دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثامن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو القعدة 1441هـ/25-06-2020م, 12:46 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي المجلس الثالث: مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة آل عمران

مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 133-152)



حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:
1: القراءات في الفعل {قاتل} من قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير} ومعنى الآية على كل قراءة.
2: معنى {ربيّون} من قوله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير}.


تعليمات الإجابة:
تراعى خطوات مهارات بحث وتحرير المسائل التفسيرية وهي كالتالي:
أولا: ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير.
ثانيا:
استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها.
ثالثا: تخريج الأقوال.
رابعا: توجيه الأقوال.
خامسا: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها.



تعليمات:
- دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار.
- مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا.
- لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد.
- يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها.

- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 ذو القعدة 1441هـ/26-06-2020م, 05:11 PM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي

حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:
1: القراءات في الفعل {قاتل} من قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير} ومعنى الآية على كل قراءة كل قراءة.

المسالة تفسيرية متعلقة بالقراءات , والتي لها اثر في المعنى :
ذكر المصادر :
المرتبة الأولى: كتب التفسير في دواوين السنّة:
- سنن سعيد بن منصور
- دلاءل النبوة للبيهقي
المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث:
- الدر المنثور للسيوطي

المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة :
- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لإمام المفسّرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري .
- وتفسير القرآن العظيم، عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي .
- الكشف والبيان عن تفسير القرآن، لأبي إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي .
- معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي .

المرتبة الرابعة: التفاسير المسندة التي طُبع شيء منها
تفسير ابن المنذر النيسابوري

المرتبة الخامسة: أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة

المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير:
- الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب القيسي
- المحرر الوجيز لابن عطية.
- زاد المسير لابن الجوزي .
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
- تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي
- فتح القدير للشوكاني

المرتبة السابعة: كتب تخريج أحاديث التفسير

المرتبة الثامنة: شروح الأحاديث

التفاسير اللغوية :
- معاني القرآن للفراء .
- معاني القرآن لأبي جعفر النحاس.
- مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى.
- معاني القرآن للأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة البلخي.
- معاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق الزجاج .
- معاني القرآن لأبي جعفر النحاس.

تفاسير أخرى :
بحر العلوم للسمرقندي
- الكشاف للزمخشري
- مفاتيح الغيب للرازي
- البحر المحيط لأبي حيان
- تفسير ابن عاشور
- روح المعاني للألوسي
- محاسن التأويل للقاسمي
- أضواء البيان للشنقيطي
- تيسير الكريم الرحمن للسعدي
- تفسير ابن عثيمين

كتب أسباب النزول:
- أسباب النزول المسمى لباب النقول في أسباب النزول لعلي بن أحمد الواحدي النيسابوي أبو الحسن

كتب القراءات:
- القراءات للأزهري
- إعراب القراءات السبع وعللها لابن خالويه
- الحجة في علل القراءات السبع لأبي علي الفارسي
- المحتسب في تبيين وجوه شواذّ القراءات لأبي الفتح ابن جني
- السبعة في القراءات لابن مجاهد - التبصرة لمكي بن أبي طالب
- النشر في القراءات العشر لابن الجزري
- معان التيسير لأبيي عمرو الدانيي

اختلفت القراءات في الفعل (قاتل) فاختلف القراء في فتح القاف وضمها , وإدخال الألف وإسقاطها, وتشديد التاء , على ثلاث قراءات :

القراءة الأولى :
القراءة بضم القاف وكسر التاء (قُتِل معه) , عل وزن (فُعِلَ) .
وهي قراءة ابن عباس وابن جبير والضحاك , واختارها أبو حاتم .
وقرأ بها : ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو عمرو .

ورجح هذه القراءة الطبري فقال : (وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب، قراءة من قرأ بضم"القاف": ﴿" قتل معه ربيون كثير "﴾ .

معنى الآية :
اختلف المفسرون في هذه القراءة من المراد ب(قُتِل) على ثلاثة أقوال :

القول الأول: إن المراد ي(قتل) النبي , ويكون في الكلام إضمار , والمعنى : قتل النبي ومعه ربيون كثير، ويكون تمام الكلام على قوله :(قُتِل) , فلم يضعفوا ولم يستكينوا بعد مقتل نبيهم ، وهذا هو الصبر الي ذكره تعالى في قوله في آخر الاية :﴿والله يحب الصابرين﴾ , ويكون نائب الفاعل ضمير يعود على (نبي) .
قال القفال : (وقوله: ﴿معه ربيون﴾ حال بمعنى قتل حال ما كان معه ربيون) .
قال عكرمة: هذا وقف تام، ومعناه: كم نبي قتل ومعه أصحابه. ذكره السمعاني دون نسبة ولا إحالة .

وهو قول ابن عباس , وقتادة , والسدي , والضحاك , والربيع , وابن إسحاق في السير , وذكره السهيلي , وحكاه الأموي في مغازيه ، عن كتاب محمد بن إبراهيم، ولم يقل غيره .

قال ابن عباس: ﴿وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير﴾ قال: هم يوم قتل نبيهم، فلم يهنوا ولم يضعفوا، ولم يستكينوا لقتل نبيهم .
رواه ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين، عن المقدسي، عن أيوب بن واقد، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عنه.

قال قتادة، قوله: ﴿وما ضعفوا﴾ يقول: وما تضعضعوا لقتل نبيهم .
رواه الطبري و ابن أبي حاتم بطرق عن سعيد، عنه.

وقال : ما ارتدوا عن بصيرتهم ولا عن دينهم أن قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله حتى لحقوا بالله.
رواه ابن أبي حاتم عن محمد بن يحيى، عن العباس، عن يزيد، عن سعيد عن قتادة .

قال السدي في قوله: ﴿فما وهنوا﴾ قال: فما وهن الربيون لما أصابهم في سبيل الله من قتل النبي .
رواه الطبري وابن أبي حاتم بطرق عن أسباط، عنه .

قال الضحاك في قوله:"وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير"، يقول: جموع كثيرة، قُتل نبيهم.
رواه الطبري عن المثني عن إسحاق عن أبي زهير، عن جويبر، عنه .

قال الربيع في قوله:"فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا"، يقول: ما عجزوا وما ضعفوا لقتل نبيهم "وما استكانوا"، يقول: وما ارتدوا عن بصيرتهم، قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله.
رواه الطبري عن المثني عن إسحاق عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عنه .

قال محمد بن إسحاق: ﴿وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير﴾ قال: وكأين من نبي أصابه القتل ومعه جماعات.
رواه الطبري وابن أبي حاتم بطرق عن سلمة، عنه .

ورجحه الفراء في معاني القرآن فقال :(وقد قال بعض المفسرين: "وكأين من نبي قتل" يريد: و"معه ربيون" والفعل واقع على النبي صلّى الله عليه وسلم، يقول: فلم يرجعوا عن دينهم ولم ينهوا بعد قتله. وهو وجه حسن)).

وحسن هذا الوجه الأخفش فقال :(قال تعالى: {وكأيّن مّن نّبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ فما وهنوا} يجعل النبيّ هو الذي قتل وهو أحسن الوجهين لأنه قد قال: {أفإن مات أو قتل}).

فتكون الآية فيها توبيخا لأصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- وإخبار لهم بأن كثيرا من الأنبياء قتلوا , لكن الذين بقوا بعدهم لم يصيبهم الوهن في دينهم ، بل استمروا على الجهاد ونصرة الدين ، فالأولى أن تكون حال هذه الأمة كحالهم بل أفضل , وهو كقوله تعالى : ﴿أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم﴾
وكان المسلمون قد وهنوا في أحد بعدما أشيع من قتل النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا القول مبني على أن سبب نزول الاية متعلق بغزوة أحد وما حصل فيها , فهو مكمل لما سبق من قوله تعالى :{
﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِی۟ن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰۤ أَعۡقَـٰبِكُمۡۚ وَمَن یَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِ فَلَن یَضُرَّ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔاۗ وَسَیَجۡزِی ٱللَّهُ ٱلشَّـٰكِرِینَ﴾.

وقد أخرج ابن المنذر عن عمر قال: تفرقنا عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يوم أحد فصعدت الجبل فسمعت يهود تقول: قُتل محمد، فقلت : لا أسمع أحد يقو (قتل محمد) إلا ضربت عنقه , فنظرت فإذا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- والناس يتراجعون فنزلت :{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُ...} الاية .

وأخرج ابن راهويه في مسنده عن الزهري: إن الشيطان صاح يوم أحد إن محمداً قد قُتل...
ورجح هذا القول الطبري فقال : (...لأن الله عز وجل إنما عاتب بهذه الآية والآيات التي قبلها من قوله: ﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم﴾ الذين انهزموا يوم أحد، وتركوا القتال، أو سمعوا الصائح يصيح:"إن محمدا قد قتل" ...9 إلى أن قال : (...ثم أخبرهم عما كان من فعل كثير من أتباع الأنبياء قبلهم، وقال لهم: هلا فعلتم كما كان أهل الفضل والعلم من أتباع الأنبياء قبلكم يفعلونه إذا قتل نبيهم من المضي على منهاج نبيهم، والقتال على دينه أعداء دين الله، على نحو ما كانوا يقاتلون مع نبيهم ولم تهنوا ولم تضعفوا، كما لم يضعف الذين كانوا قبلكم من أهل العلم والبصائر من أتباع الأنبياء إذا قتل نبيهم...) .


القول الثاني: أن يكون المراد ب(قُتِل) النبي وأيضا قتل بعض من معه من الربيين دون جميعهم ، فما وهن الربيون الذين لم يقتلوا بعد قتله وقتل أصحابهم , فنفى الوهن والضعف عمن لم يقتل من الربيين , فلم يضعفوا ولم يستكينوا لما أصابهم في الجهاد عن الله وعن دينهم ، وهذا هو الصبر الي ذكره تعالى في قوله في آخر الاية :﴿والله يحب الصابرين﴾ .

وقد رجح هذا القول القرطبي قائلا :(وهذا القول أشبه بنزول الآية وأنسب).

القول الثالث: أن المراد ب(قُتِل) :أي : قتل بين يدي النبي من أصحابه ربيون كثير .
فيكون المعنى : وكأين من نبي أرسل وتبعه الناس , فقتل معه وفي صحبته ربيون كثير لما قاموا وجاهدوا في سبيل الله ونصرة الدين .
فتكون (ربيون) نائب فاعل ل (قتل) .
فجعل قوله: ﴿معه ربيون كثير﴾ حالا , و "قتل" إنما هو مستند إلى قوله: "ربيون" وهم المقتولون

وهو قول سعيد بن جبير , وقول الحسن , ورجح هذا القول ابن جني , والزمخشري , والألوسي .

قال الحسن:(ما قتل نبي في حرب قط) . ذكره القرطبي بلا سند ولا إحالة .

وقد قال سعيد بن جبير: (ما سمعنا قط أن نبيا قتل في القتال ).
أخرجه سعيد بن منصورعن عتاب، عن خصيف عنه .
وأخرجه عبد بن حميد، وابن المنذر عنه , كما ذكره السيوطي .


وقد نصر هذا القول ورجحه الشيخ الشنقيطي في اضواء البيان , ورد القول بأن يكون القتل قد وقع على لفظ (النبي) , واحتج بوعد الله بنصر أنبيائه , والمقتول مغلوب وليس بمنصور .
وبسط القول في الأضواء وبين رجحانه , وليس هذا موضع نقله لأن الأمر يطول.


القراءة الثانية :
القراءة بضم القاف وكسر التاء مشددة على التكثير (قُتِّل معه) , عل وزن (فُعِّلَ) .
قرأ بها قتادة . ذكره ابن عطية .

قال ابن الجني : (لا يحسن أن يسند الفعل إلا إلى الربيين، لما فيه من معنى التكثير الذي لا يجوز أن يستعمل في قتل شخص واحد...).
وقال : (وهذه القراءة تقوي قول من قال من السبعة: إن"قتل" بتخفيف التاء أو "قاتل" إنما يستند إلى الربيين).

وعلى هذه القراءة يكون التكثير المدلول عليه بالتشديد يقتضي أن القتل واقع على الربيين.


القراءة الثالثة :
القراءة بفتح القاف والتاء وألف بينهما, على وزن (فاعل).
وهي قراءة ابن مسعود والحسن وإبراهيم , واختارها ابو عبيد .
وقرأ بها عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي .

قال ابن مسعودٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وكأيّن من نبي قتل معه ربيون كثير} -، يقول: (قاتل)، ألا ترى أنّه يقول: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله... } الآية.
رواه سعيد بن منصور الخرساني عن عتاب بن بشير، عن خصيف، عن زياد بن أبي مريم، وأبي عبيدة، عنه.

قال سعيد بن منصور : حدثنا هشيمٌ، حدثنا عوفٌ، عن الحسن، وأنبأنا عوفٌ، عن إبراهيم، أنّهما كانا يقرآن: {قاتل معه} .

ورجحه الزجاج فقال :(أعلم اللّه جلّ وعزّ أن كثيرا من الأنبياء قاتل معه جماعة فلم يهنوا – فقال الله عزّ وجلّ: {ربّيّون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل اللّه وما ضعفوا وما استكانوا}).

معنى الآية :
ترغيب الذين كانوا مع النبي ﷺ في القتال بذكر حال من سبقهم من أتباع الأنبياء , وثباتهم في القتال , وعدم تخلل الضعف والاستكانة إليهم , بل صبروا وثبتوا على القتال مع نبيهم .
فناسب أن يكون الكلام عن القتال لا القتل , لأنه لو قال (قتلوا) لم يكن لقوله :"فما وهنوا"، وجه معروف , فيستحيل أن يوصفوا بأنهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا.
وتكون (ربييون) هنا فاعل ل (قتل) .

واختار هذا القول أبو عبيد وقال:(إن الله إذا حمد من قاتل كان من قتل داخلا فيه، وإذا حمد من قتل لم يدخل فيه غيرهم، فقاتل أعم وأمدح) .

الراجح :
القراءتان من القراءات المتواترة المقروء بها , ولا تعارض بينهما من حيث المعنى ,
قال أبو منصور الأزهري : والقراءتان جيدتان , إلا إن (قُتِلَ) مفعول و (قاتَلَ) فاعل .

قال ابن خالويه :
وقوله تعالى :{قتل معه}:
قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو (قُتِل).
وقرأ الباقون (قاتل) بألف .
فمن قرأ (قتل) وقف عليه وابتدأ بما بعده , وحجته أن الله قد مدح أمما قتل عنهم نبيهم , فما ضعفوا لما اصابهم من قتل نبيهم وما استكانوا .
وحجة من قرأ (قاتل) قال : إذا مدح الله تعالى من لم ياقتل مع نبيه , كان من قاتل مع نبيه أمدح وأمدح .

وقال ابن مجاهد :
واختلفوا في فتح القاف وضمها , وإدخال الألف وإسقاطها في قوله تعالى :{ قتل معه ربيون}:
فقرأ ابن كثير نافع وابو عمرو (قُتِل معه )
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي (قاتل معه ربيون).

وقال مكي بن ابي طالب
قرأ الكوفييون وابن عامر (قاتل معه ) بألف وفتح التاء من القتال ,
وقرأ الباقون بغير ألف من (القتل) , وضم القاف وكسر التاء

وقال ابن الجزري :
واختلفوا في (قاتل معه) :
فقرأ نافع وابن كثير والبصريان بضم القاف وكسر التاء من غير ألف ,
وقرأ الباقون بفتح القاف والتاء وألف بينهما .

وقال الزجاج :(فمن قرى قاتل، المعنى: إنهم قاتلوا وما وهنوا في قتالهم، ومن قرأ قتل، فالأجود أن يكون (قتل) للنبي عليه السلام المعنى.. وكأين من نبي قتل ومعه ربيون فما وهنوا بعد قتله، لأن هؤلاء الذين وهنوا كانوا توهموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل، فأعلم الله - عزّ وجلّ - أن الربانيين بعد قتل نبيهم ما وهنوا.
وجائز أن يكون (قتل) للربانيين، ويكون (فما وهنوا) أي ما وهن من بقي منهم).

وقال الأخفش : وقال بعضهم {قاتل معه} وهي أكثر وبها نقرأ. لأنهم كانوا يجعلون {قتل} على {ربّيّون}. ونقول: "فكيف نقول "فكيف نقول {فما وهنوا} وقد قلنا إنهم قد قتلوا فإنه كما ذكرت لك أن القتل على النبي صلى الله عليه. وقوله: {ربّيّون} يعني: الذين يعبدون الرب تعالى وواحدها "ربّيّ").

وقال ابن عطية : (ويحسن عندي على هذه القراءة إسناد الفعل إلى الربيين، وعلى قراءة "قتل" إسناده إلى "نبي") .

فتكون الاية قد جاءت وفيها بيان جميع الأوجه المحتملة الوقوع في مثل هذا الموقف :
- ففي حالة قتل النبي أو الإرجاف بقتله : فيها بيان بأن قتل النبي لا يعني ذهاب الدين واضمحلاله , وهذا كقوله تعالى :{وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن ماتَ أو قتل انقلبتم على أعقابكم } .
وقد أخرج البيهقي في الدلائل عن ابي نجيح إن رجلا من المهاجرين مر على رج من الأنصار يوم أحد وهو يتشحط في دمه فقال: اشعرت بأن مجمدا قد قتل؟
فقال : إن كان محمد قد قتل فقد بلغ , فقاتلوا عن دينكم .

وكفعل أبي بكر -رضي الله عنه- لما مات النبي عليه الصلاة والسلام - فقال:(من كان يعبد محمدا فان محمد قد مات .. ومن كان يعبد الله فان الله لا يموت).

- وفي حال الهزيمة بأن يقتل الكثير من المقاتلة : ففيها تثبيت لمن لم يقتل منهم , وتذكير لهم بأن الجهاد مازال قائما , وفيه تسلية لهم بوقوع هذا لمن قبلهم , ومع ذلك ثبتوا ولم يضعفوا ولم يستكينوا .

- وفي قراؤة (قاتل) : الأمر واضح , ففيها حث لجميع ما سبق ذكره من المصابرة والثبات وعدم الضعف , ونصرة الدين , ونصرة النبي .



رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 ذو القعدة 1441هـ/27-06-2020م, 08:48 AM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فداء حسين مشاهدة المشاركة
حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:
1: القراءات في الفعل {قاتل} من قول الله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير} ومعنى الآية على كل قراءة كل قراءة.

المسالة تفسيرية متعلقة بالقراءات , والتي لها اثر في المعنى :
ذكر المصادر :
المرتبة الأولى: كتب التفسير في دواوين السنّة:
- سنن سعيد بن منصور
- دلاءل النبوة للبيهقي
المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث:
- الدر المنثور للسيوطي

المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة :
- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لإمام المفسّرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري .
- وتفسير القرآن العظيم، عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي .
- الكشف والبيان عن تفسير القرآن، لأبي إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي .
- معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي .

المرتبة الرابعة: التفاسير المسندة التي طُبع شيء منها
تفسير ابن المنذر النيسابوري

المرتبة الخامسة: أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة

المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير:
- الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب القيسي
- المحرر الوجيز لابن عطية.
- زاد المسير لابن الجوزي .
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
- تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي
- فتح القدير للشوكاني

المرتبة السابعة: كتب تخريج أحاديث التفسير

المرتبة الثامنة: شروح الأحاديث

التفاسير اللغوية :
- معاني القرآن للفراء .
- معاني القرآن لأبي جعفر النحاس.
- مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى.
- معاني القرآن للأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة البلخي.
- معاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق الزجاج .
- معاني القرآن لأبي جعفر النحاس.

تفاسير أخرى :
بحر العلوم للسمرقندي
- الكشاف للزمخشري
- مفاتيح الغيب للرازي
- البحر المحيط لأبي حيان
- تفسير ابن عاشور
- روح المعاني للألوسي
- محاسن التأويل للقاسمي
- أضواء البيان للشنقيطي
- تيسير الكريم الرحمن للسعدي
- تفسير ابن عثيمين

كتب أسباب النزول:
- أسباب النزول المسمى لباب النقول في أسباب النزول لعلي بن أحمد الواحدي النيسابوي أبو الحسن

كتب القراءات:
- القراءات للأزهري
- إعراب القراءات السبع وعللها لابن خالويه
- الحجة في علل القراءات السبع لأبي علي الفارسي
- المحتسب في تبيين وجوه شواذّ القراءات لأبي الفتح ابن جني
- السبعة في القراءات لابن مجاهد - التبصرة لمكي بن أبي طالب
- النشر في القراءات العشر لابن الجزري
- معان التيسير لأبيي عمرو الدانيي

اختلفت القراءات في الفعل (قاتل) فاختلف القراء في فتح القاف وضمها , وإدخال الألف وإسقاطها, وتشديد التاء , على ثلاث قراءات :

القراءة الأولى :
القراءة بضم القاف وكسر التاء (قُتِل معه) , عل وزن (فُعِلَ) .
وهي قراءة ابن عباس وابن جبير والضحاك , واختارها أبو حاتم .
وقرأ بها : ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو عمرو .

ورجح هذه القراءة الطبري فقال : (وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب، قراءة من قرأ بضم"القاف": ﴿" قتل معه ربيون كثير "﴾ .

معنى الآية :
اختلف المفسرون في هذه القراءة من المراد ب(قُتِل) على ثلاثة أقوال :

القول الأول: إن المراد ي(قتل) النبي , ويكون في الكلام إضمار , والمعنى : قتل النبي ومعه ربيون كثير، ويكون تمام الكلام على قوله :(قُتِل) , فلم يضعفوا ولم يستكينوا بعد مقتل نبيهم ، وهذا هو الصبر الي ذكره تعالى في قوله في آخر الاية :﴿والله يحب الصابرين﴾ , ويكون نائب الفاعل ضمير يعود على (نبي) .
قال القفال : (وقوله: ﴿معه ربيون﴾ حال بمعنى قتل حال ما كان معه ربيون) .
قال عكرمة: هذا وقف تام، ومعناه: كم نبي قتل ومعه أصحابه. ذكره السمعاني دون نسبة ولا إحالة .

وهو قول ابن عباس , وقتادة , والسدي , والضحاك , والربيع , وابن إسحاق في السير , وذكره السهيلي , وحكاه الأموي في مغازيه ، عن كتاب محمد بن إبراهيم، ولم يقل غيره .

قال ابن عباس: ﴿وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير﴾ قال: هم يوم قتل نبيهم، فلم يهنوا ولم يضعفوا، ولم يستكينوا لقتل نبيهم .
رواه ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين، عن المقدسي، عن أيوب بن واقد، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عنه.

قال قتادة، قوله: ﴿وما ضعفوا﴾ يقول: وما تضعضعوا لقتل نبيهم .
رواه الطبري و ابن أبي حاتم بطرق عن سعيد، عنه.

وقال : ما ارتدوا عن بصيرتهم ولا عن دينهم أن قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله حتى لحقوا بالله.
رواه ابن أبي حاتم عن محمد بن يحيى، عن العباس، عن يزيد، عن سعيد عن قتادة .

قال السدي في قوله: ﴿فما وهنوا﴾ قال: فما وهن الربيون لما أصابهم في سبيل الله من قتل النبي .
رواه الطبري وابن أبي حاتم بطرق عن أسباط، عنه .

قال الضحاك في قوله:"وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير"، يقول: جموع كثيرة، قُتل نبيهم.
رواه الطبري عن المثني عن إسحاق عن أبي زهير، عن جويبر، عنه .

قال الربيع في قوله:"فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا"، يقول: ما عجزوا وما ضعفوا لقتل نبيهم "وما استكانوا"، يقول: وما ارتدوا عن بصيرتهم، قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله.
رواه الطبري عن المثني عن إسحاق عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عنه .

قال محمد بن إسحاق: ﴿وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير﴾ قال: وكأين من نبي أصابه القتل ومعه جماعات.
رواه الطبري وابن أبي حاتم بطرق عن سلمة، عنه .

ورجحه الفراء في معاني القرآن فقال :(وقد قال بعض المفسرين: "وكأين من نبي قتل" يريد: و"معه ربيون" والفعل واقع على النبي صلّى الله عليه وسلم، يقول: فلم يرجعوا عن دينهم ولم ينهوا بعد قتله. وهو وجه حسن)).

وحسن هذا الوجه الأخفش فقال :(قال تعالى: {وكأيّن مّن نّبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ فما وهنوا} يجعل النبيّ هو الذي قتل وهو أحسن الوجهين لأنه قد قال: {أفإن مات أو قتل}).

فتكون الآية فيها توبيخا لأصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- وإخبار لهم بأن كثيرا من الأنبياء قتلوا , لكن الذين بقوا بعدهم لم يصيبهم الوهن في دينهم ، بل استمروا على الجهاد ونصرة الدين ، فالأولى أن تكون حال هذه الأمة كحالهم بل أفضل , وهو كقوله تعالى : ﴿أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم﴾
وكان المسلمون قد وهنوا في أحد بعدما أشيع من قتل النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا القول مبني على أن سبب نزول الاية متعلق بغزوة أحد وما حصل فيها , فهو مكمل لما سبق من قوله تعالى :{
﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِی۟ن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰۤ أَعۡقَـٰبِكُمۡۚ وَمَن یَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِ فَلَن یَضُرَّ ٱللَّهَ شَیۡـࣰٔاۗ وَسَیَجۡزِی ٱللَّهُ ٱلشَّـٰكِرِینَ﴾.

وقد أخرج ابن المنذر عن عمر قال: تفرقنا عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يوم أحد فصعدت الجبل فسمعت يهود تقول: قُتل محمد، فقلت : لا أسمع أحد يقو (قتل محمد) إلا ضربت عنقه , فنظرت فإذا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- والناس يتراجعون فنزلت :{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُ...} الاية .

وأخرج ابن راهويه في مسنده عن الزهري: إن الشيطان صاح يوم أحد إن محمداً قد قُتل...
ورجح هذا القول الطبري فقال : (...لأن الله عز وجل إنما عاتب بهذه الآية والآيات التي قبلها من قوله: ﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم﴾ الذين انهزموا يوم أحد، وتركوا القتال، أو سمعوا الصائح يصيح:"إن محمدا قد قتل" ...9 إلى أن قال : (...ثم أخبرهم عما كان من فعل كثير من أتباع الأنبياء قبلهم، وقال لهم: هلا فعلتم كما كان أهل الفضل والعلم من أتباع الأنبياء قبلكم يفعلونه إذا قتل نبيهم من المضي على منهاج نبيهم، والقتال على دينه أعداء دين الله، على نحو ما كانوا يقاتلون مع نبيهم ولم تهنوا ولم تضعفوا، كما لم يضعف الذين كانوا قبلكم من أهل العلم والبصائر من أتباع الأنبياء إذا قتل نبيهم...) .


القول الثاني: أن يكون المراد ب(قُتِل) النبي وأيضا قتل بعض من معه من الربيين دون جميعهم ، فما وهن الربيون الذين لم يقتلوا بعد قتله وقتل أصحابهم , فنفى الوهن والضعف عمن لم يقتل من الربيين , فلم يضعفوا ولم يستكينوا لما أصابهم في الجهاد عن الله وعن دينهم ، وهذا هو الصبر الي ذكره تعالى في قوله في آخر الاية :﴿والله يحب الصابرين﴾ .

وقد رجح هذا القول القرطبي قائلا :(وهذا القول أشبه بنزول الآية وأنسب).

القول الثالث: أن المراد ب(قُتِل) :أي : قتل بين يدي النبي من أصحابه ربيون كثير .
فيكون المعنى : وكأين من نبي أرسل وتبعه الناس , فقتل معه وفي صحبته ربيون كثير لما قاموا وجاهدوا في سبيل الله ونصرة الدين .
فتكون (ربيون) نائب فاعل ل (قتل) .
فجعل قوله: ﴿معه ربيون كثير﴾ حالا , و "قتل" إنما هو مستند إلى قوله: "ربيون" وهم المقتولون

وهو قول سعيد بن جبير , وقول الحسن , ورجح هذا القول ابن جني , والزمخشري , والألوسي .

قال الحسن:(ما قتل نبي في حرب قط) . ذكره القرطبي بلا سند ولا إحالة .

وقد قال سعيد بن جبير: (ما سمعنا قط أن نبيا قتل في القتال ).
أخرجه سعيد بن منصورعن عتاب، عن خصيف عنه .
وأخرجه عبد بن حميد، وابن المنذر عنه , كما ذكره السيوطي .


وقد نصر هذا القول ورجحه الشيخ الشنقيطي في اضواء البيان , ورد القول بأن يكون القتل قد وقع على لفظ (النبي) , واحتج بوعد الله بنصر أنبيائه , والمقتول مغلوب وليس بمنصور .
وبسط القول في الأضواء وبين رجحانه , وليس هذا موضع نقله لأن الأمر يطول.


القراءة الثانية :
القراءة بضم القاف وكسر التاء مشددة على التكثير (قُتِّل معه) , عل وزن (فُعِّلَ) .
قرأ بها قتادة . ذكره ابن عطية .

قال ابن الجني : (لا يحسن أن يسند الفعل إلا إلى الربيين، لما فيه من معنى التكثير الذي لا يجوز أن يستعمل في قتل شخص واحد...).
وقال : (وهذه القراءة تقوي قول من قال من السبعة: إن"قتل" بتخفيف التاء أو "قاتل" إنما يستند إلى الربيين).

وعلى هذه القراءة يكون التكثير المدلول عليه بالتشديد يقتضي أن القتل واقع على الربيين.


القراءة الثالثة :
القراءة بفتح القاف والتاء وألف بينهما, على وزن (فاعل).
وهي قراءة ابن مسعود والحسن وإبراهيم , واختارها ابو عبيد .
وقرأ بها عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي .

قال ابن مسعودٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وكأيّن من نبي قتل معه ربيون كثير} -، يقول: (قاتل)، ألا ترى أنّه يقول: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله... } الآية.
رواه سعيد بن منصور الخرساني عن عتاب بن بشير، عن خصيف، عن زياد بن أبي مريم، وأبي عبيدة، عنه.

قال سعيد بن منصور : حدثنا هشيمٌ، حدثنا عوفٌ، عن الحسن، وأنبأنا عوفٌ، عن إبراهيم، أنّهما كانا يقرآن: {قاتل معه} .

ورجحه الزجاج فقال :(أعلم اللّه جلّ وعزّ أن كثيرا من الأنبياء قاتل معه جماعة فلم يهنوا – فقال الله عزّ وجلّ: {ربّيّون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل اللّه وما ضعفوا وما استكانوا}).

معنى الآية :
ترغيب الذين كانوا مع النبي ﷺ في القتال بذكر حال من سبقهم من أتباع الأنبياء , وثباتهم في القتال , وعدم تخلل الضعف والاستكانة إليهم , بل صبروا وثبتوا على القتال مع نبيهم .
فناسب أن يكون الكلام عن القتال لا القتل , لأنه لو قال (قتلوا) لم يكن لقوله :"فما وهنوا"، وجه معروف , فيستحيل أن يوصفوا بأنهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا.
وتكون (ربييون) هنا فاعل ل (قتل) .

واختار هذا القول أبو عبيد وقال:(إن الله إذا حمد من قاتل كان من قتل داخلا فيه، وإذا حمد من قتل لم يدخل فيه غيرهم، فقاتل أعم وأمدح) .

الراجح :
القراءتان من القراءات المتواترة المقروء بها , ولا تعارض بينهما من حيث المعنى ,
قال أبو منصور الأزهري : والقراءتان جيدتان , إلا إن (قُتِلَ) مفعول و (قاتَلَ) فاعل .

قال ابن خالويه :
وقوله تعالى :{قتل معه}:
قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو (قُتِل).
وقرأ الباقون (قاتل) بألف .
فمن قرأ (قتل) وقف عليه وابتدأ بما بعده , وحجته أن الله قد مدح أمما قتل عنهم نبيهم , فما ضعفوا لما اصابهم من قتل نبيهم وما استكانوا .
وحجة من قرأ (قاتل) قال : إذا مدح الله تعالى من لم ياقتل مع نبيه , كان من قاتل مع نبيه أمدح وأمدح .

وقال ابن مجاهد :
واختلفوا في فتح القاف وضمها , وإدخال الألف وإسقاطها في قوله تعالى :{ قتل معه ربيون}:
فقرأ ابن كثير نافع وابو عمرو (قُتِل معه )
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي (قاتل معه ربيون).

وقال مكي بن ابي طالب
قرأ الكوفييون وابن عامر (قاتل معه ) بألف وفتح التاء من القتال ,
وقرأ الباقون بغير ألف من (القتل) , وضم القاف وكسر التاء

وقال ابن الجزري :
واختلفوا في (قاتل معه) :
فقرأ نافع وابن كثير والبصريان بضم القاف وكسر التاء من غير ألف ,
وقرأ الباقون بفتح القاف والتاء وألف بينهما .

وقال الزجاج :(فمن قرى قاتل، المعنى: إنهم قاتلوا وما وهنوا في قتالهم، ومن قرأ قتل، فالأجود أن يكون (قتل) للنبي عليه السلام المعنى.. وكأين من نبي قتل ومعه ربيون فما وهنوا بعد قتله، لأن هؤلاء الذين وهنوا كانوا توهموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل، فأعلم الله - عزّ وجلّ - أن الربانيين بعد قتل نبيهم ما وهنوا.
وجائز أن يكون (قتل) للربانيين، ويكون (فما وهنوا) أي ما وهن من بقي منهم).

وقال الأخفش : وقال بعضهم {قاتل معه} وهي أكثر وبها نقرأ. لأنهم كانوا يجعلون {قتل} على {ربّيّون}. ونقول: "فكيف نقول "فكيف نقول {فما وهنوا} وقد قلنا إنهم قد قتلوا فإنه كما ذكرت لك أن القتل على النبي صلى الله عليه. وقوله: {ربّيّون} يعني: الذين يعبدون الرب تعالى وواحدها "ربّيّ").

وقال ابن عطية : (ويحسن عندي على هذه القراءة إسناد الفعل إلى الربيين، وعلى قراءة "قتل" إسناده إلى "نبي") .

فتكون الاية قد جاءت وفيها بيان جميع الأوجه المحتملة الوقوع في مثل هذا الموقف :
- ففي حالة قتل النبي أو الإرجاف بقتله : فيها بيان بأن قتل النبي لا يعني ذهاب الدين واضمحلاله , وهذا كقوله تعالى :{وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن ماتَ أو قتل انقلبتم على أعقابكم } .
وقد أخرج البيهقي في الدلائل عن ابي نجيح إن رجلا من المهاجرين مر على رج من الأنصار يوم أحد وهو يتشحط في دمه فقال: اشعرت بأن مجمدا قد قتل؟
فقال : إن كان محمد قد قتل فقد بلغ , فقاتلوا عن دينكم .

وكفعل أبي بكر -رضي الله عنه- لما مات النبي عليه الصلاة والسلام - فقال:(من كان يعبد محمدا فان محمد قد مات .. ومن كان يعبد الله فان الله لا يموت).

- وفي حال الهزيمة بأن يقتل الكثير من المقاتلة : ففيها تثبيت لمن لم يقتل منهم , وتذكير لهم بأن الجهاد مازال قائما , وفيه تسلية لهم بوقوع هذا لمن قبلهم , ومع ذلك ثبتوا ولم يضعفوا ولم يستكينوا .

- وفي قراؤة (قاتل) : الأمر واضح , ففيها حث لجميع ما سبق ذكره من المصابرة والثبات وعدم الضعف , ونصرة الدين , ونصرة النبي .




جزاكم الله خيرا
الترجيح يشمل القراءة الأولى والثااثة كما هو واضح , وقراءة قتادة من القراءات الشاذة , ويؤتى بها لتعضيد معنى كما فغلت , وقد كنت أريد كتابة ذلك وأُنسيت .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 ذو القعدة 1441هـ/1-07-2020م, 06:24 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم التاسع من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 133-152)

فداء حسين أ

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
والمسألة أيضا لها تعلّق بالوقف والابتداء والإعراب والسيرة.
كان الواجب عليك تلخيص كلام الشنقيطي في مسألة إسناد الفعل {قتل} إلى النبي، لا أن تكتفي بمجرّد الإشارة، فالخلاف في المسألة قويّ، ولعلك تطالعي (هذا المجلس) لمزيد فائدة.
قراءة {قاتل} يجوز فيها أن يسند الفعل إلى النبي وإلى الربيين، والمعنى واحد، ولا يقتصر على الربيّين فقط.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29 ذو الحجة 1441هـ/18-08-2020م, 02:57 PM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

حرّر القول في واحدة من المسألتين التاليتين:
2: معنى {ربيّون} من قوله تعالى: {وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيّون كثير}.


أولا: المراجع.
المرتبة الأولى: كتب التفسير في دواوين السنّة
1. كتاب تفسير القرآن من صحيح البخاري (ت:256هـ)
2. كتاب التفسير من سنن سعيد بن منصور الخراساني (ت:226هـ).

المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث
1. المعجم الكبير للطبراني
2. مجمع الزوائد للهيثمي
3. الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي

المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة
1. تفسير القرآن العزيز، لعبد الرزاق الصنعاني
2. جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري.
3. تفسير القرآن العظيم، لابن أبي حاتم الرازي
4. معالم التنزيل للبغوي

المرتبة الرابعة: التفاسير المسندة التي طُبع شيء منها
1. تفسير سفيان الثوري(ت:161هـ)
2. تفسير ابن المنذر

المرتبة الخامسة: أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة
1. تفسير مسلم بن خالد الزنجي (ت: 179هـ).

المرتبة السادسة: التفاسير التي عني أصحابها بجمع أحاديث التفسير
1. الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب
2. المحرر الوجيز لابن عطية
3. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ت:671هـ).
4. تفسير القرآن العظيم لابن كثير

المرتبة الثامنة: شروح الأحاديث
1. فتح الباري لابن حجر
2. عمدة القاري للعيني
3. إرشاد الساري للقسطلاني

التفاسير اللغوية:
1. معاني القرآن للفراء
2. مجاز القرآن لأبي عبيدة
3. معاني القرآن للأخفش
4. غريب القرآن وتفسيره لابن المبارك
5. تفسير غريب القرآن لابن قتيبة
6. معاني القرآن للزجاج
7. معاني القرآن للنحاس
8. تفسير المشكل من غريب القرآن لمكي بن أبي طالب

كتب أخرى:
1. جامع المسائل لابن تيمية
2. تفسير النسفي.

ثانيا: الأقوال.
ذكر المفسرون في ذلك ثلاثة أقوال:
القول الأول: ألوف أو الجموع الكثيرة، وهو قول ابن عباس في أحد قوليه وابن مسعود وعكرمة ومجاهد وعطاء الخرساني والحسن في أحد قوليه وقتادة والضحاك والربيع والسدي وابن إسحاق، وهو تفسير البخاري في صحيحه والفراء وأبي عبيدة وابن قتيبة ومكي بن أبي طالب والجوهريّ، ونقل النحاس قول أبان بن تغلب: "الربي عشرة آلاف".

القول الثاني: علماء أو فقهاء أو أتقياء صبر، وهو قول ابن عباس والحسن في أحد قوليهما، وهو تفسير ابن المبارك، وذكر ابن تيمية أنه اختيار الرمّاني ونقل قول ابن فارس: "هم المتألّهون العارفون بالله".

القول الثالث: الأتباع، وهو قول ابن زيد، وعلق عيه ابن عطية بقوله: "كأن هذا من حيث هم مربوبون".

ثالثا: التخريج.
القول الأول:
قول ابن عباس: رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر كلهم من طريق معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: قاتل معه ربّيّون كثيرٌ يقول: جموع.

وقول ابن مسعود: رواه سفيان الثوري وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر والطبراني في الكبير كلهم من طريق عاصم بن بهدلة عن زرٍّ عن عبد اللّه في قوله: {وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه ربيون كثير} قال: ألوف.
وعزاه السيوطي في الدر المنثور للفريابي، وعبد بن حميد.
ورجاله ثقات إلا عاصما صدوق فإسناده حسن، وقال الهيثمي في الزوائد: فيه عاصم ابن بهدلة وثّقه النّسائيّ وغيره، وضعّفه جماعةٌ.

وقول عكرمة: رواه سعيد بن منصور وابن جرير كلاهما من طريق ابن عيينة، عن عمرٍو، عن عكرمة، في قوله: {ربّيّون كثيرٌ} قال: جموعٌ كثيرةٌ.

وقول مجاهد: رواه ابن نصر الرملي وابن جرير وابن المنذر كلهم من طريق ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه ربيون كثيرٌ} قال: جموعٌ كثيرةٌ.

وقول عطاء الخرساني: رواه ابن نصر الرملي وابن المنذر كلاهما من طريق يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {ربّيّون كثيرٌ} قال: جموعٌ كثيرةٌ، والرّبوة: عشرة آلافٍ في العدد.
وعند ابن أبي حاتم من طريق محمّد بن شعيب بن شابور أخبرني عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه.

وقول الحسن: رواه ابن جرير من طريق يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ قال: الجموع الكثيرة.

وقول قتادة: رواه ابن جرير من طريق بشر، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يقول: جموعٌ كثيرةٌ.

وقول الضحاك: رواه سعيد بن منصور وابن المنذر كلاهما من طريق سعيد، قال: نا هشيمٌ، قال: نا أبو إسحاق، عن الضّحّاك بن مزاحم - في قوله عزّ وجلّ: {قاتل معه ربّيّون كثيرٌ} -، قال: الرّبة الواحدة ألف.

وقول الربيع: رواه ابن جرير من طريق عمّار، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: (قتل معه ربّيّون كثيرٌ) يقول: جموعٌ كثيرةٌ.

وقول السدي: رواه ابن جرير من طريق محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {قاتل معه ربّيّون كثيرٌ} يقول: جموعٌ كثيرةٌ.

وقول ابن إسحاق: رواه ابن جرير وابن أبي حاتم كلاهما من طريق سلمة، عن ابن إسحاق، قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: وكأيّن من نبيٍّ أصابه القتل، ومعه جماعاتٌ.

القول الثاني:
قول ابن عباس: رواه ابن جرير من طريق سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: علماء كثيرٌ.

وقول الحسن: رواه عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم كلهم عن الحسن في قوله تعالى معه ربيون كثير قال علماء كثير.
وعزاه السيوطي في الدر المنثور لعبد بن حميد.
وفي لفظ سعيد بن منصور وابن المنذر قال: فقهاء، علماء.
وروى ابن جرير وابن أبي حاتم بلفظ آخر عن الحسن وكأيّن من نبيٍّ قاتل معه ربّيّون كثيرٌ قال: أبرارٌ أتقياء صبرٌ.
وبلفظ آخر عند ابن أبي حاتم وابن المنذر قال: علماء صبرٌ.

القول الثالث:
قول ابن زيد: رواه ابن جرير من طريق يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: (وكأيّن من نبيٍّ قتل معه ربّيّون كثيرٌ) قال: الرّبّيّون: الأتباع، والرّبّانيّون: الولاة، والرّبّيّون: الرّعيّة.

رابعا: التوجيه والدراسة.
ذكر العلماء في أصل كلمة (ربيون) ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن أصله من الرّبّة وهي الجماعة، ويقال للخرقة التي يجمع فيها القدح ربة وربة، وفيها لغتان الكسر والضم للراء، والرباب قبائل تجمعت، وهو قول النحاس وابن قتيبة ومكي بن ابن أبي طالب، ونسبه ابن عطية إلى يونس بن حبيب، وقال ابن حجر والقسطلاني: إن كان كذلك فلا تغيير.

القول الثاني: أنه منسوب إلى الرب وكسرت راؤه تغييرًا في النسب، وهو قول الأخفش بقوله: "الذين يعبدون الرب تعالى وواحدها "ربّيّ"، ونسبه القرطبي للخليل، وذكره السمعاني، ووجه ابن عطية بقوله: "إما لأنهم مطيعون له، أو من حيث هم علماء بما شرع، ويقوي هذا القول في قراءة من قرأ «ربيون» بفتح الراء"، وقال ابن حجر: "وعليها قراءة بن عبّاسٍ ربّيّون بفتح الرّاء".
وتعقبه ابن جرير بقوله: "وقال بعض نحويّي الكوفة: لو كانوا منسوبين إلى عبادة الرّبّ لكانوا ربّيّون بفتح الرّاء"، لكن العيني رد عليه: "لا وجه للرّدّ لأنا قلنا: إن الكسرة من تغييرات النّسب"، كما قال النسفي: "وعن الحسن بضم الراء وعن البعض بفتحها فالفتح على القياس لأنه منسوب إلى الرب والضم والكسر من تغييرات النسب".
وقد أفاض ابن تيمية في تضعيف هذا القول في جامع المسائل بقوله: "فإن الأصل عدم الزيادة في النسبة... وأما نسبتهم إلى الربّ فلا اختصاص لهم بذلك، بل كلُّ عبدٍ فهو منسوبٌ إليه. ولم يُسمِّ الله تعالى أولياءه المتقين ربانيين، ولا سَمَّى أنبياءه والرسلَ ربانيين، فإن الربَّانيِ من يَرُبُّ الناسَ كما يَرُبُّ الرَّبَّانُ السفينةَ. ولهذا كان الربانيون يُذمُّون تارةً ويُمدَحون أخرى، ولو كانوا منسوبين إلى الربّ بأنهم عرفوه وعبدوه لم يكونوا مذمومين قطُّ... أن نسبتهم إلى الرب إن جُعِلَتْ مدحًا فقد ذمَّ الله الربانيين في موضعٍ آخر، وإن لم تُجعَل مدحًا لم يكن لهؤلاء خاصَّةٌ يمتازون بها من جهة المدح".

القول الثالث: أن اشتقاق ربي من ربا الشيء يربو إذا كثر، فسمي بذلك الكثير العلم، نسبه ابن عطية للنقاش وضعفه.

خامسا: الترجيح.
بالرجوع إلى أقوال جمهور أهل اللغة كما سبق بيانه وبيان القول الأول في أصل الكلمة، يتبين أن القول الأول هو الصحيح والمقدم، كما قال السيوطي في الدر المنثور: أخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله {ربيون} قال: جموع قال: وهل يعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت قول حسان:
وإذا معشر تجافوا القصد أملنا عليهم ريبا.

وهو أيضا ترجيح القرطبي بقوله: "وَالْأَوَّلُ أَعْرَفُ فِي اللُّغَةِ".
ونسبه ابن تيمية –في جامع المسائل- لجماهير السلف والخلف.

وقد رجح الزجاج القول الأول والثاني بقوله: "وكلا القولين حسن جميل"، لأنه لا تعارض بينهما مع احتماله، والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 محرم 1442هـ/4-09-2020م, 04:14 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم


هيثم محمد أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثالث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir