دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العام للمفسر > منتدى المسار الثاني

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #9  
قديم 19 ربيع الثاني 1445هـ/2-11-2023م, 09:33 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رولا بدوي مشاهدة المشاركة
تحرير القول في الأولية في قوله تعالى : ( أول بيت وضع للناس)
الأقوال و نسبتها
أحَدُهُما: أنَّهُ أوَّلُ بَيْتٍ كانَ في الأرْضِ مطلقًا، واخْتَلَفَ أرْبابُ هَذا القَوْلِ، كَيْفَ كانَ أوَّلَ بَيْتٍ عَلى ثَلاثَةِ أقْوال:
1- أنَّهُ ظَهَرَ عَلى وجْهِ الماءِ حِينَ خَلَقَ اللَّهُ الأرْضَ، فَخَلَقَهُ قَبْلَها بِألْفَيْ عامٍ، ودَحاها مِن تَحْتِهِ، قاله أبو هريرة، ابن عباس، عبد الله بن عمرو، كعب الأحبار، مجاهد، السدي.
2- أنَّ آَدَمَ اسْتَوْحَشَ حِينَ أُهْبِطَ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ، أنِ ابْنِ لِي بَيْتًا في الأرْضِ، فاصْنَعْ حَوْلَهُ نَحْوَ ما رَأيْتَ مَلائِكَتِي تَصْنَعُ حَوْلَ عَرْشِي، فَبَناهُ، قاله ابن عباس، و عبد الله بن عمرو مرفوعًا.
3- والثّالِثُ: أنَّهُ أُهْبِطَ مَعَ آَدَمَ، فَلَمّا كانَ الطُّوفانُ، رُفِعَ فَصارَ مَعْمُورًا في السَّماءِ، وبَنى إبْراهِيمُ عَلى أثَرِهِ، قاله قتادة، أبو قلابة.
القَوْلُ الثّانِي: أنَّهُ أوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لِلْعِبادَةِ، وقَدْ كانَتْ قَبْلَهُ بُيُوتٌ، هَذا قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، والحَسَنِ، وعَطاءِ بْنِ السّائِبِ في آَخَرِينَ..

تخريج الأقوال و التعقيب عليها:
أحَدُهُما: أنَّهُ أوَّلُ بَيْتٍ كانَ في الأرْضِ مطلقًا، قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ورُوِيَتْ في هَذا أقاصِيصُ أسانِيدُها ضِعافٌ فَلِذَلِكَ تَرَكْتُها، و قد ذكر ابن عطية أن هذه الأقوال في أسانيدها ضعف لذا لم يذكرها، و قال الطاهر ابن عاشور عنها :أن من أخذ بهذا القول أحذ بظاهر الآية الذي لم يأخذ به المحققين و جمهور أهل العلم.
و فيما يلي نبين تخريج الأحاديث، و ما ظهر لنا من أسباب لضعفها:
1- أنَّهُ ظَهَرَ عَلى وجْهِ الماءِ حِينَ خَلَقَ اللَّهُ الأرْضَ، فَخَلَقَهُ قَبْلَها بِألْفَيْ عامٍ، ودَحاها مِن تَحْتِهِ
قول أبي هريرة:
رواه سعيد المقبري عن ابن هريرة كما ذكر ابن الجوزي في زاد المسير، رواه عنه ابن المنذر في تفسيره و ابن الصواف، أبو علي البغدادي في كتابه الثاني من أجزاء ابن الصواف.
قول ابن عباس:
رواه الأزرقي فبي كتابه أخبار مكة: قال و حدثنا جدي قال حدثنا سعيد بن سالم عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس انه قال : لما كان العرش علي الناء قبل انريخلقزاللهرالسموات و الارضزبعث الله ريحا صفاقة فصفقت الناء فأبرزت عن خفشة في موضع البيت كأنها قبة فدحا الله الارضين من تحتها فعادت ثم مادت فأوتدها الله عز و جل بالجبال
قال المحقق ا. عبدالملك بن عبدالله دهيش: اسناده ضعيف، طلحة بن عمرو الخضرمي متروك الحديث .
قول عبد الله بن عمرو:
رواه ابن جرير و ابن المنذر و البيهقي كتابه الشعب عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو.
قول كعب الأحبار:
رواه الأزرقي في كتابه أخبار مكة قال: أبوالوليد محمد بن عبدالله بن أحمد بن عقبة بن الأزرق بن عمرو بن الحارث بن شمر الغياني الأزرقي قال حدثنا جدي أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن بشر بن عاصم عن سعيد بن المسيب قال كعب الأحبار به.
قال المحقق ا. عبدالملك بن عبدالله دهيش:اسناده صحيح و هو من قول كعب الاخبار
و قول عبدالله و بن عمرو بن العاص و كعب الأحبار قد يكون أصله من أخبار الإسرائليات، التي يتوقف فيها، فلا نصدق و لا نكذب.
قول مجاهد:
- رواه الأرزقي في كتابه اخبار مكة و ما جاء فيها من آثار: قال حدثنا ابوالوليد قال حدثني مهدي بن ابي المهدي قال حدثنا ابو أيوب البصري قال حدثنا هشام عن حميد قال سمعت مجاهد يقول خلق الله عز و جل هذا البيت قبل ان يخلق شيئًا من الأرض
قال المحقق ا. عبدالملك بن عبدالله دهيش: اسناده ضعيف شيخ المصنف لم يوقف عليه، مهدي بن المعدي الطبقة السادسة كما ذكر بن حجر و لا يعقل ان يروي عنه الازرق الحفيد لأنه من الطبقة الثانية عشر تقريبا
- و رواه الأزرقي بإسناد آخر ، قال :حدثني يحي بن سعيد عن محمد بن عمر بن إبراهيم الجبري عن عثمان بن عبدالرحمن عن هشام عن محاهد قال لقد خلق الله عز و جل موضع هذا البيت قبل ان يخلق شيئا من الارض بألفي سنة و إن قواعده في الارص السابعة السفلي
قال المحقق ا. عبدالملك بن عبدالله دهيش:حسن لغيره، أخرجه عبدالرزاق من طريق هشام بن حسان عن حميد الأعرج عن مجاهد.
- و رواه ابن جرير في تفسيره ،قال: حدّثني محمّد بن عبد اللّك بن أبي الشّوارب، قال: حدّثنا عبد الواحد بن زيادٍ، قال: حدّثنا خصيفٌ، قال: سمعت مجاهدًا، يقول: إنّ أوّل ما خلق اللّه الكعبة، ثمّ دحى الأرض من تحتها.
قال العقيلي في كتابه الضعفاء الكبير : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ خُصَيْفٍ، فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ بِقَوِيٍّ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى يَقُولُ: خُصَيْفٌ لَيْسَ بِذَاكَ، وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: خُصَيْفٌ شَدِيدُ الِاضْطِرَابِ فِي الْمُسْنَدِ.
قول السدي:
رواه ابن جرير في تفسيره، و ابن ابي حاتم من طريق أحمد بن المفضل ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا وهدًى للعالمين} أمّا أوّل بيتٍ، فإنّه يوم كانت الأرض ماءً، وكان زبدةً على الأرض، فلمّا خلق اللّه الأرض، خلق البيت معها، فهو أوّل بيتٍ وضع في الأرض.
و ذكره ابن كثير بلفظ فيه تضعيف، حيث قال :زعم السّدّي أنّه أول بيتٍ وضع على وجه الأرض مطلقًا.
أحمد بن المفضل: قال عنه أبو الفتح الأزدي :منكر الحديث، قال عنه أبو حاتم الرازي :صدوق من رؤساء الشيعة
قال عنه ابن حجر العسقلاني :صدوق شيعي في حفظه شيء.
و السدي: قال فيه أبو حاتم الرازي كتابه الجرخ و التعديل: في حدثنا عبد الرحمن سمعت أبي يقول إسماعيل بن عبد الرحمن السدي يكتب حديثه ولا يحتج به، وسئل أبو زرعة عن إسماعيل السدي فقال: لين.
2- أنَّ آَدَمَ اسْتَوْحَشَ حِينَ أُهْبِطَ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ، أنِ ابْنِ لِي بَيْتًا في الأرْضِ، فاصْنَعْ حَوْلَهُ نَحْوَ ما رَأيْتَ مَلائِكَتِي تَصْنَعُ حَوْلَ عَرْشِي، فَبَناهُ، قاله ابن عباس، و عبد الله بن عمرو مرفوعًا.قول ابن عباس رضي الله عنهما:
رَواهُ أبُو صالِحٍ، عنه، كما ذكر ابن الجوزي في زاد المسير.
- قول عبدالله بن عمرو بن العاص:
رواه البيهقيّ عنه مرفوعًا في كتابه دلائل النّبوّة، من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا: "بعث الله جبريل إلى آدم وحوّاء، فأمرهما ببناء الكعبة، فبناه آدم، ثمّ أمر بالطّواف به، وقيل له: أنت أوّل النّاس، وهذا أوّل بيتٍ وضع للنّاس" [هذا قول مُختلف عن المصنف تحته]
قال ابن كثير: إنه من مفردات ابن لهيعة، وهو ضعيفٌ، والأشبه، واللّه أعلم، أن يكون هذا موقوفا على عبد اللّه بن عمرو. ويكون من الزّاملتين اللّتين أصابهما يوم اليرموك، من كلام أهل الكتاب.

3- أنَّهُ أُهْبِطَ مَعَ آَدَمَ، فَلَمّا كانَ الطُّوفانُ، رُفِعَ فَصارَ مَعْمُورًا في السَّماءِ، وبَنى إبْراهِيمُ عَلى أثَرِهِ، قاله قتادة، أبو قلابة.
- قول قتادة:
رواه ابن جرير في تفسيره فقال: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: ذكر لنا أنّ البيت، هبط مع آدم حين هبط، قال: أهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عرشي، فطاف حوله آدم ومن كان بعده من المؤمنين، حتّى إذا كان زمن الطّوفان، زمن أغرق اللّه قوم نوحٍ رفعه اللّه وطهّره من أن يصيبه عقوبة أهل الأرض، فصار معمورًا في السّماء، ثمّ إنّ إبراهيم تتبّع منه أثرًا بعد ذلك، فبناه على أساسٍ قديمٍ كان قبله.
رَواهُ شَيْبانُ عَنْ قَتادَةَ كما ذكر ابن الجوزي في زاد المسير.
- قول أبو قلابة:
رواه ابن المنذر: حَدَّثَنَا محمد بْن إسماعيل الصائغ، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان بْن حرب، قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد، عَنْ أيوب، عَنْ أبي قلابة، قَالَ: قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ لآدم " إِنِّي مهبط معك بيتا تطوف حوله كَمَا يطاف حول عرشي، ويصلي عِنْده كَمَا يُصَلَّي عِنْد عرشي "، قَالَ: فلم يزل كذلك حَتَّى كَانَ زمان الطوفان، فرفع حَتَّى بوئ لإبراهيم مكانه، فبناه من خمسة أجبل من حراء، وثبير، ولبنان، والطور، وجبل الخمر، قَالَ: قَالَ عَبْد اللهِ بْن عمرو: وأيم الله لتهدمنه أيتها الأمه مرار يرفع عِنْد الثالثة، فاستمتعوا مِنْهُ مَا استطعتم
القَوْلُ الثّانِي: أنَّهُ أوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لِلْعِبادَةِ، وقَدْ كانَتْ قَبْلَهُ بُيُوتٌ، هَذا قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، والحَسَنِ، وعَطاءِ بْنِ السّائِبِ في آَخَرِينَ..
قول علي رضي الله عنه (أوّل بيتٍ وضع فيه البركة) :
رواه اسحق بن راهويه كما ذكر البوصيري( في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (ابن جرير و ابن أبي حاتم و الحاكم في مستدركه، بأسانيد مختلفة و ألفاظ متقاربة و في بعضها زيادة، من طريق من سماكٍ، عن خالد بن عرعرة، قال: قام رجلٌ إلى عليٍّ، فقال: ألا تخبرني عن البيت، أهو أوّل بيتٍ وضع في الأرض؟ فقال: لا، ولكنّه أوّل بيتٍ وضع فيه البركة {مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنًا}.
و رواه ابن ابي حاتم و ابن المنذر و ابن أبي حاتمٍ من طريق شريكٌ عن مجالدٍ، عن عامرٍ الشّعبيّ، عنه به.
قد عقب الحاكم على روايته«هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه»
و عقب البوصيري على إسناد اسحق بن راهويه هذا إسنادٌ رواته ثقاتٌ إلّا خالد بن عرعرة؟ فإنّي لم أقف له على ترجمةٍ.
و بالبحث وجدت في كتاب الثقات للعجلي قوله عن خالد بن عرعرة: "كوفي"، تابعي، ثقة، روى عن علي.
- قول أبو ذر الغفاري:
رواه الإمام أحمد في مسنده، و عبد بن حميد في تفسيره، البخاري و مسلم في صحيحهما و النسائي في »). [السنن الكبرى، و البيهقي في دلائل النبوة، من طريق الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذر، رضي اللّه عنه، قال قلت: يا رسول اللّه، أيّ مسجد وضع في الأرض أوّل؟ قال: "المسجد الحرام". قلت: ثمّ أيّ؟ قال: "المسجد الأقصى". قلت: كم بينهما؟ قال: "أربعون سنةً". قلت: ثمّ أيّ؟ قال: ثم حيث أدركت الصلاة فصلّ، فكلّها مسجدٌ".
و رواه أبو بكر بن أبي شيبة، في كتابه المصنف عنه به، دون ( قلت: كم بينهما؟ قال: "أربعون سنةً". قلت: ثمّ أيّ؟ قال: ثم حيث أدركت الصلاة فصلّ، فكلّها مسجدٌ".
قول قتادة:
رواه عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ في تفسيره(قال أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا قال أول بيت وضعه الله في الأرض فطاف به آدم و من بعده، رواه عنه ابن جرير و ابن المنذر.
- قول الحسن:
رواه ابن جرير بإسنادين مختلفين:
الأول: قال حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سأل حفصٌ الحسن وأنا أسمع، عن قوله: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا} قال: هو أوّل مسجدٍ عبد اللّه فيه في الأرض.
الثاني: قال حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، قال: حدّثنا عبّادٌ، عن الحسن، قوله: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس} يعبد اللّه فيه {للّذي ببكّة}.
- رواه ابن المنذر بإسناد آخر إليه: قال حَدَّثَنَا محمد بْن إسماعيل، قَالَ: حَدَّثَنَا عفان، قَالَ: حَدَّثَنَا خالد بْن الحارث، قَالَ: حَدَّثَنَا أشعث، عَنْ الحسن، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ} قَالَ " أول قبلة أعملت للناس المسجد الحرام "
قول مطر:
رواه ابن جرير قال: حدّثنا عبد الجبّار بن يحيى الرّمليّ، قال: حدّثنا ضمرة، عن ابن شوذبٍ، عن مطرٍ، في قوله: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة} قال: قد كانت قبله بيوتٌ، ولكنّه أوّل بيتٍ وضع للعبادة.
قول سعيد:
رواه ابن جرير قال: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا} قال: وضع للعبادة

:
- مما سبق يتبين ضعف أسانيد ما جاء في كون الأولية أولية تاريخية، و أولية جنس ، إمع استثناء صحة ما نسب لكعب الأحبار و لم يتبين لي ضعف ما نسب لعبدالله عمرو بن العاص و مجاهد به، و هذه و الله أعلم قد ترجع إلى أخبار الإسرائليات.
- و لم يذكر ابن عطية منها شئ و ذكر الحكم عليها بالضعف.
- و قد أشكل حديث أبي ذر الغفاري المرفوع على البعض؛ قوله أربعون سنة، و قد بين أهل العلم وجهها فقال ابن الجوزي في كتابه كشف المشكل في الصحيحين :إن الْإِشَارَة إِلَى أول الْبناء وَوضع أساس المسجدين، وَلَيْسَ أول من بنى الْكَعْبَة إِبْرَاهِيم، وَلَا أول من بني بَيت الْمُقَدّس سُلَيْمَان، وَفِي الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ والبانين كَثْرَة، فَالله أعلم بِمن ابْتَدَأَ.
و قال: وَقد روينَا أَن أول من بنى الْكَعْبَة آدم، ثمَّ انْتَشَر وَلَده فِي الأَرْض، فَجَائِز أَن يكون بَعضهم قد وضع بَيت الْمُقَدّس.
و قد بين ابن القيم في تفسيره أن هذا الإشكال في الحَدِيثُ وقع عَلى مَن لَمْ يَعْرِفِ المُرادَ بِهِ، و َقالَ: مَعْلُومٌ أنَّ سُلَيْمانَ بْنَ داوُدَ هو الَّذِي بَنى المَسْجِدَ الأقْصى، وبَيْنَهُ وبَيْنَ إبْراهِيمَ أكْثَرُ مِن ألْفِ عامٍ، وهَذا مِن جَهْلِ هَذا القائِلِ، فَإنَّ سُلَيْمانَ إنَّما كانَ لَهُ مِنَ المَسْجِدِ الأقْصى تَجْدِيدُهُ لا تَأْسِيسُهُ، والَّذِي أسَّسَهُ هو يَعْقُوبُ بْنُ إسْحاقَ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِما وآلِهِما وسَلَّمَ بَعْدَ بِناءِ إبْراهِيمَ الكَعْبَةَ بِهَذا المِقْدارِ.
و قد ذكر الطاهر بن عاشور في التحرير و التنوير ،قولًا آخر، نسب فيه البناء ألأاول لبيت المقدس أنه كان على يد إبراهيم عليه السلام عندما مر ببلاد الشام،فبناه على الصخرة المجعولة مذبحًا للقربان، و قال الطاهر ابن عاشور أنه قَدْ ثَبَتَ في سِفْرِ التَّكْوِينِ أنَّ إبْراهِيمَ بَنى مَذابِحَ في جِهاتٍ مَرَّ عَلَيْها مِن أرْضِ الكَنْعانِيِّينَ لِأنَّ اللَّهَ أخْبَرَهُ أنَّهُ يُعْطِي تِلْكَ الأرْضَ لِنَسْلِهِ، فالظّاهِرُ أنَّهُ بَنى أيْضًا بِمَوْضِعِ مَسْجِدِ أُرْشَلِيمَ مَذْبَحًا.
و بما ذكرنا يتبين أنه لم يثبت لدينا من الذي بنى بيت المقدس، لكن الذي يتأكد أنه سليمان ليس أول من بناه، و بهذا يُرفع الاشكال بإذن الله عمن أشكل عليه.
- و قد اختار ابن جرير القول أنها أولوية بيت للعبادة، و احتج بصحيح ما ورد عن رسول الله صلى الله عليخه و سلم.
- و اختار ابن كثير ذات القول بناء على ما روى عن علي رضي الله عنه.
- و هذا القول كما ذكر الطاهر ابن عاشور هو ما عليه المحققين من أهل العلم الذين لم يأخذوا بظاهر الآية، و هو الراجح و الله أعلم.
و مما يؤيد ذلك ما يلي:
1- سياق الآية و مقصدها: جاءت الآية لتبين فضل الكعبة ردًا على أهل الكتاب ممن أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه و سلم، و ممن أنكروا النسخ و أنكروا تغيير القبلة للكعبة بحجة أفضلية بيت المقدس، و أيصًا ليفرع عنها إيجاب الحج، كما قال الطاهر ابن عاشور: اتِّباعَ المِلَّةِ المَبْنِيَّةِ عَلى أُسُسِ مِلَّةِ بانِيهِ، وهَذا المُفادُ مِن تَفْرِيغِ قَوْلِهِ ﴿فاتَّبِعُوا مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفًا﴾ [آل عمران: ٩٥]
والأفضلية التي تظهر في القرآن كتاب الدين و الهدى، هي أفضلية تتعلق بأسباب الهدى بنوع البيت أنه للتعبد، و أنه مبارك و هدى، و هذا ما قاله الطاهر ابن عاشور في تفسيره.
2- صحيح ما ورد عن الرسول صلى الله عليه و سلم .
3- ما ورد عن علي رضي الله عنه بإسناد ثقة.
4- ما تواتر من أحاديث في هذا القول.
5- و مما يؤيد ذلك ايضًا:
- ما رواه ابن المنذر من سبب لنزول الآية إن صح: قال حَدَّثَنَا علي بْن المبارك، قَالَ: حَدَّثَنَا زيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن ثور، عَنْ ابْن جريج، قَالَ: وَقَالَ آخرون فِي قوله " {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} قَالَ آخرون: قالت اليهود: بيت المقدس أعظم، لأنها مهاجر الأنبياء، ولأنه فِي الأرض المقدسة، فَقَالَ المسلمون: بل الكعبة أعظم، فبلغ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنزلت {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} فذلك حَتَّى قوله: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} ، وليس ذَلِكَ فِي بيت المقدس {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ، وليس ذَلِكَ فِي بيت المقدس، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} وليس ذَلِكَ لبيت المقدس
و قد حكاه الثعلبي و الواحدي في أسباب النزول عن مجاهد، و قد ذكره ذلك ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب و عقب عليه: هكذا ذكره الثعلبي بغير إسناد ولم أر له عن مجاهد ذكرا وإنما ذكره مقاتل ابن سليمان.
قال الطاهر بن عاشور معلقًا على هذا الأثر : وهَذا تَأْوِيلٌ أُوِّلَ بِأنَّهُ الأوَّلُ مِن شَيْئَيْنِ لا مِن جِنْسِ البُيُوتِ كُلِّها.
6- و يؤيد ذلك أيضًا قوله تعالى (وُضٍع) و في قراءة أخرى( وضَع)، ولَعَلَّ بِناءَ "وُضِعَ؛ لِلْمَفْعُولِ؛ إشارَةٌ إلى أنَّ وضْعَهُ كانَ قَبْلَ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ( البقاعي)، و قال الألوسي: والمَعْنى إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِعِبادَةِ النّاسِ رَبَّهم أيْ هُيِّئَ وجُعِلَ مُتَعَبَّدًا؛ والواضِعُ هو اللَّهُ تَعالى كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ قِراءَةُ مَن قَرَأ ( وضَعَ ) بِالبِناءِ لِلْفاعِلِ؛ لِأنَّ الظّاهِرَ حِينَئِذٍ أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ راجِعًا إلى اللَّهِ تَعالى، وإنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ سُبْحانَهُ صَرِيحًا في الآيَةِ بِناءً عَلى أنَّها مُسْتَأْنَفَةٌ، واحْتِمالُ عَوْدِهِ إلى إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِاشْتِهارِهِ بِبِناءِ البَيْتِ خِلافُ الظّاهِرِ.
7- و يؤيد ذلك قوله تعالى ( للناس)؛ فال هنا للعموم، فتستغرق كل الناس،أي أول بيت وضع لعبادة كل الناس، و هو ما ذكره أهل اللغة كالزجاج، و أهل التفسير كابن جرير و ابن كثير و ابن عطية و غيرهم، و يجوز للعهد الزمني؛ فتشمل أهل الكتاب و المسلمين، كما ذكر الطاهر ابن عاشور عنهم: وكُلُّهم يَعْتَرِفُ بِأصالَةِ دِينِ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - فَأوَّلُ مَعْبَدٍ بِإجْماعِهِمْ هو الكَعْبَةُ فَيَلْزَمُهُمُ الِاعْتِرافُ بِأنَّهُ أفْضُلُ مِمّا سِواهُ مِن بُيُوتِ عِبادَتِهِمْ - و وصف حال البيت أنه مباركًا وهُدى.
- قال ابن عاشور فقال: والمَعْنى أنَّهُ أوَّلُ بَيْتِ عِبادَةٍ حَقَّةٍ وُضِعَ لِإعْلانِ التَّوْحِيدِ، بِقَرِينَةِ المَقامِ، وبِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ﴿وُضِعَ لِلنّاسِ﴾ المُقْتَضِي أنَّهُ مِن وضْعِ واضِعٍ لِمَصْلَحَةِ النّاسِ، لِأنَّهُ لَوْ كانَ بَيْتَ سُكْنى لَقِيلَ وضَعَهُ النّاسُ، وبِقَرِينَةِ مَجِيءِ الحالَيْنِ بَعْدُ؛ وهُما قَوْلُهُ: ﴿مُبارَكًا وهُدًى لِلْعالَمِينَ﴾ .

و ما قاله قتادة في قوله تعالى إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا قال أول بيت وضعه الله في الأرض فطاف به آدم و من بعده، يحتمل أن يكون المراد أول بيت وضع مطلقا و أول بيت وضع للعبادة
و مع ما ذكرنا هذا لا يمنع أن تكون الأحاديث التي وردت في كونه أولوية تاريخية جزء من التفضيل - التي نسبت لكعب الأحبار وعبد الله بن عمرو بن العاص و مجاهد- ،فهو أول بيت وضع ، سبق غيره من بيوت العبادة، أو جنس البيوت كافة، و أولوية نوع أنه أول بيت وضع للعبادة، لتوحيد الله، للصلاة و الحج.
هذا و الله اعلم.


التقويم: أ+
احسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ، وأؤكد على أنه لا حاجة للنسبة لمصدر ناقل وقد خرجتِ الأثر من مصادر أصلية إلا لفائدة ينص عليها المصدر الناقل.
زادكِ الله إحسانًا وتوفيقًا.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:49 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir