلب .
- حصول وقعة بدر في السنة الثانية من الهجرة ، والتقى الصفان على غير ميعاد ، وكانت النتيجة انتصار المسلمين وهزيمة المشركين ، ونزلت في تفاصيلها سورة الأنفال .
- في السنة الثالثة حصلت غزوة أحد ، وكانت الدائرة للمسلمين ، حتى غادر الرماة أماكنهم فهزم المسلمون ، والوقوف على تفاصيل قصتها في السيرة يعين على فهم الآيات النازلة فيها .
- وفي السنة الرابعة تواعد المسلمون والمشركون في بدر ، وتخلف المشركون وكتبت للمسلمين غزوة ( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله )
- وفي السنة الخامسة كانت غزوة الخندق ، وبقي المسلمون محاصرون ، و حال الخندق بين الفريقين ، وسبب الله عدة أسباب لانخذال الفريقين ، قال تعالى ( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ) ، وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا ، وجنودا لم تروها ) ، وبعده تفرغ النبي صلى الله عليه وسلم لبني قريظة وقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم .
- في السنة السادسة اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عمرة الحديبة فصدهم المشركون ، ودخل معهم النبي صلى الله عليه وسلم في صلح وأنزل الله تعالى سورة الفتح .
- في سنة ثمان من الهجرة نقضت قريش الصلح فغزا النبي صلى الله عليه وسلم مكة بعشرة آلاف من المسلمين ودخلها فاتحا ، ثم تممها بغزو حنين على هوازن وثقيف ونصره الله ونزلت في ذلك أوائل التوبة .
- في السنة التاسعة من الهجرة حصلت غزوة تبوك ولم يتخلف إلا أهل الأعذار والمنافقين وثلاث من صلحاء المؤمنين كعب بن مالك وصاحباه ، وأنزل الله في هذه الغزوة آيات كثيرة من سورة التوبة مع ذكر آيات الجهاد والحض عليه وثواب أهله وما للناكلين عنه من الذل والعقاب .
- وفي هذه السنة فرض الله الحج ، فحج أبوبكر بالناس ونبذ للمشركين عهودهم وأتم عهود الذين لم ينقضوا .
- في السنة العاشرة حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين وعلمهم المناسك وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه ، وأنزل الله يوم عرفة ( اليوم أكملت لكم دينكم وأـممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .

فوائد القصة :
- معرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تعين على فهم كتاب الله تعالى ، عن طريق معرفة أسباب النزول ، والتفسير العملي للقرآن، قالت عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن خلقه عليه السلام ( كان خلقه القرآن ) .
- العناية بتحقيق التوحيد والدعوة إليه والبراءة من الشرك وأهله ، وكان هذا ديدن الأنبياء .
- الاستجابة لأمر الله ، تؤدي إلى حفظ الله للعبد ونصرته ومعيته .
- التدرج في الأحكام ، من رحمة الله تعالى بعباده .
- الرغبة الصادقة في الهداية و سلوك طريقها مما يؤدي للهداية ، والعكس صحيح .
- مراعاة الحال في فرضية الجهاد ، فحين اقتدر المسلمون عليه أذن لهم فيه .
- التخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ، والاهتداء بهديه ، و اقتفاء أثره لنيل محبة الله ، وورود الحوض ، ونيل شفاعته عليه الصلاة والسلام والاجتماع به في الجنة .
- إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بدلائل كثيرة ، وأن القرآن كلام الله .
- غلبة الدين وظهوره والنصر المؤزر دليل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وتأييد الله له .
- العقوبة والخسار على كل من يقف في وجه الدين الحق ، أو يمالئ عليه .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 ذو الحجة 1439هـ/19-08-2018م, 07:22 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

اجتهدت في إرساله قبل السادسة ولم أستطع .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 ذو الحجة 1439هـ/24-08-2018م, 10:35 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي


المجموعة الخامسة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1.
تفسير آيات الحدود.
القصاص
قال الله تعالى :{ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ - إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: 4 - 5]
قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178]- إلى آخرها والتي بعدها -[البقرة: 178 - 179] .
شرع الله لعباده القصاص في القتل رحمة بهم صيانة لأعراضهم وإقامة للعدل بين العباد
-القصاص : أن يقتل القاتل عمدا على الصفة التي قتل عليها المقتول.
-حكم القصاص : واجب على عباد الله المؤمنين بما فيهم أولياء القاتل بل حتى القاتل نفسه. لابد أن يكون إعانة منهم لتحقيق حكم الله عزوجل وأن يمكنوا أولياء المقتول من تطبيق هذا الحكم العظيم. لدلالة قوله "كتب " أي فرض على عموم المؤمنين.المكلفين
أحكام القصاص
قوله تعالى : {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178] وكذا قوله : {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]
عام دل منطوق الآيتين أن الذكر يقتل بالأنثى، كما تقتل الأنثى بالذكر. و صحيح السنة وصريحها أكد ذلك فقد قتل النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي بالجارية
-خرج من هذا العموم الأبوان وإن علوا فلا يقتلان بالولد لورود السنة بذلك.
-خرج من هذا العموم أن المسلم لا يقتل بالكافر لثبوت السنة بذلك.
قوله تعالى : {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: 178]
-دل منطوق الآية أن العبد يقتل بالعبد ذكرا كان أو أنثى تساوت قيمتهما أو اختلفت.
-ودل مفهومها على أن الحر لا يقتل بالعبد لكونه غير مساو له.
إسقاط حكم القصاص
قد يسقط القصاص وتجب الدية وذلك .إذا عفا ولي المقتول عن القاتل أو عفا بعض الأولياء. كما قال تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178]
ففي هذه الحال يصبح القاتل معصوم الدم من أولياء المقتول و يجب على القاتل دفع الدية لهم.وأداءها إليهم من غير مطل ولا نقص ولا إساءة فعلية أو قوليه كما أنه يجب على ولي المقتول أن يتبع القاتل بالمعروف من غير أن يشق عليه ولا يحمله ما لا يطيق، بل يحسن الاقتضاء والطلب ولا يحرجه. ...
وقوله تعالى :{ وفي قوله: {عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} [البقرة: 178].دليل على ان القاتل لا يخرج من الملة لا يكفر ، ولكنه يستحق العقاب، وينقص بذلك إيمانه إن لم يتب
شرط إقامة حد القصاص
أن يكون القتل عمدا وعدوانا
الحكمة من تشريع القصاص
قال تعالى :{ {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179]
ثم بين بيان لحكمة تشريع القصاص به تنحقن الدماء، وتنقمع به الأشقياء...ذلك أن إقامة حد القصاص على القاتل سبيل فيه نكاية وانزجار وردع لغيره لأنّه إذا علم أنّه يقتصّ منه كفّ عن القتل فلا تسول له نفسه على الإقدام على مثل هذه الجريمة الشنعاء ..
وهو معنى قوله " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ.." فردع الناس عن القتل وانزجارهم بمنزلة الحياة للنفوس الإنسانية..ونكر الحياة لإفادة التعظيم.
وهذا يدل على عظيم حكمة الحكيم وعلى سعة رحمته بعباده .
ولما كان هذا الحكم لا يعرفه حقيقة المعرفة إلا أهل العقول الكاملة قال: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179] وهذا يدل على أنه يحب من عباده أن يعملوا أفكارهم وعقولهم في تدبير ما في أحكامه من الحكم والمصالح الدالة على كماله، وكمال حكمته وحمده وعدله ورحمته الواسعة، وأن من كان بهذا الوصف فقد استحق الثناء والمدح بأنه من ذوي الألباب، الذين وجه إليهم الخطاب، وكفى بذلك فضلا وشرفا، وقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179] وذلك أن من عرف ربه، وعرف ما في دينه وشرعه من الأسرار العظيمة والحكم البديعة والآيات الرفيعة أوجب له أن ينقاد لأمر الله، ويخضع لشرعه طاعة لله ولرسوله.
الزنى
قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]
حد الزنى
الزاني غير المحصن
بينت الآية أن الزاني غير المحصن يجلد مائة جلدة ..ذكرا كان أم أنثى..وأضافت السنة أنه يغرب عام كامل
وتلك الجلدات تكون مؤلمة تزجره ولا تهلكه ويكون أقامة الحد علنا لا سرا حتى يتحقق بذلك مقصد تشريع الحد وهو قمع أهل الجرائم وزجرهم وردعهم
حد الزاني المحصن
يرجم بالحجارة حتى يموت وقد أجمع أهل العلم على ذلك
السرقة
قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]
السرقة : هي أخذ مال محترم لغيره بغير رضاه ، لا شبهة فيه. .
حكمها:. السرقة محرمة، وهي من كبائر الذنوب؛ لأنها أكل لأموال الناس بالباطل، واعتداء على أموالهم بغير حق.
حد السارق :
يجب قطع يده اليمنى كما هي قراءة بعض الصحابة، واليد إذا أطلقت فهي الكف إلى الكوع فقط، فإذا قطعت حسمت وجوبا في زيت أو ودك مغلي لتنسد العروق فيقف الدم.
فإن عاد السارق قطعت رجله اليسرى، فإن عاد فقيل تقطع يده اليسرى، ثم إن عاد قطعت رجله اليمنى، وقيل: يحبس حتى يموت، وورد في ذلك آثار عن السلف مختلفة.
شروط إقامة حد السرقة
- لا بد أن يكون المسروق نصابا، وهو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما يساوي ذلك.
- لا بد أن يكون المأخوذ منه حرزا، وحرز كل مال ما يحفظ به عادة، فلو سرق من مال غير محرز فلا قطع عليه.
الحكمة من قطع اليد
بين الله ذلك بقوله {نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} [المائدة: 38]..ردعا و ترهيبا وتنكيلا للسراق فيكفوا عن السرقة إذا علموا أن أيديهم تقطع
وفيه حفظ أموال الناس وصيانتها ..وفيه.وحفظ للسارق أن ينال كسبه من السحت الحرام،
الحرابة
قال تعالى ..: { {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)} } [المائدة: 33]
حد الحرابة :
- قيل إن الإمام مخير فيهم بين هذه الأمور، وعليه أن يفعل ما تقتضيه المصلحة، ويحصل به النكاية،
-وقيل: إن هذه العقوبة مرتبة بحسب الجريمة؛ فإن جمعوا بين القتل وأخذ المال جمع لهم بين القتل والصلب، وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا قتلوا ولم يصلبوا، وإن أخذوا مالا ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإن أخافوا الناس ولم يقتلوا ولا أخذوا مالا نفوا من الأرض، فلا يتركون يأوون إلى بلد، أو يحبسون كما قاله بعضهم)...

2. قصة آدم عليه السلام
تبدأ الخليقة البشرية على الأرض بخَلْقآدمعليه السلام؛ فاقتضت حكمة الله تعالى أن يعمر الأرض بالبشر؛ فخلق آدم، ولم يكن خلق آدم سرًّا أو أمرًا مكتومًا، وإنما لقي إشاعة للخبر وحوارًا بين الله وملائكته في شأن هذا المخلوق ووفائه بالالتزام لِما خلق له.
قال الله تعالى للملائكة قال{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} .يخلف من كان قبلهم من المخلوقات التي لا يعلمها إلا هو. فقال الملائكة .{قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}
وهذا منهم تعظيم لربهم وإجلال له عن أنه ربما يخلق مخلوقا يشبه أخلاق المخلوقات الأول، أو أن الله تعالى أخبرهم بخلق آدم، وبما يكون من مجرمي ذريته، قال الله لملائكته: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} .. فإنه محيط علمه بكل شيء، وبما يترتب على هذا المخلوق من المصالح والمنافع التي لا تعد ولا تحصى
خلق الله آدم من جميع تربة الأرض سهلها وحزنها وطيبها وخبثها ؛ الحمراء منها، والصفراء، والسوداء، والبيضاء؛ وذلك سبب اختلاف ألوان البشر وطبائعهم .ثم مزج بالماء فصار طينا .ثم طالت مدة بقاء الماء على الطين حتى تغير فصار حمأ مسنونا طينا أسود؛ ثم أيبسه الله بعدما صوره فصار كالفخار الذي له صلصلة؛ فلما تكامل خلقه جسدا نفخ فيه الروح فانقلب ذلك الجسد الذي كان جمادا حيوانا له عظام ولحم وأعصاب وعروق وروح هي حقيقة الإنسان، وأعده الله لكل علم وخير، ثم أتم عليه النعمة، فعلمه أسماء الأشياء كلها. ثم قال للملائكة "أنبوئني بأسماء هؤلاء " وأراد بذلك أن يظهر لهم كمال هذا المخلوق؛ فاعتذر الملائكة بأن لا علم لهم ؛قالوا"{سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} ؛ حينها أمر الله أدم أن ينبئهم بأسمائها فأنبأهم آدم و أخبرهم بأسمائها جميعا لتعليم الله له؛ فظهر حينها للملائكة فضل هذا المخلوق وكماله و علمه ما لم يكن في الحسبان ؛فعظموه فأراد الله أن يظهر ذلك لآدم و أن يكرمه ؛ فأمر الملائكة وفيهم إبليس بالسجود له ،ولم يكن إبليس من جنس الملائكة بل كان من الجن المخلوقين من نار السموم ؛وكان مبطنا للكفر؛ والحسد لهذا المخلوق .
وكان هذا الأمر قمة التكريم لهذا المخلوق أن أمَر الله هؤلاء الحضور بالسجود لآدم، فسجد الملائكة كلهم أجمعون؛ طاعة لله، إلا إبليس، أبى أن يكون مع الساجدين. وكان هذا السجود سجود احترام و وتوقير و تبجيل..
سجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس فقد خالف أمر ربه وانحاز لمعصيته وأبى واستكبر وكان من الكافرين؛ سأل الله -جل في علاه- إبليس عن سبب امتناعه واستنبأه حكمة تخلفه -وهو بذلك أعلم- فقال: (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ)، فزعم أنه خير من آدم عنصرًا وأزكى منه جوهرًا، وظن أن لا أحد يباريه في علو قدره، ولا يستشرف إلى سمو مكانته، فردَّ بقوله: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) جهر إبليس بالعصيان واستكبر عن أمر ربه، فجازاه الله على عصيانه قائلاً له: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ)
فسأل إبليس ربه أن يمهله إلى يوم الدين -أي إلى يوم القيامة-، وأن يمد له في الحياة حتى يوم يبعثون، فأجاب الله سؤاله وقال له: (قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ..}.ولما استجيب سؤاله لم يشكر الله على فضله، بل قابل نعمته بالكفران، وفضله بالجحود والنكران وقال: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ.).. أي مترصدًا لهم، جاهدًا في إضلالهم، (ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ.).فطرد الله -جل في علاه- إبليس من الجنة، ومد في أجله
أما آدم عليه السلام فقد أدخله الله عز وجل الجنة يأكل من ثمارها ويشرب من أنهارها ويستظل بظلالها إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تضمأ فيها ولا تضحى
وأتم عليه النعم أن خلق منه زوجته حواء من جنسه وعلى شكل ليسكن إليها وتتم المقاصد المتعددة من الزواج..
وزاد الله عليهما من فضله ونعمه أن عرفهما بعدوهما فأخبرهما أن الشيطان عدو مبين لكما ..يريد أن يغويكما ويخرجكما من الجنة ....فاحذروا أن تكونا له طائعين منقادين واقعين في حباله ومكائده
فأباح الله لآدم وحواء الأكل من كل ثمار الجنة إلا شجرة واحدة منعها عليها اختبارا لهما
وقد حرص إبليس اللعين على إغواء أدم وحواء بالأكل من الشجرة ..فلم يزل يوسوس لهما ويعيد ويكرر عليهما و يمثل بصورة الناصح الأمين المحب لإيصال الخير لهما..وأعاد وكرر حتى أوقعهما في المعصية فأكلا من تلك الشجرة
﴿فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ

فلما أكلا منها بدت لهما سوآتهما بعدما كانا مستورين. .
. فأوقع الله في قلبيهما التوبة التامة، والإنابة الصادقة فتاب الله عليهما وقبل توبتهما
ومحا الذنب الذي أصابا، ولكن الأمر الذي حذرهما الله منه، وهو الخروج من هذه الجنة إن تناولا منها تحتم ومضى، فخرجا منها إلى الأرض التي حشي خيرها بشرها، وسرورها بكدرها.
وأخبرهما الله أنه لا بد أن يبتليهما وذريتهما، وأن من آمن وعمل صالحا كانت عاقبته خيرا من حالته الأولى، ومن كذب وتولى فآخر أمره الشقاء الأبدي والعذاب السرمدي، وحذر الله الذرية منه فقال:..{يا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} .
فوائد القصة
-خطورة الحسد والكبر ...إذ هما سبب إبليس على الإيباء .
-فطر العبد على الحرص..وحب الوصول إلى ما يصب إليه...وهو داء قد يوصل بصاحبه إلى ترك أمر الله عزوجل
-عظم رحمة الله على عباده...فقد رحمة أدم وزوجه فغفر لهما وقبل توبتهما
- المسارعة بالتوبة و الاستغفار و الإنابة إلى الله عزوجل عقب الذنب .
-شدة العداوة بين الشيطان والإنسان..عداوة قديمة باقية إلى قيام الساعة
-فضيلة العلم..فهو نعمة من الله تستوجب الشكر.
3. قصة شعيب عليه السلام
شعيب عليه السلام هو رسول الله لأهل مدين وكان يُعرف بخطيب الأنبياء لقوّة حجّته وحسن مُراجعته لقومه ودحضه لشبهات قومه.
.أهل مدين عرب وكانوا أهل شرك وغش و تطفيف في الكيل والميزان..
دعاهم سيدنا شعيب إلى التوحيد وإلى إفراد الله بالعبادة و نبذ الشرك و عبادة الأوثان و حذرهم من الغش في المعاملات عموما وبخس حق الناس في الكيل و الميزان ..وأخبرهم أن ذلك أكلا لأموال الناس بالباطل..وأنها معاملة خبيثة لا يحبها الله .وأمرهم بالعدل في المعاملات
عرض عليهم التوبة و رغبهم فيها ؛ رغبهم في الجنة وحذرهم من عذاب الله في الدنيا والآخرة..وحتى يعظم في قلوبهم شأن الله وعقابه وبطشه قص عليهم ما أصاب الأمم الماضية التي حولهم من عذاب الله لما عصوا أمر الله ..؛
فما زادهم ذلك إلا إصرار وعزيمة على ما هو عليه وادعوا أنهم لا يفقهون كلامه وما يأمرهم به ورضوا لأنفسهم واختاروا لها العذاب في الدنيا قبل الآخرة .
فكان عاقبة حالهم أن أهلكهم الله جميعا إلا شعيب ومن امن معه
فوائد القصة
-تطفيف الكيل و بخس الناس حقهم في المعاملات عموما وفي الكيل والميزان خصوصا مما يستوجب العذاب .
{قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} : الصلاة من أعظم الأسباب لفعل الخير و ترك المنكرات والمعاصي
- المعاملات وإن كان الأصل في الإباحة إلا أن الله جعل لها ضوابط لا يصح وتجاوزها
- لا يحق الربح في المعاملات على حساب حقوق الناس
- الداعي عليه أن يكون إسوة للناس بأن يمتثل ما يدعو إليه { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}.
- الداعي يحتاج أن يتحلى بالصبر والحلم حتى يمكنه أن يتحمل عناد من يدعوه وآذاهم
- الداعي عليه أن يكون في دعوته متوكلا على الله معتمدا عليه راجي التوفيق و السداد منه..{ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ.}
- - الاستغفار و التوبة والإنابة إلى الله عزوجل تجب ما قبلها..فهما عظم الذنب ا تاب العبد ورجع على الله عزوجل تاب الله عليه وغفر ذنبه وقبله عنده.بل وأحبه ..لأن شعيب دعا قومه على التوب و الإنابة مع ما كانوا عليه من شرك و معاصي وآثام { وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}
- -يفضل أن يكون الداعي عزيزا في قومه حتى يكون له منعة ممن يريد أن يلحق الضرر به
. قصة أيوب عليه السلام.
سيدنا أيوب عليه الصلاة والسلام نبي من أنبياء بني إسرائيل.ابتلاه اله في أهله وماله وجسده .
طال بلاؤه حتى نسيه الصحاب و الصديق والحميم..؛فلم يزل منيبا إلى ربه صابرا محتسبا راضيا بما أصابه ذاكرا الله عزوجل . حتى أصح يضرب به المثل ي صبره " صبَر صبْر أيوب".
استحى من ربه أن يطلب منه رفع البلاء صراحة..فتأدب في دعاء ربه فلم ينسب إليه البلاء .وألطف في السؤال حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة ، وذكر ربه بغاية الرحمة ولم يصرح بالمطلوب؛ فعرض ولم يصرح بالمطلوب ..{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}. . أثنى عليه بأنه الأرحام وسكت .
استجاب له أرحم الراحمين فكشف مابه من ضر فأمره الله عزوجل أن يدفع الأرض برجله يعني ادفع فنبعت عين ماء بارد من تحت قدمه فاغتسل منها وشرب، فخرج منها صحيحا فرد الله عليه ماله ولده وعافاه في جسده..
وأتم الله رحمته بعبده الصابر المنيب أيوب حين علمه كيف يحافظ على يمينه فلا يحنث ؛ فإن أيوب عليه الصلاة والسلام وجد على زوجته أثناء مرضه فحلف أن يضربها مئة جلدة فأرشده الله أن يأخذ حزمة بها مئة عودا ويضرب بها ولا يحنث
فوائد القصة
--الله تعالى جعل أيوب نموذجا يقتدى به ، في الصبر على البأساء وتحمل الشدائد واللجوء إلى الله تعالى في البلاء .
-فضيلة الصبر..عاقبته دائما خير
-التوسل في دعاء الله بأسمائه وصفاته.
-.ومن أعظم ما يتوسل به إلى الله في رفع الضر رحمة الله عزوجل.
-استحباب إظهار الفقر والحاجة لله أثناء الدعاء
-التزام الأدب مع الله في الدعاء
-الذين يعبدون الله هم المنتفعون بالذكر " ذكرى للعابدين"
-أصحاب العقول السليمة ، هم الذين يعبدون الله وحده ويطيعونه -{ وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ } مع قوله في ، { وَذِكْرَى لأٌوْلِى الألْبَابِ }

5.
قصة الخضر مع موسى عليه السلام
الخضر عبد صالح من عباد الله أعطاه الله من العلم مالا يعطي أحد في زمانه؛ قص الله على عباده في سورة الكهف نبأه مع نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام.
خرج موسى طالبا الخضر وتزود لسفره حوتا..خرج قاصدا التعلم من الخضر بعدما أعلمه الله عنه.
وأخبر الله موسى عليه السلام أن علامة معرفة الأرض والمكان الذي يوجد فيها لخضر .أن يفقد حوته .
فسار موسى في طريقه مع غلام له طالبا الخضر؛ ولما شعر بفقدان الحوت تيقن أن ذلك المكان الذي يوجد فيها الخضر. فبحث عنه حتى وجده فصاحبه موسى مدة من الزمن خلالها تعلم موسى من الخضر ما لم يكن يعلم
فوائد القصة
-فضل العلم وشرفه
-تواضع موسى ..فقد خرج يطلب العلم ممن هو دونه
-مشروعية الرحلة في طلب العلم
-استحباب اتخاذ صاحبا في السفر
-مهما أوتي المرأ من العلم إلا وجد من هو أعلم منه
-تأدب طالب العلم مع شيخه..كما تأدب موسى مع الخضر
-مشروعية التزود في السفر..وفيه رد على الذين يسمون أنفسهم بالمتوكلين يخرجون بدون زاد
-صحبة العالم تحتاج إلى صبر .فمن لا صبر له لا يدرك العلم.

6.
قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
-أهمية معرفة سرية النبي صلى الله عليه وسلم
تعلم سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعظم عون على معرفة تفسير كتاب الله...لأن القرآن إنما كان ينزل تبعا لمناسبات سيرته.
-حال النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة.
كان النبي صلى الله عليه وسلم على الفطرة السليمة السوية متهيئة لقول الحق وقبوله قولا و عملا..طهره الله قلبه وزكاه وكمله. بغض إليه عبادة الأوثان؛ و كل قبيح من قول أو فعل أو عمل.. محسن غاية الإحسان في التعامل مع الناس
حب إليه الخلاء فكان يذهب إلى غار حراء يتعبد الله ويتحنث الليالي ذوات العدد
الوحي:
أول ما بدأ الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤية إلا جاءت مثل فلق الصبح...إلى أن أذن الله عزوجل ببدأ نزول أول الوحي.تبدَّى له جبريل صلى الله عليه وسلم على صورته فرأى منظرا هاله وأزعجه، إذ لم يتقدم له شيء من ذلك.
وكان ذلك بعدما بلغ الأربعين من عمره
أول ما نزل
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ..وبهذه السورة ابتدأت نبوته.
ثم فتر عنه الوحي مدة ليشتاق إليه وليكون أعظم لموقعه عنده.
وكان قد رأى الملك على صورته فانزعج، فجاء إلى خديجة أيضا ترعد فرائصه فقال: «دثروني دثروني» فأنزل الله عليه:
{
يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} . كان في هذا: الأمر له بدعوة الخلق وإنذارهم.فقام النبي صلى لله بهذه الدعوة أحسن وأفضل قيام
مقامات النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة
ماهية دعوة النبي صلى لله عليه وسلم
دعا إلى التوحيد وإخلاصا لعباده لله وحدة لا شريك له؛ ونهى عن الشرك واتخاذ الأنداد والشركاء مع الله عزوجل
وقرر وبين الأدلة على وجوب استحقاق الله العبادة.وبين بطلان الشرك
وقد استجاب لدعوته أناس من قومه دخلوا في دينه واحدا بعد واحد
مقامه في الدعوة المؤمنين
كان معهم رؤوفا رحيما بل أرحم وأرأف من آبائهم وأمهاتهم وأحن عليهم من كل أحد
مقامه في دعوة الكفار
كان يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة و يجادلهم بالتي هي أحسن
موقف قومه من دعوته
قابل قومه دعوة النبي صلى الله عليه و سلم بالرد والتكذيب و التجهيل .والسب والتنفير من النبي صلى الله عليه وسلم ومن دعوته..واتهامه بالسحر و الكهانة. ,والقران الذي جاء به شعر وكذب وأنه من أساطير الأولين
واقترحوا عليه الآيات بحسب أهوائهم..وقد جاءهم النبي بأعظم آية وهي القران لو كانوا يعقلون.
الإسراء والمعراج
قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين.أُسْرِيَ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؛ ليريه من آياته، وعرج به إلى فوق السماوات السبع.
وفرض الله عليه الصلوات الخمس بأوقاتها وهيئاتها. وجاءه جبريل على أثرها فعلَّمه أوقاتها وكيفيَّاتها، وصلى به يومين.
-لم يفرض الأذان في ذلك الوقت، ولا بقية أركان الإسلام. .
انتشار الإسلام في المدينة قبل الهجرة.
انتشر الإسلام في المدينة وما حولها. وسبب ذلك أن في المدينة كان الأوس والخزرج مع يهود جيرانا ؛ فأخبروهم أنهم ينتظرون نبيا قد أظل زمانه، وذكروا من أوصافه ما دلهم عليه؛ فبادر الأوس والخزرج واجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في مكة وتيقنوا أنه رسول الله، وأما اليهود فاستولى عليهم الشقاء والحسد، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به.
الهجرة إلى الحبشة
لما اشدد أذى قريش على المسلمين في مكة أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة أولا إلى الحبشة، ثم لما أسلم كثير من أهل المدينة صارت الهجرة إلى المدينة.
محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم
ومن عظيم كيد كفار مكة أن حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم وخططوا لذاك لكن الله عزوجل نجا نبيه؛ يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين الهجرة
الهجرة إلى المدينة
. جاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر بالهجرة على المدينة ..فعزم النبي على الهجرة واتخذ أبا بكر صاحبا له
واستقر المقام به فيها ..وقامت دولته فيها وأذن الله بقتال الكفار بعدما كان قبل الهجرة ممنوعا..
السنة الثانية للهجرة
في السنة الثانية فرض الله على العباد الزكاة والصيام. ..و أيضا كانت وقعة بدر وفي تفاصيل هذه الغزوة أنزل الله سورة الأنفال
السنة الثالثة للهجرة
في السنة الثالثة كانت غزوة أحد..وأنزل الله في هذه الغزوة سورة آل عمران
السنة الرابعة للهجرة
فيالسنة الرابعة تواعد المسلمون والمشركون فيها - في بدر - فجاء المسلمون لذلك الموعد، وتخلف المشركون معتذرين أن السنة مجدبة، فكتبها الله غزوة للمسلمين.
السنة الخامسة للهجرة
في سنة خمس كانت غزوة الخندق، وفي هذه الغزوة أنزل الله صدر سورة الأحزاب
كان فيها أيضا حصار يهود بنى قريضة .فحكم فيه سعد بن معاذ أن تقتل مقاتلتهم و أن تسبى ذراريهم.. وقد كان قبل هذه الحادثة إجلاء يهود بني النضير من المدينة بعدما حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم أياما.وأنزل الله في خبرهم سورة الحشر
السنة السادسة للهجرة
في سنة ست من الهجرة اعتمر صلى الله عليه وسلم وأصحابه عمرة الحديبية.وتم صدهم عن البيت من طرف مشركي مكة..
فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- معهم في صلح لحقن الدماء ورجع النبي- صلى الله عليه وسلم- و أصحابه فلم يدخلوا البيت على أن يعتمروا العام المقبل
وقد كان في ذلك الصلح مصالح كثيرة وسمي هذا الصلح فتحا لأنه كان سببا في دعوة الناس إلى الله ودخولهم في الإسلام
وأنزل الله في هذه الحادثة سورة الفتح.
.السنة الثامنة للهجرة
كان فتح مكة بعدما نقضت قريش العهد الذي كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم . وأنزل الله في ذلك سورة التوبة
السنة التاسعة للهجرة
كان فيها غزوة تبوك في وقت شديد الحر عظمت فيه العسرة وكثر فيه العدو ولم يتخلف عن رسول الله إلا أهل الأعذار وأناس من المنافقين وثلاثة من صلحاء المؤمنين ؛ كعب ابن مالك وصاحباه..وصل النبي ومن معه تبوك ومكث فيها عشرين يوما و لم يحصل فيها قتال.
..أنزل الله في هذه الغزوة آيات كثيرة من سورة التوبة
وفي هذه السنة حج أبو بكر بالناس ونبذ إلى المشركين عهودهم ؛ وأتم عهود الذين لم ينقضوا... وقيل أن فرض الحج على المسلمين كان في هذه السنة وقيل بل كان في السنة العاشرة
السنة العاشرة للهجرة:
في هذه السنة حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين..واستوعب المسلمين معه، وأعلمهم بمناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}
فوائد القصة:
- أهمية معرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم..فمعرفة كثير من أحداث سيرته تساعد في فهم القران
- عظم خلق النبي صلى الله عليه وسلم ..وجميل صبره في الدعوة إلى الله
- أول ما يبدأ به في الدعوة . تحقيق .توحيد الله . إفراده بالعبادة والنهي عن الشرك و إبطاله.
- على الداعية أن ينوع في أساليب الدعوة إلى الله
- من أقبل الله هداه الله و شرح صدره للإيمان ومن أعرض عن الله واتبع هواه صرفه الله ولم يوفقه للهداية والإيمان والتقوى
- مصير أهل الباطل وأعداء الدين إلى الهلاك والخسران ..مهما طال طغيانهم وعلوهم في الأرض
- رحمة الله بعباده .حيث جاءت أحكام الشريعة بتدرج..

- نتعلم من سريته كيفية معاملة أعداء الدين . .

- لا يخلو زمن ولا وقت من وجود منافقين وأعداء الدين الذين يتربصون للمسلمين ...

- اليهود قوم جبناء يخافون الموت لا يقدرون على مواجهة العدو..


;والله أعلم

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو الحجة 1439هـ/29-08-2018م, 11:40 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

المجموعة الأولى:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:


أحكام المعاملات المالية في القرآن الكريم [البيوع، وكتابة الديون، والإجارة]
1. البيوع
- الأصل في البيوع والمعاملات والتجارات كلها الحل والإطلاق.
- إباحة أنواع البيوع من رحمة الله بعباده، لتقوم به مصالحهم وتندفع عنهم الأضرار
- كل البيوع يجب أن يقترن بها الشرط الذي ذكره الله تعالى وهو التراضي بين المتعاوضين ممن هو أهل لها.
- أعظم المحاذير المانعة من صحة المعاملات: الربا والغرر والظلم، قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وقال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]
- يدخل في الربا المحرم ربا الفضل، حيث يشترط لحل بيع المتماثلين التماثل والقبض قبل التفرق وربا النسيئة، ويستثنى منه السلم.
- أشد أنواع الربا قلب الديون في الذمم، قال تعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130]
- أوجب الله على غريم المعسر إنظاره كما قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]
- توعد الله آكل الربا بالوعيد الشديد سواء كان قلبه للدين صريحا أو بحيلة
- آخر أمر المرابي المحق والبوار، قال تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276]، وقال:{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} [الروم: 39]
- من تاب فله ما سلف، وأما العقود الحاضرة فالزيادة لا تحل، وعليه أن ينزل على رأس ماله، كما قال تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ} [البقرة: 279]
- البيوع التي فيها غرر ومخاطرات وجهالات داخلة في الميسر، والرسول صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع الغرر»، وذلك لأن أحد المتعاملين إما أن يغنم، وإما أن يغرم، وهذا مخالف لمقاصد المعاوضات.
- من المحاذير المنهي عنها في المعاملات: الظلم والغش والتدليس وبخس المكاييل والموازين وبخس الحقوق أخذا وإعطاء، بأن يأخذ أكثر مما له، أو يعطي أقل مما عليه، قال تعالى{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] كما يدخل فيه الغضب والسرقة ونحوهما.
الدين:
- أمر سبحانه بكتابة المعاملات والإشهاد عليها، قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ..} الآية [البقرة: 282]، وأن يكون الكاتب عدلا عارفا بالكتابة وبما ينبغي أن يكتب.
- هذا الأمر للندب والاستحباب عند جمهور العلماء، إلا إذا وجب حفظ المال، وكان على دين مؤجل أو غير مقبوض، فإنه لا يتم حفظه إلا بذلك، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب،
- على الكاتب ألا يكتب إلا ما أملاه من عليه الحق إن كان رشيدا، ووليه إن كان عاجزا ضعيفا
- على صاحب الحق أن يقر بالحق كله من غير بخس.
- الإقرار من أعظم الطرق التي تثبت بها الحقوق في الذمم.
- أرشدنا سبحانه إلى حفظ الحقوق بالإشهاد والكتابة والرهن إذا احتيج إليه في سفر أو غيره.
- نصاب الشهادة في المعاملات كلها، رجلان مرضيان إن أمكن، وإلا فرجل واحد وامرأتان، وثبت في السنة قبول شهادة الواحد مع يمين صاحب الحق.
- شهادة الفساق والمجهولين غير مقبولة.
- من نسي شهادة فتذكرها، أو ذكرها فذكرها فشهادته صحيحة، قال تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282]
- لا يحل للشاهد أن يشهد إلا بما علمه وتيقنه، فإن شك فيه لم يحل له أن يشهد.
- بين سبحانه الحكمة العظيمة من هذه الإرشادات بقوله: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} [البقرة: 282]
- لا بأس بترك كتابة التجارة الحاضرة.
- لا ينبغي ترك الشهادة خصوصا في الأمور المهمة.
- وقوله: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] يشمل الجميع فالكاتب والشهيد يجب عليه أن يعدل في كتابته وشهادته، ولا يماطل ولا يضار بالأجرة، والمعاملان لا يحل أن يضارا الكاتب والشهيد.
- تعلُّم الكتابة من الأمور المحبوبة لله، وهي نعمة منه سبحانه، ومن شكرها أن لا يأبى كاتب أن يكتب كما علمه الله.
- الخط المعروف صاحبه وثقته معتبر معمول به؛ ليتم المقصود من الكتابة في حياة الكاتب وبعد موته.
- كتمان الشهادة من كبائر الذنوب، وواجب على من تحملها أداؤها.
- شهادة الزور من أكبر الكبائر، وكذلك السكوت عن أداء الشهادة، وكلا الأمرين ظلم.
- تقييد الرهن بالسفر لا يدل على أنه لا يكون رهن في الحضر، بل قيد لأجل الحاجة إليه لعدم الكاتب غالبا.
- الولاية على القاصرين ثابتة بقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282]
- الولي مأمور بإصلاح المال: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152]
- يجوز التعامل بغير وثيقة، بمجرد الاستئمان قال تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283].
الأجارة
قال الله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26] وقال يوسف: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]
ينبغي أن يتخير في الإجارات من جمع الوصفين: 1/ القوة، 2/ الأمانة.

جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع
قال الله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]
{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105]
{وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42]
{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]
{يا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26]
{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50]
{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115]
- هذه الآيات يصدق بعضها بعضا فالحكم بين الناس بالحق والقسط، هو الحكم بما أنزل الله، وهو الرد إلى الله ورسوله.
- رد مسائل النزاع والاختلافات الدينية والدنيوية إلى الله والرسول خير في الحال وأحسن عاقبة،
- كلمات الله تمت وكملت من كل وجه صدقا في إخبارها، عدلا في أحكامها وأوامرها ونواهيها، فكل مسألة خارجة عن العدل إلى الظلم، وعن الصلاح إلى الفساد، فليست من الشرع
- جاء شرع الله محكم الأصول والفروع، موافقا للمعقول الصحيح والاعتبار والميزان العادل.
- حكم الله ورسوله بأحكام متنوعة متفرعة عن هذا الأصل العظيم، وتفصيل لمجمله، ومن ذلك:
1. أن إقرار من عليه الحق معتبر في القليل والكثير كما في آية الدَّيْن.
2. أن البينة على المدعي لإثبات حق، أو المدعي براءة الذمة من الحقوق الثابتة، وأن اليمين على من أنكر.
3. والبيعة شرعا اسم جامع لكل ما بين الحق، والبيان مراتب.
4. عند تساوي الترجيحات، تقسم متساوية أو يلجأ للقرعة.
5. من أحكام الشارع العادلة إلغاؤه المعاملات الظالمة الجائرة.
6. من أحكامه الكلية اعتباره التراضي بن المتعاملين في عقود المعاوضات.
7. ومن أحكامه الكلية منع الضرر والإضرار بغير حق في كل معاملة وخلطة وجوار واتصال.
8. ومن أحكامه الكلية أن على العمال تكميل أعمالهم بغير نقص، وعلى من عمل لهم تكميل أجورهم.
9. ومن أحكامه الكلية إيجابه الوفاء بالعقود والشروط، إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا، "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد".
10. ومن أحكامه الكلية اعتبار المقاصد والنيات في أبواب المعاملات والأعمال، كما تعتبر في باب العبادات، وبهذا الأصل أبطل جميع الحيل التي يتوسل بها إلى فعل محرم، أو إسقاط حق مسلم ونحوها.
11. ومن أحكامه الكلية أن جميع العقود والفسوخ اللازمة والجائزة تنعقد بما دل عليها من الألفاظ المتعارف عليها، والأفعال الدالة على ذلك.
12. ومن أحكامه الكلية أن تلف الشيء بيد الظالم كالغاصب ونحوه فيه الضمان، فرط أو لم يفرط، وأن تلف الشيء تحت يد الأمين لا ضمان فيه إن لم يفرط أو يتعد.
13. ومن أحكامه الكلية أن الشيء المشكوك فيه يرجع فيه إلى اليقين في العبادات والمعاملات، وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان.
14. ومن أحكامه الكلية أن جميع الأحكام من أصول وفروع لا تتم وتكمل ويحصل مقتضاها إلا باجتماع شروطها وأركانها ومقوماتها، وانتفاء موانعها ومفسداتها.
15. ومن أحكامه الكلية وجوب المماثلة في المتلفات والمضمونات والأعمال التي يجهل عوضها أو يتعذر، بمثلها إن أمكن المثل، وبالقيمة إن تعذر المثل.
16. ومن أحكامه الكلية وجوب العدل بين الأولاد والزوجات، ووجوب العدل بين ذوي الحقوق الذي لا مزية لواحد منهم على الآخر.
17. ومن أحكامه الكلية إثبات الخيار في كل عقد ظهر في العوض المعين أو المعوض عيب ينقصه؛ وأنه إذا لم يمكن الرد تعين الأرش وإسقاط النقص، وعلى الصحيح لا فرق بين البيوع وغيرها، فإن هذا من قاعدة العدل.
18. ومن أحكامه الكلية جعل المجهول كالمعدوم.
19. ومن أحكامه الكلية الرجوع إلى العرف إذا تعذر التعيين شرعا ولفظا.
20. ومن أحكامه الكلية أن الأصل في العبادات الحظر؛ فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله، والأصل في المعاملات والاستعمالات كلها الإباحة؛ فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله.
21. ومن أحكامه الكلية حثه على الصلح والإصلاح بين من بينهم حقوق.
22. ومن أحكامه الكلية اعتبار العدالة في الشهود.
23. ومن أحكامه الكلية أن من سبق إلى مباح فهو أحق به.
24. ومن أحكامه الكلية قبول قول الأمناء على ما في أيديهم مما هم عليه أولياء. ولا يمنع ذلك محاسبتهم.
25. ومن أحكامه الكلية أن الواجب يسقط بالعجز عنه بالكلية، وأنه إذا قدر على بعض الواجب وجب عليه ما يقدر عليه منه.
26. ومن أحكامه الكلية أنه أقام البدل مقام مبدله، وأن النماء تابع للأصل.
27. ومن أحكامه الكلية أن من وجب عليه أمر من الأمور فإنه يجبر عليه بحق، وأن من أتلف شيئا لدفع أذاه له دفعا عن نفسه، فلا ضمان عليه، فإن أتلفه للانتفاع به ضمنه.
28. ومن أحكامه الكلية أن الاستثناءات والقيود والأوصاف الملحقة بالألفاظ تعتبر وتقيد الكلام، ويرتبط بها بشرط الاتصال لفظا أو حكما.
29. ومن أحكامه الكلية أن الشركاء في الأملاك والمنافع يلزمون بكل ما يعود إلى حصول المنافع الضرورية ودفع المضار.
30. ومن أحكامه الكلية أن المباشر لإتلاف الأموال أو المتسبب لذلك ضامن لها متعمدا كان أو ناسيا أو جاهلا، وأنه إذا اجتمع المباشر والمتسبب كان الضمان على المباشر إلا إن تعذر تضمينه.
31. ومنها: أن من أدى عن غيره دينا واجبا بنية الرجوع، فإنه يرجع ولو لم يأذن له في ذلك.
32. ومنها: أن الوصف في الشيء الذي بيد الغير، وذلك الغير لا يدعيه لنفسه بينة.
33. ومنها: أن من تعجل شيئا قبل أوانه على وجه محرم عوقب بحرمانه.
34. ومن أحكامه الكلية أنه إذا تزاحمت المصالح قدم الأعلى منها، وإن تزاحمت المفاسد وكان لا بد من فعل إحداها ارتكب الأخف منها.
35. منها: أن إطلاق التشريك يقتضي المساواة بين من شرك بينهم في شيء من ذلك.
وأدلة هذه الأصول من الكتاب والسنة ظاهرة، وهي أصول جامعة عظيمة النفع، ينتفع بها الحاكم والمفتي وطالب العلم، وهي من محاسن الشريعة، ومن أكبر البراهين على أن ما جاء به الرسول حق من عند الله محكم الأصول، متناسب الفروع، عدل في معانيه، تابع للحكم والصلاح في مبانيه.

قصة إبراهيم عليه السلام
- أمرنا الله وأمر نبينا باتباع ملة إبراهيم عليه السلام.
- آتى الله إبراهيم رشده وعلَّمه الحكمة منذ كان صغيرا، وأراه ملكوت السماوات والأرض، ولهذا كان أعظم الناس يقينا وعلما وقوة في دين الله ورحمة بالعباد.
- بعثه الله إلى قوم مشركين يعبدون الشمس والقمر والنجوم
- دعا قومه بطرق شتى، فأول ذلك دعاهم بطريقة لا يمكن لصاحب عقل أن ينفر منها، فقال لهم ناظرا ومناظرا: هلم يا قوم ننظر هل يستحق منها شيء الإلهية والربوبية؟
{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 76]
- المناظرة تخالف غيرها في أمور كثيرة منها: أن المناظر يقول الشيء الذي لا يعتقده ليبني عليه حجته
- فرفع الله خليله إبراهيم بالعلم وإقامة الحجة، وعج قومه عن نصر باطلهم؛ ولكنهم صمموا على الإقامة على ما هم عليه، ولم ينفع فيهم الوعظ والتذكير وإقامة الحجج، فلم يزل يدعوهم إلى الله، وينهاهم عما كانوا يعبدون نهيا عامًّا وخاصًّا.
- أخص من دعاه أبوه آزر؛ فإنه دعاه بعدة طرق نافعة، ولكن حق عليه القول.
- فلم يزل إبراهيم مع قومه في دعوة وجدال، فلما خرجوا ذات يوم لعيد من أعيادهم وخرج معهم، فنظر نظرة في النجوم فقال: إني سقيم؛ لأنه خشي إن تَخَلَّف لغير هذه الوسيلة لم يدرك مطلوبه؛ لأنه تظاهر بعداوتها والنهي الأكيد عنها وجهاد أهلها، فلما برزوا جميعا إلى الصحراء كرَّ راجعا إلى بيت أصنامهم، فجعلها جذاذا كلها إلا صنما كبيرا أبقى عليه ليلزمهم بالحجة، فلما رجعوا من عيدهم بادروا إلى أصنامهم، فوجدوها محطمة فشكوا بإبراهيم عليه السلام فطلبوه بحضرة الخلق العظيم، ووبخوه أشد التوبيخ ثم نكلوا به، وهذا الذي أراد إبراهيم؛ ليظهر الحق بمرأى الخلق ومسمعهم، فلما جمع الناس وحضروا، وحضَّروا إبراهيم قالوا:
{أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يا إِبْرَاهِيمُ - قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 62 - 63] فجعلهم بين أمرين كلاهما فيه توضيح لباطلهم، فأقروا بالحق ثم نكسوا

- لما أعيتهم المقاومة بالبراهين والحجج عدلوا إلى استعمال قوتهم في عقوبة إبراهيم، فأوقدوا نارا عظيمة جدا فألقوه بها، فقال وهو في تلك الحال: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال الله للنار:{يا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69]، فلم تضره بشيء، فكان مكرهم وبالا عليهم.
- حاجَّ ملكهم إبراهيم في رَبِّه بغيا وطغيانا، فحجه إبراهيم كما في سورة البقرة.
- ثم خرج من بين أظهرهم مهاجرا وزوجته وابن أخيه لوط إلى الديار الشامية، وفي أثناء مدة إقامته بالشام ذهب إلى مصر بزوجته سارة، فلما رآها ملك مصر لم يملك نفسه حتى أرادها على نفسها، فدعت الله عليه، فكاد أن يموت، ثم أطلق، ثم عاد ثانية، وكلما أرادها دعت عليه فصرع، ثم دعت له فأطلق، فكفاهما الله شره، ووهب لها هاجر جارية قبطية، وكانت سارة عاقرا منذ كانت شابة، فوهبت هذه الجارية لإبراهيم ليتسررها لعل الله يرزقه منها ولدا، فأتت هاجر بإسماعيل على كبر إبراهيم ففرح به فرحا شديدا، ولكن سارة رضي الله عنها أدركتها الغيرة فحلفت أن لا يساكنها بها، وذلك لما يريده الله، وهذا من جملة الأسباب لذهابه بها إلى موضع البيت الحرام، وإلا فهو متقرر عنده ذلك عليه السلام.
- ذهب بها وبابنها إسماعيل إلى مكة، وليس فيها سكن ولا ماء ولا زرع ولا غيره، وزودهما بسقاء فيه ماء وجراب فيه تمر، ووضعهما عند دوحة قريبة من محل بئر زمزم ثم قفى عنهما، ودعا لهما
- استسلمت لأمر الله، وجعلت تأكل من ذلك التمر، وتشرب من ذلك الماء حتى نفدا، فعطشت ثم عطش ولدها، ذهبت لعلها ترى أحدا أو تجد مغيثا، فصعدت الصفا، والمروة فصعدت عليه فتطلعت، فلم تر أحدا، ثم جعلت تتردد في ذلك الموضع وهي مكروبة مضطرة مستغيثة بالله.
- فلما تمت سبع مرات تسمعت حس الملك، فبحث في الموضع الذي فيه زمزم فنبع الماء، فشربت منه وأرضعت ولدها،
- شب إسماعيل شابا حسنا، وأعجب القبيلة بأخلاقه وعلو همته وكماله، وتزوج منهم امرأة أمره إبراهيم عليه السلام بتركها ثم تزوج أخرى فأمره بإمساكها.
- عاد إبراهيم لمكة وأخبر إسماعيل أن الله أمره أن يبني البيت فعاونه إسماعيل
- فلما تَمَّ بنيانه، وتَمَّ للخليل هذا الأثر الجليل أمره الله أن يدعو الناس ويؤذن فيهم بحج هذا البيت.
- حين تمكن حب إسماعيل من قلبه، وأراد الله أن يمتحن إبراهيم لتقديم محبة ربه وخلته التي لا تقبل المشاركة والمزاحمة، فأمره في المنام أن يذبح إسماعيل، ورؤيا الأنبياء وحي من الله، فخضعا لأمر الله، فنزل الفرج
- أتم النعمة على إبراهيم، ورحم زوجته سارة على الكبر والعقم واليأس بالبشارة بالابن الجليل وهو إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب.
الفوائد
قال تعالى:
{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78] أي: الزموها.
{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: 123]
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ} [الممتحنة: 4] الآية [الممتحنة: 4] .
- ما هو عليه في التوحيد والأصول والعقائد والأخلاق وجميع ما قص علينا من نبئه، فإن اتباعنا إياه من ديننا؛ ولهذا لما كان هذا أمرا عاما لأحواله كلها استثنى الله حالة من أحواله فقال:
{إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} [الممتحنة: 4]
- أن الله اتخذه خليلا، والخلة أعلى درجات المحبة، وهذه المرتبة لم تحصل لأحد من الخلق إلا للخليلين إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وسلم.
- ما أكرمه الله به من الكرامات المتنوعة، جعل في ذريته النبوة والكتاب، وأخرج من صلبه أمتين هما أفضل الأمم: العرب وبنو إسرائيل، واختاره الله لبناء بيته الذي هو أشرف بيت، وأول بيت وضع للناس، ووهب له الأولاد بعد الكبر واليأس، ملأ بذكره ما بين الخافقين، وامتلأت قلوب الخلق من محبته وألسنتهم من الثناء عليه.
- أن الله رفعه بالعلم واليقين وقوة الحجج، قال جل ذكره:
- أن من عزم على فعل الطاعات وبذل مقدوره في أسبابها، ثم حصل مانع يمنع من إكمالها، أن أجره قد وجب على الله، كما قال الله ذلك في المهاجر الذي يموت قبل أن يصل إلى مهاجره، وكما ذكره الله في قصة الذبح، وأن الله أتَمَّ الأجر لإبراهيم وإسماعيل حين أسلما لله وأذعنا لأمره، ثم رفع عنهما المشقة، وأوجب لهما الأجر الدنيوي والأخروي.
- ما في قصصه من آداب المناظرة: طرقها ومسالكها النافعة، وكيفية إلزام الخصم بالطرق الواضحة التي يعترف بها أهل العقول، وإلجاؤه الخصم الألد إلى الاعتراف ببطلان مذهبه، وإقامة الحجة على المعاندين وإرشاد المسترشدين.
- أن من نعمة الله على العبد هبة الأولاد الصالحين، وأن عليه في ذلك أن يحمد الله، ويدعو الله لذريته.
- أن المشاعر ومواضع الأنساك من جملة الحكم فيها، أن فيها تذكيرات بمقامات الخليل وأهل بيته في عبادات ربهم، وحث على الاقتداء بهم.
- الأمر بتطهير المسجد الحرام من الأنجاس، ومن جميع المعاصي القولية والفعلية قال تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26].
- أن أفضل الوصايا على الإطلاق ما وصى به إبراهيم بنيه ويعقوب، وهو الوصية بملازمة القيام بالدين وتقوى الله والاجتماع على ذلك.
- أن على العامل أن يتقن عمله ثم يكون بين الخوف والرجاء.
- أن الجمع بين الدعاء لله بمصالح الدنيا والدين من سبيل أنبياء الله، وكذلك السعي في تحصيلهما قال تعالى: {وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37].
- مشروعية الضيافة وآدابها.
- مشروعية السلام، ومشروعية الوقوف على اسم من يتصل بك من صاحب ومعامل وضيف لقوله: {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الذاريات: 25].
- الترغيب في أن يكون أهل الإنسان ومن يتولى شؤون بيته حازمين مستعدين، فإن إبراهيم في الحال بادر إلى أهله فوجد طعام ضيوفه حاضرا لا يحوج إلا إلى تقديمه.
- أن إتيان الولد والبشارة به من سارة، وهي عجوز عقيم، يعد معجزة لإبراهيم وكرامة لسارة.
- ثناء الله على إبراهيم أنه أتى ربه بقلب سليم، قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ - إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، [الشعراء: 88 - 89].
وعد الباري أن كل محسن في عبادته محسن إلى عباده أن الله يجزيه الثناء الحسن والدعاء من العالمين بحسب إحسانه، قال تعالى: {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات: 105].

قصة يونس عليه السلام
- هو من أنبياء بني إسرائيل العظام، بعثه الله إلى أهل نينوى - من أرض الموصل - فدعاهم إلى الله تعالى فأبوا عليه، ثم كرر عليهم الدعوة فأبوا، فوعدهم العذاب وخرج من بين أظهرهم، ولم يصبر الصبر الذي ينبغي، ولكنه أَبَقَ مغاضبا لهم، وهم لما ذهب نبيهم ألقي في قلوبهم التوبة إلى الله والإنابة بعدما شاهدوا مقدمات العذاب، فكشف الله عنهم العذاب.
- الظاهر أن يونس علم انكشاف العذاب عنهم، واستمر في ذهابه عنهم، ولهذا قال تعالى:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: 87].
- قال تعالى: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الصافات: 140]، فركب في سفينة موقرة من الركاب والأحمال، فلما توسطوا البحر شارفت على الغرق، ودار الأمر بين أن يبقوا جميعا فيها فيهلكوا، وبين أن يلقوا بعضهم بمقدار ما تخف السفينة فيسلم الباقون، فاختاروا الأخير، فاقترعوا فأصابت القرعة أناسا منهم، ومنهم يونس صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141]، فألقوا فابتلعه حوت في البحر ابتلاعا.
- لما صار في جوف الحوت في تلك الظلمات نادى: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]، فأمر الله الحوت أن تلقيه بالعراء، فخرج في غاية الضعف والوهن، فلطف الله به، وأنبت عليه شجرة من يقطين، فأظلته بظلها الظليل حتى قوي واشتد.
- أمره الله أن يرجع إلى قومه فيعلمهم ويدعوهم، فاستجاب له أهل بلده مائة ألف أو يزيدون، فآمنوا فمتعناهم إلى حين.

الفوائد:
- في هذه القصة عتاب الله ليونس صلى الله عليه وسلم، وحبسه في بطن الحوت؛ ليكون كفارة وآية عظيمة وكرامة ليونس.
- من نعمة الله عليه أنه استجاب له هذا العدد الكثير من قومه، فكثرة أتباع الأنبياء من جملة فضائلهم.
- استعمال القرعة عند الاشتباه في مسائل الاستحقاق والحرمان إذا لم يكن مرجح سواها.
- يرتكب أخف الضررين لدفع الضرر الذي هو أكبر منه، ولا ريب أن إلقاء بعضهم وإن كان فيه ضرر، فعطب الجميع إذا لم يلق أحد أعظم.
- أن العبد إذا كانت له مقدمة خاصة مع ربه وقد تعرف إلى ربه في حال الرخاء، أن الله يشكر له ذلك، ويعرفه في حال الشدة، قال تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ - لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 143 - 144].
- قال صلى الله عليه وسلم: «دعوة أخي ذي النون ما دعا بها مكروب إلا فرج الله عنه: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87].
- أن الإيمان ينجي من الأهوال والشدائد لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88]

قصة يوسف ويعقوب عليهما السلام
- هذه القصة من أعجب القصص، وذكرها الله جميعا، وأفردها بسورة مطولة مفصلة تفصيلا واضحا، قراءتها تغني عن التفسير، قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7]
الفوائد:
- هذه القصة من أحسن القصص وأوضحها؛ لما فيها من أنواع التنقلات من حال إلى حال، ومن محنة إلى محنة، ومن محنة إلى منحة ومنّة، ومن ذل إلى عز، ومن أمن إلى خوف وبالعكس، ومن ملك إلى رق وبالعكس، ومن فرقة وشتات إلى انضمام وائتلاف وبالعكس، ومن سرور إلى حزن وبالعكس، ومن رخاء إلى جدب وبالعكس، ومن ضيق إلى سعة وبالعكس، ومن وصول إلى عواقب حميدة، فتبارك من قصها وجعلها عبرة لأولي الألباب.
- فيها من أصول تعبير الرؤيا المناسبة، وأن علم التعبير علم مهم يعطيه الله من يشاء من عباده،
- أن أغلب ما يبنى عليه تعبير الرؤيا المناسبات وضرب الأمثال والمشابهة في الصفات.
- فيها من الأدلة والبراهين على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قص عليه هذه القصة المفصلة المبسوطة الموافقة للواقع، وهو لم يقرأ كتب الأولين، ولا دارس أحدا كما هو معلوم لقومه، وهو بنفسه أُمي لا يقرأ ولا يكتب، قال تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} [يوسف: 102].
- أنه ينبغي للعبد البعد عن أسباب الشر، وكتمان ما تخشى مضرّته، لقول يعقوب ليوسف:
{لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف: 5].
- لا بأس من ذكر الإنسان بما يكره على وجه الصدق والنصيحة له أو لغيره لقوله: {فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف: 5].
- أن نعمة الله على العبد نعمة على من يتعلق به، ويتصل من أهل بيته وأقاربه وأصحابه، فإنه لا بد أن يصلهم ويشملهم منها جانب لقوله:{وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ} [يوسف:6]
- أن النعم الكبيرة الدينية والدنيوية لا بد أن يتقدمها أسباب ووسائل إليها، لهذا عرف يعقوب أن وصول يوسف إلى تلك الحالة التي يخضع له فيها أبوه وأمه وإخوته مقام عظيم، ومرتبة عالية، وأنه لا بد أن ييسر الله ليوسف من الوسائل ما يوصله إليها، ولهذا قال: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [يوسف: 6].
- أن العدل مطلوب في جميع الأمور الصغار والكبار في معاملة السلطان لرعيته، ومعاملة الوالدين للأولاد، والقيام بحقوق الزوجات، وغير ذلك في المحبة والإيثار ونحوها، وفي الإخلال بذلك تفسد الأحوال، لهذا لما قدم يعقوب يوسف في المحبة، وجعل وجهه له جرى منهم على أبيهم وأخيهم من المكروه ما جرى.
- الحذر من شؤم الذنوب، وانظر إلى جرم إخوة يوسف، لا بد أن الكلام في هذه القضية تسلسل وتشعب، مع استمرار أثر المصيبة على يعقوب، وعلى يوسف، فليحذر العبد من الذنوب، خصوصا الذنوب المتسلسلة، وضد ذلك بعض الطاعات تكون طاعة واحدة، ولكن يتسلسل نفعها وبركتها.
- أن العبرة للعبد في حال كمال النهاية، لا بنقص البداية، فإن أولاد يعقوب عليهم السلام جرى منهم ما جرى في أول الأمر من الجرائم المتنوعة، ثم انتهى أمرهم إلى التوبة النصوح، وفي أصح الأقوال إن الله جعلهم أنبياء لقوله: {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} [البقرة: 136]وهم أولاد يعقوب الاثنا عشر وذريتهم، ومما يؤيد هذا أن في رؤيا يوسف أنهم هم الكواكب التي فيها النور والهداية، وهي من صفات الأنبياء، فإن لم يكونوا أنبياء فإنهم علماء عباد.
- ما منَّ الله به على يوسف من العلم والحلم، والأخلاق الكاملة، والدعوة إلى الله وإلى دينه، وعفوه عن إخوته الخاطئين عفوا بادرهم به، وتَمَّم ذلك بأن أخبرهم أنه لا يثرب عليهم بعد هذا العفو، ثم بره العظيم بأبيه وأمه وإحسانه على إخوته، وإحسانه على عموم الخلقز
- أن بعض الشر أهون من بعض، وارتكاب أخف الضررين أولى من ارتكاب أعظمهما؛ فإن إخوة يوسف لما قالوا: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا} [يوسف: 9]
وقال قائل منهم: {لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} [يوسف: 10]
كان قوله أحسن منهم وأخف.
- أن الشيء إذا تداولته الأيدي، وصار من جملة الأموال، ولم يعلم المعاملون أنه على غير وجه الشرع، فلا إثم على من باشره ببيع أو شراء أو خدمة أو انتفاع. ( قصة بيع يوسف)
- الحذر من الخلوة بالنساء الأجنبيات.( امرأة العزيز)
- أن الهم الذي همَّ به يوسف ثم تركه لله ولبرهان الإيمان الذي وضعه الله في قلبه مما يرقّيه إلى الله زلفى؛ لأن الهم داع من دواعي النفس الأمّارة بالسوء، وهو طبيعة طُبع عليها الآدمي، فإذا حصل الهم بالمعصية ولم يكن عند العبد ما يقاوم ذلك من الإيمان والخوف من الله وقع الذنب، وإن كان العبد مؤمنا كامل الإيمان فإن الهم الطبيعي إذا قابله ذلك الإيمان الصحيح القوي منعه من ترتب أثره، ولو كان الداعي قويا، ولهذا كان يوسف من أعلى هذا النوع، قال تعالى: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24].
- أن من دخل الإيمان قلبه استنار بمعرفة ربه ونور الإيمان به، وكان مخلصا لله في كل أحواله، فإن الله يدفع عنه ببرهان إيمانه وإخلاصه من أنواع السوء والفحشاء وأسباب المعاصي ما هو جزاء لإيمانه وإخلاصه؛ لأن الله علل صرف هذه الأمور عن يوسف بقوله: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] على قراءة من قرأها بكسر اللام، ومن قرأها بالفتح فإن من أخلصه الله واجتباه فلا بد أن يكون مخلصا، فالمعنيان متلازمان.
- ينبغي للعبد إذا ابتلي بالوقوع في محل فيه فتنة وأسباب معصية أن يفر ويهرب غاية ما يمكنه.
- القرائن يعمل بها عند الاشتباه في الدعاوى، وذلك أن الشاهد الذي شهد أي: حكم على يوسف وعلى المرأة اعتبر القرينة فقال: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} [يوسف: 26]ومن القرائن وجود الصواع في رحل الأخ.
- ما عليه يوسف من الجمال الباهر ظاهرا وباطنا، فإن جماله الظاهر أوجب لامرأة العزيز ما أوجب، وأما جماله الباطن فهو العفة العظيمة منه مع وجود الدواعي الكثيرة.
- أن يوسف صلى الله عليه وسلم اختار السجن على المعصية، فهكذا إذا ابتلي العبد بأحد أمرين، إما أن يلجأ إلى فعل المعصية، وإما أن يعاقب عقوبة دنيوية، فعليه أن يختار العقوبة الدنيوية.
- أنه ينبغي للعبد أن يلتجئ إلى ربه، ويحتمي بحماه عند وجود أسباب المعصية، ويتبرأ من حوله وقوته لقول يوسف: {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33]
- أن العلم والعقل الصحيح يدعوان صاحبهما إلى الخير، وينهيانه عن الشر، وأن الجهل يدعو صاحبه إلى ضد ذلك لقوله: {أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33].
- كما أن على العبد عبودية لربه في حال رخائه، فعليه عبودية في حال الشدة، فيوسف صلى الله عليه وسلم لم يزل يدعو إلى الله، فلما دخل السجن استمر على ذلك، ودعا من يتصل به من أهل السجن، ودعا الفتيين إلى التوحيد قبل أن يعبر رؤياهما.
- أنه يبدأ بالأهم فالأهم، وأنه إذا سئل المفتي وكان السائل حاجته في غير سؤاله أشدّ أنه ينبغي له أن يعلمه ما يحتاج إليه قبل أن يجيب سؤاله، فإن يوسف لما سأله الفتيان عن رؤياهما، وكانت حاجتهما إلى التوحيد والإيمان أعظم، قدّمها.
- أن من وقع في مكروه وشدة لا بأس أن يستعين بمن له قدرة على تخليصه بفعله، أو الإخبار بحاله، وأن هذا لا يكون نقصا ولا شكوى إلى المخلوق ممنوعة، فإن هذا من الأمور العادية التي جرى العرف باستعانة الناس بعضهم ببعض فيها، ولهذا قال يوسف للذي ظن أنه ناج منهما: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42]
- أنه يتعين على المعلم والداعي إلى الله استعمال الإخلاص التام في تعليمه ودعوته، وأن لا يمتنع من التعليم إذا لم يفعل السائل ما كلفه به المعلم، فإن يوسف قد وصى أحد الفتيين أن يذكره عند ربه فلم يذكره ونسي، فلما بدت حاجتهم إلى سؤال يوسف أرسلوا ذلك الفتى، وجاءه سائلا مستفتيا عن تلك الرؤيا، فلم يعنفه وأجابه جوابا تاما من جميع الوجوه.
- أنه ينبغي للمسؤول إذا أجاب السؤال أن يدل السائل على الأمر الذي ينفعه مما يتعلق بسؤاله، فإن يوسف لم يقتصر على تعبير رؤيا الملك، بل دلهم مع ذلك، وأشار عليهم بما يصنعونه في تلك السنين المخصبات.
- أنه لا يلام العبد على دفع التهمة عن نفسه، بل ذلك مطلوب كما امتنع يوسف من الخروج من السجن حتى تتبين لهم براءته مع النسوة اللاتي قطعن أيديهن.
- فضيلة علم الشرع والأحكام، وعلم تعبير الرؤيا، وعلم التدبير والتربية، وعلم السياسة، فإن يوسف صلى الله عليه وسلم إنما حصلت له الرفعة في الدنيا والآخرة بسبب علمه المتنوع.
- أن علم التعبير داخل في الفتوى، لأن الله سماها فتوى في هذه السورة.
- أنه لا بأس أن يخبر الإنسان عما في نفسه من الصفات الكاملة، من العلم وغيره، إذا كان في ذلك مصلحة وسلم من الكذب، ولم يقصد به الرياء، لقول يوسف: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]
- أنه لا تذم الولاية إذا كان المتولي لها يقوم بما يقدر عليه من إقامة الشرع، وإيصال الحقوق إلى أهلها، وأنه لا بأس بطلبها إذا كان أهلا، وأعظم كفاءة من غيره.
- أن خير الآخرة له سببان لا ثالث لهما: الإيمان، والتقوى، وأن خير الآخرة خير من ثواب الدنيا وملكها، وأنه ينبغي للعبد أن يدعو نفسه ويشوقها لثواب الله، لقول يوسف: {وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يوسف: 57].
- أن جباية الأرزاق إذا أريد بها التوسعة على الناس من غير ضرر يلحقهم لا بأس به، بل ذلك مطلوب؛ لأن يوسف أمرهم بجباية الأرزاق والأطعمة في السنين المخصبات للاستعداد به للسنين المجدبات، وقد حصل به الخير الكثير.
- حسن تدبير يوسف لما تولى خزائن الديار المصرية من أقصاها إلى أقصاها، فنهض بالزراعة حتى كثرت الغلال جدا، فصار أهل الأقطار يقصدون مصر لطلب الميرة منها عندما فقدوا ما عندهم؛ لعلمهم بوفورها في مصر، ومن عدله وتدبيره وخوفه أن يتلاعب بها التجار أنه لا يكيل لأحد إلا مقدار الحاجة الخاصة أو أقل، لا يزيد كل قادم على كيل بعير وحمله، وظاهر حاله هذا أنه لا يعطي أهل البلد إلا أقل من ذلك بكثير لحضورهم عنده.
- مشروعية الضيافة، وأنها من سنن المرسلين، وإكرام الضيف، لقول يوسف: {أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [يوسف: 59].
- أن سوء الظن مع وجود القرائن الدالة عليه غير ممنوع ولا محرم؛ فإن يعقوب قال لأولاده: {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 64]، وقال: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} [يوسف: 83].
- أن استعمال الأسباب الدافعة للعين وغيرها من المكاره، أو الرافعة لها بعد نزولها غير ممنوع، لقول يعقوب: {يا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} [يوسف: 67]
- جواز استعمال الحيل والمكايد التي يتوصل بها إلى الحقوق.
- أنه ينبغي لمن أراد أن يوهم غيره بأمر لا يحب بيانه له أن يستعمل المعاريض القولية والفعلية المانعة له من الكذب، كما فعل يوسف حين ألقى الصواع في رحل أخيه، ثم استخرجها معه موهما أنه سارق، وليس في ذلك تصريح بسرقته، وإنما استعمل المعاريض، ومثل هذا قوله: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} [يوسف: 79]، ولم يقل: من سرق متاعنا.
- أنه لا يجوز أن يشهد إلا بما علمه، وتحققه برؤية أو سماع لقولهم: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف: 81].
- هذه المحنة العظيمة التي امتحن الله بها نبيه وصفيه يعقوب عليه السلام، وهو في ذلك صابر لأمر الله، محتسب الأجر من الله، وقد وعد من نفسه الصبر الجميل، ولا ريب أنه وفّى بما وعد به، ولا ينافي ذلك قوله: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]، فإن الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر، وإنما الذي ينافيه الشكوى إلى المخلوقين، ولا ريب أن الله رفعه بهذه المحنة درجات عالية، لا تنال إلا بمثل هذه الأمور.
- أن الفرج مع اشتداد الكرب، وهذه عوائده الجميلة، ليجعل من المعرفة بالله والمحبة له ما يوازن ويرجح بما جرى على العبد بلا نسبة.
- جواز إخبار العبد بما يجد، وما هو فيه من مرض أو فقر غيرهما على غير وجه التسخُّط، لقول يعقوب:{يا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: 84]، وقول إخوة يوسف: {مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} [يوسف: 88] وأقرهم يوسف.
- فضيلة التقوى والصبر، وأن كل خير في الدنيا والآخرة فمن آثار التقوى والصبر، وأن عاقبة أهلهما أحسن العواقب لقوله:{قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90].
- أنه ينبغي للعبد إذا أنعم عليه بنعمة بعد ضدها أن يتذكر الحالة السابقة؛ ليعظم وقع هذه النعمة الحاضرة، ويكثر شكره لله تعالى، ولهذا قال يوسف:{وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يوسف: 100].
- ما في هذه القصة من الألطاف المتنوعة المسهِّلة للبلاء: منها رؤيا يوسف السابقة؛ فإن فيها روحا ولطفا بيوسف وبيعقوب، وبشارة بالوصول إلى تأويلها، ولطف الله بيوسف إذ أوحى إليه وهو في الجب لتنبئنهم بأمرهم هذا، وهم لا يشعرون، وتنقلاته من حال إلى حال، فإن فيها ألطافا ظاهرة وخفية؛ ولهذا قال في آخر الأمر:{إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} [يوسف: 100]
- أنه ينبغي للعبد أن يلح دائما على ربه في تثبيت إيمانه، وأن يحسن له الخاتمة، وأن يجعل خير أيامه آخرها، وخير أعماله خواتمها، فإن الله كريم جواد رحيم


قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.

- سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعظم عون على معرفة تفسير كتاب الله، والقرآن إنما كان ينزل تبعا لمناسبات سيرته، وهذا من حكمة إنزاله مفرقا، قال تعالى:
{كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا - وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 32 - 33].
- قبل البعثة قد بغضت إليه عبادة الأوثان، وبغض إليه كل قول قبيح وفعل قبيح،
- كان من رغبته العظيمة فيما يقرب إلى الله أنه كان يذهب إلى غار حراء الأيام ذوات العدد، ويأخذ معه طعاما يطعم منه المساكين ويتعبَّد ويتحنث فيه، فقلبه في غاية التعلق بربه، ويفعل من العبادات ما وصل إليه علمه في ذلك الوقت الجاهلي الخالي من العلم، ومع ذلك فهو في غاية الإحسان إلى الخلق.
- لما تم عمره أربعين سنة، تبدَّى له جبريل صلى الله عليه وسلم وقد قدم الله له الرؤيا، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
- أول ما أنزل الله عليه:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]
فجاءه بها جبريل وقال له: اقرأ، فأخبره أنه ليس بقارئ فغطه جبريل مرتين أو ثلاثا ليهيئه لتلقي القرآن العظيم، فنزلت هذه السورة التي فيها نبوته.
- جاء بها إلى خديجة ترعد فرائصه من الفرَق، وأخبرها بما رآه، فقالت خديجة رضي الله عنها: أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق.
- بهذه السورة ابتدأت نبوته، ثم فتر عنه الوحي مدة ليشتاق إليه، وكان قد رأى الملك على صورته فانزعج، فجاء إلى خديجة أيضا ترعد فرائصه فقال: «دثروني دثروني» فأنزل الله عليه:
{يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1 - 5]، فكان في هذا: الأمر له بدعوة الخلق وإنذارهم.
- شمر صلى الله عليه وسلم عن عزمه، مع علمه أنه سيقاوم بهذا، ولكن الله أيَّده وقوَّى عزمه.
- جاءته سورة الضحى في فترة الوحي لما قال المكذبون: إن رب محمد قلاه. قال:{وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1 - 3] إلى آخرها.
- أعظم مقامات دعوته صلى الله عليه وسلم دعوته إلى التوحيد الخالص، والنهي عن ضده.
- استجاب له في هذا الواحد بعد الواحد على شدة عظيمة من قومه، وقاومه قومه وغيرهم، وهو يجادلهم ويتحداهم، وهم يعلمون أنه الصادق الأمين، ولكنهم يكابرون ويجحدون آيات الله، قال تعالى: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33]
- من مقامات النبي صلى الله عليه وسلم مع المكذبين له أنه يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادلهم بالتي هي أحسن، ويدعوهم أفرادا ومتفرقين، ويذكرهم بالقرآن، ويتلوه في الصلاة وخارجها، وكانوا إذا سمعوه صموا آذانهم، وقد يسبونه ويسبون من أنزله، ولكن أبى الله إلا أن يعلو هذا الكلام كلَّ كلام.
- من مقاماتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يسعون أشد السعي أن يكف عن عيب آلهتهم، ويحبون أن يتاركهم ويتاركوه، لعلمهم أنه إذا وصف آلهتهم بالصفات التي هي عليه من النقص، يعرفون أن الناس يعرفون ذلك، ويعترفون به، فلا أحب إليهم من التزوير، وإبقاء الأمور على علاتها من غير بحث عن الحقائق، قال تعالى{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9].
- من مقاماتهم المتنوعة مع النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يقترحون الآيات بحسب أهوائهم، فيجيبهم الله عن هذه الأقوال بأن رسوله صلى الله عليه وسلم قد أيده الله بالآيات، والله أعلم بما ينزل من آياته، وأعلم بما هو أنفع لهم
- وأحيانا يقدحون في الرسول قدحا يعترضون فيه على الله، وأنه لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، ومحمد ليس كذلك، وأنك يا محمد لست بأولى بفضل الله منا، فلأي شيء تفضل علينا بالوحي؟ . . . ونحوه من الأقوال الناشئة عن الحسد، فيجيبهم الله بذكر فضله، وأن فضله يؤتيه من يشاء، وأنه أعلم حيث يجعل رسالته.
- ومن مقاماته صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين الرأفة العظيمة، والرحمة لهم، والمحبة التامة، والقيام معهم في كل أمورهم، قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]
- لم يزل صلى الله عليه وسلم يدعو إلى التوحيد وعقائد الدين وأصوله، ويقرر ذلك بالبراهين والآيات المتنوعة، ويحذر من الشرك والشرور كلها منذ بعث إلى أن استكمل بعد بعثته نحو عشر سنين، وهو يدعو إلى الله على بصيرة.
- ثم أُسْرِيَ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعرج به إلى فوق السماوات السبع، وفرض الله عليه الصلوات الخمس بأوقاتها وهيئاتها، وجاءه جبريل على أثرها فعلَّمه أوقاتها وكيفيَّاتها، وصلى به يومين،
- انتشر الإسلام في المدينة ومن جملة الأسباب: أن الأوس والخزرج كان اليهود في المدينة جيرانا لهم، وقد أخبروهم أنهم ينتظرون نبيا قد أظل زمانه، وذكروا من أوصافه ما دلهم عليه؛ فبادر الأوس والخزرج واجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في مكة وتيقنوا أنه رسول الله، وأما اليهود فاستولى عليهم الشقاء والحسد، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، وكان المسلمون في مكة في أذى شديد من قريش، فأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة أولا إلى الحبشة، ثم لما أسلم كثير من أهل المدينة صارت الهجرة إلى المدينة.
- حين خاف أهل مكة من هذه الحال اجتمع ملؤهم ورؤساؤهم في دار الندوة يريدون القضاء التام على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فاتفق رأيهم أن ينتخبوا من قبائل قريش من كل قبيلة رجلا شجاعا، فيجتمعون ويضربونه بسيوفهم ضربة واحدة، لأجل أن يتفرق دمه في القبائل، فتعجز بنو هاشم عن مقاومة سائر قريش فيرضون بالدية، فهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
- جاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعزم على الهجرة، وأخبر أبا بكر بذلك وطلب منه الصحبة، فأجابه إلى ذلك وخرج في تلك الليلة التي اجتمعوا على الإيقاع به، وأمر عليًّا أن ينام على فراشه، وخرج هو وأبو بكر إلى الغار، فلم يزالوا يرصدونه حتى برق الفجر، فخرج إليهم عليّ.
- ذهبوا يطلبونه في كل وجهة، وجعلوا الجعالات الكثيرة لمن يأتي به، وكان الجبل الذي فيه الغار قد امتلأ من الخلق يطلبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا. فقال: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ وأنزل الله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40]>
- هاجر إلى المدينة واستقر بها، وأذن له في القتال بعدما كان قبل الهجرة ممنوعا لحكمة مشاهدة، فقال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]
- لما كانت السنة الثانية فرض الله على العباد الزكاة والصيام، فآيات الصيام والزكاة إنما نزلت في هذا العام وقت فرضها، وأما قوله تعالى:
- وفي السنة الثانية أيضا كانت وقعة بدر، وسببها أن عيرا لقريش تحمل تجارة عظيمة من الشام، خرج النبي صلى الله عليه وسلم بمن خف من أصحابه لطلبها، فخرجت قريش لحمايتها، وتوافوا في بدر على غير ميعاد، فالعير نجت والنفير التقوا مع الرسول وأصحابه، وكانوا ألفا كاملي العدد والخيل، والمسلمون ثلاثمائة وبضعة عشر على سبعين بعيرا يعتقبونها، فهزم الله المشركين هزيمة عظيمة،
- ثم في السنة الثالثة كانت غزوة أحد، غزا المشركون حتى وصلوا إلى أطراف المدينة، وخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، والتقوا في أُحد عند الجبل المعروف شمالي المدينة، وكانت الدائرة في أول الأمر على المشركين، ثم لما ترك الرماة مركزهم الذي رتبهم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم: لا تبرحوا عنه، ظهَرنا أو غُلبنا، وجاءت الخيل مع تلك الثغرة وكان ما كان، حصل على المسلمين في أُحد مقتلة أكرمهم الله بالشهادة في سبيله.
- ثم في السنة الرابعة تواعد المسلمون والمشركون فيها - في بدر - فجاء المسلمون لذلك الموعد، وتخلف المشركون معتذرين أن السنة مجدبة، فكتبها الله غزوة للمسلمين:
{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 174]
- ثم في سنة خمس كانت غزوة الخندق، اتفق أهل الحجاز وأهل نجد، وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على غزو النبي صلى الله عليه وسلم، وجمعوا ما يقدرون عليه من الجنود، فاجتمع نحو عشرة آلاف مقاتل وقصدوا المدينة، ولما سمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم خندق على المدينة، وخرج المسلمون نحو الخندق، وجاء المشركون كما وصفهم الله بقوله:
{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: 10] ومكثوا محاصرين المدينة عدة أيام، وحال الخندق بينهم وبين اصطدام الجيوش، وحصل مناوشات يسيرة بين أفراد من الخيل، وسبب الله عدة أسباب لانخذال المشركين، ثم انشمروا إلى ديارهم،
- لما رجعوا خائبين، تفرغ النبي صلى الله عليه وسلم لبني قريظة الذين ظاهروا المشركين فحاصرهم، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم،
- في سنة ست من الهجرة اعتمر صلى الله عليه وسلم وأصحابه عمرة الحديبية، وكان البيت لا يُصدُّ عنه أحد، فعزم المشركون على صد النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ولما بلغ الحديبية ورأى المشركين قد أخذتهم الحمية الجاهلية جازمين على القتال دخل معهم في صلح لحقن الدماء في بيت الله الحرام، وصار الصلح على أن يرجع النبي صلى الله عليه وسلم عامه هذا ولا يدخل البيت، ويكون القضاء من العام المقبل، وتضع الحرب أوزارها بينهم عشر سنين؛ فكره جمهور المسلمين هذا الصلح حين توهموا أن فيه غضاضة على المسلمين، ولم يطلعوا على ما فيه من المصالح الكثيرة، فرجع صلى الله عليه وسلم عامه ذلك، وقضى هذه العمرة في عام سبع من الهجرة، فأنزل الله في هذه القضية سورة الفتح بأكملها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]
فكان هذا الفتح لما فيه من الصلح الذي تمكن فيه المسلمون من الدعوة إلى الإسلام، ودخول الناس في دين الله حين شاهدوا ما فيه من الخير والصلاح والنور،
- قصة بني قريظة دخلت في ضمن قصة الخندق، أما قبيلة بني النضير من اليهود فإنها قبل ذلك حين هموا بالفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا على جانب المدينة غزاهم صلى الله عليه وسلم واحتموا بحصونهم، ووعدهم المنافقون حلفاؤهم بنصرتهم، فألقى الله الرعب في قلوبهم، وأنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجلوا عن ديارهم ولهم ما حملت إبلهم، ويدعوا الأرض والعقار وما لم تحمله الإبل للمسلمين؛ فأنزل الله في هذه القضية أول سورة الحشر: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2] إلى آخر القصة.
- وفي سنة ثمان من الهجرة، نقضت قريش العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم غزا مكة في جند كثيف من المسلمين يقارب عشرة آلاف، فدخلها فاتحا لها، ثم تممها بغزو حنين على هوازن وثقيف، فتم بذلك نصر الله لرسوله وللمسلمين، وأنزل الله في ذلك أول سورة التوبة.
- وفي سنة تسع من الهجرة غزا تبوك، ولم يتخلف إلا أهل الأعذار وأناس من المنافقين، وثلاثة من صلحاء المؤمنين، وكان الحر شديدا، والعدو كثيرا، والعسرة مشتدة، فوصل إلى تبوك ومكث عشرين يوما ولم يحصل قتال فرجع إلى المدينة؛ فأنزل الله في هذه الغزوة آيات كثيرة من سورة التوبة.
- وفي سنة تسع من الهجرة أو سنة عشر فرض الله الحج على المسلمين، وكان أبو بكر حج بالناس سنة تسع، ونبذ إلى المشركين عهودهم، وأتم عهود الذين لم ينقضوا، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سنة عشر واستوعب المسلمين معه، وأعلمهم بمناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.

والحمد لله على عظيم فضله ومنته

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 21 ذو الحجة 1439هـ/1-09-2018م, 10:23 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

المجموعة الأولى:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:

1. أحكام المعاملات المالية في القرآن الكريم [البيوع ، وكتابة الديون، والإجارة]
🔹البيوع :
قال تعالى ( وأحل الله البيع وحرم الربا )
وقال ( لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة )
وقال ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم )


🔹من الأحكام التي دلت عليها الآيات :
▪ الأصل في البيوع والمعاملات والتجارات الحل والإطلاق بما يقترن بها ويتبعها من شروط ووثائق مهما اختلف نوع التجارة ما لم يدخلها الربا أو الغرر أو الظلم

- ( من أنواع التجارة :
- تجارة الإدارة التي يديرها التجار بينهم هذا يأخذ العوض والآخر يأخذ المعوض
- التجارة الحال ثمنها المؤجل مثمنها كالسلم
- التجارة بسلعة معجلة وثمن مؤجل
- تجارة التربص والانتظار بأن يشتري السلعة وقت رخص ثمنها وينتظر الفرص من مواسم وغيرها
- تجارة التصدير والتوريد وتجارة التكسب بين الأفراد وبين الشركاء )

▪ويشترط في البيوع أن تكون بما أحل الله الاتجار به من الأطعمة والأشربة والحيوانات والعقارات والأواني وغيرها .

▪وضعت أحكام البيوع والمعاملات لتحقيق مصالح الناس ودفعا للضرر عنهم

▪ التراضي الصادر عن المعرفة بين المتعاوضين شرط في صحة المعاوضات

▪ لا تصح المعاوضات من السفيه والمجنون ومن لا يعتبر كلامه ، ويقوم أولياؤهم مقامهم في معاملاتهم .

▪يدخل الفساد في المعاملات من الربا والغرر والغش والظلم
- فبيع الحمل في البطن ، و بيع الآبق والشارد والشيء الذي لم ير ولم يوصف وكل العقود التي فيها جهالة بينة كلها تدخل في الغرر المفسد للعقد

- وكذلك الظلم والغش والتدليس وبخس المكاييل والموازين أخذا أو إعطاء داخل في أكل مال الغير بالباطل وهو من أعظم المحرمات ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل )

🔹 من أنواع الربا :
▪الربا المحرم هو ربا الفضل وربا النسيئة
- فأما ربا الفضل فهو بيع المكيل أو الموزون بمكيل او موزون من جنسه متفاضلا
ذلك أن شرط حل البيع إذا اتحد الجنس التماثل والتقابض ..، تماثل نوعي المكيلين العوض والمعوض ، والقبض للعوضين في مجلس البيع فإذا تفاضل أحد الجنسين كان ذلك ربا فضل محرم .

- وأما ربا النسيئة فهو بيع المكيل بالمكيل لأجل أو من غير قبض ، سواء كان من جنسه أو من غير جنسه ، ويستثنى منه السلم .
ومنه ربا الديون .. حيث يشترط الدائن على المدين زيادة في الدين بزيادة الأجل ، فيتضاعف الدين على المدين بلا نفع ولا انتفاع ، وإنما لإعساره فقط .

- توعد الله آكل الربا وعيدا شديدا ، ففي الدنيا ( يمحق الله الربا ) ، وآذنهم الله بحرب ( فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) ما لم يتوبوا ؛ وأما يوم القيامة فيقوم كالذي به مس من الشيطان يتخبط في حركاته لما هو مقبل عليه من هول ..

- إن تاب المرابي فله رأس ماله والزيادة لا تحل له ( وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون )

- الميسر والغرر مفسدات للمعاملات والبيوع وكلاهما محرم ، فالميسر يدخل في المغالبات والمراهنات كما يدخل فيه الغرر والجهل والمخاطرة في البيوع

🔹 الديون :
( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ...) إلى ( والله بكل شيء عليم )
- الأصل في القرض أنه إحسان من المقرض للمقترض

- لا يجوز للمقرض اشتراط نفع أو محاباة او أي منفعة أو معاوضة لأجل القرض ، إذ كل قرض جلب نفعا فهو ربا ... فتلك المنفعة لأجل القرض ربا محرم
إذ القرض دراهم بدراهم مؤجلة ، فأي نفع فيها ربا

- البعد عن الربا سبب للبركة وصلاح الدين والدنيا

من فوائد آية الدين :
- الأمر بكتابة المعاملات والإشهاد عليها وهو للندب والاستحباب عموما ، إلا فيما لا سبيل لحفظ الحق فيه إلا بالكتابة كالدين المؤجل او غير المقبوض
- أن يكون الكاتب عدلا عارفا بالكتابة وبما يكتب
- أن لا يكتب الكاتب إلا ما أملاه عليه صاحب الحق الرشيد ، أو وليه إن كان عاجزا عن الإملاء بنفسه
- الإقرار أعظم الطرق التي تثبت بها الحقوق في الذمم
كما تثبت بها براءة الذمة المشتغلة بالحقوق إذا أقر صاحب الحق بالقبض أو الإبراء
- الكتابة والإشهاد والرهن وسيلة لحفظ الحقوق في السفر أو غيره وفيها صلاح للعباد في معاملاتهم وجريان لها على القسط
وكذلك الضمان والكفالة من الوثائق الحافظة للحقوق ...( وأنا به زعيم ) أي ضامن وكفيل ...
- نصاب الشهادة في المعاملات رجلان مرضيان أو رجل واحد وامرأتان ، وقبل رسول الله شهادة واحد مع يمين صاحب الحق
- تقوم المرأتان مقام الرجل في الشهادة ( فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء )
- من نسي شهادة فتذكرها أو ذكر بها فذكرها فشهادته صحيحة ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى )
- لا يحل للشاهد أن يشهد إلا بما علم وتيقن منه
- لا تقبل شهادة الفساق والمجهولين ، وينبغي لمن يشهد أن يرتضي الناس شهادته ويعتبرونه
- لا بأس بعدم كتابة التجارة الحاضرة لكون التقابض يغني عن ذلك ، ولما فيه من المشقة
- لا ينبغي ترك الشهادة في المعاملات المهمة
- ينبغي للمعاملان أن لا يضارا الكااتب ولا الشهيد فلا يكلفانه ما لا يطيق أو ما يتضرر به
وكذلك على الشاهد والكاتب ألا يحيفا لغرض من الأغراض ولا يجورا ، ولا يجوز إخفاء الشهادة أو كتمانها وكتمان الحق فيها ، فشهادة الزور من أعظم الكبائر لما فيه من ظلم وإضاعة للحقوق إذ قد يثبت ما ليس بثابت أو يبرئ من حق ثابت وهو بذلك كاذب ، فيحصل الظلم وأكل المال بالباطل
- استحباب تعلم الكتابة ، فالكتابة نعمة من الله ينبغي شكرها بأن لا يكتب الكاتب إلا كما علمه الله
- استحباب تعلم الأمور المتعلقة بالمعاملات وكتابة الوثائق والاصطلاحات الجارية بين الناس فيها لمن عمل في الكتابة في المعاملات لينتفع الناس بحفظ حقوقهم ويطمئنوا له .
- خط الكاتب المعروف صاحبه وثقته معتبر في حياته وبعد موته
- الرهن يكون في السفر والحضر ، وإنما قيده بالسفر لصعوبة وجود الكاتب فيه
- ثبوت الولاية على القاصر كالصغير والسفيه والمجنون ( فإن كان الذي عليه الحق سفيها او ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل )
- من عمل عملا أحسن فيه ينبغي أن يتم إحسانه
فيشكر للمحسن إحسانه ، وييسر على المعسر ، ولا يضار أحدا
- يجوز التعامل بين الناس بمجرد الثقة والأمان دون تثبيت بالكتابة والوثائق

🔹 الإجارة :
قال تعالى ( إن خير من استأجرت القوي الأمين )
وقال ( رب اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم )

- ينبغي أن يتخير في الإجارات والجعالات والأمانات والولايات من جمع الوصفين :
القوة في العمل والكفاءة فيه
والأمانة إذ بها تتم الثقة ويعلم نصحه وبذله الواجب

فإن وجد القوي الأمين يتمسك به ، وإلا الأمثل فالأمثل .

- نقص الأعمال إن وجد فلنقص في أحد الوصفين : القوة أو الأمانة .

▪و من فوائد دراسة أحكام البيوع والدين والإجارة :
- معرفة ما يصلح عليه امور العباد في معاشهم ، وما يضرهم من المعاملات

- التعرف على أحكام المعاملات لممارستها يوميا في حياتنا ، ولا بد لتحري الحلال واجتناب الحرام من معرفة تلك الاحكام وفقهها

- إدراك عظمة الشارع وحكمته في ما وضع من أحكام فيها مراعاة للمصالح وتحقيق للعدل ودفع للمفاسد

- معرفة ما يفسد المعاوضات المالية ويحرمها .

2. جوامع الحكم والقضايا في الأصول والفروع
- قال تعالى : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله )
- ( لتحكم بين الناس بما أراك الله )
- وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط )
- ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول )
- ( فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله )
- ( ومن أحسن من الله حكما ) ( وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا )


هذه الآيات يعضد بعضها بعضا وتبين بمجموعها أمورا :
- أن الحكم بما أنزل الله هو الحكم بالحق والعدل والقسط ، إذ لا يخرج العدل والحق عما جاء به رسول الله
- وأن الأمور والنوازل والنزاعات دينية كانت أو دنيوية كلها ينبغي ردها إلى الله ورسوله إذ لا حكم إلا ما حكم الله ورسوله ، ولا خير إلا في ذلك
- أن حكم الله ورسول أعدل الأحكام وأحسنها وأقومها وأصلحها
- أن كلمات الله وشرائعه تمت من كل وجه صدقا في إخبارها عدلا في أحكامها وأوامرها ونواهيها
- كل حكم خرج من العدل إلى الظلم ومن الصلاح إلى الفساد ليس من الشرع
- شرع الله محكم الأصول والفروع موافق للمعقول الصحيح والميزان العادل ...

- وقد تفرعت من هذا الأصل العظيم أصول وفروع ، وقواعد كلية اندرجت تحتها كثير من أحكام الفقه الفرعية ... ومن تلك القواعد الكلية :
▪إنما الأعمال بالنيات ، والأمور بمقاصدها وهو أصل جامع لكل أفعال العباد عبادات كانت أو معاملات أو أعمال مختلفة ...

▪الأصل في العبادات الحظر ، وفي المعاملات الإباحة ( وسيأتي توضيحها )

▪المشقة تجلب التيسير ،
والضرورات تبيح المحظورات ،
والضرورة تقدر بقدرها ...
وفي هذا أن الواجب يسقط بالعجز عنه كلية ، وإذا قدر على بعضه وجب عليه ما يقدر منه وسقط ما يعجز عنه وذلك في العبادات والحقوق الواجبة .

▪إذا تعذر الأصل يصار إلى البدل
وذلك في العبادات والمعاملات والحقوق
ففي العبادات إذا تعذر عليه صيام أيام من رمضان في وقتها صام بعدد ما أفطره بعده
وفي الحقوق إذا أتلف شيئا عليه ضمانه وتعذر عليه رد مثله رد قيمته بدلا عن مثله

▪ إذا تعارضت مفسدتان روعيت الأشد ضررا بارتكاب أخفهما ضررا لدفع الأشد ، وإذا تزاحمت مصلحتان قدم الأعلى نفعا منهما
فالشرع شرع لتحقيق المصالح ودفع المفاسد و تعطيلها قدر الإمكان

▪لا ضرر ولا ضرار في كل معاملة أو خلطة أو جوار وغيرها .

▪جميع الأحكام من أصول وفروع لا تتم ولا تكتمل ويحصل مقتضاها إلا باجتماع شروطها وأركانها وانتفاء موانعها ومفسداتها

من الأحكام الكلية في القضايا والخصومات :
1- الإقرار معتبر
- إقرار من عليه الحق معتبر في القليل والكثير

2- البينة على المدعي :
- البينة على المدعي لإثبات الحق أو المدعي لبراءة الذمة من الحقوق الثابتة ، واليمين على من أنكر
فالمدعي مهما ادعى عليه البينة ، ومن عليه الحق يعتبر إقراره وإذا أنكر فيعتبر يمينه
- البينة اسم جامع لكل ما بين الحق ...
- البيان مراتب ؛ بعضها يصل إلى درجة اليقين وبعضها توصل إلى غلبة الظن

3- الأصل بقاء ما كان على ما كان ،
4- واليقين لا يزول بالشك في العبادات والمعاملات
5- والأصل براءة الذمة حتى يتيقن اشتغالها
فهذه القواعد الثلاث يؤخذ منها :
أن ما شك فيه يرجع فيه على ما تيقن ويبنى عليه ...
فمن ادعى الأصل يقبل منه ، ومن ادعى خلاف الأصل لا يقبل منه إلا ببينة ،
ومن ادعى براءة ذمته بنى على الأصل ، فيقبل منه حتى يتيقن اشتغالها
والأصل بقاء ما كان في الذمة من الحقوق حتى يتيقن استبراؤها وأداؤها او إسقاطها وسقوطها ...
والأصل في العقود بين المسلمين السلامة حتى يثبت ما يفسدها

6 - إذا تساوت الترجيحات
- عند تساوي الترجيحات ومقادير الأشياء إما يقسم بينها بالتساوي وجعل الزيادة والنقص بحسب ذلك وإما بالقرعة إذا تعذرت القسمة

7- ومن القواعد الكلية :
قواعد تتعلق بضمان المتلف :
- من باشر لإتلاف مال أو تسبب فيه عامدا أو جاهلا أو ناسيا فهو ضامن لما أتلف
وإذا اجتمع مباشر ومتسبب فالضمان على المباشر إلا إذا تعذر تضمينه لفقد أو عسر او امتناع فيضمن المتسبب . عملا بقاعدة ( يضاف الفعل إلى الفاعل لا إلى الآمر ما لم يكن مجبرا )

- أن الغاصب ضامن إذا تلف المغصوب عنده فرط فيه أو لم يفرط لكونه أخذه بغير وجه حق وثبوت يده عليه على وجه الظلم والعدوان ، بخلاف المؤتمن الذي لو تلفت عنده الأمانة بغير تفريط منه ولا تعد لم يكن ضامنا

- ما تلف من المأذون به فغير مضمون ، وما تلف من غير المأذون به فمضمون

- ضمان المتلف يكون مثليا إن أمكن المثل وإلا يصار إلا قيمته إن تعذر المثل .

- من وجب عليه شيء من الأمور أجبر عليه بحق ، ومن أتلف شيئا لدفع أذاه لا ضمان عليه ، فإن أتلفه للانتفاع به ضمنه

ومن تلك القواعد :
8 - من أدى عن غيره دينا واجبا بنية الرجوع فإنه يرجع ولو لم يؤذن له في ذلك

9 - الصلح والإصلاح خير بين أصحاب الحقوق خصوصا عند اشتباههااو تناكرها او تعذر استيفائها أو تعسره

10 - اعتبار العدالة في الشهود فيكونون ممن يرتضى من الشهداء
فقبل الشارع شهادة العدل وأسقط شهادة الكاذب والقاذف قبل التوبة
وأمر بالتثبت في خبر الفاسق والمجهول

11 - قبول قول الأمناء على ما في أيديهم مما هم عليه أولياء إما ولاية شرعية أو وكالة أو وصاية او نظارة للاوقاف ، فقول هؤلاء مقبول في الداخل والخارج من المصاريف ، ولا يمنع ذلك من محاسبتهم وتبين وجه النقص والتلف إن وجد لأن الشارع حاسب عماله واستدرك عليهم ، ولا بد أن يعرف الأمين من الخائن

12- من سبق إلى مباح فهو أحق به
من ذلك السبق إلى المجالس في المسجد ، أو إلى الصيد في البر أو البحر ، أو إلى إحياء الموات

13 - من وصف شيئا مع غيره ، والغير لا يدعيه له يعتبر الوصف بينة

14 - من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه

من الأحكام الكلية في المعاملات
- الأصل في المعاملات والاستعمالات الإباحة فلا يحرم إلا ما حرم الله ورسوله ، ومن حرم ما لم يحرمه الشارع فهو مبتدع ؛ بينما الأصل في العبادات الحظر فلا يشرع إلا ما شرع الله ورسوله ، ومن شرع في العبادات ما لم يشرعه الشارع فهو مبتدع

- المعاملات الجائرة كالغرر والظلم والميل بغير الحق ملغاة

- لا بد من التراضي بين المتعاملين في عقود المعاوضات والتبرعات ، فلا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه

- ومن القواعد أن من عمل عملا لغيره بعوض لم يسم أو سمي تسمية فاسدة أو جهلت التسمية يصار فيه إلا أجرة المثل وعوض المثل

- على العمال تكميل أعمالهم بغير نقص ، وعلى من يعمل عنده تكميل أجر العامل بغير تأخير ولا نقص

- وجوب الوفاء بالعقود والشروط التي يشترطها أحد المتعاقدين ما لم تحل حراما أو تحرم حلالا

- العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني ، فالشرع اعتبر المقاصد والنيات في كل المعاملات ، وبالتالي فكل حيلة يتوصل بها إلى محرم حرام ، كالتحايل على الربا ببيع العينة وغيرها

- تنعقد جميع العقود اللازمة والجائزة من معاوضات وتبرعات وفسوخ بما دل عليها من ألفاظ أو أفعال

- كل ما ألحق بالالفاظ بشرط اتصاله بها لفظا او حكما من استثناءات وأوصاف أو قيود تعتبر وتقيد الكلام وذلك في العقود والفسوخ والوصية والعتق والطلاق والأيمان والإقرارات وغيرها

- إثبات الخيار في كل عقد ظهر في العوض المعين عيب ينقصه ، وإذا لم يكن رد تعين الأرش وأسقط النقص ... وهو من العدل

- ومن أحكامه جعل المجهول كالمعدوم
فالأموال التي جهل ملاكها يتصدق بها عنهم أو تبذل في المصالح العامة ، وكذلك اللقطة ، ومن مات ولا وارث له تركته لبيت المال للمصالح العامة

- العادة محكمة ، فإذا تعذر التعيين شرعا ولفظا يصار إلى العرف ، كالرجوع للعرف في نفقة الزوجة والأقارب والأجراء ، وكالشروط العرفية في المعاملات إذا اطردت بين الناس

- الشركاء في الأملاك والمنافع يلزمون بكل ما يعود إلى حصول المنافع ودفع المضار عن الأملاك التي هم فيها شركاء كل بقدر ملكه

- التشريك في الوصايا والهبات والإقرارات وإيقاع العقود والفسوخ على الأعيان يقتضي المساواة بين الشركاء في شيء من ذلك إلا إن دل دليل على المفاضلة بينهم ؛ كذلك ما لم يعلم مقدار ما لكل منهم فإنهم يتساوون فيها .

- وجوب العدل بين الزوجات والأولاد وذوي الحقوق الذين لا مزية لأحدهم على الآخر
مثل اشتراك الملاك في الزيادة المترتبة عليها علي قدر أملاكهم والنقص على قدر أملاكهم إذا اعتراها نقص فيشتركون في الزيادة والنقص كل على قدر ما يملك

3. قصة إبراهيم عليه السلام
قصة إبراهيم عليه السلام وردت عدة مرات في القرآن الكريم ، كل مرة تناولت الآيات جانبا من جوانب قصته عليه السلام
وبينت جوانب من فضله ومكانته ...
ومن ذلك :
- أن الله آتاه الحجة على قومه ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه )
وتظهر قوة حجته في مواقف عدة :
- منها عندما حاج قومه وناظرهم في من هو الإله الحق المستحق للعبادة ، فسلم لهم فيما قالوه لينقضه ويقيم الحجة عليهم ... فهم كانوا صابئة عبدة نجوم وكواكب ... فقال موافقا لهم وهو يعلم يقينا بطلان ما ذهبوا إليه لما رأى كوكبا قال لهم ( هذا ربي ) ، فلما غاب قال ( لا أحب الآفلين ) ، ثم انتقل إلى القمر ، ثم إلى الشمس التي هي أكبر جرم نراه ، فإذا كانت هذه الأجرام تأفل وتغيب فكيف تستحق أن تعبد من دون الحي الذي لا يموت ... وإنما من يستحق العبادة لذلك قال ( يقوم إني بريء مما تشركون ، إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا ) هو الذي فطر السموات والأرض وهذه الأجرام التي تعبدونها من دون الله ولا تملك لكم ضرا ولا نفعا

- وقد خص إبراهيم عليه السلام أبوه آزر بدعوته وألان له الكلام وخاطبه بالعقل والمنطق ثم بالترغيب والترهيب وكان في كل ذلك متحببا له ( يا أبت ) ، فلما هدده أبوه انصرف عنه قائلا ( سلام عليك سأستغفر لك ربي )

- ثم عندما وجد إبراهيم عناد قومه قرر أن يباشر عملا بيده يلزمهم به الحجة من كل وجه ، فانتظر عيدا من أعيادهم رجع فيه إلى معبدهم فكسر كل أصنامهم إلا أكبرهم ليقيم الحجة به عليهم ، فلما رجعوا واستاؤوا مما رأوا قالوا ( من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين ، قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم )
فلما سألوه أراد أن يواجههم بحقيقة ما يعبدون لعلهم يعقلون فقال لهم ( بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ) فهنا ألقمهم الحجة إذ لم يعد لديهم ما يقولون إلا الإقرار بأن أصنامهم لا تنطق فكيف تجيبهم ، فأظهر لهم سفاهة عقولهم في عبادة ما لا ينطق ولا يفقه ولا يعقل شيئا ... ومع ذلك تمادوا لانقطاع حجتهم فأوقدوا له نارا عظيمة ليحرقوه بها فجعلها الله بردا وسلاما على إبراهيم ... وكانوا هم الخاسرين بفعلهم

- وكذلك حاجج النمرود ملكهم الذي حاول ادعاء القدرة على التصرف في الأشياء( قال أنا أحيي وأميت ) فبهته إبراهيم بقوله ( قال فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر )

-ثم خرج من أرض بابل بزوجه سارة وابن أخيه لوط إلى الشام
وهناك مر بملك مصر الذي أراد سارة على نفسها فدعت عليه فتركها واهداها هاجر ، والتي أهدتها سارة لإبراهيم ليتسرى بها لعله يأتيه منها الولد ، فلما ولدت إسماعيل عليه السلام غارت سارة وحلفت ألا تساكنها هاجر في بلدها ، فانطلق بها إبراهيم وبولده إسماعيل إلى مكة ( بواد غير ذي زرع ) وترك معها زادا وسقاء ودعا لهما ثم قفل راجعا
فلما نفد الماء والزاد عطشت وعطش صغيرها فصارت تسعى بين الصفا والمروة تبحث عن الماء ، فبعد إتمامها سبع مرات جيئة وذهابا جاء جبريل فبحث في الموضع الذي فيه زمزم فنبعت زمزم ، وفرحت هاجر اذ شربت وارتوت وأرضعت ولدها وحوطت الماء بيديها وزمته ...
ثم نزلت قبيلة جرهم على الماء ، وشب بينهم إسماعيل عليه السلام وتزوج منهم ، وتوفيت هاجر
وجاء إبراهيم يتفقد تركته ويخبر إبراهيم بأمر الله له ببناء الكعبة
- بنى إبراهيم وإسماعيل الكعبة لتكون أول بيت وضع للناس
- أمر الله إبراهيم عليه السلام بإيذان الناس في الحج ودعوتهم إليه
- ثم رأى في منامه ورؤيا الأنبياء وحي أنه يذبح ولده إسماعيل فأخبر ولده بذلك فقال ( يا أبت افعل ما تؤمر ) ، فلما استسلما لأمر الله جاءه الفداء ( وفديناه بذبح عظيم ) فكان في ذلك إشارة أن المأمور يتم تنفيذه بالسير في أسبابه وإن لم تحصل نتائجه
- ثم أتم الله على إبراهيم وسارة وبشرهما بإسحق ولدا لهما وذلك عندما كانت الملائكة ذاهبة للوط عليه السلام في إهلاك قومه ، إذ ضيفهم إبراهيم فلما لم يأكلوا أوجس منهم خيفة فأخبروه بحقيقتهم وبشروه بإسحق عليه السلام .

🔹من فوائد القصة :
- نحن مأمورون باتباع ملة أبينا إبراهيم ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ) مع وجوب الاقتداء برسل الله كلهم في أحوالهم الدينية
فأمرنا الله بالاقتداء به والتأسي بإبراهيم عليه السلام بكل أمر إلا ما كان من استغفاره لأبيه ( إلا قول إبراهيم لأستغفرن لك ) لأننا نهينا عن الاستغفار للمشركين ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه )

فضل إبراهيم عليه السلام :
وإبراهيم عليه السلام خليل الرحمن ، والخلة للرحمن لم ينل شرفها إلا إبراهيم عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم
- وقد وصفه الله بأوصاف كريمة وميزه بخلال عظيمة .. فهو أمة ( إن إبراهيم كان أمة ) وهو الحليم الأواه المنيب ( إن إبراهيم لحليم أواه منيب )
وكذلك وصفه ب( إلا من أتى الله بقلب سليم ) أي من الآفات والشرور
- ومن فضله عليه السلام أن الله جعل في ذريته النبوة والكتاب
- ومن صلبه خرجت افضل أمتان : العرب وبنو إسرائيل
- واختاره الله لبناء الكعبة التي هي أشرف البيوت وأول ما وضع لعبادة الله في الأرض
- أنه وهب له إسماعيل وإسحاق على كبره وسنه
- ومما يدل على فضله كذلك أن الله آتاه الحجة على قومه ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه )

- من عزم على فعل الطاعة وبذل أسبابها ثم منع مانع من إتمامها وجب أجره على الله وكان كمن عملها ... فالخليل وولده حققا الاستجابة لله في ذبح إسماعيل ، فلما أسلما فداه الله بالذبح العظيم

- ومن فوائدها تعلم كيفية مناظرة الخصم ومحاججته لإبطال حجته وإلزامه الحجة من كل وجه ..

- أن الولد الصالح من أعظم نعم الله على عباده التي تستوجب الشكر ( الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق ) وهو كذلك من أعظم ما ينفع العبد بعد وفاته ( ولد صالح يدعو له ) ، وكذلك يدعو العبد لذريته بالصلاح والهدى ( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي )
- إسحق كان معجزة لإبراهيم عليه السلام وكرامة لسارة ، فهي عجوز عقيم ، وإبراهيم كبير بالسن ...

- أن المشاعر والنسك في المسجد الحرام فيها تذكير بنقام وأفعال إبراهيم عليه السلام وزوجه هاجر

- تعظيم المسجد الحرام وتطهير من كل رجس ودنس لفظي أو فعلي

- أفضل ما يوصى به الولد وصية إبراهيم لبنيه بالتزام دين الله وعدم الحيدة عنه

- أن المسلم يعمل الطاعة والقربة وهو يخشى ألا يتقبل منه فيدعو الله بالقبول وقلبه معلق بين الخوف والرجاء

- يحرص العبد على جوامع الدعاء وعلى ما يصلحه ويصلح حاله وأهله في الدنيا والآخرة

- آداب الضيافة ومشروعية إكرام الضيف ، فضيف إبراهيم مكرمون ، وقد خدمهم بنفسه وراغ إلى أهله فأتاهم بعجل حنيذ مشوي وقربه إليهم ولم ينقلهم إليه ليأكلوا ، وعرض عليه عرضا لا أمرا

- أن عدم أكل الضيف من طعام مضيفه يوحشه ، وكذلك عدم التعريف بالاسم يوحشه

- استحباب السلام ابتداء ووجوب رده

- الترغيب في كون الأهل دائما مستعدين لما يراد منهم في شؤون البيت

- هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، فوعد الله المحسن بالحسنى ( إنا كذلك نجزي المحسنين )

4. قصة يونس عليه السلام
يونس بن متى عليه السلام من أنبياء بني إسرائيل ، بعث إلى أهل نينوى فدعاهم إلى الله فأبوا عليه فوعدهم بالعذاب وخرج من عندهم غاضبا ولم يصبر عليهم ، فلما رأوا بوادر العذاب آمنوا جميعا ( إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم العذاب ) ...
وأما يونس عليه السلام كان قد خرج غاضبا منهم وركب البحر فماج ، فرأى من في السفينة أنه لا بد من تخفيف حملها بالاقتراع ورمي من تخرج قرعته في البحر ، فخرجت القرعة فيمن خرجت على يونس فألقي في البحر فالتقمه حوت عظيمه وابتلعه دون أن يمسه أذى
ثم لما دعا الله ( فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) كشف الله عنه كربه وأمر الحوت أن يقذفه ، وأنبت عليه اليقطين فشفي وعاد إلى قومه فآمن معه مئة ألف أو يزيدون .

🔹 من فوائد القصة :
- فضل الله على أنبيائه ، فمن فضله على يونس أن نجاه من بطن الحوت ، وأن قومه أسلموا

- جواز الاقتراع عند تعذر القسمة أو تعذر الاختيار بإنصاف ، فتحل القرعة لتضمن تساوي الاحتمالات .

- إذا تعارضت مفسدتان روعيت الأشد ضررا وهي هنا غرق أهل السفينة كلهم ، بارتكاب الأخف ضررا وهي الاقتراع وإلقاء من يخرج سهمه .

- إذا تعرف العبد على ربه في الرخاء يشكر الله له ذلك حال الشدة ( فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون )

- فائدة دعوة الهم والغم أنه ما دعا مهموم إلا فرج عنه
( فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )

- الإيمان سبب للنجاة من الكرب ( وكذلك ننجي المؤمنين )

- ضرورة صبر الداعية على من يدعوهم ، فما حصل مع يونس عليه السلام كان عتابا من الله لتعجله على قومه إذ أنهم آمنوا بعد ذلك ...

- أن الهداية والتوفيق لها بيد الله وحده ، فمهما بلغت دعوة الداعية وحجته فإنه لن يهدي من أضل الله ، لكن عليه البلاغ ...

5. قصة يوسف ويعقوب عليهما السلام
قصة يوسف ويعقوب عليهما السلام من القصص التي بسطت وفصلت في سورة كاملة تناولت القصة كلها من أولها إلى منتهاها وهي سورة يوسف ...
حيث بدأت السورة من رؤيا يوسف عليه السلام التي قصها على والده فأمره بكتمانها عن إخوته خوفا عليه من كيدهم
- ثم تآمر إخوته عليه وإلقاؤه في الجب حتى جاء بعض السيارة فأخذوه وباعوه لعزيز مصر الذي أكرمه حتى شب عنده
- ثم ما حصل من امرأة العزيز من مراودة يوسف عن نفسه ، وما ترتب عليه من دخوله السجن
- ثم تعبيره الرؤيا لصاحبي السجن الذي خرج أحدهما منه
- ثم رؤيا الملك التي ذكرت صاحب السجن بيوسف ومعرفته بتأويل الرؤيا فأول رؤيا الملك فجعله على خزائن مصر بعد أن برأه في قضية النسوة
- ثم التقاؤه بإخوته حيث عرفهم ولم يعرفوه
- ثم ما فعله ليأخذ أخاه معه ، وما جرى من يعقوب عليه السلام في حثه أولاده للبحث عن يوسف وأخيه وعدم اليأس من ذلك
- ثم تعريف يوسف بنفسه لإخوته وتوبتهم عن فعلهم به وأذاهم لوالدهم وله
- ثم حضور والديه وإخوته الأحد عشر إلى مصر وهو عزيزها فتمت له رؤياه التي رأى أن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر سجدوا له ... وتم فضل الله عليه وعلى والده وإخوته بأن جمعهم ورد بصر والدهم وتاب عليهم

🔹من فوائد هذه القصة :
- قصة يوسف عليه السلام من أحسن القصص كما سماها تعالى حيث تنتقل القصة من حال إلى حال ، من ضيق إلى سعة ، ومن سعة إلى ضيق ، ومن منحة إلى محنة ومن محنة إلى منحة ، ومن رق إلى ملك ، ومن شتات وكيد إلى اجتماع ومحبة ، ومن الضيق إلى الفرج ... ولذلك كانت من أحسن القصص وأعظمها عبرا .

- هذه القصة بتفاصيلها وغيرها من قصص الأنبياء من أدلة صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حيث كانت مطابقة لما حصل فعلا مع كونه عليه السلام لم يقرأ كتابا ولم يسمع بها من غيره .

- أن علم تعبير الرؤى علم يعطيه الله من يشاء من عباده ، وأغلب ما يبنى عليه المناسبات وضرب الأمثال ، فرؤياه هو : الشمس والقمر وأحد عشر كوكبا
أولها بوالديه وهما الشمس والقمر ، وأخوته الأحد عشر وهي الكواكب ، والسجود تعظيم ، وقد حدث هذا حينما دخلوا عليه مصر وهو عزيزها

ورؤيا السجينين أن من يعصر خمرا يصنعه لغيره لذلك هو خادم يعصر ويسقي
ومن تأكل الطير خبزا من رأسه أنه يصلب ويترك حتى تأتي الطير فتأكل من راسه

ورؤيا الملك عبر البقرات السمان والسنبلات الخضر بالسنين المخصبة ، والبقرات العجاف والسنبلات اليابسات بالسنين المجدبة
فالبقر وسيلة الحرث ، والسنبلات حصاد ما يزرع ...
وأما العام الذي فيه يغاث الناس وفيه يعصرون فلكون العجاف سبع سنين أي لا بد من انتهائها بعد السبع ، ولانتهائها وزوال الجدب لا بد من عام كثير الخير

- لا بد من كتمان ما يخشى ضرره على العبد ( لا تقصص رؤياك على إخواك فيكيدوا لك كيدا )

- لا بدمن النصيحة للغير وإن كانت بذكر ما يكره الإنسان أحيانا ( فيكيدوا لك كيدا )

- النعم التي تصل العبد تصل إلى أهل بيته كذلك ( ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب )

- نعم الله الكبيرة لا بد من أن يتقدمها أسباب ووسائل ليكون العبد مستحقا لنيل تلك المطالب والنعم ( وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث )

- العدل مطلوب خصوصا بين الأولاد ، فما كان ما كان من إخوة يوسف إلا لتفضيل يعقوب عليه السلام يوسف عليهم وشعورهم بذلك ( إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا )

- الحذر من الذنوب مهما بدا الذنب صغير ، فالذنب شر متسلسل يجر الواحد الآخر .. فإخوة يوسف بدأوا بالتخلص من يوسف ، ثم الكذب ، والتزوير إلى آخر ما فعلوه

- مهما بلغ الذنب بالعبد فباب التوبة مفتوح والعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية ، فإن الله تاب على إخوة يوسف لما تابوا

- لا ييأس العبد من روح الله ( ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) فيعقوب عليه السلام رغم أن المعطيات أمامه لا فرج فيها ، لكنه لم ييأس من رحمة الله وظل ينتظر يوسف عليه السلام ويدعو الله حتى جمعه الله به

- مكانة يوسف عليه السلام وفضله ومنة الله عليه حين عصمه من الفتنة وحين علمه من تأويل الأحاديث
وجعله على خزائن مصر وجمعه بأهله أجمعين بعد إزالة ما نزغ الشيطان بينهم ...

- ما متع الله به يوسف عليه السلام من جمال الظاهر والباطن ولذلك شغفت به امرأة العزيز وفتنت به النسوة

- بعض الشرور أهون ضررا من بعضها ، فإلقاء يوسف في الجب كان أهون من قتله ، واختياره السجن كان أهون من فتنة النساء

- الحذر من الخلوة بالأجنبية التي لا تحل للعبد ، والحذر من الحب الذي يخشى ضرره

- ما في قلب العبد من توحيد الله ومراقبته وخشيته يعصمه من الفتن بإذن الله ( لولا أن رأى برهان ربه )

- لا يؤاخذ العبد بالهم على المعصية ما لم يتبع همه فعلا

- لا بد للعبد إذا تعرض للفتنة وأسباب المعصية أن يجتهد في الفرار منها ، وأن يلجأ إلى الله فيدعوه ليعصمه ويحميه فيتبرأ من حوله وقوته إلى حول الله وقوته
وإذا ابتلي بأحد أمرين إما العقوبة الدنيوية أو التعرض لغضب الله آثر عقوبة الدنيا على غضب الله لأن عقوبة الدنيا تكون له ابتلاء ورفعة وثوابا

- يعمل بالقرائن عند الاشتباه في الدعاوى ، فالشاهد اعتبر القرينة ( وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت )

- عبودية العبد لله حال ملازمة له لا تنفك عنه في حال رخائه وشدته

- أن يغتنم العبد أي فرصة بين يديه ليدعو العباد إلى الله فيقدم الأهم وهو توحيد الله والدعوة إليه على غيره من المهمات كما فعل يوسف حين دعا فتيي السجن قبل تأويل رؤياهما

- لا بأس من الاستعانة بالناس فيما يقدرون عليه ، فقد قال يوسف لفتى السجن ( اذكرني عند ربك )

- أن المسؤول إذا سئل عن أمر لم يكتف ببيان جواب السائل فقط بل حرص على بيان ما ينفعه مما يتعلق بسؤاله ، فكذلك فعل يوسف حين أول رؤيا الملك فدله على ما ينبغي فعله لتجنيب الناس شر السنوات العجاف

- يحرص العبد على تبرئة نفسه مما يسوؤه من التهم

- فضيلة العلم وأنه يرفع قدر العبد في الدنيا والآخرة

- لا بأس من ذكر الإنسان ما يحسنه وما يعرفه في نفسه من مؤهلات إذا كان في ذلك من جعل الولاية له على ما يستطيع القيام بحق الله والعباد فيه

- الحرص على حسن التدبير ، والاستعداد في السنوات كثيرة الخير لما قد يأتي من سنوات عجاف قليلة الخير
وذلك بما يصلح الناس ولا يضيق عليهم

- حسن الضيافة للضيف وإكرام نزله

- سوء الظن إن تقدمت مقدماته غير ممنوع

- جواز استعمال الوسائل التي تدفع بها الشرور من عين وحسد وغيرها ( لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ) ؛ وكذلك لا بأس من استعمال المعاريض القولية والفعلية أوالحيل للتوصل إلى الحقوق ( ثم استخرجها من وعاء أخيه )

- لا تكون الشهادة إلا بما علم يقينا

- الشكوى لله لا تنافي الصبر ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله )

- إذا اشتد الضر أعقبه الفرج ... فالنصر مع الصبر وإن مع العسر يسرا

- فضل الإيمان بالله والتقوى في الدنيا والآخرة ووجوب شكر الله على نعمه وفضله
وأن تذكر العبد لما كان عليه حاله قبل حصول النعمة يجعله يعظم نعمة الله ويحسن شكرها

- ينبغي للعبد أن يلح على الله في الدعاء ليثبته ، فالهداية توفيق من الله ، والثبات كذلك لا يتم إلا بتوفيق الله وهدايته

6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم المعينات على فهم كتاب الله ، إذ كان القرآن ينزل مناسبا للوقائع التي جرت زمن الوحي أو مجيبة عن سؤال أو موجهة معلمة ... وكانت حياة رسول الله في كل محطة من محطاتها زاخرة بما يقتدى به وبما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام بلغ من الكمال البشري أعلاه وأتمه وأكمله فلم يبلغ بشر ما بلغه عليه السلام ... فكان خليل الله وصفيه من خلقه عليه أفضل الصلاة والسلام ، ورباه الله وهيأه لحمل خاتم الرسالات .. ففي سيرته عليه السلام :
- بغض الله إليه الأصنام قبل البعثة فما سجد لصنم ، وبغض إليه كل قبيح من القول والفعل ، وحلاه بأكمل الصفات والأخلاق وأحسنها حتى عرف بالصادق الأمين ، كما حبب إليه الخلاء ، فكان يتحنث في الغار الليالي ذوات العدد متأملا متفكرا حتى جاءه الحق وهو هناك في العام الذي شاء الله فيه للعالم أن يرى النور ...عندما أتم رسول الله الأربعين .

- أن أول ما أنزل عليه من القرآن كان فاتحة سورة العلق ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) حيث كان الملك يأمره ( اقرأ ) فيقول ما أنا بقارئ فيأخذه فيغطه ثم يرسله ويكرر الطلب حتى قال رسول الله ما أقرأ ، فقرأ عليه جبريل فاتحة اقرأ ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ...) ، فعاد إلى خديجة يرجف بها فؤاده حتى خشي على نفسه لكنها بحكمتها طمأنته وأن الله لا يخزي من كان في مثل صفته ، وأخذته إلى ابن عمها الذي أخبره أنه الوحي الذي نزل على موسى وعيسى قبله .

- أن الوحي فتر بعد أول مرة نزل فيها ليشتاق له رسول الله ، ثم نزلت فاتحة المدثر ( يا أيها المدثر قم فأنذر ) لتأمره بإنذار عشيرته الأقربين ، ولما تكلم به المشركون عن فترة الوحي من أن رب محمد قلاه نزلت سورة الضحى ردا عليهم

- بعد نزول فاتحة المدثر بدأ رسول الله بدعوة عشيرته الأقربين ، ونوع في أساليبه فكان يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ، ومحاججتهم بالأدلة والبراهين لإثبات سفه عبادتهم لآلهتهم التي لا تضر ولا تنفع وأن المعبود بحق هو الله الواحد القهار ؛ فآمن به جمع من الناس ...

- حاول المشركون ثني محمد عن دعوته ، فأدخلوا عمه وقرابته وسطاء ليكف عن آلهتهم ويترك دعوته ويعطوه ما أراد إن أراد ملكا أو مالا .. ، بل بلغ بهم أن ساوموه ليعبدوا الله عاما ويعبد هو آلهتهم عاما فيكف الناس عن آلهتهم وتسفيهها لكنه عليه السلام رفض كل عروضهم وأكد لهم أنه رسول الله إليهم بشيرا ونذيرا ، وأن من اتبعه سعد ومن كفر به شقي ؛ فبدأوا بسؤاله الأدلة والبراهين المادية على صدقه والتي لو جاءتهم ولم يؤمنوا عمهم الله بعقابه كالأمم السابقة

- لما رأى المشركون ما كان من إصرار رسول الله على دعوته وأن الناس تستجيب له صبوا غضبهم على من آمن فبدأوا فتنتهم والتنكيل بهم ليردوهم عن دينهم

- بعد عشر سنوات من البعثة أسري برسول الله إلى المسجد الأقصى ثم عرج به إلى السماء حيث فرضت الصلوات الخمس

- بدأ رسول الله يعرض نفسه على القبائل في موسم الحج عله يجد لدعوته موطنا يحتضنها وتنطلق منه أمة تنشر النور في العالم كله ، فنال هذا الخير وفد الأنصار في بيعتي العقبة حيث بايعوا رسول الله على الإيمان والنصرة

- مما هيأ أهل المدينة للإيمان برسول الله وجود اليهود بين ظهرانيهم حيث كانوا يستفتحون عليهم بنبي آخر الزمان وأنه يكون منهم فيؤمنون به ويقتلون الأوس والخزرج ، فلما كان النبي من ولد إسماعيل عليه السلام كفروا به حسدا وبغيا

- لما علم أهل مكة بإسلام جمع من أهل المدينة تآمروا على قتل رسول الله ، فجاءه الوحي بذلك فخرج مع أبي بكر مهاجرا وخلف عليا في فراشه وليرد الودائع لأهلها ... فلما رأي ذلك أهل مكة انطلقوا يطلبون رسول الله وجعلوا الجوائز لمن يجده ، وبلغ بهمالقرب منه حتى قال أبو بكر : يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا ، فقال رسول الله : ما ظنك باثنين الله ثالثهما ( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ) فعمى الله أبصارهم عنه وأوصله المدينة سالما لتبدأ صفحة جديدة من صفحات الإسلام فيها

- أذن له بالقتال بعد استقراره في المدينة وترتيب أمورها فبدأ بإرسال السرايا ، ثم في السنة الثانية كانت غزوة بدر الكبرى ، حيث خرج رسول الله بجمع من المسلمين لاعتراض قافلة لقريش فاستطاع أبو سفيان أن ينجو بالقافلة لكن قريشا كانت قد عبأت جيشا قوامه ألف دفاعا عن أموالهم فالتقوا برسول الله وصحبه وهم ثلاثمئة وانتصر رسول الله والمؤمنون بتأييد الله ونصره ، ونزلت في الواقعة سورة الأنفال

- ظهر النفاق في المدينة بعد غزوة بدر

- في السنة الثانية فرض الصيام والزكاة .

- في السنة الثالثة حصلت غزوة أحد وفيها نزلت آيات سورة آل عمران حيث كانت الدائرة على المسلمين لمخالفة الرماة أمر رسول الله ونزولهم عن الجبل مع تأكيد رسول الله لهم أن لا يفارقوه مهما حصل لئلا يكشفوا ظهور المسلمين

- في السنة الرابعة كانت بدر الآخرة حيث حضر المسلمون للميعاد وتخلف المشركون لجدب العام كما تعذروا

- في السنة الخامسة حصلت الخندق التي فيه نزلت سورة الأحزاب ووصفت ما وصل إليه المسلمون من الضيق والخوف حيث تآمر المشركون من أهل الحجاز ونجد وظاهرهم بنو قريظة على رسول الله ... فلما نصر الله رسوله بأن ألقى الرعب في قلوب المشركين فعادوا خائبين توجه لتأديب بني قريظة حيث حكم فيهم سعد بن معاذ بقتل مقاتلتهم وسبي نسائهم وذراريهم

- وفي سنة ست للهجرة كانت عمرة الحديبية حيث لم يأذن المشركون لرسول الله ومن معه بالعمرة وكتبوا بينهم كتاب صلح على وضع الحرب عشر سنوات يأمن الناس فيها ، وفيها نزلت سورة الفتح

- سنة سبع للهجرة اعتمر رسول الله عمرة القضاء حسبما ورد في كتاب الصلح بينه وبين قريش ، وكانت سنوات الصلح ( وهم سنتان قبل النقض ) خيرا على المسلمين إذ كاتب رسول الله الملوك والأمراء يدعوهم إلى الإسلام

- في السنة الثامنة نقضت قريش العهد بمعاونتهم بكرا في الاعتداء على خزاعة فكان فتح مكة
ثم كانت غزوة حنين على هوازن وثقيف في العام نفسه ونزل فيها آيات من سورة التوبة

- في السنة التاسعة كانت غزوة تبوك التي أرعبت الروم وبسطت سلطان المسلمين ونفوذهم ، وسماها الله غزوة العسرة لشدة الحر فيها ، وعاد المسلمون دون أن يحصل قتال ونزلت آيات كثيرة من سورة التوبة فيها فضح الله المنافقين وإرجافهم وتخذيلهم عن رسول الله وتوبته على من خلف من المؤمنين الصادقين وهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية .

- في السنة التاسع فرض الله الحج على المؤمنين

- وفي السنة العاشرة كانت حجة الوداع حيث أتم بلاغ رسالته وأحكامه وأنزل الله يوم عرفة ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )

فكمل رسول الله البلاغ لأمته ، وعلم أمته كل ما يلزمها إلى قيام الساعة وأتم الله شرائعه ولله الحمد والمنة

🔹من فوائد دراسة سيرة خير الرسل عليه الصلاة والسلام :
- دراسة السيرة النبوية خير معين على فهم كتاب الله تعالى ، فبها تعرف أسباب الحوادث ومناسبات النزول ، وبها تعرف العبر والفوائد التي أراد القرآن إيصالها للمسلمين ، ومنها يتعرف على ما كان سبب القوة والمنعة لتلك الثلة المؤمنة التي كانت قليلة العدد لكنها عظيمة الأثر ومنها يعرف طريق عودة الأمة لمجدها بفهم كتاب ربها والاقتداء بسنة نبيها والعمل بذلك

- تحقيق المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكمال الإيمان به ومعرفة حقه علينا والإكثار من الصلاة عليه

- من فوائد دراسة السيرة الاقتداء بسنة رسول الله ، والحرص على الاقتداء بصحابته رضوان الله عليهم

- اليقين التام بأن رسول الله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده ، فمعرفة السيرة وكيفية تطبيق الأحكام فيها تعين على مواجهة التيارات التي تحاول تشويه صورة الإسلام من داخله واتهامه بعدم قدرته على حل مشاكل الواقع وبأنه لم يستوعب بشموله كل العصور ... وفي هذا اتهام مبطن لدين الله بالنقص والعياذ بالله ...
لذلك فمن المهم جدا الوقوف على السيرة وتفاصيل حياة رسول الله وكيف مان يحكم بين الناس ويطبق شرع الله ليعلم كيفية التطبيق الصحيح لهذا الدين .

- ومنها معرفة أن طريق الدعوة إلى الله ليس مفروشا بالورود ، بل لا بد للداعية أن يجد في طريقه معوقات وصعوبات فعليه أن يصبر ويستمر مستعينا بالله تعالى

- معرفة أن المرء مهما بلغ من إيمانه فلا يتكل عليه ، بل يتبرأ دائما من حوله وقوته ويلتجئ إلى حول الله وقوته

- أن المؤمن إذا استفرغ وسعه وبذل جهده وأتم إعداد العدة مع صدق إيمان وتوكل أيده الله ونصره وإن كانت موازين الدنيا ومقوماتها يظهر منها خلاف ذلك

- أن الهداية والتوفيق لها بيد الله وحده ، فمهما بلغت دعوة الداعية وحجته فإنه لن يهدي من أضل الله ، لكن عليه البلاغ ...

- سنة التدافع بين الحق والباطل سنة قائمة إلى قيام الساعة ، فلا بد من تدافع ولا بد للحق من النصر وإن طالت جولات الباطل

- من أراد مكانا يصل إليه لا بد أن يهيئ نفسه ويعد روحه لذلك فيفعل ما يقربه لغايته ويتجنب ما يبعده عليها ، فما نيل المطالب بالتمني ... ولن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر .
وفوائدها أكثر من أن تعد وتحصى ، وما ذكرت ما ذكرت إلا كأمةلة من تلك الفوائد الجمة .

صلوات الله وسلامه على رسوله وعلى سائر أنبيائه ،... ورضي الله عن صحابته أجمعين ... وألحقنا بهم في الصالحين

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 24 ذو الحجة 1439هـ/4-09-2018م, 01:06 AM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

المجموعة الثالثة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. أحكام النكاح
قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا - وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}
تشريع النكاح من محاسن الإسلام .
من منن الله على عباده تشريع النكاح بل ومحبته والحث عليه ورتب عليه حقوقا وأحكاما لمراعام مصلحة الزوجين والأسرة ودفع الضرر والمفسدة .

الأمر بعدم الجور على حق النساء اليتامي
{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا}
وإن خفتم القيام بحق اليتامي اللاتي في حجوركم وتحت ولايتكم عدم محبتكم إياهن فاعدلوا إلى غيرهن .

الأمر بنكاح الطيبات
فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ
ينبغي أن تختاروا منهن الطيبات في أنفسهن اللاتي تطيب لكم الحياة بالاتصال بهن، الجامعات للدين والحسب والعقل والآداب الحسنة وغير ذلك من الأوصاف الداعية لنكاحهن.

وسائل اختيار الطيبات .
1- الاختيار قبل الخطبة وإباحة النظر للخطيب ليكون على بصيرة من أمره .
2- أن يتزوج الجامعة للصفات المقصودة للزواج مثل
  • كفاءة البيت والعائلة .
  • حسن التدبير والتربية والخلق الظاهر والباطن.
  • الجامعة لصفات الدين والعقل .
  • إحصان الفرج .
  • الحسب والنسب الرفيع .
  • نجابة الأولاد وشرفهم.

إباحة العدد الذي لا يزيد عن أربع .
مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ
أباح الله للزوج التعدد حتى يتم له مقصوده من الزواج الذي قد لا يتم بواحدة أو أكثر ففي الأربع غنية لكل أحد إلا ما ندر.

من خاف على نفسه الظلم فليقتصر على الواحدة .
فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا
فإذا خاف من نفسه الجور والظلم بالزيادة على الواحدة فليقتصر على الواحدة، أو على ملك يمينه التي لا يجب عليه لها قسم كالزوجات، ذَلِكَ أي: الاقتصار على واحدة من الزوجات، أو ما ملكت اليمين، أدنى أن لا تعولوا أي: تظلموا وتجوروا.

الحث على إيتاء النساء الصداق
وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً
حث الشارع على إيتاء النساء صدقاتهم أي مهورهن عن طيب نفس وطمأنية دون بخس ولا مطل ،وذلك لما فيه من المشقة على النفس في دفعة جملة واحدة فيؤدي ذلك بهم أن يظلموا النساء ويهضموهن حقوقهن .

استحقاق المرأة لصداقها .
المهر للمرأة، ويدفع إليها أو إلى وكيلها إن كانت رشيدة، أو إلى وليها إن لم تكن رشيدة، وأنها تملكه بالعقد لأنه أضافه إليها وأمر بإعطائه لها، وذلك يقتضي الملك.

النكاح لابد فيه من الصداق ولا يجوز النكاح بدونه .
لا بد في النكاح من صداق ، يجوز في الكثير واليسير للعموم، وأنه لا يباح لأحد أن يتزوج بدون صداق، وإن لم يسم فمهر المثل، إلا النبي صلى الله عليه وسلم فإن له ذلك خاصة، كما قال تعالى:
{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}

لا حرج فيما طابت به نفس الزوجة لزوجها من صداقها
فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا
للا حرج ولا تبعة على الأزواج فيما طابت به نفس الزوجة في صداقها بإسقاط شيء منه، أو تأخيره، أو المحاباة في التعوض عنه .

ما يستفاد من الآية الكريمة :
1- سماحة الشريعة الإسلامية وحثها على ما فيه النفع وجلب المصالح والبعد عن الجور والظلم والمفاسد .
2- أهمية رابطة الزوجية وتحري الدقة في اختيار الزوجين .
3- تعرض العبد للأمر الذي يخاف منه الجور والظلم وعدم القيام بالواجب - ولو كان مباحا - لا ينبغي له أن يتعرض له، بل يلزم السعة والعافية، فإن العافية خير ما أعطي العبد.
4- للمرأة الرشيدة التصرف في مالها ولو بالتبرع .
5- تحريم نكاح الخبيثة التي لا يحل للمسلم نكاحها، وهي الكافرة غير الكتابية، وكذلك الزانية حتى تتوب كما نص الله على الثنتين .

ضرورة اعتبار الولي في النكاح
لقوله: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}
والولي هو العاصب، ويقدم منهم الأقرب فالأقرب، فإن تعذر الولي القريب والبعيد لعدم أو جهل أو غيبة طويلة قام الحاكم مقام الولي، فالسلطان والحاكم ولي من لا ولي لها من النساء.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}إلى قوله: {مِيثَاقًا غَلِيظًا}.

النهي عن أن توّرث الزوجة مع بقية الإرث وعن أن تمنع من الزواج بعد وفاة زوجها.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ
  • كان أهل الجاهلية إذا مات أحدهم ورثت زوجته عنه كما يورث ماله، فرأى قريبه كأخيه وابن عمه أنه أحق بها من نفسها، ويحجرها عن غيره، فإن رضي بها تزوجها على غير صداق، أو على صداق يحبه هو دونها، وإن لم يرض بزواجها عضلها ومنعها من الأزواج إلا بعوض من الزوج أو منها .
  • كان منهم أيضا من يعضل زوجته التي هي في حباله، فيمنعها من حقوقها، ومن التوسعة لها لتفتدي منه.

جواز منع الزوجة من الزواج والافتداء منها إن أتت بفاحشة مبينة
إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ
يجوز في هذه الحال أن يعضلها مقابلة لها على فعلها الفاحش كالزنا والكلام الفاحش وأذيتها لزوجها ومن يتصل به، فلتفتدي منه؛ فإن هذا الافتداء بحق لا بظلم.

الأمر بالمعاشرة بالعرف السائد في المكان والزمان ومقتضى الحال .
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
  • يشمل هذا الأمر المعاشرة القولية والفعلية
  • على الزوج أن يعاشر زوجته ببذل النفقة والكسوة والمسكن اللائق بحاله،
  • ويصاحبها صحبة جميلة بكف الأذى، وبذل الإحسان، وحسن المعاملة والخلق،
  • وأن لا يمطلها بحقها،
  • وهي كذلك عليها ما عليه من العشرة،
  • وكل ذلك يتبع العرف في كل زمان ومكان وحال ما يليق به، قال تعالى:
{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}
الأمر بإمساك الزوجات حتى في حال كره الأزواج لهنّ .
فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا
فإن في ذلك خيرا كثيرا:
منها: امتثال أمر الله ورسوله الذي فيه سعادة الدنيا والآخرة.
ومنها: أن إجباره نفسه، ومجاهدته إياها مع عدم محبة زوجته تمرين على التخلق بالأخلاق الجميلة - وربما زالت الكراهة وخلفتها المحبة،
  • وربما زالت الأسباب التي كرهها لأجلها،
  • وربما رزق منها ولدا صالحا نفع الله به والديه في الدنيا والآخرة،
  • فينبغي إذا كره منها خلقا لحظ بقية أخلاقها،
  • وعليه مجاهدة نفسه في ذلك قدر الإمكان لينال هذا الفضل الكبير .

أباح الله تعالى الفراق مع تعذر إقامة رابطة الزوجية .
{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ}
لا حرج عليكم في ذلك .

النهي عن أخذ الزوج ما أعطى لزوجته من المهور وغيرها من المال حال طلاقها ولو كان كثيرا .
وآتيتم إحداهنّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا
  • نهي الله الأزواج عن أخذ ما أعطوه لزوجاتهم ولو كان كثيراً بل أمرهم أن يفروه لهن ولا يماطلوهن فيه .

الحكمة من تحريم أخذ الزوج ما أعطاه لزوجته .
{أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا - وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}
الأنثى قبل عقد النكاح محرمة على الزوج، وهي لم ترض بهذا الحل إلا بالعقد والميثاق الغليظ الذي عقد على ذلك العوض المشروط، فإذا دخل عليها وباشرها، وأفضى إليها وأفضت إليه، وباشرها المباشرة التي كانت قبل هذه الأمور حراما فقد استوفى المعوض، فثبت عليه العوض تاما.

المحرمات من النساء
من قوله : {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} إلى أن قال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}
قد استوفى الباري المحرمات في النكاح في هذه الآيات في النسب والرضاع والمصاهرة.
المحرمات بالمصاهرة
فإن تزوج الرجل امرأة ترتب على هذا الزواج أربعة أحكام:
1- تحريم هذه الزوجة على أولاده وإن نزلوا نسبا ورضاعا.
2- وتحريمها على آبائه وإن علوا نسبا ورضاعا.
3- وحرمت عليه أمها في الحال.
4- وأما بنتها فإن كان قد دخل بزوجته حرمت أيضا، وصارت ربيبة، لا فرق بين بنتها من زوج سابق له، أو من زوج خلفه عليها.
المحرمات بالنسب
  • فتحرم الأمهات، وهن كل أنثى لها عليك ولادة، وهي التي تخاطبها بالأم والجدة وإن علت من كل جهة.
  • وتحرم البنات، وهن كل أنثى تخاطبك بالأبوة أو بالجدودة من بنات الابن وبنات البنات وإن نزلن.
  • وتحرم الأخوات شقيقات كن أو لأب أو لأم.
  • وبنات الإخوة وبنات الأخوات مطلقا.
  • وتحرم العمات والخالات، وهن كل أخت لأحد آبائك وإن علا، أو أحد أمهاتك وإن علون.
  • ،
المحرمات بالرضاع من جهة المرضعة وصاحب اللبن .
المرضعة أم للرضيع، وأمهاتها جداته، وإخوتها وأخواتها أخواله وخالاته، وأولادها إخوته وأخواته، وهو عم لأولادهم أو خال، وكذلك صاحب اللبن.

التحريم من جهة الرضيع .
لا ينتشر التحريم لأحد من أقاربه إلا لذريته فقط.

الحكمة من تقييد الآية في الربيبة بقوله : {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ}
  • بيان لأغلب أحوالها.
  • لبيان أعلى حكمة تناسب حكمة التحريم، وأنها إذا كانت في حجرك بمنزلة بناتك لا يليق إلا أن تكون من محارمك.
تقييد الآية في قوله: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ}
يخرج ابن التبني لا يخرج ابن الرضاع في قول جمهور العلماء.

تحريم الجمع بين الأختين .
[وأن تجمعوا بين الأختين ]

تحريم الجمع بين المرأة وعمتها
حرم النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين المرأة وعمتها.

التحريم بسبب الزواج أو البقاء في العدة .
لقوله {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}
كل أنثى في عصمة زوج أو في بقية عدته لا تحل لغيره؛ لأن الأبضاع ليست محل اشتراك، بل قصد تمييزها التام، ولهذا شرعت العدة والاستبراء، ونحو ذلك.

ملك اليمين التي سبيت من الكفار في القتال الشرعي تحل للمسلمين بعد انقضاء عدتها أو استبرائها ..
{إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}
ملك السبي، فإذا سبيت المرأة ذات الزوج من الكفار في القتال الشرعي حلت للمسلمين، ولكن بعد الاستبراء أو العدة، فزوجها الحربي الذي في دار الحرب لم يبق له فيها حق، ولا له حرمة، فلهذا حلت للمسلمين كما حل لهم ماله ودمه، لأنه ليس له عهد ولا مهادنة.

ماسوى المحرمات المذكورات في الآية فحلال .
{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}
وما سوى ذلك من الأقارب حلال كبنات الأعمام، وبنات العمات، وبنات الأخوال، وبنات الخالات فهن حلال، ومن عداهن من الأقارب حرام.
{وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ}

حكم الزواج بالمملوكة
  • حرم على الأحرار نكاح المملوكات لما فيه من إرقاق الولد، ولما فيه من الدناءة والضرر العائد للأولاد؛ لتنازع الملاك، وتنقلات الأرقاء.
  • لكن إذا رجحت مصلحة الإباحة فقد أباحه الله بشروط:
1- المشقة لحاجة متعة أو خدمة.
2- وأن لا يقدر على الطول للحرة.
3- وأن تكون الأمة مؤمنة بإذن أهلها.
فعند اجتماع هذه الشروط كلها يحل للحر نكاح الإماء.

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}

معنى قوامة الرجل على المرأة
الرجال قوامون على النساء في أمور الدين والدنيا.
  • يلزمونهن بحقوق الله، والمحافظة على فرائضه.
  • ويكفونهن عن جميع المعاصي والمفاسد.
  • وبتقويمهن بالأخلاق الجميلة والآداب الطيبة.
  • وقوامون أيضا عليهن بواجباتهن من النفقة والكسوة والمسكن ونحو ذلك .

سبب الأمر بقوامة الرجل على المرأة
{بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}
بسبب فضل الرجال عليهن وإفضالهم عليهن، فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة: - من كون الولايات كلها مختصة بالرجال والنبوة والرسالة.
  • وباختصاصهم بالجهاد البدني.
  • ووجوب الجماعة والجمعة ونحو ذلك.
  • وبما تميزوا به عن النساء من العقل والرزانة والحفظ والصبر والجلد والقوة التي ليست للنساء.
  • وكذلك يده هي العليا عليها بالنفقات المتنوعة، بل وكثير من النفقات الأخر والمشاريع الخيرية.
أقسام النساء :
وهن قسمان:
القسم الأول: قسم هن أعلى طبقات النساء، وخير ما حازه الرجال، وهن المذكورات في قوله: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34] أي:
  • مطيعات لله ولأزواجهن، قد أدت الحقين، وفازت بكفلين من الثواب.
  • حافظات أنفسهن من جميع الريب.
  • وحافظات لأمانتهن ورعاية بيوتهن.
  • وحافظات للعائلة بالتربية الحسنة، والأدب النافع في الدين والدنيا.
  • وعليهن بذل الجهد والاستعانة بالله على ذلك.
لن تنال النساء هذه المرتبة إلا بتوفيق الله تعالى .
لقوله : {بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}
أي: إذا وفقن لهذا الأمر الجليل فليحمدن الله على ذلك.
ويعلمن أن هذا من حفظه وتوفيقه وتيسيره لها.
من وكل إلى نفسه فالنفس أمارة بالسوء.
ومن شاهد منة الله، وتوكل على الله، وبذل مقدوره في الأعمال النافعة، كفاه الله ما أهمه، وأصلح له أموره، ويسر له الخير، وأجراه على عوائده الجميلة.

والقسم الثاني: هن الطبقة النازلة من النساء، وهن بضد السابقات في كل خصلة.
فهن اللاتي منسوء أخلاقهن وقبح تربيتهن تترفع على زوجها، وتعصيه في الأمور الواجبة والمستحبة، فأمر الله بتقويمهن بالأسهل فالأسهل.

طريقة تقويم هذه الطبقة من النساء :
{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ}
  • بينوا لهن حكم الله ورسوله في وجوب طاعة الأزواج.
  • ورغبوهن في ذلك بما يترتب عليه من الثواب.
  • وخوفوهن معصية الأزواج، وذكروهن ما في ذلك من العقاب، وما يترتب عليه من قطع حقوقها.
  • وإباحة هجرها وضربها.
  • فإن تقومن بالوعظ والتذكير فذلك المطلوب
- فإن لم يفد التذكير فاهجروهن في المضاجع، بأن لا ينام عندها، ولا يباشرها بجماع ولا غيره؛ لعل الهجر ينجع فيها.
  • ذلك بمقدار ما يحصل به المقصود فقط.
  • القصد من الهجر :
  • فإن القصد بالهجر نفع المهجور وأدبه.
  • ليس الغرض منه شفاء النفس كما يفعله من لا رأي له إذا خالفته زوجته أو غيرها، ولم يحصل مقصوده
  • فإن نفع الهجر للزوجة وإلا انتقل إلى ضربها ضربا خفيفا غير مبرح، فإن حصل المقصود، ورجعت إلى الطاعة، وتركت المعصية، عاد الزوج إلى عشرتها الجميلة، ولا سبيل له إلى غير ذلك من أذيتها؛ لأنها رجعت إلى الحق.
  • وهو ما يسمى بالهجر الجميل الذي ليس معه معاتبة ولا تذكير بالحال الماضية ..

{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}

عند استحكام الخصام بين الزوجين لابد من اللجوء للتحاكم .
وهذه إذا استطار الشر بين الزوجين، وبلغت الحال إلى الخصام وعدم الالتئام، ولم ينفع في ذلك وعظ ولا كلام {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}

صفات الحكمين التي يجب أن يكونا عليهما
  • عدلين عاقلين يعرفان الجمع والتفريق، ويفهمان الأمور كما ينبغي.
  • فيبحثان في الأسباب التي أدت بهما إلى هذه الحال.
  • ويسألان كلا منهما ما ينقم على صاحبه.
  • ويزيلان ما يقدران عليه من المعتبة بترغيب الناقم على الآخر بالإغضاء عن الهفوات واحتمال الزلات.
  • وإرشاد الآخر إلى الوعد بالرجوع.
  • وإرشاد كل منهما إلى الرضى والنزول عن بعض حقه.
  • وإن أمكنهما إلزام المتعصب على الباطل منهما بالحق فَعَلَا.
  • ومهما وجدا طريقا إلى الإصلاح والاتفاق والملاءمة بينهما لم يعدلا عنها، إما بتنازل عن بعض الحقوق، أو ببذل مال، أو غير ذلك.
  • فإن تعذرت الطرق كلها، ورأيا أن التفريق بينهما أصلح لتعذر الملاءمة فرقا بينهما بما تقتضيه الحال بعوض أو بغير عوض، ولا يشترط في هذا رضى الزوج؛ لأن الله سماهما حكمين لا وكيلين.
  • ومن قال إنهما وكيلان اشترط في التفريق رضى الزوج، ولكن هذا القول ضعيف.

يحب الله الاتفاق بين الزوجين وترجيحه على غيره.
{إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}
بسبب الرأي الميمون، والكلام اللطيف، والوعد الجميل الذي يجذب القلوب، ويؤثر فيها.

من كمال علمه وحكمته شرع لكم هذه الأحكام الجليلة
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًاحكيماً }
هذه الأحكام هي الطريق الوحيد إلى القيام بالحقوق

{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}

سببيل الصلح إذا كان الزوج راغبا عن زوجته إما لعدم محبة أو طمعا .
  • هو طريق الصلح من المرأة أو وليها ليعود الزوج إلى الاستقامة.
  • بأن تسمح المرأة عن بعض حقها اللازم لزوجها على شرط البقاء معه.
  • وأن يعود إلى مقاصد النكاح أو بعضها.
  • كأن ترضى ببعض النفقة أو الكسوة أو المسكن.
  • أو تسقط حقها من القسم.
  • أو تهب يومها وليلتها لزوجها أو لضرتها بإذنه.
  • متى اتفقا على شيء من ذلك فهو أحسن من المقاضاة في الحقوق المؤدية إلى الجفاء أو إلى الفراق، ولهذا قال: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}
يمكن تعميم هذا الحكم على كل حق متنازع عليه .
  • وهذا أصل عظيم في جميع الأشياء، وخصوصا في الحقوق المتنازع فيها أن المصالحة فيها خير من استقصاء كل منهما على حقه كله؛ لما في الصلح من بقاء الألفة، والاتصاف بصفة السماح، وهو جائز بين المسلمين في كل الأبواب - إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا -.
  • كل حكم من الأحكام لا يتم ولا يكمل إلا بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه، فمن ذلك هذا الحكم الكبير الذي هو الصلح، فذكر تعالى المقتضى لذلك، فقال: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] والخير كل عاقل يطلبه ويرغب فيه، فإن كان مع ذلك قد أمر الله به وحث عليه ازداد المؤمن طلبا له ورغبة فيه، وذكر المانع بقوله: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: 128] أي: جبلت النفوس على الشح،
  • معنى الشح :
وهو الاستئثار والتفرد في الحقوق، وعدم الرغبة في بذل ما على الإنسان، والحرص على الحق الذي له.
- فالنفوس مجبولة على ذلك طبعا.

سبل تيسير الصلح بين المتنازعين
· أن تحرصوا على قلع هذا الخلق الدنيء من نفوسكم، وتقليله وتلطيفه.
  • وتستبدلوا به ضده، وهو السماحة ببذل جميع الحقوق التي عليك،
  • والاقتناع ببعض الحق الذي لك، والإغضاء عن التقصير،
  • فمتى وفق العبد لهذا الخلق الطيب سهل عليه الصلح بينه وبين كل من بينه وبينه منازعة ومعاملة،
  • وتسهلت الطريق الموصلة إلى المطلوب،
  • ومن لم يكن بهذا الوصف تعسر الصلح أو تعذر؛ لأنه لا يرضيه إلا جميع ما له كاملا مكملا، ولا يهون عليه أن يؤدي ما عليه، فإن كان خصمه مثله اشتد الأمر.

أمر تعالى بالإحسان في عبادته والإحسان مع خلقه .
{وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا} [النساء: 128] أي: تحسنوا في عبادة الخالق، والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وتحسنوا إلى المخلوقين بكل إحسان قولي أو فعلي، وتتقوا الله بفعل جميع المأمورات، وترك جميع المحظورات، أو تحسنوا بفعل المأمور، وتتقوا بترك المحظور {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 128] فيجازيكم على قيامكم بالإحسان والتقوى، أو على عدم ذلك بالجزاء بالفضل والعدل.

{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}


2. أحكام الأيمان.
قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ - وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ - لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 87 - 89]

تحريم الطيبات من الاعتداء الذي يبغضه الله تعالى
قال تعالى :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
يأمر الله تعالى عباده بالعمل بمقتضى هذا الإيمان في تحليل ما أحل الله وتحريم ما حرم من المطاعم والمشارب وغيرها فهي نعم تفضل بها عليهم وعليهم بقبولها وشكرها ، فلا يعتقدوا تحريمها ولا يحلفوا على عدم تناولها فكل ذلك يعد من الإعتداء الذي لا يحبه الله بل يبغضه ويمقته .
لا يتم الإيمان إلا بأكل الحلال الذي ساقه الله للعبد ما دام كسبه طيبا لا خبث فيه ،وتقوى الله في ذلك.
فقال تعالى : وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ
تحريمم الطيبات باليمين لا يحرمها ولكن يكفر اليمين .
v العبد إذا حرم حلالا عليه من طعام وشراب وكسوة واستعمال وسرية ونحو ذلك، فإن هذا التحريم منه لا يحرم ذلك الحلال
v لكن إذا فعله فعليه كفارة يمين، لأن التحريم يمين كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ - قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم: 1 - 2]
v وهذا عام في تحريم كل طيب، إلا أن تحريم الزوجة يكون ظهارا فيه كفارة الظهار .\
ليس للعبد تحريم الطيبات لا بحلف ولا غلوا في الدين .
لا يؤاخذ الله العبد بالحلف بغير قصد أو نية .
لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ
كما قال في الآية الأخرى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ }
العبد مخير في كفارة اليمين بين أمور ثلاثة
فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
v فإذا عقد العبد اليمين وحنث - بأن فعل ما حلف على تركه، أو ترك ما حلف على فعله - خير في الكفارة بين إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم،
وذلك يختلف باختلاف الناس والأوقات والأمكنة،
v أو كسوتهم بما يعد كسوة، وقيد ذلك بكسوة تجزي في الصلاة،
v أو تحرير رقبة صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، بشرط أن تكون الرقبة مؤمنة، كما في الآية المقيدة بالأيمان، وأن تكون تلك الرقبة سليمة من العيوب الضارة بالعمل،
v فمتى كفر بواحد من هذه الثلاثة انحلت يمينه.
v وهذا من نعمة الله على هذه الأمة أنه فرض لهم تحلة أيمانهم، ورفع عنهم الإلزام والجناح،
v فمن لم يجد واحدا من هذه الثلاثة فعليه صيام ثلاثة أيام، أي: متتابعة مع الإمكان، كما قيدت في قراءة بعض الصحابة
أمر الله تعالى بحفظ الأيمان
v عن أن تحلفوا بالله وأنتم كاذبون،
v وعن كثرة الأيمان لا سيما عند البيع والشراء،
v واحفظوها إذا حلفتم عن الحنث فيها
v واحفظوا أيضا أيمانكم إذا حلفتم وحنثتم بالكفارة، فإن الكفارة بها حفظ اليمين الذي معناه تعظيم المحلوف به، فمن كان يحلف ويحنث ولا يكفر فما حفظ يمينه، ولا قام بتعظيم ربه
إباحة الحنث في الحلف إن كان خيرا من المضي فيه
كما قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ}
v فلا تقولوا: إننا قد حلفنا على ترك البر، وترك التقوى، وترك الإصلاح بين الناس، فتجعلوا أيمانكم مانعة لكم من هذه الأمور التي يحبها الله ورسوله، بل احنثوا وكفروا وافعلوا ما هو خير وبر وتقوى،
من نعم الله المستوجبة للشكر بيانه آياته المبينة لأحكامه
· فعلى العباد أن يشكروا ربهم على بيانه وتعليمه لهم آياته المبينة للحلال من الحرام، الموضحة للأحكام وتعليمه لهم ما لم يكونوا يعلمون، فإن العلم أصل النعم وبه تتم .

3. قصة هود عليه السلام
لمن بعث هود
بعث الله هودا عليه الصلاة والسلام إلى قومه عادا الأولى المقيمين بالأحقاف - من رمال حضرموت ، أعطاهم الله القوة والبسط في الرزق
الحكمة من بعث هود لقومه.
لشركهم وتكذيبهم لرسل الله فأرسله الله إليهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينهاهم عن الشرك
لكثرة شرهم وتجبرهم على العباد فجاء يدعوهم بكل وسيلة، ويذكرهم ما أنعم الله عليهم به من خير الدنيا والبسطة في الرزق والقوة.
موقفهم من بعثة هود عليه السلام
v ردوا دعوته وتكبروا عن إجابته وقالوا:
{مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}وهم كاذبون في هذا الزعم.
آيات هود المؤيدة له
الآيات العامة التي اشترك فيها مع غيره من الرسل
v ما من نبي إلا أعطاه الله من الآيات ما على مثله يؤمن البشر.
v ولو لم يكن من آيات الرسل إلا أن نفس الدين الذي جاءوا به أكبر دليل أنه من عند الله لإحكامه وانتظامه للمصالح في كل زمان بحسبه وصدق أخباره، وأمره بكل خير ونهيه عن كل شر.
v وأن كل رسول يصدق من قبله ويشهد له، ويصدقه من بعده ويشهد له.
الآيات الخاصة بهود عليه السلام .
v أنه متفرد وحده في دعوته وتسفيه أحلامهم وتضليلهم والقدح في آلهتهم، وهم أهل البطش والقوة والجبروت، وقد خوَّفوه بآلهتهم إن لم ينته أن تمسه بجنون أو سوء فتحدَّاهم علنا، وقال لهم جهارا:
{إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ - مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ - إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: 54 - 56]
فلم يصلوا إليه بسوء.
فأي آية أعظم من هذا التحدي لهؤلاء الحريصين على إبطال دعوته بكل طريق؟
v ما انتهى طغيانهم تولَّى عنهم وحذَّرهم نزول العذاب، فجاءهم العذاب معترضا في الأفق، وكان الوقت وقت شدة عظيمة وحاجة شديدة إلى المطر، فلما استبشروا وقالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24]
قال الله: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} [الأحقاف: 24]
بقولكم فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين: {رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ - تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: 24 - 25]
تمر عليه: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7]
{فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} [الأحقاف: 25]
v فبعدما كانت الدنيا لهم ضاحكة، والعز بليغ، ومطالب الحياة متوفرة، وقد خضع لهم من حولهم من الأقطار والقبائل، إذ أرسل الله إليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات؛ لنذيقهم عذاب الخزي في الدنيا، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} [هود: 60]
نجاة هود وأتباعه ونصرتهم ، وعاقبة الشرك وأهله.
نجى الله هودا ومن معه من المؤمنين، إن في ذلك لآية على كمال قدرة الله وإكرامه الرسل وأتباعهم، ونصرهم في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وآية على إبطال الشرك، وأن عواقبه شر العواقب وأشنعها، وآية على البعث والنشور.
ما يستفاد من القصة
v الانتفاع بطريقة تذكير القرآن وما قص الله علينا من الأمم السابقة المجاورة للعرب ويعرفون أخبارها ويفهمون لغتها ومحاولة محاكاة هذه الطريقة وتنويع الوسائل عند الدعوة إلى الله تعالى .
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ} [الأحقاف: 27]أي: نوعناها بكل فن ونوع {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأحقاف: 27]أي: ليكون أقرب لحصول الفائدة.
v اتخاذ المساكن والبنايات للانتفاع والسكنى والتحصن لا أن تتخذ للخيلاء والبطش والتباهي والتفاخر على خلق الله .
v القوة العقلية والذهنية مهما بلغت فلا تنفع صاحبها إلا بمقارنتها للإيمان بالله ورسله وإلا ستكون وبالا على صاحبها واستدراجا له ولن تغني عنه من الله شيئا .
· كما قال الله عن عاد:
وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأحقاف: 26]
وفي الآية الأخرى: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ}

4. قصة موسى وهارون عليهما السلام
أهمية ذكر قصة موسى عليه السلام في القرآن
v ذكر الله لموسى بن عمران ومعه أخوه هارون عليهما السلام سيرة طويلة، وساق قصصه في مواضع من كتابه بأساليب متنوعة واختصار أو بسط يليق بذلك المقام،
v ليس في قصص القرآن أعظم من قصة موسى لأنه :
عالج فرعون وجنوده، وعالج بني إسرائيل أشد المعالجة،
وهو أعظم أنبياء بني إسرائيل،
وشريعته وكتابه التوراة هو مرجع أنبياء بني إسرائيل
وعلمائهم وأتباعه أكثر أتباع الأنبياء غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم،
وله من القوة العظيمة في إقامة دين الله والدعوة إليه والغيرة العظيمة ما ليس لغيره
حال بني إسرائيل وقت ولادة موسي عليه السلام
ولد موسى عليه السلام في وقت قد اشتد فيه فرعون على بني إسرائيل: فكان يذبح كل مولود ذكر يولد من بني إسرائيل، ويستحيي النساء للخدمة والامتهان،
تدبير الله لموسى وأمه ولطفه بهما
v لما ولدته أمه خافت عليه خوفا شديدا؛ فإن فرعون جعل على بني إسرائيل من يرقب نساءهم ومواليدهم،
v وكان بيتها على ضفة نهر النيل فألهمها الله أن وضعت له تابوتا إذا خافت أحدا ألقته في اليم، وربطته بحبل لئلا تجري به جرية الماء،
v ومن لطف الله بها أنه أوحى لها أن لا تخافي ولا تحزني، إنا رادوه إليك، وجاعلوه من المرسلين.
v فلما ألقته ذات يوم انفلت رباط التابوت، فذهب الماء بالتابوت الذي في وسطه موسى، ومن قدر الله أن وقع في يد آل فرعون.
v فزعت أمه فزعاً شديداً، وأصبح فؤادها فارغا، وكاد الصبر أن يغلب فيها، إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين،
v وقالت لأخته: قصيه وتحسسي عنه،
v وكانت امرأة فرعون قد عرضت عليه المراضع فلم يقبل ثدي امرأة، وعطش وجعل يتلوى من الجوع، وأخرجوه إلى الطريق؛ لعل الله أن ييسر له أحدا،
v فحانت من أخته نظرة إليه، وبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون بشأنها، فلما أقبلت عليه وفهمت منهم أنهم يطلبون له مرضعا قالت لهم: هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون، فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن.
· موقف امرأة فرعون من موسى وشكر الله لعملها .
v لما جيء بموسى إلى امرأة فرعون آسية ورأته أحبته حبا شديدا، وكان الله قد ألقى عليه المحبة في القلوب
v وشاع الخبر ووصل إلى فرعون، فطلبه ليقتله، فقالت امرأته: لا تقتلوه. . قرة عين لي ولك، عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا، فنجا بهذا السبب من قتلهم
v وكان هذا الأثر الطيب والمقدمة الصالحة من السعي المشكور عند الله، فكان هذا من أسباب هدايتها وإيمانها بموسى بعد ذلك.
* الفوائد المستنبطة نصا أو ظاهرا أو تعميما أو تعليلا من قصة موسى صلى الله عليه وسلم.
v الفوائد من حال بني إسرائيل مع فرعون .
v أن آيات الله وعبره في الأمم السابقة إنما يستفيد منها، ويستنير بها المؤمنون، والله يسوق القصص لأجلهم، كما قال تعالى في هذه القصة:
{نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [القصص: 3]
v أن الله إذا أراد شيئا هيأ أسبابه، وأتى به شيئا فشيئا بالتدريج لا دفعة واحدة.
v أن الأمة المستضعفة، ولو بلغت في الضعف ما بلغت، لا ينبغي أن يستولي عليها الكسل عن السعي في حقوقها، ولا اليأس من الارتقاء إلى أعلى الأمور، خصوصا إذا كانوا مظلومين، كما استنقذ الله بني إسرائيل على ضعفها واستبعادها لفرعون وملئه منهم، ومكنهم في الأرض، وملكهم بلادهم.
v أن الأمة ما دامت ذليلة مقهورة لا تطالب بحقها لا يقوم لها أمر دينها كما لا يقوم لها أمر دنياها.
- الفوائد من مولد موسى ونشأته صغيرا في بيت فرعون .
· لطف الله بأم موسى بذلك الإلهام الذي به سلم ابنها،
· ثم تلك البشارة من الله لها برده إليها، التي لولاها لقضى عليها الحزن على ولدها، ثم رده إليها بإلجائه إليها قدرا بتحريم المراضع عليه، وبذلك وغيره يعلم أن ألطاف الله على أوليائه لا تتصورها العقول، ولا تعبر عنها العبارات، وتأمل موقع هذه البشارة، وأنه أتاها ابنها ترضعه جهرا، وتأخذ عليه أجرا، وتسمى أمه شرعا وقدرا، وبذلك اطمأن قلبها، وازداد إيمانها، وفي هذا مصداق لقوله تعالى:
وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216]
· فلا أكره لأم موسى من وقوع ابنها بيد آل فرعون، ومع ذلك ظهرت عواقبه الحميدة، وآثاره الطيبة.
· - أن الخوف الطبيعي من الخلق لا ينافي الإيمان ولا يزيله، كما جرى لأم موسى ولموسى من تلك المخاوف.
· - أن الإيمان يزيد وينقص لقوله: {لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [القصص: 10]
· والمراد بالإيمان هنا زيادته وزيادة طمأنينته.
· - أن من أعظم نعم الله على العبد تثبيت الله له عند المقلقات والمخاوف، فإنه كما يزداد به إيمانه وثوابه فإنه يتمكن من القول الصواب والفعل الصواب، ويبقى رأيه وأفكاره ثابتة، وأما من لم يحصل له هذا الثبات، فإنه لقلقه وروعه يضيع فكره، ويذهل عقله، ولا ينتفع بنفسه في تلك الحال.
· - أن العبد وإن عرف أن القضاء والقدر حق، وأن وعد الله نافذ لا بد منه، فإنه لا يهمل فعل الأسباب التي تنفع، فإن الأسباب والسعي فيها من قدر الله، فإن الله قد وعد أم موسى أن يرده عليها، ومع ذلك لما التقطه آل فرعون سعت بالأسباب، وأرسلت أخته لتقصه، وتعمل الأسباب المناسبة لتلك الحال.
· ومنها: جواز خروج المرأة في حوائجها وتكليمها للرجال إذا انتفى المحذور، كما صنعت أخت موسى وابنتا صاحب مدين.
· ومنها: جواز أخذ الأجرة على الكفالة والرضاع، كما فعلت أم موسى، فإن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد من شرعنا ما ينسخه

.
v الفوائد من قصة موسى مع القبطي .
· أن قتل الكافر الذي له عهد بعقد أو عرف لا يجوز، فإن موسى ندم على قتله القبطي، واستغفر الله منه وتاب إليه.
· أن الذي يقتل النفوس بغير حق يعد من الجبارين المفسدين في الأرض، ولو كان غرضه من ذلك الإرهاب، ولو زعم أنه مصلح حتى يرد الشرع بما يبيح قتل النفس.
· أن إخبار الغير بما قيل فيه وعنه على وجه التحذير له من شر يقع به لا يكون نميمة، بل قد يكون واجبا، كما ساق الله خبر ذلك الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى محذِّرا لموسى على وجه الثناء عليه.
· إذا خاف التلف بالقتل بغير حق في إقامته في موضع، فلا يلقي بيده إلى التهلكة ويستسلم للهلاك، بل يفرّ من ذلك الموضع مع القدرة كما فعل موسى.
· إذا كان لا بد من ارتكاب إحدى مفسدتين تعين ارتكاب الأخف منهما، الأسلم دفعا لما هو أعظم وأخطر، فإن موسى لما دار الأمر بين بقائه في مصر ولكنه يقتل، أو ذهابه إلى بعض البلدان البعيدة التي لا يعرف الطريق إليها، وليس معه دليل يدله غير هداية ربه، ومعلوم أنها أرجى للسلامة، لا جرم آثرها موسى.
.
v الفوائد من مواقف موسى حال توجهه وتواجده في مدين .
· فيه تنبيه لطيف على أن الناظر في العلم عند الحاجة إلى العمل أو التكلم به، إذا لم يترجح عنده أحد القولين، فإنه يستهدي ربه، ويسأله أن يهديه إلى الصواب من القولين بعد أن يقصد الحق بقلبه ويبحث عنه، فإن الله لا يخيب من هذه حاله، كما جرى لموسى لما قصد تلقاء مدين ولا يدري الطريق المعين إليها قال: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} [القصص: 22]وقد هداه الله وأعطاه ما رجاه وتمناه.
· أن الرحمة والإحسان على الخلق، من عرفه العبد ومن لا يعرفه، من أخلاق الأنبياء، وأن من جملة الإحسان الإعانة على سقي الماشية، وخصوصا إعانة العاجز، كما فعل موسى مع ابنتي صاحب مدين حين سقى لهما لما رآهما عاجزتين عن سقي ماشيتهما قبل صدور الرعاة.
· أن الله كما يحب من الداعي أن يتوسل إليه بأسمائه وصفاته، ونعمه العامة والخاصة، فإنه يحب منه أن يتوسل إليه بضعفه وعجزه وفقره، وعدم قدرته على تحصيل مصالحه، ودفع الأضرار عن نفسه كما قال موسى:{رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24]لما في ذلك من إظهار التضرع والمسكنة، والافتقار لله الذي هو حقيقة كل عبد.
· أن الحياء والمكافأة على الإحسان لم يزل دأب الأمم الصالحين.
· أن العبد إذا عمل العمل لله خالصا، ثم حصل به مكافأة عليه بغير قصده فإنه لا يلام على ذلك، ولا يخل بإخلاصه وأجره، كما قبل موسى مكافأة صاحب مدين عن معروفه الذي لم يطلبه، ولم يستشرف له على معاوضة.
· جواز الإجارة على كل عمل معلوم في نفع معلوم أو زمن مسمى، وأن مرد ذلك إلى العرف، وأنه تجوز الإجارة وتكون المنفعة البضع، كما قال صاحب مدين:{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27]
· وأنه يجوز للإنسان أن يخطب الرجل لابنته، ونحوها ممن هو ولي عليها ولا نقص في ذلك، بل قد يكون نفعا وكمالا، كما فعل صاحب مدين مع موسىى
· ومنها قوله:
{إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26 ، هذان الوصفان بهما تمام الأعمال كلها، فكل عمل من الولايات أو من الخدمات أو من الصناعات، أو من الأعمال التي القصد منها الحفظ والمراقبة على العمال والأعمال إذا جمع الإنسان الوصفين، أن يكون قويا على ذلك العمل بحسب أحوال الأعمال، وأن يكون مؤتمنا عليه، تم ذلك العمل وحصل مقصوده وثمرته، والخلل والنقص سببه الإخلال بهما أو بأحدهما.
· من أعظم مكارم الأخلاق تحسين الخلق مع كل من يتصل بك من خادم وأجير وزوجة وولد ومعامل وغيرهم، ومن ذلك تخفيف العمل عن العامل لقوله: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: 27]
· وفيه أنه لا بأس أن يرغب المعامل في معاملته بالمعاوضات والإجارات بأن يصف نفسه بحسن المعاملة بشرط أن يكون صادقا في ذلك.
· جواز عقد المعاملات من إجارة وغيرها بغير إشهاد لقوله: {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [القصص: 28]
· وتقدم أن الإشهاد تنحفظ به الحقوق، وتقل المنازعات، والناس في هذا الموضع درجات متفاوتة وكذلك الحقوق.
ما يستفاد من وجود الآيات البينات لموسى والنبيين عموما .
· تأييد الأنبياء ونجاجتهم من أعدائهم
· اليقين وإقامة الحجة على كل من شاهد وعاين هذه الآيات والمعجزات
· الدليل على وحدانية الله وكمال قدرته وأن أقداره لا يخرج عنها شئ
· الكرامات والمعجزات لا تنافي الأسباب الكونية المعهودة وأن سنة الله قسمان :
- أن معظم الحوادث والأمور خاضعة لقانون السببية ولا تخرج أيضا عن قدرة الله وقضائه ، وفي ذلك الحث على الأخذ بالأسباب مع عدم التعلق بها والاستعانة بالله في الإتيان بالنتائج.
- معجزات وكرامات الأنبياء الخارة للعادة والقوانين الكونية ويدخل فيه ما يكرم الله به عباده من إجابة الدعوات، وتفريج الكربات، وحصول المطالب المتنوعة، ودفع المكاره التي لا قدرة للعبد على دفعها، والفتوحات الربانية، والإلهامات الإلهية، والأنوار التي يقذفها الله في قلوب خواص خلقه، فيحصل لهم بذلك من اليقين والطمأنينة والعلوم المتنوعة ما لا يدرك بمجرد الطلب وفعل السبب، ومن نصره للرسل وأتباعهم، وخذلانه لأعدائهم وهو مشاهد في كثير من الأوقات ، فهذا القسم لا يدرك بالخبرات ولا يتوصل إليه بشئ من قبل العباد .
· الكلام عن معجزات وكرامات الأنبياء مهم لأمرين :
1- أن الزنادقة الملحدين المتأخرين أنكروا كل ما يعارض أو ينافي ما يجدوه بحواسهم وما تدركه عقولهم ، وزعوا أن الكون وليد الصدفة وأنه آلة تعمل بذاتها بلا رب ولا مدبر ولا خالق .
2- بعض أهل العلم المعاصرين أرادوا الرد عليهم ولكنهم ضلوا في هذا الباب وأضلوا لأنهم أرادوا أن يطبقوا السنن الإلهية وأمور الآخرة على ما يعرفه العباد بحواسهم، ويدركونه بتجاربهم، فحرفوا لذلك المعجزات، وأنكروا الآيات البينات .
الفوائد من قصة فرعون وملئه وموقف موسى منه:
- من أعظم العقوبات على العبد أن يكون إماما في الشر وداعيا إليه، كما أن من أعظم نعم الله على العبد أن يجعله إماما في الخير هاديا مهديا، قال تعالى في فرعون وَمَلَئه:
{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص: 41]
وقال: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء: 73]
- أن الذي ينبغي في مخاطبة الملوك والرؤساء ودعوتهم وموعظتهم: الرفق والكلام اللين الذي يحصل به الإفهام بلا تشويش ولا غلظة، وهذا يحتاج إليه في كل مقام، لكن هذا أهم المواضع؛ وذلك لأنه الذي يحصل به الغرض المقصود، وهو قوله:
لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44]
ما يستفاد من قوله تعالى عن جواب موسى لربه لما سأله عن العصا
· استحبابُ استصحاب العصا لما فيه من هذه المنافع المعينة والمجملة في قوله: {مَآرِبُ أُخْرَى} [طه: 18]
· الرحمة بالبهائم، والإحسان إليها، والسعي في إزالة ضررها
موقف موسى مع هارون
إحسان موسى صلى الله عليه وسلم على أخيه هارون، إذ طلب من ربه أن يكون نبيا معه، وطلب المعاونة على الخير والمساعدة عليه إذ قال:
{وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي - هَارُونَ أَخِي - اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي - وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه: 29 - 32


تكرار الكلام عن الذكر في قصة موسى .
أن قوله جلَّ ذكره: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] أي أن ذكر العبد لربه هو الذي خُلق له العبد، وبه صلاحه وفلاحه، وأن المقصود من إقامة الصلاة إقامة هذا المقصود الأعظم، ولولا الصلاة التي تتكرر على المؤمنين في اليوم والليلة لتذكِّرهم بالله، ويتعاهدون فيها قراءة القرآن، والثناء على الله، ودعائه والخضوع له الذي هو روح الذكر، لولا هذه النعمة لكانوا من الغافلين.
وكما أن الذكر هو الذي خلق الخلق لأجله، والعبادات كلها ذكر لله، فكذلك الذكر يعين العبد على القيام بالطاعات وإن شَقَّت، ويهون عليه الوقوف بين يدي الجبابرة، ويخفف عليه الدعوة إلى الله، قال تعالى في هذه القصة:
{كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا - وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا} [طه: 33 - 34]
وقال: {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} [طه: 42]
الفصاحة والبيان مما يعين على الدعوة
الفصاحة والبيان مما يعين على التعليم، وعلى إقامة الدعوة، لهذا طلب موسى من ربه أن يحل عقدة من لسانه ليفقهوا قوله، وأن اللثغة لا عيب فيها إذا حصل الفهم للكلام، ومن كمال أدب موسى مع ربه أنه لم يسأل زوال اللثغة كلها، بل سأل إزالة ما يحصل به المقصود.
معية الله لعبادة المؤمنين
من كان في طاعة الله، مستعينا بالله، واثقا بوعد الله، راجيا ثواب الله، فإن الله معه، ومن كان الله معه فلا خوف عليه، لقوله تعالى:
{قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46]
وقال تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]
أسباب العذاب وأسباب الغفران .
- أسباب العذاب منحصرة في هذين الوصفين:
{إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [طه: 48]
أي: كذب خبر الله وخبر رسله، وتولى عن طاعة الله وطاعة رسله، ونظيرها قوله تعالى: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى - الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل: 15 - 16]
-استوعب الله الأسباب التي تدرك بها مغفرة الله في قوله :
{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82]
* أحدها: التوبة، وهو الرجوع عما يكرهه الله ظاهرا وباطنا إلى ما يحبه الله ظاهرا وباطنا، وهي تَجُبُّ ما قبلها من الذنوب صغارها وكبارها.
* الثاني: الإيمان، وهو الإقرار والتصديق الجازم العام بكل ما أخبر الله به ورسوله، الموجب لأعمال القلوب، ثم تتبعها أعمال الجوارح، ولا ريب أن ما في القلب من الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر الذي لا ريب فيه أصلُ الطاعات وأكبرها وأساسها، ولا ريب أنه بحسب قوته يدفع السيئات، يدفع ما لم يقع فيمنع صاحبه من وقوعه، ويدفع ما وقع بالإتيان بما ينافيه وعدم إصرار القلب عليه، فإن المؤمن ما في قلبه من الإيمان ونوره لا يجامع المعاصي.
* الثالث: العمل الصالح، وهذا شامل لأعمال القلوب، وأعمال الجوارح، وأقوال اللسان، والحسنات يذهبن السيئات.
* الرابع: الاستمرار على الإيمان والهداية والازدياد منها، فمن كمل هذه الأسباب الأربعة فَلْيُبْشر بمغفرة الله العامة الشاملة؛ ولهذا أتى فيه بوصف المبالغة فقال: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ} [طه: 82]
الدلالة على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم
في هذه القصة من الدلالة على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إذ أخبر بهذه القصة وغيرها خبرا مفصَّلا مطابقا وتأصيلا موافقا، قصه قصًّا صدق به المرسلين، وأيد به الحق المبين، وهو لم يحضر في شيء من تلك المواضع، ولا درس شيئا عرف به أحوال هذه التفصيلات، ولا جالس وأخذ عن أحد من أهل العلم، إن هو إلا رسالة الرحمن الرحيم، ووحي أنزله عليه الكريم المنان ينذر به العباد أجمعين، ولهذا يقول في آخر هذه القصة:
{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ} [القصص: 46]
{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ} [القصص: 44]
{وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} [القصص: 45]
وهذا نوع من أنواع براهين رسالته.

5. قصة أصحاب الكهف.
التعريف بأصحاب الكهف
هم فتية وفقهم الله، وألهمهم الإيمان، وعرفوا ربهم، وأنكروا ما عليه قومهم من عبادة الأوثان، وقاموا بين أظهرهم معلنين فيما بينهم عقيدتهم، خائفين من سطوة قومهم فقالوا:
{
رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} [الكهف: 14]
{
شَطَطًا} [الكهف: 14]
{
هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [الكهف: 15]
سبب توجههم للكهف
أرادوا الهروب بدينهم خوفا من بطش قومهم ،واتفقوا على هذا الأمر، وعرفوا أنهم لا يمكنهم إظهار ذلك لقومهم سألوا الله أن يسهل أمرهم فقالوا:
{رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10]
فأووا إلى غار يسره الله غاية التيسير
وصف الكهف وكيف كان مكوثهم واستيقاظهم فيه.
كان الكهف واسع الفجوة، بابه نحو الشمال لا تدخله الشمس، لا في طلوعها ولا في غروبها، فناموا في كهفهم بحفظ الله ورعايته ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعا، وقد ضرب الله عليهم نطاقا من الرعب على قربهم من مدينة قومهم، ثم إنه في الغار تولى حفظهم بقوله:
{
وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 18]
وذلك لئلا تُبلي الأرضُ أجسادهم، ثم أيقظهم بعد هذه المدة الطويلة: {لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ} [الكهف: 19]

الفوائد من قصة أصحاب الكهف
- أن قصة أصحاب الكهف وإن كانت عجيبة فليست من أعجب آيات الله، فإن لله آيات عجيبة وقصصا فيها عبرة للمعتبرين.
- أن من أوى إلى الله أواه الله، ولطف به، وجعله سببا لهداية الضالين؛ فإن الله لطف بهم في هذه القومة الطويلة إبقاء على إيمانهم وأبدانهم من فتنة قومهم وقتلهم، وجعل هذه النومة من آياته التي يستدل بها على كمال قدرة الله، وتنوع إحسانه، وليعلم العباد أن وعد الله حق.
- الحث على تحصيل العلوم النافعة والمباحثة فيها؛ لأن الله بعثهم لأجل ذلك، وببحثهم ثم بعلم الناس بحالهم حصل البرهان والعلم بأن وعد الله حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها.

- الأدب فيمن اشتبه عليه العلم أن يرده إلى عالمه، وأن يقف عند ما يعرف.
- صحة الوكالة في البيع والشراء وصحة الشركة في ذلك، لقولهم: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} [الكهف: 19]

- جواز أكل الطيبات، والتخير من الأطعمة ما يلائم الإنسان ويوافقه، إذا لم تخرج إلى حد الإسراف المنهي عنه، لقوله: {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} [الكهف: 19]

- الحث والتحرز والاستخفاء، والبعد عن مواقع الفتن في الدين، واستعمال الكتمان الذي يدرأ عن الإنسان الشر.

- بيان رغبة هؤلاء الفتية في الدين، وفرارهم من كل فتنة في دينهم، وتركهم لأوطانهم وعوائدهم في الله.

- ذكر ما اشتمل عليه الشر من المضار والمفاسد الداعية لبغضه وتركه، وأن هذه الطريقة طريقة المؤمنين.

- أن قوله: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} [الكهف: 21] فيه دليل على أن هؤلاء القوم الذين بعثوا في زمانهم أناس أهل تدين؛ لأنهم عظموهم هذا التعظيم حتى عزموا على اتخاذ مسجد على كهفهم، وهذا إن كان ممنوعا - وخصوصا في شريعتنا - فالمقصود بيان أن ذلك الخوف العظيم من أهل الكهف وقت إيمانهم ودخولهم في الغار أبدلهم الله به بعد ذلك أمنا وتعظيما من الخلق، وهذه عوائد الله فيمن تحمل المشاق من أجله أن يجعل له العاقبة الحميدة.

- أن كثرة البحث وطوله في المسائل التي لا أهمية لها لا ينبغي الانهماك به لقوله: {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا} [الكهف: 22]

- أن سؤال من لا علم له في القضية المسئول فيها أو لا يثق به منهي عنه لقوله: {وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: 22]).




6. قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.

أهمية سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في معرفة تفسير كتاب الله .
  • سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعظم عون على معرفة تفسير كتاب الله.

الحكمة من إنزال القرآن مفرقا :
  • الحكمة إنزال القرآن مفرقا، كما ذكر الله هذا المعنى بقوله:
{كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا - وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 32 - 33]
وقال: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ} [هود: 120]
  • فالقرآن إنما كان ينزل تبعا لمناسبات سيرته، وما يقوله للخلق، وجواب ما يقال له، وما يحصل به تحقيق الحق الذي جاء به، وإبطال المذاهب التي جاء لإبطالها.

حال النبي قبل البعثة
  • قبل البعثة قد بغضت إليه عبادة الأوثان، وبغض إليه كل قول قبيح وفعل قبيح،
  • وفطر صلى الله عليه وسلم فطرة مستعدة متهيئة لقول الحق علما وعملا،
  • والله تعالى هو الذي طهّر قلبه وزكاه وكمّله،
  • فكان من رغبته العظيمة فيما يقرب إلى الله أنه كان يذهب إلى غار حراء الأيام ذوات العدد، ويأخذ معه طعاما يطعم منه المساكين ويتعبَّد ويتحنث فيه،
  • فقلبه في غاية التعلق بربه، ويفعل من العبادات ما وصل إليه علمه في ذلك الوقت الجاهلي الخالي من العلم، ومع ذلك فهو في غاية الإحسان إلى الخلق.

بدء نزول القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم .
  • ما تم عمره أربعين سنة، وتمت قوته العقلية، وَصَلُحَ لتلقي أعظم رسالة أرسل الله بها أحدا من خلقه، تبدَّى له جبريل صلى الله عليه وسلم فرأى منظرا هاله وأزعجه، إذ لم يتقدم له شيء من ذلك، وإنما قدَّم الله له الرؤيا، التي كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
فأول ما أنزل الله عليه:
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]
فجاءه بها جبريل وقال له: اقرأ، فأخبره أنه ليس بقارئ - أي لا يعرف أن يقرأ - كما قال تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: 7]
وتفسيرها الآية الأخرى:
{مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 52]
فغطه جبريل مرتين أو ثلاثا ليهيئه لتلقي القرآن العظيم، ويتجرد قلبه وهمته وظاهره وباطنه لذلك، فنزلت هذه السورة التي فيها نبوته، وأمره بالقراءة باسم ربه، وفيها أصناف نعمه على الإنسان بتعليمه البيان العلمي والبيان اللفظي والبيان الرسمي، فجاء بها إلى خديجة ترعد فرائصه من الفرَق، وأخبرها بما رآه وما جرى عليه، فقالت خديجة رضي الله عنها: أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق، أي: ومن كانت هذه صفته فإنها تستدعي نعما من الله أكبر منها وأعظم، وكان هذا من توفيق الله لها ولنبيه، ومن تهوين القلق الذي أصابه.
وبهذه السورة ابتدأت نبوته,

فترة الوحي
  • بعد نزول الوحي على النبي وابتداء نبوته فتر عنه الوحي فترة حتى يشتاق إليه .
  • رأى جبريل بعدها على صورته الحقيقة .
  • جاء إلى خديجة خائفا منزعجا فقال: «دثروني دثروني» فأنزل الله عليه:
  • {يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1 - 5]
  • فكان ذلك أمراً له بدعوة الخلق وإنذارهم ، فشمر صلى الله عليه وسلم عن عزمه، وبهذه السورى ابتدأت رسالته .
  • وصمم على الدعوة إلى ربه مع علمه أنه سيقاوم بهذا الأمر البعيد والقريب،
  • لكن الله أيَّده وقوَّى عزمه، وأيَّده بروح منه، وبالدين الذي جاء به.
  • ولما فتر الوحي مرة أخرى فرح المشركون وقالوا " إن رب محمد قلاه". قال:
  • {وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1 - 3] إلى آخرها. [الضحى: 1 - 3 وما بعدها] ، فبين به الله تباركط وتعالى عنايته بنبيه ووبشارته بأن كل حال له أحسن مما قبله .

التوحيد والدعوة إليه أعظم مقامات النبي صلى الله عليه وسلم.
  • أعظم مقامات النبي على الله عليه وسلم هو دعوته إلى التوحيد الخالص ونهيه عن الشرك
  • عني القرآن بالتوحيد أشد عناية فغالب السور المكية تدور عليه.
  • عاند المشركون دعوة النبي إلى توحيد الله أشد معاندة وقابلوه بالجحد والتكذيب.
الحكمة من إضلال المضلين وهداية المهتدين .
* أخبر الله عن جزاء المعادين لدين الله المستمعين للقرآن على وجه التكذيب والجحد والكفر أنه أضلهم وأعمى أبصارهم حتى لا يفقهوه جزاء لما اختاروه لانفسهم من الضلال قال تعالى:
{فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأعراف: 30]

*أما المؤمنين المهتدين الطالبين للحق على سبيل الانصاف فقد هداهم الله وازدادت به علومهم ومعارفهم وإيمانهم وهدايتهم المتنوعة، قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 16]
  • لم يزل يدعو إلى التوحيد وعقائد الدين وأصوله، ويقرر ذلك بالبراهين والآيات المتنوعة، ويحذر من الشرك والشرور كلها منذ بعث إلى أن استكمل بعد بعثته نحو عشر سنين، وهو يدعو إلى الله على بصيرة.

مقامات النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته للكافرين .
  • أنه يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادلهم بالتي هي أحسن.
  • يدعوهم أفرادا ومتفرقين.
  • يذكرهم بالقرآن، ويتلوه في الصلاة وخارجها.

موقفهم من دعوته
  • كانوا إذا سمعوه صموا آذانهم وقد يسبونه ويسبون من أنزله.
فأنزل الله على رسوله آيات كثيرة في هذا المعنى يبين حالهم مع سماع القرآن وشدة نفورهم كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة، وأن شياطينهم ورؤساءهم في الشر فكروا وقدروا ونظروا فيما يقولون عن القرآن ويصفونه به؛ لينفروا عنه الناس.
  • وكانوا من إفكهم يقولون في القرآن الأقوال المتناقضة، يقولون: إنه سحر، إنه كهانة، إنه شعر، إنه كذب، إنه أساطير؛ فجعلوا القرآن عضين،
  • وكلما قالوا قولا من هذه الأقوال أنزل الله آيات يبطل بها ما قالوا، ويبين زورهم وافتراءهم وتناقضهم.
  • يقولون في النبي صلى الله عليه وسلم الأقوال التي ليس فيها دلالة على ما كانوا يعتقدون، وليس فيها نقص بالنبي صلى الله عليه وسلم، يقولون: لو أن محمدا صادق لأنزل الله ملائكة يشهدون له بذلك، ولأغناه الله عن المشي في الأسواق، وطلب الرزق كما يطلبه غيره، ولجعل له كذا وكذا ، ويقدحون في الرسول قدحا يعترضون فيه على الله، وأنه لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، ومحمد ليس كذلك، وأنك يا محمد لست بأولى بفضل الله منا، فلأي شيء تفضل علينا بالوحي؟.
  • كانوا يقترحون الآيات بحسب أهوائهم، ويقولون: إن كنت صادقا فأتنا بعذاب الله، أو بما تعدنا، أو أزل عنا جبال مكة، واجعل لنا فيها أنهارا وعيونا، وحتى يحصل لك كذا وكذا مما ذكره الله عنهم، فيجيبهم الله عن هذه الأقوال بأن رسوله صلى الله عليه وسلم قد أيده الله بالآيات.
  • يسعون أشد السعي أن يكف عن عيب آلهتهم، والطعن في دينهم، ويحبون أن يتاركهم ويتاركوه، لعلمهم أنه إذا ذكر آلهتهم، ووصفها بالصفات التي هي عليه من النقص، وأنه ليس فيها شيء من الصفات يوجب أن تستحق شيئا من العبادة، يعرفون أن الناس يعرفون ذلك، ويعترفون به مثل قوله:
  • {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9].

مقامات النبي صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين .
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل المؤمنين بالرأفة والرحمة العظيمة، والمحبة التامة، والقيام معهم في كل أمورهم، وأنه لهم أرحم وأرأف من آبائهم وأمهاتهم، وأحنى عليهم من كل أحد، كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]

الإسراء والمعراج
-أُسْرِيَ بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؛ ليريه من آياته، وعرج به إلى فوق السماوات السبع.
- وفرض الله عليه الصلوات الخمس بأوقاتها وهيئاتها.
- وجاءه جبريل على أثرها فعلَّمه أوقاتها وكيفيَّاتها، وصلى به يومين، اليوم الأول صلَّى الصلوات الخمس في أول وقتها، واليوم الثاني في آخر الوقت، وقال: الصلاة ما بين هذين الوقتين، ففرضت الصلوات الخمس قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين.
ولم يفرض الأذان في ذلك الوقت، ولا بقية أركان الإسلام.

الهجرة إلى المدينة ومقدماتها .
  • سبب انتشار الإسلام في المدينة وما حولها أن الأوس والخزرج كان اليهود في المدينة جيرانا لهم، وقد أخبروهم أنهم ينتظرون نبيا قد أظل زمانه، وذكروا من أوصافه ما دلهم عليه؛ فبادر الأوس والخزرج واجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في مكة وتيقنوا أنه رسول الله، وأما اليهود فاستولى عليهم الشقاء والحسد، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به.
  • كان المسلمون في مكة في أذى شديد من قريش، فأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة أولا إلى الحبشة.
  • لما أسلم كثير من أهل المدينة صارت الهجرة إلى المدينة.
  • خاف أهل مكة من هذه الحال اجتمع ملؤهم ورؤساؤهم في دار الندوة يريدون القضاء التام على النبي صلى الله عليه وسلم.
  • اتفق رأيهم أن ينتخبوا من قبائل قريش من كل قبيلة رجلا شجاعا ، فيجتمعون ويضربونه بسيوفهم ضربة واحدة. قالوا: لأجل أن يتفرق دمه في القبائل، فتعجز بنو هاشم عن مقاومة سائر قريش فيرضون بالدية،
  • جاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعزم على الهجرة، وأخبر أبا بكر بذلك وطلب منه الصحبة، فأجابه إلى ذلك ،وأمر عليًّا أن ينام على فراشه، وخرج هو وأبو بكر إلى الغار، فلم يزالوا يرصدونه حتى برق الفجر، فخرج إليهم عليّ فقالوا: أين صاحبك؟ قال: لا أدري.
  • ثم ذهبوا يطلبونه في كل وجهة، وجعلوا الجعالات الكثيرة لمن يأتي به، فقال أبو بكر: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا. فقال: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ وأنزل الله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40]
  • فهاجر إلى المدينة واستقر بها.

الإذن بالقتال بعد منعه
أذن له في القتال بعدما كان قبل الهجرة ممنوعا لحكمة مشاهدة، فقال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]
وجعل يرسل السرايا.

فرض الصيام والزكاة
  • لما كانت السنة الثانية فرض الله على العباد الزكاة والصيام، فآيات الصيام والزكاة إنما نزلت في هذا العام وقت فرضها.
  • أما قوله تعالى:{وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ - الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: 6 - 7]
    فإن المراد زكاة القلب وطهارته بالتوحيد وترك الشرك.

غزوة بدر
  • في السنة الثانية كانت وقعة بدر.
  • وسببها : أن عيرا لقريش تحمل تجارة عظيمة من الشام، خرج النبي صلى الله عليه وسلم بمن خف من أصحابه لطلبها، فخرجت قريش لحمايتها، وتوافوا في بدر على غير ميعاد، فالعير نجت والنفير التقوا مع الرسول وأصحابه، وكانوا ألفا كاملي العدد والخيل، والمسلمون ثلاثمائة وبضعة عشر على سبعين بعيرا يعتقبونها، فهزم الله المشركين هزيمة عظيمة، قتلت سرواتهم وصناديدهم، وأُسر من أُسر منهم، وأصاب المشركين مصيبة ما أُصيبوا بمثلها.
  • وهذه الغزوة أنزل الله فيها وفي تفاصيلها سورة الأنفال، وبعدما رجع إلى المدينة منها مظفرا منصورا ذل من بقي ممن لم يُسلم من الأوس والخزرج، ودخل بعضهم في الإسلام نفاقا، ولذلك جميع الآيات نزلت في المنافقين إنما كانت بعد غزوة بدر.

غزوة أحد
  • في السنة الثالثة كانت غزوة أحد.
  • غزا المشركون وجيشوا الجيوش على المسلمين حتى وصلوا إلى أطراف المدينة، وخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه وعبأهم ورتبهم، والتقوا في أُحد عند الجبل المعروف شمالي المدينة، وكانت الدائرة في أول الأمر على المشركين، ثم لما ترك الرماة مركزهم الذي رتبهم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم: لا تبرحوا عنه، ظهَرنا أو غُلبنا، وجاءت الخيل مع تلك الثغرة وكان ما كان، حصل على المسلمين في أُحد مقتلة أكرمهم الله بالشهادة في سبيله.
  • وذكر الله تفصيل هذه الغزوة في سورة آل عمران، وبسط متعلقاتها، فالوقوف على هذه الغزوة من كتب السير يعين على فهم الآيات الكثيرة التي نزلت فيها كبقية الغزوات.

تواعد المسلمين والمشركين في بدر في السنة الرابعة من الهجرة
في السنة الرابعة تواعد المسلمون والمشركون فيها - في بدر - فجاء المسلمون لذلك الموعد، وتخلف المشركون معتذرين أن السنة مجدبة، فكتبها الله غزوة للمسلمين:
{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 174]

غزوة الخندق
  • في سنة خمس كانت غزوة الخندق.
  • اتفق أهل الحجاز وأهل نجد، وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على غزو النبي صلى الله عليه وسلم، وجمعوا ما يقدرون عليه من الجنود، فاجتمع نحو عشرة آلاف مقاتل وقصدوا المدينة.
  • ولما سمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم خندق على المدينة، وخرج المسلمون نحو الخندق.
  • وجاء المشركون كما وصفهم الله بقوله:
{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: 10]
ومكثوا محاصرين المدينة عدة أيام.
  • حال الخندق بينهم وبين اصطدام الجيوش، وحصل مناوشات يسيرة بين أفراد من الخيل، - وسبب الله عدة أسباب لانخذال المشركين، ثم انشمروا إلى ديارهم،
  • لما رجع المشركون خائبين لم ينالوا ما كانوا جازمين على حصوله، تفرغ النبي صلى الله عليه وسلم لبني قريظة الذين ظاهروا المشركين بقولهم وتشجيعهم على قصد المدينة، ومظاهرتهم الفعلية ونقضهم ما كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فحاصرهم، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وفي هذه الغزوة أنزل الله صدر سورة الأحزاب من قوله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب: 27]

صلح الحديبية
  • في سنة ست من الهجرة اعتمر صلى الله عليه وسلم وأصحابه عمرة الحديبية، وكان البيت لا يُصدُّ عنه أحد، وعزم المشركون على صد النبي صلى الله عليه وسلم عنه.
  • لما بلغ الحديبية ورأى المشركين قد أخذتهم الحمية الجاهلية جازمين على القتال دخل معهم في صلح لحقن الدماء في بيت الله الحرام، ولما في ذلك من المصالح.
  • وصار الصلح على أن يرجع النبي صلى الله عليه وسلم عامه هذا ولا يدخل البيت، ويكون القضاء من العام المقبل، وتضع الحرب أوزارها بينهم عشر سنين.
  • كره جمهور المسلمين هذا الصلح حين توهموا أن فيه غضاضة على المسلمين، ولم يطلعوا على ما فيه من المصالح الكثيرة.
  • رجع صلى الله عليه وسلم عامه ذلك، وقضى هذه العمرة في عام سبع من الهجرة، فأنزل الله في هذه القضية سورة الفتح بأكملها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]

ما أحل ببني النضير
  • قبيلة بني النضير من اليهود قبل ذلك هموا بالفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا على جانب المدينة غزاهم صلى الله عليه وسلم واحتموا بحصونهم، ووعدهم المنافقون حلفاؤهم بنصرتهم، فألقى الله الرعب في قلوبهم، وأنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجلوا عن ديارهم ولهم ما حملت إبلهم، ويدعوا الأرض والعقار وما لم تحمله الإبل للمسلمين؛ فأنزل الله في هذه القضية أول سورة الحشر: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2] إلى آخر القصة.

فتح مكة
  • وفي سنة ثمان من الهجرة، وقد نقضت قريش العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم غزا مكة في جند كثيف من المسلمين يقارب عشرة آلاف، فدخلها فاتحا لها.
  • ثم تممها بغزو حنين على هوازن وثقيف، فتم بذلك نصر الله لرسوله وللمسلمين، وأنزل الله في ذلك أول سورة التوبة.

غزوة تبوك
  • وفي سنة تسع من الهجرة غزا تبوك .
  • ولم يتخلف إلا أهل الأعذار وأناس من المنافقين، وثلاثة من صلحاء المؤمنين: كعب بن مالك وصاحباه، وكان الوقت شديدا، والحر شديدا، والعدو كثيرا، والعسرة مشتدة، فوصل إلى تبوك ومكث عشرين يوما ولم يحصل قتال فرجع إلى المدينة.
  • أنزل الله في هذه الغزوة آيات كثيرة من سورة التوبة، يذكر تعالى تفاصيلها وشدتها، ويثني على المؤمنين، ويذم المنافقين وتخلفهم، ويذكر توبته على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة، ويدخل معهم الثلاثة الذين خلفوا بعد توبتهم وإنابتهم.
  • في مطاوي هذه الغزوات يذكر الله آيات الجهاد وفرضه وفضله وثواب أهله، وما للناكلين عنه من الذل العاجل والعقاب الآجل، كما أنه في أثناء هذه المدة ينزل الله الأحكام الشرعية شيئا فشيئا بحسب ما تقتضيه حكمته.

فرض الحج
  • وفي سنة تسع من الهجرة أو سنة عشر فرض الله الحج على المسلمين
  • كان أبو بكر حج بالناس سنة تسع، ونبذ إلى المشركين عهودهم، وأتم عهود الذين لم ينقضوا.
  • ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سنة عشر واستوعب المسلمين معه، وأعلمهم بمناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3])

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 8 محرم 1440هـ/18-09-2018م, 04:28 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الثاني من خلاصة تفسير القرآن للسعدي

ملحوظة عامة:
- يُفضل عند التلخيص تقسيم الكلام إلى عناصر مجملة ومن ثم بيان ما تحتها من مسائل بعبارات موجزة، وقد أحسن في ذلك كثير من الإخوة والأخوات هنا فيستفاد منهم.
مثلا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يمكن تقسيمها إلى عناصر مثل:
حال النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة :
بعثة النبي صلى الله عليه وسلم :
فترة الوحي:
وهكذا .. مع تلخيص ما تحت كل عنصر من مسائل.
- في بعض الإجابات أخطاء إملائية ولغوية خاصة بالإعراب؛ وهذا متسامح فيه للنظر في المشقة الحاصلة من كتابة الواجب، لكن نرجو الحرص على مراعاة ذلك أثناء الكتابة نفسها وتأمل الكلمات التي يحصل فيها الخطأ غالبًا.
مثلا:
- كتابة الهمزات عمومًا تقع فيها أخطاء كثيرة.
- حذف حرف العلة للمضارع المعتل الآخر المسبوق بأداة جزم، وكتابة جمع المذكر السالم مرفوعًا بالواو في محل النصب أو العكس بالياء في محل الرفع وهكذا ...
وتبقى المراجعة خير وسيلة لاستدراك الأخطاء.

المجموعة الأولى:

ضحى الحقيل: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
س1: يلاحظ الاختصار في ذكر صور البيوع الحلال، والتركيز على ما حرمه الله.

هناء محمد علي: أ+


المجموعة الثانية:


سارة المشري: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
س5:
قولكِ:" - ولادة زكريا ، وحسن نشأته ، و مهارته في العلم وهو صغير . "
أظنكِ قصدتِ يحيى عليه السلام.



المجموعة الثالثة:


حنان علي محمود: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ
أرجو النظر بعد إتمام الإجابة في إمكانية إعادة ترتيب عناصر إجابتك، وحذف ما فيها من الاستطرادات التي لا تتعلق بصورة مباشرة برأس السؤال، أو تأخيرها.


المجموعة الرابعة :


علاء عبد الفتاح: أ+
قولك في الإيلاء والظهار:
" والفرق بينهما أن الأول ليس محرم، والثاني محرم لا يجوز ابتدائه، لأنه من تحليل ما حرم الله "
- لا يأثم به فيما إذا كان أقل أو يساوي أربعة أشهر ولا يقصد به المضارة والمشاقة، وإلا لما وضع الله له حدودًا يرد بها حق المرأة.
- " لأنه من تحليل ما حرم الله " لعلك تقصد: " تحريم ما أحل الله ".



المجموعة الخامسة :


نورة الأمير: أ
س1:
قولكِ: "
-ما ورد في السنة بخصوص الزاني المحصن: أن يغرب عاما كاملا مع الجلد.
-ما ورد في السنة بخصوص الزاني المحصن: الرجم بالحجارة حتى الموت". اهـ
التغريب عامًا مع الجلد في الزاني غير المحصن، أي أن القرآن جاء بالجلد مائة جلدة، وفي السنة زيادة التغريب.
- أثني على تقسيم إجاباتك إلى عناصر - في أغلب المواضع - لكن للأسف اعتمدتِ في بعض المواضع على النسخ واللصق وهذا مرفوض، بل المطلوب الاختصار بأسلوبكِ.

عقيلة زيان: أ+

وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى ونفع بي وبكم.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, التاسع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:18 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir