دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 رجب 1441هـ/7-03-2020م, 07:29 PM
ندى توفيق ندى توفيق غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 237
افتراضي

رسالة في هدايات و مقاصد قوله تعالى : {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7)} [الليل : 5-7]
الحمد لله حمدا كثيراً حتى يبلغ منتهاه، و الصلاة والسلام على نبيه و مصطفاه، و على آله و صحبه و من اتبع هداه

ابتُدئت سورة الليل بالقسم، حيث أقسم سبحانه بأضداد من مخلوقاته ،كالليل و النهار، و الذكر و الأنثى، على اختلاف مساعي البشر، قال تعالى : {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ (4)} [الليل : 1-4]
فقد اقتضت حكمته سبحانه؛ تميّز الأمور بما يخالفها، فلولا البخل لما عرف العطاء، و لولا الكفر لما عرف التقوى، و لولا الكذب لما عرف الصدق، و لولا العسر لما عرف اليسر
و سياق الآيات يقود إلى بيان أنواع السعي، باختلاف الساعين ، بأسلوب شرطي موجز خلاب ، تتضح فيه حكمة السنن الكونية التي أجراها الخالق سبحانه؛ ألا وهي ترتُّب المسَبَّبات على المسبِّبات، و تقدير الجزاء من جنس العمل؛ قال تعالى : {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7)} [الليل : 5-7]
و البذل و العطاء، لا تبتدره إلا النفس التقية، المقيمة لحدود الله تعالى، المجتنبة لمحارمه، المؤثرة رضاه على هوى النفس و ملذاتها، و لن تترقى إلى مراتب هذا الكمال المثالي، إلا بتناغم فطرتها مع ما خُلقت لأجله، ألا و هو التوحيد و التقوى، و هذا هو الشرط الذي يستوجب التيسير لليسرى، و حسن العاقبة في الآخرة و الأولى
و حذف متعلق التقوى يفيد عموم المنهيات و جميع مساخط الرب سبحانه وتعالى، وكذلك متعلق العطاء حُذف ليعم كل عطاء مادي أو معنوي، فرضاً أو نفلاً ، بالنفس و المال و الجاه و العلم
و التصديق بالحسنى بعد ذكر العطاء و التقوى، فيه الحث على الإيمان بكلمة التوحيد و القيام بمقتضياتها و لوازمها، من أركان الإيمان، و أركان الإسلام و ، و الاعتقاد بثوابها بالجنة في الآخرة، وبالخير في الدنيا ، أخذاً بعموم المعنى ، و المتضمن اليقين بوعد الله تعالى بالخلف و العوض على المنفق المبتغي بنفقته وجه الله تعالى وحده، لا لجاه أو منصب أو رياء، و ما لذلك من رضا علام الغيوب، و الفوز بكل محبوب، في الفانية و الباقية
قال تعالى : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} ( سبإ - الآية 39)
وفي صحيح البخاري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال : " ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا"،
و لا ريب أن في الطاعة - لا سيما النفقة - مشقة على بعض النفوس، و في الوعد بالتيسير لليسرى إشارة لتلك المشقة، و إن كانت في ذاتها يسيرة على من يسرها الله تعالى عليه، و في حرف التنفيس دلالة على استمرار هذا الوعد مدى الحياة، { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7)}
و التيسير لليسرى هو جزاء من حقق شرط العطاء و التصديق، فيُهدى للطريقة السهلة التي لا مشقة فيها، و سبيلها الأعمال الصالحة التي توجب الجنة و تنجي من النار
قال تعالى : {.......... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق : 4]

وإلف الطاعة، و احتساب ثوابها، و إحسان أدائها، يلقي في قلب المؤمن السكينة و اللذة و الرضا، و يحثه على الاستزادة ما أمكنه، ، و لله در أقوام، ذُلّلت لهم الصعاب بصدقهم، حتى غلبت لذة العطاء عندهم لذة الأخذ، و ارتاضت قلوبهم بحب علام الغيوب، حتى هان عليهم ما أعجَز سواهم، فصاروا مضرب الأمثال و قدوة الأجيال
و في سلف هذه الأمة نجوم ساطعة، و بدور منيرة ، يستلهم منها الناظر كل رفعة و سمو، و يستضيء بنورها في ظلمات التقليد و التبعية و الجفاء، كلُّ تائه حيران، و صِدّيق هذه الأمة؛ أبو بكر رضي الله تعالى عنه، خير مثال على ذلك، فقد جاء فيما رواه الطبري في تفسيره، عن عامر بن عبد الله بن الزّبير، قال: " كان أبو بكر الصدّيق يُعتق على الإسلام بمكة، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال له أبوه: أي بنيّ، أراك تعتق أناسا ضعفاء، فلو أنك أعتقت رجالا جَلْدا يقومون معك، ويمنعونك، ويدفعون عنك، فقال: أي أبت، إنما أريد "أظنه قال": ما عند الله، قال: فحدثني بعض أهل بيتي، أن هذه الآية أنزلت فيه: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ ".
و معلوم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فلفظ " مَن" يعم كل معطٍ متقٍ مصدقٍ بالحسنى، و التصديق هو الإيمان و التسليم بإخلاص و سلامة قصد، و هو الأَولى، و عليه المعتمد، فإذا اجتمع معه عمل الجوارح تم الكمال ، و إلا قامت النية وحدها مقام العمل عند التعذر والعجز، ففي صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عَنْ النبي ﷺ قال : "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوى،......... " .
وعن أبي كبشة الأنماري ، عن النبي ﷺ، قال : " مثلَ هذه الأمةِ كمثلِ أربعةِ نفرٍ: رجلٌ آتاه اللهُ مالًا وعلمًا فهو يعملُ بعلمِه في مالِه؛ ينفقُه في حقِّه، ورجلٌ آتاه اللهُ علمًا ولم يُؤْتِه مالًا وهو يقول: لو كان لي مثلُ هذا عملتُ فيه بمثلِ الذي يعملُ فهما في الأجر سواءٌ، ورجلٌ آتاه اللهُ مالًا ولم يُؤتِه علمًا فهو يخبطُ في مالِه ينفقُه في غيرِ حقِّه، ورجلٌ لم يؤْتِه اللهُ مالًا ولا علمًا، وهو يقولُ: لو كان لي مثلُ هذا عملتُ فيه مثلَ الذي يعمل قال رسولُ اللهِ: فهما في الوزرِ سواءٌ" ( رواه الألباني في صحيح الترغيب)
و من أعظم نعم الله تعالى على العبد، تسخيره للحق و العمل بما فيه، و الدعوة إليه بالعلم و المال، و تمني ذلك، و الغبطة عليه، ففي صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عَنْ النبي ﷺ قال : " لا حَسَدَ إلّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا فَسُلِّطَ على هَلَكَتِهِ في الحَقِّ، وآخَرُ آتاهُ اللَّهُ حِكْمَةً، فَهو يَقْضِي بها ويُعَلِّمُها" .
و المحروم من جهل حكمة الله تعالى في خلقه و رزقه و إنعامه، فباع آخرته بدنياه، و اتخذ دار الابتلاء سكناً و مستقراً، بدلاً من اتخاذها ممراً للعبور، و محطة تزوُّد بالحسنات، من أحسن فيها فيها سعدَ في الدارين
قال تعالى : {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة : 7-8]

و في صحيح البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال : " كُنّا مع النبيِّ ﷺ في بَقِيعِ الغَرْقَدِ في جَنازَةٍ، فَقالَ: ما مِنكُم مِن أحَدٍ إلّا وقدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ، ومَقْعَدُهُ مِنَ النّارِ، فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ أفلا نَتَّكِلُ؟ فَقالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمّا مَن أعْطى واتَّقى وصَدَّقَ بالحُسْنى} إلى قَوْلِهِ {لِلْعُسْرى} "

و في الآية الكريمة رد قاطع على الجبرية القائلين بأن الإنسان مُسيّر لا مخير، لا يملك من أمره شيئاً، فضَلّوا و أَضلّوا، و إنما هو مخير بين طريقي الخير و الشر، ذا إرادة كاملة، لا تخرج عن إرادة الله عز وجل وعونه وتوفيقه، مقدَّرة في علمه الأزلي، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، و حاشاه أن يظلم أحدا من خلقه فهو العدل القيوم الحسيب، المُقيت سبحانه
و موضع الشاهد في الحديث، هو الآية الكريمة؛ التي تنفي التعارض بين علم الله تعالى بقصد القلوب و السرائر، و ما تستحقه من ثواب أو عقاب ، و بين تقدير ما يخرج منه الى حيز العمل و الوجود، من غير جبر و لا قصر ، فلا حجة لمتهاون أو مسوِّف بالقدر، قال تعالى : {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ (15)} [القيامة : 14-15]
فاللهم اجعلنا والمسلمين أجمعين من أهل الخيرات، و رفع الدرجات، العالمين العاملين، الهادين المهديين، الصادقين المصدقين، المتبعين لسنة أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم


المراجع و المصادر:
تفسير ابن كثير
تفسير الطبري
نظم الدرر للبقاعي
التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور
روح المعاني للألوسي
أضواء البيان للشنقيطي
تفسير ابن تيمية
تفسير ابن الجوزي
المحرر الوجيز لابن عطية

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 رجب 1441هـ/22-03-2020م, 10:53 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى توفيق مشاهدة المشاركة
رسالة في هدايات و مقاصد قوله تعالى : {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7)} [الليل : 5-7]
الحمد لله حمدا كثيراً حتى يبلغ منتهاه، و الصلاة والسلام على نبيه و مصطفاه، و على آله و صحبه و من اتبع هداه

ابتُدئت سورة الليل بالقسم، حيث أقسم سبحانه بأضداد من مخلوقاته ،كالليل و النهار، و الذكر و الأنثى، على اختلاف مساعي البشر، قال تعالى : {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ (4)} [الليل : 1-4]
فقد اقتضت حكمته سبحانه؛ تميّز الأمور بما يخالفها، فلولا البخل لما عرف العطاء، و لولا الكفر لما عرف التقوى، و لولا الكذب لما عرف الصدق، و لولا العسر لما عرف اليسر
و سياق الآيات يقود إلى بيان أنواع السعي، باختلاف الساعين ، بأسلوب شرطي موجز خلاب ، تتضح فيه حكمة السنن الكونية التي أجراها الخالق سبحانه؛ ألا وهي ترتُّب المسَبَّبات على المسبِّبات، و تقدير الجزاء من جنس العمل؛ قال تعالى : {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7)} [الليل : 5-7]
و البذل و العطاء، لا تبتدره إلا النفس التقية، المقيمة لحدود الله تعالى، المجتنبة لمحارمه، المؤثرة رضاه على هوى النفس و ملذاتها، و لن تترقى إلى مراتب هذا الكمال المثالي، إلا بتناغم فطرتها مع ما خُلقت لأجله، ألا و هو التوحيد و التقوى، و هذا هو الشرط الذي يستوجب التيسير لليسرى، و حسن العاقبة في الآخرة و الأولى
و حذف متعلق التقوى يفيد عموم المنهيات و جميع مساخط الرب سبحانه وتعالى، وكذلك متعلق العطاء حُذف ليعم كل عطاء مادي أو معنوي، فرضاً أو نفلاً ، بالنفس و المال و الجاه و العلم
و التصديق بالحسنى بعد ذكر العطاء و التقوى، فيه الحث على الإيمان بكلمة التوحيد و القيام بمقتضياتها و لوازمها، من أركان الإيمان، و أركان الإسلام و ، و الاعتقاد بثوابها بالجنة في الآخرة، وبالخير في الدنيا ، أخذاً بعموم المعنى ، و المتضمن اليقين بوعد الله تعالى بالخلف و العوض على المنفق المبتغي بنفقته وجه الله تعالى وحده، لا لجاه أو منصب أو رياء، و ما لذلك من رضا علام الغيوب، و الفوز بكل محبوب، في الفانية و الباقية
قال تعالى : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} ( سبإ - الآية 39)
وفي صحيح البخاري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال : " ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا"،
و لا ريب أن في الطاعة - لا سيما النفقة - مشقة على بعض النفوس، و في الوعد بالتيسير لليسرى إشارة لتلك المشقة، و إن كانت في ذاتها يسيرة على من يسرها الله تعالى عليه، و في حرف التنفيس دلالة على استمرار هذا الوعد مدى الحياة، { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7)}
و التيسير لليسرى هو جزاء من حقق شرط العطاء و التصديق، فيُهدى للطريقة السهلة التي لا مشقة فيها، و سبيلها الأعمال الصالحة التي توجب الجنة و تنجي من النار
قال تعالى : {.......... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق : 4]

وإلف الطاعة، و احتساب ثوابها، و إحسان أدائها، يلقي في قلب المؤمن السكينة و اللذة و الرضا، و يحثه على الاستزادة ما أمكنه، ، و لله در أقوام، ذُلّلت لهم الصعاب بصدقهم، حتى غلبت لذة العطاء عندهم لذة الأخذ، و ارتاضت قلوبهم بحب علام الغيوب، حتى هان عليهم ما أعجَز سواهم، فصاروا مضرب الأمثال و قدوة الأجيال
و في سلف هذه الأمة نجوم ساطعة، و بدور منيرة ، يستلهم منها الناظر كل رفعة و سمو، و يستضيء بنورها في ظلمات التقليد و التبعية و الجفاء، كلُّ تائه حيران، و صِدّيق هذه الأمة؛ أبو بكر رضي الله تعالى عنه، خير مثال على ذلك، فقد جاء فيما رواه الطبري في تفسيره، عن عامر بن عبد الله بن الزّبير، قال: " كان أبو بكر الصدّيق يُعتق على الإسلام بمكة، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال له أبوه: أي بنيّ، أراك تعتق أناسا ضعفاء، فلو أنك أعتقت رجالا جَلْدا يقومون معك، ويمنعونك، ويدفعون عنك، فقال: أي أبت، إنما أريد "أظنه قال": ما عند الله، قال: فحدثني بعض أهل بيتي، أن هذه الآية أنزلت فيه: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ ".
و معلوم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فلفظ " مَن" يعم كل معطٍ متقٍ مصدقٍ بالحسنى، و التصديق هو الإيمان و التسليم بإخلاص و سلامة قصد، و هو الأَولى، و عليه المعتمد، فإذا اجتمع معه عمل الجوارح تم الكمال ، و إلا قامت النية وحدها مقام العمل عند التعذر والعجز، ففي صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عَنْ النبي ﷺ قال : "إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوى،......... " .
وعن أبي كبشة الأنماري ، عن النبي ﷺ، قال : " مثلَ هذه الأمةِ كمثلِ أربعةِ نفرٍ: رجلٌ آتاه اللهُ مالًا وعلمًا فهو يعملُ بعلمِه في مالِه؛ ينفقُه في حقِّه، ورجلٌ آتاه اللهُ علمًا ولم يُؤْتِه مالًا وهو يقول: لو كان لي مثلُ هذا عملتُ فيه بمثلِ الذي يعملُ فهما في الأجر سواءٌ، ورجلٌ آتاه اللهُ مالًا ولم يُؤتِه علمًا فهو يخبطُ في مالِه ينفقُه في غيرِ حقِّه، ورجلٌ لم يؤْتِه اللهُ مالًا ولا علمًا، وهو يقولُ: لو كان لي مثلُ هذا عملتُ فيه مثلَ الذي يعمل قال رسولُ اللهِ: فهما في الوزرِ سواءٌ" ( رواه الألباني في صحيح الترغيب)
و من أعظم نعم الله تعالى على العبد، تسخيره للحق و العمل بما فيه، و الدعوة إليه بالعلم و المال، و تمني ذلك، و الغبطة عليه، ففي صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عَنْ النبي ﷺ قال : " لا حَسَدَ إلّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا فَسُلِّطَ على هَلَكَتِهِ في الحَقِّ، وآخَرُ آتاهُ اللَّهُ حِكْمَةً، فَهو يَقْضِي بها ويُعَلِّمُها" .
و المحروم من جهل حكمة الله تعالى في خلقه و رزقه و إنعامه، فباع آخرته بدنياه، و اتخذ دار الابتلاء سكناً و مستقراً، بدلاً من اتخاذها ممراً للعبور، و محطة تزوُّد بالحسنات، من أحسن فيها فيها سعدَ في الدارين
قال تعالى : {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة : 7-8]

و في صحيح البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال : " كُنّا مع النبيِّ ﷺ في بَقِيعِ الغَرْقَدِ في جَنازَةٍ، فَقالَ: ما مِنكُم مِن أحَدٍ إلّا وقدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ، ومَقْعَدُهُ مِنَ النّارِ، فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ أفلا نَتَّكِلُ؟ فَقالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمّا مَن أعْطى واتَّقى وصَدَّقَ بالحُسْنى} إلى قَوْلِهِ {لِلْعُسْرى} "

و في الآية الكريمة رد قاطع على الجبرية القائلين بأن الإنسان مُسيّر لا مخير، لا يملك من أمره شيئاً، فضَلّوا و أَضلّوا، و إنما هو مخير بين طريقي الخير و الشر، ذا إرادة كاملة، لا تخرج عن إرادة الله عز وجل وعونه وتوفيقه، مقدَّرة في علمه الأزلي، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، و حاشاه أن يظلم أحدا من خلقه فهو العدل القيوم الحسيب، المُقيت سبحانه
و موضع الشاهد في الحديث، هو الآية الكريمة؛ التي تنفي التعارض بين علم الله تعالى بقصد القلوب و السرائر، و ما تستحقه من ثواب أو عقاب ، و بين تقدير ما يخرج منه الى حيز العمل و الوجود، من غير جبر و لا قصر ، فلا حجة لمتهاون أو مسوِّف بالقدر، قال تعالى : {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ (15)} [القيامة : 14-15]
فاللهم اجعلنا والمسلمين أجمعين من أهل الخيرات، و رفع الدرجات، العالمين العاملين، الهادين المهديين، الصادقين المصدقين، المتبعين لسنة أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم


المراجع و المصادر:
تفسير ابن كثير
تفسير الطبري
نظم الدرر للبقاعي
التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور
روح المعاني للألوسي
أضواء البيان للشنقيطي
تفسير ابن تيمية
تفسير ابن الجوزي
المحرر الوجيز لابن عطية
أحسنتِ في رسالتك وفقكِ الله وزادكِ علما.
الدرجة:أ

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 شوال 1441هـ/15-06-2020م, 11:19 AM
منى فؤاد منى فؤاد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 162
افتراضي التفسير المقاصدي لسورة العصر

الحمد لله الذي تفضل علينا بإنزال القرآن هاديا ومرشدا إلي ماينجي العبد في الدنيا والآخرة وبعد فهذه سورة العصر قد جاءت لتبين لنا سبل النجاة من الخسران والهلاك فذكرت لنا اربع صفات بتحقيقهم ينأي العبد عن وصمه بالخسران الموسوم به معظم جنس الإنسان
والسورة مكية ومعلوم أن السور المكية تعني بتأصيل أصول العقيدة من اثبات الوحدانية لله عز وجل واثبات الرسالة للنبي صلي الله عليه وسلم وتأصيل أركان الإيمان الستة :الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره .
وبيان عوامل النجاة من الخسران هو مقصد السورة الأساسي وهي سورة وجيزة بليغة مما دعا الشافعي رحمه الله إلي قول مقولته القيمة:(لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم) وفي رواية عنه:لو لم ينزل إلي الناس إلا هي لكفتهم. وقال غيره :إنها شملت جميع علوم القرآن.

ومما يذكر في فضل السورة أن أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم اتخذوها شعارا لهم في ملتقاهم

فكان الرجلان من أصحاب رسول الله اذا التقيا لم يفترقا إلا علي أن يقرأ أحدهما علي الآخر سورة العصر إلي إخرها .

وبعد هذه المقدمة في التعريف بالسورة نشرع بحول الله وقوته وعونه في تفسيرها مقاصديا:
بدئت السورة بالقسم بالعصر والغرض منهذا القسم تأكيد الخبر كما هو شأن أقسام القرآن
ويطلق العصر ويراد به عدة معاني:
1.زمن يراد به التذكير بعظيم قدرة الله تعالي في خلق العالم وأحواله
2.الصلاة المخصوصة المؤقته بوقت العصر وقيل هي الصلاة الوسطي المذكورة في قوله تعالي حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي)
3.ويطلق العصر علي مدة معلومة لوجود جيل معين من الناس أو ملك أونبي أو دين فيقال: عصر الإسكندر ،وعصر الجاهلية فيجوز أن يكون مراد هذا الإطلاق هنا ويكون المعني به عصر النبي صلي الله عليه وسلم
4.ويجوز أن يراد عصر الإسلام كله وهو خاتمة عصور الأديان لهذا العالم
5.ويجوز أن يفسر العصر في هذه الآية بالزمان كلهقال ابن عطية :قال أبي بن كعب :سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عن العصر فقال أقسم ربكم بآخر النهار.
وهذه المعاني لايفي باحتمالها غير لفظ العصر.

وقد يسأل سائل مامناسبة القسم بالعصر لغرض السورة علي إرادة عصر الإسلام؟
ويجيب عن هذا السؤال الطاهر ابن عاشور في تفسيره فيقول:
فإنها بينت حال الناس في عصر الإسلام بين من كفر به ومن آمن واستوفي حظه من الأعمال التي جاء بها الإسلام،ويعرف حال من أسلموا وكان في أعمالهم تقصير متفاوت.وقد جاء جواب القسم مؤكدا بإن وافادة الظرفية في قوله تعالي (لفي خسر) والعموم المقصود من ال)(الاستغراق في كلمة (الإنسان) التهويل والإنذار بالحالة المحيطة بمعظم الناس وأنهم يحيط بهم الخسران إحاطة الظرف بالمظروف إن لم يتداركوا أمرهمويأخذوا بقوارب النجاة من الخسران من تخلي بوصف الإيمان وبرهنة ذلك بفعل الأعمال الصالحة وفي هذين الوصفين تكميل العبد لنفسه ثم السعي في تكميل غيره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (وتواصوا بالحق) والصبر علي مايلاقاه لتحقيق كل ماسبق من ايمان وعمل صالح ودعوة غيره بالتحلي بالصبر وتوصية غيره بذلك أيضا(وتواصوا )بالصبر)
ومعني قول ابن عاشور السابق أن مقصد السورة الأساسي حث الإنسان علي تكميل نفسه وتكميل غيره لينجو من الخسران في الدنيا والآخرة وبيان ذلك مايلي:
استثنت السورة من الخسران من تحلي بوصف الإيمان وحققه في نفسه ويلزم من تحقيق هذه الصفة طلب العلم الشرعي الذي يعين العبد علي معرفة أركان. الإيمان وأسباب زيادة الإيمان وغير ذلك من روافد يتطلبها تحقيق الإيمان
ثم جاءت الصفة الثانية وهي الترجمة الفعلية لمسمي الإيمان علي أرض الواقع وذلك بعمل الصالحات فلا يكون المؤمن محققا لصفة الإيمان إلا بالإتيان بالبراهين الدالة علي صدق إيمانه بفعل الصالحات

وقد اشتمل قوله تعالي :(وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )علي إقامة المصالح الدينية كلها،فالعقائد الإسلامية والأخلاق الدينية مندرجة في الحق والأعمال الصالحة وتجنب السيئات مندرجة في الصبر .
والتخلق بالصبر ملاك فضائل الأخلاق كلها.كما ذكر ذلك ابن عاشور في تفسيره

وبعد هذا العرض الموجز فالمتدبر لسورة العصر يستخرج منها عوامل النجاة من الخسران من إيمان وعمل الصالحات والتواصي بالحق والتواصي بالصبر لذا كان حقا للإمام الشافعي رحمه الله أن يقول :( لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم) فاللهم ارزقنا حسن النظر وحسن الفهم وحسن العمل بكتابك

المراجع:
———-/—-
التحرير والتنوير لللطاهر ابن عاشور
تفسير السعدي
أيسر التفاسير
تهذيب ابن كثيرالمسمي( المصباح المنير )

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 ذو القعدة 1441هـ/28-06-2020م, 12:34 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منى فؤاد مشاهدة المشاركة
الحمد لله الذي تفضل علينا بإنزال القرآن هاديا ومرشدا إلي ماينجي العبد في الدنيا والآخرة وبعد فهذه سورة العصر قد جاءت لتبين لنا سبل النجاة من الخسران والهلاك فذكرت لنا اربع صفات بتحقيقهم ينأي العبد عن وصمه بالخسران الموسوم به معظم جنس الإنسان
والسورة مكية ومعلوم أن السور المكية تعني بتأصيل أصول العقيدة من اثبات الوحدانية لله عز وجل واثبات الرسالة للنبي صلي الله عليه وسلم وتأصيل أركان الإيمان الستة :الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره .
وبيان عوامل النجاة من الخسران هو مقصد السورة الأساسي وهي سورة وجيزة بليغة مما دعا الشافعي رحمه الله إلي قول مقولته القيمة:(لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم) وفي رواية عنه:لو لم ينزل إلي الناس إلا هي لكفتهم. وقال غيره :إنها شملت جميع علوم القرآن.

ومما يذكر في فضل السورة أن أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم اتخذوها شعارا لهم في ملتقاهم

فكان الرجلان من أصحاب رسول الله اذا التقيا لم يفترقا إلا علي أن يقرأ أحدهما علي الآخر سورة العصر إلي إخرها .يحسن أن نشيري إلى المصدر وفقكِ الله.

وبعد هذه المقدمة في التعريف بالسورة نشرع بحول الله وقوته وعونه في تفسيرها مقاصديا:
بدئت السورة بالقسم بالعصر والغرض منهذا القسم تأكيد الخبر كما هو شأن أقسام القرآن
ويطلق العصر ويراد به عدة معاني:
1.زمن يراد به التذكير بعظيم قدرة الله تعالي في خلق العالم وأحواله
2.الصلاة المخصوصة المؤقته بوقت العصر وقيل هي الصلاة الوسطي المذكورة في قوله تعالي حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي)
3.ويطلق العصر علي مدة معلومة لوجود جيل معين من الناس أو ملك أونبي أو دين فيقال: عصر الإسكندر ،وعصر الجاهلية فيجوز أن يكون مراد هذا الإطلاق هنا ويكون المعني به عصر النبي صلي الله عليه وسلم
4.ويجوز أن يراد عصر الإسلام كله وهو خاتمة عصور الأديان لهذا العالم
5.ويجوز أن يفسر العصر في هذه الآية بالزمان كلهقال ابن عطية :قال أبي بن كعب :سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عن العصر فقال أقسم ربكم بآخر النهار.
وهذه المعاني لايفي باحتمالها غير لفظ العصر.

وقد يسأل سائل مامناسبة القسم بالعصر لغرض السورة علي إرادة عصر الإسلام؟
ويجيب عن هذا السؤال الطاهر ابن عاشور في تفسيره فيقول:
فإنها بينت حال الناس في عصر الإسلام بين من كفر به ومن آمن واستوفي حظه من الأعمال التي جاء بها الإسلام،ويعرف حال من أسلموا وكان في أعمالهم تقصير متفاوت.وقد جاء جواب القسم مؤكدا بإن وافادة الظرفية في قوله تعالي (لفي خسر) والعموم المقصود من ال)(الاستغراق في كلمة (الإنسان) التهويل والإنذار بالحالة المحيطة بمعظم الناس وأنهم يحيط بهم الخسران إحاطة الظرف بالمظروف إن لم يتداركوا أمرهمويأخذوا بقوارب النجاة من الخسران من تخلي بوصف الإيمان وبرهنة ذلك بفعل الأعمال الصالحة وفي هذين الوصفين تكميل العبد لنفسه ثم السعي في تكميل غيره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (وتواصوا بالحق) والصبر علي مايلاقاه لتحقيق كل ماسبق من ايمان وعمل صالح ودعوة غيره بالتحلي بالصبر وتوصية غيره بذلك أيضا(وتواصوا )بالصبر)
ومعني قول ابن عاشور السابق أن مقصد السورة الأساسي حث الإنسان علي تكميل نفسه وتكميل غيره لينجو من الخسران في الدنيا والآخرة وبيان ذلك مايلي:
استثنت السورة من الخسران من تحلي بوصف الإيمان وحققه في نفسه ويلزم من تحقيق هذه الصفة طلب العلم الشرعي الذي يعين العبد علي معرفة أركان. الإيمان وأسباب زيادة الإيمان وغير ذلك من روافد يتطلبها تحقيق الإيمان
ثم جاءت الصفة الثانية وهي الترجمة الفعلية لمسمي الإيمان علي أرض الواقع وذلك بعمل الصالحات فلا يكون المؤمن محققا لصفة الإيمان إلا بالإتيان بالبراهين الدالة علي صدق إيمانه بفعل الصالحات

وقد اشتمل قوله تعالي :(وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )علي إقامة المصالح الدينية كلها،فالعقائد الإسلامية والأخلاق الدينية مندرجة في الحق والأعمال الصالحة وتجنب السيئات مندرجة في الصبر .
والتخلق بالصبر ملاك فضائل الأخلاق كلها.كما ذكر ذلك ابن عاشور في تفسيره

وبعد هذا العرض الموجز فالمتدبر لسورة العصر يستخرج منها عوامل النجاة من الخسران من إيمان وعمل الصالحات والتواصي بالحق والتواصي بالصبر لذا كان حقا للإمام الشافعي رحمه الله أن يقول :( لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم) فاللهم ارزقنا حسن النظر وحسن الفهم وحسن العمل بكتابك

المراجع:
———-/—-
التحرير والتنوير لللطاهر ابن عاشور
تفسير السعدي
أيسر التفاسير
تهذيب ابن كثيرالمسمي( المصباح المنير )
أحسنتِ بارك الله فيكِ ، لكن الاختصار واضح فكان يحسن مزيدا من البيان من خلال تفسير الآيات من الآيات والسنة وبيان ما ورد من الآثار لتغني الرسالة أكثر.
الدرجة:ب

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir