باب الظاء
قال أبو عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني (ت: 478هـ) : (باب الظاء
الظلم – الظلمات – الظلمات والنور – الظالمين – الظهور والإظهار – الظل – ظل – الظن
تفسير (الظلم) على أربعة أوجه:
الشرك – فعل الذنب من غير شرك – القتل – النقص
فوجه منها: الظلم يعني: الشرك، قوله تعالى في سورة الأنعام {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} يعني: بشرك, وكقوله تعالى في سورة لقمان {إن الشرك لظلم عظيم} يعني: لذنب عظيم.
والوجه الثاني: الظلم: فعل الذنب من غير شرك, يعني: ظلم الرجل نفسه بذنب يصيبه من غير شرك, قوله تعالى في سورة الطلاق {ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه} مثلها في سورة البقرة (231)، وكقوله تعالى في سورة الملائكة {فمنهم ظالم لنفسه} يعني: أصحاب الكبائر ظلموا أنفسهم بذنوبهم من غير شرك.
والوجه الثالث: الظلم: ظلم الناس بالقتل، قوله تعالى في سورة الإسراء {ومن قتل مظلوما} يعني: المقتول ظلمه القاتل بغير حق, وكقوله تعالى في سورة النساء {ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما} وكقوله تعالى {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما}.
والوجه الرابع: الظلم يعني: النقص، قوله تعالى في سورة الكهف {كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا} يعني: ولم تنقص منه شيئا, وكقوله تعالى في سورة الأنبياء {فلا تظلم نفس شيئا} وكقوله تعالى في سورة مريم {ولا يظلمون شيئا} يقول: ولا ينقصون شيئا من أعمالهم.
تفسير (الظلمات) على وجهين:
أهوال البر والبحر – ثلاث ظلمات
فوجه منهما: الظلمات يعني: أهوال البر والبحر, قوله تعالى في سورة الأنعام {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر} نظيرها في سورة النمل {أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر} يعني: أهوال البر والبحر.
والوجه الثاني: الظلمات أي: ثلاث ظلمات يعني ثلاث خصال، قوله تعالى في سورة الزمر {يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث} يعني: ظلمة البطن والرحم والمشيمة, وكقوله تعالى في سورة الأنبياء {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك} يعني: ظلمة الليل, وظلمة الماء, وظلمة بطن الحوت, وكقوله تعالى في سورة النور {أو كظلمات في بحر لجي} إلى قوله تعالى {ظلمات بعضها فوق بعض} ثلاثة: في صدر مظلم وقلب مظلم في جسد مظلم.
تفسير (الظلمات والنور) على وجهين:
الإيمان والشرك – الليل والنهار
فوجه منهما: الظلمات يعني: الشرك, والنور يعني: الإيمان، قوله تعالى في سورة البقرة {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور} يعني من الشرك إلى الإيمان. نظيرها في سورة الأحزاب {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور} يعني: من الشر إلى الإيمان. مثلها في سورة إبراهيم، ونحوه كثير.
والوجه الثاني: الظلمات والنور يعني: الليل والنهار، قوله تعالى في سورة الأنعام {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور} يعني: جعل الليل والنهار. ليس مثلها في القرآن.
تفسير (الظالمين) على سبعة أوجه:
المشركين – من أذنب من المسلمين من غير شرك – الذين يظلمون الناس الضرر – الجور – الجحود للقرآن – السارق
فوجه منها: الظالمين يعني: المشركين، قوله تعالى في سورة الأعراف {أن لعنة الله على الظالمين} يعني: على المشركين. نظيرها في سورة هود 18، وفي سورة الإنسان {والظالمين أعد لهم عذابا أليما} يعني: المشركين ونحوه كثير.
والوجه الثاني: الظالمين يعني به: المسلم يظلم نفسه بذنب يصيبه من غير شرك, قوله تعالى في سورة البقرة والأعراف لآدم وحواء {ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين} يعني: لأنسكما بخطيئتكما، وكقوله تعالى في سورة الأنبياء عن يونس {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} وقال موسى {رب إني ظلمت نفسي} بقتله النفس.
والوجه الثالث: الظالمين: الذين يظلمون الناس، قوله تعالى في سورة حم عسق {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس} وفيها {فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين}.
والوجه الرابع: يظلمون يعني: يضرون وينقصون أنفسهم من غير شرك، قوله تعالى في سورة البقرة لبني إسرائيل {وما ظلمونا} يعني: وما ضرونا ولا نقصونا حين رفعوا المن والسلوى {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} أي: يضرون وينقصون. نظيرها في سورة الأعراف 160.
والوجه الخامس: الظلم: الجور، قوله تعالى في سورة الزخرف {وما ظلمناهم} يعني: كفار الأمم كلها, سنعذبهم في الآخرة يعني بذنب {ولكن كانوا هم الظالمين} بكفرهم وتكذيبهم، وكقوله تعالى في سورة آل عمران {وأن الله ليس بظلام للعبيد} نظيره في هود 101، ونحوه كثير.
والوجه السادس: يظلمون: يجحدون، قوله تعالى في سورة الأعراف {ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون} أي: يجحدون بالقرآن بأنه ليس من الله عز وجل وكقوله تعالى في سورة الأعراف {ثم بعثنا من بعدهم} إلى قوله تعالى {فظلموا بها} يعني: فجحدوا بها، مثلها في سورة بني إسرائيل.
والوجه السابع: الظالمين يعني: السارقين، قوله تعالى في سورة يوسف {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين} إلى قوله {كذلك نجزي الظالمين} يعني السارقين. مثلها في سورة المائدة {فمن تاب من بعد ظلمه} يعني: بعد يرقته.
تفسير (الظهور والإظهار) على ثمانية أوجه:
بدا – أطلع – العلو – التعاون – العلو والقهر – الباطل – ترك تعظيم الشيء – نصف النهار
فوجه منها: ظهر يعني: بدا، قوله تعالى في سورة النور {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} أي: ما بدا منها من الوجه والكفين, وقال تعالى في سورة الروم {ظهر الفساد} يعني: بدا الفساد {في البر والبحر} وقال تعالى في سورة حم المؤمن {أو أن يظهر في الأرض الفساد} وقال تعالى في سورة الروم {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا} يعني: ما بدا من معايشهم وحرفهم.
والوجه الثاني: أظهره يعني: أطلعه، قوله تعالى في سورة التحريم {وأظهره الله عليه} يعني: أطلعه الله على السر الذي أفشته حفصة إلى عائشة، وقال سبحانه في سورة الجن {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا} يعني: فلا يطلع على غيبه أحدا, وقال تعالى في سورة الكهف {إنهم إن يظهروا عليكم} يعني: إن يطلعوا عليكم.
والوجه الثالث: يظهرون يعني: يرتقون، قوله تعالى في سورة الزخرف {ومعارج عليه يظهرون} يعني: يرتقون فوق البيوت, وكقوله تعالى في سورة الكهف {فما اسطاعوا أن يظهروه} يعني: أن يعلوه, وأن يرتقوه.
والوجه الرابع: التظاهر: التعاون، قوله تعالى في سورة التحريم {وإن تظاهرا عليه} يعني: تعاونا عليه, وكقوله تعالى {ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} يعني: أعوانا، وقال تعالى في سورة الفرقان {وكان الكافر على ربه ظهيرا} يعني: معينا. مثلها في سورة الأحزاب {وأنزل الذين ظاهروهم} يعني: عاونوهم.
والوجه الخامس: الإظهار: هو العلو والقهر, فذلك قوله تعالى في سورة براءة {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله} أي ليعلو الإسلام على دين فيقهره. مثلها في سورة الصف وفي سورة الفتح {ودين الحق ليظهره} وقال تعالى في سورة المؤمنين {يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض} يعني: عالين على أهل مصر في القهر لهم.
والوجه السادس: ظاهرا يعني: باطلا، قوله تعالى في سورة الرعد {أم بظاهر من القول} يعني: بباطل من القول حين زعموا أن لله شريكا, وقال تعالى في سورة المجادلة {والذين يظاهرون من نسائهم}.
والوجه السابع: إظهار مثل ظهرته: ترك التعظيم، فذلك قوله تعالى في سورة هود {واتخذتموه وراءكم ظهريا} يقول: جعلتم الله بظهر فلا تعظموه وتعظموا غيره, وقال تعالى في سورة البقرة {كتاب الله وراء ظهورهم} يعني: جعلوا كتاب الله بظهر, فلم يعظموه، ولت عملوا به بل عملوا بالسحر.
والوجه الثامن: تظهرون يعني: نصف النهار، قوله تعالى في سورة الروم {وعشيا حين تظهرون} يعني: صلاة الظهر عند انتصاف النهار, وقال تعالى في سورة النور {وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة} يعني: نصف النهار.
تفسير (الظل) على وجهين:
بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس – ظل الشجرة والحائط
فوجه منهما: الظل: بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس, فذلك قوله تعالى في سورة الفرقان {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} أي: كيف بسط الظل بعد طلوع الفجر، وقبل طلوع الشمس من المشرق إلى المغرب, وكقوله تعالى في سورة الواقعة {وظل ممدود} يعني: دائم عليهم بلا شمس.
والوجه الثاني: الظل يعني: ظل الشجرة والحائط, قوله تعالى في سورة القصص {ثم تولى إلى الظل} يعني: ظل الشجرة, وكقوله تعالى في سورة الرعد {وظلالهم بالغدو والآصال} يعني: غدوة وعشية.
تفسير (ظل) على وجهين:
مال – أقام
فوجه منهما: ظل يعني: مال, قوله تعالى في سورة الحجر {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون} يعني: فمالوا فيه, وكقوله تعالى في سورة الشعراء {فظلت أعناقهم لها خاضعين} يعني: فمالت أعناقهم.
والوجه الثاني: ظل يعني: أقام، قوله تعالى في سورة طه {وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا} يعني: أقمت عليه عابدا, وقال تعالى في سورة الواقعة {لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون} يعني: أقمتم تعجبون، وقال تعالى في سورة الشعراء {قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين} يعني: فنقيم لها عابدين, وقال تعالى في سورة النحل {ظل وجهه مسودا وهو كظيم} يعني: أقام. نظيرها في سورة الزخرف.
تفسير (الظن) على أربعة أوجه:
الإيقان – الشك – حسب – التهمة
فوجه منها: الظن يعني: اليقين، قوله تعالى في سورة البقرة {إن ظنا أن يقيما حدود الله} يعني: إن أيقنا، وكقوله تعالى في سورة ص {وظن داود أنما فتناه} يعني: وعلم داود أنما ابتليناه, وقال تعالى في سورة الحاقة {إني ظننت أني ملاق حسابيه} يقول: أيقنت.
والوجه الثاني: الظن: الشك، قوله تعالى في سورة الجاثية {إن نظن إلا ظنا} يعني: ما نشك إلا شكا.
والوجه الثالث: ظن يعني: حسب، قوله تعالى في سورة الانشقاق {إنه ظن أن لن يحور} يعني: حسب أن لن يرجع, وقال تعالى في سورة حم فصلت {ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعلمون}.
والوجه الرابع: الظن يعني: التهمة، قوله تعالى في سورة الأحزاب {وتظنون بالله الظنونا} يعني: التهمة, وقال: اتهموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبرهم: أن الله عز وجل يفتح عليه, وكقوله تعالى (وما هو على الغيب بظنين) يعني: بمتهم, نظيرها قوله تعالى في سورة الفتح {وظننتم ظن السوء} ). [الوجوه والنظائر: 326-332]