دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 ذو الحجة 1429هـ/18-12-2008م, 12:16 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تعدد الحال


والحالُ قدْ يَجيءُ ذا تَعَدُّدِ = لِمُفْرَدٍ فاعلَمْ وغيرِ مُفْرَدِ

  #2  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 02:46 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


والحَالُ قَدْ يَجِيءُ ذَا تَعَدُّدِ = لِمُفْرَدٍ فَاعْلَمْ وغَيْرِ مُفْرَدِ([1])

يَجُوزُ تَعَدُّدُ الحالِ وصَاحِبُها مُفْرَدٌ ([2]) أو مُتَعَدِّدٌ.
فمثالُ الأوَّلِ: (جاءَ زيدٌ راكباً ضاحكاً)، فـ(راكباً وضاحكاً) حالانِ مِن (زَيْدٍ)، والعاملُ فيهما جاءَ.
ومثالُ الثاني: (لَقِيتُ هنداً مُصْعِداً مُنْحَدِرَةً)، فـ(مُصْعِداً) حالٌ مِن التاءِ، و (مُنْحَدِرَةً) حالٌ مِن (هِنْدٍ)، والعاملُ فيهما (لَقِيتُ)، ومنه قولُه:
190- لَقِيَ ابْنِي أَخَوَيْهِ خَائِفاً = مُنْجِدَيْهِ فَأَصَابُوا مَغْنَمَا ([3])
فـ (خائفاً) حالٌ مِن (ابْنَي)، و(مُنْجِدَيْهِ) حالٌ مِن (أَخَوَيْهِ)، والعاملُ فيهما (لَقِيَ).
فعندَ ظُهُورِ المعنى تُرَدُّ كلُّ حَالٍ إلى ما تَلِيقُ به، وعندَ عدمِ ظُهُورِهِ يُجْعَلُ أَوَّلُ الحاليْنِ لثاني الاسميْنِ، وثانيهما لأوَّلِ الاسميْنِ، ففي قولِكَ: (لَقِيتُ زَيْداً مُصْعِداً مُنْحَدِراً) يكونُ (مصعِداً) حالاً مِن زَيْدٍ، و (مُنْحَدِراً) حالاً من التاءِ.


([1])(الحالُ) مبتدأٌ، وجُمْلَةُ (يَجِيءُ) وفاعِلِهِ المُسْتَتِرِ فيه في مَحَلِّ رفعٍ خَبَرٌ، (ذا) حالٌ مِن الضميرِ المُسْتَتِرِ في يَجِيءُ، وذا مُضافٌ و(تَعَدُّدِ) مُضافٌ إليه،ِمُفْرَدٍ) جارٌّ ومَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بِتَعَدُّدِ، أو بمَحْذُوفٍ نَعْتٌ لِتَعَدُّدِ، (فَاعْلَمْ) فِعْلُ أَمْرٍ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُهُ أنتَ، والجملةُ لا مَحَلَّ لها اعتراضيَّةٌ بينَ المعطوفِ والمعطوفِ عليه، (وغَيْرِ) الواوُ عاطِفَةٌ، غيرِ: معطوفٌ على مُفْرَدِ، وغيرِ مُضافٌ و(مُفْرَدِ) مُضافٌ إليه.

([2])تَرَكَ الشارِحُ بيانَ المواضِعِ التي يَجِبُ فيها تَعَدُّدُ الحالِ، ولِوُجُوبِ ذلكَ مَوْضِعَانِ: أَوَّلُهُما: أنْ يَقَعَ الحالُ بعدَ (إمَّا) ، نحوُ قَوْلِهِ تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}، وثانيهما: أنْ يَقَعَ الحالُ بعدَ (لا) النافيةِ؛ كقولِكَ: رَأَيْتُ بَكْراً لا مُسْتَبْشِراً ولا جَذْلاَنَ.

([3])190- البيتُ مِن الشواهدِ التي لا يُعْلَمُ قَائِلُها.
اللغةُ: (مُنْجِدَيْهِ) مُغِيثَيْهِ، وهو مُثَنَّى مُنْجِدٍ، ومُنْجِدٌ: اسمُ فاعلٍ ماضيه أَنْجَدَ ، وتقولُ: أَنْجَدَ فلانٌ فُلاناً، إذا أَغَاثَهُ وعَاوَنَه ودَفَعَ عنه المَكْرُوهَ، (أَصَابُوا) نَالُوا وأَدْرَكُوا ، َغْنَمَا) غَنِيمَةً.
الإعرابُ: (لَقِيَ) فِعْلٌ ماضٍ ، (ابْنَي) ابنَ: فاعلُ لَقِيَ: وابنَ مُضافٌ وياءُ المُتَكَلِّمِ مُضافٌ إليه ، َخَوَيْهِ) مفعولٌ به لِلَقِيَ، والهاءُ مُضافٌ إليه ، َائِفاً) حالٌ مِن ابْنَي ، ُنْجِدَيْهِ) حالٌ مِن أَخَوَيْهِ ، (فَأَصَابُوا) الفاءُ عاطِفَةٌ، أَصَابُوا: فعلٌ وفاعلٌ، َغْنَمَا) مفعولٌ بِهِ لأَصَابُوا، والجملةُ مِن أصابَ وفاعِلِهِ ومفعولِهِ معطوفةٌ بالفاءِ على جُمْلَةِ لَقِيَ ومَعْمُولاَتِهِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (خَائِفاً مُنْجِدَيْهِ) ؛ فإنَّ الحالَ مُتَعَدِّدَةٌ لِمُتَعَدِّدٍ، والنظرةُ الأولى تَدُلُّ على صاحِبِ كلِّ حالٍ فتَرُدُّهُ إليه، فإنَّ واحداً من الحاليْنِ مفردٌ والآخرُ مُثَنًّى، وكذلك صاحِبَاهُما، فلا لَبْسَ عليك في أنْ تَجْعَلَ المفردَ للمفردِ والمثنَّى للمُثَنَّى.


  #3  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 02:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


فصلٌ: ولِشَبَهِ الحالِ بالخبرِ والنعْتِ([1]) جازَ أنْ تَتعَدَّدَ لمُفْرَدٍ وغيرِه, فالأولُ كقولِه:
276- عَلَيَّ إِذَا مَا جِئْتُ لَيْلَى بِخُفْيَةٍ = زِيَارَةُ بَيْتِ اللهِ رَجْلانَ حَافِيَا([2])
وليسَ منه نحوُ: {أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وحَصُوراً}.([3])
والثاني: إنْ اتَّحَدَ لفظُه ومعناه ثُنِّيَ أو جُمِعَ([4]) نحوَ: {وسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ}([5]) الأصْلُ: دَائِبةً ودَائِباً, ونحوَ: {وسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ}([6]) وإنْ اختَلَفَ فُرِّقَ بغيرِ عَطْفٍ([7]) كـ "لَقِيتُه مُصْعِداً مُنحَدِراً", ويُقدَّرُ الأولُ للثاني وبالعكسِ, قالَ:
277- عَهِدْتُ سُعَادَ ذَاتَ هَوًى مُعَنًّى([8])
وقدْ تأتي على الترتيبِ إنْ أُمِنَ اللبسُ([9]) كقولِه:
278- خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ ورَاءَنَا([10])
ومنَعَ الفارسيُّ وجماعةٌ([11]) النوعَ الأولَ فقَدَّروا نحوَ قولِه: (حَافِياً). صفةً أو حالاً من ضميرَِجْلانَ), وسَلَّموا الجوازَ إذا كانَ العاملُ اسمَ التفضيلِ نحوَ: "هذا بُسْراً أطْيَبُ مِنْهُ رُطَباً"([12]).


([1]) قد عَرَفْتَ في مواضِعَ كثيرةٍ أنَّ الشيءَ إذا أشْبَهَ الشيءَ أخَذَ حُكْمَه، وأنتَ تعلَمُ أنَّ الخبرَ قد يَتعدَّدُ لواحدٍ, وقد يَتعَدَّدُ لمُتعدِّدٍ، وتَعرِفُ أنَّ النعتَ قد يَتعدَّدُ نحوُ:َارَنِي خَالِدٌ الكَرِيمُ المُهذَّبُ". فلَمَّا أشْبَهَ الحالُ الخبرَ في المعنَى، وأشْبَهَ النعْتَ في كونِه يُقَيِّدُ عاملَه؛ ولذلك تَسْمَعُ كثيراً قَوْلَهم: (الحالُ وَصْفٌ لصَاحِبِها قَيْدٌ في عَامِلِها). نقولُ: لَمَّا أشْبَهَ الحالُ الخَبَرَ والنعتَ فيما ذكَرْنا أخَذَ بعضَ أحكامِهما، ومن أحكامِهما جوازُ تَعدُّدِ كلِّ واحدٍ منهما، ومن أحكامِهما أنَّ الأصلَ في كلٍّ منهما أنْ يكُونَ مُشْتقًّا, فلا يقَعَ الخبَرُ ولا النعْتُ جامِداً– ومنه الَمصدرُ– إِلاَّ على التأويلِ بالمُشتَقِّ أو على إرادةِ التشبيهِ، ومثالُ ذلك في الخبرِ قَوْلُكَ: "زَيْدٌ أسَدٌ". ومثالُه في النعتِ:َيْدٌ الأسَدُ مُقْبِلٌ", أي: زيدٌ الشجاعُ، ومثالُه في الحالِ:َرَّ زيدٌ أسَداً", ومن أحكامِ الخبرِ أنَّه لا يَكونُ اسمَ زَمانٍ والمبتدأُ اسْمَ جُثَّةٍ كما عَلِمْتَ، فكذلك الحَالُ.
هذا، وقد يَجِبُ تَعدُّدُ الحالِ، ولذلك الوُجوبِ مَوْضعانِ, نذكُرُهما لكَ ههنا باختصارٍ؛ لأنَّنا سنَعودُ إلى ذِكْرِهما معَ ذكرِ شواهِدَ لكلٍّ منهما.
أحدُهما: أنْ يقَعَ بعدَِمَّا", نحوُ قولِكَ:"سأَلْقَى عَلِيًّا إمَّا شاكراً وإِمَّا جَاحِداً".
وثانيهما: أنْ يقَعَ بعدَ"لا" النافيةِ، نحوُ قولِكَ:"جاءَ عَلِيٌّ لا فَرَحاً ولا أسْوَانَ".

([2]) 276_أنشَدَ ابنُ الأعرابيِّ هذا الشاهِدَ ولم يُسَمِّ قائلَه، وقد يظُنُّ قومٌ أنَّه للمجنونِ لذكْرِ اسمِ ليلَى فيه، وقدْ أنشَدَه ابنُ الأعرابيِّ معَ بيتٍ آخرَ يقَعُ تَالِياً له، وهو قولُه:
شَكُوراً لرَبِّي حِينَ أبْصَرْتُ وَجْهَها = ورُؤْيَتُها قدْ تَسْقِنِي السُّمَّ صَافِيَا
اللغةُ: (خُفْيَةٍ) بضمِّ الخاءِ، أو كسرِها – مصدرُ خَفِيَ: إذا استَتَرَ, (رَجْلانَ) بفتحٍ فسكونٍ– أي: يَمْشِي على رِجْلَيْهِ، وهي صِفَةٌ مُشبَّهَةٌ مثلُ عَطْشَانَ,َافِياً) أي: غيرَ مُنْتَعِلٍ.
الإعرابُ: (عَلِيَّ) جارٌّ ومجرورٌ مُتعلِّقٌ بمحذوفٍ خَبرٌ مُقدَّمٌ,ِذَا) ظرْفٌ تَضمَّنَ معنى الشرطِ مَبنِيٌّ على السُّكونِ في مَحلِّ نصْبٍ, (ما) زائدةٌ,ُرْتُ) فعلٌ وفاعلٌ, (ليْلَى) مفعولٌ بهِ لزُرْثُ منصوبٌ بفتحةٍ مُقدَّرَةٍ على الألفِ منَعَ من ظهورِها التعَذُّرُ, (بخُفْيَةٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتعلِّقٌ بزُرْتُ، وجوابُ "إذا" مَحذوفٌ يدُلُّ عليهِ سِياقُ الكلامِ، وتقديرُ الكلامِ: إذا ما زُرْتُ لَيْلَى في اختفاءٍ فعَلَيَّ زيارةُ بيتِ اللهِ، وجملةُ "إذا" وشرطِها وجَوابِها, لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ مُعترِضَةٌ بينَ الخبرِ المُقدَّمِ ومُبْتدئِه المُؤخَّرِ, (زِيارَةُ) مبتدأٌ مُؤخَّرٌ، وهو مضافٌ, و(بيتِ) مضافٌ إليه مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ، وبيتِ مضافٌ والاسمُ الكريمُ مضافٌ إليه,َجْلانَ) حالٌ صَاحِبُه ياءُ المتكلِّمِ في قولِه: عَلَيَّ، منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ,َافياً) حالٌ ثانيةٌ صَاحِبُها ياءُ المتكلِّمِ أيضاً، مَنصوبٌ وعلامةُ نصبِه الفتحةُ الظاهرةُ.
الشاهدُ فيه قولُه: (رَجْلانَ حَافِياً). حيث تَعدَّدَ الحالُ لواحدٍ، وهذا الواحِدُ هو يَاءُ المُتكلِّمِ المجرورةُ مَحَلاًّ بعَلَيَّ، والحالانِ؛ أحَدُهما قَوْلُه: رَجْلانَ. وثانيهما قولُه: حَافِياً.

([3]) سورة آل عمرانَ، الآية: 39، وإنَّما لم يَكُنْ ما في الآيةِ الكريمةِ من تعدُّدِ الحالِ معَ أنه ظاهرُها التعَدُّدُ؛ لأن الحاليْنِ الثانِيَ والثالثَ قدْ عُطِفَا بالواوِ على الأولِ, ومن شرطِ اعتبارِ التعَدُّدِ ألاَّ يكونَ بطريقِ العطفِ.

([4]) لم يُبَيِّنِ المُؤلِّفُ بياناً صريحاً هل التثنيةُ والجمعُ واجبانِ حِينَ يَتَّحِدُ لفظُ الحاليْنِ ومعناهما, أجَمْعُهما أوْلَى من تفريقِهما معَ جوازِ التفريقِ؟ وظاهرُ كلامِه أنَّ التثنيةَ والجمعَ واجبانِ، لكنَّ الذي نصَّ عليه الرَّضِيُّ أنَّ التثنيةَ والجمْعَ أوْلَى من التفريقِ، قالَ: (وأمَّا الحالانِ من الفاعلِ والمفعولِ مَعاً، فإِنْ كانَا مُتَّفِقيْنِ فالأوْلَى الجمعُ بينَهما؛ لأنه أخْصَرُ، نحوُ: (لَقِيتُ زَيْداً رَاِكباً رَاكِباً).

([5]) سورة إبراهيمَ، الآية: 33، والأصلُ: دَائِبَةً ودَائِباً، ولا يَضُرُّ – عندَ التثنيةِ أو الجمعِ– اختلافُ الحاليْنِ بالتذكيرِ والتأنيثِ, كما هو ظاهرٌ، فإنَّ من سُنَنِ العربيَّةِ تَغْليبَ المُذكَّرِ على المؤنَّثِ واللفظُ مُختَلِفٌ؛ كقولِهم: (القَمَريْنِ) في تثنيةِ الشمسِ والقمرِ، وكقولِهم:"الأبَوَيْنِ". في تثنيةِ الأبِ والأُمِّ، فهذا أوْلَى.

([6]) سورة النحْلِ، الآية: 12.

([7]) فصَّلَ المُحَقِّقُ الرَّضِيُّ هذا الموضوعَ بأكثرَ مِمَّا ذكَرَه المُؤلِّفُ هنا؛ وذلك حيثُ يَقولُ: وإِنْ كانَا مُختلِفَيْنِ فإنْ كانَ هناك قَرينةٌ يُعْرَفُ بها صاحبُ كُلٍّ منهما, جازَ وُقوعُهما كَيْفَما كانَ، نحوُ: لَقِيتُ هِنْداً مُصْعِداً مُنْحَدِرَةً. وإنْ لَمْ يكُنْ فالأوْلى أنْ يُجْعَلَ كلُّ حالٍ بجانبِ صاحبِه، نحوُ: لَقِيتُ مُنْحِدراً زَيْداً مُصْعِداً. ويَجوزُ أنْ يُجْعَلَ حالُ المفعولِ بجَنْبِه ويُؤَخَّرُ حالُ الفاعلِ، نحوُ: لَقِيتُ زَيْداً مُصْعِداً مُنْحَدِراً– والمُصْعِدُ زَيْدٌ – وذلك أنَّه لَمَّا كانَ مرتبةُ المفعولِ أقْدَمَ من مرتبةِ الحالِ أَخَّرْتَ الحاليْنِ، وقَدَّمْتَ حالَ المفعولِ؛ إذ لا أقَلَّ مِن أنْ يكُونَ أحدُ الحاليْنِ بجنبِ صَاحِبِها.اهـ.
وقولُه: (وذلكَ أنَّه لَمَّا كانتْ... إلخ). تعليلٌ لتأخيرِ الحاليْنِ عن كلٍّ من الفاعلِ والمفعولِ, وهي الصورةُ التي ليسَتْ أولى الصورتيْنِ الجائزتيْنِ في كلامِه، والأوْلَى هي أنْ يُجْعَلَ كلُّ حالٍ بجَنْبِ صاحبِها، وقولُه: (وقَدَّمْتَ حالَ المفعولِ؛ إذ لا أقَلَّ مِن أنْ يكُونَ... إلخ) بيانٌ لِمَا تَفْعَلُه إذا اخْتَرْتَ الصورةَ التي ليسَتْ أَوْلَى من غيرِها، وهذا الترتيبُ واجبٌ إذا لم يُؤْمَنِ اللبْسُ كما نَصَّ عليه المُؤلِّفُ في (المُغْنِي). وإذا أُمِنَ اللبسُ كانَ جَائِزاً.

([8]) 277-لم أقِفْ لهذا الشاهدش على نسبةٍ إلى قائِلٍ مُعَيَّنٍ، والذي ذكَرَه المُؤلِّفُ صَدْرُ بيتٍ من الوافرِ، وعَجُزُه قولُه:
*فزِدْتُ وعَادَ سُلْواناً هَواهَا*
اللغةُ: (عَهِدْتُ) عَلِمْتُ,ُعَادَ) -بضمِّ السينِ- اسمُ امرأةٍ,َاتَ هَوًى) صاحبةُ عِشْقٍ,ُعَنًّى) بضمِّ الميمِ وفتْحِ العينِ وتشديدِ النونِ مَفْتوحةً– اسمُ مفعولٍ من "عَنَّاهُ الأمْرُ يُعَنِّيهِ" بالتضعيفِ؛ أي:شَقَّ عليهِ حتى أوْرَثَه العناءَ والجَهْدَ, (زِدْتُ) يُرِيدُ زادَ ما به من العَناءِ والشدَّةِ بسَبَبِ زيادةِ الحبِّ والوَجْدِ (سُلْواناً) سَلْواً ونِسْياناً.
الإعرابُ: (عَهِدْتُ) فعلٌ ماضٍ وفاعلُه,ُعَادَ) مفعولٌ بهِ لعَهِدْتُ منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ, (ذاتَ) حالٌ صاحبُه "سُعَادَ", منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ، و"ذاتَ" مضافٌ, و(هَوًى) مضافٌ إليهِ مجرورٌ بكسرةٍ مُقدَّرَةٍ على الألفِ المحذوفةِ للتخَلُّصِ من التقاءِ الساكنيْنِ, منَعَ من ظهورِها التعَذُّرُ,ُعَنًّى) حالٌ أُخْرَى صَاحِبُها تاءُ المتكلِّمِ في قولِه:َهِدْتُ). السابِقِ, "فزِدْتُ" الفاءُ حرفُ عطفٍ مَبنِيٌّ على الفتحِ لا مَحلَّ له من الإعرابِ، زادَ: فعلٌ ماضٍ مَبنِيٌّ على فتحٍ مُقدَّرٍ على آخرِه, لا مَحلَّ له من الإعرابِ، وتاءُ المُتكلِّمِ فاعلُه,"وعَادَ" الواوُ حرفُ عطفٍ، عادَ: فعلٌ ماضٍ بمعنَى صَارَ, مَبنِيٌّ على الفتحِ لا مَحلَّ له من الإعرابِ,ُلْواناً" خبرُ عادَ الذي بمعنَى صارَ تَقدَّمَ على اسمِه, منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ,َوَاهَا" هَوَى: اسمُ عادَ الذي بمعنَى صارَ، مرفوعٌ بضَمَّةٍ مُقدَّرةٍ على الألفِ منَعَ من ظهورِها التعَذُّرُ، وهي مضافٌ وضميرُ الغائبةِ العائِدُ إلى "سعادَ" مضافٌ إليه مَبنِيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ جرٍّ، ويَجوزُ أنْ يكُونَ (هَواهَا) فاعِلاً بـ"عَادَ"، إذا اعتبَرْتَها تامَّةً، وعليه يكونُ قولُه: (سُلْوانًا). حالاً من هذا الفاعلِ.
الشاهدُ فيه قولُه: (ذَاتَ هَوًى مُعَنًّى). فإنَّهما حالانِ، ولكلِّ حالٍ منهما صاحِبٌ غيرُ صاحبِ الحالِ الأخْرَى، فأمَّا قولُه: (ذَاتَ هَوًى) فصاحبُه قولُه: (سُعَادَ). وأمَّا قولُه: (مُعَنًّى). فصاحِبُه تاءُ المُتكلِّمِ في قولِه: (عَهِدْتُ). وقد جاءَ بالحاليْنِ على عكسِ ترتيبِ صاحِبَيْهما كما ترَى، وهذا هو الأكثرُ في مثلِ ذلك – أي: إذا لم نأتِ بكلِّ حالٍ إلى جِوَارِ صاحبِها – ليَكُونَ قد اتَّصَلَ أحدُ الحاليْنِ بصاحبِه، بخلافِ ما لو أتَى بهما على ترتيبِ صاحِبَيْهما؛ فإنَّه يَلْزَمُ عليه الفصلُ بينَ كلِّ حالٍ وصاحبِها بأجنبيٍّ.

([9]) المفهومُ من هذا الكلامِ أنَّ النحاةَ مُتَّفِقونَ على أنه إذا تعدَّدَ الحالُ وتعدَّدَ صاحبُها ولم تأتِ بكلِّ حالٍ منهما بجنبِ صاحبِها، بل أخَّرْتَ الحاليْنِ؛ فإِنَّكَ تجعَلُ أوَّلَ الحاليْنِ لثاني الصاحبَيْنٍ, وثَانِيَ الحاليْنِ لأولِ الصاحبيْنِ، ولا تجعَلُ أولَ الحاليْنِ لأولِ الصاحبيْنِ, وثَانِيَهما لثانيهما, إِلاَّ حِينَ تقومُ قرينةٌ تُرْشِدُ السامِعَ إلى رَدِّ كلِّ حالٍ إلى صاحبِه، وفي علمِ البديعِ نوعٌ يُسمَّى اللَّفَّ والنشْرَ، وهو: أنْ تَذْكُرَ متعدِّداً ثم تَذْكُرَ ما لكُلِّ واحدٍ منهما –وقد ذكَرَ علماءُ البلاغةِأنَّ جعْلَ الأولِ للأولِ, وجعلَ الثانِي للثانِي, أحْسَنُ من جعْلِ الأولِ للثاني, وجعلِ الثاني للأولِ، ومن أمثلةِ ذلك عندَهم قولُه تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}. فقولُه سبحانَه: {لِتَسْكُنُوا فِيهِ}. هو أولُ الأمورِ المَنشورةِ, وهو راجعٌ إلى الليلِ, الذي هو أولِ الأمورِ المَلْفوفةِ، وقولُه سبحانَه: {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}. هو ثاني الأمورِ المَنْشورةِ, وهو راجعٌ لثاني الأمورِ المَلْفوفةِ, وهو النهارُ، فلَعلَّكَ تَسْأَلُ لماذا اختَلَفَ نظرُ النحاةِ ونَظَرُ علماءِ البلاغةِ في تفضيلِ ردِّ الأولِ والثاني من الرديفَيْنِ على هذا الوَجْهِ؟
والجوابُ عن هذا أنْ نقولَ لكَ: إنَّ النحاةَ يُفضِّلونَ رَدَّ أولِ الحاليْنِ لثاني الصاحبيْنِ عندَ انعدامِ القرينةِ التي تَرُدُّ كلَّ حالٍ إلى صاحبِها؛ لأنَّ هذا يُقَلِّلُ الفصْلَ بينَ الحالِ وصاحبِها بأجْنَبِيٍّ؛ فإنَّه يَتَرتَّبُ عليه أنْ يُفْصَلَ بينَ حالٍ واحدٍ وصاحبِه، فأمَّا الوجهُ الآخرُ فيَترتَّبُ عليه الفصلُ بينَ حاليْنِ وصاحِبَيْهما، ولا شَكَّ أنَّ فَصْلاً واحداً أخَفُّ من فصليْنِ، فأمَّا إذا قامَتْ قَرِينَةٌ تُعِينُ على رَدِّ كلِّ حالٍ إلى صاحبِها, فأنتَ بالخيارِ بينَ أنْ تجعَلَ الحاليْنِ على تَرتيبِ الصاحبيْنِ أو على عكسِ تَرْتيبِهما، وهذا هو ما رآهُ علماءُ البلاغةِ في اللَّفِّ والنشْرِ، فاسْتَوَى نَظَرُ النحْوِيِّينَ معَ نَظَرِهم.

([10]) 278-هذا الشاهدُ من كلامِ امرِئِ القيسِ بنِ حُجْرٍ الكِنْدِيِّ، من مُعلَّقَتِه المشهورةِ، وقد سبَقَ الاستشهادُ بعِدَّةِ أبياتٍ منها، والذي ذكَرَه المُؤلِّفُ ههنا صدرُ البيتِ، وعَجُزُه قولُه:
َلَى أثَرَيْنَا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلٍ*
اللغةُ: "المِرْطُ" بكسرِ الميمِ وسكونِ الراءِ المهملةِ– كِسَاءٌ من خَزٍّ أو صُوفٍ، و(المُرَحَّلُ) – بالحاءِ المهملةِ مُشدَّدَةً – الذي فيهِ عَلَمٌ, أي: خُطوطٌ.
الإعرابُ: (خَرَجْتُ) خَرَجَ: فعلٌ ماضٍ مَبنِيٌّ على فتحٍ مُقدَّرٍ على آخرِه منَعَ من ظهورِه اشتغالُ المَحَلِّ بالسكونِ العارضِ لدَفْعِ كراهةِ توالي أرْبَعِ مُتحرِّكاتٍ, فيما هو كالكلمةِ الواحدةِ، وتاءُ المُتكلِّمِ فاعلُه مَبنِيٌّ على الضمِّ في مَحلِّ رفعٍ, (بها) جارٌّ ومجرورٌ مُتعلِّقٌ بخرَجَ, (أمْشِي) فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ؛ لتجَرُّدِه من الناصبِ والجازمِ, وعلامةُ رَفْعِه ضمَّةٌ مُقدَّرَةٌ على الياءِ, منَعَ من ظهورِها الثِّقَلُ، وفاعلُه ضَمِيرٌ مُستتِرٌ فيه وُجوباً تَقْدِيرُه: أنا، والجملةُ من الفعلِ المضارعِ وفاعلِه المستترِ فيه في مَحَلِّ نصبٍ, حالٌ صَاحِبُه تاءُ المُتكلِّمِ في قولِه: (خَرَجْتُ) السابِقِ, (تَجُرُّ) فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ؛ لتجَرُّدِه من الناصبِ والجازمِ, وعلامةُ رفعِه الضمَّةُ الظاهرةُ، وفاعلُه ضميرٌ مُستتِرٌ فيه جوازاً تقديرُه: هي، والجملةُ في مَحَلِّ نصبٍ, حالٌ صَاحِبُه ضميرُ الغائبةِ في قولِه: (بِهَا). السابِقِ,"علَى" حَرفُ جَرٍّ, "أثَرَيْنَا" أثَرَيْ: مجرورٌ بعَلَى، وعلامةُ جَرِّه الياءُ نيابةً عن الكسرةِ؛ لأنه مُثَنًّى، ونا: مضافٌ إليه، والجارُّ والمجرورُ مُتعلِّقٌ بتَجُرُّ, "ذَيْلَ" مفعولٌ بهِ لتَجُرُّ منصوبٌ وعلامةُ نصبِه الفتحةُ الظاهرةُ، وذَيْلَ مُضافٌ, و(مِرْطٍ) مضافٌ إليه مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ,ُرَحَّلٍ" نعتٌ لمِرْطٍ، ونعتُ المجرورِ مجرورٌ، وعلامةُ جَرِّه الكسرةُ الظاهرةُ.
الشاهدُ فيه قولُه: (أمْشِي تَجُرُّ). فإنَّهما جُملتانِ, كُلٌّ منهما في مَحلِّ نصبٍ حالٌ، فأمَّا قولُه: (أمْشِي). فصَاحبُها تاءُ المُتكلِّمِ في قولِه: (خَرَجْتُ). وأما قولُه:َجُرُّ). فصاحبُها هاءُ الغَائبةِ في قولِه: (بها). وقد جاءَ بالحاليْنِ علىنفسِ تَرتيبِ صاحبِهما مُعْتمِداً في ذلك على قِيامِ القرينةِ، وذلك من قِبَلِ أنَّ قولَه: (أمْشِي). مُذَكَّرٌ, وقولَه: (تَجُرُّ). مُؤَنَّثٌ، وقد عُلِمَ أنَّ الحالَ يَلْزَمُ أنْ يُطابِقَ صاحبَه، فالسامِعُ لا يغفُلُ عن إعادةِ المذكَّرِ للمذكَّرِ والمؤنَّثِ للمُؤنَّثِ.
ومثلُ هذا الشاهدِ قولُ الشاعرِ:
لَقِيَ ابْنِي أخَوَيهِ خَائِفاً = مُنْجِدَيْهِ، فأصَابُوا مَغْنَما
وذلكَ أنَّ قولَه: "خَائِفاً". وهو أولُ الحاليْنِ من حالِ قولِه: "ابْنِي". وهو أولُ الصاحبَيْنِ في الذِّكْرِ، وقولَه: "مُنْجِدَيهِ". وهو ثاني الحاليْنِ في الذكْرِ, حالٌ من "أخَوَيْهِ", وهو ثاني الصاحبَيْنِ في الذكْرِ، والقرينةُ أنَّ أحدَهما مُفرَدٌ, وثَانِيَهما مُثنًّى.

([11]) مِمَّن منَعَ ذلك ابنُ عُصفورٍ– ونسَبَ أبو حَيَّانَ هذا الرأْيَ إلى كثيرٍ من المحقِّقينَ– وعِلَّةُ المنعِ عندَهم أنَّهم قاسوا الحالَ على ظرفِ الزمانِ والمكانِ، أي: فكما أنَّه لا يَجوزُ في العقلِ أنْ يقَعَ الفعلُ الواحدُ من شخصٍ واحدٍ في زَمانيْنِ أو مكانيْنِ، فكذلك شأْنُ الحالِ، لكنْ في مسألةِ أفعَلِ التفضيلِ الذي يَتوَسَّطُ بينَ حاليْنِ جازَ التعَدُّدُ والصاحِبُ واحدٌ؛ لأنه ولو كانَ واحداً في المعنَى مُتعَدِّدٌ في اللفظِ، وهذا كافٍ في التسويغِ، وعندَهم أنَّ كلَّ شاهدٍ جاءَ عن العربِ وظاهِرُه أنَّ فيه حاليْنِ لصاحِبٍ واحدٍ ليسَ على ما يُفِيدُه ظاهرُه، بل هو مُؤوَّلٌ بأحدِ تأويليْنِ: الأولُ: أنْ يُجْعَلَ ما ظَنَنْتَهُ حالاً ثانياً نَعْتاً للحالِ الأولِ، فيَكونُ على هذا قولُ الشاعرِ في الشاهدِ(رقْمِ 276):َجْلانَ). حالاً، وقولُه: (حَافِياً). صفةً لرَجْلانَ، والتأويلُ الثاني: أنْ يكُونَ الحالُ الثاني حالاً من الضميرِ المُستتِرِ في الحالِ الأولِ؛ لأنَّ المفروضَ أنه مُشْتَقٌّ على ما هو الأصْلُ في الحالِ، وعلى هذا يَكُونُ قولُه: (رَجْلانَ). حالاً من ياءِ المتكلِّمِ في قولِه: (عَلَيَّ). وقولُه:َافِياً) حالاً من الضميرِ المُستتِرِ في قولِه:َجْلانَ). لأنَّ رَجْلانَ صِفَةٌ مُشبَّهَةٌ مثلُ ظَمْآنَ وغَرْثَانَ وعَطْشانَ وكَسْلانَ وجَوْعانَ، فليسَ ثَمَّةَ حالانِ على التأويلِ الأولِ. وليسَ الحالانِ على التأويلِ الثاني لصاحبٍ واحدٍ، بل لاثنيْنِ.
وقالَ ابنُ الناظِمِ: إنَّ قِياسَهم الحالَ على الظرفِ مِمَّا لا مُبَرِّرَ له؛ لأنَّ بينَهما فرْقاً، أفلَسَتْ ترَى أنَّ الشيءَ الواحدَ يَمتنِعُ وقوعُه في زَمانَيْنِ أو في مَكَانَيْنِ، لكنْ لا يَمْتنِعُ تَقْيِيدُه بقيديْنِ ولا بأكثرَ منهما.

([12]) ترَكَ المُؤلِّفُ مَبْحَثَ وجوبِ تعدُّدِ الحالِ، وقد سَبَقَتْ لنا إلمامةٌ بذلك، واعلَمْ أنَّ الحالَ يَجِبُ تعدُّدُه في موضعيْنِ:
الأولُ: أنْ يقَعَ بعدَِمَّا), نحوُ قولُه تعالى:ِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}. ونحوُ قَوْلِكَ: (افْعَلْ هَذَا إِمَّا رَاضِياً وإِمَّا سَاخِطاً).
ومن شواهدِ ذلك قولُ الشاعرِ:
وقدْ شَفَّنِي أَلاَ يَزَالَ يَرُوعُنِي = خَيَالُكِ إِمَّا طَارِقاً أو مُغَادِياً
طارقاً: آتِياً في الليلِ، من الطروقِ وهو الإتيانُ لَيْلاً، ومُغادياً: آتِياً في وقتِ الغَداةِ.
والموضِعُ الثاني: أنْ يقَعَ بعدَ"لا" نحوُ قولِكَ: "رَأَيتُ عَلِيًّا لا خَانِعاً ولا غاضِباً".
ولا يَجِيءُ الحالُ في أحدِ هذيْنِ الموضعَيْنِ غيرَ مُتعدِّدٍ إلاَّ لضرورةِ الشعرِ، مثلُ مَجيئِه غيرَ مُتعدِّدٍ بعدَ"لا" في قولِ الشاعرِ:
قَهَرْتُ العِدَى لا مُسْتَعِيناً بعُصْبَةٍ = ولَكِنْ بأنَواعِ الخَدِيعَةِ والمَكْرِ



  #4  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 02:47 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


348- والحَالُ قَدْ يَجِيءُ ذَا تَعَدُّدٍ = لِمُفْرَدٍ – فَاعْلَمْ – وَغَيْرِ مُفْرَدٍ.
(والحالُ) لشَبَهِها بالخبرِ والنعتِ ( قَدْ يَجِيءُ ذَا تَعَدُّدٍ * لِمُفْرَدٍ - فَاعْلَمْ - وَغَيْرِ مُفْرَدِ)
فالأَوَّلى نحوُ: "جاءَ زيدٌ راكبًا ضاحكًا"
وقولِه [من الطويل]:
489 - عَلَيَّ إِذَا مَا جِئْتُ لَيْلَى بِخُفْيَةِ = زِيَارَةُ بَيْتِ اللَّهِ رَجْلاَنَ حَافِيَا
ومنعَ ابنُ عصفورٍ هذا النوعَ ما لم يكنِ العاملُ فيه أَفْعَلَ التفضيلِ، نحوَ: "هذا بسرًا أطيبُ منه رُطَبًا" ونُقِلَ المنعُ عن الفارسيِّ وجماعةٍ .
فالثاني عندهم نعتٌ للأوَّلِ أو حالٍ مِنَ الضميرِ فيه.
والثانيةُ قد يكونُ بجمعٍ نحوَ: { وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ } ونحوَ: { وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ} ، وقد يكونُ بتفريقٍ ، نحوَ: " لقيْتُ هندًا مصعدًا منحدرةً "
وقولِه [من الرمل]:
490 - لَقِيَ ابْنِي أَخَوَيْهِ خَائِفًا = مُنْجِدَيْهِ فَأَصَابُوا مَغْنَمًا
فعندَ ظهورِ المعنى يَرِدُ كلُّ حالٍ إلى ما يليقُ به كما في المثالِ والبيتِ ، وعندَ عدمِ الظهورِ يجعلُ أوَّلَ الحالينِ لثاني الاسمينِ وثانيهما للأوَّلِ ، نحوَ: " لقيْتُ زيدًا مصعِدًا منحدِرَا" فـ "مصعِدًا" حالٌ مِنْ "زيدٍ" و"منحدِرًا" حالٌ مِنَ التاءِ.
تنبيهٌ : الظاهرُ أنَّ " قد " في قولِه: " قد يَجِيءُ" للتحقيقِ لا للتقليلِ.

  #5  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 02:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


تَعَدُّدُ الحالِ
347- والحالُ قد يَجيءُ ذا تَعَدُّدِ = لِمُفْرَدٍ فاعلَمْ وغيرِ مُفْرَدِ
يَجوزُ تَعَدُّدُ الحالِ، وصاحبُها مُفْرَدٌ أو مُتَعَدِّدٌ.
فالأوَّلُ، نحوُ: رَجَعَ الجيشُ مُنْتَصِراً غانِماً فـ (مُنْتَصِراً وغَانِماً) حالانِ، وصاحِبُ الحالِ مُفْرَدٌ وهو (الجيشُ) ومنه قولُه تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً} فـ (أَسِفاً) حالٌ ثانيةٌ، والأسَفُ: أشَدُّ الغَضَبِ.
وقولُه تعالى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً} فـ (راضيةً) و(مَرْضِيَّةً) حالانِ لصاحبٍ واحدٍ، وهو ضميرُ المخاطَبَةِ في (ارْجِعِي).
وأمَّا الثاني وهو تَعَدُّدُ الحالِ وتَعَدُّدُ صاحبِها فلا يَخْلُو مِن أمْرَيْنِ: الأوَّلُ: أنْ يَتَّحِدَ لفْظُ الحالِ ومعناه، فيُثَنَّى أو يُجمَعَ، نحوُ: عَرفتُ النحْلَ والنمْلَ دَائِبَيْنِ على العَمَلِ، قالَ تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} والأصْلُ: دائبةً وَدَائِباً.
َ وقال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} فـ (مُسَخَّرَاتٍ) جَمْعٌ، وهي حالٌ مِن مُتَعَدِّدٍ.
الثاني: أنْ يَخْتَلِفَ المعنى، فيَجِبُ التفريقُ بغيرِ عَطْفٍ، ويكونُ أولُ الحالينِ لثاني الاسمينِ، وثاني الحالَيْنِ لأوَّلِ الاسمينِ، ليَتَّصِلَ أوَّلُ الحالَيْنِ بصاحبِه، ولا يُعْكَسُ لئلا يَلْزَمَ فصْلُ كلِّ حالٍ عن صاحبِه مع عَدَمِ القرينةِ.
تقولُ: لَقيتُ زَمِيلِي مُقْبِلاً مِن المدرَسَةِ ذاهِباً إلى الْمَدرسةِ، فـ (مُقْبِلاً) حالٌ مِن (زَمِيلِي) (ذَاهِباً) حالٌ مِن تاءِ الفاعِلِ.
وقد تَأتِي على الترتيبِ الأوَّلِ للأوَّلِ، والثاني للثاني، إذا أُمِنَ اللَّبْسُ، نحوُ: حَدَّثَ الْمُحَاضِرُ طُلاَّبَه واقِفاً جالِسينَ، فـ (واقِفاً) حالٌ للأَوَّلِ وهو (المحاضِرُ) لأنه مُفْرَدٌ، والحالُ مُفْرَدٌ، و (جالِسينَ) حالٌ ثانيةٌ للاسمِ الثاني (طُلاَّبَه) لأنه جَمْعٌ والحالُ جَمْعٌ.
وهذا معنى قولِه: (والحالُ قد يَجيءُ ذا تَعَدُّدِ.. إلخ) أيْ: أنَّ الحالَ قد يَجيءُ مُتَعَدِّداً وصاحبُه مُفْرَدٌ، وَقَدْ يَجيءُ مُتَعَدِّداً وصاحبُه مُتَعَدِّدٌ، فاعلَمْ ذلك.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحال, تعدد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir