دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > مقدمات المحدثين > مقدمة كتاب المجروحين لابن حبان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 رمضان 1435هـ/5-07-2014م, 09:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي ذكر خبر فيه كالأمر بالجرح للضعفاء

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حِبَّانَ بنِ أَحْمَدَ الْبُسْتِيُّ (ت: 354هـ): (ذكر خبر فيه كالأمر بالجرح للضعفاء
حدثنا الحسن بن سفيان النسائي، قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: مر عمر بن الخطاب بحسان بن ثابت وهو ينشد الشعر في المسجد، فلحظ إليه، فقال حسان: قد كنت أنشد فيه مع من هو خير منكم، ثم التفت إلى أبي هريرة، فقال: أنشدك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا حسان أجب عني، الله أيده بروح القدس»؟ قال: نعم.
قال أبو حاتم: في هذا الخبر كالدليل على الأمر بجرح الضعفاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لقال لحسان: «أجب عني» فإنما أمره أن يذب عنه ما كان يتقول عليه المشركون، فإذا كان في تقول المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أن يذب عنه وإن لم يضر كذبهم المسلمين، ولا أحلوا به الحرام، ولا حرموا به الحلال، كان من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين الذين يحل الحرام ويحرم الحلال بروايتهم أحرى أن يأمر بذب ذلك الكذب عنه صلى الله عليه وسلم.
وأرجو أن الله تبارك وتعالى يؤيد من فعل ذلك بروح القدس كما دعا لحسان بذب الكذب عنه، وقال: «اللهم أيده بروح القدس» ولم يكن هذا العلم في زمان قط تعلمه أوجب منه في زماننا هذا لذهاب من كان يحسن هذا الشأن، وقلة اشتغال طلبة العلم به، لأنهم اشتغلوا في العلم في زماننا هذا، وصاروا حيزين [حزبين]، فمنهم طلبة الأخبار الذين يرحلون فيها إلى الأمصار، وأكثر همهم الكتابة والجمع دون الحفظ والعمل به، وتعبير [تمييز] الصحيح من السقيم حتى سماهم العوام «الحشوية» والحيز [الحزب]
[المجروحين: 1/ 19]
الآخر المتفقهة الذين جعلوا جل اشتغالهم الآراء والجدل، وأغضوا عن حفظ السنن ومعانيها وكيفية قبولها، وتعبير [تمييز] الصحيح من السقيم منها، مع نبذهم السنن قاطبة وراء ظهورهم.
وقد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن العمل ينقص في آخر الزمان، وأرى العلوم كلها يزداد إلا هذه الصناعة الواحدة، فإنها كل يوم في النقص، فكأن العلم الذي خاطب النبي صلى الله عليه وسلم أمته بنقصه في آخر الزمان هو معرفة السنن، ولا سبيل إلى معرفتها إلا بمعرفة الضعفاء والمتروكين.
ذكر السنة في ذلك
حدثنا عبد الله بن سلميان بن الأشعث، قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عنبسة، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني حميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يتقارب الزمان، وينقص العلم، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج» قيل: يا رسول الله أيم هو؟ قال: «القتل القتل».
قال أبو حاتم: في هذا الخبر كالدليل على أن ما لم ينقص من العلم ليس بعلم الدين في الحقيقة، إذ أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن العلم ينقص عند تقارب الزمان.
وفيه دليل على أن ضد العلم يزيد، وكل شيء زاد مما لم يكن مرجعه إلى الكتاب والسنة، فهو ضد العلم، ولست اعلم العلوم كلها إلا في الزيادة إلا هذا الجنس الواحد من العلم، وهو الذي لا يكون للإسلام قوام إلا به، إذ الله عز وجل أمر الناس باتباع رسوله، وعند التنازع الرجوع إلى ملته عند الحوادث، حيث قال: {وما آتاكم الرسول فخذوه ما نهاكم عنه فانتهوا} ثم نفى الإيمان عمن لمن يحكم رسوله فيما شجر بينهم فقال: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في
[المجروحين: 1/ 20]
أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} فمن لم يحفظ سنن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحسن تمييز صحيحها من قيمها، ولا عرف الثقات من المحدثين ولا الضعفاء من المتروكين، ومن يجب قبول انفراد خبره ممن لا يجب قبول زيادة الألفاظ في روايته، ولم يحسن معاني الأخبار، والجمع بين تضادها في الظواهر، ولا عرف المفسر من المجمل، ولا المختص من المقتضى [المفصل]، ولا الناسخ ولا المنسوخ، ولا اللفظ الخاص الذي يراد به العام، ولا اللفظ العام الذي يراد به الخاص، ولا الأمر الذي هو فريضة وإيجاب، ولا الأمر الذي هو فضيلة وإرشاد، ولا النهي الذي هو حتم لا يجوز ارتكابه من النهي الذي هو ندب مباح استعماله مع سائر فصول السنن وأنواع أسباب الأخبار على حسب ما ذكرناها في كتاب فصول السنن. كيف يستحل أن يفتى؟ أم كيف يسوغ لنفسه تحريم الحلال وتحلي الحرام تقليدا منه لمن يخطئ ويصيب؟ رافضا قول من {وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى} صلى الله عليه وسلم.
وقد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم كيفية نقص العمل الذي ذكر في خبر أبي هريرة، وأن ذلك ليس برفع العمل نفسه، بل هو موت العلماء الذين يحسنون ذلك.
ذكر السنة المصرحة بذلك
حدثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، قال: حدثنا يحيي بن سعيد، قال: حدثنا هشام بن عروة، قال: حدثني أبي، قال: سمعت عبد الله بن عمرو من فيه إلى في، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله تبارك وتعالى لا يقبض العمل انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا، [فـ]سئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا».
[المجروحين: 1/ 21]
قال أبو حاتم: في هذا الخبر دليل على أن رفع العلم الذي ذكرنا قبل ونقصه عند تقارب الزمان لا يكون برفع يرفع من الأرض، ولكنه بموت العلماء الذين يحسنون علم السنن على حسب ما ذكرنا فصولها حتى لا يبقى منهم إلا الواحد بعد الواحد، ثم يتخذ عند ذلك الناس رؤساء لا يحسنون ذلك، فيفتون بغير علم فيضلون ويضلون، نعوذ بالله من حالة تقربنا إلى سخطه وأليم عقابه.
وإنما نوينا في بث ما خرجنا من هذه الكتب التي لم يمعن أئمتنا الكلام فيها، ولا فرعوا الفروع عليها اعتمادا منا على اكتساب الذخر في الآجل، لأنه من خير ما يخلف المرء بعده بحكم النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكر خبر ثان يدل على استحباب معرفة الضعفاء من المحدثين
حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الوهاب [الثقفي]، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن ابن أبي بكرة، عن أبي بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الزمان قد استدار كهيأته يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات، ذو القعدة وذو الحجة المحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان- ثم قال: «أي شهر هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: «[أ]ليس ذو [ذا] الحجة؟» قلنا: بلى، قال: «أي بلد هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أن سيسميه بغير اسمه، قال: «أليس البلدة الحرام؟» قلنا: نعم، قال: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا، وستلقون ربكم عز وجل فيسألكم عن أعمالكم، فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض، إلا ليبلغ الشاهد منكم الغائب، فلعل بعض من يبلغه يكون أوعى له من بعض من يسمعه، ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت».
قال أبو حاتم: في قوله: «إلا ليبلغ الشاهد منكم الغائب» دليل على
[المجروحين: 1/ 22]
استحباب معرفة الضعفاء من المحدثين، إذ لا يتهيأ للشاهد أن يبلغ الغائب ما شهد إلا بعد المعرفة بصحة ما يؤدي إلى من بعده، وإنه متى ما أدى إلى من بعده ما لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأنه لم يؤد عنه شيئا، وأن من لم يعتبر [يميز] الثقات من الضعفاء ولم يحط علمه بأسبابهم [بأنسابهم] لا يتهيأ له تخليص الصحيح من بين السقيم، فإذا وقف على أسمائهم وأنسابهم والأسباب التي أدت إلى نفي الاحتجاج بهم تنكب حديثهم، ولزم السنن الصحيحة، فيرويها حينئذ، حتى يكون داخلا في جملة من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يبلغ الشاهد منهم الغائب، جعلنا الله من المتبعين لسنته والذابين الكذب عن نبيه صلى الله عليه وسلم إن رءوف رحيم.
ذكر خبر توهم الرعاع من الناس ضد ما ذهبنا إليه
حدثنا الفضل بن الحباب بالبصرة، قال حدثنا القعنبي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الغيبة؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته».
قال أبو حاتم: احتج بهذا الخبر جماعة ممن ليس الحديث صناعتهم، وزعموا أن قول أئمتنا: فلان ليس بشيء، وفلان ضعيف، وما يشبه هذا من المقال غيبة إن كان فيهم ما قيل، وإلا فهو بهتان عظيم.
ولو تملق قائل هذا إلى باريه في الخلوة، وسأله التوفيق لإصابة الحق لكان أولى به من الخوض فيه، إذ ليس من صناعته، لأن هذا ليس بالغيبة المنهي عنها، وذاك [ذلك] أن المسلمين قاطبة ليس بينهم خلاف أن الخبر لا يجب أن يسمع عند الاحتجاج إلا من الصدوق العاقل، فكان من [في] إجماعهم هذا دليل على إباحة جرح من لم يكن بصدوق في الرواية، على
[المجروحين: 1/ 23]
أن السنة تصرح عن المصطفى بضد ما انتحل مخالفونا فيه.
ذكر الخبر الدال على صحة ما ذهبنا إليه
حدثنا الحسن بن سفيان الشيباني، قال: حدثنا محمد بن المنهال الضرير، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: أخبرنا روح بن القاسم، عن محمد بن المنكدر، عن عروة، عن عائشة، قالت: أقبل رجل، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «بئس أخو العشيرة- أو قال- ابن العشيرة فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم كلمه وانبسط إليه، فلما ولى، قالت عائشة: يا رسول الله لما رأيته قلت ما قلت، فلما جاء كلمته وانبسطت إليه؟ فقال: «يا عائشة إن شر أمتي عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه ».
قال أبو حاتم: وفي هذا الخبر دليل على أن إخبار الرجل ما في الرجل على جنس الديانة [الإبانة] ليس بغيبة، إذ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة» ولو كان هذا غيبة لم يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما أراد بقوله هذا أن تعتد ترك الفحش لأنه أراد ثلبه، وإنما الغيبة ما يريد القائل به القدح في المقول فيه.
وأئمتنا رحمة الله عليهم فإنهم إنما بينوا هذه الأشياء وأطلقوا الجرح في غير العدول لئلا يحتج بأخبارهم، لا أنهم أرادوا ثلبهم والوقيعة فيهم، والإخبار عن الشيء لا يكون غيبة إذا أراد القائل غير الثلب.
حدثنا عمر بن محمد بن بجير بن راشد، قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا عفان، قال: كنت عند إسماعيل بن علية، فحدث رجل عن
[المجروحين: 1/ 24]
رجل بحديث، فقلت: لا تحدث عن هذا، فإن ليس بثبت، فقال: قد اغتبته، فقال إسماعيل: ما اغتابه، ولكنه حكم أنه ليس بثبت.
حدثنا محمد بن زياد الزبادي، قال: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، قال: كان شعبة يأتي عمران بن حدير، يقول: تعالى نغتاب ساعة في الله عز وجل، نذكر مساوئ أصحاب الحديث.
حدثنا لقمان بن علي [السرخسي]، قال: حدثنا عبد الصمد بن الفضل، قال: حدثنا مكي [بن إبراهيم]، قال: كان شعبة يجئ إلى عمران بن حدير، فيقول: قم بنا حتى نغتاب في الله تبارك وتعالى.
قال أبو حاتم: أجمع الجميع على أن الشاهدين لو شهدا عند الحاكم على شيء من حطام هذه الدنيا، ولم يعرفهما الحاكم بعدالة أن عليه أن يسأل المعدل عنهما، فإن كتم المعدل عيبا أو جرحا علم فيهما أثم، بل عليه الواجب أن يخبر الحاكم بما يعلم منهما من الجرح أو التعديل حتى يحكم الحاكم بما يصح عنده، فإذا كان ذلك جائزا لأجل التافه من حطام هذه الدنيا الفانية، كان ذلك عند ذب الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى وأحرى، فإن الشاهد إذا كذب في شهادته لا يعدوه كذبه، والكاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل الحرام ويحرم الحلال ويتبوأ مقعده من النار.
وكيف لا يجوز القدح فيمن تبوأ مقعده من النار بفعل فعله؟
ولقد حدثنا عمر بن محمد الهمداني، قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: سمعت يحيي بن سعيد، يقول: سألت سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة عن الرجل يكون واهي الحديث،
[المجروحين: 1/ 25]
يأتيني الرجل فيسألني عنه، فأجمعوا أن أقول: ليس هو بثبت، وأن أبين أمره.
حدثني محمد بن المنذر بن سعيد، قال: حدثنا أبو زرعة، قال: سمعت أبا مسهر يسأل عن الرجل يغلط ويهم ويصحف، فقال: بين أمره، قلت لأبي مسهر: أترى ذلك من الغيبة؟ قال: لا.
حدثنا الحسن بن سفيان، قال: سمعت معاذ بن شعبة يقول: قال أبو داود: جاء عباد بن صهيب إلى شعبة، فقال: إن لي إليك حاجة فقال: ما هو؟ فقال: تكف عن أبان بن أبي عياش، فاق: أنظرني ثلاثا، فجاءه بعد الثالثة: فقال: يا عباد نظرت فيما قلت فرأيت أنه لا يحل السكوت عنه.
حدثنا محمد بن عبد الرحمن [الفقيه] قال: حدثنا الحسن بن الفرج، عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، قال: جاءني أبان بن أبي عياش، فقال: أحب أن تكلم شعبة أن يكفي عني، قال: فكلمته فكف عنه أياما، فأتاني في بعض الليل، فقال: إنك سألتني أن أكف عن أبان، وإنه لا يحل الكف عنه، فأنه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا محمد بن عبد الله الهجري بالأبلة، قال: حدثنا عبد الله بن جنيق، قال: قال سفيان الثوري: من هم أن يكذب في الحديث سقط حديثه.
حدثنا محمد ابن إسحاق الثقفي، قال حدثنا أبو قدامة، قال: سمعت ابن مهدي يقول: مررت مع سفيان الثوري برجل، فقال: كذاب، والله لولا أن لا يحل لي أن أسكت لسكت.
[المجروحين: 1/ 26]
حدثني محمد بن المنذر، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان، عن أبي الحارث الزبيري [الزبيدي]، قال: سمعت الثوري يقول: ما سترت على أحد يكذب في حديثه.
قال أبو حاتم: فهؤلاء أئمة المسلمين وأهل الورع في الدين أباحوا القدح في المحدثين وبينوا الضعفاء والمتروكين، وأخبروا أن السكوت عنه ليس مما يحل، وأن إبداءه أفضل من الإغضاء عنه، وقد تقدمهم فيه أئمة قبلهم ذكروا بعضهم، وحثوا على أخذ العلم من أهله.
حدثنا الحسين بن إسحاق الأصبهاني بالكرج، قال: حدثنا حميد بن الربيع الخزار، قال: حدثنا محمد بن زياد، عن ميمون بن مهران، عن بن عباس، قال: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم.
حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، عن ابن سيرين، قال: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون.
حدثنا محمد بن سعيد القزاز، قال: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن المصري، قال: حدثنا ابن بكير، قال: حدثنا مالك، عن زيد بن أسلم، قال: إن هذا العلم دين، فانظروا ممن تأخذون دينكم.
حدثنا الحسين بن إسحاق الأصبهاني: قال: حدثنا عقيل بن يحيي الطهراني، قال: حدثنا أصرم بن حوشب، عن الواقع بن سويد، عن أبي هريرة، قال: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم.
[المجروحين: 1/ 27]
حدثنا محمد بن عبدان بن هارون الأزرق بواسط، قال: حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل السكري الكوفي، قال: حدثنا حماد بن يزيد، قال: دخلنا على أنس بن سيرين في مرضه، فقال: اتقوا الله يا معشر الشباب، وانظروا ممن تأخذون هذه الأحاديث، فإنها دينكم.
حدثنا الضحاك بن هارون بجنديسابور، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن زيد المذاري، قال: حدثنا الأنصاري، عن الأشعث، عن الحسن، قال: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذونه.
حدثنا الحسن بن محمد بن مصعب، قال: حدثنا سليمان بن معبد، عن يونس بن محمد، قال: قال أبو الملهب المغيرة بن محمد، قال: حدثنا الضحاك بن مزاحم، قال: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذونه.
حدثنا محمد بن عبد الله بن المهدي بإسفرايين، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الحداد، قال: حدثنا داود بن سليمان القصار، قال: حدثنا سويد بن عبد العزيز، عن مغيرة عن إبراهيم، قال: عن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذونه.
حدثنا محمد بن المنذر، قال: حدثنا ربيعة بن الحارث قاضي حمص، قال: حدثنا محمد بن زياد الحمصي، قال: حدثنا هشيم، عن مغيرة عن إبراهيم، قال: إن هذه الأحاديث دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم.
قال مغيرة: كنا إذا أتينا الرجل لنأخذ عنه نظرنا إلى سمته وإلى صلاته، ثم أخذنا عنه.
حدثنا عبد الملك بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن علي الأبار، قال: حدثنا أبو غسان زنيج الرازي، قال: قال بهز: دين الله أحق من طلب له العدول.
[المجروحين: 1/ 28]
سمعت إبراهيم بن نصر العنبري، يقول: سمعت علي بن خشرم، يقول: سمعت ابن إدريس يقول: لا يسمع الحديث ممن يشرب المسكر لا ولا كرامة.
حدثنا ابن قتيبة بعسقلان، قال: حدثنا محمد بن المتوكل بن أبي السري، قال: حدثنا يحيي بن سليم، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، قال: قال ابن سيرين: إن الرجل ليحدثني بالحديث فما أتهمه، ولكن أتهم من حدثه، وإن الرجل ليحدثني بالحديث فما أتهم من حدثه، ولكن أتهمه هو.
حدثنا أبو المعافي أحمد بن محمد بن إبراهيم الأنصاري بجبيل، قال: حدثنا يوسف بن بحر الجبلي، قال: سمعت سلم بن ميمون الخواص، يقول: كنت آتي الرجل أريد أن أسمع منه، فأسأل: من أين خبره؟ فإن كان خبره من جهته سمعت منه، وإلا لم أسمع منه.
سمعت إبراهيم ين نصر العنبري، قال: سمعت محمد بحير الهمداني، يقول: سمعت إبراهيم بن الأشعث يقول: سمعت أبا أسامة، يقول: قد يكون الرجل كثير الصلاة، كثير الصوم، ورعا، جائز الشهادة في الحديث لا يسوى ذه، ورفع شيئا ورمى به.
قال إبراهيم الأشعث: إذا وجدت رجلا معروفا بشدة الطلب ومجالسة الرجال فاكتبوا عنه.
سمعت يعقوب بن يوسف بن عاصم بخارى، يقول: سمعت أبا قلابة الرقاشي، يقول: سمعت أبا صفوان القديدي، يقول: قال شعبة بن الحجاج: الأشراف لا يكذبون.
حدثنا عبد الملك بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن علي الأبار، قال: حدثنا الوليد بن شجاع، قال: حدثنا الأشجعي، قال: سمعت سفيان يقول: لو هم الرجل أن يكذب في الحديث وهو في جوف بيت لأظهر الله عليه.
قال أبو حاتم: ما كلف الله عباده أخذ الدين عمن ليس بثقة، ولا أمرهم بالانقياد للحجاج بمن ليس بعدل مرضي.
[المجروحين: 1/ 29]
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في نفي جواز أخذ العلم عمن لا يجوز شهادته خبر غير محفوظ.
حدثنا به الحسن بن سفيان، قال: حدثنا محمد بن بكار بن الريان، قال: حدثنا حفص بن عمر قاضي حلب، عن صالح بن حسان، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تأخذوا العلم إلا ممن تجيزون شهادته».
قال أبو حاتم: هذا خبر باطل رفعه، وإنما هو قول ابن عباس، فرفعه حفص بن عمر هذا، ولسنا بخير أن نحتج بخبر لا يصح من جهة النقل في شيء من كنبنا، ولأن فيما يصح من الأخبار بحمد الله ومنه كاف يغني عنا عن الاحتجاج في الدين يما لا يصح منها، ولو لم يكن الإسناد وطلب هذه الطائفة له لظهر في هذه الأمة من تبديل الدين ما ظهر في سائر الأمم، وذاك أنه لم تكن أمة لنبي قط حفظت عليه الدين عن التبديل ما حفظت هذه الأمة، حتى لا يتهيأ أن يزداد في سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف ولا واو، كما لا يتهيأ زيادة مثله في القرآن، لحفظ هذه الطائفة السنن على المسلمين وكثرة عنايتهم بأمر الدين، ولولاهم لقال من شاء ما شاء.
حدثنا محمد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا الحسين بن الفرج، قال: حدثنا عبدان بن عثمان، قال: سمعت ابن المبارك يقول: الإسناد من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، فإذا قيل: عمن بقى.
حدثني محمد بن المنذر، قال: حدثنا أبو الحسين الأصبهاني، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: سمعت أبا سعيد الحداد، يقول: الحديث درج، والرأي مرج، فإذا كنت في المرج فأذهب كيف شئت، وإذا كنت في درج فانظر أن لا تزلق فيندق عنقك.
حدثنا محمد بن سعيد القزاز، قال: حدثنا أبو رفاعة العدوي، قال:
[المجروحين: 1/ 30]
حدثنا يوسف بن سلمان، قال: حدثنا سفيان، قال: قال الزهري لأبي بكر الهذلي: إني أراك يعجبك الحديث، فقال: أجل: قال: أما إنه لا يعجب إلا ذكور الرجال.
حدثنا محمد بن أحمد بن أبي عون، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي، قال: حدثنا عمرو بن عاصم، قال: حدثنا بكر بن سلام، عن أبي بكر الهذلي، قال: قال لي الزهري، يا هذلي أيعجبك الحديث؟ قال: قلت: نعم، قال: أما إنه يعجبه ذكور الرجال، ويكرهه مؤنثوهم.
حدثنا محمد بن المسيب بن إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: ربما حدث الأعمش بالحديث ثم يقول: بقى رأس المال حدثني فلان، قال: حدثنا فلان عن فلان.
حدثنا محمد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا الحسين بن الفرج، عن عبد الصمد بن حسان، قال:ا سمعت الثوري يقول: الإسناد سلاح المؤمن، إذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل؟
حدثنا مكحول، قال: حدثنا النضر بن سملة، قال: حدثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: سمعت شعبة يقول: كل حديث ليس فيه حدثنا وحدثنا فهو مثل الرجل بالفلاة معه البعير ليس له خطام.
حدثنا الحسن بن سفيان، قال: سمعت صالح بن حاتم بن وردان، يقول: سمعت يزيد بن زريع، يقو ل: لك شيء فرسان، ولهذا العلم فرسان.
قال أبو حاتم: فرسان هذا العلم الذين حفظوا على المسلمين الدين، وهدوهم إلى الصراط المستقيم، الذين آثروا قطع المفاوز والقفار على التنعم في الدمن والأوطار في طلب السنن في الأمصار، وجمعها بالرحل والأسفار والدوران في جميع الأقطار، حتى إن أحدهم ليرحل في الحديث الواحد الفراسخ البعيدة وفي الكلمة الواحدة الأيام الكثيرة، لئلا يدخل فصل في السنن شيئا يضل به، وإن فعل فهم الذابون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الكذب، والقائمون بنصرة الدين.
[المجروحين: 1/ 31]
وإن التفتيش والبحث عن هذا الشأن ما:
حدثنا عبد الله بن قحطبة بفم الصلح، قال: حدثنا أحمد بن زكريا الواسطي، قال: سمعت أبا الحارث الوراق، يقول: جلسنا على باب شعبة نتذاكر السند، فقلت: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن عطاء، عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ فأحسن الوضوء دخل من أي أبواب الجنة شاء» فخرج شعبة بن الحجاج وأنا أحدث بهذا الحديث فصفعني، ثم قال: يا مجنون سمعت أبا إسحاق يحدث عن عبد الله بن عطاء، عن عقبة بن عامر، فقلت: يا أبا إسحاق سمعت عبد الله بن عطاء يحدث عن عقبة بن عامر؟ [قال:] سمعت عبد الله بن عطاء، قلت: عبد الله سمع عقبة بن عامر، فقال: اسكت، فقلت: لا أسكت، فالتفت إلى مسعر بن كدام، فقال: يا شعبة عبد الله بن عطاء حي بمكة، فخرجت إلى مكة، فلقيت عبد الله بن عطاء، فقلت: حديث الوضوء، فقال: عقبة عامر، قلت: يرحمك الله سمعته منه؟ قال: لا، حدثني سعد بن إبراهيم، فمضيت فلقيت سعد بن إبراهيم، فقلت: حديث الوضوء، فقال: من عندكم خرج، حدثني زياد بن مخراق، فانحدرت البصرة، فلقيت زياد بن مخراق وأنا شحب اللون وسخ الثياب كثير الشعر، فقال: من أين؟ فحدثته الحديث، فقال: ليس هو من حاجتك، قلت: فما بد، قال: حتى تذهب تدخل الحمام وتغسل ثيابك، ثم تجيء فأحدثك به، قال: فدخلت الحمام وغسلت ثيابي، ثم أتيته فقال: حدثني شهر بن حوشب، قلت: شهر بن حوش عمن؟ قال: عن أبي ريحانة، قلت: هذا حديث صعد، ثم نزل، دمروا عليه، ليس له أصل.
حدثنا إسحاق بن أحمد القطان بتستر [بتنيس] قال: حدثمنا محمد بن سعيد بن غالب، قال: حدثنا نصر بن حماد، قال: كنا بباب شعبة ومعي جماعة وأنا أقول لهم: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن عطاء، عن عقبة بن عامر في الوضوء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فلطمني شعبة
[المجروحين: 1/ 32]
لطمة ودخل الدار ومعه عبد الله بن إدريس قال: ثم خرج بعد ذلك وأنا قاعد أبكي، فقال لعبد الله بن إدريس: بعد هو يبكي، فقال عبد الله: إنك لطمت الرجل، فقال: إنه لا يدري ما يحدث، إني سمعت أبا إسحاق يحدث بهذا الحديث عن عبد الله بن عطاء، فقال لأبي إسحاق: من عبد الله هذا؟ فغضب، فقال مسعر: إن عبد الله بن عطاء حي بمكة، قال: فخرجت من سنتي إلى الحج ما أريد إلا الحديث، فأتيت مكة فسألت عن عبد الله بن عطاء، فدخلت عليه، فإذا فتى شاب، فقلت: أي شيء حدثني عنك أبو إسرائيل؟ فقال: نعم، قلت: لقيت عقبة؟ قال: لا، ولكن سعد بن إبراهيم حدثنيه، قال: فأتيت مالك بن أنس وهو حاج، فسألته عن سعد بن إبراهيم، فقال لي: ما حج العام، فلما قضيت نسكي مضيت إلى المدينة، فأتيت سعد بن إبراهيم، فسألته عن الحديث، فقال لي: هذا الحديث من عندكم خرج، فقلت له: كيف؟ قال: حدثني زياد بن مخراق، قلت: دمر على هذا الحديث، مرة كوفي، ومرة مكي، ومرة مدني، قال: فقدمت البصرة، فأتيت زياد بن مخراق، فسألته عن الحديث، فقال: لا ترده، فقلت: ولم؟ قال: لا ترده، فقلت: ليس منه بد، قال: حدثني شهر بن حوشب، قلت: دمر على هذا الحديث، والله لو صح هذا الحديث كان أحب إلى من أهلي ومالي.
حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد، قال: حدثنا قطن بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن جعفر المدائني، قال: حدثنا ورقاء بن عمر، قال قلت لشعبة،: ما لك تركت حديث فلان؟ قال: رأيته يركض دابة فتركت حديثه.
قال أبو حاتم: فهذا كان دأب شعبة في تفتيش الأخبار والبحث عن سقيم الآثار، ولم يكن يعد السماع من الشيخ إلا بعد أن يسمعه مرارا، وكذلك كان زائدة بن قدامة إذا سمع الحديث مرة لم يجز عليه، فإذا سمعه أخرى لم يجزه، فإذا سمعه ثالثة أجاز عليه، وقال: قد صح.
حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، قال: سمعت أبا قدامة يقول: قال
[المجروحين: 1/ 33]
أبو الوليد سألت شعبة عن حديث، فقال: والله لا حدثتك به، لم أسمعه إلا مرة.
أخبرنا عبد الملك بن محمد، قال: حدثنا أبو زرعة الرازي، قال: حدثنا مقاتل بن محمد، قال: سمعت وكيعا يقول: إني لأرجو أن يرفع الله عز وجل لشعبة درجات في الجنة بذبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثني محمد بن سعيد القزاز، قال: حدثنا لأخفش، قال: حدثني بعش البصريين، قال: رأيت أبا سعيد الحداد يكتب أصناف حماد بن سلمة عن هذا، ثم يجيء فيعرضها على شيخ آخر، فقلت له في ذلك، فقال: اسكت أخرج جزعا أدخل ساجة.
سمعت أحمد بن إسحاق السني الدينوري يقول: رأي أحمد بن حنبل رحمة الله عليه يحيي بن معين في زاوية بصنعاء وهو يكبت صحيفة معمر، عن أبان، عن أنس، فإذا طلع عليه إنسان كتمه، فقال أحمد بن حنبل رحمه الله له: تكتب صحيفة معمر عن أبان عن أنس، وتعلم أنها موضوعة؟ فلو قال لك القائل: أنت تتكلم في أبان ثم تكتب حديثه على الوجه؟ قال: رحمك الله يا أبا عبد الله، أكتب هذه الصحيفة عن عبد الرزاق عن معمر، قال أبان، عن أنس، وأحفظها كلها، وأعلم أنها موضوعة، حتى لا يجيء بعدنا إنسان فيجعل بدل أبان ثابتا، ويرويها عن معمر عن ثابت عن أنس، فأقول له: كذبت إنما هي أبان لا ثابت.
سمعت محمد بن إبراهيم بن أبي شيخ الملطي، يقول: جاء يحيي بن معين إلى عفان ليسمع منه كتب حماد بن سلمة، فقال له: ما سمعتها من أحد؟ قال: نعم، حدثني سبعة عشر نفسا عن حماد بن سلمة، فقال: والله لا حدثتك، فقال: إنما هو ردهم، وأنحدر إلى البصرة، فأسمع من التبوذكي، فقال: شأنك، فأنحدر إلى البصرة، وجاء إلى موسى بن إسماعيل، فقال له موسى: لم تسمع هذه الكتب عن أحد؟ قال: سمعتها على الوجه من سبعة عشر نفسا وأنت الثامن، فقال: وما تصنع بهذا؟ فقال: إن حماد بن سلمة كان يخطئ، فأردت أن أميز خطأه من خطأ غيره، فإذا
[المجروحين: 1/ 34]
رأيت أصحابه قد اجتمعوا على شيء لعمت أن الخطأ من حماد نفسه، وإذا اجتمعوا على شيء عنه، وقال واحد منه بخلافهم علمت أن الخطأ منه لا من حماد، فأميز بين ما أخطأ هو بنفسه وبين ما أخطئ عليه.
حدثنا عبد الملك بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن علي المحرمي، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي، عن نعيم بن حماد، قال: قلت لعبد الرحمن بن مهدي: كيف نعرف صحيح الحديث من خطئه؟ قال: كما يعرف الطيب المجنون.
سمعت هارون بن عيسى بن السكين ببلد، قال: سمعت أحمد بن منصور الرمادي، يقول: كنا عند أبي نعيم نسمع مع أحمد بن حنبل ويحيي بن معين، قال: فجاءني يوما يحيي ومعه ورقة قد كتب فيها أحاديث من أحاديث أبي نعيم وأدل في خلالها ما ليس من حديثه، وقال: أعطه بحضرتنا حتى يقرأ، وكان أبو نعيم إذا قعد في تيك الأيام للحديث كان أحمد على يمينه ويحيي على يساره، فلما خف المجلس ناولته الورقة فنظر فيها كلها، قم تأملني ونظر إليهما، قم قال وأشار إلى أحمد: أما هذا فأدين من أن يفعل مثل هذا، وأما أنت فلا تفعلن، وليس هذا إلا من عمل هذا، ثم رفس يحيي رفسة رماه إلى أسفل السرير، وقال: علي تعمل؟ فقام إليه يحيي وقبله، وقال: جزاك الله عن الإسلام خيرا، مثلك من يحدث، إنما أردت أن أجربك.
أخبرنا عبد الملك بن محمد، قال: سمعت عباس بن محمد يقول: سمعت يحيي بن معين يقول: لو م نكتب الحديث من ثلاثين وجها ما عقلناه.
فال أبو حاتم: فهذه عناية هذه الطائفة بحفظ السنن على المسلمين وذب الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولولاهم لتغيرت الأحكام عن سننها حتى لم يكن يعرف أحد مخرج صحيحها من سقيمها، والملزق بالنبي صلى الله عليه وسلم والموضع عليه مما روى عنه الثقات والأئمة في الدين.
فإن قال قائل: فكيف جرحت من بعد الصحابة وأبت ذلك في
[المجروحين: 1/ 35]
الصحابة؟ والسهو والخطأ موجودان في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وجد فيمن بعدهم من المحدثين.
يقال له: إن الله تبارك وتعالى نزه أقدار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلب قادح، وصان أقدارهم عن وقيعة منتقص، وجعلهم كالنجوم يقتدى بهم، وقد قال تبارك وتعالى: {إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين} ثم قال: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه} فمن أخبر الله عز وجل أنا لا يخزيه في القيامة، وقد شهد له باتباعه ملة إبراهيم حنيفا لا يجوز أن يجرح بالكذب، لأنه يستحيل أن يقول الله تبارك وتعالى: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه} ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» فيطلق النبي صلى الله عليه وسلم إيجاب النار لمن أخبر الله عز وجل أنه لا يخزيه في القيامة، ب الخطاب في الخبر وقع على من بعد الصحابة، وأما من شهد التنزيل وصحب الرسول صلى الله عليه وسلم فالثلب لهم غير حلال، والقدح فيهم ضد الإيمان، والتنقص لأحدهم نفس النفاق، لأنهم خير الناس قرنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بحكم من {وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى} صلى الله عليه وسلم وأن من تولى رسول الله صلى الله عليه وسلم إيداعهم ما ولاه الله بيانه للناس، لبالحري أن لا يجرح، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يودع أصحابه الرسالة وأمرهم أن الشاهد الغائب إلا وهم عنده صادقون جائزوا الشهادة، ولو لم يكونوا كذلك لم يأمرهم بتبليغ من بعدهم ما شهدوا منه، لأنه لو كان كذلك لكان فيه قدحا في الرسالة، وكفى من عدله رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفا، وأن من بعد الصحابة ليسوا كذلك، لأن الصحابي إذا أدى إلى من بعده يحتمل أن يكون المبلغ إليه منافقا أو مبتدعا ضالا لا ينقص من الخبر أو يزيد فيه ليضل به العالم من الناس، فمن اجله ما فرقنا بينهم وبين الصحابة، إذ صان الله عز وجل أقدار الصحابة عن البدع والضلال، جمعنا الله وإياهم في مستقر رحمته بمنه). [المجروحين: 1/ 36]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ذكر, خبر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:41 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir