المجموعة السادسة*
السؤال الأول : معنى الاستعاذة و صيغها*
الاستعاذة هي الالتجاء لله صاحب العصمة من شر ما يستعاذ به .
صيغها :
لها أكثر من صيغة لكن مما ذكر عن النووي أنه قال قل الشافعي في الأم و اصحابنا يحصل التعوذ بكل ما اشتمل على الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم لكن أفضله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
و عن بن قدامة هذا كله واسع و كيفما استعاذ حسن .
1- (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) و هي أصح ما روي من الصيغ و قال بها الشافعي و أبي حنيفة و في رواية عن أحمد و كثير من الفقهاء و القراء .
و من أدلتها :*
حديث سليمان بن صرد رضي الله عنه قال استب رجلان و نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه و سلم و أحدهما يسب صاحبه مغضبا و وجهه محمر فقال رسةول الله صلى الله عليه و سلم : اني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد , لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
2- ( اللهم اني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه و نفخه و نفثه )*
دليلها*
ذكرت عن عبدالله بن مسعود* في رواية لأحمد .
3- ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه و نفخه و نفثه )*
الدليل*
وردت هذه الصيغة في حديث لأبي سعيد الخدري فيما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه و سلم اذا قام من الليل .
4- (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم )*
الدليل*
رواها نافع عن بن عمر و في رواية عن أحمد .
5- (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان الله هو السميع العليم)
رواها عبدالله بن طاووس بن كيسان عن أبيه و كان من أصحاب بن عباس .*
_____________'''__________
السؤال الثاني : المراد بالبسملة و معناها اختصارا
المراد بالبسملة قول ( بسم الله الرحمن الرحيم )*
معنى البسملة :
اذا أردنا أن نعرف معنى البسملة فلا بد من معرفة معنى كل كلمة منها اجمالا*
الباء ( تأتي بمعنى ابتداء و بمعنى الاستعانة و التبرك و الملابسة )
اسم (ما يدل على مسمى )
الله ( هو المألوه المعبود صاحب صفات الكمال و الجلال و الجمال , المستحق للعبودية لصفاته و أفعاله )
الرحمن ( ذو الرحمة الواسعة التي وسعت كل مخلوقاته )
لرحيم (ذو الرحمة الواصلة التي يحيط بها المؤمنين خاصة , هداية و اغاثة و ثواب و مغفرة )
بجمع هذه المعاني يتضح لنا معنى البسملة باختصار*
باسم الله ابتدائي للقراءة , أبتدء مستعينا و متبركا باسم الله , المألوه المعبود الذي له صفات الكمال و الجلال و الجمال ، المستحق للعبادة ، الذي شملت رحمته كل مخلوقاته برهم و فاجرهم و اختص المؤمنين برحمة واسعة في الدنيا و الأخرة .
_______________________________
السؤال الثالث :
معنى اللام في الحمد لله*
اللام هي للاختصاص على الراجح من قول العلماء .
و تكون بمعنين اما الحصر أو الأولوية و يعتمد في اختيار معناها المناسب في الأية حسب ما نختار من معنى للحمد .
فاذا كان الحمد بمعنى الحمد التام الكامل من كل وجه و بكل اعتبار لله تعالى فتكون اللام هنا للحصر , فالإله وحده المستحق للحمد التام الكامل و لا تطلق على غير الله بهذا المعنى .
و إذا كان معنى الحمد أن كل حمد هو لله و هو المستحق له , فكل حمد لأي مخلوق الله أولى به لأنه صاحب هذه المنة , فيكون المعنى هنا الأولوية و الأحقية .
-----------------------------+----------
السؤال الرابع : معنى قوله إياك نعبد و إياك نستعين*
قال بن كثير رحمه الله (الدين كله يرجع إلى هذين المعنين , و هذا كما قال بعض السلف : الفاتحة سر القرآن و سرها هذه الكلمة ( إياك نعبد و إياك نستعين ) ,فالأولى تبرؤ من الشرك و الثانية تبرؤ من الحول و القوة .
فما معنى هذه الآية ؟
بداية نحتاج أن نستحضر معني العبادة و الاستعانة , حتى ندرك معنى الآية جيدا.
العبادة كما عرفها شيخ الاسلام بن تيمية رحمة الله عليه ( هي اسم جامع لما يحبه الله و يرضاه من الأفعال و الأقوال الظاهرة و الباطنة )
الاستعانة ( هي طلب العون ) و في عمومها تتعلق بكل ما يحتاجه الانسان من طلب نفع او دفع ضر , و تشمل الاستعاذة ( التي هي استعانة لدفع مكروه ) و الاستغاثة ( التي هي لتفريج هم ) و تشمل الدعاء و الاستنصار و التوكل .
إذا استحضرنا المعنين تبين لنا أن معنى الآية هو أن العبد عندما يتلو الآية فهو يقف موقف ذليل خاضع لله قائلا أختصك دون غيرك بالعبادة أي لا إله غيرك يستحق أن أعبده , أطيع أوامره و أجتنب نواهيه فهذا ما يحبه و يرضاه , أصدقك بقلبي متوجها لك بالاخلاص لك , منقياً قلبي من كل شرك و رياء , أعبدك حبا و تعظيما و انقيادا , فيصدق قلبي عمل لساني و جوارحي , فتوافق الأعمال الباطنة الظاهرة و في كل ذلك و لأجل أن أقوم به فأنا مفتقر الى عونك , فلا حول و لا قوة إلا بك , أنت المستعان على عمل الطاعات و الصبر عليها و على البعد عن المعاصي , أنت المستعان على كل أمور الدنيا .
و كما في الأثر عن عن بن عباس رضي الله عنهما ( اياك نستعين , على طاعتك و على أمورنا كلها ).
_________________
السؤال الخامس : ما الحكمة من تقديم إياك نعبد على إياك نستعين*
تعددت الأقوال في ذكر علة هذا الأمر و منها :
1- قول بن القيم في كتابه مدارج السالكين ( تقديم العبادة على الاستعانة في الفاتحة من باب تقديم الغايات على الوسائل , لأن العبادة هي الغاية* التي خلق العباد لها و الاستعانة هي الوسيلة .
2- في تقديم إياك نعبد على إياك نستعين تقديم لاسم الله المتعلق بالعبودية على اسم الرب المتعلق الاستعانة.
3- اللآية* قسمان قسم لله و قسم للعبد , فقدم ما هو لله .
4- الاستعانة جزء من العبادة .
5- الاستعانة طلب منه و العبادة طلب لله , فقدم ما لله .
6- العبادة يلزمها الاخلاص, أما الاستعانة فلا , فمن يطلب الاستعانة قد يكون مخلصا او لا .
7- العبادة هي شكر لله , فان أنت لزمت عبادته استحققت عونه .
8- إياك نعبد له و إياك نسنعين به , فقدم ما هو له عما هو به .
9- و من أقوال الشيخ الشنقيطي رحمة الله عليه و إتيانه بقوله ( و اياك نسنعين ) بعد قوله ( إياك نعبد ) فيه اشارة الى أنه لا ينبغي أن لا يتوكل إلا على الله فهو المستحق العبادة وحده , لأن غيره ليس بيده الأمر .
____________
السؤال السادس : بين معنى لا في قوله تعالى و لا الضالين*
جاءت لا هنا لرفع الوهم عن السامع أن يعتقد أن المغضوب عليهم و الضالين فئة واحدة و الصراط لهم واحد , فلو جاءت غير المغضوب عليهم و الضالين بعدها مباشرة لكانت على معهود العرب وصف لطائفة واحدة , فوجدود اللام دفع هذا الوهم .
----------------------------------------------------------------------------
السؤال السابع : الحكمة من اسناد الانعام في قوله تعالي ( أنعمت ) الى ضمير الخطاب و ابهام ذكر الغاضب في قوله غير المغضوب عليهم*
لأهل العلم فيها أقوال :
1- توحيد الرب , فالله هو لا غيره من أنعم عليهم بالهداية و لولا ذلك ما اهتدوا .
2- كل من اهتدى كان الله سببا لهدايته فهذا أبلغ في التوسل لله بطلب الهداية بسابق انعامه على كل من أنعم عليهم , بأن يلحقه بهم .
3- هذا اللفظ مناسب للدعاء و المناجاة .
4- ذكر المنعم و نسبة النعمة عليه من مقتضى شكر النعمة.
5_أن أفعال الإحسان والجود تضاف إلى الله ، أما أفعال العدل والجزاء والعقوبة فتبنى للمفعول ، وهذه هي عادة القرآن.
6_ أن النعمة بالهداية لله وحده ، فاقتضى اختصاصه بها بأن يضاف بوصف الإفراد ، وأما المغضوب عليهم فإن الله يغضب عليهم ، ويغضب المؤمنون موافقة لغضب ربهم فيها سعة الغضب
8_ أنعمت فيها بيان لعناية الله بعباده الذين أنعم عليهم ، أما المغضوب عليهم بعدم نسبتهم لله مزيد اعراض عنهم و تبكيت على عملهم .
------------------------------------------------------------
السؤال الثامن :ما هي الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لتفسير سورة الفاتحة
سورة الفاتحة سورة عظيمة من تدبرها نال منها بقدر ما يتدبر من معان و تعرض لفضلها و لما تحمله من*كنوز ، إذا ما قراءتها بتدبر في الصلاة من قوة المشاعر التي تضطرب في القلب لن تستطيع أن تكملها ، ستنسكب دموع قلبك قبل دموع عينك من تأثر القلب بما يتلقاه من معان.
🔹بداية من قول بسم الله الرحمن الرحيم ، فالبدء باسم الله مما يبارك العمل و يعين عليه ، استشعار معية الله عند ذكر البسملة مما يرزق القلب الثبات و الطمأنينة و السكينة .
🔹استحصار معاني كل آية و القراءة على مكث و استحضار حديث الرسول صلى الله عليه و سلم قسمت الصلاة بيني و بين عبدي مما يعين على الخشوع في الصلاة و على استحضار معان العبادة القلبية من محبة و رجاء و خوف و تذلل و خضوع و على ترقي القلب درجات حتى يقترب من الله يطلب منه حاجته .
🔹تعلم آداب الدعاء*
🔸التوجه لله بإخلاص و البدء بالثناء على الله بصفات جلاله و جماله و كماله و التوسل له بها و بالاعمال الصالحة للعبد و الوقوف موقف المفتقر لله و صاحب الحاجة و يكون القلب مخبتاً له ، معظماً له ، ممتلئ بالرجاء و حسن الظن بالله ، و لا تنسى الدعاء لإخواننا المسلمين معنا .*
🔹كما أن الفاتحة عي أم الكتاب بما حوت من مقاصد القرآن جمعاء جاءت في كلمات موجزة فكذلك يكون نهجنا في كل كلمة أو خطاب و أن تكون المقدمة قصيرة موجزة بليغة تجمع أهم ما في الخطاب من نقاط.
و بتدبر الآيات آية آية نستطيع استنباط درر من الفوائد
🔹الحمد لله رب العالمين ، آية تورث المحبة في القلب لله المحمود على ذاته و صفاته و أفعاله ، فكل عمل يكون ظاهره سبب دنيوي فالله هو الأحق بالحمد فهو مسبب الأسباب و مسخرها للعبد ، فحمده أولى من حمد المخلوق ، و متى علمت أنه هو رب العالمين فلا تقلق على غدٍ و لا يصيبك الجزع من مسائل الدنيا فالله هو من خلقك و يعلم ما يُصلح أمرك و هو المدبر المتصرف في كل ما حولك ، لا شئ يقع إلا بإذنه ، فتطمئن روحك و يسكن قلبك و يرضى بما قدر .
🔹الرحمن الرحيم ، تورث محبة الله ، فالله رحمن بكل المخلوقات ، إنسهم و جنهم ، من أطاعه و من عصاه ، و هو الله الذي له صفات الجلال و العظمة.
و تورث الرجاء فالله رحيم بعباده المؤمنين ، يأخذ بأيديهم إلى الهداية ، إرشاداً و توفيقاً ، يغفر لهم و يتوب عليهم ، ينصرهم و يجيب دعاؤهم فيظل القلب ينشد قبول توبته و مغفرته محسناً الظن به .
🔹مالك يوم الدين ،
🔸آية تملأ القلب بالخوف و الخشية ، فلا مالك و لا ملك إلا هو يوم الدين ، و أنت في الدنيا و إن ظننت انك تملك شيئاً فما أنت إلا مؤتمن على ما معك ستحاسب على الأمانة يوم الدين ، فلا تُعجب بنفسك لمُلكٍ ترى نفسك تملكه ، بل احذر فهذا الملك ستحاسب على تصرفك فيه يوم الحساب ، و سينزع منك التصرف فيه في هذا اليوم و تقف بين يدي الملك القهار (لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار)
🔸هذه الآية أيضاً هي غاية المظلومين و المبتلين ، من يصيبه ظلم في الدنيا و يرى عجز نفسه عن ان يأخذ حقه ، يرى في عدل الله يوم الدين ، يوم الحساب رجاؤه و المبتلى ينتظر ثواب صبره على بلائه ، هذه الآية فيها حياة القلوب و نرى القلوب المريضة قلوب الملحدين يائسة و يصيبها الموت و هم أحياء فلا أمل لهم بعد الموت في شئ لا استرداد حقوق و لا حياة تعوضهم عن ضيق الدنيا .
☀️هذه الآيات الثلاث مناط عبادة العبد ، فنحن نعبده محبة و تعظيماً و رجاء ً و خشيةً ، تتوازن في قلوبنا فلا ترجح كفة على أخرى ، و لا نركن للرجاء فيصيبنا الوهن في طلب الطاعة و مصارعة عوائقها ، و لا نركن للخوف و الخشية فيغلق علينا و نصاب باليأس من رحمة الله و توبته علينا ، فمن منا لا يرتكب الذنوب ، غفر الله لنا و لكم .
🔹إياك نعبد و إياك نستعين ،
🔸 هي سر القرآن كما قال السلف ، ففيها إقرار الإنسان بسبب وجوده (و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) ، إياك نعبد هي دواء* الشرك صغيره و كبيره ، يخلص قلوبنا من الرياء و من التعلق بغير الله الذي قد يصل ببعض الناس ٱلى صرف أنواع من العبادة لغير الله .
🔸و يقر العبد بتحري البعد عما يغضبه من أعمال و أقوال و المسارعة إلى ما يحبه و يرضاه .
🔸على قدر عبودية العبد يكون العون من الله للعبد على تحقيق العبودية و عبادته .
🔸حق الله مقدم على حق العبد ، هذا في كل حياتنا ، لا نؤخر طاعة من أجل سبب دنيوي ، أو من أجل مخلوق .
🔸قدم الثناء على الله على طلب حاجتك في دعائك .
🔸إياك نستعين فيها تبرؤ من حول الإنسان و قوته لحول الله و قوته ، فنحن نفتقر إلى عون الله في كل أمورنا و أهم أمورنا عبادته و ما يليها من أمور و حاجات دنيوية ، فلا نغفل* عن قول لا حول و لا قوة إلا بالله عند العزم على طاعة و لا عند العزم على اي أمر من أمورنا.
🔹اهدنا الصراط المستقيم ،أعظم الدعاء ، لأنها أعظم حاجة للعبد ، نكرره في كل صلاة مرتين ، فهل نستشعر مدى حاجتنا إليه .
🔸من رحمة ربنا أن رزقنا الدعاء به في كل صلاة ، لكن هل تتحقق الهداية للكل ، في استحضار معاني الهداية و الافتقار عند الدعاء به و الخضوع و التذلل و الإلحاح ما يكون سبباً في التعرض لهداية الله .
🔹صراط الذين أنعمت* عليهم ..
🔸استحضار قصص الانبياء و الصالحين و المومنين و اتخاذهم قدوة لنا في حياتنا حتى نكون على الصراط المستقيم ، و تبيين الله لنا من هم أصحاب الصراط المستقيم مما يورث مزيد محبة لله لأنه لازال يرينا آثار رحمته بتبيين الطريق.
🔸الهداية نعمة تستحق شكرها فهي من الله فلا فضل فيها للنفس و لا للغيرو لا تطلب إلا من الله .
🔸نقف حيارى أمام أبنائنا و عنادهم و نحصنهم لنحميهم و نفاجاء بانحراف بعضهم ...و نتسائل حينها لقد بذلت كل ما في وسعي و غاب عنا أن الأمر ليس وسعنا ..اعتمدنا على أنفسنا و غاب عنا أن الله هو الهادي ، و أننا كنا و لا بد أن نفتقر في طلبنا الهداية لهم منه وحده و أن نتحرر من حولنا و قوتنا إلى حوله و قوته جل و علا.
🔹غير المغضوب عليهم ..نسأل الله ما سأله نبيه صلى الله عليه و سلم (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع...) و أن يكون ما نتعلم حجة لنا لا علينا* و أن يرزقنا العمل به .
🔹و لا الضالين ...نتحرى من نتعلم على أيديهم فلا نتبع صاحب بدعة عَبَدَ الله بجهل و لا نتبع أنصاف المتعلمين المتكلمين ممن يلبسوا علينا ديننا .
و ندعو الله (اللهم أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطل و ارزقنا اجتنابه )
جزاكم الله خيرا