فصل في قصة آدم، أبي البشر، عليه الصلاة والسلام
يتحدث الشيخ عبدالرحمن السعدي عن سعة علم الله وحكمته فيما يقتضي ويقدر ورحمته الواسعة واقتضت هذه القدرة والحكمة خلق آدم عليه السلام وتفضيله على جميع ما خلق.
* خلق آدم:
لما اقتضت حكمة الله عز وجل خلق آدم عليه السلام أعلم الملائكة بذلك، وأخبرهم بسعة علمه وما يترتب على هذا المخلوق من منافع ومفاسد، وأنه يجب على الملائكة الإقرار بكمال علم الله وأنه لا يخلق شيئاً عبثاً، وخلق الله جل وعلا آدم عليه السلام بيديه تشريفاً له وكان خلقه بقبضة من جميع الأرض الخبيث والطيب والسهل والحزن ليكون الناس على هذه الأحوال.
*مراحل خلق آدم عليه السلام:
أولاً كان تراب، ثم وضع عليه الماء فصار طين، ثم تغير الطين فصار حمأ مسنوناً، ثم أيبسه بعدما صوره فكان كالفخار.
وفي هذه الأطوار هو جسد بلا روح، فلما تكامل خلق جسده، نفخ فيه الروح فانقلب ذلك الجسد الذي كان جمادا حيوانا له عظام ولحم وأعصاب وعروق وروح هي حقيقة الإنسان، وأعده الله لكل علم وخير.
* تمام النعمة على آدم عليه السلام وكمال خلقه:
أتم الله عليه النعمة، فعلمه أسماء الأشياء كلها، فأراد الله أن يري الملائكة كمال هذا المخلوق، فعرض هذه المسميات على الملائكة وقال لهم:
{أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 31]
لأن الملائكة كانت ترى أن ترك خلقه أولى، فعجزت الملائكة عن معرفة هذه الأسماء
فقال الله: {يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البقرة: 33]
شاهد الملائكة وعرفوا كمال المخلوق وعلمه على وجه التفصيل والمشاهدة كمال حكمة الله، وعظموا آدم غاية التعظيم.
* السجود لآدم عليه السلام:
أراد الله عز وجل أن يظهر هذا التعظيم والاحترام لآدم من الملائكة ظاهرا وباطنا، فأمرهم بالسجود له احتراماً وعبادة فبادروا كلهم وسجدوا وكان إبليس بينهم وهو من غير عنصر الملائكة وكان من الجن المخلوقين من النار وكان يبطن الكفر والحسد لآدم لتفضيل الله لهذا المخلوق ولكن كان أمر السجود موجهاً إليه معهم، فتكبر وكفر وامتنع السجود واعترض على ربه.
* نزول آدم وحواء إلى الأرض:
بعدما أكلوا من الشجرة التي نهاهم الله عنها كان عقاب اله لهما الخروج من الجنة والهبوط إلى الأرض فوقع ذلك، وأخبر الله عز وجل أنه لابد أن يبتليهما وذريتهما فجزاء من صبر وآمن لقي خيرا ومن كفر لقي شراً وعذاباً أبدي.
ثم بث الله من آدم وزوجه رجالا كثيرا ونساء، ونشرهم في الأرض، واستخلفهم فيها؛ لينظر كيف يعملون.
* الفوائد المستفادة من قصة آدم عليه السلام:
- تبين هذه القصة حقيقة خلق الإنسان وأصله، وتنفي الشبه الواردة في أصل الإنسان.
- بيان تفاصيل هذه القصة ونفي جميع الشبهات الواردة حول حقيقة قصة آدم مثل تسخير الملائكة للبشر بسبب سجودهم.
- تبين هذه القصة فضيلة العلم وأنه يرفع صاحبه.
- العلم نعمة تستوجب الشكر ونسبة الفضل لله عز وجل.
- التنفير من الصفات الذميمة مثل الكبر والحسد وأنها أخطر الأخلاق على العبد.
- الحث على المبادرة في التوبة والاعتراف بالذنب.
- الحذر من اتباع وساوس الشيطان والوقوع في مكائده والحث على التعوذ منه.