المجموعة الأولى:
س1: ما معنى اسم الله عز وجل الحكيم؟
اسم الله (الحكيم) له معنيان:
الأول: الحاكم, فهو -سبحانه- الحاكم بين خلقه في الدنيا والآخرة: بحكمه الكوني القدري وحكمه الشرعي الذي أنزله في كتبه على رسله ليكون مرجعا للناس فيما شجر بينهم, قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}, وقال في الكوني:{والله يحكم لا معقب لحكمه}.
الثاني: المحكم المتقن للأشياء, الذي يضع الأمور في مواضعها المناسبة, وهذا الإحكام والإتقان يكون في أحكامه الشرعية وأحكامه الكونية, قال تعالى:{هل ترى في خلق الرحمن من تفاوت}, فجميعها تحمل أبلغ الحكمة والتعليل.
س2: كيف ترد على المعتزلة في قولهم: "إن الله عالم بلا علم"؟
نرد على ما زعموه بأمرين:
أولا : بالنصوص الشرعية: قال تعالى:{إنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}, وقال:{ إن الله بكل شيء عليم}, وغيرها من الآيات الكثيرة التي تثبت عموم علم الله.
ثانيا: أثبتت الآية وغيرها من الآيات صفة العلم لله, وهي من الصفات الذاتية التي لا تنفك عنه سبحانه, فهو يعلم الكليات والجزئيات, ويعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون, كما قال تعالى:{ولو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا}.
س3: اشرح حديث: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء...) مع بيان دلالته على صفة المحبة.
يخبر النبي-عليه الصلاة والسلام- المؤمنين في هذا الحديث بأن الله فرض وأمر بالإحسان في كل شيء يعمله العبد, ومثل بمثالين قد لا يخطرا على ذهن أغلب الناس فقال:
(إذا قتلتم فأحسنوا القتلة): فتكون فيما يوافق شرع الله سبحانه- إن كان القتل قصاصا أو حدا, ويكون القتل بعيدا عن التعذيب للحيوان المقتول إن كان قتله لدفع أذاه.
وقال:(وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح): فيكون الذبح على الطريق الشرعية ويأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى إراحة الذبيحة وعدم تعذيبها, مثل: حد السكين التي سيذبح بها, وأن لا يحدها أمام الذبيحة, ولا يوثقها ويمسكها بقسوة, بل يرحمها كما أمر عليه الصلاة والسلام.
في هذ الحديث دليل على إثبات صفة المحبة لله سبحانه, فهو يحب مقتضى أسمائه وصفاته وما يوافقها, لذلك أمر بها, وأمر الله بفعل شيء دليل على محبته له وعلى كونه عبادة, فتضمن الحديث وصف الله بالمحبة.
س4: هل مجيء الله عز وجل حقيقي أم مجازي؟ وكيف ترد على أهل البدع في صفة المجيء؟
قال تعالى:{كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً. وجَاءَ رَبُّكَ والمَلَكُ صَفّاً صَفّاً}, فمجيء الله-سبحانه وتعالى- حقيقي لا على المجاز, وهو من صفاته الفعلية التي تتبع المشيئة, فنثبت مجيئه بذاته على كيفية تليق به سبحانه, على قاعدة أهل السنة: من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تمثيل ولا تكييف.
والرد على المبتدعة يكون بعدة أمور:
أولا: أن الأصل في اللفظ أن يحمل على ظاهره, فلا نأوله أو نحمله على المجاز-كما ادعى المبتدعة- لعدم وجود صارف أو قرينة تصرف اللفظ عن ظاهره, فيبقى على اصله.
ثانيا: لا يجوز تأويل مجيئَه بمجيءِ أمرِه أو بعض ملائكته كما قالت المبتدعة, وادعوا بأن هذا مجاز حذف، وتقديره:(وجاء أمر ربك), وهذا مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة من وجوه:
- إن ما ادعوه من إضمار لا يدل عليه اللفظ بمدلولاته: لا بالتضمن ولا بالمطابقة ولا بالالتزام.
- ادعاء الحذف بلا دليل يقلل من الثقة بالنصوص.
ثالثا: المجيء المضاف إلى الله نوعان:
- مطلق: وهذا لا يكون إلا مجيئه بذاته سبحانه كقوله في الآية السابقة:{وجاء ربك}.
- مقيد: فإن كان المراد مجيء رحمته أو عذابه أو غيره; قيد به كقوله تعالى:{ وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ}.
س5: في قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهُ وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ} إثبات للعلل والأسباب، وضح ذلك.
لأن الآية ذكرت وبينت علة ما حصل لهم من قبض الملائكة لأرواحهم بهذه الشدة مع الضرب, وهي اتباعهم ما أسخط الله وكراهيتهم عمل ما يرضيه, فاستحقوا أقبح العذاب على سوء اختيارهم.
وعلى هذا تكون الأعمال الصالحة سببا في البعد عن سوء العاقبة, وعكسها الأعمال السيئة التي يبغضها الله, فدل على العلاقة الوثيقة بين العمل والجزاء بخلاف من ادعى خلاف ذلك.